عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - سلام ابراهيم كبة

صفحات: [1]
1



وطنيون ام همج ورعاع؟!

سلام كبة


تتعرض السيدة المهندسة النائبة شروق العبايجي منذ فترة لحملة من الاساءة والتشهير السوقي وصلت مدياتها ما شهده مسرح الرشيد الاحد 27 آذار الحالي اذ نهض جمع من الرعاع الهمج المتطفلين على العائلة المسرحية العراقية ليعيد امجاد الطاغية المقبور محاولا تسويق نتانته واستفزاز العبايجي .. النائبة الشجاعة العبايجي معروفة بحكمتها وصبرها وسعة صدرها واثبتت مرة تلو الاخرى ان قامتها اعلى من الحثالات الرثة والغوغائية واللكلكية والانتهازية اجمعين .. المستغرب ان التحالف المدني الديمقراطي اي الائتلاف الانتخابي الذي كانت العبايجي عضوا فيه والذي يطالب في مواثيقه بالخبز والحرية والدولة المدنية يقف مستسلما امام هذه التصرفات المشينة التي لا تدل سوى عن وضاعة اصحابها ودناءة مخططيها ، وتصرفات الرشيد عمل قبيح بالمرة تسيل له لعاب خريجي المعاهد التي كانت مغلقة للبعثيين وحملة شهادات الدكتوراه من اصحاب الدرجات الخاصة.اما لسان حال نقابة الفنانين فهو نفس الموقف الهزيل للتحالف المدني الديمقراطي الذي يبدو انه مصر على ارتداء نفس الملابس الداخلية للتحالفات المتنفذة والمشبعة بالفكر الشمولي التعسفي .
مهما يَكُن موقفنا من مواطن قدم التضحيات ولقي الاضطهاد من الانظمة الدكتاتورية وحتى لو انفصل هذا المواطن عن تيار ارتبط اسمه بها، فهذا لا يعني ان وجهة النظر الجديدة التي اعتنقها ترخص للعوام والجامدين عقائديا والحاقدين ان يعاملون وطنية ذات تاريخ كبير محبة للأدب والفن بالطريقة غيرالمؤدبة وإجبارها ان تترك حفل مسرحي تود حضوره... عار عليهم وعيب يا من ادعى الثقافة والانفتاح ونحن معك يا سيدتي وان اختلفت آراؤنا قليلا وتحية لك..
قادسية مسرح الرشيد تضاف الى قادسيات اشباه المثقفين- آفة مجتمع العلم والمتعلمين،الوصوليون من خريجي مدرسة ثقافة(تقبيل الايادي)!ببغاوات يرددون كلمات الآخر دون ان يكون لهم رأي أو ملاحظة عليها،لا يحترمون ثقافة الآخرين ان كانت توافقهم أم تعارضهم،وهم فرسان الحوار من اجل فرض الرأي وليس حرية الرأي،ويتبارون ظهوراً شاخصًا حتى غدا الواحد منهم ما بين عشية وضحاها وجها اعلاميا بارزا!!ويبدو ان الادعاء بالوطنية صارت مودة لكن الطائفية هي الفيصل الحاسم الذي يؤمنون به ، ولا تستطيع هذه الحثالات القيام بتصرفات مشابهة امام نائب صدري او بالدعوة و القوائم المتنفذة اكيد لا ... ولانها  شروق العبايجي صاروا ابطالا عليها.... لو قدم  نائب معمم وخاطبهم" كلكم برة .. المسرح حرام .. " لصمتوا وخاطبوه "مولاي" وقبلوا يديه...
التحالف المدني الديمقراطي ونقابة الفنانين ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة اليوم بلجم وفضح الغوغائية واعلاء الصوت لتكون الظهير الصلب للنائبة العبايجي في جهودها القيمة لرفع راية المدنية وحقوق الانسان والديمقراطية في بلادنا...   

بغداد
28/3/2016 

2


متى كانت مسابقات ملكات الجمال فعالية ماسونية ؟!

سلام كبة

  اثارت قناة فضائية رجعية وطائفية هي الانوار 2 موضوعة ادارة مؤسسة المدى لمسابقة ملكة جمال العراق بعد ايام لتصف الفعالية بانها ماسونية الشكل والمضمون .. ومع كون التهمة سخيفة وتدل على جهل ووضاعة من يقف وراءها فانه يبدو ان هذه القناة المسكينة والتي يشرف عليها مجموعة من الخارجين عن قوانين الانسانية – من دعاة الارهاب الطائفي الجديد ، تفسر الماسونية وفق هواها ومصالح اسيادها من النخب الطائفية .

   ماهي الماسونية؟!
 الماسونية،اقدم وانشط جماعة ضغط هائلة النفوذ عبر التاريخ،حتى يومنا هذا!وهي حركة باطنية سرية تفردت بخصوصية العلاقة"المقدسة"للسر والعلن من خلال قلب موازينهما الظاهرية والباطنية!وتعرف نفسها للملأ كحركة أخوية عالمية اهدافها المساعدة المتبادلة والصداقة وخير الناس،لكنها تظهر الجزء الأيسر مما تخفيه،وتخفي الجزء الاعظم مما تظهره وتسعى اليه!يذكر ان الاخويات هي جمعيات دينية مسيحية ذات طابع تربوي تعليمي تهذيبي ديني،ومن اشهر الاخويات،اخوية"سيون"التي تضم 1093 عضوا،مقسمين على 7 مستويات!وكل ما صعدنا في الهرم كلما قسمنا العدد على ثلاثة حتى نصل الى اخر مستوى،وهو النوطونيي الذي يحتله شخص واحد فقط!وهناك اخوية"فرسان العذراء"التي ظهرت الى النور عام 1958،بعد مائة سنة على اعلان عقيدة"الحبل بلا دنس"،واصدرت لها كتيب صلاة فرض وقانونًا خاصًا بها ودليلاً للمسؤولات والمسؤولين يتجاوب مع حاجاتهم،ومن اهدافها:تنشئة الأجيال على الانجيل والعيش ضمن الجماعة المسيحية!
   وكما ان كلمة لوبي ولدت في بريطانيا  فإن الماسونية او البناءين الاحرار اذا اردنا ترجمة الاسم بالفرنسية"‏FRANC-MACONNERIE" ولدت هي الاخري في بريطانيا لتعبر بعدها بسرعة المانش لتصل الى فرنسا وتلعب دورا شديد الخطورة في نشر افكار الحرية والمساواة والاخاء،فاذا ما اندلعت الثورة الفرنسية كانت الماسونية مع احتكار عصر التنوير هي وقودها الروحي بل ان الثورة اتخذت نفس شعار الماسونية الحرية والمساواة والإخاء شعارا لها!‏
  يعتقد الماسونيون ان الماسونية لها جذور عند المصريين القدماء،ولعل اعمال الموسيقار موزارت وخاصة الناي السحري وايزيس افضل تعبير عن هذا الاعتقاد!‏وقد ادرك نابليون بونابرت بعد عودته من مصر عام ‏1801‏ اهمية احتواء المد الماسوني والافادة منه بقدر الامكان!فعين اخاه جوزيف مشرفا علي المحافل الماسونية،واصبحت الماسونية منذ ذلك الحين طرفا خفيا في الحياة السياسية الفرنسية اما عن طريق جلسات العمل والندوات والموائد المستديرة حول الموضوعات الحساسة التي تهم المجتمع والتي تنظم دوريا ويدعى اليها كبار الشخصيات،واما عن طريق تعيين اعضاء لها كوزراء في الحكومات الفرنسية المتعاقبة،وكذلك عن طريق تجنيد كبار موظفي الدولة والذين يشغلون مواقع حساسة ليصبحوا اعضاء في المحافل الماسونية المختلفة‏.‏وقد عمل الماسونيون والاشتراكيون في فرنسا معا يدا بيد!اما بشكل نبيل للدفع بأفكار التقدم،واما بشكل مؤامراتي لإسقاط اليمين ومحاربة اليمين المتطرف بشكل خاص!وكان اشهر الوزراء الماسونيين في عهد ميتران هو ميشيل شاراس وزير المالية الذي كان ايضا احد اقرب المقربين للرئيس الا ان كل هذه السلطة لم تمنع الفضائح المالية من الانفجار والظهور لأول مرة عندما ثار احد القضاة الفرنسيين احتجاجا علي تغلغل الماسونيين في الجهاز القضائي ووزارة العدل الفرنسية!
   تاريخيا ظهرت الماسونية نهاية القرن السابع عشر  في بريطانيا كحركة فكرية – سياسية وثقافية روحية باطنية واتخذت هيئة الدين الجديد للمثقفين المتنورين عبر سيادة تعاليم وتقاليد الرجعة والخلاص وافكار الحركات الاصلاحية الدينية واعداد المقدمات الاجتمااقتصادية والسياسية – الفكرية والاخلاقية – النفسية لمتطلبات صيرورة(العالم الجديد)اي عالم العلاقات الرأسمالية الصرف وآلهتها الجديدة - المال.اصول الماسونية ترجع الى القرون الوسطى وازدهار حقبة الطلب على البنائين لبناء القلاع والكاتدرائيات الكبرى،ومن الروايات الشائعة عن نشأة الماسونية كما يورد"بات مورغان"في كتابه"اسرار الماسونيين الاحرار"و"جون هاميل" و"روبرت غيلبرت" في كتابهما "الحركة الماسونية: احتفال بالصنعة""انها امتداد لتنظيم عسكري منقرض كان يعرف باسم فرسان الهيكل ظهر نهاية الحملة الصليبية الأولى (1095- 1099) على المشرق العربي"!
   تمتلك الماسونية 3 اقسام اساسية:في المقدمة "المحفل الأزرق" وهو مكون من ثلاث درجات تبدأ بدرجة"تلميذ الصنعة المستجد"ف"زميل الصنعة"و"البناء المعلم"،القسم الثاني الاعلى هو"الطقس اليوركي" المكون من 10 درجات،القسم الثالث"الطقس الاسكوتلندي"المكون من 32 درجة.واعلى درجة ماسونية هي الدرجة 33.وفتحت الماسونية بباطنيتها ونخبويتها الاجتما- ثقافية المجال امام انتقال العناصر غير النصرانية كاليهود والمسلمين،من الشيعة والسنة،من عوالم الغيتو الى الفئات الاوربية المتنورة!بمعنى اخرى،النشاط الجاد في الدخول المباشر الى الطبقات العليا،واختراق قيادات الحركات السياسية وتمويلها لدعم الانظمة او مناهضتها،والضغط على مراكز اتخاذ القرارات!

   الماسونية – النظام الداخلي
   ارتبطت الماسونية بالسرية التامة والتكتم النادر عبر قسم الانتماء ومعاقبة المخلين به او من يكشف عن اسراره واهدافه النهائية،والخائن يعرف مصيره المحتوم على الطريقة الجاكية.ارتبطت الماسونية بالرموز والاشارات والتعليقات واشكال التحية والمصافحات السرية كتقليد يعود الى البنائين في القرون الوسطى استخدموها للتعرف على بعضهم ولـ"الحفاظ على اسرار المهنة".الفرجار والكوس كشعار للمحفل يرمز الى"الطبيعة الأخوية"للماسونية كما يدعي فطاحلها!اما النجمة او القمر او الشمس او العين في الداخل فترمز الى الحقيقة المطلقة!بينما الحرف اللاتيني G فيمثل أول حرف من كلمة God اي الله،فالماسونيون"ملزمون"بالايمان بوجود كائن اسمى يسمونه"مهندس الكون الاعظم"وان كانوا لا يطلقون عليه اسم الله.الا ان د. كاثي بيرنز" تقول"ان الحرف G يمثل كوكب الزهرة(كوكب الصباح)،وكوكب الزهرة يمثل العضو الذكري عند الرجل،وهو يمثل عند الماسونيين الاله"بافوميت"(الاله الذي اتهم فرسان الهيكل بعبادته في السر).
   والمثير للانتباه،العدد الضخم من الفرنسيين الاعضاء في المحافل الماسونية.وتعمل النساء في محفل واحد فقط اذ ان الماسونية تكاد تكون محرمة على النساء!فاذا ما علمنا ان هذه الاعداد الضخمة من الاعضاء يشغل معظمهم مراكز حساسة في الجهاز الاجتماعي الفرنسي لادركنا خطورة وقوة الماسونية الفرنسية كجماعة ضغط ،وادراك صانع القرار السياسي الفرنسي بوجوب اخذها بنظر الاعتبار!‏
   حسب قواعد الماسونية يمنع على الماسونيين مناقشة قضايا سياسية ودينية في خلواتهم،هذا لم يمنع ان العديد من الشخصيات السياسية والدينية في التاريخ كانت في صفوف الماسونية وابرزها رئيس الوزراء البريطاني الاسبق"وينستون تشرشل"ورئيس الكنيسة الانجليكانية الراحل"جيفري فيشر"الذي توج الملكة اليزابيث الثانية.يذكر ان قانون الجمعيات غير الحكومية البريطاني الصادر عام 1799 لم يطبق على جمعية المحفل الماسوني،التي تعتبر اعرق جمعية سرية عرفتها بريطانيا والعالم!وكان اعضاء هذا المحفل من الحكام ورجال الشرطة المتنفذين والسكوتلانديارد وبلديات المدن ورجال السياسة واعضاء من العائلة الملكية حيث المحسوبية والفساد تحت ستار(الاخوة)وعبر رموز وكلمات السر والتغلغل داخل المجتمع البريطاني وتسلق سلم المسؤوليات بسرعة غريبة عجيبة وحماية السمعة.
   تعتبر جمعية(بناي بريد)التي تأسست عام 1843 في نيويورك ماسونية يهودية خالصة وحتى ما فوق الماسونية.وكان لافير الرئيس الاعظم لجمعية(الشرق العظيم)الماسونية الفرنسية.وارتبط عبد القادر الجزائري بالماسونية عام 1860 عبر محفل باريسي ضم الشخصيات القريبة من الحكومة الفرنسية وانتمى لها في مصر عام 1864 ليصار قائدا لأحد محافلها في دمشق.ونشرت(بروتوكولات الحكماء الصهاينة)الماسونية  باللغة الروسية عام 1901،بينما كان اغلب اعضاء الحكومة المؤقتة عام 1917 في موسكو من الماسونيين.وفي الثلاثينيات،كان هناك محفل خاص باعضاء مجلس البرلمان عن حزب العمال!

   الماسونية - رد فعل رقيق ظاهريا وعنيف متطرف جوهريا على النظام السياسي القائم والسلطات الرسمية،وتقترب من  التصوف الواعي كحالة ترحل بعيد عبر التسامي والتعالي والانكفاء الحالم المنظم لتحقيق اهداف الخلاص الرأسمالي الاحتكاري والطغم المالية،ولتحويل الاحزاب السياسية الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة من قبل المساهمين الكبار ومن ثم تقزيم الاحزاب – الشركات ولا ضرورة لأبناء الشعب وكادحيه.ويكفي لهم وجود التمويل الغامض المنشأ والكادر الضيق من الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي.وتلائم هذه الاحزاب الماسونية لأنها تصار الى كلاب صالونات تعوي ولا تعض.وتضم الماسونية زعماء وقادة وشخصيات متنفذة من دول عربية واسلامية وشرق اوسطية،بالاخص العراق ومصر وايران وسورية والاردن ونركيا واسرائيل!وقد منعها رسميا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دون ان يدرك مدى نفوذها وقوتها واختراقها قيادته العسكرية!
   الماسونية العالمية كغيرها من التنظيمات تاريخيا تتصاعد وتخبو حسب التوظيفات السياسية للقوى الكونية المعاصرة لها!وتاريخيا كانت تخضع لسيطرة وتوجيه السلطة السياسية في الدول التي تعمل وتنشط فيها!وهي كجماعة ضغط ذات نفوذ واسع ارتبطت مع جماعات الضغط الموازية كالصهيونية بوشائج قوية!كما ارتبطت بالاستخبارات الغربية وخدمة التاج البريطاني والدعاية له،ثم غيرت ولاءها الأول الى الولايات المتحدة مع استئثار الاخيرة الهيمنة والنظام الاحادي القطب.وتمتلك الحركة الماسونية العالمية ميزانية وثروات ضخمة تشرف على رعايتها كبار البنوك الغربية والمنظمات الصهيونية والتنسيقية مثل نادي بيلدر بيرغ واللجنة الثلاثية برئاسة روكفلر،واداتها التنفيذية هي المخابرات المركزية الاميركية التي تخاطب الطبقة الاجتماعية ذات الامكانيات المادية والثقافية الجيدة!وينتسب نادي روتاري انترتاشينال الى الماسونية البيضاء اي غير النظامية.ومن جهتها سعت الصهيونية كجماعة ضغط رفيعة الشأن الى خلق السنهدرين(الحكومة السرية الخفية)لابقاء التكتل اليهودي في العالم يعمل بفعالية ونشاط ،ويلقب رئيسه بالامير!وهناك السنهدرين الاعظم والسنهدرين الاصغر.

   توأم لبغي واحد
الصهيونية والماسونية والفاشية توائم لبغي واحد هي العنصرية ربيبة الاستعمار ، والجميع ينتهج الخطوط المنحرفة التي تلتقي اطرافها لتشترك مصالحها وتتشابه اهدافها حيث نصبت كل منها نفسها منقذة وحامية لعنصرها ! والماسونية والفاشية الجديدة قوى ارهابية بقيت جذورها مستقرة في رحم الامبريالية تنطلق عندما يحتاجها الرأسمال الكبير لكبح تنامي الحركة الثورية ! ... يذكر ان المواثيق الدولية تؤكد " الصهيونية شكل من اشكال العنصرية !" .. ومن هذه المواثيق :
1.   الاعلان العالمي ضد العنصرية عام 1963 .
2.   قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية عام 1975 والغاؤه عام 1991 .
والتفت الصهيونية على هذه القرارات عبر الجماعة اليهودية الصهيونية ، ومنتدى المنظمات غير الحكومية الاوربية ، واعلان سانتياغو للجمعيات الاهلية في الامريكيتين ! الخ ... بمعنى اخرى ان الصهيونية هي حركة آيديولوجية سلبية تسعى لتجميع اليهود على اسس استثارة معاداة اليهود وبالتالي هي لا تمتلك برنامجها الايجابي ! كان صعود الموجة القومية في شخصية الصهيونية تاريخيا سوى الاستفزاز السياسي المعاصر للوجود القومي العربي في مراحل انبعاثه الجديد ! ..

   الاصولية ونظام الطوائف والقبلية ميدان نشاط خصب للماسونية
   التيارات الاصولية اتجاهات فكرية وسياسية وآيديولوجية متزمتة ومتعصبة ومنغلقة على نفسها وتقاوم رياح الانفتاح والتغيير ومحاولات التكيف والاندماج مع متطلبات العصر ، وهي تيارات مراوغة وخبيثة تشدد على فرادتها وضرورة تسيدها انطلاقا من مقولات بالية واساطير التوقيع مع الأئمة الصالحين صكوك الخلاص والعهد الابدي في الحكم وفق التعاليم الطائفية بغية تخليص الشعوب من الشرور ! يا للحماقة ... 
الاحزاب المتأسلمة – الطائفية العراقية في اصوليتها تسعى للتعبئة الطائفية بحجة حماية الطائفة ومنع اندماجها في المجتمع العراقي ، وتتذرع بالحجج بغية حماية الهوية الطائفية تارة والاسلامية تارة والخصوصية الدينية والثقافية لجماعاتها تارة... واخطر مافي الامر هو التبعات السياسية المترتبة على مثل هذا الخطاب العقيم ! وهي احزاب تفسر النصوص الدينية على هواها وحسب مصالحها لتستخرج منها خطابها السياسي والتعبوي الذي يسعى السيطرة على المجتمع العراقي وتحويله بالعنف الى مجتمع يتماشى مع مخططاتها ورؤيتها التي لا تختلف عن التوجهات الفاشية والدكتاتورية ، ولكن بقناع طائفي هذه المرة ! وتتخوف الاحزاب الطائفية من العلمنة وحقوق الانسان والمواثيق الدولية لأنها غير طائفية ، وبذلك تخسر هذه العصابات الطائفية مصداقيتها في  اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة ومابعد الحداثة . 
   تعرف الشعب العراقي على الماسونية والطائفية في آن واحد من خلال التاثير الاجنبي – الرجعي ... في الاحتلال الاول أقام الإنكليز توازنهم للقوى السياسية الداخلية في سبيل أحكام السيطرة على العراق وتمرير المشاريع والخطط وقد ادخلوا المؤسستين العشائرية والطائفية  في اللعبة. ان الطائفية التي يتم تمريرها اليوم مثلا هي من أخطر المشاكل التي غذاها الأحتلال الثاني  ، والتي تهدد وطننا ومجتمعنا ، أضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال الداعشي والنهب والتصفية المتسارعة .
   
   الماسونية في العراق
   تعرف الشعب العراقي على الماسونية من خلال التاثير الاجنبي – الرجعي عبر الحملات والجمعيات  التبشيرية ونوادي اخوان واخوات الحرية،ومكاتب الارشاد والمعاهد الاهلية لتدريس اللغة الاتكليزية،وجامعة الحكمة وكلية بغداد،وتأسيس حزب البعث والاتحاد الوطني لطلبة العراق،وعبر المؤسسات التعليمية الملكية البريطانية والاميركية في ميادين الطب والهندسة والاقتصاد.واغوت الماسونية في العراق النخب السياسية منذ النصف الاول للقرن العشرين التي رأت فيها الظهير القوي لاسناد ودعم نفوذها والحفاظ على سمعتها ولجم التأثيرات الديمقراطية المعادية للرأسمالية والقوة الروحية المعادية للاستعمار.فتورطت هذه النخب فيتشيا في الطقوس الماسونية ولتعيش ازدواجيتها داخل وخارج العراق خاصة ابان العهد الدكتاتوري البائد.
   تضم الماسونية شخصيات في الهرم السلطوي في العراق وفي مجلس الوزراء ومجالس المحافظات الى جانب ادارات العديد من شركات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات الاهلية والمرجعيات الدينية والمافيات ومجالس الصحوة ورموز في الاعلام والثقافة والطب والفن والهندسة!مع احتفاظها بالحرس الخدمي القديم من قادة حزب البعث العراقي!كما تضم الماسونية مفارقة رموز متنفذة في الاستخبارات الايرانية"اطلاعات"والاسرائيلية والمخابرات السورية والعراقية والتركية والاردنية معا.
   اسهمت الماسونية  بباطنيتها ونخبويتها في تأجيج الطائفية الشيعية وطائفية الدولة العراقية معا وفي التغريب الثقافي والروحي للمواطن العراقي وبذر روح العداء بين الاقليات الأثنية،وفي التعشير الجديد والنشاط المافيوي والصهيوني.وتسهم الماسونية اليوم في العراق كجماعة ضغط ،في تصعيد نجم  الادعاءات المجانية في الدفاع عن الحقوق المهضومة لهذه الطائفة أو تلك ليجري اختراق الميدان من بوابة الزعم بتمثيل طائفة بعينها من منطلق تقسيمي مرضي ينزع الهوية الوطنية ويرجع بالشعب العراقي الى الوراء قرونا عديدة، حيث نظام الطوائف ما قبل الدولة وقبل التنظيمات الحديثة التي تفرضها سنن التطور والاستجابة لحاجات الانسان وحقوقه التي يتطلع اليها!
   تستهدف الماسونية سرقة الديمقراطية النسبية التي تمتع بها الشعب العراقي اثر انهيار الدكتاتورية وتغليب مصالح الليبرالية الرأسمالية والطبقات الكومبرادورية والطفيلية والنهج التوافقي المحاصصاتي،ودعم الطائفية السياسية واصحاب الخطاب الانشائي الفضفاض لضمان تواجد شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين،وبما ينسجم مع مصالح الغرب الرأسمالي ورغبات الانظمة الأقليمية!وكذلك تحجيم الثقافة الوطنية الديمقراطية التي تخدم السلام والاستقرار وتضمن حرية التعبير،واشاعة الثقافات المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس!وتعادي الماسونية الشيوعية والفكر العلمي والمنهج المادي الجدلي،بينما تشجع انتشار السوفيستك الديني والبراغماتية على نطاق اوسع!ويبدو ان الماسونية عي رائدة محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام،والامل في احتواء وعرقلة تنفيذ المادة(140) من الدستور الدائم،وتأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.المهم عند الماسونية رهن مستقبل العراق الاقتصادي بالخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة وباعادة توزيع الموارد والأفراد عبر ابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة واتباع سياسة الباب المفتوح للاستيراد!
جرت محاولات اتهام المثقفين والافندية وحاملي مشعل التنوير بالوهابية تارة وبالماسونية تارة اخرى لانهما كانتا ملاذ فكري للمثقفين البورجوازيين في القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ! بعد ذلك احيكت وشبكت الارتباطات الوثيقة الخفية بين التروتسكية والاممية الرابعة ويسار الحركة الصهيونية والماسونية والفوضوية والوجودية ومجاميع اليسار الجديد والليبرالية والليبرالية الجديدة والاشتراكية الديمقراطية ! وسعى الجميع لأيجاد مواطئ قدم لهم في العراق والبلاد العربية وبالاخص في الاوساط الطلابية والمثقفة !

   التعشيق الماسوني الطائفي
   الأحزاب والمؤسسات الطائفية العراقية وفي العالم العربي والمنطقة (خاصة ايران وتركيا) – ومنها تلفزيون الانوار- سئ الصيت.. هي تشكيلات سياسية طائفية المظهر ماسونية الجوهر مليئة بالنفاق ، لصوصية وفاسدة ، كوسموبوليتية تتسم بالعدمية القومية وافتقاد روح العزة والكرامة والانتماء الوطني ومشبعة بالذل والعبودية وتبني قيم الرأسمال المالي العالمي وتسعى الى سرقة ديمقراطية الشعب العراقي  ونشر الانحطاط المادي والمعنوي. كما تتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بالعبارات المميزة لأنصاف المتعلمين وتغليب مصالحها الضيقة واللعب بعواطف الطائفة من اجل ترسيخ طائفيتها ،والجهل الفاضح بواقع العراق وآفاق حركته الاجتماعية والسياسية والقومية اللاحقة. وتمثل هذه الاحزاب اليوم مصالح الرأسمال المالي الاميركي والصهيوني وهي امتداد لجهل وتوتاليتارية نظام صدام حسين الارعن. 
   ثمة ديموقراطيون يعبرون عن وجهة نظر مفادها "صحيح أن الأحزاب الطائفية ليست ديمقراطية، ولكن يجب أن نتعامل معها بديمقراطية كتعبير عن ديمقراطيتنا، وإلاّ بم نختلف عن الدكتاتوريين؟!". الحماقة تبقى حماقة ولو على سطح القمر ورحم الله امرء عرف قدر نفسه وعرف قدر غيره !.... لأن قرارات  الأحزاب الدينية الطائفية نابعة من بنيتها وهي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور. وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديمقراطية في المجتمع العراقي ككل ، والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر الطائفية والتقاليد الدينية وتاثيرها على الفكر السياسي . وعلى الشعب العراقي أن يدرك بأن الكارثة التي عاشها طوال العقود المنصرمة لن تنتهي أبداً حتى بعد سقوط نظام صدام حسين. إن الخلاص الحقيقي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي مبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي . إن هيمنة فكر التيارات الدينية المختلفة ومن مختلف أطيافه لم يأت عبثا أو عفويا ، بل بسبب الغياب الطويل للفكر الديمقراطي والتقدمي عن الساحة السياسية العراقية نتيجة إرهاب النظام الصدامي ، في حين استمرت المساجد والحسينيات بالعمل والتثقيف والاستفادة من الحملة الإيمانية البائسة لصدام حسين.





3

47.   من الضروري وضع سياسات حكومية تبادر الى وضع وتنفيذ استراتيجيات تدريبية وتعليمية قادرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل،تعمل خلالها على تحسين نوعية الموارد البشرية على ان تتضمن المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
48.   الدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية والحريات التي يكفلها الدستور في وجه اية ممارسات واجراءات تعرضها للانتهاك او المصادرة او التهديد،والتصدي لانتهاكات حقوق الانسان ايا كانت اشكال تجليها،واستخدام كل الوسائل والسبل السلمية والدستورية في مواجهة مساعي تشويه الممارسة الديمقراطية،ومحاولات منع الناس من التمتع بحقوقهم المكفولة دستوريا بذرائع وحجج غايتها تأطير المجتمع بنمط محدد،وبما يخالف ارادة الناس ورغباتهم وتطلعاتهم.
49.   ادانة كل الهجمات الارهابية التي تستهدف المدنيين وقياديي النقابات وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني سواء بالاغتيال او التعذيب او الخطف او التهديد.والحركة النقابية مدعوة للعمل الجاد والفعال من اجل تثبيت الحقوق والحريات النقابية والوقوف ضد كل اشكال الانتهاكات التي يتعرض لها النقابيون ومطالبة وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والداخلية والقضاء العراقي بالاسراع في ضمان حقوق النشاط النقابي.
50.   رصد ومحاصرة المظاهر البراغماتية كمنهجية لعرض الخيارات والافكار والتنافس على المواقع والامتيازات،والمحاصصة ورصد الالاعيب والمسرحيات والصفقات التي يعلن اصحابها"المهم هي النتائج،وجميع الاساليب مشروعة".
51.   حماية خصوصية المواطن والشغيل في بلادنا وحقه في صيانة حياته الخاصة وحجبها عن الآخرين،وحقه في معرفة كل ضروب المعلومات المؤثرة على مستقبل العراق والمصائر الانسانية،والدفاع عن حق الشعب في استخدام المعلومات بسعر رخيص في كل مكان وفي اي وقت.
52.   شمول العوائل المهجرة قسرا برواتب شبكة الحماية الاجتماعية،والمطالبة بادراج التهجير القسري ضمن الجرائم الكبرى التي  يحاسب عليها القانون.ان اوضاع النازحين بحاجة الى معالجات آنية عاجلة بعيدا عن الروتين والفساد،والى تخصيص الاموال الكافية لهم مع ضمان استلامهم اياها،وتأمين المأوى الكريم لهم وتخفيف معاناتهم.
53.   تفعيل دور القضاء العراقي الحر المستقل الوطني،والتنسيق مع مكتب الادعاء العام الشعبي والعمل بالوسائل الديمقراطية لتعبئة اوساط الرأي العام.
54.   وضع سلم للاجور يقلص الهوة بين الدخول العليا والدنيا وتطبيق سياسة ضريبية تصاعدية.
55.   مكافحة التفاوت والتهميش الاجتماعيين عبر بناء شبكة الضمان الاجتماعي الشامل وتعزيز شبكة الرعاية الاجتماعية الحالية وتطويرها لتشمل انشاء صناديق تقدم الاعانات المالية في حالات البطالة والعجز الناجمة عن العمل والشيخوخة بما يؤمن حدا ادنى معقولا من الدخل وايجاد نظام فعال لتمويل هذه الصناديق.
56.   توفير الضمانات الاجتماعية لكبار السن وربات البيوت والارامل والايتام،والاسراع في اصدار تشريع يكفل رعاية الدولة للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم للاندماج في المجتمع.
57.   ضمان السكن الصحي للمواطنين عن طريق تولي الدولة مسؤولية ذلك لذوي الدخل المحدود،ومساعدة الجمعيات التعاونية والمؤسسات الصناعية والنقابية على بناء مساكن لمنتسبيها.
58.   متابعة التعليم المتردي وارتفاع اعداد المتسربين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للأسر العراقية،واستكمال عملية مكافحة الأمية وضمان مجانية التعليم في المراحل الدراسية المختلفة وتفعيل الزاميته في الدراسة الابتدائية ومعالجة ظاهرة التوسع المتنامي للتعليم الأهلي وآثاره على النظام التعليمي ككل،وشمول مرحلة رياض الاطفال بالسلم التعليمي والزامية التعليم وفق ما جاء بالدستور.
59.   الجامعات والمحافل العلمية اسمى مقاما من وحل التجاذبات السياسية والولاءات دون الوطنية،وعلى الجميع احترام الحدود التي وضعتها الاعراف الاكاديمية،وعلى الاساتذة اخذ دورهم في وضع معايير وآليات لترشيح من يجدونه مؤهلا في منصب عميد او رئيس جامعة او اي موقع قيادي في المحيط الاكاديمي!وهذا يتطلب العمل بمبدأ استقلالية الجامعات وصيانة الحريات العامة فيها،خصوصا حرية الطلبة في التعبير عن مطالبهم ومشاكلهم والاختيار لممثليهم وترسيخ ثقافة واحترام الرأي الآخر ونبذ الاقصاء والتهميش،ورفض التعصب والتطرف بكافة اشكاله،واحترام الحريات الاكاديمية وصولا الى تشكيل مجلس تعليم عالي"الاستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم العالي في العراق للسنوات 2011 – 2020".
60.   تفعيل شعار"حصر السلاح بيد الدولة"وعدم شرعنة اية مجموعة تحمل السلاح خارج اطر الدولة وبعيدا عن توجيهها واشرافها.ان تمكين الدولة من اداء واجباتها لا ينسجم مع استمرار عمل الجماعات المسلحة المليشياتاوية بمختلف مسمياتها،على هواها وخارج دالة الدولة،وبقاء حركة السلاح خارج السيطرة.ولا سيادة لقانون مع قرقعة السلاح والتهديد به لتحقيق هذه الغاية او تلك.ولابد من تقنين حمل السلاح،وحصره تحديدا بالدولة،وعدم السماح بان يستخدم خارج ما هو مسموح به قانونا!وبالتالي الكشف عن مقترفي جرائم السطو المسلح والقتل العمد والاغتيال والخطف وابتزاز المواطنين!
61.   ان تحقيق الديمقراطية وبناء دولة قانون ومؤسسات تقوم على مبادىء المواطنة هما الضمان لدرء الانقسامات الطائفية.
   مفهوم الحزب الشيوعي العراقي للعدالة الاجتماعية
   لم يجر اعتماد المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي شعار"دولة مدنية ديمقراطية اتحادية..عدالة اجتماعية"اعتباطا بل كان انعكاس لبرامج الحزب الشيوعي المكثفة طيلة اعوام خلت،ولسياسة التيار الديمقراطي ومجموع القوى اليسارية العراقية في بلادنا!ويقينا للجميع ان الدولة المدنية هي نقيض الدولة التوتاليتارية او الشمولية على اختلاف تلاوينها،العسكرية والطوائفية والقومية والعشائرية والنخبوية.. ونقيض عقلية الوصاية التي تسهم في ديمومة المؤسسات الخارجة عن طبيعة العصر وتعيد انتاج الولاءات العصبوية التي تؤرخ وتعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقها وفق اسس وتصورات ومقاصد اضيق مما كان في الماضي في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس،الوصاية التي تكرس من نهج تمزيق الوحدة الاجتماعية والهوية الثقافية للشعب العراقيط"سلام كبة/المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي والعدالة الاجتماعية".
    مفهوم الحزب الشيوعي العراقي للعدالة الاجتماعية ليس نفعيا براغماتيا ينظر للنتائج ولا يتفقد الاسباب،وليس ليبراليا يعتمد الحرية الفردية فوق اي اعتبار وينتهج سياسة انفتاح الاسواق والمبادرة الفردية وتحجيم دور الدولة.صحيح ان العدالة الاجتماعية هي الخير العام الذي يستطيع تـنظيم العلاقة بين مفهومي الحرية والمساواة ويكفل الموازنة بين الطرفين!لكنها ليست كما يرى البعض انها تبقى تجريدا في عالم العقل لا سبيل لتطبيقه في عالم الواقع،لانها في فهم حزبنا الشيوعي تعني الفهم المادي للتاريخ وانتاج وتجديد انتاج الحياة المادية ليجر الانتقال من تشكيلة اجتماعية الى اخرى ارقى واعلى تطورا،وهي القناعة التامة بأن الجماهير هي صانعة التاريخ لأن الشغيلة من العمال والفلاحين هم اهم قوى منتجة في المجتمع وهم الذين يصنعون بعملهم جميع الخيرات المادية وهم صانعو التاريخ الحقيقيون!والعدالة الاجتماعية عند الشيوعيين تعني توزيع الموارد بين الافراد على اساس تلبية اكثر حاجاتهم الحاحا،بصرف النظر عن مدخولاتهم او ادائهم،ودون الأخذ بمبدأ التكافؤ!
   ينظر الشيوعيون العراقيون بتفاؤل الى العدالة الاجتماعية كونها غير مطلقة!بل تتغير من عهد الى آخر وفق التغير الحاصل في العلاقات الاجتماعية!ويفهمون جوهر العدالة الاجتماعية،الا وهو تحرير المجتمع من الاستغلال والمعاناة واللامساواة والتهميش والحرمان والظلم والاستبداد واقامة العلاقات العادلة الحقة من المساواة والصداقة الأخوية والتعاون بين جميع الناس ضمن مجتمع اشتراكي يسود فيه نظام اجتماعي لا طبقي يتحقق فيه توزيع الثروة حسب المبدأ النهائي القائل"من كل حسب مقدرته،ولكل حسب احتياجاته"!
   تضمين الحزب الشيوعي العراقي العدالة الاجتماعية في شعاره الذي اعتمده بالمؤتمر التاسع يهدف الى ازالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات مجتمعنا العراقي،وبالتالي هي عدالة مدنية لا عدالة قانون فقط!ففقدان العدالة الاجتماعية هو احد العوامل الاساسية التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والسلم الاهلي ومستقبل الاجيال الطالعة!
   عند حزبنا الشيوعي لا تعني العدالة الاجتماعية في العراق سوى:
   الفصل بين الدولة والمجتمع(الانتماء الطوعي الى المؤسسات المجتمعية،تحرر المجتمع اقتصاديا من هيمنة الدولة،المواطن كيان حقوقي مستقل دون التمييز بالانتماء).
   دمقرطة اجهزة الدولة وسلطاتها كي تضمن عدم تحول التعددية الضرورية للديمقراطية الى تفكيك لمكونات المجتمع.الهدف هو تمتين وحدة المجتمع على اسس ديمقراطية حيث لا مكان فيها للدكتاتوريـة ومتاهة اللا سلطات او فوضى واقعية اللا دولة.تشترط ذلك دمقرطة هياكل الدولة وبنيان المجتمع المدني في آن واحد وضمن ميثاق عهد وطني يقر بالديمقراطية ويدافع عن الحريات الديمقراطية ويقاوم غياب المؤسسات الدستورية وتمذهب الدولة ويفعل مشاركة الفرد الايجابية في حياة الجماعة السياسية.
   احترام مبدأ التداول السلمي للسلطة.
   اعتماد مبدأ الحوار والمصالحة والتطور السلمي لنبذ الخلافات وحلها بالتسوية والتفاهم.كل ذلك تربية وكفاح اساسه اسلوب الانتخاب،عماد السلطات الديمقراطية لترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي.التحول الديمقراطي ليس سوق منافسة سياسية،والممارسة الديمقراطية عملية انتقادية الطابع متواصلة قائمة على الحوار والعمل.
   ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه!
   احترام الدستور والالتزام بالمادة اولاً منه والتي نصت على حظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي...
   القانون او السلطات القضائية او دولة وادارات وسلطة القانون.تأكيد استقلال القضاء وادانة فتاوي التكفير والحسبة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والميليشيات المسلحة والعصابات الارهابية.المعايير القانونية صمام امان الحريات والتعددية السياسية والفكرية والحزبية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وآليات النظام السياسي الشرعية وبضمان الدستور.
   تأصيل مدرسة العدل مكان مدرسة الثأر وعدم وضع حدود قومية او اثنية او دينية او طائفية في الدفاع عن الضحايا.
   بناء الأسس الثقافية والتأهيلية لمنظومة حماية الاشخاص والجماعات في الوعي الجماعي والدستور والقوانين لوضع ترسانة وقائية مزروعة في الثقافة العامة والحماية القانونية،وتدشين مشروع وطني جديد على اسس جديدة تضع الاشياء بموضعها الصحيح وفق اعتبار الاهلية العلمية والثقافية والولاء للوطن وتراثه وقيمه قبل اي اعتبار آخر.
   المسؤولية الاخلاقية حجر زاوية للفعل الديني والسياسي في ان واحد،وادانة صمت المرجعيات ايا كانت قدسيتها على الافعال التي تجبر الناس على اتباع اوامر رجال الدين وعن قتل الناس وعن انتهاك حرمات المنازل وعن ابداء الراي في تلك الجرائم التي ارتكبتها العصابات الارهابية ولازالت،وعن اعلان بعض الاحزاب بانها تعمل تحت امرة المرجعيات.
   الشرعية الدستورية ومقاومة فرض نماذج شرعية القوة ومنطقها الفج في العمل السياسي نتاج عصر الانقلابات العسكرية،التأكيد على ان اي اجراء تعسفي هو اعادة انتاج للحكم التسلطي وحجر عقبة امام اعادة بناء الانسان وخوض معركة التنمية،ولا يمكن فرض الديمقراطية بقوة السلاح.
   تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز اي مناهضة الارهاب والرعب والفساد ليتاح للجميع سواسية الشروع بتكوين نماذجهم في التعاون والتنافس اللائق.ان مواصلة آلية انتاج الفساد هي انعكاس لسوء توزيع الثروة القومية توزيعا عادلا،وبقاء تطبيق القرارات اسير البيروقراطية.
   تخليص المجتمع من عقابيل الحقب الفاشية بعقلانية وعدالة،وفي المقدمة مسألة تعويض الضحايا ومحاسبة كل المجرمين وامتلاك الرؤية التي تسمح بابصار انتهاكات اليوم وشجبها بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية.الزام الدولة تقديم من ساهموا بارتكاب المجازر والانتهاكات ضد حقوق الانسان الى القضاء العادل ليقول كلمته النهائية بهم.والتسامح لا يمر عبر اعادة هؤلاء الى العمل من اجل الاستفادة من خبراتهم.
   مناهضة الشمولية والفردية والتسلط والزعامات والوجاهات والعسكرية والتفرد بالسلطات كي يتاح استعادة السلم الاجتماعي بتدرجاته المختلفة ليقترب من المستوى الممكن من العدل والتوزيع المنصف للادوار في الحياة.
   تجسيد الاقرار بالديمقراطية في المواثيق والبرامج بالتحالفات السياسية وفي الصحافة والممارسة اليومية وعلاقات القوى السياسية بعضها ببعض وتطور مختلف اشكال العمل المشترك الذي يلتقي فيه منتسبو هذه المنظمات والأحزاب.
   فصل الدين عن الدولة،فالدين لله والوطن والدولة للجميع.
   احترام"حقوق الانسان"اي وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب والدين،فحقوق الانسان والديمقراطية وجهان لعملة واحدة،وثقافة حقوق الانسان تعني بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية الشرعية الدولية لحقوق الانسان وفي المقدمة:الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة،والمواثيق الدولية الصادرة عام 1966 والخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.جميع حقوق الانسان عالمية غير قابلة للتجزئة،ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به.
   ترسيم الحقوق المتساوية للمرأة في تشريعات دستورية واضحة على هدى اللائحة الدولية لحقوق الانسان ووضع اتفاقية تحريم التمييز ضد النساء موضع التطبيق الحي وتأمين مشاركتها الواسعة غير المشروطة  في عمليات اعادة البناء والاعمار.
   الحد من سلطات الدولة ليمنع قفز الشرائح الغريبة عن النمو الطبيعي للمجتمعات الى سدة الحكم ليجري تحرير عقل المغامرات وتبقي باب الاحتراب مفتوحا.
   الحل الديمقراطي للقضايا العقدية القومية،والركون الى منطق القانون المدني الذي يأخذ بنظر الاعتبار حق الاغلبية ولا يتجاهل اطلاقا حقوق الاقليات وبالتالي التوصل الى مبدأ التوافق المدني بالرغم من المجال الواسع للاعتراض والرفض(المعارضة)سلميا دون المّس بالحريات العامة واحترام الرأي والرأي الاخر وغيرها من المباديء الانسانية الصريحة.
   تنمية ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية،وتقديس حق التظاهر والاعتصام.
   تحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،فالعقلانية تقطع الطريق على العقل الايماني الذي يعيد انتاج الدوغما والفئوية والخطاب الذي ينادي بصرامة بالدولة الدينية المؤسسة على الحاكمية وتحويل الدين الى مجرد وقود سياسي.
   مضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي.
   الربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.لا معنى للتنمية الاقتصاديـة والاجتماعيـة والتنمية البشرية المستدامة في مجتمع يسوده الاستغلال والظلم الاجتماعي.المجتمع المدني وحده يضمن رعاية الدولة وحمايتها للحقوق المدنية والسياسية،وتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحق التنمية.
   ثبات المنهجية والتخطيط في العمل السياسي بعيدا عن التجريبية والمحاصصات وما تفرزها من تراكم يعرقل استقرار المجتمع وثبات قيمه وقوانينه وروح العمل الجماعي وترسيخ المرجعية الدستورية.
   حماية الذاكرة الوطنية.
   مكافحة الفساد وسوء الادارة الحكومية وتهاوي الخدمات العامة واتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء.
   التعليم المجاني والخدمات الصحية المجانية.
   القضاء على البطالة.
   تبني قانون انتخابات عصري وحضاري وديمقراطي يقوم على تبني النظام النسبي والقائمة المفتوحة،وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة تحقيقا لمصلحة الجميع وضمان لها،اي احترام صوت المواطن من اجل المشاركة وضد التهميش وشرعنة الاقصاء،ورفع الحيف عن الاصوات التي يتم الاستحواذ عليها بقوة القانون.كما يستلزم تثبيت العمل في كوتا تمثيل النساء بنسبة 25%على الاقل،ومراعاة تمثيل "الاقليات"بنســب معقولة وتثبيت عمر الناخب ب 18 عاما،وســن الترشيح لمجلس النواب ب 25 عاما!
   اقرار قانون عصـري ينظم اجازة وعمل الاحزاب،وقانون ينظم عمليات صرف الاموال في الحملات الانتخابية،واجراء التعداد السكاني،وتثبيت البطاقة الشخصية الالكترونية،وعدم اعتماد البطاقة التموينية في الانتخاب!
   الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لا التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لمعالجة الازمات والقضايا الشائكة!
   من الوهم الاعتقاد بان العدالة يمكن ان تنتصر وتعمّ ما لم يكن الافراد قادرين على التحكم بحياتهم ومستقبلهم،فما من سبيل للفصل بين التغيير الاجتماعي وتنامي الحرية والديمقراطية.

بغداد
22/11/2014

4

   يذكر ان تقرير اميركي قد افصح اوائل عام 2009 ان الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق الحد الادنى من قوانين مكافحة الفساد لأن بعض الجهات المسؤولة العليا تعرقل اي تحقيق في قضايا الفساد،كما لا يمكن الوثوق بقدرة محققي هيئة النزاهة الذين لا يحمي احد حياتهم،على الكشف عن النشاط الاجرامي لاي شخص يتمتع بحماية الأقوياء والمتنفذين،رغم ان هيئة النزاهة جاء تشكيلها ادراكا مبكرا لضرورات التصدي للفساد،وتحديد الضوابط والآليات والوسائل الكفيلة بذلك،كما عكس توجها سليما في تصنيف هذه المهمة ضمن ترتيب الاولويات السياسية"راجع:الدروس القاسية- تجربة اعادة اعمار العراق/المفتش العام في برنامج اعادة اعمار العراق SIGIR/2009".كما اكد مسؤولون امريكيون،انهم لا يستطيعون تحديد ما حدث لمبلغ 6.6 مليار دولار نقدا كانت مخصصة لصندوق تطوير التنمية في العراق،بعد عقد كامل من المراجعات والتحقيقات،كاشفين عن اقدام الحكومة العراقية والبنتاغون في 2011 بغلق ملف المليارات المختفية.ويؤكد المفتش الامريكي لاعادة اعمار العراق ستيوارت بوين ان مبلغ 6.6 مليار دولار تمثل اكبر عملية سرقة للاموال في التاريخ القومي الامريكي ولازال المسؤولون في البنتاغون لحد هذه اللحظة يقولون انهم ببساطة لا يعرفون كيف اختفت تلك الاموال!

جدول مؤشرات الفساد Corruption Perception Index (CPI) عالميا خلال الفترة 2003 – 2012 وموقع العراق فيها
ملاحظة توضيحية:العلامة تتدرج من الاعلى وهي عشرة للبلد الاكثر نزاهة.
"راجع:مؤسسة فريدريش ايبرت- مكتب الاردن والعراق/ايمن احمد محمد/ورقة سياسات الفساد والمسائلة في العراق/2013"

الاعوام   عدد الدول المشتركة   تسلسل العراق   علامة مؤشر الفساد الحائز عليها العراق
2003   130   113   2.2
2004   146   129   2.1
2005   194   170   2.2
2006   163   160   1.9
2007   180   178   1.5
2008   180   178   1.3
2009   180   176   1.5
2010   178   175   1.5
2011   183   175   1.8
2012   176   169   1.8

   لاجل مكافحة الفساد يتطلب ايجاد الموازنات التالية التي لا غنى عنها:
    الاولى:ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،وتجنب ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
    الثانية:التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان وتأمين العدالة الاجتماعية!
    الثالثة:تواصل حملات مكافحة الفساد مع تبدل الحكومات،وابعاد قضايا الفساد عن الصراعات الحزبية،وضرورة عدم دفاع اي حزب عن اعضائه في حالة اتهامهم بالفساد!
    الفساد ارهاب ابيض!والميليشيات على اختلاف تلاوينها ارهاب اسود مع سبق الاصرار!فهي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع الى ثكنات وامارات عسكرية ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد الناس واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة،وتعكس النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال!ليتحول ابناء الشعب الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا،وهي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في البلاد،وهي دولة داخل دولة لأنها تفرض قراراتها وارادتها الشاذة ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية وتفرض نفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!
   ويستغل تجار ومهربو الاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط  وهشاشة القضاء والضوء الاخضر للسلطات التنفيذية لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة وعرضها في السوق السوداء التي تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة والمعدات العسكرية المختلفة تحت مرأى وسمع الحكومة والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!
    ادى ويؤدي بالضرورة تعاظم دور الميليشيات"راجع:كاظم محمد احمد/ نبذة تاريخية عن المليشيات في العراق"الى التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا عن خروج مجاميع متطرفة منها على السيطرة تمتهن الإجرام والقتل والخطف"والعلس"والاحتيال والتزوير والابتزاز..الخ"انظر:افلات تام من العقاب- حكم الميليشيات في العراق/منظمة العفو الدولية AMNESTY/2014".ان الميليشيات كذراع عسكري لمنظمات واحزاب سياسية او كأدوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة وظفت في الصراع التنافسي على السلطة وفي التصفيات واعمال الاغتيالات والتطهير الطائفي.هذا سمم الاجواء السياسية العامة وكرس العنف طريقا لحل الخلافات.
   تشيع الميليشيات من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع وان تقتل وتذبح الجميع،وانه لا يمكن تجاهلها،والمطلوب من ذلك كله هو اظهار الحكومة بانها عاجزة عن مواجهتها وانها غير قادرة على بسط الامن والاستقرار.ان الهدف من هذه الاعمال تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين.
   لا عدالة اجتماعية بدون هيبة للدولة والالتزام بالدستور الدائم والفصل بين السلطات واحترام المؤسساتية المدنية،ولا هيبة للدولة مع انفلات واتساع نشاط الميليشيات وتحول العشائر المسلحة والمجاميع المسلحة والصحوات والحشد الشعبي الى ميليشيات واعادة تأجيج الاحتقانات الطائفية،ما لم يتم شرعنتها قانونا وفق الدستور وبموافقة البرلمان واخضاعها لضوابط محددة وان يتم تنظيمها وتسليحها بعلم الحكومة ومؤسساتها المعنية ولاغراض دعم القوات المسلحة النظامية في العمليات العسكرية للذود عن سوح الوطن!والحذر من ان تتحول هذه الميليشيات الى كلاب حراسة حكومية مدللة لتلعب دور الشرطة والبلطجية!
   لقد باتت العاصمة العراقية خاضعة في بعض مناطقها وبشكل او بآخر لسيطرة ميليشيات مسلحة تجاوز عددها 22 ميليشيا،جميعها ترتدي الزي العسكري الرسمي او ملابس الشرطة،وتستخدم آلياتهم وتحمل شارات ملوّنة تميز كل ميليشيا عن الاخرى،وتحاول ان تلعب دور البديل للحرس الثوري الايراني والمخابرات الايرانية التي تلاشت مع التدخل العسكري الاميركي الجديد آب 2014،وتستخدم نفس اساليب داعش اذ يقلدون عملياتها وارهابها البربري لكن بغطاء ودعم حكومي هذه المرة.
    يعرف الكلب البوليسي بالكلب المدلل الذي تم تدريبه لمساعدة الحكومة والشرطة في اعمالها!وتعرف الاوساط الاكاديمية البلطجية  THUGSبالمجموعات التي تتنمر وتثير الرعب بين المواطنين بأتجاه فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الناس وارهابهم وابتزازهم والتنكيل بهم!او المجموعات المتهورة التي تعرض قوة عملها عبر الارهاب،ولهم مرادفات عدة،كالشبيحة والمرتزقة وقطاع الطرق وكاسروا الاضرابات والاعتصامات والشماكرية والعصابات والكتائب السوداء وذوو القمصان السوداء والأشباح وكتائب عزرائيل..!البلطجية وكلاب الامن البوليسية المدللة مترادفة كأدوات عنف بلا عقل"الكلب البوليسي قد يكون ذكي احيانا"،يستعين بهم ضباط الأمن والداخلية والاستخبارات لردع الخصوم تحت ستار حماية البلاد من اخطار الفتن المحدقة!وكمفهوم عصري تعني البلطجة بتجنيد السلطات القائمة الأفراد لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ولكسر الفعاليات الجماهيرية الاحتجاجية!يذكر ان الحكومة المالكية قد استعانت بالبلطجية مرارا لكسر الاحتجاجات الشعبية في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية اعوام 2009 – 2011 واستخدمتهم في اعمال بث الرعب والهلع وحتى الاغتيالات بحق خيرة ابناء الشعب. 
    تتشابك ظاهرة البلطجية والرعاع مع ظاهرة الحثالات DREGS الطبقية والجماعات الهامشية MARGINAL GROUPS!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،فضلا عن الارهاب الداعشي،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.والتناسب طردي بين العجز الحكومي في حل ازمة الأمن وبين تصاعد المظاهر المسلحة الشاذة كالميليشياتية والبلطجة،فالاسلام السياسي والطائفية السياسية تعبر عن مصالح الكومبرادور والطفيلية وتجار اقتصاديات الظل - البيئة الخصبة لتفريخ"البلطجية"!والقاسم المشترك بين الجميع هنا،هو العنترة والشقاوة الصبيانية!وكل مرتزقة "المقاولة العراقية" -  التشكيلات الارهابية المتواجدة على الساحة العراقية اليوم لا تختلف في جوهرها عن داعش و"امارات" المتطرفين التي كانت قائمة في اللطيفية وابوغريب والخالدية والفلوجة والدور،والنجف وكربلاء والثورة!لأنها تحول الناس البسطاء الى دروع بشرية للعابثين باسم الدين والقومية!"ضياء الحكيم/ميليشيات الدولة ام دولة الميليشيات".
   تهبط القيمة السياسية والمعنوية للطائفية السياسية وتشكيلاتها الارهابية وكلابها البوليسية دوما مع تفعيل القرار السياسي الوطني المستقل وتأكيد الهوية الوطنية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية وعبر بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية على اسس مهنية والولاء للوطن وللدستور والنظام الديمقراطي الاتحادي،وعبر بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية،وعبر الاجراءات الفعالة الفورية لحل الميليشيات ومعالجة تعقيدات هذه الظاهرة سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات التي تؤدي الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما،والعمل على اقامة المجتمع المدني الديمقراطي وضمان التنافس السلمي الحر وتداول السلطة،واحترام حقوق الانسان. 
   كوابح العدالة الاجتماعية في العراق
1.   كل الحديث عن اللصوصية وهدر ونهب المال العام والفساد القضائي والانتخابي هو مضيعة للوقت ما دامت النخب السياسية المتنفذة تعيد انتاج نظام المحاصصة الطائفية والاثنية بل وتعيد انتاج النظام الشمولي!"راجع:د.كمال البصري ومضر سباهي/الانتخابات القادمة-تنمية مستدامة ام محاصصة مستدامة".
2.   ستبقى الفضائح التي تزكم الانوف جارية على قدم وساق الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،والى ان يجري احترام حقوق الآخرين والمحافظة على المال العام وتجنب الاخطاء ومعرفة ما لنا وما علينا في هذا الوطن،والمساهمة في بناء العراق الجديد،العراق الدستوري المؤسساتي"انظر:د.طالب الرماحي/منظومة القيم وواقع الفساد في العراق/6 حلقات".
3.   سيبقى الفساد مادام ممثلو الشعب يتقاضون راتبا شهريا مقداره 22500 دولار فضلا عن الامتيازات بينما يفتقر الشعب لأبسط الخدمات،وسيبقى الفساد مادام البرلمانيون يحصلون على 1000 دولار للدقيقة الواحدة دون ان يضعوا قانونا واحدا يهم البلاد ويسكنون مجانا في ارقى الفنادق!"نشرة مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء/العدد 29"
4.   مع النهوض المتواصل للولاءات دون الوطنية يتسع التناقض بين الدور السياسي التقليدي للدولة ودورها الاقتصادي الجديد لتأمين الريع لـلاقطاعات الطائفية - المناطقية الطامحة الى السلطة والثروة والتي بدأت تحتل مواقع السيطرة على المفاصل الاقتصادية والسياسية والامنية الاساسية.
5.   تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور،والانتهاك السافر للمادة 38 منه ذات الصلة بحق المواطن في التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل وفي الاجتماع والتظاهر السلمي"التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".
6.   بقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا ومستوردا ومستهلكا للسلع الاستهلاكية المنتجة في اقتصاديات دول اخرى ومستنزفا لموارده المالية في الاستيراد بدلا من مشاركة تلك الاموال في الانتاج!استتبع ذلك بقاء الاقتصاد العراقي وحيد الطرف في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة وخلق الديناميكية الذاتية!
7.   استمرار الاستهلاك لموارد النفط المالية دون تحقيق التراكم والاغناء الضروري للثروة الاجتماعية من مصادر اخرى غير النفط الخام!وهذا يعني استمرار تبعية السياسة الاقتصادية للايرادات النفطية،حيث يتم تبني السياسات الاستثمارية التوسعية في ظل انتعاش تلك الايرادات،وتبني السياسات الاستثمارية الانكماشية في ظل انكماش وتراجع تلك الايرادات.
8.   الفساد الاداري"راجع:طارق الهيمص/كتابنا وكتابكم شعار البيروقراطية العراقية"والاقتصادي بات سرطانا!مع استمرار ارتفاع الانفاق الاستهلاكي الخاص والعام وبخاصة الانفاق الدفاعي وشيوع انماط الاستهلاك الترفي في اجهزة الدولة!واقترن هذا التوجه بضعف مرونة الجهاز الانتاجي والارتفاع في الميل للاستيراد ومعدلاته!ويكشف ملف الفساد عن حقائق مريرة تكشف عن جوانب من الأزمة التي تعصف بالبلاد!
9.   سيبقى الفساد ما دام المواطن دون ضمان صحي ولا ضمان اجتماعي ولا ضمان شيخوخة ولا ضمان للعاطلين عن العمل.سيبقى الفساد ما دامت المــرأة لم تدخل لحد الان في معادلة التوازن الاجتماعي للوجود الانساني،ومادام الطفل يولد ويترعرع في بيئة الشد والجذب دون قواعد قانونية صلبة تضمن حاضره ومستقبله..وعليه وحتى نصل الى آليات فعالة لمحاربة الفساد،ما علينا الا ان نضع استراتيجية مكافحة حقيقية/معاقبة الفاسدين/وقاية جدية/التوعية والتثقيف/وقبل كل ذلك قيادة سياسية مؤمنة ايمـانـا حقيقيا بتغيير هذا الواقع المر"انظر:الكاتب/ مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق"!
10.   العراقيون ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والخطط الديماغوجية.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في محاولات تغييب الديمقراطية بأسم الديمقراطية،وفي محاولات التغييب الكامل والكلي لمؤسسات المجتمع المدني التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية.
11.   يزداد عدد الضحايا الأبرياء بسبب الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية ومدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط الناس،وابتداعه الأساليب الجديدة عبر تفخيخ السيارات والأحزمة الناسفة وزرع العبوات الناسفة واللاصقة على جوانب الطرق وفي الاسواق والتجمعات المكتظة بالناس،واستخدام كواتم الصوت في الاغتيالات الهمجية،واقامة اماراته الارهابية(داعش واخواتها)..الخ.
12.   فضائح السجون والمعتقلات تظهر الحال السئ الذي وصلت اليه حقوق الانسان في العراق والتي تنتج لنا كل يوم عشرات الجثث المعروفة والمجهولة؟!لم تتشكل لجان تحقيق وغابت وطمرت ذاكرة نصف عقد من الزمن،لان ثقافة شراء السكوت المتبادل بين الضمائر العفنة(اصحاب النفوذ)،وازدهار تجار السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض والتهريج وشراء الذمم وولائم الصفقات والعمولات والتعهدات خلف الكواليس والمغانم،هي الثقافة السائدة،لينام اللصوص والحرامية والقراصنة رغدا في بلادنا..
13.   التدخلات الفظة في شؤون المؤسساتية المدنية وهيئات حقوق الانسان والمفوضيات المستقلة وتوجيه التهديدات والانذارات لها،تكشف عن الوجه القبيح للنخب السياسية المتنفذة كمؤسسات قمعية مقوضة التجمعات الاهلية والمدنية والحزبية،ومعرقلة لتشريع قانون عصري للاحزاب تحتكم له كل القوى الوطنية المشاركة في العملية السياسية الجارية اليوم.
14.   القوى السياسية المتنفذة تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
15.    السعي لفرض الرأي الواحد،وتنميط المجتمع وتأطيره وفق طروحات"الاسلام السياسي"،وممارسة الارهاب الفكري باشكال مختلفة،ومصادرة الرأي الآخر،وتشجيع وادامة النزعات الطائفية والمناطقية والعشائرية،على حساب مبدأ المواطنة والشراكة الوطنية"التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".
16.   محاولات تأطير المجتمع دينيا والرهان المستمر على المرجعيات الدينية والطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني وتهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى.العودة الى الماضي والبدائل الاسلامية هي ردود افعال على التخلف والامية والهلع ودليل عمق ازمة المجتمع العراقي."انظر:تركي الحمد/ السياسة بين الحلال والحرام".
17.   سرطان انصاف المثقفين واشباههم والادب الشوفيني الطائفي الانتهازي الوصولي!واساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية!وتبني سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل والسفسطة والنفعية،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي!
18.   انتهاك حرمة الجامعات والوسط الاكاديمي وتدني المستوى العلمي والعزلة العلمية التقنية وانتشار مظاهر التعصب والعدمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين ومحاولات الفصل بين الجنسين.
19.   الشطب التعسفي للمادة 140 من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،والانتهاك المستمر لمضمونها!
20.   سطوة الميليشيات والعشائر والقوى المتلبسة جلباب التدين زورا!وهذه القوى قد اطلقت لنفسها حرية اصدار القوانين والقرارات بالتعارض مع نصوص الدستور!
21.   الداعشية والترويج لثقافة السيف والذبح والصلب والجلد والرجم والسبي وفرض الاتاوات ونسف القبور والاضرحة والنصب التذكارية.
22.   مواصلة سياسة الباب المفتوح في التجارة الخارجية،واقتصار التصدير على النفط الخام فقط!والصناعة العراقية التي تتميز بالضعف الشديد اصلا تواجه اليوم مزاحمة شديدة من السلع الصناعية المستوردة بسبب التباين في الجودة والسعر وشكل العرض وغيرها!
23.   تبني الدولة سياسة الانفتاح على الاسواق الخارجية،والغاء جميع القيود والضوابط على الاستيراد،ووضع الانتاج المحلي الضعيف والمنهك امام منافسة غير متكافئة مع المنتج الاجنبي،ما ادى بالضرورة اى انهيار معظم ما تبقى من الصناعة الوطنية.
24.   سيادة رؤى وتوجهات اقتصادية تغيب عنها الخطط الاستراتيجية واللجوء الى الحلول الارتجالية والترقيعية في معالجة الازمات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية"انظر:بسام محي/ورقة سياسية عن العدالة الاجتماعية في العراق/حلقتان"وكذلك"جبار مجيد صخي/هل تنقذ المبادرة الصناعية صناعتنا الموءودة؟"،كما يغيب ادراك اهمية التوسع في البنى التحتية لتحقيق اهداف التنمية،المتمثلة في خلق فرص عمل ومكافحة الفقر ورفع مستويات الدخل القومي،وتحقيق عدالة اجتماعية عبر توزيع افضل للدخل.السياسة الاقتصادية المتبعة تقف اليوم حائلاً بوجه مشاركة الدولة في النشاط الاقتصادي والتنمية الصناعية!
25.   التوجهات الراهنة للحكومة العراقية تعيق عمليا تنمية القطاع الزراعي وتحديثه وايجاد علاقة تنسيق ونمو متناسب بين القطاعين الصناعي والزراعي،سواء كان بالنسبة الى توفير السلع الزراعية للسوق المحلي الاستهلاكي ام لتوفير مواد اولية زراعية للصناعة المحلية."القطاع الزراعي..الواقع..الرهانات..المستقبل/المختصة الفلاحية المركزية للحزب الشيوعي العراقي/(3/1/2012)"
26.   استمرار توجهات السياسات الاقتصادية التي كرست الطابع غير الانتاجي للاقتصاد،وساهمت في تدهور المساهمة النسبية للقطاعات السلعية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعة التحويلية،مما عمق من تدهور حصة الفرد من الدخل القومي،ورفع من معدلات التفاوت في توزيع الدخول.
27.   يتواصل الخلل في الجمع والتنسيق السليمين بين السياستين النقدية والمالية،مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم،وما ينجم عنه من ظروف معيشية شاقة لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا.
28.   استمرار ظاهرة الاغراق السلعي التي تعد من العوامل الفاعلة التي اسهمت بإطلاق رصاصة الرحمة على القطاع الخاص العراقي الذي كان نكوصه وافول نشاطاته من ابرز العوامل التي عجلت بتهشيم العمود الفقري للصناعة الوطنية التي ماتزال تعاني الاهمال في ظل فوضى الرؤى الاقتصادية على الرغم من كونها تعد من اقدم النشاطات الاقتصادية في المنطقة.
29.   بقاء البطالة وتناميها لتصل نسبة العطالة الى 34% من القوى العاملة،ونحو 70% عام 2003 بسبب اقدام الاحتلال الامريكي على حل القوات المسلحة العراقية!ولا يقدم نمط التشغيل غير الانتاجي في مؤسسات الدولة،والقائم على الاعانة،حلاً لمشكلة البطالة.
30.   انهيار سعر صرف الدينار العراقي في سوق العملات الاجنبية من 3.39 دولار الى 3000 دينار للدولار الواحد.
31.   مؤشر التضخم ما زال عند مستويات مرتفعة،ويتسبب في خفض القدرة الشرائية!"مصطفى البسيوني/ دفاعا عن الكادحين- نضال الفقراء ضد غول الأسعار/مركز الدراسات الاشتراكية/2004".لقد تصاعدت نسب التضخم بقفزات سريعة منذ عام 1980 واصيبت العملة العراقية بالتضخم الجامح(34000%)مما ادى الى تدمير العملة النقدية كوسيط للتبادل"راجع:د.عودت الحمداني/صندوق النقد الدولي ودوره في تعميق ازمة الديون الخارجية للبلدان النامية"و"راجع:د.مظهر محمد صالح/الفجوة النقدية-الواقع الراهن وحسابات المستقبل".
32.   سياسة البنك المركزي والبنوك العراقية تسير باتجاه منح التسهيلات الائتمانية للتجار وتمنعها او تجعلها في حدها الادنى لمن يريد التوظيف في القطاع الصناعي.ويتجسد ذلك في مجال القروض ونسب الفائدة التي لا تساهم في تنشيط الصناعة الوطنية ولا تشجع اصحاب رؤوس الاموال على توظيف رؤوس اموالهم في الصناعات المحلية!
33.   محاولة حل قضايا الاقتصاد ومشاكله  بعصى سحرية ومبادرات من نوع المبادرة الزراعية!
34.   عدم وجود قانون يحمي الصناعة العراقية من المنافسة،وحتى قانون عام 1929 لحماية الصناعة الوطنية وتعديلاته المهمة لم يعد ساري المفعول في العراق الراهن!
35.   ازمة الطاقة الكهربائية وانقطاعات التيار الكهربائي وتعرض الصناعة والمعامل الاهلية ومرافق الدولة والخدمات الى التخريب المتعمد!
36.   الموازنة السنوية الدورية لا ترافقها الحسابات الختامية والتقويم الشامل لموازنة الاعوام السابقة،وللمبالغ التي خصصت للانفاق في اطارها ومدى الانفاق الفعلي،وللانجازات والاخفاقات،والمبالغ المدورة،ولارصدة العراق الاحتياطية في الداخل والخارج،وغير ذلك.وتعكس هيكلية موارد الموازنة الطبيعة الاحادية الريعية الخدمية للاقتصاد العراقي!وما زالت النفقات التشغيلية تحظى بالتخصيصات الاكبر في الموازنة العامة للدولة تمثل في المتوسط 73% من اجمالي النفقات العامة خلال السنوات 2007 – 2010.اما التخصيصات الاستثمارية فتتراوح بين 24.5% و28% من اجمالي النفقات العامة وبمتوسط سنوي قدره حوالي 25%.وهذه النسبة بعيدة عن تلبية حاجة البلاد الهائلة الى الاستثمار العام واعادة بناء وتطوير البنى التحتية المدمرة والمتهالكة والغائبة ولتوفير الخدمات الاساسية واطلاق النشاطات الانتاجية لمختلف القطاعات الاقتصادية وتحفيز النموالاقتصادي من اجل خلق فرص عمل وتقليص معدلات البطالة والفقر المرتفعة.ولا يحظى قطاع الصناعة الا بحصة ضئيلة من التخصيصات في الموازنات العامة لا تتجاوز 1.5%.
 
"راجع:د.بارق شبر/مؤشرات الاقتصاد الكلي 2003 - 2013"

   ان تلكؤ المشاريع التجميعية العملاقة يعود بالاساس الى عدم وجود رؤيا اقتصادية لدى الحكومة العراقية!"راجع:الكاتب/البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم 12"
37.   استمرار غياب وتغييب الطبقة الوسطى الصناعية والزراعية والطبقة العاملة المنتجة للخيرات المادية في المدينة والريف واستمرار الضعف في قطاع صغار المنتجين الذي يوفر الارضية الصالحة لبناء المجتمع المدني الديمقراطي والمساهمة في تعميق وعي الفرد والمجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وحقوقياً وبيئيا!
38.   بقاء المجتمع ريفيا او يستند الى الوشائج الاصطفائية والمرجعيات العشائرية والدينية الطائفية،ويعيش الماضي في الحاضر حيث تتفاقم فيه وعليه الازمات ويحتدم فيه الصراع ويضعف دور المثقفين الديمقراطيين في حياة المجتمع!
   الطريق نحو العدالة الاجتماعية
  لا عدالة اجتماعية دون مجتمع مدني،ومقومات المجتمع المدني معروفة للجميع،وعليه ترتقي اليوم اكثر من اي وقت مضى في العراق مهمة:
1.   اعتماد الدولة استراتيجيات اقتصادية بعيدة المدى تحافظ على التوازن والتكييف الهيكلي ووضع النظم والاستقرار ولا تنشغل بالجزئيات.
2.   اعتبار القطاع الاستخراجي النفطي  قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي"مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية في العراق-مطابقة التدفقات النقدية الناتجة عن الصناعة النفطية في العراق خلال عام 2009/ IEITI".
3.   اعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في قانون منفصل يسبق تشريعات النفط والغاز الجديدة،واعتماد استراتيجية للتعجيل في نقل استهلاك الطاقة محليا من النفط الى الغاز الطبيعي"د.محمد علي زيني/الاقتصاد العراقي – الماضي والحاضر وخيارات المستقبل"،والاسراع في اصدار قوانين للنفط والغاز!والاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في القطاع النفطي مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح الوطنية يستلزم اعادة النظر بمسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد ومشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام المقدمتان الى مجلس النواب على اساس :ارساء الصناعة المؤممة بعقودها المتنوعة والرفض المطلق لعقود الامتياز والمشاركة.ومن الضروري عدم تجزئة مشاريع قوانين النفط ،والنظر لها  دفعة واحدة.... على الحكومة تقديم مشاريع قوانين موحدة تخص النفط الى مجلس النواب،ولا تقوم بتجزئتها... لأن هذا ليس في مصلحة البلاد..
4.   الحذر من الانجراف الى منزلق الاقتصاديات الاستهلاكية.ما نراه اليوم من مستورد يجعلنا من الشعوب المستهلكة وليست المنتجة فالاستيراد وصل حتى الى المرطبات والمواد الغذائية وغيرها.
5.   الوقف بحزم ازاء الطائفية السياسية وضغوطات الليبرالية الجديدة المتطرفة التي تريد ان تطلق الخصخصة بدون دراسة وبدون حساب خصوصيات الاقتصاد العراقي،وفضح الجهات التي تستكلب لابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا خدميا مستوردا مستهلكا وحيد الجانب في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة،واهدارعوائد النفط على استيراد السلع لاغراض الاستهلاك والانفاق على الرواتب والمصروفات الجارية فقط!!
6.   الالتزام بمواد الدستور والتعامل الواعي والمتساوي معها،لا التعامل معها بمكيالين وحسب الاهواء والامزجة.
7.   الالتزام بالمشاريع الوطنية المدنية الديمقراطية الفيدرالية الحديثة والسلة المتكاملة من المشروعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنويرية والعسكرية والبيئية لاستراتيجية التنمية الوطنية على المستويين المادي والبشري.
8.   رفض آلية السوق كوصفة سحرية لحل كل المشكلات الاقتصادية التي يواجهها بلدنا.المطلوب في عراقنا الاشم ليس تصفية القطاع العام انما تصفية العقبات التي تحرفه عن اداء وظيفته التاريخية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية والاجتماعية المركبة.
9.   يعتبر امتلاك السياسة التسعيرية الوطنية والضوابط اللازمة التي تتفق مع مبدأ التوفير الاقتصادي الصارم وضبط أسعار السوق والقطاع الأهلي الخاص مهمة حيوية.
10.   تحقيق الترابط المتبادل بين النفط والزراعة واقامة الصناعات الزراعية والغذائية والصناعات الصغيرة والحرفية في الريف التي تساهم في زيادة دخل المواطنين وتخفيف الهجرة الى المدن...وبالتالي تأمين علاقة مناسبة بين التنمية الصناعية والتنمية الزراعية.
11.   ضرورة توجيه النسبة الكبرى من التخصيصات الاستثمارية وموارد النقد الاجنبي وتهيئة الظروف التي تكفل تحقيق ارتفاع مطرد في الناتج السلعي غير النفطي،وعلى اساس تعجيل النمو في القطاع الصناعي - الصناعة التحويلية،وتحقيق معدلا ت نمو منتظمة في القطاع الزراعي،وجعل هذين القطاعين اكثر استيعابا للقوى العاملة ولحركة رؤوس الاموال.وتبني استراتيجية للتنمية تهدف الى تحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد استخراجي- خدمي الى اقتصاد صناعي – زراعي.
12.   اعداد برنامج بعيد المدى للتصرف بموارد النقد الاجنبي،ووضع الآليات الكفيلة بتحسين توظيف تلك الموارد،وفي مقدمتها الموازنات بعيدة المدى للنقد الاجنبي التي تأخذ في الحساب امكانيات تعويض الاستيراد وتنويع هيكل الانتاج وهيكل الصادرات.
13.   ايلاء الاهتمام اللازم لصغار المنتجين من كسبة وحرفيين واصحاب الورش الصناعية الصغيرة ومساعدتهم على النهوض بمشاريعهم!
14.   تعديل قانون الاستثمار رقم 13  لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006 ليجر تأكيد ارتباط دخول الاستثمارات الاجنبية ببلورة طائفة من الضوابط التي تحمي بعض قطاعات الاقتصاد الوطني،وخصوصا الاستراتيجية منها،من الخضوع لسيطرة الرأسمال الأجنبي من جهة،والعمل على ضمان توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات الانتاجية وفق الحاجات التنموية ولاستمرار التحكم بالثروات الوطنية"عامر عيسى الجواهري/جذب الاستثمار الاجنبي المباشر".وضرورة ابقاء البنى التحتية والخدمات (الطاقة الكهربائية،الماء،المجاري،الطرق،النقل،الخزن وغيرها)تحت سيطرة الدولة،وابعادها عن الاستثمار الاجنبي.ان"قرار تشجيع الاستثمار في الاقليم"والصادر عن حكومة اقليم كردستان برقم 129 في 1/9/2003 لم يتضمن امكانية شراء الاصول الموجودة التي يملكها الشعب،ولكن فقط السماح في الاستثمار في المشاريع الجديدة،وهو بذلك قد عالج الخلل الكارثي الذي تضمنه قانون الاستثمار رقم 13.ان تسهيل دخول الرأسمال الاجنبي يجب ان يكون في المشاريع الجديدة وليس لشراء اصول موجودة اصلا!
15.   يقتضي من الدولة ايجاد بيئة محفزة للاستثمار عبر الاجراءات الميسرة والتشريع المتسم بالشفافية وشبكة المعلومات والاتصالات واسواق المنتجات وعوامل الانتاج التنافسية والبيئة التحتية الداعمة وتسوية الانقسام بين القطاعين العام والخاص والتخلص من الاحتكار الحكومي للانتاج والعقلية البيروقراطية المستفحلة!
16.   تحفيز الرساميل الاستثمارية الوطنية الكبيرة كي تسهم في عملية اعادة تأهيل وتطوير الصناعة العراقية!ودعم القطاع الخاص وتشجيع مبادراته وتوفير البنى التحتية لتطويره وطمأنته بإقامة بنية مستقرة قانونية وادارية ومالية،ومنحه تسهيلات ضريبية تمييزية وتسهيلات ممكنة لمشاريعه التي تستخدم التقنيات الجديدة وتستخدم المواد الاولية المحلية،واشكالا مناسبة من الحماية لفترات محددة حتى يستطيع الارتقاء بمنتجاته لمستوى المنافسة!"راجع:مسودة استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2013 – 2030/هيئة المستشارين/مجلس رئيس الوزراء".
17.   توفير البيئة الاقتصادية الكفيلة بتعزيز حالة التنافس بين القطاع العام والقطاع الخاص على اعتبارات الكفاءة الانتاجية والخضوع لقوى السوق،وبالعمل على منح القطاع الخاص الفرصة الكاملة للقيام بدوره في عملية التنمية،على ان تهتم القطاعات الحكومية بتهيئة المتطلبات الاساسية لهذه التنمية من توفير البنية الاساسية كالخدمات والموانئ والطرق وشبكات الكهرباء والمياه،فاستمرار احتكار المؤسسات الحكومية للمشاريع الكبيرة في مجالات القطاع النفطي والصناعي- الصناعة التحويلية والخدمات العامة وعدم السماح للقطاع الخاص للدخول الى هذه المجالات،يحرم الاقتصاد العراقي من استثمارات القطاع الخاص المحلي والاجنبي من ناحية مثلما يحرمها من المهارات والمعرفة والتكنولوجيا التي يمكن ان تصاحب تلك الاستثمارات.
18.   لابد للسياسات الضريبية والنقدية وسياسات اسعار الصرف ان تضمن تفادي التضخم وتشوهات الاسعار في حدها الادنى(كبح تصاعد معدلات التضخم للحفاظ على القوة الشرائية للعملة الوطنية لمنع تآكل رؤوس اموال الصناعيين ورجال الاعمال،وايقاف الزيادات العشوائية غير المدروسة للرواتب وتأثيراتها السلبية على الاسواق والقطاع الخاص).ان اختيار نظام سعر الصرف المتعدد من شأنه تسهيل عملية تحويل الصناعات المحمية الى صناعات تصديرية تنافسية!
19.   التطبيق الفعال لقانون حماية المنتجات العراقية رقم 11 لسنة 2010،والاسراع في تشريع تعليمات تنفيذ احكام ھذا القانون!ان الابقاء على الرسم الكمركي البالغ 5% فقط يعني عدم حماية الصناعة الوطنية وقتلها واغراق السوق بالبضائع المشابهة المستوردة.
20.   اعداد قانون موحد للمدن والمجمعات الصناعية،وتوزيع الاراضي داخلها بأسعار ايجار رمزية،واعادة تأهيل المناطق الصناعية القائمة وتوفير الخدمات الاساسية لها.
21.   تشريع القوانين والضوابط المنظمة للسوق ولحقوق العاملين وحرية التنظيم المهني والنقابي وحفظ حقوق المستهلكين والاطراف المتعاقدة.
22.   المحافظة على الكوادر والمهارات العلمية والتقنية ورعايتها وتشجيعها والعمل على اجتذاب الكوادر التي غادرت العراق والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية!
23.   الارتقاء بالخدمات الاجتماعية،لاسيما الخدمات الصحية والتعليمية الاساسية والدفاع عن مجانيتها،وتوفير الخدمات الاساسية العامة وتأمين الموارد اللازمة لتنفيذ مشاريع الماء والكهرباء والنقل والمواصلات والاتصالات والمشاريع البلدية والخدمية.ومطالبة الدولة بايقاف عمليات الخصخصة في هذا المضمار لانها اضعاف لقدرات الدولة والتخلي عن دورها المركزي في عملية التنمية والاعمار وتقويض سيادتها والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية مع ما يرافق ذلك من تهديد للهوية الوطنية وازدياد مرعب في معدلات البطالة والفقر بدون ان ننسى الأزمات التي يمكن ان تنسف من الجذور الامن والسلم الاجتماعيين،وتوفير مستلزمات اعادة تاهيل المعامل والمصانع الى جانب ضمان الادارات الكفؤة لها!
24.   وضع استراتيجية بعيدة المدى لمعالجة وتحسين واقع الطاقة الكهربائية في البلاد،وابقاء البنى التحتية والخدمات الرئيسة،خصوصاً الكهرباء والماء والمجاري والطرق تحت ادارة الدولة!وتوزيع بناء محطات الكهرباء ونصب الوحدات بمعدل نمو سنوي لا يقل عن 15% لمعادلة الطلب المتنامي،والاستفادة من المحطات المتنقلة لتلبية جزء من هذا الطلب.
25.   حماية المستهلكين من انفلات النشاطات الطفيلية والمضاربة والارتفاع الحاد في اسعار المواد الضرورية واجور السكن والنقل والخدمات،والاسراع في اصدار وتطبيق التشريعات الخاصة بحماية المستهلك،وتطبيق قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010!ومنع تهريب النفط والمنتجات النفطية،ومكافحة اقتصاديات الظل والسوق السوداء،ووضع القوانين والضوابط الكفيلة بمنع افلات مرتكبي الجرائم الاقتصادية من العقاب وضمان استرجاع اموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة.
26.   وضع آليات فعالة لمحاربة الفساد ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعلى كافة المستويات،وقبل كل ذلك قيادة سياسية مؤمنة ايمـانـا حقيقيا بتغيير هذا الواقع المر!وتحقيق التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان،فمن غير المقبول ان تهدر مبادئ حقوق الانسان تحت حجة ملاحقة الفساد،لان الحفاظ على اعراض الناس وحرياتهم مسألة لا تقل اهمية من السيطرة على الفساد!
27.   ضرورة وضع القيود على تدفقات الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمار المباشر الذي يخلق طاقات انتاجية وفرص عمل وينقل خبرات تكنولوجية ومعارف ومهارات ادارية.
28.   تنظيم منح التراخيص لشركات الهاتف النقال والاتصالات الثابتة اللاسلكية وخدمات الانترنيت العاملة في العراق،وفرض غرامات متصاعدة وكبيرة عليها في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها،او تلبسها بعمليات الاحتيال الكبيرة على المواطنين!وعدم الالتزام مع شركات الهاتف النقال بعقود طويلة الأمد(مدة العقود لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق 15 عام اي حتى سنة 2022)"رشيد السراي/حقائق عن الاتصالات في العراق"وكذلك"ابراهيم المشهداني/قطاع الاتصالات.. بين الواقع والطموح المنتظر".
29.   رفع قيمة التخصيصات الاستثمارية لاغراض الصيانة الايكولوجية في الموازنات المالية الحكومية الدورية.
30.   تقديم حوافز للمواطنين تدفعهم الى التفكير والالتزام الجاد بإعادة  تدوير المواد المستعملة والمستهلكة ذات القيمة.
31.   بناء شبكة للضمانات الصحية ذات الطابع الاجتماعي من خلال تأمين الرعاية الصحية المجانية الوقائية والعلاجية للمواطنين"مزاحم مبارك مال الله/واقع المرأة الصحي في الريف العراقي"،والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية وتوسيع شبكة المستشفيات والمستوصفات الحكومية في المدينة والريف"السياسة الصحية الوطنية 2014- 2023/وزارة الصحة العراقية"،وتعزيز الرقابة الدوائية،ورفع الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الاساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي كشرط اساسي يستطيع فيه المواطن من ان يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة والمساهمة في الحفاظ على الصحة العامة.
32.   تطوير خدمات الطب الوقائي وخدمات رعاية الامومة والطفولة والصحة المدرسية وزيادة الوعي الصحي لدى المجتمع،وتأمين الخدمات التشخيصية والعلاجية للمرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة كالمعاقين،وتأهيل مشاغل الاطراف الصناعية لتشمل المحافظات كافة،وتفعيل دور البطاقة الدوائية لذوي الامراض المزمنة وتأمين مفرداتها"برنامج المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".
33.   معالجة الخلل في التنسيق بين وزارات النفط والكهرباء والصناعة والعلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي،وصولا الى دمج وزارتي الكهرباء والنفط في وزارة طاقة واحدة.
34.   بتر سياسة ازدراء الطبقة العاملة العراقية التي انتهجتها حكومات ما بعد التاسع من نيسان 2003!والغاء القرار الجائر 150 لسنة 1987 الخاص بتحويل العمال الى موظفين"راجع:د.رائد فهمي/ملاحظات حول مشروع قانون الاصلاح الاقتصادي الاتحادي"،والتضامن الكامل مع الطبقة العاملة من اجل الاسراع بأصدار قانون عمل جديد عادل ومنصف يساعد على بناء نظام حر وعادل يخدم الجميع،قانون يضمن حق التنظيم النقابي في القطاع العام والانضمام الى النقابات،ايجاد اماكن عمل اكثر امانا،الغاء التمييز والمضايقة،ضمان تكافؤ الفرص،تطوير مهارات العمال وتعليمهم من اجل زيادة الانتاج الوطني العام،اعطاء العمال حق التفاوض الجماعي لتعديل اجورهم والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم.
35.   العمل على اصدار القوانين والتشريعات لحماية جميع العاملين بأجر ودعم حقهم في التنظيم المهني من اجل التخفيف من العواقب الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.والنضال المتواصل الصبور والثابت من اجل انتزاع المكاسب وتحقيق القضايا المطلبية،وليس الانتظار الممل!والمبادرة في صياغة المطالب بمختلف الاساليب(وفود،عرائض،احتجاجات،اعتصامات،تظاهرات..وغيرها)،والاتصال بجماهير الطبقة العاملة وكادحي شعبنا والعمل المباشر عبر اللجان النقابية والنقابات العامة والتواجد المتواصل في مواقع العمل المختلفة.
36.   مكافحة اي توجهات لالغاء البطاقة التموينية في الظروف الراهنة.
37.   جعل الأمن الغذائي بكل ما يحويه من امور اقتصادية وسياسية واجتماعية في مقدمة سلم الأولويات في السياسة الاقتصادية لبلادنا،والعمل على سن حزمة من التشريعات الاقتصادية الزراعية لتقليص الفجوة الغذائية والوصول الى امن غذائي متكامل في العراق"نور يوسف غضبان/تدني الامن الغذائي في العراق/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014".
38.   دعم الكفاح العادل للفلاحين في سبيل تكوين جمعياتهم التعاونية وانتخاب ممثليهم الحقيقيين في ظل اجواء ديمقراطية،وبعيدا عن التأثيرات الضارة للاقطاعيين والملاكين الجدد،واستناداً لكل المفاهيم والقوانين الدولية التي تقر بالحقوق الاساسية للفلاحين،والتي حرموا منها طيلة العقود الثلاثة الماضية في ظل سياسة الاستبداد والدكتاتورية!وعلى الحكومة العراقية اتباع سياسة زراعية وتعاونية تعني بالاصلاح الزراعي الحديث واعادة بناء اقتصاد المجتمع الريفي لتحسين وضع الفلاحين ورفع مستواهم المعيشي وتغيير العلاقات الانتاجية عبر تمليك الاراضي التي وزعت على الفلاحين وفقا للقانون رقم 30 لسنة 1958،والقانون رقم 117 لسنة 1970،وتشريع قانون جديد لايجار الأراضي الزراعية،والتصدي لمحاولات الاستحواذ على اراضي الفلاحين بالقوة.ومن الضروري الغاء المراسيم الصدامية كقانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية والقرار 364 لسنة 1990 والقرار رقم 182 لسنة 2000،وكل تعليمات مجلس قيادة الثورة المقبور ذات العلاقة!والعمل على تثبيت حقوق المغارسين و الفلاحين العاملين في البساتين ورفع الحيف عنهم.
39.   اعادة الاعتبار لضحايا الاضطهاد والارهاب وضحايا النظام السابق وانصاف السجناء السياسيين وعوائل الشهداء،وتوفير ضمانات لعودة المهاجرين والمهجرين وتعويض المتضررين.وانصاف المفصولين السياسيين واعادتهم الى وظائفهم ومنع صرف من اعيدوا الى وظائفهم بعد سقوط النظام الدكتاتوري،والاستجابة الى المطالبة المتكررة بانصاف ضحايا انقلاب شباط الاسود 1963 وضمان شمولهم بذات القوانين التي شرعت لانصاف ضحايا النظام المقبور ومنذ سنة 1968،والعودة الى اعتماد كتب الأحزاب السياسية المعارضة للنظام السابق ضمن الوثائق الأساسية المطلوبة باعتبارها الأعرف بمنتسبيها وفي تأييد الضرر الذي تعرضوا له.
40.    وضع تخصيصصات مناسبة ضمن الموازنات المالية الدورية للدولة لمشروع بناء الحكومة الالكترونية.
41.   تشريع قانون المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية،وحماية الانتاج السلعي والصناعة الوطنية المتوسطة والصغيرة وخوض معركة السلعة الوطنية التي تعني خلق الالاف والملايين من فرص العمل الجديدة والمنتجة للعاطلين من شباب تملأ(جنابرهم) شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية.
42.   مراعاة المناطق المحرومة والتي ترتفع فيها نسبة البطالة من القوى العاملة ويقل فيها تركيز المشاريع الصناعية عند الدعم الحكومي!
43.   الغاء العمل بقرار سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 54 لعام 2004،واعادة العمل بقانون التعرفة الكمركية المطبق قبل عام 2003 لحين اصدار قانون للتعرفة الكمركية جديد،وتخفيف الضوابط على الاستيراد وفق جدول زمني،واعادة العمل بمنح اجازات الاستيراد قبل الاستيراد،وفتح الاستيراد الانتقالي لانواع محددة من السلع التي يمتلك العراق فيها ميزة نسبية،وتنظيم الاسواق التجارية وضبط ومراقبة تدفق السلع من السوق المحلية واليها واعادة تأهيل الاسواق المركزية!
44.   المساعدة على توفير السيولة النقدية في بعض المصانع ذلك ان الظرف المضطرب قد استنزف طاقات المعامل التي ظلت رغم توقفها عن الانتاج او تدنيها تدفع الضريبة والايجار وتكاليف الحراسة.
45.   معالجة الاسباب البنيوية للبطالة واسباب نقص فرص العمل،وتنويع الاقتصاد العراقي ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة.
46.   ينبغي ان تستهدف السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفئات ذات الدخل المنخفض،وتوليد فرص اقتصادية افضل في المناطق الريفية الفقيرة،وتعزيز الرعاية الاجتماعية،وتشجيع العمالة وتكافؤ الفرص.
47.   

5

 
   
   الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ولا تخضع عملية استيراد وبيع وتوزيع الادوية والمعدات الطبية للرقابة المطلوبة من قبل الجهات الصحية ذات الشأن!وظاهرة الشحة الدوائية ترسخت مع فقدان 50% من الخزين الاستراتيجي ابان عهد صدام حسين والحصار الاقتصادي واعمال الفرهود التي تلت 9/4/2003 والاعمال الارهابية،بينما يشمل القطاع الدوائي الخاص المتنامي شبكة من المستوردين ومستودعات الادوية والصيدليات وله تأثير مباشر على مدى توافر الادوية!
   من المؤسف ان يقوم العراق باستيراد القطن الطبي والحقن الطبية وعبوات المغذي،واغلب المؤسسات الصحية تفتقر للتعقيم والتعفير.الا انه رغم تواضع الامكانيات المتاحة للمستشفيات والمراكز الصحية،وافتقارها الى المستلزمات الطبية الخاصة بقي الابداع الطبي العراقي يتدفق رغم المحن ويجري اعقد العمليات الجراحية التي لا يمكن ان تجر الا في المراكز التخصصية.الاطباء العراقيون مفخرة للعقل العراقي الخلاق والعمل بكل نكران ذات والتزاما بشرف المهنة.الكفاءات الطبية المهاجرة بحثا عن الامان لا الدفء هاجرت وعينها على موطنها الاصلي،وتقف القوى الظلامية وراء اغتيال العقل الطبي وتهجيره.
    الخدمات التعليمية هي جوهر العملية التعليمية التربوية لبناء جيل واع حامل لثقافة قادرة على التكيف مع التطور المعلوماتي العاصف ومعطيات التكنولوجيا الحديثة والمجتمع الديمقراطي الحديث،ولانماء النزعات الفكرية والعاطفية للتلاميذ والطلبة وتوفير فرص التعبير الحر عنها،ولفهم اسرار العالم المادي والاجتماعي التي تمكنهم من كسب المهارات العقلية واللغوية والاجتماعية والتطبيقية واشباع الحاجة للامن والاستقرار!والعملية التعليمية التربوية هي الوسيلة المتيسرة الناجحة لتغيير هيكلية المجتمع وتشكيل خواصه وثقافته وتأهيل العناصر البشرية القادرة على النهوض بالمجتمع.
   تستهدف الخدمات التعليمية مكافحة الامية واعداد التلاميذ والطلبة للحياة الاجتماعية ومواجهة تحدياتها،عبر التفاعل الاجتماعي وسبر غور العلاقات الاجتماعية على اسس ديمقراطية،وضمان المستوى الاكثر رقيا للكادرالتعليمي والاكاديمي لانهم ادوات التغيير الحقة في المجتمع الديمقراطي الذي يعتمد بأسسه على التعايش والاحترام والتسامح ونبذ الافكار العدوانية!وتطوير وتحديث طرائق ومنهجية التربية والتعليم والتوجيه وتجاوز الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين وتبرر الاخلاق الرأسمالية على علاتها وتنشر الخرافات والعقائد الجامدة المناهضة للعلم والمعرفة!وجعل المدرسة مركزا هاما من مراكز الاصلاح الديمقراطي،وبالتالي تنظيم دور الجهاز التعليمي في اعادة الانتاج الموسعة للطبقات الاجتماعية.
   في بلاد تطفو على بحر من الذهب الاسود تتحول رياض المعرفة الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة بسبب انهيار نظام الصرف الصحي في معظمها،وتنتشر المدارس تحت العراء والمدارس الطينية في مخيمات النازحين وفي بعض القرى والقصبات،وتستقبل اخرى متهرئة ثلاث وجبات في اليوم.ويبين الجدول ادناه التباينات والاستحقاقات بين المحافظات العراقية من حيث عدد الرياض والمعلمات!

جدول يبين عدد رياض الأطفال وعدد الاطفال الموجودين وعدد المعلمات حسب المحافظة للسنة الدراسية 2009/2010
"راجع: المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011 – وزارة التخطيط – الجهاز المركزي للاحصاء"

المحافظة   عدد الرياض   الاهمية النسبية %   2009-2010   أستحقاق المحافظة،حسب نسبة السكان من رياض الأطفال   أستحقاق المحافظة،حسب نسبة السكان من الهيئات التعليمية
         ذكور   اناث   المجموع   عدد المعلمات      
نينوى   47   7.45   5133   4860   9993   378   72   610
كركوك   50   7.92   4071   3922   7993   194   31   260
ديالى   32   5.07   2497   2606   5103   337   32   269
الانبار   28   4.44   2479   2389   4868   265   34   291
بغداد   151   23.93   19551   18550   38101   1686   156   1315
بابل   39   6.18   2807   2957   5764   321   40   339
كربلاء   18   2.85   2510   2345   4855   169   23   199
واسط   32   5.07   2549   2358   4907   187   27   226
صلاح الدين   35   5.55   2874   2688   5562   331   31   262
النجف   39   6.18   2898   2786   5684   221   28   241
القادسية   34   5.39   3881   3815   7696   318   25   211
المثنى   16   2.54   1100   1110   2210   77   16   134
ذي قار   30   4.75   2561   2331   4892   215   40   342
ميسان   19   3.01   2180   2241   4421   191   21   182
البصرة   61   9.67   6742   6600   13342   463   55   472
المجموع   631   100.00   63833   61558   125391   5353   631
5353


 

 

من التقرير الذي نشره اليونيسيف عن الوضع الصحي في العراق عام 2011

100 رضيع يموت يوميا
35000 طفل يموتون قبل بلوغهم السنة الخامسة
1000 امرأة تموت كل عام خلال أو بعد الولادة
1000000 طفل تحت خط الفقر
500000 طفل يعانون من نقص التغذية
750000 طفل غير مسجلين في المدارس الابتدائية،نصف العدد في المناطق الريفية
400000 فتاة غير مسجلة في المدارس منهن 250000 في المناطق الريفية
4500000 لا يتمتعون بالخدمات الاساسية في منازلهم كالمياه الصالحة للشرب والكهرباء
800000 طفل بين الخامسة والرابعة عشر يُشَغَل باعمال فيزيائية
800000 طفل يتيم
900000 طفل مهجر في الداخل

    طالبات وطلاب العراق لازالوا يسكنون مدارس من الطين والقصب في المدن القصية"انظر:احمد محمد حسين المبرقع/كفاية مدخلات المؤسسة التربوية/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014"،ولازالت مظاهر من قبيل رصف اكثر من 70 طالبة وطالب في صف واحد وتواجد ثلاث مدارس في مدرسة واحدة،مظاهر قائمة امام الملأ وبتعمد مع سبق الاصرار،مدارس اغلبها لازالت رثة تفتقر الى الكثير من مظاهر النظافة والجمال،تفتقد الى ساحات اللعب المدرسية المنسقة الجميلة والى توفر الماء البارد والتدفئة والتبريد.ان ذلك ليس ترفا او امنيات وخيال بل يندرج في اساسيات العدالة الاجتماعية وحق مشروع نصت عليه اللوائح الدولية لحقوق الانسان والتعليم،وكل التربويين واختصاصي علم النفس يعرفون مدى الانعكاس السلبي لمثل هذا الوصف على اندفاع التلاميذ لاستيعاب المواد الدراسية وتواصلهم في تلقي الدروس.
  في العراق الجامعات تنعزل وتتكلس وتتحنط والأجراس تقرع من حولنا بالخطر،ويجري اهمال دور اقتصاد المعرفة وما يتطلبه من زيادة الصرف على التدريب والبحث العلمي والاستثمار في تنمية الموارد البشرية العلمية والهندسية والتكنولوجية،وتطوير البنية التحتية للتعليم العالي في جميع المجالات.ان  التهديد الذي يتعرض له الاكاديميون والمدرسون والعلماء والاطباء تهديد لديمومة المجتمع وتطوره!اما مساهمة الكفاءات في اعادة بناء العراق فهي مرهونة بما تقدمه الدولة من الاهتمام والدعم للكفاءات الموجودة داخل العراق.ومن العبث الحديث عن عودة كفاءات المهجر،فيما تعيش كفاءات الداخل حالة الاحباط والاغتراب،مما يضطر الكثير منها الى التفكير في ترك الوطن هربا من الاوضاع الكارثية،حيث البيئة غير الآمنة وتسلط عناصر غير كفوءة على مراكز اتخاذ القرار والتي لا يروق لها وجود الكفاءات الحقيقية وتعدها بمثابة تهديد لوجودها.
   المدرسة بيت نموذجي مبهج ومنسق للطلبة والطالبات،وليست رث كئيب يتحول فيه المعلمين والمدرسين الى سجانين،وهم يحملون الصوندات والعصي واساليب التعذيب والترهيب والزجر والاذلال،ليجر احياء عهود الكتاتيب،مما يولد للطالب احساس وكأنه يساق الى محاكمة وساحة تعذيب،دون ذنب ارتكبه او مخالفة قام بها،لكنها ارادة الأهل والمجتمع،فيتمرد عليهما معا او تخلق منه مثل هذه الممارسات فردا سلبيا منطفئ القدرة على الخلق والابداع والتواصل والتفاعل مع اهله ومحيطه ومدرسته ومجتمعه!
    الضمان الاجتماعي- مفهوم منصوص عليه في المادة 22 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي ينص على ان كل شخص،باعتباره عضوا في المجتمع،له الحق في الضمان الاجتماعي وله الحق في ان يتم توفيره له من خلال الجهد الوطني والتعاون الدولي وبما يتفق مع التنظيم والموارد في كل دولة،من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها من اجل كرامته والتنمية الحرة لشخصيته.ويشير الضمان الاجتماعي ايضا الى برامج عمل الحكومة لتعزيز رفاهية المواطن من خلال اتخاذ تدابير مساعدة تضمن الحصول على ما يكفي من الموارد للغذاء والمأوى،وايضا من اجل تحسين صحة ورفاهية الاطفال والاحداث وكبار السن ومرضى العوز المناعي والعاطلين عن العمل ورعاية العوائل ذات الدخل الواطئ ومعدومة الدخل والمرأة التي لا معيل لها والارامل والايتام والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والعجزة والمتقاعدين والمتضررين من قبل النظام البائد ومن جراء العمليات الحربية والارهابية ودعم المشاريع الصغيرة المدرة للدخل.وتسمى الخدمات التي تقدم الضمان الاجتماعي بـالخدمات الاجتماعية او الرعاية الاجتماعية.
   يشير مفهوم الضمان الاجتماعي الى:
1.   التأمين الاجتماعي ليحصل الناس على منافع وخدمات تقديرا لمساهماتهم في برامج التأمين،وتشمل هذه الخدمات توفير رواتب التقاعد والتأمين ضد العجز واستحقاقات الناجين وتعويضات البطالة"انظر:حنان جميل عاشور/التأمين الصحي/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014"و"راجع:مصباح كمال/التأمين في الكتابات الاقتصادية العراقية".
2.   الخدمات التي تقدمها الحكومة او الهيئات ذات العلاقة عن توفير الضمان الاجتماعي كالرعاية الطبية والدعم المالي خلال البطالة والمرض او التقاعد والصحة والسلامة في العمل وجوانب العمل الاجتماعي وحتى العلاقات الصناعية.ويلاحظ انه على الرغم من التوسع في تغطية خدمات الرعاية الصحيةفي بلادنا الا ان جودتها في المناطق النائية لازالت محدودة.ان الحصول على الرعاية الصحية هو حق من حقوق المواطن كفلها له الدستور،وكل فرد لديه امكانية الحصول على خدمات الرعاية الصحية،بغض النظر عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والأصل والجنس والموقع الجغرافي.وتلتزم الحكومة بتوفير مستوى اعلى من خدمات الرعاية الصحية للفئات الاكثر ضعفا والأشد فقرا.
3.   الأمن الاساسي بغض النظر عن المشاركة في برامج تأمين محددة كالحصول على المساعدات الفورية التي تعطى للاجئين والنازحين الذين وصلوا حديثا/الحصول على الضروريات المعيشية الاساسية مثل الغذاء والملابس والمسكن والتعليم والمال والرعاية الطبية.
    تقع اعلى نسبة لعدد وحدات الرعاية الأجتماعية في محافظة بغداد حوالي 33% وادنى نسبة في محافظة صلاح الدين 1%،وتقع اعلى نسبة للمسنين والمقعدين المستفيدين الموجودين في هذه الوحدات في محافظة بغداد حوالي 41% وادنى نسبة في محافظة النجف 7% من مجموع المسنين والمقعدين في العراق،بينما تخلو محافظات كركوك وديالى والانبار وبابل وواسط وصلاح الدين والمثنى وذي قار وميسان من المسنين والمقعدين المستفيدين من وحدات الرعاية.لقد بلغت اعلى نسبة من المعوقين المستفيدين من وحدات الرعاية في محافظة بغداد حوالي 26.5% وادنى نسبة في محافظة صلاح الدين حوالي 0.5%،كما بلغت اعلى نسبة من المستفيدين من الاحداث في محافظة بغداد 32%،وادنى نسبة في محافظة ميسان 2%.ويلاحظ خلو محافظات كاملة من الاحداث المستفيدين من الوحدات.

 
"المصدر:المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء"

   الشرعية الدولية لحقوق الانسان 
    تعني ثقافة حقوق الانسان بالوعي العام المقاوم للظلم وبحماية شرعية حقوق الانسان.وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الانسان من:
1.   الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة"انظر:الكاتب/الذكرى الستون للاعلان العالمي لحقوق الانسان".
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966.
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة).
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري وفق قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة.
5.    الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
6.   اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
7.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
8.   اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
    وجاء في الإعلان النهائي لمؤتمر فيينا لحقوق الانسان في حزيران عام 1993:"جميع حقوق الانسان عالمية الطابع وغير قابلة للتجزئة ويتوفق كل منها على الآخر ويرتبط به".
    ترتبط حقوق الانسان فيما بينها بعلاقة جدل،فالحقوق الاقتصادية تحقق التوازن الضروري اللازم لاحترام حقوق المواطنة السياسية والمدنية.اما المكونات الاساسية للديمقراطية السياسية فهي حرية الرأي والتعبير عنه وحرية الضمير والانتماء والتنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي والثقافي وحرية الاجتماع.كل ذلك يقع ضمن حقوق الانسان المنصوص عليها في اعلان الامم المتحدة الصادر عام 1948 والمواثيق الدولية الصادرة عام 1966 والخاصة بالحقوق المدنية والسياسية واقامة دولة القانون ومؤسساتها المنبثقة عن ارادة الشعب بالانتخابات الحرة الدورية ومراقبة المجتمع الدولي عبر الامم المتحدة لتنفيذ ذلك حسبما جاء في قرار 23/3/1976.وقد نص اعلان الامم المتحدة والمؤلف من ديباجة وثلاثين مادة على مجموعة الحقوق المدنية والسياسية من المادة الثالثة حتى المادة الحادية والعشرين ومجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من المادة الثانية والعشرين وحتى المادة السابعة والعشرين.
    حقوق المرأة تشكّل احدى اكثر الجبهات حساسية في الصراع الضاري من اجل التمدن والتحضّر والديمقراطية الدستورية!وبعيداً عن التحديات واثارة المشاعر العاطفية،الروح العدمية والتعبير عن الآلام ان صحّ التعبير،وفي ظروف نسب كبيرة للأمية والتخلف،اضافة الى الطبيعة المحافظة لاوساط  نسائية واسعة بسبب الحروب والخوف الأجتماعي والارهاب والقمع والسجون والتعذيب،الفقر والعوز،ومخاطر العصابات والمافيات..فأن حقوق المرأة تتلخص في التساوي في الحقوق الأقتصادية،السياسية،الثقافية،الاجتماعية وامام القانون!وتدفع المرأة الثمن مضاعفا بسبب طوق الاضطهاد الذي يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل،وبسبب الظروف الاجتماعية والعادات المتخلفة وتسلط القوى الدينية المتطرفة والارهابية"عبير الهنداوي/دور المرأة والرجل في بناء مجتمع مدني ديمقراطي/ندوة منتدى التسامي الثقافي في رابطة المرأة العراقية عن الديمقراطية وبناء المجتمع المدني".وفي العراق تتمتع لا تتمتع المرأة بحقوقها ايضا والمنصوص عليها في الوثائق الدولية الخاصة بحقوق المرأة لاسيما اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة،قرار(24/180)عام 1979.لقد اغفلت المادة 41 من من الدستور الدائم حقوق المرأة المدنية والديمقراطية والاجتماعية،واشاعت الولاء دون الوطني شئنا ام ابينا عندما تجرد القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لأشاعة الآراء الفقهية المختلفة"العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية،حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم،وينظم ذلك بقانون"وهذه المادة تنفي انجازات قانون الاحوال الشخصية رقم(188)لسنة 1959.
   ما ينطبق على حقوق المرأة ينطبق على حقوق الطفل بأعتباره عضو اساسي في المجتمع!ولابد من تشريع المواد القانونية التي تحمي الطفل:حق الطفل في دعم اقتصادي محدد بغض النظر عن دخل العائلة الاقتصادي ومن ولادته الى بلوغه سن الرشد،حق الطفل في الحصول على مكان في دور الحضانة ورياض الأطفال المجانية،حق الطفل في الحصول على مقاعد دراسية مجانية من الابتدائية ولغاية الدراسة الثانوية،منع الأغتصاب والاعتداء الجنسي لكلا الجنسين واعتباره جناية يحاكم عليها القانون،منع القهرالاجتماعي والضرب في التعامل من قبل العائلة وكل مؤسسات المجتمع،منع التسول وتشغيل الاحداث في كل مؤسسات المجتمع واعتباره جنحة يحاسب عليها القانون.
   تفرض الحريات السياسية والحقوق المدنية وحقوق الانسان نفسها بوصفها حاجة واقعية ومطلبا سياسيا ومسألة عملية مهما اشاحت عنها الآيديولوجيات  الشمولية التي ترجأها الى مستقبل بعيد،ولم تر فيها المدخل الضروري لتحقيق اهدافها الكبرى لاسيما حين يكشف حاملو هذه الآيديولوجية او تلك انهم خسروا الاهداف الكبرى وخسروا الحريات السياسية والحقوق المدينة والحياة الدستورية وحقوق الانسان والمواطن معا.
   الانتقال من مفهوم الملة الى مفهوم الامة يتوقف على علمنة المجتمعات وتحديث بناها واطلاق الحريات السياسية والحقوق المدنية على اساس من المساواة واطلاق حرية الفرد وحقوق الانسان بضمانات دستورية وقانونية.وعليه ترتبط العدالة الاجتماعية ويتطور مفهومها رقيا مع رفع شأن حقوق الانسان واقامة المؤسساتية المدنية واعتماد التعددية السياسية والفكرية والتداولية عبر ارساء الحياة الدستورية الديمقراطية ووضع حد لنظم الطوارىء والاحكام العرفية والاجراءات الامنية والاعتقالات الكيفية!وتستهدف حركة حقوق الانسان تمكين كل فرد من الدفاع عن حقوقه بنفسه او بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني المختلفة التي تتصدى لهذه المهمة،والحذر من الوقوع اسرى الرأي العام او الآيديولوجيات والحسابات الآنية والضيقة،وهي تبدأ بالدفاع عن الاضعف والاقل حماية والاصغر عددا باعتبارهم الفئات الاكثر هشاشة وضعفا وتعرضا للخطر.
    الديمقراطية ليست موضة حديث وخلق شعبيات مؤقتة.يقول كارل ماركس:"الانسان الذي يعمل لغيره لا يمكن ان يكون حرا مهما اعطي من حقوق دستورية!.."وينبهنا المنهج المادي التاريخي الى زيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية وحقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية في سبيل تحقيق مصالحه ومطامعه!والعدالة الدولية اليوم تحمي"الحيتان الكبيرة"ولا تجازف بتشويه مصداقيتها العدلية،وتسمح للقوة الأعظم بإعادة نهب الثروة واحتكار تعريف الثروة،اي امتلاك وسيلتي التغيير في المجتمعات الرأسمالية:الثروة والانسان.
   اي حديث عن حقوق الانسان والحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي"الكاتب/هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟"وكذلك"الكاتب/حقوق الانسان..مساهمة في كشف الاستبداد الديني في العراق"وكذلك"تقرير حقوق الانسان في العراق لعام 2010/يونامي".
   استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية
      القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وقد نبهت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية الى ذلك لأن مهمة القضاء فصل الخصومات التي لا يخلو منها مجتمع،وهو تجسيد لصورة القانون في اتم وجه.ولا يكفي اقرار القوانين سلامة الحياة الاجتماعية وكفالة نظامها.وفي"مبادئ الامم المتحدة الاساسية بشأن استقلالية السلطة القضائية"لسنة 1985  ورد 20 بند ومبدأ حول استقلالية القضاء وحرية التعبير وتكوين الجمعيات والمؤهلات وشروط الخدمة والحصانة والسرية المهنية والعزل"الكاتب/القضاة وحرية اصدار الاحكام في العراق". 
   تعزيز السلم الاهلي والعدالة الاجتماعية وضمان عدم تواجد اي كان فوق القانون"فارس حامد عبد الكريم/العدل وفكرة المساواة القانونية والمساواة الفعلية"تستلزم القضاء المستقل القوي البعيد عن الوشائج الاصطفائية واللوبية الضاغطة،ويعتمد على الرموز القضائية التي تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية(لا الرموز الاجرامية وسيئة السمعة والسيرة والسلوك"الكاتب/بارادوكس معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد")،وتعميق منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية،وتعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام.وفي العراق يتطلب ايضا اعادة بناء واصلاح وتأهيل المنظومة القضائية وترميم ماهدمته السلطات البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي!"سالم روضان الموسوي/دور القضاء العراقي في تعزيز السلم والأمن الاجتماعي".
   من اهم مقومات انبعاث المجتمع المدني هو الفصل بين الدولة والمجتمع والفصل بين السلطات الثلاث:التشريعية والتنفيذية والقضائية.ان اهم اساس في بنيان المجتمع المدني هو القانون او السلطات القضائية او دولة وسلطات القانون.فالمعايير القانونية صمام امان الحريات والتعددية السياسية والفكرية والحزبية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وآليات النظام السياسي الشرعية وبضمان الدستور.كتب ماركس عام 1842:"حرية التجارة،حرية التملك،حرية الضمير،حرية الصحافة،حرية القضاء..هذه كلها انواع لأصل واحد متشابه هو الحرية بدون اي اسم محدد".ويؤكد(محمد عابد الجابري)ماهية المجتمع المدني بأنه الإطار الذي تنتظم فيه العلاقات بين أفراده على أساس الديمقراطية ويمارس فيه الحكم على أساس أغلبية سياسية حزبية وتحترم فيه حقوق المواطن وتقوم فيه دولة المؤسسات بالمعنى الحديث للمؤسسات:البرلمان والقضاء المستقل والاحزاب والنقابات والجمعيات..الخ.
    تعني نظرية فصل السلطات الدستورية"سالم روضان الموسوي/الدستور والقضاء والتوازن"الاستقلالية والحرية للسلطة القضائية بما يتيح لها ممارسة دورها المهم في بناء دولة القانون وترسيخ مبادئ العدالة،وقدرة السلطة القضائية على الحركة وحرية الأداء والتطور ضمن دائرتها،وعدم تأثرها بالمواقف السياسية للسلطة التنفيذية،ودون ان تتقيد بمراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية او تدخل اي منها في عملها او في قراراتها.وتضمن الاستقلالية القضائية ضمان حقوق الناس وحرياتهم ومنع السلطات الاخرى من التدخل في اعمال القضاء او اغتصاب سلطته عبر سطوة كبار موظفي الحكومة وممثلي البورجوازية البيروقراطية والكومبرادورية والطفيلية وكبار المقاولين،اي ضمان دفع اي اختلال يساور الاجهزة القضائية في مواجهة التدخلات غير المشروعة والتي قد تدعمها بعض القوى المؤثرة في المجتمع وفي مواقع اتخاذ القرار بغرض ارباك العدالة الاجتماعية وتجاوز موازين الحق وتأويل نصوصه الى غير مراميها.بمعنى اخرى تضمن الاستقلالية القضائية التزام المؤسسة القضائية بالحيادية وعدم الانحياز لأية جهة كانت،وعدم اخضاع المؤسسة القضائية او قراراتها ليس فقط للسلطة التنفيذية وانما حتى للمصالح الخاصة والسياسية منها،وبالتالي عدم تمكين تلك المصالح من النفاذ داخل جسد القضاء،وتمكنها من احداث شروخ تحرف القضاء عن مسار الاستقلالية والحياد التي تتطلبها العدالة والقانون.
     وتضمن الاستقلالية القضائية ليس فقط قدرة القضاء في التطبيقات القانونية السليمة للقوانين،وحسم القضايا وتطبيق معايير العدالة والقانون بحيادية وعدالة،وانما قدرة المواطن من مقاضاة اي مركز من مراكز السلطتين التشريعية او التنفيذية امام القضاء في حال شعوره بخرق الدستور او العمل بما يخالف النصوص القانونية...كل ذلك يستلزم جملة من الضمانات الاساسية للقاضي تمكنه من مقاومة الضغوط التي قد تسلط على خياراته واختياراته بمناسبة تعيينه او ترسيمه او استكمال مقومات هيبته واحترامه وحياديته ونزاهته الامر الذي يساعده على تركيز السلامة والعدالة الاجتماعية وتنشيط عوامل النهضة في المجتمع.وعليه القضاء كمصدر للقانون هو استقرار المحاكم وتقدمها المستمر في السير على قواعد معينة،وتشمل السلطة القضائية مجموع المحاكم الموجودة في الدولة لتطبيق مجموع الاحكام التي تصدرها في سبيل فض النزاعات بين الناس.
     اكدت المادة (84) من الدستور العراقي الدائم الجديد على"ان السلطة القضائية مستقلة،وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها،وتصدر احكامها وفقاً للقانون".وجاء في المادة (85):"القضاة مستقلون،لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون،ولا يجوز لاية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة".لكن الدستور العراقي الدائم لم يكن معصوما من الخطأ والانتقادات لتفتح المادة (89) الباب امام رجال الدين(خبراء في الفقه الاسلامي)لأشغال عضوية المحكمة الاتحادية العليا!المختصة اساسا بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور،والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية..الخ"الكاتب/الانفراج السياسي والتعديلات الدستورية في العراق".
   نحو موقف منصف ومعين تجاه اللاجئين والنازحين 
    تتبوأ موضوعة المهجرين واللاجئين والنازحين صدارة قضايا العنف والاضطهاد والتمييز وتهيمن على الادب السياسي كمعضلة كبيرة تواجه العديد من الدول!والاسباب التي دفعت وتدفع الملايين الى الهجرة والترحال القسري،ومهما اختلفنا في تحديد جذورها وتشخيص المسؤولين عنها وتباينت الآراء بصددها،تبقى خطيرة.
    "التهجير الاحترازي"مفهوم يعني الهجرة الطواعية كمحاولة استباقية لتفادي المخاطر المقبلة،وتلجأ اليه مئات الآلاف من العائلات بسبب الذعر والترويع!فتعلن عن بيع بيوتها بأي سعر متوفر،بينما ترغب اخرى بتأجيرها على امل ان تعود اليها بعد تحسن الوضع الامني،وتبيع العائلات الغنية دورها السكنية مع كامل اثاثها بأسعار رخيصة جدا.وتساهم الاشاعات المقصودة منها او العفوية بتأجيج حالة الفزع واتساع خارطة التهجير الامر الذي يؤدي الى تهجير آلاف العوائل وتشتيتها داخل البلاد وخارجه.وتخضع عمليات التهجير الاحترازي في اطارها العام الى"أهداف ومصالح"واجندات،وتجري على مستوى التطبيق الميداني اساليب تهديد مباشرة وعلنية وبشتى السبل لتتسبب في نشر الذعر العام ولتتوسع السوق الرائجة لأصحاب الغرض السيئ وللعصابات الخارجة عن القانون التي لا تترك وادي الا وتسلكه،لترحل الكثير من العوائل"احترازيا"واستباقا للوقت ليكونوا اصحاب المبادرة قبل ان تفرض عليهم وتكون القضية بين الحياة والموت.وعليه التهجير الاحترازي هو تهجير قسري!
    التهجير القسري شكل من اشكال التطهير الذي تقوم به حكومة ما او مجموعات متعصبة تجاه مجموعة او مجموعات اثنية لاخلاء اراضي محددة لصالح نخبة او فئة معينة!ويندرج ضمن جرائم الحرب والابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وفق مفاهيم القانون الدولي والانساني والتي لا تسقط بالتقادم حسب اتفاقية"عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية"لعام 1968!فهو جريمة حرب باعتباره من الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة في اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12/8/1949 وبروتوكولاتها لعام 1977،وحظرت المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 النقل القسري الجماعي او الفردي للمواطنين او نفيهم من الاراضي المحتلة الى اراضي دولة الاحتلال او الى اراضي اية دولة اخرى.كما اعتبر البروتوكول الاضافي الاول لعام 1977 الترحيل او النقل القسري داخليا او خارجيا من الانتهاكات الجسيمة لذلك البروتوكول.كذلك درجت مواثيق المحاكم الجنائية الدولية،ومنذ ميثاق نورمبرغ بالنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية،على اعتبار التهجير القسري جريمة حرب.
  في العراق،وفق يونامي فأن النازحين منذ كانون الثاني 2014 كانوا معرضين للخطر الدائم والقسوة البالغة احيانا بسبب سوء الاوضاع الامنية ومخاطر التهديد والوعيد،وهم بحاجة الى مأوى ومساعدات انسانية اساسية وحماية في اكثر من 1500 موقعا في كل انحاء البلاد.ووفق تقديرات الامم المتحدة فأن اكثر من خمسة ملايين و200 الف شخص في حاجة للمساعدة في عموم البلاد،بعد ان اجبرت احداث العنف الداعشية اكثر من 200 الف شخص على مغادرة منازلهم قسريا،مشيرة الى تسجيل اكثر من 100 الف عراقي كلاجئ في البلدان المجاورة فضلا عن مليوني شخص مهجر في الداخل.هناك نحو مليون ونصف المليون شخص متواجد في مخيمات النازحين واكثر من مليون و400 الف شخص يعيشون في مناطق ينشط فيها القتال حيث يكون وصولهم للخدمات الاساسية محدودا جدا،فضلا عن وجود 220 الف لاجئ عراقي فروا من سوريا!وان اكثر من 900 الف شخص قد وجدوا لهم ملجأ في اقليم كردستان العراق،والجميع بحاجة ماسة الى مساعدات.
    ومع اسهامة المنظمات والهيئات الدولية ذات العلاقة والمنظمات الانسانية في تنظيم النشاطات الضاغطة لمنع انتهاكات حقوق الانسان في العراق وايصال المواد الأساسية والغذاء والدواء الى النازحين!فأن الحكومة المالكية"نسبة الى رئيس الحكومة الاسبق نوري المالكي"قد تعاملت مع التهجير القسري بانتقائية عالية ليتركز الحديث عن التهجير قبل نيسان 2003 وتتجاهل كوارث النزوح الداخلي والهجرة بعد هذا التاريخ!لقد تعاملت بإزدواجية منقطعة النظير مع ملف التهجير القسري،وطغى التسييس والكمون الطائفي على بياناتها لتتعمد السكوت والتغاضي والتقليل من الاهمية والتوظيف السياسي.
    لا يمكن فصل عمليات التهجير الداعشية عن عمليات التهجير واسعة النطاق التي تمت في الأعوام 2006 و2007،وعمليات التهجير المحدودة قبلها وبعدها.ولا يمكن الفصل بين عمليات التهجير هذه وطبيعة الصراع السياسي في العراق بعد عام 2003 ونظام المحاصصة السياسية الطائفية!وغياب البرامج الحكومية والمشاريع الوطنية لتحقيق العدالة والاستراتيجيات طويلة الأمد لمعالجة الاوضاع السيئة وظروف القهر والعوز التي يعاني منها النازحون،وتقديم كل الرعاية والدعم والاسناد لاعادة تأهيلهم واندماجهم بالمجتمع واعادة البسمة الى شفاه الاطفال والفرح والدفء الى تلك العوائل التي عاشت فصول المآسي المرعبة،وتقديم المنح والمساعدات وتسهيل طرق تقديمها بعيدا عن الروتين الطويل،وتأمين عودة المهجرين الطبيعية الى مناطق سكناهم وديارهم وبيوتهم وحمايتهم من تهديد او ابتزاز من شغل هذه البيوت طوال فترة التهجير.ان تأمين عودة الجميع الى مناطقهم وبيوتهم،وحفظ املاك وبيوت المهاجرين والمهجرين وحمايتها،وتأمين الرعاية الكريمة لحياة هذه الملايين من ابناء شعبنا،انما هو واجب وطني مقدس،وان القلوب والعيون تصبو نحو كل موقف منصف ومعين.
    وفق الاحصاءآت البيانية ادناه فقد كانت اعلى نسبة للعوائل النازحة عام 2010 تقع في محافظة نينوى،اي قبل الغزو الداعشي للمحافظة،الا انه يلاحظ نقصان اجمالي العوائل النازحة قياسا بالعام 2009 بنسبة – 14.05%.بينما ضمت محافظة البصرة النسبة الاعلى من العوائل العائدة وادنى نسبة كانت في محافظة كربلاء!

 
"المصدر:المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء"
 
   
   تعرضت الاقليات الى عمليات نزوح وتهجير قسري نتيجة الأوضاع الامنية غير المستقرة في المناطق الساخنة لاسيما في محافظتي بغداد والموصل،والبعض منهم وجد ملاذاً آمنا خارج العراق والبعض الآخر توجه نحو اقليم كوردستان العراق،والاعداد التي شملتها اعمال التهجير هي اكثر بكثير من الاحصاءآت الرسمية للحكومة العراقية التي تتعمد التعتيم بسبب جسامة الكارثة!وتورط الميليشيات التي تتغاضى عنها الدولة في اعمال التهجير!ووفق ذلك فأن عدد العوائل النازحة من عوائل الاقليات قبل الغزو الداعشي(المسيح، الصابئة، الايزيديين، الشبك) هم (7251) عائلة، اما في عموم العراق فبلغ عدد العوائل المهجرة والنازحة (165069) عائلة.
جدول يمثل عدد عوائل المكونات النازحة والمهجرة قسريا عام 2012
"احصاءات النزوح والعودة/وزارة الهجرة والمهجرين/الموقع الالكتروني  www.momd.gov.iq"

ت   المكونات   عدد العوائل المهجرة
1   المسيحيين   6231
2   الصابئة المندائيين   353
3   الايزيديين   289
4   الشبك   378

  ان جميع الاحصائيات المقدمة من وزارة الهجرة العراقية ومنظمات الهلال الاحمر وشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة والجمعيات الخيرية منذ بداية عام 2014 تعد ارقاما تخمينية،لأن جميع الجهات تعجز عن الوصول الى كافة الأماكن التي سكن فيها النازحون اثر الارهاب والغزو البربري الداعشي،الا ان الرقم يقترب من 2 مليون نازح في عموم العراق من اجمالى 33 مليون عراقي،وتستحوذ محافظة الانبار على ثلث العدد تأتي بعدها محافظة صلاح الدين التي ضرب النزوح بها مدن بيجي وتكريت والدور تحديدا،وتليها محافظة نينوى التي طال التهجير فيها الاقليات،في حين طالت عمليات التهجير عددا من مدن محافظة ديالى ومنها المقدادية وبعقوبة وقرى نائية،بينما تركزت اعمال التهجير في العاصمة بشكل اكبر على المناطق المحيطة بها التي تسمى حزام بغداد"النزوح العراقي يؤسس لمدن اشباح في البلاد/المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي".
   يؤكد د.كاظم حبيب ان عدد السكان من الصابئة المندائيين تقلص من 70000 نسمة الى 5000 نسمة لا غير،والكثير ممن تبقى منهم يعيش باقليم كردستان وليس على ضفاف نهر الفرات،موطنهم الاصلي.وان عدد المسيحيين بالعراق انخفض من 1.5 مليون عام 2003 الى 450000 نسمة عام 2013،و250000 نسمة ربيع 2014،و150000 نسمة بعد اجتياح الموصل،ومن تبقى منهم موزعون على اقليم كردستان العراق بشكل خاص وبغداد،في حين فرغ جنوب العراق منهم.وهذه حال الايزيدية والشبك وتركمان تلعفر"كاظم حبيب/التضامن الانساني حاجة انسانية ماسة وملحة في اوضاع العراق،وطننا المستباح".
  ان تأمين عودة الجميع الى مناطقهم وبيوتهم،وحفظ املاك وبيوت المهاجرين والمهجرين وحمايتها،وتأمين الرعاية الكريمة لحياة هذه الملايين من ابناء شعبنا،انما هو واجب وطني مقدس،وان القلوب والعيون تصبو نحو كل موقف منصف ومعين.
   افضل السبل الكفيلة لاستثمار العائدات النفطية
  النفط هو المصدر الرئيسي للطاقة في العالم،وتمتلك العائدات النفطية التأثير المباشر على ديناميكية اقتصاديات البلدان المنتجة للنفط،ومنها العراق،لأنها  اساس التمويل الاستثماري والصرفيات الحكومية،وتوفر العملة الصعبة اللازمة للايرادات والبرامج الانمائية والنقد الضروري لحيوية اقتصادياتها الوطنية"انظر:سامان سيبيهري/الجغرافيا السياسية للنفط/ مركز الدراسات الاشتراكية/2001".
  النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه في العراق وشم بالاهدار وسوء ادارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية ومشاريع الابهة الكبرى والتسلح والكوارث،وضعت بلادنا في حال اشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية تارة والاحتلال تارة ثانية والخضوع لضغوطات الثالوث الرأسمالي العالمي تارة اخرى،ووجهت اقتصاديات البلاد وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الاسعار والاجور والرواتب لاعادة انتاج اوضاع التخلف والتبعية عبر عمليات السوق الاعتيادية وخلقت عماء السوق!"راجع:فيليب سيبيل لوبيز/جيوبوليتيك البترول/ترجمه من الفرنسية: د. صلاح نيّوف".
   ليست القضية النفطية مجرد عمليات تجارية،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والمضي في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
   وبعد مضي قرابة عقد على استلام الطائفية السياسية مقاليد السلطة،واتباعهم سياسات اقتصادية انتقائية ونفعية غير مدروسة وغير مفهومة،تتميز بغياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!شهدت البلاد تعمق السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،بل لم يعد الاقتصاد العراقي ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه.لقد ازداد الاعتماد على العائد النفطي الذي يمثل في المتوسط اكثر من 90% من ايرادات الموازنة العامة وحوالي 60% من الناتج المحلي"راجع:د.صبري زاير السعدي/الاقتصاد السياسي لتنامي قوة النفط في العراق"وكذلك"مظهر محمد صالح/امثلية باريتو المحيرة والدولة الريعية الديمقراطية"وكذلك"خطة التنمية الوطنية 2013 - 2017"و"راجع:د.صالح ياسر/جذور الاستعصاء الديمقراطي في الدولة الريعية/7 حلقات".
   القطاع النفطي،بسبب السياسات النفعية للنظام الدكتاتوري والاوضاع والتعقيدات الامنية وتفاقم الارهاب،والصراع الدائر حول شكل ومضمون الدولة العراقية الجديدة،يعاني جملة مشكلات وصعوبات حالت دون احداث نقلة نوعية في نشاطه،تسهم في بناء شبكة من الصناعات الامامية والخلفية.ولم يكن خافيا على احد ان النفط شكل اهم ركائز ودوافع العمل العسكري الذي تزعمته الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق والذي انتهى باحتلال العراق كليا الى جانب العنوان العريض لنشر الديمقراطية.ومن الطبيعي ان ينصب جهدها الرئيسي على ترتيب مقدمات الغاء كل القوانين السابقة في مجال السيطرة الوطنية على قطاع النفط باعتباره المصدر الأساس للدخل القومي في العراق،ابتداء من تعويم آلية الأسعار مرورا باهمال عملية تحديث البنية التحتية لقطاع النفط وحتى عقود الخدمة الجديدة،حالها حال نظم المشاركة،هي الاخرى انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة!الحكومة العراقية تضيع التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وتعيد سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية.
 
"راجع:د.بارق شبر/مؤشرات الاقتصاد الكلي 2003 - 2013"

 
    انصار ما يعرف بتوزيع جزء من عائدات النفط مباشرة على المواطنين يجادلون بأن التحويلات النقدية المباشرة ستعمل وبسرعة جدا على القضاء على الفقر المدقع وستزيد من ولاء المواطنين للدولة في بلد مقسم الى طوائف ومذاهب واعراق.ومنتقدو هذه الخطوة يقولون ان التحويلات النقدية المباشرة ستؤدي  ببساطة الى ارتفاع معدلات التضخم وتحفيز الاستهلاك والحد من الانفاق الحكومي على خدمات البنية التحتية والتعليم والصحة،ويجب ان يقرر البرلمان الأموال التي يجب ان تخصص للانفاق على الرواتب والخدمات والرعاية الاجتماعية.وفيما تجادل الحكومة وتبحث في افضل السبل الكفيلة باستثمار العائدات النفطية،فليس لدى المواطن سوى ان يحلم بالرفاه الذي ستجلبه اموال النفط على البلاد بعد ان عاش سنوات طويلة من الحرمان.
   التوازن بين ملاحقة الفساد والميليشيات وتأمين العدالة الاجتماعية
    الفساد ارهاب ابيض!تمييزا له عن الاسود او التقليدي!والارهاب هو الرعب والتخويف الذي تقوم به دولة او مؤسسة او منظمة او شخص او افراد وجماعات لتحقيق اغراض او اهداف محددة!اي كل فعل عنف سياسي موجه حصرا ضد المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وحتى الدولة مهما كانت الشرعية التي يتذرع بها!والرهان على مكافحة الفساد يعادل الرهان على مكافحة الارهاب،فهما وجهان لعملة واحدة،يغذي احدهما الآخر ويمده بالحياة والاستمرارية.والفساد مؤسسة لها ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني.والفساد جريمة لا تضبط بسهولة لانها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالاخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر،وعندما تسود فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ونهوض الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية بديلا عن القانون"راجع:الكاتب/بنية الفساد المركبة في العراق"و"الكاتب/مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق".
   ولثقافة الفساد ابعد الآثار السلبية على العملية الاجتمااقتصادية،تزدهر مع انتعاش"بيزنس الحرب"والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية،تزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط.ومن عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية،غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية،الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف والجهل وانتعاش الولاءات الضيقة!
    وتقوم سلطة الولاءات الضيقة بتسويق بضاعة الفساد ومراتبه وارستقراطيته وعصاباته السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة الميليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيمه وروابطه وبانعزاليته،وهي تجد في تسعير الخلافات السياسية ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم مؤسسة الفساد،التي تكدس الثروات عبر تنمية ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة اخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة وعبر غسيل الاموال..الخ.ومؤسسة الفساد المستفيد الاول من الظروف الامنية الغاية في الخطورة،وهزال الاداء الحكومي والتخبط السياسي،وشيوع مظاهر قسوة الحياة والخوف من الغد والمستقبل والبطالة الواسعة وانتهاكات حقوق الانسان!ومؤسسة الفساد لا تطلب شيئا اليوم سوى الالتزام النفسي بها والاحتماء في ظلها وتحت خيمتها،الايمان بها اعتبارها شعب الله المختار!ويلعب سلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الفساد وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
   من اجل تجذير حماية النزاهة ومكافحة الفساد ومحاربته اعتمادا على ما اتخذته الحكومة من قوانين مؤسساتية وتشريعية واستنادا الى ما اصدره المجلس المشترك لمكافحة الفساد من تعليمات وتوصيات وضعت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد على المدى الطويل للعمل على تنفيذها وتطبيقها للاعوام 2010 – 2014"راجع:رعد كاظم غيدان/الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد في العراق 2010 – 2014"،الا ان عدم الجدية وتغييب الارادة السياسية والوطنية والتأخر في اقرار الموازنة الحكومية والارهاب الداعشي حال دون الاخذ بالاستراتيجية التي تركت فوق رفوف المكاتب!   
    ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل الرشوة Bribery المحاباة Favoritism والمحسوبية Nepotism والمنسوبية والزبائنية (Clientélisme - Patronage) والاكراه والترهيب والاستغلال والاحتيال والتزوير والابتزاز Mailins Black وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة  Wastaبهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا،وجماعات الضغط اللوبية Lobby،والعصابات المافيوية-الميليشيات MAFIA.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!الفساد،حاله حال الطائفية السياسية،قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع!
   يذكر ان تقرير اميركي قد افصح اوائل عام 2009 ان الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق الحد ا

6
التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالاحياء الكاملة خارج اطار المدن،بينما تكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الأدنى من الحياة الكريمة.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
   العراق السابح فوق بحيرات النفط والمفتون بالثورة والمشاكسة والتائه بين بساتين النخيل والغابات والمتعمد بنهري دجلة والفرات وشط العرب لازال اكثر بلدان الخليج والبلدان العربية فقرا و بؤسا،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة.ويقبع العراق في الصدارة من حيث عدم الاستقرار والفقر،وتقدم في ذلك حتى على السودان والصومال والتشاد وزيمبابوي.وتشير نتائج المسوحات الاجتماعية الى ان اكثر من ثلث عدد سكانه يعيشون تحت خط الفقر،حيث تبلغ نسبة الفقر 40%من اجمالي عدد السكان بينما يعيش 10%من ابناء الشعب في فقر مدقع بسبب الاعمال الارهابية الاخيرة لتنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش)،وان النسبة الاكبر من الفقراء تتركز في المناطق الريفية!اما اكبر نسبة من الفقراء اليوم فهم من محافظات نينوى وديالى والانبار وصلاح الدين وبابل والمثنى،وان حوالي خمسة ملايين عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد على اساس  تعادل القوة الشرائية لعام 1985!وحسب وكالات الامم المتحدة فان النسبة المئوية للعراقيين الذين يعيشون بأقل من دولار امريكي واحد/اليوم يتجاوز ال 50%من المواطنين مما يعني ان العراقيين لازالوا يعيشون وضعا اقتصاديا مزريا.
    العوز والفاقة،يعيش في كنفهما سكان الريف الذين يعانون من تدهور الانتاج الزراعي والجفاف والصعوبات الحياتية التي لا حد لها واعتمادهم اساسا على مفردات البطاقة التموينية،هذا ان وصلت اليهم كاملة،وباوقاتها،وغير مغشوشة.انتاجهم الزراعي،رغم شحته لا يستطيع منافسة المستورد لعدم وجود الحماية والدعم.
جدول يعرض نسب الفقر حسب المحافظات
"المصدر: وزارة التخطيط/الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر بالتعاون مع وزارة التخطيط في اقليم كوردستان/ لسنة 2009"

ت   المحافظة   نسبة الفقر
1   دهوك   

3-13%
2   اربيل   
3   سليمانية   
4   كركوك   
5   بغداد   
6   نينوى   
14-27%
7   ميسان   
9   النجف   
10   الانبار   
11   ديالى   

28-37%
12   واسط   
13   ذي قار   
14   البصرة   
15   القادسية   
16   كربلاء   
17   صلاح الدين   
28-37%
18   بابل   
19   المثنى   

   لم يكن سكان الريف وحدهم من تحاصرهم آفة الحاجة وضيق اليد،بل كذلك سكان المدن الهامشية المنتشرة في اغلب ضواحي المحافظات ومعسكرات النازحين حيث تعشعش مختلف الامراض بسبب نقص الخدمات وانعدامها،وعدم وجود مراكز صحية،ونقص المدارس،وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة،فضلا عن المطالبة بالماء الصالح للشرب،انظر الجدول ادناه.ويبين الجدول اعلاه ان محافظات المثنى وبابل وصلاح الدين تقبع في صدارة المحافظات العراقية من حيث النسبة المئوية للفقر عام 2009،ويقينا ان الانبار ونينوى وديالى دخلت سباق المنافسة هنا بسبب الاحتلال الداعشي والاعمال الارهابية عام 2014!
جدول يبين أهم مؤشرات الفقر في العراق وقيم الانفاق
"المصدر: وزارة التخطيط/الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر بالتعاون مع وزارة التخطيط في اقليم كوردستان/ لسنة 2009"

المؤشر   القيمة
خط الفقر
(الف دينار/فرد/شهر)   الغذاء   34.3
   غير الغذاء   42.6
   الاجمالي   76.9

نسبة الفقر (%)   الحضر   16.1
   الريف   22.9
   الاجمالي   39.3
عدد الفقراء
(مليون نسمة)   الحضر   3.5
   الريف   3.4
   الاجمالي   6.9

فجوة الفقر (%)   الحضر   2.7
   الريف   4.5
   الاجمالي   7.2

    لبرامج الاصلاح الاقتصادي الآثار السلبية على الطبقات الفقيرة في المـدى القصير على الأقـل"راجع:د.رائد فهمي/ملاحظات حول مشروع قانون الاصلاح الاقتصادي الاتحادي"،وتنزلق الطبقة المتوسطة من جرائها ضمن دائرة الفقر،وموضوعة تخفيف الفقر تبقى غير كافية دون البناء المتواصل للقدرات البشرية وزيادة الخيارات امامها للاستفادة من قدراتها المكتسبة.ترسخ برامج الاصلاح الاقتصادي سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة يهدد الانسجام الاجتماعي ويبقى فرص العمل ضعيفة،ومما يزيد الطين بلة رفع الدعم الحكومي عن اسعار السلع الاساسية استجابة لضغوطات الغرب الرأسمالي!
   محاصرة الفقر ومعالجة مسبباته والتخفيف من آثاره المدمرة ليست فقط حاجة انسانية ملحة بل صمام امان اجتماعي.فالفقر يعتبر شكلا من اشكال الاقصاء والتهميش وعائق امام الديمقراطية يمس بكرامة الانسان،وهو انتهاك لحقوق الانسان،ومنها الحق في العمل والدخل المناسب والعيش الكريم والضمان الاجتماعي والصحة..الخ،وهي حقوق اقتصادية واجتماعية اساسية.الفقر هو الوجه الحديث للعبودية.
   البطالة مصدر نشيط من مصادر التوتر الاجتماعي
    البطالة ظاهرة متميزة بين جملة الازمات والاشكالات السلبية التي تواجهها الشعوب اليوم من دون حلول مقنعة،وهي تمثل مأساة حقيقية تهدد المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية كافة.كما تمثل البطالة في تداعياتها المتنوعة مصدرا نشطا من مصادر التوتر الاجتماعي ومن اسوأ مصادر ازمات العلاقة بين السلطات والمجتمع،وبجملتها هي نذير شؤم يتهدد الروابط والبنى المؤسساتية.البطالة بكل اشكالها البشعة،هي في حقيقتها نموذج سيئ من نماذج الهدر المتعسف والمفرط للموارد البشرية الفاعلة،وهي الظاهرة السلبية الاكثر ايلاما للفرد وللمجتمع وللدولة على السواء،الامر الذي يضعها في مكان الصدارة من جميع البرامج والخطط الوطنية التي تهدف الى النهوض بالمجتمع وتأهيل الاقتصاد الوطني وخلق المقدمات الضرورية لتنمية مستدامة والتصدي لمعضلاتنا المزمنة.
     تتزايد الوطأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبطالة،كلما تركزت في المتعلمين وفي الفئات العمرية التي تندرج تحت تصنيف الشباب،حيث تكون الطاقة المهدرة من عنصر العمل اكثر كفاءة وقدرة على العمل وحيويتها السياسية تكون الاعلى،ويكون استعداد هذه الفئات للعنف السياسي والجنائي اعلى بحكم السن الصغيرة والخبرة الحياتية المحدودة والاحباط الشديد الذي تولده حالة التعطل التي تصدم كل طموحات التحقق للشباب،بعنف وبلا هوادة،فضلا عما تخلقه من نقمة من جانب الشباب المتعطلين تجاه الدولة المقصرة في حقهم وتجاه المجتمع عموما،واحيانا تجاه الطبقة العليا من رجال الاعمال الذين ينظر اليهم الكثيرون على انهم يملكون الكثير وتقدم لهم الدولة الكثير في الوقت الذي لا يقومون فيه بدور مؤثر في تشغيل الاقتصاد وخلق فرص العمل.وعند الحديث عن البطالة،لابد من التطرق ايضا الى نسب البطالة المقنعة المرتفعة بسبب العمالة غير المنتجة في سبيل الحصول على الرواتب فقط والعمل في وظيفتين فاكثر واغتصاب رواتبهم!
   السياسات التشغيلية في الكثير من البلدان لازالت دون مستوى الدعم الذي تقدمه منظمة العمل الدولية لتطوير الشراكة الاجتماعية بالصيغة التضامنية لتوسيع الانشاءات الوطنية واستقطاب الرساميل الاجنبية وخلق فرص العمل الفعالة لتقليل الفقر ومكافحة البطالة وتطبيق برامج تأهيل وتدريب القوى العاملة وتنشيط سوق العمل وتنويع المهارات بما ينسجم والطلب على قوى الانتاج وتحديث تشريعات العمل الوطنية بما يتلائم والتجارب العالمية ومعايير العمل الدولية.
   تؤدي زيادة السكان وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وسوء التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب العطالة الى رفع معدلات البطالة.وتتركز البطالة بصورة اساسية بين شريحة الشباب الذين تقل اعمارهم عن 25 عاما،والبطالة المقنعة تتركز بين الخريجين الذين يعملون في مهن اخرى لا تليق بهم!وتنتشر في المدن الشركات ومكاتب التشغيل غير المرخصة التي تدعي انها تعمل على تشغيل المواطنين لكنها في الحقيقة تمارس ابتزازا للاموال وانتهاكا للكرامة الانسانية.
      تضع الحكومات قضية البطالة وكأنها تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية او الاجتماعية بخلقها او زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها والمساعدة في خلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!وترجع اسباب فشل المشروعات المتناهية الصغر الى عدم الجدية،عدم الكفاءة،عدم الخبرة بالسوق الى آخره من العدميات التى تلقى بالمسؤولية مرة اخرى على الافراد وليس على الاداء الاقتصادى للمجتمع الذى تديره الدولة وتكيفه،ولا توجد بدائل حقيقية لدى هذه الحكومات.لا يتم النظر للعاطلين من زاوية انهم قوة اجتماعية بامكانها الانتاج ومعطلة رغم ارادتها،ولا ترى الحكومات الخلل في توجهاتها الاقتصادية التى تعيد انتاج البطالة حيث يتم النمو باتجاه القطاعات غير المنتجة مثل الخدمات والسياحة والتجارة والقطاع المالى والاتصالات والمعلومات في مقابل ضعف الاستثمار في القطاعات الانتاجية.
معدلات البطالة للسكان بعمر (15- 24 سنة) حسب النوع للفترة 1990- 2008
السنة   الإناث   الذكور   المجموع
1990   6.3   7.2   7.1
2004   37.2   46.0   43.8
2005   28.8   31.6   29.6
2006   32.5   29.7   30.3
2008   28.18   31.3   30.7

   في العراق اليوم،تفتقد الحكومة الى برامج فعالة لمواجهة البطالة والتزامها بتعيين الخريجين الجدد والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد لسوق العمل.وينعكس الخلل بالسياسة الاقتصادية في استمرار ارتفاع معدلات البطالة والتضخم،وما ينجم عنه من ظروف معيشية شاقة لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا.فالبطالة لا تزال احد التحديات الكبيرة التي تواجه عملية التنمية في العراق حيث تتزايد اعداد العاطلين عن العمل،لاسيما من الشباب.وتذكر احصائية لوزارة التخطيط ان نسبة البطالة تشكل 15% من القوى العاملة،وتتجاوز نسبة البطالة الناقصة(العمل بساعات قليلة،تحت مستوى 35 ساعة اسبوعيا)معدل 30%.ويذهب البنك الدولي ابعد اذ يقدر نسبة البطالة بحوالي 39% فيما يعاني ربع السكان من الفقر الشديد،بينما تؤكد احصائيات دولية اخرى ان مستويات البطالة قد تجاوزت معدل 50% من مجموع القوى العاملة رغم اعادة المفصولين وتوظيف الكثيرين في الشرطة والجيش،وتجاوز معدل البطالة بين الشبان(تتراوح اعمارهم بين 15 و29 عاماً)ال(57%)،والنسبة مرتفعة بين النساء وتتجاوز(33%).ووفق التقديرات الحكومية هناك نحو(1.406)مليون عاطل عن العمل مسجل بشكل رسمي للفترة من 16/9/2003 ولغاية 31/8/2009.وفي اعلان اخير لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تشرين الثاني 2014 فأن نسبة البطالة في العراق تتجاوز 46% من عدد سكان العراق!التفاوت صارخ في معدلات البطالة بين المحافظات،وتأتي محافظة الناصرية في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة"التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي".
   ولازال دور القطاعات الخاصة والمختلطة والاهلية والتعاونية في هذا المضمار ضعيفا لتواضع طاقتها على التشغيل،بينما يغذي  التشغيل الحكومي تكديس المزيد من البطالة المقنعة المعطلة للاعـمال والمشوهة لمستوى انتاجية العمالة.ويتراجع البعض عن التقدم للتوظيف بسبب التصور بان الواسطة سوف تقوم بدور مهم في تحديد من يشغل الوظائف المعروضة،وبالتالي فان من ليس له واسطة يتنحى عن التقدم للوظيفة..او بسبب الترهل البيروقراطي وبقاء الطلبات فوق الرفوف العالية للتعجرف الولائي.وتبقى البرامج الحكومية حول التدريب التحويلي للخريجين على الحرف المختلفة اهدارا لكل ما انفق على تعليمهم وتدريبهم على حرف لا تحتاج لاي تعليم.هذا فضلا عن ان هذا التدريب لا يعنى تحقيق التشغيل للمتدربين لان ذلك يتوقف على حاجة سوق العمل،وعلى فرص العمل المتاحة فعليا في القطاعات التي تم تدريبهم للعمل فيها.
   لا يجوز سد فجوة البطالة بخلق بطالة مقنعة على حساب الموارد البشرية،وعدم استثمارها بالشكل الصحيح.ان بقاء البطالة من شأنها ان تؤدي الى مزيد من اعمال العنف والخطف والابتزاز والفساد وعدم استقرار للاوضاع الامنية..وهنا لابد من الانتباه الى حقيقة جوهرية وهي التباين الشاسع في مستوى ارتفاع الرواتب،الى جانب تدنيها في مرافق اخرى حد العدم والفاقة والعجز عن سداد متطلبات الحياة،الى جانب عدم استلام اعداد غير قليلة من الموظفين والعاملين في المؤسسات الحكومية وشركات التمويل الذاتي والمتقاعدين رواتبهم ومخصصاتهم ومستحقاتهم المالية المتأخرة منذ اشهر بسبب الضائقة المالية التي تواجهها الدولة.البطالة،مرض سريع العدوى والتأثير في تحويل المجتمع من السكون والصبر والاحتمال الى الانفجار والاندفاع والغضب العارم.
   معدلات البطالة تواصل الارتفاع والبيانات مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.
    فقراء العراق يسددون ديون صدام حسين التي دفعتها له الدول الغربية بطيب خاطر عبر الاجراءات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة العراقية بزيادة اسعار المشتقات النفطية استجابة لضغوط الاعيب شركات النفط الاحتكارية والثالوث الرأسمالي العولمياتي(البنك الدولي WB،صندوق النقد الدولي IMF،منظمة التجارة العالمية WTO)تارة والمماطلة في اصدار التشريعات التي تحل محل قوانين العهد البائد تارة اخرى.ولا غرابة ان تتضخم مساطر العمالة في المدن العراقية،وباتت هذه المساطر الاكثر ملائمة للعمليات الارهابية!وفيالق التسول تزدحم بها ازقة المدن لأنها مهنة رابحة!ان نسبة 70% من الاطفال المتسولين هم من تاركي المدارس.
    ان قضية الفقر ترتبط ارتباطا وثيقا وواضحا بازدياد مستويات البطالة"شاكر عبد الله/البطالة والتشغيل في العراق"،وتشكل العلاقة بينهما تحديا كبيرا للتنمية البشرية،خاصة اذا كانت الاسباب الهيكلية للبطالة تكمن في نمط النمو الاقتصادي المتمحور حول استغلال النفط،وفي خصائص قوة العمل التي ترتفع ضمنها نسبة الشباب في وقت تفتقر الى التدريب اللازم لتلبية احتياجات سوق العمل.يمتاز هذا السوق بالاعتماد شبه التام على القطاع العام في خلق فرص العمل.ان خطر البطالة وتزايد عدد العاطلين عن العمل يتفاقم مع الزمن مما يهدد بتفجر للقوى البشرية العاطلة عن العمل.ان عدم الاستجابة لحاجات التنمية جعل الحكومة العراقية مثلا تدفع الى اسواق العمل بآلاف الخريجين الجامعيين غير المؤهلين مما ساهم في ظاهرة البطالة،ولن تتوقف البطالة عند حدود العمل والعجز عن ايجاد مورد للعيش بل سيكون لها آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخطيرة.
    البطالة بيئة خصبة لنمو الجريمة والتطرف واعمال العنف والارهاب.وينبغي ان تنصب جهود التخفيف من حدة الفقر على معالجة الاسباب البنيوية للبطالة ومعالجة اسباب نقص فرص العمل امام القوى العاملة وتنويع الاقتصاد ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة.ان انتعاش الحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية والقضاء علي الارهاب يقترن بالنجاح المحرز في اعادة البناء الاقتصادي وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدول بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!
   العدالة التوزيعية تستوجب تأمين الخدمات العامة الاساسية
   الخدمات العامة نعمة للشعوب الآمنة المسالمة المتطلعة لغد افضل،لا نعمة فحسب بل ثمرة تكنولوجية حضارية وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث!وهذا يشمل الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والاتصالات السلكية واللاسلكية والانترنيت وشبكات تصريف المياه والخدمات المعيشية الاخرى.الخدمات المعيشية العامة بجوهرها السلمي التقدمي ابتلت منذ ولادتها بالحكومات الاستبدادية في بلدان عديدة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعوب وامتصاص قوتها لا بالقطع المبرمج فحسب بل واستخدامها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للاحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.
   ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بالتصدي غير الانتقائي وغير المسيس لمظاهر الفساد الاداري والمالي،والمعاينة الدائمة لمؤشرات المحاسبة والاستقرار السياسي وفعالية الحكومة والجودة النظامية وسيادة القانون والسيطرة على الفساد!
   ازمات الكهرباء وسوء الخدمات والشلل الذي يصيب القطاعين الصناعي والزراعي هو ما يشغل العراقيين منذ عام 2003 الى جانب التردي الأمني،وبات معلوما لدى كل المختصين بموضوعة ازمة الكهرباء في العراق ان الحكومة العراقية رغم تمشدقها بقرب حل هذه الازمة منذ الخطة العشرية لوزارة الكهرباء عام 2006 والاجراءات اللاحقة وحتى خطة التنمية الوطنية للاعوام 2010 – 2014،لا تملك اية استراتيجية وطنية واضحة وعلمية بعيدة المدى للمعالجة الجذرية لأزمة الكهرباء المستعصية التي باتت وبالا على ابناء الشعب العراقي وكامل الاقتصاد الوطني بقطاعاته الرئيسية!استراتيجية وطنية تشمل ايضا الحلول السليمة المثلى للسياسة النفطية والغازية بما فيها انتاج الغاز الطبيعي والقضاء على اجراءات هدره وتوسيع الطاقة التكريرية لانتاج المشتقات النفطية وتأهيل وتحديث شبكات نقل وتوزيع الكهرباء وتأطير التوليد التجاري ومأسسته لتنظيم عمله والاستفادة من طاقة العاملين فيه!ومثلما لا يوجد افق منظور ايجابي لحل ازمة الكهرباء في العراق فأن المعالجات الخاطئة الحكومية للازمة يطيل من مداها لانها محاولات محكومة مسبقا بالفشل وما يوازيها من معاناة قاسية لعامة الشعب ومزيدا من الاستياء والغضب والاحتجاجات!"راجع:الكاتب/خصخصة الكهرباء هروب الى الامام وتغطية على الفساد"
   باتت انقطاعات الكهرباء جزءا من حياة المواطن،والانعكاسات البعيدة المدى تفوق الخسائر المادية التي لا يستهان بها.فانقطاع الكهرباء المستمر يعني الاعتماد على المولدات في البيوت والاحياء مع ما يرافق تشغيلها من تلوث بيئي،ناهيك عن تضرر الادوات الكهربائية المنزلية مثل البرادات والحواسيب والتلفزيونات،نتيجة الانقطاع المستمر والمفاجئ للكهرباء.قد تكون هذه الخسائر من نصيب المواطن وليس الدولة ككل،لكنها خسائر للبلاد لا يمكن الاستهانة بها على الصعيدين الشخصي والمادي.فبالاضافة الى التلوث،يدفع المواطن المئات من الدولارات لتشغيل المولدات وشراء الوقود لها،الى جانب ما يدفعه من فواتير كهرباء للدولة"د.وليد خدوري/ازمة الكهرباء اضرار للبيئة و40 بليون دولار خسائر سنوية".
    ميزانية العائلة العراقية مثقلة بأعباء والتزامات كثيرة ومتشعبة،وعملية حسابها كل على حدة تبعث على الاسى.فتوفير الكهرباء عبء يرهق ميزانية العائلة،ولا يمكن للعوائل المحدودة الدخل تأمين مستويات الطاقة المطلوبة مهما كلف الامر.العوائل الفقيرة غير قادرة اطلاقا على تأمين الحد الادنى من الطاقة المطلوبة وتعطل الكهرباء يعني تعطل الحياة بكل تفاصيلها،وتزداد هذه الاعباء بعودة الطلبة الى الدراسة وحاجتهم الى الانارة والتدفئة في ظل فقدان او ارتفاع اسعار الوقود واسعار امبيرات التوليد التجاري.تعطلت الزراعة التي تعتمد على المضخات الكهربائية بشكل كامل وارتفعت تكاليف التشغيل اي اسعار الوقود والمستلزمات الاخرى وتراجعت الزراعة منذ سنوات،بينما تشهد الورش والمحال الارتفاع الملحوظ في اسعارها بسبب تدني مداخيل الحرفيين اليومية وعزوف الناس عن التصليح.
   لقد عولج النقص الحاصل في التوليد بقطع الحمل الكهربائي Load Shedding بالتناوب ودوريا،ويميل توزيع الحمل بشدة لصالح الاستخدام المنزلي المنفلت،وعلى حساب الحمل في القطاعات الاقتصادية الاساسية وبالأخص القطاع الصناعي الذي ترتكب بحقه الحكومة العراقية كبرى الجرائم الاقتصادية بأهماله ومحاربته!وتعزو الحكومة العراقية عادة تواصل ازمة الكهرباء والاختناقات المفصلية في منظومة الكهرباء الى اعمال التخريب التي تلحق بالشبكة الكهربائية والتدهور الامني والنقص الحاصل في مستلزمات الانتاج والفقر في الامدادات الوقودية وفي الحصول على قطع الغيار الاحتياطية لاعادة التأهيل واعمال الصيانة،والى تقادم مكونات المنظومة وانخفاض مناسيب المياه وتدني كفاءة خزن السدود القائمة بالنسبة للمحطات الكهرومائية!
  ان الوصول الى الاكتفاء والتخلص من القطع المبرمج لا يتم بالوعود المخملية والحلول الترقيعية بل بالمباشرة الفورية للتحويل التدريجي للمحطات الغازية والبخارية الى العمل بالغاز الطبيعي والمباشرة بانتاج مصانع الغاز وتذليل سبل توفيره الى محطات التوليد،وتوسيع سعة وكفاءة خطوط النقل والتوزيع ومعالجة انخفاض معامل القدرة Power Factor،وتأهيل الوحدات الانتاجية الموجودة في الخدمة،وتحويل الوحدات الغازية سعة 125 م.و. فما فوق من الوحدات المفتوحة الى العمل بتقنية الوحدات المركبة،والكف عن استخدام التوربينات الغازية من مشتقات ماكنة الطائرة التي بطل استعمالها لغرض انتاج الطاقة الكهربائية!ومما يؤسف له ان الحكومة العراقية لم تخطو خطوة واحدة لتأهيل شبكات النقل والتوزيع المهترئة المتقادمة وبات بعضها لا يتحمل الضغط وغير مطابق للمواصفات العالمية!
   خصخصة الكهرباء محاولة لشرعنة سرقة حقوق ابناء الشعب من خلال اصدار قانون للاستثمار في هذا القطاع،ومحاولة عقيمة لاعادة هيكلة الاقتصاد العراقي والغاء الدور الاقتصادي للدولة وتقليص فرص العمل في هذا القطاع،بمعنى الاذعان لاشتراطات الثالوث العولمياتي الرأسمالي والتدخل الخارجي والمصادرة الصريحة للقرار الوطني المستقل.انها محاولة يائسة لاقدام السلطات علنا بتضليل المواطنين عن عملية النهب والاستيلاء على المشاريع والمؤسسات والممتلكات العامة للدولة وبيعها اما للقطاع الخاص الضعيف اصلا وتتقاذفه اليوم حفنة من المستغلين والطفيليين والسماسرة المرتبطين بنظام المحاصصة الطائفية،او للرأسمال الاجنبي"راجع في هذا الشأن دراسات الاساتذة عصام الخالصي،عبد الله الماشطة،جودت هوشيار،لطيف العكيلي،د. مهران موشيخ مهران،نزار الاحمد،ضياء المرعب،د.باسل الفخري".
   انعكست ازمة انقطاعات التيار الكهربائي وشحة قطع الغيار على اسالة الماء الصالح للشرب وديمومة ضخه الى المواطنين الامر الذي تسبب في تعطل وضعف صيانة معدات ضخ المياه الصالحة للشرب وازدياد تخسفات وتصدعات انابيب نقل الماء الصافي،وانخفاض حصة المواطن من الماء الصافي الى نسب متدنية،ولجوء الناس الى مضخات المياه الصغيرة وما يرافقها من اضطراب في التوزيع وازدياد في احتمالات التلوث،وانخفاض الكفاءة التشغيلية لمشاريع اسالة الماء الى اقل من 5% وتدني نوعية مياه الشرب وانخفاض تركيز مادة الكلور.
   لا يستخدم اليوم 95% من العراقيين الشبكة الحكومية للمياه النقية الصالحة للشرب بعد ان غزت السوق العراقية قناني المياه المعبأة وانتشرت في طول البلاد وعرضها المعامل الاهلية للتعبئة!لقد بلغت نسبة امتلاك خدمات الاسالة والصرف الصحي من سكان المدن اعوام( 82 – 1985) معدل 30% فكيف هي الآن بعد الكوارث القادسية والحصار الاقتصادي والاحتلال الاجنبي واعمال الارهاب والتقاعس الحكومي والفساد؟ويشكل تلوث الشبكة الحكومية لمياه الشرب كارثة حقيقية،حيث تثبت الدراسات والتحاليل المختبرية تلوثه بكتريولوجيا،بينما يسبب نقصان عنصر اليود التضخم في الغدد الدرقية،وهذا نتاج طبيعي لأختلال التوازن بين العناصر الطبيعية في البيئة بفعل تعرية التربة وبعض انواع الصخور وبواسطة المياه الجارية والامطار،مثل الخارصين والكلور والسلييليوم.لقد ازدادت حالات التسمم بمياه الاسالة بسبب قلة مادة الكلور! 
   ادت فوضى استثمار الموارد الطبيعية الى اهدار مئات الملايين من العملة الصعبة/سنة.التلوث الهوائي والدخان الاسود ينتشران بسرعة وتفقد جدران المباني لونها وتصدأ بفعل طبقات الغبار المتراكمة والمطر الحامضي!ويرافق توسيع ورشات تصليح السيارات ومناطق الصناعة زيادة في نسب المعادن الثقيلة والرصاص في الجو(الايروسويل)لتتجاوز تراكيز الملوثات حدود معايير الصحة العالمية المسموح بها!بالأخص قرب معامل الاسمنت ومحطات الكهرباء والمولدات الاهلية ومعامل البلاستيك!كما يؤدي حرق المازوت الذي يحوي على نسب كبريت عالية الى انتشار الجزيئات واكاسيد الكبريت والكاربون والاضرار بالجهاز التنفسي،ورفع درجة حرارة الغلاف الجوي،والاضرار بالزراعة!بينما يسبب البنزين المخلوط بالكيروسين والبنزين المرصص السمومية الحادة المؤثرة على الجهاز العصبي والقدرة على التفكير!وتسبب تفجير انابيب النفط  تلويثا  للبيئة  بسموم اضافية،وخرابا للاقتصاد الوطني وخسائر بمليارات الدولارات،العراق بأمس الحاجة اليها.
   تحصل ثلث الأسر تقريبا(30%)على خدمات الصرف الصحي العامة.وتميل الأسر التي تفتقر الى امكانية الوصول الى الشبكة العامة الى استخدام احواض التعفين او حفر مغطاة للتخلص من المياه العادمة،اذ تستخدم(40%) من الأسر احواض التعفين وتستخدم(25%)من الأسر الحفر المغطاة،كما تستخدم(6%)من الأسر احدى طرق الصرف الصحي غير الآمنة مثل الحفر المكشوفة،وترتفع هذه النسبة الى(13%)لدى الأسر التي تكون مساكنها مصنوعة من هياكل غير معمرة"راجع:الجهاز المركزي للاحصاء/شبكة معرفة- الخدمات الاساسية/كانون الاول/2011".لقد تعطلت وتقادمت شبكات المجاري والصرف الصحي حيث تحوي مياه المجاري المصرفة على نسب عالية من الفوسفات والامونيا والكلوريد والمواد العضوية والاحياء الدقيقة،مياه قذرة راجعة من الاستخدامات المدنية والمستشفيات ودور السكن والمرافق العامة والمطاعم.
   لقد فاضت المدن العراقية مرارا مع زخات المطر الهاطل بسبب سوء تخطيط واداء البلديات،وكان منظر العاصمة العراقية اواخر عام 2013 وهي تسبح في بحيرات المياه الآسنة محط دهشة واستغراب واسف العالم!كما تعطلت وتقادمت وحدات معالجة المياه الصناعية الكاملة والجزئية،وارتفعت تراكيز الاملاح الكلسية الذائبة المصرفة من المصانع.ويسبب توقف وتقادم محطات ضخ مياه المجاري وتصريف المياه القذرة الى الانهر دون معالجات بايولوجية تردي صحة المواطنين وازدياد نسبة الاعراض المرضية.
   ادى الجفاف وتقلص فترات هطول الامطار الى تضاؤل كمية المياه الجارية في الانهر وجفاف الآبار والعيون،وتحول كثير من المجاري المائية الى مواضع للنفايات ومراتع للحشرات والقوارض ومصدرا للروائح الكريهة!لقد تحولت الى مجاري تعاني من الطفيليات والذباب والبعوض ومرتع لأوساخ الناس ومخلفات المطاعم القريبة!وتعاني انهر العراق من الحمل العضوي الملوث والمواد الصلبة ومياه الصرف الصناعي التي تصب فيها.
   تلوثت مياه الانهار واصبحت تسمم ابناء الوطن لما سقط فيها من اسلحة سامة وجثث.وتحوي المواد الكيمياوية العضوية وغير العضوية التي تشكل الفضلات على عناصر سامة مثل الباريوم والزركونيوم وسامة جدا مثل الرصاص والفضة والنحاس والنيكل والكوبالت والذهب والزئبق.
   يلمح المرء في الاحياء العشوائية والمهمشة في المدن العراقية اكوام النفايات المتجمعة من دون تصنيف،واخطرها النفايات الصناعية التي تشكل 30% من كمية القمامة التي يلقيها الفرد العراقي يوميا.ويؤدي تردي اداء الوحدات البلدية في جمع ومعالجة النفايات اليومية والتقصير المتعمد الى تراكم النفايات في الازقة والاحياء السكنية وانتشار الحشرات والقوارض والامراض.
    خدمة الهواتف الارضية في العراق معطلة منذ عام 2003 ولا يوجد امل في الافق!وعقود شبكات الهاتف النقال تنعدم فيها الشفافية والمنافسة الحرة والنزاهة التي تكفل تأمين افضل الخدمات،بأرخص الاسعار الممكنة،وضمان حقوق الدولة!الامر الذي استلزم تنظيم منح التراخيص لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق،وفرض غرامات متصاعدة وكبيرة عليها في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها،او تلبسها بعمليات الاحتيال الكبيرة على المواطنين!كالفشل في تأمين الاتصال،واستحالة اتمام المكالمة الواحدة دون محاولات عديدة ورداءة الصوت!ناهيك عن لجوء الشركات الى زيادة اعداد المشتركين بسبب اللهاث وراء زيادة الايرادات حتى وان كانت هذه الزيادة خارج طاقة الاستيعاب التقني للشبكات القائمة ما يؤدي الى قطع المكالمات فيضطر المواطن الى اعادة الاتصال عدة مرات،وعدم تنفيذ التزاماتها ومنها عدم فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصة المقررة للمواطنين في العقد وبالسعر الاسمي للسهم،وعدم الايفاء بدفع حصة الدولة من نسبة الايرادات الاجمالية من موارد الشركات،وتسديد الأقساط الباقية من قيمة التراخيص في الوقت المحدد.كما وجب حساب رصيد المكالمة على اساس الثانية وليس الدقيقة،وكما هو متبع في بلدان العالم الأخرى،وكما مثبت في العقد المبرم بين هيئة الاتصالات والاعلام وبين الشركات.
    يتهم المواطنون شركات الاتصالات باستنزاف جيوبهم في اكبر عملية سرقة منظمة،بينما يحمل مجلس النواب الحكومة العراقية مسؤولية تردي خدمات الهاتف النقال في بلادنا مؤكدا ان قيام الحكومة بسحب صلاحيات هيئة الاتصالات والاعلام المسؤولة عن مراقبة خدمات الهاتف النقال ادى الى تردي خدماتها،وان اللجنة الوزارية المسؤولة عن اعطاء الرخص لشركات الهاتف النقال حولت قضية هذه الشركات من قضية خدمات الى قضية مالية بحتة،وكان هم اللجنة الوحيد الحصول على اموال كبيرة من الشركات وليس تقديم الخدمات الى المواطن!ويلاحظ بمرارة عدم اكتراث شركات الهاتف النقال بالعقوبات المادية التي تفرض عليها بسبب تلكؤها في تقديم الخدمات،فهي تدفعها عبر جبايتها من المواطنين وبنفس الطريقة وبربحية فائقة تعادل 1000%،من خلال سرقات منظمة ومبرمجة مثلما سددت بها التزاماتها المالية من قيمة الترخيصات!"راجع:الكاتب/البارادوكس الصناعي في العراق الجديد/القسم الثامن"
    وفق خارطة الحرمان الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء عام 2007 فأن درجة محرومية محافظات ميسان والمثنى والديوانية والناصرية هي الاعلى بين المحافظات العراقية،والمقصود بدرجة المحرومية هو قياس مدى ما يتحقق من حرمان فعلي من الحاجات الأساسية وليس على قياس الدخل المتاح للحصول على هذه الحاجات،ويعني هذا ان الدليل لا يقتصر على الحاجات الأساسية التي تشترى وانما يشتمل ايضا الحاجات الأساسية الاخرى التي لا يمكن الحصول عليها مقابل المال فقط كالأمان الشخصي والخلو من الامراض وتوفر الخدمات وغيرها..اي يمكن اعتبار الأسرة محرومة وان كان مستوى دخلها مقبولا كما هو الحال بالنسبة للحرمان من خدمات البنى التحتية كالماء والكهرباء والصرف الصحي الناتج عن نقص او عدم توفر هذه الخدمات.ويشتمل دليل المحرومية على ستة مجالات وهي التعليم والصحة والبنى التحتية والمسكن والحماية والأمن الاجتماعي ووضع الأسرة الاقتصادي مع الاشارة الى ان كل واحدة من هذه المجالات يتضمن العديد من المؤشرات التي تعكس الصورة الحقيقة من مستوى ودرجة الدليل المعتمدة لاغراض المقارنة بين محافظات العراق المختلفة."راجع:احمد شنان بحر الفتلاوي/تخصيصات تنمية الاقاليم وفق درجة المحرومية"

جدول يبين ترتب المحافظات على أساس درجة المحرومية
"راجع:الجهاز المركزي للإحصاء/خارطة الحرمان/البيانات الاولية لعام 2007"

التسلسل   المحافظة   الدليل   عدد السكان (ألف نسمة)   الأهمية النسبية%
1   ميسان   55.8   1009.5   3.6
2   المثنى   44.3   719.8   2.6
3   الديوانية   44.3   1121.7   4.0
4   ذي قار   42.1   1846.7   6.6
5   واسط   35.5   1158   4.1
6   بابل   34.5   1727   6.1
7   نينوى   33.5   3237.9   11.5
8   صلاح الدين   33.1   1259.2   4.5
9   ديالى   32.9   1370.5   4.9
10   كربلاء   32.7   1003.5   3.6
11   النجف   29.6   1180.6   4.2
12   البصرة   26.3   2555.5   9.1
13   كركوك   20.6   1290   4.6
14   بغداد   17.8   7180.8   25.5
15   الانبار   10.3   1451.5   5.2
16   العراق   27.9   28112.2   100.0

   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
    في العراق باتت البطاقة التموينية خدمة معيشية عامة،وتأمين تدفقها ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،انما هو مهمة وطنية!ووجب محاسبة ومعاقبة من يستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته!والبطاقة التموينية-آلية توزيع الحصص التموينية الدورية على ابناء الشعب العراقي،وفرت حتى عام 1996 مصدر دخل اضافي للعوائل العراقية التي دفعتها الحاجة ومحدودية مصادر الدخل الى التخلي عن استهلاك نوع معين من هذه السلع التي يحصلون عليها من خلال البطاقة التموينية او تخفيض استهلاكها،حيث كانت اسعار المواد الغذائية الموزعة في السوق عالية جدا.واثر مذكرة التفاهم باتت البطاقة التموينية آلية توزيع الحصص التموينية وفق برنامج النفط مقابل الغذاء!
   البطاقة التموينية لم تكن،وهي ليست استهلاكا عبثيا بل نتاج السياسة الكارثية للدكتاتورية البائدة،وشحة فرص العمل،ومجمل الازمات الاقتصادية التي عانت وتعاني منها البلاد،بعد انخفاض الدخل الفردي مئات المرات وانخفاض قيمة العملة الوطنية بنسب مئوية غير معقولة،وتضخم ملفات الفقر وما تحت مستوى الفقر،وتوقف عجلة الدورة الاقتصادية السلمية،والكساد الاقتصادي الذي قل نظيره في تاريخ العراق الحديث،والغلاء الفاحش،والبطالة المكشوفة والمقتعة،وتوسع الهجوم الضريبي على المواطنين،والتقليص الصارم للانفاق العام في ميزانية الدولة بحجة التقشف والاصلاحات الاقتصادية،والنهب المنظم لمداخيل المواطنين!
     لقد تلاعب نظام صدام حسين بالتوريدات في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء وبعقودها،ومارس التجارة غير المشروعة والتهريب والسوق السوداء،وطبق سياسة الخصخصة والعمل على اسس تجارة التمويل الذاتي وترميم قاعدة السلطات الاجتماعية عبر استيلاء اعوان النظام على المنشآت العامة المخصخصة،وتعمد التلاعب بمواعيد حصص البطاقة التموينية واوزانها وحجمها والغش في نوعيتها واستخدامها سلاحا للمعاقبة،واداة لمكافأة الاعوان!كما حولت السلطات جزءا من قيمة عقود التوريدات الى حسابات المسؤولين،واباحت توريد المواد الفاسدة والرديئة والقديمة والمستهلكة!الا ان حكومات ما بعد عام 2003 الموقرة التي تعلن التزامها بنظام البطاقة التموينية،تبدو مهملة في المحافظة على اتساق هذا النظام والانتظام الذي طبع عمله طوال اعوام،ولم تتخذ اجراءات جدية لمعالجة تباطؤ توزيع المواد الغذائية،ولم تفلح في تقديم حصص شهرية كاملة،بل قلصت المفردات الى حد كبير بحيث لم يستلم الاهالي طيلة الاعوام الاربعة الماضية سوى الزيت والرز والطحين فقط،ولم توزع كوبونات النفط والغاز الا مع توزيع البطاقات التموينية لعام 2012،رغم وجود قرار بذلك،ما ادى الى تفاقم مشكلة الفساد في هذا النظام وهيأ امكانية التحايل عليه،وكل ذلك يصب في غير صالح المواطنين الذين يتعرض الاضعف فيهم للأستغلال الاكبر.ويبدو ان الحكومة العراقية لا تعمل على ترشيق البطاقة التموينية او ترشيدها واختزال مفرداتها فحسب،بل تعد العدة لالغاء البطاقة التموينية!
    في عام 2003 فاق عدد السكان المصنفين تحت خط الفقر 12 مليون نسمة من اصل 26 مليون نسمة هو مجموع سكان البلاد،من بينهم مليون مواطن على الأقل في اشد حالات الفقر فتكا،ولا يحصلون الا على وجبة واحدة في اليوم،اما الباقون فإن البطاقة التموينية هي مصدرهم الوحيد في الحصول على الغذاء،وفي عام 2007 بلغت نسبة الفقر 23%،منهم من يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد نسبتهم 3.1%،اما الذين يقل انفاقهم اليومي عن دولارين ونصف بلغت نسبتهم 13.9% عام 2007 ثم انخفضت الى 11.5% عام 2011،اما نسبة الحرمان فبلغت عام 2007 7% ثم انخفضت عام 2011 الى 6%.
جدول يوضح وضع الاسرة في اعتمادها على جلب مصدر الغذاء من السوق او من خلال الحصة التموينية المدعومة عام 2011
"المصدر:مسح شبكة معرفة العراق/نظام مراقبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية في العراق/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء/2011/ص381"

مصدر الغذاء الرئيسي   الخبز/ الطحين   رز   بطاطا   البقوليات   اللحوم الحمراء   اللحوم البيضاء   الزيت والسمن
شراء من السوق   26,0%   35,4%   99,1%   99,1%   98,9%   89,1%   72,7%
حصة تموينية   72,2%   63,7%   -   0,3%   0,4%   0,3%   0,1%

   ان نسبة اعتماد الاسر على الحصة التموينية في الحصول على مادتي الطحين والرز باعتبارها مادتين رئيسيتين في المائدة العراقية بلغت 72% و63% على التوالي،وهذا يدل على:
1.   ضعف القدرة الشرائية للمواطن العراقي واعتماده بصورة كبيرة على الحصة التموينية في الحصول على ما يحتاجه من المواد خاصة الطحين.
2.   اعتماد الدولة على مايستورد من الخارج لسد حاجة السوق المحلية.
اما بقية المواد والتي يحتاجها المواطن فيلجأ الى السوق لشراءها لخلو البطاقة التموينية منها وهي في اغلبها مستوردة وليس من الانتاج المحلي.
    يغمض اصحاب اتخاذ القرار في بلادنا اعينهم على حقيقة ان الغاء البطاقة التموينية او اختزال مفرداتها في ظل انعدام السياسة الاجتمااقتصادية الرصينة للدولة،والافتقار الى البدائل المناسبة لها،وشيوع الفساد الاقتصادي،يؤدي حتما الى تصعيد حدة التباينات الطبقية وانتشار الفقر والجوع بصورة واسعة،والى المزيد من تعميق التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين في البلاد،وتكريس هيمنة الرأسمالية الجديدة والبورجوازية الكومبرادورية والطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع.فالانتقال عن البطاقة التموينية يعني حتما ازدياد مستوى الطلب في الاسواق على مفرداتها،ما يؤدي الى رفع الاسعار والقاء اعباء جديدة وجدية على كاهل العائلة المثقل اصلا بالاعباء نتيجة عدم كفاية الدخول"راجع:د.كامل علاوي كاظم و د.حسن لطيف كاظم/الفقر ونظام البطاقة التموينية – دراسة تحليلية قياسية".
    ينعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن وكامل الخدمات العامة،وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.كل ذلك يترك تأثيراته السلبية على اوضاع الملايين وعلى معنوياتها،مغذيا مشاعر الاحباط والقلق والسخط في اوساطها!"راجع:د.حيدر نعمة غالي/تقييم نظام التوزيع العام(البطاقة التموينية)في العراق والآفاق المستقبلية لتطويره/3 حلقات".
    بدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها في سبيل تحسين المستوى المعيشي للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية ومستوى شموليتها،يجري انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط.اما موظفو وزارة التجارة والمراكز التموينية فهم في منأى من المحاسبة،وهذا التقاعس والتسيب ينعكس ايضا على وكلاء توزيع المواد الغذائية الذين يتعاملون مع الناس بمزاجية نادرة!"اسامة فائز مكي/التقديرات المطلوبة لبرنامج البطاقة التموينية في ضوء مؤشرات الاسعار العالمية لسنة 2013"
   الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي
    الطب مهنة انسانية تقدم خدماتها للشعوب في ظروف عصيبة كانعدام الخدمات والتلوث البيئي والجهل الصحي،ومن المخجل ان نرى قسما من الاطباء ينظر لهذه المهنة من زاوية الكسب المادي ويريد الاغتناء على حساب العامة!وفي العراق تفتقد اليوم العيادات الطبية الشعبية بسبب ارتفاع اسعار خدماتها المقدمة الى ذوي الدخل المحدود،ويلجأ الميسورون الى المستشفيات الاهلية هربا من سوء الرعاية في المستشفيات الحكومية كونها تعليمية وتسودها الفوضى بسبب الزخم.قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي لازالت سارية المفعول،تستخدمها الرأسمالية الجديدة لخدمة مآربها!
جدول يبين عدد المحافظات(عدا اقليم كردستان) والمستشفيات والمؤسسات الصحية والعيادات الطبية للعام 2009-2010 حسب المحافظات
"المصدر : المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء"

المحافظة   2009   2010   نسبة التغير بين 2009-2010 %
   المستشفيات   المؤسسات الصحية الاخرى   العيادات الطبية الشعبية   المجموع   الاهمية النسبية
%   أستحقاق المحافظة،حسب نسبة السكان   المستشفيات   المؤسسات الصحية الاخرى   العيادات الطبية الشعبية   المجموع   الاهمية النسبية
%   أستحقاق المحافظة،حسب نسبة السكان   
نينوى   17   155   30   202   246   9.35   16   157   26   199   262   8.66   -1.49
كركوك   9   90   22   121   105   5.60   9   100   22   131   112   5.70   8.26
ديالى   12   89   13   114   109   5.28   13   89   8   110   115   4.79   -3.51
الانبار   13   145   17   175   118   8.10   13   176   17   206   125   8.97   17.71
بغداد   83   292   83   458   531   21.19   83   313   83   479   564   20.85   4.59
بابل   17   106   26   149   137   6.89   17   111   24   152   146   6.62   2.01
كربلاء   7   54   16   77   80   3.56   7   62   16   85   85   3.70   10.39
واسط   10   50   15   75   91   3.47   8   58   16   82   97   3.57   9.33
صلاح الدين   10   77   16   103   106   4.77   11   62   7   80   113   3.48   -22.33
النجف   10   75   17   102   97   4.72   10   88   15   113   103   4.92   10.78
القادسية   8   60   12   80   85   3.70   9   66   12   87   91   3.79   8.75
المثنى   5   53   11   69   54   3.19   4   60   8   72   58   0.78   -73.91
ذي قار   10   133   15   158   138   7.31   11   136   15   162   147   7.05   2.53
ميسان   6   87   15   108   73   5.00   6   84   15   105   78   4.57   -2.78
البصرة   17   123   30   170   191   7.87   18   151   30   199   203   8.66   17.06
المجموع   243   1585   333   2161   2161
100.00   235   1747   315   2297   2299
100.00   6.29

   بلغ عدد المستشفيات في القطاع العام عام 2012 (239)مستشفى وهي عامة وتخصصية وطوارئ ونسائية وتوليد،وبلغ عدد المراكز التخصصية (126)،وعدد المستشفيات الاهلية (96)!وتحتاج الأسر وفق التقديرات التفاؤلية الى اكثر من(20)دقيقة كمعدل للوصول الى اقرب مركز صحي عند اصابة احد افرادها بالمرض(بلغ عدد المراكز الاولية والفرعية 2538،اكثر من نصفها تعمل بطبيب واحد والبقية بالمعاونين الطبيين والممرضين).وتزيد هذه المدة قليلا عن نصف ساعة(32)دقيقة بالنسبة للأسر الريفية،وتتفاوت حالات اللجوء الى مراكز الرعاية الصحية الأولية بشكل كبير في المحافظات ولكنها ترتفع بشكل عام في المناطق الريفية.وتتمثل اهم معوقات اللجوء الى المراكز  الصحية الاولية في قلة الملاكات والمؤسسات.ومن الجدول اعلاه نلحظ ان اعلى نسبة لعدد المستشفيات والمؤسسات الصحية والعيادات الطبية تقع في محافظة بغداد وتتراوح بين 20%-22%،وادنى نسبة في محافظة المثنى وتتراوح بين 0.5%- 3.5%.ووفق الجداول البيانية ادناه فأن اعلى نسبة للولادات الحية تقع في محافظة بغداد 23% تقريبا وادنى نسبة في محافظة المثنى تتراوح بين 2.8%- 3.2%،واعلى نسبة للوفيات المسجلة تقع في محافظة بغداد 31.17% وادنى نسبة في محافظة المثنى 2.1% - 2.6%.
 
 
"المصدر : المجموعة الاحصائية السنوية 2010/2011/وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء"
 
   
   الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة،ولا ت

7
العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذجا

سلام كبة
   الجذور المادية للعدالة الاجتماعية في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم
   العدالة الاجتماعية مفهوم علمي والموضوعية هي الفيصل
   العدالة الاجتماعية - جوهر التنمية البشرية المستدامة
   الفقر هو ضعف الفرص والخيارات وليس تدني الدخل فقط
   البطالة مصدر نشيط من مصادر التوتر الاجتماعي
   العدالة التوزيعية تستوجب تأمين الخدمات العامة الاساسية
   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
   الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي
   الشرعية الدولية لحقوق الانسان
   استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية
   نحو موقف منصف ومعين تجاه اللاجئين والنازحين
   افضل السبل الكفيلة لاستثمار العائدات النفطية
   التوازن بين ملاحقة الفساد والميليشيات وتأمين العدالة الاجتماعية
   كوابح العدالة الاجتماعية في العراق
   الطريق نحو العدالة الاجتماعية
   مفهوم الحزب الشيوعي العراقي للعدالة الاجتماعية

 
      العدالة الاجتماعية مفهوم يشير الى المساواة في تطبيق الاحكام والقوانين على الجميع بالتساوي وفي سبيل تحقيق الصالح العام،وتصنف الى عدالة توزيعية(توزيع موارد المجتمع على الافراد مع مراعاة قدراتهم ومؤهلاتهم العلمية،ومنح الناس الخدمات التعليمية والتربوية والصحية والترويحية والاجتماعية التي يحتاجونها بالتساوي)وعدالة اصلاحية – تصحيحية(تصحيح الضرر الذي يتعرض له الفرد والناجم عن اعتداء على حقوقه من قبل فرد او جماعة وعبر العدل الذي يشرف عليه القضاة والمحلفون)وعدالة تبادلية(المساواة والموازنة في القيمة التبادلية اي الأخذ والعطاء بين الافراد والجماعات والدول).."انظر:فارس كمال نظمي/مفهوم العدالة في الفكر الاجتماعي(من حمورابي الى ماركس)/الحوار المتمدن/العدد 1675".
   الجذور المادية للعدالة الاجتماعية في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم
  الحاجة الى القوانين والحرية والعدالة الاجتماعية وتلبية المتطلبات الانسانية Means of Subsistence Necessities لا تبرز ضرورتها الا في مجتمعات بلغ تطور قواها المنتجة وعلاقاتها الانتاجية والاجتماعية مرحلة متميزة ونموها الاجتماعي والسياسي مستوى متطور نسبيا!وكان السومريون وشعوب بلاد وادي الرافدين اول من شرع القوانين لحفظ الامن وتنظيم الحقوق الانسانية للافراد وحفظ ارواحهم وممتلكاتهم في عصور بدائية سادتها وحكمتها العدوانية والغرائز الفطرية الطليقة!وقد دون السومريون على الواح الطين شتى انواع الوثائق القانونية كالعقود والوصايا والصكوك الخاصة بالاتفاقيات والكمبيالات وقرارات المحاكم،اشهرها شريعة الملك اورنامو(2112 – 2095 ق . م) المؤلفة من 31 مادة،وشريعة الملك لبت عشتار(1934 – 1924 ق . م) المؤلفة من 38 مادة،ثم جاءت شريعة حمورابي!
   حرص الملك حمورابي 1792 ـ 1750 ق. م. على مبدأ تحقيق العدالة بين المواطنين،وكشفت التنقيبات الآثارية عن مسلته اي تشريعاته المدونة باللغة الاكدية -البابلية والخط المسماري على مسلة كبيرة من حجر الدايوريت - البازلت الاسود،طولها 225 سم ومحيطها عند القاعدة السفلى متر وتسعون سنتيمترا وعند القاعدة العليا متر وخمسة وستون سنتيمترا،وهي اسطوانية الشكل وليست دائرية تماما(المسلة معروضة في متحف اللوفر في باريس)وتحتوي على(282) مادة قانونية لتنظيم حياة الفرد في المجتمع عن طريق تحديد حقوقه وواجباته وفرض العقوبات على المخالفين والمسيئين.ويذكر حمورابي في مسلته الى تكليفه من قبل الآلهة لاصدار هذه التشريعات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الناس والقضاء على الفساد والشر!ويلاحظ التطابق والتشابه الكبيرين بين شريعة حمورابي وشريعة موسى السماوية مما يدل على مواكبتهما للمسيرة البشرية.كما لعب التشريع دورا مهما في تكوين القاعدة القانونية في العصر الفرعوني،ومن اهم مدونات هذا العصر مدونة بوخوريس،التي تجردت من الطابع الديني واصطبغت بطابع مدني بحت!
    تعددت التشريعات في القانون الروماني ومن اشهرها قانون الالواح الاثني عشر الذي رأى النور عام 150 ق.م،اول قانون مكتوب صدر في روما ودونت نصوصه باللغة اللاتينية على الواح من العاج والبرونز!ثم جاء دور الكنيسة في المجتمع بالعصور الوسطى حيث ساهمت المسيحية في تعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية وتوفير الرعاية للمرضى والجياع والفقراء،وتبني افكار"العظة على الجبل"والدعوى الى عبادة الله والعمل من دون عنف او تحامل.هذه التعاليم كانت الدافع الرئيسي وراء بناء المؤسسات الاجتماعية والمستشفيات ودور الرعاية الصحية.وقد رأى القديس توما الاكويني ان العدالة هي التي تمنح القانون قوته،وبقدر ما يكون القانون عادلا يكون قويا!
   من جانبه عنى الاسلام بالعدل فلا فرق بين الجميع لأن الكل في ميزان العدل سواء"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا"(سورة النساء:135)،"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(سورة الحديد:25)..ورأى الفارابي ان"العدالة"هي المبدأ الأسمى للحاكم والمحكوم في المدينة الفاضلة استنادا الى قول الله تعالى في القرآن الكريم:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) (سورة النساء: 58) وقوله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (سورة المائدة: 8).
   الثورة الفرنسية عام 1789 شملت تأثيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كل انحاء اوروبا والعالم،لأنها الغت الملكية المطلقة والامتيازات الاقطاعية للطبقة الارستقراطية - النبلاء والنفوذ الديني الكاثوليكي ومصادرة املاك الكنيسة،وارست الديمقراطية وحقوق الشعب والمواطنة،واقرت فصل السلطات وفصل الدين عن الدولة والمساواة وحرية التعبير،والقضاء على النظام القديم وفتح المجال لتطور النظام الرأسمالي وتحرير الاقتصاد من رقابة الدولة،وحذف الحواجز الجمركية الداخلية.واقرت ايضا مبدأ مجانية والزامية التعليم والعدالة الاجتماعية وتوحيد وتعميم اللغة الفرنسية،كما استنهضت فيها نظرية العقد الاجتماعي (لجان جاك روسو) الذي يعتبر منظر الثورة الفرنسية وفيلسوفها.من ابرز اسباب الثورة الفرنسية كان الاستبداد الديني وتسلط الكنيسة وتدخلها في حياة الناس ومحاربتها للعلوم التجريبية وارتباطها بالشعوذة كمحاكمة العالم الفلكي الكبير جاليلو جاليلي ووصف الكنيسة له بالساحر!ومن اهم زعماءها فكريا مونتسكيو الذي طالب بفصل السلطات وفولتير وروسو!لقد استحوذ رجال الدين والنبلاء على اخصب الاراضي وفرضوا على الفلاحين الضرائب!بينما تشكل المجلس الفرنسي من ثلاث هيئات متفاوتة،الطبقة العليا التي ضمت رجال الدين والاشراف،والطبقة المتوسطة التي ضمت المعلمين والمحامين وضباط الجيش،والطبقة العاملة التي مثلت 96% من السكان!اصبحت دساتير فرنسا منبعا تأخذ عنه شعوب اوروبا والعالم،وتحسنت احوال فرنسا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونشرت روح الحرية والاخاء والمساواة،واعتبر بعض المؤرخين الثورة الفرنسية بداية للتاريخ المعاصر.
    كانت اكتوبر1917 ثورة شعبية اشترطت المسار الموضوعي الكامل للتطور الاجتماعي في روسيا،وعندما يشار لها يأتي ذكر(لينين)هذا القائد الفذ الى جانب ماركس وانجلز ورواد الاشتراكية العلمية.ومهدت اكتوبر لبناء اكبر دولة اشتراكية في التاريخ- الاتحاد السوفيتي.ولا يتجرأ حتى الد اعداء الاشتراكية على نكران تأثير ثورة اكتوبر الاشتراكية الكبير على مصير الانسانية لانها ايقظت الملايين من الناس والشعوب في العالم لخوض النضال النشيط في سبيل التقدم والعدالة الاجتماعية،بعد ان طرحت على بساط البحث قضايا عصرية عقدية كتحرير الانسان من الاستغلال ومآسي الحروب،وتحرير شعوب المستعمرات من النير الاستعماري،وتحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة،وضمان حق الانسان في العمل وفي التعليم والراحة وفي التأمين في حالة الشيخوخة،وضمان حق تقرير المصير كحق ديمقراطي انساني وكفالة حق الاقليات القومية في تنمية ثقافاتها ولغاتها الخاصة،وضمان المساواة الفعلية بين المرأة والرجل،وتحقيق السلم الوطيد في العالم والتعايش السلمي بين الشعوب بغض النظر عن انظمتها السياسية والاجتماعية،وتأكيد السيادة الوطنية للشعوب وعدم التدخل في شؤونها الداخلية،وحقها في السيادة على مواردها الطبيعية،وان الرأسمالية ليست خالدة بالبديل الاشتراكي.
    لم تكن ثورة اكتوبر الاشتراكية صدفة ارادوية الطابع وغلطة تاريخية ذات اهداف طوباوية!بل كانت غاية استيلاء السوفيتات على السلطة تحقيق اهداف ملموسة في مقدمتها:الوقف الفوري للحرب،توزيع الاراضي على الفلاحين،تأمين حق تقرير المصير للقوميات المضطهدة،وقف تخريب البورجوازية للاقتصاد،الشروع بالرقابة العمالية على الانتاج،تحجيم نشاط قوى الثورة المضادة!وقد ادرك لينين موضوعية الاحداث بعقلانيــة وبصيرة ثاقبة وعلمانية غير مهادنة،واهمية الزمن لانه سيف ذو حدين!وتوصياته كانت تعاليم آنية واستراتيجية في آن واحد(عززوا المبادرة!خفضوا يوم العمل الى 8 ساعات في جميع مجالات العمل المأجور!كل السلطة للسوفيت!الصلح الفوري- مسالة الارض- الرقابة العمالية على الانتاج!قاوموا الجيوش البيضاء والتدخل الاجنبي!)وتركز العمل الثوري ابان اكتوبر عام 1917 على اعتقال المناوئين لوقف اعمالهم الضارة وعزلهم عن المجتمع في محاكمات عادلة علنية.ومع ذلك تصاعد الارهاب بالاعدامات الجماعية لخيرة المناضلين وبوحشية من قبل الحرس الابيض والاغتيالات ضد قادة البلاشفة،ولم يسلم منها حتى لينين نفسه!
   بين لينين"ان من يريد السير الى الاشتراكية بطريق آخر خارج الديمقراطية السياسية يصل حتما الى استنتاجات خرقاء ورجعية،سواء بمعناها الاقتصادي ام بمعناها السياسي".وبينت التجربة ان الاشتراكية مستحيلة من دون اوسع قدر من الديمقراطية،ومن حيوية الفكر والتمسك بالروح النقدية،ونبذ العفوية في العمل"خيارنا الاشتراكي:دروس من بعض التجارب الاشتراكية".
   تاريخ التاسع من ايار 1945 هو تاريخ وضع الحرب العالمية الثانية اوزارها والانتصار على الفاشية والنهوض الديمقراطي العارم في المعمورة!وقد ارسى ذلك ثقافة وقيم السلام كفعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الانسانية،واهمية النماذج الوطنية للديمقراطية والتعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية واهمية المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية،والحذر من السقوط في شرك الكلانية وثقافات الخوف والشك بالمواطن!واهمية النشاطات الاحتجاجية على الانتهاكات الدستورية وسلطات الولاءات الضيقة وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية،وضمان اعادة الامانة الى الشعوب.
   في العصور الحديثة- ابتداء من عصر الاصلاح في اوروبا- احتلت العدالة مكانة بارزة في اعمال الفلاسفة وكبار المفكرين من امثال هوبز،ودافيد هيوم،وبنثام،وتوكفيل،وصولا الى جون رولز الذي يعتبر من اواخر اشهر العلماء الذين قدموا اسهاما اصيلا في مفهوم العدالة،وذلك في كتابه الصادر سنة 1972 بعنوان: A Theory of Justice.
   تظهر الازمات المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعيشها العالم اليوم ظلم واجحاف العولمة الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية في ظل الليبرالية الجديدة،وتحويل الاقتصاد العالمي الى سوق واحدة يحكمها حقل قانوني واحد تؤطره منظمة التجارة العالمية،والتبني الحاسم لاقتصاديات السوق وحرية السوق والتجارة وفتح الحدود وتقليص دور الدولة في الاقتصاد..
   العدالة الاجتماعية مفهوم علمي والموضوعية هي الفيصل
   تناول مفهوم العدالة الاجتماعية خارج اطار المنهج المادي التاريخي والعلاقات الاجتماعية للانتاج والتوزيع في تطورها الدائم هو استعراض وتحليل مبتور يفتقد الى المصداقية،فالقوة الحاسمة المحركة للتطور الاجتماعي وتبدل المجتمع من شكل لآخر كانت ولا زالت هي طريقة الحصول على مواد المعيشة اللازمة لحياة الانسان وبصورة خاصة اسلوب انتاج وسائل الانتاج،اي وسائل انتاج المواد المادية اللازمة لحياة وتطور المجتمع.وتتميز المادية التاريخية بالخصائص الآتية"انظر:د.ابراهيم كبة/المفاهيم الاساسية للاقتصاد العلمي/بغداد/1953":
1.   نظام الانتاج والقوى المنتجة في تطور مستمر دائب ومضطرد.
2.   التغير في اسلوب الانتاج يثير حتما تغيرا مقابلا في علائق الانتاج وبالتالي جميع العلائق الاجتماعية.
3.   التغير يبدأ في قوى الانتاج وخاصة في عنصر وسائل الانتاج،ثم ينتقل حتما – على تفاوت في الزمن – للوجه الآخر من اسلوب الانتاج،اي للعلائق الانتاجية.
4.   ان علائق الانتاج بدورها تؤثر في تطور(اسراع او ابطاء)نمو قوى الانتاج،ولكنها لابد ان تنتهي بالتغير وفق مقتضيات تطور القوى المذكورة.وظاهرة الأزمات هي ظاهرة التناقض وعدم التكيف بين الوجهين المذكورين لاسلوب الانتاج في النظام الاجتماعي القائم.
5.   ان نمو اسلوب الانتاج الجديد(قوى وعلائق الانتاج)انما يتم في حضن النظام القديم نفسه وبصورة ذاتية مستقلة في البداية عن ارادة ووعي الانسان،وذلك اولا لان الانسان غير حر في اختيار اسلوب الانتاج نفسه،اذ ان هذا الاسلوب هو وليد نشاط الاجيال القديمة،وثانيا لأن الانسان لا يفكر في ولا يستطيع معرفة جميع النتائج الاجتماعية لاختراع وسائل  الانتاج الجديدة.
6.   ان الانقلاب والتحول من النظام القديم الى النظام الجديد لا يمكن ان يتما الا بجهد اجتماعي ثوري يقلب العلائق القديمة ويقيم محلها العلائق الجديدة بعد ان تكون بذور وشروط هذا التحول قد نضجت بصورة ذاتية بطيئة كمية في احضان النظام القديم،وذلك لازالة العقبات المصطنعة(ومقاومة الطبقات التي تمثلها)التي تعترض سبيل التطور الحتمي الجديد.
7.   ان الافكار والنظريات تلعب دوراً مهماً في هذه المرحلة الاخيرة من مراحل حركة التحول الاجتماعي،ولذلك فان الكفاح الفكري(الآيديولوجي)بين الافكار التقدمية(الثورية)والافكار الرجعية جزء لا يتجزأ من حركة التطور العامة.
      لا تعني الرؤية المادية التاريخية ان الدوافع الاقتصادية وحدها هي التي تحرك الناس عن وعي او دونه،وكتب انجلز:"لا انا ولا ماركس اكدنا ان الاقتصاد هو الوحيد،لأن للعناصر المختلفة للبناء الفوقي تأثيرها على مسارات التأريخ".ويعد الاغتراب Alienation ابرز نتائج سوء توزيع الثروة في المجتمع،فاغتراب الانسان عن نشاطه الانتاجي المملوك لقوى خارجية لا يسيطر عليها،يجعله مغتربا عن ذاته،وبالتالي يصبح مغتربا عن قدراته والروابط الاجتماعية التي تميزه بوصفه انسانا،ثم يصبح في النهاية مغتربا عن اقرانه وعن الناس عامة.
     النظرية العلمية في تفسير التاريخ تقوم على الحقائق الآتية"راجع:د.ابراهيم كبة/نظرة سريعة في تطور النظام الاقتصادي/1953":
1.   ان الناس في قيامهم بالانتاج الاجتماعي لوسائل الحياة يدخلون في"علائق"ضرورية مستقلة عن ارادتهم.
2.   هذه العلائق الانتاجية بين الناس تتفق مع درجة تطور"قوى الانتاج"في المجتمع.
3.   مجموع هذه العلائق الانتاجية تكون"البنيان الاقتصادي"للمجتمع.
4.   هذا البنيان الاقتصادي يكون الاساس الحقيقي"للأنظمة"الاجتماعية،كالنظام القانوني"علائق الملكية"والنظام السياسي"انظمة الحكم"من جهة،و"الوعي"الاجتماعي BEWUSTSEIN  اي مجموعة الافكار والآراء،من جهة اخرى.
5.   اذن الوعي لا ينتج الاشكال الاجتماعية،بل على العكس،الشكل الاجتماعي يقرر الوعي.
6.   في دور معين من التطور تدخل قوى الانتاج الجديدة في نزاع مع علائق الانتاج القديمة،فتصبح الاخيرة قيوداً وعقبات تعترض سبيل تقدم الاولى.
7.   مع كل"ثورة اجتماعية" – اي تغير في الطبقات المسيطرة على وسائل الانتاج،واذن تغير في علائق الانتاج نفسها – يعاد بناء الأنظمة الاجتماعية والوعي الاجتماعي حتماً، مع تفاوت في سرعة ذلك.
8.   يحصل في الواقع تطوران:
   تطور في الشروط الاقتصادية للانتاج"اي في علاقات الانتاج".
   تطور في"الافكار"القانونية والسياسية والفنية والفلسفية التي تعبر عن التطور الاول.الا ان التطور الاول اسرع لجلب الانتباه لأنه كمي.
9.   لا يمكن تقدير عصر ما بدراسة افكاره"وعيه" فقط : لأن هذا الوعي هو نتيجة التنازع بين قوى الأنتاج وعلائق الانتاج"او الملكية".
10.   لذلك يجب دراسة البناء الاجتماعي قبل دراسة الظواهر الاجتماعية الفردية والتفصيلية لفهمها.
11.   يلعب نشاط"الجماهير"اكبر الادوار في التطور الاجتماعي.
   تدني المدارك البشرية والوعي الاجتماعي المرتبط اساسا بضعف القوى المنتجة حد ويحد الى درجة كبيرة من فرص وامكانيات التغيير الاجتماعي وتحقيق العدالة والمساواة بين البشر.الظلم الاجتماعي لم يكن مرتبطا في الوعي البشري بملكية وسائل الانتاج وعلاقات الانتاج،بل تجسد لديهم في ذوات من مارس ذلك الظلم!مثل مالكي العبيد والاقطاعيين.وحتى في الرأسمالية،لم يع العمال اسباب الظلم الاجتماعي الواقع على كاهلهم،وكانوا حتى على اعوام الثورة الصناعية الاولى (1750 – 1850) كثيرا ما يجنحون الى تحطيم المصانع والدخول في نزاعات مع ارباب العمل والفورمانات على اساس ان المصانع وارباب العمل هما السبب المباشر للظلم الاجتماعي"انظر:يوسف حسين/آفاق الدعوة للاشتراكية..الجذور التاريخية للعدالة الاجتماعية/صحيفة الراكوبة السودانية/(2/1/2012)"
   في اواسط القرن التاسع عشر تطورت النظرية الماركسية،كفكر مناهض،للفكر الليبرالي السائد آنذاك.ومنذ بزوغها،ربط مؤسسوها كارل ماركس(1818 – 1888)وفريدريك انجلز( 1820 -1895)تعاليمهم بمصالح الطبقة العاملة الاكثر حرمانا في النظام الرأسمالي،واجدين فيها قوة حقيقية قادرة على ترجمة مبادئ الاشتراكيين الطوباويين الى واقع بتغيير البناء الاقتصادي الاجتماعي من خلال الغاء الملكية الخاصة وتشييد مجتمع العدالة الاجتماعية والحرية الحقيقية"انظر:د.جاسم الصفار/من زاوية اخرى/موقع الطريق/(23/9/2014)".
   تؤكد النظرية الاجتماعية العلمية ان الافكار السائدة في عصر ما انما تمثل افكار الجماعات السائدة،والعقم الفكري العام انما يمثل نظاما اجتماعيا عالميا استنفد وظائفه التاريخية ودخل في دور العقم والانحلال،ويتمحور حول احتقار العامة واعتبار الاقليات والنخب المبدعة هي المحركة للتاريخ ونسبة التطور الاجتماعي لقوى دينية او طائفية او اصطفائية او ميتافيزيقية او نفسانية،ومسحة التشاؤم التي تعبر احسن تعبير عن بأس النظام الاجتماعي السائد،وفهم الحضارات التاريخية كحلقات مفرغة مغلقة دون ادراك وحدة الحضارة المعبرة عن وحدة الجنس البشري،وتفسير الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تفسيرا روحيا صرفا كالتوتر او الجشع او هرم الروح..كل ذلك يدل دلالة ناطقة على ان عصر ديكارت ولوك وروسو وبيوكل والموسوعيين وغيرهم من اعلام التفسير العلمي والعقلي للكون،قد زال ومضى،لأن البورجوازية قد انهت دورها التقدمي في التاريخ،ولم تعد قادرة الا على الاحتماء بأفكار العصور الوسطى وهي الافكار التي قادت بنفسها حركة القضاء عليها.."راجع:د.ابراهيم كبة/نظرية  سريعة  في تطور  النظام  الاقتصادي/1953".
    بالرغم مما حققه اسلوب الانتاج الرأسمالي من تطور هائل في انتاج كل ماهو مادي،وتوسع المفهوم العلمي التكنولوجي ليشمل الى جانب الادوات والوسائل والعقول الالكترونية والربوتانتية كل شئ يضاعف القدرات الانسانية،وتدشين عصر جديد هو العصر المعلوماتي"تزايد دور واهمية التكنولوجيا المعلوماتية،النمو المتزن المضطرد المتوازي للاقتصاد المعلوماتي والتحكم  به عبر الدولة والقطاعات الاقتصادية الاخرى،توسع القاعدة المنظمة لاسس التحكم وتطبيقاته في الهياكل الاجتماعية،تركز وتمركز المعالجة والاتصال بالمعلومات،تصاعد نمو المعلوماتية في المعرفة والثقافة العصرية"انزاحت فيه المنظومات التقليدية القديمة في ادارة صراعات الوعيد والردع النوويين،الا ان التوزيع للثروة والسلطة لازال غير عادل،الامر الذي ضاعف من مستويات الفقر بسبب النهب المستمر لموارد الآخرين والاستغلال البشع للعاملين،وعمق ديناميكيا الفوضى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العالم وولد النظام العالمي الجديد والزعامة الامريكية والدور الياباني والالماني"انظر:الكاتب/المعلوماتية المعاصرة والحرب.."
    ان احد اهم مظاهر مأزق الرأسمالية استغلال تراجع التجارب الاشتراكية وفشل بعضها لتثبت انها الخيار الوحيد امام البشرية،لكن التجربة العلمية تؤكد تفاقم الازمة البنيوية الشاملة للرأسمالية وعجزها،رغم نجاحات التكييف والتجديد،عن القضاء على الازمات الدورية المتتالية...كما ان فشل تجربة ما او نموذج ما لا يلغي ويسقط القيمة المضمونية،بل العكس هو السليم.
   لقد دشنت الاشتراكية العلمية – الماركسية الطريق واطلقت العنان لمختلف الحركات والمدارس التي ترمي لتحقيق قدر من العدالة والمساواة بين البشر في مختلف انحاء العالم"الكينزية والفابية في انكلترا،مدرسة سلامة موسى والناصرية في مصر،لاهوت التحرير في اوربا وامريكا اللاتينية،الاشتراكية الديمقراطية في اوربا،المدارس الاشتراكية في بلدان العالم النامي - الثالث.والهب شوق وتطلعات البشر للعدالة الاجتماعية ما انجزته الانظمة الاشتراكية في المعسكر الاشتراكي السابق من اشباع الحاجيات المادية للبشر.ان الاشتراكية العلمية والمنهج الماركسي هو الطريق الوحيد للوصول للعدالة الاجتماعية"انظر:سكرتير الحزب الشيوعي الخطيب:الوصول للعدالة الاجتماعية يتطلب استخدام المنهج الماركسي في قراءة الواقع السوداني/صحيفة الراكوبة السودانية/(22/6/2014)"
   العدالة الاجتماعية - جوهر التنمية البشرية المستدامة
   التنمية البشرية المستدامة تعني :
   الشفافية والاعلام والمشاركة وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان المواطنة،الديمقراطية البيئية،حرية التعبير عن الرأي،حكم القانون،المجتمع المدني،السلم الأهلي،واطلاق البدائل الديمقراطية في مجالات الادارة والتعليم وصياغة القرارات المصيرية.
   الاولويات الجوهرية لحقوق الانسان،حقوق الطفل والمرأة،ومكافحة التعذيب ونبذ عقوبة الاعدام،ومكافحة الارهاب والفساد.
   ادارة الموارد الطبيعية،الادارة المستدامة للغابات وخفض عمليات التجارة غير القانونية بالاخشاب،احتواء الاخطار البيئية ونتائج هوس الحروب والعسكرة،والتنوع البيئي،والسياحة المستدامة.
   التنمية البشرية ضمان لتحقيق السلام الاجتماعي وتحقيق حماية البيئة والحياة وضمان استمرار النمو للاجيال القادمة وتحقيق الديمقراطية الحقة وحقوق الانسان،وتعرقل المظاهر الرأسمالية هذه التنمية بسبب الفقر والبطالة والامية وسوء توزيع الثروة والاصطفائية والاضطهاد المركب.ان التنمية الاقتصادية،وما يتصل بها من تنمية الموارد البشرية في ظل التنمية المستدامة،تأخذ الحيز الأهم ضمن استراتيجيات الحكومات الوطنية حيث يقع على عاتقها مسؤولية تحديث مؤسساتها وتأهيلها وتنشيط القطاعات الخاصة ومساعدتها على مواجهة موجات العولمة!
   ويحاول الاقتصاد الليبرالي تجريد مفاهيم التنمية البشرية والتنمية المستدامة من مضامينها التقدمية والديمقراطية الحقة،مثلما حاول الفكر البورجوازي في الحقب السابقة طرح مفاهيم التخطيط والبرمجة والاعمار واعادة الاعمار والتنمية خارج السياق الاجتمااقتصادي والخارطة الطبقية.وكعادتهم يحاول دهاقنة الرأسمالية القديمة والجديدة اكساب هذه المفاهيم،بما فيها التنميتين المستدامة والبشرية،الطابع المثالي والارادوي لخدمة قيم المشروع الحر والمنافسة في سبيل اقصى الارباح،القيم المتسترة بستار الحضارة الغربية كانعكاس للانهيار الاخلاقي التام بسبب الازمات البنيوية المستمرة وقبول الاخلاق الرأسمالية على علاتها ووحشيتها وقسوتها واستبدادها."انظر:الكاتب/عراق التنمية البشرية المستدامة"وكذلك"انظر:مينا دلشاد/ابرز المؤشرات الاجتماعية في العراق/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014".
    تكشف التنمية البشرية المستدامة واقع التباينات الاجتمااقتصادية والطبقية الحادة في المجتمعات وحجم الاهمال والحرمان والفقر،وهي مكملة لمنهج التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والقصير والتنمية.لقد قام قادة اكثر من مائتين وسبعين دولة بالتصديق على فكرة التنمية المستدامة تصديقا رسميا فى مؤتمر قمة الأرض في ريودوجانيرو عام 1992،بعد الاطلاع على التقرير الذى رفعته اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية فى عام 1987.وسعت اللجنة المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للامم المتحدة والاجهزة التابعة لها لوضع تعريف للتنمية المستدامة يتلخص في الارتقاء برفاهية الانسان والوفاء بالاحتياجات الاساسية للفقراء وحماية رفاهية الاجيال القادمة والحفاظ على الموارد البيئية ودعم انظمة الحياة على المستوى العالمى وفى الحدود المسموح بها،والعمل على ادخال الاطر الاقتصادية والبيئية عند وضع القرار.ومع اصدار تقرير التنمية البشرية لعام 1994 فان مفهوم الأمن البشري لم يقتصر على امن الدولة بل شمل امن الانسان وامن المجتمع بشكل يضمن حقوق المواطنين اضافة الى انه اخذ ابعادا متعددة.
    مع مطلع التسعينيات من القرن المنصرم حصلت قفزة نوعية في الفكر التنموي من حيث معالجة التنمية البشرية،فاذا ما كان مفهوم تنمية الموارد البشرية قد تطور حتى نهاية الثمانينيات ليشمل جوانب تشكيل القدرات البشرية كافة،فان مفهوم التنمية البشرية قد ركز بالاضافة الى ذلك على كيفية تحقيق الانتقاع من تلك القدرات،بحيث اعيد التوازن للمقولة الداعية الى(ان الانسان هو صانع التنمية وهو هدفها).يتضمن هذا المفهوم الابعاد الاتية:
1- ان الخيارات الانسانية تتعزز حينما يكتسب الناس القدرات البشرية،على ان تتاح لهم الفرص لاستخدامها ولا تسعى التنمية البشرية لزيادة القدرات والفرص فقط،ولكنها تسعى ايضا لضمان التوازن المناسب بينهما،من اجل تحاشي الاحباط الناجم عن فقدان الاتساق بينهما.
2- ينبغي النظر الى النمو الاقتصادي ليس بوصفها هدفا نهائيا للتنمية بل انه مجرد وسيلة لتحقيق التنمية.
3- يهدف مفهوم التنمية البشرية بتركيزه على الخيارات الى الاشارة ضمنا الى انه يتعين ان يؤثر الناس في القرارات والعمليات التي تشكل حياتهم،فيجب ان يشاركوا في مختلف عمليات صنع القرار،وتنفيذ القرارات ومراقبتها وتعديلها حينما يكون ذلك ضروريا من اجل تحسين نتائجها.
4- ان مفهوم التنمية البشرية مفهوم مركب ينطوي على مجموعة من المكونات والمضامين التي تتداخل وتتفاعل مع جملة من العوامل والمدخلات والسياقات المجتمعة واهمها:عوامل الانتاج،والسياسة الاقتصادية والمالية،مقومات التنظيم السياسي ومجالاته،علاقات التركيب المجتمعي بين مختلف شرائحه،مصادر السلطة والثروة ومعايير تملكها وتوزيعها،القيم الثقافية المرتبطة بالفكر الديني والاقتصادي،القيم الحافزة للعمل والإنماء والهوية والوعي بضرورة التطوير والتجديد اداة للتقدم والتنمية.ان التنمية البشرية تعتبر منقوصة اذا تمكنت من تعزيز قدرات الانسان دون التمكن من ايجاد الفرص الكافية في البيئة الاقتصادية والاجتماعية لاستخدام هذه القدرات بشكل فعال.فالتعليم قد يتحول الى بطالة عند اصحاب الشهادات اذا لم يترافق مع مشروع تنموي متكامل،وهو الامر الذي يؤكد على اهمية البعد الاقتصادي في نظرية التنمية البشرية.
    يصدر برنامج الأمم المتحدة الانمائي UNDP  تقرير التنمية البشرية سنويا منذ عام 1990 وبضمنه مؤشر التنمية البشرية الذي يرتب دول العالم في اطار ثلاث مجموعات تعكس  مؤشرات التنمية البشرية(مرتفع– متوسط - ضعيف).ويتم احتساب المؤشر المركب للتنمية البشرية على أساس متوسط ثلاث مكونات هي:طول العمر،والمعرفة(يقاس بمعدل محو الامية  بين البالغين ونسب الالتحاق في المراحل التعليمية المختلفة)،ومستوى المعيشة(يقاس بمعدل دخل الفرد للناتج المحلي الاجمالي الحقيقي)"تقرير التنمية البشرية لعام 2009/UNDP".
    المؤشر المركب للتنمية البشرية هو من المؤشرات المرتبطة بمناخ الاستثمار،وهذه المؤشرات هي:مؤشر الحرية الاقتصادية لقياس درجة التضييق التي تمارسها الحكومات على الحرية الاقتصادية،المؤشر الثلاثي المركب لقياس ثروات الأمم في الاقتصاديات الرأسمالية الناهضة،مؤشر التنافسية العالمي لقياس قدرة الدول على النمو والمنافسة اقتصاديا مع الدول الاخرى لتحقيق التنمية المستدامة وزيادة الكفاءة الانتاجية باستخدام احدث التقنيات وتحسين مناخ الاعمال،المؤشر المركب للمخاطر الوطنية – المحلية لقياس المخاطر المتعلقة بالاستثمار او التعامل مع البلد المعني وقدرته على مقابلة التزاماته المالية وسدادها،ومؤشر التنمية البشرية.
    مفهوم التنمية البشرية يتسع لكل مجالات حياة البشر من تعليم وصحة وعيش وامن فضلا عن التمتع بالحريات الأساسية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وتوسيع خيارات الناس،فالخيارات المتعلقة بالمشاركة السياسية والتنوع الثقافي وحقوق الانسان هي ايضا من اساسيات حياة البشر،مع الأخذ بنظر الاعتبار ان الخيارات الانسانية الاساسية حاسمة جدا لان تلبيتها ستمهد الطريق امام الخيارات الاخرى.
   في التنمية البشرية تستهدف الاستراتيجيات التنموية الناس قبل الانتاج،والتجارة،واسعار الصرف،واسعار الفائدة،واسواق الاوراق المالية"تقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2009".الهدف من توظيف مفهوم"التنمية البشرية"في الخطاب الاقتصادي المعاصر هو الارتقاء بالفكر التنموي من المجال الاقتصادي التقليدي الذي ظل سائدا خلال العقود الماضية الى مجال اوسع،مجال الحياة البشرية بمختلف ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.وتتم دراسة الاوضاع المجتمعية وتحديد التنمية البشرية التي وصل اليها المجتمع عادة بالاعتماد على محاور:الزمن(ما يحدث لدليل التنمية البشرية ومؤشراتها من تطور واستقرار خلال افق زمني محدد)،درجة التفاوت في مستويات التنمية البشرية بين مختلف الدول،توزيع نتائج التنمية وثمارها بين السكان(كيفية توزيع الدخل والثروة في المجتمع بهدف الحد من الفقر والقضاء على التخلف..وهذا المحور من اهم مكونات دليل التنمية البشرية،لأنه يعكس مستوى العدالة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء وبين الذكور والاناث وبين الريف والمدينة وبين مختلف المناطق والفئات.ويدعى المعامل الذي يعكس التباين في توزيع الدخل في البلد المعني بالمعامل الجيني(Gini)).
   تعتمد التنمية البشرية المستدامة مبدأ جعل التنمية في خدمة الناس بدلا من وضع الناس في خدمة التنمية،وهي تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب،بل توزيع عائداته بشكل عادل ايضا،وهي تجدد البيئة بدل تدميرها،وتمكن الناس بدل تهميشهم،وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم.ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في مصلحة الفقراء والطبيعة والبيئة وتوفير فرص العمل في مصلحة المرأة.انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة،انها تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم.
   التنمية البشرية المستدامة هي نظرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية تجعل الانسان منطلقها وغايتها،وتتعامل مع الأبعاد البشرية والاجتماعية باعتبارها العنصر المهيمن،وتنظر للطاقات المادية باعتبارها شرط من شروط تحقيق التنمية.فهدف هذه التنمية هو خلق بيئة تمكن الانسان من التمتع بحياة طويلة وصحية ولائقة.
    وعليه تتمثل عناصر التنمية البشرية المستدامة في:
1.   الانتاجية او المقدرة البشرية اي قدرة البشر على القيام بنشاطات منتجة وخلاقة.
2.   الاستدامة اوعدم الحاق الضرر بالاجيال القادمة سواء بسبب استزاف الموارد الطبيعية وتلويث البيئة او الديون العامة التي تتحمل عبئها الاجيال اللاحقة.
3.   المساواة او تساوي الفرص المتاحة امام كل أفراد المجتمع دون تمييز.
4.   التمكين:فالتنمية تتم بالناس و ليس فقط من اجلهم.
    تشترط التنمية المستدامة صراحة والزاما ديمومة العملية التنموية وتوزيع الموارد والمنافع الاقتصادية اجمالا بين الاجيال الحاضرة والاجيال المقبلة،وكذلك وضع البعد البيئي للاستدامة كأحد الابعاد الاساسية مع البعد السياسي.هل يتيح النمط الرأسمالي المتجسد في نظام السوق نموا مستداما واستغلالا رشيدا للموارد اقتصاديا ومستداما بيئيا؟خاصة وان طبيعة السوق ونظام السوق الرأسمالية تنفي حكما امكانية ثبات النمو وتواصله دون انكفاء وتحتمل ظهور الأزمات الاقتصادية بشكل متكرر.ان اعطاء دورا اساسيا للدولة يخفف التناقض بين التنمية المستدامة ونظام السوق شريطة الالتزام بالديمقراطية السياسية والمؤسساتية المدنية والشفافية كي لا تقع هذه الدولة في فخ البرقرطة والكومبرادورية والطفيلية.
    التنمية المستدامة Sustainable Development هي توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال تكوين رأسمال اجتماعي لتلبية حاجات الاجيال الحالية (بأعدل) طريقة ممكنة دون الاضرار بحاجات الاجيال القادمة،واعادة توجيه النشاط الاقتصادى بغية تلبية الحاجات التنموية الماسة للدول والافراد والاجيال القادمة،تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها،واختيار الأنماط الاقتصادية والاجتماعية التنموية التي تتناسب مع الاهتمام البيئى الملائم،ومنع حدوث اضرار سلبية من دورها ان تنعكس على البيئة العالمية.ويواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدالة الاجتماعية.يستخدم مصطلح التنمية المستدامة للتعبير عن السعي لتحقيق نوع من العدل والمساواة بين الاجيال الحالية والاجيال المقبلة،وهذا يعني ان لا تعرض العمليات التي يتم بوساطتها تلبية حاجات الناس واشباعها للخطر قدرة الاجيال المقبلة على تلبية حاجاتها واشباعها.اعتمدت التنمية البشرية المستدامة على قياس دليل التنمية البشرية Human Development Index،ويتضمن الدليل التركيبي للتنمية البشرية ثلاثة مكونات:الصحة(العمر المتوقع عند الولادة)،التعليم(معرفة القراءة والكتابة للكبار ومعدلات الالتحاق بمراحل التعليم)،الدخل(متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي المعدل بالقدرة الشرائية الفعلية).وتضمنت تقارير التنمية البشرية التي اصدرها برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP قائمة طويلة من المؤشرات التفصيلية- الى جانب ادلة التنمية البشرية الثلاثة الرئيسة:مقياس التنمية البشرية،دليل التنمية البشرية المرتبط بالنوع الاجتماعي،مقياس التمكين المرتبط بالنوع الاجتماعي.
    تتضمن التنمية المستدامة ابعاد حاسمة ومتفاعلة هي كل من الابعاد الاقتصادية والبشرية والبيئية والتكنولوجية:وتشمل الاقتصادية حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية،ايقاف تبديد الموارد الطبيعية،المسؤولية الاممية وخاصة البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته،تقليص تبعية البلدان النامية،التنمية المستدامة في البلدان الفقيرة،المساواة في توزيع الموارد،الحد من التفاوت في المداخيل،تقليص الانفاق العسكري"راجع:عبد الله محسن جايد/ابرز المؤشرات الاقتصادية في العراق/دراسات وبحوث مجلس النواب العراقي 2013 – 2014".اما البشرية فتشمل تثبيت النمو الديموغرافي،مكانة الحجم النهائي للسكان،اهمية توزيع السكان،الاستخدام الكامل للموارد البشرية،الصحة والتعليم،دور المرأة،الاسلوب الديمقراطي في الحكم.وفي خانة الابعاد البيئية تقع اتلاف التربة واستعمال المبيدات وتدمير الغطاء النباتي والمصايد،حماية الموارد الطبيعية،صيانة المياه،تقليص ملاجئ الانواع البيولوجية،حماية المناخ من الاحتباس الحراري.بينما تشمل التكنولوجية استعمال تكنولوجيات انظف في المرافق الصناعية،الأخذ بالتكنولوجيات المحسنة وبالنصوص القانونية الزاجرة،المحروقات والاحتباس الحراري،الحد من انبعاث الغازات،الحيلولة دون تدهور طبقة الأوزون.
    تلعب تقنية المعلومات دورا مهما في التنمية المستدامة:
1.   تعزيز البحث العلمي وتطوير تكنولوجيات المواد الجديدة والتكنولوجية المعلوماتية والاتصالات والتكنولوجيات الحيوية،واعتماد الآليات القابلة للاستدامة.المعارف والمعلومات تعد عنصرا أساسيا لنجاح التنمية المستدامة ولابد من نقلها الى العامة بامانة وكفاءة عبر الاتصالات والوسائط الملتيميدية والانترنيتية.
2.   تحسين الاداء المؤسساتي بالتكنولوجية الحديثة.
3.   تنمية القدرات العلمية والتكنولوجية وفرص الابتكار لترسيخ  التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وايجاد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر.
4.   المضي قدما للتحول الى المجتمع المعلوماتي وادماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
5.   توسيع القاعدة المنظمة لاساسيات التحكم وتطبيقاته في المؤسساتية الاجتماعية.
6.   إعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
7.   الدراسة الاكاديمية والشعبية للاقتصادين الكلي والجزئي (Macro & Micro).
8.   خفض الشدة الطاقية عبر رفع كفاءة انتاج المواد الحاملة والناقلة للطاقة(Energy Carriers)وتقاس عادة بوحدة(كيلوواط ساعة/طن من الوقود المحترق)،رفع كفاءة تقنيات استهلاك الطاقة،التغيير الهيكلي في استخدام المواد كثيفة الطاقة(Intensive)وتقليص الطلب عليها في المستويات العليا للنشاط الاقتصادي.كل ذلك يعزز من ميل هبوط الطلب على الطاقة والتوجه الى انتاج السلع بدل انتاج الخدمات!
9.   تطوير البرامج الوطنية لحفظ الطاقة.
   الفقر هو ضعف الفرص والخيارات وليس تدني الدخل فقط
   الفقر ظاهرة اجتماعية اقتصادية سياسية تعبر عن حالة عدم حصول الفرد على حد ادنى من الرفاه الانساني ومستوى للمعيشة يعتبر لائقا او كافيا.الفقر هو فقر الفرص والخيارات وليس فقر الدخل،وهو ذو ابعاد نفسية وانسانية ينمو في سياق تاريخي- مجتمعي - جغرافي ضمن زمن محلي وعالمي.
    يرتبط الفقر بما تتعرض له الشعوب من افقار وادامة افقار فئات واسعة منها،وتؤدي اعمال العسكرة والتجييش والارهاب والتهجير القسري وتعاظم مظاهر التمييز العنصري والطائفي ودور الوشائج الاصطفائية والولاءات دون الوطنية وتراجع فاعلية مؤسسات الدولة واهتزازها..الى جانب الحروب الكارثية الى تدهور اوضاع الشعوب وتصاعد حالات النزوح الامر الذي يسهم في ارباك الاوضاع الديموغرافية وافقار الاسر النازحة.وهذا يرتبط ايضا بتدني موارد الدولة على الانفاق الاجتماعي والخدمات وتدهور البيئة الاجتماعية،وتفشي اجواء عدم الامان والاستقرار على المستويين الفردي والعام.وينتج عن ذلك تحول الشعوب الى ما يشبه نزلاء معسكرات اللاجئين الذين يتقدمون لطلب الغذاء والدواء،وهم محرومون من اية حقوق مدنية.
   لقد تراجع الاقتصاد العراقي بسبب ضعف القدرة الانتاجية والبنية التحتية على نطاق واسع حيث انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي(GDP) من 2741.5 دولار عام 1983 الى ما يقارب 455.5 دولار عام 2000،وبالرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي(GDP) الى ما يقارب 3500 دولار عام 2011 الا انه لازال ما يقارب من خمس سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر وفق تقديرات الحكومة العراقية"السياسة الصحية الوطنية 2014- 2023/وزارة الصحة العراقية".وتشير تقديرات المنظمات الدولية ان هذه المعدلات متواضعة مقارنة مع حقائق الاوضاع المعيشية.

 

"راجع:د.بارق شبر/مؤشرات الاقتصاد الكلي 2003 - 2013"

 

جدول يبين مساهمات النشاطات الاقتصادية بالنسب المئوية
"راجع:كامل العضاض/تحديات وعوائق التنمية/النمو-العراق كحالة شاخصة"

النشاط الاقتصادي   2003   2008   2009
الزراعة   14.3   7.5   5.2
التعدين والمقالع بما في ذلك استخراج النفط الخام   51.0   44.8   43.3
الصناعة التحويلية   4.3   3.2   2.6
الكهرباء والماء   0.7   1.4   1.8
البناء والتشييد   0.9   3.2   4.3
النقل والمواصلات   3.2   4.2   6.5
تجارة الجملة والمفرد   3.3   5.5   7.9
المال والتأمين والعقار   4.1   8.1   10.3
ملكية دور السكن   3.8   10.1   9.4
خدمات حكومية اخرى   15.0   18.1   16.6
الناتج المحلي الإجمالي   100%   100%   100%

تطور نسب مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي للعراق بالأسعار الجارية بين الفترة 1997 - 2003
"راجع:مؤسسة فريدريش ايبرت- مكتب الاردن والعراق/د.صالح ياسر/ورقة سياسات/النظام الريعي وبناء الديمقراطية:الثنائية المستحيلة- حالة العراق/2013"

العام   مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي في العراق %
1997   73.5
1998   68.3
1999   77.9
2000   83.1
2001   74.2
2002   70.4
2003   68.1

   خلال حقبة الحصار الطويلة تدهورت الاوضاع المعيشية لغالبية العراقيين،وبات الناس لا يقدرون على تناول الطعام الذي يوزع عليهم بالبطاقة التموينية لان حصة الطعام بالنسبة للكثيرين تمثل مصدر الدخل الرئيس للعائلة حيث يقومون ببيعها لكي يستطيعون شراء ضرورات اخرى.وبعد ان كان العراق في قمة السلم بين البلدان النامية من حيث نسبة دخل الفرد الى الناتج القومي الإجمالي،اصبح دخل الفرد الحقيقي الشهري عام 1993 اقل من دخل العامل الزراعي غير الماهر في الهند التي تعد من افقر بلدان العالم،حسب تقارير اقتصادية غير رسمية.وكانت مستويات معيشة الافراد والاسر هي الاكثر تضررا بشكل عام،وخصوصا الاسر ذات الدخل المحدود او الدخل المتوسط.وطبقا لتقديرات منظمة الغذاء والزراعة الدولية(الفاو- FAO)لعام 1995 انخفضت مستويات الدخول والمعيشة لثلثي سكان العراق،واصبح دخل الاسرة يقارب ثلث دخلها مقارنة لعام 1988.
    تتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين تصاعد الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى،لينعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،وليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطاب<

8

داعشيات ما قبل الداعشية
سلام كبة

   تنتعش الداعشية مع محاولات تأطير المجتمع دينيا والرهان المستمر على المرجعيات الدينية والطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني وتهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى!وبالتالي انتشار سرطان انصاف المثقفين واشباههم والادب الشوفيني الطائفي الانتهازي الوصولي!واساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية!وتبني سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل والسفسطة والنفعية،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي!
   الداعشية وحركات الاسلام السياسي تجهد لاحياء عهود ما قبل الدولة الحديثة والعقد الاجتماعي(هوبس)،عهود ما قبل السياسة،وتمتلك آيديولوجياتها الشمولية التي تنقضّ على الدول الضعيفة المرتبكة في اتون العولمة المعاصرة!ولتستعين بالحاكمية الآلهية ودولة الخلافة والهويات الجزيئية والوشائج الاصطفائية والميليشيات!ولتستغل وظيفة الدين المجتمعية في سعيها ان يسهم الفهم الديني المتطرف وخاصة الفهم السلفي الجهادي والطائفي في تبرير اعمالها الارهابية البربرية والشاذة!والداعشية او التدعش،ظاهرة اجرامية خطيرة تروج لثقافة السيف والذبح والصلب والجلد والرجم والسبي وفرض الاتاوات ونسف القبور والاضرحة والنصب التذكارية!لا تختلف قيد انملة عن ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية والرايات السوداء والملابس السوداء!ثقافة البكاء على الاموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الاكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات!
   لولا تصاعد مظاهر التفرد بالسلطات والقمع والارهاب الحكوميين وانتهاكات حقوق الانسان والفساد وهدر ونهب المال العام واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل والاستيلاء على المفوضيات المستقلة والنقابات والمؤسساتية المدنية في بلادنا ومحاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية،ولولا انتهاز الطائفية السياسية والولاءات المتنفذة الانتقائية الدستورية والأهواء الشخصية لفرض سطوتها عبر الرهان المستمر على القمع والعسف والجهل والامية!ولولا هذه العقلية المريضة التي تسترسل في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالحلول الترقيعية والمبادرات الصبيانية واعادة انتاج التبريرية النفعية التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام)!ولولا الفوضى السياسية العارمة والتمادي في الاستهتار والازمات السياسية المتتالية وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة وتواصل مسلسل القادسيات الايمانية!ولولا سلطانية الحكام الذين ينصبون انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعوب،كأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذه الشعوب المغلوبة على امرها،ليحددوا لها ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب!ولولا الفتاوي البليدة والدعوات المغرضة لبعض المراجع الى عدم الوقوع في فخ الرياضة والانترنيت وحبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي لأنها من وحي الشيطان والزندقة!ولولا فوضى التحريم التي لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع ليتحول بعض المطربين من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب والشعائر الدينية!ولولا تآكل المشهد الثقافي بالرضوض السايكولوجية والاجتماعية التي ولدت عند المثقف والفنان الصدمة الكبيرة والخوف من المجهول ومن التوتر النفسي والامني والاجتمااقتصادي!ولولا انتهاك حرمة الجامعات والوسط الاكاديمي وتدني المستوى العلمي والعزلة العلمية التقنية وانتشار مظاهر التعصب والعدمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين ومحاولات الفصل بين الجنسين وتحول باحات وقاعات وحدائق ومكتبات كليات مرموقة في الجامعات الى مواكب عزاء عاشورية بالمعنى الكامل للعبارة!!ولولا تحول القضاء الى بنت هوى للسلطات التنفيذية وتبرئة الوزراء الفاسدين لعدم كفاية الادلة،الى قضاء مسيس وغير مستقل!ولولا الارهاب الذي ارتكب ويرتكب الفظائع في المدن ومدفوع بآيديولوجيات شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط الناس وابتداعه الأساليب الجديدة عبر تفخيخ السيارات والأحزمة الناسفة وزرع العبوات الناسفة واللاصقة على جوانب الطرق وفي الاسواق والتجمعات المكتظة بالناس واستخدام كواتم الصوت في الاغتيالات الهمجية..الخ!ولولا فضائح السجون والمعتقلات وهروب اعتى المجرمين بالجملة والحال السئ الذي وصلت اليه حقوق الانسان والتي تنتج لنا كل يوم عشرات الجثث المعروفة والمجهولة؟!ولولا غياب وتغييب لجان التحقيق وطمر ذاكرة نصف عقد من الزمن لأن ثقافة شراء السكوت المتبادل بين الضمائر العفنة(اصحاب النفوذ) وازدهار تجار السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض والتهريج وشراء الذمم وولائم الصفقات والعمولات والتعهدات خلف الكواليس والمغانم هي الثقافة السائدة لينام اللصوص والحرامية والقراصنة رغدا!ولولا السلوكيات الشوفينية والطائفية التي سادت الحكام والأحزاب السياسية حتى بعد عام 2003!لولا ولولا ... كل ذلك،لما سقطت الفلوجة والموصل وسنجار وزمار وتكريت وهيت وبيجي والرياض ومخمور ومناطق واسعة في ديالى بأيدي داعش دون مقاومة.
   تستلزم المعركة مع الداعشية والبربرية المتوحشة والطائفية السياسية التمسك بالقيم الانسانية،قيم الحرية والعدالة،واعطاءها الدلالات الملموسة،والتحول من موقف المتفرج المنتظر للفرج الى الموقف الفاعل الناشط العملي عبر الالتزام بمبدأ فصل الدين عن الدولة ونبذ نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ورفض الشمولية والتمييز العنصري والديني والطائفي والفكري وازاء المرأة بمختلف اشكاله ومظاهره،وقبر الميليشيات بمختلف مسمياتها والسواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة!ولا يمكن ان يحصل ذلك الا تحت ادارة واشراف الدولة المدنية الديمقراطية والعلمانية التي تبتغي العدالة الاجتماعية وتحترم كل الاديان والمذاهب وتسمح لها بممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية وتمنع عنها الاساءة والتمييز!

بغداد
7/11/2014



9
الاتصالات المستفيدة من هذا الوضع!انها عملية خصخصة غير مدروسة لقطاع الاتصالات تؤدي بالنتيجة الى تسريح آلاف الموظفين وهدر الطاقات الفنية والعلمية والادارية التي يمتلكونها،وتدمير قطاع الاتصالات الارضية في حين ان هذا القطاع لازال يعمل في كل دول العالم ويتم تطويره بالتوافق مع الهاتف النقال والثابت،وزيادة هيمنة شركات الهاتف النقال والثابت(اللاسلكي)على المواطن العراقي وعلى الاقتصاد العراقي دون خدمات مميزة تذكر.

•   الفجوة الحضارية وتردي القيمة العلمية البحثية
 
 من المفيد الاشارة الى ان انتشار المظاهر الحضارية في بلادنا اليوم يتصف بالسمات التالية :
1.   الطابع الاستهلاكي وسيادة العقلية الاستهلاكية – انتاج التخلف السائد،وزيادة الميل للاستهلاك الترفي الذي امتد ليطول بشكل متفاوت عموم الطبقات والفئات الاجتماعية.
2.   اقتصار الترف على شرائح معينة في المجتمع وظهور رديف قوي يدعم الزعامات العشائرية برفضها ومضايقتها القانون متمثل بالشرائح الطفيلية،وهي تثرى مع مرور الزمن بسرعة كبيرة لاستغلالها السلطات القائمة وممارستها النشاط الاقتصادي غير المشروع والصفقات غير القانونية ونهب المال العام والخاص وتعاطي الرشوة والركض وراء السلع الاستهلاكية والتقنيات الجديدة لأغراض تجارية بحتة.
3.   تعمق التشوه الاجتماعي بسبب التوتر الاهلي القائم!
4.   تغييب الاستراتيجيات الوطنية!
5.   الطابع الارادوي الاصطفائي واللاوطني في سياسة تكريس التخلف!
  لابد من الاشارة الى عوامل عديدة تساهم اليوم ايضا في تردي القيمة العلمية للتعليم والبحث العلمي والتقانة الجديدة في مقدمتها :
1.   سيادة اساليب النقل التكنولوجي السلبي والافتقار الى اساليب التنظيم والادارة العلمية الجيدة في المواجهة المباشرة مع الاحتكارات والشركات متعددة الجنسية وغير المباشرة مع هيئات الامم المتحدة والمنظمات الانسانية المختلفة!كما تتعظم التبعية الى الخارج وتكتسب اشكالاً جديدة غير مألوفة وبالغة الخطورة.وادى النقل التكنولوجي السلبي الى التدفق العشوائي للسلع الاجنبية من مناشيء مختلفة وعدم اخضاعها لقوانين التقييس والسيطرة النوعية مما ابعد القطاع الصناعي،بشقية الحكومي والخاص،عن ميدان المنافسة وادى الى  تدني مستويات الانتاج المحلي،نوعا وكما.
2.   ضعف القوة الشرائية والطلب الفعلي على الوحدات الانتاجية وفقدان الاسواق الوطنية.
3.   سرعة تقادم التقنيات والتكنولوجيا وازمة تجديدها لأن الأسس الانشائية لهذه التقنيات لا زالت بعيدة المنال!بمعنى اخرى،سرعة تقادم وسائل الانتاج وهيمنة الاساليب القديمة وغير الكفوءة التي ادت وتؤدي الى ركود وتدني مستويات الانتاج،الى جانب عدم اضافة خطوط انتاجية جديدة او ادخال تكنولوجيا حديثة، الامر الذي ادى الى ارتفاع تكاليف الانتاج ومن ثم الى  ضعف او انعدام القدرة على منافسة السلع الاجنبية.
4.   توقف الدولة عن دعم المشاريع الصناعية ومنها المشاريع الصناعية ذات المكوِّن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة وذات الاهمية الاستراتيجية كالصناعات الكيمياوية والبتروكمياوية والانشائية والصناعات التعدينية كاستخراج الكبريت والفوسفات،وتوقف وتعطل المنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة والاهمال المتعمد لاعادة تأهيلها واصلاحها،اداريا واقتصاديا والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.
5.   ضعف رؤوس اموال القطاع الخاص نتيجة حال دون تحقيق التراكم المطلوب الذي يحتاجه الصناعي لتطوير مصنعه او تجديده،مع عدم وجود نظام تمويلي متكامل يمكنه من المساهمة الفعلية في تطوير هذا القطاع ومؤسساته!يضاف الى ذلك،الظروف الامنية وحالة الاستقطاب الطائفي التي ادت بدرجة كبيرة الى هجرة الصناعيين الى بلدان اخرى،بحثا عن بيئة استثمارية افضل وظروف اكثر امانا لهم ولعائلاتهم.
6.   ضعف دور الصناعات الصغيرة والمتوسطة بل واندثار الكثير منها نتيجة الظروف الامنية المتردية واوضاع الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وغيرذلك،اضافة الى عدم التنسيق بين المشاريع الصناعية ضمن القطاع الواحد او مع القطاعات الاخرى بسبب عدم وجود سياسات اقتصادية واضحة.
7.   الضبابية القانونية وهشاشة نهج التخطيط على النطاقين الاستراتيجي والتكتيكي،وتخلف التشريع في حماية التقانة والتكنيك المعاصر والعلوم والتكنولوجيا الحديثة.
8.   مراوحة الخدمات المصرفية وما ينجم عنه من اعاقة للنمو الصناعي.
9.   فوضى التنسيق بين القطاعات الاقتصادية وخاصة بين القطاع الصناعي وبين مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية الأخرى،وخصوصا مع القطاع الزراعي.
10.   انعدام الاستثمارات المناسبة لاقامة البنى التحتية في الريف(الخزن والنقل والكهرباء ومكافحة الحشرات والامراض التي تهدد الانتاج الزراعي)،وبناء المرافق الحضارية في الريف،بما في ذلك بناء القرى العصرية وبالشكل الذي يؤمن تقليص الفجوة بين المدينة والريف،واهمال البحوث العلمية المختلفة التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي في مختلف المجالات،سواء بإيجاد البذور المحسنة او ايجاد السلالات المقاومة للامراض المختلفة او المقاومة للظروف البيئة.وشمل هذا الاهمال قطاع الثروة الحيوانية والسمكية وتحسين الاصول الجيدة وتوفير الادوية واللقاحات البيطرية والاعلاف المدعومة واعادة تشغيل المشاريع الحكومية في مجال الانتاج الحيواني والنباتي والثروة السمكية.

•   العلوم والتكنولوجيا والمهام المستقبلية
   
   اتبعت الحكومة العراقية بعد عام 2003 سياسات اقتصادية انتقائية ونفعية غير مدروسة وغير مفهومة،تتميز بغياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!وشهدت البلاد تعمق السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،بل لم يعد الاقتصاد العراقي ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه.وينعكس الضعف الاقتصادي البنيوي في التجارة الخارجية،وانعدام الصادرات غير النفطية،بينما تؤلف السلع الاستهلاكية نسبة عالية من حجم الاستيرادات الكلي.ويلاحظ  تدهور متواصل في امكانات وقدرات القطاع الخاص الانتاجي الذي يستحوذ على نسبة تشغيل للقوى العاملة في البلاد تزيد على 85%.كما تبنت الدولة سياسة الانفتاح على الاسواق الخارجية،والغت جميع القيود والضوابط على الاستيراد،ووضعت الانتاج المحلي الضعيف والمنهك امام منافسة غير متكافئة مع المنتج الاجنبي،ما ادى بالضرورة اى انهيار معظم ما تبقى من الصناعة الوطنية.
  ان تفعيل دور الدولة وتمتع القطاعات الصناعية الرئيسية بالدعم الحكومي يجب ان ينصب على حيازة التكنولوجيا والتدريب واعادة الهيكلة والنفاذ الى الاسواق ونشر المعلومات وتقديم القروض باسعار فائدة منخفضة،واشراك القطاع الصناعي الخاص العراقي عبر منظماته الاقتصادية الفاعلة في سن وتشريع القوانين الاقتصادية.وتقع امام الحكومة العراقية اليوم مهام اساسية تشكل عماد الاستراتيجية الوطنية في مضمار العلوم والتكنولوجيا:
1.   نهج كل السبل الممكنة الى سياسة ثقافية ديمقراطية علمانية تعتمد الحوار اساسا في حل المعضلات!وتحرير الثقافة العلمية التقنية من قيود الفكر الواحد والرأي الواحد،ومن الجمود والانغلاق وكل سمات الفكر الشمولي،وضمان عدم تسييس المؤسسات الحكومية المختصة بالعلوم والتكنولوجيا او تسخيرها لمصالح حزبية او مذهبية،ورفض تهميش العلماء وخبراء التكنولوجيا والمبدعين،واحترام استقلاليتهم،ورعايتهم وتكريمهم والاحتفاء بانجازاتهم.ان تطوير المفهوم الشعبي العام الواسع عن دور واهمية التقنيات الحديثة والعلوم المتقدمة لا يمكن ان يجري بمعزل عن ترسيخ المجتمع المدني  في العراق ومؤسساته،وتكريس عقلية احترام حقوق الانسان ومراقبة السلوك الاداري!
2.   الحماية القانونية الصريحة للتقنيات الحديثة لانها ثروة وطنية ترفع انتاجية العمل وتشبع حاجات المواطن،والمحافظة على الكوادر والمهارات العلمية والتقنية ورعايتها وتشجيعها والعمل على اجتذاب الكوادر التي غادرت العراق والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية!
3.   اعتماد الدولة استراتيجية وطنية في مضمار العلوم والتكنولوجيا بعيدة المدى تحافظ على التوازن والتكييف الهيكلي ووضع النظم والاستقرار ولا تنشغل بجزئيات هذا القطاع الحيوي،واعادة تأهيل وهيكلة وزارة العلوم والتكنولوجيا لتتولى ادارة ميادين العلوم والتكنولوجيا والاشراف عليها في بلادنا بمرونة اكبر!
4.   حماية خصوصية المواطن والشغيل في بلادنا وحقه في صيانة حياته الخاصة وحجبها عن الآخرين وفي معرفة كل ضروب المعلومات المؤثرة على مستقبل العراق والمؤثرة على المصائر الانسانية،والدفاع عن حق الشعب في استخدام المعلومات بسعر رخيص في كل مكان وفي اي وقت والاشتراك المباشر في ادارة البيئة التحتية للاعلام.
5.   اتباع سياسة اعلامية علمانية عقلانية على الصعيدين الرسمي والشعبي،وضمان حرية التعبير والنشر عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية،وتأمين  حرية الحصول على المعلومات وتداولها بما ينسجم و نصوص الدستور ومواثيق حقوق الانسان،وتحريم ما يحرض على التعصب والتطرف،عرقياً أو دينياً أو طائفياً،او على العنف،وتجسيد ذلك بتشريع قانون حرية التعبير وقانون حرية الحصول على المعلومات.
6.   التزام الدولة ادارة البحوث العلمية التقنية بتعاون وتنسيق مع الوسط الاكاديمي والمنظمات غير الحكومية،وتمويل النشاط والانتاج في هذا المضمار وما يتطلبه ذلك من مرافق حديثة في المحافظات كافة:مختبرات،مكتبات متخصصة،مراكز ومعاهد ومعامل بحوث وغيرها.وتشجيع دور الشركات وقطاع الاعمال العراقي الخاص للشراكة بتمويل مشاريع البحث العلمي ذات المردود الاقتصادي والعلمي الجيد!
7.   اعتبار القطاع الاستخراجي النفطي  قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي..واعادة تأهيل المنشآت النفطية والصناعات التكريرية وتوسيع شبكات انابيب النفط والغاز الداخلية والاهتمام بتنويع منافذ التصدير،والسعي الى تحديث المصافي ومنشآت توزيع المنتجات النفطية والغاز،وانشاء مصافٍ جديدة بتقنيات عصرية تلبي الحاجة المحلية..والعمل على تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز،محطات عزل الغاز،محطات الضخ،انابيب ايصال النفط من اجل رفع انتاجها  واستمرار تدفق النفط العراقي للاسواق الخارجية،واعادة اعمار ما دُمرِّ أثناء الحرب ومحاصرة ازمات الوقود الخانقة..واعتماد استراتيجية للتعجيل في نقل استهلاك الطاقة محليا من النفط الى الغاز لتوسيع فائدته الاقتصادية والبيئية في ميادين لها الميزة النسبية الواضحة مثل الأسمنت والكهرباء والزجاج…الخ،واتخاذ موقف حازم ازاء الممارسات المضرة بالآفاق الاستخراجية من المكامن المنتجة التي تعرضت الى سوء الاستغلال،ومحاورة الشركات العالمية حول المساعدة في أتمتة وحوسبة وروبتة الصناعة النفطية وادخال التقنيات الحديثة فيها.
8.   ضمان دعم الدولة للمشاريع الصناعية ذات المدخلات المحلية والمكوِّن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة وذات الاهمية الاستراتيجية كالصناعات الكيمياوية والانشائية والصناعات التعدينية كاستخراج الكبريت والفوسفات وصناعات الزجاج والاسمدة،وتطوير الصناعات البتروكيمياوية بعد فصل النشاط البتروكيمياوي وتشكيل وزارة خاصة به وحجز نسبة 10% من ارباح النفط لهذه الوزارة كي تنهض بمهامها في وقت قصير،واعادة النظر في ارتباط عدد من المصانع العائدة لوزارة الصناعة والمعادن وتحويلها الى شركات قطاع مختلط وشركات مساهمة او شركات خاصة،على ان تقوم الدولة باعادة تأهيل هذه المعامل حيث لا جدوى من بيعها وهي متوقفة،وتحويل عبئها من الدولة الى القطاع الخاص!
9.   تعظيم القيمة المضافة من استغلال الغاز الطبيعي في تصنيع الاسمدة النتروجينية واستغلال الموارد في تصنيع الاسمدة الفوسفاتية لاسناد وزارة الزراعة والنهوض بالنشاط الزراعي في العراق!
10.   قيام الدولة بوضع السياسات التعدينية الاستراتيجية للبلاد ومراقبتها،والاشراف على حسن تنفيذها من قبل قطاع الدولة والقطاع الخاص..وتشجيع استغلال الخامات المعدنية واحياء الجهود لانعاش الصناعات التحويلية كثيفة الطاقة ومنها الحديد والالمنيوم والاسمنت والأسمدة!وفصل كامل نشاط التعدين في وزارة الصناعة وربطه بمجلس الوزراء.
11.   ايلاء اهمية قصوى لتطوير استخراج الغاز الحر،والاستفادة من الغاز المصاحب لغرض انتاج الطاقة الكهربائية وكمدخل اساس في الصناعات البتروكيمياوية وغيرها من الصناعات التحويلية الى جانب تصديره!
12.   تحقيق الترابط المتبادل بين النفط والزراعة واقامة الصناعات الزراعية والغذائية والصناعات الصغيرة والحرفية في الريف التي تساهم في زيادة دخل المواطنين وتخفيف الهجرة الى المدن...وبالتالي تأمين علاقة مناسبة بين التنمية الصناعية والتنمية الزراعية.
13.   تحفيز الرساميل الاستثمارية الوطنية الفردية الكبيرة كي تسهم في عملية اعادة تأهيل وتطوير الصناعة العراقية!ودعم القطاع الخاص وتشجيع مبادراته وتوفير البنى التحتية لتطويره وطمأنته بإقامة بنية مستقرة قانونية وادارية ومالية،ومنحه تسهيلات ضريبية تمييزية وتسهيلات ممكنة لمشاريعه التي تستخدم التقنيات الجديدة وتستخدم المواد الاولية المحلية،واشكالا مناسبة من الحماية لفترات محددة حتى يستطيع الارتقاء بمنتجاته لمستوى المنافسة!
14.   تأسيس المصرف العلمي التكنولوجي ودعم المصرف الصناعي وتعزيز رأسماله واعادة هيكلته عبر ربطه بوزارة الصناعة والمعادن لتمويل القطاع الصناعي بكافة مفاصله،وتشجيع تأسيس الصناديق والمصارف الاستثمارية المتخصصة في تمويل المشاريع الصناعية.
15.   التطبيق الفعال لقانون حماية المنتجات العراقية رقم 11 لسنة 2010،والاسراع في تشريع تعليمات تنفيذ احكام ھذا القانون!ان الابقاء على الرسم الكمركي البالغ 5% فقط يعني عدم حماية الصناعة الوطنية وقتلها واغراق السوق بالبضائع المشابهة المستوردة.
16.   توفير المستلزمات التقنية العالية لوضع واقرار استراتيجية التنمية البشرية المستدامة الشاملة للعراق،والمساهمة الفاعلة في ورش عمل التنمية المستدامة العالمية والاقليمية،وفي المؤتمرات والندوات الوطنية والعالمية ذات العلاقة في سبيل إحلال السلم الاهلي في البلاد.
17.   تنمية القطاع الصناعي بمعدلات مركبة سنوية واضحة المعالم مع الزام مؤسسات القطاعات الاقتصادية(العام والخاص والمختلط والتعاوني)بوضع الخطط الانتاجية للمنشآت التابعة لها لتحقيق التوازن المطلوب بين حجم الانتاج وحجم الطلب على المنتجات،ويعني ذلك الحرص على خلق التوازن الصائب بين الصناعات الثقيلة الانتاجية والتكنولوجية المتقدمة وبين الصناعات  الاستهلاكية!
18.   تحشيد مؤسسات التعليم العالي والتربية باتجاه فهم وتفسير وهضم العلوم الحديثة والتكنولوجيا المعاصرة،وربط التعليم(خاصة التعليم العالي والبحث العلمي)بحاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها!وصيانة حرمة الجامعات والمعاهد واستقلالها بما يعيد السمعة العلمية والاكاديمية للجامعة ومراكز البحث العلمي،والاهتمام بتطوير التعليم العالي ومراكز البحوث والدراسات التخصصية.
19.   العمل على تفعيل دور المؤسسات العلمية في تطوير القطاع الصناعي والمتمثلة بالكليات والجامعات التي تختص بالعملية الانتاجية لغرض تأهيل شركات القطاع الصناعي من خلال البحوث والدورات التخصصية في مجال تخطيط الانتاج لمنتسبي هذا القطاع وعن طريق استحداث مراكز متخصصة على غرار مراكز التعليم المستمر في هذه الكليات والجامعات المعنية بذلك وكما هو معمول به في الدول المتقدمة صناعيا،وتوفير جميع المستلزمات(البرامجيات المتخصصة في انظمة تخطيط الانتاج ووسائل ومستلزمات العملية التدريبية)وعلى الأخص انظمة (MRP) لملاءمتها بيئة صناعتنا ولما تمتاز به من اهمية في عملية التخطيط والسيطرة على الانتاج.
20.   انشاء معاهد ومراكز البحوث والاقسام العلمية التي تتصرف تجاه التكنولوجيا الحديثة بروح المسؤولية ومعالجة افتقار بناها التحتية الى الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية واعادة تأهيلها!والتركيز على دعم مراكز البحث العلمي الصناعي والزراعي والبيئي وفتح مراكز التدريب والتأهيل والمعاهد الفنية البوليتكنيكية!وايلاء الاهتمام بانشاء مراكز البحوث النفسية والباراسايكولوجية في بلادنا التي تتولى مهمة ضبط السايكولوجية الوطنية وخلق الشخصية المنضبطة ذاتيا والتي تتصرف تجاه التكنولوجيا الحديثة والبيئة والموارد الطبيعية بروح المسؤولية!
21.   الوعي المعرفي عالمي المضمون ومنفتح يستلزم تعاونا على الصعد الوطنية والاقليمية والدولية لحل معضلاته بالتنسيق اساسا مع الأمم المتحدة والهيئات الدولية لاستيعاب آخر المنجزات الحديثة.
22.   وضع استراتيجية بعيدة المدى لمعالجة وتحسين واقع الطاقة الكهربائية في البلاد،وابقاء البنى التحتية والخدمات الرئيسية،خصوصاً الكهرباء والماء والمجاري والطرق تحت ادارة الدولة!وتوزيع بناء محطات الكهرباء ونصب الوحدات بمعدل نمو سنوي لا يقل عن 15% لمعادلة الطلب المتنامي،والاستفادة من المحطات المتنقلة لتلبية جزء من هذا الطلب.من الضروري التركيز على التوليد الكهروحراري ومحطات الدورة المركبة Combined Cycle CCPP.وقد اكدت التوصيات الأستشارية منذ اكثر من نصف قرن على بناء المحطات الحرارية الكبيرة لأقتصاديتها ولضمان استقرارية الشبكة العامة،وعلى المحطات الكهرومائية على المدى الاستراتيجي.ويوصي الخبراء باستخدام الغاز الطبيعي بدل النفط لتشغيل المحطات الحرارية لأقتصاديته ونظافته البيئية،وبمحطات الدورة المركبة باستخدام التكنولوجيا الحديثة لتحسين وتخفيض المفقودات بمحطات التوليد الغازية التي تستخدم التوربينات الغازية ذات الدورة البسيطة،وعبر استثمار اكثر من دارة ثرموديناميكية واحدة!وهنا وجب تجنب استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة لأن ذلك يؤدي الى انخفاض كفاءة المولد وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،وكذلك تجنب الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق وتشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت!
23.   معالجة الخلل في التنسيق بين وزارات النفط والكهرباء والصناعة والعلوم والتكنولوجيا والتعليم العالي،وصولا الى دمج وزارتي الكهرباء والنفط في وزارة طاقة واحدة.
24.   تشجيع المشاريع والبحوث الهادفة الى تطوير مصادر الطاقة البديلة،كالمياه واشعة الشمس والرياح والمخلفات العضوية(البايوماس)وغيرها.
25.   توظيف العلوم والتقنيات المغناطيسية الصديقة للبيئة،والمياه المغناطيسية،في المجالات الصحية والطبية والبيئية المختلفة ولايجاد حلول لمشاكل نقص المياه والمتعلقة بالزراعة.
26.   تنظيم منح التراخيص لشركات الهاتف النقال والاتصالات الثابتة اللاسلكية وخدمات الانترنيت العاملة في العراق،وفرض غرامات متصاعدة وكبيرة عليها في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها،او تلبسها بعمليات الاحتيال الكبيرة على المواطنين!كالفشل في تأمين الاتصال،واستحالة اتمام المكالمة الواحدة دون محاولات عديدة ورداءة الصوت!ناهيك عن لجوء الشركات الى زيادة اعداد المشتركين بسبب اللهاث وراء زيادة الايرادات حتى وان كانت هذه الزيادة خارج طاقة الاستيعاب التقني للشبكات القائمة ما يؤدي الى قطع المكالمات فيضطر المواطن الى اعادة الاتصال عدة مرات،وعدم تنفيذ التزاماتها ومنها عدم فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصص المقررة للمواطنين في العقد وبالسعر الاسمي للسهم،وعدم الايفاء بدفع حصة الدولة من نسبة الايرادات الاجمالية من موارد الشركات،وتسديد الأقساط الباقية من قيمة التراخيص في الوقت المحدد.
27.   عدم الالتزام مع شركات الهاتف النقال بعقود طويلة الأمد(مدة العقود لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق 15 عام اي حتى سنة 2022)،لأن قطاع الاتصالات من اسرع القطاعات نمواً وتطوراً في العالم بحيث انه وخلال مدة اقل من خمس سنوات تظهر عدة اجيال من تقنيات الاتصال!وفي خلاف ذلك تكون الشركات حريصة على الربح اكثر من حرصها على تطوير تقنيات الاتصال لديها.وتخلو العقود الحالية من الشروط التي تضعها عادة الجهة المتعاقدة على الشركات لتطوير اجهزتها وتقنياتها لتقديم افضل الخدمات!
28.   اعتماد سياسة تنويع سلع الاتصالات الثابتة اللاسلكية والهواتف النقالة وسلع الانترنيت المنتجة محليا واستخدام الخامات الوطنية أساسا للانتاج وتقليص اعتماد السوق على ايراد قطع الغيار الضرورية من الغرب،وتأهيل الشركة العامة للصناعات الالكترونية لتأخذ على عاتقها جزء من هذه المسؤولية.ومن الضروري مراقبة تقنيات الاتصال التي تستخدمها  شركات الهاتف النقال وشركات الاتصال اللاسلكية،لأن العقود الحالية مع هذه الشركات تخلو من الشروط التي تضعها عادة الجهة المتعاقدة على الشركات لتطوير اجهزتها وتقنياتها لتقديم افضل الخدمات!
29.   رفع القيود التي تحاصر الاتصالات المتطورة والاقمار الصناعية التي تزيد من عدد ودور المشاركين في قضايا بناء الرأي العام،وتهدد شئنا ام ابينا،عاجلا ام آجلا،هيمنة الهرميات التقليدية والسلطات على بناء هذا الرأي،وبالتالي تسهم في تطوير ديناميكية اجتماعية تضغط بقوة في سبيل دمقرطة صيرورات اتخاذ القرار.وتزيد الاقمار الصناعية والطيران الكوني من السيولة المعلوماتية وتزعزع الافكار اللاهوتية والشمولية والرجعية،اذا جرت الاستفادة منها لاستغلال خيرات الارض وثرواتها استغلالا عقلانيا لخير البشرية.
30.   ابراز دور العلم والتكنولوجيا الحديثة في حماية التوازن الايكولوجي!والربط الخلاق بينها وبين التطوير المتناسق للشخصية العراقية تشترط اقامة المعارض المتخصصة الثابتة والمتنقلة والمتاحف ورعاية الانتاج السينمائي والتلفزيوني والنشاط المسرحي والتقنيات السمعية والبصرية باتجاه تكريس الوعي المعرفي الحديث المرتبط بالمنجزات العلمية التكنولوجية. 
31.   معالجة التغيرات البنيوية الناجمة عن اهمال مستلزمات حماية الطبيعة ومواردها وعن الحروب والاعمال الارهابية!والاهتمام بدراسة التلوث الناجم عن المياه الداخلة من دول الجوار والمتشاطئة مع بلادنا،واجراء جميع الدراسات الخاصة للمياه على ان يكون هناك تعاون بين  الوزارات ذات العلاقة،خاصة وزارات الصحة والبيئة والعلوم والتكنولوجيا والجامعات للحد من مشكلة التلوث او تقليلها في الاقل.
32.   ايلاء أقصى الاهتمام بالسدود التجميعية للمياه واستثمارها الامثل ودعم المشاريع التنموية المولدة للدخل.
33.   رفع قيمة التخصيصات الاستثمارية لاغراض الصيانة الايكولوجية في الموازنات المالية الحكومية الدورية واتباع خارطة توزيع اقليمي للمنشآت الصناعية تكفل ابعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة الانسان عن المدن والتجمعات والمناطق السكنية وبما يمنع تلوث الانهر،وتأكيد الأساليب العلمية الحديثة لتصفية المياه الثقيلة والعادمة صناعياً قبل تصريفها الى الانهار والاوساط المائية،ومعالجة النفايات السكانية الصلبة والنفايات الصناعية بطرق عصرية،وتطوير ادارة المخلفات الانشائية - مخلفات البناء والهدم،وادارة ومعالجة النفايات الصلبة  Municipal Solid waste باعتماد التقنيات الهندسية الحديثة،واختيار المعالجات المثلى بما يتلاءم مع البيئة الاجتماعية وتحقيق افضل عائد مالي ومعنوي.
34.   انشاء محطات تصفية وتدوير النفايات لحماية المياه والأجواء من التلوث بالنفايات الكيمياوية والمياه الثقيلة وغيرهما،والاهتمام بالطمر الصحي،وتوفير الدعم اللازم للاسراع في تنفيذ برامج حصر المناطق التي تعرضت للتلوث وتنظيفها،وتقديم حوافز للمواطنين تدفعهم الى التفكير والالتزام الجاد بإعادة  تدوير المواد المستعملة والمستهلكة ذات القيمة.
35.   ضمان حصول المعامل البلاستيكية على شهادات المطابقة الصحية والغذائية،والالتزام بالمواصفات الصحية العالمية ومطابقة جميع شروط السلامة البيئية عن طريق اختبار منتجاتها(الانابيب والكاشي والعلب والاكياس وكل الملحقات البلاستيكية..)لدى معاهد عالمية معتمدة من قبل هيئات دولية.
36.   انشاء المحميات الطبيعية للحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض!والسعي للانضمام الى اتفاقية التنوع البايولوجي العالمية للحفاظ على التنوع الاحيائي الذي تميزت به البيئة العراقية حيث تتواجد انواع نادرة من الاحياء النباتية والحيوانية غير الموجودة في اكثر دول العالم تنوعا.
37.   المساهمة الفاعلة في حملات تطهير بلادنا من حقول الألغام التي خلفتها الحروب الكارثية والتي تضم حوالي 20 مليون لغم،ووضع وتنفيذ برامج وطنية عاجلة  للتخلص من نفايات الحرب السامة في مختلف مناطق البلاد ومن بقايا وآثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية،وتنظيف البيئة من نفايات المواد المشعة والكيمياوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب،وتوفير التقنيات الحديثة للكشف عن المتفجرات،والافادة في ذلك من دعم المجتمع الدولي.
38.   المساهمة الفعالة في توفير تقنيات الحد من التصحر وحماية التربة من التعرية الريحية بالاعتماد على انشاء الواحات الصحراوية ومحطات المراعي الطبيعية،وزراعة اشجار الغابات ذات المردود الاقتصادي والمتحملة للعطش والمعروفة بمقاومتها للجفاف والملوحة وزيادة المساحات الخضراء في المناطق الصحراوية.
39.   تحديد مناسيب الضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت!واستحداث قوانين تمنع الضوضاء الطبيعية(الفيزيائية)لا تسمح بالتجاوزات والالتفاف عليها،وشمولها البنود الوقائية من الضجيج والتحديد الدقيق للمخصصات المهنية والشاقة اثناء التعرض الى مستويات الضوضاء العالية،ووضع معايير وحدود لضوضاء المركبات والطرق السريعة!واعداد المواصفات الوطنية الخاصة بالصوتيات والضوئيات والضوضاء والوسائل الصوتية ليتم الالتزام بتطبيق المعايير الواردة فيها لضمان خفض مستويات الضوضاء من مصادرها المختلفة!واتباع مبدأ فرض الغرامات التصاعدية على القائمين بالصخب الضوضائي واقامة شبكة رصد للضوضاء البيئية واعداد خريطة لها وقاعدة بيانات عن مستويات الضوضاء للاستفادة منها عند اقامة المنشآت الجديدة!
40.   ابتكار وانتاج وتوفير اجهزة التحسس Sensors(معدات ساحبة هوائية مفلترة واجهزة رش مواد وغازات ملطفة للاجواء ومرسبات ومعالجات كيمياوية وبايولوجية)للكشف عن وامتصاص الروائح غير العادية والنفاذة التي تؤثر على راحة المواطنين وتمنع التوسع في المساحات واشغال الارض واستغلالها!والروائح غير المحببة ذات النتانة التي لا تطاق وتخفيف الضغوط البيئية المتعددة من فيزيقية ونفسية اجتماعية وتوتر انساني  اي نمط واسلوب استجابة جسم الانسان للتأثيرات والضغوط والاحتياجات.
41.   اجراء التعديلات الضرورية على القوانين البيئية السارية وتشذيبها من الاغراض النفعية الضيقة!
42.   تنمية الثقافة المرورية الاحصائية وتحشيد الوعي المروري الوطني!
43.   المساهمة في وضع الاستراتيجيات الاسكانية وتوفير التقنيات التي تعالج التقادم الانشائي وتآكل المواد الانشائية وفوضى التوسع العمراني والتقادم العمراني!ووضع ضوابط ومواصفات فنية ومراقبة دورية لمحلات بيع المواد الانشائية!
44.   انشاء مراكز البحوث والاقسام العلمية التي تتصرف تجاه تكنولوجيا الاسكان الحديثة بروح المسؤولية،ومعالجة افتقار بناها التحتية الى الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية واعادة تأهيلها!ومساهمة وزارة العلوم والتكنولوجيا في توجيه التطور العلمي – التكنولوجي في هذا المضمار بالتعاون مع القطاع الصناعي والوكالات الحكومية وغير الحكومية!
45.   معالجة مظاهر الاغتراب المعماري وضياع الهوية المعمارية الوطنية وفوضى الفضاء الحضري الذي افرغ من القيم الجمالية وخصوصياتها المعمارية بسبب النمط الواحد في زرع الابنية وانعدام قيم التنوع وتقاطعات الطرق العشوائي وتكسراتها وتآكلها،وفوضى نصب الحواجز،وتدني خدمات الطرق والازدحامات المرورية!وتشريع قانون حماية التراث العمراني!
46.   توفير وابتكار تقنيات صناعة البناء الجاهز في العراق وتصنيع الالواح الجبسية الجاهزة للقواطع والتغليف ووحدات الجدران والسقوف الثانوية الجبسية!وانتاج الالواح الاسمنتية المسلحة بالالياف،ومعامل السيراميك والكثير من المواد الضرورية الداخلة في صناعة البناء كانتاج البنتونايت الكلسي والبوزلانا والالواح الليفية(فايبر بورد)!والاهتمام برفع جودة المنتج من الطابوق والطابوق الطيني والحراري وطابوق البوكسايت والدولميات والمنغنيز والسليكون والمواد القيرية واللباد المطاطي!
47.   اعتماد استراتيجية وطنية لقطاع الليزر ومشاريع تكنولوجيا النانو لتحسين مستوى الاداء،وادخال الطاقات الجديدة في الانتاج،والتغلب على معضلة قلة التخصيصات!
48.   الامن الغذائي في العراق مرهون بضمان اسعار عادلة للمنتجات الزراعية وتشجيع القطاع الصناعي الخاص على الدخول الى ميادين تعليب وصناعة المواد الغذائية ورفع اسعار شراء الدولة للغلل الزراعية من القمح والشعير والرز والذرة وبناء القرى العصرية في الارياف وايصال الخدمات التربوية والصحية اليها،والاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية والسمكية عبر تشجيع الفلاحين والمربين من خلال تحسين العروق والاصول الجيدة وتوفير الادوية واللقاحات البيطرية والاعلاف المدعومة وانشاء معامل لصناعة وتعليب وتسويق المنتجات الحيوانية،واعادة تشغيل المشاريع الحكومية،وتشجيع البحوث المختلفة التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي،سواء بايجاد البذور المحسنة وايجاد السلالات المقاومة للامراض والمقاومة للظروف البيئة،او بمكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة واستصلاح الأراضي الزراعية وبساتين النخيل والغابات والعناية بالبستنة والاهتمام بشبكات الري والبزل.
49.   العمل على تحسين السلالات الحيوانية وانتخاب السلالات الجيدة عالية الخصوبة والتي تعطي انتاجاً وفيراً وباستخدام الطرق العلمية الحديثة التي تؤمن زيادة في الكم والنوع معاً،الاهتمام بإنشاء وتهيئة مراكز الابحاث والمراكز الطبية البيطرية وتجهيزها بالمعدات  الحديثة اللازمة،تأمين الادوية البيطرية اللازمة لمكافحة الامراض والاوبئة والجائحات التي تصيب الثروة الحيوانية،الاهتمام بتطوير القطاع الصناعي الذي يعتمد على المنتجات الحيوانية وانشاء المعامل التي تعالج مخلفاتها كما ينبغي الاهتمام بالصناعات العلفية وتطوير مصادر الاعلاف وتنويعها.
50.   تنظيم وتسجيل الثروة الوطنية العشبية وخاصة الاعشاب الطبية(بنوك عشبية)وبناء نظام للتوثيق العلمي والتقني لها.
51.   ادارة شؤون بحوث النظائر المشعة بعناية فائقة داخل الاراضي العراقية وانشاء مراكز البحوث  الخاصة لهذا الغرض.وتعتبر النظائر المشعة تقنيات اساسية في بحوث الهندسة الوراثية!
52.   وضع تخصيصصات مناسبة ضمن الموازنات المالية الدورية للدولة لمشروع بناء الحكومة الالكترونية،وانشاء مجلس علمي استشاري مرتبط برئاسة الوزراء واعطاءه صلاحيات كاملة لايجاد الحلول الناجعة للمشاكل والصعوبات التي تواجه عمل مشروع الحكومة الالكترونية بغية تلافيها في وقت قياسي،وليتم الاطلاع على مراحل ونسبة التطور والانجاز من قبل المواطنين عبر وسائل الاعلام.
53.   تشريع قانون المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية،وتشخيص الاولويات وتحديد الصناعات التي تحتاج الى دعم وحوافز خلال هذه المرحلة!
54.   الترجمة الحاسوبية صناعة ناشئة ودعمها يتطلب الاستثمارات اللازمة وتولي الهيئات الوطنية المتخصصة مسؤولية صناعة الترجمة الآلية،اي احتضان القطاع العام لهذا الميدان الحيوي الهام،مع تحفيز القطاعات الاقتصادية الاخرى لارساء اسس سليمة لصناعة الترجمة الآلية في بلادنا.ان تشجيع الترجمة ما بين اللغات القومية المؤلفة للشعب العراقي يسهم في تذليل الاستيعاب العام لمنجزات الثورة العلمية التقنية الجارية في العالم وافرازات العولمة.
55.   دعم القوات العراقية المسلحة وشد أزرها لاستعادة هيبتها واعادة بناءها(جيش،شرطة،امن،مخابرات وغيرها)على اساس المهنية واحترام حقوق الانسان والحريات التي ينص عليها الدستور وتأكيد ولائها للوطن وابعادها عن الصراعات والمحاصصات الطائفية والقومية والاثنية  وتكريس مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته والحفاظ على النظام الدستوري،وتجهيزها بالتقنيات المتطورة لـتأدية مهامها على الوجه الامثل!
56.   الاسهام في مواجهة الحرب المعلوماتية واساليب التزييف والتزويق المعلوماتي والبدع المعلوماتية والضربات الرقمية والفايروسات الالكترونية والقنابل المنطقية الموقوتة والقرصنة المعلوماتية،وفي الامن الوقائي ومكافحة النشاط الاستخباراتي المعادي!
57.   جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية والكيمياوية والجرثومية،مع تأكيد حق الشعوب في استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية.
58.   مطالبة المجتمع الدولي،بإسم الحياة والانسانية،بالضغط الفعال للتمهيد لعقد معاهدة شاملة يحظر فيها استخدام الكيمتريل في الاعمال العدائية والعسكرية والتهديد به كسلاح للتدمير الشامل،وتلزم جميع المؤسسات العسكرية في العالم التقيد بها!
59.   الكشف الدائم عن خبايا وخيوط الفوضى البناءة،منهجيتها وبرامجها!
60.   مكافحة الفساد،ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعلى كافة المستويات!وتطبيق قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010!ومكافحة اقتصاديات الظل والسوق السوداء،وتقييد تدفق الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمار المباشر الذي يخلق طاقات انتاجية وفرص عمل وينقل خبرات تكنولوجية ومعارف ومهارات ادارية.
61.   دعم التوجه نحو انشاء الشركات المختلطة المساهمة في قطاع العلوم والتكنولوجيا ومجمل القطاعات الاقتصادية،وبمساهمة للدولة برأسمال لا يقل عن 25% واطلاقها في سوق الأوراق المالية،وبذلك يستفيد المواطن من استثمار ذو ريعية جيدة وبأقل كلفة وبعائدية افضل!وتفعيل دور دائرة تسجيل الشركات في الرقابة الميدانية على الشركات المساهمة لاكتشاف المخالفات وسوء الادارة والتأكد من صحة الاجراءات،ومحاسبة الشركات التي لا تلتزم بالنصوص القانونية واحكام قانون الشركات وتعليمات النظام المحاسبي!


بغداد
12/9/2014

10


العلوم والتكنولوجيا في العراق

سلام ابراهيم عطوف كبة

•   التأسيس الوزاري
•   التنمية المستدامة والعلوم والتكنولوجيا
•   الحكومة الالكترونية
•   الروبتة والمنظومات الآلية
•   بحوث الهندسة الجينية
•   الصناعات البتروكيمياوية
•   الوعي البيئي والثقافة البيئية
•   المعلوماتية المعاصرة والاتصالات الحديثة
•    الفجوة الحضارية وتردي القيمة العلمية البحثية
•   العلوم والتكنولوجيا والمهام المستقبلية



   لم يتضمن البرنامج الحكومي المقترح 2015- 2018 الذي عرضه رئيس الوزراء حيدر العبادي محورا مستقلا حول المهام المستقبلية في مضمار العلوم والتكنولوجيا،وهو برنامج جرت صياغته على هدى وثيقة الاتفاق السياسي للقوى المشاركة في الحكومة،اذ نص البرنامج الحكومي على المحاور الاساسية للاولويات الاستراتيجية،والتي توزعت بين ستة محاور اساسية هي"عراق آمن ومستقر - الارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن- تشجيع التحول نحو القطاع الخاص- زيادة انتاج النفط والغاز لتحسين الاستدامة المالية- الاصلاح الاداري والمالي للمؤسسات الحكومية- تنظيم العلاقات الاتحادية - المحلية"..الا ان هذه المحاور تضمنت مهاما وبنودا ذات طابع علمي – تكنولوجي،كالمحور الثاني الخاص بالارتقاء بالمستوى الخدمي والمعيشي للمواطن الذي ضم جملة من النقاط الاساسية في محاور عديدة من بينها "الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية،وتطوير كفاءة المؤسسات التعليمية والبحثية،وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين،وتحقيق ضمان اجتماعي فاعل وكفوء،وتوفير بيئة صحية نظيفة،وحماية الارث الثقافي لاطياف المجتمع،والاهتمام بالشباب والمرأة والطفل،وتنمية الاقتصاد وضمان حماية المستهلك"،وكذلك المحورين الرابع والخامس!
   لقد حول التقدم العلمي التكنولوجي المعاصر في ارجاء المعمورة،حول العلم الى قوة انتاجية مباشرة اثر سيادة المكننة والأتمتة الانتاجية وتمركز الانتاج وتعمق تعاونه وتآلف فروعه.وقد زود التقدم العلمي التكنولوجي المصممين لا بالمواد التي يمكن الحصول عليها بل بالمواد التي يطلبونها،ومهد السبيل لأحلال عصر الاختيار غير المحدود.يقينا ان المهام في الجانب العلمي التكنولوجي في بلادنا اليوم تشق طريقها وسط متاهات قاتلة هي اكثر بكثير من الفوضى التي تحدثت عنها المنابر المعلوماتية الاستشارية الدولية في فترة ما بعد حرب الخليج الثانية،لأن الاساطير الصدامية واللاهوتية قد ضربت عميقا في ادلجة المراكز البحثية والاكاديمية العراقية!بينما تنهج الليبرالية الاقتصادية الجديدة سياسة تحقيق حكومة التدخل الاقل الممكن من جانب الدولة في الشؤون الاقتصادية،وفرض حرية الأسواق والتبادل وضمان حرية حركة الرأسمال بصرف النظر عما تلحقه هذه السياسة من اضرار بالصناعات الوطنية،السيطرة على التضخم،الاستخفاف بالبطالة وتجنب العمالة الكاملة،تعميم النزعة الاستهلاكية،الخصخصة!ولازالت بلادنا تواجه معضلة غياب الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية التي لا تخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية العملاقة والحكومات الغربية والاقليمية،وبالتالي تغييب الاستراتيجية الوطنية في مضمار العلوم والتكنولوجيا!
    ترتكز العولمة الرأسمالية على ما اطلق عليه"ديناميكا الفوضى او الفوضى البناءة CHAOS"لأختراق المؤسسات الوطنية وفرض وصايتها واشاعة التخبط السياسي وتغذية التطلعات الاصطفائية!وهي تنطوي على نزعة ابتلاع العالم عبر آليات السوق المعولم والتخلي عن الاندماج الوطني لصالح اقتصاد كوني.وهي النظرية المعتمدة لوصول الليبراليين الجدد الى الحكم،وفق زخم شعبي مصطنع لتضفي الصنمية على التقدم التكنولوجي والوعي الوطني القادر على انتاج المعرفة ولتشيع السلعنة المبتذلة والتدجين وتزيح جانبا منهجية التعدد الثقافي السياسي والسير في دروب الاصالة والابداع،وكان صدام حسين ابنها المدلل والضال.ويعارض الجدل المادي الواقع الذي لا يتزحزح للفوضى الدولية وغياب المنطق الموضوعي ليربط كل التطورات المتبادلة فيما بينها عبر القنونة او القانونيات والاواصر العامة.ولم تظهر المعلوماتية والعلوم والتكنولوجيا المعاصرة من فراغ او تغيرات فجائية انتروبولوجية،وهي تتطلب ارساء الاسس السليمة للديمقراطية الحقة.وعليه التكنولوجيا المتطورة تقدم،لكن باتجاه ماذا؟هذا هو جوهر الموضوع.

•   التأسيس الوزاري

   تأسست وزارة العلوم والتكنولوجيا في بلادنا وفق القرار 24 الصادر من الادارة المدنية الاميركية في 24/8/2003 اثر دمج الهيئتين المنحلتين"الطاقة الذرية"و"التصنيع العسكري"بهدف قيادة التطوير العلمي – التكنولوجي واستنهاض البنية التحتية في البلاد والعمل مع القطاع الصناعي والوكالات الحكومية وغير الحكومية.
    لقد انتعش التصنيع العسكري في العراق قبل عام 2003 وتنوع انتاجه لكل ما تحتاجه الصناعة العسكرية والمدنية معا،ومنها انتاج قوالب صناعية لانتاج المكائن والمعدات الثقيلة.ومن هذه المشاريع الرشيد والقعقاع وحطين والحكم والقادسية والمنصور والاثير والعز والرازي والحارث والميلاد والطارق والنهروان وابن الوليد وشركة الصناعات الهندسية الثقيلة...الا ان هذا النهوض لم يكن حسن النية واشترطته مستلزمات النزعة العسكرية العدوانية وافتعال الحروب!
   بعد عام 2003 جرى اعادة هيكلة وتحويل 18 من منشآت التصنيع العسكري السابقة الى مصانع مدنية بموجب قرار لمجلس الوزراء صدر عام 2009،وبعد عرضها للاستثمار لرفد الصناعة الوطنية بمنتجات جديدة وذات مواصفات جيدة قياساً بالمستورد في اطار استراتيجية مشتركة بين العراق والامم المتحدة،وبعد توقف دام ثمانية اعوام!وقد حصلت عدة شركات اجنبية على عقود استثمار اعادة تأهيل هذه المنشآت ورفد الاسواق العراقية بمنتجاتها بأسعار تنافسية!واستبعدت وزارتي الصناعة والعلوم والتكنولوجيا العراقية في خطوتها هذه الشركات التي تختص بصناعة الاسلحة والتي جرى ضمها الى وزارة الدفاع!ولم يبق من بعض الشركات التابعة للتصنيع العسكري سوى الملاك والارض حيث دمرت بالكامل في حرب 2003!
   مهام وزارة العلوم والتكنولوجيا لا تنحصر في ميدان محدد لأن التقنيات الحديثة والثمار العلمية التقنية المعاصرة تقتحم كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية،وهذا ما اكده سيادة الوزير فارس ججو قبل ايام لوسائل الاعلام عزمه العمل وفق عقلية جماعية مع الوزارة لترجمة الطروحات والبحوث بشكل عملي والنهوض بالتطوير التكنولوجي لجميع الوزارات!   

•   التنمية المستدامة والعلوم والتكنولوجيا

   التنمية البشرية المستدامة نظرية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية تجعل الانسان منطلقها وغايتها،وتتعامل مع الأبعاد البشرية والإجتماعية باعتبارها العنصر المهيمن،وتنظر للطاقات المادية باعتبارها شرط من شروط تحقيق التنمية.فهدف هذه التنمية هو خلق بيئة تمكن الانسان من التمتع بحياة طويلة و صحية و لائقة.انها تعتمد مبدأ جعل التنمية في خدمة الناس بدلا من وضع الناس في خدمة التنمية،وتعني بتوسيع خيارات الناس فيما يتعلق بموارد كسبهم وامنهم الشخصي ووضعهم السياسي او الاجتماعي.وعليه التنمية البشرية المستدامة تنمية لا تكتفي بتوليد النمو وحسب،بل بتوزيع عائداته بشكل عادل ايضا.وهي تجدد البيئة بدل ان تدمرها،وتمكن الناس بدل ان تهمشهم،وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم.
   تتمثل عناصر التنمية البشرية المستدامة في الانتاجية اي قدرة البشر على القيام بنشاطات منتجة و خلاقة،الاستدامة اي عدم الحاق الضرر بالأجيال القادمة بسبب استزاف الموارد الطبيعية وتلويث البيئة والديون العامة،المساواة اي تساوي الفرص المتاحة امام كل افراد المجتمع بغض النظر عن العرق او الجنس او الأصل او اللون،التمكين..فالتنمية تتم بالناس و ليس فقط من اجلهم.
   للتنمية المستدامة ابعادا بيئية وتكنولوجية،وتشمل الأبعاد التكنولوجية استعمال تكنولوجيات انظف في المرافق الصناعية،الأخذ بالتكنولوجيات المحسنة وبالنصوص القانونية الزاجرة،المحروقات والاحتباس الحراري،الحد من انبعاث الغازات والحيلولة دون تدهور طبقة الأوزون.وتلعب التقنيات المعلوماتية دورا مهما في التنمية المستدامة عبر تعزيز البحث العلمي وتطوير تكنولوجيات المواد الجديدة والتكنولوجية المعلوماتية والاتصالات والتكنولوجيات الحيوية واعتماد الآليات القابلة للاستدامة،تحسين الاداء المؤسساتي بالتكنولوجية الحديثة واعتماد الحكومة الالكترونية،تنمية  القدرات العلمية والتكنولوجية وفرص الابتكار لترسيخ  التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وايجاد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر،المضي قدما للتحول الى المجتمع المعلوماتي وادماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية،توسيع القاعدة المنظمة لاساسيات التحكم وتطبيقاته في المؤسساتية الاجتماعية،إعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،الدراسة الاكاديمية والشعبية للاقتصادين الكلي والجزئي (Macro & Micro)،خفض الشدة الطاقية عبر رفع كفاءة انتاج المواد الحاملة والناقلة للطاقة (Energy Carriers) ورفع كفاءة تقنيات استهلاك الطاقة والتغيير الهيكلي في استخدام المواد كثيفة الطاقة (Intensive) وتقليص الطلب عليها في المستويات العليا للنشاط الاقتصادي،وتطوير البرامج الوطنية لحفظ الطاقة.
   معروف للقاصي والداني ان المأزق التنموي الحالي الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي يعود الى اغفال السياسات التنموية المطبقة للأبعاد الديناميكية وعلاقات التأثير المتبادل والتغذية العكسية بين ما يخصص من استثمارات مادية لأغراض تصحيح الاختلال في الهيكل الاقتصادي،وما يخصص من استثمارات لبناء الرأسمال البشري وتعزيز المقدرة البشرية،وانعكس ذلك بشكل فجوة عميقة وواسعة بين ما تحقق من نمو في المؤشرات الاقتصادية الكمية،وبين التراجع المستمر في المؤشرات الهيكلية وفي مقدمتها مؤشرات التنمية البشرية.
   لقد ثبت وبالدليل القاطع انه لا يمكن تحقيق تنمية حقة شاملة وسريعة عن طريق محاولات تكرار النموذج الرأسمالي الغربي او الارتباط به او تبعيته وحتى تزويق مظاهره،وتلك حقيقة علمية وليست مجرد اختبار آيديولوجي.العلة كانت ولازالت اليوم في الملكية الرأسمالية لوسائل الانتاج وتخصيص الموارد من خلال آليات السوق والاعتماد على هدف تنظيم الربح الرأسمالي كمحرك وحيد للتطور.في ادب التنمية المعاصر مسلمتان:ضرورة وجود الملكية العامة لوسائل الانتاج لتنفيذ المشاريع التنموية الرئيسية،ضرورة الاعتماد في تخصيص الموارد على التخطيط وليس على آليات السوق وحدها .
   الموازنة الدقيقة في المشاريع التنموية يتطلب الاهتمام بالاقتصاديات العلمية التقنية والبيئية والسياسات العلمية التكنولوجية والبيئية الوطنية عبر الاجراءات التقنية والادارية وشحذ الوعي العلمي التقني البيئي لدى عامة الناس لدفع عجلة التقدم الاجتماعي وخدمة الشعب العراقي.السؤال لازال قائما،هل في الوضع الأمني الراهن مجال للبحث في استراتيجيات علمية تكنولوجية وبيئية تنموية في العراق؟هل الديمقراطية هي السائدة حقا في العراق،أم حرية الفوضى والعبثية عالية المستوى؟
     من جانبه،يعتمد مفهوم العلوم والتكنولوجيا التخطيط المرن المستفيد من آليات السوق والاجواء الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والشفافية المعلوماتية وسيادة القانون،كعلاج فعلي للمعضلات الاجتمااقتصادية!ويحاول الاقتصاد الليبرالي عبثا تجريد هذا المفهوم من مضمونه التقدمي والديمقراطي الحق،مثلما حاول الفكر البورجوازي في حقب سابقة طرح مفاهيم كالتخطيط والبرمجة والاعمار واعادة الاعمار والتنمية والتنمية البشرية خارج السياق الاجتمااقتصادي والخارطة الطبقية.وكعادتهم يحاول دهاقنة الرأسمالية القديمة والجديدة اكساب كل هذه المفاهيم،الطابع المثالي والارادوي لخدمة قيم المشروع الحر والمنافسة في سبيل اقصى الارباح،القيم المتسترة بستار الحضارة الغربية كانعكاس للانهيار الاخلاقي التام بسبب الازمات البنيوية المستمرة وقبول الاخلاق الرأسمالية على علاتها ووحشيتها وقسوتها واستبدادها.

•   الحكومة الالكترونية

 
  لقد نصت احدى توصيات مؤتمر اقامته وزارة العلوم والتكنولوجيا عام 2009 تحت شعار:"نحو خدمات افضل في العراق"على اهمية خدمة المواطن والتعامل معه كشريك وليس كمتلق لها،وتوفير شفافية في عمل الحكومة بما يجعلها اداة فاعلة لمكافحة الفساد بشتى انواعه،وان انعكاس توفير الخدمات الالكترونية على الحكم سيكون واضحا وملموسا جراء تبسيط الاجراءات الذي ينجم عنه التقليص في هرم الهيكلية الادارية الحكومية ومؤسساتها الخدمية ويتبع ذلك ـ طبعا ـ تحسين الاداء والارتقاء بالنوعية.فالحكومة الالكترونية،من وجهة نظر الحكومة العراقية،تقطع عن بؤر الفساد في البلاد الكسب الحرام الذي هي معتادة عليه،وان معاملات المواطنين تنجز خلال يوم واحد بدلا من اشهر!رغم ان هذه البؤر سوف تعمل دون كلل ليل نهار بالتأكيد على عرقلة وتعطيل التطبيقات الالكترونية المقترحة،للعودة بدوائر الدولة الى حالات اسوأ مما كانت عليه من قبل!
   الحكومة الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات تصب في مصلحة المواطن الذي باستطاعته ان يؤدي مجموعة من الاعمال في نفس المكان الذي يتواجد فيه دون الحاجة الى مراجعة المؤسسات الحكومية،وحسب تعريف الحكومة الالكترونية من قبل الأمم المتحدة فهي:"وسيلة لتعزيز قدرة القطاع العام جنباً بجنب المواطنين لمعالجة قضايا انمائية معينة".الحكومة الالكترونية Electronic Government EG في الواقع شبكة انترانيت تحت ادارة واشراف مركز البيانات للتداول المعلوماتي،تنهض بين الوزارات والهيئات السيادية(مجالس الرئاسة والوزراء والنواب والقضاء الاعلى)ومختلف دوائر ومؤسسات القطاع العام،ومجالس المحافظات والادارة المحلية،والقطاع الخاص،والاهلي والمنظمات غير الحكومية،والمواطنين،ومن خلال البوابة الالكترونية وتقنية الحزمة العريضة WBB،واستضافة التطبيقات الادارية والمالية والمعلوماتية.وتربط هذه الحكومة جميع الوزارات والمؤسسات السالفة الذكر مع بعضها،ومع المواطنين،بهدف توفير منصة مثلى للتفاعل الحكومي مع المواطن وخدمته دون حاجته لروتين الانتظار في طوابير للحصول على الخدمات(تقديم خدمات افضل للمواطنين)،وتحسين التعامل والتفاعل مع رجال الاعمال والقطاع الخاص ومختلف المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
    في العراق اليوم ترتبط اكثر من 50 وزارة وجهة رسمية مع بعضها البعض عبر 4 عقد رئيسية في بغداد،لتتمتع بخدمات الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الانترنيت VoIP،والاتصال المرئي او الدائرة التلفزيونية المغلقة VTC،والتوصيل الليزري الراديوي،وخدمة Call Manager...والطموح بتوسيع نطاق الشبكة لتشمل باقي المحافظات من خلال استخدام تقنيات Wimax و ADSL والكيبل الضوئي..الخ. 
  تضم الحكومة الالكترونية ثلاث منصات اساسية:
الاولى:منصة التعامل الالكتروني داخل اجهزة الدولة(حكومة – حكومة E Government to E Government او EG to EG).
الثانية:منصة التعامل الالكتروني بين الحكومة والقطاع الخاص(حكومة – قطاع خاص E Government to Business او EG to B).
الثالثة:منصة التعامل الالكتروني بين الحكومة والافراد والمنظمات غير الحكومية(حكومة - افراد E Government to Citizen او EG to C).
    ينظر للحكومة الالكترونية كمرادف لتوفير الخدمات للمواطنين بوسائل الكترونية من خلال ادارة سلسلة التموين والمعرفة بكافة اشكالها،وتأمين ادارة العمل وعلاقة الزبون،وتأمين التجارة الالكترونية،مع توفير التقنيات المساعدة لتحقيق ذلك،وعبر ركائز اهمها تجميع كافة الانشطة والخدمات المعلوماتية والتفاعلية في موقع واحد هو موقع الحكومة الالكترونية الرسمي على شبكة المعلوماتية(الانترنيت)،تحقيق افضل الاتصالات الدائمة مع المواطنين وعلى مدار ساعات اليوم والشهر والسنة - مع تأمين الاحتياجات الاستعلاماتية والخدمية للناس،تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والادارة والانجاز بين الدوائر الحكومية ذاتها ولكل منها على حدة،تحقيق الوفرة في الانفاق والعوائد الافضل من الانشطة الحكومية ذات المستوى التجاري!
  يتطلب اعتماد تطبيقات الحكومة الالكترونية تطوير وتوسيع استخدام تكنولوجيا المعلومات،والتعامل مع المعلومات بجدية وحرص بالغين،والعناية بها والعمل على تطويرها والمحافظة عليها باستمرار والسعي لاستخدامها بكفاءة عالية،وحماية وصيانة البنوك المعلوماتية(مصارف المعلومات)التي تقوم بجمع وتخزين الوثائق ومصادر المعلومات المختلفة من الانتاج الفكري والعلمي والايرادات والاتصالات وغيرها في اوعية معلومات خاصة.المعلومات المخزونة هي عنصر اساسي في الحكومة الالكترونية،وتوفر كم هائل من المعلومات لصناع القرار،كما انها توفر امكانية اجراء المقارنات السريعة بين التكاليف والنفقات،والاصول والمعلومات بطرق متنوعة ومختلفة.وتستخدم الجداول الالكترونية ومجموعة البيانات الاحصائية لتشكيل سيناريوهات وتقديرات للاحتمالات المستقبلية للبيانات الادارية،وبالتالي المساعدة في صنع القرارات والسياسات لدى الدول!
   من العقبات التي تواجه الحكومة الالكترونية،الامية الالكترونية والحاجز الرقمي وتخلف البيئة التحتية للاتصالات والمعلومات وعدم مواكبة التشريعات والنظم الادارية للمستجدات وضعف الوعي العام بأهمية ومزايا تطبيقات الحكومة الالكترونية.وهذا يستلزم توفير البيئة المتخصصة للاتصالات والمعلومات والعمل على زيادة انشاء واستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات بين الافراد والجماعات والعمل على انشاء مراكز الكترونية قريبة من التجمعات السكانية ومراكز البريد والمرافق العامة المختلفة.
    الحكومة الالكترونية وتطبيقاتها الادارية لا يمكن لها ان تعمل بنجاح في بلد يتفشى فيه الفساد الاداري والمالي،ومع حكومة يتلذذ متنفذيها بمراجعة المواطنين من وراء الشبابيك والاسيجة تحت اشعة الشمس الحارقة،وفي مؤسسة اعتاد موظفيها على ابتزاز المواطن واستغلاله،ومع فكر اداري ضيق منغمس في الفساد والمصلحة الشخصية!الا انها تبقى،اي الحكومة الالكترونية خطوة نحو الامام في تحجيم بؤر الفساد!

•   الروبتة والمنظومات الآلية
 
  تعني الروبتة Robotisation التحكم الآلي التلقائي بالمكائن والمعدات عبر الأذرع المبرمجة Manipulators ومعدات الاستشعار Sensors والعتاد الحاسوبي والبرامجيات،وهي مرحلة متطورة من الاتمتة Automatization!وتقدم التكنولوجيا الروبوتية العون الملموس للانسان لتنفيذ مختلف الاعمال الخطرة والدقيقة فترفع من انتاجيته وتدر ارباحا في قطاعات الخدمات والاقتصاد الوطني.وتستخدم الروبتة اليوم بالبيئات عالية النظافة كالطب لانجاز اعمال دقيقة جدا وحساسة بالجراحة والتشخيص،وبالانتاج الآلي المؤتمت الواسع في الصناعة والبحوث العلمية وفي مختلف الميادين التي يصعب على الانسان العادي انجاز عمله بشكل طبيعي او يستحيل عليه العمل فيها.يستخدم الروبوت في المهمات التي تتطلب الدقة التي تفوق امكانية العين البشرية وتستلزم الاتزان والهدوء الفائق بعيدا عن الانفعالات والغضب والانحياز والعاطفة والتعب النفسي!
    يعالج الروبوت كمبيوتريا الصور والاصوات ويقوم بالتحسس الدقيق للاجواء المحيطة مستخدما في ذلك مسابره Sensors وكاميراته الدقيقة ولاقطاته الحساسة ويبث توجيهاته على اساسها،فيتحرك وفقها لينفذ المهام الموكلة له تساعده في ذلك نظم تحكم وتشغيل رفيعة المستوى واذرع آلية.ويعرف علم الروبوتيكا بانه ميدان تصميم وبناء اجهزة ومعدات الروبوت التي تنفذ تعليمات الانسان والاعمال المعقدة بفعالية،فتدخل في مكنوناته النظم الخبيرة Expert System ومعدات الذكاء الاصطناعي  Artificial Intellectual Toolsوالنظم العصبونية الصنعية Artificial Neural Networks والمعالجة المتوازية Parallel Processing واستخدام الكمبيوتر فائق السرعة Super Computer والليزر ومعدات الاستشعار الحراري والرؤية الاشعاعية.لقد مر التطور الروبوتي بأجيال متتالية وفق المستوى التكنيكي الذي يتصف به،ونعيش اليوم مع روبوتات الجيلين الرابع والخامس،مع روبوتات النظم العصبونية الصنعية!
  لا يمكن الحديث عن العلوم والتكنولوجيا دون التطرق للروبتة التي اقتحمت ميدان البحث العلمي خمسينيات القرن المنصرم مع اعمال العالم جورج ديفول الملقب بأب الروبوتيكا،كما اقترنت اعماله بجهود جوزيف اينكلبرغر في الانتاج الروبوتي التجاري،وهو صاحب اول شركة انتاج  روبوتية في العالم سنة 1956.عمل العالمان سوية في تطوير بحوث الروبوت والروبوتيكا في الولايات المتحدة.ولم يكن باستطاعة التقدم العلمي التقني ان يحقق باكورة وخيرة منجزاته في القرن المنصرم دون اتمتة وروبتة مكائنه وآلاته،فالروبتة هي احدى اهم سمات التقدم العلمي التقني المعاصر!

•   بحوث الهندسة الجينية
   
  بحوث الهندسة الوراثية تعني بالأساليب المنهجية العلمية المتبعة لتشخيص معضلات علم الهندسة الوراثية او الجينية (GENETICS)وحلها باتباع اكثر السبل ملائمة!وتسهم تقنيات الهندسة الوراثية في القدرة على انتاج انواع بيولوجية(ويشمل ذلك النباتات الغذائية)تمتلك خليطا من اي صفات مرغوب فيها،وتطوير السلالات المهندسة وراثيا اعتمادا على غرس الجين او العامل الوراثي الخاص المشتق من المصادر الواهبة!وكذلك الانماء والتطوير البايولوجي اللاحق من الخلايا الجديدة غير المتخصصة!
   بالنسبة للنباتات الغذائية فالتوصل الى محصول جديد يشكل مذاقا شهيا لم يكن الفرد يعرفه من قبل،هو هدف اساسي لعلماء التغذية وجوهر الصناعات البايوتكنولوجية الحديثة تسهم فيه بالدرجة الرئيسية تقنيات التهجين المعاصرة!الهندسة الوراثية هي اعادة برمجة المعلومات التي يحملها الكائن الحي سواء كان خلية واحدة ام كائن متكامل وحتى لو كان خلية جرثومية - ميكروبية لا ترى بالعين المجردة ليتم ادخال صفة وراثية جديدة او تقويتها او الغاء صفة وراثية اخرى عن طريق اعادة هندسة المعلومات الوراثية في المورثات.الهندسة الوراثية ارادوية الطابع وهذا ما يميزها عن الوراثة الطبيعية التقليدية – لأنها تغيير مختبري او معملي او صنعي (Artificial)غير عشوائي،واختزال هائل للزمن واختراق لحاجز النوع ليجري نقل الصفات من انواع معينة الى نفس الأنواع او انواع اخرى في الطبيعة.
   تعتبر علوم الهندسة الوراثية اساس طب الألفية الثالثة لأنها تحمل في طياتها تذليل معضلات طبية ابتداءا من الامراض الوراثية"مثل:السكر وضغط الدم وتصلب الشرايين والسرطان"وامراض القلب وامراض المناعة الذاتية"مثل:الروماتويد والذئبة الحمراء  وغيرها"والامراض العصبية التي تصيب المخ والاعصاب..وتذلل هذه العلوم تصنيع الهورمونات والبروتينات التي لا يمكن الحصول عليها من الطبيعة"مثل:هرمون النمو والأنسولين الآدمي وعوامل تجلط الدم.."وغير ذلك من الأدوية والمواد اللازمة لعلاج الامراض فتولد لنا الصيدليات البيولوجية المتنقلة.وتسهم العلوم الجينية والوراثية المعاصرة في امكانية زرع الاعضاء البشرية ونقل الدم دون لفظها من قبل الاجهزة المناعية او طردها من الجسم..الا ان اكبر المنجزات هو في تصنيع الاعضاء البشرية خارج الجسم او استنساخها من خلايا سليمة لها.
   يشكل التطور البايوتكنولوجي في مضمار الهندسة الوراثية على المستوى الجزيئي لاسيما الانتاج البكتيري للبروتينات بلسما واعدا للمعالجة الفعالة الرخيصة للأمراض المستعصية  كالسرطان والبول السكري!وتتنبأ وتكتشف الهندسة الوراثية الأمراض الخبيثة كالسرطان والتصرفات الذكية والسلوك العدواني ومعالجة الشيخوخة والهرم!الا ان علوم الخلية والوراثة بمستواها الجزيئي لازالت محاطة بألغاز وغموض علميين اساسها خصائص المكونات الخلوية الانسانية ويستلزم حلها اعوام اخرى.
   العلاج الجيني هو التكنولوجيا الطبية الحديثة وذروة اكتشافات الطب الحديث وتقنياته المعاصرة في القرن العشرين،وهو سليل اكتشافات  الجراثيم والميكروبات والمضادات الحيوية والتطعيمات وكذلك العلاج الذري والعلاج بأشعة الليزر..وهو كباقي المنجزات العلمية سلاح ذو حدين،للتدمير الشامل وللبناء والتطوير الشاملين الرائعين!لكن العلوم والتكنولوجيا بمجملها لها باب خاص ومدخل بحثي خاص بينما الجوانب الاخلاقية والنفسية والاجتماعية التي تقرر احيانا مصير البشرية لها باب آخر..واذا بقيت الابحاث العلمية في ايدي امينة ووضع لها الاطار القانوني والاخلاقي فان البشرية ستصل الى درجة تطور تتحكم فيها بالكثير من مشاكلها الصحية والغذائية!بعد ان لاحت بالافق امكانية السيطرة على ظاهرتي الحياة والموت التي شغلت البشرية وما تزال بأسرارها عداك عن تحديد نوع جنس الجنين وانتاج الاولاد حسب الطلب!وعموما اثبت التاريخ زوال أي عائق امام التقدم العلمي التقني.
     العلم يتقدم ويبتعد كثيراً عن خيالنا لانه مارد كبير،وتحولت بحوث الاستنساخ الجيني الى حقيقة تتطلب مناقشة ودراسة عقلانية وهادئة بعيدا عن التزمت والتعصب والتحجر رغم المشاكل الاجتماعية والاخلاقية العرضية.فما من منجز علمي الا وقد أثار زوبعة من الغبار ليترسخ في الحياة وينفض غباره الى الوراء.من الضروري تبيان الجوهر العلمي الثوري للوراثة والهندسة الوراثية ودحض الافتراءات الكاذبة التي تحاول ان تنال منه ونقد الانتقائية في تناول عقده.كما انه من الاهمية بمكان التأكيد على وحدة المنظومات الجينية وسلبية الميول الفكرية وحيدة الجانب والمثالية – القدرية والارادوية البحتة،والتقييم الموضوعي للجوهر الاجتماعي التقدمي لعلم الجينات بالمقارنة مع الميول الدوغمائية القديمة!
   في العراق كان المدخل السلمي  لبحوث الهندسة الوراثية مطلب جماهيري لحل المعضلات الصحية والصناعية والزراعية وتحسين السلالات الزراعية والنباتية الغذائية والحيوانية،الا انه لا يزال يصطدم اليوم بنفوذ الخطاب السلفي والغيبي والطائفي وشيوع الولاءات دون الوطنية الامر الذي عمق من تخلف بلادنا وخلق فجوة حضارية متميزة بينها وبين العالم،وهي فجوة اعمق بكثير من تلك التي قطعتها الدول الصناعية سابقا بسبب الاستقطاب الاقتصادي المتسارع المستمر والتفاوت التقني.
    ان مواصلة الجهود الجليلة ببحوث الهندسة الوراثية في بلادنا يستلزم نهوض مؤسسات البحث العلمي الاكاديمية والتطبيقية،وهي بحوث لا علاقة لها البتة بالمؤسسة العسكرية،بل تقع تحت مسؤولية وزارة التعليم العالي ومؤسسات البحث العلمي ووزارة العلوم والتكنولوجيا! التي تأسست وفق القرار 24 الصادر من الادارة المدنية الاميركية في 24/8/2003 اثر دمج الهيئتين المنحلتين"الطاقة الذرية"و"التصنيع العسكري"بهدف قيادة التطوير العلمي – التكنولوجي واستنهاض البنية التحتية في البلاد والعمل مع القطاع الصناعي والوكالات الحكومية وغير الحكومية.

•   الصناعات البتروكيمياوية
   
   الصناعات البتروكيمياوية من الصناعات الاستراتيجية التي تعني بتكنولوجية استحصال المواد المتطورة من المواد البسيطة المشتقة من النفط والغاز الطبيعي.وهذه المواد المتطورة تقسم عادة الى مجموعتين رئيسيتين هما:المواد الوسطية كالمونومرات اللازمة لصنع الجزيئات الضخمة(البوليمرات)وغيرها من المواد،والمواد النهائية كالمنظفات والمبيدات الكيمياوية والوقود الصناعي وزيوت التشحيم وغيرها.وتعد الصناعات البتروكيمياوية العمود الفقري للصناعات النفطية كون معظم المشتقات النفطية هي خامات اساسية للمواد البتروكيمياوية"بوليمرات"،وهذا يعد مجالا واسعا بلا حدود لتعزيز الطاقة وللاستفادة منها في عملية التنمية.
   لقد احدث الانتشار الواسع في استخدام اللدائن او البوليمرات نقلة نوعية في عصرنا الحاضر وجعله يتميز عن العصور الاخرى التي مر بها الانسان منذ نشأته الاولى.ولا عجب ان يطلق البعض على عصرنا الحاضر"عصر المتبلمرات"لسيطرة هذه المواد ودخولها جميع مجالات الحياة وحدوث ثورة في مجال صناعة المتبلمرات.لقد ازداد انتاج المتبلمرات خلال العقود الأخيرة بصورة كبيرة جدا،وتضاعف انتاج المتبلمرات في الولايات المتحدة الامريكية وحدها خلال النصف القرن الأخير بأكثر من مائة ضعف،وفاق حجم انتاجها من المواد المتبلمرة منذ عام 1980 حجم ما تنتجه من الحديد!
   من المتبلمرات المتراكبة البولي ترنثال اميد البارافينيلين الذي يمتلك قوة شد اعلى من الحديد،لينافس الحديد في المجالات التطبيقية التي تكون نسبة القوة الى الوزن هامة جدا مثل صناعة الطائرات.ان خفض الوزن هو الاساس في انتاج وسائل نقل اقتصادية في استهلاك الوقود واقل تكلفة،والمتبلمرات تساعد على التخلص من مشكلة التآكل ايضا!
   وتستخدم المتبلمرات المتراكبة في صناعة الدروع الواقية من الرصاص،وصناعة الخيام المقاومة للاحتراق،وصناعة هياكل الجسور وواجهات المباني واسقف المنازل والابواب والنوافذ،وبناء الملاعب الرياضية والمكاتب والكراسي،وصناعة التغليف وصناعة الدواء والاحذية وجميع انواع الملابس والاثاث،ناهيك عن المفروشات واغلفة الادوات الكهربائية وادوات المطبخ وهياكل الاجهزة المنزلية ولعب الاطفال وادوات الزينة والاكياس ذات الاستخدامات المختلفة وارفف المكاتب والمطابخ،وفي تعبئة المياه وصناعة الانابيب..ان التقدم الكبير في مضمار الصناعات البتروكيميائية احدث نقلة نوعية في انتاج البوليمرات واستخدامها وتسويقها وتصديرها كمنتجات نهائية ذات عوائد مجزية مقارنة بالمواد الاولية.وتجري اليوم ابحاث مكثفة عن كيفية التخلص من النفايات المترتبة على الاستخدام الواسع الانتشار للمتبلمرات،وعن امكانية تدويرها.
   تعد الصناعة البتروكيميائية من الصناعات المرافقة للصناعات النفطية،وكان العراق من كبار منتجي الاسمدة الكيميائية(اليوريا)والفوسفاتية ومصدريها قبل ان تتدهور اوضاعه عام 1991 حتى يومنا هذا.ويعتبر الخزين الهائل من النفط والغاز الذي يمتلكه العراق اساس عمليات التكرير الخاصة بالصناعات البتروكيمائية والبلاستيكية التي تعرضت للدمار والاهمال بسبب الحروب الصدامية والعقوبات الدولية واعمال النهب والفرهدة!فالعراق هو البلد الوحيد خارج الولايات المتحدة وروسيا الذي فيه جميع المواد الاولية لصناعة الاسمدة الكيمياوية اذ يحوي الخامـات الفوسفـاتية باحتياطي يعادل 3500 مليون طن بنوعية متوسطة،والكبريت الحر باحتياطي يتجاوز 150 مليون طن بالاضافة لما ينتج من الكبريت في الصناعة النفطية،وفيه الغاز الطبيعي والنفط كأكبر احتياطي في العالم!
  العراق،وان قد نجح في اقامة مجمعات صناعية بتروكيمياوية عملاقة هي اليوم في عداد الصروح الاقتصادية التي تشكل العمود الفقري للتنمية المستدامة الشاملة وآفاقها في بلادنا،يواجه تحدي المنافسة العالمية،خبرة وتقنية وسلة منتجات ذات جودة عالية واستخدامات صناعية واستهلاكية متنوعة،وهي المنافسة التي تنطوي في بعض صورها السلبية على قيام الغرب الرأسمالي بفرض قيود كمية(الضرائب والرسوم)وغير كمية على صادرات العراق والبلدان الخليجية من بعض المنتجات البتروكيمياوية المنافسة في اسواقها...الامر الذي يستدعي من الحكومة العراقية ان تقوم بتخصيص مزيد من الموارد المالية للاستثمار في مشاريع التفريعات التحويلية الافقية والعمودية لهذه الصناعة،وان تشجع القطاع الخاص بمختلف صيغ وادوات الاستثمار المتاحة على ارتياد مجالات وفرص الاستثمار الكبيرة والواعدة في هذه الصناعة التي باتت اليوم على رأس قائمة الصناعات التحويلية في العالم.الا ان دعم القطاع الخاص لا يعني البتة الشروع الفعلي بتحويل الشركات الفقرية نحو اقتصاد السوق من خلال ما يدعى"تأهيل الشركات عن طريق الشراكات الاستراتيجية"، يذكر ان البنك الدولي اشترط على الحكومة العراقية خفض الدعم الحكومي على المواد الاستهلاكية بطريقة تصاعدية الى ان يصل لالغائه،بالاضافة الى خفض الدعم للشركات المملوكة للدولة وهيكلتها،وتوفير المزيد من الدعم للقطاع الخاص،لدخول منظمة التجارة العالمية.كما ان عنصري التمويل وحجم الاسواق يمكن ان ينهضا سببا وجيها للتفكير في مشاريع تعاون وتكامل بين العراق والبلدان الخليجية في فروع الصناعات البتروكيماوية المختلفة،على المستوى الثنائي بصفة خاصة وعلى المستوى المتعدد الاطراف في مراحل لاحقة.

•   الوعي البيئي والثقافة البيئية

   التلوث البيئي هو الهوة السحيقة الحاصلة بين التكنوسفير "Technosphere "(طراز معيشة الانسان وانماط الحياة الحضرية ومستحدثاتها في العلوم والتكنولوجيا) وبين البايوسفير"Biosphere"(انظمة التوازن البيئي وعناصر مقومات المحيط الحيوي)او كل تغيير كمي و نوعي في مكونات البيئة الحية وغير الحية لا تستطيع  الانظمة البيئية استيعابه من دون ان يختل توازنها.وفي سبيل المحافظة على التوازن الطبيعي للبيئة لابد من  تكييف الجانب التكنيكي وفقاً للجانب الطبيعي للحياة.ان تأمين الأسس الطبيعية للحياة الانسانية عبر صيانة البيئة والوقاية ضد الاخطار البيئية في الميادين الايكولوجية والايكونومية والاجتماعية يعتبر اليوم اساس ضمان المستقبل الآمن السعيد.وفي الوقت الذي تسعى فيه السياسة البيئية الوطنية لحل المشاكل البيئية باستخدام الاجراءات التقنية والادارية تسعى الثقافة البيئية هي ايضا وباهتمام متزايد لإحداث التغيير اللازم في طرق التفكير والسلوك البيئي عند المواطن.وتهدف الثقافة البيئية الى تطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الاساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي بمثابة الشرط الاساسي كي يستطيع الفرد في المجتمع ان يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة.ان الثقافة البيئية مفهوم مرادف للتعلم الايكولوجي والتربية البيئية وعملية تطوير وجهات النظر والمواقف القيميّة وجملة المعارف و الكفاءات والقدرات والتوجهات السلوكية من اجل صيانة وحماية البيئة.
   تلوثت البيئة العراقية بالحروب الكارثية والأهلية والاعمال الارهابية واحتراق او تسرب المواد الملوثة من المنشآت الصناعية واحتراق السيارات واطرها وتعطل مصادر الطاقة الكهربائية والدمار الذي اصاب المنشآت النفطية الاستخراجية والتحويلية والبتروكيمياوية وتوقف العمل في وحدات معالجة المياه الصناعية وارتفاع مناسيب المياه في المبازل وخراب مرسبات الغبار في معامل الاسمنت وتوقف العمل في وحدات تصفية مياه الشرب ومحطات معالجة المياه الثقيلة وتدمير اكثر من(50%)من آليات البلديات وترك النفايات من دون طمر صحي،وبسبب المواد المشعة واليورانيوم المستنفذ(DU)والالغام المزروعة.وشمل التلوث البيئي المياه والهواء والتربة والتلوث الضوضائي والمروري والحضاري،فتضرر الكساء الاخضر والثروة الحيوانية وازدادت الاصابة بالامراض الانتقالية!
    اهمية البيئة  في العراق ونشر الوعي البيئي والثقافة البيئية تستلزم اهتماماً مركزياً من قبل  الحكومة العراقية ودعم جميع المؤسسات التي تصون وتحمي البيئة في العراق،فحماية وحفظ صحة وحياة الانسان هي التزام وواجب اخلاقي من قبل المجتمع والدولة القائمة الى جانب حفظ الموارد المعنوية والتراث الحضاري كقيّم حضارية و ثقافية و اقتصادية للفرد و المجتمع،بينما تبقى الحماية والانماء المستديم للنظام الطبيعي والنباتي والحيواني وكافة الانظمة الايكولوجية على تنوعها وجمالها وماهيتها اساس استقرار المنظر الطبيعي العام وحماية التنوع الحيوي الشامل.وتعتبر حماية المصادر الطبيعية من التلوث الهوائي والمائي وتلوث التربة ضرورة اقتصادية تتطلب صياغة سياسات بيئية بعيدة المدى مرنة وقادرة على التعامل مع المتغيرات والمفاجآت!والسياسة البيئية الوطنية هي حزمة(Package)الاجراءات التقنية والادارية التي ينبغي اتخاذها لمعالجة مظاهر التلوث البيئي والضوضائي والمعلوماتي!

•   المعلوماتية المعاصرة والاتصالات الحديثة

  توسع مفهوم التكنولوجيا،ليشمل الى جانب الادوات والوسائل والعقول الالكترونية والروبوت،كل شئ يضاعف قدرات الانسان لاختراق المكان والزمان وتنشيط الارادة والقوة للمضي قدما باتجاه تحقيق المثل العليا للانسانية وبناء عالم الغد – عالم الحرية والاشتراكية والسلام.ونعيش اليوم العصر المعلوماتي،وفيه توسعت وتعمقت الانسيابية المعلوماتية وتضمحل العوائق عن طريق نشرها واستخدامها على نحو رشيد.وتزداد حجم هذه المعلومات العلمية والتقنية في العالم بنسبة(12%- 15%)سنوياً ويتضاعف كل 5- 6 سنوات...الا ان غالبية البلدان النامية ومنها العراق فهي محرومة فعلياً من الوصول الى هذه المعلومات بسبب ارتفاع تكلفتها والاحتكار المعلوماتي متعدد الجنسية وعدم توفر المراكز الوطنية للمعلومات.ويتميز العصر المعلوماتي:
1.   تزايد اهمية التكنولوجيا المعلوماتية.
2.   النمو المتزن المضطرد المتوازي للاقتصاد المعلوماتي،والتحكم  به عبر الدولة والقطاعات الاقتصادية الاخرى.
3.    توسع القاعدة المنظمة لأسس التحكم Control والتغذية المرتدة Feedback وتطبيقاتها في الهياكل الاجتماعية.
4.    تركز وتمركز المعالجة والاتصال بالمعلومات.
5.    تصاعد نمو المعلوماتية في المعرفة والثقافة العصرية.
   وفرت المعلوماتية الحديثة امكانيات التجريب والتحقق المسبق من مختلف المبادرات وجعلت من التقدم العلمي التكنولوجي او ما اطلقنا عليه"الثورة العلمية التكنولوجية"الشريك والحليف الأهم للثورة الأجتماعية،وعززت من فهم جدل تجديد العالم وجدل المكتسبات الاجتماعية والعلمية التقنية لتصبح جميع النماذج الاجتماعية الاقتصادية ذات الطابع اللاهوتي والجامد والبيروقراطي عائقاً امام تطور التقدم العلمي التكنولوجي وحتى اللحاق بركبه!وتسبب الفقر المعلوماتي في العهد الصدامي الحضور الميثولوجي واعادة انتاج الموضوع في الخيال ليجري خلق الاساطير وتحويل المناطق العمياء الى عوالم مضيئة لتنطلق المفاهيم من الزيف وتشل العقلانية وتتوسع  لجة الاحلام!لينكفأ الناس الى عصبياتهم،وتسود الديماغوجية والروزخونية!وقامت حكومة نوري المالكي مرارا بالحظر التعسفي الجزئي والمراقبة المشروطة لشبكات الانترنيت والمكالمات الهاتفية الامر الذي اضر بالحرية الشخصية وحقوق المواطنة!
   تشير معطيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العراق الى ما يلي:
1.   يجري اعطاء تراخيص الهاتف النقال لعدة شركات،تعتمد هي بدورها على نسبة كبيرة من موظفي قطاع الاتصالات الحكومي نفسه،وقامت وتقوم ولا زالت باستخدام البنى التحتية لوزارة الاتصالات.
2.   تم ايقاف العمل على مشروع الهاتف النقال الحكومي الذي كان قد بدأ العمل به قبل سقوط النظام وتم نصب الكثير من الابراج.
3.   نسبة العوائل التي تمتلك اجهزة الهاتف الثابت والمحمول هي 17% و 95% تباعا!
4.   عدد خطوط الهاتف الثابت المستخدمة بلغ 1100000 خط ،والهاتف النقال المحمول 20000000 خط!
5.   نسبة العوائل التي تمتلك خطا واحدا للهاتف الثابت 17% وخطين هاتف ثابت 0.1%،وخط هاتف محمول 25% وخطين محمول 36% و3 خطوط فاكثر 34%.
6.   متوسط الانفاق الشهري للاسر على المحمول هو 38000 دينار،والارضي 25000 دينار،والانترنيت 35000 دينار!
7.   لاتزال عملية اصلاح خطوط ومحولات الهاتف الثابت التي دمرت عام 2003 مستمرة،وتجري اضافة محولات جديدة لتحسين المحاور،بينما خدمة المحمول متاحة على 3 شبكات GSM تمتد اقليميا لتحسين الاتصالات الواسعة للدولة! 
8.   عقوبات هيئة الاتصالات لا تتناسب مع خروقات شركات الهاتف النقال!
9.   غياب التنسيق والتعاون بين وزارتي البيئة والعلوم والتكنولوجيا وهيئة الاعلام والاتصالات لتنظيم ومراقبة عمل ابراج الهاتف المحمول وتوعية المواطنين بالاضرار الصحية لها!
10.   الاستخدام الاكثر للحاسوب هو للاستخدام الشخصي بنسبة 56% والأقل لاغراض العمل بنسبة 16%!
11.   نسبة الافراد الذين لا يستخدمون الحاسوب ممن اعمارهم 5 سنوات فأكثر تبلغ 86.3%،والسبب الامية الحاسوبية 80% او عدم توفر الاجهزة الحاسوبية 12%.
12.   النسبة الاعلى من مستخدمي الحاسوب والانترنيت هم من الحاصلين على شهادة البكالوريوس فأعلى 70% و 45% على التوالي!
13.   الفئة العمرية 20 – 24 هي الاعلى في استخدام الحاسوب!   
14.   اعلى معدل لاستخدام الانترنيت هو مرة واحدة/اليوم على الاقل وبنسبة 50%!
15.   للافراد ممن اعمارهم 5 اعوام فاكثر تبلغ نسبة استخدام الدور السكنية للدخول الى الانترنيت 57% ومقاهي الانترنيت 32%!
16.   عدد مواقع تجهيز الانترنيت او مزود الخدمة بلغت عام 2010 (10)!
17.   فتح الباب على مصراعيه لتشغيل مكاتب انترنيت في كل انحاء العراق دون ضوابط تذكر ودون ان يكون لوزارة الاتصالات اي تدخل في الموضوع،مما الغى دور شركة خدمات الانترنيت تقريبا.لقد بلغ عدد المكاتب الاهلية 358 عام 2006 وبأرباح اكثر من 10 مليارات دينار في حين بلغ عدد مكاتب شركة خدمات الانترنيت 22 مكتب وبأرباح بلغت اقل من مليون دينار،ووصلت ارباح المكاتب الاهلية عام 2010 الى اكثر من 50 مليار دينار عراقي.
18.   مقاهي الانترنيت مدفوعة بشكل رئيسي لخدمة الاغراض التجارية اكثر من كونها لخدمة الزائر العام.
19.   انعدام التشريعات الواضحة التي تحدد قيم وضوابط معالم ظاهرة مقاهي الانترنيت وتنظيم عملها فضلا عن علاقة الانترنيت بالمستهلك كونه الهدف من هذه الخدمة،وبما يحد من سرقة المعلومات والتلصص على الشبكات الخاصة.
20.   شركة خدمات الانترنيت التابعة لوزارة الاتصالات تقدم خدمات متواضعة لا تنافس ما موجود عند المكاتب الاهلية لا كما ولا نوعا!
21.   يعتمد العراق في اتصالاته الدولية على الاقمار الصناعية انتيلسات Intelsat(محطتان،واحدة لمنطقة الاطلسي والثانية للهندي)وسبوتنيك  Intersputnik (محطة واحدة لمنطقة الاطلسي) وعربسات  Arabsat (محطة واحدة معطلة)،ومرحل مايكروويف الى تركيا والاردن وسوريا والكويت،ومخطط الياف ضوئية مع ايران،وكذلك الكيبل البحري العالمي للالياف الضوئية!
22.   مشاهدة القنوات الفضائية متاحة الى 70% من ابناء الشعب،وازداد عدد محطات الاذاعة والتلفاز المحلية والتي تبث من الخارج  منذ عام 2003،الا ان القنوات الحكومية تشرف عليها شبكة الاعلام الحكومي الخاضعة اصلا للحكومة! 
23.   فتح الباب على مصراعيه امام تشغيل مكاتب البريد السريع(dhl)  الاهلية مما همش دور خدمات البريد وقلص وراداتها الى ادنى حد!
24.   غياب دور مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الذي تأسس في جامعة بغداد عام 1997،كأحد مراكز البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ليكون اول مؤسسة رسمية في العراق تهتم بقضايا السوق والمستهلك والبحث عن سبل حمايته!
25.   يفتقر العراق الى قانون للاعلام والاتصالات شفاف وواضح المعاني يسهم في الحماية القانونية الحقيقية الفعالة للمواطن العراقي!
   يلاحظ بمرارة عدم اكتراث شركات الهاتف النقال بالعقوبات المادية التي تفرض عليها بسبب تلكؤها في تقديم الخدمات،فهي تدفعها عبر جبايتها من المواطنين وبنفس الطريقة وبربحية فائقة تعادل 1000%،من خلال سرقات منظمة ومبرمجة مثلما سددت بها التزاماتها المالية من قيمة الترخيصات!
    ما يجري اليوم في العراق هو عبارة عن عملية تهديم وليس بناء لقطاع الاتصالات يشارك فيها الجهات والشخصيات المتنفذة التي لديها مصالح مع اصحاب شركات الاتصالات المستفيدة من هذا الوضع!انها عملية خصخصة غير مدروسة لقطاع الاتصالات تؤدي بالنتيجة الى تسريح آلاف الموظفين وهدر الطاقات ا

11
التهجير القسري في الادب السياسي العراقي الراهن

سلام ابراهيم عطوف كبة

    تبوأت موضوعة المهجرين واللاجئين والنازحين في العراق صدارة قضايا العنف والاضطهاد والتمييز في بلادنا وهيمنت على الادب السياسي الراهن كمعضلة كبيرة تواجه الدولة العراقية!وموجة النزوح القسري الحالية بسبب الاعمال الارهابية والاجرامية لتنظيم الدولة الاسلامية – داعش هي امتداد لفعاليات التهجير الطائفي القسري العنفية الممنهجة التي قامت بها "الحكومة العراقية المنتهية صلاحيتها"في مناطق حزام بغداد والبصرة وبابل وديالى والانبار وصلاح الدين اعوام 2013 – 2014،و"بعد انطلاق الحراك الشعبي في المحافظات المنتفضة"!وقد استخدمت القوى السياسية المتنفذة ميليشياتها الطائفية وسلطاتها الحكومية وبلطجيتها لتصفية الحسابات الطائفية وتجذير الفصل الطائفي مناطقيا واعادة ترتيب الديموغرافية الطائفية قسرا وعنوة!وهي تعمل دون كلل لتغذية الصراع المستمر للسيطرة على مراكز اتخاذ القرار وحسم الامور طائفيا ومذهبيا!
   تسبب الاحتلال الاميركي عام 2003 واعمال العنف الطائفية اللاحقة وحتى عام 2010 بتهجير خمسة ملايين عراقي في الداخل والخارج،ثم تباطأت اعمال النزوح الداخلي"بأعداد كبيرة – استمرت اعمال النزوح المحدود"،وتوقف التهجير القسري مؤقتا في العراق اعوام 2010 – 2012،الا ان النزوح المحدود للمسيحيين والاقليات استمر لأن الحكومة العراقية كانت دون مستوى المسؤولية رغم اتخاذها مجموعة من القرارات والتدابير الرامية الى تشجيع وتحفيز عودة النازحين واللاجئين الى ديارهم مع الاستقرار الامني النسبي!في هذه الفترة بلغ مجموع العائدين  885000 من مجموع النازحين!
   ان الاسباب التي دفعت وتدفع الملايين الى الهجرة والترحال القسري،ومهما اختلفنا في تحديد جذورها وتشخيص المسؤولين عنها وتباينت الآراء بصددها،تبقى خطيرة.فالتمييز الطائفي كان جزءا من النظام القائم في العراق بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة اوائل العشرينات والثغرات الشوفينية والتمييزية التي احتوتها صيغ اول قانون للجنسية العراقية رقم(42)لسنة 1924 وقانون الجنسية لسنة 1963 المرقم(243)،وقد تضررت الاقليات باجراءات السلطات الحاكمة في حينه عبر القرارات الكيفية ومصادرة الاموال والممتلكات!
   جاء في بيان اللجنة الوطنية العليا لجبهة الاتحاد الوطني في 9/3/1957،وفي المطالب الوطنية الكبرى،وحول اطلاق الحريات الديمقراطية الدستورية ما يلي:"فالمراسيم الكيفية اللادستورية واسقاط الجنسية عن احرار العراق والمطالبين بالحق والكرامة والاستقلال والغاء الاحزاب وتعطيل الصحف وتزييف الانتخابات ودكتاتورية الفرد وكم افواه الناس وخنق الحريات،كلها وسائل سلكتها وزارة نوري السعيد لتعيد للعراق عهود الطغيان والعبودية،انها سموم تميت الديمقراطية وتمتهن الكرامة وتقضي على القومية.لذلك فالقضاء على هذا الفساد السياسي واعادة الحكم الديمقراطي باطلاق حرياته الدستورية هما الشرط الاول لبناء حرية سياسية صحيحة".كما كتب عزيز سباهي في"موضوعات سياسية وفكرية معاصرة"ص 63 – 64،ان المراسيم السعيدية شملت اسقاط الجنسية العراقية على عدد غير قليل من العراقيين لأسباب سياسية كما فصلت عدد كبير من اساتذة الجامعات والمدرسين والمعلمين والموظفين والطلاب ذوي الميول الديمقراطية والوطنية وحجزتهم في معسكرات تحت عنوان اداء الخدمة العسكرية.كل هذه الاجراءات شجعت العراقيين الى الهجرة والبحث عن انسانيتهم المهدورة ومواجهة المعاناة المريرة.
    قبل ذلك،كان يهود العراق قد تعرضوا اعوام 1941 – 1950 الى المطاردة والقمع والاستبداد والتهجير والفرهدة،وبالحاح الانكليز سمحت الحكومة العراقية لهم بمغادرة العراق شريطة تخليهم عن الجنسية العراقية فغادر حوالي 125000 يهودي بعد ان تم تجميد ومصادرة ممتلكاتهم.
   اما صدام حسين فكان رائدا في اتساع انتهاكات حقوق الانسان والحريات الديمقراطية بعهده الذي اصبح زاخرا بالجريمة والارهاب.وتحول التهجير القسري الشامل للقرى والمدن،واسقاط الجنسية عن عشرات الالوف من العوائل العراقية،وارغام البقية المتبقية الى عبور الحدود هربا من آثار استخدام الأسلحة الكيمياوية والقصف الوحشي ومن بطش النظام،تحول كل ذلك الى حجر زاوية في سياسة غدر الطغمة الحاكمة واجراءاتها الانتقامية العقابية ضد خيرة ابناء الشعب العراقي.
•   الهجرات الاحترازية والقسرية
     "التهجير الاحترازي"مفهوم يعني الهجرة الطواعية كمحاولة استباقية لتفادي المخاطر المقبلة،وتلجأ اليه مئات الآلاف من العائلات بسبب الذعر والترويع!فتعلن عن بيع بيوتها بأي سعر متوفر،بينما ترغب اخرى بتأجيرها على امل ان تعود اليها بعد تحسن الوضع الامني،وتبيع العائلات الغنية دورها السكنية مع كامل اثاثها بأسعار رخيصة جدا.وتساهم الاشاعات المقصودة منها او العفوية بتأجيج حالة الفزع واتساع خارطة التهجير الامر الذي يؤدي الى تهجير آلاف العوائل وتشتيتها داخل البلاد وخارجه.وتخضع عمليات التهجير الاحترازي في اطارها العام الى"أهداف ومصالح"واجندات،وتجري على مستوى التطبيق الميداني اساليب تهديد مباشرة وعلنية وبشتى السبل لتتسبب في نشر الذعر العام ولتتوسع السوق الرائجة لأصحاب الغرض السيئ وللعصابات الخارجة عن القانون التي لا تترك وادي الا وتسلكه،لترحل الكثير من العوائل"احترازيا"واستباقا للوقت ليكونوا اصحاب المبادرة قبل ان تفرض عليهم وتكون القضية بين الحياة والموت.وعليه التهجير الاحترازي هو تهجير قسري!
    التهجير القسري شكل من اشكال التطهير الذي تقوم به حكومة ما او مجموعات متعصبة تجاه مجموعة او مجموعات اثنية لاخلاء اراضي محددة لصالح نخبة او فئة معينة!ويندرج ضمن جرائم الحرب والابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية وفق مفاهيم القانون الدولي والانساني والتي لا تسقط بالتقادم حسب اتفاقية"عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية"لعام 1968!فهو جريمة حرب باعتباره من الانتهاكات الجسيمة للقواعد الموضوعة في اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12/8/1949 وبروتوكولاتها لعام 1977،وحظرت المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 النقل القسري الجماعي او الفردي للمواطنين او نفيهم من الاراضي المحتلة الى اراضي دولة الاحتلال او الى اراضي اية دولة اخرى.كما اعتبر البروتوكول الاضافي الاول لعام 1977 الترحيل او النقل القسري داخليا او خارجيا من الانتهاكات الجسيمة لذلك البروتوكول.كذلك درجت مواثيق المحاكم الجنائية الدولية،ومنذ ميثاق نورمبرغ بالنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية،على اعتبار التهجير القسري جريمة حرب.
   وفق وثيقة مجلس النواب العراقي"جريمة الابادة الجماعية في العراق"في 3/9/2012 فأن العديد من المبادىء والقواعد الدولية الاتفاقية المكتوبة الى جانب الاعراف الدولية التي يعمل المجتمع الدولي على تطبيقها تحمي الناس من قبل الامم المتحدة لعدم حدوث ابادة جماعية وهي:
1.   اعتبار جريمة الابادة الجماعية من الجرائم الاشد خطورة والتي تثير قلق المجتمع الدولي بأسرة وفقاً لما جاء في ديباجة نظام المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 وفي المادة الخامسة منه.
2.   اعتبار جريمة الابادة الجماعية انتهاكاً لحقوق الانسان قد يصل وصفها الى(تهديد للسلم والامن الدوليين)تستوجب تدخل مجلس الامن استناداً للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
3.   عدم تقادم الجرائم الاشد خطورة والتي منها جريمة الابادة الجماعية.
4.   الاعتراف الدولي بالاختصاص الشامل والذي يعني ملاحقة الفاعل ومقاضاته امام المحاكم الجنائية الوطنية بصرف النظر عن مكان ارتكاب الانتهاك او جنسية الفاعل او الضحية نفسها.
5.   اعتبار قاعدة(اما التسليم او المحاكمة)قاعدة معترف بها على المستوى الدولي حيث تلزم الدولة في حالة عدم محاكمة فاعل الجريمة بتسليمة للقضاء الدولي بأعتبار هذا الاخير قضاءاً مكملاً  للقضاء الوطني وفقاً لماجاء في(نظام روما)للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998.
6.   عدم اعتبار جريمة الابادة الجماعية من الجرائم السياسية لكونها لا يمكن ان تنضوي تحت غطاء العمل السياسي.
7.   التأكيد على منع جواز منح المتهمين بهذه الجرائم الحماية واللجوء في كافة الدول.




•   نحو موقف منصف ومعين
   وفق يونامي فأن النازحين منذ كانون الثاني 2014 كانوا معرضين للخطر الدائم والقسوة البالغة احيانا بسبب سوء الاوضاع الامنية ومخاطر التهديد والوعيد،وهم بحاجة الى مأوى ومساعدات انسانية اساسية وحماية في اكثر من 1500 موقعا في كل انحاء البلاد..ومع اسهامة المنظمات والهيئات الدولية ذات العلاقة والمنظمات الانسانية في تنظيم النشاطات الضاغطة لمنع انتهاكات حقوق الانسان في العراق وايصال المواد الأساسية والغذاء والدواء الى النازحين!فأن الحكومة العراقية"المنتهية صلاحياتها"قد تعاملت مع التهجير القسري بانتقائية عالية ليتركز الحديث عن التهجير قبل نيسان 2003 وتتجاهل كوارث النزوح الداخلي والهجرة بعد هذا التاريخ!لقد تعاملت بإزدواجية منقطعة النظير مع ملف التهجير القسري،وطغى التسييس والكمون الطائفي على بياناتها لتعتمد السكوت والتغاضي والتقليل من الاهمية والتوظيف السياسي.
  لا يمكن فصل عمليات التهجير الراهنة عن عمليات التهجير واسعة النطاق التي تمت في الأعوام 2006 و2007،وعمليات التهجير المحدودة قبلها وبعدها.ولا يمكن الفصل بين عمليات التهجير هذه وطبيعة الصراع السياسي في العراق بعد عام 2003 ونظام المحاصصة السياسية الطائفية!وغياب البرامج الحكومية والمشاريع الوطنية لتحقيق العدالة والاستراتيجيات طويلة الأمد لمعالجة الاوضاع السيئة وظروف القهر والعوز التي يعاني منها النازحون،وتقديم كل الرعاية والدعم والاسناد لاعادة تأهيلهم واندماجهم بالمجتمع واعادة البسمة الى شفاه الاطفال والفرح والدفء الى تلك العوائل التي عاشت فصول المآسي المرعبة،وتقديم المنح والمساعدات وتسهيل طرق تقديمها بعيدا عن الروتين الطويل،وتأمين عودة المهجرين الطبيعية الى مناطق سكناهم وديارهم وبيوتهم وحمايتهم من تهديد او ابتزاز من شغل هذه البيوت طوال فترة التهجير.ان تأمين عودة الجميع الى مناطقهم وبيوتهم،وحفظ املاك وبيوت المهاجرين والمهجرين وحمايتها،وتأمين الرعاية الكريمة لحياة هذه الملايين من ابناء شعبنا،انما هو واجب وطني مقدس،وان القلوب والعيون تصبو نحو كل موقف منصف ومعين.
     لحل موضوعة اللاجئين والمهجرين لابد من:
1.   كفاح لا يلين من اجل دحر غزاة وقراصنة داعش واستعادة الارض ورفض اي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية.
2.   ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في البلاد،ومنع التوتر والصراعات السياسية وممارسة القوة والعنف،والسعي لحل المشكلات العالقة في العراق بالطرق السلمية والتفاوضية ووفق مبادئ الديمقراطية والسلم الاهلي والدستور العراقي.وهذا يتطلب نبذ نظام المحاصصة السياسية الطائفية القومية لأن الامن الذي يتطلع اليه الملايين ويحتاجه ضمان العملية السياسية ووجهة تطور البلاد الاجتماعي،لا يمكن ان يتحقق ما لم يكف السياسيون"المقررون"عن الاحتراب على النفوذ والامتيازات في ظل منهجية المحاصصات،وما لم يكن ولاء اجهزة الامن للوطن لا للطائفة،وما لم تقم على اساس الكفاءة والنزاهة لا الكسب والاستئثار الحزبي الضيق ونزعات"التسييس".
3.   فصل الدين عن الدولة!
4.   تبني ثقافة الاعتذار والاقرار بأخطاء حكومات العهد المالكي،وطي صفحة التعالي والغرور والانفراد في اتخاذ القرارات والتمسك بالمناصب وخرق الدستور،واعادة دوران العجلة الديمقراطية للعملية السياسية التي شرعت بالحركة منذ 2003،والتي اعطبت وتكاد ان تصدأ بسبب الافعال الصبيانية القمعية لنوري المالكي بالذات تحديدا،وبتشجيع من الجوقة الاستشارية والبلطجية والحمقى ومختلي العقول!وذلك يعني ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه ووضع العملية السياسية على السكة الصحيحة بعقد المؤتمر الوطني الواسع وتنظيم عملية وآليات التحاور والتشاور بين القوى والكتل السياسية المختلفة،وتجاوز حالة الانقسام والجفاء التي سادت خلال العهد المالكي المباد!وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية وتشكيل حكومة وحدة وطنية فعالة!ومناقشة القوانين الحيوية المعطلة كقانون الاحزاب وقوانين النفط والاعلام،واقرار الميزانية العامة لعام 2014!والبت البرلماني السريع  في التعديلات الضرورية للدستور العراقي ليناسب الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية غير الطائفية!والفصل بين رئيس السلطة التنفيذية والقيادة العامة للقوات المسلحة والتي لابد ان تخضع لرئاسة الجمهورية ليبقى رئيس الحكومة خادما للشعب وليس مستبدا بأمره!واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة،وتقديم المالكي الى المحاكمة الفورية العلنية لتستره على النشاط الميليشياتاوي الطائفي وجرائمه ضد الانسانية والفساد الحكومي!
5.    السلاح يبقى بيد الدولة حصرا،اي لابد من نزع سلاح الميليشيات الطائفية،خاصة تلك التي تلبس العباءة الحكومية!فلا هيبة للدولة واجهزتها مع انفلات واتساع نشاط الميليشيات،بل ان قوة السلطة وتمكنها من توفير الأمن يمر عبر اجراءات فعالة لحل الميليشيات سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق القانون رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات التي تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما!
6.   قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان البعض من متنفذي الحكومة المركزية يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم!وهذا يستلزم فتح السجون والمعتقلات امام نواب الشعب والصحافة والاعلام،والبت بوضع الموقوفين وفق المادة 4 ارهاب والموقوفين السياسيين،وتطبيق البنود الخاصة بحقوق السجين والمعتقل فورا!وتفادي التخبط الحكومي في طمس الحقائق ومحاولة تشويه وعي المواطن بالاجراءات الهستيرية الفاضحة كتشكيل غرف العمليات ومنع التجول وتشكيل لجان تحقيق لا تكشف عن نتائج اعمالها،وتعيين المخصصات لأعالة ضحايا التفجيرات والتعتيم مع سبق الاصرار على استمرار الاغتيالات بالجملة والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت والسيطرات الوهمية والاختطاف الجماعي والفساد!
7.   مهام اقتصادية باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وفي المقدمة صيانة ثروات البلاد الوطنية،والنفطية على وجه الخصوص!عبر تبني استراتيجية تنموية شاملة متكاملة،توظف كل القطاعات بصورة تلبي حاجات الوطن وتطوره المتوازن!الى جانب الأمن الغذائي بكل ما يحويه من امور اقتصادية وسياسية واجتماعية وضمان اسعار عادلة للمنتجات الزراعية.
8.   تأدية الحكومة العراقية واجبها باعتبارها المسؤولة الاولى عن شؤون اللاجئين والمهجرين!الاجراءات التحفيزية متواضعة ترقيعية لا تنسجم مع هول فضائح العصر والكوارث الجريمة!
9.   وضع حد فوري للعنف والاعمال المسلحة والتمييز القانوني والتهميش السياسي والاجتماعي الذي تتعرض له الأقليات الدينية والعرقية في العراق،والتي تعاني من ضياع الحقوق في المشاركة السياسية والحرية الثقافية وحرية ممارسة العقائد،ونخص بالذكر العائلات المسيحية في بغداد والموصل والصابئة المندائيين واليزيدية والشبك والبهائيون!والسعي للحصول على الضمانات الضرورية لهم عند مراجعة الدستور العراقي خصوصا فيما يتعلق بهويتهم وتمثيلهم السياسي.ان الاقليات الاثنية اهداف سهلة للارهاب،وهي غير محمية،خصوصا عندما يكون الضحايا سكان مدن صغيرة وقرى بعيدة،بينما التركيز الامني هو على المناطق الرئيسية.
10.   اتخاذ الآليات الفورية لضمان المستلزمات المعيشية الحياتية للكفاءات العلمية المهجرة والعائدة،تضمن الكرامة والعيش الكريم والسكن المناسب والعمل المناسب مع التحصيل العلمي وتوفير اجواء العمل الصحية لهم!المهجر والعائد،عالما كان ام اديبا او فنانا يصطدم بجدار سميك هو افتقار الحكومة الى منظومة اجراءات توفر بشكل فوري وعاجل السكن والراتب والمخصصات والحاق الاطفال بالمدارس!ان مساعدة الكفاءات العلمية المهجرة لشغل مواقع مناسبة في مواقع الدولة والادارة ليس منة ولا منحة ولا ترفا وانما هو واجب وطني لا يقبل التأجيل والتأويل!
11.   اتخاذ الآليات الفورية لضمان الحد من هجرة الشبيبة التي تزايدت في العقود الأخيرة حتى وصلت الى أوجها في السنوات الأخيرة!بسبب العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغياب الحياة الديمقراطية بشكل عام وتغييب المساواة بين المواطنين والشعور بالتهميش.
12.   تفعيل الدور الرقابي للجان المهجرين والمغتربين والنازحين مجلس النواب!
13.   تقديم المنح والمساعدات وتسهيل طرق تقديمها بعيدا عن الروتين الطويل والبيروقراطية وتزاحم وتدافع المواطنين على  شبابيك وزارة الهجرة والمهجرين وفروعها،وتكدس الملفات والوثائق المدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية!ووضع آليات مناسبة لتوزيع المخصصات الشهرية للعائلات النازحة تنسجم مع اهمية القضاء على حالات الغش والتلاعب التي ترافق عملية التوزيع!
14.   توفير المعلومات المتكاملة عن المهجرين والنازحين،وتتحمل المؤسسات الحكومية كامل الملامة لندرة البيانات المتعلقة بهم!
15.   العمل الجاد لاعادة بناء المدن والقرى والمنشآت والحقول التي دمرتها الفاشية الصدامية والارهاب الداعشي وتعويض ذوي الضحايا بسخاء.
16.   حل الخلافات القائمة بين الحكومة المركزية في بغداد والحكومة الاقليمية الكردستانية بالوسائل التي تخيب آمال جمهرة الصيادين في الماء العكر واعداء الشعب العراقي،ومنها مسألة المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وخانقين ومخمور وغيرها،ومسألة عقود النفط،وحصة الاقليم من ايرادات العراق المالية من النفط والجمارك والمساعدات الخارجية وغيرها!واعتماد مبادئ الحوار والقدرة على الصبر والمتابعة والموضوعية والمساومة المقبولة وفق الدستور العراقي،والابتعاد عن التهديد باستخدام القوة والعنف والسلاح،والقبول بدور الأمم المتحدة باعتباره الوسيط الحيادي الذي يمكنه المساعدة في الوصول الى حلول عقلانية تساومية مقبولة.ان العلاقة بين الاتحاد والاقليم بحاجة الى صياغات قانونية متينة وغير حمالة اوجه تستند الى الدستور،وحتى حين تكون هناك حاجة الى اجراء تعديلات على الدستور يستوجب طرحها بهدوء في مجلس الوزراء او في مجلس الرئاسة المشتركة لمناقشتها والاتفاق على صيغة تسهم في دفع التفاهم والعملية السياسية الى امام.
17.   معالجة النزاعات العرقية والعنف المستمر في كركوك،باعتبار ان كركوك هي واحدة من المشكلات الوطنية الكبرى التي ورثها العراق عن انظمة الاستبداد والقمع المختلفة،التي كان الكرد اكبر ضحاياها.وحل هذه المشكلة دون الاستهانة بحقوق الكرد ومعاناتهم الطويلة،عبر تحمل الحكومة العراقية مسؤوليتها الكاملة في تطبيق احكام دستور 2005،وتطبيق المادة 140 من الدستور لتنفيذ خريطة الطريق التي صوت عليها الشعب العراقي.
18.   دعم لجنة تطبيق المادة 140 من الدستور المتعلقة بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها،وتحديد موازنة خاصة من مجلس الوزراء لتعويض الوافدين وتطبيع الأوضاع!وتعويض المهجرين والوافدين،والغاء العقود الزراعية في كركوك،وتقديم اقتراحات حول الحدود الادارية للمناطق المتنازع عليها لاعادة الأمور الى اوضاعها الطبيعية قبل عام 1968 وازالة سياسات التهجير والتغيير الديموغرافي!
19.   تنفيذ سياسة اسكانية حازمة تخدم النازحين"65% من العوائل النازحة اواسط عام 2007 كانت مستأجرة ولا تملك مسكنا،وان 15% من هذه العوائل دمرت منازلها السكنية او اغتصبت من قبل جيوب العصابات والميليشيات في بعض المناطق،وكان هناك 3350 ملك مغتصب في مدينة بغداد وحدها".
20.   المعالجة الفورية لمشاكل النازحين القاطنين في الخيام وبيوت التنك او ما شابه،لانهم لا يحصلون على الخدمات الاساسية او يحصلون على جزء قليل منها فقط ولا يستطيعون حماية انفسهم من الظروف الجوية القاسية ويسكنون في اماكن بعيدة عن الخدمات الطبية والتعليمية وغيرها،بالاضافة الى انعدام الخصوصية العائلية والكرامة الشخصية.اوضاع مزرية تعيشها العوائل التي طردت من المباني العامة وتعيش اليوم في خيام او كرفانات مكتظة!معسكرات محاطة بالقمامة والازبال والقاذورات!
21.   دور الدولة مهم في الطمأنة الاجتماعية وحل الاحتقانات والتوتر الاجتماعيين،لمعالجة مظاهر التهجير الاحترازي،حيث يدفع الذعر والترويع بمئات الآلاف من العائلات الى الهجرة طواعية،كمحاولة استباقية منها لتفادي المخاطر المقبلة،وتساهم الاشاعات المقصودة منها او العفوية بتأجيج حالة الفزع واتساع خارطة التهجير.ان الكثير من العائلات المهجرة تفضل ترك دورها السكنية وتنزح منها قسرا او طوعا بحثا عن الامان والاستقرار.
22.   ان اعطاء دور كبير للجيش في حسم المسائل السياسية يعد خطرا على اي بلد،ولابد من حصر دور القوات المسلحة العراقية والقوات الامنية في المهام الملقاة على عاتقها في المكان المناسب،ووفق ضوابط معينة،كون العملية السياسية اشترطت ان تكون المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية لكي لا يعود العراق الى الاجواء الانقلابية!
23.   ان التقاعس في مواجهة قضية المهجرين واللاجئين والنازحين يسهم بالتدهور الحاد لحالة حقوق الانسان في بلادنا،ولابد من الحذر من الخطاب السياسي الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة.
24.   على الدولة العراقية ان تتخذ الاجراءات العملية الضرورية لوضع نهاية للانتهاكات المتفشية التي تتعرض لها حقوق الإنسان واعتماد التدابير القانونية والعملية اللازمة لضمان التنفيذ الفعال لكل الأحكام الواردة في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والتي صادق العراق عليها،والسماح لممثلي الأمم المتحدة ومقرري المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والفساد ومنها منظمة العفو الدولية ومنظمة الشفافية بزيارة العراق دون قيود.
25.   استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية،وتعني بالاساس  بناء قضاء مستقل قوي بعيدا عن الانتماءات دون الوطنية واللوبية الضاغطة،ويعتمد على رموز قضائية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية(لا الرموز الاجرامية وسيئة السمعة والسيرة والسلوك)،والاستفادة من تاريخ القضاء العراقي وتعميق منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية واعادة بناء وتأهيل المنظومة القضائية وترميم ماهدمته السلطات البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق والحذر من اعادة انتاج السواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة ومحاكم الميليشيات القروسطية وتهديدات ومضايقات الجهلة والاميين،الى جانب تعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام...ذلك وحده من شأنه ان يكرس من عدم تواجد اي كان فوق القانون...

بغداد
7/9/2014


12
عن احوال العراق اليوم ماذا كان سيكتب غائب طعمة فرمان؟!

سلام ابراهيم عطوف كبة

   في السابع عشر من اب عام 1990،وبعد اقل من عام على بلوغه الستين،غادرنا اب الرواية العراقية الحديثة غائب طعمة فرمان،واوري الثرى في مقبرة ترويكوروفو بضواحي موسكو!لقد رحل فرمان المثقف الحر والاديب والروائي والناقد تاركا خلفه ارثا روائيا فنيا وسياسيا وطنيا لم يهادن يوما الطغاة،وموقفا جسورا في مواجهة الحكام المستبدين،اصطف دائما مع قضايا شعبه لنيل الحرية والتمتع بحياة كريمة ووطن مزدهر،محتفظا بمكانته العلمية،زاهدا عن الرزايا،ومبشرا بثقافة السلم!وكانت رواياته بحق موسوعة تعكس حياة العراقيين ومعيشتهم في القرن العشرين وبحبكة فنية رصينة نشم منها رائحة التنور والبيت واجواء الازقة ونجد فيها تاريخ الروح البغدادية،وتطل من خلالها النماذج والصور الحية لابناء الشعب ومن كل شرائح المجتمع،فاكتنزت ذاكرتنا سليمة الخبازة وحسين وابن الحولة والسيد معروف...!
   يكتب الاديب الراحل مهدي محمد علي:"حين ظهرت رواية "الرجع البعيد" لفؤاد التكرلي شكلت الروايتان "النخلة والجيران" و"الرجع البعيد" ثنائياً أشبه بالعنوان الرئيس للفن الروائي العراقي،دون ان نبخس حق اسماء لم ترد هنا.يبدو ان غائباً اكتشف موهبته الروائية،بعد عشرات من القصص القصيرة،فتوالى نتاجه الروائي،فكانت:خمسة اصوات 1967 ـ المخاض 1974 ـ القربان 1975 ـ ظلال على النافذة 1979 ـ آلام السيد معروف 1982 ـ المرتجى والمؤجل 1986 ـ المركب 1989".
   منذ منتصف الخمسينيات تذوق غائب طعمة فرمان حياة الغربة عن الوطن بحلوها ومرها فكانت الغربة بالنسبة له حبا وشوقا الى وطنه،وكانت امتحانا قاسيا للوطنية عنده،حتى استقر في موسكو!وقد انجزت ارملته الاستاذة في العلوم الفلسفية انا بتروفنا فورمانوفا كتابا بالروسية عن حياة غائب طعمة فرمان في موسكو.
   رحل الكاتب والاديب غائب طعمة فرمان،والشبيبة العراقية واجيال النصف الثاني من القرن العشرين لن تنسى بسهولة اعماله واعمال معاصريه من عمالقة الادب الانساني والواقعي في المعمورة،والتي لبت وتلبي تعطشهم الآيديولوجي والأدبي،في احلك الظروف السياسية والمعيشية التي مروا بها.فرمان كان في صدارة قائمة الكتاب المفضلين لدى شبيبتنا،في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم وحقبة دكتاتورية صدام حسين،الى جانب ايتماتوف ودوستويوفسكي وبوشكين وتولستوي وشولوخوف وغوركي وتشاكوفسكي وحمزاتوف وكوبرين وهمنغواي وجاك لندن وامادو وماركيز ...،وسرعان ما اجتذبتهم نبراتهم الفريدة وأسلوبهم المتدفق وشخصياتهم الآسرة.
    سحرت واقعية ادب غائب طعمة فرمان شبيبتنا التي عاشت قسوة الطبيعة والحياة الاجتماعية معا!والتحولات التاريخية في المجتمع العراقي،والرّعب الصدامي،والتي كدت في البحث عن القيم الأخلاقية الأكثر تماسكا...سحرت واقعية ادب غائب طعمة فرمان شبيبتنا التي قاومت الارادوية المنفلتة والعسف ومحاصرة الديمقراطية والحجب المعلوماتي ومحاولات غسل الذاكرة والضغوط الادارية والطرد الجماعي من العمل والمماحكات والارهاب والتدخل بالحياة الشخصية للناس وصياغة عقل وضمير المواطن والزامه بالطاعة والولاء،والتهجير القسري للملايين والعسكرة،ليجر ازاحة رواد التطور الحضاري عن مراكز القيادة واتخاذ القرار وليحل محلهم جهلاء الحزب الحاكم والطائفة الحاكمة واقرباء واصدقاء الطاغية من محترفي التجسس ذوي الولاء المطلق لرموز النظام،وتتحول المؤسسات الى مقرات للخلايا الحزبية والميليشيات ولجان التحقيق واوكار للتجسس والاعتقال وكتابة تقارير الوشاية..
   لو كان غائب طعمة فرمان حيا اليوم ماذا كان سيكتب عن احوال بغداد والعراق اليوم؟!عن تهميش الثقافة العراقية والمبدعين الحقيقيين وشراء ضمائر كتاب آخرين واقصاء العلماء والأدباء والفنانين الرائعين،وانحدار مستوى الثقافة التي بناها المئات من المثقفين لأجيال الى ادنى مستوياتها،عن محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية ليباع العراق الانسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي!عن تراجع الثقافة الانسانية بوجه عام في العراق بفعل الكارثة السياسية والاجتمااقتصادية التي اتسمت  بأسوأ ما في القاموس الظلامي والاستبدادي والتكفيري والقمعي من ممارسات فعلية بسبب التمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية.
   ماذا كان سيكتب غائب طعمة فرمان عن اطلاق النار على الحرية الشخصية للمواطن بقصد ارهابه وحرمانه من الحصول على الحاجات الروحية الثقافية مما تبقى من خطابات الجمال والابداع التي تعالج همومه وتداوي جراحاته،ويبقيه اسير الاستلاب والقمع الروحي النفسي والفكري الثقافي،فيضعه خارج دائرة عصرنا وتطوراته الانسانية؟!
    الثقافة الوطنية،ثقافة غائب طعمة فرمان،في بلادنا...اصيلة في نهجها النزوع الى التغيير وفق متطلبات تطوير التجربة التاريخية،وفضح طرائق تبرير النكوص الى الماضي وتقديسه ونفيه وتفريغه من محتواه بدعوى تجاوزه والانتقال من اصولية مقنعة الى اصولية سافرة،وفضح المواقف الجامدة الآيديولوجية الرجعية باطلاق العنان للفكر وتحريره من اسر الادلجة.والثقافة الوطنية،ثقافة غائب طعمة فرمان،في بلادنا ...اصيلة بفضحها النهج الذي يقاوم رياح الانفتاح والتغيير ومحاولات التكيف والاندماج مع متطلبات العصر،والنهج الذي يترجم النصوص الدينية ويفسرها على هواه وحسب مصالحه ليستخرج منها خطابه السياسي والتعبوي الذي ينوي به السيطرة على المجتمع وتحويله بالقوة والعنف الى مجتمع يتماشى مع  مخططاته ورؤيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والآيديولوجية،اي برامج لا تختلف عن التوجهات الدكتاتورية ولكن بأوجه والوان واسماء مختلفة.الثقافة الوطنية،ثقافة غائب طعمة فرمان،في بلادنا...اصيلة بفضحها نهج الهيمنة الشمولية على تفكير الرأي العام والسيطرة على ردود افعاله عبر عملية غسل الدماغ المنظمة والمدروسة،واصيلة بفضحها الحركات والافكار السياسية التي تسعى الى اقامة الدولة الاسلامية والدولة الطائفية بهذا الشكل او ذاك،كما هي اصيلة بفضحها محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية وبفضحها محاولات اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده - العمل الخطيرالذي ينذر بالكارثة المحدقة لصالح تسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم وفي السعي للابتلاع الحكومي لوسائل الأعلام!
   رحل غائب طعمة فرمان لكنه باق من خلال اعمال تركها للاجيال واستحق عليها لقب اب الرواية العراقية!سيبقى غائب طعمة فرمان وابطال رواياته احياء في قلوب شبيبتنا الديمقراطية التي تتطلع الى وطن حر وشعب سعيد!وغد تسوده ثقافة الأمل والاحتجاج والنزاهة والثقافة المطلبية!الثقافة الحرة والمنفتحة التي يعبر من خلالها المثقف عن عالمه الابداعي والتي تنمي فرص تطوير المواهب والعقول الشابة الطامحة الى التعبير عن عالمها الفكري والاخلاقي والاجتماعي!افق يلوح باحياء الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء عراقيون نار على علم!سيبقى لسان حال الشبيبة الديمقراطية"لا اعمار للوطن من دون اعمار الثقافة""مجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين!".سيظل غائب طعمة فرمان معلما في الثقافة العراقية والعربية الحديثة،وذكراه حية في قلوب العراقيين!
   عظمة الروائي غائب طعمة فرمان تستحق ان تعلن رئاسة الجمهورية في بلادنا ان يكون عام 2015،ذكرى ربع قرن على رحيل هذا الكاتب الفذ،عام غائب طعمة فرمان!فلتتضافر كل الجهود الى هذا المسعى النبيل!

بغداد
25/8/2014 

13
مهام مركبة تنتظر الحكومة العراقية الجديدة

سلام ابراهيم عطوف كبة

   تنتظر حكومة بغداد الجديدة مهام ومسؤوليات هي الاوسع والاعرض والاخطر منذ عام 2003  وترتقي الى مصاف المهام المصيرية،بسبب تردي الوضع الامني واحتلال قسم غير قليل من الاراضي العراقية عن طريق منظمة ارهابية كوسموبوليتية هي داعش التي باتت على اطراف العاصمة العراقية،وتراجع وضع البلاد السياسي والاقتصادي والمعيشي القهقرى بحكم فشل وسوء الاداء الحكومي السابق والفساد!وعبرت كلمات رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري والنواب في الجلسات الاخيرة للبرلمان العراقي عن طبيعة هذه المهام الموضوعية التي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي والاقرار بواقع جسامة الاخفاقات الحكومية في العهد المالكي والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية.
   تنتظر الحكومة الجديدة جملة مهام مركبة تستند على اعمدة اساسية:
1.   مهام وطنية حساسة للغاية لطي صفحة التعالي والغرور والانفراد في اتخاذ القرارات والتمسك بالمناصب وخرق الدستور،اي اعادة دوران العجلة الديمقراطية للعملية السياسية التي شرعت بالحركة منذ 2003،والتي اعطبت وتكاد ان تصدأ بسبب الافعال الصبيانية القمعية لنوري المالكي بالذات تحديدا،وبتشجيع من الجوقة الاستشارية والبلطجية والحمقى ومختلي العقول!وذلك يعني ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه ووضع العملية السياسية على السكة الصحيحة بعقد المؤتمر الوطني الواسع وتنظيم عملية وآليات التحاور والتشاور بين القوى والكتل السياسية المختلفة،وتجاوز حالة الانقسام والجفاء التي سادت خلال العهد المالكي المباد!وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية وتشكيل حكومة وحدة وطنية فعالة!ومناقشة القوانين الحيوية المعطلة كقانون الاحزاب وقوانين النفط والاعلام،واقرار الميزانية العامة لعام 2014!والبت البرلماني السريع  في التعديلات الضرورية للدستور العراقي ليناسب الدولة المدنية الاتحادية الديمقراطية غير الطائفية!والفصل بين رئيس السلطة التنفيذية والقيادة العامة للقوات المسلحة والتي لابد ان تخضع لرئاسة الجمهورية ليبقى رئيس الحكومة خادما للشعب وليس مستبدا بأمره!واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة،وتقديم المالكي وطراطيره الى المحاكمة الفورية العلنية لتستره على النشاط الميليشياتاوي الطائفي وجرائمه ضد الانسانية والفساد الحكومي! 
2.   مهام امنية خطيرة للغاية لمواجهة غزاة وقراصنة داعش واستعادة اراضي العراق الحبيب ورفض اي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية واخصاء كل الميليشيات الطائفية المسلحة وخاصة تلك التي تلبس العباءة الحكومية!وفتح السجون والمعتقلات امام نواب الشعب والصحافة والاعلام،والبت بوضع الموقوفين وفق المادة 4 ارهاب والموقوفين السياسيين،وتطبيق البنود الخاصة بحقوق السجين والمعتقل فورا!وتفادي التخبط الحكومي في طمس الحقائق ومحاولة تشويه وعي المواطن بالاجراءات الهستيرية الفاضحة كتشكيل غرف العمليات ومنع التجول وتشكيل لجان تحقيق لا تكشف عن نتائج اعمالها،وتعيين المخصصات لأعالة ضحايا التفجيرات والتعتيم مع سبق الاصرار على استمرار الاغتيالات بالجملة والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت والسيطرات الوهمية والاختطاف الجماعي والفساد!
3.   احياء نشاط الهيئات والمفوضيات المستقلة التي خنقها نوري المالكي،خاصة البنك المركزي والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة!وبتر التدخلات الفظة في شؤون النقابات والمنظمات غير الحكومية!
4.   معالجة القضايا العالقة في العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم في كافة المجالات ولتحقيق المنفعة المتبادلة القصوى والمعجلة للتنمية والنمو الاقتصاديين ووضع قوانين تحدد طبيعة العلاقات والصلاحيات والواجبات لكل الاطراف بما يقلل من الخلافات المحتملة والاختلاف في التفسيرات.
5.   تحديد صلاحيات القضاء العراقي والمحاكم الاتحادية وفضح التدخلات السافرة للسلطات التنفيذية والتشريعية في شؤونه لأن استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية،وتعني بالاساس  بناء قضاء مستقل قوي بعيدا عن الانتماءات دون الوطنية واللوبية الضاغطة،ويعتمد على رموز قضائية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية(لا الرموز الاجرامية وسيئة السمعة والسيرة والسلوك)،والاستفادة من تاريخ القضاء العراقي وتعميق منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية واعادة بناء وتأهيل المنظومة القضائية وترميم ماهدمته السلطات البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق والحذر من اعادة انتاج السواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة ومحاكم الميليشيات القروسطية وتهديدات ومضايقات الجهلة والاميين،الى جانب تعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام...ذلك وحده من شأنه ان يكرس من عدم تواجد اي كان فوق القانون...
6.   مهام اقتصادية باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وفي المقدمة صيانة ثروات البلاد الوطنية،والنفطية على وجه الخصوص!عبر تبني استراتيجية تنموية شاملة متكاملة،توظف كل القطاعات بصورة تلبي حاجات الوطن وتطوره المتوازن،تعتبر القطاع الاستخراجي النفطي  قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي...واعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة،واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في قانون منفصل يسبق تشريعات النفط والغاز الجديدة مع ايلاء الاهتمام البالغ لتطوير الصناعات البتروكيمياوية وفضح الجهات التي تستكلب لابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا خدميا مستوردا مستهلكا وحيد الجانب في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسع!ووقف الانجراف الى منزلق الاقتصاديات الاستهلاكية،واعتماد استراتيجية صناعية للدولة بعيدة المدى تحافظ على التوازن والتكييف الهيكلي ووضع النظم والاستقرار ولا تنشغل بجزئيات القطاع الصناعي،وتشريع قانون المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية الى جانب تحقيق الترابط المتبادل بين النفط والزراعة واقامة الصناعات الزراعية والغذائية والصناعات الصغيرة والحرفية في الريف التي تساهم في زيادة دخل المواطنين وتخفيف الهجرة الى المدن.
7.   القضاء على سياسة ازدراء الطبقة العاملة العراقية التي انتهجتها حكومات ما بعد التاسع من نيسان 2003!وعلى ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!مرورا بفساد القوى المتنفذة!ينبغي ان تكون الحركة العمالية النقابية متينة ومتماسكة،وان يتصدر تنظيمها النقابي قادة نقابيون يتسمون بالكفاءة والمصداقية والاخلاص والنزاهة ممن خبرتهم ميادين العمل النقابي والنضالي في الدفاع عن مصالح العمال و حقهم في حياة حرة كريمة في ظل عراق جديد،بعيداً عن الوصاية والهيمنة لأي طرف حزبي او حكومي!وهذا يستوجب الالغاء الفوري للقوانين الصدامية ارقام 71 و52 و150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و الغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة،والقوانين ارقام  71 و91 لعام 1977 و190 و543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم (150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي.
8.   الأمن الغذائي بكل ما يحويه من امور اقتصادية وسياسية واجتماعية وضمان اسعار عادلة للمنتجات الزراعية والاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية والسمكية وانشاء معامل لصناعة وتعليب وتسويق المنتجات الحيوانية،واعادة تشغيل المشاريع الحكومية،ومكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة واستصلاح الأراضي الزراعية وبساتين النخيل والغابات والعناية بالبستنة والاهتمام بشبكات الري والبزل،الى جانب تحسين مفردات البطاقة التموينية.

بغداد
22/8/2014

 


14
حركية اليسار الرث في العراق

سلام كبة

   ينحدر اليسار الجديد من مجموعات مثقفة تمثل مصالح اقتصادية في القطاعين الخاص والاهلي والمنظمات غير الحكومية والخيرية،وكذلك ميادين التعهدات والمقاولات والتجارة،ولها التأثير البالغ في جموع الشبيبة!وكان الواجهة العصرية لسياسات(منتصف الطريق والطريق الثالث)القديمة منذ ستينيات القرن العشرين في اوربا،متأرجحا بين رفض الاشتراكية القائمة سابقا ودروب المتاهة والفوضى والاحلام عبر اتخاذ الفوضوية محل الاعمال الثورية والطوباوية محل الاشتراكية العلمية!وكان التخبط النظري من السمات المميزة لآيديولوجيته لأنه ثمرة مخاض التناقضات الرأسمالية،ومن مظاهره اشاعة انتفاء الحاجة للنضال الطبقي ومحاولة تزييف الجوهر الطبقي للعمليات التي تأخذ مجراها في العالم،وبذر مشاعر اليأس والعبثية ازاء الجهد الاجتماعي النشيط في النضال ضد الاحتكارات الدولية والعولمة!

    كان انطوني غيدنز من ابرز منظري"الطريق الثالث"،وهو يدعي انه طريقا ليس وسطيا توفيقياً بين الرأسمالية والاشتراكية بقدر ما هو محاولة لتجاوز وتخطي الثنائيات الاستقطابية السابقة للحرب الباردة!وهو بذلك عرض نياته الطيبة الساذجة كونه فاعل خير يتجاوز اليسار التقليدي وتدخل الدولة في الحياة الاجتمااقتصادية ويتجاوز اليمين المحافظ المتمسك بآليات اقتصاد السوق وفق المبدأ الليبرالي الكلاسيكي(دعه يعمل،دعه يمر)!ويتخلى(الطريق الثالث)عن العدالة الاجتماعية عبر تبنيه الحاسم لاقتصاد السوق ونزع الآيديولوجيا عن الاقتصاد اي يستند على حرية السوق والتجارة وفتح الحدود وتقليص دور الدولة في الاقتصاد وهذا ما يتبناه اليوم الثالوث العولمياتي الرأسمالي(البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية)اي انه استنساخ للاقتصاديات الرأسمالية المتطورة التي نفسها ووفق منطقها لا تنكر اهمية تدخل الدولة بالاقتصاد في قطاعات اساسية وفي فترات محددة.ويبدو أن تبني القيم المدنية العالمية والقضية الاجتماعية وحماية البيئة والمساواة بين الرجل والمرأة ومكافحة الارهاب والتطرف كان القاسم المشترك للطريق الثالث مع اليسار،الا ان الموت البطيء لليسار في الطريق الثالث هو ما ميز هذه الحركة التي اتجهت دوماً نحو يمين الوسط!

   لا تزيل سياسات منتصف الطريق او انصاف الحلول الاجتماعية التناقضات المستفحلة،فدولة الرخاء العام الاميركية ظاهرة متناقضة تعكس الفوضى الرأسمالية البناءة!وتعقد وتربك الاوهام الاصلاحية النضال في سبيل التقدم الاجتماعي.واسلوب المناورة السياسية والاجتماعية هو الذي ميز السياسة الاجتماعية في الغرب الرأسمالي مثل اطلاق تعبير الليبرالية على الرأسمالية نفسها!والتفنن في تزويق الليبرالية من ديمقراطية الى جديدة فمتجددة!والتعمد في مواجهة التنظيمات المهنية والديمقراطية والاجتماعية التقليدية عبر رفع شأن المنظمات غير الحكومية في الحركات الاجتماعية تارة وتسييس كامل الحركات الاجتماعية وزرع الوشائج الاصطفائية المعرقلة داخلها ونشر النزعات الضارة التي تسء لكفاحها الاجتماعي العادل وعرقلته وتحجيمه تارة وكبح جماح الجميع تارة اخرى!

    في سلة اليسار الجديد انتعشت من قبل الفوضوية والتروتسكية الا ان اواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ومع نهوض رابطة الدول المستقلة على انقاض الاتحاد السوفييتي واختفاء المعسكر الاشتراكي توسع مفهوم اليسار الجديد وبات يؤشر ايضا للقطيعة المعرفية مع الجمود العقائدي لليسار القديم او اليسار الكلاسيكي للاشتراكية القائمة سابقا،ومع الارادوية المنفلتة والعسف ومحاصرة  الديمقراطية والحجب والتمييز المعلوماتي والضغوط الادارية والطرد الجماعي من العمل والمماحكات والارهاب الشمولي وشيوع التهجير القسري للملايين وسيادة العسكرة وازاحة رواد التطور الحضاري عن مراكز القيادة واتخاذ القرار ليحل محلهم جهلاء الحزب الحاكم واقرباء واصدقاء الطاغية من محترفي التجسس ذوي الولاء المطلق لرموز النظام،التدخل بالحياة الشخصية للناس وصياغة عقل وضمير المواطن والزامه بالطاعة والولاء،وتحول المؤسسات الى مقرات للخلايا الحزبية ولجان التحقيق واوكار للتجسس والاعتقال وكتابة تقارير الوشاية والمخبر السري بدلا من ان تكون مراكز لاقامة الندوات وطرح الآراء الرصينة واجواء المناظرة والحوار وابداء الرآي والرأي الآخر!القطيعة المعرفية مع جعل الولاء للحزب الحاكم والطائفة القائدة معيارا لاخلاقية المواطن لا الجدارة والمعرفة والقدرة والتكوين النظري والنضج السياسي والكفاءة والسجايا الاخلاقية والصدق والنزاهة والتضحية والبطولة!القطيعة المعرفية مع التقطيع والتبسيط والاعتباطية واعتماد منطق الصدفة والجمود العقائدي ونزعة الاستعلاء في التخاطب مع الجمهور بدل التعامل الواقعي مع الظاهرات المترابطة المتفاعلة المتماسكة المتداخلة الموحدة المتناسقة المتناقضة كمدخل لتحليل جوهر المواضيع!

    وانضمت لليسار الجديد كل القوى السياسية والاجتماعية المتضررة من فشل نماذج الاشتراكية القائمة سابقا بما فيها الكثير من الاحزاب الشيوعية والاشتراكية الديمقراطية والاتحادات العالمية للشبيبة والطلاب والنقابات العمالية.وهذا التحول الاستراتيجي لجأت اليه الحركة الشيوعية واليسارية العالمية للحد الممكن من تأثيرات العولمة المتوحشة والليبرالية الاقتصادية الجديدة في"تحقيق حكومات الحد الادنى والتدخل الاقل الممكن من جانب الدولة في الشؤون الاقتصادية،والسيطرة على التضخم والاستخفاف بالبطالة وتجنب العمالة الكاملة وشيوع النزعة الاستهلاكية والخصخصة ودعم حرية السوق".‏وتتجاهل الليبرالية الاقتصادية الجديدة(جوهر الفلسفة الاقتصادية للعولمة الرأسمالية)مستويات التطور الاقتصادي في الأجزاء المختلفة من العالم لأنها تستهدف فرض حرية الأسواق وحرية التبادل وضمان حرية حركة الرأسمال بصرف النظر عما تلحقه هذه السياسة من اضرار بالصناعات الوطنية وخلق حالة عدم التكافؤ والمساواة في العلاقات الدولية.‏

   لقد انتقل التاريخ العالمي الى مستوى جديد اثر فشل نماذج الاشتراكية القائمة والاختلال الحاصل بين قوى وعناصر ومكونات العملية الاجتمااقتصادية،في نفس الوقت الذي تستمر فيه الثورة العلمية التكنولوجية في سيرها جارفة جميع الاتجاهات والمظاهر البالية الرجعية ومعززة مجتمع الانتاج وخاصة الاختراعات والتحسينات التكنيكية.وتصل انتاجية العمل الى درجات تتدفق فيها الخيرات المادية،ويتحقق فيض الانتاج والعمل عبر المجازفة والمباراة والمبادرة الجريئة اي الديمقراطية بأوسع مفاهيمها على كافة الاصعدة!ومع الوشائج المترابطة المتسارعة لميادين التصميم والانتاج والتسويق بعضها مع بعض والتغيرات العميقة في بنية الانتاج الاشد سرعة والاكثر مرونة والتغيرات البنيوية الواسعة العميقة في الاقتصاد فأن الملكية الأجتماعية لوسائل الأنتاج تبدو موضوعيا ومنطقيا اليوم كما هي بالأمس القريب الشرط الأمثل للتقدم العلمي والتكنولوجي والاجتماعي.ويظهر جليا دور الثورة العلمية التكنولوجية والثورتين المعلوماتية والتحكمية(Control Revolution) في نقل قوة العمل الأساسية الى ميدان المعلوماتية والخدمات لتصبح هذه القوة مزيجا من القوى الاجتماعية التي تضم طاقة المجتمع الذهنية والعلم ليتولد طراز جديد من العاملين في عموم الانتاج،التربة الخصبة لتوسع وتجذير قطاعات اليسار الجديد.اما الاحتكارات العالمية فتسعى الى تجنيد ثمار الثورة العلمية التكنولوجية في خدمتها لتخفيف ازماتها الاجتمااقتصادية الدورية المستفحلة ولتكييف جهازها الانتاجي مع المتطلبات الجديدة وتعميق التبعية التقنية والتكنولوجية للبلدان النامية. وتدفع الازمة الهيكلية الدول الصناعية الرأسمالية نحو توسيع السوق والغاء الحواجز التي تقف في طريق التبادل التجاري الحر والغاء القيود التي تحد من انتقال رؤوس الاموال الباحثة دائما عن الاستثمار المربح.‏

    هنا وجب استذكار ان احد اهم مظاهر مأزق الرأسمالية استغلال تراجع التجارب الاشتراكية وفشل بعضها لتثبت انها الخيار الوحيد امام البشرية.لكن التجربة العلمية تؤكد تفاقم الازمة البنيوية الشاملة للرأسمالية وعجزها،رغم نجاحات التكييف والتجديد،عن القضاء على الازمات الدورية المتتالية.كما ان فشل تجربة ما او نموذج ما  لا يلغي ويسقط القيمة المضمونية،بل العكس هو السليم،فمضمون الاشتراكية الانساني والديموقراطي ملهم للشعوب من اجل المستقبل الافضل.

    ظل النشر المعلوماتي جريمة يحاسب عليها القانون السوفييتي طيلة نصف قرن من الزمن سادت فيه الليسنكوية(نسبة الى مدرسة ليسنكو استاذ البيولوجيا في زمن ستالين وخروتشوف ومؤدلج اكاديمية العلوم في موسكو)والاساليب البيروية(نسبة الى بيريه قائد اجهزة الامن السري زمن ستالين).لقد تفوق السوفييت في انتاج الفولاذ والكونكريت والنفط والكثير من المواد الاساسية الاخرى خلال الثمانينات الا ان المواد الالكترونية وسلع الاتصالات الحديثة قد تحدد دخولها الى الاراضي السوفيتية وكانت تحت اشراف اعلى الجهات الامنية.كما منعت من النشر والانتشار اجهزة الاستنساخ والفاكس والحواسيب الشخصية(PC) والمعدات الالكترونية الخاصة بالمؤسسات والخرائط العلمية والتقنية والاحصاءات الديموغرافية الدقيقة والانترنيت والستلايت والهواتف الجوالة.فقد احكمت الطبقة السياسية الحاكمة والقيادة السوفيتية وبأشراف ضيق جدا،تسيير  معابر السيل المعلوماتي الجديدة بأراضيها.فكان رفع القيود على التحكم المعلوماتي الفرس الجامحة في البيريسترويكا،لكن الخلل في السيطرة على الحلقات التحكمية الرئيسية ادى الى تدمير حزب السلطة وزعزعة الدولة!لقد قبعت المعلومات كثمرة محظورة في كل زاوية وفي عقول الجميع في النصف الثاني من الثمانينات،لكن تدفقت فجأة الى البلاد معدات الاذاعتين المسموعة والمرئية الحديثة والملتيميدية(Multimedia). لقد انتج الاتحاد السوفييتي عام 1987 من الفولاذ ضعف انتاج الولايات المتحدة الا انه لم يمتلك في هذا  العام سوى مائتي الف(حاسوب شخصي)مقارنة مع 25 مليون جهاز في الولايات المتحدة.

   لقد طبعت الثورات التحكمية والمعلوماتية والعلمية التكنولوجية العالم بسماتها،وولدت الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة الموت والدمار اللذين ميزا تاريخ العقود الاخيرة(حربان عالميتان بربريتان،هلوسة نازية،رعب ستاليني،سباق التسلح النووي،الانظمة الشمولية والدكتاتوريات الفاشية والعسكرية،جنون حربي الخليج،الحروب الاهلية في اوربا وافريقيا وآسيا)..هيروشيما والرعب النووي والخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم،الحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة(حوادث المحطات النووية في ولاية بنسلفانيا سنة 1979،تشرنوبل السوفيتية سنة 1986،الانفجار في مستودع كيمياوي في سويسرة سنة 1986،فوكوشيما اليابانية سنة 2011،سرقات المواد المشعة كحادثة سرقة كمية من السيزيوم137 المشع من مركز طبي في البرازيل سنة 1987...)،الانفاليات الصدامية،واستخدام اليورانيوم المستنفذ DU من قبل القوات الامريكية في العراق عام 1991 و 2003!
 
   حتى عام 1990،وخلال عقود ثلاثة فقط تشير الاحصائيات الى حدوث(113)كارثة طبيعية سببت وفاة(828439)فرد في كل انحاء العالم،واهلكت الفيضانات(6592)شخصا وقتلت الاعاصير الاستوائية وحدها(350299)فردا.وكان زلزال الصين عام 1976،الاسوأ وادى الى مقتل(242)الف مواطن.بينما دمر اعصار جنوب بنغلاديش وقتل(132)الف شخص!
   كانت الزلازل والفيضانات والتسونامي وموجات الحرارة والبرودة من بين 373 كارثة طبيعية مسجلة في عام 2010،ادت في مجملها الى وفاة اكثر من 296800 شخص،وتضرر ما يقرب من 208 مليون آخرين،والحاق خسائر تقدر بنحو 110 مليار دولار،وفقا لمركز بحوث اوبئة الكوارث.وقد تسببت الكوارث الطبيعية في الصين وباكستان في خسائر بلغت قيمتها اكثر من 27 مليار دولار،بالاضافة الى مقتل ما يقرب من 8500 شخص.وخلال عام 2010،وقعت خمس من اشد الكوارث المدمرة من حيث الخسائر في الارواح والسلع والبنية التحتية في قارة آسيا وحدها!



   ولم تتضمن الجداول اعلاه كوارث الحروب العظمى والمحدودة في نفس الفترة ومخلفاتها من ملايين القنابل غير المتفجرة.ففي فيتنام تركت حوالي(2)مليون قنبلة دون ابطال مفعولها.وفي مصر ورغم المجهود الحربي لازالت آلاف الالغام متوزعة في خليج السويس وسيناء،بينما ابطلت بولندة وحدها منذ عام 1945 مفعول (14849000)لغم ارضي و(73563000)قنبلة وقذيفة!اما مخلفات الحروب الخليجية في مياه الخليج العربي وشط العرب وداخل الاراضي العراقية والايرانية والكويتية فحدث ولا حرج!
  كل هذا الدمار والخراب كان منبعا لا ينضب لتوسع قطاعات اليسار الجديد وحتى نشوء الحركات الاجتماعية  المعادية للتكنوقراطية وقاعدتها الاجتماعية:الحركات المعادية لنشر السلاح النووي والحركات المناضلة من أجل البيئة والمدافعة عن سلامة الطبيعة والتوازن البيئي والحركات الاجتماعية النسائية التقدمية..
    اليسار الجديد حاله حال كل الحركات السياسية والاجتماعية تنسلخ منه فئات ويواجه احيانا جماعات اليسار الرث او حثالات اليسار التي تدعو لمشاريع التعاون الطبقي كالاصلاحية والانتهازية والتحريفية والاقتصادوية النقابية والبراغماتية النفعية الذرائعية وتيارات السفسطة والتبريرية ومنها الروزخونية اي السفسطة الدينية!فالرثة والحثالة ليست حكرا على طبقة وفئة وحركة دون غيرها بل تعبيرا عن تذبذب الشرائح الاجتماعية التي تبدو وكأنها شرائح فقدت هويتها الطبقية والسياسية!
   عموما تشكل الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية قاعدة الرأسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.
    اليسار الرث هو حثالات اليسار المهمشة قسرا والمنبوذة او المتساقطة في معمعانة التقدم الاجتماعي حامي الوطيس،وهو مهنة رابحة في ظل مغريات وتهديدات الفئات المتنفذة والطبقة السياسية الحاكمة!ويعكس اليسار الرث:
1.   الولع بالخروج عن النسق العام لليسار والسقوط المذل في خدمة المنظومة الشمولية!
2.   عجز اليسار الجديد على استيعاب هذه الفئات الاجتماعية وقاعدتها المتسعة دوما والتي يطلق عليها تعبير"الطبقة الوسطى"!
3.   التأثير المتعاظم للوشائج دون الوطنية!
4.   الانتقال من مواقع خدمة الشعب الى مستنقعات البورجوازية البيروقراطية والطفيلية!

   وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل اليسار الرث المتعاون مع الطائفية السياسية الحاكمة ممن استغلوا مواقعهم الوظيفية كخبراء ومدراء وموظفين ومكانتهم الاجتماعية والسياسية كمتحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء متخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،محاولين بث الشكوكية والريبة في صفوف اليسار الجديد ومهامه المدنية الديمقراطية وخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،والاستهانة بالحركة الاجتماعية والتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،وتجاهل ارادة اعضاء هذه المنظمات!
   اليسار الرث آفة للمجتمع لأنه يكتنز الوصولية والتحدث دفاعا عن اكاذيب وحنقبازيات النظام والحكومة ولعب دور الشبيه بالمثقف من خريجي مدرسة سمعا وطاعة!يرددون كلمات الآخرين دون ان يكون لهم رأي او ملاحظة عليها،لا يحترمون الرأي الآخر ان كان يوافقهم ام يعارضهم،فرسان حوار وسفسطة فضفاضة من اجل فرض الرأي وليس حرية الرأي،يتبارون ظهورا حتى غدا الواحد منهم ما بين عشية وضحاها وجها اعلاميا بارزا!يتربعون موائد الخبرة والاستشارة ويبسطون آراءهم بالتلفيقات وخلفهم طابور طويل من المطبِلين والمصفقين فأضحوا ما بين غمضة عين وانتباهتها في عداد المفكرين والباحثين والمثقفين واصحاب النفوذ!يوزعون النصائح والبركات على المبتذلين،لا من جيوبهم الخاصة،بل من بيت مال الوطن وجيوب المواطنين المنكوبين.لا يستحون ولا يخجلون!وكيف لهم ان يخجلوا،وقد هيأت لهم السلطات وهيأ لهم اتباعهم عقد الندوات والقاء المحاضرات والمقابلات التلفازية والاذاعية وصناعة التتويج من اعالي المنصات؟!كما صنع لهم الفاشلون اصوات مسموعة يكشفون بهم سوءاتهم فيما يطرحون وما يقولون؟!وكيف لهم ان يقروا بفشلهم،والايام تلد لنا كل ساعة جيشا من هؤلاء حتى تضخمت ذواتهم فصدق البعض منهم صوته النشاز بعد ان طبل له المطبلون،وزمر له المزمرون فغدت ال(انا) تنمو وتنمو حتى اصبحت:انا ربكم الاعلى!!
   اليسار الرث كالعملة المزيفة بين ارباب الصناعة والمعرفة،ثلة من المحسوبين على اليسار الا انهم من اصحاب الفكر المحدود والثقافة المحدودة الفارغة التي لا تمت للمنطق بصلة!يطلقون الوعود كأسيادهم ويفبركون الادعاءات ويخدعون الرأي العام بالكلام المعسول والتصريحات الجوفاء ويلجأون الى اساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية،من (الشطار) الذين يعرفون من اين يؤكل الكتف وخبراء فى التضليل والتزييف،يتزببون قبل ان يتحصرموا،ويسمونهم ايضا يسار وخبراء النقطة – اي يتنقلون بين العناوين او يعلمون نقطة من كل بحر!تراهم يهرعون وراء المغانم ولذة السلطة،تلوثوا بتلميع صورة الحكام،ويتبنون سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والارضاء والاغضاء وشل روح المعارضة والاحتجاج والمطالبة بالحقوق،سياسة تركيع الارادات واشاعة الخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي،والتهميش والاقصاء ومحاولات اسكات الاصوات واستغلال عوز الملايين ومعاناتهم ولهاثهم وراء لقمة العيش لتيئيسهم،وبالتالي خلق الاستعداد لتنازلهم عن حقوقهم.
   عند اليسار الرث القضية الاساسية تكمن في انجاز الاعمال المفيدة وما هو مربح للرأسمال،مناسبة او غير مناسبة،ترضى عنها الشرطة ام لا ترضى.وبدلا عن البحوث المجردة تظهر المماحكات المأجورة،وبدلا عن التحقيقات العلمية يظهر الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن النظام القائم ودولة القانون.
   يدافع اليسار الرث في العراق عن اسيادهم المؤمنين ان ما يعتقدون به حقا لهم يجب ان ينتزع بالقوة لأن رصيدهم المال العام والدولة النفطية الريعية والماكنة العسكرية الميليشياتوية!ويدافع اليسار الرث عن جولات التراخيص المهينة مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة والتي حولت الدولة الى مهزلة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود،بعد ان منحت الاحتكارات الضخمة اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد!لأن عقود الخدمة النفطية ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وتعد سياسة بيع النفط العراقي المركزية منذ عشر سنوات وعدم حصول الشعب العراقي على اية منفعة او فائدة من عائداته سرقة فاضحة وعلنية.الحكومة الاتحادية تتصرف بالعائدات الهائلة لثروة النفط لا على نحو يحقق للشعب الأمن والحرية والكرامة والتنمية والازدهار!ولا أثر لها يُذكر في حياة العراقيين!
  يدافع اليسار الرث عن سياسة حسين الشهرستاني"على جهل او فعل مقصود لتخريب اسس الوطن"في رفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي واشاعة ثقافة احتقار العمل وعدم احترام دور العمال وكياناتهم وتنظيماتهم النقابية واشراكها الفعلي في رسم سياسة التطور الاقتصادي!كما يدافع عن تصريحات ووعود اسياده عن قرب انتهاء ازمات النفط والكهرباء،وانجازاتهم التي تستعصي على العقل البشري ذكرها!
   لا يختلف اثنان ان العقلانية والعلمانية تقطع الطريق على العقل الايماني الذي يعيد انتاج الدوغما والفئوية والخطاب البراغماتي التبريري ويحول الدين الى مجرد وقود سياسي،فهل يستخدم فطاحل اليسار الرث عقولهم ولو مرة؟!الحكومة القادمة في بلادنا تنتظرها مهام جسام ترتقي الى مصاف المهام المصيرية التي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي،والاقرار بواقع الاخفاقات الحكومية السابقة والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية،كون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق..

بغداد
6/6/2014

15
استئصال اللغو وترك الحنقبازيات مهمة اساسية 

سلام كبة
 
   العهدان المالكيان الاول والثاني – عهدا الحكومة العراقية التي ترأسها نوري المالكي - اخفقا في تحقيق الحد الادنى من الامنيات ومجمل الاهداف التي كان ينشدها الشعب العراقي والقوى الوطنية والديمقراطية العراقية التي شاركت من قريب او بعيد في اسقاط النظام الشمولي السابق الممثل بدكتاتورية صدام حسين لتحقيق اهداف سامية يقف في مقدمتها الموقف من الديمقراطية ومن نظام الحكم والادارة في بلادنا،وتطويع الموارد البشرية والقدرات المادية لرفع الحيف والمظالم التي جرت على الشعب العراقي بطبقاته وفئاته الاجتماعية،وخاصة الكادحة والفقيرة!
   والتجربة الديمقراطية العراقية والعملية السياسية الوليدة لم تتلكأ في الاداء الحكومي فقط،كما يحلو لبعض من هذه القوى ابرازه للعيان كانتقادات خجولة،بل منيت بالفشل بعد ان عولت عليها الادارة الاميركية والقوى الاقليمية ان تكون تجربة ريادية على المستويات الاقتصادية والسياسية والامنية وما يتعلق بالنزاهة.وحملت هذه التجربة تناقضاتها الصارخة منذ ولادتها عام 2003،لأن سياسات الاحتلال والشركات الغربية اعتمدت،وتعتمد موضوعيا في كل زمان ومكان،على الولاءات دون الوطنية والوشائج الاصطفائية،والتخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية،والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية وكبار رجال الاعمال والمقاولين،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية،على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل والمصالح الرأسمالية الغربية،وتسخير الحثالات الاجتماعية والطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها الكاذبة بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!
   الارهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش،وضحايا الفقر هم ضحايا الارهاب!لقد كان الفقر عنوانا كبيرا من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية وتوزيع سندات أراضي سكنية مشكوك في تنفيذها(على حساب الرقعة الزراعية)،وارتفاع الصادرات النفطية.فالسياسة التي مارستها الحكومة العراقية كانت ضيقة الأفق وقصيرة النظر بكل معنى الكلمة،وضد مصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي وكانت عواقبها وخيمة للغاية،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه!
    منذ مطلع عام 2014 وبداية العمليات العسكرية في الانبار قتل وجرح داخل الفلوجة وحدها 2000 مدني معظمهم من النساء والاطفال!وهي عمليات تجري بأمر من القائد العام للقوات المسلحة بحجة مطاردة فلول الارهابيين من تنظيمات القاعدة والبعثيين،الا انها لم تحسم نتيجتها حتى الآن رغم مشاركة 50000 منتسب من الحرس الوطني والشرطة وقوات سوات والميليشيات الحكومية واستخدام القصف العشوائي المدفعي التقليدي والبراميل المتفجرة وسياسة الارض المحروقة وتهديم البيوت والاعتقالات!وقد استغل رئيس الحكومة المالكي هذه العمليات الارتجالية غير المخطط لها لأغراض انتخابية فاضحة!ان العوائل النازحة من الفلوجة وصلت الى الآلاف ناهيك عن اعداد المفقودين جراء العمليات العسكرية العنيفة الذين يقدورن بآلاف ايضاً!وتستمر الاعمال العسكرية في الانبار بينما تشهد العاصمة العراقية وبقية المحافظات تصاعدا واضحا في الارهاب واستخدام السيارات المفخخة والعبوات الناسفة واللاصقة اذ تعلن القاعدة مسؤوليتها عن التفجيرات التي تطال الابرياء العزل!التناسق والتناغم بين ما يجري في الانبار وبغداد كارثي الابعاد وفعل جريمة كبرى ضد الانسانية تتطلب المحاسبة وتدخل الامم المتحدة والمنظمات الدولية!
   يمتد مؤشر خط الفقر افقيا بشكل خطير بفضل سياسة بول بريمر والحكومات العراقية التي تعاقبت على السلطة،وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان!وتتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي ليزداد الفقراء فقرا،ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة اقتصاد التساقط (TRICKLE–DOWN ECONOMY) ومجتمع الرشاوي والارتزاق،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بلادنا،وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
   كان انبعاث الطائفية والعشائرية،والتنظيمات السياسية التي مثلتها(ومنها ائتلاف رئيس الوزراء المالكي)،تراجعا حضاريا وارتداد رجعيا خطيرا تجاوبت معه الحركات السياسية المختلفة والحكومات المتعاقبة بدرجات متباينة.واستمدت مراتب هذه الولاءات قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة والعشيرة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية،لتغتصب وتكدس الثروات وتنمي ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة اخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة!وقد عملت الحكومات السابقة على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء هذه الولاءات،دولة اللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الحنقبازيات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية،دولة الاتيكيتات الدبلوماسية والدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة والشراكة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لاحتكارها وتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.
   وبات جليا للقاصي والداني مهازل العهود الطائفية،الجعفري والمالكي،في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان والانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع،والتدخلات السافرة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات المهنية!والسعي الاخرق الاحمق الارعن لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة وتكبيل سيادة العراق،لأن عقود الخدمة النفطية ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!ويعد تصدير النفط العراقي"سرقة" في وضح النهار،لأن سياسة بيعه مركزية منذ عشر سنوات والشعب العراقي لم يحصل على اية منفعة او فائدة من عائداته التي يستخدمها المالكي لتقوية رصيده الانتخابي المزيف"اخبطها واشرب صافيها".الحكومة الاتحادية تتصرف بالعائدات الهائلة لثروة النفط لا على نحو يحقق للشعب الأمن والحرية والكرامة والتنمية والازدهار!ولا أثر لها يُذكر في حياة العراقيين!
   كل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة منذ عام 2003 هدد ويهدد الانسجام الاجتماعي!
  ومع تصاعد فترات قطع الكهرباء العشوائي وتنامي الخلافات التاريخية بين وزارتي النفط والكهرباء،استعادت الحكومة العراقية سياستها في القطع المبرمج(والتي تخلت عنها فترة شهرين فقط ،كانون الثاني وشباط 2014) بواقع 50%!ففتي ففتي بين الحكومي والتجاري اوائل ايار 2014.الا ان الكارثة المسخرة انه حال الاعلان عن النتائج النيابية لانتخابات 30 نيسان وجه رئيس الوزراء المالكي بقطع التيار الكهربائي وفرض الغرامات على ابناء الشعب لاستحصال اجور استهلاك الطاقة الكهربائية الكسيحة اصلا[الجباية]المتراكمة.
   السياسات الفعلية للحكومة العراقية اضرت بقطاع الكهرباء الوطني والمصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق!وتحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة المرتبطة بنظام المحاصصة الطائفية في قطاع الكهرباء الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الادارة الاميركية!وتتحمل الحكومة العراقية مسؤولية الازمات الحاصلة لهشاشة الموقف تجاه من يتلاعب بمصائر العراقيين ويشارك في زعزعة الامن والاستقرار في العراق الجديد وبسبب الفساد الاداري والمالي!
   العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!

بغداد
30/5/2014

16

ماذا ينتظر حكومة ما بعد انتخابات 30 نيسان البرلمانية؟


سلام كبة
 
   تنتظر حكومة ما بعد انتخابات 30 نيسان البرلمانية مهام معقدة حاسمة لتخليص بلادنا من الازمة الاجتمااقتصادية الخانقة التي تعصف بها،وقبل كل شئ وضع العملية السياسية الجارية منذ عام 2003 على السكة الصحيحة بعيدا عن مكائد التحاصص الطائفي والاثني!فقد خلف لنا العهد المالكي اقتصادا نفطيا ريعيا مستهلكا ومستنزفا لموارده المالية في الاستيراد،اقتصادا وحيد الطرف في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة!وجولات من التراخيص المهينة مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة والتي حولت الدولة الى مهزلة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود،بعد ان منحت التروستات الضخمة اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد!
   ومما يؤسف له تمادي القائد العام للقوات المسلحة بنهجه الارعن في التفرد باتخاذ القرارات واستغلال انشغال وانشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية لارجاع العراق القهقرى وتمرير السياسات التي تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون ان يكون لهم اية مشاركة ورأي في ذلك!وحرص المالكي على بسط نفوذه على المفاصل الحكومية الرئيسية والسلطات القضائية والهيئات والمفوضيات المستقلة وشبه المستقلة والمنظمات غير الحكومية والنقابات والمنظمات المهنية واركان الحركة الاجتماعية!وقمعت السلطات المالكية التظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في العراق منذ اوائل عام 2011 رغم ان التظاهرات اثبتت التزامها الكامل بالسلمية ومشروعية المطالب وممارسة الحق الدستوري في الاحتجاج والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء!وفاحت الروائح النتنة للاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،ومحاولة حصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب!واتهام المتظاهرين بالبعثية تارة وبالارهاب تارة اخرى!ورغم ان نوري المالكي نفسه قد عقد قرانه بالعلن وامام الملأ مع كبار الضباط البعثيين من المشمولين بالأجتثاث ومع البلطجية وفي كل المفاصل الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية،وحتى القضائية،وهم الذين قادوا ويقودون الاعتقالات التعسفية بحق خيرة ابناء شعبنا العراقي ويستخدمون ابشع اساليب نظام صدام حسين في التعامل مع المتظاهرين ورموز النشاط الاحتجاجي عبر تلفيق التهم الباطلة واطلاق الرصاص الحي على التحشدات المسالمة مثلما حصل في ساحات التحرير والفردوس بالعاصمة العراقية والبصرة والسماوة والعمارة والنجف وكربلاء والحويجة والفلوجة والرمادي مرارا!كل ذلك كان علامات لم تبشر بالمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل انذرت بالفردية وعسكرة المجتمع ونهج المغامرات التي لا تحمد عقباها!!بينما بقى البرلمان العراقي عاجزا عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية،والقضاء المسيس المركع يسبح بحمد الاستغفال وثقافات القطيع الاقصائية!
    ويتجسد التراجع الفاضح عن جوهر الديمقراطية الحقة في الاصرار على التمسك بالثقافة القطيعية الطائفية وجر"الطائفة القائدة"الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم"الوحيدة!ثقافة الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات والبلطجية وقوة السلاح!ثقافة تحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب!ثقافة شمولية تستميت لتحويل المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل اوهام جماعات حالمة نافذة،بل وتنفي حق الرأي الآخر عندما تستسهل القسر والعنف وسيلة لبلوغ الأهداف في اقصر وقت افتراضي بدلا من استخدام اساليب العمل السياسي الاخرى،وتنفر من اللوحة الملونة التي تقر بحق الاختلاف باتجاه ان يكون الجميع على صورة واحدة وبنسخة واحدة لانها ثقافة خائفة مرتجفة من كل تغيير.
   المحاصصة الطائفية والقومية والسياسية قزمت الاداء الحكومي واسقطت بلادنا في مهاوي رذيلة الفساد منذ عام 2003،والوزراء وما دون،الذين جاءوا عن طريق المحاصصات دون الكفاءة والتخصص والنزاهة،يتصرفون وكأنهم مصونون غير مسؤولين،كالملوك في الملكيات الدستورية،والاقطاعيين وكبار الملاك!تسندهم احزابهم وتحميهم ميليشياتهم،والويل لمن يجرأ على مسائلتهم،بينما الاحزاب الاخرى راضية مرضية وتتنافس مع الآخرين بارتكاب الرذائل!وكل شئ يهون مادام المال العام يملأ جيوبهم ويرفد خزائن الاحزاب والقوى التي جاءت لتولي السلطة بحجة تضحياتها الجسام لاسقاط نظام صدام حسين!فضيحة الفضائح!نعم،فتش عن المحاصصة وراء كل فعل للارهاب الابيض!
    وما يزيد الامر تعقيدا شيوع منهجية طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الطائفية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب الدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!هكذا تتحول ديمقراطية حجب الحقائق الى ادعاءات باطلة تتلاشى عند اول التحديات،علما ان حكومة ليس فيها من يعترف بتقصيره يكون مصيرها واحد من اثنين!اما الدكتاتورية او الفشل!ولازالت ذاكرة العنف الطائفي تحدثنا عنها جدران احياء بغداد وشوارع وازقة المدن العراقية!
  اثر تشكيل الحكومة المالكية الثانية،وفي 14/11/2010 كتبنا المقالة المعنونة"الحكومة العراقية الجديدة والمهام المركبة!"وجاء نصوصها وكأنها كتبت بالأمس القريب:
   "لا يختلف اثنان ان الحكومة الجديدة في بلادنا تنتظرها مهام جسام ترتقي الى مصاف المهام المصيرية حقا!وقد عبرت كلمات رئيس الجمهورية والنواب في الجلسات الاخيرة للبرلمان العراقي عن طبيعة هذه المهام الموضوعية،والتي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي،والاقرار بواقع الاخفاقات الحكومية السابقة والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية،كون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.
   ان نموذج التطوير الذي جري الترويج له في العراق،والذي تكلل بتوقيع الحكومة العراقية السابقة عدة عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،اعتمد على عقود الخدمة برسوم ثابتة،وهي في حقيقة الامر"عقود مشاركة الانتاج"،التي تعني اصلا التنازل عن مصدر سيادة العراق"الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود ولا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة ". 
   على الحكومة الجديدة ادراك ان الامن الاقتصادي لا يعني بمحاربة المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب وتسويق البضائع الفاسدة التي تستهدف الشعب والمطروحة في الاسواق بمئات الأطنان وملاحقة تجار الموت فقط ،بل محاصرة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني،ومنها عقود الخدمة النفطية الجديدة - الادلة الدامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل،كانت الحرب والاحتلال وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان وسيلتها.
   الانفراجات المؤقتة لأزمات الوقود لا تعني حل المشكلة بل تجميدها،لأن الاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي،في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الانتاج.ويتسم الاقتصاد الوطني اليوم بتغييب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية وبالعمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية،كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها،بالاضافة الى الاموال المستخدمة في دعم الحركات والاحزاب السياسية،وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة،بل تكون اطرافه بالضرورة احد اهم عوامل هدم الاقتصاد العراقي.
  امنيا،لازال الكثير من مسؤولي الدولة العراقية يتخبطون في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،وظهر جليا للعيان خطل الاجراءات التي اعتمدتها الحكومة السابقة كتشكيل غرف العمليات ومنع التجول،وتشكيل لجان تحقيق لا تكشف عن نتائج اعمالها،وتعيين المخصصات لأعالة عوائل ضحايا التفجيرات.واقع الحال يؤكد استمرار الاغتيالات بالجملة والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت والسيطرات الوهمية والاختطاف الجماعي والفساد والاهمال والعمل على تردي الخدمات العامة مع سبق الاصرار.والانكى من ذلك كله ان مسؤولي الحكومة السابقة لا يخجلون ويتأسفون ويعترفون بأخطائهم في وقت يئن العراقيين فيه من اعمال الارهاب!
  عملت الحكومة السابقة على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة،تتغذى من ارادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة،او الاستئثار بها بدله..دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة واللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية...دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.
  كما عملت الحكومة السابقة على اشاعة ثقافة الرعاع والقطيع بتدخلاتها الفظة في شؤون النقابات والمنظمات غير الحكومية،والعمل على"طرد الدولة"من ميدان الاقتصاد،والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية،وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،وانتشار الارهاب الابيض طاعونا،وتوسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب  السيطرة عليها.
   في جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!
  هنا وجب التأكيد ان الحكومة الجديدة تنتظرها مهام مركبة،في مقدمتها العمل على ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية،ويطلق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة..ان العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!"
  وفي 26/11/2010 كتبنا مقالة معنونة"الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!"جاء فيها:
    "ان اقدام رئيس الحكومة الجديدة على تكرار نفس الاخطاء في الاسناد العشوائي للحقائب الوزارية لكل من هب ودب،وتوزيعها وفق الاستحقاقات فقط دون الاختيار النوعي الواعي للوزراء،هو خطوة غير حميدة لا تضر بمصالح الشعب العراقي وحده،بل ستسئ الى سمعة رئيس الوزراء نفسه،وتثير الاسئلة والشكوك حول حقيقة السياسة الحكومية وبرنامجها القادم،فضلا عن تعارضها مع المباديء الديمقراطية والرغبة في تحسين الاداء الحكومي،الذي ثبت فشله الاربع سنوات الماضية!
   ان الديمقراطية الحقيقية،السياسية والاجتماعية،هي الحصن الحصين المنيع والفعال ضد اي تهاون في الاداء الحكومي،هذا التهاون الذي تتطلب مواجهته بالارادة السياسية والحزم،واخضاع سلطة الدولة بصورة كلية لقواعد مؤسساتية حازمة.وهذا يتطلب جعل المبادئ الديمقراطية عمليا كوساطة سياسية بين الدولة والقوى الاجتماعية كافة،وتفعيل القوانين،واحلال البديل الوطني المخلص النزيه في دوائر الدولة ومؤسساتها،فهو الضمان الحقيقي لانجاح العملية السياسية والديمقراطية وبناء العراق الديمقراطي التعددي الفيدرالي.
  .....الفقر عنوان كبير من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين،وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية.فالسياسة التي مارستها الحكومة العراقية السابقة كانت ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي وكانت عواقبها وخيمة للغاية،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه!ولا تعالج هذه الازمة السياسية والاقتصادية بعصا سحرية وبالتأمل وحده،او التعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر!"
   ننتظر من الحكومة العراقية القادمة ان تفكر وتدبر وتقر بخطل السياسات الحكومية السابقة لا ان تضع مستقبل الشعب ومصير الوطن على كف عفريت! 

بغداد
23/5/2014
 

 

17
كهرباء العراق..بشائر التقطعات والتقاطعات!

سلام كبة

   رغم قرار مجلس محافظة بغداد بتحديد تسعيرة التوليد التجاري الاهلي مع تحسن تجهيز الكهرباء الحكومي للمواطنين قبل اشهر،واصل بعض اصحاب المولدات بالحفاظ على اسعار خيالية للامبير لا تتناسب وفترات تجهيزهم،الامر الذي اضطر الناس للدخول في مشاحنات عقيمة مع هؤلاء الذين يمتلكون الارصدة المقنعة الطائفية والعشائرية واللوبية الحكومية – عصابات!الا ان ابناء الشعب صدموا بخذلان حكومي آخر منذ اواسط نيسان الماضي مع تصاعد فترات قطع الكهرباء العشوائي وتسريب انباء تقاطع وزارتي النفط والكهرباء اذ تمتنع الاولى تجهيز الثانية بما تحتاجه من وقود لتشغيل المحطات الكهربائية بسعاتها التصميمية!حتى وصل قطع الكهرباء الحكومي الى اعلان القطع المبرمج بواقع 50%!ففتي ففتي بين الحكومي والتجاري اوائل ايار الحالي.والحالة الجديدة اسهمت في تصاعد عنجهية اصحاب المولدات لتصل اسعار الامبير التجاري مديات خرافية ولينتقموا من ابناء الشعب حتى وصل البعض منهم الامتناع عن تجهيز بعض المواطنين لأسباب سياسية!
   يبدو ان الفترة السياسية الانتقالية التي تتسم بتواجد حكومة تصريف اعمال متضعضعة اصلا،وترقب عنما ستسفر عليه نتائج انتخابات 30 نيسان النيابية الجنجلوتية،وتقاطعات توجهات وبرامج الحكومة العراقية مع مجالس محافظاتها،والخلافات الدفينة التاريخية بين وزارتي النفط والكهرباء منذ عام 2003،والجشع اللصوصي النهم الذي لا ينقطع لبعض من اصحاب المولدات التجارية الذين يتعكزون على دعم الولاءات دون الوطنية والبلطجية قد اجتمعت كلها لتولد لنا راهنية الوضع البائس!واذا اضفنا لكل ذاك وذاك ما صوت عليه البرلمان العراقي في 30/7/2012 على قرار عرض قطاع الكهرباء على الاستثمار الخاص مع علم مجلس النواب تماما ان القطاع الصناعي الخاص العراقي غير قادر على ادارة شؤون قطاع الكهرباء العراقي لادركنا حجم التخبط الحكومي والتشريعي في العراق ومحاولات الهروب الى الامام والتغطية على الاخفاقات الكارثية في قطاعي النفط والكهرباء!
   لقد درجت الشعوب المتقدمة على ذكر اعلامها وسياسييها اللامعين في الكتب التدريسية والتعليمية لانها رموز للذاكرة الوطنية الحية،واليوم يتناول الناس في احاديثهم،وحتى اطفال الشوارع اثناء لعباتهم اسماء من قبيل رعد الحارس ومصعب المدرس وحسين الشهرستاني وكريم لعيبي ونوري المالكي وكريم عفتان،ومن قبلهم كريم وحيد!لكثرة ما خرجوا على شاشات التلفاز وغزارة تصريحاتهم ووعودهم منذ تولي مسؤولياتهم عن قرب انتهاء ازمات النفط والكهرباء،وانجازاتهم التي تستعصي على العقل البشري ذكرها!ويذكرنا هذا التهريج بمكارم بطل الحواسم الذي كان يهب مالا يملك ويقول لنا تحملوا،بعد بيكم حيل!ويكيل مديحنا كرها وغدرا وتسلطا،قائلا انتم شعب العجب،يعقبها ب"عفية"!!ويرد اللكامة:"ها يا اهل العمارة... هاي اجمل بشارة.. وللنصر عبارة".
    الاخير استقر في الولايات المتحدة ليزف ابنه في حفل بلغت تكاليفه ما يعادل ميزانية محافظة عراقية!والحرس القديم من امثال وحيد والحارس والمدرس امتهنوا الكذب حالهم حال جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية،ولسان حالهم : حاضر سيدي،كلنا في الهوى سوى.
  يعاتبني بعض القراء على كثرة انتقاداتي للدكتور حسين الشهرستاني،وكيف لا انتقده وهو الوزير النفطي بالأمس القريب والنائب الاول لرئيس الوزراء لشؤون الطاقة في حكومة تصريف الاعمال الراهنة!؟لقد تولى الشهرستاني مسؤولية قطاع الطاقة في العهد المالكي ويتحمل كل ما آل اليه القطاع من فشل في الاداء والنتائج!وقبل ذلك صمت الشهرستاني صمت ابي الهول ولم ينبس ببنت شفة وتنكر لدرجته ومكانته العلمية وتاريخه السياسي والمهني عندما اطلقت قوات الاحتلال الاميركي عام 2006 سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم مجتمعنا واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين،والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل "هدى صالح مهدي عماش،عامر رشيد،رحاب طه(السيدة الجرثومة).."!وليس ببعيد عندما طالب الشهرستاني ب"علوية" الدستور العراقي على الاتفاقيات الدولية اثناء مناقشات الجمعية الوطنية المادة التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان في مسودة الدستور!ولعله ترفع عن مقارنته بكبار العلماء الذين يقرون بوحدانية العلم وانسانيته كعالم الذرة الشهير البروفيسور جوليو كوري الذي ساهم بفعالية في تأسيس  حركة السلم العالمية والعالم البروفيسور عبد الجبار عبد الله اول رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة تموز المجيدة 1958 والعالم البروفيسور محمد عبد اللطيف مطلب ..
   يبدو ان جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية وفطاحل الطاقة والكهرباء في بلادنا اسياد في اللغو والكذب وطمس الحقائق والهاء الناس بلغة المنجزات والاحصاءات والارقام التفصيلية الجزئية المخادعة وافتعال الازمات مع كردستان العراق حول قنونة النهب المنظم لنفط الشعب كاشفين لنا عن انيابهم الفاسدة حينما نتحدث حول الضرورة القصوى لتشريع قانون وطني متوازن ينظم ادارة الصناعة النفطية!قانون يعتبر القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل تحت سيطرة الدولة وبالاخص المخزون النفطي،ويعتمد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.قانون يحول القطاع النفطي (الخام) من قطاع مهيمن ومصدر للعوائد المالية فقط الى قطاع منتج للثروات وقطبا لقيام صناعات امامية وخلفية تؤمن التشابك القطاعي المطلوب لتحقيق التنمية والاعمار!قانون يعيد هيكلة القطاع النفطي ليكون احد وسائل التنمية الاقتصادية وليس عبئا عليها.ولا يعني الامن الاقتصادي بمحاربة المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب وتسويق البضائع الفاسدة التي تستهدف الشعب والمطروحة في الاسواق بمئات الأطنان وملاحقة تجار الموت فقط ،بل محاصرة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني،ومنها عقود الخدمة النفطية الجديدة - الادلة الدامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل،كانت الحرب والاحتلال وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان وسيلتها.
   مجلس النواب المنتهية صلاحيته كان مجلس ممثلي الشعب وبدلا ان يضع حدا لحالة الاستنزاف في الاموال الناجمة عن ارتفاع كلف الانفاق العائلي على مسألة الحصول على الكهرباء ولحالة الوعود والاكاذيب الحكومية المتكررة والمطالبة باسترداد حقوق المواطن في بلادنا عبر تشريع قانونا لحماية حقوق الناس في توفير الخدمات ويلزم السلطات التنفيذية بايجاد حلول سريعة لهذه المشكلة التي عرضت العراقيين في كل وقت وحين الى المهانة،وبدلا من معالجة التوليد التجاري كظاهرة غير حضارية وماكنة نهمة في استهلاك الوقود،يفاقمها انتشارها العشوائي وتسربل حزم الاسلاك فوق البنايات والجدران والاعمدة،وحتى اشجار الحدائق وما تخلفه من ضوضاء عالية وتكاليف اسعار الامبيرات.والمواطن بات العوبة بأيدي اصحاب المولدات الاهلية(السحب)يتحكمون في مصيره،وعدوى القطع غير المبرمج للكهرباء الوطنية  التي انتقلت الى المولدات الاهلية!والتواطؤ الفاضح بين المسؤولين عن توزيع الكهرباء الوطنية واصحاب المولدات الاهلية!...بدلا من كل ذلك ترى مجلس النواب يقع في فخ قراراته الارتجالية ومنها خصخصة الكهرباء لتجعل منه اضحوكة هو الآخر!
   السياسات الفعلية للحكومة العراقية اضرت بقطاع الكهرباء الوطني والمصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق!وتحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة المرتبطة بنظام المحاصصة الطائفية في قطاع الكهرباء الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.وتتحمل الحكومة العراقية مسؤولية الازمات الحاصلة لهشاشة الموقف تجاه من يتلاعب بمصائر العراقيين ويشارك في زعزعة الامن والاستقرار في العراق الجديد وبسبب الفساد الاداري والمالي!
   لا يختلف اثنان ان الحكومة القادمة في بلادنا تنتظرها مهام جسام ترتقي الى مصاف المهام المصيرية التي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي،والاقرار بواقع الاخفاقات الحكومية السابقة والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية،كون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.

بغداد
9/5/2014


 

                 

18


السلطة القضائية في العراق لصوصية بامتياز

سلام ابراهيم كبة

    "السلطة القضائية في العراق مسيسة وغير مستقلة"،بهذه الحقيقة المأساة الكارثة اختتمت رئاسة اقليم كردستان تصريحها حول قرار محكمة الاستئناف الاتحادية بالمصادقة على ادانة النائب عن التحالف الكردستاني فرهاد اتروشي واعتبار تصريحاته تشهيرا بحق حسين الشهرستاني،لا لشئ سوى انه اطلع الرأي العام العراقي على تجاوزات السلطة في بغداد على اموال الشعب العراقي والصالح العام!وبذلك لم يعد جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية طرزانجية في اللغو والكذب وطمس الحقائق والهاء الناس بلغة المنجزات والاحصاءات والارقام التفصيلية الجزئية وافتعال الازمات مع كردستان العراق فحسب بل واساتذة في افساد كل السلطات المارة والعابرة،وفي المقدمة السلطة القضائية وزجها في الاعمال اللصوصية المنتظمة بالادانات الكاريكاتيرية والتغريمات اللصوصية التي تكمل فعاليات نهب المال العام!
   لا يريد الشهرستاني النابغة المعجزة المسخرة تشريع قانون وطني متوازن ينظم ادارة الصناعة النفطية وتطوير استخراج الغاز الحر والاستفادة من الغاز المصاحب لغرض انتاج الطاقة الكهربائية،ولا يريد تطوير الصناعة البتروكيمياوية بعد فصل النشاط البتروكيمياوي وتشكيل وزارة خاصة به وحجز نسبة 10% من ارباح النفط لهذه الوزارة كي تنهض بمهامها في وقت قصير،وهو لا يريد ايضا الكشف عن حجم التجاوزات الايرانية على النفط العراقي والتي بلغت 17 مليار دولار سنويا اي نحو 14% من ايرادات الدولة،ولا يريد الاقرار بأن عقود الخدمة في جولات التراخيص مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة اي الاحتكارية،هي في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية Smart،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود(الشركات - التروستات الضخمة لها اليوم اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد،مما يحقق للدول الصناعية نفطا رخيصا بأسعار لم تحلم بها!وستفقد الدولة العراقية قدرة السيطرة على حجم الانتاج النفطي آجلا ام عاجلا ،الى جانب تسريع الانهيار المتوقع في اسعار النفط  في السوق العالمية بسبب ارتفاع كميات النفط العراقي المعروضة دون ضوابط !والادارة الشهرستانية في عقود الخدمة المبتكرة – براءآت اختراع قيمة - تجيز  للشركات متعددة الجنسيات الاستيلاء على الحقول المنتجة التي هي من حصة شركة النفط الوطنية،ولا يبقى للاخيرة سوى الفتات وما نسبته 25% فقط!)،وفوق هذا وذاك لا يريد الشهرستاني من القضاء العراقي ان يكون مستقلا ومحايدا لأن تبعيث القضاء (اي التسييس)يضمن انفراد النخب والكفاءآت المتنفذة في نهب المال العام دون انتقادات واعتراضات،وجعل النهب واللصوصية عملية سلسة بعيدة عن الاختناقات المرورية.
   وما تعرض له الاتروشي تعرض له ايضا رئيس تحرير صحيفة المدى فخري كريم والصحفي  اقبال محمد حيث الزمهما القضاء العراقي بالتعويض المعنوي والمادي ودفع مبلغ قدره عشرة ملايين دينار فقط بسبب القذف والاساءة والتشهير التي صدرت منهم بحق الاقطاعي الصغير والنائب خالد العطية،وكأن المواطنين لم يشكووا  من الافعال المشينة للشيخ العطية وقطعه المياه عن مناطق في محافظة بابل لغرض ري اراضيه الواقعة جنوبا في محافظة الديوانية!
   واللصوصية اليوم ظاهرة تشمل حتى المفوضيات غير المستقلة وتتجسد مثلا لا على سبيل الحصر في تغريم مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات المرشح عن التحالف المدني الديمقراطي مثال الالوسي مبلغا قدره خمسون مليون دينار (انظروا: 50 مليون دينار.. يا بلاش)وذلك لمخالفته ضوابط الحملة الانتخابية التي اقرتها المفوضية!
   كل الحديث عن اللصوصية ونهب المال العام والفساد القضائي والانتخابي هو مضيعة للوقت ما دامت النخب السياسية المتنفذة تعيد انتاج نظام المحاصصة الطائفية والاثنية بل وتعيد انتاج النظام الشمولي،وبات القضاء العراقي بدوره يعيد انتاج السواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة ومحاكم الميليشيات القروسطية،ضاربا بعرض الحائط مبدأ استقلالية القضاء والدساتير السائدة ومبادئ حقوق الانسان.وبدل مكافحة الارهاب ومحاكمة بقايا زبانية صدام حسين،وبدل فرض سلطة القانون،نراه اليوم يفرض سلطة الولاءات الضيقة والولاءات المتنفذة!ان تدخل الحكومة العراقية والطائفية السياسية والجهلة والاميين بالتهديدات والمضايقات يرغم القضاة المخلصين على ترك وظائفهم ومغادرة البلاد ... والقضاء العراقي الحق لا يتماشى والثقافة الشمولية وثقافة الرعاع او الثقافة القطيعية .. وثقافة الموت والقبور!.
    ان استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية،وتعني بالاساس  بناء قضاء مستقل قوي بعيدا عن الانتماءات دون الوطنية واللوبية الضاغطة،ويعتمد على رموز قضائية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية(لا الرموز الاجرامية وسيئة السمعة والسيرة والسلوك)،والاستفادة من تاريخ القضاء العراقي وتعميق منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية واعادة بناء وتأهيل المنظومة القضائية وترميم ماهدمته السلطة البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق،الى جانب تعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام...ذلك وحده من شأنه ان يكرس من عدم تواجد اي كان فوق القانون...

بغداد
10/4/2014

19


تأسيس الحزب الشيوعي العراقي والانتخابات البرلمانية 2014

سلام كبة

  في 31 آذار 2014 تمر علينا الذكرى الثمانينية لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي،اقدم فصيل سياسي تقدمي،حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي.وامتلك هذا الحزب الطبقي الجسور منذ ولادته وقيادة الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد) الرؤية الوطنية الواضحة "قووا تنظيم حزبكم،قووا تنظيم الحركة الوطنية"،وهو يمتلك اليوم ايضا الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني المدني الديمقراطي الراهن في العراق ليشارك بمسؤولية وطنية عالية وفق الممكن والمستطاع بالعملية السياسية،صوته المعارض والناقد مسموع وتاريخه مشرف.
   ومن الصدف السعيدة التي لها دلالاتها العميقة ان تتزامن ذكرى التأسيس هذا العام مع موعد الانتخابات البرلمانية اواخر نيسان والتي سيخوضها الحزب الشيوعي بعزيمة لا تلين ضمن قائمة التحالف المدني الديمقراطي الذي يضم خيرة الاحزاب والشخصيات الوطنية الديمقراطية،وتستند الى برنامج سياسي واضح ومتكامل يعالج ازمة النظام السياسي الذي بني على المحاصة الطائفية والاثنية وانتج الفساد ووفر بيئة خصبة  للارهاب،برنامج يؤكد على الاحترام الكامل لحقوق الانسان وحقوق المواطنة والحرية الفردية وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والتعددية الفكرية والسياسية والتداول الديمقراطي البرلماني للسلطة ورفض العنف والحركات الانقلابية واستخدام السلاح للوصول الى السلطة.
   ليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة،احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،محاولات التمشدق بالدين والطائفة والعشيرة والأخلاق والتمويه والمكر والمخاتلة والنفاق والغباء والاستغباء والحماقة واللغو والكذب والروزخونية وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف ومشاريع الجهاد اي احتراف القتل الى مالا نهاية،تكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والفساد والغدر والارهاب.
    واذا كان  الحزب الشيوعي منذ تأسيسه واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات ووثبات واحتجاجات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث،قد الف هذه الحملات،فانه من خلال تفحص التخرصات والتطاولات يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المعادي كانعكاس واداة للطبقات الرجعية وقاعدتها البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وشبه الاقطاعية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب والادوات القمعية المستحدثة للدولة لتحقيق اعلى درجات الهيمنة والتضليل وتدجين العقل امتثالا للعقلية الصدامية ولطوطمها القابع في قم معا،وكجزء من الصراع الطبقي الكبير المشتد حول الموقف من القضية الوطنية والثورة الاجتماعية.
   لا تختزل القضية الديمقراطية بالاعمال الانتخابية الا ان حزبنا الشيوعي سيخوض الانتخابات البرلمانية القادمة شامخا مرفوع الرأس ويكتنز المواقف العملية المشرفة في معارضة نزعات الهيمنة والتفرد والاستئثار بالدولة والمفوضيات المستقلة وعموم الحركة الاجتماعية!وهو يدرك حجم التركة الثقيلة التي ورثناها عن النظام السابق،وبالتالي من حق المواطن ان يرى توجها واضحا وسياسة متكاملة للخروج من دائرة الازمات الخانقة المستفحلة التي تحيط بالوطن والشعب،وهذا ما لم يتلمسه طيلة حكم الطائفية السياسية الراهن،وهي مرحلة اتسمت بالغطرسة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع،والالحاح على اشاعة المحافظة في الحياة السياسية!
   في دراسات ومقالات سابقة كتبنا"ناهض الحزب الشيوعي العراقي طيلة تأريخه المشرف النزعات السياسية الضارة التي لم تسء للكفاح  الطبقي العادل فحسب بل عرقلته وحجمته.ومن اخطر هذه النزعات:الاصلاحية التي تنفي الكفاح الطبقي والسياسي الحق وتدعم مشاريع التعاون الطبقي التي تسعى الى جعل الرأسمالية مجتمع الرخاء الشامل عبر الاصلاحات في اطار الشرعية البورجوازية،الانتهازية،التحريفية وذرائعية التجديد واعادة التجديد والنظر والتصحيح والتقويم والتنقيح والتعديل للتهجم على حركات التحرر الوطني وجماهير الشعب والسنن العامة للتطور الاجتماعي،الدوغمائية!وبينما يتشبث السفسطائي باحد البراهين فقط وفق القدرة على ايجاد البراهين لكل شئ في المعمورة فان التفكير العلمي يبحث في الظاهرة الاجتماعية المعينة في تطورها من كل جوانبها ويعني بالآثار والانعكاسات على القوى الدافعة الرئيسية وتطور قوى الانتاج والكفاح الطبقي.ويدرك الحزب الشيوعي العراقي ان البراغماتية تعبر عن وجهة نظر وكلاء ومرتزقة عالم المشاريع الكبيرة والبيزنس،خبراء المبيعات وقادة الاحزاب والكتل السياسية ورجال السياسة في عهود الاحتلال والتبعية!وبالبراغماتية والتضليل الاعلامي الاجتماعي تتحول الاحتكارات الى مشاريع حرة،والحكم المطلق غير المحدود والشمولية والتدخلات السافرة في شؤون الحركة الاجتماعية الى ديمقراطية!البراغماتية تعني بتثبيت صحة الآراء الغيبية في ذهن المواطن!"
   صديق عزيز راسلني مؤخرا وقدم لي مشورة ان اضيف الى هذه النزعات الضارة،اليسارية الطفولية والفوضوية والذيلية!
  بالتأكيد يقول لينين:"كثيرا ما كانت الفوضوية بمثابة عقاب على الخطايا الانتهازية للحركة العمالية"،و"هناك مساومات ومساومات.ينبغي التمكن من تحليل الموقف والظروف الملموسة عند كل مساومة وكل نوع من انواع المساومة.ينبغي على المرء ان يتعلم التمييز بين شخص سلم الدراهم والسلاح الى قطاع الطرق ليقلل من الشر الذي يسببونه،ويسهل امر القبض عليهم واعدامهم،وبين رجل يعطي الدراهم والسلاح لقطاع الطرق ليشترك في اقتسام الاسلاب.امّا في السياسة فالأمر ليس على الدوام سهلا هذه السهولة كما في هذا المثل البسيط المفهوم للاطفال.بيد ان من يريد أن يبتكر للعمال وصفة تتدارك سلفا قرارات جاهزة لكل احوال الحياة،او يعد بألا تقوم في سياسة البروليتاريا الثورية اية مصاعب واية حالات مبهمة،انما هو دجال لا اكثر".

•   التسبيح بحمد المنجزات الاوهام الطرطرة
 
   اذا كنا نريد للحزب الشيوعي ان تتطابق آرائه مع الفئات الحاكمة الآن في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام،الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الآن في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي!مجتمع تحترم فيه الحريات العامة أم يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية،لا بل ويطالبون كل القوى السياسية الناشطة التسبيح بحمد المنجزات الاوهام الطرطرة للحزب الحاكم – حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون!..
1.   التسبيح بحمد ابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا ومستوردا ومستهلكا ومستنزفا لموارده المالية في الاستيراد،اقتصادا وحيد الطرف في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة!
2.   التسبيح بحمد مهازل ما سمي بجولات التراخيص الشهرستانية مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة اي اتفاقيات الشراكة الذكية وسيطرة الدولة نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.التسبيح بحمد منح الشركات - التروستات الضخمة اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد،مما يحقق للدول الصناعية نفطا رخيصا بأسعار لم تحلم بها!وستفقد الدولة العراقية قدرة السيطرة على حجم الانتاج النفطي آجلا ام عاجلا ،الى جانب تسريع الانهيار المتوقع في اسعار النفط  في السوق العالمية بسبب ارتفاع كميات النفط العراقي المعروضة دون ضوابط !...
3.   التسبيح بحمد استغلال انشغال وانشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية لارجاع العراق القهقرى وتمرير الخيانات الكبرى والسياسات التي تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون ان يكون لهم مشاركة ورأي في ذلك!...
4.   التسبيح بحمد السياسات الاقتصادية الانتقائية النفعية غير المدروسة وغير المفهومة،وتتميز بغياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!..
5.   التسبيح بحمد السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،الى درجة ان الاقتصاد العراقي لم يعد ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه!..التسبيح بحمد التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ قرارات مصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!الاستيراد التجاري المشوه او سياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته وللضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.

•   التسبيح بحمد الصنمية والطوطمية والمومياءاتية

    الاصنام الدينية والطائفية والعشائرية والقومية قائمة كالأشباح تهدد عقولنا وارواحنا وتلقي بظلالها على ابداعنا وطرائق تفكيرنا وتحاول ان تستعيد بريقها المنطفئ ولاحياء الطواطم الكريهة والمومياءات المتيبسة كي يواصل الكابوس هيمنته على حياتنا الروحية.والاديان السماوية في عراقنا لا زالت اسيرة اصنامها الحجرية وذائقتها التي ترتعش من الاقتراب الى حدود المقدس،او النظر بجرأة في التابو والتحريم الاجتماعي،ويعتمد فطاحلها وجهابذتها على ثقافة اللغو والانشاء اللفظي والنقد الاخواني المدائحي،وتستمد جذوتها من الروح العشائرية والطائفية.والاسلام السياسي في العراق يسبح بهذه الثقافة الخائفة المرتجفة الفجة التافهة المقيتة،ثقافة تزوير التاريخ والاحداث والوقائع والمواقف.
    ان التسبيح بحمد الثقافة القطيعية الطائفية وجر "الرئيس القائد" و" الطائفة القائدة " الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!هي ثقافة للضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات والبلطجية وقوة السلاح!ثقافة تحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب!
    لقد ورث الاسلام السياسي في العراق السياسات والثقافات الغربية الفضفاضة كالفوضى والفوضى البناءة التي تخشى التخطيط المبرمج والتنمية والاعمار والبناء والتنظيم والتي تتسم باتساع نطاق الغموض في عدد من القضايا(المناطق الرمادية)،وبالأخص قضايا الديموقراطية وحقوق الانسان والتأرجح بين دعم الديموقراطية الليبرالية او الدفاع عن الثيوقراطية (الحكم الدينى) وولاية الفقيه،تطبيق الشريعة الدينية والطوائفية ومن الذى له الحق فى التشريع وتحت أى سلطة،استخدام العنف،التعددية السياسية،الحقوق المدنية والسياسية والمرجعيات الدينية،حقوق المرأة وقضايا الاحوال الشخصية من زواج وطلاق وحضانة الاطفال وميراث ونقل الجنسية منها الى اطفالها.
     صناعة الفتوى في العراق تعمد الارهاب والفساد وتدعمه بنصوصها المحرضة على القتل وهدر دماء بني البشر والاستحواذ على الاموال بدعوى استخدامها لمشاريع تخدم الاسلام،كأننا مازلنا نعيش في زمن الناقة والبعير ونتباهى بالسيف وحز الرؤوس والسبايا والزيجات المتعددة وزواج القاصر تحت عباءة الفتاوى الضالة،ولم تترك هذه الصناعة الخبيثة شيئا في حياة الناس الاجتماعية الا وتناولته وفق اجتهاد هذا الفقيه او ذاك المرجع،بدءاً باستيراد الملابس والعطور وادوات الزينة،والقاء التحية،ودخول الحمّام،مرورا بالجماع بين الزوجين،وتحريم البيبسي والكوكا كولا،وليس انتهاء بتحريم الاطلاع على الثقافات الغربية وتحريم الاغاني والافلام!وهناك فتاوى اقتصادية في العراق!!
   هناك جهات لازالت تتخذ من الدين وسيلة وغطاء للترويج لمشاريعها الجهنمية التخريبية،كأن تفتي بأن عمليات الاتجار بالمخدرات ليس محرما!متوجهة الى تحريم ما يمس حاجات الناس اليومية،مثل تحريم اكل سمك الزبيدي والثلج..الخ من الخزعبلات!اما المناسبات الدينية فلازالت تحيى باستعمال الزناجيل واللطم والزحف على الركاب وبالهرج والمرج والفوضى والسير على الأقدام مئات الكيلومترات!بينما تستغل هذه المناسبات استغلالاً سياسيا دون التفكير بالمواطن والحفاظ على حياته.ان اكبر اساءة توجه للدين هو استغلاله كواجهة للعمل السياسي والصراعات السياسية!
   لقد عمل الحزب الشيوعي العراقي ضد كل من يحاول تحويل المعتقد الديني الى مجموعة من الخرافات والجهل والممارسات العنفية التي تسئ الى تراثنا الديني ورموزه وملاحمه بهدف فرض قيم التجهيل والاستبداد والتكفير وثقافة قطع الاعناق وضرب الهامات بالقامات واللطم والبكائيات وتسويد الجباه التي لا علاقة لها بالايمان الديني.لقد حاولت التيارات الاستبدادية والظلامية التشكيك في دعوات الحزب لاحترام المعتقدات الدينية وبثوا الافتراءات تلو الافتراءات ضد الشيوعيين العراقيين في محاولة لتصوير الشيوعيين وكأنهم أعداء للايمان والمعتقدات الدينية متجاهلين كون العديد من رجال الدين الافاضل ساهموا الى جانب الحزب الشيوعي في نضاله الوطني والاجتماعي كالشيخ عبد الكريم الماشطة والطيب الذكر الشيخ محمد الشبيبي والد الشهيد حسين الشبيبي وسادة افاضل آخرون ...
   الحزب الشيوعي العراقي – حزب علماني يستنهل من  فنار الاشتراكية العلمية مرشداً له لتكثيف جهوده في تشييد صرح الديمقراطية الناشئة على ارض العراق.وهو يسعى الى تكريس مبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور والقوانين المرعية والى احترام جميع الأديان والمذاهب وحقها في ممارسة طقوسها وتقاليدها الدينية الانسانية!
     يرفض الحزب الشيوعي العراقي تكريس الطائفية السياسية ونهج المحاصصات  الطائفية الوباء الخطير الذي يسمم الحياة السياسية،ويتناقض مع الديمقراطية،ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها،ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين،ويضر ببناء الوحدة الوطنية.ترى أيّ ديمقراطية يمكن أن تنتجها احزاب عائلية او طائفية تورث قياداتها وتعيد انتاج افكارها القديمة،ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها؟قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها وليجر الاستقواء والاتكاء على الطائفة بدل الاستقواء بالديمقراطية و بالمواطنة..ان العراق يحتاج الى تعزيز الهوية الوطنية وروح المواطنة وبدونها لا يمكننا الحديث عن الاستقرار والمساواة في الفرص وتعزيز رابطة الاخوة بين العراقيين وحماية وحدة العراق بغض النظر عن كل الهويات الدينية والطائفية والعرقية فالعراق ينبغي ان يكون وطن الجميع والدولة العراقية هي دولة الجميع والدين لله.

•   التسبيح بحمد الشمولية
 
   انتهاكات حقوق الانسان في العراق لا ينبغي ان تبرر وانما تستنكر وتدان ويعاقب مرتكبوها!هذا ما يقره القانون الدولي والفكر الانساني،الا ان ما يحدث في العراق انتهاكات تقع ضد شعب ابي مكافح عنيد وبشر ضعفاء لا يملكون الدفاع عن انفسهم،وهي منافية لكل القيم الانسانية.الديمقراطية الشفافة لا تدعي العصمة من الاخطاء،انما فقط كفيلة بالكشف عن هذه الاخطاء وتصويبها.منهجنا العلمي في التحليل والتقييم والنقد يكشف ازدواجية معايير القوى السياسية المتنفذة في العراق اليوم التي تستفيض بالحديث عن حقوق الانسان والحوار البناء تجاوبا مع متطلبات العصر،الا انها تستميت لتحويل المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل اوهام جماعات حالمة نافذة،بل وتنفي حق الرأي الآخر عندما تستسهل القسر والعنف وسيلة لبلوغ الأهداف في اقصر وقت افتراضي بدلا من استخدام اساليب العمل السياسي الاخرى،وتنفر من اللوحة الملونة التي تقر بحق الاختلاف باتجاه ان يكون الجميع على صورة واحدة وبنسخة واحدة لانها ثقافة خائفة مرتجفة من كل تغيير.
   يزداد عدد الضحايا الأبرياء بسبب الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية ومدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط الناس،وابتداعه الأساليب الجديدة عبر تفخيخ السيارات والكواتم والأحزمة الناسفة وزرع العبوات الناسفة واللاصقة على جوانب الطرق وفي الاسواق والتجمعات المكتظة بالناس.فضائح السجون والمعتقلات تظهر الحال السئ الذي وصلت اليه حقوق الانسان في العراق والتي تنتج لنا كل يوم عشرات الجثث المعروفة والمجهولة؟!لم تتشكل لجان تحقيق وغابت وطمرت ذاكرة نصف عقد من الزمن،لان ثقافة شراء السكوت المتبادل بين الضمائر العفنة(اصحاب النفوذ)،وازدهار تجار السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض والتهريج وشراء الذمم وولائم الصفقات والعمولات والتعهدات خلف الكواليس والمغانم،هي الثقافة السائدة،لينام اللصوص والحرامية والقراصنة رغدا في بلادنا..
  ان عدم قدرة مؤسسات الدولة والنظام القضائي على حماية المواطنين العراقيين ادى الى زيادة الانطباع بان هذه الميليشيات والعصابات الاجرامية تعمل تحت حصانة متنامية.التدخل الحكومي في شؤون المفوضيات المستقلة والنقابات،النظرة الدونية تجاه المرأة،الفساد،التمييز المذهبي،التعذيب،التهجير القسري،غياب القانون وسلطته،اعمال الخطف والابتزاز،قائمة التحريمات..كلها عناوين عريضة لانتهاكات حقوق الانسان في العراق.لقد واجهت الاجهزة الامنية والشرطة وحراسات المسؤولين الجرارة المتظاهرين والمحتجين والابرياء المسالمين مرارا في مناطق عدة ومناسبات عديدة بالسلاح،وسقط الضحايا والجرحى.

  يستثمر الشيوعيون العراقيون ذكرى تأسيس حزبهم المجيد لتحسين اداءه ولخوض الانتخابات البرلمانية القادمة بهمة عالية!وسيبقى حزب فهد،الحزب الشيوعي العراقي،وساما على صدر كل وطني غيور!..

بغداد
28/3/2014

20


مقالاتنا مدفوعة الثمن دائما .. اسأل الشعب العراقي عنا؟!

سلام ابراهيم كبة

    الجماهير صانعة التاريخ ومنفذة سنن المجتمع،وتاريخ الشعوب لا يصنعه غير الابناء النجباء الشرفاء الذين يسطرون ملاحم الاباء والشهامة،لا الذين يساهمون بافعالهم النكراء في تشويه التاريخ وتجييره بأسم وأفعال شخص واحد هو الدكتاتور او الطاغية او الطاغوت او الرئيس القائد او الولي الفقيه ... الخ.اما سفهاء وحمقى العهد الجديد في بلادنا فيدركون جيدا ان الطائفية السياسية هي فاشية الدول النامية،لأن الفاشية هي تمييز بين البشر على اسس عنصرية،دينية او طائفية،بغض النظر عن موقف هذا الفرد من الخير والشر.والطائفية السياسية نهج دكتاتوري يجري في دماء المتزمتين فكريا والجهلاء علميا،وتسليط الظلم على الآخرين هو انتهاك لقيم العدالة التي نصت عليها القوانين الدينية والدنيوية على السواء،لان هؤلاء الحكام بتنكرهم للتعاليم التي تضمن العدالة للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.
   التمسك سياسيا بالحياة المدنية والآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية لا الحياة الدينية وآلياتها ومصادرها،لا يعني استغلال الآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية للانقلاب على الحياة المدنية نفسها او تزويرها!وتحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لاصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة،واشاعة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية.دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل الميليشيات - العصابات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.دولة الانتحار البطئ عبر طرد مؤسسات الدولة من ميدان الاقتصاد والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية الوطنية وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،واخضاع نفط العراق لـعملية نهب دولية فريدة ليس لها نظير في عالم النفط اليوم سميت بعقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!وبالتالي توسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي الخطير!دولة اللغو والكذب وطمس الحقائق والهاء الناس بلغة المنجزات والاحصاءات والارقام التفصيلية الجزئية وافتعال الازمات الخانقة والاستعراضات الكارتونية!دولة الفساد!

    يقول الشاعر:

خفف النهب ما أظن ثراء البعض
الا  من جهد  باقي  العباد
لطف  النقد  يافؤادي  رويدا
وبرفق على رجال الفساد
فرجال   الفساد  كانوا رفاقا
في نضال واخوة  في  جهاد
سوف يبقى  جني الحرام دفينا
في الصناديق أو بنوك الأعادي

   هاهي مفوضية الانتخابات التي بات حالها حال هيئات مكافحة الفساد في العراق وهيئة النزاهة والادارات الامنية في وزارة الداخلية وكل المفوضيات التي سميت حينها بالمستقلة ومجلس القضاء الاعلى!تستبعد الشخصيات الديمقراطية الشجاعة من الترشيح لانتخابات مجلس النواب العراقي عام 2014 لأسباب تافهة وحجج حكومية مالكية مرفوضة!وتبقي على البعثيين والفاسدين!
   بالطبع،قرارات الاستبعاد جاءت بناء على اوامر عليا!وليس بمقدور مفوضية الانتخابات غير المستقلة استبعاد من يستحق الاستبعاد من اعضاء الحزب الحاكم!لنأخذ على سبيل المثال ، لا الحصر:
1.   حنان الفتلاوي:وهي بعثية بدرجة عضو وادارت حلقة بعثية في الفرقة النسوية لمحافظة بابل،طبيبة متزوجة من طبيب من عائلة وتوت هجرها وسافر الى العاصمة البريطانية بسبب اعتراضه على زج نفسها في امور سياسية اكبر من حجمها،الا انها انتسبت الى ائتلاف نوري المالكي وتزوجت من شاب اصغر سنا وهي بعصمة زوجها الاول،اصيب على اثرها بجلطة قلبية وفارق الحياة!عمها شهيد الفتلاوي عضو قيادة شعبة في تنظيمات محافظة بابل،وطرد من الحزب لكونه سئ السيرة والسلوك!
    شقيق حنان الفتلاوي،صباح الفتلاوي قائد عمليات سامراء حاليا،بعثي عضو فرقة وكان ضابطا في قوات الحرس الجمهوري،ثم نقل الى مركز مشاة بابل لكونه سئ السيرة والسلوك!وبعد عام 2003 فتح له محل لتصليح معدات الستلايت!وبتدخل حنان الفتلاوي اعيد شقيقها الى خدمة الجيش ليتولى منصب قائد شرطة ذي قار برتبة لواء،عرف بعلاقاته مع تجار المخدرات والحشيشة وقدم لهم الحماية مقابل اموال طائلة لنقل الحشيشة من مزارعها في ايران الى اراضي المملكة العربية السعودية والكويت!وبسبب افتضاح الروائح النتنة للقائد الشرطي المهربجي صباح الفتلاوي،وصل ملف هذا الفساد وهذه الجرائم الى طاولة ابو اسراء ليعلق عليها:"هذا ابننا ينقل من قائد شرطة ذي قار الى قيادة الشرطة الاتحادية ويغلق التحقيق".بعدها تولى صباح منصب قائد شرطة محافظة بابل الا ان امتعاض مجلس محافظة بابل من هذا الاجراء دفع بالمالكي ان يعينه قائدا لعمليات سامراء!
   وحال تخرج شقيق حنان الفتلاوي الآخر من كلية الهندسة تم تعيينه في مجلس الوزراء وبراتب اسمي قدره 3 مليون دينار مع تخصيص شقة له في المنطقة الخضراء بجوار فيلا حنان الفتلاوي!وحصل ثلاثي الفتلاوي المتنفذون(صباح وحنان وشقيقهم الآخر)على قطع اراضي شاسعة المساحة ومتميزة!     
2.   مدحت المحمود:يشغل حاليا منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة التمييز الاتحادية،اي المسؤول الاول عن السلطة القضائية ولا يتجرأ على الترشح للانتخابات لانه يعرف مصيره مسبقا،الا اننا نتسائل الا كان اجدى بالمفوضية الانتخابية الاعتراض على قرارات سلطة قضائية يقودها بعثي بل وشخصية سيئة السمعة والسيرة والسلوك سعى جاهدا لاشاعة التدخل الحكومي السافر في شؤون القضاء العراقي اليوم والسعي للتأثير على قراراته واحكامه،وتسييسها وفقا لمصالح واهواء القوى الطبقية المتنفذة!؟وهو الذي تحمل مسؤولية التنفيذ الاعمى والمبدع لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل حينها المرقم 115 في 25 آب عام 1994،والذي نص على المعاقبة بقطع صيوان الآذان وتوسيم الجبهة لكل من هرب وتخلف عن اداء الخدمة العسكرية!وقد ذهب ضحية هذا القرار الفاشي المئات من خيرة ابناء الشعب العراقي!
   اسمه الصريح مدحت جودي حسين الكردي الفيلي وبدّل لقبه الدال على اصوله الفيلية الى لقب (المحمود) ايام النظام السابق،في دعوى اقامها امام محكمة الأحوال المدنية في الكرخ!نسب للعمل في ديوان رئاسة الجمهورية في عهد الطاغية صدام حسين وعمل مديراً عاماً لدائرة التنفيذ ومديراً عاماً لرعاية القاصرين وعضواً في محكمة البنك المركزي التي كان يشرف عليها عبد حمود سكرتير صدام حسين،وعمل ممثلاً لديوان الرئاسة في هيئة الأوقاف،واخيرا مستشارا في مجلس شورى الدولة مع احتفاظه بصفته القضائية ورئيسا لمحكمة القضاء الإداري وفيما بعد انتدب رئيسا لمجلس شورى الدولة!وكان من المقربين للطاغية وحصل منه على امتيازات كثيرة مالية وادارية،وهو صاحب عبارة(البيعة الأبدية) في وصف الأستفتاء على رئاسة صدام حسين عام 2002 وصاحب مقولة(اعظم قائد لأعظم شعب)التي نشرها في صحيفة القادسية في 15 تشرين الأول 2002،ونشر له حديث في جريدة الثورة العدد 9861 في تشرين الأول 1999 شبّه فيه صدام حسين وعدله بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم،وله كتاب(العدالة في فكر القائد)!
    قدم مدحت المحمود على انه مضطهد بسبب كونه شيعي فيلي،فعينه بول بريمر مشرفا على وزارة العدل – وزيرا- في 12/6/2003 ثم رئيساً لمجلس القضاء الأعلى في 30/3/2005 ورئيساً لمحكمة التمييز ورئيساً للمحكمة الدستورية وتقاضى الرواتب الضخمة والأمتيازات عن كل وظيفة من هذه الوظائف الثلاث!
     في 12/2/2013 اعلن مجلس القضاء الاعلى عن تعيين رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي حسن ابراهيم الحميري رئيساً لمجلس القضاء الاعلى، بدلا من مدحت المحمود.الا ان المحكمة الاتحادية نقضت لاحقا قانون مجلس القضاء الاعلى الذي صوت عليه مجلس النواب على خلفية طعن تقدم به ائتلاف دولة القانون كونه مخالفا للدستور،وهو عبارة عن مقترح قانون وليس مشروعا قدمته الحكومة،وقررت المحكمة الاتحادية فيما بعد اعادة رئيس مجلس القضاء الاعلى السابق مدحت المحمود لمنصبه بعد ان نقضت قانون المجلس.

   يقول الشاعر:

الى كلّ سمسار ٍ ولص ٍوتاجر ٍ
نغيل ٍوغدار ٍووغد ٍوحاقد ِ
ومَنْ بالجوار المسْخ ِ قد راحَ يحتمي
بزنديْهِ يستقوي بكفـّيه يعتدي
ويُرعُبنا في كون جَدّه ِ آية ً
وما هو إلا ّ مُفسدٌ وابنُ مفسد ِ

3.   الاخوة علي الشلاه و كمال الساعدي واحمد المالكي:الاولان نائبان في البرلمان الحالي عن حزب الدعوة والاخير ابن رئيس مجلس الوزراء!الساعدي يتذكر جيدا تظاهرات 25 شباط الاحتجاجية الجبارة التي هزت عرش الطواغيت الجدد ويتذكر ايضا الشهيد هادي المهدي الناشط السياسي الذي اغتيل على اثرها!وفي رسالة مقالة كتبها الشهيد البطل بعد اطلاق سراحه،معنونة"من اجل بقية امل بحكومة دولة(القانون!!)..كذبوا هذه الاخبار رجاء"جاء فيها:
   "(هذا اول مقال لي بعد اعتقالي والاعتداء علي بشكل وحشي،ماجرى قربان للعراق وشيء اقل من القليل ماقدمناه من اجل عراق افضل وحكومة افضل وحياة حرة كريمة،وما نلنا العقاب عليه هو اقل ما يمكن ان نقدمه لعراق المواطن،عراق يكون فيه المواطن مكرم والمسؤول خادم ووضع حد للنخب والحيتان السياسية من نهب العراق واهانة شعب العراق .. لا املك ان اقول فعلت الكثير امام الاب البصري الذي قتل وحيده على يد قوات المالكي في البصرة!..نعم،ما حققناه اننا دفعنا المالكى وليومين ان يقف ويقول كلماتنا وشعاراتنا ومطالبنا المشروعة بدولة عادلة!لا نهب ولا فساد ولا مزورين ولا نخب يتحكمون بها!وهاهو بقدرة التظاهرات والتضحيات ارغم على ان يقدم مشروع المائة يوم!وهو مشروع نفتخر به ونعتبره جزء صغير من مطالبنا!ولكن تبقى عبرة وغصة،اليس ما يصرح به المالكي الان كان هو شعار تظاهرات العراقيين،فكيف وصفهم بالبعثيين وهو الان يعد بتحقيق مطالبهم ويعدها مشروعة؟وان كنت اجزم انها ستبقى وعود وحبر على ورق ومورفين لتخدير التظاهرات والغضب العراقي على حجيم الوضع الانسانى والاقتصادي المزري الذي نعيشه.
   تبقى مسألة اخرى اود ان اتسائل عنها،وانا ببالغ الشك والريب فيها .. قضية جرحتنى اكثر من اختطافي وتعذيبي وارهابي بمنهجية بعثية :
- اسالكم يا خبراء السياسة ويا اعلامي العراق ويا قائمة دولة القانون ويا موظفي رئاسة الوزراء ويا مكتب حزب الدعوة بكل فروعه وتفريعاته:
   ترى هل كان السيد نوري المالكي يأكل ويشرب ويستحم ويصلي يوم الجمعة 25 شباط ،وكنا نحن نهان ونقتل في كل المدن ؟؟ ترى اي صلاة كان يؤديها وعلى اي دين او ملة ولاي رب واي مغفرة كان يرجوها بينما كنا ننزف كرامتنا على يد عساكره المتورطين والمضغوط عليه بأوامره البشعة ؟
- اسالكم يا برلمان الشعب العراقي (المنتخب!) اسأل السيد النجيفي والشيخ صباح الساعدى الشجاع وبهاء الاعرجي الشهم واسأل نواب المجلس الاعلى وعلى رأسهم الشجاع باقر جبر الزبيدي والتيار الصدري والقائمة العراقية : هل ان كمال الساعدى عضو حزب الدعوة وقائمة دولة القانون والنائب في برلمانكم الموقر هو حقا من ظهرت صورته يقف بمكان عدى صدام في الاعلى في المطعم التركي يوجه ويراقب انتهاك حقوقنا واهانتنا واطلاق النار علينا واختطافنا في ساحة التحرير يوم الجمعة 25 شباط ؟ استحلفكم بالله قولوا لا وانكطروا لان اثبات الامر سيجعل كمال الساعدي مسيئا للعراق وللعملية الديمقراطية والبرلمان،ذلك ان صح ظهوره ووقوفه في الاعلى وتوجيهه الاوامر بقتلنا وسحلنا واختطافنا انما هي ممارسة بعثية لا تمت للقانون والديمقراطية بصلة ،وهي ممارسىة بعثية تذكرنا برفاق الطاغية وكيف هبوا للدفاع عن عرشه في انتفاظة 1991!وبأي حال لا يمكن لكمال الساعدى ان يتصرف وهو لايملك سوى صفة عضو برلمان،فهل يحق له خرق قسمه بخدمة الشعب العراقي بهذا الشكل.ان مافعله كمال الساعدي ان صدقت الصور يجعله حانثا باليمين ويستحق الغاء عضويته في البرلمان العراقي!والا دعونا نتصور عضو اخر يشكل مليشيات ويقف بالجانب الاخر يتقاتل مع الساعدى وعسكره وهكذا نسحق القانون ونحول ساحة التحرير الى مجزرة .. ان اشك ومن اجل بقية امل لي بالعراق وبالحكومة ان تكون الصور خطأ او مفبركة والا فاننا نقف ازاء رجال لايحترمون القانون ولا البرلمان وينتمون لروح العصابة الحزبية الفتاكة من اجل الحزب الاوحد والقائد الضرر .. وان صح الخبر وصدقت الصور فيتوجب على من ناشدتهم ان يهبوا لحماية شرف وكرامة البرلمان بطرد هذا المعتدي على هيبة البرلمان الشعب العراقي وكفى نضع رؤوسنا في الرمل كالنعام .
- اتسائل حول الاشاعات حول ظهور احمد المالكي وكمال الساعدي في المطعم التركي مرتع عدي صدام ومراقبتهم للتظاهرات وتوجيهاتهم للاوامر هل حدث هذا حقا وماهي صفة احمد المالكي الحكومية وماهي صفة الساعدي العسكرية ليقوم بهذه المهمة ؟
- هل ذهب الساعدي واحمد ان صدق الخبر لتناول الطعام والاستحمام واداء الصلاة بعد انتهاك حقوق المتظاهرين والاعتداء عليهم .. وهل شعروا بالرضا عن نفسيهما وشكرا الله على تمكنهما من اهانة العراقيين بهذا الشكل ؟؟
- هل شعر السيد المالكى ودولة القانون وحزب الدعوة بالرضا وشكروا الله على توريط الجيش العراقي النزيه والنبيل والشجاع والمهني باهانة العراقيين والاعتداء عليهم ؟؟
- هل فكر قادة الجيش وجنرلات العراق النبلاء الرائعين بنتائج هذه الممارسات في حمايتهم لحيتان السياسة ومن نهبوا العراق واهانوا الشعب العراقي!هل فكروا انه تم توريطهم للعب دور محامي الشيطان وهم اصحاب الروح الوطنية والايدي النظيفة،بينما رجال السياسية الذين ورطوهم هم اللصوص وهم المفسدون وهم عملاء الاجندات المعادية للشعب العراقي ؟؟
- اسال البرلمان العراقي : هل شبكة الاعلام العراقية وهي قناة العراقية وصحيفة الصباح عراقية حقا وملكا للبرلمان ام ملك للمالكى وحزب الدعوة ودولة القانون ؟؟ اتسائل كيف احتل علي الشلاه والموسوي قناة العراقية ومنعوا النقل المباشر وكذبوا الاخبار واهانوا التظاهرات وكيف تقلب صحيفة الصباح الحقائق من اجل قائمة وحزب وشخص ؟؟ الا يحاسب البرلمان الشبكة على انحرافها هذا ؟ كيف تمول الشبكة من اموال العراق وهي مجرد بوق لحزب وشخص وقائمة ؟
- سؤالي الى حزب الدعوة .. الى اسر شهداء الدعوة .. الى السيد جعفر محمد باقر الصدر .. الى الدكتور وليد الحلي والاستاذ علي الاديب والاستاذ صادق الركابي واسال قبور اخوانى شهداء الدعوة : ترى كيف اصبح ابرز خادم البعث ربيب لؤي حقي (ابن صدام الثالث بالتبني)ناطقا باسم حزب الدعوة وكيف اصبحت انا متهم بالبعث ؟؟ كيف امسى من تزلف وتملق وتربى في مؤسسات المقبور عدي صدام واعني به النائب (علي الشلاه) كيف اصبح عضوا في برلمان العراق وممثلا لحزب الدعوة والناطق باسم شهداء الدعوة ودولة القانون وشتام التظاهرات الساخر من تطلعات العراقيين ؟؟ من هو البعثي اذن يا كوادر الدعوة تعالوا نتكاشف امام العراقيين وامام قبر السيد محمد باقر الصدر قدس .. دولة رئيس الوزراء يتهم التظاهرات بالبعث وهو يضم لحزبه وقائمته اشهر خدام البعث ويدفعه ليحتل قناة العراقية ويشتم ويشكك بالتظاهرات .. ليسأل نوري المالكي وحزب الدعوة من هو علي الشلاه ومن انا ومن هم المثقفون الشرفاء الذين خرجوا في تظاهرات الجمعة .. لقد قالها بهاء الاعرجي الشجاع في حرم البرلمان وبوجه علي الشلاه (انت بعثي وعدو الشعب العراقي وربيب مؤسسات البعث) الم يسمع بذلك المالكى وعلي الحلي وعلي الاديب والركابي .. ام تراهم يجهلون بتاريخ العراقيين ويتورطون بدفع بعثي خدم لؤي حقي وتلقى منه ضربة شهيرة بحذائه على جبهته ليوجهوه ويدفعونه لشتم من هم ارفع قامة وانقى تاريخا وتضحيات منه ومن العديد من امعات السلطة والاحزاب ؟؟ من هو البعثي الان يا حزب الدعوة ويا دولة القانون ويا دولة رئيس الوزراء انا وبقية المتظاهرين الشرفاء ام صاحبكم والناطق باسمكم علي الشلاه ؟؟ اريد الرد ان كنتم تملكون شجاعة ووطنية ودين وانى اقيم الحجة عليكم امام الله والعراقيين .
- اننى هنا اود ان اسجل ملاحظة مهمة وحساسة لمعرفتي بعقلية من اتكلم عنهم وبجرأة ووضوح : انني احمل مسؤولية اي اعتداء اتعرض له او اي خطر يتهدد حياتي باي شكل كان احمل مسؤوليته على عاتق هؤلاء الذين ذكرتهم بالاسماء .. وماقلته هنا هي حقائق ناصعة وانا مستعد ان امثل امام القضاء للمحاسبة عليها لو كذبوا مقاصدي .
- امام مأساة ومسخرة كهذه اتذكر واحدة من اهم ادبيات حزب الدعوة تربينا عليها وهي مقولة السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس حين قال : ترى هل عرضت عليكم دنيا هارون لكي تلومون هارون على افعاله الخسيسة ؟؟ نعم يا سيدي ومعلمي عرضت ازبال هارون على ساستنا فهبوا لذبحنا من اجلها فاشهد لي بهذا ياسيدي عند رب الارباب!لقد اسقطوا الوطنية والانسانية والدين والقانون والدستور وحقوق الانسان من اجل جشع غريب للتمسك بالسلطة ونهب العراق واضاعت فرص تطويره وبنائه .
- اننى اتسائل فقط واتمنى ان تكذب هذه الاخبار وهذه الصور وان يكذب كل ماحصل يوم الجمعة في بغداد والبصرة والسليمانية وبقية المدن لا لشيء الا من اجل بقية امل لنا بعراق افضل .. ان ماحدث لي ولزملائي هو قليل جدا وفداء لشعب العراقي الثائر من اجل تحقيق عيش افضل وتحقيق عراق الكرامة وعراق المواطن .. لكني استغرب واستنكر ان يكون من فعل ذلك ومن اعطى هذه الاوامر ووقف يتفرج بروح دموية خلف الكواليس على دمنا يراق وكرامتنا تهان .. استغرب جدا ان يكون هذا الرجل وحزبه وجماعته على شىء من الوطنية والانسانية والتدين .. فلا وطنية ولا تدين ولا رب يقبل سلوك اجرامي كهذا .. وانى ادعوا الله الواحد الاحد العادل القهار الذي اعرفه ويملىء قلبي ووجداني : الا لعنة الله على القوم الظالمين وحسبي الله ونعم الوكيل في فضحهم واهانتهم واتساع هوانهم امام العراقيين والعالم اجمع انه سريع العقاب ... حسبي الله ونعم الوكيل.
    ومن اجل من سقطوا قتلى ومن اهينوا ومن اعتقلوا ومن اجل كل عراقي عاطل ومحروم ومهمش ومسحوق سنواصل رفع اصواتنا وحجنا سيكون الى ساحات المدن العراقية من اجل استعادة عراقنا من حيتان السياسة واعلاء كرامة المواطن ورد الاعتبار للعراقيين.")
    النائب عن دولة القانون علي الشلاه هو احد شعراء البعث المنحل،تقرّب من عدي صدام حسين وصار احد رجاله،وانعم عليه بمنصب بارز في منظمة البعث المعروفة (منتدى الشباب)،كان يرتدي الزي الزيتوني في الدوام الرسمي في الكلية ليثبت ولاءه وانصهاره في نظام البعث الدكتاتوري.وعلي الشلاه بصولاته التاريخية مع سلطة البعث وصدام وعدي،ليست سرية او خافية،ومقالاته وكتاباته واشعاره موجودة ومعروفة، أي انه بشخصيته وثيقة حية على البعث،وبالتالي علي الشلاه سئ السمعة والسلوك بأمتياز!

   يقول الشاعر:

مدينتكمْ صفراءُ لونا ً ومنظراً
وموطنكمْ أمسى هتيكا ً مُخـَرّبا
تفـَلـْقـَحَتْ الأوضاع حتى تعهّرتْ
وقوّدَ فيها المستشارُ وقـَحّبا
وقد صار فيها الراجح العقل أرعنا
تحاصص َ أديانا ونهجا ومذهبا
ومصلحة الألبان خاطت ْ عمائما
تـُصدّرُ فكرا طائفيا مُعَلـّبا
تـُؤدلج للرزق الحلال بمنبر ٍ
لتجمع أموالا حراما وتنهبا
تـُقحّلُ أرضا من زروع ٍ وتبتني
قصورا من الفحشاء والسحت والربا
زمانٌ به قد طأطأ العلمُ هامَهُ
وقد راح يمشي رافعا راسَه الغبا
تصدّرَ طرطورٌ مجالسَ اُمّة ٍ
يُفـَخـّمُ كُرْسيّاً ويُعلي مُرَتـّبا
وقد عامتْ الأوحالُ من كل حفرة
ومن فيضها الأزبالُ أغرقـَتْ الرُبى
وضُيّـِقـَت الارزاقُ واختنق الملا
وصُوِّحَت الاخلاقُ قلبا ً وقالبا
وما ترحم العَبْواتُ للقتل مسْجـِدا ً
وما أبقت النيرانُ بارا ًومشربا
إلى أين نمضي يإلهي لقد هوى
جواد العراقيين ، في هوّة ٍ كبا
أيا وطنا من كل ركن مزوّرا
تكشّفَ أردافا ً ورأساً تحجّبا
كعاهرة ٍ راحت تنقـّبُ وجهَها
وما صانـَها "فرجا ً" نقاب ٌ ولا عَبا
فيا له من دهر ٍ تخيّر حاكما
غرابا وخنزيرا وذئبا وثعلبا
لقد أنقذوا الأوطان كي يغدروا بها
وما تـُنقـَذ الأوطانُ إلاّ لتـُنهبا !
وما هي إلآ " اُمـّـة ٌ" زاغ َ دينـُها
مُعَـهّرَة ٌ اُمّا ً ، ومنـْغولة ٌ أبا !.

4.   نوفل ابو رغيف:هو احد ابرز وجوه عصابة"تغيير"الادبية او "اتحاد ادباء وكتاب بغداد" التي اختلقها حزب الدعوة لمواجهة المد الدني الديمقراطي العلماني في اتحاد الادباء والكتاب في العراق!مدير الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة،والوزير الفعلي فيها بسبب انشغال الوزير الدليمي بمهامه العسكرية!لم تجتثه هيئة الاجتثاث ولم يرشح نفسه بالانتخابات الا انه من اكبر الداعمين والممولين لحزب الدعوة لحصد اصوات الناخبين!وهو شاعر صدامي خريج كلية التربية التي لايقبل فيها الا من كان بعثيا،وهو ينحدر من اسرة جلّ افرادها من ازلام النظام السابق!
    لقد سبق لديوان الرقابة المالية ان اندهش من عملية اختفاء او تبخر ثلاثة مليارات دينار عراقي عدا ونقدا على يد مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة نوفل ابو رغيف الذي عين بداية عام 2008 مديرا عاما للدائرة،بعد ان كان يعمل معاون محرر في الدرجة السابعة،فقفز قفزة واحدة الى الدرجة الخاصة على يد الوزير بالوكالة للثقافة آنذاك!
   هذا المدير العام اعترض على شرعية ادارة اتحاد الادباء والكتاب الحالية واستقبله كامل الزيدي رئيس مجلس محافظ بغداد السابق اكثر من مرة في فعاليات تهريجية غبية،ليعرض خدماته المجانية لحكام الطائفية السياسية،معروف عند القاصي والداني كيف يكلف كلابه بمضايقة وتهديد الموظفات في دائرته بالرضوخ لغاياته الدنيئة والويل الويل لمن ترفض والتكريم لمن توافق،وحتى ان تمت موافقتها على مضض فعليها ان تجلب في المرة القادمة احدى قريباتها لان السيد ابو رغيف(شاعر الرئيس السابق صدام ونجل الضابط المعدوم)لا يعجبه تناول اللحوم البيضاء مرتين!وقد اتخذ المرتزق نوفل هلال ابو رغيف كعادة البعثيين الموقف الانتهازي الانشقاقي في انتخابات اتحاد الادباء والكتاب في العراق نيسان 2010،بعد هزيمته النكراء!
   نوفل ابو رغيف من المتملقين واشباه الادباء والكتاب والمتطفلين والاوصياء على الادب والثقافة في بلادنا،ومن اللاهثين دوما وراء بث الروح في حكامهم،حفاظا على مناصبهم ومواقعهم،والتاريخ لا يغفل تلك المواقف الانتهازية ابدا!وكانت تجربة الكتابة للدكتاتور صدام حسين متميزة،وهذا النوفل احدهم،بعد ان  انبرى مع كتاب مرتزقة آخرين لتسجيل مواقفهم على صفحات مجلات وصحف النظام المسحوق ونشروا القصائد والقصص والمقالات والتهاني واحاسيس ومشاعر في اوسع عملية استخفاف بعواطف الناس المغلوبين على امرهم!ولازالت قصيدة هذا النوفل الصدامي(ولو يَمْنَحونكَ بعض الحدود)تدق اسماعنا:
وأرض وزيتونها وشهيدْ
وقدسٌ محملةٌ بالعتاب
وصمتٌ وقيثارة وبريدْ
وما زلتَ تفتح باب الصباح
ومن ذا يسواكَ وأنتَ الوحيدْ
وعلَّمت نَخلكَ أن  يستجيب إلى
ما تريدُ وما لا تريدْ
وهم نائمونَ خلفَ الكراسي
تفوح الخيانات واللا وجودْ
ووحدكَ يا سيد الانتظار
على عَرشِها والبقايا عَبيدْ
ولو يَمنَحونكَ بعض الحدود
وهم خلفها والمنايا شهودْ"

     نعم،اغلال الخوف والرعب والارهاب والفساد تتحطم تدريجيا ليلتئم الجميع وتلتحم وتنهض الهمم في خندق الوطن الواحد ولنردد معا رائعة جمال بخيت "دين ابوهم اسمه ايه؟"!الحكومة العراقية لازالت في وادي والشعب العراقي في واد آخر!وهي لم تستفد من الدروس التي يلقنها لها الشعب العراقي وتلقنها لها المنظمات القضائية والحقوقية والقانونية الدولية،ومصرة على سلوكياتها الفرعونية العدوانية الغبية !ولازال الطاغية الجديد المالكي واعوانه ومستشاريه وبلطجيته يسرحون ويمرحون وينهبون!ومجلس النواب لازال هو الآخر عاجزا عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية!بينما القضاء المسيس المركع يسبح بحمد الاستغفال وثقافات القطيع الاقصائية!
     المجد كل المجد للشهداء!

     يقول الشاعر جاويد:

عارٌ عليكَ لقد غدوتَ ملونا
وغدا ً نغيلا مومسيا مُنتنا
تنضو كما الحرباء جلدَك لاثما
أقدامَهم مُتـَعوْلِما مُتديّنا
بالقاتلي شعبي تلوذ تـَرَزّقا
وتقبّل الاذيالَ ، أذيالَ الخنا
تقفو الاراذلَ قانعا بفِتاتِهمْ
كموظفٍ وسِخ ٍ لسيّدِهِ انحنى
تدري بموطنك القتيل وترتضي
أن تـُستبى شعبا وتـُطعن موطنا
يا أنت ياسمسيرُ تدري أنهم
تجّارُ سوق ٍ للعواهر والزنا
أنت الخؤونُ لكي تفوز بمنصب ٍ
مُتـَمسْكِنا من أجل أن تـتمكـّنا
في النار ترمي المعدمين جميعهم
من أجل ثوب ٍ من حرير ٍ يُقتنى
تـُلقي العراق بأهله ِ وبنخلِهِ
في هوّة ٍ ، من أجل قصر ٍ يُبتنى

كموظف ٍ قذر ٍ تتوه ُ مرفها ً
والموتُ حولك قد تناهبَ شعبنا
كلّ ُ العهود ترودها متياسرا
متيامنا متشيّعا متسنـّنا
وتطيلُ لحيتـَك البذيئة خانعا
لاقانعا بطقوسهم لامؤمنا
ولبست ثوبا أسْودا ً مُتفجعا
متباكيا متثعلبا  متثعبنا!
يا أيها المأبون من أجل الغنى
لاضيرَ لا ، أنْ في العجيزة تـُطعنا
بعضٌ من الشعراء يصمت خانعا
صمتا بذيئا عهرويا  أرعنا
بعضٌ من الأدباء كان مُحابيا ً
ويظلّ في كلّ العهود مُداهنا
ومثقف ٍ وغد ٍ وآخر أوغداً
ومثقفٍ درن ٍ وآخرَ أدرنا !
ولمَ الشجاعُ غدا إزاءَ فسادِهمْ
أوهى من الوغد الجبان وأجبنا ؟ !
وإذا "المناضلُ" باتَ من إيّاهمُ
متدروشا ًواذا الرفيقُ تديّنا
سحبوا البساط ، فلم نجدْ من ثائر ٍ
في ركبنا إلاّ  الرخيّ الليّنا
الناقدون بكل "لـُطف ٍ" مجرما
والمنزلون الى الحضيض جباهنا
والثائرون الاقدمون تقهقروا !
أسفا على نسر النسور تدجّنا
الدون كِشوتيّون لا طاحونة ٌ
حمراء قد بقيتْ لهم كي تطحنا
والشعبُ أين الشعبُ لا من وثبةٍ
لتزلزل النفـَر البغيض الأرعنا
وإذا انتقدتَ خصيصة ً في  نأمة ٍ
قتلوا بصيصَ الضوء بل خنقوا السنا
من كان بوصلة َالزمان ونجمة ً
يُهدي له أعمى ويَعضِدُ موهَنا
قد عاد مثل المومياء محنـّطا
قد بات في نعش الحياة مكفـّنا
ومواطن ٍعجبي عليه مكبل ٍ
ولدتهُ اُمّهُ كي يُغلّ ويُسجنا
ياموتُ لاتجعلْ بلادي ذليلة ً
خذنا اليكَ بعزة ٍ، رفقا بنا .
لابد أن ْ نشفي الجراح ببلسم ٍ
ونداوي من غل الحروب نفوسَنا
نفدي الجنوب  محررا  من قيدِهمْ
نفدي الشمال  معظـّما ومُحصّـنا
ومع النخيل ورافديه وشمسهِ
نفدي بحدقات العيون عراقـَـنا
بغداد
18/3/2014

21


شلل وشلل..عن اية منجزات طاقية يتحدث جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية؟

سلام كبة
 
   مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية 2014 درج جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية وشلة عصابات الخبراء والمستشارين في مجلس الوزراء العراقي ووزارتي النفط والكهرباء على الحديث عن منجزاتهم النفطية الوقودية الغازية – الطبيعية الطاقية ليدافعوا بغباء واستغباء وحماقة عن سادتهم الجهلة ويجملون مآثر ابو اسراء وزمرة الشهرستاني الفاسدة التي اخضعت نفط العراق لـعملية نهب دولية فريدة ليس لها نظير في عالم النفط اليوم،فيما سمي بعقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!
   لقد اجبرت معارضة الشعب العراقي في حينها لنظم المشاركة مرتزقة الحكومة التوقيع على عقود خدمة صورية ضمن كم كبير من جولات التراخيص مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة اي الاحتكارية،هي في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.وبذلك باتت لهذه الشركات - التروستات الضخمة اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد،مما يحقق للدول الصناعية نفطا رخيصا بأسعار لم تحلم بها!وستفقد الدولة العراقية قدرة السيطرة على حجم الانتاج النفطي آجلا ام عاجلا ،الى جانب تسريع الانهيار المتوقع في اسعار النفط  في السوق العالمية بسبب ارتفاع كميات النفط العراقي المعروضة دون ضوابط !
   وبات واضحا ان عقود الخدمة الشهرستانية موجهة اصلا ضد شركات نفط الجنوب ونفط الشمال التي ادارت تلك الحقول بشكل جيد وكفء رغم المصاعب الكثيرة التي واجهتها وتواجهها.والحكومة العراقية في عقود الخدمة الجديدة تجيز  للشركات متعددة الجنسيات الاستيلاء على الحقول المنتجة التي هي من حصة شركة النفط الوطنية،ولا يبقى للاخيرة سوى الفتات وما نسبته 25% فقط!
    جهابذة الاكاديميكا الشهرستانية طرزانجية في اللغو والكذب وطمس الحقائق والهاء الناس بلغة المنجزات والاحصاءات والارقام التفصيلية الجزئية وافتعال الازمات مع كردستان العراق حول قنونة النهب المنظم لنفط الشعب كاشفين لنا عوراتهم الفاسدة حينما نتحدث عن الضرورة القصوى لتشريع قانون وطني متوازن ينظم ادارة الصناعة النفطية!واهمية تطوير استخراج الغاز الحر،والاستفادة من الغاز المصاحب لغرض انتاج الطاقة الكهربائية وكمدخل اساس في الصناعات البتروكيمياوية وغيرها من الصناعات التحويلية الى جانب تصديره!
    ليس من الانصاف استغلال انشغال وانشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية لارجاع العراق القهقرى وضرب كل تعليمات ومشورات الاصدقاء عرض الحائط وتمرير الخيانات الكبرى والسياسات التي تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون ان يكون لهم مشاركة ورأي في ذلك،والاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في القطاع النفطي يستلزم ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح الوطنية العليا.ومن الضروري عدم تجزئة مشاريع قوانين النفط اذ لابد من النظر لها  دفعة واحدة!ووجب تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية(عدا الاستخراج)كاشتراط الحد الادنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51% وخاصة في النقل والتوزيع.
  ليست القضية النفطية مجرد عمليات تجارية،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والمضي في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
     وبعد مضي قرابة عقد على استلام الطائفية السياسية مقاليد السلطة،واتباعهم سياسات اقتصادية انتقائية ونفعية غير مدروسة وغير مفهومة،تتميز بغياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!شهدت البلاد تعمق السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،بل لم يعد الاقتصاد العراقي  ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه.
  لقد ساهمت حثالات الاكاديميكا الشهرستانية بل وكرست على ابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا ومستوردا ومستهلكا ومستنزفا لموارده المالية في الاستيراد،وبقاء الاقتصاد العراقي وحيد الطرف في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة وخلق الديناميكية الذاتية في الاقتصاد العراقي،واستمرار الاستهلاك لموارد النفط المالية دون تحقيق التراكم والاغناء الضروري للثروة الاجتماعية من مصادر اخرى غير النفط الخام!وهذا يعني استمرار تبعية السياسة الاقتصادية للايرادات النفطية،حيث يتم تبني السياسات الاستثمارية التوسعية في ظل انتعاش تلك الايرادات،وتبني السياسات الاستثمارية الانكماشية في ظل انكماش وتراجع تلك الايرادات.وبدل تطوير الصناعات البتروكيمياوية بعد فصل النشاط البتروكيمياوي وتشكيل وزارة خاصة به وحجز نسبة 10% من ارباح النفط لهذه الوزارة كي تنهض بمهامها في وقت قصير،يسيل لعاب هؤلاء لادارة الصناعات البترودولارية القذرة!   
   نعم،يشتد ضغط ابناء الشعب وكادحيه باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد والشلل والعصابات التي تديره،وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة.ولم تعد ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات تنطلي على احد،كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها،واصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم.
   في قصيدته الرائعة يقول خلدون جاويد:

" المستشار هو الذي شربَ الطـِـلا "
وبحجرة السلطان ـ بالسرـ اختلى
" متعاون ٌ" من أجل صكّ ِ دراهم ٍ
لا خيرَ فيه مُضـَلـِلا ً ومُضَلـَلا
يحني قفاه ورأسَهُ ـ لمليكِهمْ ـ
ماعيّـنوا عبداً لهمْ ليقولَ : لا
هو كالمَطية ِ في رواق وزارة ٍ
قد أطعموه وأسرجوه ليُعتلى
سيطيل لحيتـَهُ الكريهة َ مثلهم
ليبوسَ من أردانِهم ويُقبّلا
سيجيّرونهُ في المصارف كلها
وغـْدا ً عميلا ً ، مُدر ِكا ً ومغـَفـّلا
يستأجرونه في السفين مُجدّفا ً
عبدا ً وأسفلَ سافلين وأرذلا
دقـّوا جبينـَهُ في حوافر خيلِـهم
أبَت الحوافرُ أنْ بمثلِهِ تـُنعَلا
واذا رآه الذلّ ُ مثلَ دُوَيْبَة ٍ
تحنو لهم ، لأبى بأنْ يتذللا
المستشارُ المسْخ ُ ذئبٌ ماكرٌ
خـَبـِرَ الزنا برواقِهم فتسللا
المستشار يظلّ ُ مدوسة ً لهم
ولذا يبيتُ مُكرّما ومُدللا
ويظل قواداً أثيراً عندهمْ
وعلى شكسبير العظيم مُفضّلا
وضعوا على صدر الحمار قلادة ً
نقشوا عليها دُمْتَ ياريم الفلا
لاتعجبوا زمن البذاءة قادمٌ
وتوجّسوا الأقسى الأمَرّ الحنظلا
ياشعبُ لا تحني جبينـَـك ناكِسا ً
مجدَ العراق الفذ ، لا يا شعبُ لا
ياشعبُ تيجانُ الحياة عزيزة ٌ
بسوى زهور الموت لن تتكلـّـلا
كـُنْ ومضة ً او شمعة ً او نجمة ً
كي توقدَ الكونَ الرحيبَ وتـُشعلا
نيرانُ "بوعْزيزي" نواقيسُ الضيا
منها أطلّ الفجرُ والليل انجلى
كالنخل إشمخْ في الحياة مُبَجّلا
واذا أتاك َ الموتُ مُتْ مُستبسلا


بغداد
10/3/2014

22

قبل وحدة الشيوعيين .. ليكشف لنا نجم الدليمي عن سيرته الذاتية ؟!

سلام ابراهيم كبة


   بمناسبة الذكرى 80 عاماً لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي كتب نجم الدليمي في "دعوة ملحة لوحدة الشيوعيين العراقيين في المرحلة الراهنة ضرورة موضوعية للنهوض بأعباء النضال الوطني والاممي" جل ملاحظاته حول عمل الحزب الشيوعي العراقي في الاعوام المنصرمة!
   يقينا ان الحزب الشيوعي العراقي كان ولازال وساما على صدر كل وطني غيور!..كنت وطنيا قبل ان اكون شيوعيا،وبعد انضمامي للحزب الشيوعي احببت وطني اكثر!..قووا تنظيم حزبكم،قووا تنظيم الحركة الوطنية!لقد امتلك الحزب الشيوعي العراقي السياسات الصائبة والمبادرة في الحقول الوطنية والقومية،وشارك بفعالية في عمليات التنوير الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لعقود عدة وقدم للمجتمع كوادر متخصصة في مختلف العلوم والآداب والفنون.قدم الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية الكثير من التضحيات وتحمل الكثير من المحن والاضطهاد والقسوة البالغة من اجل تحقيق اهداف الشعب.
    من يتصدى لتقييم سياسة حزب الابطال والشهداء عليه ان يعرفنا بنفسه اولا وسيرته الذاتية،وما هو الاساس الذي يستند عليه في التقييم؟هل هو عضو في الحزب الشيوعي او قيادي في جناح شيوعي او حزب شيوعي آخر او حزب وطني؟تاريخه النضالي قبل وبعد عام 2003؟هل وقع على صكوك غفران البعث وهل ينطلق من مواقف عدائية استخباراتية ،وهي كثر والحمد لله؟!وبالتالي على قدر اهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم!
  المقالة مليئة بالاخطاء اللغوية والمغالطات السياسية والتاريخية واذ قسمت الى:
أولاً: احذروا خطر العدو الطبقي
ثانياً: أهمية وضرورة وحدة الشيوعيين اليوم
ثالثاً: لينين يقول- لينين يحذر
رابعاً: مبادئ وثوابت الوحدة الفكرية والسياسية
خامساً: هدف نبيل
سادساً:صمود الحزب
سابعاً: من الرابح ومن الخاسر؟
ثامناً: دعوة ملحة
تاسعاً: الحزب الجماهيري- ضرورة ملحة
عاشراً:- وصايا لينين... ولمن المستقبل

   يتوصل الدليمي الى ما يلي:"منذ أواسط الستينات من القرن الماضي ولغاية اليوم أُدخلت ودخلت قيادة الحزب الشيوعي العراقي في مطبات سياسية وفكرية معقدة وخطيرة وغير صائبة وغير مدروسة بشكل جيد وكانت النتائج سلبية على الحزب، ومنها على سبيل المثال الخطأ في أسس ومبادئ قيام التحالفات، الجبهات السياسية الكثيرة ومنها(( الجبهة الوطنية في عام 1973، جبهة جود، جبهة جوقد، التحالف مع القائمة العراقية في الانتخابات البرلمانية....))؟!."..ولعمري ان هذا الاستنتاج،وكأن القسم الاكبر منه مستنسخ من الوصايا المعروفة لسمير عبد الكريم وورثته من اشاوس الاستخبارات العراقية والايرانية معا!
   ويستطرد الدليمي:"ان قيادة الحزب لم تأخذ وتصغي إلى أراء وملاحظات القاعدة الحزبية حول أسس التحالفات السياسية التي تمت منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي ولغاية اليوم"..ثم يؤكد الدليمي على ضرورة القيام بتأسيس محطة تلفزيونية فضائية خاصة بالحزب!ويختم مقالته ب"أن التاريخ والأجيال الثورية القادمة ستحاسب كل من يقف ويعرقل تطبيق دعوة وحدة الشيوعيين الهامة والملحة اليوم"!
   بالتأكيد الشيوعيون العراقيون لا يزالوا مصدر قلق جدي لكل اعداء الديمقراطية والتعددية والمتوهمين بأن الشيوعية انتهت باعدام الرفيق الخالد فهد،وانقلاب شباط الاسود 1963،وبضربات البعث العراقي،ونهاية الاتحاد السوفياتي،وبالفشل في الانتخابات النيابية بعد عام 2003!والحزب الشيوعي العراقي اذ يدرك حجم التركة الثقيلة التي ورثها عن النظام السابق،لكن من حق المواطن ان يرى توجها واضحا وسياسة متكاملة مرسومة بدقة وعناية،تستفيد من الامكانيات والطاقات العراقية لرسم معالم الخروج من دائرة الازمات الخانقة المستفحلة،التي تحيط بالوطن والشعب،الى عتبة العيش الكريم والرفاه والاستقرار.وهذا ما لم يتلمسه طيلة حكم الطائفية السياسية الراهن،وهي مرحلة اتسمت باللغو والخطابات النفعية الفارغة والوعود الطنانة،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن الغطرسة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع،والالحاح على اشاعة الثقافة الرجعية في الحياة السياسية والاجتماعية!
    يمتلك الشيوعيون امكانيات ذهنية عالية،ولا يفتقرون الى القاعدة الجماهيرية،ولا تختزل القضية الديمقراطية بالاعمال الانتخابية والمحطة الفضائية،وان دولة القانون لا تبنى بالنوايا الطيبة والساذجة!صحيح،ان التحالفات ليست مقدسة ونتاج رغبات بل هي حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد،والتحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه،واذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فانه لا يمكن المشاركة في اي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته.  
   لقد ناهض الحزب الشيوعي العراقي طيلة تأريخه المشرف النزعات السياسية الضارة التي لم تسء للكفاح  الطبقي العادل فحسب بل عرقلته وحجمته.ومن اخطر هذه النزعات:الاصلاحية التي تنفي الكفاح الطبقي والسياسي الحق وتدعم مشاريع التعاون الطبقي التي تسعى الى جعل الرأسمالية مجتمع الرخاء الشامل عبر الاصلاحات في اطار الشرعية البورجوازية،الانتهازية،التحريفية وذرائعية التجديد واعادة التجديد والنظر والتصحيح والتقويم والتنقيح والتعديل للتهجم على حركات التحرر الوطني وجماهير الشعب والسنن العامة للتطور الاجتماعي،الدوغمائية!وبينما يتشبث السفسطائي باحد البراهين فقط وفق القدرة على ايجاد البراهين لكل شئ في المعمورة فان التفكير العلمي يبحث في الظاهرة الاجتماعية المعينة في تطورها من كل جوانبها ويعني بالآثار والانعكاسات على القوى الدافعة الرئيسية وتطور قوى الانتاج والكفاح الطبقي.ويدرك الحزب الشيوعي العراقي ان البراغماتية تعبر عن وجهة نظر وكلاء ومرتزقة عالم المشاريع الكبيرة والبيزنس،خبراء المبيعات وقادة الاحزاب والكتل السياسية ورجال السياسة في عهود الاحتلال والتبعية!وبالبراغماتية والتضليل الاعلامي الاجتماعي تتحول الاحتكارات الى مشاريع حرة،والحكم المطلق غير المحدود والشمولية والتدخلات السافرة في شؤون الحركة الاجتماعية الى ديمقراطية!البراغماتية تعني بتثبيت صحة الآراء الغيبية في ذهن المواطن!
   من جديد عرفنا بنفسك نجم الدليمي وسيرتك الذاتية!وحينها لكل مقام مقال ولكل حادث حديث ولكل حكاية نهاية!

بغداد
9/3/2014

23

ابو اسراء ومفوضية الانتخابات

سلام ابراهيم كبة


   الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية اعوام 2010 – 2014 كانت تعبير عن السخط الشعبي العارم على ما اقترفه الاسلام السياسي الحاكم في بغداد من جرائم يندى لها جبين الانسانية وادخاله العراق متاهات عصور الظلام القروسطي وارجاعه القهقرى الى عهود ما قبل ثورة 14 تموز المجيدة 1958!وهاهو الاقطاع بتلاوينه – ومنها العشائري - لا يتنفس الصعداء فحسب بل يفرض ارادته على حاضر ومستقبل البلاد،بينما تلعب البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية والعقارية بمافياتها وميليشياتها دور الظهير بكفاءة ونذالة نادرة!وترتع الطبقة المتوسطة من اصحاب الدخل المحدود بامتيازاتها من رواتب ومنح وقروض حكومية وايفادات في سديم مورفين الاوهام والاحلام المؤقتة!ويجدد مجلس النواب العراقي مآثر الاسطبل البرلماني البعثي،وهذه المرة بزينة جديدة وعطر فواح يذكرنا بالمجاري الفائضة وابطالها في المدن العراقية،مجلس يتردد في اقالة رئيس حكومة فاشلة فاسدة يتحمل مسؤولية كل ما آلت اليه البلاد من كوارث حتى هذه اللحظة!مصاب بالفايروس الطائفي من اخمص قدمه الى رأسه!ويجمع حوله شلة من العصابات كمستشارين وبلطجية!
   لقد استبعدت مفوضية الانتخابات النواب سامي العسكري وصباح الساعدي وعمار الشبلي وعالية جاسم ورئيس حزب الامة العراقية مثال الالوسي من الترشيح لانتخابات مجلس النواب العراقي عام 2014 لأسباب اقل ما يقال عنها تافهة وحجج مرفوضة مدعمة بأقراص حكومية مدمجة!مما يؤكد الخطل والفشل المسبق للمفوضية الانتخابية حالها حال هيئات مكافحة الفساد في العراق وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين في مختلف الوزارات والادارات الامنية في وزارة الداخلية ومختلف مفاصل السلطة القضائية!وهاهي المفوضية الانتخابية غير المستقلة تستهين بتقاريرمنظمة الشفافية الدولية وبقية المنظمات الدولية ان مسؤولي الحكومة العراقية وفي مختلف المستويات يمارسون النهب المنظم للدولة وثرواتها،وبالتالي لا يحق لهم الترشيح للانتخابات البرلمانية!والسيد نوري المالكي كما عودنا وفق مبدأ"هو يكدر واحد يأخذها حتى ننطيها بعد!"يبيح لنفسه التدخل في شؤون المفوضية الانتخابية غير آبها بمعيار كونها مفوضية مستقلة تخضع لآليات انتخابية خاصة بها!
    ويبدو من سابع المستحيلات ان تستبعد مفوضية الانتخابات نوري المالكي من الترشيح لانتخابات مجلس النواب العراقي عام 2014 كونه المسؤول الاول عن:
   التحصن وحكومته ومقربيه في المنطقة الخضراء مستعينا بالسفارة الاميركية والحمايات الجرارة ووسائل النقل الخاصة،تاركا كل العراق عرضة للارهاب والدمار! 
   محاولات تحويل المفوضيات المستقلة الى وعاء جامع للفساد المركب الذي يمنح التهور صفة الشجاعة واللؤم صفة الحصافة ويزور كل المفاهيم والقيم ويعطيها معان جديدة فارغة،وليلطم صاحب الحق على فمه كي لا ينطق بكلمة حق،ويتحول السارق الى سبع وشاطر!
   محاولات تحويل الانتخابات الى نزهة ديمقراطية لا احدى الصيغ الديمقراطية التي تتبعها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة في العالم،وذلك بالاستناد الى العقلية الدينية والعشائرية!والنظام السياسي العائلي والطائفي والعشائري ينتج الفساد ويعممه،فسادا سياسيا،يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه،لتتوسع فعاليات الصعلكة السياسية بالمحافل والندوات والمناسف الدينية كترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي والتلذذ بلمس احلى الكلام!فيما تسيل دماء الوطن وتتضخم ملفات الارهاب والفساد ...
   حجب الحقائق عن الشعب وجعل المسؤول فوق القانون وحق المواطنة مفقود والبقاء للأقوى،انها شريعة الغاب!ربما لا يريد نوري المالكي ازعاج العدالة بالحقائق،شرطة تحقق مع دولة الرئيس او حجة الاسلام والمسلمين وخاصة اذا كان من سلالة المعصومين،وما يتبع ذلك..ممثلو الشعب وكبار موظفي الدولة والمقاول الكبير والتاجر والمرابي والاقطاعي،انه كفر وحرام.الديمقراطيات العصرية تحرم على المسؤول الاستمرار في منصبه اذا فشل في كشف جريمة عادية،والعقوبة اعظم اذا فشل في كشف جريمة اغتيال مواطن ومسؤول في الدولة ولا يحق له الترشيح للانتخابات!
   التستر على تقارير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة،ومعتقلات تعذيب الجادرية،واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم والعاملين في اللجنة الاولمبية،وتهريب سجناء القاعدة ..واغتيال الصحفيين والفنانين والمثقفين والمهندسين وعمال ساحة الطيران وابناء الشعب الطيبين البسطاء،قصف مطار بغداد والمقرات السياسية بالهاونات والراجمات،المتاجرة بفواجع شارع المتنبي ومدينة الثورة الباسلة والاربعاء والاحد والاثنين والخميس والثلاثاء والجمعة والسبت الدامية!تفجير صالونات الحلاقة النسائية والكنائس وتهجير المسيحيين والاقليات!!
   التخبط في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،تارة تشكيل غرف عمليات،وتارة منع التجول،وأخرى الاستعانة بقوات سوات،وتارة تشكيل لجان تحقيق وتعيين مخصصات ومستحقات وقطع اراضي لأعالة عوائل ضحايا التفجيرات والتهجير القسري والاحترازي!بالطبع ابو اسراء لا يسمع ولا يرى العشرات من ضحايا الغدر اليومي ولم يأمر ولو مرة واحدة بالتحقيق في اغتيالات الجملة والاختطافات الجماعية الا فيما ندر!مسؤولو الامن يخفون رؤوسهم في التراب كالنعامات!حاميها حراميها!اغتيالات بالجملة،مفخخات وعبوات ناسفة،سيطرات وهمية،الاختطاف الجماعي،لعلعة الرصاص،الميليشيات المنفلتة وفرق الموت،التهجير الطائفي،التضخم الاقتصادي المرعب،الفساد والاهمال والعمل على تردي الخدمات العامة مع سبق الاصرار والفشل المريع في الاداء الحكومي!
   السعي بحنكة وغباء في آن،الى نقل الصراع السياسي الاجتماعي والاقتصادي والحزبي من اطاره المعروف الى صراع طائفي يغطي على الاسباب الحقيقية للصراع السياسي!وليكرس عقلية وثقافة الطائفة والعشيرة والقطيع في بناء الدولة والحركات السياسية،في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة هذه الثقافة التي اعتمدتها الحكومات السابقة وبعض الحركات السياسية الموالية لها في عهود الظلم،والى بناء دولة عراقية وليس دولة طوائف تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون.
   الاصرار المتعمد على نهج تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والعنف ومنح العطل الرسمية جزافا وممارسة المراسيم الدينية بشكل عنفي ونزف الدماء في الشوارع وشحن مشاعر العنف والانتقام بحيث تحولت حتى مناسبة الاحتفال بميلاد ائمة الشيعة مثلا الى مناسبات لطم وتطبير،واحتل بذلك عدد من الاحزاب الدينية وانصارها مقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب!لينافسوا القاعدة وداعش ودالم والتكفيرين والبعثيين و"امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم.
   توريط القوات المسلحة لفض الاعتصامات الشعبية في المحافظات العراقية مثلما حصل في الحويجة والانبار واشعال نيران حروب هوجاء ظاهرها ملاحقة الارهاب وداعش!وهو يجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لادامة حكمه.انها اللوثة الطائفية الاهلية التي فشل مجرمو القاعدة وقوى البعث والمعتز بالله(الدرويش عزة الدوري)وبعض القوى القومية اليمينية،في تأجيجها..
   التعمد في الحاق العسف الكبير بمكانة الطائفة الديني والعشيرة الاجتماعي بفعل:
1.   الامعان في توظيف هذه العوامل الاهلية في الاضطرابات الامنية.
2.   دور بعض التنظيمات الدينية والطائفية والعشائرية ورموزها المتنفذة في تكريس السطوة الشمولية والفردية والدكتاتورية واذلال الشعب.
3.   تحويل الطوطمية الى اجلال لأقطاب الطائفية السياسية والولاءات الاصطفائية وتقديس لها.
4.   تحويل التابو الى كل ما يتعلق بالتحريم،والمحرمات الى توكيد لعدم جواز المساس بشخصية الشيخ – الاغا – الملا – السيد – آية الله ...واملاكهم واقوالهم،وبالتالي عدم جواز المساس بشخصية المعصوم من الخطأ القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي"حي على خير العمل .. المالكي هو الامل .. اللهم وال من والاه .. وانصر من نصره""يمنع على النائب هجاء السيد المالكي خارج البرلمان..."..
5.   تشجيع مجالس الاسناد والصحوات العشائرية وصياغة مشروع قانون مجلس العشائر الوطنية في محاولة لاحياء قانون العشائر الذي يضمن الاعراف والتقاليد العشائرية سيئة الصيت والسطوة العشائرية ولاهانة اسس دولة القانون وبحجة ابراز دور العشائر في الانتخابات واستتباب الامن.ان التمثل بصدام حسين لتشكيل العشائر المسلحة واعطاء صلاحيات للشيوخ العلوج كان مشروع رجعي وخطير.
   الحقد على المؤسساتية المدنية التي تؤمن بالمفاهيم الحضارية والديمقراطية كحقوق الأنسان ومبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات،والتفنن في تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها!والجهود غير الدستورية التي تبذل للحيلولة دون نهوض المجتمع المدني،وبالتدخلات غير المشروعة في شؤونه،وبالأبقاء على قرارات ومراسيم مجلس قيادة الثورة سئ الصيت!واستخدام سلاح التشريع لفرض الوصاية الحكومية على المؤسساتية المدنية،وتعثر المؤسساتية المدنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية،او حتى تحت سيطرة الاتجاهات السياسية والطائفية والمافيوية من الولاءات اللاوطنية!والاستئثار بالتنظيمات والمؤسسات باستخدام بعض الرموز والادوات القمعية التي كانت عصا الصدامية في فرض نظام السخرة والطاعة على ابناء شعبنا،ويحاول هؤلاء العودة باقنعة جديدة لا تمت للعمل المؤسساتي المدني بأية صلة.وظهرت اصوات وتنظيمات تحاول فرض نفسها عبر وسائل غير ديمقراطية،بالقسر والترهيب والترغيب التي سبق للنظام السابق وأزلامه ان تفننوا بها!ويبدو ان نوري المالكي يريد ممارسة الحياة الديمقراطية على هواه،وبالطريقة التي يختارها هو رغم انف الدستور،في حين يمارس التدخل في الشأن المؤسساتي المدني بالطريقة الفجة التي لم يمارسها الا البعثيين من قبل،بعد ان جعلوها في خدمة الحزب الحاكم ومرتزقته!
   التعسف العقائدي واصطناعه المثل السياسية على قدر حجمه،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة اللغو والخوف والشك بالمواطن والمواطنة،والتي تمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،لم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
   تجذير ظاهرة مقاولي الاصوات والسمسرة الانتخابية وتوزيع الهبات المالية والهدايا العينية،وبعضهم اصحاب مضايف وملايات...الى جانب توسيع عملية شراء اصوات الناخبين واستغلال معاناة سكان الاحياء العشوائية ومساومتهم!
   تجذير ظاهرة البلطجية- الميليشياتوية الحكومية،والقوى المتلبسة جلباب التدين زورا،المسؤولة الاولى عن العنف المتعمد بدوافع سياسية ومذهبية وانتخابية ضد الاهداف المدنية لأغراض التأثير على ابناء الشعب العراقي،والمسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية التي من شأنها اثارة الرعب في نفوس العامة مهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية او الآيديولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اية اعتبارات اخرى تستغل لتبريرها!وقد ساهم هؤلاء بفاعلية في اطلاق الوعود الكاذبة واشاعة اجواء الخوف عبر اعمال القتل والاغتيال وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام الذي يكون تأثيره عادة اقوى من آثام المذابح الطائفية واخفاء مصادر التمويل!
   احتكار وسائل اعلام الدولة واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها(اقامة التجمعات الانتخابية في مبان حكومية واستخدام وسائل النقل التابعة للحكومة)،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وتغييب القانون العصري للاحزاب والبرامج الوطنية الواضحة!
•   ارتفاع ارصدة رجال الدين الاكثر تطرفا مع مرور الزمن ونهوض اكثر العناصر الدينية تشددا والتي تتبنى الخطاب الطائفي الموتور في لعب شد الحبل والتنافس حول الاصول المالية المحلية ذات العلاقة بالعقارات والنفط!وابتذال واهانة الدين عبر محاولة تحويل الجوامع والحسينيات من منابر ارشادية الى سياسية واذاعات اعلامية ومصادر ضوضائية بالمكبرات التي تملأ الارض زعيقا!وبالتالي انكار الوطن والمواطنة وترسيخ المراتبية والغاء المساواة في المجتمع والتنكر للعدالة الاجتماعية ونشر سياسة القمع والملاحقة والتهميش والاقصاء وازدراء القانون والدستور لأنها لا تعترف اصلا بقانونيات الدولة المدنية!
   ضمان اصطياد المحكمة الاتحادية العليا في مستنقع الفساد الانتخابي!وكبح جماح القضاء العراقي الحر المستقل الوطني ومكاتب الادعاء العام الشعبي والعمل بالوسائل الديمقراطية لتعبئة اوساط الرأي العام.
   اضفاء الخلل والشلل في كل جوانب الحياة الاجتماعية بالبلاد!بعد ان توقفت العجلة الانتاجية منذ اعوام!وتفاقم الوضع الاقتصادي والمعاشي،واستشراء البطالة والامية والفساد المالي والاداري،وموقف البورجوازية المعادي لكل ما يتصل بسياسة تموز 1958 وقيادتها عملية نزوح رؤوس الاموال الى الخارج!ومحاولات الخصخصة والارتماء في احضان الشركات الرأسمالية الكبرى،ورعاية قطاع واسع من أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط!والعودة بالعراق القهقرى واهمال قوانين الاصلاح الزراعي وتشريعات الحقوق النقابية العمالية!والجهود غير الدستورية لأستيعاب واحتواء العمال والفلاحين،والعمل على عزلهم وقتل كل ما يمكن ان يبعث امكانيات الانطلاق من عقال الاقطاع والعمامة الطائفية!
   الاسناد العشوائي للحقائب الوزارية لكل من هب ودب،وتوزيعها وفق الاستحقاقات فقط دون الاختيار النوعي الواعي للوزراء،وزراء اقل ما يقال عنهم انهم دون الكفاءة والتخصص والنزاهة،تصرفوا وكأنهم مصونون غير مسؤولين،كالملوك في الملكيات الدستورية،والاقطاعيين وكبار الملاك!تسندهم احزابهم وتحميهم ميليشياتهم،والويل لمن يجرأ على مسائلتهم!وكل شئ يهون مادام المال العام يملأ جيوبهم ويرفد خزائن الاحزاب والقوى التي جاءت لتولي السلطة بحجة الخدمة الجهادية والتضحيات الجسام لاسقاط نظام صدام حسين!
   اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي!ولم يقدم اي من الوزراء الى المحاكمة واكثرهم هرب الى خارج العراق،وبعضهم لازال يقبع تحت حماية المالكي او الحصانة البرلمانية!
   مسلسل حرائق وتخريب الوزارات والمؤسسات الرسمية(وزارات الصحة والمالية والداخلية..)للتغطية على الممارسات المفضوحة في سرقة المال العام والاضرار بمصالح المواطن! 
   التفاوت الشنيع بين الثروات المتراكمة العريضة للشيوخ والاغوات وكبار رجال الدين والائمة وآيات الله وكبار المقاولين والتجار وضباط الجيش،وبين فقر الفلاحين وعامة الكادحين وذوي الدخل المحدود المدقع.
   اللف والدوران والمراوحة في نفس المكان بالمبادرات الصبيانية واستراتيجيات النجاة قصيرة المدى بدل اجندات اعادة البناء بعيدة المدى،وترسيخ المظاهر البراغماتية كمنهجية حكومية وبرلمانية شرعية لعرض الخيارات والافكار والتنافس على المواقع والامتيازات،والمحاصصة والالاعيب والمسرحيات والصفقات التي يعلن اصحابها"المهم هي النتائج،وجميع الاساليب مشروعة"،"الغاية تبرر الوسيلة والفصل بين السياسة والاخلاق"،"اخبطها واشرب صافيها"،"اقتل وسر في جنازة القتيل بالمقدمة".
   تحويل ائتلاف دولة القانون الحسيني المظهر والاهداف الى تكتل فضفاض جامع للحسينيين الجدد وذي طابع قيسي صبياني(نسبة الى داود القيسي)!والحسينية الجديدة هي غير التقليدية الوفية للمبادئ الحسينية في العدالة الاجتماعية وثورة الحسين(ع) لأنها تستغل العقيدة الحسينية في عاشوراء ورمضان وكل المناسبات الدينية لسبر اغوار الاسلام والتشيع لا لرفع شأنهما بل لاشاعة قبول كل مظاهر الاستبداد الجديد البديل وعسكرة المجتمع وتجييش وتطييف الاتباع!ولتضليل الناس وصرفهم عن التفكير في واقعهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي،والذي تستأسد وتتجند فيه البورجوازيتين البيروقراطية والطفيلية والإقطاع المتخلف لجني المزيد من الأرباح في عمليات الفساد المستفحلة!حتى وصل بها الامر عصيان اوامر ووصايا السيد علي السيستاني،والتي وصفها في خطبه بأنها قوى سياسية متنفذة تعبد الفساد الذي بات يزكم الانوف!
   تأطير المجتمع دينيا تمهيدا لقيام دكتاتورية على نمط العمائم:
1.   سجون سرية تمارس فيها التعذيب.
2.   قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي او الصاق التهم.
3.   حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة وبالكواتم.
4.   حملات الاختطاف التي تقوم بها فرق الموت الحكومية.
5.   فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولة تطبيق هذا الفصل بين طلبة الجامعة الامر الذي يلاقي المقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية.
6.   فرض الحجاب على النساء.
7.   اشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي.
8.   محاولات احياء الفكر الرجعي المقرونة بالهجوم المكثف في وسائل الاعلام على كل توجه ديمقراطي وعلماني وعقلاني.
   ازدراءه الانترنيت وكتابه ووصفه باوصاف غير لائقة مع العلم ان معظم كتاب الانترنيت وما كتبوه كان انطلاقا من مسؤوليتهم كمواطنين!
   مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،منصبا نفسه متحدثا اخلاقيا الى وعن الشعب العراقي،وكأنه خبير ومتخصص في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحدد له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليقلد مهازل خير الله طلفاح!
   محاولة تعديل الدستور بالاتجاه اليميني والالتفاف على المادة 140 التي يتم المماطلة في تطبيقها لحد الآن!والتهجم على القيادة السياسية في كردستان العراق وافتعال الازمات السياسية والاقتصادية معها!آخرها لغة "حافة الحرب" ،وقطع ارزاق ورواتب المواطنين في الاقليم!

   يقول الشاعر خلدون جاويد :

" آمنت ُ بالله إيمانا ً عرفتُ به ِ
أن الزمانَ على الباغين دوّارُ "
أن الجلاوزة َ الحُكـّامَ إن ظلموا
ردحا ً فلنْ يحكموا إلاّ لينهاروا
والجائرون إنتَهوا كالدود في حُفـَر ٍ
جارَ الزمان عليهم مثلما جاروا
طاحتْ تماثيلهُمْ فالدهرُ دوّسَها
الدهرُ لو يعلم الطاغوتُ قهّارُ
كل الجبابرة المرفوعُ عرشـُهُمُ
تهوي ، لأن " طريق الشعب " جبّارُ
آمنت ُ بالله " حقا ً" لا إلآهكُم ُ
إن الإلهَ لأضواء ٌ وأنوارُ
إن الإلهَ مع المحروم لا معكم
أنتمْ حثالاتُ نهب المال ِ، تجـّار ُ
الأغنياءُ جميعا ً لا إلهَ لهُمْ
ما دام بؤسٌ وتجويعٌ وإفقار ُ
بغداد
27/2/2014

24

   بيزنس العقار في بلادنا والأصول دون الوطنية!

سلام كبة
•   مافيا ولوبي وجماعة ضاغطة وثقافة راسخة لدى البعض
•   الكساد والانكماش العقاري
•   عجز الدولة والمبادرة الوطنية للاسكان
•   المافيا العقارية تدس انفها بالتقييم غير الصحيح للعقارات
•   اختراق هيئة دعاوى الملكية
•   التداول بالعقار من الصفقات المربحة
•   الرعاية الحكومية للاستثمار الاسكاني تضليل اعلامي
•   مشاريع اسكانية في كردستان العراق

   يندفع العراق سريعا على طريق اقتصاد السوق المنفلت عبر ازالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة والحد من تدخلها واخراجها من الحقل الاقتصادي وفتح الاقتصاد العراقي على مصراعيه دون قيد او شرط وحتى دون ضمانات وتأمينات مستقبلية والانفتاح بلا حدود على الرساميل الاجنبية وتهيئة الاجواء للخصخصة الواسعة والترويج لاقتصاد السوق باعتباره الدواء الوحيد والاوحد لحل مشكلات الاقتصاد العراقي!
   النتيجة هي ابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا مستوردا مستهلكا وحيد الجانب في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة،واهدار عوائد النفط على استيراد السلع لاغراض الاستهلاك والانفاق على الرواتب والمصروفات الجارية فقط،الى جانب الاداء الحكومي المثبط للهمم!ولا يوجد في الافق ما يشير الى دعم جاد للمنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة واعادة تأهيلها واصلاحها والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.
   رافق ذلك اشتداد ازمة القطاعات الانتاجية والخدمية خاصة الكهرباء والمجاري واسالة الماء الصالح للاستخدام البشري والطرق والنقل والمواصلات والاسكان،مع توسع سرطاني لانشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وذي النشاطات الضعيفة الانتاجية والقليلة القيم التي تخلقها وتتسم بتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين!وتتصدر النشاطات غير المشروعة هذا القطاع لاسيما التهريب والتزوير وفرض الاتاوات والاستحواذ على ثروات الآخرين!بينما تنتشر المفاتيح – المناصب السرية غير المدونة داخل المؤسساتية الحكومية والاهلية،وهؤلاء هم الوسطاء لكبار الفاسدين والمفسدين والمرتشين الذين لا تسمح هيبتهم الوظيفية بالقبض مباشرة من الراشي!وتتنوع اساليب غسيل الاموال كالصفقات النقدية واعادة الاقراض والفواتير المزورة واستبدال الاوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة او بصكوك مصرفية وشراء الاصول الثابتة كالعقارات والاراضي الزراعية والذهب وايداع المبالغ بالحسابات السرية في البنوك عبر الوسطاء والمضاربة والتهرب الضريبي.... كل ذلك بهدف اضاعة وتضييع مصادر الاموال المودعة بعد سلسلة التحويلات بين المصارف لتستقر وتسجل الولادة الجديدة بالاساليب غير الشرعية والطرق الملتوية مخترقة معترك التجارة وبانية الصروح المالية التي تفوق الخيال!

•   مافيا ولوبي وجماعة ضاغطة وثقافة راسخة لدى البعض

   في ظل هذه الاجواء نما وينمو بيزنس العقار – مافيا ولوبي وجماعة ضاغطة وثقافة راسخة لدى البعض ونهم لا ينقطع للحصول على المال الحرام والتدمير الروحي للمجتمع والفتك بالارواح وتخريب البلاد،وتقوده فئات بورجوازية عقارية طفيلية رثة اكتسبت قشرتها العليا الملامح الطائفية – العشائرية – المناطقية اي ملامح الموروثات دون الوطنية القادرة على ممارسة وظيفة توفير الامان النسبي لقطاعات معينة من الناس وايجاد طرق واطر اجتماعية لحمايتهم وصيانة مصالحهم،واعتمدت مراكزها الوظيفية على علاقاتها ببعض الكتل والجماعات الحزبية،وهي تشكل محور اجمالي الشرائح البورجوازية الطفيلية التي نمت بعد سقوط النظام السابق والتي برزت كامتداد عضوي لتلك التي كانت قد ترعرت في كنفه!والتي تثرى بسرعة كبيرة نتيجة استغلال السلطة وممارسة النشاطات الاقتصادية غير المشروعة لتبرز اليوم كرديف قوي للزعامات العشائرية برفضها القانون!وتتداول الاوساط المصرفية والتجارية والعقارية قوائم تضم عشرات التجار والمقاولين يشكلون اغنى اغنياء العراق،و25% من هؤلاء هم سياسيون ايضا،حديثي العهد بالعمل السياسي وتمكنوا من تحقيق ثراء يوازي ثراء كبار التجار بفعل الصفقات والعمولات والنفوذ السياسي والسمسرة الحكومية لتمرير الصفقات والارتباط بعواصم عربية واقليمية،وبعض هؤلاء يمتلك اليوم مصافي للنفط وبنوكا ولهم اسهم في شركات كبيرة للاتصالات ومصانع لصناعة السيارات وبعضهم شيد المستشفيات والجوامع والحسينيات.
   يذكر ان نظمي اوجيه غير المقيم في العراق والحامل للجنسية البريطانية والذي ضمنته قائمة مجلة فوربس- الشرق الاوسط لاغنى اغنياء العرب للعام 2012،والذي فر من العراق ثمانينات القرن الماضي ابان حكم صدام حسين واستقر في بريطانيا منذ عام 1980 وعمل وسيطا لعدد من الشركات النفطية الاجنبية في منطقة الخليج،كان تاجر عقارات ويمتلك اليوم مجموعة جنرال ميديترانيان هولدينغ التي تدير سلسلة فنادق الرويال الكبرى.
   التحول في بنية الائتلاف الطبقي الحاكم اليوم جاري على قدم وساق من الهيمنة البورجوازية البيروقراطية الطفيلية لصالح الفئات البورجوازية الطفيلية والعقارية،بعد ان ظلت البورجوازية البيروقراطية تسيره منذ عقود.وعليه فأن البيزنس العقاري هو ثمرة نتنة لأخطاء ومهازل العملية السياسية الجارية في بلادنا،العملية السياسية التي دافعت عنها القوى الوطنية والديمقراطية وكل المخلصين من ابناء الشعب العراقي،ونتيجة منطقية لمنحى التفرد بالسلطة والسلوك العبثي للكتل السياسية المتنفذة والمتنافسة على النفوذ والسلطة وتناطحها على المناصب والمواقع.وتؤدي البالوعة الطفيلية ومنها البيزنس العقاري دور حلقة الوصل بين اقسام من الرأسمال الاجنبي وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الانتاجية ونشر الفساد الاقتصادي الواسع واعمال السلب والنهب في الداخل.
   بالطبع ليست الطفيلية ظاهرة قاصرة على القطاع الخاص او النشاط الخاص،بل انها تمتد الى قطاع الدولة،فالطفيلية مرتبطة بالشرائح المختلفة للبورجوازية،الا انها باتت تضم شرائح رجال الاعمال الجدد الذين عمل بعضهم مقاولين ثانويين للقطاع الحكومي وقبلها مع مؤسسات اعمار العراق التي انشأها الاحتلال الاميركي او في مجال الوساطة في عقود التجارة الخارجية التي كانت العمولة - commission تشكل نسبة كبيرة من قيمتها الاجمالية.
    برزت ظاهرة"بيزنس العقار"كعلاقة تداخل بنيوي مشبوهة بين مالكي العقارات والمكاتب العقارية – مكاتب الدلالية ودوائر التسجيل العقاري والصناعات والسوق الانشائية والبلديات والبيوتات المالية والمؤسسات القضائية والاعلامية والنخب السياسية المتنفذة والمقاولين وشركات المقاولات وعبر العقود المشبوهة والاحكام القضائية المشكوك بأمرها!وانتعش البيزنس مع انتهاج السلطات الحاكمة مبدأ الفوضى البناءة والسلوكيات التبريرية والذرائعية والنفعية البراغماتية،واكبر كمية من التجاوزات واللقاءات والاجتماعات والكلام الكثير الجميل الأنشائي المنمق الخادع،وترسيخ التجييش اللاوطني والطائفي والعشائري!مع منهجية طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الطائفية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب دولة القانون والدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!ومع الثغرات والانتهاكات الدستورية التي تتخلل النصوص التشريعية النافذة ذات العلاقة كقوانين ضریبة العرصات رقم 26 لسنة 1962 المعدل،ضريبة العقار رقم 162 لسنة 1959 وايجار العقار المرقم 87 لسنة 1979 وتعديلاتها،التسجيل العقاري رقم 43 لسنة 1971 المعدل،اطفاء حق الحكم رقم 3 لسنة 1983،توحيد اصناف اراضي الدولة رقم 53  لسنة 1976،الاستملاك رقم 12 لسنة 1981،تحديد بدلات ايجار الوحدات السكنية لدوائر الدولة والقطاع العام رقم 62 لسنة 2007،تعليمات تسهيل تنفيذ قانون تحديد بدلات ايجار الوحدات السكنية رقم 3 لسنة 2008،بیع وایجار اموال الدولة رقم 32  لسنة 1986،رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980،التنفيذ رقم 45 لسنة 1980،الاثبات رقم 107 لسنة 1979،التجارة رقم 30 لسنة 1984،تقدير قيمة العقار ومنافعه رقم  85 لسنة 1978،وشرطية احصاء عام 1957 في التملك والذي منح العراقيين الحق بتملك العقارات في عموم العراق،وتشريعات الارض والبناء رقم 80 لسنة 1970 ورقم 53 لسنة 1976،تعلیمات التسجیل العقاري رقم 9 لسنة 1972،المذكرة الايضاحية لقانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979،وقرارات مجلـس قيادة الثـورة المنحل المرقمة:222،51،940،734،252،37،850..وكذلك المرقمة:864 لسنة 1979،1611 لسنة 1982،99 لسنة 1984،وقانون ضریبة الدخل رقم 113 لسنة 1982 المعدل،وقانون رقم 56 لسنة 2000،وقانون رقم 120 لسنة 2002!واوامر سلطة الائتلاف المؤقتة والقوانين الاخرى ذات العلاقة!
   يتميز بيزنس العقار في بلادنا بالطبيعة الريعية والاصول الطائفية والعشائرية والاقطاعية وشبه الاقطاعية وبالاموال الطائلة غير معروفة المصدر التي مكنته من التفرعن،وفقدانه لروح المشروع الرأسمالي القائم على الانتاج وتحمل المخاطر الطويلة الأجل والمشاركة في عملية التراكم،وبأرتباطه بالرأسمال الاجنبي والاقتصاد الرأسمالي العالمي بروابط خلفية وامامية بحيث لا يتاح له عمليا سوى هامش ضيق للحركة المستقلة الذاتية التي تتركز بالمضاربة،وبتداخل مهامه التجارية والسياسية ومحاولة زرع الفساد المقنن في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية!وهو اليوم يشكل قلب شرائح البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية المتضخمة باضطراد بحكم المآزق التنموية والسياسات الاقتصادية التجريبية النفعية الخاطئة والمبالغة في الانفاق على مشاريع وفعاليات غير مجدية اقتصاديا،وشيوع الفساد والزبائنية،وازدياد حدة التفاوتات الاجتماعية بين الطبقات،وارتفاع معدلات الفقر والتضخم والامية...الى جانب الفجوة المعرفية والتكنولوجية مع الغرب!
   اصبحت عائلات كثيرة ثرية جدا ليس بسبب استغلالها لوسائل الانتاج وتطويرها لتلك الوسائل بل لانهم من كبار رجال البلاط والدولة وحاشية قادتها وكبار ضباط الجيش والامن والمخابرات ومن بعض شيوخ العشائر المتعاونين مع الحكومة،ولأنهم قادة في الاحزاب المتنفذة والطائفية ونواب في البرلمان العراقي!وقد تحولت اكثر من 5000 عقار من اثمن العقارات في العاصمة العراقية من اسماء اصحابها الأصليين الى ملكية ثانية بعد تقاسمها في صفقات بدأت عام 2005 حتى يومنا هذا!وتقدر الكلفة الاجمالية للعقارات التي تحولت الى اسماء مسؤولين حكوميين جدد للفترة 2004 – 2011 فقط بأكثر من 3 مليار دولار!ويمتلك اليوم احد رواد الطفرات العقارية 40 عقارا تفوق قيمتها مليار دولار،حصل عليها بعد عام 2003  بطرق غير مشروعة وبتواطؤ بينه وبين بعض موظفي التسجيل العقاري في الرصافة الثانية،وقد حقق منفعة ايضا لعوائله والجهات المقربة الى حد الدرجة الرابعة منه!وتروج العديد من معاملات العقارات في دوائر التسجيل العقاري لمحامين موكلين عن مسؤولين في الحكومة المركزية ونواب في البرلمان بغرض امتلاك عقارات في مراكز حيوية وتجارية بالعاصمة العراقية وكربلاء والنجف ونينوى!
   ينظر بيزنس العقار الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة والاحتيال ليس الا...،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات،وينهض عليه مجتمع الرشاوي والارتزاق!ما يهمه هو التداول العقاري اي شراء وبيع وتأجير العقارات كبيع الاراضي لشراء عمارات سكنية حجمها ‏ومساحتها متوقف على القدرة الشرائية،وشراء منازل سكنية لتأجيرها الى الشركات ‏الاجنبية!وبالتالي المضاربة والسمسرة في السوق العقارية لترتفع الاسعار وتصبح غير حقيقية!
   ويرى البيزنس العقاري ان الاستثمار في هذا المجال تجارة رابحة بسبب الارتفاع المستمر لقيمة العقارات على مر الوقت غير آبه بالتبعيات اللاحقة كارتفاع نسبة التضخم السنوي واستنزاف ميزانية العائلة العراقية بشكل تراكمي وحرمانها من اية خطوة مستقبلية لشراء عقار في العراق.لقد عمل البيزنس على:
•   ترسيخ الاعفاءات الضريبية للعقارات الضخمة
•   اشاعة ظاهرة شطر الدور السكنية عبر شراء العقارات القديمة ذات المساحات الكبيرة والمتوسطة باسعار مخفضة،وتحويلها الى اربعة او خمسة مشتملات صغيرة بمساحة اقل من خمسين مترا لكل منها وحسب رغبة الزبون والمبلغ الذي بحوزته،يباع الواحد منها بسعر مرتفع بسبب الطلب المتزايد عليها!واصبحت تبنى هذه العقارات الصغيرة بطرق عشوائية ومتداخلة مع بعضها البعض وتسببت باضرار اجتماعية وصحية كبيرة!
•   التلاعب بأسعار العقارات لترتفع دون ان تكون الزيادة خاضعة لقانون العرض والطلب والتضخم والكساد بل عبر الاحتيال وحرق الاسعار
•   فرض جملة من القواعد غير القانونية كأداء جزء مهم من ثمن العقار على هامش القانون ومن "تحت الطاولة" الى ان بات ما يدفع بهذه الطريقة يعد بالملايين!ولغياب الشفافية وسيادة الرشوة اصبح المواطن ملزما رغما عنه بالخضوع لهذه القاعدة وغيرها من القواعد غير القانونية!
•   الانكى هو ان الدوافع وراء العديد من صفقات العقارات اليوم هي الرغبة بالعيش في جيوب طائفية منعزلة!
•   المهم ان قطاع الاسكان في العراق هو "كعكة" تسيل لعاب بيزنس العقار ورؤوس الاموال الراغبة في تحقيق ارباح سهلة وبأقل مجهود!
  
•   الكساد والانكماش العقاري

    السوق العقارية في العراق تفتقد الى التنافسية والشفافية والكفاءة في توجيه الموارد والأمان والعدالة الاقتصادية وانتظام هيكل الاسعار وغياب كامل لدور الدولة في تمكين آلية السوق من ممارسة دورها!ولا يهم بيزنس العقار بالطبع اعتماد الاستراتيجية الوطنية الاسكانية للتغلب على ازمة السكن في العراق وبناء وتوسيع مصانع الاسمنت وانتاج القطع والهياكل الخرسانية المسلحة السابقة الصب(مصانع الابنية الجاهزة)لتجهيز وامداد المشاريع الانشائية بما تحتاجه من القطع والهياكل الخرسانية المسلحة وتوسيع قاعدة ورش الحديد سابق الجهد لتجهيز مصانع الابنية الجاهزة بالكميات اللازمة من هذا النوع من الحديد!ومصالح بيزنس العقار تجعله يتعامى عن مجمل الصعوبات التي يواجهها قطاع الاسكان الوطني في بلادنا كالتقادم الانشائي وتآكل المواد الانشائية مع تقدم الزمن وتغييب الادامة والصيانة والتحديث،فوضى التوسع العمراني وظاهرة العشوائيات وبيوت الصفيح والبناء على السطوح والتقادم العمراني،النمو السكاني الكبير في بلادنا،آثار القادسيات الكارثية والانفاليات الكردستانية والتغييرات الديموغرافية،التغير الديموغرافي نتيجة الاعمال الارهابية والتهجير القسري،تواصل الهجرة التقليدية من الريف الى المدن طلبا للرزق نتيجة تدهور الزراعة المستمر.لقد ارتفعت اسعار المواد الانشائية اضعاف اسعار عام 2003 بسبب:
   ارتفاع اسعار المشتقات النفطية واجور النقل
   الوضع الامني المتردي
   احجام الدولة عن توزيع الاراضي على مواطنيها او منحهم سلفاً مالية من غير نسبة فائدة
   الاعلان عن عدم توفر الاراضي الكافية لتوزيعها على الفئات المشمولة بالتوزيع واستبدالها ببدل نقدي
   الزحف العمراني على الاراضي الزراعية ومشاكل المياه والبيئة
   ضعف الخدمات ورداءة البنى التحتية
   فوضى الاستيراد وضعف مراقبة تدفق السلع من السوق المحلية واليها والمراقبة على المنافذ الحدودية الامر الذي ادى الى دخول السلع التي لا تستوفي شروط ومعايير السلامة والنوعية!ودخول السلع التي تنافس المواد الانشائية ذات المنشأ المحلي
   تحول العراق الى بلد للطمر الصناعي.

    ركود اسواق العقار والاستثمار العقاري وتفشي ظاهرة الانكماش العقاري مؤداه:

   تداعيات الملف الامني على سقف الاسعار حيث لازال التوجه هو تفضيل الاحتفاظ بالسيولة النقدية بدلا من الاستثمار العقاري
   تدني قيمة عموم الاستثمارات في قطاع الانشاءات والبناء والتشييد
   ضعف حركة مجالس المحافظات والمجالس البلدية لمواجهة الأزمة في قطاع الاسكان والبناء
   غياب الدعم الحكومي التمويلي والتشريعي وحتى انشاء وحدات سكنية لعوائل الشهداء
   ضعف استقطاب الاستثمارات الاجنبية خاصة العربية والخليجية
   التهجير القسري
   شروط الملاكين والطلب بدفع الايجارات لثلاثة او ستة اشهر مقدما
   ثغرات القوانين الاستثمارية النافذة
   استمرار العمل بنظام الطرق والابنية رقم 44 لسنة 1935 في عموم بلديات ومدن العراق الامر الذي اسهم في التخلف عن الركب الحضاري
   ضيق حركية الخريطة الاستثمارية وغياب البيئة التمكينية المساعدة
   تخلف الاداء الفني والمهني لدوائرالتسجيل العقاري والفوضى الضاربة في ملفاتها وخرائطها واهمال المسح الكادسترائي والارشفة الالكترونية
   ارتفاع اسعار المواد الانشائية
   اهمال الابنية والقطع الخرسانيّة الجاهزة ونصف الجاهزة في تنفيذ الابنية والمنشآت وتخلف الاساليب المستخدمة في قوالب الصب الجاهز
   تجنب المصارف الاهلية والاجنبية النشاط في الاستثمار العقاري
   جمود النشاط الاقراضي للمصرف العقاري وفق الضوابط والتعليمات الخاصة بمنح القروض اذ يعاني من الروتين القاتل في تمشية المعاملات
   الدور الهزيل لوزارة المالية في تسهيل انسيابية الحصول على القروض العقارية بدفعة واحدة او رفع قيمة القروض العقارية لتسهيل اجراءات تخصيص الاراضي العائدة للدولة لبناء الوحدات السكنية
   نأي لجان النزاهة مراقبة عمل المصارف في هذا المضمار
   التباينات الواسعة في اسعار العقارات للاراضي غير المفروزة والاراضي المفرزة وحسب مواقعها  ومساحاتها
   تباين اسعار المتر الواحد من الارض الخالية من البناء والعقار المشيد(البيوت)
   ارتفاع نسب الدلالية – التوسط واجور تعقب معاملات الشراء
   استمرار زحف العشوائيات الغير قانونية والتي باتت تخنق المدن وتؤثر سلباً على بناها التحتية
   تقادم البنى التحتية وشبكات الكهرباء والصرف الصحي والماء الصالح للشرب والنقل والاتصالات السلكية وانعدام اعمال الصيانة الضرورية بعد تضرر العديد من المنشآت بالحروب الكارثية والاقتتالات الاهلية واعمال الارهاب
   انعدام التخطيط الحضري والعمراني والتوسع السكني الافقي المفرط والاستغلال السئ للأراضي وسوء توزيع الاسواق والمولات التجارية والمجمعات الخدمية والمنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة وورش خدمات الصيانة والتصليح
   افتقار المشاريع الصناعية ومحلات الصيانة والتصليح الى التكنولوجيا الملائمة للبيئة وعدم مطابقتها للاشتراطات البيئية
   سوء ادارة المخلفات والنفايات واهمال  تدوير المخلفات وتراكم الملوثات وطمرها في الاماكن غير المرخصة او تركها في العراء
   تنامي الرغبة بالعيش في الجيوب الطائفية المنعزلة
   الشائعات التي يبثها التجار بقصد سياسي او شعبوي
   عجز العرض مقابل الطلب!
  
•   عجز الدولة والمبادرة الوطنية للاسكان

    كل ذلك ادى الى حرمان شريحة واسعة من ذوي الدخول المحدودة في المجتمع من امتلاك العقارات بالتزامن مع موجة التحضر التي ضربت الفئات الشابة وزرعت في انفسهم روح النزعة الاستقلالية عن اسرهم،وادى ايضا الى احداث جملة من الآثار الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والمورفولوجية والصحية السلبية فضلا عن الضغط على خدمات البنى الارتكازية!ويبدو ان الحديث عن المبادرة الوطنية للاسكان هذه الايام والمطالبة باقرار قانون البنى التحتية الذي يتضمن (5) مليارات دولار لقطاع الاسكان والادعاء بتبني استراتيجية لرفع المعاناة عن الفقراء والمعوزين من خلال توفير قطع اراض سكنية لهم وتخصيص المبالغ اللازمة لبناء الاراضي!يأتي لاغراض تنفيسية وانتخابية وفي سياق المزايدات السياسية،والمبادرة تشمل توزيع سندات عقارية على عوائل الفقراء والارامل واليتامي بموجب قرار مجلس الوزراء 254 لسنة 2013 وبسعر 100 دينار للمتر المربع الواحد استنادا الى المادة 40 من قانون بيع وايجار اموال الدولة رقم 21 لسنة 2013!
    الدولة ما زالت عاجزة في خفض اسعار العقارات وحل ازمة السكن بسبب عدم وجود رؤية واضحة في كيفية التعامل مع الازمات التي تحدث في البلاد،والاخفاقات كثيرة تشوب عملية البناء والاعمار للبلاد وعدم القدرة على توفير البنى التحتية التي تفتقرها اغلب المناطق السكنية،ما ادى الى ارتفاع اسعار العقارات في المدن ذات الخدمات الجيدة،وانعكاس ذلك سلبا على نظام الرهونات العقارية في المصارف العراقية نتيجة عدم تمكنها من تقديم قروض موازية لاسعار العقارات كونها اسعاراً خيالية،واذا قدمت المصارف العقارية هذه القروض وفق هذه الاسعار فأنها ستعاني من ازمة جديدة يصعب الخروج منها.

•   المافيا العقارية تدس انفها بالتقييم غير الصحيح للعقارات
  
   المصارف العراقية ترى ان هذه القروض منجزات اقتصادية لها،ومن خلالها يجري الاسهام بحل ازمة السكن،وهنا دست المافيا العقارية انفها ايضا عبر عملية تقييم العقارات بشكل غير صحيح والضغط على المقترض بتقييم العقار الذي يشتريه بقيم قليلة تؤثر على قيمة القرض مما يضطره لدفع رشا مالية لكي يحصل على تقييم عالي لعقاره فيضمن حصوله على القرض!هذا ما يقوم به البيزنس العقاري وهو الممنون!الادهى ان هذه القروض والسلف يتم من خلالها خداع المواطن واغراقه بديون قد تدوم الى 15 عام تقيد بها حريته من جانب وليدفع فوائد طيلة سنوات نسبتها 58% من قيمة القرض،والخدعة تكون في اعلان نسبة الفائدة التي لا تزيد على 8%،وهي التي تغري المواطن والموظف لانها دون سقف 12% الذي يحرمه الشرع في الاقتراض كفائدة!المفارقة هي ان المواطن يدفع 8% سنويا فائدة لكل المبلغ الذي يقترضه اي اكثر من 60% فائدة يضطر المواطن لتسديدها!وهو استثمار خيالي للمصرف وسرقة للمواطن في وضح النهار باسم الفائدة القليلة 8% التي لا يذكر في العقد انها سنوية!

•   اختراق هيئة دعاوى الملكية
 
  وبالضد من قرارات واحكام هيئة دعاوى الملكية العقارية وبالتواطؤ مع بعض محاكم البداءة عمل البيزنس العقاري على اغتصاب عقارات المواطنين والاستيلاء عليها لصالح كبار المسؤولين الذين يرفضون التخلية،بل ويعيدون تسجيل الاملاك المعادة لأصحابها باسم وزارة المالية - دائرة عقارات الدولة بدل دائرة الاموال المجمدة او ديوان الرئاسة ابان عهد صدام حسين،وهذه الظاهرة تشهد عليها المنطقة الخضراء.ويؤدي البيزنس ايضا دور عصابات المافيا لتزوير ملكية عقارات الدولة والمواطنين وبيع الأملاك باستخدام وثائق بيع وشراء وادلة ثبوتية مزورة من دون علم اصاحب المنازل الشرعيين،وتتم معظم عمليات التزوير على املاك افراد لم يتمكنوا من المراجعة بسبب الظروف الامنية!كما ساوم هذا البيزنس اصحاب الاملاك الشرعيين على بيعها بثمن بخس وليس بسعر السوق السائد!واستحوذ بصفقات مربحة على عقارات تعود لاقارب صدام ولضباط كبار في الجيش السابق بالاماكن المميزة في بغداد وذات الاسعار المرتفعة كالمربع الرئاسي في الجادرية وفي المنصور والكاظمية وتحت مسميات دينية او تحت تأثير ساسة كبار!وقد تعرض بعض المسؤولين في الدوائر العقارية الحكومية الى التهديدات والمخاطر بسبب كشفهم الفساد والتزوير!وكل ما يتعلق بهذه الملفات نقل الى مكتب المالكي!وترأس احمد نوري المالكي نجل رئيس الحكومة منذ عام 2011 اللجنة الحكومية المكلفة بمتابعة هذا الملف!
   امن بيزنس العقار منح اراضي سكنية لموظفين من الدرجة الاولى في الرئاسات الثلاث،وذلك بحد ذاته كان قطرة في بحر التلاعب باملاك وعقارات الدولة!عقارات حكومية تم شراؤها بمبالغ لا تتجاوز 25 الف دينار كما هو الحال مع مديريات الأمن السابقة ومقرات الجيش الشعبي ومقرات الفرق والشعب والفروع والمكاتب التابعة لحزب البعث المنحل ومنشآت مطار المثنى وجامعة البكر،والتي تزيد مساحات بعضها على الف متر مربع في قلب مراكز المدن العراقية اصبحت الآن ملكا خاصا للأحزاب الطائفية والمتنفذة والحاكمة وفق مبايعات صورية مع وزارات المالية والبلديات والداخلية!وآليات تحويل املاك هذه العقارات غير قانونية اعتمدت على قرارات تصدر من السلطات العليا وبفعل ضغوط سياسية،مما يبين مدى تعاظم نفوذ بيزنس العقار والتلاعب بالاملاك الحكومية واملاك المواطنين!لقد استولى احد الاقطاب الطائفية على جامعة البكر التي تبلغ مساحتها 13 الف متر مربع بثمن بخس لاقامة جامعة خاصة لاغراض ربحية بغطاء ديني!
   تمكن بيزنس العقار من شمول كل من النواب ومستشاريهم والمدراء العامين في مجلس النواب بقروض من المصرف التجاري الحكومي،قيمتها 450 مليون دينار/النائب،وبفوائد نسبتها 9% قابلة للنقصان،ويعادل هذا الحجم من القروض ميزانية وزارة او ميزانية محافظة،ويعادل بناء 5425 دار يبنى عن طريق القروض العقارية البالغة 30 مليون دينار،والتي تمنح بشروط اصعب وبفوائد اكثر!ويتفنن البيزنس المذكور في صياغة اساليب مصادرة المنازل،ويتذرع بأن الاراضي هي للنفع العام،كما جرى الاستيلاء على اراضي بحجج واهية وزعت على الرعية والبلطجية!
   وتمكنت مافيا العقار ممثلة في البيزنس من اختراق هيئة دعاوى الملكية قبل وبعد تشريع القانون الجديد للهيئة رقم 13 لسنة 2010 لتنتهك حقوق الخزينة العامة،حيث كان هناك مغالاة في التعويضات التي اعطيت للاهالي عن العقارات التي صودرت في ظل النظام السابق والتأخر في دفعها!وكان جوهر القانون المذكور هو ابقاء الاملاك المغتصبة تحت تصرف المغتصبين وتحميل الضحية رغما عنها التعويض النقدي عن تحسينات واضافات،قام بها الغاصبون حسب رغباتهم،ولم تكن للضحايا اية ارادة فيها.ويهمل القانون الاندثار الذي حصل على العقار نتيجة استعمال الغاصب له والاستفادة منه بل ويكافئ الغاصب بأن يُدفع له قيمة العقار بسعر اليوم عند استعادته منه!
  
•   التداول بالعقار من الصفقات المربحة

    البطالة المقنعة في العراق تصل الى 60% والتضخم مرتفع بينما تصل نسبة الفوائد على القروض المصرفية الممنوحة الى الذين يريدون شراء البيوت الى 17%!ووفق بيانات البنك المركزي العراقي فقد ارتفعت اسعار الايجار خلال عام 2012 بنسبة 12.6%،واسعار صيانة وخدمات السكن بنسبة 3.9% بينما ارتفعت اسعار الوقود بنسبة 2% بسبب ارتفاع سعر النفط في السوق السوداء خلال فصل الشتاء!وكل هذه المؤشرات انعشت بيزنس العقار لتجعل التداول بالعقار من الصفقات المربحة بعد وصول الاسعار مديات جنونية!فاقت بها حتى اسعار العقارات في الغرب الرأسمالي!الا ان السوق العقارية في العاصمة العراقية تشهد حالة ركود غير مسبوقة مع انخفاض ضئيل بالاسعار بسبب التدهور الامني والتوترات الاهلية!
   وهذه هي حال سوق العقار في كردستان الذي يعاني من الكساد بسبب الظروف السياسية المتقلبة في البلاد والاجراءات التي تمنع المواطنين خارج الاقليم من الاستملاك في كردستان!ويمر تنفيذ المشاريع الاسكانية في كردستان العراق بعقبات مؤداها اختلاط المفاهيم والقيم وفوضى السوق المحلية،ولا يعرف الفرد تحديدا دوره بالضبط وتماسه مع هذه المشاريع الامر الذي اختلطت فيه الاوراق،ولا يفلح فيها سوى البيزنس العقاري من المقاولين الكبار الذين يحتكرون الاعمال الكبيرة ويتحكمون باسعار السوق،وعادة يكون هؤلاء تحت الخيم والعباءات الحزبية والعشائرية والاثنية اي الولاءات دون الوطنية.
   ورغم ان رؤوس الأموال والقروض الحكومية الاسكانية مثل قروض المائة ‏راتب"سلف الموظفين التي استثمرها اصحابها في شراء بيوت صغيرة او مشتملات"وسلفة مصرف الرشيد"اطلقها عبر النافذة الاسلامية وتتضمن اقراض المواطن مبلغ 200 مليون دينار"كانت المحرك الرئيس لسوق العقار الوطني الا انها توقفت بعد توزيعها على عدد محدود من الموظفين لتعلن وزارة المالية بعد ذلك اخلاء صناديق الاقراض من الاموال!‏وروتين وبيروقراطية المصرف العقاري وصندوق الاسكان متميزان في تقديم القروض الى موظفي الدولة فقط،ويفترض ان تشمل القروض شركات الاسكان العامة والاهلية من اجل تشييد مجمعات سكنية متكاملة بالاضافة الى الاقراض لتوسيع المساكن المشيدة او الاضافات او الترميم.
    تمنح اجازة بناء طابو فقط لمن يملك قطعة ارض بمساحة 200 متر مربع فما فوق ويمنح قرض عقاري قدره 30 مليون دينار!وهذا يعني حرمان عدد كبير من الاسر التي لا تملك وحدات سكنية من الاستفادة من قرض العقاري كونهم لا يستطيعون شراء ارض سكنية بمساحة 200 متر مربع لارتفاع اسعارها!

•   الرعاية الحكومية للاستثمار الاسكاني تضليل اعلامي

    كان الطابو يروج ما لا يقل عن 70 معاملة يوميا واليوم لا تكاد تصل الى ‏نحو 12 معاملة/اليوم مما اثر على عمل المعقبين والدلالين وغيرهم ممن يشتغلون في ‏سوق العقار.ويبدو ان الوضع الأمني يدفع بشكل متسارع باتجاه هجرة الاموال خارج العراق،وحديث الحكومة المركزية عن انشاء المجمعات السكنية الخاصة بموظفي الدولة ورعاية مشاريع المجمعات السكنية الاستثمارية منذ عام 2003 هو للاستهلاك المحلي والتضليل الاعلامي!انظر:مشروع المليون وحدة سكنية،مشروع معسكر الرشيد السكني،مشروع واحة العراق في الجنوب،مدينة البصرة الجديدة،مشروع بسماية،مشروع مدينة الثورة السكني!ورغم نفي الحكومة وقوى الاسلام السياسي المتنفذة لا تزال الرساميل الايرانية تعمل وتمول مشاريع استثمارية غير قليلة في العراق،خاصة في محافظات كربلاء والنجف والبصرة وبغداد!وهناك تجارة ومطاعم وفنادق ريعها يذهب لخدمة الجهد التعبوي الطائفي!
   المشاريع الاسكانية ضرورية لخلق التوازن في اسعار العقارات‏ وحاجة العراق تصل الى 3.5 مليون وحدة سكنية،ما يعني ان حجم العمل الذي شهده ‏العراق منذ 2003 حتى الان لا يشكل سوى 1 بالألف من الحاجة الفعلية!واذا اخذنا بنظر الاعتبار بالسكن المركب(سكن اكثر من عائلة في مسكن واحد)،والذي بلغ في العراق (2.2) اسرة لكل وحدة سكنية،وكذلك المساكن المتهالكة والآيلة للسقوط،فإن الأمر يستدعي بناء ضعف العدد المقدر!وينفق المواطن اليوم ما بين 60% – 70% من دخله الشهري على السكن والنقل!ويسكن 17% من مواطني بلادنا بطريقة عشوائية و21% في اراضي تابعة للحكومة و23% في دور سكنيةغير مؤهلة صحيا!ان ثلثي دور السكن تشكو من اختناقات سكانية،ويبلغ معدل الذين يسكنون في الغرفة الواحدة من خمسة اشخاص الى ثمانية.
    مالكو العقارات مستعدون لتحويل ابنيتهم واراضيهم الى البناء العمودي فيما لو سمح لهم ببيع الوحدات السكنية الجديدة بشكل منفرد ومفروز!اذ يعزف هؤلاء عن البناء بسبب عدم وجود جدوى اقتصادية من انشاء الوحدات السكنية لانهم غير قادرين على بيعها لاسترجاع رؤوس اموالهم وتحقيق الارباح!والتحول من التوسع الافقي الى البناء العمودي يزيد عدد الوحدات السكنية الحالية في العراق من 2.15 مليون وحدة سكنية حاليا حسب الامم المتحدة الى اكثر من 4 مليون وحدة سكنية خلال خمس سنوات،وهذا التوسع العمودي لا يتطلب بنى تحتية جديدة تكلف الدولة ميزانية هائلة كما في التوسع الافقي بل سيكون المطلوب تحسين وتوسيع هذه البنى والخدمات!والفرق شاسع بين كلفة التحسين والتوسيع وبين الانشاء الجديد الذي قد يصل الى عشرات الاضعاف!
   لا زال دور المجلس الاعلى للاسكان والهيئة العامة للاسكان والمركز الوطني للاستشارات الهندسية والمعمارية والمركز الوطني للمختبرات الانشائية وشركات الاسكان الحكومية معطلا!وهي تعاني من البطالة المقنعة وتغييب ثقافة العمل المؤسساتي وشروط المنافسة الحقة عبر التدريب والتأهيل المستمر للكوادر ونظم الحوافز المجزية والحقيقية.ونقابة المهندسين وجمعية المهندسين لا زال دورهما ايضا معطلا للمصادقة على التصاميم والمخططات للمباني والدور السكنية الجديدة اسوة بما يجري في دول الجوار والمنطقة واعتماد نظام الكوتة فيها لضبط مواصفات البناء ومتانته وجماليته وحفظ حقوق جميع الاطراف الداخلة في عملية الانشاء من مقاولين ومهندسين ومالكين!

•   مشاريع اسكانية في كردستان العراق
  
   في هذه الاجواء الملبدة بالغيوم واحتكار وعنجهية البيزنس العقاري تنعدم البيئة التمكينية المساعدة "Enabling Environment" التي توفر للمهندس ورجل الاعمال والمقاول والصناعي وعمال البناء ومالك العقار والهيئات الحكومية والمواطن الحد الادنى الممكن من فرص المشاركة في مشاريع الاسكان بفاعلية وتنافسية وفي السوقين المحلي والدولي،اي ان الجميع يكون قادرا على الحصول على الخدمات التي يمكن الاعتماد عليها وعلى المرافق الضرورية لاداء اعماله،كخدمات المعلوماتية،العمالة الماهرة،الخدمات المالية،الخبرة،مرافق التدريب،والنظم القانونية العادلة الكفؤة.وتتركز المشاريع الاسكانية الاستثمارية اليوم في محافظات كردستان واهمها:دهوك سيتي،دابين (2) ماسيك في دهوك،كلوبل سيتي والقرية اللبنانية في بحركة وهەرشەم سيتي وهيوا سيتي وفيوتشر سيتي وامباير وشاهان سيتي وناز سيتي ولاوان السكني في اربيل...الا ان كردستان العراق تفتقد مشاريع الوحدات السكنية ذات الكلف الواطئة ومشاريع السكن الشبابية الامر الذي اوجد الحاجة الملحة لاستراتيجية سكنية تأخذ على عاتقها دراسة الازمة واسبابها واعتماد حلول واقعية باتجاه الانفتاح الحكومي والتعاوني معا لبناء منازل بكلف منخفضة تتناسب وامكانيات ذوي الدخول المحدودة،الى جانب الزام الشركات العقارية الاجنبية والوطنية المالكة للعقارات التي ستبنى مستقبلا ببيعها فقط للعراقيين من ذوي الدخل المحدود وبأسعار متهاودة بحيث نسبة الارباح لا تتعدى 10% من قيمة التكلفة،وخلاف ذلك يعني الاستيلاء عليها من قبل ابناء الخليج وايران وطبقة المليارديرية من العراقيين الذين ظهروا في غفلة من الزمن!ونشر ظاهرة "تسقيع" العقارات اي الاقبال على شراء الشقق والدور السكنية في الاماكن الراقية وتركها فترة ثم عرضها للبيع بضعف سعرها!
    تتواجد في بلادنا اليوم آلاف المكاتب والشركات للمقاولات والتسويق العقاري،معظمها شركات صغيرة فيها مقاول واحد على الاكثر،اما المهندسون والعمال فيوظفون عندما تحصل الشركة على عقد ويسرّحون عندما يستكمل العمل على ذلك العقد.ولا تستطيع هذه الشركات الحصول على القدرات التكنولوجية وتطويرها،كما انها لا تستثمر في التدريب والتطوير المهني لموظفيها،وليس لديها فرص للاستثمار في المعدات التي يمكن استخدامها بشكل مفيد في تحسين انتاجية العمال والشركة!يستثنى من ذلك الشركات الكبيرة كالمعمورة للاستثمارات العقارية  SMRI،الامين للاستثمارات العقارية AMECO/رئيس مجلس الادارة هشام اسماعيل شريف وهي صاحبة شركة الحمراء للاستثمارات العقارية في الاردن،النخبة للمقاولات  SNUC.. وجميعها شركات فاعلة في سوق الاوراق المالية!بالمقابل تنشط شركات عقارية غير قليلة في كردستان لاقامة المشاريع الاسكانية واهمها: مجموعة شركات العادل المتحدة AUC - رئيس مجلس الادارة رشدي سعيد الجاف والمشرف العام الشيخ عبد القادر الطالباني،مجموعة ئاريؤ للبناء المحدودة – لانه سيتي في اربيل قرب ماجدي مول بجانب مشروع (ده شتي به هه شت) وخلف مشروع(ذيان سيتي)،المنزل البغدادي لاوان،المتحدة للعقارات،باب العقارات،ارض الامل للعقارات،النهوض للعقارات،الباصو للتجارة العامة والاستثمارات العقارية والصناعية...ومن الطبيعي عندما تكون المواصفات ضبابية وعائمة وغير محددة بشكل جيد وعندما يغيب التخطيط يكون من السهل التلاعب بالكميات والمواصفات،ليتهيأ للفساد بكافة اشكاله جوا خصبا للنمو والتوسع!
   ورغم الانخفاض النسبي بأسعار العقارات اثر تطبيق اجراءات الاقامة والكفالة التي وضعتها الحكومة الاقليمية لتقييد عملية توافد النازحين اليها من المحافظات الاخرى وتحسبا من تسلل الارهابيين الا ان الاسعار بقيت مع ذلك فوق طاقة الكثير من المواطنين مما تسبب في الانكماش العقاري ما قلص اعداد النازحين وهم اكثرية المتعاملين في سوق العقارات!واتخذت المئات من الشركات العربية والاجنبية والعراقية من المحافظات الاخرى مكاتب لها في المدن الكردستانية بحثا عن الاستثمار في الاقليم،ومنها الشركات والمكاتب العقارية!وتنتشر العشرات من مكاتب الشركات والمجموعات العقارية والتجارية في عينكاوة ذات الغالبية المسيحية وهو ما تسبب بحدوث قفزات هائلة في ايجارات الدور.ولا يمكن ان ترقى اية منطقة في اربيل بالسعر الى منطقة عينكاوة وهي اسعار خيالية لمعظم ذوي الدخل البسيط ولا حتى المتوسط به،وتجاوزت الاسعار في عينكاوة حتى مثيلاتها في لندن مدينة الضباب ولا تنافسها في السعر المرتفع الا اجزاء من مدينة اربيل ظهرت للعمران مؤخرا حيث يسكنها بعض الاثرياء وكبار موظفي الحكومة والمسؤولين الحزبيين،والاراضي السكنية والتجارية والزراعية في كربلاء والنجف بسبب ازدياد  نشاط السياحة الدينية واعتبارها مراكز قرار سياسي وديني والمنطقة الخضراء في العاصمة العراقية.والنشاط الاساسي في سوق العقار الكردستاني هو التأجير الذي انخفضت اسعاره بعد انخفاض الطلب عليه من الوافدين من محافظات اخرى.
   يعاني اللاجئون السوريون المهجرون من بيوتهم داخل بلادهم من قساوة الوضع الراهن الذي عصف بهم بلا رحمة بعدما اجبروا على ترك اماكن سكناهم ومن العوز والفاقة والبطالة والمرض وتشرد الأطفال وضياع فرص التعليم وضعف في اللغة الام ومن الاحباطات النفسية والصحية،ويستغل بعضهم واقع التهجير القسري لاغراض الفائدة المالية عن طريق استثمار معاناة الآخرين لينشط الدلالون في المتاجرة والمضاربة!ان تدفق النازحين السوريين ومواصلة العائلات المسيحية الهجرة الى كردستان العراق واستمرار النزاعات العرقية والعنف في كركوك وديالى والموصل ادى الى ارتفاع ايجارات المنازل في اربيل ودهوك والسليمانية!يذكر ان المسيحيين تعرضوا في بغداد والموصل الى سلسلة من المظالم بالعمليات الارهابية وانتزاع الملكيات الخاصة من عقارات بالقوة والاكراه وبأسم الاسلام المتطرف وكانت السبب الرئيسي لدفع الآلاف الى الانتقال الكامل والهجرة الى كردستان العراق!ولعب بيزنس العقار ومتنفذون في الحكومة العراقية دورا خطيرا من اجل الاستيلاء على عقارات المسيحيين بكل الوسائل المتوفرة وبكلفة زهيدة جدا رغم وجود مادة في الدستور تمنع انتقال الاراضي اذا كان ذلك يتسبب بتغيير ديموغرافي!

بغداد
1/12/2013

25
  
الذكرى السنوية التاسعة لرحيل ابراهيم كبة

سلام كبة
  
   تمر هذه الايام ذكرى الرحيل الصامت للدكتور ابراهيم كبة ففي يوم 26/10/2004 غاب عنا ولأجل غير مسمى بعد ان اقعده تعب السنين وارهقته الضغوطات الشمولية واستفزازات الجهلة والامية!وكعادتنا ننتهز هذه الفرصة للمرور على بعض من مواقفه وآراء محبيه!
  
•   تصريح الدكتور ابراهيم كبة (حول الانقلاب العسكري الجديد في الجزائر ومسؤوليات الدول العربية) .. نقلا عن صحيفة (صوت الاحرار) العدد 685 تاريخ 25/4/1961...
   "..الانقلاب الفاشي الجديد،كسائر التحولات والانقلابات الحكومية التي جرت في فرنسا والجزائر منذ بداية الثورة الجزائرية حتى الآن،وقد بلغ عددها التسعة،انما تعكس بصورة مباشرة حقيقية ان القضية الجزائرية اصبحت منذ انفجار الثورة اواخر عام 1954،وعلى الاخص منذ الانقلاب الديغولي الفاشي في ايار 1958 قضية الساعة في مجموع السياسة الفرنسية،القضية الملتهبة الاولى التي تدور حولها وترتبط بها جميع القضايا الحيوية الملحة الاخرى للشعب الفرنسي،وفي مقدمتها قضية مستقبل الديمقراطية،بل مستقبل النظام الاجتماعي بكامله في فرنسا.
  ان الثورة الجزائرية فضلا عن كونها اهم معركة قومية في تاريخ العرب وكونها تشكل اهم قطاع ثوري في حركة التحرر الكولونيالية ومساهمتها الجدية في زعزعة اسس الجبهة الاستعمارية العالمية بتأزيمها للتناقضات الموضوعية داخل الجبهة المذكورة،ادت ولا تزال تؤدي الى نتائج بالغة الخطورة في تطور السياسة الفرنسية،فزعزعت اركان الامبريالية الفرنسية ودفعت بالبورجوازية الاحتكارية الفرنسية الى احضان الفاشية من جهة واحضان الامبريالية الاميركية والالمانية من جهة اخرى،ودكت الاشكال التقليدية للديمقراطية البورجوازية البرلمانية واطاحت بالجمهورية الرابعة ودستور 1946 التقدمي،ووضعت اشد عناصر الاوليغارشيه المالية رجعية وتطرفا وبعض عملائها العسكريين مباشرة في الحكم عن طريق الحكم الفردي لديغول وعرت تمام التعرية خيانة الوسط الفرنسي وخاصة الاشتراكيين الديمقراطيين،وادت الى انفجار ازمة عنيفة داخل الحزب الاشتراكي تمخضت عن نشوء حزب اشتراكي جديد وتجمع يساري جديد.والاهم من كل ذلك ان الثورة الجزائرية اصبحت القوة المحركة الاولى في الوقت الحاضر لتقدم الجهود المثابرة في فرنسا نحو تأليف الجبهة الديمقراطية الموحدة المعادية للاحتكارات والتي يؤمل ان تلعب (الى جانب كفاح الشعب الجزائري البطل) الدور الحاسم في الاطاحة بالحكم الدكتاتوري الحالي وفرض السلام في الجزائر وتصفية الكولونيالية الفرنسية الى الابد.."  
          
•   كشف رئيس قسم الأرشيف بمكتبة الاسكندرية في مصر (خالد محمد عزب) النقاب عن ان المكتبة تحوي 12 الف وثيقة خاصة بالثورة الجزائرية بعضها يعد من النوادر التي قامت المكتبة بجمعها أثناء ثورة التحرير الجزائرية (1954 – 1962) من خلال بعض التسجيلات الصحفية واعتمادا على اشخاص ساندوا القضية الجزائرية.
   وقال عزب خلال محاضرة القاها يوم 14/12/2012 في اطار فعاليات الدورة ال17 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب وبمشاركة 600 دار نشر عربية واجنبية من بينها 108 دار نشر مصرية - ان مكتبة الإسكندرية تحتوى ايضا على 640 عنوانا يتعلق بالجزائر من بينهم كتاب "أضواء على القضية الجزائرية" للدكتور ابراهيم كبة،وهو من ابرز الكتاب العرب الذين تطرقوا الى الثورة الجزائرية وقد طبع الكتاب في العراق.وتطرق خالد عزب الى مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة" الذي تسعي مكتب الأسكندرية من خلالها أن تكون نموذجا ومصدرا مهما للبلدان العربية في استقاء المعلومات المتعلقة بالتاريخ!وتخلل المحاضرة عرض لبعض اللقطات لأفلام صورت ابان الثورة الجزائرية مأخوذة من الارشيف السمعي البصري للتلفزيون المصري وكذا بعض التسجيلات لفنانين مصريين ساندوا الثورة الجزائرية عن طريق الغناء امثال شادية وعبد الحليم حافظ..."

•   جاء في جريدة الجمهورية الحكومية العدد 103 بتاريخ 24/3/1964 ...
    "عقدت محكمة الثورة جلستها صباح 23/3/1964 بمقرها في معسكر الرشيد برئاسة الزعيم عبد الرحمن التكريتي وعضوية كل من الزعيم خالد رشيد الشيخلي والعقيد احمد محمود النعيمي وقد مثل الادعاء العام العسكري الملازم الاول الحقوقي راغب فخري.ووجهت هيأة المحكمة عدة اسئلة الى المتهم ابراهيم كبة وزير الاقتصاد في عهد قاسم المندثر،اجاب عنها على النحو التالي:
س – بتاريخ 16/9/1954 فصلت من الخدمة لمدة خمس سنوات .. اذكر ماهي اسباب هذا الفصل؟
ج – فصلت بسبب نشاطي في الوطنية ومقاومة حكومة نوري السعيد.وقد فصل عدد كبير من الاساتذة والطلاب كجزء من حركة التصفية للحركة الوطنية،وانا من جملتهم.وبعد ثورة 14 تموز الغي هذا القرار.
س – المذكرة التي قدمت من قبلكم في 23/2/1954 كانت موقعة من قبل عدد من الاساتذة والدكاترة.من هم هؤلاء وماهي مبادئهم وغاياتهم؟
ج – فيصل السامر والدكتور عبد الله البستاني والدكتورة روز خدوري وطلعت الشيباني والدكتور صلاح خالص وصفاء الحافظ .. ان فيصل السامر ديمقراطي والشيباني منتسب للحزب الديمقراطي اما الدكتورة روز خدوري فهي غير حزبية والدكتور صلاح خالص غير حزبي لكنه ديمقراطي والبستاني ديمقراطي ايضا اما صفاء الحافظ فاعتقد انه شيوعي.
س – اين فيصل السامر؟
ج – في الخارج ولا اعلم به وكان سفيرا وقنصلا وليس لدي معلومات عنه.
س – في عام 1954 وقعت مذكرة لشجب قرار الفصل ، اي الاحزاب كانت قائمة آنذاك؟
ج – لا توجد احزاب وكانت توجد احزاب سرية وكان الحزب الديمقراطي موجودا.
س – هل الذين وقعوا على المذكرة هم من حزب الاستقلال فقط؟
 ج – نحن اول دفعة وصارت دفعات من جميع الميول.
س – متى استوزرت في عهد عبد الكريم قاسم؟
ج – سنة 1958 في 14 تموز.
س – متى التحقت بمنصبك؟
ج – في يوم 16 تموز.
س – لماذا تأخرت عن ذلك؟
ج – كنا نجتمع في بيت كامل الجادرجي.
س – ماهي علاقة كامل الجادرجي بثورة 14 تموز؟
ج – كنا نمثل الجبهة الوطنية ونجتمع في بيت كامل الجادرجي باعتباره زعيم الجبهة الوطنية.
س – ممن شكلت الجبهة الوطنية ؟
ج - من الحزب الديمقراطي والاستقلال والشيوعي والبعث والمستقلين.
س – هل كانت الوزارة وطنية بعد 14 تموز؟
ج – في اول بيان عرفت بأن الوزارة تشكلت من الجبهة الوطنية باعتبار ان عدة احزاب قد اشتركت فيها.
س – تحدث عن وزراء ذلك العهد مثل الجومرد ومحمد حديد وشنشل ومصطفى علي وهديب الحاج حمود وجابر عمر وفؤاد الركابي وبابا علي وغيرهم.
ج – عبد الجبار الجومرد المعروف عنه قومي من المعارضين البارزين ولم يكن بالجبهة الوطنية وهو مستقل.
س – وصديق شنشل ما هو؟
ج – استقلالي.
س – ومصطفى علي؟
ج – مستقل.
س – وهديب الحاج حمود ما هو؟
ج – وطني ديمقراطي.
س – جابر عمر؟
ج – مستقل وقومي.
س – فؤاد الركابي؟
ج – بعثي.
س – وبابا علي؟
ج – مستقل.
س – ومحمد حديد؟
ج – وطني ديمقراطي.
س – والدكتور محمد صالح؟
ج – مستقل.
س - وانت ماذا تقول عن نفسك؟
ج – هذا كيفكم!
س – لماذا؟ما دخلنا نحن؟
ج - ديمقراطي مستقل.
س – يعني مثل مصطفى علي؟
ج – يمكن اكثر ديمقراطية منه!
س – من كان يجتمع في بيت كامل الجادرجي؟
ج – كنت اذهب الى بيتهم وارى كثيرا من الجماعة ومنهم صديق شنشل وفائق السامرائي وهديب الحاج حمود.
س – كم اجتماع حصل؟
ج – لا اذكر.
س – ان يوم الاثنين هو يوم ثورة 14 تموز وانت لم تلتحق يوم 15 تموز ايضا.اين كنت اذن؟
ج – كنت في البيت والتحقت في 16 تموز.
س – هل كان الجادرجي له تأثير على الوزراء؟
ج – كلا.
س – ما هي علاقته بعبد الكريم قاسم؟
ج – لا اعرف.
س – هل كان يتصل به؟
ج – لا اعرف.
س – ماهي علاقتك بعبد الكريم قاسم؟
ج – علاقتي به كوزير.
س – اني لا احاكم ابراهيم كبة وانما احاكم الوزير ابراهيم كبة…
ج – اشتركت بالوزارة على اساس انها حكومة ثورية وشغلت مناصب وزارات الاقتصاد والصناعة والنفط والاصلاح الزراعي والتجارة .. وتحت متابعتي 15 مديرية عامة ووضعت خطة للسياسة الاقتصادية وتغيير النظام الاقتصادي.
س – الاجتماع الذي عقد بعد 14 تموز ماذا جرى فيه؟
ج – اهم مشكلة كنا نفكر بها هي كسب ود المعسكر الاشتراكي وكسب ود الجمهورية العربية المتحدة واعتراف الامم المتحدة بالجمهورية الجديدة.وبناء على ذلك ارسل فعلا هاشم جواد الى الامم المتحدة وفائق السامرائي الى الجمهورية العربية المتحدة كسفير للعراق وكان من المقرر ان اذهب انا ايضا الى الاتحاد السوفييتي.

ثم القى المتهم ابراهيم كبة دفاعه بنفسه وكان مؤلفا من اكثر من 300 صفحة!..."
   ".. لقد دافع الدكتور ابراهيم كبة عن ثورة 14 تموز امام المحكمة العسكرية بنفسه في مرافعة كانت دراسة عن الاقتصاد العراقي في فترة ما بعد ثورة 14 تموز ووثيقة تاريخية فريدة من نوعها ، نشرت فيما بعد في كتاب اقتصادي وفكري ثمين بعنوان (هذا هو طريق   14 تموز - دفاع ابراهيم كبة امام محكمة الثورة ) عام 1969...وحول محاكمته الى محاكمة للبعث والقومجية والرجعية وبرامجها الاقتصادية الانتقائية النفعية ليسحب البساط من تحت جهل وغباء وحماقة المدعي العام وما وجهه من اتهامات اعتباطية...." كاتب الدراسة!

•   كتب الدكتور زهير عبد الجبار الدوري في صحيفة الزمان بتاريخ 27/7/2010 مقالة عن حركة الضباط الاحرار،ومما جاء فيها:
"..وكان هناك اتصال اخر بين خلية العقيد عبد الوهاب الامين عضو اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار وبين السيد محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال عن طربق العقيد شمس الدين عبد الله بسبب صلة القرابة بينهما،وقد بدأ هذا الاتصال منذ عام 1957،وخلال هذه الاتصالات تم ترشيح ابراهيم كبة كوزير للاقتصاد والسيد علي الحمامي وزيرا للصحة وذلك في نيسان 1958 وتم تسليم الترشيحات الى مسؤول الخلية عبد الوهاب الامين.."

•   في(وزراء ثورة 14 تموز 1958 يتحدثون:هكــذا تشكلـت حكومـة تمـوز الأولى)يكتب هادي حسن العلوي في 30/8/2012 في (الكاردينيا):    
"...السرية والمفاجأة والمباغتة كانت اهم ما استخدمه قائد الثورة الزعيم الركن عبدالكريم قاسم وزميله العقيد الركن عبدالسلام محمد عارف والعقيد الركن عبداللطيف الدراجي،فلم يبلغوا سوى عدد لا يتجاوز اصابع اليد في موعد تنفيذ الثورة،وهكذا سمع اعضاء اللجنة العليا للضباط الاحرار بالثورة من الراديو،وهو الاسلوب نفسه الذي استخدم في التعيين للمناصب الرفيعة سواء مجلس السيادة او مجلس الوزراء، فحتى ناجي طالب نائب رئيس اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار سمع بتعيينه وزيراً من الراديو صبيحة يوم الثورة (14 تموز 1958)،واكد لي (انا كاتب المقالة) في لقاء معه ان عبدالكريم قاسم وعبد السلام عارف انفردا في تشكيل وزارة الثورة الاولى ...
    حتى ان بعض الوزراء لايعرف احدهم الاخر،ويبرر طالب هذا الاسلوب،بالخوف من انكشاف امر الثورة للسلطة وبالتالي اجهاضها!!واضاف طالب قائلا:
(هناك شخصيات سياسية معروفة ولها وزنها على الساحة،اختار منها قاسم وعارف الوزارة).
   ....والواقع انه كان لعبد الكريم قاسم علاقات ببعض احزاب المعارضة الوطنية المنضوية تحت راية جبهة الاتحاد الوطني،فكان لعبدالكريم قاسم اتصالات منذ العام 1956 بالحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي وحتى حزب الاستقلال عن طريق صديقيه (رشيد مطلك وكمال عمر نظمي)،الاول عينه قاسم مديراً للسياحة بعد الثورة،فيما كان الثاني ممثلاً عن الحزب الشيوعي في جبهة الاتحاد الوطني،فقد طلب الزعيم قاسم من الحزب الشيوعي رسم التدابير الخاصة بالشؤون الاقتصادية باعتبار ان هذا الموضوع (خارج اختصاص العسكر)،لكن عند قيام الثورة واعلان التشكيل الوزاري للثورة لم يكن لهذا الحزب وزير فيها،فهل كان تعيين الماركسي المعروف ابراهيم كبة والقريب من الشيوعيين كافياً لرسم السياسة الاقتصادية للبلاد؟،ويقال ان قيادة الثورة لم تشرك الحزب الشيوعي في الحكم، بداية الثورة،خشية من اتهام الثورة من قبل الدول الغربية ودول حلف بغداد بأن الثورة شيوعية،وبالتالي التدخل لاجهاضها.
    وخلال تحضيري لرسالتي للماجستير العام 1975 قال لي كمال عمر نظمي انه التقى عبدالكريم قاسم يوم الخميس 10 تموز 1958 وطلب منه عبدالكريم قاسم ابلاغ الحزب الشيوعي بموعد الثورة وطلب من الحزب دعم الثورة خاصة في الساعات والايام الاولى للثورة وهو ما تحقق له.وذكر لي الدكتور ابراهيم كبة عندما التقيته العام 1967 بانه سمع بتعيينه وزيراً للاقتصاد من الراديو صبيحة يوم الثورة،وانه التحق بمنصبه في اليوم التالي.
.....ويذكر عبداللطيف الدراجي ان قائمة اسماء الوزارة الاولى كانت تضم فائق السامرائي (احد قياديي حزب الاستقلال) وزيراً للداخلية،وكامل الجادرجي (رئيس الحزب الوطني الديمقراطي) وزيرا للاقتصاد،وقد فوتح الاخير بذلك فعلا في 11 تموز لكنه اعتذر،فاقترح عبداللطيف الدراجي ترشيح ابراهيم كبة بدلا عنه...بينما هناك معلومات تشير الى ان ابراهيم كبة كان مرشحا لوزارة الاقتصاد منذ نيسان 1958 من خلال الاتصالات بين العقيد الركن عبدالوهاب الامين (احد اعضاء اللجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار) ومحمد مهدي كبة زعيم حزب الاستقلال..."

•   كتبت الدكتورة سلام سميسم في (كيف تصبح خبيرا اقتصاديا بستة ايام بدون معلم؟؟؟؟) التالي:
   "...ان الفروسية ليست في امتطاء الخيول والهجوم على العزل والمدنيين ولكن الفروسية في من يتقلد سيف الحق فيشهره في وجه الظلم والطاغوت.وعند هذه النقطة بالذات يقتضي واجب الوفاء ان نذكر استاذ العراق العظيم ومفكره الاقتصادي وبكل فخر وانحني اجلالا الى استاذنا الكبير ابراهيم كبة رحمه الله وطيب ثراه ، هذا العالم الجليل الذي قاد مواجهة فكرية عاصفة ضد الطاغوت في ندوات مايسمى بمناقشات سبل رفع الانتاجية وظهور شعارات " القائد" الذي بدأ يرسم خطوط ملامح صورته كديكتاتور اوحد يحكم كل شيء واولها الفكر والمفكرين.
    ان مما تجدر الاشارة اليه والتأكيد عليه ان المفكرين عادة ما يشكلون مجسات التنبؤ لمجتمعاتهم وتقديرهم لحجم وشكل الخطر القادم ، ومن هنا نرى الامم المتقدمة تلك التي تستعين بالمفكرين والحكماء ليكونوا دليلا لعمليات صنع القرار ولاسيما تلك التي تتعلق بمصير ومستقبل ابناء ذلك البلد او مصير هذه الامة.وعودا على بدء فان مجس التنبؤ بخطر الاجتياح القادم والمملوء شراسة ودموية هو الذي قاد مفكرنا الراحل الى موقف التصدي الذي سأورده ادناه ، اذ ان اعمال ندوات من هذا القبيل كانت قبل احداث مفصلية في الحياة السياسية كانفصال الجبهة انذاك الا ان تحسس عقل وهاجس مفكر عظيم كاستاذنا الراحل ابراهيم كبة كان قد بدأ باطلاق استنفار العقل العراقي ودق جرس الانذار لامة غلب عليها هموم الاستمتاع بارتفاع الدخول جراء الطفرة النفطية المفاجئة وصعود مستويات المعيشة والانشغال بانماط الاستهلاك الجديد الذي اغرق السوق ببضائع الاسواق المركزية واسعارها المشجعة واستنفاذ عقل وصبر طوابير ابناء الشعب في حلم الحصول على اناء كرستالي او خزفي ..... في ذلك الوقت عندما وقف ابراهيم كبة وسطر موقفه في فروسية سابقة لعصرها واوانها وشجاعة قلما تجد نظيرا لها في اوقات شح الفروسية والرجولة ، فكانت صرخته التي تحدت شعار الطاغية : من لاينتج لايأكل !!!!! فوقف متسائلا : امهاتنا العجائز من يطعمهن ؟؟؟ ام نرمي بهن الى الشوارع وارصفتها لانهن لاينتجن ؟؟؟؟ !!!!!
   كانت هذه الصرخة وكان ان وقف معه جمع من اساتذة الاقتصاد ممن طرد فيما بعد من قسم الاقتصاد!واخرج ابراهيم كبة من الوظيفة باحالة على التقاعد تماثل الفصل ، في وقت عد ذلك مكرمة لانه لم يقتل او يغيب .... تصوروا !!!! هكذا هي الامور وبعد استباحة حرية الفكر وقدسية العلم انفتح الطريق وأعطي الضوء الاخضر لزبانية النظام وذيوله للتحرك بكل حرية في الجامعات ، فرسالة المفكر التي اخافت الطاغوت لم يدركها العامة لقد استباحوكم انتم وعقولكم وواقعكم ومستقبلكم لمجرد تفرجكم على هذه المهزلة الفكرية ....."

•   كتب امير الحلو في (العملة الرديئة والعملة الجيدة) بتاريخ 4/12/2012 التالي:
"..قد تنطبق بعض القوانين والاعراف الاقتصادية على مجالات اخرى كالسياسة والاجتماع والعلاقات العامة، ولكن المهم أن يفهم الطرف الآخر معنى اعتماد الكاتب على قانون اقتصادي معين ليعكس رأيه في جوانب اخرى على طريقة (اياك اعني فاسمعي يا جارة)، وقد ذكرني ذلك بحادثة وقعت خلال دراستي الجامعية للاقتصاد عام 1960 وكان من ابرز اساتذتنا المرحوم ابراهيم كبة الذي كان يمثل مدرسة في الفكر الاشتراكي، فقد كان يدرسنا مواد النفط والاقتصاد الزراعي وتأريخ المذاهب الاقتصادية، وكنت اتلقف ما يقوله في المحاضرة غير المكتوبة فأكتب كل شيء واجعله مرجعاً لي حتى في خضم السياسة.
   في احدى محاضراته تحدث عن حقيقة ان العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق وشرح اسباب ذلك، ولكن احد الطلبة اعترض بقوله أنه غير مقتنع بذلك فلا يستطيع الرديء ان يطرد الجيد خصوصاً في العملة والاقتصاد، فقام الاستاذ باعادة الشرح مستعيناً بالامثلة الواقعية، وفي النهاية لم يقتنع الطالب ايضاً واصر على رأيه (اصرارا)، فقال له الاستاذ: يا فلان ان ما أقوله لك حقيقة اقتصادية ثابتة وهناك أمثلة واقعية على صحتها، فأذا جاءت في اسئلة الامتحان فاكتب كما قلت لك لتحصل على درجة النجاح، فأقتنع الطالب بالعقوبة المقبلة اكثر من النظرية ذاتها.
   لا اريد الخوض هنا في هذه النظرية الاقتصادية ولكني اجد انها تصلح للحديث عن الكثير من الاوضاع السياسية السائدة في الكثير من (المناطق الساخنة) حيث نرى ان الكثير من الساسة وحتى القادة هم من نوع العملة الرديئة، في حين ان الشعب وقواه الوطنية الديمقراطية هم العملة الجيدة التي تستحق أن تبقى علامة للقوة والمعرفة، سواء كان المقصود الدينار او الدولار او اليورو او الين الياباني، فالمهم في عالم السياسة والاقتصاد معاً أن تكون مقاليد الأمور بيد قادة يحترمون شعوبهم ويخضعون لارادتهم، لا ان يكونوا سيوفاً مسلطة عليهم..."

•   في 15/10/2012 كتب موسى فرج في (قصة الفساد في العراق...صفحات من كتاب تحت الطبع) التالي:
"...من حيث الرؤية: حقبة ما قبل عام 1958 كان التوجه الاقتصادي معروفا فهو اقتصاد سوق ذو طبيعة اقطاعية .. بعد عام 1958 كان التوجه العام في الفكر والممارسة الاقتصادية تنحُ باتجاه الاقتصاد الاشتراكي .. اليوم .. الاقتصاد العراقي عديم اللون والطعم والرائحة لا رؤية ولا نمط ولا استراتيجية ، اسألوا رئيس الجمهورية واسألوا رئيس الحكومة ان تمكن اي منهما ان يحدد بالضبط ووفق شواهد ملموسة فيما اذا كان الاقتصاد العراقي اقتصاد اشتراكي او اقتصاد سوق... لكم عندي عزومة مسموطه ريحتها يشمها المستطرق في رابع شارع .. اقتصاد العراق اقتصاد ريعي يعتمد على صادرات النفط فقط وان انفجر لغم بحري في الخليج الذي مازال اسمه غير متفق عليه البعض يسميه فارسي والآخر يسميه عربي تحل المصيبة بالاقتصاد العراقي .. .
   من حيث الاشراف كان يتولى الاشراف على المشاريع تخطيطا وتنفيذا مجلس الأعمار- هذا في الحقبة التي سبقت عام 1958، وفي حقبة حكومة عبد الكريم قاسم كانت للاقتصاد العراقي خطة ويديره افذاذاً مثل ابراهيم كبة ومحمد سلمان حسن فأنتجت تلك الحقبة التي لم تزد عن الأربع سنوات تحولات جذرية في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق معالمها ماثلة حتى الساعة.. اما الذين يقودون اقتصادكم اليوم فوداعتكم آنا في احد الأيام كنت في زيارة عمل لأحدهم وكنت في حديث بشأن أمر ما فقال: دعني استخير ..! قلت له : ياويلتي ..تستخير..؟ ثكلتك أمك لو كنت اجلس محلك لأصدرت قرارات بقوة قرارات مجلس الأمن..وذاك ليس غمزا لقناة صاحبي لأن الذين غيره ليسوا أفضل حالا .. وسبق لي ان ناديت لتأسيس مجلس اقتصادي اعلى من خبراء لا يخضعون لسطوة المقربين من رئاسة الحكومة (فيستبدلون المصفوفات وجداول المستخدم المنتج بالاستخارة ..) يضعون استراتيجية اقتصادية اجتماعية لتعظيم الافادة من الامكانات الهائلة للاقتصاد العراقي وتحقيق النهوض في كل الميادين .. ".

•   في 21/10/2012 كتب موسى فرج في (قضية البنك المركزي ... واحباط جهود مكافحة الفساد في العراق) التالي:
".. بعد نجاح واستقرار حكومة ثورة 14 تموز عام 1958 في العراق عمدت حكومة عبد الكريم قاسم الى تحرير الدينار العراقي من كتلة الاسترليني ، لكنه وضع على رأس الاقتصاد العراقي ابراهيم كبة وزملاءه فعمد هذا الى خطة محنكة لتجنيب الدينار العراقي السقم الذي رافق الجنيه المصري في اعقاب الثورة المصرية عام 1952 واستمر لغاية هذا اليوم ، الخطة التي اعتمدها ابراهيم كبة هي :
انه طلب من شركات النفط الأجنبية والتي كانت تسيطر على النفط العراقي يوم ذاك بأن تسدد قيمة عائدات النفط للحكومة العراقية بالدينار العراقي!ووسط سخريتهم من مضمون الطلب باعتبار أن العملة العراقية ضعيفة والشائع ان تطلب الحكومات عوائدها بالعملات القوية فقد سددت الشركات تلك العوائد بالدينار العراقي،وفي الشهر الثاني طلب نفس الطلب من الشركات فواجهت الشركات شحة بالدينار العراقي وصعوبة في جمعه لكنها جمعت الموجود منه في البنوك الأجنبية،وفي الشهر الثالث كرر نفس الطلب فكانت الشركات الأجنبية تبحث عن الدينار العراقي في مصارف وخزائن العالم حتى استنفذته .. في الشهر الرابع وبعد ان جمع كل الدنانير العراقية من بنوك العالم وصارت تحت تصرفه فاجأ الشركات الأجنبية بان طلب منهم تسديد عوائد النفط بالعملات الأجنبية ولم يطلبها بالدينار العراقي...
   نتائج تلك الخطة ان الدينار العراقي بات في طليعة العملات القوية في العالم .. فكان سعر الصرف للدينار العراقي هو : دينار عراقي مقابل 3.333 دولار امريكي .. بمعنى ان العراقي يدفع 100 دينار عراقي فيحصل مقابلها على 333 دولار امريكي.. واستمر هذا الحال الى منتصف الثمانينات فكان العراقي يجوب الجزء الشرقي من أوربا بمئة دينار .. حتى ان عقد السبعينات شهد حركة سفر سياحية من قبل العراقيين خصوصا الى بلغاريا ورومانيا وقبرص.."

•   في " اسماء تعرفها بغداد: (صبابيغ الآل) من اقدم محلات رصافة بغداد" كتب رفعت مرهون الصفار التالي:
" لقد شارك العراقيون في الحياة السياسية قبل قيام الحكم الوطني، اذ انتمى البعض منهم الى الأحزاب والجمعيات التي كانت موجودة آنذاك، من اجل التخلص من الحكم العثماني وجبروته، ففي عام 1908 أسست جمعية الشبيبة وكان من مؤسسيها (صادق البصام، وجعفر حمندي، وصادف حبه، وصادق الشهربللي وذيبان الغبان، وكاظم الشماع ومحمد الشماع، وانتمى جعفر أبو التمن الى جمعية حرس الاستقلال عام 1919 واصبح امين سرها عام 1920.. وفي ثور ة العشرين ساهم أهالي محلة صبابيغ الآل بشكل أو بآخر وبمختلف الاساليب المتاحة وكانت وجوه المشاهمة تتجلى في تحدي السلطة بكل ثقل وإصرار. وبعد تأسيس الدولة العراقية 1921، نشأت أحزاب وطنية وقومية فقد أسس حزب النهضة/1921 وكان من مؤسسيه (محمد أمين الچرچفچي وعبد الرسول كبة ومحمد حسن كبة وعبد الرزاق الأزري ومهدي البير وذيبان الغبان وحسن علاوي وعبد الغني كبة وجعفر أبو والتمن من مؤسسي الحزب الوطني. وفضلاً عن هؤلاء كان لهذه المجموعة دور رائد ومشرف في إذكاء الروح الوطنية منهم:( محمد كبه وعلي البازركان، وجميل كبة وابراهيم كبة وعواد علي النجم، ورؤوف الشهربللي وتوفيق علاوي وعبد الأمير السعدي وعباس مهدي، وعبد المجيد علاوي، وعبد الغني كبة وعبد المجيد محمود، وعبد الأمير علاوي ويوسف غنيمة ورزوق شماس  ويوسف عمانؤيل.. ولا بأس ان اذكر ان محلة صبابيغ الآل قدمت خيرة شبابها اثناء (السفر برلك) واستشهد اغلبهم في بحيرة وان(روسيا) ومنهم خالي سليم ولم يسلم منهم الاّ القليل . وفي ثورة 1941 قدمت المحلة الشهداء من ابنائها منهم على سبيل المثال: م. أول طيار مصطفى حسن زلزلة وم. أول طيار ناجي الزنبوري وعباس علي الگط وغيرهم.."

•   كتب عزيز الدفاعي في "البنك المركزي العراقي :( اقتصاد الكازينو) ... سراب التنمية !!" التالي:
"..لا اغالي اذ قلت ان جامعتي بغداد والمستنصرية كانتا محفلا علميا لنخبة من كبار العلماء في الاقتصاد وغيره من الاختصاصات!وكان بعضهم  معروفا على النطاق العالمي والعربي ايضا .... وهؤلاء الاكاديميون الرواد الذين انتقل الكثيرون منهم الى جوار ربه كانت لهم معاناة مريرة مع الحكومات المتعاقبة في العراق  ولم ينصفهم سوى طلبتهم والمقربين منهم وبعض زملاءهم .... خاصة من  شغلوا منهم مواقع وزارية وحكومية مرموقة.. وفي مقدمتهم البروفيسور والعالم الكبير المرحوم ابراهيم كبة وزير التجارة في حكومة عبد الكريم قاسم والذي شغل ايضا بالوكالة وزارات اخرى مثل النفط والزراعة حيث اسهم في كل قراراتها الاقتصادية الهامة في مجالات النفط والتخطيط والاتفاقيات الثنائية والدولية وخاصة قانون رقم 80  المتعلق بالنفط الذي ساهم في زيادة عوائد العراق النفطية وقانون رقم 30 لسنة 1958 قانون الاصلاح الزراعي والذي دافع لاحقا عن الاخطاء التي نجمت عن تطبيقه.ويعد عالمنا الفاضل بفخر مفكرا اقتصاديا أجاد دون غيره ست لغات عالمية واغنى بدراساته الفكر الاقتصادي الاشتراكي ويعد  مفخرة للعراق والعرب وفيلسوفا و مدرسة نضالية تقدمية نهل الآلاف من علمه الغزير. وقد اثأر اندهاشنا ونحن طلبة حينما ارجع اصل نظرية القيمة لابن خلدون قبل كارل ماركس.
    ولعل راحلنا العبقري الذي دافع عن منجزات 14 من تموز وهو في زنزانته بعد انقلاب شبط 1963 هو اول من نصح قادة انقلاب 17 تموز 1968 في رسالته التي بعث بها الى   صحيفة التآخي .. بعنوان (نصيحة للحكام الجدد - من اجل حل سلمي لأزمة الحكم في العراق) والتي ترددت في نشرها نصح البعثيين لإطلاق الحريات الديمقراطية وعلى رأسها حرية النشاط الحزبي للقوى السياسية الفعالة في المجتمع ، والتخلي عن مفهوم الحزب الواحد او القائد ، وترك مقوله الوصاية على الجماهير!وهي وصايا مبكرة لازالت حاضرة اليوم بقوه كأنها كتبت هذه السنوات!!!!وقد احيل عالمنا الجليل على التقاعد عام 1977 حيث حرم  ابناء العراق من عبقريته الفذة وعلمه الغزير..واظن انه ظاهرة فكرية سيمر زمان طويل قبل ان تتكرر.."

•   جاء في موسوعة (علماء الاقتصاد في العراق) وموسوعة (الويكيبيديا – Wikipedia) العالمية عن الدكتور ابراهيم كبة السيرة الذاتية التالية:
 ".. الدكتور ابراهيم عطوف كبة مفكر اقتصادي،ولد في مدينة النجف عام 1919،وترعرع في بيئة وطنية دينية،تتلمذ على يد خاله الشيخ محمد مهدي كبة الذي لعب دورا مهما في تاريخ العراق الحديث.ومنذ سنوات شبابه الأولى تشرب ابراهيم كبة بالحس الوطني وتأثر بأفكار جعفر أبو التمن والحزب الوطني قبل سفره خارج العراق،حيث درس دراسته الأولية والعليا في جامعات مصر وفرنسا،وبعد عودته الى العراق عام 1952 عمل في جامعة بغداد،وقد ناهضته السلطة الملكية وطاردته في العمل والسكن،واثناء ذلك ساهم كبة في صياغة ميثاق جبهة الاتحاد الوطني سنة 1957 وكان على صلة مباشرة بالحركة الديمقراطية العراقية.
  استوزر ابراهيم كبة في اول حكومة في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز عام 1958 حيث تولى وزارة الاقتصاد،كما تولى حقائب وزارية اخرى بالوكالة كوزارة النفط ووزارة الزراعة والاصلاح الزراعي.وفي هذه الفترة كان له الفضل في صدور قانون رقم (80) الذي نظم علاقة الدولة بعمل الشركات النفطية العالمية العاملة في العراق،حيث ساهم هذا القانون بزيادة حصة الحكومة من عوائد النفط ،الأمر الذي زاد من قدراتها على احداث تنمية فعالة آنذاك،كما كان له دور فاعل في صياغة قوانين الاصلاح الزراعي،وتحسين قطاع الزراعة.
  استقال كبة اواسط عام 1960 من وزارة عبد الكريم قاسم بسبب تردد السياسة القاسمية في حقل الحريات العامة وبناء أسس المجتمع المدني الحديث وتأخير تشريع الدستور الدائم . وبعد ذلك عاد كبة الى مزاولة عمله التدريسي بجامعة بغداد ، حيث حصل على درجة استاذ مساعد في عام 1962 ،اضافة الى مشاركته في حركة انصار السلام.
  وفي الثامن من شباط عام 1963 واثر الانقلاب البعثي اعتقل ابراهيم كبة وحكم عليه بالسجن لمدة عشرة سنوات مع الأشغال الشاقة ،غير ان الرئيس الأسبق عبد السلام عارف قد اصدر عفوا رئاسيا عنه في عام 1965 .وفي بداية العام الدراسي 1968 تمت اعادته الى جامعة بغداد بناءا على اعماله العلمية،وفي نفس العام قدم الى الترقية لدرجة الأستاذية،وبالرغم من تأييد القسم العلمي وعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية آنذاك غير ان لجنة الترقيات العلمية بجامعة بغداد رفضت الترقية بحجة عدم استكمال المدة القانونية،حيث اعتبرت فترة العزل السياسي خارج نطاق الخدمة الجامعية علما بأن ابراهيم كبة بعد ترقيته الى استاذ مساعد في عام 1962 قد الف عشرة مؤلفات علمية وكتب العشرات من البحوث والدراسات المعروفة وعقدت جامعة القاهرة ندوة علمية خاصة لتثمين احد مؤلفاته العلمية.وبالتالي فهو يستحق اكثر من لقب استاذ لو قدم ترقيته الى جامعة تحترم العلم والعلماء في ذلك الوقت.
   وبالرغم من مضايقة النظام الدكتاتوري البائد له غير انه استمر في عطائه العلمي،حيث كانت محاضراته في الاقتصاد السياسي وتاريخ الفكر والمذاهب الاقتصادية في جامعتي بغداد والمستنصرية تعد افضل زاد فكري لطلبة كلية الإدارة والاقتصاد في النصف الأول من عقد السبعينات من القرن الماضي،حتى احاله نظام البعث الى التقاعد في عام 1977 .ورغم ضغوط هذا النظام غير ان كبة بقي وفيا لمبادئه في الفكر المادي والاشتراكي العلمي والماركسي والديمقراطي حتى وافته المنية في السادس والعشرين من تشرين الاول عام 2004 تاركا لتلامذته ولجيل الاقتصاديين العراقيين الشباب تراثا علميا غنيا بالمؤلفات والترجمات المهمة،حيث كان كبة يجيد اللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية والروسية واليونانية والايطالية،ومن اهم هذه المؤلفات هي : ازمة الفكر الاقتصادي (1953) ، تشريع المكارثية(1954) ، الإقطاع في العراق (1957) ، انهيار نظرية الرأسمالية المخططة (1960) ، البراغماتية والفلسفة العلمية (1960) ، ماهي الامبريالية (1961) ، دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي (1970) ، الرأسمالية نظاما ( 1972) ، مشاكل الجدل في كتاب رأس المال لكارل ماركس (1979).كما نشر كبة العشرات من البحوث والمقالات العلمية في العديد من الدوريات العراقية والعربية منها الثقافة الجديدة ، مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية ، الاقتصاد ، مجلة الجامعة المستنصرية ، الاقتصادي ، الأقلام ، الثقافة ، المثقف العربي وغيرها من الدوريات.."

•   لطفي شفيق سعيد كتب من بوسطن في رسالة خاصة الى الكاتب بتاريخ 26/7/2013 ما يلي:
"...من انتهك وينتهك الشرف العسكري؟وتعقيبا على مقالة الاستاذ سلام ابراهيم كبة بالعنوان السابق والتي وصلتني على موقعي الالكتروني..اود ان اخاطب الاستاذ كبة:

          الاستاذ سلام ابراهيم كبة المحترم

    تحية ابعثها لك من عبق فترة مضى عليها ستون عاما يوم كانت للعسكرية العراقية شرف المهنة وحب الوطن/ ويوم كنا تلامذة في الكلية العسكرية الملكية،ويومها كان المرحوم والدك طيب الله ثراه الدكتور ابراهيم كبة محكوما بالتدريب القسري في الكلية العسكرية مع نخبة من خيرة اساتذة ومثقفي العراق في تلك الفترة ومنهم على ما اتذكر الدكتور فيصل جري السامر والدكتور طلعت الشيباني والشاعر عبد الوهاب البياتي وغيرهم .. وحينها كنا نحن واقصد نخبة وليس الكل نحلق بالقرب من (مجلس التنوير) الذي كانت تعقده مجموعة الوالد في حانوت الكلية بعد انتهاء فترة التدريب الصباحي لنستمع الى مايدور بينهم من احاديث سياسية وقفشات انتقادية للوضع!وقد كان محذور علينا ان نتحدث اليهم ونكتفي بما نستفيد مما نسمعه منهم!
   كانت مجموعة الوالد تتدرب في ساحة التدريب العنيف المجاورة لساحة تدريباتنا..وكنا نرصد حركاتهم..وللتاريخ اذكر ان الضابط الذي كان مسؤولا عن تدريبهم هو ضابط الفروسية الرئيس ودوود محمد بسيم وهو اخو الشهيد زكي محمد بسيم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الذي اعدم مع رفاقه عام 1949!ويمكنني القول بأن الضابط المذكور كان ودودا معهم ويبادلونه الاحترام..وظهر بعد ثورة 14 تموز بأنه احد اعضاء تنظيمات الضباط الاحرار قي الكلية العسكرية مع عدد آخر من الضباط .. لذلك كانت تلك النخبة وبضمنهم الوالد تؤدي مايصدر اليها من اوامر بشكل جيد وبشرف العسكرية ليس الا.
   لقد كنت اعرف الوالد قبل انتمائي الى الكلية العسكرية ومعرفتي به لم تكن شخصية بل عن طريق كتاباته وخاصة(كراس ما هي المكارثية) الذي كنت احتفظ به مع المجموعة المخفية باتقان من الكتب الممنوعة آنذاك.. وخاصة عن طلبة الكلية العسكرية ومنها كتاب كهان الهيكل لجورج حنا وديوان اباريق مهشمة لعبد الوهاب البياتي وغيرها.
  وعلى ذكر كراس المكارثية وهو القانون السيء الذي اصدره السناتور الامريكي مكارثي لمحاربة الفكر التقدمي واليساري.لقد اورد المرحوم الوالد مثالا شيقا حول المكارثية يمكن مطابقته مع اوضاع العراق الحالية وما يجري من قمع للافكار التقدمية والعلمانية من قبل زمر الفاشية الدينية!والمثل يقول ان مكارثي خرج يصطاد الوعول وصادف ان أرنبا كان يختبيء في جحره في ذلك اليوم فمر عليه واحد من جماعته فسأله عن سبب اختبائه فذكر له ان مكارثي يصطاد الوعول فرد عليه صاحبه وما دخلك أنت؟ فقال الأرنب عندما يمسك مكارثي بي كيف اثبت له انني ارنب؟وكان ذلك الرأي الذي طرحه والدك المرحوم في كراسه وفي كتبه الأخرى سببا في شموله بقانون مكارثي العراقي.
    لقد ذكرت كل هذه المعلومات التي اخنزنتها ذاكرتي العسكرية المشحونة بشرف المهنة والوطنية التي دفعنا ثمنها باهضا في وطن اصبح علينا عصيا وشيمتنا هو الصبر.
كتبت الكثير مما افرزته الذاكرة تجد منه في الاعداد الكاملة من جريدة 14 تموز ومنذ صدورها في عام 2004 ولغاية العدد الأخير الذي صدر بمناسبة مرور خمسة وخمسين عاما على ثورة 14 تموز العملاقة! كما يمكنك الأطلاع على ما نشر في الموقع الالكتروني لمركز النور بمجرد النقر على اسمي وبالذات فيما يخص الوالد في احدى حلقات ذكريات الماء والطوفان.
   لك مني وافر الاحترام والتقدير لكونك الأبن البار لأب نكن له كل الاحترام والتقدير لفكره المنير الذي انار طريق الحرية والديمقراطية للآخرين.

لطفي شفيق سعيد
بوسطن في 26 تموز 2013...."

•   في موقع "جماعة لا عنف" العراقية وفي تقريرعن بدايات تأسيس حركات السلم في العراق بتاريخ 19/9/2010 ورد التالي عن شخصيات لا تنسى في حركة انصار السلم العراقية:
"..قد لا يكون بامكان الساعي لقراءة وفهم تاريخ حركة السلم في العراق تغطية المساحة الزمنية التي برزت فيها سمات تكوينها منذ نهاية الاربعينيات من القرن المنصرم وبدأت كحركة مدنية جماهيرية سلمية منظمة اواسط الخمسينيات وامتدت حتى اواخر الستينيات من القرن نفسه،الا ان الحركة ومواقفها الانسانية والوطنية المحبة للسلام ودور الشخصيات التي ساهمت في تأسيسها مضحية بكل ما امتلكت من طاقات معنوية ومادية تستحق وبكل جدارة بذل اقصى الجهود لاعطاءها حقها وفي السياق التأريخي الحافل بالاحداث والحروب في ظل هيمنة القوى الاجنبية الاستعمارية التي طمعت في ثروات بلداننا الطبيعية والبشرية وذاقت شعوب المنطقة دون أي تمييز بينها الامرَين.ونستميح المتتبع عذراً سلفاً لو لم نتمكن من تغطية شاملة لما قدمته كل الشخصيات العظيمة التي لعبت دوراً حاسماً في نشوء و تأسيس حركة انصار السلم العراقية التي سجلت صفحات خالدة في مسيرة المجتمع العراقي السلمية.
   كان ابراهيم كبة من رواد حركة انصار السلم في العراق التي تأسست مطلع خمسينيات القرن العشرين وعقدت مؤتمرها الوطني الاول في 22،23 /7/ 1954 في بغداد في دار احمد جعفر الجلبي.واستوزر كبة في اول حكومة وطنية بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وخلال عمله كوزير عمل جاهداً في سبيل تطور البنى التحتية للاقتصاد العراقي وحقق نجاحات باهرة في هذا المجال حيث تم باشرافه ابرام  الاتفاقية العراقية- السوفيتية عام 1959 التي وضعت حجر الأساس للتطور الاقتصادي اللاحق ولتحويل الصناعة العراقية من مشاريع صغيرة متفرقة الى جيل متكامل من المشاريع الصناعية الثقيلة والمتوسطة والخفيفة لتتكون مشاريع صناعية ستراتيجية مثل معامل الاسكندرية للمكائن ومصنع العدد الكهربائية، ومصنع الزجاج وغيرها.. وتقديراً لجهوده الجبارة "استقبلته الجموع الحاشدة في مطار بغداد الدولي (المثنى حاليا) في كل مرة بشعار ( ابراهيم كبة للأمام ... ديمقراطية وسلام )!"وفي عام 1963 اعتقل ابراهيم كبة بعد 8 شباط الاسود وتنقل في معتقلاته بين مركز شرطة المأمون .. وبين الموقف المركزي رقم 1، وسجن نقرة السلمان ، ومعسكر الرشيد ... وعرضته شاشة تلفزيون بغداد في لقاء مقتضب ردا على الحملة العالمية التضامنية لأطلاق سراحه وبالاخص الوسائل الاعلامية السوفييتية فحول هذا اللقاء الى منبر للدفاع عن ثورة تموز 1958 رغم محاولات المذيع المتكررة لنهره بناءا على تعليمات اسياده الفاشست..وحول محاكمته الى محاكمة للبعث والقومجية والرجعية وبرامجها الاقتصادية الانتقائية النفعية ليسحب البساط من تحت جهل وغباء وحماقة المدعي العام وما وجهه من اتهامات اعتباطية.. يذكر ان الحملة التضامنية العالمية المكثفة تمكنت من حصر الحكم عليه بعشرة اعوام مع الاشغال الشاقة..خلف لنا ابراهيم كبة خزين من المؤلفات والترجمات عن الانكليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية .. والتي نشرت بعضها بأسماء مستعارة ..  منها لا على سبيل الحصر :  
وجهة القومية الحديثة – 1941 .روح العصر – 1945 .تطور النظام الاقتصادي – 1953 .المفاهيم الاساسية للاقتصاد العلمي – 1953 .نظرية التجارة الدولية -  1953 .أزمة الفكر الأقتصادي -  1953 .أزمة الفلسفة البورجوازية - 1953 .معنى الحرية – 1954 .تشريح المكارثية – 1954 .أضواء على القضية الجزائرية – 1956 .أزمة الاستعمار الفرنسي – 1956 .النفط والازمة العالمية – 1956 .الاقطاع في العراق – 1957 .العراق والوحدة الاقتصادية – كراس - 1959 .حول بعض المفاهيم الاساسية في الاشتراكية العلمية – 1960 .انهيار نظرية الرأسمالية المخططة – 1960 .الماركسية والحرب الامبريالية -   1960 .البراغماتية والفلسفة العلمية – 1960 .الجزائر وقضية الشعب الفرنسي – 1960 .الامبريالية – 1961 .تشريح الكوسموبوليتية – 1961 .محاضرات في التاريخ الأقتصادي – 1967 .هذا هو طريق 14 تموز – دفاع ابراهيم كبة امام محكمة الثورة – 1969 .محاضرات في تاريخ الأقتصاد والفكر الاقتصادي – 1970 . محاضرات في تاريخ الأقتصاد والفكر الاقتصادي – الطبعة الثانية – 1973 .الرأسمالية نظاما – 1973 .مشاكل الجدل في الرأسمال لماركس – 1979 .
من دراسات ابراهيم كبة في المجلات العراقية والعربية والغير منشورة:
عبء الاثبات في القوانين – الحقوقي – 1940 .نظرية القانون الصرفة – الثقافة الجديدة – 1954 .ازمة النظام الكولونيالي - الثقافة الجديدة – 1954 .حول مؤلف عن تاريخ العراق الحديث -  الثقافة الجديدة – 1954 .حول المعاهدات غير المتكافئة -  الثقافة الجديدة – 1958 .سياسة الجمهورية العراقية الاقتصادية – مجلة الكمرك – 1959 .الكينزية كمنهاج اقتصادي للرأسمالية المنظمة - الثقافة الجديدة – 1960 .مذكرة السادة مصطفى علي وجماعته - دراسات عربية - عدد أكتوبر – 1966.الفكـر الرجعـي في العـراق – دراسة غير منشورة - 5/5/1967 .نصيحة للحكام الجدد - من اجل حل سلمي لأزمة الحكم في العراق - 3 /8/1968 .ملاحظات عامة حول مادة التاريخ الأقتصادي – مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية – 1969 .
لانكة والمادية التاريخية -  الثقافة الجديدة – 1969 .بعض التقييمات الماركسية للكينزية - الثقافة الجديدة – 1969 .من نظريات الدورة الاقتصادية – مجلة الجامعة المستنصرية – 1970 .حول النظرية العامة لكينز  – مجلة الجامعة المستنصرية – 1970 .حول نظرية شتايرمان – الاقتصادي – 1970 .تحليل شومبيتر للفكر السكولائي – الاقتصادي – 1970 .اوليات حول الدورة الاقتصادية – المثقف العربي – 1970 .نظرية كوفوليف حول مرحلة الانتقال للعبودية - المثقف العربي – 1970 .حول طبيعة النظام الاقطاعي - المثقف العربي – 1970 .استعراض نقدي للادب الاكاديمي المعاصر حول مادة التاريخ الأقتصادي - الاقتصادي – 1970 .حول نظرية القيمة الماركسية – الاقتصادي – 1970 .الاقتصاد الكينزي – الاقتصاد – 1971 .موريس دوب ومفهوم التراكم البدائي للرأسمال – الاقتصادي – 1971 .حول مفهوم رأسمالية الدولة الاحتكارية – الاقتصاد – 1971 .حول العلاقة بين الماركسية والفيزيوقراطية – الاقتصادي – 1971 .الاقتصاد الماركسي والادب الالماني المعاصر– الاقتصاد – 1971 .هنري دني وموضوعة عدم اكتمال رأسمال ماركس   – الاقتصادي – 1971 .هكس ونقاده المحافظون – الاقتصاد – 1971 . في الادب الاقتصادي السوفياتي – الاقلام – 1971 .هكس ونظرية التاريخ الأقتصادي – الاقتصاد – العدد 13 - 1971 .حول تحليل ماركس لنمو المتناقضات داخل الظواهر الاقتصادية – الاقتصادي – 1972 .نظرية النمو في الاقتصاد الاشتراكي  – الاقتصاد – 1972 .دني وتاريخ الفكر الأقتصادي – الاقتصاد – 1972 .اقتصاديات الامبريالية – الاقتصاد – 1972 .الانتقال نحو الاقتصاد الاشتراكي – الاقتصاد – 1972 .القومية والرأسمالية في البيرو – الاقتصاد – 1972 .اشكالية الاقتصاد الانتقالي – الاقتصاد – 1972 .حول كتاب الرأسمالية نظاما – الاقتصاد – 1972 .ضوء جديد على مشكلة العلاقة بين الدين ونشوء الرأسمالية - – الاقتصاد – 1973 . "
    عاش ابراهيم كبة انساناً مضحياً بكل حياته من اجل ان يرى عراقاً يسوده السلام وتحترم فيه حرية الفكر والتعبير ويعيد للعراقي كرامته المسلوبة،فالف تحية واجلال لهذا الرجل الذي يبقى ابداً حياً بيننا بمواقفه و نتاجاته وافكاره وخدماته اللامتناهية للعراق والعراقيين المحبين للسلام.."  

•   كتب أ.د. ماهر موسى العبيدي في المدى العدد 4/7/2010 مقالة تحت عنوان"ابراهيم كبة..المفكر البارع والاقتصادي المتميز!"،جاء فيها:
"..تتفاوت الدوافع للكتابة بقدر تفاوت الكاتبين،ولا يتقدم الكاتبون بعضهم على بعض الا على قدر ما يحملون من نيات بين جوانحهم،فمنهم الصادق ومنهم دون ذلك،وهم بعد ذلك لا يغيرون من الحقيقة شيئًا،ولكنهم يتفاضلون في سعيهم لكشف تلك الحقيقة،واظهارها بصورتها البيضاء الناصعة،تسر الناظرين وتملؤهم  غبطة وسرورًا وعلى هذا لا على غيره وددت الكتابة عن شخصية متميزة كان لها دورها البارز في تاريخ العراق الحديث، الا وهي شخصية المفكر البارع الاستاذ الكبير المرحوم إبراهيم كبة.
  اختارته قيادة ثورة 14 تموز 1958 ليكون وزيراً للاقتصاد ثم وزيراً للاصلاح الزراعي،وكان متألقاً في ادائه وافكاره خلال المدة القصيرة التي شغلها في هذين المنصبين.وفي وزارة الاقتصاد كان ابرز ما نادى به (على ما اتذكر) مقاطعة فرنسا اقتصادياً مناصرة للثورة الجزائرية العظيمة،الا انها لم تلق استجابة من دول الجامعة العربية على الرغم من التبجح الذي كان يظهره العرب في هذا الجانب،فكان ما طرحه في ذلك الاجتماع امتحانًا عسيرًا تميز فيه الصادق من الكاذب،كما كانت افكاره في الوحدة الاقتصادية العربية اسبق من الوحدة الاقتصادية الاوروبية،وما زالت وحدتنا الاقتصادية العربية تحبو في خطواتها الأولى حتى الآن مع الأسف.
   أما الاتفاقية الاقتصادية العراقية - السوفيتية فكانت مثالاً رائعاً لبداية التصنيع في العراق بقيادة القطاع العام على الرغم من الضجة التي اثارها معارضو عبد الكريم قاسم وحاسدو إبراهيم كبة التي ادت الى تعطيل تنفيذها في ذلك الوقت،وعاد هؤلاء انفسهم الذين وقفوا ضدها بعد تسع او عشر سنوات ليعملوا جاهدين على تنفيذها فكانت بما تحتويه من مصانع ومنشآت مساهمة كبيرة في التصنيع في العراق.ولم يكن عمل الاستاذ ابراهيم كبة على صعيد الزراعة اقل شأناً منه على صعيد التجارة،فعند تسلمه

26
عبد الكريم قاسم ليس شهيدا هو موقف طبقي بامتياز!

سلام كبة

   قرار مؤسسة الشهداء بسحب صفة الشهادة عن شهيد الشعب والوطن عبد الكريم قاسم هو قرار طبقي بامتياز ينسجم مع المصالح والتطلعات الطبقية البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية للنخب الحاكمة في العراق اليوم!وهو انعكاس للتراجع العلني والكامل عن كافة الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها ثورة 14 تموز 1958 المجيدة بل وتمهيد عملي للطعن بالثورة نفسها واعتبارها انقلابا عسكريا هامشيا!وهذا القرار الاغبر الكسيح يلتقي مع رغبة حكام بغداد في العفو عن جرائم البعث العراقي وطي صفحات التاريخ وفق قاعدة "عفى الله عما سلف" سيئة الصيت!
  قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لعام 1958 بعرف حكام بغداد هو خرق للشريعة الاسلامية التي تحمي الملكية الخاصة،وقانون الاحوال الشخصية لعام 1959 والمساواة بين الرجل والمرأة في الارث هو الكفر بعينه ولا يتناسب مع احادية الزواج!ويهاجم هؤلاء قانون النفط رقم 80 وفكرة التأميم بحجج اقتصادية(خنق الاقتصاد الوطني)وقانونية(مخالفته للقانون الدولي العام)وعقائدية(اجراء راديكالي واحيانا شيوعي)،بينما انتهج حسين الشهرستاني حلول تساومية مع الشركات النفطية(كمبدأ المشاركة الوطنية الاجنبية في الامتيازات – الشراكة الذكية)،محاولا طمس التناقض الجوهري بين التنميـة الكومبرادورية(الاستثمار الأجنبي المباشر او المقنع،اعتماد المؤسسات الأجنبية والتابعة للقيام بالتنمية،تبني اسلوب الشركات الاستشارية والمقاولة،اسلوب المناقصات العالمية الرأسمالية …الخ)والتنمية الوطنية!وهذا الفكر المتأرجح في حقل العمل والسياسة الاجتماعية يبذل جهده لكبح النضال الطبقي للطبقة العاملة بشعارات من قبيل المشاركة الاختيارية والسلام الاجتماعي والمزاملة في السيطرة الاجتماعية..الخ.
سعت المراتب الطبقية الدينية الطائفية الطفيلية الحاكمة في العراق الى الربح السريع بأية وسيلة،فعملت في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار،وبهمة في شراء وبيع الأراضي والعقارات بطرق مشروعة وغير مشروعة،واستغلت المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية.ثم ما لبثت ان خلقت الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية،وخاصة الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها،لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة والتجاوز على الاملاك والخدمات العامة.
   وبعد مضي 10 اعوام عن استلامها مقاليد السلطة،واتباعها سياسات اقتصادية انتقائية ونفعية غير مدروسة وغير مفهومة،تتميز بغياب الرؤى والستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!شهدت البلاد تعمق السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،بل لم يعد الاقتصاد العراقي  ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه.وينعكس الضعف الاقتصادي البنيوي في التجارة الخارجية،وانعدام الصادرات غير النفطية،بينما تؤلف السلع الاستهلاكية،خصوصاً المعمرة كالسيارات والأثاث والاجهزة الكهربائية والالكترونية،نسبة عالية من حجم الاستيرادات الكلي.ويلاحظ  تدهور متواصل في امكانات وقدرات القطاع الخاص الانتاجي الذي يستحوذ على نسبة تشغيل للقوى العاملة في البلاد تزيد على 85%.كما تبنت الدولة سياسة الانفتاح على الاسواق الخارجية،والغت جميع القيود والضوابط على الاستيراد،ووضعت الانتاج المحلي الضعيف والمنهك امام منافسة غير متكافئة مع المنتج الاجنبي،ما ادى بالضرورة اى انهيار معظم ما تبقى من الصناعة الوطنية.ويلاحظ اليوم في العراق:
•   سيادة رؤى وتوجهات تغيب عنها السياسة الصناعية التي يمليها الترابط الوثيق بين التنمية والتصنيع،كما يغيب ادراك اهمية التوسع الصناعي في تحقيق اهداف التنمية،المتمثلة في خلق فرص عمل ومكافحة الفقر ورفع مستويات الدخل القومي،وتحقيق عدالة اجتماعية عبر توزيع افضل للدخل.
•   القطاع الزراعي يواجه غياب وانعدام التخطيط الاستراتيجي.
•   يتواصل الخلل في الجمع والتنسيق السليمين بين السياستين النقدية والمالية،مع استمرار ارتفاع معدلات البطالة والتضخم،وما ينجم عنه من ظروف معيشية شاقة لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا،ويعاني ربع السكان من الفقر الشديد.
•   لا يقدم نمط التشغيل غير الانتاجي في مؤسسات الدولة،والقائم على الاعانة،حلاً لمشكلة البطالة.
•   مؤشر التضخم ما زال عند مستويات مرتفعة،ويتسبب في خفض القدرة الشرائية!
•   محاولة حل قضايا الاقتصاد ومشاكله  بعصى سحرية ومبادرات من نوع المبادرة الزراعية!
•   الفساد الاداري والاقتصادي بات سرطانا!

   في ظل هذا الحراك الطبقي لا يبدو غريبا قرار مؤسسة الشهداء بسحب صفة الشهادة عن شهيد الشعب والوطن عبد الكريم قاسم!بل هو قرار تستلزمه اسس مجتمع الطائفية الطفيلية - المجتمع الزائف بلا عمق اجتماعي والذي يؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته.هذا المجتمع لا يطيق العمل التنموي الصبور البناء والتخطيط المنهاجي الاستراتيجي والتنمية المستدامة،لأنه يدرك ان دورة حياته محدودة،فعمل في مجالات الفساد والنهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر!وهو لا يمكنه ان يمارس اسلوبه في النهب العجول في ظل الاوضاع الديمقراطية المنفتحة،ويحتاج دوماً الى ادوات فعلية وشكلية تضليلية يقمع بها الناس كلما حاولوا نقده او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة.
    قرار مؤسسة الشهداء بسحب صفة الشهادة عن شهيد الشعب والوطن عبد الكريم قاسم هو قرار براغماتي صرف فلم يعد اليوم ان يكون القرار والاجراء موافقا للحقيقة بل ان يكون نافعا او ضارا بالرأسمال،مناسبا او غير مناسبا،ترضى عنه الشرطة ام لا ترضى.وبدلا عن البحوث المجردة عن الهوى تظهر المماحكات المأجورة،وبدلا عن التحقيقات العلمية النزيهة ينبز الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن الانظمة القائمة وتغطية الجوهر اللصوصي للعولمة الرأسمالية والتستر على عسكرة الاقتصاد وتعبئة الموارد للتسلح والاعداد للحروب الجديدة!
    قرار مؤسسة الشهداء بسحب صفة الشهادة عن شهيد الشعب والوطن عبد الكريم قاسم يعكس خطورة استبداد احزاب الاسلام السياسي من خلال تعاملها المزدوج والتفافها على القوانين وتطويعها لخدمة أهدافها البعيدة المتمثلة بالانقضاض على السلطة بأسم القانون وفرض دكتاتوريتها بأسم الديمقراطية!فيما المواطن يئن تحت وطأة سوء الخدمات والاحوال المعيشية الصعبة!
   يقول الشاعر الكبير جاويد:
بغداد يا بغداد لا تتخاذلي
دقــّي الثرى وتمرّدي واستبسلي
ساد الظلام فبدديه بمشعل ِ
واهوي بمطرقة ٍعليه ومنجل
كالطود سيري في اكتساح عمائم ٍ
من دون سحقِهم ُ الدُجى لن ينجلي
وإذا دهاك الخطبُ شقـّي غبارَهُ
واذا أتاك ِ الموتُ، نادي ياعلي
نادي على فهد الفهود فانـّهُ
للثورة الحمراء أزكى منهل

  اخطر المخاطر التي تواجه العراق اليوم هو ان يتم النظر بأزدراء على تاريخ الدولة البعثية الفاشية في العراق،وان يغسل المرء يديه مما كان بحجة ان الوضع الحالي لا يسمح بمناقشة هذه الأمور على الجبهة الثقافية والفكرية لأنها ستفتح ملفات يتجنب الكثيرون فتحها!لكنها بالتحديد هي مهمة المثقف العراقي!
    ان ذكرى استشهاد الزعيم الوطني الكبير عبد الكريم قاسم باقية شوكة في عيون الغدر البعثي والطائفي والاسلامي السياسي!وقد عبرت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة عن السفر العظيم والجبار لشعبنا في تثبيت استقلاله السياسي والاقتصادي وما قدمه من تضحيات وشهداء لبناء مجتمع قائم على الرخاء والرفاهية والعدل الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني!بينما ستبقى مؤسسة الشهداء تعاني الامرين من قرارها المخزي العار الذي حولها بجرة قلم من مؤسسة لتكريم الشهداء الى مؤسسة لاهانتهم!

بغداد
21/9/2013

27
مرتضى القزويني يكافح الارهاب عبر قتل الشيوعيين والنفس البشرية المطمأنة

سلام كبة

   افتى رجل دين عراقي شيعي له من العمر 83 عاما،وهو معروف ومنسي في آن،مؤخرا بالدعوة والتحريض على قتل الشيوعيين – كل الشيوعيين وفي كل بقاع المعمورة – عبر قناة الانوار الفضائية سيئة الصيت!وهذا الرجل يدعى مرتضى القزويني!وتقوم القوى الديمقراطية العراقية ومؤسسات المجتمع المدني في بلادنا هذه الايام بحملة ادانة لتصريحات هذا القزم القزويني والمطالبة بمحاكمته وفق المواد "170""48""49" من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969،والمادة 29 رابعا من الدستور العراقي!والمطالبة ايضا بغلق قناة الانوار الفضائية الطائفية!
   والسيد مرتضى بن محمد صادق بن محمد رضا بن محمد هاشم القزويني رجل دين وخطيب حسيني عدواني زمرت وتزمر له القنوات الفضائية الطائفية الشيعية ومنها قناة الانوار القذرة!وهو الذي فشل في دراسته بجامعة الازهر في مصر خمسينيات القرن المنصرم فاضطر للعودة الى كربلاء – مسقط رأسه ليلتحق بالحوزة العلمية فيها!واستهل نشاطه السياسي بالقيام على المنابر عام 1959 بالتطبيل واذاعة فتوى المرجع محسن الحكيم المعروفة ضد الشيوعية!اعتقله الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم في بغداد بتهمة التخريب ومناهضة الجمهورية العراقية الفتية!ومنذ عام 1971 حتى عام 1980 اقام في الكويت لينتقل بعدها حاله حال زبانيته الى ايران!الا انه هاجر الى الولايات المتحدة عام 1985 وتجنس فيها ليقيم في لوس انجلوس ويؤسس هناك المشاريع تلو المشاريع!ومنها:معهد الدراسات الاسلامية في جنوب كاليفورنيا،مسجد وحسينية الزهراء في لوس انجلوس يلقي فيهما المحاضرات والدروس باللغات العربية والانجليزية والفارسية،مدرسة مدينة العلم في كاليفورنيا كأول مدرسة شيعية هناك تضم المراحل التعليمية من رياض الاطفال حتى المرحلة الثانوية،مسجد امير المؤمنين في سان دييغو!ومن مؤلفاته:اعلام الشيعة،المهدي المنتظر،الى الشباب،مذكرات عن حياتي!وبسبب تخصصه في سب الصحابة واختلاله العقلي اصدرت الحكومة الكويتية قرارا بمنع دخوله الى الكويت نهائيا!
   ومرتضى القزويني يذكرنا بالسيد مرتضى الشيرازي لتماثل الاسم الاول"مرتضى"فقط !لكن شتان بينهما فمرتضى الشيرازي هو نجل محمد الحسيني الشيرازي الذي انتقل الى الكويت واسس الحوزة الشيرازية في اواسط القرن العشرين،وتعرض في السجن بايران لتعذيب شديد حيث تم احراقه بصب النفط عليه بأمر وزير الاستخبارات الاسبق علي فلاحيان،ولا يزال يحمل مرتضى الشيرازي،الذي يقيم في الكويت،آثار التعذيب على جسده!
    لقد تتلمذ مرتضى القزويني على يد المرجعيات الدينية التقليدية الكبرى والجيل الاقدم من "العلماء"المحافظين التي لم تدن الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها ثورة 14 تموز المجيدة بشكل مباشر وعلنا،الا انها تحولت الى مهاجمتها والتعرض لقادة الثورة بشكل سافر عام 1960 حيث ارسلت البرقيات تلو الاخرى الى الزعيم عبد الكريم قاسم تطلعه ان الاصلاح الزراعي خرق للشريعة الاسلامية التي تحمي الملكية الخاصة،كما انتقدوا بصراحة قانون الاحوال الشخصية لعام 1959 والمساواة بين الرجل والمرأة في الارث وفرض احادية الزواج!يذكر ان شيوخ الاقطاع والعشائر كانوا يغرقون المدارس الدينية بأموال الحقوق الشرعية،وكانوا مصدرا ثرا للخمس- الضريبة الدينية!واستخدموا المنشورات لمهاجمة الالحاد والدعوة الى اعتناق الاسلام المحافظ،وفي شباط 1960 صدرت الفتوى الدينية المشهورة ضد الشيوعية!وهذه المواقف تدرج عادة ضمن الفكر الرجعي الذي عاود انبعاثه لتضرره الشديد من منجزات ثورة تموز.
   في نظر المؤسسة الدينية التقليدية شكلت الماركسية تهديدا للاسلام كعقيدة ومصدرا مقدسا للتشريع،وعدوها قوة اجتماعية من شأنها ان تهدد سلطة الدين الاسلامي على العامة من ابناء الحضر وابناء الريف،بعد ان بلغت درجة المشاركة الجماهيرية التي يقودها الشيوعيين حدود غير مسبوقة في تاريخ العراق السياسي،خصوصا في صفوف الطبقات الوسطى والدنيا والطبقة العاملة والصناعيين في المدن والفلاحين الفقراء في الارياف.
مجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته.وهو لا يطيق العمل التنموي الصبور البناء والتخطيط المنهاجي الاستراتيجي والتنمية المستدامة،لأنها تدرك ان دورة حياتها محدودة،فعملت وتعمل في مجالات الفساد والنهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر!وهي لا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الاوضاع الديمقراطية المنفتحة،وتحتاج دوماً الى ادوات تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة.
    شخصيا اطالب القوى الديمقراطية في العراق بتوسيع حملتها لتشمل الضغط على الادارة الاميركية والاتحاد الاوربي لمنع دخول الدعي مرتضى القزويني الى اراضيها بسبب تصريحاته العدوانية التي تصنف في خانة الارهاب ومصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة ووضع اليد على مشاريعه داخل الاراضي الاميركية!واليوم عند شعبنا العراقي لا فرق بين مرتضى القزويني وسادة الارهاب الاصولي للاسلام السياسي الاحمق!ومرتضى القزويني واسامة بن لادن وجهان لعملة واحدة هي الارهاب والفوضى!   

بغداد
25/8/2013


29


الاتصال اللاسلكي والجيش اللادموي .. وماذا بعد؟!

سلام كبة


   في اللغة العربية يعرف السكون بأنه العدم او اللاشئ اي انعدام الشئ المعني!واللاسلكي اي الانعدام السلكي او دون السلكي،وهكذا اللاجنسي واللاصفي..الخ!فالاتصالات اللاسلكية هي انتقال الاشارات والنبضات والموجات الكهرومغناطيسية في الفضاء دون الحاجة الى استخدام السلك الكهربائي،والنشاط اللاصفي يطلق عادة على الفعاليات المدرسية التي تجري خارج اطار الصف والدراسة الممنهجة المنتظمة كالعمل الشعبي والكشافة،واللافقريات او اللافقاريات مصطلح صاغه جان – باتيست لامارك ليصف الحيوانات التي لا تمتلك عمودا فقريا وتشكل 97% من عالم الحيوان!والتكاثر اللاجنسي هو احد طرق التكاثر في الكائنات الحية في عالم النبات والانواع المجهرية الاميبية من عالم الحيوان ويعتمد على الانقسام الميتوزى لخلايا الكائن الحى حيث يكون عدد الصبغيات فى خلايا الافراد الجديدة هو نفس عدد الصبغيات فى خلايا الكائن الاصلى!
   واضيف الى هذا الخزين اللغوي اصطلاح "اللادموي" فالحديد اللادموي يختلف عن الحديد الدموي المتوفر في اللحوم الحمراء ذات اللون الدموي كلحوم البقر والعجل ويختلف عنه كيميائيا!وباستطاعة الجسم امتصاص الحديد الدموي بسهولة وسرعة اكبر،وهو المادة المساعدة على بناء الخلايا المسرطنة في القولون بعد ان يستهلك الجسم 60 غراما من اللحم الاحمر يوميا!اما عدي عبد الصاحب عباس الاعسم،وهو من مراجع مدينة النجف المعروفين،فكانت له صولة مبتكرة في هذا الماراثون اللائي،اذ اعلن مؤخرا عن تشكيل ميليشيات "الجيش اللادموي" لمحاربة الفساد في البلاد!
   وهذا الاعسم ولد عام 1958 في النجف واعتقلته القوات الامريكية في بغداد عام 2005 ثم اطلقت سراحه بعد 9 اشهر،وله مؤلفات منها:كراس "هيكلية الجيش العراقي"السري كدليل للمجاهد عام 2003،و"العنف اللادموي لدحر المحتلين"عام 2004!وبالتزامن مع الاعلان عن هذه العصابات الجديدة،عادت ظاهرة القتل على الهوية وانتشار نقاط التفتيش الوهمية في بغداد،ولازالت الحكومة العراقية ووزارة الداخلية ومكتب القائد العام للقوات المسلحة متكتمة عن الموضوع دون ان تحرك ساكنا رغم وصول اكثر من 40 جثة الى دائرة الطب العدلي وسط بغداد تشير اصابع الاتهام بالادلة الجرمية الى مسؤولية "الجيش اللادموي"!
    وبرغم كل الدعوات التي تم اطلاقها لمعالجة الظاهرة الميليشياتية غير السوية في المجتمع العراقي،الا ان المتتبع للوضع السياسي في البلاد يتلمس سعي العديد من القوى السياسية المتنفذة الحفاظ على الاذرع الميليشياتية والمسلحة للاستقواء بها على الخصوم السياسيين،وقادتها تنادي بحل الميليشيات!بل ان بعض هذه الميليشيات تتمتع بدعم حكومي ف"عصائب اهل الحق"تستعرض مسلحيها في بغداد وفي احتفال رسمي يحضره ممثلو الحكومة العراقية وحزب الدعوة تحديدا!
   كما وجهت الدعوات الى اكثر من زعيم ميليشياتي لحضور امسية السبت الرمزية في 1/6/2013،رغم ما اكده عمار الحكيم في كلمة الشرف عن ضرورة وضع حد لهذا النشاط الاجرامي الذي يثير الخوف في النفوس والاشمئزاز في القلوب ويشير الى الوجوه السوداء الكالحة التي تقتل وتذبح وتشيع الروح الطائفية!وهي الوليد المسخ الشرعي للحرس القومي والجيش الشعبي ومجاميع الامن الصدامية وخط حنين وفدائيي صدام!ولجيوش القاعدة بمسمياتها المغرية كجند الاسلام وانصار الاسلام والطائفة المنصورة والجهاد والتوحيد وصوت الرافدين ومجلس شورى المجاهدين والجيش الاسلامي ودولة العراق الاسلامية!
   بالأمس القريب اعلن السيد مقتدى الصدر براءته من مئات الافراد من اتباع التيار الصدري الذين لم يعودوا يأتمرون بأمره،واوقف نشاط جيش المهدي محاولة منه لاسترجاع هيبة التيار الصدري التي اضرتها كثيرا الاعمال الاجرامية والارهابية للنفر الضال،ومنهم "أبا درع" المتهم بارتكاب جرائم يندى لها الجبين والذي قتل في دمشق مؤخرا!و"عصائب اهل الحق" بقيادة المنشق"قيس الخزعلي"!الا ان السيد مقتدى الصدر رغم جهوده الخيرة في هذا المضمار لازال هو الآخر يتكتم على نشاط"لواء اليوم الموعود"الذي قام باستعراض عسكري تموز 2012 في مدينة الحرية!   
  وهنا لابد من الاشارة الى ميليشيات اخرى لازالت فاعلة وناشطة ك"انصار السنة"و"جيش المختار بقيادة واثق البطاط امين عام حزب الله"و"ائتلاف ابناء العراق الغيارى او فوج 9 بدر بقيادة النائب عباس المحمداوي"،وكلها ارهابية وتخضع لآلية كلاب الامن المدللة البوليسية وعصابات بلطجة تتنفس في فترات التراجع والارتداد السياسي العام والظروف المعيشية الصعبة وشيوع الفساد وبالاخص الفساد الاداري والعجز والعقم الحكوميين!
   وعصابات "الجيش اللادموي"هي ليست الاخيرة في سلسلة المهازل الميليشياتية وكارثيات الاسلام الاصولي السياسي المسلح التي لا تختلف في جوهرها عن "امارات" المتطرفين التي كانت قائمة في اللطيفية وابوغريب والخالدية والفلوجة والدور،والنجف وكربلاء والثورة!لأنها كلاب امن مدللة تحول الناس البسطاء الى دروع بشرية للعابثين باسم الدين والقومية!ومشعلي الفتن الطائفية والتفجيرات والقتل العشوائي!من امثال ابو عبد الله الشافعي والملا هلكورد احمدي وخلف الدليمي"ابو مروان"وابو مصطفى الشيباني ومام عبد الكريم وعبد الهادي العراقي ومحمد هشام محمد"خادم الحسين"ورضا الرضا"امين عام الهيئة العراقية للشيعة الجعفرية"..والقائمة تطول!

يقول محمود درويش :

"هو اللا شيء يأخذنا إلى لا شيء،
حدَّقنا إلى اللاشيء بحثاً عن معانيه...
فجرَّدنا من اللاشيء شيءٌ يشبه اللاشيءَ
فاشتقنا إلى عبثية اللاشيء
فهو أخفّ من شيء يُشَيِّئنا...
يحبُّ العبدُ طاغيةً
لأن مَهابة اللاشيء في صنم تُؤَلِّهُهُ
ويكرهُهُ
إذا سقطت مهابته على شيء
يراهُ العبد مرئيّاً وعاديّاً
فَيَهْوَى العبدُ طاغيةً سواهُ
يطلُّ من لا شيءَ آخرَ...
هكذا يتناسل اللاشيء من لا شيء آخرَ...
ما هو اللاشيء هذا اليِّدُ المتجدِّدُ،
المتعدِّدُ،المتجبرّ،المتكبرِّ،اللزجُ
المُهَرِّجُ.... ما هو اللاشيء هذا
ربُمَّا هو وعكةٌ رُوحيَّةٌ
أو طاقةٌ مكبوتةٌ
أو , ربما هو ساخرٌ متمرِّسٌ
في وصف حالتنا"!


بغداد
5/6/2013

30



قتلة كامل شياع وهادي المهدي وبقية الشهداء بلطجية القائد العام للقوات المسلحة

سلام كبة

   اعترف الوكيل الاقدم المقال لوزارة الثقافة العراقية جابر الجابري في لقاء متلفز مؤخرا بأن قتلة الشهيد كامل شياع هم بلطجية حزب الدعوة والقائد العام للقوات المسلحة،كما اكدت كل المعلومات المتوفرة ان قتلة الشهيد هادي المهدي هم بلطجية حزب الدعوة والقائد العام للقوات المسلحة...وسبق للرفيق حميد مجيد موسى الامين العام للحزب الشيوعي ان اكد ان قتلة كامل شياع هم ضبّاط في وزارة الداخلية وشاركوهم قتلة من طرف آخر!وحتى اللحظة لم يجري الكشف رسميا عن البلطجية القتلة!

انظر:
   اغتيل الرفيق كامل شياع المستشار في وزارة الثقافة عام 2008،في عملية محكمة بين سيطرتين لقوات الحرس الوطني تبعدان عن بعضهما البعض 200 متر في طريق مزدحم بالسيارات ونقاط السيطرة وفي وضح النهار.كان الاوباش يمتطون سيارتين اعترضتا وحاصرتا سيارة الشهيد باحكام وامطرتها برصاص الاسلحة الاوتوماتيكية.اخترقت جسد الشهيد 7 رصاصات وسيارة الشهيد خرمت بالرصاص!وكان البلطجية الاوباش على دراية كاملة بحركة وتنقل الشهيد،ولم يبدأ التحقيق في الاغتيال الا بعد ايام!وكانت حادثة الاغتيال مماثلة لحادثة محاولة اغتيال الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم عام 1959،الا انهم كانوا في المرة الاولى راجلة،واليوم يمتطون العربات!وجرى الاغتيال قبل ايام من ذكرى رمضان الاسود في 1963،وبعد ايام من ذكرى ثورة 14 تموز الخالدة!
   وقبل اغتيال شياع اغتيل الرفيق العزيز حسن كاظم المستشار في وزارة الكهرباء مع زوجته في وضح النهار ايضا وقرب المسرح الوطني بسسب مواجهته العلنية للمافيا الحكومية واكاذيبها وفسادها!ولم تتشكل اية لجنة تحقيقية حتى اللحظة!بينما جاء اغتيال الشهيد هادي المهدي الناشط المدني والحقوقي في الكرادة الشرقية على ايدي بلطجية حماية حيدر العبادي النائب والوزير السابق والقيادي في حزب الدعوة وبتعليمات من مراكز اتخاذ القرار العليا!معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
   ان رفع دعوى على رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بتهمة الارهاب ليست عبثا او الانشغال بمعركة ثانوية ومن درجة ادنى،فلم لا يقدم عليها الحزب الشيوعي العراقي،او التيار الديمقراطي او عوائل الشهداء او جمع من المنظمات غير الحكومية وحتى لفيف من العاملين في وزارة الثقافة العراقية ووزارة الكهرباء او الاتحاد العام للادباء؟هل ان النتيجة معروفة سلفا بسبب تواطؤ القضاء العراقي المهلهل والمسيس؟هل هناك معلومات لازالت خافية في القضايا المذكورة عن ابناء الشعب العراقي شبيهة بتلك التي يتحجج بها المالكي للتهرب من طلبات استدعائه من قبل مجلس النواب اي الجانب الامني؟وهل دماء الشهداء من ابناء الشعب العراقي رخيصة الى هذا الحد؟!هل نسير وراء لافتة "اليدري يدري والمايدري كضبة عدس"!   
   الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يناهضون الطائفية السياسية واصحاب الخطاب الانشائي الفضفاض لأن هؤلاء يريدون ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين وبما ينسجم مع رغبات التيارات الدينية – الطائفية السائدة اليوم..وهل هناك ادنى شك ان القائد العام للقوات المسلحة يستمد مصادر سطوته من الصدامية والطائفية السياسية والاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم!؟


بغداد
12/4/2013


31
الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية والسقوط في شرك واحابيل السلطات الحاكمة

سلام كبة

   تحكم البلدان العربية قبل ما اطلق عليه عهد الربيع العربي وبعده سلطات استبدادية،الا ان الفضل الرئيسي لهذا العهد هو ايقاظه شعوب هذه البلدان والبلدان الاقليمية لخوض نضال نشيط في سبيل التقدم والعدالة الاجتماعية،وخوض غمار الكفاح العنيد لنيل الاستقلال الوطني الناجز والسير قدما في طريق الاصلاحات في ظل الاوضاع الدولية المتغيرة!وافسدت وتفسد ظاهرة الاسلام السياسي كعادتها بالتنسيق مع المراكز الرأسمالية العالمية هذا الربيع محاولة منها تسييره حسب هواها او تحويله الى خريف جارف كما هو حاصل اليوم في مصر والعراق!
   وتبذل الاحزاب الشيوعية والعمالية هنا جهودا مضاعفة لاستيعاب الديالكتيك الاجتماعي في فوضى التحولات الكبيرة!ومنع استبدال الاستبداد القديم باستبداد جديد تحت عباءات وعمائم خادعة وبما يضمن آليات فعالة لتداول السلطة بشكل سلمي عبر انظمة انتخابية عادلة وديمقراطية،وان يترك لشعوب البلدان العربية حرية تقرير مصائرها ومستقبل اوطانها دون وصاية من احد!ومقاومة الارهاب والمد الرجعي واعداء التغيير الاجتماعي الذين يريدون سرقة حلم الملايين فى بناء دول العدل والحرية والديمقراطية والجمهوريات الجديدة التي يكون فيها الشعب هو السيد وهو المطاع.وفي مسعاها هذا تجابه الاحزاب الشيوعية استماتة غير مسبوقة من القوى الطبقية المهيمنة محاولة اطفاء الجذوة الثورية التي تتصف بها هذه الاحزاب!
   تحويلها عن اهدافها الاساسية باعتبارها احزاب طبقية تدافع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وسائر الكادحين والكفاح من اجل تأمين التطور الديمقراطي الحر والمستقل لبلدانها ولتحقيق التحولات الاجتماعية وصولا الى بناء الاشتراكية!ولتحقيق هذا المسعى تعمل السلطات الاستبدادية لتحويل هذه الاحزاب الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة،ومن ثم تقزيمها ولا ضرورة للعمال والفلاحين والجماهير الواسعة،ويكفي لها وجود تمويل المخابرات ومجلس الوزراء والكادر الضيق من اشباه الرجال - الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي!احزاب -  كلاب صالونات تعوي ولا تعض!وتتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بعبارات مميزة لأنصاف المتعلمين!وهذا ما استدركته الاحزاب الشيوعية في سورية مؤخرا!
   تحويلها الى مؤسسات ذات طابع روزخوني ايماني غيبي حوزوي كنائسي!وهذا ما لم يستطع عليه نظام ولي الفقيه الاخرق مع توده!
   تحويلها الى نوادي اجتماعية خيرية او مؤسسات تفتقد للحس الثوري!
   تحويلها الى مؤسسة للطبقة الوسطى وموظفي الدخل المحدود والغاء هويتها الطبقية!
   دعم العناصر الانتهازية التوفيقية التحريفية الروزخونية وذات الولائين والجبانة للتسلق الهادئ دون منغصات وضجيج وصولا الى قيادات الاحزاب نفسها!
   وسم الاحزاب بالطابع البراغماتي النفعي لينتشر الفساد ولتعبد الحوالات المصرفية ويعبد الدولار واشقائه وليسود التسول والطابع الاستعراضي الميكافيلي!
   اختزال عملها ونشاطها ككل في الجانب الاعلامي فقط ومن ثم تحويلها الى بيادق تهريجية!
   اختزال نشاطها ككل في المجال الاكاديمي والثقافي وليتحول الحزب الطبقي الى جامعة عابرة للطبقات يلقي بها بعض الميسورين من الاكاديميكا المحاضرات المملة!ومن ثم تحويلها الى روضات حضانة!
   اختزال عملها في دار نشر للكتب والمطبوعات او مكتبة يرتادها من هب ودب!
   زرع الشقاق ومحاولة تفكيك الاحزاب بخروقات الانظمة الداخلية وتضخيم الجانب الامني!
   التمسك بالكراسي ومقاومة التجديد عبر التحديثات الشكلية الاستعراضية التي لا تقدم ولا تؤخر!واتهام المخالفين بالتطرف! 
     وتجهد الاحزاب الشيوعية بالانحياز المطلق الى الطبقة العاملة والايمان الصادق بعدالة قضيتها والدفاع عن كل العمال دون تمييز بدافع اختلاف اللغة والعنصر والعقيدة والانتماء الفكري والسياسي والطائفي،وتجنب كل ما يسيء الى سمعة الحركة النقابية والعمال وذلك بالحذر واليقظة من احابيل العدو الطبقي.وهي عدوة لدودة للارهاب ولا تعرف التردد ونصيرة ثابتة للمجتمعات المدنية والتداول السلمي للسلطات!وبارعة زمن السلم والحرب!وهي تدرك بقوة محاولة المركز الرأسمالي التفرد بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي،لتكتسب عقلانيته قوة تصدير اللاعقلنة والروزخونية الى مناطق الاطراف.ومن اشكال لاعقلانيته المعاصرة محاولة تدجينها!وهي ما تعتمد عليها"الفوضى الخلاقة"،بمنهجية وبرامج"منظمة"!


بغداد
19/4/2013


32
مع سقوط الباشا نوري المالكي سيسقط اقطاعه السياسي والاجتماعي والاقتصادي الفاسد وليحلم شعبنا العراقي ثانية ببزوغ فجر عهد جديد تسوده العدالة الاجتماعية واحترام مبادئ حقوق الانسان  

سلام كبة

   تاريخيا كان التحول من مجموعة عشائرية ذات منزلة اجتماعية الى طبقة ملاك الأراضي بطيئا وهادئا لتصبح الملكية عامل تحديد للموقع الاجتماعي اهم بكثير من المنزلة الاجتماعية التقليدية!وتحول ملاك الأراضي من طبقة بذاتها الى طبقة لذاتها بعد ان رص الجميع مصالحهم المشتركة!وهذه العملية التاريخية الاجتمااقتصاسياسية ولدت ما عرف بالاقطاع الكلاسيكي التقليدي!وقد تلقى هذا الاقطاع في العراق الضربات القاصمة الموجعة في العهد الجمهوري مع صدور قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 وقانون رقم 117 لسنة 1970 وقانون رقم 90 لسنة 1975،رغم محاولات بقايا الاقطاع دخول غرف الانعاش بالتنسيق مع البيوتات الدينية الرجعية عبر فتاوي آل الحكيم الوضيعة عام 1959 وسلوك القيادة الهزيلة لملاك الاراضي للاتحاد العام للجمعيات الفلاحية المتأسس وفق القانون رقم 139 سنة 1959،والقوانين رقم 61و17 لسنة 1961 الخاصة باقرار حقوق للسراكيل والملتزمين،وقوانين تحويل الاراضي الاميرية الى ملك صرف رقم 199 لسنة 1964 ورقم 16 لسنة 1965!وكذلك النهج الصدامي الارتدادي منذ عام 1980 وما تمخض عنه من اجراءات الاستيلاء على المساحات الشاسعة من الأراضي والاقرار بسلطة شيوخ العشائر لحسم النزاعات وادارة الأمور ضمن اقطاعياتهم العشائرية ليتم استعادة شكل من اشكال الفضاء المنفصل لمناطق العشائر داخل المدن والارياف فيما سمي هذا الميل الارتدادي بالتعشير الجديد،ومنح صدام حسين العشائر المتعاونة حقوقا على الأراضي ورقى أبنائها في مختلف اقسام الدولة وسمح لهم بتسليح اتباعهم،وناصر قيم العرف العشائري ليجري تمييز الهوية القبلية والعشائرية كإطار لشبكات الحماية التي تؤثر بشكل ملحوظ على فرص الأفراد في البقاء على قيد الحياة والتدرج في المكانة الاجتماعية والسلم الوظيفي بالدولة العراقية...ومع ذلك بقي الاقطاع التقليدي اسير احلام عودته التاريخية مجددا محاولا انتهاز كل الفرص المتاحة لاسترجاع الاراضي الاميرية كونها اراضيه المصادرة!
    بعد عام 2003 فتحت العهود الثلاثة الرعناء الجعفري والمالكي الاول والمالكي الثاني الابواب على مصراعيها لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق ونزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!مع تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي!وليسيل لعاب الاقطاع الاجتماعي مجددا ليزدهر بكرنفالاته التنسيقية مع القضاء العراقي المهلهل!
   كل ذلك هو نتيجة منطقية للاقطاع الديني والطائفي ربيب الدول وصوت كرنفال الفساد السياسي للحكام الذي يفصل الأحكام لبدلات الحكام!اذا كانت ضيقة ضيقها واذا كانت واسعة وسعها،واجره في آخر الشهر...وكلما سكت عن الظلم اتسع رزقه وحصل على الاراضي وكثرت امواله في المصارف وكلما نبه الى ظروف الرعية السيئة بلع الفاظه ولغته وضميره الديني وهلوسته الطائفية!وكل الحديث عن دولة الشراكة الوطنية والمحاصصة والاغلبية السياسية ماهي الا كلمات تمويه فاضحة لجوهر اجتماعي واحد!لأنه مع عزل الاقطاع السياسي البعثي الحاكم في العراق اندفع الاقطاع الديني بكل تلاوينه لكي يرث ملكية المسلمين المتاع المشاع الدائم لهذه القوى!وفي سبيل ذلك يقوم بمغامرات مذهلة ودموية!
    القوى السياسية المتنفذة تحول الدولة العراقية الى مزرعة خاصة بها،والاقطاع الجديد يمثل سيطرة الأرستقراطية وحقها في الحكم الأبدي وتحقيق الغلبة السياسية من منظور طائفي بالتمايز والتفارق مع الآخرين واستحضار مستلزماتهما المادية والمعنوية على اكثر من صعيد.ويتعنتر الاقطاع الديني والطائفي والسياسي والاجتماعي ويعمم ويوسع من قمع الدولة لأنه في حقيقة الامر ارهاب متوسع في الكم وليس مختلفا في النوع!ويستند الى نفس المظلة الفكرية ونفس الآيات القرآنية لالتهام المال العام!وبدلا من ميليشياته وبلطجيته التي كونها في حارات سوق مريدي يستعين بالشرطة النظامية والحرس الوطني وقوات السوات وبالشلة الطفيلية القابعة في مكتب رئيس الوزراء وقيادة حزب الدعوة وائتلاف دولة الفافون وبمنح المخالفين في الرأي اجازة اجبارية!اقطاعيات تتنافس وتتصارع على جثث ابناء الشعب!وفي اللحظة التي يستند فيها ساسة العراق على حائط الخوف والجبن والاحتيال والكذب لا الاعتراف بالفشل والنقد الذاتي...فعلى مستقبل العراق القريب السلام!
    آن الاوان ليتحرك الشعب العراقي ويمنح لا نوري المالكي بل كل جهابذته الارهابية البعثية الاميبية الاقطاعية متعددة الاشكال الاجازة الاجبارية وليترك شعبنا العراقي ان يحلم ثانية ببزوغ فجر عهد جديد تسوده العدالة الاجتماعية واحترام مبادئ حقوق الانسان!وكل نهج سياسي آخر هو التطرف بعينه لأنه موقف براغماتي انتهازي تحريفي ضار بمصالح عموم الشعب العراقي!

بغداد  
11/4/2013
  
  


33



على رنة الاحذية طحين العملية السياسية اليوم ناعم

سلام كبة

   "على هاالرنة طحينج ناعم" وفي اجواء المشادات الكلامية والتضارب بالاحذية والايدي جرى اقرار قانون الموازنة المالية للعام الحالي الخميس 7/3/2013 وسط مقاطعة نواب كتلتي القائمة العراقية والتحالف الكردستاني!وفي خطوة استفزازية تصعيدية جديدة شكل القائد العام للقوات المسلحة"عمليات الجزيرة"لتهديد اللحمة الوطنية والتعايش السلمي في المناطق الكردستانية غرب الاقليم - المتنازع عليها -  وخاصة قضاء سنجار،وتنسيب قيادتها الى ضابط بعثي كبير تائب شارك في قمع الانتفاضة الآذارية 1991 واحراق مبنى محافظة الموصل في شباط 2011 ،وكان الشرارة في افتعال ازمة موقع زمار الذي كادت ان تتسبب في حدوث اشتباكات بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة والشرارة ايضا في افتعال الازمة الحدودية مع سوريا في نقطة اليعربية!وجاءت هذه الخطوة مكملة لسابقتها في تشكيل قيادة قوات عمليات دجلة شرق الاقليم تحت قيادة الضابط البعثي التائب عبد الامير الزيدي!والخطوتان الاخيرتان هي خرق بالصميم للاتفاقات المعقودة بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان،واستكمال لنهج التنكر بوقاحة سافرة لكل الاتفاقات التي عقدها الحزب الطائفي الحاكم مع الاحزاب والتحالفات السياسية في السنوات الثلاث الاخيرة وخاصة اتفاقية اربيل!واذا ما اخذنا استعدادات التشكيلات الارهابية والبلطجية الاستخباراتية التي يجري زرقها بأبر الانعاش يوميا لاتضحت الصورة امامنا جميعا!     
    القائد العام للقوات المسلحة وبسبب عماءه السياسي والعسكري وجهله يدق طبول الحرب مرة اخرى قبيل انتخابات مجالس المحافظات في 20/4/2013!مستندا على اذرعه العسكرية البعثية والارهابية القبيحة،بينما يرتع مجلس النواب بمظاهر التوتر السياسي الفاضح!مجلس نواب لم يوفق لا في تثبيت دوره الرقابي كأعلى مجلس تشريعي في البلاد فحسب بل جرى على اجتراح النكسات تلو الاخرى،ولا يتوقع منه اداء وانجازا اسرع واكبر لأنه سيبقى يأكل ما يفت له زعماء كتله.ومسألة تمثيله للناخبين وممارسة صلاحياته موضع مساءلة وشك مادام مكبلا،ومالم يسعى الى فك رهنه.انعقد او انفض المجلس،الامر سيان،فالانظار والاسماع ترنو وتصغي الى اهل الحل والربط،الى توافق الزعماء الذين اختزلوا سلطة الشعب باربع او ثماني كتل،فاجتماعاتهم هي الاهم والاجدى من اجتماعات نواب الشعب.
   العملية السياسية الجارية باتت في وضع تريللي،ما دام الجهلة والطائفيون والبعثيون في مواقع انخاذ القرار وقادة للحكومة والقوات المسلحة وكل الاجهزة الأمنية والمخابراتية في البلاد على الاطلاق،وما دامت الطاقة والخدمات تنعدم بفضل السياسة الرشيدة لنواب رئيس الحكومة،وما دام المسؤولون الفاسدون يهربون الى الخارج وبذرائع مشروعة!وتسببت وتتسبب الفردية التي يتسم بها الحكم اليوم ومظاهر استشراء الفساد المالي والاداري والانقسامات الحادة داخل الحكومة في التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني،وباتت اغلب القرارات اعتباطية غير مدروسة وقائمة على المبادرات الصبيانية فقط!
   لنعود الى الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لان التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لا يعالج الازمات والقضايا الشائكة!ونضال شعبنا الكردستاني هو نضال عادل من اجل حقوقه المشروعة،وكل القوى الديمقراطية داخل وخارج العراق تقف الى جانبه.ويشكل التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!وترتقي اليوم اكثر من اي وقت مضى مهمة عقد مؤتمر وطني عام شامل يؤسس لمنهجية لا لبس فيها لمناهضة الطائفية السياسية ومؤسسات الولاءات دون الوطنية المغروسة في سايكولوجية المواطن،ومقارعة الاقطاع الطائفي السياسي داخل الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة والمحاصصة وفق الولاءات الاصطفائية ونهب خزائن الدولة وهبات اعادة الاعمار لتمويل الأرهاب وملء الجيوب!

بغداد
8/3/2013



34


الانتخابات النزيهة لا تجري بالنوايا الطيبة!

سلام كبة

    من المقرر ان تجري الدورة الثالثة لانتخابات مجالس المحافظات في 20/4/2013 ولازال العراق يعاني من الفقر والتضخم الاقتصادي ومسلسل الارهاب والتخريب والفساد واللصوصية والجريمة المنظمة وانتهاك الحقوق مع مواصلة النخب السياسية الحاكمة منهجية شراء الصمت المتبادل وديمقراطية حجب الحقائق والاستخفاف بالعقول وسياسة الجهل والتعنت والسمسرة الطائفية والاستفزاز والعسف والعنف والتمسك بالكراسي الحكومية والنيابية وعقد الصفقات المشبوهة على كل الصعد وفي سياق نوعي جديد يهدد مظاهر وجود الدولة الاساسية،بهدف تحطيم ارادة الشعب وحركته الاجتماعية والديمقراطية والجمعيات الخيرية والطوعية والولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع..الامر الذي تسبب ويتسبب في تراجع الثقافات الوطنية ونهوض البدع والخرافات والتهريج والصبيانية والمظاهر القروسطية والتدين التجاري واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية و"الشعائر"الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة!وتجري الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات والحكومة العراقية لم تقدم حتى اليوم على سحب البساط من تحت مرتزقة "المقاولة العراقية" الجدد -  التشكيلات الارهابية المتواجدة على الساحة العراقية التي لا تختلف في جوهرها عن "امارات" المتطرفين التي كانت قائمة في المدن والقصبات العراقية قبل اعوام!
   ومع كل هذا السيل الهائل من الملاحظات التقييمية التي ابداها العشرات بل المئات من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والمراقبين والناشطين السياسيين والحقوقيين عن الحملات الانتخابية للدورات السابقة لانتخابات مجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات،فأن مستوى الوعي الانتخابي عند اصحاب القرار لم يتقدم قيد انملة لأن جوهره هو قضم الحقوق الديمقراطية للشعب بالاقصاء والتهميش والتجاوزات والكذب والافتراءات وملء الجيوب بالمال السياسي الحرام وخزين القيود الدينية والطائفية والاثنية والاخلاقية وفق مقاييسها الشاذة!
   المفوضية المستقلة،المهنية،المحايدة للانتخابات،حالها حال كل الهيئات المستقلة،مغلوبة على امرها،بعد ان كشرت الوحوش السياسية المتنفذة عن انيابها وماهية مقاصدها!وخلال فترة قصيرة نسبيا توسعت صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الحكومة وكبار المسؤولين،وعين مسؤولون جدد للعديد من الهيئات والمفوضيات السيادية المستقلة دون العودة الى مجلس النواب وبما يتناقض مع مواد الدستور!وغالبا ما تعلن المفوضية المستقلة للانتخابات استكمال استعداداتها لادارة الحملات الانتخابية والانتخابات في غياب قوانين اساسية كقانون تنظيم اجازة وعمل الاحزاب وقانون تنظيم عمليات صرف الاموال في الحملات الانتخابية واجراء التعداد السكاني،وتثبيت البطاقة الشخصية الالكترونية،وعدم اعتماد البطاقة التموينية في الانتخاب!وتشريع يرفع الحيف عن الاصوات التي يتم الاستحواذ عليها بقوة القانون،وآخر يثبت العمل في كوتا تمثيل النساء بنسبة 25%على الاقل،ومراعاة تمثيل "الاقليات"بنســب معقولة وتثبيت عمر الناخب ب 18 عاما،وســن الترشيح للمجالس المنتخبة ب 25 عاما!
   لا غرابة في ذلك وهي التي تم انتخابها على اساس المحاصصة،والتي لا يمكن ان تكون باي حال من الاحوال مستقلة ومهنية ومحايدة كما هو معلن،وكذلك الحال مع فروعها في المحافظات،ومع بعض مسؤولي المراكز الانتخابية.ولم يسعى ويستجد مجلس النواب لتشكيل مفوضية مستقلة بالفعل على اساس مبدأ المواطنة والمساواة،وان تكون ممثلة لكل مكونات الشعب العراقي،مهما كان عددهم،وان يكون اعضائها من ذوي الاختصاص،ومشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وحسن السلوك،ومن خلال وضع شروط للمتقدمين تساهم في اختيارهم لجنة مكونة من اعضاء من محكمة التمييز وممثلي الامم المتحدة وهيئة النزاهة بالتعاون مع مجلس النواب.
     حتى العقود التي وقعتها المفوضية مع المواطنين لمساعدتها في تنظيم التقنيات الانتخابية في التاريخ المحدد،لم تخلو من ظاهرة الارتياحات الشخصية والولاءات دون الوطنية!ولا يوجد من بين منسقي المراكز الانتخابية ومدراء المحطات جميعا امرأة واحدة في الدورات الانتخابية السابقة!وينتظر هؤلاء جميعا منذ اعوام تحويلهم الى الملاك الدائم للمفوضية دون ان تظهر في الافق اية بارقة امل!
    لقد شهدت كل الدورات الانتخابية السابقة الفساد الانتخابي والانتهاكات الفاضحة وممارسات التهديد واطلاق الوعود البراقة الكاذبة غير القابلة للتصديق واشاعة اجواء الخوف عبر اعمال القتل والاغتيال،وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام الذي يكون تأثيره عادة اقوى من آثام المذابح الطائفية!واخفاء مصادر التمويل،وتمزيق الملصقات والصور،وعرض الوظائف  ورمي القسم وعدم حيادية وسائل اعلام الدولة واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وتمرير المرشحين الاشباح،والشهادات المزورة،الاصرار على جعل المساجد والحسينيات منابر دعاية انتخابية.قادوا حملاتهم الانتخابية من مواقعهم الاولى في الدولة،وقدموا المزايا والوعود لا لتحسين الوضع الاقتصادي لابناء شعبنا وتوفير الخدمات،وانما لشراء اصوات هذه العشيرة او تلك.طواقم اخرى من احزاب الاسلام السياسي وزعت(البطانيات والموبايلات والدولارات والرشوات والامتيازات والتهديدات..الخ)لغرض شراء الاصوات الرخيصة مع الاستخفاف بكرامة الناس.وتجلى الفساد الانتخابي في ظاهرة مقاولي الاصوات وسماسرة الانتخابات،وبين هؤلاء من تخصص بنقل الناخبين خلال فترة الدعاية والاقتراع بعد ان تسلم هبات مالية وهدايا عينية،وبعضهم اصحاب مضايف وملايات.ووصلت عملية شراء اصوات الناخبين الى استغلال معاناة سكان الاحياء العشوائية عبر ايقاف تهديدهم بالترحيل ومساومتهم بوعود ضمان امتلاكهم اماكن سكن قانونية.وقام مقاولو الملصقات الذين ينشطون عادة في فترات الدعاية الانتخابية بتشغيل الآلاف من ضحايا البطالة،ويؤدي هؤلاء الشباب المعوزون مهمة وضع الملصقات على جدران البنايات والحواجز الاسمنتية،او تمزيق ملصقات الخصوم السياسيين.
  واذ تشترك القوى الديمقراطية واليسارية في انتخابات مجالس المحافظات في 20/4/2013 فانها تدرك ان دولة القانون لا تبنى بالنوايا الطيبة بل بوحدة الصف وبناء النظام الديمقراطي العلماني والولاء للوطن ونبذ الطائفية ونشر ثقافة روح التسامح وقبول الآخر المختلف،والعمل وفق شعار الدين لله والوطن للجميع – الدين لله والدولة للجميع!والانتخابات الحرة هي احدى الصيغ الديمقراطية التي تتبعها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة في العالم،وكلما كانت الممارسة الديمقراطية نزيهة وحرة وشفافة تعكس مدى التطور والتقدم وارتفاع الوعي الوطني عند هذا الشعب الذي مارسها،وتعكس درجة الديمقراطية التي يتعاطاها ويتمسك بها ابناء هذا البلد.

بغداد
7/3/2013




35



تشكيلات ارهابية ام كلاب بوليسية تأديبية مدللة

سلام كبة

    تبنى المرتزق واثق البطاط امين عام حزب الله رسميا الهجوم الصاروخي الذي استهدف معسكر ليبرتي الخاص بعناصر منظمة مجاهدي خلق الايرانية والذي اودى بحياة 7 من عناصرها وجرح 100 آخرين!وكانت منظمة مجاهدي خلق الايرانية قد اعلنت في 9 شباط 2013 ان 35 قذيفة هاون وصاروخ سقطت على مخيم ليبرتي غربي بغداد!وانتقد البطاط المنظمة لأنها تتهم الحكومة وميليشيات اخرى بالهجوم على معسكرها قائلا "على الرغم من كوننا تبنينا الهجوم على ليبرتي،الا ان المنظمة برأت ساحتنا واتهمت الحكومة وعصائب اهل الحق بالوقوف وراء الهجوم على اساس امتلاكها ادلة مصورة بذلك".
   وسبق للنائب المرتزق المقاول عباس المحمداوي امين عام ائتلاف ابناء العراق الغيارى والمرتزق ابو عبد الله المحمداوي المتحدث الرسمي بأسم فوج 9 بدر ان امهلا الكرد في بغداد والمناطق العربية اسبوعاً لمغادرتها،والا سوف يتم حمل السلاح بوجههم!كما اعلن مدير عام سلطة الطيران المدني العراقية اواسط ايلول 2012 ان تهديدات وصلت من فوج 9 بدر بضرب مطار بغداد الدولي اذا استمر العمل بالرحلات التجارية!واضاف:"ان المنشأة العامة للطيران المدني ابرمت عقداً مع شركة الأصفر للمقاولات المحدودة للتنظيف مبينا اعتراض شركات اخرى يمتلكها اشقاء عضو البرلمان المدعو عباس المحمداوي وقاموا بالتهديد والوعيد"!يذكر ان عباس المحمداوي اعلن في 21 كانون الثاني 2012 عن تشكيل فوج بأسم 9 بدر للرد على التجاوزات الكويتية على العراق حسب تعبيره،مشيراً الى انه يضم متطوعين من منظمات المجتمع المدني من كافة الاطياف العراقية يمثلون العشائر العربية من وسط العراق والمحافظات الغربية والجنوبية!
     الى ذلك كشفت مصادر سياسية خاصة عن وثيقة تحمل توقيع رئيس الوزراء نوري المالكي وتخص اراضي ومنازل تابعة الى وزارة النقل تنص على احقية القيادي السابق في التيار الصدري ووزير النقل الاسبق النائب سلام المالكي بالتصرف بهذه الاراضي والمنازل وذلك بعد تحالف المالكي مع عصائب اهل الحق واستخدامها كورقة ضغط ضد التيار الصدري!وسلام المالكي هو عضو لجنة الحوار في "عصائب اهل الحق" وشقيق القيادي في حزب البعث المنحل صباح المالكي!وافادت مصادر طبية عراقية اواخر كانون الثاني 2013 بأن عصائب اهل الحق هاجمت مستشفى الامام علي "ع" في مدينة الثورة شرق بغداد واشتبكت مع امن المستشفى واعتدت بالضرب على الاطباء والعاملين في قسم الطوارئ!كما هاجمت عصائب اهل الحق مقرا تابعا لقوات الاسايش الكردية في منطقه حي الوحدة في كركوك ليلة رأس السنة!وقد نظمت "عصائب اهل الحق " بزعامة قيس الخزعلي استعراضا عسكريا وسط بغداد اواسط عام 2012 وبرعاية نوري المالكي!ومشاركة القيادي في دولة القانون - كمال الساعدي الذي حذر من مخاطر سحب الثقة من رئيس الوزراء!"قيادة العصائب ثلائية - محمد الطباطبائي والشيخ اكرم الكعبي و قيس الخزعلي".
   من جهة اخرى استعرض افراد من لواء اليوم الموعود التابع للتيار الصدري يوم 14/7/2012 في منطقة الحرية وهم ملثمون ويحملون اسلحة!وبعد انتهاء الاستعراض قاموا باعتقال بعض من قيادات عصائب اهل الحق لقيامها في حرق مكتب مقتدى الصدر في الحرية قبل ذلك بأسبوع!
    المتعارف عليه ان الارهاب هو كل فعل عنف سياسي موجه حصراً ضد السكان المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وارهاصاته مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية معاً،وتناصر الامم المتحدة هذا التحديد القانوني حيث لا يشمل الارهاب جميع اشكال العنف السياسي!وكل التشكيلات الآنفة الذكر مع تشكيلات مسلحة اخرى هي ارهابية بامتياز وطائفية الى حد التخمة وتستمد قوتها ومصادر سطوتها من الصدامية والاسلام الطائفي الحاكم وعصابات الاجرام المنظم!وتلقى اجماع الادانة الواسعة من القوى السياسية العراقية لأنها تستهدف تدمير العراق ووحدته الوطنية،وتقف ايران وراء تمويل وتوجيه معظم التنظيمات والميليشيات والمجموعات التي تبيح لنفسها الخطف والقتل!وهي تتدخل بشكل سافر في الانتخابات والاستفتاءات بالتخويف او الاغراء وبالفتاوى الرقيعة التي تحرم التصويت لغير زعرانها!وتعلم الحكومة العراقية علم اليقين انتشار العشرات من معسكرات التدريب العسكري للمرتزقة داخل الاراضي الايرانية،ومنها معسكر كوشة لاغر الايراني،وهو معسكر تدريب القاعدة للعمل في العراق!وان عناصر تنفيذ الاغتيالات في البصرة ضد قطاعات واسعة من اهاليها قد جري تدريبهم في معسكرات حزب الله في لبنان باشراف اطلاعات.
   في موسوعة ويكيبيديا يعرف الكلب البوليسي بالكلب المدلل الذي تم تدريبه لمساعدة الحكومة والشرطة في اعمالها!وتعرف الاوساط الاكاديمية البلطجية  THUGSبالمجموعات التي تتنمر وتثير الرعب بين المواطنين بأتجاه فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الناس وارهابهم وابتزازهم والتنكيل بهم!او المجموعات المتهورة التي تعرض قوة عملها عبر الارهاب،ولهم مرادفات عدة،كالشبيحة والمرتزقة وقطاع الطرق وكاسروا الاضرابات والاعتصامات والشماكرية والعصابات والكتائب السوداء وذوو القمصان السوداء والأشباح وكتائب عزرائيل..!البلطجية وكلاب الامن البوليسية المدللة مترادفة كادوات عنف بلا عقل"الكلب البوليسي قد يكون ذكي احيانا"،يستعين بهم ضباط الأمن والداخلية والاستخبارات لردع الخصوم تحت ستار حماية البلاد من اخطار الفتن المحدقة!وكمفهوم عصري تعني البلطجة بتجنيد السلطات القائمة الأفراد لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ولكسر الفعاليات الجماهيرية الاحتجاجية!
    نستنتج مما سبق ان التشكيلات التي ذكرناها أنفا ليست ارهابية فحسب بل تخضع لآلية كلاب الامن المدللة البوليسية لأنها تشكيلات بلطجة!فالسلطات السياسية والدولة هي المصدر الاساسي الاول للتطرف لأنها التطرف الاصلي،ويعيد التطرف الاهلي انتاج التطرف السلطوي ولكن اكثر عنفا!التطرفان يدمران المجتمع ويقوضانه!وعليه،كانت السلطات السياسية دوما المصدر الرئيسي للتطرف متى ما سلكت نهج"لا فصل بين السلطات"!وتتنفس التشكيلات الرعناء آنفة الذكر في فترات التراجع والارتداد السياسي العام والظروف المعيشية الصعبة وشيوع الفساد وبالاخص الفساد الاداري!والهدف اساسا تحويل الشعب الى عنصر سلبي وخاصة الفقراء والمهشمين!تشكيلات البلطجية انعكاس لحياة التعاسة والخيبة والاخفاق!ويسبب عدم الحزم والتردد والميل الى التسويات والتفاهم واساليب الاغراء والافساد والامتيازات الواسعة والاستحواذ على ثروات الشعب وارهاصات العولمة والرأسمال الاجنبي لا افساد الافراد فحسب بل الاحزاب والنخب السياسية المتنفذة.ويعتبر الطاغية اشاعة الفساد عامل اساسي لديمومته!والفساد هنا يعني بالتأكيد سوء توزيع الثروة وانخفاض القدرة الشرائية والركود والكساد الاقتصادي وانحسار العرض ونقص الانتاج!ويخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية!
     تتشابك ظاهرة البلطجية والرعاع مع ظاهرة الحثالات DREGS الطبقية والجماعات الهامشية MARGINAL GROUPS!والطائفية المقيتة تهيمن على لغة"البلطجية"والميليشيات المسلحة في العراق،وتسهم في اذكاء واشاعة المزيد من الفوضى!انهيار الأمن،انتعاش المحاصصات،تغييب الملايين!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.
   يجري هذا تحت خيمة الحكومة العاجزة لا عن حل ازمة الأمن فحسب،بل وعن مخاطبة الملايين ممن تغيّبهم وسط محن يواجهونها وحدهم!بينما المتنعمون يواصلون،وسط  شلل البرلمان المنتخب"اجتماعات المحاصصات"في الغرف المغلقة،وبعقول تجيد الصراع على الكراسي وقلوب تخلو من الحرقة على الضحايا وبمشاعر تتجاهل اصحاب القضية الحقيقية من الساخطين والمحبطين الذين تطحنهم مآسٍ لا مثيل لها!الاسلام السياسي والطائفية السياسية تعبر عن مصالح الكومبرادور والطفيلية وتجار اقتصاديات الظل - البيئة الخصبة لتفريخ"البلطجية"!والقاسم المشترك بين الدين والطائفة السياسيين و"البلطجة"هنا،هو العنترة والشقاوة الصبيانية!
  التشكيلات الطائفية اليوم هي وريث للتشكيلات الارهابية البعثية!ومن"بلطجية"في العهد الصدامي الى"بلطجية"في العهد الجديد،لكنها هذه المرة دينية طائفية مريرة اجهضت وتجهض احلامنا،وفاقت وتفوق رداءتها كل تصوراتنا!!الزمر التي كانت تمارس التعذيب في سجون الدكتاتورية لازالت حرة وتمارس وحشيتها في الشوارع وفي وضح النهار،وخلفت لنا زمرا جديدة في العهد الجديد تتلمذت في مدارس الزمر القديمة،وتهمة الجنون جاهزة لمن يروي وحشية المعتقلات وبشاعة الاعتقال والتعذيب في بلادنا!
   ان تواطئ كبار ضباط الأمن والمتابعة الخاصة بمكتب رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بقضايا تهريب المجرمين وسجناء القاعدة يشير الى تورطهم بجرائم القتل بالكواتم واللواصق،وتورطهم بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة وكبار رجال الامن،ويفسر بان الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها،ويدل على دور"البلطجية"والنفوذ الايراني الكبير بأعمال العنف والقتل وسفك الدماء في العراق!بلطجية تختطف وتحرر ضحاياها لتسجل بطولة كاذبة لها،وتشترك تارة مع الشرطة في عمليات المداهمات،وتارة ضدها،ليس لها من صفة رسمية غير انها"بلطجية"!وللبلطجية اسماء والقاب كثيرة،ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم!
    كل مرتزقة "المقاولة العراقية" -  التشكيلات الارهابية المتواجدة على الساحة العراقية اليوم لا تختلف في جوهرها عن "امارات" المتطرفين التي كانت قائمة في اللطيفية وابوغريب والخالدية والفلوجة والدور،والنجف وكربلاء والثورة!لأنها كلاب امن مدللة تحول الناس البسطاء الى دروع بشرية للعابثين باسم الدين والقومية!لكن القيمة السياسية والمعنوية للطائفية السياسية وتشكيلاتها الارهابية وكلابها البوليسية تهبط دوما مع تفعيل القرار السياسي الوطني المستقل وتأكيد الهوية الوطنية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية وعبر بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية على اسس مهنية والولاء للوطن وللدستور والنظام الديمقراطي الاتحادي،وعبر بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية.


بغداد
27/2/2013

36

النشاط المطلبي لشركة نفط الجنوب سعة افق يقابله ضيق الافق الحكومي

سلام كبة



   اواسط الشهر الجاري شرع عدد من منتسبي شركة نفط الجنوب بالتظاهر  داعين وزارة النفط الى منحهم "حقوقهم" التي يتهمون الوزارة بتضييعها،ومطالبين بـ"تفسير سيطرة الشركات الأجنبية" على الحقول التي منحت بتراخيص!وشملت المطالب تثبيت العقود على الملاك الدائم،وتوفير السكن لهم.وسبق للعاملين في شركة نفط الجنوب ان قاموا بالعديد من التظاهرات والإضرابات وحققوا جزء من مطالبهم العادلة،لكن ادارة الشركة تعود الى نهجها السابق في التنكر لهذه الحقوق المشروعة.
  ووفق لجنة الدفاع عن حقوق العاملين في القطاع النفطي فأن مطالب منتسبي شركة نفط الجنوب في تظاهراتهم الحالية تتركز على:
•   صرف الارباح المتراكمة منذ 2010 والبالغة (365) مليار دينار،والخشية في ظل الفساد المالي ان يتم التلاعب بهذه الارباح!
•   المطالبة ببناء قطع الاراضي في منطقة الطوبة والنخيلة التي تم توزيعها على العاملين قبل (8) سنوات وذلك من قبل الشركات الاستثمارية،وعدم تحميل العاملين ابة مبالغ (كمقدمة)!كما نطالب بتوزيع قطع الاراضي في التنومة على المستحقين في الشركة.
•   المطالبة بألغاء كل القرارات المقيدة للعمل النقابي وتشريع قانون عمل عادل ومنصف.
•   معالجة العاملين في الحقول النفطية التي كانت ساحة للمعارك والملوثة باليورانيوم المشع!وخاصة في الرميلة الجنوبية والشمالية،وفي مستشفيات خاصة وعلى حساب الشركات الاجنبية واجراء الفحص الدوري في هذه المستشفيات.
•   منع طرح المستشفى الخاص للعاملين في النفط على الاستثمار الخاص،وتخصيصه فقط للعاملين في النفط وعوائلهم،وهو الغرض من انشاء هذا المستشفى.
•   رفع سقف المكافئات المالية من(1) مليون إلى (4) مليون لعموم العاملين في القطاع النفطي.
•   تغيير الدرجات الوظيفية للعاملين (المسكنة درجاتهم على الدرجة الرابعة المرحلة(11) منذ (6)سنوات).
•   الكشف عن تفاصيل الحافز الجديد الذي اقرتة الوزارة والاعلان عن المعادلة الخاصة به.
•   اعادة مخصصات المناوبة وبدل العطل الرسمية والخطورة التي كان معمول بها سابقأ.
•   تفعيل عمل شعبة التدريب والتطوير من خلال شمول كادرالشركة بالدورات التطويرية!وبالخصوص التي ترتبط بالعنوان الوظيفي والاعتراف بالدورات المقامة في المواقع الحقلية.

   وتعتبر شركة نفط الجنوب من اكبر الشركات الوطنية العاملة في العراق من حيث الانتاج والتصدير وتأسست عام 1969 اثر التوجهات الجادة للحكومة العراقية في حينها نحو تجسيد شعار"نفط الشعب للشعب"،واقدامها اعوام 1972- 1975 على خطوات التأميم الجريئة!قبل التفافها على جوهر القرارات ليجر تغذية النخب الطبقية البيروقراطية والطفيلية والقطط السمان البعثية على حساب عامة الشعب!وتقوم الشركة بأنتاج الغالبية العظمى من النفط العراقي وتتولى تصديره الى الخارج عبر منصات بحرية من موانئ البصرة.وتمتلك شركة نفط الجنوب، بوصفها اكبر شركات الجزء الجنوبي من العراق نفوذا كبيرا بسبب فرص العمل التي توفرها لأبناء المناطق الجنوبية،وتثار بين فترة وأخرى انتقادات لسياسة الشركة بمنح الدرجات الوظيفية.
   يذكر ان النشاط المطلبي في القطاع النفطي يواجه كبرى المعوقات في مقدمتها التوجيه المرقم 12774 في 18/7/2007 المنسوب الى وزير النفط حسين الشهرستاني آنذاك!وبموجبه منعت الدائرة الادارية والقانونية في وزارة النفط مشاركة اي عضو من اية نقابة واتحاد نقابي ومركز نقابي في اية لجنة من اللجان المشكلة في مؤسسات وشركات الوزارة،كون هذه النقابات لا تتمتع باية صفة قانونية للعمل داخل القطاع الحكومي ولا يجوز السماح لهم باستخدام المكاتب والآليات والمعدات التابعة للوزارة كونهم لا يتمتعوا بالصفة القانونية للعمل داخل القطاعات الحكومية ..واكد وزير النفط حسين الشهرستاني هذه التوجيهات مرة اخرى في تصريحاته السادس من آب 2007 عندما رفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي جملة وتفصيلا!
   ولازالت الاتحادات والتنظيمات النقابية العمالية تنوء تحت ثقل القرارات والقوانين المجحفة المتعلقة بالعمل والعمال وباسلوب عمل الحركة النقابية وبشكل خاص القرار رقم 150 لسنة 1987 وقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987 والامر الديواني 8750 في 8/8/2005!
    اجراءات التدخل في الحياة النقابية والمهنية وانتهاك الحريات التي أقرها الدستور وكفلتها المواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها العراق ومحاولات الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!اثارت وتثير موجة من الاحتجاجات الواسعة داخل البلاد،لان ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع وشيوع الاستبداد والولاءات دون الوطنية،تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع.وقد تحولت وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني الى عائق امام نشاطات المنظمات واستقلاليتها،كما تعيق المحاصصات والامتيازات شروط الحياة المدنية!وكان المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال قد قرر مقاطعة الانتخابات العمالية في عموم العراق التي أعلنت عنها اللجنة الوزارية ذات العلاقة مبينا ان اللجنة ارتكبت تجاوزات ومخالفات قانونية،وحاولت تسييس الانتخابات العمالية لمصالح حزبية ضيقة،كاشفاً عن مضايقات وتهديدات تعرضت لها الكوادر النقابية والعمالية في بغداد وباقي المحافظات.
    نائب الامين العام لاتحاد نقابات العمال هادي علي لفتة يؤكد ان "قانون العمل مازال على رفوف مجلس النواب منذ 9 سنوات،وندعو مجلس النواب لاقراره باسرع وقت لحل جميع الاشكلات والصعوبات التي يعاني منها عمال العراق!".ويقول عدنان الصفار عضو المكتب التنفيذي للاتحاد:"أننا لم نصنع الظروف السيئة الحالية،فقد خلقها النظام البائد وحرب صنعها الامريكان،ونعيش اليوم نتائج ذلك.ولهذا فأن المطلوب منا،النضال المتواصل  الصبور والثابت من اجل انتزاع المكاسب وتحقيق قضايانا المطلبية وليس الانتظار الممل!ولا منة من احد،علينا ان نكون مبادرين في صياغة المطالب وبمختلف الاساليب(وفود،عرائض،احتجاجات،اعتصامات،تظاهرات .. وغيرها)، يتوجب علينا الاتصال بجماهير الطبقة العاملة وكادحي شعبنا،هناك حيث نستطيع تحقيق الكثير اذا أحسنا التعامل معهم،لان عملنا المباشر هو عبر اللجان النقابية والنقابات العامة!وتواجدنا المتواصل في مواقع العمل المختلفة،فما فائدة هذه النقابات والجمعيات اذا لم تدافع عن مصالح جماهيرها؟وهذا هو الممكن الوحيد في الوقت الحاضر،ذلك لانه حتى قوتنا العمالية ستعتمد كثيراً على ما نحققه على مختلف الاصعدة .. وقد قيل .. وما نيل المطالب بالتمني بل يجب انتزاعها!"
   وغير خاف على احد اليوم ان ارساء الحريات الديمقراطية وكفالة الحقوق المدنية وحقوق المرأة والاقليات وضمان تفادي انبثاق الفيدراليات الجهوية والطائفية دستوريا في العراق هو ليس من باب التمنيات او منتوجا جاهز الصنع بل مسارا طويلا لا يترسخ الا بتوفر البيئة السياسية الملائمة التي تنحو الى الاستقرار وبتوطيد بناء مؤسسات القانون،وليس مؤسسات دولة قانون نوري المالكي!كل ذلك اشعل التظاهرات الشعبية والفعاليات الاحتجاجية الصاخبة منذ قرابة العامين في بغداد والبصرة والانبار والموصل وبقية المدن العراقية!كانت باكورتها تظاهرات اواسط عام 2010 ضد نقص الخدمات وانعدام الكهرباء وضد اعتكاف مسؤولي الكهرباء في مكاتبهم الوثيرة وتشكيلهم الاخطبوطات الفاسدة ومفاتيح الارتشاء والعصابات العلاسة والمافيات الضاغطة،بينما جاءت تظاهرة 25 شباط 2011 لتؤسس مولد تاريخ جديد للمعارضة السياسية الوطنية السلمية!والنشاط المطلبي في شركة نفط الجنوب هو امتداد للعمل الاحتجاجي المطلبي السلمي المتواصل الضاغط وسليل لمآثر الطبقة العاملة العراقية في القرن المنصرم وخاصة مأثرة كاورباغي!
    فقبل 67 عاما برهنت الطبقة العاملة العراقية في مأثرة اضراب كاورباغي على روحها الثورية التي لا تقهر وضربت بعرض الحائط كل التوقعات البراغماتية والبورجوازية والاصلاحية للقوى السياسية في الحقبة الآنفة الذكر ...كان اضراب كاورباغي ملحمة احتدام الصراع بين حركة الطبقة العاملة والسلطات الملكية الرجعية وتتويجا للاضرابات العمالية في الميناء والسكك والكهرباء والمطابع والبرق والبريد ... ، بعد ان جاءت وزارة ارشد العمري لكبح النهوض الثوري المتصاعد وخرقا لحقوق الشعب العراقي !... يذكر انه تم استحصال اعترافات رسمية من السلطات الملكية لجميع النقابات العمالية غير المجازة عدا نقابات النفط والتي اصرت الشركات الاحتكارية على منعها وتحريمها !... وبدأ الاضراب اوائل تموز 1946 واستمر 13 يوما ..ولم تجد وسائل الارهاب والتهديد في كسر عزيمة العمال على تحقيق مطاليبهم ... وباءت المجزرة التي اريد بها كسر معنوية العمال بالفشل الذريع فبدلا من ان يعود العمال الى العمل نظموا في اليوم التالي 13 تموز 1946 مظاهرة سياسية عارمة في كركوك وحملوا شهداءهم على الاكتاف ، ولم يجرأ على التصدي احد بل قام الجنود بالهتاف عاليا بسقوط الغدر الحكومي .
ان العلاقة بين حكومات ما بعد التاسع من نيسان والتيارات السياسية ومختلف منظمات المجتمع المدني ، أخذت طابع المواجهة  نتيجة تراكم الضغوطات النفسية والاجتماعية والاحساس بالغبن خلال عقود الاحتقان الماضية.... ‬وتداعياتها مرشحة للاستمرار الى ان تأخذ المسيرة الديمقراطية وضعها الطبيعي ‬والى ان تتجاوز الحكومات العراقية أخطاءها  باتاحة المجال واسعا للرأي ‬الآخر والجلوس معه على مائدة المفاوضات لوضع الحلول لكل هذه التراكمات .... ‬وليس باصدار القوانين والمراسيم والتعليمات والتوجيهات لاسكات هذه المنظمات واعاقتها عن القيام بدورها لان من مصلحة الحكومة على المدى البعيد ان تدور مناقشات حيوية ومسؤولة حول السياسات الحكومية وبمشاركة مختلف فئات الشعب العراقي  ‬من خلال منظماتهم ووضع الحلول لها. ان تشكيل الحكومات العراقية على اساس من الحوار والتوافق الوطني الحق وليس الملثم والمخادع،واعلاء قيم المواطنة والوحدة الوطنية، من شأنه ان يشيع الامل والتفاؤل ويعزز اجواء الثقة ويدفع العملية السياسية قدما. وسيشكل ذلك كله رافعة متينة لجهود انقاذ الوطن من ازماته وتخليصه من محنته واعادة الامن والاستقرار الى ربوعه وبناء اقتصاده من جديد، وتحسين الاحوال المعيشية وتوفير الخدمات الاساسية.
     ان نقابات العمال قد أنتجتها الإضرابات العمالية وأن انتصار النقابات كان مرهونا دائما بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الجماهيرى الأساسية: "الاجتماع، والتظاهر، والاعتصام والإضراب "  فكانت دائما العلاقة تبادلية بين النضالات العمالية والنقابات . تراكمت الخبرة النضالية للطبقة العاملة وتكونت ملاكاتها وازداد وعيها وشنت سلسلة من الاضرابات في اكبر المشاريع ذات التحشدات العمالية وأفلحت في انتزاع إجازة النقابات العمالية في بلادنا. وتعتبر اضرابات عمال السكك وكاورباغي كركوك وكي ثري سنة 1946 ملاحم نضالية مجيدة ومدرسة بحق للطبقة العاملة العراقية .....  إذا كانت الإضرابات هى التى أنجبت النقابات الأولى في العراق فإن النقابات قد استخدمت الإضراب عن العمل لتحقيق مطالب أعضائها وتحسين أحوالهم.
•   المهام الآنية للنشاط العمالي النفطي الافتراضي
التنسيق مع فصائل الحركة الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في سبيل تحشيد العمل التعبوي لما يلي:
   المقاومة الحازمة لضغوط المؤسسات الدولية لربط ملف الديون بتنفيذ برنامج وشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ونادي باريس لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع أساسية وعن المشتقات النفطية ، والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة . وتجنب الصيغ الجاهزة التي تعتمد الحلول المقطوعة الجذور عن واقع اقتصادنا والمهمات الملموسة التي تواجهه، ومن بينها وصفات خبراء الثالوث العولمياتي الرأسمالي.
   فضح الجهات التي تستكلب لابقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا مستوردا مستهلكا وحيد الجانب في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة،واهدارعوائد النفط على استيراد السلع لاغراض الاستهلاك والانفاق على الرواتب والمصروفات الجارية فقط!!
   رفض آلية السوق كوصفة سحرية لحل كل المشكلات الاقتصادية التي يواجهها بلدنا. المطلوب في عراقنا الاشم ليس تصفية القطاع العام انما تصفية العقبات التي تحرفه عن اداء وظيفته التاريخية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية والاجتماعية المركبة. يعتبر امتلاك السياسة التسعيرية الوطنية والضوابط اللازمة التي تتفق مع مبدأ التوفير الاقتصادي الصارم وضبط أسعار السوق والقطاع الأهلي الخاص مهمة حيوية .
   السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة!والسوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية!ولابد من الاشارة الى الادوار التخريبية للشخصيات المدعومة والمرتبطة بـلوبيات حكومية تستغل نفوذها لدى الحكومة،لتقوم بإنشاء شركات خاصة تتطفل على المنشآت الصناعية الاستراتيجية وتنافسها في الحصول على مدخلات العملية الصناعية!
   تعديل قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006 ليجر تأكيد ارتباط دخول الاستثمارات الاجنبية ببلورة طائفة من الضوابط التي تحمي بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، وخصوصا الاستراتيجية منها، من الخضوع لسيطرة الرأسمال الأجنبي من جهة،  والعمل على ضمان توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية وفق الحاجات التنموية ولاستمرار التحكم بالثروات الوطنية. وضرورة ابقاء البنى التحتية والخدمات (الطاقة الكهربائية، الماء، المجاري، الطرق، النقل، الخزن وغيرها) تحت سيطرة الدولة، وابعادها عن الاستثمار الاجنبي.
   ضرورة وضع القيود على تدفقات الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمار المباشر الذي يخلق طاقات إنتاجية وفرص عمل وينقل خبرات تكنولوجية ومعارف ومهارات إدارية.
   ضرورة قيام الدولة بوضع السياسات التعدينية الاستراتيجية للبلاد والمراقبة والاشراف على حسن تنفيذها من قبل القطاعين العام والخاص.
   اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا وينبغي ان يظل تحت سيطرة الدولة، لا سيما المخزون النفطي.واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام، والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر، وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.وتحويل القطاع النفطي (الخام) من قطاع مهيمن ومصدر للعوائد المالية فقط (أي مصدر للتكاثر المالي وليس للتراكم) إلى قطاع منتج للثروات ويكون قطبا لقيام صناعات أمامية وخلفية تؤمن التشابك القطاعي المطلوب لتحقيق الإقلاع التنموي الحقيقي.وتجاوز الاستخدام السيئ للريع النفطي، من خلال إعادة هيكلة القطاع النفطي ليكون أحد وسائل التنمية الاقتصادية وليس عبئا عليها. ويتطلب هذا توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية بالدرجة الأساسية وتأمين الرقابة والأشراف عليه من قبل المؤسسات التمثيلية للشعب.
   إعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في قانون منفصل يسبق تشريعات النفط والغاز الجديدة . والعمل على تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز، محطات عزل الغاز، محطات الضخ، أنابيب إيصال النفط من أجل رفع إنتاجها  واستمرار تدفق النفط العراقي للأسواق الخارجية، وإعادة إعمار ما دُمرِّ أثناء الحرب ومحاصرة أزمات الوقود الخانقة… واعتماد استراتيجية للتعجيل في نقل استهلاك الطاقة محليا من النفط الى الغاز لتوسيع فائدته الاقتصادية والبيئية في ميادين لها الميزة النسبية الواضحة مثل الأسمنت والكهرباء والزجاج…الخ، واتخاذ موقف حازم ازاء الممارسات المضرة بالآفاق الاستخراجية من المكامن المنتجة التي تعرضت الى سوء الاستغلال ،ومحاورة الشركات العالمية حول المساعدة في أتمتة وحوسبة وروبتة وتأليل الصناعة النفطية وادخال التقنيات الحديثة فيها.
   العمل التنموي الصبور البناء لا العمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر(Stolen water are sweetest)،والتأكيد على الالتزام بسياسة صناعية واضحة المعالم ضمن خطة مركزية استراتيجية شاملة ومتعددة الجوانب!العاملون في القطاع النفطي لا يعرفون ماذا تريد الدولة اليوم؟!الحكومة العراقية ليس لها تصور واضح عن سبل النهوض بواقع الاقتصاد العراقي ووعودها ميكافيلية الطابع!الدراسات الاقتصادية الجادة لاعادة تأهيل المنشآت الصناعية الاستراتيجية معدومة!
   بتر سياسة ازدراء الطبقة العاملة العراقية التي انتهجتها حكومات ما بعد التاسع من نيسان 2003!وبدل ان نتسائل لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!ولمصلحة من اهمال الصناعة ومحاربتها؟!يخاطب قادة النظام السياسي الجديد العاملين في شركات القطاع العام"يجب الا تستغل شريحة العمال لرفع اللافتات والتظاهرات،وانما بالعمل على تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير احتياجاتهم،وان نعوضهم عن المعاناة الكبيرة التي واجهوها،لأن يد العامل هي التي تنتج وتسهم في استقرار الدولة وتطورها..يجب ان نخرج من لغة اللافتات الى لغة العمل".ولغة هؤلاء الجهلة تشكل اليوم جزءا من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!مرورا بفساد القوى المتنفذة!
   الاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في القطاع النفطي مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح يستلزم اعادة النظر بمسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد ومشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام المقدمتان الى مجلس النواب على اساس :ارساء الصناعة المؤممة بعقودها المتنوعة والرفض المطلق لعقود الامتياز والمشاركة .ومن الضروري عدم تجزئة مشاريع قوانين النفط ،والنظر لها  دفعة واحدة.... على الحكومة تقديم مشاريع قوانين موحدة تخص النفط الى مجلس النواب ،ولا تقوم بتجزئتها... لأن هذا ليس في مصلحة البلاد..
   تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة ، وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية . وتشريع قانون مناسب لضريبة الدخل على الانتاج النفطي والغازي يخضع له الإنتاج الهايدروكاربوني السائل والغازي ،الحكومي والأهلي والأجنبي،يؤمن حصص الجميع من منتجين ومجتمع ..
    ليس من الإنصاف استغلال إنشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية، التي تقلقه لتمرير سياسات وتشريعات تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون أن يكون لهم مشاركة ورأي في ذلك.فإذا كانت القضية الأمنية اليوم هي من أهم ما يشغل الشعب، فله أمانٍ وتطلعات أخرى، ستتقدم في سلم الأولويات بعد ان يشهد الوضع الأمني تحسنا ملموسا.أجواء الاضطرابات والأزمات الأجتماأقتصادية بيئة خصبة لاختلال الموازين وشيوع التجاوزات .. وتعمد البعث البائد اختلاقها بالقادسيات الكارثية وإشاعة الولاءات دون الوطنية وبالإرهاب والقمع السافر وبالنهج الأستهلاكي .. لينتج ويعيد إنتاج التخلف ويتعمد التجذير المستمر للعبث واللامعقولية وغموض الصدفة واللاوعي والغيبية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث!وإشاعة السحر والشعوذة.وظللت هذه المظاهر الحقبة الجديدة لتتطابق أحيانا بعض النخب السياسية الطائفية مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للإعلام الدعائي الزائف التبريري لتمرير التشريعات بالضد من مصلحة الشعب العراقي.
   على الحكومة العراقية ومجلس النواب عدم التحول الى حملة لاختام الولايات المتحدة والشركات الاحتكارية والمنتديات العولمياتية الرأسمالية ...  وبالتالي لا اعتراض على قرارات الخصخصة وعقود المشاركة سيئة الصيت، خصوصا أن للكثير من أفراد النخب الحاكمة الجديدة مصالح كبيرة فيها .. ووجب المتابعة الدقيقة للعقود التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية ، وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات وفق برنامج النفط مقابل الغذاء.والمطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة،وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية.وهذا يستدعي المجاهرة برفض ملف بريمر الذي يمنع عمليا دعم الدولة للقطاع الخاص الصناعي وانشاء المؤسسات الصناعية المختلطة!ويرسخ سياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ويرفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ويؤكد ملف بريمر على مغازلة سياسات برنامج وشروط صندوق النقد لدولي لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع اساسية وعن المشتقات النفطية والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة.
   العمل على عدم تحويل البنزين الى مادة للاتجار وتهريبه في العاصمة العراقية وبقية  مناطق العراق والى خارج الحدود عبر الأسواق السوداء (Black Markets  )، وهذا هو حال المواد الوقودية الأخرى لأن ذلك يعزز من فوضى السوق ويشجع الفساد.وهذا يتطلب وضع اليد والكشف السريع لنطاق الجرائم الاقتصادية واموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة وافلات مرتكبيها من العقاب!
   تعزيز قطاع شرطة النفط وتفعيل دوره في حماية مرتكزات الصناعة النفطية وتجهيزه بالمعدات التقنية الضرورية كالطائرات والحواسيب.
   ترسيخ الأعلام كونه سلطة رابعة تراقب سلوكيات الوحدات الإنتاجية والإدارية والنسغ الأجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع،وتتيح الفرص أمام قوى المجتمع ومدارسه الفكرية والسياسية للتفاعل بحرية لأدارة البنية التحتية للإعلام لاسيما عملية صنع القرار على كل المستويات!وعلى اعلام ما بعد التاسع من نيسان مواجهة جنون الدكتاتوريات والإرهاب والطائفية السياسية والاصوليات المتطرفة ومدرسة واشنطن التأديبية معا ليتمكن الشعب العراقي من النهوض ويتجرأ على رفع رأسه في حضرة السادة ، وتتمكن الطبقات الدنيا من أن تفهم مكانها في الاستقرار والمجتمع ! والنظام العالمي الجديد. على هذا الأعلام أن يتسم بالموضوعية ويعكس حياة الشعب بأمانة - من الشعب والى الشعب - .
   يتطلب اختيار الكادر الإداري في صناعة النفط الوطنية  على أسس المواطنة والولاء للعراق وعلى معايير الكفاءة . الولاء للوطن يعني احتقار الدكتاتورية البائدة التي قدمت الوطن على طبق ثمين من الذهب الاسود للاحتكارات الدولية . وإلغاء حزبية السلطات تعني إلغاء احتكار حزب بعينه للمؤسسات الحساسة فيها كمؤسسات الداخلية والإعلام والتربية والتعليم والمالية والدفاع ، وإلغاء احتكار حزب بعينه لكل الحقائب الإدارية في الوزارة المعنية . ولا يعني تولي وزير من الحزب الفلاني للوزارة المعنية ان تكون كل الحقائب الإدارية الحساسة من نفس الحزب .
   محاسبة عرابي إدارات النفط  المتورطين بالاختلاسات والرشاوي وتقاضي العمولات من الاجنبي والارهاب والاسهام في فرق الموت الفاشية..  يفترض أن يخضع  تعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع والوجوه الطائفية المقيتة وتوليهم المناصب الحكومية والحقائب الوزارية ! للرقابة والتدقيق الشديدين....  لأنه  يثير المجتمع ويدفعه باتجاه التطرف في أحكامه على الوضع القائم.
   نبذ منهج الذرائعية والتبريرية والنفعية الاقتصادية الذي يتيح للسلطات القائمة وفق مبدأ الفوضى النفطية البناءة  تبرير الازمات النفطية الخانقة ولتقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية والطائفية والعشائرية ...وهي نفس القوى التي تتجاوز على النفط وتسرقه وتهربه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر...  
   تحسين الاداء الحكومي لأن الاداء الحكومي الراهن مثبط للهمم!ولم تلغ او تستحدث او تنشئ اية منظومة حكومية وفق آليات ادارية تستند على تشريعات قانونية لادارة الازمات التي عصفت وتعصف بدوائر الدولة الحالية،اجمالا وعلى الاطلاق!ولا يوجد في الافق ما يشير الى دعم جاد للمنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة واعادة تأهيلها واصلاحها والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.هذه المنشآت تعاني من تقادم وسائل الانتاج وهيمنة الاساليب القديمة وغير الكفوءة ومن تردي الخدمات العامة،خاصة الطاقة الكهربائية،وعدم التنسيق بين المشاريع الصناعية ضمن القطاع الواحد ومع القطاعات الاخرى،والتي ادت بمجملها الى ركود وتدني مستويات الانتاج وارتفاع تكاليف الانتاج وانعدام القدرة على منافسة السلع الاجنبية!يذكر ان المعلومات اوائل عام 2009 تشير الى توقف 119 معملا ومصنعا عن العمل بسبب اطلاق الاستيراد بدون ضوابط وتدفق البضائع المستوردة المنافسة للمنتج العراقي!
   المعالجة الفورية لمظاهر الركود والتدني في مستوى تشغيل المشاريع الصناعية ذات المكوِن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة والاهمية الاستراتيجية كالصناعات التحويلية والتعدينية والكيمياوية والبتروكيمياوية والانشائية،وهي صناعات نهضت ابان العهد البائد.ولم تر النور اية مشاريع جديدة في هذا المضمار،وفي كامل القطاع الصناعي،بعد التاسع من نيسان!خاصة المدن الصناعية الحديثة!
   الدراسة الجادة لتحويل شركة نفط الجنوب وبقية الشركات النفطية الوطنية الى شركات مساهمة تساهم فيها الدولة برأسمال لا يقل عن 40% واطلاقها في سوق الأوراق المالية.
   تشريع قانون المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية لأن الاخيرة غير محمية من المنافسة،وحتى قانون عام 1929  لحماية الصناعة الوطنية وتعديلاته لم يعد ساري المفعول في العراق الراهن.ويبدو ان مصالح الحكومة العراقية الراهنة لا يتفق مع تشكيل المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية!لانها في مرتبة ادنى من مثيلاتها كالنزاهة والانتخابات!ولا تتفق مصالحها ايضا مع تشكيل مفوضية مستقلة للعقود والمبيعات خاضعة لشروط البنك المركزي وسوق العراق للأوراق المالية وقواعد العمل في الفرق التجارية تتداول بالعقود الحكومية بكل شفافية يعلن عنها بمناقصات اصولية وتراقب عمل واداء الشركات وتوكيلات تلك الشركات.
   منح التسهيلات الأئتمانية والاعفاءات الضريبية والحوافز والقروض ونسب الفائدة لمن يريد التوظيف في القطاع الصناعي،الامر الذي يشجع اصحاب رؤوس الاموال على توظيف رؤوس اموالهم في الصناعة الوطنية.وهذا يستلزم دعم المصرف الصناعي وتأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة في تمويل المشاريع الصناعية!واعادة احياء صندوق التنمية لتمويل مشاريع القطاعين الخاص والمختلط والتأكيد على المحفزات المالية والمادية وتوفير الطاقة الكهربائية بأسعار تفضيلية!
   مقاومة سياسة الاغراق (Dumping) وبيع الشركات منتجاتها من السلع الصناعية بأسعار رخيصة وحتى دون مستوى تكلفة انتاجها في بلدانها الاصلية،بهدف السيطرة على السوق العراقي وازاحة الانتاج المحلي ومن ثم التعمد الى رفع اسعار منتجاتها بعد ان تتم السيطرة تماما على السوق.
   المعالجة الجذرية السريعة للبطالة ومحدودية فرص العمل للعاطلين من الشباب الذين تملأ جنابرهم شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية!
   الاهتمام بالمؤسسات الحكومية والتعاونية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك للحفاظ على حق المواطن في الحصول على السلع والخدمات التي يشتريها على احسن وجه!
   الكف عن ارهاب المدنيين وقياديي النقابات،خاصة النقابات العمالية المنضوية للاتحاد العام لنقابات العمال،وغيرها من المؤسسات الوطنية العراقية ومنظمات المجتمع المدني!ومنها رابطة حماة الصناعة الوطنية والتجمع الهندسي لدعم الاعمار وجمعية السراجين!ولا تبدي الحكومة العراقية الآذان الصاغية للآراء الداعية لالغاء القانون رقم 150 القاضي بتحويل العمال الى موظفين واعطاء النقابات العمالية دورها في المساهمة في النشاط الاقتصادي وفي ادارة المؤسسات الصناعية.ومن الضروري ايلاء الاهتمام بآراء اتحاد الصناعات العراقي والصناعيين العراقيين ورجال الاعمال،ومقاومة ميول التدخل السافرة لوزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في شؤون المؤسساتية المدنية!
   استئصال الفساد ليكون رئيس مجلس الوزراء ووزراء النفط والصناعة ضمن دائرة الشبهات لا فوقها اسوة باشقاءهم وزراء التجارة والكهرباء!وهلم جرا!
   ينبغي ان تكون الحركة العمالية النقابية متينة ومتماسكة،وان يتصدر تنظيمها النقابي قادة نقابيون يتسمون بالكفاءة والمصداقية والأخلاص والنزاهة ممن خبرتهم ميادين العمل النقابي والنضالي في الدفاع عن مصالح العمال و حقهم في حياة حرة كريمة في ظل عراق جديد، بعيداً عن الوصاية والهيمنة لأي طرف حزبي او حكومي!
   هل يمكن لبنية طائفية سياسية ان تخلق شعبا قادرا على مواجهة حقبة العولمة وفي طليعتها الماكنة الثقافية والاعلامية والعسكرية والاقتصادية للرأسمال الدولي المتوحش؟هل يتنازل الزعيم الطائفي عن امتطاء ظهور افراد الطائفة للقائد السياسي والطبقي ببساطة؟بالطبع لا،حتى لو امتلأ الاعلام باعلانات الولاء الطائفي والعشائري.الطائفية ذات قدرة هائلة على التلون الأميبي مما يسمح لها بالتعايش مع العولمة وحتى مشاركتها مضجع الأمة.وتقوم الطائفية وكل الولاءات الضيقة بتفتيت النضال الطبقي والسياسي نيابة عن النخب السياسية المتنفذة والحكم القائم،وبهذا يوظفها النظام لخدمته ليتقمص شخصية المختار المهووس بتخاريف (خراريف) الطوائف ومديح زجالي المساجد والحسينيات والأئمة وثقافة المناسف،في حين هي توظف التنظيم السياسي في خدمتها.وستبقى الطائفية والعشائرية قوية طالما النظام الأبوي اقتصاديا قائم بالقوة والفعل!وهذا ما يقوم بتخليده النظام السياسي طبعا حيث يمارس الفساد،ويباعد ما بينه وبين التنمية،ويهرب من التصنيع،ويقيم نظاما سياسيا يقوم على الملكية الخاصة ولا يقيم نظاما رأسماليا تصنيعيا وانتاجيا.وعليه،لا تعيش الطائفية،ناهيك العشائرية،طويلا في مجتمع صناعي رأسمالي،فما بالك باشتراكي.والمصنع والمعمل عدو الطائفة والعشيرة لانه يصبح "طائفة" العامل المأجور ومصدر دخله!ولا يعود العامل ذلك القروي الجاهل الذي ينتظر بعض الفتات من المرجعية الطائفية وشيخ العشيرة.ومن هنا اهمية المصنع لانه يخلق للعامل علاقاته الطبقية بدل العلاقة العشائرية،ويصبح نضال العمال ضد الاستغلال وليس ضد طائفة وعشيرة منافسة!انه ببساطة اتساع الأفق مقابل ضيق الافق.


بغداد
22/2/2013

37



"انا القانون"وقطع صيوان الأذن بين الفعل المباشر وغير المباشر

سلام كبة

    المقصود بالقطع المباشر هو الفيزيولوجي!وفق قرار من مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 115 في 25 آب عام 1994،والذي نص على المعاقبة بقطع صيوان الآذان وتوسيم الجبهة لكل من هرب وتخلف عن اداء الخدمة العسكرية!وهو القرار الذي وقف وراءه مأبوني صدام حسين والاسلام السياسي الحاكم اليوم معا!"المأبون...مأبون في كل زمان ومكان"!ومن امثال مدحت المحمود وطارق حرب ومن لف لفهما!واللذان جهدا لاشاعة التدخل الحكومي السافر في شؤون القضاء العراقي اليوم والسعي للتأثير على قراراته واحكامه،وتسييسها وفقا لمصالح واهواء القوى الطبقية المتنفذة!
    اما القطع غير المباشر فالمقصود منه الآثار الناجمة عن الضغوط المضرة بالاجهزة السمعية والحساسية في الشعيرات الحسية للجسم الحلزوني بالأذن الداخلية والمؤدية الى الصمم احيانا!بسبب الضوضاء او الضجيج!اي الأصوات غير المرغوبة ذات الطاقة المؤثرة على قدرة الانسان في تمييز الأصوات والتي تسئ الى فعالية اجهزته السمعية وتؤثر سلبا على كيانه .. وكذلك الضوضاء المعلوماتية التي هي مزيج من المعلومات غير المتجانسة وغير المتناسقة وغير المرغوبة ذات طاقة تؤثر على قدرة الوعي الانساني لتمييز المعلومات وتسئ الى صحة المواطن وتعكر مزاجه ونفسيته وسايكولوجيته  وتؤثر على مهام جهازه العصبي!والتلوث الضوضائي -  نوع من انواع العنف غير المبرر وغير الملموس يؤدي الى الشعور بالاحباط والعجز بينما يحق للمواطن ان يحظى بالهدوء و الحياة الهانئة!
    التلوث الضوضائي – عمل ارهابي في وضح النهار لأنه فعل عنف موجه حصرا ضد المدنيين والمدنية والمجتمع مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية التي تمتلكها المصادر الضوضائية!ومن المفيد التأكيد ان الهواء والمياه لازالتا ملكية عامة " لا حمى الا حمى الله ورسوله"، والضوضاء هي اغتصاب لهذه الملكية مع سبق الاصرار!والضوضاء كأي كل عمل ارهابي - اعتداء على الحياة البشرية،والملكية على تعدد جوانبها،والأحوال على وجه يخالف احكام القانون الدولي بمصادره المختلفة بما في ذلك المبادئ العامة للقانون التي حددته المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية!وتعتبر السلطات ارهابية وراعية للعنف عبر اشاعة الرعب ومصادرة الحريات السياسية واهدار حقوق الانسان بأجهزتها القمعية الموسعة واتباع أساليب القمع النفسي الحديثة القائمة على تكتيك الفزع والصدمة المفاجئة لشل تفكير الخصم والتمرس في مضمار صناعة تضليل العقول.
    الضوضاء فعل من مجموعات منغلقة ومنعزلة من الافراد يستطيعون به الاخلال بالاستقرار والتوازن الامني والبيئي القائم عبر الاستفزاز والطرق غير الاخلاقية والتزوير والتهديد باستخدام العنف واستخدامه فعلا ،وبالغش على اختلاف انواعه ونشاطه السوقي الاسود!كل ذلك من سمات المافيا والعرابين القدامى والجدد واللوبيات والبلطجية!وتؤدي الضوضاء الى الاساءة المادية والمعنوية للابرياء تكمن وراءها اهداف وجماعات وحتى منظمات ودول،الاساءة المادية والمعنوية ضد ابرياء لا حول لهم ولا قوة في الصراعات القائمة لأنها تقوم على نسق مبرمج!الضوضاء ثمرة للتوترات  السياسية القائمة  والانحطاط المؤسساتي  بسبب ازمات الشرعية والمشاركة والازمات المعيشية والاقتصادية والتخلف والضغوطات الخارجية وخرق السيادة الوطنية.يقف وراء الضوضاء من يردد مع نفسه مقولة كل دكتاتور ساقط  "أنا القانون"!كما اسهم وأد الاسلام السياسي الحاكم للمادة 38 من الدستور ذات الصلة بحق المواطن في التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل،وفي الاجتماع والتظاهر السلمي،اللذين هما من مظاهر ووسائل التعبير عن الموقف والرأي!والسعي لاشاعة تكميم الافواه ومصادرة الحقوق!..اسهم في ارتفاع الرصيد الضوضائي!
   الضوضاء بشكل عام مسؤولة عن 50% من الاخطاء في الاعمال الميكانيكية و 20% من الحوادث المميتة واضاعة 20% من ايام العمل ..وهي تؤثر سلبا على التكاثر الحيواني ليقل انتاج الدجاج من البيض،والحليب بالنسبة للابقار ... كما تؤثر الضوضاء على النمو النباتي وعملية التركيب الضوئي!وتسبب الضوضاء الضغوط المؤثرة على النشاط العضلي والفكري للشغيلة والضغوط الفيزيولوجية والسايكولوجية ونشوء التوتر أي نمط استجابة الجسم للتأثيرات والضغوط والاحتياجات!وفي كلتا الحالتين (الطبيعية،المعلوماتية )تتركز التأثيرات في :

1.   التأثيرات النفسية مثل سرعة التعب والإرهاق العصبي والشعور بالضيق وسهولة الإثارة وكثرة الشكوى والتأثيرات العصبية الفسيولوجية المؤثرة على الإنتاج والتي تزيد من نسبة الأخطاء وتنقص القدرة على التركيز واداء الأعمال الذهنية والعقلية . تهيج الضوضاء الأعصاب، وتؤدي الى الشعور بالخوف والانهيار العصبي، وتؤثر على قدرة التركيز، ولا تسمح بالتفكير والعمل والتعلم أو حتى التمتع باوقات الراحة.
2.   ردود الفعل البيولوجية مثل سرعة النبض وتقلص الشرايين والأوعية الدموية وسرعة إفراز بعض الغدد في الجسم مما يتسبب عنه ارتفاع نسبة السكر في الدم . ومن ردود الفعل الأخرى القرحة وقلة مقاومة الجلد للكهرباء وتوسع في بؤبؤ العين . تؤدي الضوضاء إلى فقدان السمع المؤقت وأحيانا الفقدان الدائم للسمع، وهي تؤدي الى زيادة تدفق الأدرينالين في الدم، وتزيد من ضغط الدم، كما تشوش وتيرة نبض القلب وعمل الكلى، وتسبب الإعياء مما يؤدي الى الحاق الضرر بجهاز المناعة.
3.   الأضرار بالأجهزة السمعية والحساسية في الشعيرات الحسية للجسم الحلزوني بالأذن الداخلية .. وحتى الصمم أحيانا.
4.   الوفاة بسبب الضوضاء الحادة والضغط العالي جدا.
5.   الضوضاء البيئية تؤدي الى اضرار مادية إقتصادية لأنها تقلل من القيمة الإقتصادية للسكن.

    دخل مسلسل الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة مع صعود نجم الاسلام السياسي الحاكم في سياق نوعي جديد ضد بلادنا ومظاهر وجود الدولة الاساسية!بهدف تحطيم ارادة الشعب وحركته الاجتماعية والديمقراطية والجمعيات الخيرية والطوعية..الامر الذي تسبب في تراجع الثقافات الوطنية ومنها الثقافة البيئية خطوات كاملة الى الوراء لتحل محلها ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع والبلطجية والولاءات دون الوطنية،الثقافة الشمولية الجديدة والهجينية الانتقائية النفعية وثقافة الموت والقبور!ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والتآمر والاغتيال والأنانية والانتقام و القمع!الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل والوهم والوحشية!!اما المحاصصة الحكومية السياسية واعمال الارهاب وصعود نجم التطرف الديني والطائفية السياسية الحاكمة فهي تسهم في التوسع الانتروبي للعملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا،وما يعنيه ذلك من مستقبل غامض ومجهول!

بغداد
16/2/2013

38



ضياء الشكرجي .. تحية وسلاما!

سلام كبة

   في دراستكم القيمة"لماذا تحميل (الشّيعِسلامَوِيّين) المسؤولية أولا؟"بلغتم من وجهة نظري المتواضعة العلى او ال TOP لأنها كانت بحق تحليلا وصفيا دقيقا لأحوال الاسلام الطائفي الشيعي ومراجعه ومقلديه!واذ اقدر عاليا هذا التحول الجذري في مواقفكم الشخصية،لاسيما بعد تحملكم المسؤولية في قيادة التيار الديمقراطي العراقي،ينتظر متتبعو نتاجاتكم وابداعاتكم مزيدا من الجهد لالقاء الضوء على الحركية الطبقية والاجتمااقتصادية في بلادنا والمحركات – المحفزات للتوجهات الطائفية الاثنية على اختلاف وتنوع مذاهبها!
    برأينا،الاسلام السياسي الطائفي مهما كان لونه هو موقف سياسي واجتماعي وفكري وديني وثقافي طوباوي وعاجز يدعو الى التمسك بالاصول رغبة في الخلاص!وتعبير عن الممجوجية الفكرية في وضع الحلول المقنعة  للمعضلات القائمة بالبحث عنها في الماضي وصيغه التقليدية وشعاراته البراقة!وتجليات الاسلام السياسي الطائفي متنوعة لكن منفصمة عن الواقع وقاصرة عن اصلاحه وتطويره!لأتها ذات الموقف الآيديولوجي الجامد والرجعي المنسلخ عن الواقع الحي المتبدل والذي لا يستنبط الاصلاح من قلب المشكلات الواقعية!والذي ينحسر مع اطلاق عنان الفكر وتحريره من اسر الآيديولوجية وانغماسه في الواقع دون التقيد بتصورات مسبقة!
    ويعارض الاسلام السياسي والطائفي المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم ويلح على الولاء لولاية الفقيه وجهابذة المرجعيات الدينية وحوزاتها ويشيع المحافظة في الحياة السياسية ويرفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا (فستكون من الكافرين) سيئ الصيت،لا بل يتعداه لأنه لا يطيق اي رأي مخالف ولا يتقبل الرأي المعارض،ومستعد لأستخدام أقذر الوسائل واخسها ضد خصومه السياسيين بما في ذلك التكفير والتحريض على القتل والأرهاب ضد العراقيين والمواطنين الابرياء وفق منهجية مبرمجة جبانة وخبيثة مصاغة في اروقة اسيادهم!
    لم تجد نفعا محاولات ملائمة التوجه الرأسمالي مع  الاسلام السياسي الطائفي المعاصر الذي لا يزال يغذي الطائفية وكامل الولاءات دون الوطنية والعناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية وحتى معارضة التحولات الاجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية!وتواجه النخب البورجوازية العراقية اليوم موضوعة صياغة البيوتات الدينية الطائفية لتتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية!بينما تعيق عقلانية هذه النخب السلطات الدينية الطائفية وتحاول تكريس ماهو قائم بما في ذلك المضاربات التجارية والنشاط الطفيلي والكومبرادوري والفساد واستحالة تطبيق القواعد القديمة!ويضعف انتشار الافكار والقيم العلمانية بالطبع سطوة المعتقدات الطائفية القديمة ويضعف تمسك النخبوية الطائفية بالمعايير والممارسات البالية والتقليدية!
    تطالب البيوتات الطائفية اليوم بالسيطرة على الدولة كي تستطيع حل القضية الاجتماعية وفق مقاساتها اللاهوتية،والبعض منها متذبذب بين بناء دولة ولاية الفقيه وبين النشاط الاجتماعي اللاهوتي بجانب نشاط الدولة!بينما تعتبر الدول العصرية والديمقراطية البيوتات والمرجعيات الدينية مؤسسات حرة غير حكومية وجزء من المجتمع المدني!وتتجسد أصولية الاسلام السياسي الشيعي بالاصرار على فكرة الحكومة الدينية الطائفية وربط العراق بالتبعية الى قم وطهران،ومنح المشرع الايراني حق التشريع وسن القوانين.تلك الفكرة التي وان لم تعلنها هذه الاصوليات المحكومة بقيادات كلاسيكية توريثية،الا ان  مفهوم التقليد الطائفي يلزم الجميع باتباع كل ما يشرعه المجتهد الاعلى او الفقيه،وهو ملزم بحكم نظام المرجعية والتقليد باستشارة الفقيه – الولي بكل ما يتخذه من احكام.
     وعليه فأن الاسلام السياسي الطائفي يسير عكس مجرى التطور الاجتمااقتصادي في العراق الجديد،وهو اذ يحاول احتكار نظرة اتباعه للعالم ويستمد قوته من ادعاء امتلاك الحقيقة الكونية القابلة للتطبيق نظريا يدرك انها وسيلته الوحيدة بالسيطرة على الاوقاف الثرية وتصعيد مساهمات الزكاة والخمس ورد المظالم واداء الفرائض ... لا ضير في ذلك،لكن الأحتكار السالف الذكر هو الآخر يتحطم موضوعيا على صخرة التحضر والتعليم الحديث والتأثير العلماني،وهو احتكار محتضر قائم على قصاصات من نصوص وحكايات جدتي في القراءة للمبتدئين وتراثات غير واضحة في معظم الأحيان!ان اصل المشكلة اليوم في العراق هي محاولة الاسلام السياسي الطائفي الحاكم المتجسد في مايسمى بالأئتلاف العراقي الموحد سابقا والتحالف الوطني وائتلاف دولة القانون اليوم تحويل الدولة العراقية الى مركز عصبوي جديد استبدادي طائفي بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني .... وهذا بحد ذاته احتضار سياسي  ومسخرة كاريكاتيرية تعري محاولات تكوين طائفة جديدة او قبيلة جديدة هي عصابة اصحاب الحكم واتباعهم!
    لا يحافظ  شعار المظلومية على حقوق الشيعة ، وتمثل مراسيم العزاء والاحتفالات الدينية في الحقيقة احد المصادر المالية لبناء امبراطورية راسمالية على حساب دماء الامام الحسين،ومهما طال الزمن بجبروتية هذه الاسطبلات الطائفية في استثمار الشعارات الطائفية،الا انها بسقوطها  في حدود المصالح الضيقة لبعض رموزها،فانها تؤسس لانتصار العلمانية،بمعنى فصل الدين عن السياسة!وسينفض عنها مؤيديها،اللذين بدأت تتكشف للكثير منهم حقيقة ما يجري من الان.
    عصابات الاسلام السياسي الطائفي وجرذان البعث في بلادنا وجهان لعملة واحدة جوهرها العنصرية!عليه يرفض الشعب العراقي الأبي اية مواثيق دستورية وقانونية تعبر عن الجهل المطبق بموضوعات الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان وحقوق المرأة مثلما يرفض الدولة الدينية والكانتونات الطائفية وعهر نخب الاسلام السياسي الطائفي!   
    وبرأيي المتواضع فأن دراستكم المشار اليها اعلاه ومساهماتكم الجادة في القاء الضوء على محاولات اعادة انتاج الطائفية في العراق،وحالة اللف والدوران والمراوحة في نفس المكان لنخب الاسلام السياسي الطائفي الحاكم ورئيس مجلس الوزراء نوري المالكي،الجوهر الماسوني للنخب السياسية الطائفية في العراق،ديناميكية الاستفزازات الطائفية المتقابلة المتبادلة،الجدل الطائفي وثقافات القطيع والبلطجية والرعاع والمافيوية واللوبية،براغماتية الاسلام السياسي الطائفي،تسويق بضاعة الطائفية...دراساتكم ومساهماتكم في هذا المضمار تتغلب في مستواها النوعي الفكري على طروحاتكم قبل عامين في موقع الحوار المتمدن عن امكانية تأسيس حزب ليبرالي ديمقراطي!وهو طرح كان مبتسر عكس الخلفية البورجوازية الصغيرة التي استندت عليها في حينها!وتهريجا لأن مصداقية ووطنية وديمقراطية وعلمانية اية حركة سياسية في بلادنا اليوم تقاس لا بالشعارات التهريجية والميكافيلية والطوباوية بل ببرامجها السياسية والاجتمااقتصادية وموقفها الشفاف دون التباسات ولف ودوران من الدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية الحاكمة اليوم معا!
    من جديد،الاسلام السياسي الحاكم في العراق ماسوني الجوهر منافق،لصوصي وفاسد،كوسموبوليتي يتسم بالعدمية القومية وافتقاد روح العزة القومية والانتماء الوطني ويتبني قيم الرأسمال المالي العالمي!وهو يسعى الى سرقة ديمقراطية الشعب العراقي ونشر الانحطاط المادي والمعنوي،واعادة الشمولية التي امتازت بها الانظمة السياسية الحاكمة المبادة!كما يتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بالعبارات المميزة لأنصاف المتعلمين وتغليب مصالحه الضيقة واللعب بعواطف الطائفة من اجل ترسيخ طائفيتها،والجهل الفاضح بواقع العراق وآفاق حركته الاجتماعية والسياسية والقومية اللاحقة!ويمثل الاسلام السياسي الطائفي الحاكم اليوم مصالح الرأسمال المالي الاميركي والصهيوني والفارسي معا،وهو امتداد لجهل الطاغية صدام حسين وتوتاليتارية نظامه الارعن. 
     ثمة ديمقراطيون يعبرون عن وجهة نظر مفادها"صحيح أن الأحزاب الطائفية ليست ديمقراطية،ولكن يجب أن نتعامل معها بديمقراطية كتعبير عن ديمقراطيتنا،وإلاّ بم نختلف عن الدكتاتوريين؟!".الحماقة تبقى حماقة ولو على سطح القمر!ورحم الله امرء عرف قدر نفسه وعرف قدر غيره!.... لأن قرارات  الأحزاب الدينية الطائفية نابعة من بنيتها وهي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور.وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديمقراطية في المجتمع العراقي ككل،والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر الطائفية والتقاليد الدينية وتاثيرها على الفكر السياسي.وعلى الشعب العراقي أن يدرك بأن الكارثة التي عاشها طوال العقود المنصرمة لن تنتهي أبداً حتى بعد سقوط نظام صدام حسين.ان الخلاص الحقيقي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي مبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي.إن هيمنة فكر التيارات الدينية المختلفة ومن مختلف أطيافه لم يأت عبثا أو عفويا،بل بسبب الغياب الطويل للفكر الديمقراطي والتقدمي عن الساحة السياسية العراقية نتيجة إرهاب النظام الصدامي،في حين استمرت المساجد والحسينيات بالعمل والتثقيف والاستفادة من الحملة الإيمانية البائسة لصدام حسين.

بغداد
17/2/2013

39
عزت اسطيفان والسباحة في لجة احلام الاسلام السياسي الحاكم!

سلام كبة

  اطلعت على مقالة للكاتب عزت اسطيفان يرد فيها على دراستنا المقتضبة المعنونة" الاسلام السياسي الحاكم في عراق اليوم والبعث المقبور توأمان لبغي واحدة هي العنصرية"،وقد عنون مقالته" هل يمكن أن تكون الديمقراطية والفاشية توأمين ومن بغي واحدة يا سيد سلام كبة؟"!وعليه يساوي اسطيفان بين الاسلام السياسي والديمقراطية باستخدامه علوم الجبر Algebra ومبدأ التعويض الحساباتي!وفات اسطيفان انه في التعليم الابتدائي وروضات الحضانة يجري التأكيد على الديمقراطية وثقافة حقوق الانسان والعمل البرلماني،وعليه الديمقراطية هي نقيض الفاشية!لكن هل الاسلام السياسي والطائفية السياسية وحتى التدين السياسي هي مفاهيم رديفة للديمقراطية!يبدو ان عزت اسطيفان يدس رأسه في التراب كالنعامة!ولا يرى ويتلمس الازمة العامة التي تعصف بالبلاد ومآل نهج المحاصصة الطائفية – الاثنية والتوافقات السياسية.
   ارتباطا بالازمة العامة الشاملة واتساع مشاعر الاحباط والقلق والسخط !تصاعدت مطالبات الفئات الشعبية الواسعة بمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحنها،وبوضع البلاد على طريق الاعمار والاستقرار.وتحولت تلك المطالبات،بمرور الوقت،الى حركة احتجاجية ضاغطة،تشارك فيها وتدعمها قوى شعبية وسياسية ومنظمات مجتمع مدني واتحادات جماهيرية ونقابية،وتهدف الى تجاوز الشلل السرطاني الذي يلف البلد ويعطل حركته الى الامام.
   من جديد،"الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية في شمال البلاد وغربها تعبير عن السخط الشعبي العارم على ما اقترفه ويقترفه الاسلام السياسي الحاكم في بغداد من جرائم يندى لها جبين الانسانية وادخاله العراق متاهات عصور الظلام القروسطي وارجاعه القهقرى الى عهود ما قبل ثورة 14 تموز المجيدة 1958!وهاهو الاقطاع بتلاوينه – ومنها العشائري - لا يتنفس الصعداء فحسب بل يفرض ارادته على حاضر ومستقبل البلاد،بينما تلعب البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية والعقارية بمافياتها وميليشياتها دور الظهير بكفاءة ونذالة نادرة!وترتع الطبقة المتوسطة من اصحاب الدخل المحدود بامتيازاتها من رواتب ومنح وقروض حكومية وايفادات في سديم مورفين الاوهام والاحلام المؤقتة!ويجدد مجلس النواب العراقي مآثر الاسطبل البرلماني البعثي،وهذه المرة بزينة جديدة وعطر فواح يذكرنا بالمجاري الفائضة وابطالها في المدن العراقية،مجلس يتردد في اقالة ارهابي هو رئيس حكومة فاشلة فاسدة يتحمل مسؤولية كل ما آلت اليه البلاد من كوارث حتى هذه اللحظة!مصاب بالفايروس الطائفي من اخمص قدمه الى رأسه!ويجمع حوله شلة من العصابات كمستشارين وبلطجية!"
    التضييق على الديمقراطية ومحاصرتها في بلادنا يكمن في السعي الحثيث على تقزيمها ليناسب مقاسات الاسلام السياسي الحاكم :
•   الانتقائية في التعامل مع مواد الدستور وتفسيرها بالوسائل التي تضمن مصالحه الطبقية النتنة وسيطرته!
•   توسيع صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الحكومة وكبار المسؤولين،وتعيين مسؤولين جدد للهيئات والمفوضيات السيادية المستقلة دون العودة الى مجلس النواب وبما يتناقض مع مواد الدستور،كذلك في الموقف من الحريات العامة والاعراف،واضفاء طابع احادي عليها،وقضمها تدريجيا،والحد منها بقوانين وتعليمات تناقض روح الدستور.وينطبق هذا ايضا على العلاقة بين المركز والمحافظات.
•   وأد الاسلام السياسي الحاكم للمادة 38 من الدستور ذات الصلة بحق المواطن في التعبير عن الرأي بمختلف الوسائل،وفي الاجتماع والتظاهر السلمي،اللذين هما من مظاهر ووسائل التعبير عن الموقف والرأي!والسعي لاشاعة تكميم الافواه ومصادرة الحقوق!
•   ممارسة السلطات على نطاق واسع اساليب الاعتقال والتعذيب وانتزاع الاعترافات والتعهدات،وملاحقة المحتجين وتهديدهم في سكنهم وعملهم،واستخدام اساليب الترغيب والترهيب في قمع الاحتجاجات وتحجيمها،وغير ذلك من الممارسات المنتهكة لحقوق الانسان."وقد دخلت على الخط مفوضيات حقوق الانسان العالمية وآمنستي لتوجه الانتقادات اللاذعة للاسلام السياسي الحاكم بسبب انتهاكاته لحقوق الانسان"
•   التدخلات الفظة من قبل السلطات وبعض الكتل المتنفذة في شؤون النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني،من خلال تعطيل انظمتها الداخلية وانتخاباتها وتجميد اموالها، ومحاولة فرض قيادات عليها بالضد من ارادة منتسبيها،ومن ما تنص عليه انظمتها الداخلية!
•   السعي لفرض الرأي الواحد،وتنميط المجتمع وتأطيره وفق طروحات"الاسلام السياسي"،وممارسة الارهاب الفكري باشكال مختلفة،ومصادرة الرأي الآخر،وتشجيع وادامة النزعات الطائفية والمناطقية والعشائرية!
•   التدخل في شؤون القضاء والسعي للتأثير على قراراته واحكامه،وتسييسها وفقا لمصالح واهواء الجهات المتنفذة!
•   ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم والفساد والامية والظروف المعيشية الشاقة لقطاعات واسعة من ابناء شعبنا!
•   تعمق الطابع الريعي للاقتصاد الوطني،والعوائد النفطية هي المحرك الرئيسى للنشاطات الاقتصادية!
•   غياب اية رؤى استراتيجية اقتصادية وتنموية وايلاء الاهتمام بالانشطة التجارية على حساب الانشطة الانتاجية الوطنية التي تعاني من الاهمال المتعمد،مع اتضاح خطل المبادرات التهريجية لقادة الاسلام السياسي الحاكم من قبيل المبادرة الزراعية!
   اما بخصوص الدكتور ابراهيم كبة فمواقفه الاكاديمية السياسية لا تعبر عنها مؤلفاته واصداراته فقط وحتى مواقفه الشجاعة اثناء تولي الحقائب الوزارية بعيد ثورة 14 تموز 1958 وفي فترة التدريس الجامعي!بل كان من الد اعداء السرطنة الرجعية بتلاوينها وخزعبلاتها دون الوطنية او العابرة لها،وساهم في فضح الآراء والحنقبازيات الفكرية السفسطائية النفعية القومية والطائفية والتي كانت فاعلة في اجهاض ثورة 14 تموز 1958 المجيدة!
   يؤكد الدكتور كبة في مقدمة كتاب " الرأسمالية نظاما " لمؤلفه اوليفر كوكس والصادر عام 1973 (ص 9 – 23 ) على دور العوامل المادية والفكرية التي ساعدت في تطور النظام الرأسمالي ، واهمية الربط الوثيق بين الاقتصاد الرأسمالي ومختلف عناصر التربة الاجتماعية " الرحم الاجتماعي " التي ولد وترعرع فيها النظام، والنظرة الطبيعية العضوية لولادة ونمو ونضوج وشيخوخة الرأسمالية ، والنقد العنيف الصائب للمدارس الفكرية التبريرية في الفكر البورجوازي الرجعي وخاصة الفكر الليبرالي والتكنولوجي ، والادانة القاطعة لجوهر العنف الملازم للرأسمالية في ماضيها وحاضرها... يقول كبة في عرضه الحاح كوكس المشروع على التفاعل المستمر بين التاريخ الاقتصادي وتاريخ الفكر الاقتصادي : " تلك عظة كبرى حبذا لو اتعظ بها اليمين الرجعي المسيطر على المراكز الحساسة في الاقتصاد الجامعي العراقي "... ويلقي الاستاذ كبة الضوء على دور الدين والمذاهب الدينية الاصلاحية في تطور النظام الرأسمالي مع النقد اللاذع للتفسيرات الدينية المتعددة لنشأة الرأسمالية ... يذكر ان الاستاذ في جامعة لنكولن ميسوري (اوليفر كوكس) هو مؤلف الكتاب الموسوم ( الطائفة المغلقة والطبقة والعنصر ) الحائز على اعلى الجوائز التقديرية العلمية في امريكا عام 1948 ، وهو كتاب  حبذا لو اتعظت بها الطائفية السياسية المسيطرة على المراكز الحساسة في العملية السياسية العراقية اليوم.
  تراث ابراهيم كبة الاكاديمي والسياسي،باعتباره علم من اعلام التاريخ السياسي الحديث،ومن اساتذة جامعتي بغداد والمستنصرية،ملك للشعب العراقي وجزء لا يتجزأ من تراث ثورة 14 تموز المجيدة،والتراث العلماني الاشتراكي العلمي في بلادنا.وهذا التراث الغني يأبى التأويل والتفسير الطوباوي والسباحة في لجة الاحلام والاوهام،او ان تتلقفه ايادي غير امينة تجري المتاجرة به لأغراض نفعية براغماتية محضة،ولصالح اهداف دعائية رخيصة او وجوه اجتماعية وسياسية وحتى اكاديمية تنتمي الى الفكر البورجوازي الرجعي والطائفي والقومي ولزبانيته،هذا الفكر الذي امضى المرحوم كبة جل عمره في فضحه ونشر اكاذيبه وترهاته وسخافاته،وبسببه اودع السجن والمعتقلات في رمضان الاسود 1963.
   لو كان الدكتور ابراهيم كبة حيا اليوم ويشهد ما ترتكبه الثقافتان القومانية البائسة والدينية الطائفية اليائسة من حماقات وجرائم بحق الشعب العراقي،لترفع ورفض استخدام عنوانه لأغراض نفعية!فهاتان الثقافتان تنخر بمجتمعاتنا سرطانا وكابوسا وارهابا دمويا وتغطي المسيرة الوطنية التحررية للشعب العراقي،وحاضر ومستقبل العراق،بدخانها الاسود المقيت،لتترنح الموضوعية تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية وليجر تمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا تمسك الاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في لجة غموض الصدفة والوعي.وهاتان الثقافتان العدوانيتان تذكرنا بدرجة الوحشية والعنف التي يمكن ان يصلها عقل الانسان متى كان معبأ بالأحقاد والجهل والتعصب والأطماع!لأنهما النقيض لثقافة السلام والثقافات المسالمة التي تحمل قيم التسامح والعدل والسلام لا العنصرية والعداء.وقد عودنا الفكر البورجوازي الرجعي والاعلام الاصفر على اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش!ثقافة الفساد وآليات انتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة،ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع والولاءات دون الوطنية و"حاضر سيدي ومولاي"،ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة والغاية تبرر الوسيلة،الثقافة التوتاليتارية الشمولية الهجينية الانتقائية النفعية الممهدة للثقافات الفاشية!
   لو كان الدكتور ابراهيم كبة اليوم حيا لرفع صوته عاليا مناديا كل المخلصين من ابناء شعبنا،ان يقرنوا آرائهم وافكارهم بأعمالهم،وليخلدوا ويعيدوا الاعتبار لكل اعلام العراق الابرار وفي مقدمتهم البروفيسور عبد الجبار عبد الله،والدكتور صفاء الحافظ،والدكتور صباح الدرة،والدكتور نوري جعفر،الدكتور محمد سلمان حسن،البروفيسور كاظم حبيب،الذي نستلهم اليوم الكثير من جهوده الفكرية والاكاديمية والحقوقية وله كل التقدير والاعتزاز...،البروفيسور غازي الخطيب رئيس جامعة المثنى والذي احيل على التقاعد قبل اشهر معدودة،يوسف حبي،طالب البغدادي،مهدي مرتضى،رافد صبحي اديب بابان،قتيبة الشيخ نوري،محمد عبد اللطيف مطلب،الدكتور فوزي رشيد،البروفيسور محمد كاظم راضي الشريفي،محمد مكية،زهاء حديد،البروفيسور عز الدين مصطفى رسول..الدكتور مظهر محمد صالح ،د.سنان الشبيبي ..وآخرين!
   لو كان الدكتور ابراهيم كبة اليوم حيا لرفع صوته عاليا مناديا كل المخلصين من ابناء شعبنا،ان يطالبوا بالكشف الفوري لنتائج التحقيق في جرائم الاختطاف والاغتيال والاعدامات العشوائية والتغييب والتهجير القسري الجماعية التي ارتكبها ويرتكبها الاسلام السياسي الحاكم اليوم!
     منذ 14 رمضان الاسود وحتى يومنا هذا تفرض الطبقات الرجعية كلمتها القذرة النتنة على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب العراقي ثمنها من دماءه الغالية ويتحمل اعباءها المادية!وسفسطائية عهد ما بعد التاسع من نيسان 2003 امتداد لحركات الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الرأسمالية!
   لا يسمح شعبنا العراقي مطلقا باستنساخ نماذج لا تجلب الا الويل والثبور ومنها تحديدا الديمقراطية الطائفية او ديمقراطية المحاصصات او عفوا الدكتاتورية الطائفية الممهدة للفاشية،تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق!وتبا لصعاليكه!بينما تعلمنا منهجية الدكتور الراحل ابراهيم كبة ضرورة البحث والتعمق في مجتمعاتنا والنظر بأحترام للموروث الحضاري والثقافي وادراك طبيعة التزاوج الاجتماعي والديني ونسيجه المؤثر في دفع حركة التغيير والكف عن التسطيح والطفولية الفكرية في تناول مسألة الدين والموقف منه.وتعلمنا منهجية كبة بضرورة ادراك التشابك الذي لا ينفصم بين المسؤولية الوطنية والاجتماعية،فالفشل هو من نصيب من يحاول التضليل لتبرير توجهاته الفكرية والسياسية والقول بأمكانية تحقيق المصالح الطبقية والاجتماعية للشعب العراقي في ظل سلطة الاحتلال وتوابعها،والتي ساهمت في تدمير بلادنا وسرقة ونهب ثرواتنا،ومحاولتها لضرب وتفتيت البنية الاجتماعية لنسيجنا الوطني.كما تعلمنا منهجية العالم الجليل كبة ان الطائفية السياسية والدينية ولاء عصبوي دون وطني،كالعشائرية مرادفة للجهل والامية والاقتتال الدموي المستمر،وتمتلك امكانية الانفلات من العقال وخوض الحروب الاهلية واقتراف الجرائم والاعمال الارهابية او التحول الى عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة مالم يجر اخضاعها من الدولة والحكومة المركزية.
    نرجع مجددا الى عزت اسطيفان لنؤكد له ان الدفاع عن الطائفية والمحاصصات الطائفية هو طبل فارغ يتعامل مع جسد ميت.هكذا تنتعش الطائفية عند المكونات الاثنية الدينية شبه المستقلة قوالبا جاهزة لتقوقع الانقسام الطائفي ومؤسساتا شبه معبأة لخدمة المصالح الفئوية الضيقة ولتهديد وحدة الشعب الوطنية!والطائفية ركيزة اساسية في رحم المجتمع القديم تعرقل المفاهيم الديمقراطية والاستقرار الامني والاجتماعي والشرعية المشتركة والمشروع الوطني المشترك والتداول السلمي للسلطات.وهي تعرقل الديمقراطية كمشروع للعقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشروع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول!
   العقل الديني واحد،والعقول الايمانية متعددة بتعدد الطوائف والمذاهب وحتى الاشخاص.والعقل الطائفي ايماني متمترس برؤياه وبفهمه المغرض للنص الامر الذي يضعنا امام اللاوحدة،امام التفرقة الطائفية التي تصوغها العقول المتزمتة!والعقل الايماني الغيبي يشيع الخرافة والحيلة والخديعة ويوظف المعجزات للتأثير على العقول المؤمنة!لقد افرزت الدولة والنظام السياسي الحديث في العراق الظاهرة الطائفية لتتحول الدولة الى ولاء عصبوي دون وطني بدل ان تكون وسيلة بلورة الارادة والاجماع الوطني.هكذا حول صدام حسين الدولة العراقية الى قبيلة جديدة هي قبيلة اصحاب الحكم واتباعه،وتحولت دولة ما بعد التاسع من نيسان الى محاصصة طائفية،واحيانا الى طائفة جديدة هي طائفة اصحاب الحكم واتباعه.
    تشوه الطائفية السياسية انتشار الرأسمالية الفتية والملكيات الصغيرة في الريف والمدينة والمؤسساتية المدنية والحركات الاجتماعية والافكار الديمقراطية التي تسهم في تضييق مجالات الانتعاش الطائفي المقيت،في الوقت الذي تستمد فيه هذه المراتب الطائفية قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة بأوضاعهم المعيشية،فباشرت منذ البدء بتكديس الثروات عبر تنمية ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة اخرى،وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب والفرائض على العامة!ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية،بالأخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي!وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
   جاء رد الشعب العراقي في انتفاضة الكهرباء والفانوس حزيران 2010 وانتفاضة شباب شباط 2011 وانتفاضة المحافظات الغربية التي لازالت تعيش عنفوانها منذ 50 يوما، حازما معبرا عن عدم الرضا والسخط ومطالبا بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية،وبأتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة!
   في دراستنا المقتضبة التي اقلقت عزت اسطيفان كتبنا التالي:"الذي شاهده في مراسيم 6 كانون الثاني قبل ايام يلقي كلمته البغضاء المبسملة وخلفه صفوف من ابناء القوات المسلحة العراقية لا يتردد في الاستنتاج بأنه حاول ان يوحي للادارة الاميركية وفاءه لصداقتها اذ كانت المراسيم صورة طبق الاصل لخطب الرئيس الاميركي اوباما الى المارينز في مختلف المناسبات!بينما الذي تابع المراسيم المتلفزة لاستعراض بعض الميليشيات في بغداد بحضور ممثلين عن حزبه الطائفي يتوصل الى حقيقة محاولات ارضاءه لأسياده في طهران!ويبدو ان حلقة الوصل الاحترافية بين المالكي وعزت الدوري هي التي دفعت الثاني لاستعراض امجاده الخائبة ومحاولة تشويه سمعة الغضب الشعبي الجارف هذه الايام!العنصرية .. العنصرية .. والتمشدق بالاكاذيب والافتراءات جوكر المسخين!متى يع ابو صرماية ان الطائفية والعشائرية والفساد خصائل قذرة لا تتفق مع خصائل الشعب العراقي الذي ذاق الامرين من رعونة الطاغية صدام حسين وهزالة حكم العارفين وتبعية الحكم الملكي وفساد الاسلام السياسي؟!"
   يبدو ان اسطيفان يتحاشى الاعتراض المباشر ويلجأ الى اسلوب الانتقادات غير المباشرة!ويظهر ايضا ان عزت اسطيفان لا يتلمس المظاهر القذرة المتنامية في مجتمعنا،ومنها ظاهرة البلطجية!التي تنبري كالكلاب المسعورة تدافع عن فساد حكومتها ومجالس بلدياتها ومحافظاتها حالهم حال مأبوني العولمة الرأسمالية المتوحشة والدولرة وقوى جاهلية التطرف الديني والاصوليات الرجعية المتسترة بالدين - خاصة الدين الاسلامي،ليكون القتل والتدمير اسلوب نشاطها الرئيسي تحت حجة الجهاد في سبيل الله"عصابات القاعدة،جند الاسلام،جند السماء،عصائب اهل الحق،جيش المختار،جيش القدس،الحرس الثوري،جبهة النصرة،فرق الموت،فدائيو صدام.. الخ".ويلاحظ في برامجيات كل احزاب الاسلام السياسي على الاطلاق الاصرار والتعنت الغبي المتهور على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية،واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي،وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي،وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة!انها بلطجية تمسح احذية اسيادها وتلعق مؤخراتهم وتحاول تصدير فسادها الى ابناء الشعب العراقي!

بغداد
15/2/2013

40


مسجد الزوية نموذج حي للاستهتار بالقيم الحضارية

سلام كبة

     في خطبة جمعة 8 شباط 2013 انبرى خطيب مسجد الزوية كعادته بموعظاته السخيفة والتي تصب في خانة الترهات الجاهلية والحماقات الغبية،وهذه المرة تحدث الى اهالي الكرادة لليقظة ازاء ظاهرة انتشار محلات المشروبات الكحولية وبيع حبوب الكبسلة والمنتديات الشبابية التي في باطنها هي دور للسمسرة والبغاء في منطقة الكرادة والكرادة الشرقية وفق دجله،وطالب الاهالي الى الابلاغ عن هذه الحالات الى المجلس البلدي!
    ومعروف لدى القاصي والداني ان خطباء مسجد الزوية سئ الصيت هم من ازلام النظام البعثي البائد وكانوا ظهيره في المدح والترح ويستلمون منه مستحقاتهم ويتنقلون بمرسيديسياتهم السوداء التي اهداها لهم الطاغية!وتحولوا اليوم الى هالات مقدسة في خدمة اسيادهم الجدد من فطاحل الفساد في حكومة التحالف الوطني وائتلاف دولة الفافون!بلطجية طائفية تدعي العمى ازاء الانتهاكات السافرة لحقوق الانسان في العراق وانتشار ظاهرة ابطال المجاري والمستنقعات الذين تسندهم الحمايات الجرارة،مع انتعاش سلطة المال السياسي الفضائحي،والمضي في الاستغلال الاخرق لسلطة المرجعيات الدينية"وقدسيتها"،والسير قدما في دهاليز الارهابين الحكومي وغير الحكومي،واتباع منهجية الانتهازية والمحاصصة التوافقية والديماغوجية والميكافيلية والبراغماتية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي!ابتزاز تحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم والعزلة والعتمة المطبقة. ويتجلى الابتزاز اليومي في المساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وقوة السلاح!وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة،الى جانب اعمال الغش والتهريب!
    لا بأس ان نعيد لخطباء مسجد الزوية العتيد الاسطوانات العلمية المعروفة!فالمشروبات الكحولية أو المشروبات الروحية هي المشروبات التي تحتوي على نسبة معينة من الكحول وقد تكون مخمرة (مثل البيرة) أو مقطرة (مثل الويسكي)،سواء كان مصدرها الفواكه،مثل العنب والتمر والزبيب والتفاح والاجاص أو من الحبوب: كالحنطة،والشعير،والذرة. أو العسل،والبطاطس،والنشا والسكر.والمركب الرئيسي في الخمر هو الكحول الإيثيلي ( ) أو الايثانول الاسم العلمي للكحول وهو سائل طيار عند الحرارة العادية، أقل كثافة من الماء ويختلط بالماء بجميع النسب، كما أنه لاذع الطعم قابل للاشتعال.
   في العديد من الدول، يتم استهلاك المشروبات الكحولية ضمن الوجبات اليومية الرئيسية مثل الغداء والعشاء. في الأماكن والمناطق التي تكمن بها البيئة الرديئة النظافة، مثل في اوربا العصور الوسطى، استهلاك المشروبات الكحولية (خصوصاً البيرة) كان أحد طرق الابتعاد عن الأمراض التي تحملها المياه مثل الكوليرا.واستهلاك الكحول بصورة معتدلة له فوائد صحية هامة.وهذه الفوائد تتضمن تقليل خطر حدوث النوبات القلبية والجلطة الدماغية وتقليل خطر حدوث مرضي السكري والزهايمر،وزيادة صحة وعمر المستهلك بصورة عامة.وتشير التقارير عن أن استهلاك الكحول بصورة مفرطة يؤدي الى العديد من حالات الوفاة،كما أن الكحول هي مادة من المحتمل أن تسبب الإدمان!
   يحرم الاسلام شرب الخمر،وبعض الديانات الأخرى تضع قيود على استخدام الكحوليات مثل السيخية والماهايانا والبوذية وبعض طوائف الهندوسية!وشريعة المسموحات والمحظورات من الطعام والشراب في سفر اللاويين وسفر تثنية الاشتراع في اليهودية لا يوجد ذكر للخمر فيها!ولا تحرّم المسيحية أي نوع من الطعام أو الشراب،وفيما يخص الخمر، نرى أن المسيح نفسه وتلاميذه قد شربوا الخمر،وكانت أولى العجائب التي اجترحها المسيح حسب الأنجيل، أنه قد حوّل الماء إلى الخمر عندما نفِذ في عرس قانا الجليل.وفي اليوم الأخير من حياته الأرضية، أخذ كأس الخمر وقدمها للتلاميذ قائلاً، هذا هو دمي،وهذا أساس القداس الآلهي الذي لا يزال المسيحيون يقيمونه إلى يومنا هذا!
   الحبوب المخدرة والمكبسلة هي غير الخمر وكذلك غير القات!لأنها مواد تسبب الإدمان وتسمم الجهاز العصبي ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك وسواء كانت تلك المخدرات طبيعية كالتي تحتوي أوراق نباتها وأزهارها وثمارها على المادة الفعالة المخدرة أو مصنعة من المخدرات الطبيعية وتعرف بمشتقات المادة المخدرة ،أو تخليقية وهي مادة صناعية لا يدخل في صناعتها وتركيبها أي نوع من أنواع المخدرات الطبيعية أو مشتقاتها المصنعة ولكن لها خواص وتأثير المادة المخدرة الطبيعية!اما مساوئ هذه الحبوب فيكمن في ان تعاطيها يضر بسلامة جسم الانسان وعقله ليكون عبئاً وخطراً على نفسه وعلى أسرته وجماعته وعلى الأخلاق والإنتاج وعلى الأمن ومصالح الدولة وعلى المجتمع ككل!ومن اشهر المخدرات الحشيش (القنب) والافيون الخشخاش والمورفين"طريقة الحقن" والهيروين والبنزورين والكوكايين!وتتغاضى الحكومة العراقية الحالية عن عشرات المزارع التي تنتج هذه المخدرات في وسط وغرب وجنوب البلاد لارتفاع اسهمها التجارية المربحة ولأن اصحابها من كبار المتنفذين في العملية السياسية الجارية اليوم!كما تتغاضى عن تجارتها مع ايران واستيراد اطنان المخدرات من مزارع ايران وتسويقها داخل العراق والسوق الخليجية!
   وفي الوقت الذي يرى فيه المواطن في بلادنا بعد ان سدت امامه كل فرص الحراك الاجتماعي في الخمر والوجه الحسن ملاذه الاخير ينبري البلطجية كالكلاب المسعورة يدافعون عن فساد حكومتهم ومجالس بلدياتهم ومحافظاتهم حالهم حال مأبوني العولمة الرأسمالية المتوحشة والدولرة وقوى جاهلية التطرف الديني والاصوليات الرجعية المتسترة بالدين - خاصة الدين الاسلامي،ليكون القتل والتدمير اسلوب نشاطها الرئيسي تحت حجة الجهاد في سبيل الله"عصابات القاعدة،جند الاسلام،جند السماء،عصائب اهل الحق،جيش المختار،جبهة النصرة،فرق الموت،فدائيو صدام.. الخ".ويلاحظ في برامجيات كل احزاب الاسلام السياسي على الاطلاق الاصرار والتعنت الغبي المتهور على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية،واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي،وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي،وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة!انها بلطجية تمسح احذية اسيادها وتلعق مؤخراتهم وتحاول تصدير فسادها الى ابناء الشعب العراقي!
واعيد هنا رائعة جمال بخيت :

دين أبوهم اسمه إيه؟
حد يعرف فيكوا دين
كل أتباعه لصوص أو قوادين؟
في المعاصي مولودين
في الكراسي مأبدين
في التفاهة معدودين
في السفاهة مفرودين
ع البلاهة مسنودين
للشراهة مجندين
ع القرف متعودين
ع الشرف متمردين
ع الوطن متنمردين
بالخيانة موحدين
اللي يعرف دين كده يقوللي عليه
دين أبوهم اسمه إيه؟

بغداد
11/2/2013



41


14 رمضان الاسود- حقوق الانسان والاتباع اللصوص

سلام كبة

دين أبوهم اسمه إيه؟
حد يعرف فيكوا دين
كل أتباعه لصوص أو قوادين؟
في المعاصي مولودين
في الكراسي مأبدين
في التفاهة معدودين
في السفاهة مفرودين
ع البلاهة مسنودين
للشراهة مجندين
ع القرف متعودين
ع الشرف متمردين
ع الوطن متنمردين
بالخيانة موحدين
اللي يعرف دين كده يقوللي عليه
دين أبوهم اسمه إيه؟

  لاحقت وتلاحق لعنات الشعب العراقي رموز انقلاب 8 شباط 1963 – 14 رمضان الاسود ، وهم في مزبلة التاريخ!وتمثل هذه الرموز النتنة التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية،جوهر وادوات تنفيذ المخطط الاميركي في حينه!على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و السياسة الاميركية،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتهم وفرض ديمقراطية البعث وعقائد الفكر الرجعي بقوة السلاح والارهاب والقمع!
   ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط معينة في ترسيخ الدور الايجابي في جذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال،كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر انقسام القوى الثورية والديمقراطية التقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي ... وفرخت العولمة الرأسمالية والدولرة قوى جاهلية التطرف الديني والاصوليات الرجعية المتسترة بالدين - خاصة الدين الاسلامي،فكان القتل والتدمير اسلوب نشاطها الرئيسي تحت حجة الجهاد في سبيل الله"عصابات القاعدة،جند الاسلام،جند السماء،عصائب اهل الحق،جيش المختار،جبهة النصرة،فرق الموت،فدائيو صدام.. الخ".ويلاحظ في برامجيات احزاب الاسلام السياسي الاصرار والتعنت الغبي المتهور على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية،واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي،وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي،وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة!
   لقد واجهت الرأسمالية قضية صياغة المؤسسة الدينية بشكل يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية!وتصاعدت في بلادنا محاولات التأويل السلفي للدين واقامة تنظيمات الاسلام السياسي وحض المرجعيات الطائفية على مواجهة التيار الديمقراطي والشيوعية منذ خمسينيات القرن المنصرم،ولمؤازرة الفاشست البعثيين بالضد من القوى الديمقراطية ولأخماد حمى مقاومة انقلابيي القطار الاميركي!وكانت الحملة الايمانية لصدام حسين تتويجا لهذه التوجهات الرجعية في وقت التزمت فيه اطراف في الطائفية السياسية بانظمة ولاية الفقيه الدكتاتورية كنزعة فوقانية وموقف لاهوتي يعتبر نفسه دوما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحلها!
   نعم،استغل طراطير انقلاب رمضان الاسود وقطعان الحرس القومي الدين والطائفية ونفوذ المرجعيات الدينية وقدسيتها والفتاوى السيئة الصيت المؤازرة للفاشست والحرامية والفاسدين والمفسدين اسوء استغلال ليعيثوا بالارض فسادا!واليوم في العراق تنتعش سلطة المال السياسي الفضائحي،والمضي في الاستغلال الاخرق لسلطة المرجعيات الدينية"وقدسيتها"،والسير قدما في دهاليز الارهابين الحكومي وغير الحكومي،واتباع منهجية الانتهازية والمحاصصة التوافقية والبراغماتية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي!ابتزاز تحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم والعزلة والعتمة المطبقة. ويتجلى الابتزاز اليومي في المساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وقوة السلاح!وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة،الى جانب اعمال الغش والتهريب!
  قالت هيومن رايتس ووتشHRW في تقريرها العالمي الاخير لعام 2013 ان الحكومة العراقية تجاوزت مفترق الطرق الخطير ولكن بتهور وحماقة،فقد اتخذت اجراءات شديدة القسوة ضد الحركة الاحتجاجية وقادة المؤسساتية  المدنية والمحتجزين والمتظاهرين والصحفيين،وقلصت على نحو مؤثر المساحة المتاحة للمجتمع المدني المستقل والحرية السياسية في العراق!والى جانب تزايد العنف،قامت قوات الأمن العراقية بشن حملات اعتقال جماعي وعذبت المحتجزين لانتزاع اعترافات بدون ادلة كافية او وجود ادلة على الاطلاق على وقوع جرائم.وقالت سارة ليا ويتسن،المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش:"بينما كانت الجماعات المتمردة تستهدف عراقيين ابرياء في سلسلة من الهجمات المنسقة طوال العام،كانت قوات الأمن العراقية تستهدف مدنيين ابرياء في حملات جماعية للاعتقالات التعسفية والاستجوابات المسيئة.وبعد عقود من الدكتاتورية والاحتلال والارهاب،يواجه الشعب العراقي اليوم حكومة تزداد انزلاقاً نحو السلطوية ولا تتقوم بما يكفي حتى يشعر بالأمان".
  وجاء في التقرير المؤلف من 665 صفحة ان هيومان رايتس ووتش لاحظت كيف تعاملت السلطات العراقية مع مظاهرات ساحة التحرير في العراق اعوام 2011-2012 عن طريق اغراق المظاهرات الدورية الاسبوعية بمؤيدي المالكي وعملاء الأمن المتخفين.كما سدت قوات الأمن في بغداد المنافذ المؤدية الى مواقع التظاهر،وضربت الصحفيين والمتظاهرين العزل،وحطمت الكاميرات وصادرت بطاقات الذاكرة الخاصة بالحواسب.في الوقت ذاته،وطد رئيس الوزراء اركان السلطة في مكتبه بتعيين الموالين في المناصب الوزارية والأمنية الأهم، التي تتطلب الموافقة البرلمانية بموجب الدستور العراقي.ورد المالكي على الاحتجاجات السلمية بإطلاق التهديدات الجوفاء!
  تقول سارة ليا ويتسن:"يبدو ان اخفاق الولايات المتحدة وبريطانيا في محاسبة قواتهما عن الانتهاكات اثناء الاحتجاز والقتل خارج نطاق القانون"التي مارسوها"اثناء وجودهم في البلاد،يبدو انه مهد الطريق للحكومة الحالية كي تختلق الأعذار للانتهاكات،وقصور النظام والقانون،وغياب المحاسبة"!
   وكانت منظمة ال"هيومان رايتس واتش" قد انتقدت بشدة قانون جرائم المعلوماتية العراقي ووصفته بانه قانون سيئ الصياغة وذي عقوبات غاشمة تخرق الحق في اجراءات التقاضي السليمة و تنتهك حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات!وانه جزء من جهد اوسع تبذله السلطات لقمع المعارضة السلمية من خلال تجريم المشاركة المشروعة للمعلومات من قبل النشطاء!
   من جهتها صرحت منظمة العفو الدولية آمنستي AMNESTY انه يتعين على العراق ان يحقق فوراً في مقتل الابرياء وفق ما تقتضي المعايير الدولية المرعية في هذا الشأن،مقتل عشرات المتظاهرين يوم 25 كانون الثاني 2013 لدى قيام الجنود بإطلاق النار على التظاهرات السلمية المناوئة للحكومة في الفلوجة بعد ان قام هؤلاء بقذف الجنود بالحجارة!وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمنظمة العفو الدولية،آن هاريسن:"بالنسبة للتحقيق في مقتل المحتجين الذي اعلن عنه،فيتعين على السلطات العراقية ان تحرص على ان يكون تحقيقاً مستقلاً ومحايداً،مع مراعاة نشر اساليب التحقيق ونتائجه على الملأ. كما ويتعين مقاضاة كل من تثبت مسؤوليته عن تلك الانتهاكات – وخصوصاً كل من لجأ الى استخدام القوة المفرطة بحق المحتجين."!وتؤكد منظمة العفو الدولية انها وقبيل ايام قليلة من انطلاق الاحتجاجات،اتصلت بالحكومة العراقية بشأن عشرات القضايا التي تتضمن انتهاكات لحقوق الإنسان الخاصة بالسجناء والموقوفين،بيد ان الحكومة العراقية لم ترد على اتصال المنظمة حتى الساعة!واختتمت هاريسن تعليقها قائلةً:"يجدر بمرتكبي الانتهاكات ان يعوا انهم سوف يواجهون عاقبة اعمالهم لا محالة،وان للضحايا الحق في كشف الحقيقة،واحقاق العدل،والحصول على التعويضات"!
  الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان FIDH هي الاخرى اعربت اكثر من مرة عن انشغالها العميق حيال عدم كفاءة المحكمة الجنائية العليا العراقية SICT،وانعدام الاستقلالية والنزاهة لضمان محاكمات عادلة!فالانتهاكات المتكرّرة لحريّة القضاء،تبقي الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان على موقفها الثابت من ان المحكمة الجنائية العليا العراقية ليست في وضعية تسمح لها بضمان محاكمات عادلة ومستقلّة ونزيهة!...
   ويواجه مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الاعلى الانتقادات الواسعة بسبب اساليبه التسلطية وتبنيه الامعات وماسحي الكتوف وكلاب الحراسة المستعدين لتنفيذ رغباته في معاقبة وملاحقة كل قاضي لا ينفذ ما يأمر به!كما يجري اليوم تحميل مدحت المحمود المسؤولية المباشرة عن كل القضاة الذين تم اغتيالهم بعد عام 2003 لتقصيره المتعمد وتلاعبه بحريات وحقوق الناس وارواحهم كما يتلاعب بارواح القضاة للبقاء بالكرسي مهما كان الثمن!ورئيس مجلس القضاء اليوم – كفرد - يمارس نفس سلطات وزير العدل وفقا لقانون التنظيم القضائي الموضوع عام 1979 برؤية حزب البعث والمنطق المركزي المطلق في ادارة الدولة بكل مفاصلها!ويبدو ان مدحت المحمود قد نجح في اجهاض خطوات استقلال القضاء عبر الالتفاف عليها وتعطيل احكام الدستور في بنية السلطة القضائية،فقد حولها الى مملكة خاصة وابتلع كل السلطة القضائية في مجلس القضاء الاعلى!وجعلها كلها تابعة اليه وتأتمر بامره!كما يفعل سيده رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مع وزاراته والقوات المسلحة العراقية!ما في حد احسن من حد!...ضربت قيم الكفاءة والنزاهة والمهنية داخل المؤسسة القضائية كلها،وحلت محلها معايير التملق والتزلف والخضوع،او على الاقل السكوت عن الانتهاكات والمخالفات والعيوب الكبيرة والانحدار الكبيرة للقضاء والعدالة في كل مفاصل العمل القضائي!
    منظمة"المدافعون في الخط الامامي- Front Line Defenders"اعربت عن قلقها البالغ من جرَّاء الاعتداءات التي يتعرض اليها الناشطون في حقوق الانسان بالعراق اثناء مشاركتهم في المسيرات والوقفات الاحتجاجية مع ابناء شعبهم!ومصادرة كاميراتهم وهواتفهم النقالة!ويبدو ان المعتدين هم بلطجية من عناصر الأمن المتخفين في الملابس المدنية،ويتعمدون مهاجمة الناشطين اقتصاصاً منهم لنشاطهم الحقوقي بواسطة الشبكة الالكترونية!
   ان خيرة ابناء شعبنا اعتلت اعواد المشانق في حقب العهد الملكي والبعث المظلمة،وكانت لا تهاب الموت من اجل الوطن فدفعت حيواتها ثمنا!شهداء شعبنا العراقي لم يكونوا ولن يكونوا سلعة،لا في مجلس النواب ولا في مؤسسة الشهداء او هيئة النزاهة او دهاليز الحكومة العراقية او اية مؤسسة سيادية اخرى،ولا تمحى اسماؤهم بالتقادم ولا بقرارات مجحفة!ولن يخرج العراق من محنته حتى تنبذ الافكار والممارسات والسلوكيات الفاشية وتقتلع من ارض الوطن!والف لعنة على البعث وعصابات الطائفية السياسية وجمعة الرابع عشر من رمضان الاسود!
    ومع ان اغلال الخوف والرعب والارهاب والفساد تتحطم تدريجيا ليلتئم الجميع وتلتحم وتنهض الهمم في خندق الوطن الواحد ولنردد معا رائعة جمال بخيت "دين ابوهم اسمه ايه؟"!الا ان الحكومة العراقية لازالت في واد والشعب العراقي في واد آخر!وهي لم تستفد من الدروس التي يلقنها لها الشعب العراقي وتلقنها لها المنظمات القضائية والحقوقية والقانونية الدولية،ومصرة على سلوكياتها الفرعونية العدوانية الغبية!ولازال الطاغية الجديد المالكي واعوانه ومستشاريه وبلطجيته يسرحون ويمرحون وينهبون!ومجلس النواب لازال هو الآخر عاجزا عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية!بينما القضاء المسيس المركع يسبح بحمد الاستغفال وثقافات القطيع الاقصائية!

   جاء في توصيات مكتب حقوق الانسان التابع لبعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق(اليونامي)/مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان،وفق تقرير المكتب للفترة كانون الثاني – حزيران 2012:-
•   توصيات لحكومة العراق
   ضمان استقلال المفوضية العليا لحقوق الإنسان وفقا للمبادئ التي حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 48/143 (1993)(مبادئ باريس)!
   اعادة النظر في التحفظات التي ابداها العراق لدى انضمامه الى المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والنظر في قبول اجراءات الشكاوى الفردية؛
   النظر في الانضمام  الى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيرها من الصكوك؛
   النظر في الانضمام الى اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين وبروتوكول عام 1967 واتفاقية عام 1954 المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية واتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية والبروتوكول الاضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 والمصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

•   أعمال العنف الدائرة
   ضمان امتثال قوات الشرطة وجميع موظفي الدولة العاملين على تنفيذ القانون واقامة العدل لالتزامات العراق بموجب القانون
   الدولي لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالأشخاص المحتجزين على خلفية قضايا متعلقة بالعنف الإرهابي - بما في ذلك مراجعة وتعديل قانون مكافحة الإرهاب لضمان تماشيه مع التزامات العراق الدولية!
   اجراء تحقيقات كاملة في الأعمال الإرهابية بفعالية وسرعة ودقة ونزاهة وضمان بذل كافة الجهود لضمان التحقيق مع الأفراد
   الذين يُزعم ارتكابهم عمليات القتل هذه أو التحريض أو المساعدة أو الأمر بارتكابها ومحاكمتهم  وفقا للقانون المحلي والدولي!
   ضمان تقديم الحماية والمساعدة الكافيتين،بما في ذلك الرعاية النفسية والاجتماعية والبدنية والإغاثة لجميع ضحايا العنف دون تمييز.

•   الاحتجاز وسيادة القانون
   تخصيص الموارد المناسبة لضمان تماشي الظروف المادية في مرافق الاحتجاز والسجون مع المعايير الدولية والمحلية!
   القيام بإصلاحات قانونية ومؤسسية لضمان خضوع آافة السجون وأماآن الاحتجاز لسلطة وزارة العدل وتزويدها بكادر متخصص خاضع للمساءلة أمام الوزارة!
   ضمان امتثال جميع موظفي الدولة أو من ينوب عنهم لالتزامات العراق الدولية فيما يتعلق بمنع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة وضمان إجراء تحقيقات بصورة مستقلة على الفور وعلى النحو الملائم في آافة ادعاءات التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، وتوجيه الاتهام للجناة ومحاآمتهم وفق القانون،وتعويض الضحايا على النحو الملائم والكافي بما في ذلك من خلال تقديم المساعدة الطبية والاجتماعية الملائمة وغيرها من المساعدات.

•   حقوق المرأة
   اجراء اصلاحات قانونية وتنظيمية لإلغاء اعتبار عامل "الشرف" عذراً مخفِّفاً فيما يتعلق بجرائم العنف المرتكبة ضد النساء!
   تخصيص الموارد الكافية للدعم الاجتماعي والطبي للنساء من ضحايا العنف الأسري او غيره من أشكال العنف!
   ضمان قيام موظفي الدولة العاملين على تنفيذ  القانون واقامة العدل بإجراء التحقيقات المناسبة في ادعاءات العنف ضد المرأة!والتعامل مع الجناة وفقاً للقانون!
   ضمان توفير التدريب المناسب لكافة موظفي الدولة العاملين على تنفيذ القانون وإقامة العدل فيما يتعلق بقضايا النوع الاجتماعي،لاسيما العنف ضد المرأة وكيفية التعامل بشكل ملائم مع مثل هذه القضايا ومراعاة حساسيتها!

•   حقوق الطفل
   ضمان حماية ورعاية جميع الأطفال ضحايا العنف؛
   ضمان عدم احتجاز أو حبس الأطفال المتهمين أو المدانين في جرائم جنائية في مرافق مخصصة للبالغين، إذ ينبغي احتجازهم في مرافق منفصلة ومصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم،كما  ينبغي في جميع الحالات التي تخص الأطفال النظر في بدائل للاحتجاز وتطبيقها؛

•   حقوق الجماعات العرقية والدينية والأقليات الأخرى
   اجراء إصلاحات قانونية ومؤسسية لضمان أن جميع القوانين والسياسات تعزز المساواة واحترام جميع الأشخاص، دون تمييز من أي نوع كان كالتمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو التوجه الجنسي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر؛
   مراجعة وإصلاح مناهج التعليم المدرسية لإدخال البرامج الهادفة إلى تعزيز المساواة واحترام جميع الأشخاص دون تمييز من أي نوع كان كالتمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد أو أي وضع آخر؛
   ضمان إخضاع أي شخص يحرض أو يروج للكراهية أو أعمال العنف أو التعصب ضد الآخرين على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو المولد أو أي وضع آخر للمساءلة وفق القانون؛

•   حرية التعبير
   مراجعة كافة القوانين والسياسات لضمان أنها توفر وتحمي حق حرية التعبير والرأي لجميع الأشخاص بما في ذلك إلغاء الفقرات الواردة في القوانين الجنائية المتعلقة بالتشهير الجنائي؛
   ضمان أن جميع التشريعات المستقبلية تحترم وتحمي حقوق جميع المواطنين في تلقي ونقل المعلومات بحرية ودون عائق، ما لم تكن مقيدة لأغراض مشروعة على النحو المسموح به بموجب القانون الدولي ; و
   ضمان حماية الصحفيين من المضايقات والعنف أثناء تأدية عملهم وضمان التحقيق الفوري في ادعاءات التعرض للمضايقات أو العنف ومحاسبة المسؤولين عن ذلك وفق القانون.

•   حرية التجمع
   ضمان الاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي من قبل الشرطة والسلطات الأخرى!


    لن يخرج العراق من محنته حتى تنبذ الافكار الفاشية وتقتلع من ارض الوطن!والف لعنة على عروس المنحرفين / جمعة الرابع عشر من رمضان الاسود!.


بغداد
7/2/2013

42

حكومة نوري المالكي والحكومة الاسرائيلية في المارثون الصهيوني والاستبدادي

سلام كبة
يقول نزار قباني:
أطفال الحجارة
بهروا الدنيا
وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاءوا كالقناديل
وجاءوا كالبشارة
قاوموا
وانفجروا
واستشهدوا
وبقينا دببا قطبية
صفحت أجسادها ضد الحرارة
قاتلوا عنا
إلى أن قتلوا
وبقينا في مقاهينا
كبصاق المحارة واحد
يبحث منا عن تجارة واحد
يطلب مليارا جديدا
وزواجا رابعا
ونهودا صقلتهن الحضارة واحد
يبحث في لندن عن قصر منيف واحد
يعمل سمسار سلاح واحد
يطلب في البارات ثاره واحد
يبحث عن عرش وجيش وامارة.....
................................................
   مضى اكثر من ربع قرن على الانتفاضة الفلسطينية الاولى في 8/12/1987 او ما عرف بـ "انتفاضة الحجارة" لأن الحجارة كانت الأداة الرئيسية التي استخدمها الفلسطينيون العزل من السلاح ضد جيش الاحتلال الاسرائيلي المدجج بالسلاح والدروع الواقية!في الانتفاضة انتصر الشعب الفلسطيني لكرامته رافعا شعار الحرية والتحرير في وجه الظلم والطغيان!وفي هذه الانتفاضة برز اطفال الحجارة الذين واجهتهم الآلة العسكرية الاسرائيلية  بإطلاق النار الكثيف واستخدام الطلقات المطاطية التي فقأت عيون مئات الاطفال.وهذا النوع من المقاومة اكسب الفلسطينيين تعاطفا اعلاميا عالميا!
  ومع استعدادات ابناء شعبنا لاستعادة دروس وعبر وثبة كانون المجيدة 1948 ضد معاهدة بورتسموث الاسترقاقية،وفي نهار الجمعة 25/1/2013 حاولت قوات نوري المالكي بالقوة منع المتظاهرين من التوجه الى ساحات الاعتصام في شمال وغرب البلاد وتفريقهم باطلاق النار في الهواء ليرد المتظاهرين بالفلوجة والرمادي عليها بالحجارة وهتافات "سلمية"!ولتأتي التعليمات مباشرة من مكتب القائد العام للقوات المسلحة باطلاق الرصاص الحي على التحشدات المسالمة!وحصيلة الجريمة الجديدة مقتل خمسة متظاهرين واصابة 31 آخرين بجروح متفاوتة بينهم ستة اطفال ومصور احدى القنوات الفضائية!
  الحدثان مدعاة للتأمل!الحدث الاول تورطت به الماكنة الحربية الاسرائيلية وادين من كل القوى المحبة للسلام والمناهضة للعنف رغم ان الاسرائيليين استخدموا فيه الرصاص المطاطي لا الحي ضد شعب كافح ويكافح في سبيل حقوقه الوطنية والقومية المشروعة ومنها اقامة دولته الوطنية المستقلة!اما الحدث الثاني فتتورط به منذ اسابيع الماكنة العسكرية والامنية لقوات المالكي وبالرصاص الحي ضد تظاهرات احتجاجية سلمية عفوية الطابع بسبب الانتهاكات السافرة لحقوق الانسان وضياع مبادئ العدالة الاجتماعية والتمييز الطائفي السافر الى جانب تفسخ اركان الدولة العراقية والتردي الفاضح للخدمات وارتفاع نسب البطالة والامية والفقر وصعود النخب الطبقية الجديدة التي تتميز بالاستهتار والرعونة وفرض سطوتها على الاجهزة الحكومية.. نخب واجهزة هي بحق وليد مسخ لمزيج مخلفات البعث الفاشية وافرازات نظرية "ولاية الفقيه"الايرانية سيئة الصيت!وكما يذكر كاتب عربي مرموق (فان هذا المزيج اشبه بـ "الكيماوي.. المزدوج" الذي هدد به صدام حسين.. اسرائيل،وكانت النتيجة ان رقبته وحزبه ونظامه تكسرت تحت الضربات.. الدولية للعالم برمته!!خلطة"البعث والفقيه" ستكون كأس "السم" الثاني الذي سيتجرعه الاثنان – معا – بعد كأس السم الاول التي تجرعه "الخميني" في8/8/1988،و"صدام حسين" في 9/4/2003!!التاريخ يكتب سطوره بصدق،لكن المشكلة في العميان الذين يحاولون.. القراءة والتحليل!!).الحدث الثاني سيدان ايضا من قبل مؤسسات حقوق الانسان والقوى الديمقراطية والمؤسساتية المدنية في العالم،وعندما علقت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية – الانتربول اعمالها في العراق احتجاجاً على "عدم حيادية القضاء" العراقي،سارعت قوى الارتزاق الطائفي الى تكذيب الخبر كعادتها!
   الحدث الاول صهيوني الطابع باعتبار الصهيونية حركة عنصرية توسعية،واحد مفاصل الحدث الثاني صهيوني الطابع ايضا،وفي هذه المرة حكومة محاصصة طائفية ضد الشعب الذي انتخبها! 
    نعم،اغلال الخوف والرعب والارهاب والفساد تتحطم تدريجيا ليلتئم الجميع وتلتحم وتنهض الهمم في خندق الوطن الواحد ولنردد معا رائعة جمال بخيت "دين ابوهم اسمه ايه؟"!الحكومة العراقية لازالت في وادي والشعب العراقي في واد آخر!وهي لم تستفد من الدروس التي يلقنها لها الشعب العراقي وتلقنها لها المنظمات القضائية والحقوقية والقانونية الدولية،ومصرة على سلوكياتها الفرعونية العدوانية الغبية !ولازال الطاغية الجديد المالكي واعوانه ومستشاريه وبلطجيته يسرحون ويمرحون وينهبون!ومجلس النواب لازال هو الآخر عاجزا عن محاسبة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية!بينما القضاء المسيس المركع يسبح بحمد الاستغفال وثقافات القطيع الاقصائية!
     المجد كل المجد للشهداء!


بغداد
25/1/2013
     

.

43



الاسلام السياسي الحاكم في عراق اليوم والبعث المقبور توأمان لبغي واحدة هي العنصرية

سلام كبة

   الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية في شمال البلاد وغربها تعبير عن السخط الشعبي العارم على ما اقترفه الاسلام السياسي الحاكم في بغداد من جرائم يندى لها جبين الانسانية وادخاله العراق متاهات عصور الظلام القروسطي وارجاعه القهقرى الى عهود ما قبل ثورة 14 تموز المجيدة 1958!وهاهو الاقطاع بتلاوينه – ومنها العشائري - لا يتنفس الصعداء فحسب بل يفرض ارادته على حاضر ومستقبل البلاد،بينما تلعب البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية والعقارية بمافياتها وميليشياتها دور الظهير بكفاءة ونذالة نادرة!وترتع الطبقة المتوسطة من اصحاب الدخل المحدود بامتيازاتها من رواتب ومنح وقروض حكومية وايفادات في سديم مورفين الاوهام والاحلام المؤقتة!ويجدد مجلس النواب العراقي مآثر الاسطبل البرلماني البعثي،وهذه المرة بزينة جديدة وعطر فواح يذكرنا بالمجاري الفائضة وابطالها في المدن العراقية،مجلس يتردد في اقالة ارهابي هو رئيس حكومة فاشلة فاسدة يتحمل مسؤولية كل ما آلت اليه البلاد من كوارث حتى هذه اللحظة!مصاب بالفايروس الطائفي من اخمص قدمه الى رأسه!ويجمع حوله شلة من العصابات كمستشارين وبلطجية!
    الذي شاهده في مراسيم 6 كانون الثاني قبل ايام يلقي كلمته البغضاء المبسملة وخلفه صفوف من ابناء القوات المسلحة العراقية لا يتردد في الاستنتاج بأنه حاول ان يوحي للادارة الاميركية وفاءه لصداقتها اذ كانت المراسيم صورة طبق الاصل لخطب الرئيس الاميركي اوباما الى المارينز في مختلف المناسبات!بينما الذي تابع المراسيم المتلفزة لاستعراض بعض الميليشيات في بغداد بحضور ممثلين عن حزبه الطائفي يتوصل الى حقيقة محاولات ارضاءه لأسياده في طهران!ويبدو ان حلقة الوصل الاحترافية بين المالكي وعزت الدوري هي التي دفعت الثاني لاستعراض امجاده الخائبة ومحاولة تشويه سمعة الغضب الشعبي الجارف هذه الايام!العنصرية .. العنصرية .. والتمشدق بالاكاذيب والافتراءات جوكر المسخين!
   متى يع ابو صرماية ان الطائفية والعشائرية والفساد خصائل قذرة لا تتفق مع خصائل الشعب العراقي الذي ذاق الامرين من رعونة الطاغية صدام حسين وهزالة حكم العارفين وتبعية الحكم الملكي وفساد الاسلام السياسي؟!

بغداد
10/1/2013
               

44
المنبر الحر / بطل ام ابطال مجاري
« في: 14:01 28/12/2012  »



بطل ام ابطال مجاري

سلام كبة

  في مؤتمر عقده بمبنى مجلس النواب الخميس 27/12/2012 جاء على لسان النائب صباح الساعدي"ان الله اراد بهذه المطرة التي استمرت لساعات ان تكون فاضحة للفاسدين والفاشلين"...مستطردا:"ان رئيس الحكومة نوري المالكي خرج علينا في شارع فلسطين ليذكرنا بأيام صدام عندما حصلت ازمة الطماطم وصار صدام يكنى بأبي "الطماطة" واليوم ازمة المجاري ليصبح رئيس الوزراء بطلاً للمجاري"،حسب قوله.ودعا الساعدي ايضا"الادعاء العام بتقديم شكوى ضد الحكومة الاتحادية والمحلية للمطالبة بدماء الضحايا"،مطالبا"رئيس الوزراء بالاعتذار من اهالي بغداد لانهم انتخبوه بأكثر من 600 الف صوت،والأهالي بمحاسبته"!
   مع اعتزازنا بالجهد الذي يبذله النائب الساعدي لفضح مظاهر الفساد المستشري في الاروقة الحكومية والمجتمعية،الا انه لا زال يسبح في احلامه ومثالياته التي تعكس محدودية تفكيره البتيبورجوازي الذي لا زال يأمل من الحكومة العراقية وزعيمها ان تعتذر من الشعب العراقي عن دوامة المتاهات والفوضى التي ادخلت بها العراق والتي تسببت طيلة حكمها بكم هائل من دماء الضحايا يفوق ما اقترفته ايادي المجرم صدام حسين طيلة حكمه الذي استمر اكثر من 3 عقود!وهل ان رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الحقائب الوزارية السيادية بالوكالة وراعي الهيئات والمفوضيات المستقلة وصاحب الطلب الديواني العجيب الى مجلس النواب"يمنع على النائب هجاء السيد المالكي خارج البرلمان...الخ!"والمقولة المأثورة امام حشد من رؤساء العشائر"أخذناها ..وما نطيها!"السيد نوري المالكي هو وحده يتحمل مسؤولية تردي الخدمات في العراق!فأصحاب الالسن الطويلة من اصحاب اتخاذ القرار وما يعج به ائتلاف دولة الرئيس القائد المتجدد دوما هم كثر!ولعمري ان سلوكية جميع هؤلاء ستكون هي نفس سلوكية المالكي لو كانوا بمكانه!ماذا قدم عهد ابراهيم الجعفري للشعب العراقي غير الآه والحسرة؟!ماذا تنتظر من حكم اركانه وحجر اساسه محاصصات طائفية وكفاءات في الكذب والسرقة والتزوير والعمالة للاجنبي؟! 
   الاسلام السياسي والدكتاتورية الدينية والطائفية والقومية والعنصرية كلها واحد لا ينتظر منها الاصلاح والبناء والاعمار والانماء وتطوير الخدمات،بل بدل ذلك التخبط والنهج الرجعي المعادي للتقدم الاجتماعي!وفي نهاية المطاف انكار الوطن والمواطنة وترسيخ المراتبية والغاء المساواة في المجتمع والتنكر للعدالة الاجتماعية ونشر سياسة القمع والملاحقة والتهميش والاقصاء وازدراء القانون والدستور لأنها لا تعترف اصلا بقانونيات الدولة المدنية!والسيد نوري المالكي يسير بابداع في نهجه الرجعي لكنه مخصي لا يستطيع مواصلته حتى النهاية بسبب ثقل القوى الوطنية والديمقراطية التي تكشف عوراته!وتصدي ابناء الشعب العراقي لمهازله وازماته الدورية باستمرار!
   يدرك السيد صباح الساعدي قوة وعظمة الشعب العراقي الذي خرج بتظاهراته في شباط 2011 عندما قذفوه بالقناني الفارغة!ولازالت تصم اذنيه هتافاته!وعليه، للمجاري في عراق اليوم ليس هناك بطل واحد بل ابطال!يقول احمد عمر زعبار،الشاعر والاعلامي التونسي:"...
طلع السّلفُ علينا
لبس الدِّين قناعْ
فرض القهر علينا
ورأى الأنثى متاعْ
ورأى النصر المبينا
فى نكاح وجماعْ
أيها المملوء طينا
إنما العقل شعاع
وظلام الملتحينَ
يكره النور المشاع
أيها المدسوس فينا
جئت بالقول الخداعْ
جئت خرّبت المدينة
وقلبتَ السقف قاع
جئتنا الأمر المشينا
جئت بالهمج الرعاعْ
سكنوا الكهف سنينا
سَلَفٌ فقدوا الشراعْ
شَوّهُوا دنيا ودينا
جعلوا الله صراعْ
وأباحوا القتل فينا
كوحوش فى المراعْ
فى ديار المسلمينَ
مرض مسَّ النخاع
طلع الجهلُ علينا
قال للعلم الوداعْ
إدَّعَ القول الرصينا
واشترى الدِين وباعْ
وجب الصبر علينا
ما دعا للصبر داعْ
ليسوا أتباعَ نبينا
إنهم محض صداعْ
....."
بغداد
27/12/2012


45

صفعة للقطعات العسكرية الحكومية في كردستان

سلام كبة


   روستي – قرية كردستانية على سفح جبل "حصار روست" الذي يمتلك اعلى قمة جبلية في العراق تدعى "هلكَورد" .. و يقع حصار روست خلف جبل حسن بيك في ناحية سيديكان بمحافظة اربيل باتجاه الحدود الايرانية.وتتميز روستي بطبيعتها الوعرة القاسية وبدروبها الشائكة وبعيونها المائية العذبة وباشجار الجوز الكثيفة وببساتينها المثمرة،وبموقعها العسكري الاستراتيجي الذي لا يبعد سوى 6 ساعات (سيرا على الاقدام )عن كلالة – الموقع التاريخي للحركة الكردية!و 3 ساعات فقط (سيرا على الاقدام)عن معسكرات الجيش العراقي وراجماته الصارروخية وصواريخ الارض – ارض التي نصبها على  حسن بيك.لقد اتخذ الانصار الشيوعيون وباقي القوى الكردستانية من روستي قاعدة خلفية لمفارزهم المتحركة في دشت اربيل وحوض راوندوز ومنطقة ميركسور!... وامتازت سرية البيشمركه - الانصار الشيوعيين في روستي ببسالتها التي ابهرت سكان القرى الكردية المحيطة عبر الفعاليات العسكرية الجسورة واقتحام الربايا العسكرية العصية وكمائنها المحكمة واسرها اعداد المراتب العسكرية والجاش،وصدها الناجح لتقدمات الجيش العراقي وانزالاته الجوية المتكررة!مع تقديمها اقل ما يمكن من التضحيات .. دخلت سرية الانصار في روستي تاريخ حركة الانصار الشيوعيين العراقيين من اوسع ابوابها لأحتفاظها بقاعدة روستي من عام 1981،وهو عام تأسيس القاعدة،حتى عام 1988 والانسحاب الشامل للانصار الشيوعيين من كردستان العراق... دون ان تدنسها القدم الهمجية للدكتاتورية وجاشها الجبان!
  اسهمت طليعة من الانصار البواسل في ظروف بيئية ومناخية نادرة في بناء قاعات قاعدة روستي البطلة اوائل عام 1981،معتمدة الحجر والطين والجلو(اوراق الاشجار الطبيعية)!وشرعت مفارز الانصار (عمال وكسبة وفلاحين ومثقفين ومهندسين) الالتحاق تباعا بالقاعدة العصية،نظموا انفسهم سرية تضم فصيلين،قائد عسكري ومستشار سياسي ومسؤول اداري...،هي جزء من بتاليون – فوج ضم قواعد انصارية اخرى على سفح جبل هندرين!واستقبلت قاعدة روستي اعضاء في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب – محطة للانتشار في ربوع كردستان!
  تعرضت القاعدة لأول عمل عسكري حكومي عدواني عبر القصف الجوي بالطائرات السمتية اواخر ايار 1981،الا ان قاعدتنا لم تتضرر بحكم تمويهنا المحكم،واصاب الرصاص الجبان مقرا للحزب الاشتراكي الكردستاني..!في هذه الاثناء كان العدد الاكبر من انصار القاعدة في مفرزة استطلاعية تجوب القرى الكردستانية في الوادي المحاذي لجبل حسن بيك – قرى بيشة وجمبالوك وشيركاوة وجيزان..!
  تصاعدت همة الانصار الشيوعيين في روستي ائر هذا العمل العسكري الجبان!وازدادت المفارز الاستطلاعية للربايا العسكرية حول كلالة وحسن بيك!وقامت روستي اواسط حزيران 1981 وردا على العمل الحكومي الجبان بقصف المعسكر الحكومي في بيشة بقذائف الهاون – قصفا عشوائيا للتحذير فقط!على اثرها قامت قوات الجاش الكردية – اي الفصائل المسلحة الكردية العميلة للحكومة العراقية مع القوات العسكرية الحكومية وبأسناد جوي بالتقدم على المنطقة لاستعراض عضلاتها،واحتلوا قمة الجبل الموازي لحصار روست مدة 12 ساعة!الا انهم جبنوا وترددوا في النزول الى الوادي الذي تقع فيه قواعد البيشمركة المموهة جيدا!
  كانت سرية روستي بعد الانتشار الرائع في المنطقة والالتزام بالتعليمات الانصارية بتجنب الاشتباك مع القوات المهاجمة!قد قررت ارسال قوة انصارية باسلة لمحاصرة الجاش المتمركزين في قمة الجبل المقابل والقضاء عليهم،الا ان القوة المذكورة وصلت الى هدفها وقد انسحبت القوات المجوقلة المعادية!ولم يخسر البيشمركة في هذا التحدي الخطير الجديد اية خسائر بشرية او مادية!كما لم تتضرر قاعات القاعدة اطلاقا!
   في تموز من نفس العام وقعت قوة عسكرية حكومية مؤلفة من 4 اعداد وسيارة جيب في كمين نصبه الانصار في وادي شيركاوة!تم نقل الاسرى الى قاعدة روستي،استقبلناهم بحفاوة وحبسناهم،شرحنا لهم الآثار المدمرة للسياسة الدكتاتورية للبعث الصدامي،واطلقنا سراحهم بعد اسبوعين!فضل المقدم الاسير العودة الى دياره،بينما آثر الجنود الذهاب الى ايران،وكان لهم ما ارادوه!
   سادت العلاقات الرفاقية الحميمة في قاعدة روستي البطلة،وتطور العمل الحزبي التنظيمي فيها!وادار الانصار قاعدتهم بكفاءة عالية بعد ان اكتفوا بالتموين الغذائي والعناية الطبية الجيدة!وكانت تصلهم بانتظام اعداد الثقافة الجديدة وطريق الشعب ونهج الانصار وادبيات الحزب الشيوعي الاخرى!وامتلكت قاعدة روستي مكتبة لا بأس يها ضمت الكتب الكلاسيكية الماركسية اللينينية وروائع الادب العالمي!
   بعد سلسلة من العمليات الاستطلاعية والقيام بالتسلل الى كلالة وضرب بعض المواقع العسكرية فيها في عملية محدودة جدا،وفي 30 آذار 1982 انطلقت من قاعدة روستي البطلة مفرزة انصارية في اول مهمة قتالية اقتحامية لاكثر الربايا العسكرية تحصنا في المنطقة!ربية عسكرية آخر ما كانت تفكر به السرية الحكومية فيها هو تجرؤ البيشمركة على اقتحامها!قام الانصار الشيوعيون بمحاصرة الربية بالكامل،واستسلمت مراتبها الا ان غدر ضابط التوجيه السياسي البعثي ومباشرته باطلاق النيران ادى الى الاشتباك المسلح الخاطف،ليقتل كل من كان في الربية العسكرية (25 ضابطا وجنديا)واسر جنديين!كما استشهد النصير الشجاع مقدام – حامل العفاروف وجرح 5 انصار آخرين،جرت معالجتهم وتماثلوا للشفاء فيما بعد!حرقنا الربية العسكرية عن بكرة ابيها ونقلنا الغنائم العسكرية – دوشكات ومدفعية هاون واسلحة اوتوماتيكية ورمانات واجهزة لاسلكي الى قاعدة روستي!وتبين فيما بعد ان الاسرى هم جنود من فقراء مدينة الناصرية،احدهم قريب لنصير في قاعدة روستي!اطلقنا سراح الاسرى بعد مضي اسبوعين ليذهبوا الى ايران ايضا بعد ان خيرناهم بالبقاء في القاعدة والانضمام لنا او ايصالهم الى اي مكان يريدونه في محافظة اربيل!الا انهم آثروا ايران!اطلعناهم على خطورة الاوضاع في ايران وزيف الادعاءات الخمينية وودعناهم!
  استقبلت القرى الكردستانية هذا العمل الانصاري الشيوعي الشجاع بارتياح بالغ،كان له اكبر الأثر على القوى السياسية الكردستانية في كردستان العراق!يذكر ان انصار قاعدة روستي كانوا يحتفلون بالذكرى 48 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي نهار 31 آذار 1982،في فعالية احتفالية استضافوا فيها آمر القوة العسكرية للحزب الديمقراطي الكردستاني في منطقة سوران والقيادة العسكرية للحزب الاشتراكي الكردستاني!واثناء مأدبة الغذاء المعد في هذه المناسبة بدأت طلائع المفرزة الانصارية العائدة من اقتحام الربية  بالوصول تباعا مع الاسرى والغنائم!
  عندها استفسر الضيوف عن ماذا يجري؟اجبناهم اقتحمنا ربية .. العصية والتي لم تطأها اقدام البيشمركة قبل هذا التاريخ!فما كان من الجميع التعجب والانبهار والنهوض واخذ التحية للانصار الابطال الذين ادوا عملا عسكريا يعد في الانسكلوبيديا الانصارية الكردستانية والعالمية من الخطورة البالغة بمكان ودرسا في التكتيك العسكري الانصاري!كانت صفعة بحق للقيادة العسكرية الحكومية في عموم كردستان العراق،بقت ترسل برقيات التودد والأمان الى قيادة روستي دون جدوى!وكان هذا العمل باكورة لفعاليات قتالية جسورة لاحقة لسرية روستي البطلة!
    عموما،تطورت امكانيات حركة الانصار الشيوعية في العقد الثامن من القرن المنصرم،من حيث المال والسلاح والنوعية والتكتيك العسكري،وخاضت المعارك بمعنويات وروح جهادية عالية وحققت الانتصارات والمكاسب التي تعد درسا بليغا للجميع.وتوسع نطاق الفعاليات الانصارية التي وصلت الى داخل المدن الكردستانية والمجمعات القسرية!واصبحت حركة الانصار قوة اعادت هيبة الحزب ليس فقط عند الاصدقاء والاشقاء،بل ايضا لدى الاحزاب والقوى المعارضة الاخرى التي تتعامل مع الحزب الى حد بعيد من خلال تلمس قوة حركته الانصارية المسلحة،كما عززت هيبة الحزب لدى جماهير الشعب، ورفعت من معنويات الرفاق والجماهير وبددت مشاعر خيبة الامل والاحباط ومخاطرهما.ومن الامثلة العديدة على الفعاليات المذكورة عمليات سرية روستي البطلة في اقتحام الربايا العسكرية والفعاليات التأديبية ضد الجاش والخونة.كما لعبت حركة الانصار دوراً بارزاً في استهاض الجماهير في المنطقة وفي انتفاضاتها اعوام 1982 و1984 و1987 و1991.لقد واجهت حركة الانصار الآلة العسكرية الجهنمية للنظام الدكتاتوري قبل توقف الحرب العراقية – الايرانية وبعدها في مواجهات باسلة وفي معارك مختلفة شملت كافة اجزاء كردستان في مناطق سوران وبهدينان رغم عدم التكافؤ في ميزان القوى واستخدام النظام الاسلحة الفتاكة الكيمياوية والجرثومية والفسفورية ضد الجماهير والحركة الانصارية.
     تحية لجميع الانصار الشيوعيين في سرية روستي – الشهداء منهم والاحياء – وتحية الى الذين شاركوا في هذه المأثرة الانصارية الرائعة – اقتحام عام 1982 - الذي اعاد الثقة في حينها للحركة التحررية الوطنية الكردستانية بكمون قواها وقدراتها،ورفع من شأن الحزب الشيوعي الذي بات العدو والصديق يأخذ له الف حساب،والخلود للشهيد البطل مقدام!

بغداد
27/12/2012
                                 
   

46
الحكام في بغداد يغلقون راديو المحبة ويعبثون بمحتوياته!

                                                                                                                                          سلام كبة

   تعودنا على سماع الموسيقى الكلاسيكية والهادئة وموسيقى الرحباني واغاني فيروز وجاهدة وهبي وماجدة الرومي وكريمة الصقلي وسلمى صباحي وشيفان وجعفر حسن وسميح شقير وفؤاد سالم و ... من بعض الاذاعات المحلية في بغداد،وكان راديو المحبة – صوت المرأة العراقية الذي يبث على موجات ال(FM) سباقا هنا،الى جانب برامجه المنوعة ولقاءاته مع الناشطين والناشطات في المؤسساتية المدنية عبر مراسليه المتوزعين في ارجاء البلاد.وفجأة ودون سابق انذار ينقطع البث الاذاعي مساء الاحد 16/12/2012!
   في بادئ الامر توقعنا ان السبب خلل فني،وهذا ما يحصل عادة في محطات البث الاذاعي الصغيرة والمحلية بسبب العمل المتواصل ونقص قطع الغيار والطقس السئ!الا ان الذي روعنا هو اقدام قوة حكومية ترافقها شلة من البلطجية على اقتحام مبنى الراديو وتهديد العاملين واغلاق الاذاعة دون اية مذكرة قضائية،وهذا ما اكده رئيس مجلس الادارة الاستاذ كمال جبار،وهو شخصية ديمقراطية يمتلك من التاريخ النضالي الذي يرتعد له وطاويط الحكم القائم!وتعهد الاستاذ كمال بمتابعة الموضوع قضائيا لاسيما ان راديو المحبة قد اوفى بالتزاماته تجاه هيئة الاتصالات والاعلام،وعلاقاته مع الجميع لا تتخللها حالات الاضطراب والتشنج!
   بهذا التصرف الاحمق الجديد تواصل قطعان الحكم القائم في بغداد قادسية الزحف لاسكات كل الاصوات الشريفة ومنابر الرأي الحر والاعلام الديمقراطي وتكميم الافواه ما لم توقع على صكوك الغفران والولاء للحزب الحاكم وشخص رئيس الحكومة الذي يمتعض كثيرا من تواجد هذه المرافق التي ترفض استلام الرشى ولا تتوانى في كشف مظاهر الاستبداد والفساد المستفحلة!كما تتواصل التدخلات الحكومية في شؤون كل النقابات والمنظمات المهنية التي تفضح الارهاب الذي يستهدف المدنيين وقيادات النقابات،وتساهم بفاعلية في التحركات الجماهيرية الضاغطة ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية!
ويبدو ان اغلاق صوت المرأة العراقية جاء متوازيا مع حدثين مهمين:
1.   اعتقال اكثر من 25 موظفة من العاملات في البنك المركزي واخضاعهن للتحقيق الجائر والسجن اكثر من 3 اسابيع!بعد اعتقال البروفيسور مظهر محمد صالح نائب رئيس البنك،ومذكرة الاعتقال ضد البروفيسور والعالم الجليل سنان الشبيبي رئيس مجلس ادارة البنك المركزي!وهذه هي المرة الاولى التي تقدم فيها الحكومة العراقية على اعتقال هذا الكم من النساء – الكادر الحكومي الاداري الكفوء،مرة واحدة وفي وضح النهار!
2.   فضائح التعذيب والاغتصاب التي تتعرض لها السجينات في اقبية الامن والمخابرات المالكية – نسبة الى رئيس الحكومة الذي لازال ينكر مع حاشيته هذه الافعال ويصف حكمه بالرشيد!وتلقبه البلطجية بالرئيس القائد!
   ويرفض رئيس مجلس الوزراء حتى اليوم دعوات الاستجواب الدستورية الصرفة!ويعتبر نفسه فوق القانون- آية الله عظمى،ويقيم الدنيا ويقعدها لاعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي!وذلك بحد ذاته اشتراك في جريمة الفساد. 
   لا يعرف قاموس نوري المالكي كلمة الديمقراطية ويسعى الى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنه يتنفس اصلا في الوسائط التراتبية،متى سنحت له الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية.والديمقراطية التوافقية او ديمقراطية حجب الحقائق،هي اختراع بائس وفاشل يكبل ليس الحكومة وحدها عن اتخاذ القرارات،بل يكبل العراق ويجعل منه أسيرا لأحزاب اتفقت على ان لا تتفق ابدا،وافرزت لنا الفساد المركب واللصوصية والطائفية التوافقية!
  لنرفع صوتنا عاليا ضد الجهود غير الدستورية التي تبذلها الطائفية السياسية بنخبها المتنفذة وحكومة بغداد للحيلولة دون نهوض المجتمع المدني،وبالتدخلات غير المشروعة في شؤونه،وبالأبقاء على قرارات ومراسيم مجلس قيادة الثورة سئ الصيت!

بغداد
19/12/2012
 

         
   

47



فخري كريم ... قامتك اعلى من سفاهاتهم وحماقاتهم!

                                                                                                                                سلام كبة

   انقلاب حكام بغداد على جوهر الديمقراطية والحياة المدنية هو اليوم على المكشوف والملأ بعد ان فاحت روائح فسادهم وخزعبلاتهم وروزخونيتهم وحماقاتهم وسرقاتهم تزكم الانوف،ولم تعد اية واجهة كارتونية سياسية كانت ام اعلامية ام دينية طائفية ام قضائية قادرة على التستر على عوراتهم القبيحة!ودكاكينهم تتراقص طربا على اتساع مديات التضخم والبطالة والامية والجهل ورداءة الخدمات في بلادنا،بعد ان اداروا ظهورهم لثورة 14 تموز المجيدة وتنكروا لتشريعاتها الاجتمااقتصادية واطلقوا مبادراتهم الصبيانية محاولة لاقتحام كل زاوية في مجتمعنا العراقي لا من منطلق التعلم والتتلمذ والمعالجة والاصلاح والبناء والاعمار- بل باتجاه مزيدا من التسلط والتدجين على هدى ملهمهم صدام حسين،وبقوا يتاجرون بظلم الطاغية صدام ومظلوميتهم ليؤسسوا حكما استبداديا جديدا وفق معتقداتهم السوقية!وبيئة انتهازية براغماتية محيطة مصفقة لا تعرف رأسها من ساسها!مافيات وقطعان بلطجة وحمقى وسفهاء واغبياء!كعبيد سالف الزمان الذين حركوا مراوح اسيادهم للترويح،والاسياد يحبون من يمرخ لهم او يروح!
   وبدل سماع صوت فيروز وسيد درويش وناظم الغزالي وانوار عبد الوهاب وسيتا آكوبيان صباحا،يفضل هؤلاء القوم سماع اللطميات والبكائيات!تراهم يهزون رؤؤسهم وابدانهم كالاطرش في الزفة مع انهيارات الوضع الامني والمجازر الارهابية التي تحصد يوميا بسبب تعنتهم وساديتهم البسطاء والفقراء وخيرة ابناء الشعب العراقي!     
   حكام بغداد لم يسمعوا برموز ديمقراطية الاسلام الحقة،ديمقراطية من الشعب وبالشعب ومن اجل الشعب!وحماقاتهم لا تتفق مع غضب ابو ذر وعمار وعلي بن ابي طالب!انهم يفصلون ديمقراطية اسلام وفق مزاجهم وشهواتهم ورغباتهم ويطلقون الوعود على طريقة جحا!ينتقصون من ويحاصرون الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ويقوضون الاستقرار الاجتماعي وسيادة القانون بأسم القانون والحزب الحاكم!ويحجمون الحقوق والحريات النقابية!وبستولون بالقوة على المؤسسات والهيئات والمفوضيات المستقلة لانها لا تهلل لهم!يقمعون التظاهرات الشعبية ويعتقلون نشطاء المؤسساتية المدنية بسبب مواقفهم الجريئة المنتقدة للفساد والتفرد بالحكم!     
  لم استغرب واتفاجأ بالعمل الشنيع الذي اقدمت عليه قوات مكتب رئبس الحكومة العراقية ضد شخصية اجتماعية ديمقراطية وطنية معروفة وناشط سياسي حقوقي يتبوأ المسؤوليات الرفيعة في المؤسساتية المدنية والاعلامية والحقوقية والسياسية العراقية،واعاد هذا الفعل الاحمق الى ذهني ذكرى مرة عندما اقدم الحرس القومي في 9 شباط 1963 على اقتحام دارنا السكنية في بغداد واخلوه واغلقوا الباب الرئيسية بالشمع الاحمر،وحولوا كراج السيارة الى مكتب للحرس القومي!     
   لا ولن تدرك الحكومة العراقية عقم تصرفاتها الحمقاء واساليب القمع الوحشي ومحاولات تكميم الافواه،الوبال ذو الثمن الباهض!والشعب العراقي لن يسكت على الدم الذي ينزف من ابنائه وبناته يوميا على ايدي البلطجية والمسلحين والارهابيين الذين يقتنصون فرص الصراع على كراسي الحكم!

بغداد
18/12/2012

   

48


عزت الشابندر بين الاشباح والمعلوم

سلام كبة

   ادغال من تدربوا في دهاليز المخابرات العربية والأجنبية والذين يستخدمون العراق اليوم كمحطة للثراء لا تستطيع اقتلاع جذور الشيوعيين العراقيين!والشيوعيون أنقى من أن تطالهم الألسن الرثة!يقول عزت الشابندر في تصريح صحفي شباط 2010 ان الفكر البعثي الذي يجري اجتثاثه في العراق ليس أسوأ من الفكر الشيوعي الذي لا يقترب منه الاجتثاث،بل هو شريك بالحكم اليوم!ورد عليه حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي في حينها"ان موقف عزت الشابندر شائن ومبني على حقد دفين،والالفاظ التي تلفظ بها بذيئة ولا تليق بشخص مرشح للانتخابات!واذا كان حزب البعث الصدامي من المحرمات في البلد وحسب الدستور العراقي فكيف يصفنا بهذا الوصف؟!"..مع ذلك وصل عزت الشابندر الى مجلس النواب العراقي وصار نائبا فيه بالترضية!،ولا نعرف كيف حصل ذلك؟وكم عدد الاصوات التي حصل عليها هذا النائب(132 صوتا فقط..!)؟الا ان الايام التالية كشفت وتكشف المستور!
   ردا على جواد الشهيلي وورود اسمه ضمن المتورطين بشبهات الفساد التي رافقت صفقة السلاح مع موسكو،يؤكد عزت الشابندر ل"المسلة":"من يورد أسمي بشبهات الفساد في صفقة السلاح الروسي يخسئ هو وأبوه والذي خلفه!وعلى من يستدعيني بوصفي شاهدا عليه ان يقوم بذلك بأحترام".وفي لقاء متلفز مقتضب مساء الخميس 29/11/2012 يقول الشابندر حول نفس الموضوع تحدثوا بالحجج الدامغة!وكل ما هو مثار اليوم يقع في سلة الاشباح!   
   قبل ذلك بأيام معدودة جاء على لسان علي الدباغ حينما كان يشغل منصب الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية أن الشابندر يعاني من وضع نفسي يدفعه لإختلاق قصص وهمية تُعطي لنفسه اهمية كاذبة وعلاقة حميمية كاذبة مع نوري المالكي رئيس الوزراء،مما يدفعه للتطاول بطريقة تفتقد للأخلاق والأدب واللياقة على شخصيات عامة مثل الناطق الرسمي وسماحة السيد مقتدى الصدر!وان ما تعرض له من موقف تأديبي من قبل النواب الصدريين في مجلس النواب جعله يفقد توازنه ويعيش حالة نفسية صعبة ويستخدم الفاظاً نابية لا تستحق الرد(لو كل كلبٍ عوى ألقمته حجراً ... لأصبحَ الصخرَ مثقالٌ بدينار)!وكان النائب عن كتلة الأحرار"عدي عواد"قد اكد إن التصريحات التي يطلقها عزت الشابندر بشأن الوضع السياسي الراهن نابعة عن تأثيرات النوادي الليلية اللبنانية التي اعتاد عليها..."
   وفي اتصال هاتفي أجراه مقربون من الشابندر مع "الوسط"،اكدوا فيه ان الشابندر ليس هو صاحب المبادرة في تسهيل عودة مشعان الجبوري الذي لازال يجل المقبور صدام حسين ويصفه بالشهيد الى العاصمة العراقية،انما جاء ذلك بطلب من نوري المالكي رئيس الوزراء لمواجهة التحالف الكردستاني اعلاميا!ويقول الشابندر في لقاء صحفي آخر ان"اتفاقية اربيل أصبحت جزءا من التاريخ وهي ليست حل لأنها تضمنت نقاط ثلاث ينقصها العديد من التفاصيل لتكون ورقة ناجزه ومهيأة للإصلاح"!
   يعترف الشابندر في لقاء مسجل باليوتيوب(www.youtube.com/watch?v=dbVgX8Ir9rc)،ان حزب الدعوة الاسلامي لا دين ولا اخلاق له ويتلبس لبوس الدين الشيطاني،واليوم الشعب العراقي والشعوب الواعية لا تحتاج الى مثل هكذا شهادات!فالواقع لايحتاج الى دليل!الامر الذي حدا بالدكتور حيدر العبادي ان يرفع دعوى قضائية على الشابندر بتهمة القذف والتشهير والأهانة بعد ان وصفه بانه اغبى شخص في حزب الدعوة في الشريط المسجل اعلاه..
   قيادات حزب الدعوة ممتعضة جدا من اهانة الشابندر لحزب الدعوة،في الوقت ذاته مستغربة من سكوت المالكي عليه وسر العلاقة الجديدة بينهما مشيرة الى ان الشابندر هو من اقنع المالكي بالتحاور مع حزب البعث جناح محمد يونس الأحمد وكان عراب المفاوضات والحوارات لمدة سنتين كاملة!
   يكشف الشابندر في آخر تقليعاته الصحفية"المالكي متمسك بي وقال لي أنت وحدك تجعلني رئيس حكومة لدورة ثالثة،والحرب مع البيشمركة الآن هي جزء من سيناريو رسمته للإنتخابات المقبلة،لكسب تعاطف الناس حيث يحتاج المالكي الى صولة فرسان ثانية ولكن ليس ضد جيش الوردي(يقصد جيش المهدي)بل ضد البيشمركة"،ويضيف بأن"خطة اخلق أزمة واخلط الأوراق هي من خططي المقترحة للمالكي،وقد حصدت له شعبية كبيرة وقوة ونفوذ وهيبة بين السياسيين،والكل اليوم يخشى المالكي"!..."ان سبعة من قيادات حزب الدعوة يمتلكون شهادات مزورة بعلم المالكي وهم(علي الشلاه وكمال الساعدي وسامي العسكري وياسين مجيد وحنان الفتلاوي وحيدر العبادي وصادق الركابي"!
•   من هو عزت الشابندر؟!
   عزت الشابندر سليل اسرة جلبية بغدادية عريقة متنفذة ادانت بمركزها الى مدير"بيت الكمرك"في القرن التاسع عشر،وكانت جزء من الطبقة المتوسطة المحدودة المتألفة اصلا من التجار الاغنياء وزعماء رجال الدين ابان الحرب العالمية الاولى وبداية العشرينات من القرن المنصرم،اعتمد عليها فيصل الاول لتكون من انصاره،تزعمها محمود جلبي الشابندر!"قاوم محمود الشابندر مشروع احتكار الملاحة النهرية الحكومية من قبل شركة السادة لينش البريطانية عام 1909 في حملة احتجاجات عامة شارك فيها كبار التجار آنذاك،ومنهم عبد القادر الخضيري وساسون حسقيل..،واحتل الشابندر وبقية التجار العراقيين مكتب البرق في اسطنبول واصروا ان يأتي رئيس الوزراء ليناقشوا معه مسألة الامتياز مباشرة..ولم يهدأ الوضع الا باستقالة الوزارة التركية"
    منحت الحكومة العثمانية محمود جلبي الشابندر في 28/2/1912 امتيازا لتنوير بغداد بالكهرباء وتأسيس الترامواي فيها،ثم تزاوجت مصالح التاجر الشابندر مع الإنكليز لوضع حد لتدخلات العثمانيين في أموره التجارية!وبعد تأسيس الدولة العراقية طالبتها شركة الشابندر بالموافقة على مشروع الكهرباء السالف الذكر لتصدر الإرادة الملكية في منح هذه الشركة الأمتياز في 26/9/1928،وهو يقع في 120 مادة تشتري فيه الشركة الماكينات البريطانية وتوابعها وتستمر في تشغيلها"في الواقع كان محمود جلبي الشابندر وكيلا للشركة البريطانية آلن براذر اوف ابردين!".وامتد نشاط شركة الترام والكهرباء ليشمل كل مناطق بغداد!كما تغير اسم الشركة الى شركة التنوير والقوة الكهربائية او شركة بغداد للنور والكهرباء،وأمست فيما بعد شركة انكلو- بلجيكية محدودة يحركها الرأسمال البريطاني ولها امتياز الكهرباء مدة 50 عاما تبتدأ من سنة 1928.
   توفي محمود الشابندر عام 1935 ليخلفه أبناءه في إدارة شوؤن الشركة،ونظم جميل صدقي الزهاوي قصيدة يرثيه فيها كانت من قصائده الجميلة وآخر ما نظمه قبل وفاته ببضعة أشهر.وفي أعوام 1938-1939 احتلت شركة ابراهيم محمود الشابندر المحدودة(هذه المرة)موقعها ضمن قائمة الصف الأول لغرفة تجارة بغداد"ضمت الدرجة الاولى في غرفة تجارة بغداد الشركات البريطانية والمختلطة الانكلوفرنسية والانكلوفرنسية-اميركية،والتجار الذين تحددت اعتباراتهم المالية بأكثر من 22500 دينار".واستوزر ابراهيم نائبا في البرلمان العراقي عام 1952 بينما استوزر أخوه موسى اكثر من مرة وكان سفيرا للعراق في واشنطن عام 1953.
  كانت شركة بغداد للنور والكهرباء منذ تأسيسها جزء لا يتجزأ من الجهد الاستعماري لكسر شوكة نضال الشعب العراقي الوطني التحرري لاسيما بعد توقيع معاهدة 1930 الاسترقاقية!واتساع النشاط الجماهيري السياسي والاقتصادي وتطور الحركتين الوطنية والعمالية،فدارت اعنف المعارك النضالية حول قانون رسوم البلديات ومقاطعة شركة كهرباء بغداد!
    في اضراب بغداد 1931 استخدمت القوات الامبراطورية البريطانية لحماية اهم المنشآت العراقية من شركات نفط ومراكز توليد كهرباء.وفي 3/12/1933 دعى اتحاد عمال العراق الى مقاطعة شركة النور والكهرباء"والترامواي"سابقا في بغداد"تلمست الشركة قلة أرباحها اثر حل الحكومة لخط الترامواي،وبعد ان تنصلت الشركة من الترامواي ردحا من الزمن وبقاء أعمالها مقتصرة على التنوير فقط،وصارت الشركة تستوفي 28 فلسا عن كل وحدة كهربائية"،وبعد ان فشلت المفاوضات معها لتخفيض سعر الوحدة الكهربائية،وبدأت المقاطعة في 5/12 فلجأت الحكومة الى المناورة تارة والعنف تارة أخرى لوقف المقاطعة وعمدت الى انارة الشوارع جميعها للتخفيف من خسارة الشركة،وتشكلت فرق عمالية جوالة تشرح لأصحاب المحلات مغزى المقاطعة!التي ادت الى تصفية النقابات القائمة لاحقا!وتأليف لجنة للإشراف على حسابات شركة الكهرباء وللإطلاع على أرباحها وتحديد الاجور بنسبة الإرباح لتهدئة الرأي العام.اما مواد رسوم قانون البلديات الجديد لسنة 1931 فقد أضرت مختلف فئات الشعب العراقي واضطرت المعامل التي تستخدم المكائن الى خفض اسعار منتجاتها رغم بقاء اسعار ورسوم المحروقات من نفط وكهرباء باهضة!
   كانت الحرب العالمية الثانية شديدة الوطأة على الشعب العراقي وكشفت كل عورات النظام الملكي وأنضجت سخطا جماهيريا واسعا.وقد شن العمال سلسلة من الاضرابات ابتداءا من خريف 1941 أولها إضراب عمال السكك وتلاهم عمال شركة كهرباء بغداد وجاء في بيانهم:"اننا نشتغل الساعات الطوال،نكد ونكدح،معرضين للموت منصعقين بالتيار الكهربائي،مع ان يوميات اكثرنا لا تتجاوز الخمسة والسبعين فلسا،ولا يخفى عليكم ان هذه اليومية تقابل عشرة فلوس في ايام ما قبل الحرب!"
  مع انتقال ملكية شركة كهرباء بغداد الى الحكومة العراقية حسب مرسوم رقم (155) لسنة 1955 خبى بريق اسرة الشابندر،ولم يأت لهم ذكر هام بعد ثورة 14 تموز المجيدة واقامة النظام الجمهوري!الا من الكاتب الكبير غالب حسن الشابندر والاديب فلاح الشابندر ومقهى الشابندر في بغداد وجامع الشابندر في بعقوبة!صدام حسين من جهته،كان قد اجبر المهندس نور الدين الصافي،المدير العام  السابق للخطوط الجوية العراقية بالتخلي عن زوجته وام اطفاله سميرة الشابندر لأن الرئيس الهمام كان قد اعجب بها واراد الزواج منها حسب"الشريعة  الاسلامية "!
   بقى مقهى الشابندر العريق الذي يزين شارع المتنبي طيلة هذه الفترة ملجأ لعدد غير قليل من مثقفي العراق يتبادلون فيه الآراء ووجهات النظر!والطلاب لمتابعة فروضهم الدراسية!واستثمرت المنظمات الديمقراطية العراقية،خاصة اتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي مقهى الشابندر لعقد اجتماعاتهم في عز القمع البوليسي للانظمة المتعاقبة على حكم العراق!
  ظهر عزت الشابندر كنائب في مجلس النواب العراقي بعد التاسع من نيسان 2003!عن القائمة الوطنية العراقية اولا وعن قائمة دولة القانون فيما بعد!وتبين لاحقا انه كان قياديا في حزب الدعوة الاسلامية العراقية،وكان تحت امرته عدد غير قليل من قادة حزب الدعوة الذين يشغلون حاليا مناصب هامة في الدولة العراقية!...عاش ردحا من الزمن في سوريا،الا انه اختلف مع الدعوة وانفصل عن الحزب!من مواليد بغداد 1950،وحاصل على بكلوريوس آداب لغة عربية!
   ردا على تساؤل حول حقيقة المخصصات والأراضي المتميزة التي منحت لاعضاء مجلس النواب،يتحدى الشابندر الشعب العراقي ويستطرد:"انهم نواب الشعب وهذا جزاء يستحقونه!وليس من المعقول أن يتساوى النائب مع المواطن لأنه اعلى منزلة واكثر شرفا واوفر حظا في التمتع بمباهج الحياة"!


بغداد
30/11/2012

49
ابراهيم الجعفري والرسائل الترويحية او ما شاكل!

سلام كبة

    "الحسين(ع)عنوان الحرية .. والمحبة..والكرامة للانسانية جمعاء.."رئيس التحالف الوطني!هذه مضمون الرسالة التي عممها ابراهيم الجعفري على ابناء الشعب العراقي عبر شبكة زين للاتصالات في 25 تشرين الثاني 2012!لم تفاجئنا هذه الرسالة مثلما لم تفاجأنا رسائل نوري المالكي في عيد الاضحى!رغم اتخاذنا احتياطيات اجراء حظر للرسائل الترويحية بأرسال (3) الى رقم (1027) في شركة زين قبل ساعات معدودة!وهذا يعني:
1.   اصرار قادة التحالف الشيعي على استخدام (زين) لاغراضهم الخاصة في المراحل الانتخابية للبلاد،وبالتالي مزيدا من المنغصات والازعاج للمواطنين!علما ان استخدام شبكات الهاتف النقال لاهداف سياسية ودعائية مع سبق الاصرار من قبل الحكام هو منافي للبروتوكولات الدولية!
2.   يتضح من هذا الاجراء انصياع ادارة شركة زين ورئيس مجلس ادارتها ومجلس ادارتها للابتزاز الحكومي من جهة،والكشف ان العدد الاكبر من مالكي اسهم هذه الشركة محسوبون على الجهات المتملقة للحكم التعسفي في بغداد!
3.   ابراهيم الجعفري لا يزال يحن الى امجاد ولت ابان رئاسته الحكومة العراقية قبل اعوام،وهو الذي يتلعثم بين كل جملة وأخرى بالعبارة المحبذة له(او ما شاكل)وذو الخطاب الضبابي والنفعي والمتخبط واللاهوتي المتسم بطغيان الخجل البورجوازي الامر الذي اكد ويؤكد دون لبس تمثيله المصالح الطبقية لكومبرادور وطفيليي ومفسدي وهدامي العراق بتفاني!الجعفري هذا رائد في حنقبازيات الاستغباء وهو الصبي اي الخادم الذي سوق ويسوق بضاعة الاستخبارات الايرانية(اطلاعات)داخل العراق مثلما قام بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي ارادت وتريد فرض نفسها بقوة المافيات والبلطجية على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة،وهو يجد اليوم في رسائله الترويحية وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة!وياليته ينصت للشاعر خلدون جاويد/
انتم بديباج الكلام اماجدٌ
وبنكث آصرة الوفاء أراذل ُ
لا لم تعد نجفٌ تفاخر باسمكم
لا كوفة ٌ ، لا كربلا ، لا بابلُ
ما انتمُ الا بناءٌ ساقط ٌ
نتنٌ مليءٌ ارضة ً متآكلُ
انتم كأندلس الطوائف اُجهضتْ
والموت اما عاجلٌ او آجلُ
4.   المبادئ الحسينية في العدالة الاجتماعية وثورة الحسين(ع) لا يعرفها الطبيب الجعفري ولا الضرغام نوري المالكي ولا جماعتهما لأنهما يستغلان العقيدة الحسينية لتضليل الناس وصرفهم عن التفكير في واقعهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي،ولجني المزيد من الأرباح في عمليات الفساد المستفحلة في الدولة والمجتمع!اطلقنا عليهم تعبير "الحسينيون الجدد" لانهم يسبرون اغوار الاسلام والتشيع لا لرفع شأنهما كما سعى الحسين(ع)،بل لاشاعة قبول كل مظاهر الاستبداد الجديد البديل وعسكرة المجتمع وتجييش وتطييف الاتباع والقطيع!مكبرات الصوت في جوامعهم وحسينياتهم تبرر فسادهم الفضائحي!وتطبل لعنترياتهم الكارتونية الاستعراضية ومبادراتهم الصبيانية!!
5.   المبادئ الحسينية في العدالة الاجتماعية وثورة الحسين(ع) لا يعرفها حكام بغداد وزبانيتهم الذين كانوا اسيادا فقط في تسييس الدين والغاء دوره الارشادي والتثقيفي وقدسيته وادخاله في اللعبة السياسية،واضعاف دور الدولة والاستهتار بالقوانين.انهم نماذج لكهنة القرون الوسطى واجراءات محاكم التفتيش،وفتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين!يذكرونا بصدام حسين الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة!ورسائلهم الترويحية تذكرنا بالقيسية(نسبة الى نقيب الفنانين داوود القيسي في عهد صدام حسين)!الا يدرك الجعفري ان الشعب العراقي لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي او الساطور الانتخابي!
6.   لحق بالفعل عسفا كبيرا بمكانة الطائفة الديني والعشيرة الاجتماعي بفعل الامعان في توظيف هذه العوامل الاهلية في الاضطرابات الامنية،ودور بعض التنظيمات الدينية والطائفية والعشائرية ورموزها المتنفذة في تكريس السطوة الشمولية والفردية والدكتاتورية واذلال الشعب.وتحولت الطوطمية الى اجلال لأقطاب الطائفية السياسية والولاءات الاصطفائية وتقديس لها،وتحول التابو الى كل ما يتعلق بالتحريم،والمحرمات الى توكيد لعدم جواز المساس بشخصية الشيخ – الاغا – الملا – السيد – آية الله ...واملاكهم واقوالهم.وبعد ان مارست الولاءات الاصطفائية ديمقراطيتها فطريا عبر الدواوين والروضات والحوزات والجوامع والمساجد والحسينيات لتداول كل ما يهمها ويخص افرادها وحل مشكلاتها ... الا انها بقت وشائج عصبوية ذات نفس استبدادي مطلق لتوارث المناصب وقمع الحريات وقتل الديمقراطية المدنية البرلمانية في المهد.
7.   ليس غريبا اليوم ان نعثر على لافتات تحمل صورة نوري المالكي او ابراهيم الجعفري وحتى بعض من اتباعهما وكتب الى جوارها "حي على خير العمل .. (المالكي او الجعفري..)هو الامل .. اللهم وال من والاه .. وانصر من نصره"،في محاولة لإقرانها بالامام علي(ع)...وبمعنى أخرى،تتمثل نصرة المذهب هنا ببقاء راعي الحسينية الجديدة في رئاسة الوزراء لأنه الرجل الأوحد الذي يصلح لهذا المنصب،وتوجيه أي نقد له يلحق الضرر بالمذهب،وكل كلام فيه نقد للحكومة يصب في مصلحة اعداءه،وهذا مضر للمذهب!ولا يحتفظ المالكي مثلا لنفسه حق توجيه الانتقادات للجميع والى الجميع فحسب،بل وحق الارهاب الفكري توأم الارهاب المادي،محاولاً اللجوء الى بعث خلافات الماضي،كي يتجاوز عقد الحاضر المساهم هو في ربطها!!ونسى المالكي والجعفري وصحبهما الذين رفعوا راية الصدر وصورته حتى جعلوه خصماً للآخرين،انهم  ما زالوا ملتزمين بحملة صدام حسين الايمانية،وهي ليست اكثر هزيمة للعقل مما جاء بعدها من حملات.
8.   "استراتيجيات النجاة قصيرة المدى تحل محل اجندات اعادة البناء بعيدة المدى" عند فطاحل الحسينية الجديدة،وتتجسد في المزج بين الولاءات دون الوطنية وبين احدث النظريات في سيادة الدولة،تقليعة قذرة ودرس جديد في ديمقراطية الطائفية السياسية والأسلام السياسي تسود بلادنا اليوم،بعد اضفاء هالة من القدسية الوهمية على نوري المالكي ولأجل تكميم الأفواه،وتعزيز الاستبداد بقيادة الطائفة دون أحقية!وبعد ان بات التوجه نحو خدمة المواطن و تقديم الخدمات الرئيسية وتكريس الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للشعب العراقي في خبر كان!
9.   في كل مقابلة او مواجهة او حوار ومحاورة،يرفع نوري المالكي اصبعه مهددا ولاعنا الطائفية والطائفيين ويتعهد بالعمل على القضاء عليها،مستغبيا هو وحزبه والاحزاب المؤتلفة مع حزبه انهم هم الذين اسسوا وبدأوا وتمسكوا ولا زالوا متمسكين بالطائفية،وهم الذين اسسوا الاحزاب الطائفية،لا يدخلها غير المؤمن بشباك عباس وبقرب ظهور المهدي المنتظر،المؤمن والملتزم باللطم على الحسين وعبادة قبور اولياء المعصومين،ولابسي المحابس الفضية المزينة بعين زرقاء دفعا للبلاء!
10.   ان حزب الدعوة والاحزاب الشقيقة ليست نوادي اجتماعية او جمعيات خيرية،انها احزاب سياسية طائفية،تعبر عن مصالح الاسلام السياسي،فكيف تكافح الاحزاب الطائفية طائفيتها السياسية؟!لف ودوران ومراوحة في نفس المكان!هل يقود التخندق الطائفي وفرض الثوابت الدينية والطائفية الى طريق الديمقراطية والوحدة الوطنية الذي يتغنى بها المالكي؟من هذا الباب،وليس من الشباك ولا عبر الاسلاك!تغلغل ويتغلغل ارهاب القاعدة مع البعث الصدامي ليكملوا جريمتهم الى جانب فرق الموت وقتلة الجريمة المنظمة!
هذي شعارات الطوائف كلها
وهم ٌ ، سراب ٌ ، بل جديب ٌ قاحل ُ
والقادة " الأفذاذ "! سرب ٌ خائب ٌ
هم في الجهالة لو نظرتَ فطاحل ُ
هذا هو الوطن الجميل مسالخ ٌ
ومدافن ٌ وخرائب ٌ ومزابل ُ
سحقا لكم يامن عمائمكم كما
بـِزّاتكم ، شكل ٌ بليدٌ باطل ُ
11.   الطائفية لا يمكنها ان تكون البديل المقدّس التي لا يجادل احد فيه ابدا،لأنها من اسوأ ما خلّفه التاريخ السياسي الاسلامي على امتداد عصور خلت وبدء انقساماته وامتلائه بالمزدوجات والتناقضات وانفصال السياسي بكل شروره عن الحضاري بكل رقيّه وابداعاته.ولا تستطيع الطائفية السياسية ان تقدم اي مشروع حضاري تقدمي معاصر،لأنها جبانة وجاهلة وتعتمد في تغلغلها على الماضي او من يمثّل الماضي في هذا العصر لتستند الى ما يقوله ويأمر او ينهي عنه..هكذا،تعتمد القوى الدينية على الأثر التاريخي المخزون في ذاكرة الطبقات المهشمة لتخاطبها وتجعلها تتوجه كما تريد هي،لا لانتشال ابناء هذه الطبقات بل استغلالهم في تحقيق مآربها ومصالحها.هذا ليس بمعزل عن الطائفية السياسية التي تعمل على تسسيس عفوية الجماهير بأي ثمن!غارقة في أوهام اساليب الجبر والقسر والتعسف مما يخلق التربة الخصبة لانتعاش الاصوليات الدينية والسلفية وجماعات التكفير والعنصرية!اعادة انتاج الطائفية السياسية كشف للمستور ووباء خطير يسمم الحياة السياسية ويتناقض مع الديمقراطية،ليقزم معنى الحياة السياسية ومدلولاتها ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين ويضر ببناء الوحدة الوطنية..الاحزاب الدينية والطائفية لا تستوي والديمقراطية مطلقا!
12.   نوري المالكي والقوى السياسية المتنفذة يدعون الى اقامة نظام اجتماعي وسياسي ديمقراطي عادل،ولكن لا احد منهم،باستطاعته ان يخبرنا،كيف يمكن اقامة مثل هذا النظام،لان المصيبة لا احد منها،يعلم كيف ذلك!بالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية والشعائر الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن لها الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين،وتلجأ النخب السياسية المتنفذة الى استغلال تسييس الدين ومشاعر الانتماء الطائفي والقومي وعوز الناس ومآسيهم،لاستغلال الرعاع المستعدين للانقياد جراء التضليل والرشوة والترغيب.انهم يستنسخون شعارات صدام حسين ويستبدلوها"امة شيعية واحدة .. ذات رسالة حسينية خالدة"!نعم،تزعق الثقافتان البعثية والقومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة ان الامل الوحيد في نيل الاستقرار والامن هو خلط الخبث والثأر والانتقام والاجرام بالفوضى والقسوة وفق قاعدتي "اخبطها واشرب صافيها" "اقتل وسر في جنازة القتيل في المقدمة"!
13.   بالمحاصصة والمال السياسي تتشبث القوى السياسية المتنفذة بالسلطات القائمة،غير آبهة للسخط الواسع المنتشر بين الناس بسبب الأزمات المتفاقمة وضعف الأمن وتراجع الخدمات واتساع مديات الفقر والبطالة.وهي لا تستهدف خلط الاوراق واضعاف صوت المدافعين عن قضايا الناس وحاجاتهم وهمومهم والتستر على اخطاء الحكام وطريقة ادارتهم للبلاد فحسب،بل تمهد الطريق للانقلاب على الديمقراطية الناشئة وخنقها ونحرها ووأدها لانها مصدر قلق جدي لها قد تسحب البساط من تحتها متى نضجت الظروف السياسية والاجتمااقتصادية المؤاتية!وباستغلال المناصب الحكومية يجري القبول بتسطيح المواطن وتضليله وتحويله الى انسان نفعي وجسرا يمر عليه اصحاب الاهداف الانانية،مزوري ومفسدي الاخلاق والقوانين.
14.   الديمقراطيات العصرية تحرم على المسؤول الاستمرار في منصبه اذا فشل في كشف جريمة عادية،والعقوبة اعظم اذا فشل في كشف جريمة اغتيال مواطن ومسؤول في الدولة ولا يحق له الترشيح للانتخابات،لكن ديمقراطية المشعوذين تحجب الحقائق على الشعب والمسؤول فوق القانون وحق المواطنة مفقود والبقاء للأقوى،انها شريعة الغاب.ربما لا يريدون ازعاج العدالة بالحقائق،شرطة تحقق مع صاحب الفخامة او دولة الرئيس او صاحب المعالي والسعادة او حجة الاسلام والمسلمين وخاصة اذا كان من سلالة المعصومين،وما يتبع ذلك..ممثلو الشعب وكبار موظفي الدولة والشيخ والاغا والمقاول الكبير والتاجر والمرابي والاقطاعي،انه كفر وحرام.....ضحايا الغدر والاغتيال اليومية بكواتم الصوت لخيرة ابناء الشعب العراقي..هل تتصدى لها الشرطة الوطنية وقوات الحرس الوطني وتتابع خيوط جرائم مرتكبيها حقا؟وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر المجازر واعمال التعذيب والاختطاف والاغتيال!وضحاياها باتوا يفوقون ضحايا المجازر الجماعية وحملات الانفال الصدامية،اضعافا مضاعفة!
" انا بالحكومة والسياسة جاهلُ "*
عما يدور من المكائد ِ غافل ُ
لكنني هيهات افـْقهُ كوننا
شعبا ً يتامى جـُلـّه ُ وأرامل ُ
في كل ّ يوم ٍ فتنة ٌ ودسيسة ٌ
حرب يفجّرُها زعيم ٌ قاتل ُ
هذا العراق سفينة ٌ مسروقة ٌ
حاقت براكين بها وزلازل ُ
هو منذ تموز المشاعل ظلمة ٌ
سوداءُ ، ليل ٌ دامس ٌ متواصلُ
شعبٌ اذا حدّقـْتَ ، كلّ ُ جذوره
اقتـُلِعـَتْ ، وان دققتَ شعبٌ راحلُ
اما قتيلٌ شعبـُنا او هاربٌ
متشردٌ او ارملٌ او ثاكلُ
هذا هو الأمل المرجى صفقة ٌ
أثرى بها الوغدُ العميلُ السافل ُ
15.    مع اشتداد حرارة تفاقم الاوضاع الامنية والخدمية سوءا  تتحسر الضمائر العفنة على سكنة احياء بغداد ومدن العراق محاولة تنغيصها بمظاهر فلتان السوق وارتفاع الاسعار والسموم الفكرية والرسائل التضليلية التي تبثها الاذاعات غير الرسمية للمساجد والحسينيات وشبكات الهاتف النقال التي تسير في فلكها،لتتحول الحياة المعيشية للناس الى جحيم لا يطاق!مواعظ قذرة لا تدل سوى على الوضاعة في خدمة الاسياد الاقزام وخدمة بيروقراطيات العهد البعثي والبيروقراطيات الطائفية الجديدة والولاءات الرجعية!
16.   وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،القادسيات التي تفتعلها عقلية لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
17.   يقترن اليوم بأفراد على شاكلة الجعفري والمالكي والشهرستاني والاديب والدباغ والفتلاوي وسامي العسكري وعلي غيدان وحسين الاسدي وعبد الامير الزيدي و.....مظاهر اشاعة ثقافة الرعاع والقطيع والتدخلات الفظة في شؤون النقابات والمنظمات غير الحكومية،والعمل على"طرد الدولة"من ميدان الاقتصاد،والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية،وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،وانتشار الارهاب الابيض طاعونا،وتوسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث انتج كل ذلك توترات اجتماعية يصعب  السيطرة عليها.والتجارب الحكومية بعد التاسع من نيسان 2003 لم تحترم الامانة لأنها لم تتلكأ في الاداء الحكومي فقط ،كما يحلو للبعض ابرازه للعيان كانتقادات خجولة،بل منيت بالفشل بعد ان عولت عليها الادارة الاميركية والقوى الاقليمية ان تكون تجربة ريادية في البلاد العربية والشرق الاوسط على المستويات الاقتصادية والسياسية والامنية وما يتعلق بالنزاهة.لقد حملت هذه التجارب تناقضاتها الصارخة لأن سياسات الاحتلال والشركات الغربية اعتمدت،وتعتمد موضوعيا في كل زمان ومكان،على الولاءات دون الوطنية،والتخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية،والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية،على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!وبات جليا للقاصي والداني مهازل العهد الجعفري والعهد المالكي في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان،الانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع!والاخطر من ذلك كله هو سعي كلا العهدين لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،لأن عقود الخدمة النفطية الشهرستانية ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وكل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة هدد ويهدد كامل الانسجام الاجتماعي!
تـُجـّارنا اوطانـُهُمْ صفقاتـُهُمْ
هم في الخيانة والرياء اوائل
    لم تتخلص انظمة مابعد التاسع من نيسان من وضاعة الطابع الريعي – الخدمي للاقتصاد العراقي الذي كرسه الطاغية الارعن،بل كرسته هي ايضا بسبب جهل الحاكمين الذين لا يصلحون الا للتجارة في اسواق الخضر والفواكه والميادين الاستهلاكية،والعمل في النشاط الروزخوني داخل المساجد والحسينيات والحوزات فقط!ولانغمارهم ملء اليد والفم في شيوع مظاهر الفساد المالي والاداري في جميع انشطة الدولة الاقتصادية والادارية والامنية والقدرة على"تمرير الابل من ثقوب الابر"،ولتعمدهم مع سبق الاصرار في تخريب و تهديم الجهاز الانتاجي!وباتت مفاهيم من قبيل العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع مقبولة فقط لاغراض التنفيس الاعلامي والانتخابي والروزخوني على طريقة شيلني واشيلك!وانتشرت البطالة.
18.   الانتخابات في عرف ثنائي الجعفري والمالكي نزهة سياسية لا احدى الصيغ الديمقراطية التي تتبعها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة في العالم،وكلما كانت الممارسة الديمقراطية نزيهة وحرة وشفافة تعكس مدى التطور والتقدم وارتفاع الوعي الوطني عند هذا الشعب الذي مارسها،وتعكس درجة الديمقراطية التي يتعاطاها ويتمسك بها ابناء هذا البلد.وليس هناك من طريق امام الفكر الطائفي،كي ينهب ويحتكر المناصب الادارية سوى العنف والسلاح،كي يرهب الشعب ويفرض سطوته ويزور التاريخ وتزور الانتخابات،وهو يستمد مرجعيته من العقلية الدينية والعشائرية،ولا يؤمن بالديمقراطية كمفاهيم حضارية،ويضمر الحقد للمؤسساتية المدنية التي تؤمن بالمفاهيم الحضارية والديمقراطية كحقوق الأنسان ومبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.بالتأكيد تحسب القوائم المتنفذة حساباتها،لكن حساب سخط وتذمر الناس ومواقفهم الرافضة لمحاولات الاستخفاف بعقولهم،لا يجر حسابه.وامام ارادة الناس في تغيير الأوضاع تتلاشى المتاريس التي يختبئ خلفها من يعمل على اعادة انتاج المحاصصة والطائفية السياسية،سواء عبر تشريع قانون يسهل له ذلك،او عبر ائتلافات لا تختلف في شيء عن تلك التي عرفناها.وشعبنا العراقي ذاق الامرين من الحكم الدكتاتوري المقبور،والذي اكثر من تحدث عن الديمقراطية؟وكان لديه اسطبل وطني،لم يكن ليس اكثر من واجهة تجميلية؟
19.   يتغابى الجعفري والمالكي عن دور البلطجية والمافيات الانتخابية كميليشيات مسؤولة عن العنف المتعمد بدوافع سياسية ومذهبية وانتخابية ضد الاهداف المدنية لأغراض التأثير على ابناء الشعب العراقي،والاعمال الاجرامية التي من شأنها اثارة الرعب في نفوس العامة مهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية او الآيديولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اية اعتبارات اخرى تستغل لتبريرها!اما الرسائل الترويحية للنخب المتنفذة فهي تساعد هذه الحثالات بفاعلية على اطلاق الوعود الكاذبة واشاعة اجواء الخوف عبر اعمال القتل والاغتيال وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام الذي يكون تأثيره عادة اقوى من آثام المذابح الطائفية،الى جانب اخفاء مصادر التمويل وتمزيق الملصقات والصور،وعدم حيادية وسائل اعلام الدولة واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها(اقامة التجمعات الانتخابية في مبان حكومية واستخدام وسائل النقل التابعة للحكومة)،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وغياب قانون الاحزاب،وغياب البرامج الوطنية الواضحة،وفضائح الشهادات المزورة،الاصرار على جعل المساجد والحسينيات منابر دعاية انتخابية.
20.   في حزيران 2011،وبعد القاء الفرعون المالكي كلمته في مؤتمر لحقوق الإنسان ببغداد،عكف فمه مستغربا(وهو نفس الفم الذي التهم موائد "العشت"في السيدة زينب بدمشق في العاشوراء ورمضان،ويلتهم اليوم "العشت"ايضا،وبطرق مبتكرة جديدة)ومستغبيا كعادته عندما طالبته الناشطة الحقوقية هناء ادور بالاعتذار لاستخدامه مفردة منظمات (ارهابية) على الناشطين في تظاهرات ضد الفساد اعتقل خلالها اربعة ناشطين في عمر الزهور في ساحة التحرير يومذاك،ثم اغتيل بعدها في ظروف غامضة الناشط والصحفي الشهيد هادي المهدي!كما انبرى وزير حقوق الانسان السوداني بالدفاع عن سيده بوضاعة!اين هؤلاء من المبادئ الحسينية؟!والامام الحسين (ع) لا يرضى كما نعتقد ان يدافع عن مبادئه الفاشلون والمجرمون والطائفيون والبعثيون!
يحيا العراق برغم شائكة الدما
للنور نبعٌ للحياة مناهلُ
لا تبك ِ قافلة ً تموت ، فإثرها
ازدحمت على درب الفداء قوافل ُ
ما أعظم الوطن الفخور بحتفه ِ
متشائم ٌ بحياته ، وبموته متفائل ُ
21.   شركة زين من جانبها وكأي مومس فتحت وتفتح اساريرها للفاشلين في سبيل الكسب الانتخابي ولنقل الرسائل الترويحية الترفيهية منهم الى ابناء الشعب العراقي،للتغطية على تصاعد تذمر المواطنين من سوء خدماتها ولصوصيتها واحتيالها وسمسرتها واستنزافها جيوبهم في اكبر اعمال نهب منظمة في وضح النهار!وللتهرب من الغرامات الحكومية عبر جبايتها من المواطنين!ولضمان ديمومة عقودها التي باتت روائحها تزكم الانوف!خاصة بعد ان اختبرت طرطرة القائمين على الحكم في بغداد واستهانتهم بمعاناة الملايين من الناس ومستوى معيشتهم!واطمأنت على سيطرة الحكومة العراقية على هيئة الاعلام والاتصالات وانفلات اسعار السلع والخدمات،وترك الطفيلية تنمو كالأدغال،وسرطنة الفساد،وتفاقم صراع الامتيازات!   


* من خلدون جاويد:"استئذانا من شاعر العراق العظيم معروف الرصافي باستعارة الشطر الأول من مستهل قصيدته الشهيرة : أنا بالحكومة والسياسة أعرف ُ ... أاُلام في تفنيدها واُعـَنـّـَفُ "

بغداد
28/11/2012
 

50



نوري المالكي والحسينيون الجدد والنزعة القيسية

سلام كبة

  من اهم سمات الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة والفصل بين السياسة والاخلاق"هي النزعة القيسية،نسبة الى داوود القيسي نقيب فناني العراق ابان عهد صدام حسين والذي اشتهر بصرعاته في اناشيد البعث المقبور المدوية لطبول الحرب والمكرسة للاستبداد والهيمنة العنصرية!واستخدام مكبرات الصوت في الجوامع والحسينيات والرسائل الترويحية في الموبايلات والانترنيت لتكريس ازعاج راحة المواطنين!
   ويبدو ان رئيس وزراء العراق الحالي نوري المالكي قد حول حزبه – ائتلاف دولة القانون الحسيني المظهر والاهداف الى تكتل فضفاض جامع للحسينيين الجدد وذي طابع قيسي صبياني!والحسينية الجديدة هي غير التقليدية الوفية للمبادئ الحسينية في العدالة الاجتماعية وثورة الحسين(ع) لأنها تستغل العقيدة الحسينية في عاشوراء ورمضان وكل المناسبات الدينية لتضليل الناس وصرفهم عن التفكير في واقعهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي،والذي تستأسد وتتجند فيه البورجوازيتين البيروقراطية والطفيلية والإقطاع المتخلف لجني المزيد من الأرباح في عمليات الفساد المستفحلة!حتى وصل بها الامر عصيان اوامر ووصايا السيد علي السيستاني،والتي وصفها في آخر خطبه بأنها قوى سياسية متنفذة تعبد الفساد الذي بات يزكم الانوف!
   يبذل الحسينيون الجدد طاقتهم لتحويل عاشوراء الى مناسبة قدرية للانسياق في اذيالهم وطاعتهم بدل طاعة الله ولترويج بضاعتهم في السطوة والرهبة!وتذكرنا مواعظهم ورداتهم عبر مكبرات الصوت من الفجر حتى منتصف الليل بالأهازيج القيسية ... وببساطة تتحول "امة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة الى "امة شيعية واحدة .."و"امة امة عربية .. وحدة وحدة حرية.. والرسالة الخالدة راية حرة اشتراكية"الى "امة شيعية ....والرسالة الخالدة راية حرة حسينية!"       
  والحسينيون الجدد يسبرون اغوار الاسلام والتشيع لا لرفع شأنهما بل لاشاعة قبول كل مظاهر الاستبداد الجديد البديل وعسكرة المجتمع وتجييش وتطييف الاتباع!وهاهو الفرعون المالكي يرسل تحياته عبر شركات الموبايل بمناسبة الاعياد الدينية والشيعية منتهكا البروتوكولات الدولية!بينما مكبرات الصوت في جوامعه وحسينياته تبرر فساده الفضائحي!وهذا ما يقوم به ايضا ورغم انف المرجعية الدينية في النجف الاشرف،جنرالاته ومرتزقته في ائتلاف دولة الفافون "سامي العسكري و حسين الاسدي .. عبد الامير الزيدي.."في التطبيل لعنترياته الكارتونية الاستعراضية ومبادراته الصبيانية – المبادرة الزراعية التي اطلق الفلاحون عليها الكارثة الزراعية لأنها تنكرت للاصلاح الزراعي واعادت الاقطاعية مجددا وبأشكال اكثر عبودية من قبل،اقالة محافظ البنك المركزي العراقي البروفيسور والعالم الاقتصادي الجليل سنان الشبيبي،الغاء البطاقة التموينية،اطلاق سراح الارهابي الدقدوق،مغازلة البعث وقرع طبول الحرب ضد الشعب الكردي...!
  ترتقي اليوم اكثر من اي وقت مضى مهمة العمل لفرض العزلة الاجتماعية على رئيس الحكومة الحالي المالكي وائتلافه الحالم ،وتوعية الشعب العراقي بمهازله الخطيرة لأن احلامه ما هي سوى كوابيس يتجرع مرارتها عامة الشعب وكادحيه، وفي سبيل رفع الصوت عاليا:"نوري المالكي! ان تهريجكم لا ولن يمر!".. الحسينيون الجدد والمظاهر القيسية وباء اسود عانى منه العراق سابقا ويعاني منه حاليا!ليحترم هؤلاء انفسهم كي نحترمهم ويحترمهم الشعب العراقي الذي اختبر عبر تاريخه المجيد وتجاربه النضالية والثورية وتظاهراته الاحتجاجية مدى دناءتهم وخستهم ورائحتهم التي تزكم الانوف!

بغداد
21/11/2012

     

51


زمن اللاءات اسطوانة مشروخة يحن اليها الشيخ حازم الاعرجي

سلام كبة

  لم يكن عجيبا وغريبا ومفاجئا تهديد حازم الاعرجي القيادي في التيار الصدري وخطيب الجمعة في مدينة الكاظمية اكثر من مرة بإقامة مجالس الدعاء ضد الحكومة العراقية ما لم تخنع لقراراته في شرعنة لاءاته"لا للتبرج،لا للغناء،لا للخمر،لا للقمار"في مدينة الكاظمية باعتبارها مدينة مقدسة،وشروعه شخصيا وتحت اشرافه مباشرة بحملات جمع اقراص الغناء والمسلسلات والأفلام السينمائية و... في مدينة الكاظمية معلنا بذلك قص الشريط لتدشين حملات اللاءات الاربع بعد ان ارجعها كعادة المنافقين الى"لاءات الله ونبيه الكريم وأهل البيت الأطهار والشهيدين الصدرين"كما ورد في بيان لمكتب الاعرجي نفسه..
   وبهذا التصرف الاخرق يثبت الاعرجي سئ الذكر انه بيدق رخبص ومرتزق متواضع لترجمة ارادة بعض النخب الحكومية الاسلامية السياسية المتنفذة وليثبت للملأ كتابته صك غفران بتبرأ به من انتفاضات شعبنا العراقي 2010 – 2011 التي كشفت وعرت الفشل الحكومي الذريع على جميع الاصعدة،خاصة في توفير الأمن والخدمات الاساسية الضرورية!وهو تصرف هللت وتهلل له وزارة الثقافة بأعمدتها الثقافية المزيفة الراهنة!
   انه تصرف امتداد لمواقف سابقة منها قرار صباح البزوني بمنع اقامة الحفلات الغنائية"الماجنة"على مسارح وكازينوهات وقاعات الفنادق في المدينة،كون البصرة مدينة محافظة!ومهاجمة مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وتطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!كما اقفلت مدينة الالعاب بنفس الذريعة!واحتلت بعض الملاعب الشعبية لكرة القدم!وكانت تعليمات محافظ آخر للبصرة هو شلتاغ مياح واضحة منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!
   الغى مجلس محافظة بابل هو الآخر عام 2010 الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!كما تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري لاستخدام النساء حصرا!واقتحمت قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق في ساحة الاندلس في العاصمة العراقية واجبار الفريد سمعان/امينه العام على توقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي بشكل نهائي!...
  واذا اضفنا التعامل السلطوي البيروقراطي الفظ مع الادباء ايام انعقاد مهرجانات المربد والمتنبي والواسطي والجواهري،وتعرض المسؤولين لها بالسباب والشتائم ضد الأدباء واتحادهم بمناسبة او بدونها،والتجاهل الحكومي للفعاليات الثقافية الفنية لجمعية البيت العراقي ومؤسسات أكد للثقافة والفنون وحميد البصري الموسيقية والمقام العراقية والجمعيات الثقافية العراقية الأخرى في العالم!تتجسد امامنا الصورة المظلمة لعراق اليوم ومحاولات التأطير القسري للثقافة العراقية بجدران سلفية!لكنها شيعية هذه المرة!
   حملة حازم الاعرجي لا تختلف بشيء عن حملات القوى والتيارات السلفية والاصولية في مختلف الدول العربية،بعد ان نصبت نفسها مفسرا أوحد للنصوص الدينية وحاميا أوحد "لشرع الله"واحتكرت قدسية المدن والحارات،كما يجري اليوم في مصر من مهازل قضائية ضد منتجي الروائع الفنية والسينمائية!ولا تكتف هذه القوى بمهاجمة المؤسسات الاكاديمية والجامعات والكنائس ودور السينما والانترنيت والمكتبات والفنادق وصالونات الحلاقة ومحلات بيع الموسيقى والاغاني والافلام والثلج والمجمدات والبارات والمطاعم الشعبية فقط ،بل انها تهاجم وتخرب وتسرق النصب التذكارية والرموز الثقافية وحتى الاضرحة والقبور التي لا تتسق وتعصبها بعد ان تعتبرها مفاسد وبدع واشراك في العبادة الخالصة!
  بعد ان بات واضحا التدخل اللا قانوني للحكومة العراقية في الشؤون الثقافية وشؤون المؤسساتية المدنية في بلادنا،تسخر اليوم مرتزقة من الوان واطياف اخرى للدفاع عن سياساتها المتهورة العقيمة!وهاهو حازم الاعرجي ينبز بتصرفاته الغبية كأي بلطجي!ومن دون قصد ووعي مسبق يحيي التهريج الاعرجي فن وخطاب وثقافة اللاءات!خناجر سلفية اصولية واسطوانات مشروخة تطفو على السطح في الاضطرابات السياسية!
  يعتقد الاعرجي"ان العراقيين اعرجية وان لم ينتموا"!والناس ستتأثر بوقاحته،فعندما يقول حول قضية ما"لا"فالناس كلها تقول "لا"،واذا قال"نعم"كل الناس تقول"نعم"!عقلية مريضة يرتفع ضغطها وتهورها مع اقتراب الانتخابات العامة والمحلية،والخشية من فقدان الاسلام السياسي الطائفي لمواقعه ووزاراته التي تحولت الى مستنقعات طائفية تزكم الانوف!عقلية شاذة تراهن على نسب الفقر والبطالة العالية والامية لاشاعة خطاب اللاءات السياسي الطائفي مجددا!ومحاولة يائسة لامتصاص حدة الانتقادات اللاذعة التي يوجهها الشارع العراقي اليوم لمظاهر الفساد المستشرية في الاروقة الحكومية!وبالتالي ملء الفراغ الذي خلفه انهيار المؤسسة الفكرية الشمولية الصدامية بأفكار ذات طابع ايماني شمولي جديد لا تختلف عن سابقتها!
   الشيخ حازم الاعرجي اعرجي حقا بمواقفه الكالحة العوراء وبلاءاته"وما اكثر اللاءات في مجتمعاتنا حين تعد"!
1.   الفهم المبتور للفساد!لأن الفساد لا يعرف كأنحلال اخلاقي وتفشي رذيلة بل مؤسسة لها ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني!وهو يتحول من ظاهرة الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية.واهم مظاهره الرشوة التي تتعدد انواعها!وان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!الفساد،حاله حال الطائفية السياسية،قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع!
2.   الفساد ارهاب ابيض!تمييزا له عن الاسود او التقليدي!والارهاب هو الرعب والتخويف الذي تقوم به دولة او مؤسسة او منظمة او شخص او افراد وجماعات لتحقيق اغراض او اهداف محددة!اي كل فعل عنف سياسي موجه حصرا ضد المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وحتى الدولة مهما كانت الشرعية التي يتذرع بها!ومن يكافح الارهاب الابيض كان عليه مكافحة الارهاب الاسود ايضا!هل سأل الاعرجي حينها رئيس حكومته عن ماهية وجوهر قرارات الافراج الفوري عن المجرمين(عقيل فاهم الزبيدي وحامد كنوش،ومحسن عبد طعان الملقب محسن شريعة شقيق المجرم علي عبد طعان الملقب علي شريعة،وحيدر جوري ورزاق السماك وسيد مناضل جاسم)المجرمون الستة الذين سفكوا دماء المئات من الأبرياء وروعوا العوائل الكربلائية،وحكم على البعض منهم بالاعدام والبعض الآخر بالسجن لمئات السنين لارتكابهم 721 جريمة قتل،والمحاكم في كربلاء تنظر بملفاتهم الى يومنا هذا؟وفوق ذلك اعادتهم الى دوائرهم وصرف مستحقاتهم المالية طيلة فترة التوقيف!ويتم استقبالهم من قبل مسؤولي المحافظة وتنثر عليهم الورود والحلوى في مشاهد تصدم كل مواطن حريص على وطنه وكرامة شعبه!
   
   يقول شاعر عربي مغمور في ثقافة"اللاءات" :


- لا ترفع يدك يا ولدي..
-   لا تلمس إبريق الشاي.. تحرق أصابعك
-لا تلعب على الـ"كنبات"..
- لا تطلع على الطاولة.. لا تنط.. لا تركض..
- لا تقف هناك.. لا تجلس..
- لا تطلع خارج الدار!!
- لا تلعب مع ابن "أبو العبد" شرّاني..
- ولا تلعب مع ابن أبو حسين "هامل"..
- لا تأكل شيكولاته تخرب أسنانك..
- لا تشرب بارداً يلتهب حلقك..
- لا تجلس أمام التلفاز "يخربوا عيونك"..
- لا تقعد على الرصيف يتسخ بنطلونك..
- لا تصلّ كل الصلوات بالمسجد "بتصير العين عليك".
- لا تمش مع الإخوان ولا مع التبليغ ولا مع السلفية..
- لا تمش مع الشيوعية ولا الماركسية ولا اللينينية..
- لا تجالس "الثورجية" والوطنية..
- لا تمر جنب صاحب جماعة ولا حزب ولا حتى جمعية..
- لا تتزوج سمرا ولا بيضا ولا حنطية..
- لا تترك البيت وتذهب عند أصحابك ونام "بدري" أحسن ما "تلاقيك" دورية..
- لا تعاند مسؤولاً ولا "تحكي" بالسياسة البلشفية..
- لا ترفع صوتك وتطالب بحقك (الدولة موفرة للمواطن كل شي وشوية)
- لا تكن في المظاهرات ولا المسيرات، ولا المهرجانات، ولا عرس وجوقية.
- لا تسأل: "ليش وما ليش"، ولا تكتب ولا تفكر، وعش عيشة هنية.. وسلامة تسلمك يا أبو "المفهومية"...
على الهامش: شوهد المواطن العربي الغلبان عند الموت يرفع يده إلى السماء ويقول: لا..


بغداد
7/11/2012

52

في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 9

سلام كبة   

   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!   




   يسار محمد سلمان حسن يراسل سلام كبة!
   هادي حسن عليوي والحقائق التاريخية والظاهرة الشعبوية!
   الدكتور كبة واصحاب الاسماء المستعارة!




•   كتب يسار محمد سلمان حسن الى سلام كبة الرسالة المقتضبة التالية:"اطلعت على القسم 8 من دراستكم – في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – وللعلم ان الدكتور محمد سلمان حسن تولى ايضا منصب نائب وزير الزراعة عبد الرزاق زبير(وقد وارى ابنه الوحيد سعد الثرى هذا اليوم المصادف 21 تشرين الاول 2012)!وكان الدكتور محمد سلمان حسن ضمن الجهاز التنفيذي المقرر لقانون النفط رقم 80 وكذلك الاوبيك!ولازال الكثير من مواطني امريكا الجنوبية يطالبون باماطة اللثام عن مصيره وظروف تغييبه القاهرة!لقد كتب الدكتور فاضل عباس مهدي الى الحكومة العراقية عن نزاهة وكفاءة الدكتور سنان الشبيبي،واستشهد بكفاءة كل الدكتور ابراهيم كبة والدكتور محمد سلمان حسن،وضغوط البعث الدكتاتوري عليهما!وهي ضغوط يستنسخها حزب الدعوة اليوم بمهارة!" 

   في"الحكومة العراقية الجديدة بين اللغو والتعامل الواقعي"كتبنا:"بات جليا للقاصي والداني مهازل العهد الجعفري والعهد المالكي الاول في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان،الانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع،والتدخلات السافرة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات المهنية!والاخطر من ذلك كله هو سعي كلا العهدين لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،لأن عقود الخدمة النفطية الجديدة ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وكل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة هدد ويهدد الانسجام الاجتماعي!"
 انظر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=235387

•   كتب هادي حسن عليوي في مجلة"المستقبل العراقي" العدد 22/3/2012 – ابراهيم كبة..باني اللبنة الأساسية لاقتصاد العراق الجمهوري- والكاتب اذ يشكر على مبادراته القيمة في تعريف ابناء الشعب العراقي عن المعدن الأصيل للدكتور كبة، اذ سبق واستعرضنا مقالة سابقة له معنونة"وزراء ثورة 14 تموز 1958 يتحدثون:هكذا تشكلت حكومة تموز الاولى"،الا ان الكاتب يبتعد احيانا عن الموضوعية ويحاول تزويق مادته المنشورة بخيال لا يمكن تمريره حتى على القارئ البسيط!وفي كلتا المقالتين يتكلم عليوي وكأن الدكتور كبة التقى وكان يلتقي به كثيرا ويتبادلان الاحاديث في مقهى او ديوان!
     وهذه الظاهرة الشعبوية طبعت مقالته الثانية!اذ كثرما يردد عبارة"يحدثنا ابراهيم كبة"،...!وواقع الحال هو اقتباسا عن"هذا هو طريق 14 تموز"/دار الطليعة/1969!فقط لا غير!وهو كتاب عرى به فاشست رمضان الاسود ومن اوصلهم الى سدة الحكم،والذين لكوا الباب الرئيسية لداره السكنية بالشمع الاحمر بعد ان نهبوه واحرقوا مكتبته الفاخرة في الحديقة الخلفية للدار واستمر الدخان الاسود يتصاعد ليغطي منطقة بكاملها،وحولوا كراج سيارته الى مقر للحرس القومي الفاشستي/قاطع الكرادة الشرقية بالكامل!وارعبوا اهالي الكرادة الشرقية بدباباتهم التي وجهت فوهات مدافعها صوب الدار قبل الاقتحام وصوب الاهالي المسالمين بعد الاقتحام!وكان حري بالسيد عليوي ان يؤكد ذلك ولو للمرة الالف!ويدعو ابناء الشعب العراقي للاطلاع على المخازي القومية والعروبية والطائفية!
  فيما عدا كتبه ومقالاته ودراساته الاكاديمية والسياسية في مجلة الثقافة الجديدة والثقافة وبعض الدوريات الجامعية لم يجر الدكتور ابراهيم كبة اية مقابلة صحفية او تلفزيونية لا داخل العراق ولا خارجه!باستثناء:
1.   مذكرة تأييد الموقف السوري ضد احتكارات النفط الدولية – 16/12/1966 (مع د.محمد سلمان حسن،مصطفى علي،عبد الوهاب محمود)/دراسات عربية/عدد اكتوبر!
2.   رسالة مفتوحة الى مجلس قيادة الثورة من الاستاذ ابراهيم كبة حول الترقية والعزل السياسي!1968/منشورة في الثقافة الجديدة وطريق الشعب!
3.   نصيحة للحكام الجدد- من اجل حل سلمي لأزمة الحكم في العراق!- 5/5/1967 – منعت الرقابة نشرها في التآخي آنذاك!ونشرتها الثقافة الجديدة و ريكاي كردستان بعد عام 2003!
4.   تصريح الى الصحف العراقية اثر تأميم النفط عام 1972 اشاد بالخطوة التي سحبت البساط من تحت اقدام شركات الاحتكار،واكد ان نجاحها يتطلب مستلزمات اساسية اهمها وحدة القوى الثورية ذات المصلحة في عملية التقدم الاجتماعي!

   وضمت مكتبة الدكتور ابراهيم كبة مخطوطات غير منشورة سابقا!نشرناها لاحقا في كتاب "ابراهيم كبة غني عن التعريف"الصادر عن دار الرواد المزدهرة/بغداد/2011!وقد حاولت جهات عدة ومن مختلف المشارب السياسية استدراج الدكتور ابراهيم كبة الى المتاهات الشعبوية(متاهات يثيرها عادة انصاف المثقفين او الحثالات الثقافية والاكاديمية واحيانا البلطجية الثقافية والاكاديمية ومداحو السلاطين والسمسرة الثقافية)عبر المكالمات التلفونية والزيارات الشخصية ومحاولتها تسلق الاكتاف وتلميع صورتها دون جدوى،... ولم يسمح لأحد بلقاءه في داره السكنية طيلة سبعينيات القرن المنصرم عدا اصدقاءه المقربين جدا،وفي مقدمتهم الدكتور كاظم حبيب والدكتور محمد سلمان حسن!وكتبنا سابقا ان تراث كبة الغني"يأبى التأويل والتفسير الطوباوي والسباحة في لجة الاحلام والاوهام او ان تتلقفه ايادي غير امينة تجري المتاجرة به لأغراض نفعية ولصالح اهداف دعائية رخيصة!"ولا يفهم تراث الدكتور ابراهيم كبة سوى المؤمنين بأن"الجماهير هي صانعة التاريخ،ومنفذة سنن المجتمع،وجوهر الديمقراطية الحقة،وبانية عالم الغد..عالم الحرية والاشتراكية والسلام"!

   اما الموقف من الحزبية والاحزاب فيتلخص في رد د.ابراهيم كبة على سؤال صحيفة عراقية حول الرأي في اشراك الحزب الشيوعي العراقي عام 1959:"لا نعتقد ان مطلبا سياسيا ظفر باجماع جميع الاحزاب السياسية والمنظمات الشعبية والديمقراطية وجميع الوطنيين والمستقلين على اختلاف عقائدهم فضلا عن الجماهير الغفيرة للعمال والفلاحين كمطلب اشراك الحزب الشيوعي في مسؤولية الحكم فما هو الداعي لهذا الاجماع من قبل الجميع؟
   ان الاجابة على هذا السؤال تتطلب دراسة الوضع السياسي في العراق والشرق الاوسط بل وفي العالم بالمرحلة الحاضرة دراسة موضوعية مما لا يمكن اجراؤه بهذه العجالة.ولكن يمكن تلخيص اهم الاسباب الموضوعية التي تبرر مثل هذا المطلب الحيوي العاجل بما يلي:
1.   ان اشراك الحزب الشيوعي في سلطة الحكم تستلزمه طبيعة ثورة 14 تموز الخالدة وطبيعة النظام الجمهوري الذي انبثق عنها.
    من المعلوم ان ثورة 14 تموز هي ثورة وطنية تحررية ومثل هذه الثورات لا يمكن ان تنجز اهدافها الا بطريق واحد هو الكفاح الدائب الذي لا يهادن ابدا من اجل ظفر الشعب باهدافه.ومن الحقائق البديهية ان الحزب الشيوعي يلف حول رايته العمال والفلاحين وفئات متزايدة من احرار البورجوازية الوطنية والمثقفين.فهل يمكن ان تحقق الثورة اهدافها من دون مشاركة هذا الحزب الجماهيري وهو اكفأ واقدم الاحزاب الوطنية في السلطة؟
2.   ان اشراك الحزب الشيوعي في الحكم عامل حاسم في توفير مستلزمات ترصين كيان الجمهورية.
    لا يمكن ترصين كيان الجمهورية في مرحلتنا الحاضرة الا بالاتحاد الفولاذي بين قوة الجيش بسلاحه ووعيه وتطهيره من عناصر التآمر والخيانة وقوة الشعب المتحد المتمرس بمقاومة الاستعمار واعوانه،وما الجيش في حقيقة الامر الا فصيلة امينة منبثقة عن الشعب.ولكن ماهي مستلزمات هذه القوة المتينة،قوة الشعب والجيش؟
    ان الاجابة على هذا السؤال تتطلب معالجة نقاط الضعف في الكيان الداخلي للجمهورية على الفور:تتطلب اولا المزيد من الحزم تجاه العناصر الموتورة المليئة بالحقد على ثورة الشعب وانطلاقته،وتتطلب ثانية تطهير اجهزة الدولة تطهيرا شاملا من عناصر الخيانة والتآمر والفساد والضعف واستبدالها بالايدي النظيفة الكفوءة المخلصة الى النهاية للجمهورية وللشعب،وتتطلب ثالثة تطبيق قانون الاصلاح الزراعي تطبيقا حازما جريئا لمصلحة جمهرة الفلاحين ولاسيما المعدمين منهم والاعتماد على نشاطهم الجماهيري وتنظيماتهم المهنية.وليس هناك شك في ان الحزب الشيوعي اقدر الاحزاب الوطنية على المساهمة الفعالة المسؤولة في توفير مستلزمات هذا الهدف الاساسي،هدف ترصين كيان الجمهورية واشتراكه في مسؤولية الحكم سوف يكون عاملا حاسما لبلوغ الهدف المذكور.
3.   ان اشراكه في الحكم سوف يعزز النهج الديمقراطي للجمهورية العراقية ويساعد لحد كبير في استكمال استتبابه وبذلك يكون عاملا هاما في ضمان مساندة الشعب والرأي العام العربي والرأي العام الديمقراطي العالمي لجمهوريتنا.
   كان النهج الديمقراطي الثوري لقيادة الحكم وخاصة بفضل الدور القيادي الذي كان ولا يزال يلعبه زعيم ثورتنا ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم من اهم عوامل القوة والصيانة لجمهوريتنا وتوفير امكانية استمرار سيرها الظافر عبر المؤامرات والازمات والمشاكل.كما ان هذا النهج الديمقراطي نفسه كان المصدر الحقيقي لالتفاف جماهير الشعب العراقي والشعوب العربية وجميع القوى الديمقراطية في العالم حول الثورة.وقد لعب الحزب الشيوعي اهم دور لتثبيت وتدعيم وتعميق النهج الديمقراطي الثوري لسياسة الحكم بالرغم من عدم اشتراكه حتى الآن في مسؤوليته.ولكن بقي هذا النهج حتى الآن ناقصا لم يستكمل جميع شروطه الضرورية بسبب عدم شمول تمثيل السلطة السياسية(الوزارة)لمجموع ارادة الشعب بسبب عدم تمثيلها لمجموع القوى الوطنية وخاصة الحزب الشيوعي،اهم الاحزاب السياسية الجماهيرية من دون منازع.اننا نعتقد بان الموقف السليم من الديمقراطية انما يحدده في الوقت الحاضر على وجه الدقة الموقف من الحزب الشيوعي وان المحك الصحيح للسياسة الديمقراطية الاصيلة هو الموقف الايجابي من اشراك هذا الحزب الطليعي في سلطة الحكم لتقويم وضعها بما يؤمن لها المزيد من عوامل القوة والانتصار.
4.   ان اشراكه في الحكم يسهل اعادة بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية على اوسع نطاق منظم وطيد بحيث تمثل جميع الاحزاب الوطنية الديمقراطية والمنظمات الشعبية الجماهيرية تحقيقا لمبادئ الديمقراطية الموجهة.
5.   ان اشراكه في الحكم يمزق تهويشة(الخطر الشيوعي في العراق)التي يزداد زعيق وعويل الاستعمار بها لتغطية اعماله العدوانية والتآمرية من جهة وشن حرب نفسية مركزة لأبعاد الشيوعيين عن الحكم من جهة ثانية وشق صفوف القوى الوطنية من جهة ثالثة واضعاف ثقة الشعب بالحكومة من جهة رابعة وحرف السلطة عن اتجاهها الديمقراطي المعادي للاستعمار من جهة اخرى.من الضروري جدا ان يفهم الجميع بان العلاج الوحيد لتمزيق هذه التهويشة واخراس الاستعمار الى الابد واحباط مساعيه العدوانية انما هو بالضبط الاسراع في اسهام  الحزب الشيوعي  في الحكم لا استنادا الى اعتبارات حزبية ضيقة بل استنادا الى مستلزمات المصلحة الوطنية العليا دون التأثر بضغط المستعمرين واعداءهم الرجعيين في هذا المجال.
6.   ان اشراكه في الحكم هو السبيل الوحيد لمعالجة مايسمى احيانا بحجة(استفزاز الاستعمار).ان الاستسلام لهذه الحجة يدل في احسن التقديرات على جهل تام بالقوانين الموضوعة لنظام الاستعمار المبني بطبيعته على الاستغلال والاستعباد.ان العلة في استفزاز الاستعمار لا علاقة لها اطلاقا بالشيوعية والشيوعيين بل سببها الوحيد هو سياسة ثورتنا الوطنية الديمقراطية المعادية للاستعمار.ولذلك فان مساهمة الحزب الشيوعي في الحكم لن يضعف سلطة الحكم امام الاستعمار بل سيوفر لها حتما المزيد من اسباب المنعة والتحدي والانتصار على الاستعمار.
7.   ان اشراكه في المسؤولية هو عامل هام ايضا على ظاهرة(العفوية)التي تظهر احيانا في نشاط بعض المنظمات الشعبية وتظهر اكثر في سياسة الحكم نفسه.تعكس هذه الظاهرة في الحقيقة قلق الجماهير من وجود الثغرات الهامة في بعض مؤسسات الحكم او بعض نقاط الضعف في تركيب السلطة نفسها.وقد ظهرت للاسف بعض ردود الفعل السلبية من هذه الظاهرة في بعض الاوساط الوطنية حسنة النية،ولكن العلاج الحقيقي لكل ذلك لا يتأتى الا عن طريق معالجة نقاط الضعف وتصحيح اوضاع السلطة على اساس استيعابها لجميع القوى الوطنية المؤمنة حقا بالثورة والمستوعبة فعلا لمطامح الشعب المشروعة الملتهبة في الحرية والرفاه والازدهار.
8.   واخيرا ان اشتراك الحزب في الحكم ضروري،خاصة في هذه المرحلة الانتقالية،مرحلة انتزاع السلطة من ايدي الطبقات المدحورة واقامة الشكل الجديد لنظام الحكم الديمقراطي.
    ولا يخفى بان من اهم مستلزمات هذه المرحلة اولا شل نشاط العدو وخاصة في الداخل،وثانيا تعزيز المؤسسات الاهلية الديمقراطية لتكون الاساس المتين للمؤسسات الديمقراطية الرسمية.ان المطلب الاول يتبلور في شعار صيانة الجمهورية كما ان المطلب الثاني  تبلور في شعار اطلاق العمل للمنظمات الديمقراطية الشعبية.وبالرغم من ان قيادة الحكم سارت في هذه الطريق السليمة خطوات كبيرة مشرقة جدا فلا تزال هناك بعض النواقص في مستلزمات مرحلة الانتقال هذه،ولعل من اهم هذه النواقص اكمال التطهير الجذري في اجهزة الحكم واطلاق حرية النشاط القانوني  للاحزاب الوطنية الديمقراطية.وليس هناك ريب في ان مهام هذه المرحلة الخطيرة التي تعقب جميع الثورات الشعبية لا يمكن ان تقوم بها الحكومة وحدها باي شكل كان بل لابد من التفاعل الخصب المستمر بينها وبين جماهير الشعب ممثلة في احزابها الوطنية وخاصة الحزب الشيوعي وباشراكها بسلطة الحكم.
    هذه افكار عابرة تقفز الى الذهن حالا عند محاولة الاجابة على سؤال صحيفتكم حول الرأي في اشراك الحزب الشيوعي العراقي في الحكم.ونعتقد ان في هذا الكفاية.كما اننا لا نشك في ان القيادة الحكيمة لزعيمنا الديمقراطي الفذ مدركة لجميع المستلزمات الموضوعية التي تبرر تحقيق هذا المطلب الشعبي الواسع،مطلب اشراك الحزب الشيوعي في مسؤولية الحكم.."

  من جديد نتمنى للاستاذ هادي حسن عليوي كل الموفقية في كتاباته القادمة عن ابراهيم كبة شريطة التزامه الموضوعية!


•   كتبت كاتبة مغمورة بأسم مستعار هو "شوق الذكريات"في منتديات غير معروفة ذات صبغة طائفية تدعى"عراق السلام"  2/8/2012:"ولد المفكر الاقتصادي ابراهيم عطوف كبة في مدينة النجف الاشرف عام 1919،وترعرع في بيئة وطنية دينية.اكمل دراسته الاولية والعليا في جامعات مصر وفرنسا،وبعد عودته الى العراق عام 1952،عمل في جامعة بغداد!
  استوزر بأول حكومة في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز عام 1958،حيث تولى وزارة الاقتصاد،كما تولى حقائب وزارية اخرى بالوكالة كوزارة النفط  ووزارة الزراعة والاصلاح الزراعي!وفي هذه الفترة كان له الفضل في صدور قانون رقم 80 الذي نظم علاقة الدولة بعمل الشركات النفطية العالمية العاملة في العراق ،حيث ساهم هذا القانون بزيادة حصة الحكومة من عوائد النفط آنذاك،الامر الذي زاد من قدراتها على احداث تنمية فعالة،كما كان له دور فاعل في صياغة قوانين الاصلاح الزراعي،وتحسين قطاع الزراعة.استقال في اواسط عام 1960 من الوزارة،وعاد الى مزاولة عمله التدريسي بجامعة بغداد،حيث حصل على درجة استاذ مساعد في عام 1962.
  في الثامن من شباط عام 1963 اعتقل ابراهيم كبة وحكم عليه بالسجن لمدة عشرة سنوات مع الاشغال الشاقة،غير ان عفوا رئاسيا صدر عنه في عام 1965.وفي بداية العام الدراسي 1968 تمت اعادته الى جامعة بغداد بناءا على اعماله العلمية،وفي نفس العام قدم الى الترقية لدرجة الاستاذية.
   استمر كبة في عطائه العلمي رغم مضايقات النظام الدكتاتوري له،حيث كانت محاضراته في الاقتصاد السياسي وتاريخ الفكر والمذاهب الاقتصادية في جامعتي بغداد والمستنصرية من افضل ما قدم لطلبة كلية الادارة والاقتصاد في النصف الاول من سبعينيات القرن الماضي،حتى سنة تقاعده في عام 1977.
   توفي الدكتور ابراهيم عطوف كبة في السادس والعشرين من تشرين الاول عام 2004 تاركا لتلامذته ولجيل الاقتصاديين العراقيين الشباب تراثا علميا غنيا بالمؤلفات والترجمات المهمة،حيث كان المرحوم يجيد اللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية والروسية واليونانية والايطالية،ومن اهم هذه المؤلفات:ازمة الفكر الاقتصادي (1953) ، تشريع المكارثية (1954) ، الاقطاع في العراق (1957) ، انهيار نظرية الرأسمالية المخططة (1960) ، البراغماتية والفلسفة العلمية (1960) ، ماهي الامبريالية (1961) ، دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي (1970) ،الرأسمالية نظاما ( 1972) ، مشاكل الجدل في كتاب راس المال لكارل ماركس (1979) .كما نشر كبه العشرات من البحوث والمقالات العلمية في العديد من الدوريات العراقية والعربية منها الثقافة الجديدة ، مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية ، الاقتصاد ، مجلة الجامعة المستنصرية ، الاقتصادي ، الاقلام ، الثقافة ، المثقف العربي وغيرها من الدوريات"انتهى!

  اتقن الدكتور ابراهيم كبة لغات عدة،وفي مقدمتها الالمانية والفرنسية والانكليزية والاسبانية لأنها من أصل لغوي واحد!والتهويل في الوصف احيانا يعطي مردودات سلبية هي غاية في نفس يعقوب!
  نشر الدكتور كبة كتب بأسماء مستعارة في الخمسينيات من القرن العشرين وفي عهد قبر والى الابد!نأمل من صاحبة الاسم المستعار ان لا تكون يعقوبا ثانيا!والدكتور كبة لم يسمح لاصحاب الاسماء المستعارة حضور محاضراته الجامعية في حينها!       


بغداد
23/10/2012

53


في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 8

سلام كبة   

   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!   

   روميرو والتبريرية!
   رسالة د.عصام عزيز شريف الى سلام كبة!
   ادموند غريب!
   مايك غودوين ودرجة الماجستير!
   روني غابي والاصلاح الزراعي!
   ثنائي ال"سلوغليت"!
   اياد الجصاني واقتصاد السوق!



•   يذكر جوان روميرو في كتابه"ثورة العراق 1958 والبحث عن الاستقرار في الشرق الاوسط –
THE IRAQI REVOLUTION OF 1958 and THE SEARCH OF SECURITY IN THE MIDDLE EAST
الذي نشرته جامعة كنتاكي الغربية/الولايات المتحدة/ص 254...:"لم يقتصر انتقاد السياسة الخارجية للحكومة العراقية في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم على بريطانيا والولايات المتحدة فقط ،بل جاءت هذه المرة من وزير في الحكومة نفسه!فوزير الاقتصاد الماركسي التوجه ابراهيم كبة قد اعد نقدا ماركسيا للسياسة الخارجية القاسمية خلال محاكمته عام 1963 امام ما اطلق عليه محكمة الثورة!مبديا ملاحظاته على هذه السياسة في الفترة تحت البحث 1958 – 1959،وقناعاته ان قاسم قد اخفق في نهج معاداة الامبريالية!الأمر الذي ادى الى التأرجح بين هذا المعسكر الدولي وذاك!وليس مستغربا من وجهة نظر كبة – الذي يقر بماركسيته - ان تكون السياسة الخارجية لقاسم غير ثورية!
   ان تحليل كبة وانتقاداته للسياسة الخارجية القاسمية تجاه الغرب كانت محقة وغير ثورية في المنظور الماركسي،لكنه اخفق تماما في مقارنة سياسة العهد الجديد بتلك التي صاغها نوري السعيد!وجوهر مضمون هذا الفصل في كتابنا الحالي،وفي حالتنا هذه،اثبات راديكالية وحتى ثورية السياسة القاسمية بالفعل!
  ويبدو ان ابراهيم كبة مقتنع ان السياسة الخارجية الثورية لا يمكن ان تكون الا ماركسية الطابع فقط!وسنبين في هذا الفصل،ان توجه قاسم كان نحو بناء علاقات صداقة ودية مع جميع البلدان،وبضمنها قوى المعسكر الغربي،اذا ما التزمت هذه القوى بحظر العلاقات احادية الجانب التي ترسخ من التبعية التي اتصف بها العهد السابق!حينها تكون هذه الرؤى اكثر ثورية من المبتغى الماركسي الذي يعيد انتاج عهد نوري السعيد بالمقلوب!...الخ!"ويؤكد روميرو في مقدمة كتابه:"انه يهدف الى البرهنة ان وضعا ثوريا قد نشأ في العراق بالعقد الأخير من العهد الملكي الاستعماري بسبب انتهاكات حقوق الانسان والتبعية لبريطانيا والانضمام الى حلف بغداد والاقطاع الاقتصادي في الريف واتساع البطالة في المدن!وبرنامج الاعمار الطموح الذي مولته الحكومة العراقية من عائدات النفط لم يضع حلولا لهذه المعضلات لأنه ركز على المشاريع الكبيرة وطويلة الأجل التي لا تعالج سريعا قضية الفقر!..."   
 
   لا نريد الخوض في متاهات وسفسطة وتبريرية وبراغماتية روميرو المعادية للماركسية،والتي تتلقفها وتطبل لها الليبرالية والحركات القومية والقوى الرجعية في بلادنا وبرحابة صدر،وهو محق اذا اخذنا بنظر الاعتبار كونه استاذ مساعد تاريخ في جامعة اميركية،ويدافع عن سياسة بلاده في الاستعمار الجديد والعولمة المتوحشة!لكن كل ادعائاته التوفيقية تسقط امام حقيقة ان ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 لم تكن مؤامرة نفذتها حفنة من الضباط في ساعة واحدة فقط مثلما وصفتها مجلة(التايم)الاميركية في اول عدد لها يصدر بعد الثورة،ولم تكن ثورة 14 تموز"اسوء لحظة في التاريخ ادت الى تدهور مركز الغرب الى ابعد حد..وفتحت جيادها باب الاسطبل المغلق وهربت اثمانها.ولابد ان يحال باي ثمن دون هروب اي جواد اخر بل لابد من استرداد الهارب الكبير"مثلما وصفتها مجلة"الايكونوميست"البريطانية لسان حال دوائر المال والاعمال البريطانية الكبرى،ولم تكن ثورة 14 تموز انقلابا او انقلابا ثوريا كما يحلو لبعض القوى السياسية المحافظة والقومية والطائفية السياسية نعتها.
   في مخطط قاسم ومخطط الاستعمار مثلما ورد في"هذا هو طريق 14 تموز/دار الطليعة/بغداد/1969"يذكر الدكتور ابراهيم كبة:"انزلت ثورة 14 تموز بالاستعمار اكبر ضربة قاصمة تلقاها بعد الحرب العالمية الثانية في الشرق العربي،فأحدثت تبدلا جذريا عميقا في الوضع السياسي العام في هذه المنطقة،وقلبت الخطط الاستعمارية العدوانية رأسا على عقب!ومدت حركة التحرر العربي بروح ثورية جديدة هائلة اثارت اشد الرعب والفزع في جميع الاوساط الاستعمارية والرجعية في العالم.ولذلك كان مخطط الاستعمار واضحا ومكشوفا منذ البداية"
   في غضون ساعات انزل سلاح الجو الملكي البريطاني والاسطول السادس الامريكي فيالقهما في الاردن ولبنان للوثوب الى بغداد من هناك واعادة الحصان الجامح – الهارب الكبير – الى الاسطبل الاستعماري دون جدوى،وعبثا ذلك ان شعبنا العراقي وليست حفنة من الضباط كان في غضون ساعة واحدة فقط قد نزل الى ساحة الثورة التي امتدت رقعتها لتشمل مساحة العراق من زاخو الى الفاو(14 تموز ملحمة العراق الخالد/رسالة العراق/عدد91).
  لقد تفجرت تناقضات النظام الاقتصادي الاجتماعي في العراق عام 1958 بثورة 14 تموز المجيدة،ودكت اداته القمعية السياسية المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي.لقد عبرت الثورة عن عجز النظام السياسي والاجتماعي المباد وسياسة الباشا واسياد الباشا في حل تناقضاتهم الاساسية والاستجابة لمصالح الشعب العراقي في الحرية والحياة الكريمة.وقد اكتملت ونضجت القيادة السياسية و العسكرية التي اخذت على عاتقها اسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد  قبيل تاريخ الثورة عندما نجحت القوى السياسية الوطنية في تأليف جبهة الاتحاد الوطني عام 1957،بعد مخاض طويل وعسير،عندما تم الاتصال بين عناصر الجبهة ومنظمات الضباط الاحرار،في سبيل تفجير الثورة العظيمة!لقد تصاعد دوي جرس الانذار الطبقي في المؤسسة العسكرية العراقية وعموم المجتمع في خمسينيات القرن المنصرم،ولم يعد بمقدور السلطات الاحتفاظ بالموازنـة الطائفيـة والطبقيـة في آن واحد!ودخل النظام طور الهرم والشيخوخة،وبدأ الحكم يفقد مواقع داخلية متزايدة،وترسخت في العقلية السياسية العراقية مشروعية الاستعانة بالجيش.لم تعد مؤسسات النظام وبرلمانه موضع حرص من احد!هكذا دك الجيش العراقي الملكية واجتث النفوذ البريطاني واكد انه جيش الشعب عام 1958.
  وبالرغم من العيوب الكبرى في السلطة السياسية الا ان الزخم الثوري والضغط الشعبي افضيا خلال الاشهر الاولى للثورة بمجلس الوزراء الى ممارسة شئ من المناقشات الحرة داخله.والى هذه الفترة ترجع اهم الانجازات التي قامت بها ثورة 14 تموز في بداية عهدها:في الحقل الخارجي – اعادة العلاقات مع الدول الاشتراكية،استرجاع قاعدة الحبانية،الانسحاب من الاتحاد الهاشمي والتمهيد للانسحاب من حلف بغداد.على الصعيد الداخلي – اعلان الدستور المؤقت والغاء اغلب المراسيم السعيدية واطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين،الغاء قرارات نزع الجنسية عن العراقيين والسماح للمبعدين السياسيين بالعودة للوطن،اطلاق الحريات العامة والنشاطات الحزبية،الغاء سيطرة الامن على سياسة التوظيف،اصدار قانون الأحوال الشخصية،اصدار قانون رقم 80 الهام الخاص بالثروة النفطية العراقية،الاصلاح الزراعي،عقد الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة،اتباع سياسة التخطيط والاعمار بعد الغاء مجلس الاعمار،التحرر من الكتلة الاسترلينية.
  في خطاب د.ابراهيم كبة/وزير الاقتصاد في الجمهورية العراقية"القاه في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي للجامعة العربية المنعقد في القاهرة بتاريخ 5 كانون الاول 1959"،جاء الآتي:"تتعرض بلادنا العربية اليوم الى مؤامرات استعمارية مشتدة مصوبة بالدرجة الرئيسية نحو طليعة الكفاح العربي التحرري،المتمثل بالجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة.والاستعمار يدرك انه اذا استطاع ضرب هذه  الطليعة هان عليه بعد ذلك ان يبسط طغيانه على الامة العربية كلها.وخطة الاستعمار في الظرف الراهن تقوم على زرع بذور الجفوة والخصام بين الجمهوريتين العربيتين المتحررتين،بأمل احداث صدع كبير يستطيع من خلاله اختراق الجبهة العربية وضربة اخرى للعربية المتحدة وبالتالي اعادة سيطرته الاستعمارية على العالم العربي برمته.
   ان الاستعمار يدرك ان التضامن العربي قد كان الضمانة الاساسية في الانتصارات التي حققتها مصر في سياستها القومية التحررية واخصها رد العدوان الثلاثي الآثم.كما كان الضمانة في وقاية سورية من العدوان والمؤامرات،وكان بالتالي عاملا جوهريا في احباط خطط الاستعمار العدوانية التي اتخذت في اعقاب انتصار الثورة العراقية.وواضح ايضا ان هذا التضامن قد لعب دوره في اجلاء جيوش الغزو عن لبنان والاردن وبلوغ ثورة لبنان الشقيق نتيجتها المنطقية.كما لعب دوره في احباط مفعول مبدأ آيزنهاور وتقويض اركان حلف بغداد وتأمين الفاعلية الكفاحية لثورة الجزائر وعمان.
   والاستعمار الذي ادرك ويدرك خطر التضامن العربي على مصالحه ومشاريعه العدوانية والدور الذي يلعبه هذا التضامن في الانتصارات التي تحرزها القومية العربية- يعمل الآن بكل ما يملك من اسااليب ووسائل لحل عرى هذا التضامن وتقويضه.وهو لهذا الغرض يستهدف – كما بينا – طليعة الكفاح العربي، المتمثلة بالجمهورية العراقية المتحررة وتسديد ضربة للجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة".
  وجاء في الكلمة ايضا:"ان القومية العربية مثل سائر القوميات لابد ان تسلك سبيل تطورها التاريخي المعتاد.وكما توحدت امم كثيرة ستتوحد حتما امة العرب.تلك مسألة هي في اعداد الحقائق الموضوعية التي تشق طريقها الى الامام بفعل القوى الاقتصادية والاجتماعية وبمعزل عن الاهواء والنزوات.وهي بهذا الوصف لا يمكن ان تكون موضوعا للجدال او النقاش او النظرة الضيقة.
  ان الحركة القومية العربية هي حركة العرب اجمعين.ولذلك فهي تهم كل عربي يقطن العالم العربي الوسيع الممتد بين الخليج والمحيط.وهذه الحركة مثل اية حركة تاريخية مماثلة محكومة بشروطها الموضوعية التي ينبغي ان تؤخذ  بنظر الاعتبار اثناء العمل على حث السير لهذه الحركة وبلوغها اهدافها الاساسية.
  من المعلوم ان الاجزاء المختلفة من العالم العربي لا تعيش في ظروف متماثلة،فلكل منها ظروف خاصة نشأت من التجزئة المصطنعة التي فرضها الاستعمار على الامة العربية.ولهذا السبب تطورت البلدان العربية تطورا غير متناظر سواء في اوضاعها السياسية والاجتماعية او في اوضاعها الاقتصادية والثقافية.وليس ثمة من حاجة للتدليل على هذه الحقائق المعروفة للجميع.ان هذا التباين ليس من صنع العرب انفسهم الذين ظلوا دوما يطمحون الى الحرية والوحدة،وانما هو حصيلة للتجزئة الاستعمارية التي فرضت على الامة العربية.لكن هذا التباين في ظروف البلدان العربية المختلفة ليس شيئا متأصلا وطبيعيا وانما هو شئ عارض ومؤقت.اما الشئ الاصيل الذي يحتفظ بشروط البقاء والتطور،فهو الخصائص القومية للامة العربية،وهي التي اخفقت كل جهود الاستعمار ومساعيه لطمسها او عرقلة نموها.
  فمن اجل معالجة قضية توحيد الامة العربية معالجة صائبة،ينبغي عدم اللجوء الى تبسيط هذه القضية الى حد تجاهل الظروف الخاصة للبلدان العربية.ان عملية توحيد الامة العربية هي عملية مركبة تعيش في ظروفها الموضوعية الخاصة.ولذلك فان حل هذه المسألة ينبغي ان يستند الى هذه الظروف بالذات.والواقع الذي تعيش فيه امتنا العربية المجزأة يدل على ان سير البلدان العربية نحو الوحدة لن يكون متناظرا من حيث الزمن كما يدل على ان الشعوب العربية ستسلك في طريقها نحو الهدف سبلا متباينة لا سبيلا واحدا.فقد تنضج بين بين بلدين او اكثر من البلدان العربية ظروف تستدعي قيام نوع معين من الارتباط ، كما تنضج بين بلدين آخرين او اكثر ظروف تستدعي قيام نوع آخر من الارتباط.
   ان تأسيس هذه الارتباطات التي تأخذ بنظر الاعتبار الظروف الخاصة بهذه البلدان هو رصيد ايجابي في حركة الوحدة العربية.وفضلا عن ذلك فان العراق جزء لا يتجزأ من الامة العربية،وان العراق مرتبط بأمتن عرى التضامن والتآخي مع البلدان العربية الشقيقة وانه سيقدم دون مقابل كل ما بوسعه من عون لأشقاءه العرب.وهذا ايضا مااكده الدستور المؤقت واعرب عنه المسؤولون من قادة الثورة ورجال الحكم،واكدته بالقول والعمل كل القوى الوطنية والشعبية في العراق.
    ان راية القومية العربية المتحررة ترتفع خفاقة في العراق،والعراق الثائر يندفع قدما في طريق التحرر العربي ويشغل بجدارة موقعه التاريخي في صفوف الطليعة المقدامة للحركة العربية المتحررة.
   رغم كل ذلك ورغم قصر المدة التي ينصرف فيها الجهد لترميم الوضع الداخلي الذي افسده الحكم البائد نجد الاستعمار يجند ابواقه وصحفه واذاعاته واعوانه للنيل من السياسة القومية التحررية التي ينتهجها العراق والتشكيك بجوهرها الوطني الديمقراطي،وهو الذي كان بالامس يركز الجهد ذاته على سياسة مصر وسورية وبالتالي على سياسة الجمهورية العربية المتحدة وقائدها الرئيس جمال عبد الناصر".
   ويضيف د.ابراهيم كبة:"ان هذه الضوضاء المسعورة حول"مروق العراق"او"خروجه عن جادة القومية العربية"ليست في جوهرها ومغزاها الا مكيدة استعمارية هدفها دق اسفين في جبهة التضامن العربي وحل عرى وحدة الكفاح العربي ضد الاستعمار والصهيونية.ان هذه المكيدة ينبغي ان تبعث في نفوس العرب حيثما كانوا الحذر واليقظة وتدفعهم الى المزيد من التضامن ورص الصفوف.
   وعراق الثورة التي اعلن منذ البداية تمسكه بسياسة الحياد الايجابي وانتهاج سياسة التعاون الدولي المتكافئ،قد سلك في الواقع ذات الطريق الذي سارت فيه مصر وسورية من قبل،وبالتالي الجمهورية العربية المتحدة.وان الدعاية التي تثار حول سياسة العراق الخارجية تستهدف زرع بذور الشك بين العرب وتمزيق جبهة الكفاح العربي.
  ان العراق اذ ينتهج سياسة الحياد الايجابي ويأخذ بمبادئ باندونغ والتعاون الدولي المتكافئ ينطلق في ذلك من المبدأ القائل:نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا – آخذا بنظر الاعتبار مصلحته القومية والوطنية،ساعيا جهده لكي يوفر لثورته ولحركة التحرر العربي مستلزمات الانتصار في الكفاح ضد الاستعمار والمساهمة في اعداد شروط التقدم والازدهار للامة العربية.
   ان حكومة الثورة اذ تعمل بمثابرة ودأب على تصفية التركة المثقلة بالشجون والمآسي التي خلفها العهد البائد المندثر تجد من اولى واجباتها ان تحرر ارادة الشعب وان ترد له حقوقه.وما لم يدخل الشعب الى معركة البناء طليق اليدين من الاغلال .. حر العقل والارادة لا تستطيع الثورة ان تفلح في تحقيق اهدافها.هذا هو ما تفعله حكومة الثورة في العراق في عهد الانتقال.فهي تتخذ كل الاجراءات المناسبة لتحرير ارادة الشعب،مستهدفة من ذلك التعرف على ارادته الحرة في اصطفاء نوع الحكم الذي يريده،والسياسة التي يرتضيها،وهي في الوقت نفسه تسلك سياسة الحزم ازاء الاستعمار واعوانه،وازاء المتآمرين واعداء الثورة.اننا على يقين من ان هذه السياسة منسجمة مع روح وجوهر السياسة العربية التحررية،التي ولدت وترعرعت في معمعان النضال ضد الاستعمار ومظالمه. 
   ان قوميتنا في العراق بخير- كما يراها ويلمسها ويعمل في سبيلها الشعب العراقي وحكومته الوطنية.ونحن في الظرف الراهن الذي يشن فيه الاستعمار هجومه علينا ويتفاقم فيه خطر المؤامرات على كياننا وقوميتنا العربية،نرفع عاليا شعار التضامن العربي ضد الاستعمار،ونتخذ كل التدابير لتعزيز وحدة الكفاح العربي.فالخطر لا يتهدد العراق فحسب،وانما يتهدد العالم العربي برمته- ولا سيما الجمهورية العربية المتحدة.اننا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به امتنا ندعو الى مزيد من اليقظة ازاء دعايات الاستعمار وتهويشاته،التي تستهدف النيل من سياسة العراق وحكومته الوطنية،وندعو الى تعزيز الكفاح ضد الاستعمار ورص الصفوف العربية.
   ويبدو الآن واضحا ان المرحلة الاولى من خطة الاستعمار ترمي مبدئيا الى عزل العراق عن حضيرة التضامن العربي،وذلك عن طريق تأليب الرأي العام العربي عليه،والتشكيك بسياسته القومية التحررية،وبالتالي اعداد الذرائع للتآمر على نظامه الوطني الديمقراطي.والاستعمار في مسعاه هذا يعمل بمثابرة عجيبة على تحويل انظار الشعوب العربية عن عدوها الرئيسي المتمثل بالاستعمار والصهيونية،ومن يلوذ بهما من اعوان واذناب،وتوجيهها صوب العراق – باعتباره قد اصبح مبعث "الخطر" على الحركة القومية العربية.ومن اجل بلوغ هذا الهدف تبذل المساعي الآثمة للتقليل من اثر النتائج الايجابية الحاسمة للثورة العراقية على الحركة القومية التحررية- رغم ان ثورة العراق المجيدة كما هو واضح قد دكت بضربة ماهرة امنع حصن من حصون الاستعمار والرجعية في الشرق العربي،وقوضت اخطر مركز من مراكز الكيد والتآمر والعدوان ضد القومية العربية والبلدان العربية المتحررة.وثورة العراق كما يراها كل منصف ردت العراق عمليا وبقوة عظيمة الى الطريق العربي المتحرر،وقد تمثل ذلك بجلاء في مبادرة حكومة الثورة الى سحب القوات العراقية من لبنان والاردن،والاعلان عن وقوف العراق الى جانب الحركة التحررية في هذين البلدين الشقيقين،وكل بلد عربي مكافح،وكذلك مبادرة العراق الى عقد اتفاق عسكري مع الجمهورية العربية المتحدة- اعقبه بعقد اتفاقية الوحدة الثقافية،واتفاقيات التجارة والتعاون الفني والتكامل الاقتصادي.ولم يقف العراق عند هذا الحد وانما سارع عمليا الى ازالة كل العقبات التي كانت تحول دون تحقيق امتن عرى التضامن العربي- ولاسيما بين العراق والجمهورية العربية المتحدة.وقبل ان تبدأ حكومة الثورة بالاقتصاص من طغاة العهد البائد الذين اذلوا الشعب العراقي وارهقوه بالاذى والمظالم،عمدت قبل كل شئ الى فضح السياسة المعادية للقومية العربية،التي كان ينتهجها العراق،ووضعت الاستعمار واحلافه وزبانيته في قفص الاتهام،وانزلت بهم الاحكام الرادعة جزاء تآمرهم الاجرامي ضد سورية ومصر ولبنان والاردن،وجزاء كيدهم الدنئ للجمهورية العربية المتحدة وسياستها وقادتها،ولم يقف العراق عند هذا الحد وانما بادر الى تقديم العون للجزائر البطلة المكافحة،فاعترف فورا بحكومتها الثورية وقطع جميع علائقه الاقتصادية والتجارية مع فرنسا المستعمرة،ومد يد العون الى شعب عمان الشقيق واحتج اشد الاحتجاج على المؤامرة الاستعمارية في البحرين،واكد مرة بعد اخرى على لسان قائده عبد الكريم قاسم على ان هذه الارتباطات ليست اشكالا مؤبدة،وانما هي وسيلة لتيسير بلوغ الهدف شأنها شأن الروافد المختلفة التي ينتهي مجراها آخر الامر لتصب في النهر الكبير.
  ان تناولنا لهذه المسألة على هذه الصورة من الادراك الواقعي سيجنبنا الكثير من المزالق والوقوع في الخطأ،كما سيوجه نهجنا في السياسة القومية توجيها مثمرا صائبا يخدم قضية تضامننا الكفاحي،ويجلب معه كل الخير للقومية العربية.وبالعكس فان تناول المسألة على غير هذه الصورة لن يؤدي الا الى اثارة المتاعب وتأجيج الخلاف في معسكر الشعوب العربية،وبالتالي زعزعة وحدة الكفاح العربي والسير في منهج لا يعود بالخير على الامة العربية".
   ويختم د.ابراهيم كبة خطابه:"ان معركتنا مع الاستعمار لم تنته بعد،فالى جانب البلدان العربية الشقيقة التي تكافح ضد الاستعمار من اجل تحررها لا تزال ثمة بلدان عربية اخرى ترزح في اسر العبودية الاستعمارية.انها معركة واحدة..معركة الامة العربية ضد الاستعمار.وفي الخط الاول من هذه المعركة تقف البلدان العربية المتحررة- الجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة.والى هذه الطليعة العربية المقدامة يصوب الاستعمار رأس حربته كما بينا.فالحفاظ على استقلال العراق والعربية المتحدة لا يزال في الظرف الراهن مهمة الساعة وضمانة الانتصار للقومية العربية المكافحة في شتى ارجاء العالم العربي.ولذلك يكون التفريط باستقلال اي منهما طعنة موجهة الى قلب القومية العربية وخسرانا فادحا لقلعة حصينة من قلاع الكفاح العربي ضد الاستعمار.
  ان طريق العرب الى وحدتهم القومية هو طريق وحدتهم في الكفاح ضد الاستعمار والصهيونية،هو طريق تضامنهم في الحفاظ على قلاع الكفاح التي انتزعوها من يد العدو والتي يستطيعون منها تصويب النار ضد هذا العدو.ذلك هو الطريق الوحيد،وتلك هي المهمة الاساسية التي تواجع العرب في كل مكان.اما الارتباطات العربية فينبغي ان يشار اليها وان تحدد- على ضوء الظروف-افضل واجدى اشكالها بالاساليب الديمقراطية المألوفة،وان تقرر في نهاية الامر على ضوء المصلحة القومية وبالاستناد على ارادة الشعب الحرة.على هذا النحو يعمل العراق حكومة وشعبا،وفي هذا الاتجاه تسير الجمهورية العراقية باتزان واقدام.
   على ضوء ما تقدم من تبيان لظروف التطور غير المتناظر لمختلف البلدان العربية نستطيع ان نحدد الموقف الصائب من جميع المسائل المطروحة على هذا المؤتمر،وفي مقدمتها الدعوة الى السوق العربية المشتركة.ان تحقيق هذه السوق المشتركة بأكمل اشكالها مرتبط ببلوغ ارتباط سياسي ديمقراطي للبلدان العربية المتحررة يأخذ بنظر الاعتبار ظروف هذه البلدان ومصالح مختلف فئات المجتمع العربي ولاسيما الجماهير العربية الغفيرة.وبدون مسعى اولي لرفع مستوى البلدان العربية المتخلفة اقتصاديا وتقليص التفاوت بينها وتحقيق حد ادنى من الكفاءة والاكتفاء الذاتي لهذه السوق لا يمكن التعويل على بلوغ نتائج ايجابية ملموسة من تكوين هذه السوق.وطبيعي ان هذا لا يمكن ان يتحقق ما لم تنشأ الصناعة الوطنية الثقيلة والخفيفة حيثما وجدت الظروف الملائمة لانشائها،وما لم تحرر التجارة والاقتصاد والعملة من القيود الاجنبية،ويجري التخلص من تحكم الاحتكارات الاجنبية،وما لم يصف الاستثمار الاقطاعي تصفية نهائية،وتؤسس علائقنا التجارية والاقتصادية مع الدول الاجنبية على اساس النفع المتبادل.
   اما السبيل الى تحقيق الحد اللازم من التناظر الاقتصادي فهو اقامة اوسع العلائق التجارية والاقتصادية وتبادل العون المالي وتقديم القروض والخبرة الفنية لكي يستطيع البلد الاقل تقدما بلوغ مستوى معين يؤهله للمشاركة في هذه السوق وفق ظروف عادلة.وعند ذلك يمكن ان تقام هذه السوق على اسس نامية وطيدة تضمن مصالح الاقطار العربية المشتركة فيها وتؤمن النفع لمختلف ابناء الشعب.
   وطبيعي ان هذه الاتفاقات التي ندعو اليها ليست الا خطوات في الطريق الى السوق العربية المشتركة الموحدة المتكاملة مأخوذة على ضوء الواقع الذي تمر به امتنا.وهي لذلك عرضة للتطور ولمسايرة الخطوات التي تتخذ على صعيد الارتباطات السياسية التي تحدد افضل واجدى اشكالها على ضوء الظروف- طبقا لمقتضيات المصلحة الوطنية والقومية وبالاساليب الديمقراطية المألوفة.
  تلك هي تقديراتنا الواقعية للوضع وعلى ضوئها نرسم سياستنا القومية التحررية وندعو لها ونعمل من اجلها.واننا لواثقون ثقة اكيدة من اننا نسير بثبات في طريق القومية العربية.ونحن مفعمون عزما على المضي في هذه السياسة وعلى السير قدما في الموكب العربي التحرري الظافر- علما باننا نخدم بذلك وعلى الاوجه الافضل شعبنا وامتنا العربية.ونعمل على اعلاء راية القومية العربية فوق ربوع الوطن العربي الكبير".

     كان عبد الكريم قاسم نموذجا لاتخاذ القرارات التسلطية الفردية وابعد ما يكون عن الزعامة الثورية بالفعل،وبرزت هذه الخصائص بالتدريج!الأمر الذي سهل من استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى عشائرية وطائفية،في انقلاب رمضان الاسود 1963!ويفسر ذلك رفضه تسليح ابناء الشعب الذين احاطوا بوزارة الدفاع لحماية ثورة 14 تموز،واستسلامه للانقلابيين واعدامه في دار الاذاعة العراقية 9 شباط 1963!
   فتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية،وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن لتتكرس الهيمنة الشمولية.هكذا اختارت الامبريالية الامريكية وترومانية النقطة الرابعة الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم على قدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة وقاوم خططها مع ثورة 14 تموز،كما قاوم هذا الشعب المقدام افظع دكتاتورية عرفها التاريخ وما اقترفته من جرائم وحروب وما نجم عنها من حصار اقتصادي وقصف باليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة،فضلا عن ان هيمنة الادارة الاميركية على ثروات العراق النفطية تمكنها من فرض هيمنتها على العالم عن طريق الهيمنة على مصادر الطاقة،فالعراق يمتلك ثاني احتياطي العالم من النفط .
   كانت ثورة 14 تموز استجابة ضرورية لمتطلبات مرحلة تاريخية،وتتويجا للانتفاضات الشعبية ومساعي تنظيمات ضباط الجيش،ونضال الأحزاب الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.اما العهد الملكي فلم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة في التغيير،لذا استنفد دوره وجاوزه الزمن،وقد لعب نوري السعيد دوراً معوِّقاً أكثر من غيره في هذا الخصوص والتمهيد للثورة عليه.ان نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد لم يقف عائقا امام تطور البلد فحسب،بل وسد كل السبل امام القوى الوطنية والتقدمية من ان تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية.من هنا اكتسب سقوط النظام وبالعنف مشروعيته التاريخية.ان الثورة على النظام الملكي كانت حتمية ومسألة وقت،ولو لم تقم بها اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم،لقامت بها جهات اخرى،اذ كانت هناك عدة تنظيمات في الجيش بما فيها تنظيم خاص بحزب البعث،تهيئ لتغيير النظام السياسي في نفس الوقت.لذا ونظرا لمعاناة الشعب العراقي،وتردي سمعة النظام الملكي وعداء الشعب له وتوفر الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية،كان العراق محكوم عليه بالثورة في جميع الأحوال.اما ما حصل فيما بعد،فثورة تموز كانت الضحية له وليست السبب.
   وبعد مضي اكثر من نصف قرن من الزمن على ثورة الشعب عام 1958،ومع صعود نجم المخلوقات الرأسمالية المتوحشة والمتنامية في بلادنا،وتحت خيمة الاحتلال الاميركي وفي ظل التدخلات الاقليمية السافرة في الشأن الداخلي العراقي،واعادة انتعاش الحقد الاسود لطفيلية البعث وانصار العهد الملكي المباد والطائفية السياسية معا.. تجهد ماكنة السفسطة(Sophistication) وادواتها الروزخونية في بث السموم للحط من القيمة التاريخية للثورة عبر الاثارة البريئة كما تبدو للوهلة الاولى!لمجموعة تساؤلات،من قبيل: ثورة أم إنقلاب؟،ضرورة حتمية ام مغامرة؟،امكانية تطوير النظام الملكي الى نظام ديمقراطي منتخب من الشعب دون ثورة؟!،تحمل المسؤولية الرئيسية في اجهاض ثمار نضالات واحلام واماني الشعب؟،تناقضات شخصية قاسم!...الخ..وهي نفس الماكنة التي عرضت صورة ثورة الرابع عشر من تموز الى التجاهل والتشويه من منطلقات ذاتية وفئوية فترة البعث الفاشي ..بل ذهب البعض اليوم من النكرات سياسيا ولاغراض لا يعها سوى البيت الابيض في واشنطن واذنابه في قم وطهران ودمشق،ومن الذين غطوا رؤوسهم بالتراب كالنعامات طيلة عقود من الزمن كاشفين لنا فوهات عوراتهم الفاسدة فقط،الى وصف الثورة بانها أبشع جريمة ومجزرة في تأريخ العراق الحديث!...
    ما هي الرسالة التي ينوي هؤلاء إيصالها من خلال التساؤلات ولماذا يقلب مواجع تاريخنا السياسي المؤلم؟تبقى الاهمية الكبرى للمقولة الرئيسية:وهي ان من يشجع هذه الاقزام على خلط الحابل بالنابل هو نفسه الذي يرفض الديمقراطية و يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية،ويعتمد الروزخونية ليضع نفسه بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضع لقانون الا قانونه وشريعة الغاب.وبهذا فهو ينافس القاعدة والتكفيرين و"امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة"في سلوكهم.لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة والمطاوعة الى الحرس القومي وفدائيي صدام والحرس الثوري وعصابات الطائفية السياسية الحاكمة اليوم والامن السري لبهجت العطية ونوري السعيد الى شرطة الاداب وفرق الموت وعصابات الجريمة المنظمة الموجهة.ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.وتبرر الروزخونية جدوى الشمولية بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب ومشاريع المصالحة الوطنية دون جدوى،مسخرة لتحقيق اغراضها المؤسسة الدينية والدولة والميليشيات ورساميلها اي القوة المسلحة المقرونة بالترهيب والترغيب الديني والمادي.الصدامية والملكية والطائفية السياسية اوجه لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية،وليجر نشر العبر الاستسلامية الانبطاحية!.
    نتسامح،ننسى الماضي،لكن مع من نتسامح؟اين هم الذين يستحقون تسامحنا؟ثم لماذا ننسى،فنصفح،ونصافح؟امن اجل توفير دروب اضافية للغدر،والغادرين،وتمكينهم من العودة الى ممارسة فكرهم،وسياساتهم،وشعائرهم التي تعودوا وتربوا،بل وجبلوا وجبنوا عليها،طينة ودماً وفكراً.خلاف ذلك،تستمر صلافة وحقد الورثة الشرعيين لأرباب وفرسان شباط الأسود،باصرار وتجاوز سافرين،وراح عديد من الجلادين يفكر في"العودة"،عبر حزب بتلك التسمية،الى سلطة القتل والحروب والدمار.ثم يأتي بايدن ليطرح مبادرة العم(رئيس الادارة الاميركية)للمصالحة الوطنية مشفوعة بطلب اطلاق سراح بعض من قادة البعث الفاشي،هل لوح المعنيون ببادرة اسف،او خجل،على الأقل،ولا نقول المزيد؟.
   كيف يتفق ان من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين،يمارس سفالتهم بنعومة ورقة فكرية وبواجهات دينية وطائفية هذه المرة عبر تشويه الحقائق التاريخية بقصد الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة والشيوعيين بالذات...؟

•   في مقالة عن( بعض اوجه المنظر الاقتصادي في العراق)نشرتها مجلة(ميدل ايست أند جورنال/1964)هاجمت الأستاذة الأمريكية كاتلين لانكلي اتفاقيات التعاون الاقتصادي والفني مع الاتحاد السوفييتي زاعمة ان اهتمامات الخبراء السوفييت تتركز في تجهيز البلدان النامية بالتجهيزات التي لم تعد صالحة للاقتصاد السوفييتي اكثر من اهتماماتها بفائدة تلك البلدان.وفي دراسة أخرى نشرتها نفس المجلة عام 1965 عن(تطور العراق الزراعي)هاجم الكاتب الإنكليزي جون سيمونز قانون الاصلاح الزراعي واعتبره المسؤول الاول عن انخفاض الانتاج وركز هجومه على القطاع العام والمزارع الحكومية الكبرى!
  وفي رسالة الى الكاتب(سلام ابراهيم كبة)،كتب د.عصام عزيز شريف حول جوهر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية عام 1959:"لم تكن طريقة الحساب بالروبل آنذاك المشكلة،ولم تكن التكنولوجيا السوفياتية المتدنية هي الآخرى المشكلة!انما كانت المشكلة هي ظهور قوة متحدية للامبريالية مدت يدها الى الشعوب المسحوقة لنيل الاستقلال السياسي والاقتصادي،ومن اراد نيل الحرية عرف كيفية الاستفادة من هذه الفرصة التأريخية،وقد احسنت ثورة 14 تموز المجيدة ووزير الاقتصاد آنذاك الدكتور ابراهيم كبة فهمها وحاول الامساك بها،ومن اراد ان يبقى ذليلاً تفنن في كيفية بتر هذه اليد التي امتدت لمساعدته.
   بالتكنولوجيا السوفياتية تسنى للصين بناء صناعاتها،ولمصر بناء السد العالي.وبالتكنولوجية الحربية السوفياتية هزمت الفيتنام الولايات المتحدة ونالت سيادتها الوطنية.ويكفي النظر الى التدهور الذي وصلت اليه مصر لنفهم الى اين تقود الآيديولوجية المتعفنة التي يتبجح بها الاغبياء المنتقدون لابراهيم كبة المهندس الاقتصادي لثورة 14 تموز.فهؤلاء يجهلون حقيقة تحريم الغرب آنذاك لعمليات نقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والكهربائية الى البلدان النامية!فعملية نقل التكنولوجية كانت هي جوهر المعاهدة السوفياتية التي يحاولون الانتقاص منها،ويحاولون طمس عملية نقل التكنولوجيا بواسطة الاتفاقية المذكورة من خلال تصوير الموضوع بكونه عملية نهب.فبعرقلة عملية نقل التكنولوجية في الصناعات الاستراتيجية اريد عرقلة عملية التنمية الاقتصادية.ولنفس السبب رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي.
   الصراع كان يدور حول عملية نقل التكنولوجيا.وعلى الاغبياء مراجعة الاضابير الخاصة بمشروع الحديد والصلب في وزارة التخطيط للوقوف على اساليب العملاء التي اتبعت من اجل عرقلة اقامته.ومن اجل فهم دور الاتحاد السوفياتي في عملية نقل التكنولوجيا من الضروري مراجعة كيفية تطويره للقدرات العراقية على استخراج النفط مما تسنى للعراق التحرر من قبضة الاحتكارات النفطية.هذا هو جوهر الموضوع.
   كلفة المشاريع المتضمنة في المعاهدة لم تكن المشكلة،فمجموع تكاليف جميع مشاريع المعاهدة لم يتجاوز تكلفة مشروع واحد من ابسط المشاريع الاساسية لما يسمى بالتنمية الانفجارية،اذ كانت كلفة المشروع الواحد من مشاريع التنمية الانفجارية تضرب بالمعامل 3.فلماذا لا يتكلم هؤلاء الاغبياء عن نهب الشركات الغربية عن طريق هذه التنمية الكاذبة،ولماذا لا يتكلمون عن تكاليف مشروع المفاعل الذري الذي ضرب ايضاً بالمعامل 3،وتم تفجيره بعد قبض المبالغ المخصصة؟وقد اثبت بأن الفرنسيين هم الذين قاموا بالتفجيرات من الداخل اثناء القصف الاسرائيلي،لأن قلب المفاعل لم يكن آنذاك قابل للنيل بواسطة القذف الخارجي.ولماذا لا يتكلمون عن عملية نقل التكنولوجيا الغربية في مجال انتاج اسلحة الدمار الشامل التي كلفت بالمليارات،هذه الاسلحة التي استخدمت اولاً في الحرب مع ايران،وفيما بعد كذريعة لتدمير كردستان والعراق؟!"

    المؤسف او المؤلم ان الاغبياء يقيمون فوات الفرصة التأريخية التي اتيحت للعراق للخلاص من العبودية بواسطة المعاهدة السوفياتية بشكل مقزز كما فعلت الصحيفة المخابراتية"المشرق"العراقية الصادرة في بغداد والتي يديرها غاندي محمد عبد الكريم الكسنزاني في اكثر من عدد لها!وذلك في ظل الظروف الحالية التي انتهى اليها العراق.فلائق بهم ولامثالهم العيش تحت جزمة الجندي الامريكي الى ابد الآبدين.."!

•   ادموند غريب في معجم تاريخ العراق يذكر:"ضمت الكابينة القاسمية الاولى 14 تموز 1958 – 7 شباط 1959 د.ابراهيم كبة وزيرا للاقتصاد،والكابينة القاسمية الثانية 10 شباط 1959 – 8 شباط 1963 د.ابراهيم كبة وزيرا للاقتصاد والاصلاح الزراعي حتى موعد اقالته 16 شباط 1960!"
   الحقيقة،ان د.ابراهيم كبة قدم استقالته الى الزعيم عبد الكريم قاسم اكثر من مرة،وتاريخ استقالته الاخيرة كانت في 2 شباط 1960،وتم اعفاءه من الحكم في 16 شباط 1960.ابراهيم كبة مهندس السياسة الاقتصادية للجمهورية العراقية الفتية بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.

•   في دراسته لاستحصال درجة الماجستير في العلاقات الدولية والمعنونة"الأزمة العراقية الكويتية عام 1961 – درس في السياسات والاقتصاديات الاقليمية/جامعة واشنطن/1991"،كتب مايك غودوين في الفصل الخامس حول الاقتصاديات الاقليمية/ص38...:"عندما جاء قاسم والضباط الاحرار الى السلطة تموز 1958،تعهدوا بازالة كل المظالم الاجتماعية،وخططوا لضمان الاستقلال الاقتصادي للبلاد.وضمت خططهم 4 مشاريع رئيسية:الاصلاح الزراعي،العدالة الاجتماعية والاهتمام بالثقافة،التصنيع،تأسيس شركة نفط وطنية تأخذ على عاتقها اجراء المفاوضات مع شركات النفط الغربية وابرام العقود النفطية الجديدة!
   وكان عبد الكريم قاسم حريصا على ان تشمل الاصلاحات الاقتصادية كل ابناء الشعب عندما اكد:"لا نعتزم خفض درجة ثراء البعض،لكننا سنرفع المستوى المعيشي للفقراء"...وكان الاجراء الاول في السياسة الاقتصادية للزعيم قاسم هو الاصلاح الزراعي،ولم يمض على مجئ الضباط الاحرار الشهران حتى صدر قانون جديد للاصلاح الزراعي برقم 30 لعام 1958!"
   "واقتباسا عن"مجيد خدوري/العراق الجمهوري/دراسة عن السياسة العراقية منذ ثورة 1958/جامعة اوكسفورد/1969"،فأن القانون الجديد جرت صياغته لينسجم مع حاجات وتطلعات شعب العراق!واستهدف التخلص من العلاقات الاقطاعية في الريف وزيادة انتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية!ومع التشديد على الهدف الاول،تمخض الاصلاح الزراعي على هبوط فوري في الناتج الاجمالي للانتاج الزراعي!وكانت درجة الهبوط حادة وفق تقارير الامم المتحدة عام 1961!وهبطت قيمة الصادرات الزراعية منذ تموز 1958 من 111 مليون دولار الى 60 مليون دولار!الأمر الذي دفع العراق لاستيراد حبوب ومحاصيل زراعية كان يكتفي بها ذاتيا من قبل!
  ومع عدم تحقق الغرض الثاني الذي شرع من اجله قانون الاصلاح الزراعي،والعرقلة التي جابهها الغرض الرئيسي للقانون اي القضاء على الاقطاع،كان الفلاح العراقي ينفذ صبره بالتدريج!ومع نهاية عام 1958 كان الفلاحون الفقراء يهاجمون الاقطاعيين ويغتصبون وينهبون ملكياتهم ودورهم ويحرقون حقولهم!وتدخل الشيوعيون للسيطرة على اعمال الشغب وتنظيم الفلاحين في جمعيات واتحادات وطنية تطالب بامتلاك الحق القانوني لاعادة توزيع الارض وفق القانون!مما اصاب كبار الملاكين والاقطاعيين بالصدمة وطالبوا قاسم بالتدخل الفوري بعد ان اغلقوا حقولهم وملكياتهم الاقطاعية واحاطوها بالاسلاك الشائكة،وبعد ان فشلت محاولات ارغامهم على التعاون مع حكومة عبد الكريم قاسم!ونتج عن هذه الافعال ضم مساحات واسعة من الاراضي المقفرة الغير منتجة الى تلك ذات الانتاج الزراعي المنخفض اصلا!       
  ولم تنفع كل مساومات الحكومة العراقية مع الاقطاع مثل زيادة حصتهم من الحبوب المنتجة!مما دفع بقاسم ووزير الاصلاح الزراعي د. ابراهيم كبة الالتفات الاكبر الى العراقيل التي يواجهها القطاع الزراعي!
   كان قانون الاصلاح الزراعي في مجمله برنامجا طموحا تطلب الادارة الاستثنائية الحكيمة له رغم تواضع الدخل الوطني آنذاك!لكن عبد الكريم قاسم تعمد خفض حصة الانتاج الزراعي من الناتج القومي في خططه الاقتصادية،والذي اذا اقترن مع العراقيل التي واجهها الاصلاح الزراعي،فان الاوضاع الاقتصادية مالت الى مستويات اكثر تعقيدا!ويبدو ان الاصلاح الزراعي قد اخفق في تحقيق اي من اهدافه". 

•   يذكر روني غابي في كتابه "الشيوعية والاصلاح الزراعي في العراق/1978"/ص 139:"شرعت حكومة عبد الكريم قاسم منذ اواخر عام 1959 بتحجيم نفوذ الشيوعيين في الاتحاد العام للجمعيات القلاحية،وباكورة الاجراءات كان تشريع قانون رقم 139 في 9/9/1959 الذي اجاز تأسيس الجمعيات الفلاحية بموافقة المتصرفيات،وتألق الشخصية غير الشيوعية(المعادية للشيوعية لاحقا)عراك الزكم العضو النشيط في الحزب الوطني الديمقراطي ونائب رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية آنذاك! وقيادته تظاهرة فلاحية في 18 كانون الاول 1959،وهي التظاهرة التي قاطعها الشيوعيين!
  واوائل عام 1960 اعلن الشيوعيين ان بعض المتصرفيات رفضت منح الاجازة لجمعيات فلاحية بحجج وتبريرات غير مقنعة بل وكاذبة،ومنها ان المؤسسين غير فلاحين او ليسوا من فلاحي اللواء الذي تقدمت اليه الجمعيات بطلب الاجازة او ان عدد المؤسسين هو دون الحد القانوني!
  وفي شباط 1960 تقدم رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية وهو شيوعي بطلب اجازة الى عبد الكريم قاسم ضمنه اسماء الفلاحين الجدد النشيطين / الابناء المخلصين للجمهورية الذين سيشغلون عضوية قيادة الاتحاد!ومنذ النصف الاول لعام 1960 استجدت اوضاعا سياسية ساهمت في بروز قيادات فلاحية منافسة للشيوعيين داخل الاتحاد العام،في الانتخابات التي جرت بين شباط وحزيران 1960 في الالوية الاربعة عشر!واستحوذ الحزب الوطني الديمقراطي على القيادات الفلاحية في 12 لواء!وكانت النتيجة نفسها في انتخابات تشرين الاول 1960 التي جعلت من عراك الزكم هذه المرة سكرتيرا للجنة التنفيذية في الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية،مع 25 آخرين من الحزب الوطني الديمقراطي اعضاء في قيادة الاتحاد!مقابل 4 مقاعد للشيوعيين!وتنامى نفور الكوادر الفلاحية في الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية من النفوذ الشيوعي ومن اعلى القيادات فما دون!
  يبدو ان النهج الليبرالي الذي ارتسمت به سياسات الحزب الوطني الديمقراطي كان جذابا وجاذبا للقسم الاعظم من الكوادر الفلاحية!وهذ ما شخصه القيادي الشيوعي زكي خيري في دراساته وتحقيقاته حول قضايا الفلاحين والاصلاح الزراعي!ومع ايلول 1960 كان القدر دراماتيكي الطابع مع الشيوعيين الذين بدأ الشارع العراقي يبتعد عنهم،حينها باتت اعتقالات الشيوعيين افرادا ظاهرة اعتيادية مع غياب اية سياسة تحشيدية لمعارضة ومقاومة الميول التسلطية للحكم القاسمي!
  النتيجة غير المباشرة للاخفاق الشيوعي في استحصال الاجازة لحزبهم،كانت اقالة د.ابراهيم كبة من الحقائب الوزارية في 16 شباط 1960 عبر مرسوم جمهوري بأسم الشعب وبأقتراح من رئيس مجلس الوزراء!وبعد 9 اشهر اعفيت د.نزيهة الدليمي من وزارة البلديات لتشغل حقيبة وزارية دون وزارة!...." 

   لا يجافي الاستاذ روني غابي في تحليله هذا الحقيقة!فقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 والبدء بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين،بداية جيدة لمسيرة الاصلاح الزراعي،وضربة تلقتها العلاقات الانتاجية شبه الاقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الاقطاعيين وكبار ملاكي الاراضي الزراعية في اعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الاقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين!
   لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي!وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى  الرأسمال"النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة!وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى!لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712) ساحبة و(1056) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية بعد ثورة 14 تموز المجيدة!
   كتب جاسم الحلوائي اقتباسا من عزيز سباهي:"اقترح الوزيران القوميان صديق شنشل و عبد الجبار الجومرد في مجلس الوزراء ان يكون الحد الاعلى 5000 دونم.اما هديب الحاج حمود و طلعت الشيباني (وطني ديمقراطي)فكان رأيهما 1000 دونم سيحية(مروية) و 2000 دونم ديمية(مطرية).ورأى ابراهيم كبة ان يكون ذلك 500 سيحية و1000 ديمية.وكلن يؤيده في ذلك عبد الرزاق زبير و فريد الاحمر عضوي لجنة وضع القانون،والثلاثة يؤيدون وجهة نظر الحزب الشيوعي.واخيرا صدر قانون الاصلاح الزراعي في 30 ايلول 1958 وقد تبنى 1000 دونم سيحية و2000 دونم ديمية.لقد تبنى الحزب الشيوعي قانون الاصلاح الزراعي مع تحفظه على الحد الاعلى الكبير للملكية،وعلى تعويض الملاكين الكبار،والزام الفلاحين الذين ستوزع عليهم الارض بدفع تعويض خلال عشرين سنة.ولم يستثن القانون من التعويض حتى الملاكين الخونة والعملاء""الحلوائي/عقود من تاريخ ال

54

في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 7
- ابراهيم كبة والامام الشيرازي وكاظم الحائري -

سلام كبة   

   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!   



•   كتب احمد البدوي في "قراءة في كتاب (تلك الأيام)"/شاهد على القرن السياسي للعراق (الإمام الشيرازي والتحولات السياسية) المنشورة على المواقع الانترنيتية:"(وتلك الأيام نداولها بين الناس) بهذه الآية بدأ الإمام الشيرازي (دام ظله) كتابه الموسوم بـ(تلك الأيام) وكأنه يُريد أن يأتي من النهاية لشهادته على قرن عراقي، ممتلئ بالتحولات السياسية وتداعياتها في استلالة تأكيدية لسنن الله في المجتمع بهكذا منحى تداولي، لتقرير أن الدنيا وأيامها وعروشها ونقوشها لا تدوم على حال. وأن الباطل زائل لا محالة ولو بعد حين، أو على قدر مقولة ـ في وجهه باطل الحرب ـ: إنك تستطيع أن تفعل كل شيء بالحراب إلا أن تجلس عليها.
   يؤرخ الكتاب لأكثر من خمسين عاماً مرت على العراق بكل تداعياتها وآلامها، شاهداً مباشراً في عيانه لها وخوضه فيها، فهو لم يكن منزوياً قابعاً بعيداً عن معترك الحياة وأوجاع الناس. ومسؤوليته الإنسانية والدينية والوطنية تجاه شعبه، فهو وسط المعمعة بما أخذت شطراً من حياته الجهادية، حتى أنك لتعجب كيف بلغ هذا الرجل مصافّ العلماء الأفذاذ وهو يقارع الظالمين مباشرة والتواجد بين الناس مع همومهم، إلا أنه توفيق الله في مباركة ساعات حياته.
   من أراد دراسة منحى الإمام الشيرازي (دام ظله) في حركته إزاء دينه ووطنه، وشعبه طوال هذه الحكومات المتهالكة فوق ركامها ووعيه السياسي والآيديولوجي لموقع الإسلام سياسياً في قيادة الناس فحريّ به أن يطّلع على صداماته ولقاءاته وما دار فيها من حوارات أثار فيها منطقاً جدياً جدلياً أفحم وأثمر، مع عدم تماهيه مع السلطة، لاسيما في لقاءاته، العديدة مع رجالات الحكومة في عهده. فتجد له لقاءً وحواراً مع عبد الرسول الخالص يومئذ في وزارته، ولقاءه بسعيد القزاز وزير الداخلية، ومع وزير المعارف خليل كنة، والشيخ محمد رضا الشبيبي (لبعده الوزاري وليس الديني).
    وكذلك لقاءاته مع كل من عبد الهادي الجلبي وزير الأشغال العامة، الدكتور عبد الحميد كاظم وزير المعارف، السيد محمد الصدر رئيس الوزراء، وهؤلاء في العهد الملكي، ثم لقاءه في عهد عبد الكريم قاسم بوزير الاقتصاد الدكتور إبراهيم كبة، ومحمد نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة وهو أعلى سلطة عند عبد الكريم قاسم. لقاءه بعبد الكريم قاسم، لقاءه بمحسن الرفيعي مدير المخابرات آنذاك، لقاءه بعبد المجيد كمونة عضو مجلس القيادة، وعبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء في عهد عبد السلام عارف، وأخيراً لقاءه بأحمد حسن البكر.
    غير خافٍ على الجيل المعاصر، مرور حكومات على العراق وشعبه أفضت به إلى طمس كثير من معالم هويته الإسلامية، ضمن مخططات لبّدها الغرب الإمبريالي مع بداية هذا القرن، بكل وسائله الدقيقة والمدروسة وانصهار كثير من الجاهلين والعملاء، في روح تلك المخططات، خوفاً أو طمعاً سلطوياً، أو تخلفاً، أو مرضاً أو حقداً على الإسلام والإنسانية، منذ الحكم المباشر للغرب، وغير المباشر مع الملكية والانقلابات المتتالية وما زال الأمر. لذلك كان على العلماء انطلاقاً من مقولة سيدهم الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (على العلماء أن لا يقارّوا على كِضة ظالم ولا سغب مظلوم)، ومن هذا المنطلق المسؤول نجد خطوات كثيرة للإمام الشيرازي (دام ظله) مع هؤلاء على طول المسيرة ـ وهذه سيرة آل الشيرازي في التاريخ من محمد حسن الشيرازي مع ثورة التنباك ومحمد تقي الشيرازي مع ثورة العشرين ـ فهناك حوارات واعتراضات ساخنة، حملتها هذه المذكرات.. في شهادتها التاريخية لتلك الحقبة، إذ يوضح أكثرها البعد السياسي عند السيد الإمام إضافة إلى البعد التعبوي، وروح المسؤولية، إضافة إلى أفقه الاحتجاجي مع هؤلاء في منطقه المتميز، وذلك بوعيه وفهمه في آفاق السياسة العالمية، وقوانينها، ودساتيرها ومناهج ثوراتها ومدارسها.
    كما تدل على تمحيص الواقع. ومن تلك حواره ـ مثلاً ـ مع سعيد القزاز وزير الداخلية في الحكومة الملكية، وهي تحمل في طياتها تأسيسات لمرافق الدولة وتحليلات لوازمها في البعد السياسي والاقتصادي والأخلاقي الديني وجغرافية الاجتماع المتعلقة بالشرق كل هذا ضمن منطق صارم.
فحينما التقى به (القزاز) بمعيّة أحد الأصدقاء، للاعتراض على الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار بمدينة كربلاء، وبعد الترحيب قال الإمام: الفساد والإخلال بالأمن والسرقات وهتك الأعراض تكثر هذه الأيام في كربلاء المقدسة وفي باقي المدن.
    فأجابه القزاز بأننا لا نملك الاستعداد الكافي لمواجهة مثل هذه الأعمال، فالناس حينما ينحرفون يصبح من العسير مواجهة أعمالهم وانحرافاتهم. فالدولة بمقدورها مواجهة ما هو ظاهر.. وغير ذلك ليس ممكناً، كما أنه ليس بمقدور الحكومة تغيير الناس (انتهى توجيه الوزير). حينها قال الإمام (دام ظله) مركزاً على قضية التغيير.
قال: الإشكال في هذه المسألة، لماذا تغيّرت حالة الناس؟ لماذا فسدت تربية المجتمع؟
لماذا انعدمت الأخلاق؟
لماذا تقفون مكتوفي الأيدي حتى يحدث ما هو خلاف القانون؟
ـ وهنا تجد الإمام يعرض لهم بمنحى فلسفي للحالة الراهنة آنذاك ولا يبقى معهم على ما هو الواقع ..
يستمر: لماذا لا تعملون على توفير الأجواء المناسبة للتربية الصالحة؟
ثم عرض له حالة الناس في أخلاقهم واجتماعياتهم في مدن العراق في خلوها من هذه الأزمات الاجتماعية الأخلاقية الأمنية.
    ثم بدأ يوجه حلول الانتشال للمجتمع من هكذا انحراف: إن التربية الصالحة كفيلة بتغيير الناس نحو الأحسن، فالتربية قوامها ركنان أساسيان: هما العلماء والحكومة، فالعلماء يقومون بوظائفهم ـ سواء أكانوا خطباء أم فقهاء أم أئمة مساجد ـ من نصح للناس وإرشادهم إلى ما في الخير والسعادة ويوجهون المجتمع التوجيه الصحيح، أما الأعمال الأخرى فهي من مهام الدولة والحكومة.
   ويدخل إلى عمق الانحراف وأسبابه وعوامل نشوئه: إن من أهم أسباب السرقة والفساد: الفقر والفاقة، فلا بد من مكافحة هذه الظاهرة بأي شكل من الإشكال. فمنشأ الفقر على الأغلب هو القوانين الفاسدة التي لا تستطيع أن توفر العدالة في المجتمع، ولا تستطيع أن تقف قبال الجشع والاحتكار ولا توفر الحريات للناس في ميادين التجارة وغيرها. (انتهى كلام الإمام).
   ويبين هذا الطرح أمام الوزير ... الصلابة، والجرأة، والالتزام في عرض الإسلام كمنهج كامل للحياة، كذلك تدل على البعد التحليلي للمجتمع في قنواته داخل الدولة.
   نجد كذلك لقاءً مهماً يحمل تلك الخصائص، وذلك مع خليل كنه وزير المعارف أيام الحكم الملكي.
   فقد ابتدأ حديثه معه بالحديث الشريف لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي وإذا فسدا فسدت أمتي، الفقهاء والأمراء).وأنتم مصداق الأمراء.
   فابتسم الوزير قائلاً: الأمراء الذين أنا جزء منهم ليسوا صالحين، ثم أنه ردّد ثلاث مرات: الله يهدي الأمراء.
   ثم قال: ما هي مطالبكم.
   فجاءت أطروحات الإمام (دام ظله) ـ وهو على صغر سنه وقتها ـ موضوعنا هو المدارس، فإن مناهجها خالية من الإسلام، فليس فيها ما يمتُّ إلى الدين الحنيف بصلة.
   قال كنه: وهل أنتم مطلعون على مناهج التدريس؟
ـ وهنا تأتي خبرة السيد الإمام واطلاعه على الأحداث صغيرها وكبيرها، بما يدل على خوضه زمانه بكل ما يمس حركة المجتمع وهويته الدينية.
   قال الإمام: نعم، إنني طالعت تلك المناهج، صحيح أن فيها الصلاة والصيام وغزوة خيبر وما أشبه ذلك، لكن ليس الإسلام في هذه الأمور فقط.
    الوزير: إذن ماذا تريدون غير هذا؟
   قلت ـ وفي قوله توجيه البعد السياسي للإسلام :ليس في هذه ذكر للجانب السياسي من الإسلام، هل أن النظام السياسي الإسلامي نظام جمهوري أم ملكي؟
   هل في الإسلام انتخابات؟
   هل في الإسلام مؤسسات دستورية؟
   هل أن الإسلام يشرّع الأحزاب؟
   وأخذ الإمام (دام ظله) يطرح عليه توجيهات في هذا القبيل.
   ثم قال: هذا أولاً.. وثانياً: ليس في هذه المناهج ذكر للجانب الاقتصادي في الإسلام، ما هي مميزاته، هل هو نظام اشتراكي أم رأسمالي أم شيء آخر؟
   ثالثاً: ليس في هذه المناهج شيء من النظام الاجتماعي الإسلامي على أهميته.
   رابعاً: ليس في هذه المناهج شيء عن فلسفة الحياة في نظر الإسلام؟
   فضحك الوزير قائلاً: والله إني لا أعلم هذه الأشياء فكيف بالمدرسين والطلاب.
   قال الإمام (دام ظله): المشكلة تكمن هنا، فأنتم الذين تمثلون أعلى سلطة تربوية في البلاد لا تعرفون عن هذه الأمور، لأنكم لم تدرسوها في المدارس، وتسببون بذلك تأخر البلاد ووقوعها في أحضان الغرب والشرق، وتسببون تكبيل الثقافة والمثقفين.
   فإذا كنتم لا تعرفونها، فكيف حال التلاميذ الصغار الذين يدخلون المدارس ويدرسون دروساً يضعها أُناس لا يعرفون شيئاً عن الإسلام.
   ثم يعرض الإمام (دام ظله) تداعيات جعل المدارس الثانوية للبنات قريبة من مدارس البنين، فيلتقي الجنسان في الطرقات والأزقة، وتبدأ المشاكل الاجتماعية التي لها آثار وخيمة على الأسر وعلى مصير ومستقبل الفتيات (انتهى توجيه الإمام).
    وعلى هذه الشاكلة تجد توظيف الإمام (دام ظله) لتحليلات وارتكازات يضعها أمام هذه الحكومات، في كل الأبعاد التي تكتنفها الحياة ولكنهم ملوك.. على أي نحو كان عرشهم ـ فهو باحث اجتماعي يضع علل الاجتماع واختزالاته وحلوله، وهو سياسي يستعرض الخطوط العريضة للدبلوماسية الاستعمارية، ونظام المدينة الفاضلة.
    ثم يذكر الإمام (دام ظله) المشهد الثقافي ووجهه في تلك الحقبة لاسيما في كربلاء المقدسة. فيذكر أن هناك خمس عشرة مجلة تصدر عن مدارس وجمعيات منها:
    مجلة (الأخلاق والآداب) التي كانت تصدر عن مدرسة السليمية التي شيّدت عام 1250 هـ. ومجلة (القرآن يهدي) ومجلة (صوت العترة) من مدرسة ابن فهد الحلي، ومجلة (مبادئ الإسلام) باللغة الإنجليزية و(منابع الثقافة الإسلامية) عن مدرسة بادكوبة ومجلة (أعلام الشيعة) من مدرسة الكتاب والعترة. ومجلة (نداء الإسلام) من مدرسة الحافظ الثانية و(صوت المبلغين) ومجلات أخرى. إضافة إلى قرابة ثلاثين مدرسة خاصة بطلبه العلوم الدينية.
    وكان أيضاً هنالك حوار ساخن له مع وزير المعارف في العهد الملكي الدكتور عبد الحميد كاظم في موضوع إعادة النظر في المناهج الدراسية تطرق فيه إلى آفاق منهجية بما يعرض في إسلام داخل هذه المناهج في وجه من وجوهه يفضي إلى أن يكون التاريخ مقتطعاً بعيداً عن هويته التامة، وعرض قدوات غير واقعية. إذن فهو تزوير للتاريخ وتقوّل على الواقع المنصرم، الواقع الذي صنع الحضارة الإسلامية الحقة.
   ثم عرض عليه ركائز إسلامية من (القرآن، والسنة، والعقل) في الاقتصاد الإسلامي، ثم عرّج على مفاهيم ملحّة للواقع من قبيل الحرية والعدالة الاجتماعية. ونظام الحكم والطبقيات، إلا أن الدكتور عبد الحميد مع استملاحه الحديث واعترافه بذلك اعتبر هذه الأفاق المطروحة من قبل الإمام (دام ظله) في قوانين الإسلام.. آفاق مثالية غير قابلة للتطبيق.
     وللإمام (دام ظله) نقاشات ساخنة أكثر مع السيد الصدر أيام وزارته في موضوع منطق الدولة، آخذاً فضاءات توجيهية مهمة، كذلك كان هذا الوطر مع وزير الاقتصاد في حكومة عبد الكريم قاسم، واللطيف أنه قد تم في مقبرة والده في الحرم الحسيني، وهو مكان تدريس الإمام ولقاءاته وهذا قد يومئ إلينا أن اختيار الإمام الشيرازي المقبرة للتدريس وللقاء ليكون دائماً يعيش يقين الحقيقة والفلسفة الأعظم: أنك أيها الإنسان زائل لا محالة وهذا هو مكانك، فكين في دنياك من أجل تلك النهاية وشكلها، من هنا يكون كتاب تلك الأيام ـ لندرة تدشين الشهادات السياسية لعلماء الدين ـ ذو أهمية في معرفة الألوان السياسية والاجتماعية لتلك الحقب…"انتهى.

   الطابع البراغماتي الميكافيلي التهريجي الدعائي هو السائد في هذه المقالة التي تحاول عبثا ان تخلط الحابل بالنابل السياسي والاقتصادي!وهو ما يميز كل كتابات الاسلام السياسي الذي يخلق لنا من العدم ثقافة اسلامية،وتربية اسلامية،واقتصاد اسلامي في عصر الاقمار الصناعية والليزر والالكترونيات الدقيقة والهندسة الجينية!
   في الواقع،وفي عام 1961،وعلى هامش زيارة له الى مدينة كربلاء لتفقد بعض المشاريع الاقتصادية،التقى الدكتور ابراهيم كبة وزير الاقتصاد في حكومة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم المرجع الديني المعروف محمد الحسيني الشيرازي،ودار بينهما حديث مقتضب حول الاقتصاد الاسلامي،قام الشيرازي بذكر فحوى اللقاء وما دار فيه في الفصل الثاني عن العهد الجمهوري الاول من كتابه الموسوم"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي/مؤسسة الوعي الاسلامي / بيروت / 2000".وابراهيم كبة غني عن التعريف،علم بارز من اعلام الفكر في العراق والوطن العربي،ومناضل صلب من اجل الحرية والتقدم والاشتراكية،وشخصية اكاديمية ديمقراطية عرفته جامعتا بغداد والمستنصرية  بحضوره المؤثر منذ اواسط خمسينات القرن المنصرم،وتخرج من مدرسته المئات من حملة افكار الاشتراكية العلمية،كما امتلك مراسلاته الاكاديمية النقدية مع اساتذة الادب الاقتصادي الاكاديمي العالمي!تولى في آن واحد حقيبتي وزارة التجارة(الاقتصاد لاحقا)ووزارة الاصلاح الزراعي،ووزارة النفط وكالة في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958،وله عشرات المؤلفات الى جانب البحوث والدراسات في المجلات والصحف العراقية والعالمية.وحول الاستاذ ابراهيم كبة محاكمته بعد انقلاب رمضان الاسود الى محاكمة للبعث والقومجية والرجعية وبرامجها الاقتصادية الانتقائية النفعية،ودافع عن نفسه بنفسه في مرافعة كانت دراسة انسكلوبيدية عن الاقتصاد العراقي في فترة ما بعد ثورة 14 تموز نشرها فيما بعد في كتابه"هذا هو طريق 14 تموز" عام 1967.
   حارب البعث الفاشي ابراهيم كبة وأحاله على التقاعد عام 1977 وبذل الجهد لتقزيمه،الا انه ظل وفيا لمبادئه في الفكر المادي الاصيل والاشتراكي العلمي والماركسي والديمقراطي،وبقي في شيخوخته محاصرا وحبيس الضغوطات الدكتاتورية وفي شبه اقامة جبرية،حتى رحيله  في 26 /10 /2004!وكانت آخر اصداراته "الرأسمالية نظاما – 1973 لمؤلفه اوليفر كوكس"و"مشاكل الجدل في الرأسمال لماركس – 1979  لمؤلفه روزنتال"...كما كتب مقالة في مجلة الاقتصاد عام 1973 معنونة"ضوء جديد على مشكلة العلاقة بين الدين ونشوء الرأسمالية"،وفيها جميعا اكد على دور العوامل المادية والفكرية التي ساعدت في تطور النظام الرأسمالي،واهمية الربط الوثيق بين الاقتصاد الرأسمالي ومختلف عناصر التربة الاجتماعية"الرحم الاجتماعي"التي ولد وترعرع فيها النظام...وعلى دور الدين والمذاهب الدينية الاصلاحية في تطور النظام الرأسمالي مع النقد اللاذع للتفسيرات الدينية المتعددة لنشأة الرأسمالية.واكد ايضا على ان الجدل المادي باعتباره علم القوانين الاكثر عمومية لتطور الطبيعة والمجتمع هو في نفس الوقت منطق اي نظرية لمعرفة قوانين الفكر،في الوقت الذي نجح فيه كارل ماركس في الرأسمال بتطبيق الجدل على المعرفة وحل اعقد معضلات نظرية المعرفة التي بقيت حجر عثرة امام جميع المفكرين السابقين،من قبيل العلاقة بين الجوهر والظاهرة،بين التاريخي والمنطقي،بين التحليل والتركيب،بين الاستقراء والاستنتاج،بين المجرد والمحدد ... الخ. 
   من جهته،تولى محمد الحسيني الشيرازي"خاله الامام محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق"المرجعية في مدينة كربلاء عام 1961،غير انه اضطر لمغادرة العراق عقب تعرض اتباعه لحملات الملاحقة والقتل على ايدي سلطات حزب البعث وتهديده بالقتل،وحكمت عليه الدكتاتورية البائدة بالاعدام غيابيا في وقت لاحق"نشرت جريدة الثورة البغدادية نص الحكم"وعطلت جميع مؤسساته،وصودر بيته ومنزله.ومن العراق انتقل الشيرازي الى الكويت حيث اسس الحوزة الشيرازية،وتوجه الشيرازي بعد الثورة الايرانية الى مدينة قم حيث توجد اهم حوزة دينية للشيعة في ايران،وسرعان ما تحولت حوزته الى ملتقى لكبار المدرسين واساتذة الحوزة ممن تتلمذوا على يديه علوم الفقه والفلسفة والعلوم الدينية فضلا عن الاقتصاد والسياسة.
   ورغم مواقف الشيرازي المعارضة لسياسات النظام الثوري في ايران واحتجاجه المستمر ضد حملة الاعدامات والاعتقالات،ورفضه لمحاكم الثورة ومحكمة رجال الدين،غير ان النظام لم يجرؤ على الاساءة اليه او لاتباعه في عهد الخميني،وبدأت معاناته بعد رحيل الخميني،حينما اعلن عدم شرعية ولاية الفقيه المطلقة،ودعا الى تشكيل شورى الفقهاء.ولم يستطع الشيرازي مغادرة بيته اكثر من 15 عاما،عاش اكثرها تحت الاقامة الجبرية منقطعاً عن اتباعه ومقلديه،كما تعرض اتباعه وابناؤه واقاربه لمضايقات شديدة اواسط التسعينات حيث تم اعتقال العشرات منهم،وكان نجله مرتضى الشيرازي قد تعرض في السجن لتعذيب شديد حيث تم احراقه بصب النفط عليه بأمر وزير الاستخبارات الاسبق علي فلاحيان،ولا يزال يحمل مرتضى الشيرازي،الذي يقيم في الكويت،آثار التعذيب على جسده.وعُرف محمد الحسيني الشيرازي بألقاب عديدة منها الامام الشيرازي والمجدد الشيرازي الثاني،وآية الله الشيرازي،وكذلك عُرف بلقب سلطان المؤلفين،حيث ان مؤلفاته تجاوزت الالف.وقد بدأ بتأليف موسوعة الفقه،وهو في الخامسة والعشرين،ووصل تصنيفها الى حوالي 165 مجلد.توفي الشيرازي في قم عن 75 عاما في 17 كانون الاول 2001.
  حرصنا ان ننقل للقراء في دراستنا الموسومة "ثورة 14 تموز المجيدة والاقتصاد الاسلامي"المنشورة في الحوار المتمدن،نص الحوار الذي جرى بين الدكتور ابراهيم كبة والسيد محمد الحسيني الشيرازي عام 1961،مثلما مدون في كتاب الشيرازي"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي"،واترك للقراء والباحثين التقييم.كان حوار بين شخصيتين،علمانية ودينية...عسى ان يستفيد منها رجل الدين السيد كاظم الحسيني الحائري الفقيه السابق ل"حزب الدعوة الاسلامية"والذي افتى مؤخرا"يحرم التصويت في اي مرفق من مرافق الحكم العراقي الى جانب انسان علماني"!ويعد الحائري الذي يتخذ منذ 1974 من مدينه قم في ايران مقرا له من بين المراجع الشيعة البارزين!وقُتل ولده جواد دفاعاً عن ايران الاسلامية في حربها مع العراق!ويبدو ان الحائري يبعث برسالة الى الشعب العراقي ليؤكد فيها ما ذهب اليه الباحثون من ان النظام الايراني ومنظمة القاعدة الارهابية في وفاق وتنسيق دائمين،بعد ان عين نفسه وكيل الله وولي امر العراق!وهو العالم قبل غيره ان الدين والحقد والبغضاء والكراهية لا تلتقي مطلقا!
   وموقف الحائرى تجاه العلمانية ليس جديدا في التاريخ السياسي الحديث،وسبقه البابا الذي عبر عن تخوفه من العلمنة في اوربا وبولونيا"انظر:مجلة ناشينال كاثوليك ريبورتر/عدد 13 نيسان 1990/الولايات المتحدة"..ومن قبله حكمت روما والكنيسة الكاثوليكية على حقوق الانسان لأنها غير مسيحية الى ان حدث التحول مع يوحنا الثالث والعشرين والمجمع الفاتيكاني الثاني في النصف الثاني من القرن العشرين،والفاتيكان آخر مملكة اوربية مطلقة لم توافق على اعلان حقوق الانسان في المجلس الاوربي.هكذا خسرت وتخسر المؤسسة الدينية كثيرا من مصداقيتها في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية!
  العلمانية مبادئ لتنظيم المجتمع يأتي في مقدمتها احلال مفهوم المواطن محل مفهوم الرعية،واعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات،ولابد من ضمان حرية التفكير والبحث.وتدعو العلمانية الى فصل الدين عن الدولة،لأن السلطة شأن بشري والبشر احرار في التشريع لأنفسهم،لكنها لا تنفي الدين كتفكير حر مستقل.     

   من جهة اخرى،يبدو ان هناك خلط لدى منظرى الاقتصاد الاسلامى بين القواعد الاخلاقية التى يفرضها الاسلام فى التعامل وبين القواعد التى يضعونها هم ويستوحونها من التراث،ويقولون انها قواعد هذا الاقتصاد.من القواعد التي يضعها الاسلام للتعامل هى :

1-   استبعاد التعاملات التى تتضمن الربا والترف الحرام والاكتساب الحرام.
2-   استبعاد المضاربة على السلع بمعنى اخفاء السلعة حتى يرتفع ثمنها وهذا يسمى (الغرار)بكسر الغين.
3-   الابتعاد عن انتاج السلع التى يحرمها الاسلام كالخمور وغيرها.
4-   الاخذ بنظام الضريبة الاسلامية او الزكاة.
5-   الزكاة والجزية والنفقة والخمس والخراج والكفارات والنذور وما سواها،تهدف الى توفير شروط كرامة انسانية وحمايتها من الانزلاق في اتجاه الضياع،وتجبى في جميع الانماط التي يحصل فيها تراكم بسبب سوء التوزيع حتى لا يشعر المحرومون بالحرمان!
6-   الالتزام بالقواعد الاقتصادية الاسلامية في القروض،استخراج المعادن،الأجارة،المضاربة،المزارعة والمساقاة،الحمى،الصيد،الاحتشاش،احياء الموات،الهدايا والهبات،الصدقات،ثروة ووظائف بيت المال،الخمس،الجزية،الانفال،مال الخراج،المقاسمة،نظام الارث،توزيع التركة.

  برزت الكتابات الاقتصادي الاسلامية النظرية الهامة اواسط القرن المنصرم،ثم ما لبثت ان توسعت بعيد الثورة الاسلامية في ايران،والشروع بانشاء البنوك الاسلامية،ومنها:

1.   "الاسلام والملكية"/1944/محمود الطالقاني.
2.   "العدالة الاجتماعية في الاسلام"/1958/سيد قطب.
3.   "اقتصادنا"/1959/ محمد باقر الصدر.
4.   "اشتراكية الاسلام"/1959/مصطفى السباعي.
5.   "الاسلام ثورة اقتصادية"/1979/محمد تقي المدرسي.
6.   "فقه الاقتصاد"/1980/محمد الحسيني الشيرازي.
7.   "الاقتصاد السياسي المقارن"/1980/محمد الحسيني الشيرازي.
8.   "نظرية القيمة العمل والعمال والعدالة الاجتماعية في الاسلام وفي المذاهب والنظم الوضعية – دراسة مقارنة"/1981/صالح كركر.
9.   "البنك اللاربوي"/1983/محمد باقر الصدر.
10.   "تحريرالوسيلة"/1987/الخميني.


   بداية الستينيات من القرن المنصرم،ومع انتشار العقائد الاسلامية والشيعية التي تدعو الى اقامة الحكم الاسلامي العالمي العقائدي،لتنظيم جباية الخراج وتنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمادية والروحية،ظهرت الدراسات النظرية الاولى عن الاقتصاد الاسلامي والسياسة الاقتصادية الاسلامية!ولم تخلو "الاسس"التي وضعها محمد باقر الصدر عام 1960 من اهداف ذات طابع خيالي ارادوي بحت سعت الى تجاوز المدارس الشيعية القروسطية والمعاصرة في مسألة الشرعية السياسية.
    دافع محمد الحسيني الشيرازي عن حق الملكية الخاصة في كل زمان ومكان وعن العلاقات العبودية والاقطاعية والرأسمالية وعن النظام السياسي الملكي،وترجم آرائه لاحقا في مؤلفات اهمها"فقه الاقتصاد"و"الاقتصاد السياسي المقارن"،كما وصف السيد الشيرازي ثورة 14 تموز 1958 المجيدة بالانقلاب العسكري.في الوقت الذي افصح فيه السيد محمد باقر الصدر عن آرائه الاقتصادية في كتابه المعروف"اقتصادنا"ودافع عن العلاقات الاقطاعية،الا انه دعى الى اجراء الاصلاحات الجزئية التي تقيد سوء استخدام الملكية الرأسمالية في اطار ملكية دولة وملكية خاصة.اما السيد محمد تقي المدرسي ابن اخت السيد الشيرازي فتفرد بآرائه الداعية الى اشاعة التعاونيات في المجتمع مع شئ من النزعة البورجوازية الصغيرة.
  كان اختلاف الآراء الاقتصادية واضحا في كل الادبيات والكتابات الاقتصادية الاسلامية ومع اختلاف التحديات التي واجهت المجتهدين،وبات اليوم يضم آراء واسعة متباينة ومتناقضة مهلهلة قابلة لشتى انواع التفسير والتأويل،وتشترك جميعها في الدفاع عن فقه المعاملات وتطعيمه بهالة من العصرنة والحداثة وتجاوز المحددات الشعبوية،والاضطرار الى تطبيق المحرمات الاخلاقية وتحليل بعض المحرمات تحت مختلف المسميات!مثلما فعل السيد محمد الحسيني الشيرازي الداعية لاقتصاد السوق الحر مع الربا،فبدل اسم المرابي الى مقرض والربا الى ربح!
  واستهدفت جميع الدراسات في الفكر الاقتصادي الاسلامي اعلاه الدفاع عن مجاميع المصالح المتحالفة مع كبار ملاك الاراضي والشيوخ (مواقف الصدر والشيرازي) عام 1959 والمصالح التجارية(موقف الشيرازي)عام 1964،وكذلك الاقرار بالطبيعة اللاعضوية لعمليات الانتاج والتوزيع والتداول في الاقتصاديات الحديثة كأنعكاس لوظائف الدول الريعية والمنظومة البدوية الشرق اوسطية،واعادة انتاج للاخلاقيات العامة السائدة في المجتمعات الزراعية، وضمان انسيابية جباية الضرائب الدينية!
  الاقتصاد الاسلامي كان رد فعل انفعالي على انتشار النظريات الاقتصادية الرأسمالية والاشتراكية ومحاولة لسد الفراغ الذي عانى منه الفكر الاسلامي،وهاجمت كل الدراسات الاقتصادية الاسلامية النظامين الرأسمالي والشيوعي وحاولت ان تفند النظريات الاقتصادية السائدة.وبعد ان فقد"فقه المعاملات"الكثير من صدقيته وصلته بالواقع،بات الاقتصاد الاسلامي اليوم،في حقيقة الامر،اقتصاد رأسمالي جائر،مثله مثل الاقتصاد الذي وضع اسسه المعاصرة"آدم سميث"في كتابه ثروة الشعوب في نهاية القرن الثامن عشر.والبنود التي تتضمنها قواعد الاقتصاد الاسلامي مثل الصدقات والاوقاف وتغليب المنفعة العامة على الخاصة ومراقبة السوق والشفافية وطابع"الخيرية"هي ذاتها،وان بمفردات ومسميات مختلفة،التي شكلت مطالب الثورات والحركات التي طالبت بتغيير قواعد النظام الاقتصادي"المركنتيلي"المتوحشة.وتواجه النخب البورجوازية الاسلامية قضية صياغة المؤسسة الدينية بالشكل الذي يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية!والاصولية الاسلامية لازالت تغذي العناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية ومعارضة التحولات الأجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية وتغذي المحافظة ومقاومة التجديد،في نفس الوقت،وهذا ما لا يجيزه العقل والمنطق،وتعتقد هذه الاصولية انها وحدها تمتلك الحقيقة فترى العالم بمنظوري الملائكة والشيطان او الابيض والاسود!
   
    النظام الاقتصادي الاسلامي في الواقع هو الاسلمة "الاخلاقية في الاساس"او اللبوس الاخلاقي الديني لكل نظام اقتصادي يقوم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج!مثال على ذلك،ما يذكره المفكر الاسلامي حسن الشيرازي مؤسس الحوزة العلمية الزينبية،وهو اخ للسيد محمد الحسيني الشيرازي في كتابه"الاقتصاد":"لعله من المؤسف حقاً ان ينطلق علماء الاقتصاد الغربي من المفاهيم المادية اللا اخلاقية عن الحاجات التي ترغب فئات مختلفة من البشر في اشباعها فيعتبرون كثيراً من السلع التي تضر بصحة الانسان ووجوده الواعي سلعاً نافعة طالما انها تشبع هذه الحاجات.مثل الاسلحة والسكائر والمشروبات الكحولية والمخدرات التي يتعاطاها الشباب دون تصريح من الاطباء.لقد فقدت المنفعة مفهومها الانساني السليم واصبحت صبغة لجميع الأشياء التي تشعر بعض الفئات بالحاجة اليها والتي يقبل المنتجون على انتاجها وتوزيعها وفقاً لمفهوم الاقتصاد الحر،الأمر الذي يتعارض تماماً مع الرفاهية الاجتماعية بمفهومها الذي يقوم على تحريم الاعمال التي قد تحقق ربحاً لفئة من المجتمع وضرراً لفئات اخرى".ويقول ايضا(نفس المصدر السابق،ص236):"ان كل ما نص عليه القرآن وكل ما اوصى به النبي في احاديثه عن الشؤون الاقتصادية،يبين المبادئ الاقتصادية الرشيدة التي يجب ان يأخذ بها البشر جميعاً لتنظيم علاقاتهم ومبادلاتهم المرتبطة بتدبير امورهم المعيشية.والنصوص الاقتصادية الاسلامية لا يمكن ان تحقق اهدافها في تنظيم العلاقات الاقتصادية للبشر تنظيماً عادلاً ورشيداً الا اذا طبقت ضمن اطار اسلامي عام يقوم على قيم اخلاقية اسلامية وعلاقات اجتماعية اسلامية وطموحات اسلامية تأخذ في الاعتبار التوازن بين ما يستطيع الانسان ان يحققه في دنياه وما يجب ان يتركه لآخرته".
    العدالة الاقتصادية الاسلامية اليوم لا تختلف جوهريا عن العدالة الاقتصادية الرأسمالية،والتباينات شكلية نتلمسها مثلا في "الضريبة"و"المنتوجات"بحسب ميزان الحلال والحرام كانتاج الخمور،و"اخلاق العمل والاستثمار"كالرفق بالعمال واحسان معاملتهم،و"المواضع الاقتصادية"التي لا يحق للفرد تملكها كالمناجم.والفارق الاساسي بين النظام الاقتصادي الاسلامي والنظام الاقتصادي الرأسمالي هو الموقف من الربا كظاهرة اقتصادية اجتماعية تاريخية!وكتجسيد لعلاقة استغلال بين انسان وآخر،يفرض بها الطرف الاول شروطا مجحفة على طرف ثاني يحتاج الى المال ليلبى حاجة اساسية له،كفائدة على هذا المبلغ!وتحريم الاسلام لـ "الربا" عالجها شكلا اصحاب الثروة عبر استثمار ثرواتهم النقدية مباشرة في التجارة وبقية اوجه الاستثمار الاقتصادي،لينتفي  الرأسمال الربوي الطفيلي!يقينا ان الربا كظاهرة تاريخية نشأ مع ولادة المال كوسيلة لتبادل البضائع وللادخار!
     تخدم البنوك الاسلامية التطور الطفيلي(ماهية الفرق بين سعر الفائدة (Rate of interest) والربا (usury) ) لأنها مؤسسات مالية تعمل من اجل الربح،فهي تجمع الاموال غير المستثمرة وتحولها الى اموال يمكن ان تستثمر،ليحصل صاحب المال غير المستثمر على فائدة،ويحصل صاحب المال المستثمر على فائدة،ومن خلال تنسيق العمليتين يحصل البنك ايضا على فائدة.والمرابحة والمشاركة والمضاربة،في النهاية،هي ارباح يتم الحصول عليها من تداول المال في السوق وليس في محراب التدين الاسلامي.
   معروف ان الربا هو جوهر النشاط المصرفي الرأسمالي،ولا يوجد نشاط مصرفي اسلامي يختلف عن النشاط المصرفي الرأسمالي!اي ان البنوك الاسلامية ليست في الواقع سوى مؤسسات مالية رأسمالية يملكها كبار الاثرياء ويتأكد فيها الربا مهما سعت الى اظهار العكس!بل موضوعيا هي مضطرة الى تحليل الربا المحرم تحت مختلف المسميات"ايران سمته اتعاب"!والبنوك الاسلامية هي الأكثر استغلالا وربحها الطائل مستمد من اقتصاد السوق والعرض والطلب،ومن استغلالهم لخشية كثير من المسلمين من ان يقعوا في الربا!
   الاقتصاد الاسلامي او اقتصاد المسلمين مثله مثل غيره من الاقتصاديات يقوم على التجارة والتي تعني تبادل المنتجات بين الناس (بيع وشراء)!وطالما انها تجري في ظل الملكية الخاصة فإنها لابد وان تصبح مصدرا مباشرا للدخل بالنسبة للتجار،وهدفها الرئيسي هو الربح،وحتى يتحقق الربح لا بد ان يبيع التاجر بسعر اغلى ما يمكن،وان يشتري بأرخص ما يمكن.بالطبع،تلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه والشريعة الاسلامية في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي!وتتضمن الاحكام الفقهية المختصة بأصول الاتجار والكسب قيودا لا تتلائم مع مطلب النشاط التجاري الحر والمتساوق مع نزعة الربح المتأصلة في التجار.وتسهم المضاربات التجارية الدولية في نمو الروح الرأسمالية لدى الانظمة الاقتصادية الاسلامية الحاكمة ونخبها الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع!وهنا يتضح بجلاء ان التجارة في الاقتصاد الاسلامي خداع يجيزه القانون!
  التضخم والغلاء وارتفاع الاسعار والركود والبطالة والفقر والافقار وانحسار فرص العمل وندرة الاستثمارات والافلاسات المتتالية والمديونيات هي اليوم اهم سمات ما يسمى بالاقتصاديات الاسلامية،خاصة في المنظومة البدوية الشرق اوسطية وايران والعراق وتركيا والباكستان...!وعليه ليس هناك شيء اسمه اقتصاد اسلامي منزه ومقدس ومنزّل ومعصوم،وبمنأى ومنجاة عن تقلبات السوق وتجاذباته والعوامل الاقتصادية الاخرى الصارمة!فمع الانفتاح العولمياتي وتداخل هياكل الاقتصاد ووجود الشركات المتعددة الجنسيات العابرة للقارات ذات الاذرع الاخطبوطية في كل زاوية من زوايا الاقتصاد العالمي،والناجم عنها ارتباط وثيق للبورصات والبنوك في جميع دول العالم،وارتباط اقتصاد الدول الاعضاء في منظمة الأووبك بالدولار الامريكي،والتداخل في كافة اشكال المتاجرة والمضاربة والتداولات،فإن الاقتصاد عبر العالم يخضع اليوم لقوانين السوق الواحدة الموحدة،ولا علاقة لها بالغيب وبالسماء وبخطاب الحكام،حيث تتشابك وتترابط وتتصل وتتداخل الاقتصاديات فيما بين بعضها البعض بمنظومة من العلاقات الادارية والاجرائية والبيروقراطية المعقدة تجعلها جميعها تتأثر هبوطا وصعودا ازدهارا او افلاسا.

راجع:"ثورة 14 تموز المجيدة والاقتصاد الاسلامي"/سلام ابراهيم كبة/الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=312695

•   في حوار أجراه يوسف محسن مع الدكتور عبد الحسين شعبان في مركز النور للدراسات،20/6/2012 ،يذكر شعبان:"ان القمع والارهاب ساهما في منع تكوين مفكرين ماركسيين في العراق، على خلاف مصر ولبنان وسوريا: مثل محمود أمين العالم، فؤاد مرسي، الياس مرقص، ياسين الحافظ ومهدي عامل وكريم مروّة وفوّاز طرابلسي وآخرين، لكن ذلك لا يعني أن الماركسية العراقية لم تنجب مفكرين أو أنها لم تكن "ولوداً". وكان واحداً من النماذج التي يمكن إطلاق صفة مفكر عليها هو عامر عبدالله وهو شخصية اشكالية في الحركة الشيوعية، امتاز بقلم رشيق ولغة جميلة، أقرب إلى الأدب وفكر عميق وإطلاع واسع، لكن انصرافه للعمل الحزبي وانخراطه في التكتلات والصراعات استهلكت الكثير من طاقاته وفيما بعد تفرّغه إلى العمل الوظيفي والوزاري، وبتقديري أن الشيء الأهم هو ما تعرّض له في حياته الحزبية من ضغوط ومحاولات إبعاد لم تكن بعيدة عنها بعض طموحاته الشخصية، وهكذا خسرنا مفكراً كبيراً وواعداً بسبب  الصراعات والخصومات والأحقاد التي نالت منه كثيراً، حيث قضى آخر أيام حياته لاجئاً وحيداً ومنكسراً في لندن التي توفيّ فيها العام 2000.
   وإذا أردنا استعراض بعض المفكرين الماركسيين، فيمكن ذكر عبد الفتاح ابراهيم أحد أبرز مؤسسي جماعة الأهالي العام 1932 وكاتب منهجها " الشعبية" وصاحب كتاب "على طريق الهند" الصادر العام 1935 والعديد من المؤلفات وكذلك د. ابراهيم كبة ود. محمد سلمان الحسن المفكران الماركسيان الرياديان والأكاديميان من الطراز الأول، ولهما عشرات الكتب والمؤلفات والترجمات وقد حافظا على استقلاليتهما، وقدّما أطروحات في غاية الأهمية وفي ظروف لم تسمح بالنشر أو الكتابة أو حرية التعبير، لكنهما تركا تأثيراتهما الكبيرة على الفكر الماركسي العراقي وإلى حدود معينة العربي، وعلى الوسط الجامعي والأكاديمي، وإن كان هناك جحوداً عاماً إزاء التعامل مع المفكرين والمثقفين، لاسيما إذا كانوا من مواقع مستقلة أو انتقدوا التيار الحزبي السائد وقياداته. وهو الأمر الذي ظل مشتركاً لجميع القيادات في الأحزاب الشمولية، مهما كانت تسميتها.
   كان فهد واعياً لدور قوى التحالف المعادي للفاشية، لاسيما بانضمام الاتحاد السوفيتي، ولذلك ركّز جهود الحزب خلال تلك الفترة في فضح النازية والفاشية فكرياً وسياسياً مبيّناً خطرها على الشعوب، بما فيها العربية. وبحكم إلتقاطه للحلقة المركزية في النضال فقد خفّض من نبرة العداء لبريطانيا،كان فهد يتبرّم من الدعوة لتوسيع الديمقراطية ويتطيّر كثيراً من النقد ويتعامل تحت زعم ظروف العمل السري بأوامرية وفردية شديدة، فيقيل ويقدّم أعضاء إلى اللجنة المركزية دون استشارة أحياناً أو بزعم وحدة الإرادة والعمل،وكانت الاشتراكية أقرب إلى حزمة من المبادئ السياسية والجذابة التي تمنح الانسان الوعد بالسعادة والرفاه وإلغاء الاستغلال وتحرره من الظلم، وقد أشرتُ إلى طغيان الأسلوب المدرسي في عرضها، لاسيما عبر عمليات تأويل شعبوية أحياناً، خصوصاً لواقع عراقي معقد ويعجّ بالكثير من المتناقضات، الدينية والطائفية والقومية واللغوية والتشكيلات الاجتماعية الاقطاعية والعشائرية والتدخلات الخارجية والمعاهدات والاتفاقيات المجحفة والمذلة،.."

•   في مركز النور للدراسات كتب لطفي شفيق سعيد "طوفان الماء والذكريات  - الحلقة الثالثة"،5/9/2012..جاء فيها:" ان كل مايذكر هو من الذاكرة وعن احداث مر عليها اكثر من نصف قرن فمعذرة اذا ماورد فيها ما يشير الى عدم الدقة!العام هو 1954،والتاريخ هو شهىر تشرين ثاني والمكان الرستمية والكلية العسكرية النائمة على ضفة نهر ديالى، ونحن في السنة الثانية والتي يطلق عليها الصف المتوسط !واول المفاجئات هو وجود احد الطلبة من فصيلنا والمدعو طارق طه درويش قد اعتقل خلال العطلة الصيفية واودع غرفة التوقيف في الكلية ووربطت يده بجامعة يد حديدية في شباك غرفة التوقيف! ولم يمر وقت طويل على استئناف الدراسة حتى اعيد للالتحاق بفصيله ونظرا لما تربطني به من صداقة وعلاقة خلال السنة الاولى والتي بنيت على التوافق في وجهات النظر وما لمح به من آراء تشير الى انتمائه لتنظيم يساري او قد يكون احد تنظيمات الضباط الاحرار ولو انه لم يصرح به في باديء الامر،لكنها اتضحت بعد ان توطدت العلاقة بيننا وتعززت الثقة من خلال الطروحات والافكار التي تشير الى تبني الفكر الاشتراكي والانحياز الى قضية الطبقة العاملة والمحرومين والذين يمثلون الغالبية العظمى من الشعب العراقي .
    ونظرا لتعزز اواصر الصداقة  بيننا استفسرت منه عن سبب توقيفه خلال العطلة فذكر لي انه كان يحضر اجتماعا في الكاظمية ضم عديد من الضباط المنتمين لتنظيمات الضباط الاحرار في بستان عائد لأخو الزعيم الركن اسماعيل العارف والذي تبين مؤخرا انه كان يمثل سكرتير اللجنه العليا لتنظيمات الضباط الاحرار!وقد انفض الاجتماع قبل ان تصل قوى الامن اليه والتي كانت على علم و دراية به وعن طريق وشاية احد الاشخاص!الا ان الطالب طارق طه كان قد تأخر عن مغادرة المكان  فوقع بيد عناصر الامن! وبعد معرفة هويته سلم الى الانضباط العسكري والذي بدوره ارسله الى الكلية العسكرية! وبعد التحقيق معه انكر وجوده في ذلك الاجتماع وبين انه كان مستطرقا في ذلك المكان فاخلت اللجنة التحقيقية سبيله وباشر مع اقرانه .
    ومما عزز التمسك في منهجنا الفكري في تلك المرحلة هو ان تلك المجاميع المتمردة على الواقع اخذت تفتش عن اي مصدر ومعين يجعلها بتماس مع التوجه الثقافي والفكرالتقدمي ومن هذه المصادر برزت  مكتبة الكلية العسكرية! ويظهر ان المسؤولين عنها اما ان يكونوا من العناصر التقدمية او بسبب ما احتوته المكتبة من تلك الكتب قد تستخدم كمؤشر على الطالب الذي يقتنيها وكمصيدة لاصطياد العناصر السياسية! ويظهر ان الرأي الاول هو الصحيح حيث لم يبلغ على اي واحد ممن كان يقتني تلك الكتب. ومن الكتب التي كانت تحتويها المكتبة والتي  تعتبر في ذلك الوقت من الكتب الممنوعة والمحرضة هي كتاب "النفط مستعبد الشعوب" وكتاب"من هنا نبدأ" و"هذا هو الطوفان" والكتابان الاخيران للكاتب المصري ذوالتوجه الديني خالد محمد خالد، وهو خريج جامعة الازهر وشخص معمم! وبذلك اخذت هذه الكتب وغيرها تنتقل من طالب لآخر ولم تستقر او تعاد الى المكتبة!واكثر من ذلك فقد تشجع الطلاب على جلب كتب ودواوين شعر لشعراء معروفين باتجاههم اليساري عند عودتهم من الاجازة الاسبوعية والتي كانت تغزو مكتبات العراق آنذاك! ومن هذه الكتب اليسارية كتاب"كهان الهيكل" لجورج حنا! وان هذا الكتاب لاقى روجا عندنا وطالبنا من جميع من هو بالتوجه المذكور ان يقرأه! وصادف في احد المرات ان دق بوق التجمع وليس بوقته المحدد فتجمع الطلاب في ساحة التجمع الداخلية وخمنا ان الاجراء قد يكون للتحري عن امر معين! وكنا نعرف ان كتاب كهان الهيكل قد اخذ دوره عند صديقنا الطالب كامل حسن و كان يطالعه خلال الاستراحة ولم يتسن له اخفاءه في مكان آمن بل اخفاه في داخل قمصلته! والغريب ان الامر قد صدر بفتح ازرار قمصلات جميع الطلبة المتجمعين في الساحة، وتوقعنا حدوث كارثة! واخدنا نراقب الضابط الذي يجري التفتيش! وما ان وصل الى الطالب كامل حتى تخطاه ولم يفتشه! ويظهر ان هناك كانت وشاية حول تداول ذلك الكتاب وبالذات كان المستهدف هو شخص كامل حسن.ولتوضيح سبب تخطي الضابط للطالب المذكور اورد هذه المعلومة المهمة والتي تعرفنا عليها بعد فترة من وجودنا في الكلية، وهي ان عددا لابأس به من ضباط الكلية كان منتميا لتنظيمات الضباط الاحرار ومنهم العقيد عبد اللطيف الدراجي والمقدم احمد كمال قادر والرئيس عباس الدجيلي والرئيس فائق مهدي والرئيس مهدي علي الصالحي والرئيس مجيد العامري والرئيس جاسم الاسدي والرئيس جلال احمد فهمي والرئيس سعيد صليبي والرئيس فاضل الساقي، ولم يكن جميع هؤلاء هم من التيار اليساري بل كان اكثرهم  يعمل من اجل تغيير النظام والتحلي بالروح الوطنية، وان ثورة الرابع عشر من تموزعام 1958 قد كشفت انتماء الضباط المذكورين والذين كانوا بتماس مع ما يجري في الكلية، ومنها تلك الحادثة التي ذكرتها بخصوص الكتاب! ولكن مما يؤسف له هو ان الخلافات قد دبت بين تلك المجاميع وغيرها وفي مواقع اخرى من وحدات الجيش بعد نجاح الثورة وبعد ان كانت حياتهم معرضة للخطر... حتى وصلت الخلافات بينهم بعد ذلك الى صراعات دموية وتصفيات جسدية واصبح اصدقاء الامس اعداء اليوم ومنهم من أدخل السجن ومنهم من مات تحت التعذيب او الاعدام ،واقلها احالة المئات من خيرة الضباط على التقاعد وبسابقة لم تعهدها جيوش العالم. والذي اذكره ان الرئيس عباس الدجيلي والرئيس جلال احمد فهمي قد ماتا تحت التعذيب في قصر النهاية ومعهم الكثيرون بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 الدموي.ولمعرفة ثمن الوطنية التي قدمها هؤلاء المغدورين انهم كانوا يعملون بكل سرية وكتمان قبل الثورة وانهم تحملوا كراهية وحقد الطلاب عليهم بسبب سلوكهم المغاير لطبيعتهم حفاظا على سرية التنظيم!
   يقول الروائي الالماني والفنان الحائز على جائزة نوبل للاداب عام 2000 غونتر غراس صاحب رواية طبل الصفيح  وقبو البصل( ان الادب الحقيقي للحرب او في الاوقات الدامية يولد في زمنها وقسوتها وخوفها ويبقى حبيس الادراج والزوايا المخفية عن الانظار لحين زوال العاصفة واختفاء صناع الحروب والتعسف ويطل بوجهه الحقيقي الرافض). وهكذا كان حال الذين عملوا بصمت وكتمان.
     ان ما زاد من جذوة عمل الطلاب في تلك الفترة ورفع  درجة حماسهم واصرارهم على العمل بالاتجاه الذي اختاروه هو وصول كوكبة من السياسيين والمثقفين اليساريين الى الكلية والذين سيقوا لاداء خدمة الاحتياط ولو انهم كانوا باعمار كبيرة ضننا من السلطة بان هذا الاجراء القمعي سيثنيهم عن الطريق الذي اختطوه لانفسهم ومن هؤلاء كل من الاقتصادي الماركسي الدكتور ابراهيم كبة والدكتور بعلم التاريخ فيصل جري السامر والدكتور طلعت الشيباني والشاعر عبد الوهاب البياتي وغيرهم أخرين ومعظمهم كان قد رشح عن القائمة الديمقراطية في انتخابات عام 1952
    ومن الأمور الغريبة ان يكون الضابط المسؤول عن تدريبهم هو الرئيس  ودود محمد بسيم ،وهو اخو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي زكي محمد بسيم  الذي اعدم في عام 1949، اما الذي استفدناه من هذه المجموعة هو تقربنا من المكان الذي كانوا يشغلونه في حانوت الكلية وهو عبارة عن مكان صغير لا يتعدى بضعة امتار مما يتيح لنا الاستماع لما يدور بينهم من احاديث وتعليقات كانت جميعها تصب في انتقاد النظام القائم وبعض الاراء التقدمية والافكار الماركسية.
    يقول مؤوسس الحزب الاشتراكي الايطالي حول ما أ سماه بانقلاب اكت

55

في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 6

سلام كبة   

   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!   

•   في 28 تموز 2012،كتب فاضل فرج خالد في موقع الطريق للحزب الشيوعي العراقي"الذاكرة وصبيحة الرابع عشر من تموز 1958":"...عند صبيحة 14/7/1958 استيقظت مبكرا كعادتي وامضيت وقتا في قراءة كتاب لرواية (شارع السردين المعلب) كنت قد احضرته معي،وبعد حوالي ساعة من الزمن اي بعيد السادسة صباحا ذهبت الى صالة الفندق واذا بي ارى جمهرة من نزلاءه قد تحلقوا حول راديو تلك الصالة وكان ساعتها استمعت معهم الى صوت من شخص ليس بمذيع وهو يقول (بعد الاتكال على الله وبمؤازرة اخوانكم في قواتنا المسلحة الوطنية تم ازالة الطغمة الحاكمة التي نصبها الاستعمار....الخ).
   وبعد ان تمت قراءة البيان المذكور،تعالى تصفيق المتجمهرين حول الراديو واخذ كل واحد منهم ينادي بانه قد حصلت ثورة قام بها الجيش وازيلت الملكية وتحول العراق الى جمهورية،وبعدها استمعنا الى بيان بتعيين الوزراء وعندما سمعت اسم الاستاذ الدكتور ابراهيم كبة قد تم تعيينه وزيرا للاقتصاد تيقنت ان الحكم اصبح وطنيا لمعرفتي السابقة باسمه الذي كان يتردد بين الاوساط التقدمية كخبير اقتصادي مرموق وذي اتجا ه فكري تقدمي..."

•   في 11/7/2012،كتب د.حامد الحمداني في موقع الطريق للحزب الشيوعي العراقي"في الذكرى الرابعة والخمسين لثورة 14 تموز المجيدة- الحلقة الثانية- "مسؤولية انتكاسة الثورة واغتيالها في انقلاب 8 شباط المشؤوم عام 1963"":"...لم يمضِ سوى أيام قلائل على انتصار ثورة الرابع عشر من تموز1958 بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم،والتي شاركت فيها كل القوى السياسية المنضوية تحت لواء جبهة الاتحاد الوطني التي جرى تشكيلها قبيل الثورة والتي ضمت حزب الاستقلال القومي،وحزب البعث،والحزب الوطني الديمقراطي،والحزب الديمقراطي الكردستاني،وقد جرى الاستثناء الحزب الشيوعي من المشاركة الرسمية في حكومة الثورة لاعتبارات رأتها قيادة الثورة ضرورية لعدم استفزاز الإمبرياليين الذين انزلوا قواتهم في الأردن ولبنان فور وقوع الثورة،ودفعوا حكومتي تركيا وإيران لحشد قواتهما على حدود العراق بغية إجهاض الثورة،واكتفى الزعيم عبد الكريم قاسم بتعيين الشخصية الماركسية الدكتور إبراهيم كبة وزيراً للاقتصاد،في الوقت الذي كان دور الحزب الشيوعي لدعم الثورة قد تجاوز كل القوى الأخرى،ولم تكد تمر سوى أيام معدودة على انتصار الثورة حتى بدأت القوى القومية والبعثية التي التفت حول عبد السلام عارف،الشخصية الثانية في قيادة الثورة مستهدفين قيادة الزعيم عبد الكريم قاسم،واغتصاب الثورة..."!

•   كتب جمال العتابي في"عبد الكريم قاسم .. إلى أيـن قاد جمهوريـته الأولى؟"في المدى الغراء و شفق (تاريخ 18/7/2010) نقلا عن عبد الفتاح بوتاني / أرشيف جمهورية العراق الأولى /الحركة الشيوعية كما وردت في تقارير مديرية الأمن العامة للفترة من 1958 – 1962/ الأكاديمية الكوردية في اربيل/ 2010:"... الدراسة هي موجز للتقارير التي صدرت مذيلة بتوقيع مدير الأمن العام العقيد عبد المجيد جليل(قتل 1963)...والبداية (ص 52) في كيفية اختيار جليل لإدارة الأمن العامة،حينما عين قاسم ضابطاً مغموراً لمديرية الأمن العام هو العقيد عبد المجيد جليل،وكان هذا معروفاً بمعاداته للحركة الوطنية،وكان يعمل قبل الثورة كضابط ارتباط بين مديرية الاستخبارات العسكرية،ومديرية التحقيقات الجنائية (الأمن)،أي انه كان على صلة بسلفه بهجت العطية...والعقيد جليل لم يكن ضابطاً معروفاً بالوطنية،وكان الضباط الأحرار يخافونه،ويتحسسون منه قبل الثورة،لأنه كان على صلة (بقاسم) وبهجت العطية في آن،لذلك أوكل إليه منصب مدير الأمن العام ولأنه لم يكن ليختلف كثيراً عن سلفه العطية في اضطهاد الشيوعيين ومحاربتهم!
    ان أي مراقب سياسي حيادي،عاصر تلك الحقبة،لا يستطيع تصديق روايات جليل عن بعض الشخصيات الوطنية المعروفة بنزاهتها وكفائتها وعفتها.هل يمكن لعاقل أن يفسر هذا الزيف من الادعاءات التي لحقت بالدكتور إبراهيم كبة:يقول جليل"أهتم الرأي العام بإعفاء الدكتور إبراهيم كبة من منصبه اهتماماً كبيراً،واعتبره الكثيرون انه بداية للوقوف ضد الانتهازيين وناكري الجميل من الفوضويين،بينما فسره الآخرون انه جاء انقاذاً لمشروع الإصلاح الزراعي ..!!"ويذهب به التطاول إلى حد اتهام كبة باستغلال المنصب والعمل لصالح فئة معينة وسرقة أموال الدولة لمصالحه الخاصة والحزبية الضيقة"..ويتوعد جليل وزراء آخرين بالإقالة مثلاً "أن الدكتورة نزيهة الدليمي لابد وان يأتيها الدور،وقد تستقيل اليوم أو غداً،أو يصدر الأمر بإعفائها". ليس هو صاحب القرار بالطبع،بل هو متأكد تماماً.أن يوم (الدليمي) لقريب .أو حتمي!!أما مستقبل الوزير(فيصل السامر).فيضع له احتمالات: ب(قد) يأتي الدور إلى الدكتور فيصل السامر ايضاً!ولا يكتفي جليل بإقالة إبراهيم كبة فحسب،بل انه يلمح إلى أن كبة سيعتقل أو اعتقل فعلاً (ص 248)!أنه مطمئن إلى أن تقاريره هذه تجد القبول لدى قاسم.."
   وفي مقطع آخر من دراسة بوتاني،جاء التالي:"من المؤسف حقاً أن التاريخ اثبت بما لا يقبل الجدل والنقاش إن قاسم كان منقاداً تمام الإنقياد إلى (سلطة) عبد المجيد،ومنفذاً لتوجيهاته،وتوصياته،وأقدم على العديد من الإجراءات تنفيذاً لإرادة جليل،مخالفاً بذلك الإرادة الأكبر،وهي إرادة الشعب العراقي،وبالضد من المصلحة الوطنية.وهناك أمثلة عديدة لا حصر لها من القرارات التي اقدم عليها قاسم اعتمدت (وصايا) جليل.أضرت بمستقبل البلاد وقادته إلى الهاوية في 8 شباط 1963."
    يذكر ان د.حامد الحمداني هو الآخر كتب في دراسته المذكورة اعلاه ما يلي:"7- اعتماد عبد الكريم قاسم على جهاز أمن النظام الملكي السابق،الذي لم يجر عليه أي تغيير،سوى إحالة 45 من ضباط الأمن على التقاعد،ومعلوم أن ذلك الجهاز الذي أنشأته،ورعته الإمبريالية وعملائها الحاكمون في بغداد آنذاك،لم يكن يدين بالولاء للثورة،ولزعيمها عبد الكريم قاسم،وكان له دور كبير في إخفاء نشاطات القوى الرجعية،والحركات التآمرية عن السلطة،وحماية المتآمرين.ومما يؤكد هذا،الحديث الذي جرى مع مدير الأمن العام "مجيد عبد الجليل" الذي جيء به إلى دار الإذاعة،التي اتخذها الانقلابيون مقراً لهم وقام علي صالح السعدي،أمين سر حزب البعث،بالبصق في وجهه،فما كان من مدير الأمن العام إلا أن قال له:"لماذا تبصق في وجهي؟ فلولاي لما نجح الانقلاب".وهذا خير دليل على عدم أمانة ذلك الجهاز الذي أعتمد عليه عبد الكريم قاسم.ولم يكن جهاز الاستخبارات العسكرية بأحسن حال من جهاز الأمن،والذي أنيط به حماية الثورة من المتآمرين،وتبين فيما بعد أن ذلك الجهاز كان ملغماً بالعناصر المعادية للثورة،وكان على رأسهم رئيس الجهاز"محسن الرفيعي" ومن قبله" رفعت الحاج سري"الذي ثبت للمحكمة اشتراكه في الحركة الانقلابية للشواف.كما أن موقف رئيس أركان الجيش،والحاكم العسكري العام"أحمد صالح العبدي"المتخاذل دل على مساومة الانقلابيين،والسكوت عن تحركاتهم، فلم ينل منهم أذى،وأطلق سراحه بعد أيام قلائل،فيما جرى إعدام كل المخلصين لثورة تموز وقيادتها.."
   
   لا حاجة للتعقيب والتعليق على اعلاه!ويمكن العثور على علي صالح السعدي ومجيد عبد الجليل والزبانية في مزبلة التاريخ دوما وابدا!

•   كتب ابراهيم راشد عبد الحميد في الحوار المتمدن العدد 2028 التاريخ 4/9/2007 "حثالة البروليتاريا مرة اخرى!"..ومما جاء فيها:"أثنيت على نفسي حين أرجأت التعليق على مقال السيد سلام إبراهيم عطوف كبّة،والذي توّهني في اسمه عطوف،حيث شككت أول الأمر في كونه نجل السياسي والإقتصادي والأكاديمي المرموق الدكتور إبراهيم كبّة!المقال المقصود هو الذي بحث فيه الأستاذ سلام إبراهيم عطوف كبّة شريحة حثالة البروليتاريا،حيث لم يمضِ وقتٌ طويل حتى طلع علينا السيد عادل حبه بمقال يتعلق بنفس الموضوع،والحقيقة أن مقال السيد كبّة كان غنيا وثريا كما هو الحال بالنسبة لمقال السيد حبه لولا ان الأخير كان سرديا وبدا في مطلعه مسنّداً إلى مصادر علميّة!ولكنه أي مقال السيد حبه سرعان ما سرح بأفكار منها ما هو صائب ومنها ما لا ندري لأي مصدر تسنّد في البرهان عليه فتحول إلى مقال إنشائي سردي طويل...ويستطرد الكاتب:"لقد حاول السيد كبّة أن يصوّر لنا أن الفوضى الضاربة بالبلاد والمشاكل الأساسية مردها إلى هذه الشريحة أو قل الطبقة وقد بذل جهدا طيبا في وصفها وأتى على عدد من مميزاتها وصفاتها...الخ!"...."إن الخلط بين مفهومي حثالة البروليتاريا والمهمّشين قد أضعف قيمة المقالين العلميّة..!"..
   ويتسائل الكاتب:"إذا كانت المباديء الماركسيّة حيّةً إلى الوقت الحاضر فإنه يتوجب على الدوام تذكّر مبرراتها واهدافها!هل ما زال ممكنا النظر إلى التفاعلات الإجتماعيّة الإقتصاديّة على أنها نتيجة الصراع الطبقي؟وهل يُمكن أو هناك إمكانيّة لإلغاء الفوارق الطبقيّة؟وهل مازالت الطبقة العاملة مؤهلة لقيادة التحولات الإجتماعية الإقتصاديّة؟إذاً فإن قيادة شريحة حثالة البروليتاريا تقع على عاتق وتحت قيادة البروليتاريا نفسها ولا يُمكن أبدا أن نُسقط عليها كل الكوارث والأخطاء فعلى الأقل علينا أن نعمل على تقليص حجمها وفعاليتها السلبية ورفع مستوى عناصرها ما أمكن!"
   

المتتبع لكتابات السيد ابراهيم راشد عبد الحميد في الحوار المتمدن يلاحظ انها نشرت في عام 2007 فقط!وآخر مقالة له كانت اواخر العام المذكور!ولعمري ان تعقيبنا هذا قد يستمتع به السيد راشد الذي نتمنى له طول العمر!
  عن البروليتاريا الرثة وحتالات البروليتاريا والحثالات الاجتماعية والطبقية والبلطجية والمافيا واللوبي والانتخابات العمالية كتبنا ما يفي بالرد على تساؤلات الكاتب ابراهيم راشد عبد الحميد طيلة الاعوام المنصرمة!ونأمل من الكاتب مراجعة ما يلي في الحوار المتمدن:

   مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=321159
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=321181
   البلطجية مخالب السلطات المتنفذة في العراق
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=315867
   اشباه المثقفين والقادسيات المليونية في العراق
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=311962
   ازدراء الطبقة العاملة العراقية نهج ثابت في سياسة حكومات نوري المالكي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=306008
   لا للتزوير والتزييف!..الحركة العمالية النقابية نموذجا!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=292902
   حول تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء"حسين الشهرستاني والدكتاتورية المقبورة وجهان لعملة واحدة!"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=223873
   النزعات السياسية الضارة بالكفاح الطبقي العادل
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=155144
   الانتخابات والحثالات الاجتماعية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=164074
   الحركة النقابية العمالية تزدهر بازدهار الديمقراطية فقط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=170312
   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=185284
   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=192698

    الى آخره من المقالات والدراسات ذات العلاقة!اما موضوعة انتفاء الصراع الطبقي فهي جوهر نظريات التطور الرأسمالي والعولمة الرأسمالية المتوحشة!والقاعدة التي تستند عليها راية العداء للشيوعية!وما يهمنا اليوم ان الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية تشكل قاعدة الرأسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها،وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.نعم،الحثالة والرعاع والبلطجية تجد ضالتها بالطائفية السياسية متنفسا للحراك الاجتماعي.فالطائفية السياسية هي العملة الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد،من حيث انها تقوم على الغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق الأرباح غير المشروعة للطرف المتحكم بها!فيالق الحثالات الطبقية تزدحم بها ازقة المدن العراقية لأتها مهنة رابحة!وعليه،يولد الرعاع في كنف الحثالات الطبقية ومجتمعات التهميش،ومن الرعاع ينطلق البلطجية!!
    لا تتحمل الحثالات الطبقية سطوة السلطات الحكومية لأتها تعتمد الولاءات دون الوطنية في حراكها الذي يتحول الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والإفساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين.والشرائح الطبقية الرثة مرتع لانتعاش كل المظاهر التي تسئ للكفاح الاجتماعي والعدالة الاجتماعية كالفوضوية والارهاب ومشاريع الجهاد والاغتيالات والتخريب وانتشار العصابات والاخطبوط المافيوي،ورفض النضال السياسي والنقابي المنظم!وهي من اشد المساهمين في اضعاف القطاع العام ونصرة الخصخصة،واضعاف الحركة الوطنية والديمقراطية،وتشجيع العنف والاعمال المسلحة لأغراض ضيقة قصيرة النفس!
   القطاعات المهمشة والمنبوذة طبقيا والشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية مراكز قلقة رجراجة قابلة للتحول السريع المنسجم مع وبالضد من وجهة تطور التحول الاجتماعي ووفق فوضى الظروف الاجتمااقتصادية المحيطة!ويزداد اتساعها مع استفحال التناقضات الاجتماعية واشتداد حدة الصراع الطبقي وزيادة الاستقطاب في مواقف القوى الاجتماعية والسياسية من جميع الأحداث التي اعقبت نيسان 2003!لكنها تلعب دورا كبيرا اثناء الاضطرابات والقلاقل،وبينما تندفع بعضها في مداهمة قصور ومخازن المتنفذين والحكام وتوزيع محتوياتها على الفقراء،فأن بعضها يتم استخدامه من جانب الحكام او منافسيهم لبث الرعب وسط الناس والقيام بالسلب والنهب برعاية او تواطؤ الشرطة!
    نشاط البلطجية جاء بالأساس لتنظيم احتياجات ومتطلبات الجانب الخفي للنشاط الرأسمالي او لتطوير اقتصاديات الظل!ويزداد دور البلطجية في العراق الذي تحكمه عصابات الاسلام السياسي والنخب الاستبدادية الشريكة بشكل اساسي في عمليات النهب،مع كبار ضباط الشرطة والجيش،ورجال الأعمال الطفيليين!والجميع يجني ثرواته من الصفقات المشبوهة والمضاربات،ومن تفكيك وبيع مؤسسات الدولة!
    توسعت فيالق الحثالات الطبقية باضطراد في العراق مع تدهور الاوضاع الاقتصادية وترديها في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على الدكتاتورية البائدة التي انتهجت السياسات الأقتصادية النفعية لصالح البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا،ومع التضخم الاقتصادي والبطالة.كما تتوسع  فيالق الحثالات الطبقية اليوم بأضطراد مع سوء الاداء الحكومي والتنكر لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958 ولمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع والتخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية،ومع خلق الفجوة الكبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما ادى الى رفع تكاليف مختلف المشاريع اضعاف ما كان مقررا لها،ومع دولرة المجتمع وتهيئة الأجواء للقائمين على القطاعات الاقتصادية للسير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى اعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.ويتفرج المسؤولون بخبث نادر على الوضع المأساوي للشعب العراقي،في الوقت الذي بقوا هم فيه ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين!وي عراق اليوم تلحق نيران الارهاب والفساد معا بالاقتصاد الوطني الخسائر المالية والحضارية الجمة لتتعطل عملية اعادة الأعمار وليجر اكساب عملية التهميش الطبقي دفعات غير مسبوقة.هنا،يلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي!وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!


•   في"الحزب الوطني الديمقراطي – انتقادات وقسوة حملات صحفية"كتب باسم الشيخ في الدستور التاريخ 2/10/2012 ونقلا عن احدى كتابات الدكتور ابراهيم كبة!:"لا شك أن منهاج الحزب الوطني الديمقراطي هو أحسن منهاج موضوع لحالة العراق الإجتماعية والسياسية في المرحلة الحاضرة في تاريخ العراق حتى الآن.منهاج علمي متناسق منسجم لا يتعارض والنظرية العلمية الماركسية في تطبيقاتها على العراق،وإن كان من مآخذه الهينة التاكيد على بعض النقاط الفرعية والتهوين من بعض النقاط الأساسية، كمسألة النقابات وغيرها.على أن ذلك لا يعني بأن الحزب المذكور يمثل ويتبنى النظرية الماركسية لسببين:
1. لأنه يعتبر المنهاج المذكور منهاجاً نهائياً وهدفاً أخيراً بجهوده الحزبية،أي أنه لا يؤمن بقابلية المنهاج المذكور وبضرورة تطوره حسب تطور العراق الإجتماعي،أي أنه لا ينظر الى المرحلة الإجتماعية الحاضرة، النظرة النسبية اللازمة، وقد ثبت ذلك من خطاب رئيسه في الحملة على الجناح التقدمي للحزب.
2. لا يتبنى التكتيك العلمي اللازم في النشاط الحزبي،أي الوسائل القائمة على التطور والنسبية والثورية والدولية، بل سار في عمله الحزبي على أساليب الإقناع فقط،واستنكر وندد بجميع وسائل الضغط في داخل الحزب وفي الهيئات والجماعات الخارجة عنه.على أن نقاط الضعف البارزة في هذا الحزب تتصل بناحيتين،الناحية الأولى ناحية عدم الإنسجام في القيادة:لقد ولد هذا الحزب وهو لا ينطوي على عناصر الحياة الدائمة أو البناء،ذلك لأن قيادته تجمع عناصر مختلفة في الإتجاهات الفكرية الأساسية،ولا تجمعها إلا جامعة المخيول التقدمية العامة،وإلا بعض الإتصالات والتعارفات الشخصية أحياناً.إن بعض عناصر القيادة شيوعية خالصة تؤمن بالشيوعية نظرياً وعملياً،وقد إنضمت الى الحزب وثبتت منهاجه باعتبار أنه خير ما يناسب الإمكانيات الحزبية القائمة في المرحلة الإجتماعية الحالية للعراق ولم يدر بخلدها أن الحزب سيشجب الوسائل الماركسية في العمل ويقتصر على طرق الإقناع وعلى النشاط الثقافي فقط.ولكن هذه العناصر (الجناح التقدمي أولاً: وطلعت الشيباني وزكي عبد الوهاب.. ثانياً) سرعان ما اصطدمت بالحقيقة، ففصلت أو حملت على الإستقالة. كما أن بعض هذه العناصر تتجه اتجاهاً اشتراكياً ديمقراطياً،أي تتبنى الاتجاه الاشتراكي الغربي، وهو إتجاه معارض كل المعارضة للإتجاه الماركسي، مخالف له من حيث الأساس سواء أكان ذلك في نظريته الإجتماعية العلمية أم في وسائله لتحقيقها. والإشتراكية الإصلاحية كما نعلم صورة من صور الفلسفة اليمينية ووسيلة من وسائلها لمحاربة الماركسية في بعض المراحل الإجتماعية، ولا يمكن الجمع بينها وبين نقيضها، إلا على سبيل التكتيك في بعض الظروف الخاصة. والأغرب من كل ذلك أن قيادة هذا الحزب ضمت لها بعض العناصر التي لم يعرف عنها أنها تقدمية الإتجاه(مثلاً: البجاري) بل بعض العناصر التي لا تتفق مصالحها وجبرية العمل بهذا الاتجاه (الازري) وبعض العناصر الأخرى التي تقف من التقدمية موقف العطف النظري، وهي بعيدة كل البعد بحكم مصالحها وأحياناً نزاجها الخلقي الخاص عن الكفاح الحزبي بكل من يستلزمه من خصومات ومضايقات وتضحيات(كمونة ومرجان) والخلاصة ان قيادة الحزب لم يكن يمكنها ان تستمر على الشكل الذي ولدت فيه بل كان مصيرها حتماً الانحلال والتصفية. وهكذا كان، حتى اصبحت اليوم خاضعة خضوعاً تاماً لإتجاه رئيسها في السير على مبادئ وأساليب الاشتراكية الإصلاحية.
    على أن قوة الحزب وأساس نجاحه في كسب احترام الطبقة المتعلمة في العراق ترجع في الحقيقة الى عامل أساسي مهم في العمل الحزبي هو ثقافة القيادة وتقسيم العمل بينها واتباعها الأساليب العلمية الشكلية في الميدان الصحفي والخطابي والثقافي بوجه عام هذه الوسائل العلمية الهادئة في مناقشة المشاكل الوطنية والدولية،ومعالجتها معالجة رصينة بعيدة عن الحماسة والتقليد لازمة كل اللزوم في إقناع وكسب الطبقة العاملة، وهي الزم لبلد كبلدنا حيث تتصف الطبقة المتعلمة بصفات خاصة. ولكن الأسلوب المذكور لم يجد نفعاً في استمالة الجمهور والطبقات الشعبية والعمال بل بقي الحزب بعيداً عن عطف الجماهير وقاصراً على الطبقة المتعلمة فقط. كما أنه لم يستطع أيضاً التأثير على سياسة الحكومات القائمة بالرغم من شدة الانتقادات وقسوة الحملات الصحفية التي شنت عليها، بل كان الفضل في حمل تلك الحكومات على تغيير موقفها وحتى الاستقالة أحياناً استجابة للحملات الشعبية التي كانت توجهها الجماعات الحزبية غير المجازة.ولا يخفى أيضاً ان الحزب المذكور شجع الحكومات الرجعية على محاربة الشيوعية وتعقب أنصارها بموقفه الخاص من الجناح التقدمي داخل الحزب ومن الشيوعيين عامة خارج الحزب أيضاً. والخلاصة ان الحزب الوطني الديمقراطي لا يمكنه بطبيعته ووسائله أن يحقق حاجات العراق الحزبية أو أن يغير جدياً من مواقف الحكومات القائمة."

   كان الأجدر بالأستاذ باسم الشيخ وهو يقتبس من كراس الدكتور ابراهيم كبة "الحياة الحزبية في العراق"ان يشير على الأقل الى عناوين فصول الكراس،وتاريخ كتابته!علما ان كتاب "ابراهيم كبة غني عن التعريف"يضم هذا الكراس كأحد فصوله!وقد علقت على الكراس:"وجدت هذه المخطوطة في مكتبة ابراهيم كبة .. مخطوطة غير منشورة وغير مؤرخة .. لكنها بخط يده،ويشير مضمونها انها كتبت اواسط اربعينيات القرن المنصرم.".وجاء في مقدمة المخطوطة الكلمة التمهيدية:"يتطلب أي بحث عن الحياة الحزبية في أي بلد ما البحث عن الإمكانيات الاجتماعية في ذلك البلد ،من جهة،باعتبار أن الحزبية عمل اجتماعي خالص هدفه تحقيق حاجات اجتماعية معينة لمجموعات اجتماعية معينة بالوسائل الاجتماعية المتوفرة.ويتطلب من جهة ثانية دراسة الظروف الداخلية والخارجية المتصلة بالأمكانيات المذكورة.وبالنظر الى سعة الموضوع وتشعبه ،فأراني مضطرا بطبيعة الحال الى الأكتفاء بذكر النقاط الرئيسية في الموضوع ،مع تأجيل بعض المواضيع الأساسية المتصلة بالحياة الحزبية في العراق الى فرصة أخرى وخاصة " الحياة النقابية " ودراسة " النظام الأقطاعي ".وسيقسم الموضوع الى ثلاثة أقسام :الأول منها يبحث عن مستلزمات الحزب بوجه عام.والثاني عن الأمكانيات الأجتماعية الحزبية في العراق.والأخير منها عن شروط الحزب المطلوب.... ولم ينجز القسم الاخير لظروف تتعلق بالكاتب."

•   في جريدة الصباح وفي استطلاع اجراه علي السومري التاريخ 13/7/2011 تحت عنوان"بقعة ضوء على ثقافة الثورة"تحدث الكاتب والصحفي عدنان حسين قائلا:"بعد 1958 تطورت الثقافة باعتبار الأخيرة تمتلك جذوراً عميقة في التأريخ،إذ ظهرت منشورات كثيرة من كتب ومطبوعات واصدارات،صاحبها ازدهار واضح في الترجمة،خصوصا فيما يتعلق بالاقتصاد،اذ اصدر الدكتور ابراهيم كبة ترجماته عن الماركسية إضافة إلى اصدارات الدكتور صلاح خالص عن تشيخوف وبريخت،ويمكننا ملاحظة ان مئات الكتب ترجمت آنذاك خصوصا فيما يتعلق بالأدبين الروسي والانكليزي،لمترجمين بينهم يوسف عبد المسيح ثروت وشاكر خصباك وغائب طعمة فرمان وجليل كمال الدين.مبيـّناً ان هذه الفترة شهدت تأسيس اتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين العام 1959،وأصبح العراق يتجه لتأسيس مؤسسات ثقافية بعد ان كانت جمعيات ثقافية،كما شهدت تلك الفترة لأول مرة احتفاءات بالمبدعين بينها واحدة خصصت للشاعر الرصافي بمناسبة مرور عشر سنوات على رحيله،اضافة إلى عودة الشعراء مثل الجواهري والسياب إلى وطنهم."

•   كتب محمد كاظم بتاريخ 26/4/2012 في موقع الاخبار الالكتروني"على ضوء خطاب السيد المالكي..هل هو تمهيد لحرب فكرية ضد الماركسيين والعلمانيين؟!"جاء فيها:"الأفكار هي انعكاس للواقع بمختلف جوانبه،بغض النظر عن مقدار تعبيرها عن هذا الواقع.فالإنسان من أجل أن يعيش عليه الإحتكاك بالواقع والتعامل معه،لذلك تتولد لديه بالتدريج أفكار عن هذا الواقع،ومع اتساع هذا الإحتكاك على نطاق الفئة أو الحالة الإجتماعية أو الطبقية تتولد الأفكار العامة من خلال تلخيص تجربة هذه المجموعات،وتغنى هذه الأفكار بالتجربة والإحتكاك والتأثير المتبادل مع الجماعات والشعوب الأخرى والتي بدورها تتأثر هي أيضا بأفكار الآخرين،حيث لا توجد مجتمعات نقية خالصة لها حدودها المغلقة مع المجتمعات الأخرى،فلا يوجد مجتمع تطور على قاعدته الذاتية فقط أو حافظ عليها نقية،بل هناك شئ مشترك في الجانب الفكري في بلدان و مجتمعات مختلفة،كما إن الفكر عندما يتبلور و يتطور إلى فلسفة ونظريات يتطور أيضا على أساس القاعدة الفكرية التي نشأ عليها،وحتى في حالة اضمحلال بعض المدارس الفكرية تاريخيا فإننا نجد تأثيراتها الفكرية هنا وهناك.وبما أن الأفكار هي إنعكاس للواقع فإنها أيضا تعكس التناقضات الإجتماعية والطبقية والسياسية في مجتمعاتها،ومن هنا نشأ الصراع الفكري الذي هو المقدمة للصراع السياسي والذي يمكن أن يكون صراعا فكريا تناحريا في أوقات وظروف معينة،أو صراعا فكريا من أجل التطور والبناء ونحو الأفضل.
    لذلك فقد أخطأ السيد المالكي في خطابه في إحتفالية النجف في الذكرى 32 لإستشهاد السيد محمد باقر الصدر وشقيقته الشهيدة بنت الهدى حيث قال(إننا هزمنا النظريات المنحرفة،كنا قد نشأنا على فكر الشهيد الصدر وتسلحنا به،يوم كانت التحديات الإلحادية والماركسية والعلمانية فهزمناهم بكل ثقة بفضل الصدر وفكره).لقد أخطأ السيد المالكي عندما ساوا بين الملحدين وبين الماركسيين والعلمانيين،وهو يعرف جيدا وأبناء الشعب العراقي يعرفون أيضا أن لا وجود للملحدين في المجتمع العراقي ولا يوجد أي مظهر لهذا الوجود،وخبروا بأن هذه الإتهامات باطلة ودوافعها سياسية،ومن تجربتهم يشعرون بالخطر عند ظهور هذه النغمة النشاز والمشؤومة حيث كانت هي البداية لأي تحول سياسي نحو الدكتاتورية ومصادرة الحريات والمكاسب العامة.إن المطالبة ببناء الدولة الديمقراطية التعددية الإتحادية وفق العلم الحديث وعدم قبول إدارة الدولة بالإسلوب الديني لا يعني أن المقابل غير متدين أو ملحد ، كما انه ليس كل متدين هو معادي للعلمانية والماركسية . وأخطأ السيد المالكي وهو رئيس وزراء ورئيس حزب حاكم في ضروف العراق الحرجة والتي تحتاج إلى أي جهد وطني من أية قوى وطنية ، وهو الذي قال في مؤتمر قمة بغداد بان المصالحة الوطنية في العراق يمكن أن تكون نموذجا يحتذى بها في الدول الاخرى !! عندما صور لحزبه وأنصاره ان الصراع بينهم وبين الماركسيين والعلمانيين هو صراع تناحري نتائجه النصر لهم والهزيمة لغيرهم . لقد استعجلت كثيرا أيها السيد المالكي في استنتاجاتك ، فالماركسيين والعلمانيين لا يرون في الصراع الفكري الحالي داخلهم أو بينهم وبين القوى الوطنية والإسلامية الحاكمة ، صراعا تناحريا ، بل يرون فيه بالرغم من تهميشهم والتضييق عليهم صراعا فكريا من أجل تطوير العملية السياسية والديمقراطية في العراق ، وسوف لن ينجروا إلى الدعوات للصراع الفكري التناحري ، فهم يعرفون ومن تاريخ العراق وتاريخهم إن ذلك مقتل للعملية السياسية والديمقراطية وضياع للجميع .
      لقد استعجل السيد المالكي كثيرا عندما أعلن انتصار حزبه وهزيمة الماركسيين والعلمانيين . فالبرغم من كل الإحترام للشهيد السيد الصدر وفكره ومؤلفاته وتأثيرها ، فإن التطبيقات للأحزاب الشيعية وتطبيقات حزب الدعوة(الذي هو الآن أربعة أحزاب دعوة)،الحالية في الحكم لم تحقق النجاح ، بل ان هناك فشل في كثير من الجوانب برغم من ان الوضع الحالي فرصة تاريخية لهم حلموا بها تاريخيا ، مما يؤثر على مواقفهم بين الناس . فالمواطن ليس كما السياسي الحاكم ، المواطن غير انتقائي عندما ينظر إلى الأشياء ، فهو لايرى فقط بعض المنجزات البسيطة التي يتحدث عنها السياسي الجالس على كرسي الحكم والذي يتجنب ذكر السلبيات أو يخففها . المواطن يرى بشكل شامل ، يرى الايجابي على قلته ويطالب بالمزيد منه ، ويرى السلبيات على حقيقتها ، وهو لا يمحي من ذاكرته الإقتتال الشيعي الشيعي والمليشيات الشيعية المسلحة السابقة والحالية والصراعات السياسية وفقدان الأمن والخدمات والفساد والبطالة وعدم الخبرة والأزمات السياسية والتدخلات الأجنبية والقائمة تطول ، بحيث ان المرجعيات الدينية العليا في النجف الأشرف ترفض استقبال السيد المالكي وباقي المسؤولين منذ احتجاحات 25 شباط 2011 ، وذلك احتجاجا على ما وصلت إليه امور الناس والبلاد ومشترطين معالجة ذلك .كما ان الطرح الطائفي الشيعي وفسح المجال أمام أي ممارسة شيعية بدون ضوابط ودفع الناس بأساليب مختلفة لها ، أدى إلى ظهور مظاهر خطرة للبيت الشيعي والمجتمع ، كظاهرة جند السماء والإدعاء بوكالة الإمام المهدي من قبل أكثر من رجل دين ، ونعيش الآن الأزمة مع أتباع السيد الصرخي وصلت إلى حد إحراق مسجد وتفجيرات لبيوت رجال دين وممثلين للمرجعيات ، وكذلك وجود جماعات الأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وألوية الغضب الموعود وما رافق ذلك ، وتهديدات المحمداوي للأكراد الساكنين في المناطق العربية..الخ . ويخطأ السيد المالكي عندما يضع العلمانيين في سلة واحدة ، فالعلمانية هي السعي لبناء الدولة المدنية العصرية ، دولة تحترم القانون والكفاءة والمساوات بالفرص وعدم إخضاعها للطائفية و المحاصصة . ولذلك فإن القوى العلمانية لا تجمعها نظرية أو أفكار واحدة ، فالعلماني يمكن أن يكون يساريا أو يمينيا أو ما بينهما ، حزبيا أو مستقلا ومن مختلف الأديان والقوميات والمذاهب ، ولكنهم يلتقون في الموقف من بناء الدولة العصرية المدنية وفق متطلبات العصر الحديث وتلبية مصالح الناس . وهم موجودون الآن في جميع مفاصل الدولة والمجتمع والحياة ولا يمكن لماكنة الدولة أن تسير من دونهم . وفي جميع اللقاءات التي أجرتها مختلف الفضائيات وحتى فضائيات الأحزاب الدينية مع أفراد في الشارع وأماكن العمل مختلفين بالثقافة والتعليم والعمل والديانة والقومية كان الطرح المشترك لديهم عند التطرق لبناء العراق الجديد هو ضرورة الدولة القائمة على العلم والإختصاص والنزاهة والرجل المناسب في المان المناسب ، وأعتقد ان ذلك لا يبتعد عن العلمانية . فالحديث عن هزيمة العلمانيين ليس له هدف سوى رفع معنويات المقابل نتيجة لأشتداد الأزمة السياسية الحالية وسعة المطالب بسحب الثقة من السيد المالكي ، كما أن البديل عندهم هو الدولة الدينية الطائفية التي ارتفعت وتيرة طرحها في الفترة الأخيرة ، وربطها بامور إلهية ، كما طرح السيد علي الأديب وزير التعليم العالي والعضو القيادي في حزب الدعوة في ملتقى الطف السنوي الثالث الذي أقامته الجامعة المستنصرية والذي قال فيه ( إن المشروع السياسي الحالي هو امتداد للعدل الالهي ) ولكن السيد الأديب لم يذهب بعيدا وهو الذي رد على أقواله بحديثه إلى فضائية آفاق في 14/3/2012 حيث قال ( ثلث السكان في العراق هم تحت خط الفقر ) ، فكيف يمكن الحديث عن المشروع السياسي الحالي بأنه امتداد للعدل الرباني وثلث سكان البلاد تحت خط الفقر ، والكل يعرف قول الإمام علي ( عليه السلام ) ( لو كان الفقر رجلا لقتلته).
    والسيد المالكي يعرف بالرغم من تصريحاته ، وهذا ما يؤكده تاريخ العراق السياسي الحديث وكذلك زمالة الشيوعيين والماركسيين مع أعضاء حزب الدعوة في المعتقلات الفاشية وغرف التعذيب والإعدامات بأنه لا يمكن هزم الماركسيين ، وهذا هو تاريخ العراق أمام الجميع  منذ الكاتب الماركسي ( محمود السيد ) و (حسين الرحال ) في بداية العشرينات من القرن الماضي ولحد الآن ، برغم ما استخدم ضدهم من أساليب مختلفة ، وذهبت الدكتاتوريات والفاشية ومن وقف ضدهم وهم باقون ، يمكن أن تكون هناك تراجعات أو ضربات وخسائر قاسية ، غير إنهم باقون ومستمرون في مسيرتهم ولا يمكن هزمهم . وهذه ليست رغبات ارادوية بل ما يعكسه الواقع الإجتماعي والسياسي والفكري ومصالح الطبقات والئات الإجتماعية الكادحة والمثقفة .
      فالماركسية علم كسائر العلوم الاخرى استندت إلى آخر المنجزات العلمية في القرن التاسع عشر وإلى ما توصلت إليه الفلسفة الألمانية والإقتصاد السياسي البريطاني وإلى الثورات والحركات الثورية الإشتراكية والإجتماعية للطبقة العاملة الناهضة في ذلك الوقت والكادحين في فرنسا خاصة وفي اوروبا وامريكا والتي ساهم فيها ماركس واانجلزبشكل مباشر وفعال .
      إن النظريات العلمية والإجتماعية والفلسفية لعلماء ذلك العصر تدرس لحد الآن في مختلف جامعات العالم ، وقد درس المتفوقون من الطلبة العراقيين الذين أرسلتهم الحكومات العراقية المتعاقبة أو الذين درسوا على حسابهم الخاص أو حصلوا على منح وزمالات دراسية في الخارج ، درسوا هذه النظريات سواء كان ذلك في الصين أو الهند أو في الإتحاد السوفيتي سابقا وروسيا حاليا أو اوروبا أو امريكا ، ولم يكن في ذهن هؤلاء الطلاب الخلفيات الدينية على اختلافها ، أو الموقف من الدين لأولائك العلماء أو المدرسين والأساتذة ، بل كان الحصول على العلم هو هدفهم الأول ، وهذا ما طبقوه أو درسّوه عند عودتهم للعراق ، وهذا هو الحال مع ماركس فإن نظرياته تدرس في مختلف جامعات العالم ، وما التصريحات من كبار المسؤولين الإقتصاديين في الدول الرأسمالية التي ضربتها الأزمة الإقتصادية الراهنة التي تؤكد على أهمية نظريات ماركس عن الرأسمالية وأزماتها وكذلك إعادة طبع مؤلفاته وسعة توزيعها خاصة كتابه الأساسي( رأس المال ) إلا تأكيدا على هذه الحقيقة ، حقيقة ان الماركسية علم يستطيع الإنسان أن يأخذ منه ما يساعده في تحليل مجتمعه واستشراف آفاق المستقبل خاصة باستخدام منهج الماركسية واسلوب تحليلها .
   وأتذكر في عام 1968 بعد انقلاب البعث وخروجنا من السجن قبلت في الجامعة المستنصرية القسم المسائي في كلية الدارة والإقتصاد على حسابي الخاص ، وفي أول محاضرة لنا في الإقتصاد السياسي دخل استاذنا الكبير الراحل الدكتور إبراهيم كبة وأول ما عمله كتب اسمه على اللوحة للتعريف بنفسه وكتب اسم المادة الإقتصاد السياسي والتفت إلينا وقال :( إني ادرس الإقتصاد السياسي وفق المنهج الماركسي ومن لديه ملاحظات فليتفضل بطرحها ) ، ولم تطرح ملاحظات ، برغم من أن البعض لم يرتاح لذلك . إن مشكلة ماركس التي عرضته والماركسيين لكل هذا الإضطهاد والهجوم المتواصل والمواقف المتناقضة من الآخرين هو انه اختلف مع علماء عصره العباقرة ولخص هذا الإختلاف بمقولته الشهيرة ( لقد قام الفلاسفة بتفسير العالم ولكن المهمة هي تغييره ) ، وأقرن ذلك بعمل متفاني من أجل تغيير هذا العالم لصالح الكادحين والثقافة والعلم بتأسيسه وانخراطه في المنظمات العمالية في ذلك الوقت ، ولكن هذا الإشكال والإختلاف هو في نفس الوقت موقع قوة في الماركسية حيث ترى فيها قوى مختلفة وفي مختلف البلدان بانها مرشد ومساعد لهم في تحليل مجتمعاتهم كل حسب ظروفه . إن أفكار العدالة الإجتماعية موجودة منذ عهد الصعاليك وزعيمهم عروة بن الورد قبل الإسلام واتسعت مدارسها وتأثيراتها الفكرية التي نادت بها في مختلف الأوقات ومختلف البلدان العربية ، واليوم نجد هذه المدارس الفكرية قوة مؤثرة في الفكر والمجتمع وإنها تجد في أفكار ماركس والمدارس الفكرية الإشتراكية الاخرى الأساس العلمي والعملي لتحقيق هذه العدالة الإجتماعية وهذا هو سر قوتها وعدم امكانية هزيمتها."

   مع احترامنا لآراء محمد كاظم في مقالته هذه،وكثرة الأخطاء الأملائية والنحوية!نختلف معه في محاور عدة!في مقدمتها لغة التحاور المتمدنة التي يستخدمها هنا مع جماعات الاسلام السياسي،ونوري المالكي بالأخص!الأمر الذي جعل المقالة حبلى بالتناقضات النظرية!والتحاور مع جماعات كهذه يستلزم الحزم اللامتناهي لا التساهل والتثقيف!وفي الحلقات السابقة من"في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة" كتبنا :"لو ان احفاد هتلر وموسوليني وبينوشيت واحمدي نجاد وملا عمر واسامة بن لاذن وابو درع ونوري السعيد وصدام الذين يريدون اليوم مواصلة رفع رايات العداء للماركسية والشيوعية بالعراق هم جهلاء فقط،لهان الامر ولتدبرنا امرهم بالتعليم والتثقيف وتكرار التعليم والتثقيف حتى يعوا من امرهم شيئا.الا انهم جهلاء واغبياء ايضا ويسبحون بحمد الطرطرة والصعلكة الى حين!..."

•   كتب علي عبد الكريم حسون في الحوار المتمدن العدد 3873 التاريخ 7/10/2012 "مثقفون كالمثقفين ... عودة للزمن الجميل"جاء فيها:"عنوان المقالة أعلاه يعود للأستاذ عبد الرحمن طهمازي،بحلقاتها الأربعة والمنشورة في صحيفة إيلاف الألكترونية خلال شهر أيلول من العام الحالي،والتي يتعرض من خلالها الأستاذ عبد الرحمن صالح مهدي،لنموذج المثقف السلطوي في ظل النظام الصدامي،وبالتحديد في فترة مجيء وعودة البعث الثانية:1968 – 2003.مع تلميحات ذكية وبلغة مكثفة لمثقف تماهى مع سلطة مابعد 9 – 4 – 2003.
   محاولتي في هذه المقالة المتواضعة،التطرق لنقيض مثقف السلطة،الذي فضحه وعراه طهمازي،وهو على حق في ذلك ... أن أتطرق أنا وفي عودة مني إلى((المثقف العضوي))الذي صنفّه غرامشي،بإعتباره مثقفا وضع نفسه في خدمة أفكار تقدمية علمية علمانية يسارية تنحاز للكادحين.ومناطحا للظلم والتعسف في مجتمع يكون فيه الصراع الطبقي،المحور الذي تتغلف حوله صراعات ثانوية،طائفية،جهوية،مناطقية،مذهبية،أثنية،عرقية.
   ثمة دافعا آخر جعلني أدبج التالي،وهو عثوري وبمحض الصدفة البحتة على وثيقة (( أحتفظ بنسختها )) صادرة من مديرية التحقيقات الجنائية في العهد الملكي وهي غير مؤرخة لأنها الصفحة الثانية التي تحوي الأسماء.أما الصفحة الأولى التي تتضمن مضمون وفحوى وغاية الأصدار فمفقودة مما إستحال معرفة تأريخ صدورها،والذي أعتقد أنه منتصف الخمسينات من القرن الماضي.
   الورقة معنونة بأسماء الخطرين من ملاك المعاهد العالية،في وقت كانت هذه المعاهد تتبع وزارة المعارف العراقية،لعدم وجود وزارة للتعليم العالي آنذاك.الأسماء هي:
 
1 – الدكتور صفاء جميل الحافظ .
2 – الدكتور فيصل جري السامر .
3 – الدكتور صلاح الدين عبد الرحمن الخالص .
4 – الدكتور طلعت الشيباني .
5 – الدكتور إبراهيم عطوفة كبة . هكذا ورد عطوفة وليس عطوف .

ثم تتبعها قائمة ثانية بأسماء غير الخطرين وتحوي سبعة عشر إسما منهم :

1 – الدكتور علي حسين الوردي .
2 – الدكتور هشام عبد الملك الشواف .
3 – الدكتور عبد الله إسماعيل البستاني .
4 – الدكتور فيصل مهدي الحمداني .
 
    وزارة المعارف آنذاك ووفق نظام وموجبات تشكيلها،هي معنية منذ زمن تأسيس الدولة العراقية المستوردة لملك من الحجاز،جاء ترضية لوالده الشريف حسين الموالي للحلفاء زمن الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918،ضد الدولة العثمانية.والطامح لتسيّد عرش المنطقة العربية في غفلة،لم تتح له الأنتشاء بفوزه المزعوم،فأرسله البريطانيون وبالتنسيق مع لورنس العرب إلى جزيرة قبرص منفيا.لكي يتسيّد ولداه : عبد الله على عرش الأردن،وفيصل في سوريا،حيث طرده الفرنسيون بعد حين منها إلى العراق.فكافأه الأنكليز بعرش العراق مستوردا له،ولكي يربض لأكثر من عقد،إنتهى بوفاته الغامضة في سويسرا .
   هذه الوزارة ( المعارف – التربية ) والتي خصصت محاصصة للشيعة / المحاصصة لم تكن وليدة تغيير 2003 / . ليتسيدها عبد المهدي المنتفكي والد نائب رئيس الجمهورية المتنحي عادل عبد المهدي،لسنوات طويلة،لم تكن الوزارة،تخرج عن إرادة مفتشها العام ساطع الحصري ذو الأصول التركية،والذي جعل من إستهداف الجواهري محمد مهدي،المعلم في مدرسة المأمون الأبتدائية،هدفا للنيل من تبعيته الأيرانية المزعومة .
   الوزارة هذه،أخذت على عاتقها التعاون مع وزارة سعيد قزاز -الداخلية -آنذاك ومديريتها – التحقيقات الجنائية لصاحبها بهجت العطية ونائل الحاج عيسى _ للتصيد كأي وكيل أمن عادي لهؤلاء الأساتذة الكبار،الذين خدموا آنذاك،وخدموا لاحقا،توجه وطني ديمقراطي علماني يساري،لبناء دولة مدنية عصرية . لم تتح فترة الأربع سنوات ونصف من عمر الجمهورية الأولى 1958 – 1963،فرصة لها لكي تطبق وتنفذ برنامجها الذي أراد زعيم وطني أن يضعه،وإستطاع موضع التطبيق .
    مثقفون .... نعم وليسوا كالمثقفين،فهاهو فطحل الأقتصاد إبراهيم كبة،يعاصر كل العهود التي تعاقبت على حكم العراق . وقبلها كانت له سجدة أممية في الحرب الأهلية الأسبانية زمن الثلاثينات من القرن العشرين،ليكملها في ساحات التدريس الجامعي،وفي إستيزار وزارتين ( الأقتصاد والأصلاح الزراعي )،جاعلا وجوده فيهما تطبيقا لمغاليق فهمه لنظرية كانت مطمح أحزابا وأفراد .
  وفي جراب القائمة السوداء هذه، إسم للدكتور فيصل جري السامر إبن البصرة وصاحب مؤلفات الزنج والقرامطة، والمتحدث للرائع سعدي يوسف عام 1957 في مدينة الكويت عندما إلتقاه،والأخير يعمل مدرسا في مدارسها عندما إستحال عليه الرجوع لبغداد بعد إنتهاء مهمته في موسكو لمؤتمر الشبيبة العالمي،وهو يرى جيب دشداشته البضاء منتفخا،عندما زاره في سكنه المتواضع في الكويت : ( سعدي لماذا أوجدوا المصارف ؟؟ ) . إرتبك سعدي وهو العارف بتلميح أستاذه السامر،إلى جيب دشداشته المنتفخ برواتبه الشهرية المتواضعة من عمله كمدرس . هذا السامر الذي إستوزر زمن الجمهورية الأولى،وبقي مخلصا بقامته النحيفة وسمرة بشرته البصرية لوطن أراد الآخرين إستباحته فما نجحوا .
   صلاح خالص ... صلاح الدين عبد الرحمن الخالص،الأستاذ الرائع الباحث عن فرصة ليثبت كفاءته اللغوية والأدبية الغزيرة في حقلها الخاص . وفي عمل سياسي، أرادت منه زوجته الدكتورة سعاد محمد خضر،أن يخرج من بوتقة الوطنية، لتقول كلمة سامحها الله ، أنه لم يكن شيوعيا،ككثير من المثقفين المحسوبين،حسب قولها على الشيوعية وهم ليسوا بشيوعيين.
    تورد الوثيقة السوداء إسم الشهيد صفاء جميل الحافظ ،الحاصل على الدكتوراه في القانون من فرنسا ، أوائل الخمسينيات، والذي ذكره القيادي في الحزب الشيوعي العراقي ، بهاء الدين نوري ، أنه إستلمه في أحد أحياء بغداد ليكون مسؤوله الحزبي . هذا الرائع أب التوأمين الوحيدين ، والمختبيء من ملاحقة فاشيست شباط 1963 في أحياء مدينة الثورة، والممثل للحزب الشيوعي العراقي في جبهة الأتحاد الوطني لعام 1957 ،والذي ردّ على أحد قيادييها بعد ثورة 14 تموز 1958 ، عندما قال له : لم نعد بحاجة إليكم .... نعم سوف تحتاجوننا لأننا مؤمنون بميثاق وقعناه معكم ولم يستنفذ بنوده بعد ، فالمرحلة هي وطنية ديمقراطية بدأها عسكر ليستكملها أبناء وطن مستباح.
    هذا الرائع،غيبه نظام البعث الفاشي بعد 1978 مع زميله الموصلي الدكتور صباح الدرة عقابا له على شيوعيته ومبدأيته،التي تجاوز بها تهديدات النائب آنذاك المقبور صدام حسين ،الحاصل على درجة الرسوب في مادة القانون التي يدرّسها الدكتور صفاء . فعاقبه بنقله

56

في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 5
"شامل عبد العزيز .. ومالح طيب لبلبي.."


   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!وسنعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!   

•   في الحوار المتمدن العدد 16863،كتب د. عدنان عاكف يرد على شامل عبد العزيز"لو رجعت مرة أخرى الى مقالي "جنة الملوك بين الواقع والتزييف"فانك لن تجد فيه أكثر من 3 % ما يعود الي.أما ما تبقى فهو عبارة عن فقرات ضافية تم الاستعانة بها من مصادر موثوقة،وجميعها لا علاقة لها من قريب من حزب الثورجية.لقد تجنبت الجوهر ومسكت بنقطة واحدة تتعلق بمجلس الاعمار.وهذه النقطة لم تكن سوى نقطة واحدة من الكثير من النقاط التي أثارها د. ابراهيم كبة بشأن سلبيات الاقتصاد في العهد الملكي.وكان الأجدى بك ان تناقش تلك النقاط ان كنت لا تتفق معها.وحتى ما يتعلق بمجلس الاعمار فان كبة لم ينف ما انجزه المجلس،بل أكد على أهم نقطة تتعلق به وبمهمته وهو تكريس التبعية الاقتصادية للدول الغربية وذلك من خلال الابقاء على الاقتصاد المشوه والاحادي الجانب.كان عليك ان تناقش هذه النقطة.أما النقطة الثانية - المهمة الثانية التي تجاهلتها فهي ما ورد من معلومات وأرقام عن الاقتصاد المصري في عصر عبد الناصر..وفي النهاية ومن أجل ان تكتمل المقارنة الاقتصادية بين العهد الملكي والجمهوري اسمح لي ان أنقل لك بعض ما حققته ثورة تموز،ولكن هذه المرة ليس على لسان ابراهيم كبة،الذي اعتمدت عليه في مقالتي المذكورة،بل على لسان شخصية عراقية ديمقراطية ليبرالية معروفة،هو د. عبد الخالق حسين،الذي نشر خلال السنوات الماضية الكثير من الدراسات والمقالات المكرسة لذلك......!"

  عجبا،الطرائقية الاكاديمية في التحاور والنقد العلمي لا تعني سلوك منطق التساهل والمرونة بدل الحزم اللامتناهي امام شخصية غريبة الاطوار كالسيد شامل عبد العزيز!وقد اصابتني طرائقية الدكتور عدنان عاكف هنا بالخيبة والتأمل!اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار مقالات شامل العزيز الجنجلوتية الاخرى! غير مقالته الراهنة "الباشا وستالين"!

هل نحتاج لأحزاب شيوعية؟
فؤاد النمري في المصيدة!
الحوار المتمدن وبقايا الستالينية!
من تعليقات كهنة المعبد الستاليني!
الشيوعية حتمية تاريخية ام ولادة قيصرية!
الجمود العقائدي عند الماركسيين/حلقات!
المهدي المنتظر عند المسلمين والشيوعيين!
حوار بسيط وهادئ مع الاخوة الشيوعيين!
اسئلة الى الرفاق!....
....الخ! 

   يحاول السيد شامل عبد العزيز ان يوجه سهامه الى الفكر العلمي التقدمي والديمقراطي والى الشيوعيين وكأنه المسيح او الرب،ومن منطلقات الانقاذ والخلاص الرباني طالبا من الجميع ان يحضروا الى الكنيسة والجلوس على كراسي الاعتراف،وبالتالي ارساء ثقافة صحوة الضمير التي تحمل قيم التسامح والعدل والسلام!وهذا يعني ان السيد عبد العزيز يدعو الى الحرية الهبة التي تهبط من الأعلى بضربة ساحر!لاسيما وهو ابن الموصل والعائلة الديمقراطية البتيبورجوازية التي ضمت العديد من الشيوعيين،وتلقى علومه الاقتصادية في الجامعة المستنصرية!ولعل ابراهيم كبة كان احد اساتذته!     

   المتتبع لكتابات شامل عبد العزيز (كاتب مغمور في الحوار المتمدن) يتلمس استهوائه الاسطوانة المشروخة / معاداة الشيوعية وعموم الحركة الديمقراطية والثورية في العراق،ومعاداته لثورة 14 تموز 1958 المجيدة!والحرص على اظهار نفسه ملوكي اكثر من البلاط!وللتاريخ فأن عبد العزيز هذا،هو من القلائل المتبقية المدافعة عن سياسات الباشا ومختاري ذاك الصوب"نسبة لأغنية عزيز علي- صلي على النبي"!فخدمة الاسياد والبلاط قبرتها ثورة تموز والى الأبد!الأمر الذي افقد اشباه المثقفين وكتبة البلاط لقمة العيش ومهنة الارتزاق،فآثروا الهجرة خارج العراق!او الانتظام في السلك المخابراتي والأمني في العهود اللاحقة لاستثمار ما تبقى من خيرات ثقافية لديهم!وعبد العزيز هذا،ليس استثناء!وهو يدرك تماما ان القطاع الاجنبي قد رسخ من تطوره وقوى قاعدته التكنيكية في العهد الاستعماري الملكي،بعد ان اتسم تطور القطاع العام بالسلحفة والتشوه والمعاناة بسبب عجز الموارد المالية والخطط الاستثمارية الخاطئة المغلوطة!وعرقلت السياسة الاقتصادية المعلنة تطور القطاع الخاص!رغم ان الدولة قد وضعت ثمانية خطط استثمارية مركزية اعوام(27 - 1939)!
   لقد عبر تأسيس مجلس الأعمار بموجب قانون رقم 23 لسنة 1950 اثر أرتفاع حصة الحكومة العراقية من عائدات النفط ،عن انتقال الدولة من إسناد الصناعة العراقية عن طريق المصرف الصناعي الى تدخلها المباشر في تطور القطاع الصناعي،وتوفير مصادر التراكم للرأسمال الصناعي في القطاع العام!وقبل تأسيس مجلس الأعمار اتسم الأقتصاد العراقي بهزالة الموارد المالية للدولة وضعف إمكانياتها المادية - التقنية وبالخضوع التام للسياسة الاقتصادية الكولونيالية،وبقيت التخصيصات الاستثمارية تتسم بالفوضى.ووضع مجلس الأعمار خلال فترة نشاطه حتى عام 1959 (3) خطط ألغيت احداها قبل المباشرة بالتنفيذ!كما عمل في المجلس خبراء من العراق ذوي اتجاهات يسارية كالدكتور محمد سلمان حسن- وكان احد كبار مساعدي د.ابراهيم كبة لاحقا!ورافقه في زياراته الى الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية!   
   مجلس الاعمار كان مجلسا سئ الصيت بالفعل(مثلما ورد في كتاب د.ابراهيم كبة – هذا هو طريق 14 تموز) لأن هدفه بالأساس هو تعميق التبعية الرأسمالية للتاج البريطاني والادارة الاميركية وبناء اقتصاد ريعي احادي الجانب!وهو مجلس توافق مع السياسة الأميركية وترومانية النقطة الرابعة التي عنت حينها تأمين القواعد،الاحتلال،الدمار والمقابر تحت واجهة برامج جديدة وفوائد جديدة،وتحديد أحادي الجانب وجامد لماهيات الفقر والجوع والمرض والأرهاب!وتسخير المهارة والمعرفة في خدمة الاستغلال…!وقد استعان فعلا بدراسات وبحوث أستشارية غربية منها:تقرير بعثة البنك الدولي للأنماء والأعمار (WB) عام  1951 الموسومة (التطور الأقتصادي في العراق)، تقرير شركة (بريس كارديو و رايدر) عام 1952، تقرير كارل أيفرسن عامي 53- 1954عن السياسة النقدية في العراق، تقرير اللورد سولتر سنة  1955  تحت عنوان(أعمار العراق - خطة العمل)،تقرير شركة (جي.جي . وايت وشركائهم) عن كهرباء العراق،تقرير شركة آرثر دي ليتل عام 1956 ...الخ!وتجاوز عدد هذه البحوث ال (50) دراسة!
  لقد تأسس مجلس التخطيط على أنقاض مجلس الأعمار ليضع التخصيصات الاستثمارية  الدورية،مما عزز من ريادة القطاع العام في الصناعة والزراعة والتجارة،واشرف المجلس على وضع الخطة الأقتصادية المؤقتة (1959 – 1963)،الخطة الخمسية الأولى(1961- 1965)،الخطة الخمسية الثانية (1965 – 1969).... رغم ان المجلس لم يحقق ما كان يصبو له الشعب العراقي!فالتخطيط كمفهوم علمي يستند على جملة مبادئ في مقدمتها:ارتباط الجهة العليا في جهاز التخطيط باعلى جهة في الجهاز التنفيذي وتضم في عضويتها الخبراء في الميادين السياسية والاجتمااقتصادية،وجوب اقرار مجلس التخطيط"الممثل للشعب والمنتخب من قبله"الخطط التنموية قبل المباشرة بالتنفيذ،التخطيط عملية شاملة ولجهاز التخطيط الاسبقية على اجهزة الدولة كلها،وجوب تواجد جهاز فني مركزي للتخطيط يضم الكادر الفني المدرب على اعمال التخطيط،وجود الجهاز الاحصائي المحوسب القوي تحت تصرف الجهاز الفني المركزي للتخطيط،وجوب تواجد جهاز متابعة ومراقبة ورصد قوي لمتابعة تنفيذ الخطط التنموية،لا يمكن الحديث عن التخطيط دون المشاركة الحقيقية للشعب في مناقشة ودراسة اوضاعه وتعقيداته واشكالياته وتوفير مستلزمات نجاحه على أسس طوعية وديمقراطية،وعبر الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس!
   إن المصيبة التي تكاد أن تكون معضلة لا حل لها هي عدم الاستماع وغلق الآذان وكأن الأمور لا تعني الشعب بل تعني المسؤولين فقط وكأنهم الأكثر إخلاصا من غيرهم.التخطيط الجزئي يعني تنظيم الاستفادة من موارد قطاع اقتصادي معين ومجموعة القرارات والتوصيات الصادرة عن اعلى هيئة في التخطيط المركزي لتنظيم استخدام الثروة في اقليم معين،بينما يعني التخطيط الكلي الشامل بوضع الخطط المركزية الانتاجية والتوزيعية والتسويقية على ضوء الحاجات الاقتصادية والاجتماعية التي تهدف تحقيق مبدأ الملكية العامة لوسائل الانتاج.

يقول  شامل عبد العزيز في احدى بحوثه المتأزلجة :"
نحن لا نأتي بمقالات انشائية مزورة فيها تعميم وتضليل وانتصار لآراء مخزونة في الذاكرة تعيش معنا نتيجة احباط او فشل..!
نحن لا نكتب بعقلية الحزبي المتعصب لأننا ببساطة لا نعرف معنى الحزب..!   
نحن لا ننتصر الى احد ولكن نحاول ان نقول ما نعتقده نتيجة قراءتنا البسيطة لفترة مهمة ونعتقد انها الأفضل بدون ايهام القارئ..!"

ونرد عليه:"
   ياعيني ، ملوكي اكثر من الملك والباشا! رقة وشفافية عالية!
   ولنطمأن شامل عبد العزيز ان الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف "فهد" لم يعدم كونه مسيحي او رباني او طوباوي يسبح في السموات، بل انتصارا لآراء مخزونة في الذاكرة تعكس الواقع الموضوعي وعالمنا الفسيح!واعدم كونه حزبي متعصب شيوعي عامل بار! وسكرتير عام حزب شيوعي لا يرضى عليه لا الباشا ولا اسياد الباشا!
   انصاف المثقفين واشباههم هم كالعملة المزيفة بين ارباب الصناعة والمعرفة،ثلة من المحسوبين على شؤون الثقافة والفكر والعلم،من اصحاب الفكر المحدود والثقافة المحدودة الفارغة التي لا تمت للمنطق بصلة!اصحاب انامل غير متمرسة على الكتابة وغير صادرة عن عقل واع وعاطفة صادقة او حباً بالانسان،لينعدم  الأدب الانساني ويحل محله ادب شوفيني طائفي انتهازي وصولي يكره الصدق ويؤمن بالكذب والدجل!انهم يطلقون الوعود ويفبركون الادعاءات ويخدعون الرأي العام بالكلام المعسول والتصريحات الجوفاء ويلجأون الى اساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية،من (الشطار) الذين يعرفون من اين يؤكل الكتف وخبراء فى التضليل والتزييف،يتزببون قبل ان يتحصرموا،ويسمونهم ايضا مثقفو النقطة – اي يتنقلون بين العناوين او يعلمون نقطة من كل بحر!تراهم يهرعون وراء المغانم ولذة السلطة،تلوثوا بتلميع صورة الحكام،ويتبنون سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والارضاء والاغضاء وشل روح المقاومة والاحتجاج والمطالبة بالحقوق،سياسة تركيع الارادات واشاعة الخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي،والتهميش والاقصاء ومحاولات اسكات الاصوات واستغلال عوز الملايين ومعاناتهم ولهاثهم وراء لقمة العيش لتيئيسهم،وبالتالي خلق الاستعداد لتنازلهم عن حقوقهم.انهم روزخونيون سفسطائيون نفعيون مدعو معرفة وثقافة وهرطقة على ابناء الشعب،حتى استحلى الواحد منهم يكذب الكذبة في الصباح ويصدقها عند المساء،ثم لا يكاد الصبح يتنفس حتى يستعين هؤلاء الاقزام بشياطين الأنس والجن لينثروا علينا كذبة اكبر من سالفتها هي ادهى وأمر!!
   اشباه المثقفين آفة مجتمع العلم والمتعلمين،وهم وصوليون يتحدثون بأسم النظام والحكومة،ومن خريجي مدرسة ثقافة(حاضر سيدي)و(سمعا وطاعة)!ببغاوات يرددون كلمات الآخر دون ان يكون لهم رأي أو ملاحظة عليها،لا يحترمون ثقافة الأخرين ان كانت توافقهم أم تعارضهم،وهم فرسان الحوار من اجل فرض الرأي وليس حرية الرأي،ويتبارون ظهوراً شاخصًا حتى غدا الواحد منهم ما بين عشية وضحاها وجها اعلاميا بارزا!!اقزام امتهنوا التحريض الطائفي والقومي الشوفيني،يتربعون موائد الفكر والثقافة والعلم ويبسطون آراءهم تارة بالقول المسروق وتارة بالتنظير المكرور،وخلفهم طابور طويل من المطبِلين والمصفقين فأضحوا ما بين غمضة عين وانتباهتها في عداد المفكرين والباحثين والمثقفين وحتى اساتذة الجامعة وعمدائها،بل الوزراء واصحاب النفوذ!لا يعرفون غير الوشاية والتجسس والسرقة والتهريب والحصول على مناصب لا يستحقونها،يهددون بقطع الارزاق،ويوزعون البركات على المبتذلين،لا من جيوبهم الخاصة،بل من بيت مال الوطن وجيوب المواطنين المنكوبين.لا يستحون ولا يخجلون!وكيف لهم ان يخجلوا،وقد هيأت لهم السلطات وهيأ لهم اتباعهم عقد الندوات والقاء المحاضرات وصناعة التتويج من اعالي المنصات؟!كما صنع لهم الفاشلون اصوات مسموعة يكشفون بهم سوءاتهم فيما يطرحون وما يقولون؟!وكيف لهم ان يقروا بفشلهم،والايام تلد لنا كل ساعة جيشا من هؤلاء حتى تضخمت ذواتهم فصدق البعض منهم صوته النشاز بعد ان طبل له المطبلون،وزمر له المزمرون فغدت ال(انا) تنمو وتنمو حتى اصبحت:انا ربكم الاعلى!!
    وتبتلي بلادنا اليوم بأشباه المثقفين من انصار ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الروزخونيات الايمانية المليونية والرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات،ثقافة اشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية، ثقافة الفساد.انهم حقا مدرسة مشاغبين يزحفون كالجراد الذي يجعل الحياة هشيما،ويمثلون المصالح الثقافية للبورجوازية الصغيرة المستترة غالبا بستار الفكر الشمولي،القومي والطائفي،والمتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار"ومنها الاحتكار السياسي"والمنجرة عمليا الى مواقع الرجعية اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية والوحدة الوطنية والاجراءات التقدمية ولجميع التحولات الاجتماعية،وهم يعانون من ازدواجية رهيبة بين الشعارات المعلنة وبين السلوك الحقيقي على الارض المعرقل لأي تطوير فعلي لحركة التقدم الاجتماعي،بسبب الاصرار على التفرد ومعاداة الديمقراطية.الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء عراقيون،ثقافة السلام وحقوق الانسان،الثقافة الوطنية الديمقراطية، نار على علم!لم ولا تنسجم مع اخلاقيات البعث والابتذال الحكومي في ضرورة مديح متطلبات الامن الوطني والقومي والقادة والزعماء وآيات الله الضرورة!
   صار الجهلة واشباه المثقفين وغير الادباء ادباء رغما عن الجميع،والمثقفون يتركون العراق ويهاجرون الى الخارج!وتبذل السلطات الحاكمة الجهد لنشر ادب المديح الانتهازي وفرض موضوعات معينة على المثقفين واذلال من لا يستجيب لها وفصلهم من وظائفهم او احالتهم على التقاعد او لصق تهم بهم هم براء منها!ويبدو ان ظاهرة انصاف المثقفين جزء لا يتجزأ من الردة الحضارية في العراق التي تتمظهر في  الفوضى والعنف والارهاب،والتي جعلت العراقيين ينخرطون في صراعات اثنية،ودينية،وطائفية،وحزبية ضيقة،اثرت بعمق على بنية المجتمع،وعلى العائلة والمرأة والطفولة.وتتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال وتفاقم مشاكل البطالة والفقر والامية والخدمات العامة والنقل والامن وتزايد الثراء وارتقاع نسب الوفيات من ضحايا الارهاب،وبسبب الامراض وسوء التغذية والفساد،وتعاظم التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب السيطرة عليها،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة والتي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام)!"

    يردد سئ الصيت شامل عبد العزيز الاسطوانة المشروخة – معاداة الشيوعية والفكر الهدام!ونرد عليه:"لا يختلف اثنان اليوم ان قاعدة المشمولين بحملة الفكر الهدام والافكار الهدامة،وفق صياغاتك المبهمة التي تستعيد فيها مجد قرارات القرن العشرين السعيدية الباشوية والبعثية معا!تشمل كل من لا يدين بالفكر الديني والاسلامي،وحتى الطائفي،ولا تشمل الافكار التي تدعو للبعث والاصولية الدينية والتكفيرية فقط!وكل ذلك يكشف عن ميول سلطوية قمعية ونابليونية دون ريب!تدل على عملك المخابراتي  المخلص الخدوم لأسيادك!..
    اعداء الحزب الشيوعي العراقي..هل يستوعبون التاريخ؟لو ان احفاد هتلر وموسوليني وبينوشيت واحمدي نجاد وملا عمر واسامة بن لاذن وابو درع ونوري السعيد وصدام الذين يريدون اليوم مواصلة رفع رايات العداء للشيوعية بالعراق هم جهلاء فقط،لهان الامر ولتدبرنا امرهم بالتعليم والتثقيف وتكرار التعليم والتثقيف حتى يعوا من امرهم شيئا.الا انهم جهلاء واغبياء ايضا ويسبحون بحمد الطرطرة والصعلكة الى حين!لقد تكالبت قوى عاتية،ولعشرات من السنين دون ملل او هوادة،تفوقكم عدة وعتادا بآلاف المرات على الحزب الشيوعي العراقي محاولة النيل منه ومن نضاله الوطني وتاريخه المعمد بدماء شهداءه وتضحيات مناضليه،فماذا جنت هذه القوى الآثمة الشريرة؟اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق آرائهم مع الفئات الاخرى،ومنها الحاكمة الان في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام،الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي!مجتمع تحترم فيه الحريات العامة،ام يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية الا المحاصصة الطائفية والقومية.
   ثمة صفتين يجب ان يتحلى بهما المرء عندما يتعاطى مع التاريخ ليضمن رأسه فوق كتفيه في عهود الطائفية السياسية،هما:النفاق والغباء..والعهر،كما يفعل شامل عبد العزيز ومن لف لفه!ومن الذين لا يعرفون سوى الفكر الاسود وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية،لانها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي والعصبوي في العراق!
  عبد الرزاق الحسني الذي يستشهد به كثيرا،وعلماء التاريخ والاجتماع في بلادنا،يؤكدون انه من عادة العراقيين التعلم حتى بعد فوات الأوان،والتاريخ لا يعيد نفسه بل يعيد دروسه،وان العودة الى الماضي والبدائل الاسلامية والطائفية وعهود الباشوية والسادة والعبيد هي ردود افعال على التخلف ودليل عمق ازمة المجتمع العراقي،وهي نتاج المرحلة التي سببت التخلف.فالتخلف والبدائل الاسلامية – الطائفية – السعيدية - البعثية ترتبط بعلائق تاريخية وشيجة!!"


•   في 31/1/2012 نشرت جريدة المواطن ما يلي وتحت عنوان"كتاب جديد / ابراهيم كبة غني عن التعريف": صدر عن دار الرواد المزدهرة كتاب جديد بعنوان ابراهيم كبة غني عن التعريف للكاتب سلام كبة.ويقع الكتاب ب 436 صفحة من القطع الكبيرة،وحوى ثمانية اقسام كل قسم منها بمثابة فصل.وكتب مقدمة له الوزير والنائب السابق مفيد الجزائري.والدكتور كبة مفكر وسياسي من الطراز الرفيع وشغل منصب وزير الاقتصاد في حكومة عبد الكريم قاسم واستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية.وتعرض للاضطهاد زمن النظام البائد،وقراءة الكتاب ضرورة للقارئ لمعرفة شيء عن التاريخ السياسي للعراق .
   ضم الكتاب 375 صفحة من القطع الكبير و 9 فصول/واشتمل الفصل الأول على الاهداء والمقدمة والتقديم!بينما ضمت الفصول المتبقية:ذكريات في ربيع العمر،ابراهيم عطوف كبة  - السيرة الذاتية،شذرات من الجهد الفكري للاستاذ ابراهيم كبة،مواد في ملف العدد 333 من مجلة الثقافة الجديدة الغراء عن الاستاذ ابراهيم كبة/شهادات،كتبوا وقالوا عن ابراهيم كبة،ابراهيم كبة/اعمال ومؤلفات،برقيات تعزية،الخاتمة!وصدر الكتاب عن دار الرواد المزدهرة وبمراجعة واشراف رابطة الانصار الشيوعيين/فرع بغداد!

•   كتب الدكتور فيصل فقير محمد السودان في موقع المدى الالكتروني 22/6/2012 خاطرة بعنوان"رحمك الله يا اغلى الرجال يا سبع الفرات!"،ومما جاء فيها:"لي الشرف والفخر باني تلقيت دراستي في الاقتصاد على ايدي اعظم الاقتصاديين العرب!استاذي الحبيب كبة والرجل العظيم دمحمد سلمان حسن/فقد اعطوني مفاتيح البحث الاقتصادي والفكر الحر، ولا اظن ان الدفعة التي تخرجت من كلية الادارة والاقتصاد/ قسم الاقتصاد العام 1977 تنسى الطالب السوداني الذي تحصل علي الدرجه الكاملة في مادتي الفكر الاقتصادي والتنمية الاقتصادية!وحصل علي صفر كبير في مادة الاقتصاد الاشتراكي الذي يدرسه احد الاساتذه البعثيين لاختلاف الرؤى والمدارس الفكرية!رحم الله اساتذتي الاجلاء والتحية لابناء الدفعة 1977 اقتصاد بغداد!خاصة الزملاء والزميلات،وعلى القمة الزميلة فاطمة مهدي/تلك العراقية الماجدة!والزملاء من المغرب والاردن مع رجاء التواصل علي العنوان التالي:00249912657694"

•   كتب رمزي ادور في موقع المدى الالكتروني 29/7/2010  "استاذي ابراهيم كبة!":"في أواخر شهر تشرين الأول 1972 قبلت طالبا في كلية الإدارة والاقتصاد بالجامعة المستنصرية،وكان الراحل الكبير ابراهيم كبة استاذنا في مادة تاريخ الفكر الاقتصادي، وهي المادة التي كنت استمتع بها أكثر من بقية المواد!وكان يطلب منا أن نذهب لمكتبة الجامعة للاطلاع على المؤلفات المهمة في الاقتصاد السياسي وتاريخ الفكر الاقتصادي الا أن غالبية الطلبة والطالبات لم يكونوا يهتمون لذلك فقد كانوا يتعاملون مع المادة كما لو كانت قصيدة تحفظ عن ظهر قلب أو ما نسميه بالعراقي الدارج (درخ)! أما أنا فكنت أذهب للمكتبة وأبحث في مؤلفات الراحل ومقالاته في المجلات والدوريات المتخصصة فأعجب بذكائي وصار يهتم بي ويقدم لي نصائح ثمينة! وكان عندما يأتي للمحاضرة يكون معتمرا بيريه سوداء!كان الطلبة يهربون من أمامه خوفا منه فقد كان شديدا في مادته وما أن يراني حتى يمسك بيدي ويسير معي لغاية قاعة المحاضرات.. فكنت أشعر بإعجاب كبير يغبطني عليه الزملاء والزميلات ويسألني عن متابعاتي لكتاباته. وفي الامتحانات كانت درجاتي معه الأعلى، ولم يكن يسمح لأحد بالدخول بعده الى قاعة المحاضرة فقد كان يقدس وقت الدرس!
   كان أعضاء ما يسمى بالاتحاد الوطني لطلبة العراق يحاولون إغاظته أثناء المحاضرة، وبعضهم كان يفتح باب القاعة وبيده اعلان للطلبة لحضور ندوة أو اجتماع ما، فكان يرفض بشدة إدخال الطالب لقراءة الاعلان ،ويقول أن هذا العمل غير حضاري! ومرة دخل أحد اعضاء الاتحاد عنوة وبيده اعلان فما كان من الدكتور كبة إلا واخذه منه ومزقه وصرخ به يلعن أبوك وأبو الاتحاد .. أطلع برة. بصراحة خفت عليه جدا أن يتسببوا له بمشكلة لمعرفتي بتاريخه النضالي المشرف ومواقف الحزب البائد منه! لكن لم يحصل شيء ولم يعد أحدا بعد ذلك يقطع عليه سير المحاضرة.
   وبعد أشهر قليلة توفي والدي وكنت من سكنة البصرة فاضطررت للانتقال للجامعة المستنصرية في البصرة للدراسة المسائية والعمل نهارا لإعالة عائلتي! لكن ذكرى ابراهيم كبة لم تكن تفارقني حيث كان بعض الزملاء من بغداد ينقلون لي تحياته وأسفه لمغادرتي القسرية."


بغداد
10/10/2012

57
في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 4
"العلاف والخصائص العربية الاسلامية"


   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونترك الحكم للقراء الكرام!   

•   كتب ابراهيم خليل العلاف في موقع الحوار المتمدن العدد 3808 التاريخ 3/8/2012 دراسة معنونة"إبراهيم كبة واسهاماته في إثراء الفكر الاقتصادي في العراق"،جاء فيها:"الدكتور ابراهيم كبة، لم يكن استاذا في علم الاقتصاد فحسب،بقدر ماكان مفكرا اقتصاديا،وصاحب مدرسة نضالية تقدمية في الاقتصاد والفكر الاقتصادي.ٌأختير وزيرا للاقتصاد في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وسقوط الحكم الملكي،وأسهم في كل قراراتها الاقتصادية وخاصة في مجالات النفط والتخطيط والاتفاقيات الاقتصادية،ورفع مستوى معيشة الفقراء من الناس.كتب العديد من المقالات والدراسات حول النهوض بالاقتصاد العراقي،وكان اقتصاديا فذا له اراء ناضجة في مجال الاقتصاد العراقي ومفاصله.
   من ال كبة المعروفين بتوجهاتهم الوطنية،والعروبية،والانسانية.ولد سنة 1919 وتوفي سنة 2004.وبين هذين التاريخ،كانت حياته حافلة بالمنجزات الفكرية الاقتصادية والسياسية.درس في مدارس بغداد ودخل كلية الحقوق وتخرج فيها سنة 1941،وسافر الى القاهرة،ودخل جامعتها،ونال دبلومين احدهما في القانون العام،والاخر في الاقتصاد 1946-1947 .الاستاذ الدكتور ابراهيم كبة،علم بارز في العراق والعالم العربي والعالم.وقد عرف بتوجهاته الفكرية التقدمية،وكان من الذين نشروا المنهج المادي الجدلي،وبشروا بالفكر الاشتراكي اليساري في العراق،مع مراعاة للخصائص العربية الاسلامية في مجال الفكر الاقتصادي.
   ومنذ تعيينه استاذا في جامعة بغداد،وتوليه سنة 1953 تدريس مادة تاريخ المذاهب الاقتصادية،واسهامه في تحرير مجلتي الثقافة الجديدة والثقافة (العراقيتين) ذواتي التوجه التقدمي والفكر العلمي النضالي الحديث وهو يغذ السير بأتجاه ترسيخ مفاهيم وقيم جديدة في الساحة الفكرية العراقية المعاصرة.وقد تعرض بسبب توجهاته الى عنت الحكم الملكي الهاشمي وما بعده فعلى سبيل المثال فصل سنة 1954 مع مجموعة من ابرز اساتذة جامعة بغداد.كما اعتقل بعد سقوط حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في شباط 1963 .ولم يفت ذلك من عضده بل خرج مرفوع الرأس شامخا يدرس طلبته ويشرف على اطروحاتهم ويجاهر بفكره اليساري التقدمي.
   له كتب ودراسات ومقالات كثيرة أحصاها ولده الاستاذ سلام،ومن كتبه:وجهة القومية الحديثة – 1941.روح العصر – 1945.تطور النظام الاقتصادي – 1953.المفاهيم الاساسية للاقتصاد العلمي – 1953.نظرية التجارة الدولية - 1953.أزمة الفكر الأقتصادي - 1953.أزمة الفلسفة البورجوازية – 1953.معنى الحرية – 1954.تشريح المكارثية – 1954 .المذهب السوفياتي في القانون الدولي – 1956 . أضواء على القضية الجزائرية – 1956 . أزمة الاستعمار الفرنسي – 1956. النفط والازمة العالمية – 1956 . الاقطاع في العراق – 1957 . العراق والوحدة الاقتصادية – كراس - 1959. حول بعض المفاهيم الاساسية في الاشتراكية العلمية – 1960 . انهيار نظرية الرأسمالية المخططة – 1960.الماركسية والحرب الامبريالية - 1960.البراغماتية والفلسفة العلمية – 1960.الجزائر وقضية الشعب الفرنسي – 1960.الامبريالية – 1961.تشريح الكوسموبوليتية – 1961.محاضرات في التاريخ الأقتصادي – 1967.هذا هو طريق 14 تموز – دفاع ابراهيم كبة امام محكمة الثورة – 1969.محاضرات في تاريخ الأقتصاد والفكر الاقتصادي – 1970.محاضرات في تاريخ الأقتصاد والفكر الاقتصادي – الطبعة الثانية – 1973.الرأسمالية نظاما – 1973.مشاكل الجدل في الرأسمال لماركس – 1979.
   أما مقالاته ودراساته وبحوثه فمنها :
1.   عبء الاثبات في القوانين – الحقوقي – 1940 .
2.   نظرية القانون الصرفة – الثقافة الجديدة – 1954 .
3.   ازمة النظام الكولونيالي - الثقافة الجديدة – 1954 .
4.   حول مؤلف عن تاريخ العراق الحديث - الثقافة الجديدة – 1954 .
5.   حول المعاهدات غير المتكافئة - الثقافة الجديدة – 1958 .
6.   سياسة الجمهورية العراقية الاقتصادية – مجلة الكمرك – 1959 .
7.   الكينزية كمنهاج اقتصادي للرأسمالية المنظمة - الثقافة الجديدة – 1960 .
8.   مذكرة السادة مصطفى علي وجماعته - دراسات عربية - عدد أكتوبر – 1966.
9.   الفكـر الرجعـي في العـراق – دراسة غير منشورة - 5/5/1967 .
10.   نصيحة للحكام الجدد - من اجل حل سلمي لأزمة الحكم في العراق - 3 /8/1968
11.   ملاحظات عامة حول مادة التاريخ الأقتصادي – مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية – 1969 .
12.   لانكة والمادية التاريخية - الثقافة الجديدة – 1969 .
13.   بعض التقييمات الماركسية للكينزية - الثقافة الجديدة – 1969 .
14.   من نظريات الدورة الاقتصادية – مجلة الجامعة المستنصرية – 1970 .
15.   حول النظرية العامة لكينز – مجلة الجامعة المستنصرية – 1970 .
16.   حول نظرية شتايرمان – الاقتصادي – 1970 .
17.   تحليل شومبيتر للفكر السكولائي – الاقتصادي – 1970 .
18.   اوليات حول الدورة الاقتصادية – المثقف العربي – 1970 .
19.   نظرية كوفوليف حول مرحلة الانتقال للعبودية - المثقف العربي – 1970 .
20.   حول طبيعة النظام الاقطاعي - المثقف العربي – 1970 .
21.   استعراض نقدي للادب الاكاديمي المعاصر حول مادة التاريخ الأقتصادي - الاقتصادي – 1970 .
22.   حول نظرية القيمة الماركسية – الاقتصادي – 1970 .
23.   الاقتصاد الكينزي – الاقتصاد – 1971 .
24.   موريس دوب ومفهوم التراكم البدائي للرأسمال – الاقتصادي – 1971 .
25.   حول مفهوم رأسمالية الدولة الاحتكارية – الاقتصاد – 1971 .
26.   حول العلاقة بين الماركسية والفيزيوقراطية – الاقتصادي – 1971 .
27.   الاقتصاد الماركسي والادب الالماني المعاصر– الاقتصاد – 1971 .
28.   هنري دني وموضوعة عدم اكتمال رأسمال ماركس – الاقتصادي – 1971 .
29.   هكس ونقاده المحافظون – الاقتصاد – 1971 .
30.   في الادب الاقتصادي السوفياتي – الاقلام – 1971 .
31.   هكس ونظرية التاريخ الأقتصادي – الاقتصاد – العدد 13 - 1971 .
32.   حول تحليل ماركس لنمو المتناقضات داخل الظواهر الاقتصادية – الاقتصادي – 1972 .
33.   نظرية النمو في الاقتصاد الاشتراكي – الاقتصاد – 1972 .
34.   دني وتاريخ الفكر الأقتصادي – الاقتصاد – 1972 .
35.   اقتصاديات الامبريالية – الاقتصاد – 1972 .
36.   الانتقال نحو الاقتصاد الاشتراكي – الاقتصاد – 1972 .
37.   القومية والرأسمالية في البيرو – الاقتصاد – 1972 .
38.   اشكالية الاقتصاد الانتقالي – الاقتصاد – 1972 .
39.   حول كتاب الرأسمالية نظاما – الاقتصاد – 1972 .
40.   ضوء جديد على مشكلة العلاقة بين الدين ونشوء الرأسمالية - – الاقتصاد – 1973 .

 
   كتب عنه ولده الاستاذ الفاضل سلام ابراهيم كبة،الكثير من المقالات. وقد أفدنا منها .كما كتب عنه كثيرون وكل من كتب عنه،يؤكد بأن الاستاذ الدكتور ابراهيم كبة واحد من أبرز المفكرين الاقتصاديين العراقيين والعرب.وقد كان له دور مهم في ترسيخ الافكار الاشتراكية،وتنمية الوعي اليساري في العراق.ولم يكن الرجل قابعا في برجه العاجي كأستاذ جامعي ، وانما كان منغمسا في الحياة العامة درس وحاضر وكتب وترجم وعلق وناقش وجادل وحلل واستنتج ووضع نظريات مهمة لاتزال تدرس في المعاهد والكليات الاقتصادية العراقية والعربية والعالمية .
  كان الاستاذ الدكتور ابراهيم كبة فوق هذا وذاك انسانا كريما ،ومربيا فاضلا ، شجاعا نبيلا متواضعا التف حوله طلبته وزملائه وقمين بنا ان نظل نذكره فلقد ترك بصمة واضحة ليس في تاريخ الفكر الاقتصادي العربي المعاصر فحسب ، وانما في التاريخ العراقي والعربي المعاصر . " انتهى.

  هذه احدث دراسة كتبت عن الدكتور كبة!ويبدو البعض "كالعلاف مثلا"يحاول قسرا ومن العدم خلق "خصائص عربية اسلامية في مجال الفكر الاقتصادي"واقحامها في فكر الدكتور كبة!مثلما ورد في المقطع التالي"وكان من الذين نشروا المنهج المادي الجدلي،وبشروا بالفكر الاشتراكي اليساري في العراق،مع مراعاة للخصائص العربية الاسلامية في مجال الفكر الاقتصادي"!
  ولعلم العلاف ان كبة لم يكن بعثيا ولا عروبيا ولا دعوجيا ولا دينجيا،ومن الذين فندوا ما طبل له الاسلام السياسي والبعث العربي الاشتراكي معا لمفاهيم من قبيل "الاقتصاد الاسلامي"و"الاقتصاد العربي"و"الاقتصاد المسيحي"و"الاقتصاد الكردي"و"الاقتصاد الشيعي"و"الاقتصاد العربي الاسلامي"!كلها عند الدكتور ابراهيم كبة مصطلحات طوباوية واوهام من نسج الخيال لا وجود لها في عالم الاقتصاد الواقعي.فالاقتصاد الاسلاموي طرائقية آيديولوجية تسعى الى تضليل الناس الذين يدخلون في دوامة الاحلام بتحقيق العدالة الاجتماعية!وهذا لا يمنع من القاء الضوء على سعي الاسلام الى تحقيق الكرامة الانسانية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بغض النظر عن نمط الانتاج السائد.
   عند الدكتور ابراهيم كبة لا يوجد اقتصاد اسلامي،لكن يوجد "اقتصاد المسلمين"باعتبارهم مجموعة بشرية تمارس نشاطا اقتصاديا مصنفا في اطار احد انماط الانتاج المعروفة- عبودية،اقطاعية،رأسمالية ليبرالية او وحشية،اشتراكية.ووجب التمييز بين العقيدة التي تستلزم الثبات على الايمان والتشبع بالفضيلة والقيم النبيلة وبين العلاقات التي تربط بين الناس،سواء كانت تلك العلاقات اقتصادية او اجتماعية او ثقافية او سياسية،وهي علاقات معرضة لمختلف المؤثرات الجغرافية والتاريخية!التمييز بين الاسلام عقيدة وشريعة وفقه وبين ما للمسلمين من انظمة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والقوانين الوضعية وما يخططونه لتحقيق مستقبلهم.
  وما دام "العلاف" قد استفاد واستمتع من كتابات سلام ابراهيم كبة في موقع الحوار المتمدن،لا ضير ان نحيله الى دراسة اخيرة له بعنوان"ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والاقتصاد الاسلامي"ومما جاء فيها:"رغم ان الاسلام الراديكالي يقدم للشبيبة المدينية التي سدت طرق حراكها الاجتماعي واحبطت آمالها مكافآت مغرية:العودة الى طريق الحياة الطهرانية المساواتية وتخفيض التوترات والمرارات وتقليص الفجوة الاجتماعية بالأخذ من الثري واعطاء الفقير!فأن النظام الاقتصادي الاسلامي يفتقر حقا الى المبادئ الفقهية المناصرة للطبقات المسحوقة كما فشل في تمثيل مصالح البازار بسبب المحظورات والتحريمات ومثبطات الوازع الديني،والفعاليات الاقتصادية الفردية تفقد حريتها واطمئنانها مع حق سيادة الدولة الاسلامية!وفي الاقتصاد الاسلامي تتحكم العقيدة في المصلحة الاقتصادية لتتفاوت المبادئ الاقتصادية تبعا للدين والتمذهب!"
   هنا نتسائل فعلا:"هل من وجود لمصطلح"اقتصاد سياسي اسلامي او قومي عروبي"او لنظرية اقتصادية عربية اسلامية،تفسر وتهئ لقيام "نظام اقتصادي اجتماعي"مختلف نوعياً عن "الرأسمالية" و"الاشتراكية" في مستهل القرن الحادي والعشرين؟اهذه المصطلحات غير دقيقة من وجهة نظر الاقتصاد السياسي!ويقف الزمن ضد المحدودية الدينية القومية ومحاولات ارجاع التاريخ الى الوراء بأختلاق خرافات دينية عروبية جديدة ومتجددة او اسلمة وتعريب وتكريد المظاهر العصرية،والعقائد الدينية على الاطلاق تمتلك اطر جامدة ضيقة تماما!فالعودة الى الماضي والبدائل الاسلامية ردود افعال على التخلف ودليل عمق ازمة المجتمعات المتخلفة!التخلف والبدائل الدينية القومية يرتبطان بعلائق تاريخية!
   الاقتصاد السياسي علم يعني بدراسة تطور علاقات الانتاج الاجتماعية بين الناس،اي العلاقات الاقتصادية بينهم،ويكشف عن القوانين التي تحكم انتاج الخيرات المادية وتوزيعها في المجتمع البشري في مختلف مراحل تطوره،ودراسة علاقات الانتاج في تفاعلها مع قوى الانتاج،وعلاقات الانتاج في تفاعلها مع البناء الفوقي اي مع الآيديولوجيات والنظرات والمؤسسات السياسية،والقوانين الاقتصادية الخاصة بمختلف انماط الانتاج المعروفة في التاريخ.والاقتصاد السياسي لا يعني ابدا بالانتاج بل بالعلاقات الاجتماعية بين الناس في الانتاج وبالنظام الاجتماعي للانتاج!

   ارتبطت بثورة 14 تموز المجيدة 1958 وانقلاب 14 رمضان الاسود شخصيات من آل كبة،في مقدمتهم الدكتور ابراهيم كبة!والشيخ محمد مهدي كبة!الأول تولى المناصب الوزارية اثر الثورة وكان المهندس الفعلي للسياسة الاقتصادية لها!والثاني شغل عضوية مجلس السيادة بعيد الثورة،وكان قوميا محافظا اسس نادي المثنى في العهد الملكي"وهو النادي الذي اعتبره البعث حاضنتهم"،وتزعم حزب الاستقلال وآثر اعتزال السياسة والانصراف لكتابة مذكراته منذ عام 1960 وتوفى عام 1984 بعد ان اذاقه البعث الأمرين!!
  في الطرف المقابل شغل صالح كبة حقيبة وزارة المالية اثر انقلاب رمضان الاسود ومحافظا للبنك المركزي العراقي في زمن الأخوين عارف،بينما كان القانوني والحقوقي منذر كبة قائدا لزمرة من زمر الحرس القومي الفاشية التي اعتقلت الدكتور ابراهيم كبة"الدكتور كبة هو خال منذر"!اما سعدية كبة فكانت عقيلة حازم جواد احد كبار اركان انقلاب رمضان!علما ان معظم الذين شاركوا في الانقلاب الاسود قد ادانوه فيما بعد،عبر المذكرات والارشفة التاريخية!عدا زمرة البكر – صدام وزبانيتهما!وأقروا بوقوف المخابرات المركزية الاميركية وراءه!


بغداد
9/10/2012


 

58

في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 1

سلام كبة   

   في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونترك الحكم للقراء الكرام!   

•   ضمت موسوعة علماء الاقتصاد العراقيين الدكتور ابراهيم كبة.وجاء في سيرته الذاتية:"ولد المفكر الاقتصادي ابراهيم عطوف كبة في مدينة النجف الاشرف عام 1919،وترعرع في بيئة وطنية دينية.اكمل دراسته الاولية والعليا في جامعات مصر وفرنسا،وبعد عودته الى العراق عام 1952،عمل في جامعة بغداد.استوزر بأول حكومة في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز عام 1958،حيث تولى وزارة الاقتصاد،كما تولى حقائب وزارية اخرى بالوكالة كوزارة النفط ووزارة الزراعة والاصلاح الزراعي.وفي هذه الفترة كان له الفضل في صدور قانون رقم 80 الذي نظم علاقة الدولة بعمل الشركات النفطية العالمية العاملة في العراق،حيث ساهم هذا القانون بزيادة حصة الحكومة من عوائد النفط آنذاك،الامر الذي زاد من قدراتها على احداث تنمية فعالة،كما كان له دور فاعل في صياغة قوانين الاصلاح الزراعي،وتحسين قطاع الزراعة.استقال في اواسط عام 1960 من الوزارة وعاد الى مزاولة عمله التدريسي بجامعة بغداد،حيث حصل على درجة استاذ مساعد في عام 1962.
   في الثامن من شباط عام 1963 اعتقل ابراهيم كبة وحكم عليه بالسجن لمدة عشرة سنوات مع الاشغال الشاقة،غير ان عفوا رئاسيا صدر عنه في عام 1965.وفي بداية العام الدراسي 1968 تمت اعادته الى جامعة بغداد بناءا على اعماله العلمية،وفي نفس العام قدم الى الترقية لدرجة الاستاذية.
  استمر كبة في عطائه العلمي رغم مضايقات النظام الدكتاتوري له،حيث كانت محاضراته في الاقتصاد السياسي وتاريخ الفكر والمذاهب الاقتصادية في جامعتي بغداد والمستنصرية من افضل ما قدم لطلبة كلية الادارة والاقتصاد في النصف الاول من سبعينيات القرن الماضي،حتى سنة تقاعده في عام 1977.
  توفي الدكتور ابراهيم عطوف كبة في السادس والعشرين من تشرين الاول عام 2004 تاركا لتلامذته ولجيل الاقتصاديين العراقيين الشباب تراثا علميا غنيا بالمؤلفات والترجمات المهمة،حيث كان المرحوم يجيد اللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية واليونانية والايطالية،ومن اهم هذه المؤلفات:ازمة الفكر الاقتصادي(1953)،تشريع المكارثية(1954)،الاقطاع في العراق(1957)،انهيار نظرية الرأسمالية المخططة(1960)،البراغماتية والفلسفة العلمية(1960)،ماهي الامبريالية(1961)،دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكرالاقتصادي(1970)،الرأسمالية نظاما(1972)،مشاكل الجدل في كتاب راس المال لكارل ماركس(1979).
   كما نشر كبة العشرات من البحوث والمقالات العلمية في العديد من الدوريات العراقية والعربية منها الثقافة الجديدة،مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية،الاقتصاد،مجلة الجامعة المستنصرية،الاقتصادي،الاقلام،الثقافة،المثقف العربي وغيرها من الدوريات".
http://www.shaaubmagazine.com/view.1912

•   ضم منتدى علماء الاقتصاد في العراق الالكتروني"http://www.bargah.in/vb/showthread.php?t=5149"الدكتور ابراهيم عطوف كبة!وعرف المنتدى الدكتور كبة كالآتي:"مفكر اقتصادي،ولد في مدينة النجف عام 1919،وترعرع في بيئة وطنية دينية،تتلمذ على يد خاله الشيخ محمد مهدي كبة الذي لعب دورا مهما في تاريخ العراق الحديث.ومنذ سنوات شبابه الأولى تشرب إبراهيم كبة بالحس الوطني وتأثر بأفكار جعفر أبو التمن والحزب الوطني قبل سفره خارج العراق،حيث درس دراسته الأولية والعليا في جامعات مصر وفرنسا،وبعد عودته إلى العراق عام 1952،عمل في جامعة بغداد،وقد ناهضته السلطة الملكية وطاردته في العمل والسكن،وأثناء ذلك ساهم كبة في صياغة ميثاق جبهة الاتحاد الوطني سنة 1957 وكان على صلة مباشرة بالحركة الديمقراطية العراقية.
  استوزر إبراهيم كبة في أول حكومة في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز عام 1958،حيث تولى وزارة الاقتصاد،كما تولى حقائب وزارية أخرى بالوكالة كوزارة النفط ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.وفي هذه الفترة كان له الفضل في صدور قانون رقم (80) الذي نظم علاقة الدولة بعمل الشركات النفطية العالمية العاملة في العراق،حيث ساهم هذا القانون بزيادة حصة الحكومة من عوائد النفط ،الأمر الذي زاد من قدراتها على إحداث تنمية فعالة آنذاك،كما كان له دور فاعل في صياغة قوانين الإصلاح الزراعي ،وتحسين قطاع الزراعة.
   استقال كبة في أواسط عام 1960 من وزارة عبد الكريم قاسم بسبب تردد السياسة القاسمية في حقل الحريات العامة وبناء أسس المجتمع المدني الحديث وتأخير تشريع الدستور الدائم.وبعد ذلك عاد كبة إلى مزاولة عمله التدريسي بجامعة بغداد،حيث حصل على درجة أستاذ مساعد في عام 1962،إضافة إلى مشاركته في حركة أنصار السلام.
   وفي الثامن من شباط عام 1963 واثر الانقلاب البعثي أعتقل إبراهيم كبة وحكم عليه بالسجن لمدة عشرة سنوات مع الأشغال الشاقة،غير أن الرئيس الأسبق عبد السلام عارف قد اصدر عفوا رئاسيا عنه في عام 1965.وفي بداية العام الدراسي 1968 تمت إعادته إلى جامعة بغداد بناءا على إعماله العلمية،وفي نفس العام قدم إلى الترقية لدرجة الأستاذية،وبالرغم من تأييد القسم العلمي وعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية آنذاك غير أن لجنة الترقيات العلمية بجامعة بغداد رفضت الترقية بحجة عدم إكمال المدة القانونية،حيث اعتبرت فترة العزل السياسي خارج نطاق الخدمة الجامعية،علما بأن إبراهيم كبه بعد ترقيته إلى أستاذ مساعد في عام 1962 قد ألف عشرة مؤلفات علمية وكتب العشرات من البحوث والدراسات المعروفة وعقدت جامعة القاهرة ندوة علمية خاصة لتثمين أحد مؤلفاته العلمية.وبالتالي فهو يستحق أكثر من لقب أستاذ لو قدم ترقيته إلى جامعة تحترم العلم والعلماء في ذلك الوقت.
  وبالرغم من مضايقة النظام الدكتاتوري البائد له غير أنه استمر في عطائه العلمي،حيث كانت محاضراته في الاقتصاد السياسي وتاريخ الفكر والمذاهب الاقتصادية في جامعتي بغداد والمستنصرية تعد أفضل زاد فكري لطلبة كلية الإدارة والاقتصاد في النصف الأول من عقد السبعينات من القرن الماضي،حتى أحاله نظام البعث إلى التقاعد في عام 1977.ورغم ضغوط هذا النظام غير أن كبة بقي وفيا لمبادئه في الفكر المادي والاشتراكي العلمي والماركسي والديمقراطي حتى وافته المنية في السادس والعشرين من أكتوبر عام 2004 تاركا لتلامذته ولجيل الاقتصاديين العراقيين الشباب تراثا علميا غنيا بالمؤلفات والترجمات المهمة،حيث كان كبة يجيد اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والاسبانية والروسية واليونانية والايطالية،ومن أهم هذه المؤلفات هي:أزمة الفكر الاقتصادي(1953)،تشريع المكارثية (1954)،الإقطاع في العراق (1957)،انهيار نظرية الرأسمالية المخططة (1960)،البراغماتية والفلسفة العلمية (1960)،ماهي الامبريالية (1961)،دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي (1970)،الرأسمالية نظاما (1972)،مشاكل الجدل في كتاب رأس المال لكارل ماركس (1979).كما نشر كبه العشرات من البحوث والمقالات العلمية في العديد من الدوريات العراقية والعربية منها الثقافة الجديدة،مجلة الاقتصاد والعلوم السياسية،الاقتصاد،مجلة الجامعة المستنصرية،الاقتصادي،الأقلام،الثقافة،المثقف العربي،وغيرها من الدوريات."

•   في الموقع الالكتروني لكلية الادارة والاقتصاد/جامعة بغداد،نشر الخبر التالي في 15/4/2012"http://coadec.uobaghdad.edu.iq/ArticleShow.aspx?ID=25":"بحضور السيد رئيس جامعة بغـــداد الاستاذ الدكتور موسى جواد الموسوي وضمن فعاليات الاسبوع الثقافي الاول الذي تقيمه كلية الادارة والاقتصاد بمناسبة يوم الجامعة الأُم جامعة بغـــداد واحتفاءً بالطلبة الخريجين (دورة الوفاء) 62 للكلية،تم افتتاح مكتبة ضمن مكتبة الكلية تحمل اسم استاذ من اساتذتها الاعلام باسم مكتبة الدكتور ابراهيم كبة.
  ان مكتبة الكلية اليوم تقف شامخة بكتبها ومجلداتها ورسائلها واطاريحها وبحوثها مرصوصةٌ موضوعة بأماكنها محافظةً على هيبتها بعد ما كانت مستلقيات على الارض  يعلوهن التراب وخيوط العنكبوت الواهنة،حتى امتدت اليها يد عمادة الكلية الموقرة متمثلةً بعميدها البار لكليتهُ!الاستاذ المساعد الدكتور عبد الجبار محمود فتاح برفعها من الارض ووضعها على رفوف واعادة تنظيمها".
"قمنا بالرد على هذا الاجراء والخبر المقتضب في دراستنا(ابراهيم كبة والمبادرات الخجولة للمؤسسات الاكاديمية العراقية)،وجاء فيها:"تراث ابراهيم كبة الغني يأبى التأويل والتفسير الطوباوي والسباحة في لجة الاحلام والاوهام،او ان تتلقفه ايادي غير امينة تجري المتاجرة به لأغراض نفعية براغماتية محضة،ولصالح اهداف دعائية رخيصة او وجوه اجتماعية وسياسية وحتى اكاديمية تنتمي الى الفكر البورجوازي الرجعي والطائفي والقومي ولزبانيته،هذا الفكر الذي امضى المرحوم كبة جل عمره في فضحه ونشر اكاذيبه وترهاته وسخافاته،وبسببه اودع السجن والمعتقلات في رمضان الاسود 1963.وابراهيم كبة من الد اعداء السرطنة الرجعية بتلاوينها وخزعبلاتها دون الوطنية او العابرة لها،وساهم في فضح الآراء والحنقبازيات الفكرية السفسطائية النفعية القومية والطائفية والتي كانت فاعلة في اجهاض ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.
اما مهمة رفع"الكتب والمجلدات والرسائل والأطاريح والبحوث المرصوصةٌ"من الارض ووضعها على الرفوف واعادة تنظيمها،بعد ما كانت مستلقيات على الارض  يعلوهن التراب وخيوط العنكبوت الواهنة في المكتبات الجامعية العراقية،فهي ولعمري،من صلب المهمات الأساسية للعمادات الجامعية لا تتفضل بها على احد!""

•   تحت عنوان"حكايات متفرقة.....القران..ابراهيم كبة...ماركس...عيد ميلاد حمودى.."كتب رشيد الغالب في الحوار المتمدن – العدد(2429) تاريخ 9/10/2008"http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=149532":"الاستاذ ابراهيم كبة......كنا مجموعة طلاب فى كليات علمية نلتقى مع طلبة اكاديميين وكليات انسانية،ونستمع من الشعر والادب والمواضيع الاقتصادية من عباقرة ذلك الزمان.ففى كلية الآداب كنا نذهب لها عندما نسمع محاضرة او القاء قصيدة او مناظرة ادبية وغيرها.وحسب ما اتذكر حضرنا عدة محاضرات للاستاذة لميعة عباس عمارة والمرحومة الدكتورة نازك الملائكة والدكتور المرحوم عناد غزوان وغيرهم...
وفى كلية الادارة والاقتصاد للاستاذ ابراهيم كبة رحمة الله.حدثنا احد طلبته،ان ديوان الرقابة المالية او جهة تدقيقية،والكلام لهذا الصديق نقلا عن الاستاذ ابراهيم كبة،ان هذة الجهة طلبت من الاستاذ ان هناك نقصا فى ميزانية الدولة وبالذات فى ديوان رئاسة الجمهورية عام 1965(ليس الان)نقصا سنويا قدرة 180(مائة وثمانون دينارا لا غيرها)..ويريدون ان يعرفوا سبب هذا النقص.يقول الاستاذ كبة: بعد تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض وبعد التدقيق والتمحيص اتضح ان السيد رئيس الجمهورية آنذاك(عبد السلام محمد عارف)قد امر بتعيين حدقجى ثانى فى بيته،وذلك بسبب بعض التأثيرات عليه من بعض معارفه وبراتب قدرة 15(خمسة عشر دينار فقط شهريا).حيث ان التعليمات آنذاك تسمح لحدقجى (فلاح)واحد فى بيت رئيس الجمهورية حسب التعليمات المالية ويكون راتبه على حساب الدولة.وعليه تم توجيه كتاب لرئاسة الجمهورية،اما ان يكون راتب هذا الفلاح من حساب رئيس الجمهورية الخاص او على الفلاح ترك العمل... ياسلام!".

•   كتب الاستاذ باسم الشيخ رئيس مجلس ادارة وتحرير "دار الدستور"دراسة في 20/9/2011 تحت عنوان"ابراهيم كبة ودوره السياسي والفكري في العراق - دوره في تحقيق الإصلاح الزراعي.. خطوة اقتصادية وسياسية واصلاحية لثورة 1958"أن الانتصار الذي حققته ثورة 14 تموز بتغييرها النظام السياسي من نظام موجه لخدمة الاستعمار ومشاريعه وشركاته الاحتكارية إلى نظام مستقل موجه ضد الاستعمار وأحلافه ومخططاته،كان لا بد من أن يصاحبه تغيير في العلاقات الاجتماعية السابقة في الريف والمدينة،لذا فأن حل مسألة الأرض حلاً جذرياً كان المهمة الأولى من مهام الثورة الوطنية التي لا تقبل التأجيل ولأجل ذلك شرع قانون الإصلاح الزراعي رقم (30) لسنة 1958!وعكست الأسباب الموجبة للقانون الأهداف وراء تشريعه،كان في مقدمتها تحقيق الأماني الوطنية التي جاءت من اجلها الثورة وفي طليعتها القضاء على الإقطاع وعلاقاته الإنتاجية،وان تحقيق هذا الهدف في نظر حكومة الثورة يعد نقطة انطلاق للإصلاحات الأخرى بوصفه أهم أساس اقتصادي لكل تلك الإصلاحات،وهو القاعدة الأساسية التي يقوم عليها الإصلاح الاجتماعي،وعده الزعيم عبد الكريم قاسم واجباً وطنياً على كل فرد،وان مجرد التفكير بعرقلة تنفيذه هو إساءة للوطن.
   أما إبراهيم كبة فعدّهُ أهم خطوة إصلاحية اجتماعية واقتصادية وسياسية قامت بها الثورة،وان تنفيذ القانون - باعتقاده- سينهي العلاقات الإنتاجية الإقطاعية ويوفر القاعدة المادية اللازمة لبناء اقتصاد زراعي جديد قائم على أساس الملكية الفردية الصغيرة وعلى رعاية مصالح المنتجين الحقيقيين وهم الفلاحين،وأكد أيضاً ضرورة الإسراع في تنفيذه لأنه يمس شريحة كبيرة من سكان العراق أولاً ولأنه شرط ضروري لنجاح التصنيع على أساس أن الزراعة هي المصدر الأول للمواد الأولية الصناعية والعمل الصناعي ثانياً،وان نجاح الإصلاح الزراعي هو الشرط الأول لصيانة الجمهورية وتثبيت أسسها ثالثاً،وان نجاحه ضروري لتطوير النظام الديمقراطي في العراق لكون التنظيمات الفلاحية الركن الأساس  في مجموع التنظيمات الديمقراطية رابعاً،وأخيراً يكون نجاحه عاملاً أساسياً في زيادة الدخل القومي وتحويل مركز الثقل في الاقتصاد العراقي من الاعتماد على تصدير النفط إلى الاعتماد على الزراعة والصناعة.
    وعندما تولى إبراهيم كبة وزارة الإصلاح الزراعي،أصبح مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن تنفيذ القانون،فضلاً عن كونه العضو المفوض عن الهيئة العليا ويُشرف على عملية الاستيلاء على الأراضي وإدارتها وتوزيعها وفقاً للتعليمات،كما كان يرأس جلسات الهيئة العليا في حالة غياب الرئيس(رئيس الوزراء)عن اجتماعاتها.
   أدرك إبراهيم كبة عظمة المهمة الملقاة على عاتقه والمهام الصعبة التي سيواجهها في وزارته الجديدة،فعلى سلامة تطبيق القانون والصدق في تنفيذه تتوقف الغاية النبيلة المرجوة منه.ولتحقيق ذلك شرع عند تسلمه مسؤولية الوزارة بإنشاء جهاز جديد للإصلاح الزراعي وضعه على مجموعة أسس تضمنت الاستقلال والتحرر الروتيني والمالي في الإدارة والاستخدام،والاهتمام بالتخطيط المدروس للوزارة باستحداثه(مديرية التخطيط العامة)،كذلك توحيد جميع أجهزة الإصلاح الزراعي في مؤسسة واحدة (مؤسسة الإصلاح الزراعي) بمديريتها العامة والسكرتارية والهيئة الاستشارية ومحكمة تمييز الإصلاح الزراعي والمصرف الزراعي،فضلاً عن الاهتمام بالتوجيه والنشر وأحداث مديرية خاصة لذلك،هدفها نشر آيديولوجية الإصلاح ومقاومة الحملات الرجعية (الإقطاعية)،وأستحداث مديريات إصلاح زراعي للألوية لغرض التوفيق بين المركزية واللامركزية في الإدارة وربطها مباشرة بالجهاز المركزي!ولأجل إكمال الرقابة على أعمال الإصلاح الزراعي تم استحداث (المفتشية العامة في ديوان المؤسسة) وربطها بالوزير مباشرة،وتم وضعه لهذا الجهاز خلال شهر واحد من تسلمه مسؤولية الوزارة وباشر على الفور في توفير عناصر العمل الضروري لملئ الجهاز الجديد.
    ولأجل توضيح الأهداف الوطنية الكبرى لقانون الإصلاح الزراعي في العراق،وضرورة اطلاع الرأي العام العراقي عليها ليأخذ دوره في تنفيذ القانون،عقد إبراهيم كبة في 20 آب 1959 مؤتمراً صحفياً ،أشار فيه إلى أن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي نصاً وروحاً يعني الثورة الزراعية التي هي جوهر ثورة 14 تموز ،مبيناً أهداف الإصلاح الزراعي الواجب تحقيقاً وهي:

 1. القضاء على الإقطاع بوصفه نظاماً اجتماعيا واقتصادياً للعلاقات الزراعية.
 2. حماية الطبقة المتوسطة من المزارعين.
 3. تحويل النظـــام الإقطاعي إلى نظام تعاونـي مبني على الملكية الصغيرة للفلاحين.

   وأكد أيضاً أنّ الإصلاح الزراعي لا يمكن أن ينجح إلا بوجود حملة فكرية توضح أهداف الإصلاح الزراعي وتثبت المفاهيم الصحيحة حوله،وتبرز انجازاته إلى الرأي العام وتستفيد من مراقبة الرأي العام للعملية كلها،ولفت الانتباه بأن القضاء على الإقطاع لا يعني بأي شكل من الأشكال التعرض للأشخاص والأموال،وإنما يعني بالضبط  القضاء النهائي على العلاقات الإنتاجية بتطبيق القانون.
   ولمواجهة المشاكل الناتجة عن عملية تطبيق قانون الإصلاح الزراعي،اصدر إبراهيم كبة عدداً من البيانات التي عالج بها قضية الإنتاج الزراعي وواجبات الأشخاص الخاضعين للقانون،مع التأكيد على أصحاب العلاقة في تقدير مسؤولياتهم لصيانة الإنتاج الزراعي وزيادة الدخل القومي!وعالج مشكلة المنازعات الخاصة بالعلاقة الزراعية بين الفلاحين والملاكين وجعلها ضمن اختصاص القانون والمحاكم المختصة بعد أن كان حسم المنازعات يجري أدارياً ومن قبل موظفين أداريين!ولملاحظته توقف الفلاحين عن زراعة الأرض التي يعلن خضوعها للاستيلاء ظناً منهم أن الاستيلاء يحرمهم من حقوقهم،اصدر بياناً أعلن فيه عدم تأثير الاستيلاء على الحقوق القانونية لذوي العلاقة،وعلى  صاحب الأرض أن يستمر في زراعتها لرفع الإنتاج الزراعي.وفي السياق نفسه اخذ بعض الإقطاعيين تقديم استمارات غير واقعية لحيازة الأرض لأبنائهم،لذلك أمر إبراهيم كبة بوجوب تقديم استمارات الإقرار لأصحاب الأراضي الذين لهم أسهم فيها مصحوبة بقسامات شرعية ونظامية،ولا يقبل دون ذلك،وتقديمها إلى مديريات الإصلاح الزراعي في الألوية وخلال مدة محدودة.
   كما صدرت قوانين وأنظمة وتعليمات عدة من الهيأة العليا للإصلاح الزراعي على خلفية المذكرات التي قدمها العضو المفوض عن الهيئة لسد الثغرات الناتجة عن تطبيق القانون،ولأجل انصراف وزارة الإصلاح الزراعي إلى واجباتها الرئيسة طلب إبراهيم كبة تشكيل هيأة تحقيق دائمة للنظر في الشكاوى الهامة التي تحيلها اليها الهيأة والوزارة.ان أهم مرحلة في قانون الإصلاح الزراعي هي مرحلة الاستيلاء،والتي تعني تفتيت الملكيات الكبيرة بالاستيلاء عليها تمهيداً لتوزيعها على الفلاحين،ورأت الهيأة العليا في بداية عملها ضرورة الإسراع بالاستيلاء على الأراضي الخاضعة للقانون كافة،لتحقيق الهدف الرئيسي وهو الإسراع في توزيع الأراضي على الفلاحين.أما خطة إبراهيم كبة للاستيلاء فقد تضمنت إلغاء برنامج (الاستيلاء الفوري) الذي اقر سابقاً وإكمال إجراءاته وتصحيحها،من خلال وضع تعليمات كاملة للاستيلاء،وإكمال اللجان الخاصة بذلك،مع تصحيح نواقص قرارات الاستيلاء في المرحلة السابقة على إنشاء الوزارة،ووضع نظام دقيق للأرجحيات في تنفيذ ذلك يقوم على البدء بكبار الإقطاعيين لاسيما العشائريين منهم،فكان يرى أن عملية الاستيلاء يجب أن تنفذ كجزء من مجموع عملية الإصلاح الزراعي ولا يمكن أن ينظر إليها بشكل مستقل عن العمليات الأخرى!
   في حين يذكر محمد حديد في مذكراته التي صدرت مؤخراً،بأن إبراهيم كبة وعبد اللطيف الشواف (وزير التجارة) والأعضاء القانونيين في الهيأة عبد الرزاق زبير واحمد جمال الدين،يؤيدون الإسراع في الاستيلاء على الأرض وطرد الإقطاعيين والذي شجع هذا الاتجاه برأيه تنظيمات الحزب الشيوعي في الأرياف التي غالت في مهاجمة الإقطاعيين!ويذكر أيضاً أنهُ مع وزيري الداخلية والزراعة كانوا يحذرون من التسرع في الاستيلاء على الأراضي قبل انجاز الإجراءات اللازمة لإنجاح العملية،وقد سبب ذلك تذمر إبراهيم كبة متهماً محمد حديد وهديب الحاج حمود بعرقلة تطبيق قانون الإصلاح الزراعي من اجل مصالحهم الشخصية والطبقية.
   أما بالنسبة للأرض التي أعلن عن خضوعها للاستيلاء حتى أواخر عام 1959،فقد بلغت خمسة ملايين دونم استولي على مليونين منها،وقد وضع إبراهيم كبة خطة للتوزيع تضمنت توزيع (750) ألف دونم اغلبها من الأراضي المستولى عليها والعائدة إلى كبار الإقطاعيين العشائريين والمدنيين(علي الشعلان،أمير ربيعة،آل ياسين،حكمت سليمان،حمدي الباچچي،العائلة المالكة السابقة!
    كذلك ساهم إبراهيم كبة في إيجاد القطاع العام للإصلاح الزراعي في العـراق،عن طريق المباشرة في تأسيس المزارع الحكومية الكبرى التي أُدخلت ضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني مع الاتحاد السوفيتي،إذ أنشأت خمسة مزارع للحبوب والقطن والرز والبنجر السكري والنباتات الطبية بالتعاون مع الوزارات الأخرى.وأشار أيضاً إلى أنّ وزارته اتخذت الإجراءات اللازمة لتحقيق الزيادة في الإنتاج الزراعي ووقف التدهور في إنتاج القطاع الخاص الذي هو خارج عن إشراف وزارة الإصلاح الزراعي،إذ تم تشكيل مائة لجنة لإكمال العقود وتأجير الأراضي الخاضعة للإصلاح الزراعي.
   اهتم إبراهيم كبة اهتماماً كبيراً بالجمعيات الفلاحية،وصرح بأن الإصلاح الزراعي لا يمكن أنْ ينجح من دون منظمات جماهيرية فلاحية تسير على نهج قويم لتحقيق مهماته التاريخية وتنصرف إلى واجباتها الحقيقية.وأكد أيضاً أنها تؤدي دوراً كبيراً في جميع أعمال الإصلاح الزراعي على اختلاف مراحله من الاستيلاء حتى التوزيع،مبيناً الشروط الواجب تحقيقها في الجمعيات الفلاحية كي تستطيع النهوض بعملية الإصلاح الزراعي وهي:

1. أنْ تكون جمعيات فلاحية بالمعنى الصحيح أي أنها تعبر فعلاً عن إرادة الفلاحين أنفسهم .
2. أنْ تكون الجمعيات موحدة خالية من شوائب الانشقاق, تمثل جميع الاتجاهات الوطنية وتلتقي في النقاط الأساسية التي يجب أنْ تلتقي عندها جميع المنظمات الديمقراطية المهنية.
3.أنْ يساهم هذا التنظيم ألفلاحي بالفعل في أعمال الإصلاح الزراعي الكثيرة وفي جميع مراحله .
4. وعمل أيضاً على تلبية طلبات الجمعيات الفلاحية وتسهيل أعمالها ومتابعتها بحرص فيما يخص الإصلاح الزراعي.

    وبمناسبة الذكرى الأولى لصدور قانون الإصلاح الزراعي،ألقى إبراهيم كبة خطاباً من دار الإذاعة في بغداد يوم 30 أيلول 1959،ذكر فيه أنْ الشروط الأساسية لنجاح الإصلاح الزراعي تكمن في وحدة القوى الوطنية وتضامن الشعب مع الحكومة ووحدة الحركة الفلاحية بقيام تنظيمات الفلاحين بدورها في جو ديمقراطي فضلاً عن رقابة الشعب الايجابية،وأشار أيضاً إلى أن قانون الإصلاح الزراعي هو أهم قانون ثوري تمخضت عنه ثورة 14 تموز!وان على نجاحه لا يتوقف مصير الاقتصاد الوطني فحسب بل مصير الجمهورية نفسها ومصير الديمقراطية في العراق الجديد.والجانب المهم  الذي أكد عليه في الخطاب هو شرط تحقيق الاستقرار السياسي لإنجاح الإصلاح الزراعي،وذلك بإعلان الحياة البرلمانية وإجازة الأحزاب الوطنية وإعلان الدستور الدائم. ومن دون ذلك،لا يمكن نجاحه على الوجه الأتم،حتى وان توافرت الشروط الفنية والتنظيمية لانجازه.
   من جانب آخر أُثيرت انتقادات شديدة من قبل الصحف المحلية مثل صحيفة (الحرية) وصحف الحزب الوطني الديمقراطي (الأهالي) و(صدى الأهالي) ضد أجهزة الإصلاح الزراعي والجمعيات الفلاحـية بأنَّ الحــــزب الشيوعي استـــــأثر بها!وأثيرت شكاوى ضد موظفي الإصلاح الزراعي ولجانه واتهام الوزارة بأنها وراء قلة المحاصيل الزراعية والفوضى والاضطراب الزراعي..
   تابع إبراهيم كبة هذه المسائل باهتمام كبير،وبصورة خاصة شكاوى الفلاحين فيما يخص تطبيق قانون الإصلاح الزراعي.وكان يؤكد على مدراء الإصلاح الزراعي في الألوية عندما يجتمع بهم أن من أهم واجباتهم التحقيق في هذه الشكاوى والاتصال بأصحابها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.أما بالنسبة للشكاوى التي تخص موظفي الإصلاح الزراعي،فأوضح كبة أن التحقيقات في هذا الجانب دلت على أن الشكاوى مفتعلة وغير صحيحة،وأن المصدر الحقيقي لها إنما هم الإقطاعيون،وكان غرضهم إجراء تعديلات رجعية على القانون وعرقلة تنفيذه!ودعا الرأي العام إلى اليقظة والحذر من هذه المحاولات الإقطاعية والإسهام في تطبيق القانون بمساعدة السلطات الإدارية والقضائية والزراعية،ودعى أيضاً نقابة الصحفيين وسائر المنظمات الاجتماعية إلى القيام بحملة فكرية لإسناد قانون الإصلاح الزراعي.
   كما عد جهاز الإصلاح الزراعي احد الانجازات التي تحققت في المدة التي شغل بها وزارة الإصلاح الزراعي ونفى عن نفسه تهمة التحزب إلى جهة سياسية معينة،كذلك نفى عن أجهزة وزارته تأثرها بالحزبية!وأكد أن جميع المدراء العاملين في وزارته كانوا من المستقلين وان بعضهم من القوميين البارزين!لكنّ البعضٌ منهم يذكر أن الوزارة فيها عدد كبير من الشيوعيين الذين قرروا  مسيرة الإصلاح الزراعي بصورة موافقة لأهدافهم.أما بالنسبة لانخفاض مستوى الإنتاج الزراعي فأكد إبراهيم كبة عدم مسؤولية وزارته عن ذلك،لأن وزارة الإصلاح الزراعي -كما يقول- مختصة فقط بتحويل النظام الاجتماعي في الريف  (النظام الإقطاعي) إلى نظام تعاوني وتنحصر جميع أعمالها التفصيلية لتحقيق هذا الغرض.أما الإنتاج الزراعي فمسؤولية جميع أجهزة الدولة وخاصة وزارة الزراعة،وان وزارته لا تملك التدخل في الإنتاج الزراعي إلا بنسبة ضئيلة جداً!
   كان إبراهيم كبة مدركاً لما يدور على الساحة العراقية من تدهور في الوضع السياسي وانعكاساته الخطيرة على مسألة الإصلاح الزراعي في العراق وتطبيقه لمصلحة الفلاحين،ولم يدخر جهداً في توضيح ذلك للرأي العام والقوى السياسية في البلاد،بدافع من حرصه على المصلحة العامة والحفاظ على مكتسبات الشعب التي جاءت بها الثورة،فقبل أنْ يخرج من الوزارة بأيام قليلة صرح أن الإصلاح الزراعي لا يمكن أن ينفذ لمصلحة الفلاحين إلا في جو ديمقراطي يستند إلى إرادة سائر طبقات الشعب الوطنية،وان هذه الاتهامات والافتراءات ضد قانون الإصلاح الزراعي مصدرها الخلافات الحزبية الضيقة والإغراض الأنانية،وليس هناك حل للقضاء على هذه الخلافات إلا بإجازة الأحزاب التي تعبر عن إرادة الطبقات الوطنية،وعن طريق تعاون الأحزاب في (جبهة اتحاد وطني) تبلور اتجاهات الشعب وتوحد خلافاته وتحل التناقضات الثانوية التي لابد من وجودها بين مراتب الشعب الأساسية في مرحلة الثورة.
    لازمت جهاز الإصلاح  الزراعي منذ البداية نواقص وعيوب أساسية،أشار إليها إبراهيم كبة مؤكداً أن بعضها بسبب القانون نفسه،لكّن أكثرها يعود إلى التناقضات المتفاقمة في الوضع السياسي وانعكاساتها في أجهزة الدولة!ومن هذه العيوب عدم وضوح مفهوم الإصلاح نفسه لا في صلب القانون،ولا في ازدواجية الأجهزة،فضلاً عن الازدواجية مع بعض أجهزة الدولة وعلى الأخص مع وزارة الزراعة،وعدم استيعاب الأجهزة الأساسية للإصلاح!فلم يكن هناك جهاز كامل للري تابع للإصلاح الزراعي ولا يوجد جهاز قضائي مستقل متفرغ للإصلاح وربط الجمعيات الفلاحية بجهازه بوصفها عنصراً أساسياً في تنفيذ أهداف الإصلاح الزراعي فضلاً عن عدم تمكين مديريات الإصلاح الزراعي في الألوية من الإشراف على جميع أعمال الإصلاح الزراعي في مناطقهم..
   لقد كان الطابع السياسي هو الغالب في قانون الإصلاح الزراعي،واستثماره الدعائي كان الدافع الأكثر نصيباً في إخراجه!وكان أثره السياسي واضحاً من خلال قضائه على القوانين الجائرة التي كانت تتمتع بها طبقة معينة وتشريع قوانين تضمن العدالة الاجتماعية للطبقات كافة.ولم يكن عبد الكريم قاسم جاداً في تطبيق قانون الإصلاح الزراعي،وقد أخبر وزيره فؤاد عارف بغرضه الحقيقي من تشريع القانون،وتنبه إلى ذلك أيضاً إبراهيم كبة،وأدرك بأنَّ عبد الكريم قاسم لم يكن بنيته تطبيق سياسة الإصلاح الزراعي وفق التشريعات التي جاءت بها الثورة،وانه وضع مجموعة من العراقيل للحيلولة دون تنفيذ سياسة الإصلاح الزراعي التي تضطلع بها وزارته،ومنها ممالاته للإقطاعيين وعدم الوقوف في وجههم وقبوله الاتصال بهم مباشرة متجاوزين المراجع الأصولية،وتدخله في تعيين حتى اصغر الموظفين والمستخدمين لإغراض خاصة،كذلك منعه لإعارة الموظفين لوزارة الإصلاح الزراعي من الوزارات الأخرى على الرغم من موافقة الأخيرة.
    كذلك عدم موافقته على تعيين كبار الموظفين في الوزارة وقيامه وأجهزته بمخالفات قانونية صريحة،ومثال ذلك تأجيره أراضي الفلاحين للإقطاعيين كما حدث في أراضي (آل الرشيد) و (مشعان الفيصل) وتأجيره أراضي الفلاحين لأصحاب المصالح في الموصل وتأجيره أراضي الأوقاف لغير الفلاحين وعلى أساس مبدأ الالتزام القديم خلافاً لرأي الهيأة الاستشارية في الوزارة،فضلاً عن تأجيله الاستيلاء على أراضي بعض الملاكين،كما حصل في أراضي (محروث الهذال) ودون موافقة إبراهيم كبة،وقيامه بمحاولات لإجراء تعديلات رجعية في قوانين الإصلاح الزراعي،نجح في بعضها واصطدم بمقاومة شديدة من قبل إبراهيم كبة في القسم المهم منها،حتى اضطر إلى تأجيل القيام بها إلى ما بعد خروجه من الوزارة،واستطاع كبة أيضاً منع بعض محاولات رئيس الوزراء للرجوع بقانون الإصلاح الزراعي إلى الوراء وإفراغه من محتواه الحقيقي،ومنها محاولته إحباط زيادة الأراضي (المجنبة) للملاكين إلى ضعف الحد الأعلى المنصوص عليه في القانون،والتوزيع على أساس عشائري ومحاولة فرض الاختصاص الإداري بدل القضائي في دعاوى العلاقات الزراعية، وإحباطه أيضاً محاولة الاستمرار في إجارة أراضي العمارة للإقطاعيين وغير ذلك..
   ومن جانب آخر حاول الإقطاع بعد أن تأثرت مصالحه بقانون الإصلاح الزراعي،وضع العراقيل أمام سياسة الإصلاح الزراعي ومنها محاولة شل جهاز الإصلاح الزراعي بتقديم الشكاوى المفتعلة،كذلك تهجير الفلاحين على الرغم من البيانات الرسمية التي تمنع ذلك،والاعتداء على حصص الفلاحين والحجز عليها خلاف القانون،والتشهير بسياسة الإصلاح الزراعي،كما في موضوع المزارع الحكومية بحجة أنها مزارع سوفييتية وغير ذلك!
    فضلاً عن توجيه الاتهام إلى إبراهيم كبة بأنه ارتكب أخطاء جسيمة في تطبيق الإصلاح الزراعي،وجاءت الشهادة هذه المرة لصالحه من البريطانيين الذين رأوا بأنّ ليس من العدل أنْ ينسب ذلك إلى إبراهيم كبة ((الذي لم تسنح له الفرصة الحقيقية كي يرتكب  مثل تلك الأخطاء،وذلك أن الأخطاء كانت موجودة قبل أن يصبح وزيراً للإصلاح الزراعي ))!وأمام ذلك كان إبراهيم كبة مدركاً صعوبة تحقيق نتائج فورية في الإصلاح الزراعي وقد نبّه الشعب العراقي من انه لا يمكن تحقيق تقدم سريع من دون توطيد استقرار اجتماعي وسياسي في البلاد!
    وبهذا يمكن القول أن جهود إبراهيم كبة قد أثمرت في النهوض بعملية الإصلاح  الزراعي في العراق،فقد ساهم في وضع أساس جديد لوزارته من خلال إنشائه (مؤسسة الإصلاح الزراعي)،كذلك دللت إجراءاته الكثيرة وسعيه الجاد على حرصه الحقيقي بتطبيق قانون الإصلاح الزراعي لصالح الفلاحين ورفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي،والقضاء على الإقطاع بشكل نهائي.
   واذا كان عمله في وزارة الاصلاح الزراعي قد انصب على حماية طبقة بعينها الا وهي طبقة الفلاحين،فأن عمله في وزارة النفط لم يخرج عن الاطار ولكن بشكل اوسع وهو حماية حقوق الشعب بأكمله.
  ثالثاً: دوره في مفاوضات النفط مع الشركات الأجنبية بعد قيام ثورة 14 تموز1958:كان متوقعاً لدى الرأي العام وكذلك الشركات النفطية الاجنبية أن تبادر حكومة الثورة بإثارة موضوع حقوق العراق المشروعة مع شركات النفط الأجنبية العاملة في العراق.وكدليل على عزم الحكومة تغيير الاتفاقيات مع شركات النفط صدر مرسوم جمهوري في 24 تموز 1958 نص على تعيين عبد الفتاح إبراهيم مديراً عاماً لمصافي النفط الحكومية،وتعيين أديب الجادر مديراً عاماً لشؤون النفط!وبذلك تم إبدال المسؤولين عن السياسة النفطية بشخصيات لها ماضٍ سياسي وثقافي معروف.وجاءت تصريحات إبراهيم كبة لتؤكد التوجه الجديد للحكومة،فعلى الرغم من تأكيده على احترام العراق والتزامه بالاتفاقيات السابقة،لكنهُ أشار إلى ضرورة اخذ الظروف العالمية ولاسيما الدول المجاورة بالحسبان في حالة الرغبة في تطوير تلك الالتزامات بما يتفق مع مصلحة العراق من جهة ومصلحة الاقتصاد العالمي من جهة أخرى.
   وفي ضوء ذلك تم تشكيل لجنة من كبار موظفي وزارة الاقتصاد لدراسة القضايا مع شركات النفط ،حيث قدمت تقريرها إلى إبراهيم كبة والذي تضمن جميع الأمور التي تحتاج إلى مفاوضة وخلاصة بالمفاوضات التي جرت قبل الثورة،وتضمن التقرير موضوعات مهمة لم تكن محل مفاوضات في العهد الملكي،من قبيل مساهمة العراق برأسمال الشركات وتعيين مدراء عراقيين يتمتعون بصلاحيات تنفيذية في الشركات وحساب كلفة الإنتاج!وبعد تحديد النقاط المختلف عليها مع الشركات النفطية اقترح إبراهيم كبة في 14 آب 1958 تشكيل لجنة وزارية  لدراسة التوصيات،إذ قرر مجلس الوزراء تأليف لجنة في منتصف شهر آب برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من وزراء الشؤون الاجتماعية والمالية والإرشاد والاقتصاد...."

•   كتب الدكتور حسين علوان حسين في الحوار المتمدن تاريخ 8/5/2012 دراسة معنونة"فائض القيمة بين ماركس والاكتشافات الجديدة لإبراهامي/1"،جاء فيها:"بتاريخ 4/5/2012،قرأت على عجل مقالة للرفيق عذري مازغ الموسومة"فائض القيمة في - زوبعة فنجان-" المنشورة في العدد 3719 من الحوار المتمدن،فأعجبتني طريقة عرضه الجديد لهذه النظرية العلمية الفذة والتي ستبقى حية ونافذة المفعول حتى زوال النظام الرأسمالي.ولتطرق الباحث الكريم إلى"تبسيط"الموضوع على نحو واف من طرف ماركس،تذكرت الكيفية التي بسّط فيها المرحوم الدكتور إبراهيم كبة هذه النظرية لأحد الطلبة بعجالة،فوددت إطلاع قراء الحوار المتمدن الأعزاء عليها كجزء يسير جداً من واجب الوفاء لهذا العالِم العراقي الكبير المغدور!"
   واستطرد د. حسين علوان حسين"في العراق عاش بين ظهرانينا وزيراً وأستاذا ومربياً جليلاً عالم إقتصاد فذ هو الدكتور المرحوم إبراهيم كبة(وهو أحد الذين غدر بهم أهليهم مثل كل العقول العراقية الكبيرة المغدورة منذ عام 1963 ولحد الآن).الدكتور المذكور كان يتقن تسع لغات.مرة بسّط قانون فائض القيمة لأحد محدثيه من زملائي الطلاب،أمامي،فقال:"العمل وحده هو خالق القيمة بفضل إنتاج العامل للبضاعة في نظام الإنتاج الرأسمالي.الرأسمالي لا يعمل،إذن هو لا يخلق أية قيمة.من أين تأتيه عوائد الإنتاج ما دام لا يعمل؟الجواب:من سرقة حقوق العامل الخالق الوحيد للقيمة.ذلكم هو فائض القيمة،تحياتي وتقديري لكم"إنتهى".
   وتابع د.حسين علوان حسين وهو يخاطب يعقوب ابراهامي"الدكتور إبراهيم كبة أستاذ متخصص في الإقتصاد السياسي وعالم ماركسي دَرَس ودرّس مؤلفات ماركس أكاديمياً في أرقى الجامعات العالمية بنصوصها الأصلية!...وهو في تقييمه لقانون ونظرية فائض القيمة يؤكد ان العمل وحده هو خالق القيمة(وهذا المبدأ يعود لريكاردو والذي إستعاره ماركس منه)،ويعكس ما جاء في البيان الشيوعي أنه في المجتمع البورجوازي..أولئك الذين يعملون لا يمتلكون شيئاً،وأولئك الذين لا يعملون يستطيعون تملك كل شيء،وما جاء في "رأس المال" حول سرقة البورجوازي لقوة عمل العامل الأجير لديه!وان مبدأ فائض القيمة لا ينطبق إلا على أسلوب الإنتاج الرأسمالي!
   مرة سأل الدكتور كبة أحد الدينجية:"دكتور شنو رأيك بكتاب الصدر:إقتصادنا؟" أجاب:" ليش هوا أكو إقتصاد إسلامي؟"الإنتقاد سهل،أما الإبداع فهو صعب." إنتهى.
   يذكر ان الدكتور حسين علوان حسين كان يرد في دراسته القيمة هذه على الشيوعي العراقي السابق يعقوب ابراهامي الذي وصف تبسيط الدكتور كبة اعلاه بالتشويه،وبعد ان تجاوز وتخرص كثيرا على ماركس نفسه!" http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=306806"


بغداد
2/10/2012



59


مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الثاني

                                                                                                                              سلام كبة


•   المقدمة
•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
•   الزبونية الوليد الشرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!
•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!
•   اللوبي والمطبخ السياسي!
•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!
•   المافيا،والأصل"مهياص"!
•   الخلاصة والمهام!

•   اللوبي والمطبخ السياسي

 
 اصل كلمة lobby هي كلمة الألب او الإلب،والتي تعني تجمع الناس،كما ورد في الحديث الشريف:"إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً"،ونحن نستخدم الفعل ألّب ويؤلّب بمعنى جمع ويجمع.فمثلا نقول:يؤلب الناس على فلان،اي يجمعهم على هدف واحد ضد فلان!وكلمة لوبي lobby تعني ايضا"الرواق"اي مدخل الفندق او صالته،وقد اختير هذا التفسير للاعتقاد السائد بان النخب كانت في البداية،تلتقي ب"اصحاب النفوذ"في"الاروقة"حيث يتم اعداد"الطبخات السياسية"!وشاع استخدام الفعل"to lobby"بداية القرن التاسع عشر للدلالة على زيارة احد اللوبيات بغرض التأثير على اعضاء مجلس ما!
   لقد برزت ظاهرة "اللوبي"بقوة في الولايات المتحدة،فالمجتمع الأميركي يمثل تنوعاً عرقياً وثقافياً واقتصادياً متميزا،وافرز هذا التنوع على مر السنين مجاميع سكانية مختلفة شكلت في ما بعد تيارات وجماعات ضغط صارت تدخل في عصب الحياة السياسية والاقتصادية،لاسيما والولايات المتحدة تنتهج سياسات ضغط على دول كثيرة من العالم ينحدر منها اغلب سكان الولايات المتحدة.
   اللوبي الصهيوني"ايباك"او"اللجنة الامريكية الاسرائيلية للعلاقات العامة"بلغت تأثيراته مفاصل الادارة الاميركية مما جعل السياسة الاميركية اسيرة لمصالح هذا اللوبي،وشكل ذلك الواقع نشوء لوبيات مواجهة للوبي الصهيوني صارت تدافع عن مصالحها بعد ان كانت اكتفت بالدفاع عن وجودها!ومع احتدام معارك السياسة تشتد المعارك الداخلية والتي باتت ساحاتها الاقتصاد والسياسة الخارجية الأميركية بالتحديد!هناك اكثر من 100 الف لوبي ناشط مسجل في واشنطن معظمهم مركزون في قضايا محلية!وان لهم تأثيرا رئيسا على التشريعات الداخلية والتصويت لأعضاء الكونغرس او عن طريق الاتصالات الشخصية بالمسؤولين والتبرعات المالية للاحزاب السياسية والسياسيين،ولهم تأثير قوي في السياسة الخارجية كما في السياسة الداخلية!
  حرية التعبير والاجتماع والاعتقاد وحق التقدم بالالتماسات وما الى ذلك من حقوق سياسية وضمانات دستورية شكلت الأساس القانوني والسياسي لقيام جماعات الضغط السياسي في الولايات المتحدة طبقا لقانون تنظيم جماعات الضغط الصادر عام 1946،والذي اصبح بموجبه،ولكل جماعة بشرية او مؤسـسة او دولة اجنبية ان تنشئ جماعات ضغط محلية مسجلة باسمها في الكونجرس،وتتدخل نيابة عنها في اي سياسات عامة او قرارات متعلقة بها،الأمر الذي اسهم بدوره في افساح المجال امام جماعات الضغط لتمارس وبشكل قانوني وعلني أدوارها ووظائفها في العملية السياسية الامريكية في بعديها الداخلي والخارجي!

  تحرص اللوبيات على:   
•   ممارسة ضغط كبير منظم وممنهج قصير المدى على صناع القرار!
•   التأثير فى الحكم وقيادته بصورة غير مباشرة عبر وسائل مختلفة على رأسها انشاء شبكة العلاقات مع متنفذي الحكومة والبرلمان والقضاء والقانون ورجال الدين والأكاديميا والسياسة والإعلام،النفوذ والتأثير في الدولة وعلى الدولة،في الرأي العام وعلى الرأي العام!ورصيد اللوبي دائما هو العلاقات في اتجاهات الضغط وخدمة مصالحه الطبقية.
•   لا تعمل على استلام الحكم كما تحاول وتعمل الأحزاب،ولا تبرر قرارات الحكومة والبرلمان كما يفعل الحزب عادة،لا سيما اذا استلم الحكم او كان جزءا منه!وقوة وفعالية اللوبي تتناسب طرديا مع ضعف الاحزاب السياسية وعكسيا مع قوتها!فالعلاقة بينهما تكاملية وظيفية واستبدالية في آن!
•   رفع مستوى ادائها ومهاراتها وفنونها المحورية في القوة التفاوضية وكفاءة التواصل التفاوضي،التكتلات،ادارة الأزمات،ادارة الرأي العام،النفاق السياسي،النفعية البراغماتية،الفوضى البناءة!
•   ان تفرض على اعضائها الولاء لها،وهذا ينافي ولاء العضو للجماعة الكبرى وهي الشعب،اي يتسيد اللوبيات الولاء دون الوطني!وهذا تطلب منها تحقيق ما يمكن من التوازن والتوافق في الاهتمامات والعلاقات بين التزامها بالمصلحة العامة العليا،وبين مصالحها الذاتية او الفئوية او الطبقية!
•   اتباع تكتيك المساومة المستترة بسبب الخوف من ان تؤدي العلانية الى تفاقم التناقضات،وكذلك بسبب الطبيعة السرية للنشاط الأقتصادي الخاص!
•   ممارسة قانون ''الحسبة'' السياسية على كل من ينتقد مصالحها الطبقية والعصبوية!
•   تحقيق اهدافها على حساب فئة او فئات اخرى من الشعب وإن كانت اكثر منها عددا!
•   تنمية مصادر قوتها الداخلية/قاعدة غير هشة من التأييد الجماهيري،السياسة العامة للجماعة،الموارد المادية والمعنوية،العلاقة بالقوى الأخرى،منظومة القيم التي تؤمن بها والقضايا والموضوعات التي تتعامل فيها وتسعى الى تحقيقها...الخ!.
•   ترويج وتوطيد أفكار محددة عبر آلية الاقناع،وافكار أخرى عبر آلية التهديد!واستهداف الأفراد المؤثرين في مراكز القوى لتشجيعهم على تبني افكار محددة!
•   المرونة في اختيار الوسائل والبدائل السياسية المحققة لأهدافها من بين الآليات المتنوعة المتاحة(التعامل مع البرلمان،الحكومة،اعضاء اللوبي المعتمدين،..)!
•   بحكم قدرتها الاقتصادية تسعى الى الانفاق على الدعاية والمؤتمرات الجماهيرية في الحملات الانتخابية،وشراء اصوات الناخبين ذوي المستويات المعاشية المتدنية!ويلجأ الى دعمها اغلب المرشحين مقابل عقود واتفاقات مسبقة تنص على خدمات يقدمها المرشح الحاصل على مقعد في البرلمان من خلال موقعه البرلماني!
•   تطبيق مفهوم الجهد الجماعي الهادف الى اثارة قضية ما،ونقل الفكرة المراد تبنيها  لتصبح قراراً مجتمعياً من خلال حشد اكبر تأييد جماهيري شعبي للقضية موضوع البحث!والتفنن وسلوك كل الاساليب والطرق الملتوية واللعوبة كي تكون الفكرة الهدف المراد تبنيها محط اهتمام وفضول الآخرين!
•   عدم الانخراط في المؤسساتية المدنية وتنظيمات الحركة الاجتماعية،مع الحرص على الاستفادة القصوى من النضالات المطلبية المتنوعة بما ينسجم مع تطلعات اللوبي الطبقية.
•   عدم الانخراط في الأحزاب الديمقراطية والتقدمية واليسارية والعمالية لتناقض اهداف وبرامج هذه الاحزاب مع تطلعاتها الطبقية وميولها التكتلية،وعدم الانخراط في النشاطات الاحتجاجية السلمية للطبقة العاملة والفقراء والكادحين،لافتقادها الروح الثورية التي لا تنسجم مع مساعيها الاصلاحية المهادنة!
•   المسارعة الى الانخراط في الدكاكين السياسية،اذا كانت توصلها الى التماس المباشر مع ممثلي السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية!والتنقل بين الاحزاب الحكومية دون حرج واعتماد تصيد الفرص!
•   متابعة وترقب الكتل السياسية التي تنال الأغلبية البرلمانية وتحمل المسؤوليات الحكومية للهرولة الى الانخراط فيها،وضمان تعجيل وتقريب امد تحقق تطلعاتها الطبقية!
•   اعتماد الزبونية والمحاباة،والمحسوبية والمنسوبية،وعرقلة الدواليب المحركة لعجلة الصالح العام الضخمة!وكسب رضى وضم العديد من ابناء المسؤولين السياسيين واقاربهم الذين اصبحوا من كبار رجال الاعمال اعتمادًا على نفوذ آبائهم واقاربهم،واصبح بعضهم اقرب الى رجال الاعمال منه الى السياسة،اي اصبح بعضهم مدافعًا بقوة عن مصالح رجال الاعمال وكبار التجار التي تتفق ومصالحه.
•   زيادة نسبة رجال الأعمال والتجار والكومبرادور داخل المجالس النيابية ومجالس المحافظات والقوى السياسية المتنفذة والحاكمة كي تتاح لها الفرص المطلوبة لتوجيه النظام السياسي الوجهة التي تحقق مصالحها،من خلال السيطرة على هيكلية صنع القرار السياسي،بذلك يكون الجمع بين السيطرتين الاقتصادية والسياسية.
•   ممارسة كل اشكال الفساد المتاحة على مذبح الفقر والبطالة والامية والجهل!وعبر شراء المواقف وضمائر الجهلة وبعض الاعلاميين والانتهازيين!
•   تعميق التحالف بين صناع القرار السياسي ورجال الأعمال والتجار والكومبرادور لتحقيق مكاسب مشتركة قد يكون الكثير منها غير متسق مع المصلحة العامة،وفي غير صالح الفئات الأخرى الغير قادرة على ايصال ممثليها الى المجالس النيابية بنفس القدر المتاح لأصحاب الثروة والجاه!
•   ضمان استمرار انتاج واعادة انتاج الشروط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تتحقق بها مصالحها الطبقية!وتشجيع اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية!واللامركزية في الحكم،ومبدأ الفصل بين السلطات!
•   الهيمنة التامة على اكثر المؤسسات الاقتصادية،وعلى سوق الاوراق المالية!
•   شراء حقوق ملكية المؤسسات الاعلامية والنوادي الرياضية ذات الجمهور الكبير والشهرة الاوسع!
•   وبحكم تخصصها وتمارسها بمهامها،تحرص على امتلاك وسائل الوقوف على البيانات والاتصال بالجهات الموثوق بها واهل الخبرة في مختلف الوان المعرفة!

•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!

  الماسونية،اقدم وانشط جماعة ضغط هائلة النفوذ عبر التاريخ،حتى يومنا هذا!وهي حركة باطنية سرية تفردت بخصوصية العلاقة"المقدسة"للسر والعلن من خلال قلب موازينهما الظاهرية والباطنية!وتعرف نفسها للملأ كحركة أخوية عالمية اهدافها المساعدة المتبادلة والصداقة وخير الناس،لكنها تظهر الجزء الأيسر مما تخفيه،وتخفي الجزء الاعظم مما تظهره وتسعى اليه!يذكر ان الاخويات هي جمعيات دينية مسيحية ذات طابع تربوي تعليمي تهذيبي ديني،ومن اشهر الاخويات،اخوية"سيون"التي تضم 1093 عضوا،مقسمين على 7 مستويات!وكل ما صعدنا في الهرم كلما قسمنا العدد على ثلاثة حتى نصل الى اخر مستوى،وهو النوطونيي الذي يحتله شخص واحد فقط!وهناك اخوية"فرسان العذراء"التي ظهرت الى النور عام 1958،بعد مائة سنة على اعلان عقيدة"الحبل بلا دنس"،واصدرت لها كتيب صلاة فرض وقانونًا خاصًا بها ودليلاً للمسؤولات والمسؤولين يتجاوب مع حاجاتهم،ومن اهدافها:تنشئة الأجيال على الانجيل والعيش ضمن الجماعة المسيحية!
      وكما ان كلمة لوبي ولدت في بريطانيا  فإن الماسونية او البناءين الاحرار اذا اردنا ترجمة الاسم بالفرنسية"‏FRANC-MACONNERIE" ولدت هي الاخري في بريطانيا لتعبر بعدها بسرعة المانش لتصل الى فرنسا وتلعب دورا شديد الخطورة في نشر افكار الحرية والمساواة والاخاء،فاذا ما اندلعت الثورة الفرنسية كانت الماسونية مع احتكار عصر التنوير هي وقودها الروحي بل ان الثورة اتخذت نفس شعار الماسونية الحرية والمساواة والإخاء شعارا لها!‏
    يعتقد الماسونيون ان الماسونية لها جذور عند المصريين القدماء،ولعل اعمال الموسيقار موزارت وخاصة الناي السحري وايزيس افضل تعبير عن هذا الاعتقاد!‏وقد ادرك نابليون بونابرت بعد عودته من مصر عام ‏1801‏ اهمية احتواء المد الماسوني والافادة منه بقدر الامكان!فعين اخاه جوزيف مشرفا علي المحافل الماسونية،واصبحت الماسونية منذ ذلك الحين طرفا خفيا في الحياة السياسية الفرنسية اما عن طريق جلسات العمل والندوات والموائد المستديرة حول الموضوعات الحساسة التي تهم المجتمع والتي تنظم دوريا ويدعى اليها كبار الشخصيات،واما عن طريق تعيين اعضاء لها كوزراء في الحكومات الفرنسية المتعاقبة،وكذلك عن طريق تجنيد كبار موظفي الدولة والذين يشغلون مواقع حساسة ليصبحوا اعضاء في المحافل الماسونية المختلفة‏.‏وقد عمل الماسونيون والاشتراكيون في فرنسا معا يدا بيد!اما بشكل نبيل للدفع بأفكار التقدم،واما بشكل مؤامراتي لإسقاط اليمين ومحاربة اليمين المتطرف بشكل خاص!وكان اشهر الوزراء الماسونيين في عهد ميتران هو ميشيل شاراس وزير المالية الذي كان ايضا احد اقرب المقربين للرئيس الا ان كل هذه السلطة لم تمنع الفضائح المالية من الانفجار والظهور لأول مرة عندما ثار احد القضاة الفرنسيين احتجاجا علي تغلغل الماسونيين في الجهاز القضائي ووزارة العدل الفرنسية!
   تاريخيا ظهرت الماسونية نهاية القرن السابع عشر  في بريطانيا كحركة فكرية – سياسية وثقافية روحية باطنية واتخذت هيئة الدين الجديد للمثقفين المتنورين عبر سيادة تعاليم وتقاليد الرجعة والخلاص وافكار الحركات الاصلاحية الدينية واعداد المقدمات الاجتمااقتصادية والسياسية – الفكرية والاخلاقية – النفسية لمتطلبات صيرورة(العالم الجديد)اي عالم العلاقات الرأسمالية الصرف وآلهتها الجديدة - المال.اصول الماسونية ترجع الى القرون الوسطى وازدهار حقبة الطلب على البنائين لبناء القلاع والكاتدرائيات الكبرى،ومن الروايات الشائعة عن نشأة الماسونية كما يورد"بات مورغان"في كتابه"اسرار الماسونيين الاحرار"و"جون هاميل" و"روبرت غيلبرت" في كتابهما "الحركة الماسونية: احتفال بالصنعة""انها امتداد لتنظيم عسكري منقرض كان يعرف باسم فرسان الهيكل ظهر نهاية الحملة الصليبية الأولى (1095- 1099) على المشرق العربي"!
   تمتلك الماسونية 3 اقسام اساسية:في المقدمة "المحفل الأزرق" وهو مكون من ثلاث درجات تبدأ بدرجة"تلميذ الصنعة المستجد"ف"زميل الصنعة"و"البناء المعلم"،القسم الثاني الاعلى هو"الطقس اليوركي" المكون من 10 درجات،القسم الثالث"الطقس الاسكوتلندي"المكون من 32 درجة.واعلى درجة ماسونية هي الدرجة 33.وفتحت الماسونية بباطنيتها ونخبويتها الاجتما- ثقافية المجال امام انتقال العناصر غير النصرانية كاليهود والمسلمين،من الشيعة والسنة،من عوالم الغيتو الى الفئات الاوربية المتنورة!بمعنى اخرى،النشاط الجاد في الدخول المباشر الى الطبقات العليا،واختراق قيادات الحركات السياسية وتمويلها لدعم الانظمة او مناهضتها،والضغط على مراكز اتخاذ القرارات!
   ارتبطت الماسونية بالسرية التامة والتكتم النادر عبر قسم الانتماء ومعاقبة المخلين به او من يكشف عن اسراره واهدافه النهائية،والخائن يعرف مصيره المحتوم على الطريقة الجاكية.ارتبطت الماسونية بالرموز والاشارات والتعليقات واشكال التحية والمصافحات السرية كتقليد يعود الى البنائين في القرون الوسطى استخدموها للتعرف على بعضهم ولـ"الحفاظ على اسرار المهنة".الفرجار والكوس كشعار للمحفل يرمز الى"الطبيعة الأخوية"للماسونية كما يدعي فطاحلها!اما النجمة او القمر او الشمس او العين في الداخل فترمز الى الحقيقة المطلقة!بينما الحرف اللاتيني G فيمثل أول حرف من كلمة God اي الله،فالماسونيون"ملزمون"بالايمان بوجود كائن اسمى يسمونه"مهندس الكون الاعظم"وان كانوا لا يطلقون عليه اسم الله.الا ان د. كاثي بيرنز" تقول"ان الحرف G يمثل كوكب الزهرة(كوكب الصباح)،وكوكب الزهرة يمثل العضو الذكري عند الرجل،وهو يمثل عند الماسونيين الاله"بافوميت"(الاله الذي اتهم فرسان الهيكل بعبادته في السر).
   والمثير للانتباه،العدد الضخم من الفرنسيين الاعضاء في المحافل الماسونية.وتعمل النساء في محفل واحد فقط اذ ان الماسونية تكاد تكون محرمة على النساء!فاذا ما علمنا ان هذه الاعداد الضخمة من الاعضاء يشغل معظمهم مراكز حساسة في الجهاز الاجتماعي الفرنسي لادركنا خطورة وقوة الماسونية الفرنسية كجماعة ضغط ،وادراك صانع القرار السياسي الفرنسي بوجوب اخذها بنظر الاعتبار!‏
   حسب قواعد الماسونية يمنع على الماسونيين مناقشة قضايا سياسية ودينية في خلواتهم،هذا لم يمنع ان العديد من الشخصيات السياسية والدينية في التاريخ كانت في صفوف الماسونية وابرزها رئيس الوزراء البريطاني الاسبق"وينستون تشرشل"ورئيس الكنيسة الانجليكانية الراحل"جيفري فيشر"الذي توج الملكة اليزابيث الثانية.يذكر ان قانون الجمعيات غير الحكومية البريطاني الصادر عام 1799 لم يطبق على جمعية المحفل الماسوني،التي تعتبر اعرق جمعية سرية عرفتها بريطانيا والعالم!وكان اعضاء هذا المحفل من الحكام ورجال الشرطة المتنفذين والسكوتلانديارد وبلديات المدن ورجال السياسة واعضاء من العائلة الملكية حيث المحسوبية والفساد تحت ستار(الاخوة)وعبر رموز وكلمات السر والتغلغل داخل المجتمع البريطاني وتسلق سلم المسؤوليات بسرعة غريبة عجيبة وحماية السمعة.
   تعتبر جمعية(بناي بريد)التي تأسست عام 1843 في نيويورك ماسونية يهودية خالصة وحتى ما فوق الماسونية.وكان لافير الرئيس الاعظم لجمعية(الشرق العظيم)الماسونية الفرنسية.وارتبط عبد القادر الجزائري بالماسونية عام 1860 عبر محفل باريسي ضم الشخصيات القريبة من الحكومة الفرنسية وانتمى لها في مصر عام 1864 ليصار قائدا لأحد محافلها في دمشق.ونشرت(بروتوكولات الحكماء الصهاينة)الماسونية  باللغة الروسية عام 1901،بينما كان اغلب اعضاء الحكومة المؤقتة عام 1917 في موسكو من الماسونيين.وفي الثلاثينيات،كان هناك محفل خاص باعضاء مجلس البرلمان عن حزب العمال!
   الماسونية - رد فعل رقيق ظاهريا وعنيف متطرف جوهريا على النظام السياسي القائم والسلطات الرسمية،وتقترب من  التصوف الواعي كحالة ترحل بعيد عبر التسامي والتعالي والانكفاء الحالم المنظم لتحقيق اهداف الخلاص الرأسمالي الاحتكاري والطغم المالية،ولتحويل الاحزاب السياسية الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة من قبل المساهمين الكبار ومن ثم تقزيم الاحزاب – الشركات ولا ضرورة لأبناء الشعب وكادحيه.ويكفي لهم وجود التمويل الغامض المنشأ والكادر الضيق من الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي.وتلائم هذه الاحزاب الماسونية لأنها تصار الى كلاب صالونات تعوي ولا تعض.وتضم الماسونية زعماء وقادة وشخصيات متنفذة من دول عربية واسلامية وشرق اوسطية،بالاخص العراق ومصر وايران وسورية والاردن ونركيا واسرائيل!وقد منعها رسميا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دون ان يدرك مدى نفوذها وقوتها واختراقها قيادته العسكرية!
   الماسونية العالمية كغيرها من التنظيمات تاريخيا تتصاعد وتخبو حسب التوظيفات السياسية للقوى الكونية المعاصرة لها!وتاريخيا كانت تخضع لسيطرة وتوجيه السلطة السياسية في الدول التي تعمل وتنشط فيها!وهي كجماعة ضغط ذات نفوذ واسع ارتبطت مع جماعات الضغط الموازية كالصهيونية بوشائج قوية!كما ارتبطت بالاستخبارات الغربية وخدمة التاج البريطاني والدعاية له،ثم غيرت ولاءها الأول الى الولايات المتحدة مع استئثار الاخيرة الهيمنة والنظام الاحادي القطب.وتمتلك الحركة الماسونية العالمية ميزانية وثروات ضخمة تشرف على رعايتها كبار البنوك الغربية والمنظمات الصهيونية والتنسيقية مثل نادي بيلدر بيرغ واللجنة الثلاثية برئاسة روكفلر،واداتها التنفيذية هي المخابرات المركزية الاميركية التي تخاطب الطبقة الاجتماعية ذات الامكانيات المادية والثقافية الجيدة!وينتسب نادي روتاري انترتاشينال الى الماسونية البيضاء اي غير النظامية.ومن جهتها سعت الصهيونية كجماعة ضغط رفيعة الشأن الى خلق السنهدرين(الحكومة السرية الخفية)لابقاء التكتل اليهودي في العالم يعمل بفعالية ونشاط ،ويلقب رئيسه بالامير!وهناك السنهدرين الاعظم والسنهدرين الاصغر.
   تعرف الشعب العراقي على الماسونية من خلال التاثير الاجنبي – الرجعي عبر الحملات والجمعيات  التبشيرية ونوادي اخوان واخوات الحرية،ومكاتب الارشاد والمعاهد الاهلية لتدريس اللغة الاتكليزية،وجامعة الحكمة وكلية بغداد،وتأسيس حزب البعث والاتحاد الوطني لطلبة العراق،وعبر المؤسسات التعليمية الملكية البريطانية والاميركية في ميادين الطب والهندسة والاقتصاد.واغوت الماسونية في العراق النخب السياسية منذ النصف الاول للقرن العشرين التي رأت فيها الظهير القوي لاسناد ودعم نفوذها والحفاظ على سمعتها ولجم التأثيرات الديمقراطية المعادية للرأسمالية والقوة الروحية المعادية للاستعمار.فتورطت هذه النخب فيتشيا في الطقوس الماسونية ولتعيش ازدواجيتها داخل وخارج العراق خاصة ابان العهد الدكتاتوري البائد.
   تضم الماسونية شخصيات في الهرم السلطوي في العراق وفي مجلس الوزراء ومجالس المحافظات الى جانب ادارات العديد من شركات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات الاهلية والمرجعيات الدينية والمافيات ومجالس الصحوة ورموز في الاعلام والثقافة والطب والفن والهندسة!مع احتفاظها بالحرس الخدمي القديم من قادة حزب البعث العراقي!كما تضم الماسونية مفارقة رموز متنفذة في الاستخبارات الايرانية"اطلاعات"والاسرائيلية والمخابرات السورية والاردنية معا.
   اسهمت الماسونية  بباطنيتها ونخبويتها في تأجيج الطائفية الشيعية وطائفية الدولة العراقية معا وفي التغريب الثقافي والروحي للمواطن العراقي وبذر روح العداء بين الاقليات الأثنية،وفي التعشير الجديد والنشاط المافيوي والصهيوني.وتسهم الماسونية اليوم في العراق كجماعة ضغط ،في تصعيد نجم  الادعاءات المجانية في الدفاع عن الحقوق المهضومة لهذه الطائفة أو تلك ليجري اختراق الميدان من بوابة الزعم بتمثيل طائفة بعينها من منطلق تقسيمي مرضي ينزع الهوية الوطنية ويرجع بالشعب العراقي الى الوراء قرونا عديدة، حيث نظام الطوائف ما قبل الدولة وقبل التنظيمات الحديثة التي تفرضها سنن التطور والاستجابة لحاجات الانسان وحقوقه التي يتطلع اليها!
   تستهدف الماسونية سرقة الديمقراطية النسبية التي تمتع بها الشعب العراقي اثر انهيار الدكتاتورية وتغليب مصالح الليبرالية الرأسمالية والطبقات الكومبرادورية والطفيلية والنهج التوافقي المحاصصاتي،ودعم الطائفية السياسية واصحاب الخطاب الانشائي الفضفاض لضمان تواجد شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين،وبما ينسجم مع مصالح الغرب الرأسمالي ورغبات الانظمة الأقليمية!وكذلك تحجيم الثقافة الوطنية الديمقراطية التي تخدم السلام والاستقرار وتضمن حرية التعبير،واشاعة الثقافات المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس!وتعادي الماسونية الشيوعية والفكر العلمي والمنهج المادي الجدلي،بينما تشجع انتشار السوفيستك الديني والبراغماتية على نطاق اوسع!ويبدو ان الماسونية عي رائدة محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام،والامل في احتواء وعرقلة تنفيذ المادة(140) من الدستور الدائم،وتأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.المهم عند الماسونية رهن مستقبل العراق الاقتصادي بالخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة وباعادة توزيع الموارد والأفراد عبر ابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة واتباع سياسة الباب المفتوح للاستيراد!

•   المافيا،والأصل"مهياص"!

   اليوم تستخدم كلمة المافيا مجازاً للدلالة على اقصى درجات الاجرام تنظيماً ووحشية!ويرجع تاريخ المافيا الى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقلية الايطالية عام 1282 بعد فساد نظام الحكم في فرنسا،اما المافيا بشكلها الحديث فلم تعرف الا في نهاية القرن التاسع عشر،ومن ثم اكتسبت المزيد من الشهرة لتظهر كأقوى منظمة اجرامية عالمية من خلال انتقال جزء كبير منها الى الولايات المتحدة مع مطلع القرن العشرين.
   اصل كلمة مافيا هو"mafiusu" باللهجة السيسيلية،والبعض يرجعها الى كلمة شعبية عربية"مهياص"،ومعناها عدواني وعنيف ومتشدق!بينما تقول حكاية ايطالية قديمة بأن جزيرة صقلية شهدت مرحلة نشوء وتبلور منظمة سرية لمكافحة الغزاة كان شعارها:
   "Morte Alla Francia Italia Anela"
   اي
   "موت الفرنسيين هو صرخة ايطاليا"
   فجاءت كلمة مافيا(MAFIA)  من الحروف الأولى لهذا الاسم واصبحت رمزاً للمنظمة!
   وهناك من يذكر بأن نشأة المافيا كانت نتاجاً طبيعياً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف واغتصاب فتاة ايطالية في ليلة زفافها عام 1282،مما اشعل نار الانتقام في صدور الايطاليين فسفكوا دم الفرنسيين انتقاماً لشرفهم واعراضهم!وكان شعارهم في ذلك اليوم هو الصرخة الهستيرية التي اطلقتها ام الفتاة وهي تجري في الشوارع صارخة:"Ma fia, Ma fia".."ابنتي،ابنتي"!ويؤمن الكثير من زعماء المافيا بالتفسير الأخير،ويشيرون اليه بشكل دائم لما فيه من معاني حسنة،تقوم على الدفاع عن العرض والشرف والذود عنه،على الرغم من ارتباط اسم المنظمة بالإجرام والاغتيال فيما بعد!والمافيا الأميركية الحديثة تشكلت مع انتقال الايطاليين من صقلية ونزوحهم الى الولايات المتحدة،ويقدر عمرها بقرن من الزمان،وتتميز بتخلصها من طابع المافيا الايطالية وتقاليدها!
   المافيا جهاز معقد يبدأ تكوينه بما يسمى ب(العائلة)!مجموعة من الأشخاص يجمعهم رابط معين كرابطة الدم،الصداقة،النسب..او حتى المدينة احياناً،ويتزعمها عادةً أقوى الأفراد شخصية واجدرهم بالقيادة،وتتم مبايعته من بقية الأفراد!وتكون لكل عائلة سمة معينة او نشاط اجرامي يميزها عن بقية العائلات!تأتي بعد ذلك الوحدة الأكبر او العائلة الكبرى،بإنضمام عدد من العائلات المتشابهة في النشاط الى بعضها!ويتزعمها زعيم منتخب من العائلات الصغيرة!ويخضع الجهاز بأكمله الى القائد الكبير للمافيا!واحياناً قد يشارك في ادارة دفتها اكثر من قائد ممن يشهد لهم بالكفاءة والتاريخ!
  المافيا:هي"النخبة الاجرامية"على وزن"النخبة الثقافية"و"النخبة السياسية"..الخ!جمعية او جمعيات سرية ذات سمة اجرامية وتتصف بالاستمرارية وقدرة التنظيم عبر توارث الاجيال،وبالتراتبية عبر التشكيل الهرمي الذي يتربع على رأسه العراب الشيخ الاغا الزعيم الجنرال..،وتقوم اساسا على مبدأ الطاعة التامة!وتقوم بتجنيد الاعضاء على اسس الانتماء العائلي او الطائفي والاثني،وتسيطر على بقعة جغرافية معينة!كما تتأسس على اوهام غيبية معتمدة الخرافات والاساطير!
  في بلادنا انتعشت المافيوية منذ اعتلاء البعث مقاليد الحكم في العراق وبذله الجهد لضخ شبكات القرابة في القوات المسلحة والادارات الحكومية للتخلص من قوة العشائر خارج الدولة!وهذا بدوره اذكى شبكات القرابة خارج الدولة بوصفها دريئة حماية وأمن وطمأنينة،ومع ضعف خدمات الدولة تحت تأثير الحروب والعقوبات!وانتصبت المافيات الحكومية في عملية اندمجت فيها الانساب العشائرية والرموز القبلية في الدولة نفسها لتعزيز مواقع النخبة الحاكمة الهشة،واقتصرت العملية على بعض العشائر العربية السنية واقارب النخبة!كما انتصبت المافيات عموما في المجتمع كعشائرية اجتماعية معبرة عن فقدان الدولة لقدرتها على التحكم بمجتمع حضري معقد متنوع كبير،وبسبب آثار الحروب والحصار والعقوبات!
   وشرعت الدولة العراقية،منذ ذلك التاريخ،في اسناد المهمات الوظيفية للمافيات الوليدة مثل الصلاحيات القضائية وجمع الضرائب،وفرض النظام على العصابات المحلية الصاعدة وشبكات القرابة التي اوجدتها!وبفعل الدولة الاستبدادية اللعوب فان المجموعات العصبوية التي أعيد بناءها كمافيات عملت وتعمل كامتداد للدولة،لكنها عكس المافيات الحكومية،تجاوزت خطوط التقسيمات القومية والدينية العراقية.ولاحقا اكتسبت العديد من المافيات شبه الاستقلالية في العمل والاجرام والنشاط الميليشياتي،خاصة مع الاحتلال الاميركي والطائفية السياسية الحاكمة!
   المافيا في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع الى ثكنات عسكرية مغلقة بمعنى الكلمة ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة،وهي تحول ابناء الشعب العراقي الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!والمافيا امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمل السياسي!وهي تستغل عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى ومسمع الدولة!
   واجهت الدولة في العراق اعوام 2005- 2008 الميليشيات/المافيات في المدن وهي اقطاعيات وامارات داخل الدولة العراقية،كانت تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،كما تفرض ارادتها ونفوذها وخيمتها العقائدية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!وترفض المافيات سيادة الدولة والقانون والديمقراطية وتعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،ولها اسماء والقاب كثيرة،ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم. 
   الميليشيات المافيوزية،وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها وأساليب العنف التي تستخدمها ومدى حجم التعاطف الأهلي معها،هي ظاهرة كارثية تؤشر الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!وتعاظم دورها،ادى ويؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع وامتهان الإجرام والقتل والخطف والعلس والابتزاز واعمال التهريب!المافيات كأذرع ارهابية لمنظمات واحزاب سياسية،يجري تنشيطها وتوظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي العرقي وتعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين،وبالتالي اظهار الحكومة بانها عاجزة عن مواجهتها وانها غير قادرة على بسط الامن والاستقرار!
   تمتد جذور المافيات الحكومية والمافيات الأخرى معا من استمرار وبقاء قيم الثقافات دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والشللية والمناطقية داخل المدن وفي قطاعاتها الاجتماعية الهشة حيث تعيش المجموعات المهاجرة من العشائر والقبائل المتفككة،وكذلك تنتشر الحواسم - التجمعات الفقيرة التي نشأت بعيد التاسع من نيسان 2003،وشكلت الأحياء العشوائية في محيط المدن العراقية،لا تتواجد على الخرائط البلدية!يسودها نباح الكلاب السائبة،وتواجد مستنقعات المياه الآسنة،ونهيق الحمير التي تجرها العربات،وصراخ الصبية الذين يلعبون بالوحل،وطنين الذباب المتجمع على قاذورات الحي،والصراع بين الجيران على الماء والكهرباء،والمساكن المبنية بخليط من المواد،طابوق وطين وخشب وصفيح وعلب سمن مملوءة بالطين واية مادة اخرى تصلح للوقاية من الشمس والامطار.
   الطائفية المقيتة تهيمن على اللغة المافيوية ولغات البلطجية في بلادنا،وتسهم في اذكاء واشاعة المزيد من الفوضى في العراق الذي يعاني من الفوضى اصلا.قنابل وارهاب  تحت عبي آيات الله وعمامات الامراء!انهيار الأمن،انتعاش المحاصصات،تغييب الملايين!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.ويجري هذا تحت خيمة الحكومات العاجزة لا عن حل ازمة الأمن فحسب،بل وعن مخاطبة الملايين ممن تغيّبهم وسط محن يواجهونها وحدهم!بينما المتنعمون يواصلون،وسط  شلل البرلمان المنتخب"اجتماعات المحاصصات"في الغرف المغلقة،وبعقول تجيد الصراع على الكراسي وقلوب تخلو من الحرقة على الضحايا وبمشاعر تتجاهل اصحاب القضية الحقيقية من الساخطين والمحبطين الذين تطحنهم مآسٍ لا مثيل لها!
  الاحصائيات الرسمية تؤكد ان نسبة الذين يعيشون دون مستوى الفقر تبلغ 23% من سكان العراق ونسبة البطالة تجاوزت الـ 28% مثلا،وهذا غيض من فيض المشاكل التي يعاني منها عراقنا!وهذا يعني الكثير!وعلى الجهات المسؤولة ايلاؤها جل الأهتمام!

•   المافيات هي الوجه الأسود للحداثة!
•   احترام التراتبية والزعيم قضية مركزية في المافيا!كالتنظيم الاقطاعي العشائري والعسكري!الوحدة الأساسية في الهيكل التنظيمي لجماعات المافيا في الغرب الرأسمالي تعرف باسم(Cosche)،تتكون من 20 شخصاً"مافيوزو"،ولها قائد"كابتن"ويمتلكون قانونهم ونظامهم الداخلي!ويتخذ تنظيم تلك المجموعات تسلسلاً هرمياً،يتمثل برئيس"كابو" او الرأس او العراب،وهو الحاكم الفعلي الوحيد في العائلة واقوى افرادها ويمثل رأس السلطة الهرمية،وهو منفصل عن العمليات الفعلية على الارض بعدة طبقات من السلطة،ويتلقى جزءاً من ارباح كل عملية تقوم بها المافيا.وغالبا ما يكون الكابتن من ابناء الرئيس،بينما يختار الكابو بنفسه مستشارين اثنين،مهمتهما اسداء النصائح القانونية من دون ان تكون لهما اي صفة تقريرية،التوسط في نزاعات المافيا،الاهتمام بالجانب الاقتصادي"بيزنس"،ويكونان عادة من رجال العصابات غير المشهورين الذين يمكن الوثوق بهم.مساعد الرئيس يعينه الرئيس بنفسه،وهو"الرجل الثاني"في العائلة،ويتقدم للرئاسة في حالة سجن الرئيس.
•   على رأس مبادئ المافيا تأتي(Omertà) أو قاعدة "الصمت" التي تمنع افادة الشرطة بالجريمة او مرتكبها.وتحرم هذه القاعدة - القانون على المنتمي الى المافيا البوح بأسرار العائلة،مهما كانت الأسباب والظروف،والا تعرض للعقوبة الوحيدة للقتل!
•   تراعى قواعد تسلسل القيادة بشكل حازم،وتدار الأموال بهذا التسلسل وبنسب معينة،ولا يسمح للعضو بأن يتعامل الا مع القيادات التي تعلوه مباشرة من دون ان يعرف شيئاً بعد ذلك،كذلك يجهل بقية الضباط!وهذه القيادات تتعامل بدورها مع القيادات الأعلى وهكذا!بهذه الطريقة يستحيل على سلطات التحقيق ان تتبع خيطًا واحدًا لتصل الى كشف القيادات العليا!
•   الزعامة وراثية،والمراكز هي لمدى الحياة!
•   الروابط بين الاعضاء قوية بامتياز،ويتطلب الانضمام والدخول الى المافيا ان يكون"المرشح"منتميا الى نفس العالم،بل والى نفس الهوية التاريخية والثقافية والدينية!والأهمية ذات الأولوية هي لرابطة الدم والجماعة وليست لأية اعتبارات اخرى!
•   كانت الوظيفة الاساسية للمافيات القديمة تقديس الشرف والكرامة والعادات والتقاليد،بينما باتت الوظيفة الأساسية للمافيات الحديثة هي الحصول على المال والغنائم!وعمليات الجريمة المنظمة من القتل والخطف حتى تجارة السلاح والمخدرات والاعضاء البشرية ومرورا بالدعارة وتبييض الأموال وصالات لعب القمار وعمليات الابتزاز.. الخ!
•   الآيديولوجيات بكل الوانها ومشاربها،لا اهمية لها ابداً بالنسبة للمافيا!ما يهم هو المال والثروة!
•   الميل الى"التعاون"و"تبادل المعلومات"مع المافيات الأخرى،اكثر مما تميل نحو النزاعات!ويد المافيا"الخفية"قد تتفوق على جميع الآيديولوجيات!
•   تفرض نفسها في مرات عديدة كسلطات موازية للدولة و"جهاز للمحافظة على النظام"!
•   تنظيم العنف!وفق قواعد صارمة تقضي بعدم ارتكاب الجرائم والاغتيالات والقتل"الا بأمر"!ومع صدور الأمر،تنفذ الجرائم بحرفية نادرة!
•   امتلاك ادوات القتل وآلات انتاج الكراهية وادارة بضاعة الحقد والموت والاشراف عليها والمتاجرة بها،ولها رموزها واثرياؤها والمتنفعون منها،كما تمتلك التكنولوجيا الحديثة لادارة اتصالاتها واعلامها!
•   التغلغل داخل المجتمع والجسد الاجتماعي والتطفل فيه وعليه بصورة سرية!
•   كسب الحظوة لدى العديد من السياسيين ورجال الدولة واصحاب اتخاذ القرار والقضاة وضباط الشرطة واعضاء مجلس النواب!الذين يقيمون العلاقات معها،على الأقل من اجل"اتقاء شرها"!وفي العديد من الحالات اعتمدت السلطات الشرعية على خدماتها كنوع من الاتفاق الملموس غير المكتوب!
•   الحرص على البقاء في الظل والابتعاد عن القيام بكل ما يمكن ان يضعها في دائرة الضوء!
•   تنتج المافيا اساطيرها الخاصة بها في سبيل اسباغ الشرعية على نشاطاتها والتأكيد على قيمها وعلى فضائلها في نظر اعضائها أنفسهم!وكي يكون انتسابهم لها بمثابة مصدر"اعتزاز"لهم!كما لو كان موازيا الانتساب الى الشرائح الارستقراطية او الدخول الى الجنة!والسعي المحموم الى تأميم الفضاء الاجتماعي لمصلحة الاسطوري والمقدس مهما كانت صيغته!
•   اطلاق العنان لغرائز ثقافة"القطيع"بالتعبير عن نفسها لتعيد تشكيل الحياة على صورة النمط الثقافي الذي تتبناه المافيا والقائم على سياسة العزل والانعزال!
•   المافيا كالحرباء تتأقلم مع الوسط المحيط والظروف التاريخية والجغرافية،فتتحول الى حزب او منظمة غير حكومية او شركة او ميليشيات مسلحة!وحتى القيام بالانقلابات العسكرية والاستحواذ على الحكم في بلد ما،متى ما امر العراب!.. يقول القاضي زهير كاظم عبود في دراسته المعنونة"عصابات مافيا جديدة في العراق"" لم يكن التنظيم البعثي في العراق يشكل جزء من العقيدة البعثية ولا الفكر البعثي بالرغم من كون السلطة في العراق تتسمى بأسمه،وتحكم العائلة تحت غطاء وخيمة الحزب!وقد مر العراق بتجارب عملية دللت على حقيقة أن أفراد العائلة الحاكمة يتفوقون على جميع اعضاء القيادة القطرية في القوة والسلطة،كما ان اعضاء القيادة ليس لهم أي قدرة على التصدي لقيادات المؤسسة الأمنية او حتى المساس بهم،وان أي فرد من عشــــيرة العائلة الحاكمة يمكن ان يصادر صوت جميع القيادات الحزبية،وان جميع القيادات من غير الحاكم عاجزة عن أتخاذ أي قرار مهما صغر حجمه وقل شأنه الا فيما يخدم العائلة والطاغية ويتملق لها".
•   اقتصاد السوق حاضنة للنشاط المافيوزي ومجالاً نموذجيا للاستجابة لشهية المافيات المفتوحة دائماً!وغالبا ما تشكل بزنيس المافيا الاساس الديناميكي لاقتصاديات الظل الجوفية الموازية!
•   اقامة"الورش الحرفية والتعاونية"وتشغيل العاملين،وممارسة نشاطات اقتصادية مشروعة تماماً بعد ان تكون قد استخدمت نفوذها للفوز في هذه"الصفقة والمناقصة والمقاولة" او تلك!ويكون التداخل صارخا بين النشاط"المشروع"و"اللا مشروع"!
•   الاستفادة باستمرار من اللوبيات وكل التواطؤات السياسية لتثبيت اقدامها والتجذر في هذه التربة او تلك!واحيانا تكون المافيا عماد اللوبي وذراعه العنفية!
•   المافيا والفساد والارهاب اوجه لعملة واحدة!

•   الخلاصة والمهام :
 
  اللوبي مصطلح يطلق على جماعات الضغط البرلمانية في البلدان الرأسمالية المتطورة،وعليه اللوبي جماعة ضغط لكن جماعة الضغط ليست بالضرورة تشكل لوبي!و"جماعة الضغط" عموما مصطلح يطلق على اصحاب الثروة والجاه والمكانة الاجتماعية والسمعة المزيفة،والتي تستخدم اموالها وارصدتها المادية والفكرية للتأثير على السياسة العامة ضمن ما يخدم مصالحها او من اجل تأسيس قوى ومجموعات أخرى ذات قدرة على الحث والتأثير ولتجنيد الرأي العام لتبني قضية او دعم ومعارضة تشريع معين،خاصة في الفترات الانتخابية!"جماعة الضغط"مصطلح يخدم مصالح الزبونية السياسية والاقتصادية والاجتماعية،مصالح الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتوجهات نحو الخصخصة وتطبيق وصفات البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية،تغلفه الاماني الطيبة والمواعظ الحسنة ووعود الرخاء وتحسين حياة الشغيلة وايجاد فرص عمل للعاطلين واستراتيجيات التخفيف من الفقر تطلق بين حين وآخر للدعاية الانتخابية وللأغراض الميكافيلية!ووفق هذا التعريف الاكاديمي وجب التمييز بين جماعات الضغط السياسي وبين الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية!اما الماسونية فهي حركة باطنية سرية وجماعة ضغط عالمية ارتقت في الولايات المتحدة وبلدان الغرب الرأسمالي لتشكل اللوبيات!وبعض اللوبيات ماسونية بالكامل،بينما تضم العديد من اللوبيات اعضاء ينتمون الى مختلف المحافل الماسونية!ومن اهم جماعات الضغط السياسي التي تعرف عليها الشعب العراقي في نصف القرن الأخير التنظيمات المافيوزية الاجرامية المسلحة!والتي كانت نواة تأسيس حزب البعث،والميليشيات المسلحة التي ظهرت بعد 9/4/2003!وتمتلك الكثير من الاحزاب السياسية العاملة اليوم المافيات والبلطجية الخاصة بها والتي يمكن ان توجهها الى اهداف لا تحمد عقباها!
   يبدو بوضوح وبفعل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة ان الزبونية قد ضربت اطنابها اليوم في العراق،والمواطن تأسره حالات الاغتراب الروحي والسياسي والاقتصادي!وتزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي.وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالشعب العراقي.وتكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الادنى من الحياة الكريمة،بينما تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
   جاء في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي:"لا بد من العمل على تحديد مدى الفساد وعمقه ومفاصله،لكي يمكن تطويق شروره وحصر نفوذه وتأثيره،ووضع خطة عملية للهجوم على مواقعه.ومن الواجب ان يكون التصدي للفساد متواصلا وبعيدا عن الموسمية،وان يتجاوز الاجراءات القضائية والامنية والادارية ليشمل اتخاذ تدابير جادة وملموسة لانعاش الاقتصاد الوطني،لا سيما قطاع الإنتاج،بما يوفر فرص عمل جديدة ويقلص حجم البطالة،ويرتقي بمستوى المعيشة والخدمات،وبما يشكل منظومة للقيم الاخلاقية والثقافية وإشاعتها في المجتمع،مع تأكيد ضرورة التوعية بمخاطر الفساد المالي والاداري عبر الاعلام والمدرسة وغيرهما".
   لاجل مكافحة الفساد يتطلب ايجاد الموازنات التالية التي لا غنى عنها:
    الاولى:  ملاحقة الفساد والمفسدين بكفاءة دون ان يؤدي ذلك الى تعطيل جهود الاعمار والبناء،وتجنب ملاحقة المخلصين بوشايات كاذبة او بدوافع سياسية شخصية.
    الثانية: التوازن بين ملاحقة الفساد والحفاظ على حقوق الانسان!
    الثالثة: تواصل حملات مكافحة الفساد مع تبدل الحكومات،وابعاد قضايا الفساد عن الصراعات الحزبية،وضرورة عدم دفاع اي حزب عن اعضائه في حالة اتهامهم بالفساد!
   وهنا لابد من الأخذ بما يلي:   
1.   ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في البلاد،وبناء مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية،على اسس ديمقراطية وفقاً لقواعد المواطنة والكفاءة والمهنية والنزاهة،بعيداً عن المحاصصات ونزعة التحزب الضيق،وان يكون السلاح بيد الدولة حصراً!
2.   مكافحة الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية والسياسية وفصل الدين عن الدولة،وكل ما يوفر الحماية لمافيات الفساد!والتصدي لمنهجية طمس الحقائق وشراء السكوت المتبادل في ظل غياب الدور الرقابي الفاعل للبرلمان،والاجراءات الحكومية الترقيعية والديمقراطية التوافقية!
3.   تشريع قانون عصري للاحزاب ولمنظمات المجتمع المدني!
4.   محاصرة مافيا الانتخابات ومقاولي الاصوات،والانتهاكات الفاضحة ومم

60

مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الأول

                                                                                                                                       سلام كبة


•   المقدمة
•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
•   الزبونية الوليد الشرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!
•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!
•   اللوبي والمطبخ السياسي!
•   الماسونية جماعة ضغط تتصاعد وتخبو دوريا!
•   المافيا،والأصل"مهياص"!
•   الخلاصة والمهام!

•   المقدمة


   الثقافة الوطنية الديمقراطية في بلادنا لازالت تحبو لتواجه الفساد/"الثقافة المستشرية في المجتمع التي خرجت من كونها جرما اقتصاديا او اخلاقيا،وتطورت الى ممارسة اجتماعية متجذرة في المنظومة الاخلاقية العراقية"،وتقوضه وترمي بضوء الشمس على ملفات ووثائق مدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية.والاستبداد والفساد مصفوفة متبادلة التأثير طرديا،فمع توسع انتشار مظاهر الفساد تولد الحكومات المستبدة والمنظومات المعادية للديمقراطية!والعكس صحيح ايضا!يذكر المفكر محمود حمد"التاريخ والحاضر يؤكد ان:كل دولة مستبدة فاسدة بالضرورة!وفي دهاليز كل دولة فاسدة بؤرة مفسدة،تتشكل من حثالات اجتماعية افرزتها الطبقات خلال صيرورتها وفي اطوار نشوئها وتجددها!تضم:"مُتَسلِّطين مجوفين،وسياسيين منتفعين،ومثقفين دجالين،وقوادين مخنثين،وعاهرات محترفات،وصيارفة جشعين،ورأسماليين لصوص،ووسطاء أفّاكين،ومُسوِّقين مضللين،وجُند متخاذلين،ومُخبرين مُختَرقين،ودبلوماسيين ُدَجَّنين،ووزراء بُلَداء،وقضاة سفهاء،ورجال دين بلا رجولة ولا دين!!"يلوثون الحاضر،ويزيفون الماضي،ويلَغِّمون المستقبل ويَيعون الوطنَ للغزاة،ويَهدرون الثروات،ويستبيحون المحرمات،ويجعلون الأحياء يَتمنَّون قبور الأموات!!"
    ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات والرشى ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!الفساد،حاله حال الطائفية السياسية،قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع!
   يتسابق المفسدون لنهب العراق فتغولت الليبرالية المتوحشة واستأسد الفساد فغدا سلوكا نمطيا يطغى على كل ما عداه،وديمقراطية الكرنفالات المتواصلة خير وسيلة لتكريس الاستبداد.الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة كان ولا يزال احد الروافد الحيوية المغذية لعوامل العنف المباشر ومصدر تمويل ثري بالنسبة للجماعات المسلحة،فضلا عنه كونه وسيلة غير شرعية لدى بعض الاحزاب المشاركة في العملية السياسية،لتمويل نشاطاتها واثراء بعض اعضائها دون مراعاة لحقوق بقية المواطنين.جعجعة السلاح تتعالى وطبول الحرب تدق ايذانا بوجود منازلة كبرى بين الفساد ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن المال العام!لمصلحة من يـُحصّن الفاسدون؟

•   الزبونية واللوبي والمافيا في العراق!
 
  كشف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في وقت سابق من هذا العام عن"وجود لوبي لتعطيل واجهاض مشروع التعرفة الكمركية في العراق،وطبعا المستفيد الأول من هذا التعطيل هم البعض من فئة التجار،بغية التحكم في الوضع العام للسوق التجارية واستنزاف موارد المواطنين حتى اخر لحظة،والخاسر الكبير هو الصناعة والمنتوج العراقي أي الاقتصاد العراقي وبالتالي المواطن".ويؤكد السيد ماجد الصوري/الخبير الاقتصادي انه نتيجة للصراعات السياسية المقصودة من العراقيين انفسهم والتأثيرات الفردية التي تطفو على السطح،يلعب اللوبي التجاري الموجود في العراق من اجل تأخير الزراعة والصناعة وكافة المجالات التنموية لكي يكون العراق مستهلكاً فقط ومعتمداً عليه اعتماداً كلياً..متى تجتمع الكتل السياسية جميعها على طاولة الحوار لمناقشة موضوع المياه مثلا؟!ويضيف"ان الفوضى السياسية والادارية والامنية والاقتصادية التي يعاني منها العراق ادت الى زيادة سيطرة اللوبي التجاري الطفيلي على المقاليد الاقتصادية في العراق.ولكي يتم حل هذه الازمة يجب على البرلمان العراقي ان يعمل على استغلال جميع امكانياته،من اجل دراسة هذا الملف المعقد،وان يعمل على تفعيل دور منظمات المجتمع المدني من اجل حماية المواطن من هذا الاستغلال الجشع للمستهلك العراقي،بعد ان يقوم بدراسة تركيبة السعر من المنشأ الى المستهلك،من اجل اكتشاف التجاوزات الحاصلة على هذه التركيبة الناجمة عن الاحتكار والتلاعب بالاسعار،وتأشير الاستغلال الفاحش الذي يتعرض له المستهلك العراقي من حيث السعر والنوعية!
   الى ذلك،اوردت صحيفة المستقبل البغدادية في عدد 11/4/2012 ان مصدرا في صنع القرار السياسي العراقي كشف ان رئيس الوزراء سيعين مستشاره للشؤون الاقتصادية عبد الحسين العنبكي محافظا للبنك المركزي بدلا عن محافظه الحالي سنان الشبيبي،فيما هدد كبار موظفي البنك المركزي بتقديم استقالات جماعية في حال اقالة الشبيبي،ويشكل 10 من كبار موظفي البنك لوبي كبير بداخله قد يطيح بالعملة العراقية في حال قدموا استقالتهم!
   رئيس كتلة الحل البرلمانية والنائب عن ائتلاف العراقية/ احمد المساري،يرى انه بامكان لوبي "28 تموز" الذي تشكل لانقاذ مفوضية الانتخابات،سحب الثقة من حكومة المالكي اذا استمرت بنفس نهجها.
   من جهته،اكد احد قادة حزب الدعوة الحاكم في بغداد على ضرورة"تشكيل العرب لوبي يعمل على تقليل ما يتعرضون له من اخطارخارجية محدقة بهم..وان جامعة الدول العربية تستطيع ان تكون لاعبة رئيسة في السياسة الدولية العالمية التي تعنى بفلسطين وقضايا العرب والمسلمين بما فيها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية،اذا ما تمكنت من تكوين جهاز ضغط (لوبي)وفق قواسم مشتركة بين 22 دولة عربية عضو في الجامعة"..
    قيادي في الائتلاف الحاكم اشتكى من تنامي حالة العداء له في اوساط حزب الدعوة وخصوصا من"اللوبي الثلاثي"الذي يضم الاديب والعبادي والسنيد،وقال ان هذا اللوبي هو عبارة عن"مافيا"داخل الحزب تنفذ اجندة خطيرة ابرزها محاصرة رئيس الحكومة وخلق المتاعب له واضعافه سياسيا تمهيدا لدفعه الى الاستقالة وتعيين واحد من الثلاثي بدلا منه،وان سياسة الكيد التي يمارسها اللوبي الثلاثي ضده شخصيا باتت مفضوحة،ووجود هذه الذيول"التعبانة"حسب وصفه في قمة الهرم في حزب الدعوة يعرقل تحول رئيس الحكومة من رجل حزب الى رجل دولة،لان اللوبي الثلاثي يتآمر عليه ويسعى الى مضايقته وعزله!
   يقول العلامة اياد جمال الدين"أزمة الهوية الوطنية لدى الطائفة الشيعية العراقية قائمة ما لم يثوروا على هيمنة اللوبي الايراني على قرارهم السياسي والديني،فالمطلوب من شيعة العراق البرهنة على وطنيتهم العراقية بالثورة على كل ماهو ايراني قبيح سواء داخل المرجعية او احزابهم ومؤسساتهم،فمن العيب على شيعة العراق والعار انهم يدفعون الخسائر والتضحيات والمقابر الجماعية...ثم يأتي الايراني من خارج الحدود ويستلم أعلى المناصب الوزارية ويحتل مقاعد البرلمان،ومن سراديب النجف يتم التحكم بمصيرهم السياسي والديني من قبل المرجعية الايرانية!بينما شيعة العراق العرب مجرد عبيد وخدم ووقود للقتل والمقابر الجماعية وخيرات وطنهم يستولي عليها اللوبي الايراني"!
  ويحذر زعيم حزب الأمة العراقية مثال الآلوسي من ظاهرة تعيين المسؤولين لأقاربهم في دوائر الدولة مما يترب عليه دولة قائمة على"اسس عائلية".بينما تقر موظفة حكومية ان الكثير من المؤسسات المهمة تضم موظفين تربطهم علاقات قرابة او علاقات خاصة،حيث يشجعهم ذلك على الاتفاق على سلبية معينة،او مشكلين جماعات ضغط داخل الدوائر نفسها!وكانت تقارير نشرتها وسائل الاعلام قد تحدثت عن منح اكثر من 75% من الدرجات الوظيفية لأقارب المسؤولين بحسب مصدر في الحكومة العراقية،وان الحكومة تبحث عن آلية لمنع احتكار اصحاب النفوذ لتلك الدرجات!وان الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمحاباة والزبونية تحول مؤسسات العراق الى اقطاعيات عائلية!بعد ان انتشرت في الكثير من دوائر العراق الرسمية ظاهرة توريث الوظائف او منحها الى الاقارب والابناء حيث يثير ذلك القلق من تحول مؤسسات الدولة الى شبكات علاقات تعتمد المحسوبية والمجاملات اكثر من اعتمادها على الكفاءة والعدالة في تخليص معاملات المواطنين!
   النائب لطيف مصطفى عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب يتهم المحكمة الاتحادية"بمحاباة الحكومة في قراراتها"،ويذكر ان اللجنة ستطرح قانون المحكمة الاتحادية على جدول البرلمان عند اسئناف جلساته.واعتبر النائب عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري وعضو لجنة النزاهة البرلمانية جواد الشهيلي ان وجود ابناء او اقارب 45 مسؤولاً في السفارات العراقية يشكل"النوع الاول من الفساد"في وزارة الخارجية،مؤكداً ان تلك السفارات لم تجر موازنة ختامية او تصفية لحساباتها منذ سنة 2003!
   مصدر نيابي وفق صحيفة"الناس"علق على ما يجري بالبصرة من مظاهر الفساد بعمـــــليات"فرهود"يقوم بها وزراء وموظفـــون كبار في مختــــلف الـــوزارات العراقية،وان تلك العمليات تأتي انسجاما مع قاعدة انتخابية وسياسية لا مثيل لها في العالم،ترى،ومن دون خجل،ان المقعد الانتخابي يساوي وزارة،والوزارة تعني المال والأعمال والمشاريع الكبرى التي تدر كالبقرة الحلوب على الحزب والمتنفذ السياسي والكتلة البرلمانية طيلة الفترة التي يوجــد فيها مقعده في الوزارة!

   كما كثر استخدام مصطلحات"اللوبي"و"المافيا" و"الزبونية"في الأدب السياسي والاعلام العراقيين!ولا على سبيل المثال:
"اللوبي الايراني يرسخ مفاهيم الملالي في حوزة النجف!"
"اللوبي التركي في العراق!"
"اللوبي الايراني في العراق ولبنان يضغط لدعم الأسد ويخشى اقتراب نهايته!"
"لدى اللوبي العربي الفارسي فلسفته الخاصة،من خلال التكسب المادي والارتزاق من اموال الملالي،ليشكلوا طابورا خامسا يخترق صفوف الامة،ويعطل حركة جماهيرها،بادعاءات ان ايران تعادي امريكا و"اسرائيل" بالخطب العنترية لأحمدي نجاد"!
"يعتبر فوز نوري المالكي،رغم كل سلبياته،اكبر هزيمة وهزة تهز اللوبي المعمم المسيس الشيعي بالعراق"!
"دعوة لتأسيس لوبي شيعي عالمي لحماية حقوق الشيعة"!
"نشاط اللوبي الصدامي ـ الفرنسي في باريس ودمشق"
"اللوبي الصدامي داخل الخارجية القطرية"!
"ان اللـوبـي الـذي يـدعـي التحـدث بإسـم الطـائفـة الجعفـريـة زوراً يُقْصـي كل من له رأي يكشـف مآربهـم في عـزل وتحويـل الإختـلاف المذهبـي المشـروع الـى صـراع طـائفـي مقيـت وإشاعـة الجهـل والخرافـات كطريقـة للتديـن الشيعـي"!
"نجاح اللوبي الاْيراني باْختيار الجعفري رئيساً للوزراء"
"اللوبي الأصولي التكفيري يخترق القضاء الكويتي:الحكم بالسجن لمدة عام مع الشغل على الكاتب والأستاذ الجامعي أحمد البغدادي بتهمة- تحقير مبادئ الدين- !؟"

"مافيا العمائم وحقوق الانسان في العراق"
"المافيا تحكم في عراق ما بعد الانتخابات!"
"دكتاتورية البرجوازية الصغيرة للمافيا السياسية في العراق"
"المافيا الدينية تزيد الان من تكريس فكرة القداسة مستغلة رموزها الدينية لتحولها الى الهة!"
"مافيا نهب الملايين لصالح جيوب شيوخ الفضائيات!"
"مافيا العراق تدعي انها ذات مبادئ وتتخذ من الفكر الاسلامي والقومي والوطني عباءة تخفي من تحتها جرائمها اي انها تتاجر حتى بالدين والقيم!"
"مافيا الثقافة القديمة تُجيد فنّ الازاحة لكل جديد من أجل البقاء والهيمنة على الاوضاع في شريعة ديناصورية لا تنقرض بسهولة!"
"اليوم في حقبة العولمة يتم الى جانب بناء طبقة مافيا/كمبرادور شراء حقول وآبار النفط بالاشتراك مع الشركات الاميركية الكبرى.وذلك عبر تعاقد من الباطن بدرجات منها:
-   ان تشترى هذه الموجودات بأسهم لشركات امريكية وعراقية.
-   ان تكون هناك تعاقدات من الباطن تكون الشركات العراقية قد باعت حصصها للشركات الاميركية.
-   ان هذه الشركات العراقية كانت في الاساس قد استدانت رأسمال حصصها من الشركات الاميركية.
وبهذا تتمكن الرأسمالية الاميركية والمافيا العراقية من امتلاك حصص في آبار النفط بكمية قليلة من النقود،بعبارة اخرى يتم انتاج رأسمالية راقية بدون رأسمال".

"من دولة النخبة والحزب الواحد الى دولة الزبونية والتوريث"
"المحسوبية والزبونية تدمير للمصلحة العامة"
"الزبونية السياسية في عراق ما بعد التاسع من نيسان"

•   الزبونية وليد شرعي للمحاباة والمحسوبية والمنسوبية!

   الزبونية (Clientélisme - Patronage) من"الزبون"،هي المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والواسطة وكل تغليب للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة وفق مقومات السلعنة الاقتصادية الرأسمالية،تنمو بدوافع عصبوية لا وطنية،عائلية وطائفية وعشائرية واثنية في مؤسسات المجتمع المدني والدولة الحديثة!وهي حالة وسطية بين القيم الاجتماعية الأولى مثل الكرامة والشهامة والتكافل الاجتماعي وبين قيم المنفعة الأقتصادية الرأسمالية،وتنتهي لتتناقض مع روح الثقافة الاقتصادية الرأسمالية التي لا قيمة فيها الا لما يتم بدافع المنفعة الاقتصادية الاستغلالية وفائض القيمة!والزبونية وسيلة سياسية من اجل القضاء على قيم المجتمع الأهلي واحلال قيم اخرى بديلة لها تكرس العلاقات الاجتماعية والسياسية التي تتم في شكل"التبادل السلعي - خذ وهات- الحافز المادي المباشر وغير المباشر"ولخدمة وتنمية وتوسيع هامش المناورة ورصيد التسلط عند الأفراد والمؤسسات في المراحل المبكرة والاولى للتطور الرأسمالي!
   يستخدم الأدب السياسي في بلدان المغرب العربي مفهوم"الزبونية"منذ عهد غير قليل.وهي غير"الزبانية"المألوفة في الأدب السياسي العراقي ابان الحكم الملكي،والتي عنت شرطة وجلاوزة وبلطجية بهجت العطية في حينها!ومعروف ان الغرب الرأسمالي يسعى ليجعل من بلدان المحيط الرأسمالي"زبونا مستهلكا لا منتجا،ومنتجا لا مستهلكا"وعبارة عن بلدات وحارات او قرى فقيرة مبعثرة ومزدحمة،وذلك عبر التهميش الاقتصادي!بالتأكيد،الزبونية هي تحفيز الهويات الجزيئية القومية والاثنية بالمغريات المادية والوعود الطنانة الكاذبة كأسلوب تقليدي للقوى الاستعمارية والامبريالية لاحكام سيطرتها على الدول الوطنية وجعلها دائما تحت السيطرة(Under Control)ولتوجيهها وفق السياسات المرسومة ومصالح اقتصاد السوق!
   الزبونية ميكانيزم تستخدمه السلطات المستبدة  لدمج المجموعات الهامشية والمحيطية التي لها نسقها الثقافي الخاص الذي يوجه سلوكياتها وافعالها!تستخدمه النخب السياسية المتنفذة من اجل فرض نسقها الخاص من القيم،ولتدعيم سلطانها!الزبونية تتحول هنا الى محاباة سياسية او محسوبية ومنسوبية وواسطة سياسية وفق علاقة تبادلية بين السلطات القائمة وباقي المجتمع!والشعب وفق منظور هذه النخب بالفعل زبونا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا في حوانيتها ودكاكينها!الزبونية السياسية نظام رعاية سياسية يمنح فيه الدعم السياسي مقابل مزايا مادية،ليصبح دور الدولة هو الدور المهم الاساسي لتوفير الخدمات لأبناء الشعب ولمختلف الجماعات!
   السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة،عبر حركة التمركز والتركز والاندماجات المتسارعة غير المسبوقة..السوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية.وتخدم الزبونية الاثرياء الجدد/القطط السمان الذين يستفيدون من رفع يد القطاع العام عن بعض الأنشطة والمؤسسات لتحقيق ثراء سريع مثلما يستفيدون من الامتيازات الضريبية التي تمنح لهم.هكذا،يتشكل تحالف جديد بين الأنظمة القائمة وهذه الفئة الطفيلية من الأثرياء الجدد الذين يعوضون النخبة المتعلمة ويفرضون الثروة والأعمال كمقياس للنفوذ على حساب الوظيفة السياسية.ضمن هذا الاطار نفهم الزبونية وتراجع هيبة المعطى السياسي وهيبة الدولة الممثلة بوزراء وموظفين لا حول لهم امام جاه الأثرياء الجدد.وتحول الزبونية الاحزاب السياسية الى نوادي اقتصادية لكسب المشاريع والصفقات!
   زبونية العهد الحالي في العراق تكريس للاطار القانوني الذي وضعه بريمر والذي يضمن بقاء الهيمنة الاقتصادية الامريكية والغربية على الاقتصاد العراقي حتى بعد مغادرة القوات الامريكية!فقد حدد بول بريمر ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا:
•   إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة.
•   تعزيز التجارة الخارجية.
•   تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي.
    تبدو جليا خطة بريمر في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين،واطلاق حرية السوق،واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد،وافقار الشعب،والغاء دور الطبقة الوسطى،وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور.
الولاءات اللاوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية اي الوشائج الاصطفائية العصبوية هي خزين الزبونية،والوسيلة والاداة والاسلوب الاكثر شيوعا وامنا اليوم لنشر الفساد كالاموال القذرة وغسيلها،بالاخص المال السياسي القذر!انها تنشط كأخطبوط وسرطان قاتل تحت حماية النخب المتنفذة كالاحزاب/المافيات/الميليشيات ولخدمة الانظمة الاقليمية في المنطقة وفي سبيل الكوسموسوقية السلعية(السوق الكونية) لابتلاع الدولة والمجتمع المدني معا!
يختزل المنطق الزبوني دور المدرسة ومؤسسات التربية والتعليم في الوظيفة الاقتصادية فقط!بينما تستوجب ثقافة الزبونية تكريس ثقافات القطيع والاقصاء والخضوع والخنوع والطاعة والوصاية والاستزلام والاستسلام والانتهازية والوصولية والبراغماتية والموروث الالغائي التخويني التكفيري والاحتكار السياسي والخداع والشقاوة الابدية والروزخونية والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وتعذيب الذات واشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية والفساد.والزبونية مدرسة مشاغبين يزحفون كالجراد الذي يجعل الحياة هشيما،وهي عبثا متشبثة بأسطورة الاحتكار"ومنها الاحتكار السياسي"والمنجرة عمليا الى مواقع الرجعية اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية والوحدة الوطنية والاجراءات التقدمية ولجميع التحولات الاجتماعية،وروادها يعانون من ازدواجية رهيبة بين الشعارات المعلنة وبين السلوك الحقيقي على الارض المعرقل لأي تطوير فعلي لحركة التقدم الاجتماعي،بسبب الاصرار على التفرد ومعاداة الديمقراطية.
   الزبونية تجعل من المسؤول في الدولة والمجتمع لا يقرأ النسب المئوية للفشل والعثرات وسوء الأداء،ويكتفي بقراءة نسب النجاح الضيئلة قراءة نفخ وتضخيم،لا تنطلي حيله الا على السذج والعوام!وهذا المسؤول الذي وصل الى موقعه الوظيفي بالواسطة لا تربطه بمن يحيط به من الوصوليين والانتهازيين سوى علاقة المصلحة الشخصية الضيقة الزائلة بزوال درجة نفعها،وهو في اعماقه يحتقرهم ويزدريهم.كما انهم يشاركونه الاحتقار والازدراء بحيث اذا ما خلوا الى بعضهم البعض كما تختلي الشياطبن الى بعضها ذكروه بكل سوء،وذموه شر ذم!

•   جماعات الضغط السياسي والأحتكار الرأسمالي!

 
   يعتبر البعض ان جماعات الضغط واللوبيات والمافيات"شاع استخدام هذه المفاهيم في الادبيات الانجلوساكسونية"،هي من اركان الشوروية والديمقراطية حالها حال الاحزاب وكامل المؤسساتية المدنية والاهلية وباقي اركان الحركة الاجتماعية،لأن الناس بحاجة اليها بشكل او بآخر،في ظروف تاريخية معينة!ووفق هؤلاء،يقع اللوبي هرمياً في الفضاء الفاصل بين الحكومة والبرلمان من جهة،والحركة الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب من جهة اخرى!والمافيات ماهي الا جماعات ضغط و لوبيات غير قانونية تفتقر الى التنظيم والشفافية والتركيز!!
   البعض الآخر يصنف النقابات والمنظمات غير الحكومية وكامل الحركة الاجتماعية المطلبية ضمن جماعات الضغط السياسي،ويطلق عليها تعبير"جماعات المصالح"!اي تستهدف تحقيق مصالح اعضائها،من خلال الضغط على السلطة،مثل نقابات العمال او جمعيات رجال الأعمال او جمعيات قدامى المحاربين وحتى العشائر الكبيرة!
  حقيقة الأمر لابد من التمييز بين جماعات الضغط السياسي وبين الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية التي هي ايضا تتميز بالضغط السياسي!وقد اصطلح تعبير جماعات الضغط السياسي على اصحاب الثروة والجاه والمكانة الاجتماعية والسمعة المزيفة،والتي تستخدم اموالها وارصدتها المادية والفكرية للتأثير على السياسة العامة ضمن ما يخدم مصالحها او من اجل تأسيس قوى ومجموعات أخرى ذات قدرة على الحث والتأثير ولتجنيد الرأي العام لتبني قضية او دعم ومعارضة تشريع معين،خاصة في الفترات الانتخابية!ولو استثنينا الجماعات التي تهتم بمصالح الشركات او المؤسسات او الدول،فان اللوبيات"اللوبي/Lobby":هي المجموعات والشلل المتكتلة الضاغطة على صناع القرار في هيئة أو جهة معينة وعلى الرأي العام،اقتصاديا،اجتماعيا،ثقافيا،مدنيا،وسياسيا،في سبيل تحقيق مصالحها وتطلعاتها الطبقية!تتقاسمها عادة الارستقراطيات التقليدية والقوى السياسية المتنفذة المدافعة عن مصالح الاقطاع والبورجوازية التجارية الكومبرادورية والطفيلية والبيروقراطية الادارية والاقتصاديات الموازية!الشلل التي تسلك الطرق القانونية وغير القانونية،وتشيع العصبوية وكل الولاءات دون الوطنية ومظاهر الفساد،وتتسم بالوصولية والانتهازية والنفعية البراغماتية!
   تدل الحقائق التاريخية ان ظاهرة اللوبي تقتصر على الحياة السياسية في الولايات المتحدة والغرب البرلماني المتطور رأسماليا!وما يقال عن جماعات الضغط السياسي واللوبيات في البلدان الاخرى ما هو الا تقليد اصطلاحي لا اساس له،بسبب درجات التطور المتدنية في سلم التطور الرأسمالي والتبعية الرأسمالية الأقتصادية والسياسية!ومعظم دول المحيط الرأسمالي ذات طابع استبدادي الى جانب دكتاتوريات الثيوقراط والحزب الأوحد!وهي دول ذات انظمة سياسية لا تسمح بحركية اللوبي السياسي،الا انها تفرخ عادة الضغط المافيوي السياسي!
  في الجانب المقابل تحتفظ الحركات الاجتماعية لشعوب العالم بحقوقها الشرعية الدستورية في الضغط السياسي على انظمة الحكم القائمة والطبقات الاستغلالية المهيمنة!وحقوق الانسان كل لا يتجزأ ولن تتحقق الا بمجموعها،ولا ديمقراطية مع الفساد وانتشار الامية والمرض والبطالة ومراكز النفوذ وقمع الحريات،ومن حق الانسان ان يقول كلمته في كل شأن من شؤون الحياة ويقاضي الحاكم اذا اخطأ والحصول على الضمانات الاجتماعية وممارسة السلوك الذي ينسجم مع ما هو عصري.
    والمنظمات غير الحكومية،بأي حال من الأحوال،سلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم،وهي الجماعات النوعية او الطوعية او التضامنية التي تعمل على تعبئة اوسع عضوية ممكنة حول هدف عام تتطلب القدرة لتحقيقه،وتتخذ شكل جمعيات او مراكز او روابط  في ظل بعض القوانين المحددة او بالالتفاف حولها مع فروق واضحة على مفهوم الجمعيات الاهلية(الخدمية او الخيرية)!واكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي في هذا المجال"الحركات الاجتماعية"،والتي تعبر عن القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها منظمة او منظمات!وتاريخيا تبلور هذا الوعي في النقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية..الخ.ويعتمد النظام الرأسمالي الدولي المنظمات غير الحكومية طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية(المؤتمرات العالمية) لتأكيد مصداقيتها،وبالتالي مصداقيته!!وهو يتعمد نفي دور التنظيمات الجماهيرية او السياسية المنظمة  كالاحزاب والتنظيمات المهنية كالنقابات تحت شتى السبل والحجج الممجوجة!ويصبح نمط  المنظمات غير الحكومية هو النموذج التحليلي الجدير بالاهتمام،وبأسمه يجري قياس الموقف الشعبي وقيادة التحركات الشعبية لتؤكد مصداقيتها الدولية!
   تعبر اللوبيات عن الشبكة الكبيرة من العلاقات السياسية والاقتصادية والبيروقراطية المتماسكة بين صقور السلطات الثلاث / التنفيذية والتشريعية والقضائية من جهة،وكبار المقاولين والمتعهدين وممثلي الشركات النفطية من جهة اخرى!عبر تبادل الخدمات والخبرات والمعلومات والصفقات والتعاقدات.ويقف خلف هذه العلاقات عدد كبير من الخبراء والباحثين الذين يعملون في مراكز بحوث ودراسات متعددة!واللوبي هو الذي يضع آليات العمل ويصيغ استراتيجية الصفقات والعقود النفطية!ويحتل عدد كبير من هؤلاء الخبراء والمستشارين مواقع حساسة في الادارات الاميركية المتعاقبة وحكومات الغرب الرأسمالي!كما يتميز اللوبي بعلاقات وطيدة ومتشابكة مع وسائل الاعلام والقوى والمراكز الاقتصادية والمالية في العالم!
   الجماعات الضاعطة"اللوبيات"ظاهرة ولدها عصر الاحتكارات الرأسمالية والشركات متعدية الجنسية والنزوع الى السيطرة وسلعنة الطبيعة والخصخصة،وطفيلية وتعفن الرأسمال المالي والطغم المالية!وسيطرة الاحتكارات تعني بالتبعية سيطرة جماعات الضغط وفرض الإملاءات السياسية او الثقافية على خطاب الدولة والمؤسسات!والخط البياني لسيطرة جماعات الضغط والمجموعات الاحتكارية في تصاعد،بينما مسيرة هذه السيطرة ما ‏‏زالت في اول خطواتها!ويؤكد البيان الشيوعي على"ان البرجوازية،من حيث استغلالها السوق العالمية،قد اعطت صفة الكوزموبوليتية (العالمية) للانتاج والاستهلاك في كل البلدان...فبدل العزلة المحلية والقومية والاكتفاء الذاتي في السابق،لدينا تعامل في كل اتجاه،اعتماد متبادل عالميا بين البلدان...وزبدة القول ان البرجوازية تخلق عالما على صورتها""انظر:العولمة ورأس المال،الثقافة الجديدة/العدد 281".
    بكلمات اخرى،يسعى اللوبي الى التأثير في الطبقة الحاكمة،ويتشكل على اساس المنفعة الخاصة وجمع الثروات واكتساب وسائل النفوذ حيث ان وجود قنوات مشتركة للاتصال الرسمي وغير الرسمي بين اللوبيات وبين راسمي السياسات العامة،يُعد مسألة اساسية لايصال مطالبها وقضاياها بالسرعة والكيفية المطلوبتين واقناعهم بضرورتها،واهميتها لادراجها ضمن مشاريع ولوائح السياسات العامة!ويسعى اللوبي الى التأثير على سياسة الحكومة بينما يرفض تحمل مسؤولية الحكم!وبذلك يستطيع اللوبي ان يكون الحاكم الفعلي في تسيير السياسات العامة في دولةٍ ما دون ان يعي الجميع ذلك!ويتمتع اللوبي عادة بدور هام على صعيد الحياة السياسية العامة،الا انه دور السيف ذو الحدين،المعبر عن الطموحات العامة والمصالح الاقتصادية الضيقة معا!


بغداد
20/8/2012
  



61


تلقينا بحزن بالغ نبأ مصرع الأخ الراحل آصف شوكت!


                                                                                                                                        سلام كبة


•   الاستاذ جلال الطالباني يعزي بمناسبة مقتل آصف شوكت
•     الغدر البعثي وتغييب المناضلين في سورية
•   بعث الأسد وحقوق الانسان
•   البعث والكرد





•   الاستاذ جلال الطالباني يعزي بمناسبة مقتل آصف شوكت

   
   في ظل عالم جديد استطاع تحطيم القيود والعوائق والحواجز التي كانت تحول دون انتشار الافكار والآراء المسموعة والمقروءة والمرئية والمكتوبة التي اصبحت تجري من كل حدب وصوب،وفي ظل عالم الفضاءات المفتوحة لتبادل المعلومات التي ازدحمت فيها قبة السماء بالأقمار الصناعية التي تبث آلاف الساعات يومياً من مختلف المواد ولجميع الشرائح،وفي ظل ثورة شاملة للاتصالات والمواصلات والتي اصبح من الممكن فيها تبادل الاحاديث ووجهات النظر والتخاطب بين الناس بالصوت والصورة وعبر القارات والمحيطات دون ان يعرف بعضهم بعضاً،وفي الوقت الذي فيه جرى استهداف وتغييب المناضل الشيوعي العراقي شاكر حسون الدجيلي داخل الاراضي السورية  في غفلة من الزمن وبتاريخ 31/3/2005!وفي الوقت الذي ندرك فيه ان الدولة السورية واجهزة الأمن السياسي فيها مسؤولةٌ مسؤوليةً كاملة ًعن قتلى العراق الذين سقطوا بسبب التفجيرات والانتحاريين اعوام 2005 – 2009 بسبب سماحها لهم بالعبور والمشاركة ودعم تلك الجهود بهدف اشغال"العدو الامريكي"!،وفي الوقت الذي يكرر فيه بشار الاسد وعود الاصلاح على مسمع الشعب السوري دون جدوى بل وسط وضع كارثي من الأقتتال الأهلي،وفي الوقت الذي ترتكب فيه الحكومة السورية من الجرائم التي يندى لها الجبين ومن الأفعال البوليسية المشينة بشكل متواصل بحق مواطنيها ومواطني البلدان الأخرى دون شعور بالمسؤولية القانونية والأخلاقية وباعتداء وخرق فاضح وعلني لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية!...في ظل كل هذا،...يبعث رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني المحترم ببرقية تعزية الى الدكتورة بشرى الأسد يعزيها بمقتل زوجها آصف شوكت"السيدة الفاضلة الدكتورة بشرى الأسد المحترمة،تلقينا بحزن بالغ نبأ مصرع الأخ الراحل آصف شوكت الذي نشارككم الألم بفقدانه"!
  لقد استضافت الحكومة السورية قادة قوى المعارضة العراقية ضد دكتاتورية صدام حسين منذ اواخر سبعينات القرن المنصرم،وقدمت لهم السلاح ومختلف المساعدات العينية والمادية،وللاستاذ جلال الطالباني سبق الشرف وحصة الأسد منها!وارتبط الطالباني بعلاقات طيبة مع اقطاب الحكومة السورية والدولة السورية،ولم تسري على حزبه"الاتحاد الوطني الكردستاني"ضوابط الانتظام في مكتب شؤون العراق او مكتب العمل الوطني/المؤسسات الرئيسية التي اعدتها الدولة السورية لادارة شؤون العراقيين وقوى المعارضة العراقية في حينها،والمرتبطة مباشرة بالقيادة القومية للبعث السوري واجهزة مخابراته!وكان السيد الطالباني على صلة يومية مباشرة بأركان الدولة السورية،وعلى اطلاع كامل بالحركية السياسية والتجاذبات السياسية في قمة الهرم السياسي في سوريا!
  هذه العلاقات بين المعارضة العراقية والدولة السورية تقوضت تدريجيا مع منحى الأولى للاستقلالية في اتخاذ القرار والعمل الجدي لأسقاط نظام صدام حسين،ومع التحسن النسبي الذي طرأ في العلاقات الأقتصادية  بين نظامي صدام والأسد بداية هذا القرن اثر العقوبات الدولية التي فرضها المجتمع الدولي على العراق!وتعرضت هذه العلاقات الى انتكاسة دراماتيكية كبيرة بعد التاسع من نيسان 2003،وافتضاح دور الحكومة السورية بالدليل القاطع على دعم الأرهاب في بلادنا!وبات بشار الأسد واعوانه في نظر شعبنا مطلوبا الى القضاء العراقي حيا ام ميتا!
  بعد كل ذلك،يبعث رئيس الجمهورية السيد جلال طالباني المحترم ببرقية تعزية الى الدكتورة بشرى الأسد يعزيها بمقتل زوجها آصف شوكت"احر التعازي لكم وللعائلة الكريمة.. ودعاؤنا للباري عز وجلّ ان يمنّ عليكم بالصبر والسلوان،وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته(ويسكنه فسيح جناته)،ويسبغ على سورية وشعبها الشقيق بالأمن والسلام،وإنا لله وانا اليه راجعون".ونتسائل كيف لقائد سياسي يمتلك من التجربة التاريخية السياسية الميدانية القسط الأعظم ويتولى رئاسة جمهورية العراق،ان يقدم على هفوة كهذه؟لعل البعض يفسرها بخطوة دبلوماسية هامشية..لا غير!فالسيد الطالباني زعيم لحزب الأتحاد الوطني الكردستاني،العضو الناشط في الدولية الاشتراكية،وموقف الدولية الاشتراكية من الاحداث في سورية واضح وشاجب لرعونة نظام الأسد!
  وما يثير الاهتمام،هو الموقف الودي ايضا لرئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من الأسد وبطانته،في اكثر من رسالة وبرقية ارسلها الى زعامة الدولة السورية خلال العامين الأخيرين،وما يشاع عن تواجد مقاتلين ومسلحين عراقيين الى جانب مقاتلي حزب الله اللبناني ويشكلون فرق الاعدام الميدانية المنتشرة داخل المدن السورية،والشعب السوري في اوج الحاجة الى مواقف سياسية عملية ساندة لانتفاضاته،او على الأقل اتخاذ الموقف المحايد المعبر عن الاعتزاز بشهداء الشعبين العراقي والسوري الذين سقطوا في معمعان الاعمال الأرهابية،والتي وفر لها نظام الأسد الدعم اللوجستي.وتكشف المعلومات التي تتفشى سريعا اليوم،ونحن نعيش العصر المعلوماتي،ان الساسة السوريين المطرودين قد يطلبوا اللجوء السياسي الى العراق،وهذا بحد ذاته يعكس العلائق والوشائج العضوية التي تربط حكام سورية بالسلطات المتنفذة في بغداد!
   عند انتخاب مجلس النواب العراقي ثانية الاستاذ جلال الطالباني رئيسا للجمهورية،تنفس الكثير من العراقيين الصعداء لما عرف عنه من حكمة وتأني وجدية وخبرة وكفاءة ومسؤولية ونزاهة وتاريخ مجيد وحيوية عالية في العمل والاداء،ونأمل من ان هفوة التراسل مع بشرى الأسد وبقية مجرمي النظام السوري كانت هفوة"غلطة الشاطر بعشرة...غلطة الحبيب بألف"!وللاستاذ جلال الطالباني دوره المتميز في الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا،والعمل على ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية،ويطلق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة.والعقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!

•   الغدر البعثي وتغييب المناضلين في سورية*(1)


  في 31/3/2012  مرت الذكرى السابعة لتغييب الرفيق الدكتور شاكر الدجيلي عند وصوله الى سوريا قادما من السويد!والمناضل الدجيلي صورة  صادقة للشيوعيين البواسل المؤمنين بعدالة القضية التي نذروا ارواحهم من اجلها،ابن الطبقة العاملة العراقية والمبادىء العراقية الاصيلة،صقلته الشيوعية وزادته ارتباطا بالعراق والشعب للدفاع عن قضيته الوطنية العادلة المشروعة،كادر شيوعي  تميز  بنكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والاكاديمي والمهني،لذلك جرى استهدافه بطرق الغدر البعثي الجبانة.ولم تختف آثار جريمة تغييب القائد الشيوعي العراقي شاكر الدجيلي في سوريا،لأننا نعيش في القرن الواحد والعشرين والعصر المعلوماتي المتفجر،رغم تقاليد البعث السوري العريقة في اختطاف المناضلين واخفاء آثارهم!قائمة طويلة طالتهم الأيدي الخفية التي تنشط في اروقة النظام السوري المخترق بقوانين يصنفها العالم بمهزلة الطوارئ!وكان اختطاف شاكر الدجيلي عبرة للذين يبنون الآمال على وعود الاصلاح وامكانية حدوث تغييرات عميقة وجذرية في الفكر والممارسة السياسية للدولة السورية وللبعث السوري الذي يقود هذه الدولة منذ ما يزيد عن اربعة عقود بالحديد والنار،وتواجد جبهة وطنية تدعم الحكم البعثي تضم الشيوعيين في سوريا،وانعقاد مؤتمرات الخيبة الدورية لحزب الاسد.اتسم اختطاف الدجيلي بالغدر الامر الذي لا يفسر على انه  سوى محاولة يائسة للتأثير والضغط على السياسات الاستراتيجية للحزب الشيوعي العراقي ومحاولة تجريده من اصدقاءه وحلفاءه!.ورغم الابلاغ المبكر لقيادة الحزب الشيوعي العراقي في دمشق القيادة السورية بالحادث فان رد الفعل اتسم بصلافة التجاهل والنكران.النظام السوري يختطف الدجيلي بذات الطريقة اثناء"الضيافة العربية"،ولم يعرف مصيره على ايدي زبانية الجحيم البعثي السوري،والجميع يتفرج!يالها من محنة.كرر الرئيس بشار الاسد وعود الاصلاح على مسمع الشعب السوري،ووفاءه بها كان يستلزم في المقدمة،غلق الواجهات التي تسئ لسمعة الشقيقة سوريا وللعلاقات مع العراق،وطرد مرتزقة صدام حسين من الاراضي السورية،والكف عن لعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته.
   لم ينل نشر ثقافة حقوق الانسان الاهتمام اللازم بسبب المخلفات الثقيلة للنظم الاستبدادية والشمولية،وزيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية و حقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية لتحقيق مصالحه ومطامعه في بلداننا!ولا تعارض العولمة الرأسمالية والادارة الامريكية سياسة القمع الدموية للانظمة العربية والاقليمية الا في حال احساسها بعدم امتثال هذه الانظمة بالقدر الكافي لسياستها.ان مصالح كلا الطرفين اي امريكا والانظمة العربية والاقليمية تتفق على البطش والدكتاتورية في هذه البلدان لان ذلك يشكل ضرورة من ضرورات بقاء الانظمة نفسها وادامة النفوذ والهيمنة الامريكية في المنطقة.وما جرى ويجري في السجون وخارجها في هذه البلدان هو نفسه ما حدث ويحدث في العراق وسوريا!القمع والبطش وامتهان الكرامة الانسانية!وتتفنن اجهزة القمع في سحق مواطنيها وتستعمل احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من وسائل التعذيب والبطش الفردية والجماعية،ويتم تخصيص الامكانيات المالية الطائلة في حين تعاني الملايين من البطالة والبؤس.ويتميز تعامل هذه الانظمة مع السجناء السياسين بشكل عام في عدم الاعتراف بوجود معارضة سياسية،لذلك فان كل معارض هو بنظرها خائن وعميل للاجنبي او معاد لمصالح الشعب والثورة!عمليات تلفيق التهم واختلاقها وممارسة التعذيب على السجناء واجبارهم على الاعتراف بتلك التهم،انتزاع البراءات واجبار المتهم على التعهد بعدم ممارسة العمل السياسي من التقاليد الراسخة للانظمة الشمولية في ايران والبلاد العربية!

•   بعث الأسد وحقوق الانسان*(2)

     وصل البعث السوري الى الحكم في الثامن من آذار 1963 اي بعد شهر من انقلاب 14 رمضان الاسود الدموي في العراق!جلادون اسقطت الوثائق والأعترافات ورقة التوت عن عوراتهم وبينت للعيان عمالتهم وصلاتهم المباشرة بالمخابرات الأمريكية بعدما عثر في مكتب الشهيد عبدالكريم قاسم على اضبارة للدكتور"إيليا زغيب"!الذي كان منتدبا للتدريس في جامعة بغداد وقتذاك،وكان عميلا للمخابرات الأمريكية،وظل لسنوات عديدة يقوم بنقل المراسلات بين القيادة القطرية في العراق والقيادة القومية لبعث عفلق!كما لعب"وليم ليكلاند"مسؤول مركز المخابرات الأمريكية في العراق،والذي كان يعمل في السفارة الأمريكية بوظيفة مساعد الملحق العسكري،دوره المكلف به من تخطيط وتدبير للأنقلابات البعثية،وبالأخص الانقلاب العراقي،بما فيه اذاعة اسماء وعناوين الشيوعيين والقوى التقدمية من اذاعة تبث من الكويت!ولا ينسى احد مقولة امينهم القطري وقتذاك علي صالح السعدي(جئنا بقطار امريكي)ولا تزال الأيام السود لأنقلاب شباط راسخة في ذاكرة الناس،وبيانهم المشؤوم رقم(13).ويقدر ضحايا انقلاب شباط البعثي في العراق(5000 ـ 12000)قتيل،وعشرات الآلاف من المعتقلين.ثم عاد بعث"البكر ـ صدام"مرة ثانية للسلطة في 17 تموز 1968،وهذه المرة بتخطيط ودعم المخابرات الأمريكية والبريطانية ايضا،ودعم بعض دول الجوار.كان استلام البعث الفاشي في العراق للسلطة مرتين واستلام البعث السوري السلطة في دمشق بمساعدة ودعم كاملين من الأدارة الأمريكية!
   اقتطع البعث السوري جزءا من اراضيه واهداها الى اسرائيل في هزيمة الخامس من حزيران 1967،وستبقى هضبة الجولان السورية وشعبها الأبي شوكة في اعين البعث السوري ورمز للتحالف الصهيوني البعثي!وصدق الرفيق فهد حين اكد ان الفاشية والصهيونية توأمان لبغي واحد هي العنصرية ربيبة الاستعمار!ثم قام الاسد الاب بحركته التهريجية والتي اطلق عليها "التصحيحية"لأعادة بعثه الضال الى رشده!وشهدت علائق الاخوين العاقين البعثيين السوري والعراقي فترات من التوتر والاحتقان السياسي ركضا وراء سطوة ونفوذ قوة الهيمنة على الجناحين معا!وانجرت الاحزاب الشيوعية في هذين البلدين الى الكمين والخدعة الراديكالية لبعض اوساط البعث لتعش عمى الالوان السياسي في جبهات قائدها البعث الذي جهد لأذلال وتركيع الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين بعد ان حول الهدف النبيل في الاشتراكية الى مجرد عمليات حسابية تجارية(1+1=2)،والوحدة الى عزلة اقليمية افلاطونية،والحرية الى فاشية مع سبق الاصرار!اما امة عربية واحدة وذات رسالة خالدة فكانت لغوا فارغا من المبتكرات العفلقية رغم انها سجلت له براءة اختراع في موسوعة جينيز!الجبهة الوطنية في سوريا يجلس فيها أناس فقدوا الصلة بشعبهم وقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان،وهمهم الحفاظ على مراكزهم ودفء مقاعدهم الوزارية او الحزبية حيث يستلمون رواتبهم من الدولة،انهم جماعة من المصفقين للرئيس أياً كان هذا الرئيس ما دام أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي،قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً،ومن المؤسف أنهم يحملون راية الحرية والديمقراطية بصورة عبثية ومذلة.
   بحجة البعبع الاسرائيلي عسكر البعث بلدانهما بحماقة،تارة مع الشرق وتارة مع الغرب،لتتخلص المراكز الرأسمالية من اسلحتها الفاسدة!وفاقمت عسكرة المجتمع وزج الجيش في معارك ضد الشعبين السوري والعراقي،والطبيعة الدكتاتورية والشمولية للانظمة الحاكمة،فاقمت الانقسامات الاثنية والطائفية والعشائرية  بشكل واضح ليطمس اي دور حقيقي للوحدة الوطنية.سيطر حزب البعث السوري على الحكم ومنع النشاط السياسي داخل القوات المسلحة،وانفرد بالنشاطين السياسي والنقابي في ميادين الشباب والطلاب،ونشر اجهزة الامن في اركان الدولة والمجتمع،وامسك البعث بالسلطة عبر مافيات الفساد وتعشيره البلاد! 
    فرغت السياسة الأقتصادية لدولة البعث في دمشق الابية التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي!وابرمت العقود الاستراتيجية تحت اشراف مباشر من الاسد الاب(اليوم من الاسد الابن)اعلى سلطة سياسية في البلاد،والحكومة السورية وبدعم جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا.وقد ضربت التنمية السورية عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الاقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية،وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما ادى الى رفع تكاليف تلك المشاريع اضعاف ما كان مقررا لها،اضافة الى سياسة البذخ المفرط في اقامة تلك المشاريع.واليوم يعيش المواطن السوري ليأكل ويشرب ويعمل مضاعفة ويتاجر ولينام!هذه تربية بعث الأسد في سوريا!لكن هيهات!ينتفض اليوم الشعب السوري في كبوة ثورية ليلتحق بشعوب تونس واليمن ومصر وليبيا،وليفرض كلمته الحقة،لا لنظم التوريث الشمولية!
    ليست سجون حكام دمشق مدارس وجامعات تراعي حقوق المساجين الذين تغص بهم هذه السجون - واكثرهم دخلها دون محاكمة - واكثرهم لن يخرج منها الا جثة هامدة تلقى في مزبلة السجن ولا تسلم لاهلها.وليس غريبا ان حكومة البعث السوري التي امتد سلطانها قرابة نصف قرن تمارس حتى الان الاحكام العرفية وحالة الطوارئ رغم ان آخر مواجهة مع اسرائيل مضى عليها اكثر من ربع قرن!ليس هناك دستور دائم في سوريا بذريعة البعصة الصهيونية!والاستفتاءات والانتخابات فيها صورية على الطريقة الصدامية(99.9%)!تعذيب ممنهج ومعتاد ويومي يقوم به رجال الأمن ضد مواطنيهم!والى جانب التعذيب والقتل هناك ظاهرة الاختفاء القسري وظاهرة العزل حتى ان السجين لا يعرف شيئا عما يحدث في خارج السجن لسنوات طويلة!السجون السورية تدرج تحت بند الأمن القومي!وممنوع الاقتراب او التصوير،حتى اسوارها الخارجية،لأنها مناطق عسكرية وامنية محرمة قد يدفع حياته من يقترب بكاميرا من اسوارها!اذ ان النظام السوري والذي كان يسمى وطنيا يوما ما،قد ترك بصماته في كل مكان وخلق المناخ الكئيب من التعذيب والقمع والبؤس والخراب.ولم يسلم من القمع حتى  نشطاء ومنظمات وقوى المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وسط تراجع حاد لحالة الديمقراطية وحقوق الانسان!
    عمق البعث السوري،خاصة عند جيل الشباب الذين ولدوا وترعرعوا في ظل نظام الأسدين،ذهنية"الأنا"العربي المتعالية على"الآخر"والرافضة له،فهي الارقى والافضل والاكثر قدرة على القيادة.اما الآخر فهو الأدنى والاضعف والأسوأ والذي ينبغي له ان يخضع للعربي الأنقى دماً والأوسع دماغاً والاكثر ذكاءً وابداعاً!ولا يقر حكام سوريا بالحقوق القومية للشعب الكردي في منطقة الجزيرة،فداسوا بالأقدام على حقوق الانسان وحقوق القوميات وعلى أسس العلاقات الدولية بسياساتهم المدمرة!التوتر في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا بلغ نقطة الغليان منذ اعوام بعد مقتل العشرات من الابرياء والقاء اللوم على السلطات السورية في مقتلهم!الأكراد يشعرون بالغضب الشديد،كما هو واضح من البيانات الصادرة عن احزابهم السياسية المحظورة!
    بقي بعث الأسد في الحكم اضعاف الفترة التي كان الحكم الهتلري في الحكم تقريباً وضعف فترة بقاء شقيقه اللح في بغداد!واستطاع خلال هذه الفترة ان يترك تأثيره المباشر والشديد على الأجيال المتعاقبة بعد ان اجبرت على الارتباط بفكر البعث وممارساته،والتي لم تتعرف على القوى السياسية الأخرى التي ناضلت طويلاً في سوريا قبل واثناء وجود البعث في السلطة بسبب محاربته لها وسعيه لاستئصالها وتقزيمها وشقها(مثلما فعل مع الشيوعيين الذين تشرذموا الى خمسة او ستة احزاب)!التربية التي اعتمدها بعث سوريا تميزت بوجهتها الاستئصالية للفكر الآخر والشخص الآخر وغرس الفكر الاستبدادي والعنصري والقمعي المشوه في ادمغة الاطفال والشباب خاصة في المناطق العربية من سوريا(البعثنة)!
   المخابرات السورية تعج بالضباط  وشركائهم من زعماء عصابات مافيا النهب وتبييض الأموال لتشكل العصابة القذرة التي يستند عليها الاسد الابن الذي يلعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته!محمد سعيد بخيتان،غازي كنعان،آصف شوكت،هشام بختيار،بهجت سليمان،ماهر الأسد،ذو الهمّة شاليش،احمد درغام،فوزي الراوي، ... وآخرون اسماء معروفة لا يستطيع الشعب العراقي محوها من ذاكرته  بعد ان تورطت في الأنشطة التجارية غير المشروعة مع نظام صدّام حسين خلال الفترة 1997 ـ 2003،و تأمين وصول الدعم اللوجستي للارهاب في العراق 2005 - 2009،وارسال المتطوعين لصالح الأرهاب الاصولي الاسلامي عبر تجنيد الشبان التي تؤم المساجد وتأمين وصولهم العراق،والاشراف على  تهريب الأموال العراقية الى سورية ولبنان،وادارة تمويل الجماعات الارهابية في العراق،مقاولات ـ الشراكة لعمليات الارهاب في العراق،التعاون مع الحرس الثوري الايراني وجماعة المرشد علي خامنئي وعصابة الرئيس احمدي نجاد ومرتزقة حزب الله لتأمين التسلل عبر الحدود العراقية – الايرانية والحدود العراقية – السورية.
    ان العراقيات والعراقيين الذين يرفضون الاحتلال الامريكي للعراق بشكل تام،والذي كان النظام البعثي المماثل للنظام السوري سبباً له،ويعملون من اجل التعجيل بإنهائه العملي وليس القانوني فحسب،يعجبون للوقاحة التي تتميز بها القيادة السورية واعلامها الساقط الذي يتحدث عن احتلال العراق،وهي تعيش يومياً ومنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود قرب مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل اسرائيل!
   ويسهم بعث دمشق اليوم على عودة الفكر القومي المندحر والصدامية الى العراق بأنسلال الحية الرقطاء دون ان نشعر بضجة او ضوضاء!بعد ان آمنوا العقاب والملجأ الآمن في قصور الأسد!متوهمين اننا لم نعد نتعرف على وجوههم ولا نتذكر سكاكين الذبح المعمية التي كانوا بها يذبحوننا،ولا نتذكر اسماؤهم وشكل وجوههم!انهم بيننا انسلوا بصمت بعد ان كانوا يرتجفون هلعاً في الأيام الاولى من سقوط طاغيتنا.وزعوا ادوارهم بدقة بين كاتب ومحلل سياسي وصحفي ومتخصص في الموت والتفخيخ،ومن يجيد اللطم على الوطن ومتخصص في خطابات الرثاء،وعاهرة لا تجيد سوى الردح والشتائم واتهام الجميع سواها،ومثلومين واشباه رجال وشلة غادرة عدتهم وعددهم،وحتى رواد لحركة حقوق الانسان!لكنهم بدأوا يظهرون في الشوارع والمقاهي ويلبسون غير ملابسهم ويلتحون ويغيرون ملامحهم،ويكثرون من ذكر الله في العلن وقائدهم الجرذ في الخفاء بصوت منخفض!ويعلقون صورته تعويذة وتذكار لعل زمانهم يعود مادام الناس في غفوة ثانية!انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم،ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين.
   قبل انتفاضة الشعب السوري الثورية،وفي ظل هلامية القوانين الاعلامية دأبت الحكومة السورية على حجب المواقع الأنترنيتية الصادرة عن جمعيات حقوق الانسان مثل المركز السوري للاعلام وحرية التعبير،مركز دمشق لدراسات حقوق الانسان،لجنة التنسيق من اجل التغيير الديمقراطي في سورية،المنظمة السورية لحقوق الانسان(سواسية)،المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية،الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان(FIDH)،المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب(OMCT)..الخ.لا عجب ذلك في بلاد شهدت وتشهد التنكيل بالمناضلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والتصعيد  في الأساليب البوليسية والقضائية التي تَكشف مرة اخرى عن مضي النظام الشمولي قدما في قمع القوى الحية في المجتمع كي ينفرد بتقرير مصير الوطن ونهب ثرواته واستغلال قوة عمل الأكثرية المعوزة والمفقرة من الشعب السوري.وتأتي هذه الممارسات في الوقت الذي اَستكملت فيه الولايات المتحدة مخطَّطَها لاعادة تنظيم المشرق العربي من اجل نهبه واستباحة هويته القومية وثرواته الاقتصادية بصورة وحشية!ما يؤكد مجددا ان النظام الحاكم الذي تعايش طوال العقود الماضية مع سياسات الأمبريالية الأمريكية يَعتبر ان خصمه الرئيس هو الشعب في سورية،وليس الآلة العسكرية والاقتصادية الأمريكية،وذراعها اسرائيل.ودرجت السلطات السورية منذ اعوام على استخدام ازلامها في"المنظمات الشعبية"التابعة لها للاعتداء على المتظاهرين والمحتجين والمتذمرين بالضرب بالهراوات والقضبان الحديدية.
      منعت وتمنع السلطات السورية وادارة المخابرات العامة،في مخالفة واضحة للدستور السوري وللاعلان العالمي لحقوق الانسان،رموز ودعاة حقوق الانسان في دمشق من مغادرة البلاد حتى وان كانت لتلبية دعوة حضور مؤتمرات حقوق الانسان الدولية.كما تقيل وتفصل وتصرف من الخدمة دون بيان الأسباب لمن تشاء،وبحجة الاستناد الى المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 وتعديلاته!وتحاكم محاكم الجنايات المعارضة السورية بتهم الاتصال بدول أجنبية بقصد العدوان على سوريا!وحقيقة الامر رفض المعارضة السورية جهاراً نهاراً طبيعة النظام السوري العسكرية الفاشية مثلما رفضت الضغط العسكري أو الاقتصادي على سوريا واستنكارها ازدواجية الخطاب السياسي الرسمي،ومطالبتها بالعلانية والشفافية،وبمزيد من الحريات الديمقراطية والحقوق المدنية والسياسية!.وفي آذار 2006،شرعت السلطات السورية بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الشخصيات السياسية والمدنية المعارضة ضمن السياسة الشمولية والدكتاتورية للحكم:انتهاكات ممنهجة للحريات وحقوق الانسان،توقيفات خارج اطار القضاء واعتقالات تعسفية،تعذيب وترهيب مع محاكمات جائرة!
     فشلت سوريا البعث بتحرير النخبة السياسية من تماهياتها الجزئية لتتمكن من تجسيد مثال الوطنية وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة،حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية الى دولة امة،اي دولة مواطنيها.وتجاوزت ارادوية البعث السوري الموضوعية لتخلق لها اوهام نضالية وكفاحية تصحو عليها ليل نهار!وسلطات دكتاتورية شمولية باسناد من قوى متذبذبة فقدت الثقة بنفسها قبل ان تفقدها بالآخرين(جبهة وطنية كارتونية)واستبداد بالغ اساسه قمع حقوق الانسان!وقد اثبتت سوريا للملء موضوعة الفكر القومي المندحر الذي فشل في شحذ الوعي الوطني للأفراد،بصرف النظر عن مذاهبهم الدينية،والتطلع المشترك والشامل لنهضة حضارية تنقل المجتمع الى مصاف المجتمعات الحديثة المتمدنة الديمقراطية،وتساعده على تجاوز انقسامات المجتمعات التقليدية الموروثة،وتحرر الفرد من التبعية لعصبية العشيرة والقبيلة والطائفة الدينية اي من التخاريف الاجتماعية والولاءات دون الوطنية!!في سوريا اليوم دولة علمانية صورية استبدادية،وكان الاسد الابن يستعد لأعداد ابنه البكر لوراثته هو ايضا،وعلى الشعب السوري السلام!
    ما جرى ويجري في سوريا اليوم يعتبر تجاوزاً فظاً على حقوق المواطنة وحقوق الانسان وحقوق القوميات،وهذا هو حال نظام الملالي في قم وطهران ايضا،حيث حقوق الانسان مغيبة،ولا زال دم ابناء الشعب الايراني الابرار لم يجف،خاصة ابناء الاقليات القومية،وسيقدم الشعب الايراني من قرر واقدم على تغييب الرفيق العزيز كيان الدين نوري واعضاء المكتب السياسي لحزب تودة المناضل وكوادره السياسية المتقدمة الى المحاكم،وفي مقدمة هؤلاء مشعوذي ولاية الفقيه الخمينية!

•   البعث والكرد*(3) 
 
   منذ سنوات والكُرد في سوريا يواجهون الحرمان من الهوية والجنسية والاعتراف بالوجود اصلاً مما اجبر الكثير منهم على مغادرة البلاد حفاظاً على كرامتهم وتخلصاً من الاضطهاد والملاحقة والقمع والتعذيب.وانشغل النظام السوري منذ اعوام بمكافحة ومطاردة واعتقال العناصر والجماعات الديمقراطية التي تدعو الى اقامة المجتمع المدني وممارسة الحياة الدستورية،وبتنشيط التحالف السياسي مع ايران،وبالتدخل الفظ والشرس مع ايران في الشؤون الداخلية للدول العربية والمشاركة في تسليح وتمويل القوى والنشاطات الارهابية.
    في 23 آب 1962 جرّد النظام السوري بالمرسوم رقم 93 اكثر من 150 الف مواطن كردي من جنسيتهم،خلافا لاتفاقيات حماية حقوق الأقليات وللإعلان العالمي لحقوق الانسان.ومنذ انقلاب آذار 1963 واستثناء قانون الاصلاح الزراعي عام 1966 الفلاحين الفقراء الكرد من الاستفادة منه وجملة المراسيم العنصرية للتهجير القسري للكرد وتوطين العرب بدلهم،وما سمي بالحركة التصحيحية لهدهد دمشق،ما زال الشعب الكردي في كردستان الغربية ضحية اضطهاد عنصري متعدد الأشكال يبدأ بالاعتقال التعسفي وينتهي بالقتل!
   انتفض الشعب الكردي في 12 آذار 2004 فيما عرف بانتفاضة قامشلو التي عمت كل المناطق الكردية فعمدت السلطة لقمعها وقتلت ثلاثين شابا وجرحت المئات واعتقلت الآلاف.وعمد النظام السوري قتل رجل الدين الكردي المتنور الشيخ محمد معشوق الخزنوي والذي كان له دور كبير في الأنتفاضة ومكانة كبيرة لدى الكرد والقوى العربية الديمقراطية في سوريا.
   معاناة الكرد هي جزء من معاناة الشعب السوري المصاب بخيبة الأمل المريرة حيال استمرار الاعتقالات والأحكام القاسية،وتعمّق الأزمة الاقتصادية والأحوال المعاشية،التي عبرت عنها الطرق المهينة في توزيع قسائم المازوت،وخطورة المؤشرات الدالة على انسداد آفاق التغيير.فالبطالة تشمل مئات الآلاف،والأعداد في تزايد مستمر مع تواصل حالات التسريح،كما ان الفساد لا يزال يستنزف طاقات اقتصادية كبيرة تقدر بعشرات المليارات سنويا،في حين باتت خسائر القطاع العام بفعل الهدر والنهب،خارج امكانيات المعالجة.ومع الادارة الاقتصادية السيئة والفساد المستشري وهشاشة وعدم جدية بوادر الأصلاح والتغيير،دائرة الفقر تتسع وباتت مصدراً للقلق الشديد،خاصة في المحافظات الشرقية التي تتصدر قائمة معدلات البطالة"وصلت في محافظة الحسكة وحدها اكثر من 24%"!ويعاني الكرد في سوريا من اغلاق فرص التوظيف في المؤسّسات ودوائر الدولة،والتضييق على فرص العمل في القطاع الخاص واصحاب المهن،واهمال الزراعة وارتفاع تكاليفها،وتصاعد موجة الهجرة الى الداخل السوري والخارج الأوربي والجوار الاقليمي،خاصة العراقي.وتتواصل حملة الاعتقالات الكيفية لتشمل مختلف اصحاب الرأي ونشطاء حقوق الانسان وكوادر الحركة الكردية،كما حصل في آذار 2004 وخريف 2007 وعشية نوروز 2008!"انظر لا على سبيل الحصر/الدعوى رقم 1747 لعام 2008 في 23/11/2008،وامام القاضي الفرد العسكري الأول بدمشق عقدت جلسة لمحاكمة المعتقلين على خلفية التظاهرة السلمية التي تمت في مدينة القامشلي بتاريخ 2/11/2007!وفي مخالفة صريحة وواضحة للقانون وكإجحاف بحق المعتقلين تم نقل الدعوى الى دمشق!ومن بين المتهمين قادة لأحزاب سياسية كردية تقدمية ورموز قيادية في الحركة السياسية الكردية!"
   يتعرض ابناء وبنات الشعب الكردي في سورية الى القمع والاضطهاد والقتل والاعتقال والتعذيب لأنهم يحتفلون بعيد الكُرد الكبير/عيد نوروز،مع حلول الربيع وتفتح الأزهار وانتشار العشب والخضرة في ربوع كُردستان في جميع اجزائها.وبذلك تسعى الحكومة السورية الى تحويل الافراح الى اتراح!وفي كل عام يسقط شهداء الكرد بسبب حقهم في الاحتفال بعيدهم والتعبير عن رأيهم وعن فرحتهم،وكذلك حقهم في التجمع والتظاهر والتعبير عن مطالبهم المشروعة والعادلة!كل ذلك بسبب سيطرة العقلية الشوفينية وتجذرها لدى السلطات بعد ان عجزت جميع سياساتها وممارساتها السابقة والمستمرة والمتزايدة من احصاء رجعي وحزام عنصري شوفيني مقيت وسياسات تعريب شاملة وسياسة اقتصادية ممنهجة ضد المناطق الكردية،والتي اكتوت بنارها ايضاً المكونات الأخرى(العرب والآثوريون)فلجأت الى سياسة قهر ارادة الكرد بالقوة عن طريق ممارسة المزيد من العنف وصولاً الى القتل!
•   اقرت الحكومة السورية قوانين عنصرية ومارست ولا زالت تمارس الاضطهاد والتمييز القومي/القانون رقم 93 والصادر في 23/8/1962 والذي نص على الأحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة وليوم واحد فقط ،وتم بموجبه تجريد ما يزيد على 120 الف من المواطنين الكرد من الجنسية السورية.وبين ليلة وضحاها وجد هؤلاء الكرد انفسهم مجردين من الجنسية السورية،واستتبع ذلك اجراءات وتدابير عنصرية تم بموجبها حرمانهم من التملك والتوظيف والعمل والتعلم والتنقل وحتى من الخدمة الالزامية.
•   "الحزام العربي"الذي تم  بموجبه مصادرة وانتزاع مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الخصبة من الملاكين والفلاحين الكرد،وقامت الدولة بتوزيعها على آلاف الأسر العربية التي استقدمها النظام في عهد الرئيس حافظ الأسد من مناطق الفرات وحلب بحجة غمر اراضيهم بمياه سد نهر الفرات.
•   بناء 40 مستوطنة نموذجية للعرب القادمين للتوطين.
•   قرار وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي السورية رقم 1682 في شباط 2007 قضى بانشاء الحزام العربي الجديد للفصل بين الكرد في سوريا والكرد في كردستان العراق عبر اسكان مئات العوائل العربية على اراضي كردستان الغربية!
•   المرسوم الجمهوري العنصري رقم"49"المشؤوم لعام 2008 الذي استهدف القضاء على الوجود الكردي الطبيعي في سورية،خاصة محافظة الحسكة،من خلال شل الحياة الاجتماعية ومنها التجارة والبناء والعمران في المناطق الكردية مما يجبر الآلاف من ابناء الشعب الكردي الى الهجرة والتشتت في معظم بقاع العالم القريب والبعيد!
•   استقدام 300 اسرة عربية بغية توطينها في اراضي قرى كردية في منطقة ديريك / المالكية / بدلا من توزيعها على سكانها الاكراد المحرومين من ارضهم.
•   تجويع الشعب الكردي وافقاره،وتفكيك تماسكه الاجتماعي وهدم بنيته الاقتصادية والغاء وعيه الثقافي والتاريخي،وتجهيله بقضيته،وبالتالي تحويله الى اشلاء وبتره عن امتداده القومي،واجبار ابنائه على الهجرة.
•   منع النظام اللغة والثقافة الكردية من التداول في المجالات المختلفة.
•   تغيير الأسماء التاريخية للمناطق والبلدات والقرى الكردية،واطلاق اسماء عربية عليها!
•   نقل الكثير من المدرسين والمعلمين والموظفين الأكراد من مناطقهم الى المحافظات الأخرى،وفصل الطلاب من المدارس والمعاهد،بهدف تفكيك المجتمع الكردي.

   ردا على حركة الاحتجاجات التي اجتاحت سورية اصدر بشار الأسد في تموز 2011 مرسوم لتجنيس اكراد محافظة الحسكة!في خطوة شكلية ترقيعية بعد ان اقتحمت موضوعة الكرد الادب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في سورية،وباتت مشكلة كبيرة تواجه الدولة السورية،لأن الاسباب التي دفعت الكرد الى الهجرة والترحال القسري،ومهما اختلفنا في تحديد جذورها وتشخيص المسؤول عنها وتباين الآراء بصددها،بقت وتبقى خطيرة!ولم تظهر مشكلة التمييز الطائفي والتهجير وقضية الكرد في سورية مع انقلاب آذار 1963 وحركة الأسد الأب التصحيحية،رغم انها تفاقمت واتسعت وشملت مئات الآلاف من ابناء الكرد واصبحت احدى مظاهر ازمة النظام الممعن في اجراءاته القمعية المعادية للحريات والحقوق الانسانية والتي ادت الى ان يعيش قرابة اكثر من 2 مليون سوري مكرهين خارج وطنهم تتوزعهم المنافي القريبة والبعيدة!


*(1) انظر: دراسة الكاتب المعنونة"الغدر البعثي وتغييب الشيوعيين العراقيين في البلدان العربية"/الحوار المتمدن/2008.
*(2) انظر: دراسة الكاتب المعنونة"حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا"/الحوار المتمدن/2008.   
*(3) انظر: دراسة الكاتب المعنونة"الاوهام الاقليمية ومحاولات تدجين العقل الكردي"/الحوار المتمدن/2009.       


بغداد
20/7/2012     

62

البلطجية مخالب السلطات المتنفذة في العراق

                                                                                                                                    سلام كبة


•   "الرعاع"و"البلطجية"و"اقتصاد الظل"
•   "البلطجية"و"الحثالات الطبقية"- لقيط وحاضنة!
•   الطائفية السياسية تفرخ "البلطجية"!
•   "الحثالات الطبقية"فيالق تتوسع بأضطراد!
•   البطالة والأمية
•   البلطجية في العراق كلاب أمن مدللة واداة تقزيم الديمقراطية!
•   "البلطجية" يعتدون على العمال ويحاولون احتلال مقراتهم
•   قوات الاحتلال الامريكي والبلطجية
•   من افعال "البلطجية"الأقحاح الشنيعة!
•   الخلاصة



  اواسط سبعينيات القرن المنصرم نشطت السينما العراقية في عرض الأفلام اليسارية والتقدمية،وبعضها كان يلقي الضوء مباشرة على دور البلطجية في كسر التظاهرات الشعبية واغتيال قادتها وقادة الاحزاب السياسية المعارضة،ومنها افلام "Z"و"ساكو وفانزيتي"..والتاريخ يكشف لنا ان ظاهرة البلطجية تأصلت مع صعود نجم المكارثية McCarthyism "نسبة الى عضو مجلس الشيوخ الامريكي جوزيف ماكارثي"كأرهاب ثقافي واتجاه سياسي رجعي في بلدان الغرب الرأسمالي والولايات المتحدة في الخمسينيات لتشديد الرقابة على القوى اليسارية التقدمية التي تعمل في الدولة،ومع "ترومانية النقطة الرابعة Point Four Program" كبرنامج مساعدات تقنية للدول النامية اعلن عنه لأول مرة في خطاب الرئيس الامريكي هاري ترومان في 20 كانون الثاني 1949،وتبين انه لا يعني سوى القواعد والاحتلال والدمار والمقابر تحت واجهة برامج جديدة وفوائد جديدة،وتحديد احادي الجانب وجامد لماهيات الفقر والجوع والمرض والأرهاب وتسخير المهارة والمعرفة في خدمة الاستغلال!بينما تستهدف الترومانية المعاصرة تحويل الدول الوطنية الى وكالات حارسة سياسية مسلحة للمصالح الاميركية وتأكيد نظام ازدواجية الهيمنة الكولونيالي في الطور الجديد من الرأسمالية المعاصرة.
  وتعرف الاوساط الاكاديمية البلطجية  THUGS"اصل البلطجة تركي،(بلطة)و(جي)اي حامل البلطة،وهي اداة للقطع والذبح..واطلقت البلطجية على فرقة قمع عثمانية حملت البلطة،وقيل ايضا ان اصلهم من قاطعي الأخشاب في الغابات"بالمجموعات التي تتنمر وتثير الرعب بين المواطنين بأتجاه فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الناس وارهابهم وابتزازهم والتنكيل بهم!او المجموعات المتهورة التي تعرض قوة عملها عبر الارهاب،ولهم مرادفات عدة،كالشبيحة والمرتزقة وقطاع الطرق وكاسروا الاضرابات والاعتصامات والشماكرية والعصابات والكتائب السوداء وذوو القمصان السوداء والأشباح وكتائب عزرائيل..!انهم ادوات عنف بلا عقل،يستعين بهم كبار ضباط الأمن والداخلية لردع الخصوم تحت ستار حماية البلاد من اخطار الفتن المحدقة،وبعد ان يجري غسل ادمغتهم او تسييرهم بعد التحشيش وتناولهم حبوب الهلوسة!نعم،البلطجة تحولت الى صفة لكل افعال تنطوي على الظلم والعسف،حتى من جانب القوى النظامية التي تنتمي للمؤسسات الحاكمة في الدولة،او من جانب قوى دولية!وكمفهوم عصري تعني البلطجة بتجنيد السلطات القائمة الأفراد لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ولكسر الفعاليات الجماهيرية الاحتجاجية!

•   "الرعاع"و"البلطجية"و"اقتصاد الظل"


   ترتيب البلطجية"يمتازون بالبنية القوية وتمرسوا على العراك"يأتي في طليعة الرعاع MOB او القطيع HERD او الغوغائية من سقاطة المجتمع ومنبوذيه ومن اللصوص وعديمي الأخلاق!هذه الكتل السديمية العديمة الشكل والملامح والتضاريس،ومن الذين يركضون خلف من يحمل البوق والطبل،وينادي بغض النظر عما ذا ينادي،حتى لو كان الموضوع مناقض لمصلحة المجموع ومصلحتها!وما ان تصفر تراهم يصطفون في طوابير بدون أن يعرفوا لماذا!وبمجرد ان يسمعوا هسيس صوت تجدهم يتراقصون ويقفزون في الهواء فاغرين افواههم من الحماقة والبلاهة وقلة العقل!
   يؤكد هيغل ان"الرعاع هم مجموعة حاقدة يأتي سلوكهم عاكسا للبيئة الظالمة التي ترعرعوا فيها"!وتتشابك ظاهرة البلطجة والرعاع او القطيع مع التهميش واقتصاد الظل وشروط العمل المجحفة والحواسم والطائفية والعنصرية والعشائرية والولاءآت العصبوية الأخرى.واقتصاد الظل هو الراعي"غير الرسمي"للبلطجية لأنه يحتضن كل الانشطة الاقتصادية غير المعلنة او المسجلة وكل العمليات الاقتصادية التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية،كتجارة المخدرات والسلاح والتهريب"العملة والآثار والوقود.."والارتشاء"الصفقات والرشاوي الكبيرة.."وغسيل الاموال والرأسمال التجاري المضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي والفساد وكافة الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية التي لا تخضع لأية رقابة او معايير!ولأن اقتصاد الظل بات يشكل قطاعا رئيسيا كبيرا في اقتصاد الدول الخاضعة للعصابات الحاكمة،ومنها عصابات الاسلام السياسي،فإنه يصنع ويستفيد من ظاهرة التهميش بأنواعها،وعلى رأسها البلطجة بشكل خاص،لأنه لا يتوائم طول الوقت مع المنظومة القانونية ولا الأمنية الشرعية!انه اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة،بل تكون أطرافه بالضرورة احد عوامل هدم الاقتصاد العراقي!

•   "البلطجية"و"الحثالات الطبقية"- لقيط وحاضنة!


    تتشابك ظاهرة البلطجية والرعاع مع ظاهرة الحثالات DREGS الطبقية والجماعات الهامشية MARGINAL GROUPS(الباعة المتجولون والمتسولون والشحاذون والمشردون والحرامية والسماسرة والمومسات والشقاة والبلطجية..)التي تعيش في مسام المجتمع لكنها ليست جزء من جسده،فتظل لصيقة ومتطفلة،لكنها ايضا من افرازه!ان مصير كل من يخرج عن المنظومة الاقتصادية والاجتماعية،ان يظل على هامشها يمارس انشطة يحتقرها المجتمع،لكنه يتعيش منها!انه واقع تاريخي،زادت حدته التحولات الرأسمالية في العصر الحديث!
  الحثالات الطبقية هي القطاعات الطبقية المهمشة قسرا والمنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الطبقي حامي الوطيس،وهو صراع ذو طبيعة موضوعية كونه القوة المحركة لجميع التشكيلات الاجتمااقتصادية المتناحرة.الحثالات الطبقية خريجو مدرسة التهميش اي الخروج عن النسق العام الذي يكفل التكامل في المجتمع بسبب عجز المجتمع المدني على استيعاب هذه الفئات الاجتماعية!والرثة والحثالة ليست حكرا على طبقة دون غيرها بل تعبيرا عن تذبذب الشرائح الطبقية التي تبدو وكأنها شرائح فقدت هويتها الطبقية..

•   الطائفية السياسية تفرخ "البلطجية"!


    الاسلام السياسي POLITICAL ISLAM يعني بحركات التغيير السياسية المؤمنة بالشريعة الاسلامية كنظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي للحكم!والطائفية السياسية POLITICAL SECTARIANISM كمفهوم اضيق تؤمن بعقيدتها كنظام سياسي!والجميع يؤكد"خصوصية الاسلام او الطائفة الاسلامية"،وفي رأي المناصرين ان الاسلام لا يعرف اي فصل بين السياسة والدين،وهو امر يفترض انه مختلف عن المسيحية!وهم يرفضون اصلا مصطلحات الاسلام السياسي والطائفية السياسية ويستخدمون عوضا عن ذلك الحكم بالشريعة او الحاكمية الآلهية او حكم الولي الفقيه..الخ!وحقيقة الامر تكشف ان قوى الاسلام السياسي والطائفية السياسية تحاول الوصول الى الحكم والتفرد بمقاليده،وبناء الدولة الدينية الطائفية الثيوقراطية وفق الشريعة والفقه الاسلاميين،ولا تؤمن اصلا بالمجتمع المدني والدولة العلمانية التي لا تتدخل في الشؤون المجتمعية!ونستنتج هنا،ان الاسلام السياسي والطائفية السياسية تدعوان الى النظام الشمولي التوليتاري بمفهومه التقليدي،حالها حال البيروقراطيات القومية – الشعبوية،وقوى الليبرالية الأقتصادية.وهؤلاء اجمالا يعبرون عن مصالح الكومبرادور والطفيلية وتجار اقتصاديات الظل في مجتمعاتهم!وبالتالي يشكلون البيئة الخصبة لتفريخ"البلطجية"!والقاسم المشترك بين الدين والطائفة السياسيين و"البلطجة"هنا،هو العنترة والشقاوة الصبيانية!
   يتعنتر الاقطاع الديني والطائفي بأن الدولة المعنية لا تمثل الاسلام الحقيقي،وانه هو وحده يمثل ذلك،في حين انه بممارساته الدموية يمثل تخليا عن اية ممارسة انسانية،لأنه يعمم ويوسع من قمع الدولة كأرهاب متوسع في الكم وليس مختلفا في النوع!ويستند الى نفس المظلة الفكرية والثقافية،ويستشهد بنفس الآيات القرآنية ويحلل الذبح والتخريب بنصوص شرعية!وهو يلوح للمستضعفين والفقراء بأنه يمثل حلما اجتماعيا تخليصيا لهم من الاستغلال والبؤس ليمثل مشنقة جديدة موسعة لهم ومقبرة داخل المدن والبيوت وعلى صدور الأمهات وجثث الأطفال!اي ان المظلة الفكرية والاجتماعية التي يستند اليها الاقطاع السياسي او الديني او الطائفي هي مظلة واحدة!وحين يحكم الاقطاع الديني يتحول الى اقطاع سياسي يلتهم بالاضافة الى اموال المؤمنين اموال الدولة،وبدلا من ميليشياته التي كونها في الأزقة يستعين بالشرطة النظامية وبالجيش وبالبلطجية،ويغدو نظاما اكثر عسفا واشد عسكرة ودموية.
   الطائفية المقيتة تهيمن على لغة"البلطجية"والمليشيات المسلحة في العراق،وتسهم في اذكاء واشاعة المزيد من الفوضى في العراق الذي يعاني من الفوضى اصلا.قنابل وارهاب  تحت عبي آيات الله وعمامات الامراء!انهيار الأمن،انتعاش المحاصصات،تغييب الملايين!لتصحو البلاد المنكوبة،كل يوم،على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف.ويجري هذا تحت خيمة الحكومات العاجزة لا عن حل ازمة الأمن فحسب،بل وعن مخاطبة الملايين ممن تغيّبهم وسط محن يواجهونها وحدهم!بينما المتنعمون يواصلون،وسط  شلل البرلمان المنتخب"اجتماعات المحاصصات"في الغرف المغلقة،وبعقول تجيد الصراع على الكراسي وقلوب تخلو من الحرقة على الضحايا وبمشاعر تتجاهل اصحاب القضية الحقيقية من الساخطين والمحبطين الذين تطحنهم مآسٍ لا مثيل لها!
   الطائفية الدينية لا يمكن مضاهاتها بالطائفية السياسية،والعقل الطائفي السياسي لازال يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي،في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس!ولأن النهج الطائفي من شأنه تمزيق الوحدة الاجتماعية،بل تمزيق الهوية الثقافية للشعب العراقي!والطائفية كتعدد ديني تتداخل فيها اضافة الى الدين العصبية القبلية او الجهوية،اي عدم قبول الحق لأغراض الانحياز الى جهة محددة،وبذلك تتحول الى عصبية اجتماعية موجودة في لعبة الولاء والسلطة!
   وتقوم سلطات الاسلام السياسي والطائفية السياسية بتسويق بضاعة الدين والفقه الديني ومراتبها والارستقراطية الدينية والطائفية والعصابات الاصولية"..والبلطجية"التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الدينية والطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة،وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة!
    تتعدى طائفية الاسلام السياسي  في العراق عصبيته،لتلج دهاليز اللا وطنية،فكرا وممارسة.فالطائفية لا تقيم وزنا للوطن والمواطن والمواطنة.وتنفي الطائفية الوطنية بمقدار يساوي نفي الوطنية للطائفية،ولا يجوز الايغال في وهم اعتبار الطائفية شكلا مرحليا للتعبير عن الوطنية العراقية.عليه،الطائفية السياسية عائق معرقل مانع لتطور الوعي الطبقي لجماهير الشعب التي هي بحاجة الى مثل هذا الوعي لوحدتها ودفاعها عن مصالحها وايصال الرموز السياسية الوطنية الى النقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والبرلمان والذين يعبرون عن هذا الوعي ويجسدون تلك المصالح!الطائفية السياسية – العدو اللدود للفقراء والكادحين،الطبقة العاملة والفلاحين وشغيلة الفكر والعمل معا!بالانتهازية السياسية والفكرية واقتناص الفرص السياسية يقوم البعض باستغلال الحركات الطائفية من أجل مصالحهم الشخصية،وليس من اجل مصالح الحركتين السياسية والاجتماعية ومسيرة العملية الديمقراطية  الحقة،ولتتحول مفاهيم السنة والشيعة والمسيحية والكرد والعرب الى مفاهيم كاريكاتيرية ليجر خداع فقراء وعمال الطوائف والقوميات المختلفة بها،وتسليم القيادات للقوى الاستغلالية المتخلفة،وليتذابح البسطاء من العاملين.وبذلك يعجز النظام الاقطاعي/ الطائفي الذي تشكله القوى الحاكمة،عن انتاج الحداثة وفهم المعنى الحقيقي للاسلام معا!

•   "الحثالات الطبقية"فيالق تتوسع بأضطراد!

    تشكل الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية قاعدة الرأسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها،وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.نعم،الحثالة والرعاع والبلطجية تجد ضالتها بالطائفية السياسية متنفسا للحراك الاجتماعي.فالطائفية السياسية هي العملة الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد،من حيث انها تقوم على الغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق الأرباح غير المشروعة للطرف المتحكم بها!فيالق الحثالات الطبقية تزدحم بها ازقة المدن العراقية لأتها مهنة رابحة!وعليه،يولد الرعاع في كنف الحثالات الطبقية ومجتمعات التهميش،ومن الرعاع ينطلق البلطجية!!
    في بلادنا تنتشر الحواسم - التجمعات الفقيرة التي نشأت بعيد التاسع من نيسان 2003،شكلت الأحياء العشوائية في محيط المدن العراقية،لا تتواجد على الخرائط البلدية!يسودها نباح الكلاب السائبة،وتواجد مستنقعات المياه الآسنة،ونهيق الحمير التي تجرها العربات،وصراخ الصبية الذين يلعبون بالوحل،وطنين الذباب المتجمع على قاذورات الحي،والصراع بين الجيران على الماء والكهرباء،والمساكن المبنية بخليط من المواد،طابوق وطين وخشب وصفيح وعلب سمن مملوءة بالطين واية مادة اخرى تصلح للوقاية من الشمس والامطار.ان الفقر وسوء الاوضاع المعيشية في هذه الاحياء ساعد على ان تكون بؤرا للعنف،فأغلب"البلطجية"كانوا من سكنة هذه الاحياء.هذه الاحياء العشوائية غير قانونية وتعارض التصاميم الاساسية للمدن العراقية،بنيت على اراض مملوكة للدولة في فترة كانت فيها الدولة منهارة،كما ان وجود مثل هذه الاحياء يعرقل عمل بعض المشاريع،فضلا عن كونها ظاهرة غير حضارية.احياء تستمد اسماءها من الفقر والحرمان(التنك،العدس،الدوك،الطناطلة،سبع البور،الدراويش،الدشاديش،الرضا،...)،تسودها حياة البؤس والتقاليد العشوائية غير القانونية والقسوة لشباب بلا عمل،وانتشار الاسواق التي يقيمها الفقراء والعاطلون عن العمل لبيع اي شي،سجائر،كعك،خضروات،ملابس مستعملة وكل شيء تقريبا.
   لا تتحمل الحثالات الطبقية سطوة السلطات الحكومية لأتها تعتمد الولاءات دون الوطنية في حراكها الذي يتحول الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والإفساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين.والشرائح الطبقية الرثة مرتع لانتعاش كل المظاهر التي تسئ للكفاح الاجتماعي والعدالة الاجتماعية كالفوضوية والارهاب ومشاريع الجهاد والاغتيالات والتخريب وانتشار العصابات والاخطبوط المافيوي،ورفض النضال السياسي والنقابي المنظم!وهي من اشد المساهمين في اضعاف القطاع العام ونصرة الخصخصة،واضعاف الحركة الوطنية والديمقراطية،وتشجيع العنف والاعمال المسلحة لأغراض ضيقة قصيرة النفس!
   في جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية حاملة العقلية التبريرية المتخلفة من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة برعاعها ومرتزقتها لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع!
   القطاعات المهمشة والمنبوذة طبقيا والشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية مراكز قلقة رجراجة قابلة للتحول السريع المنسجم مع وبالضد من وجهة تطور التحول الاجتماعي ووفق فوضى الظروف الاجتمااقتصادية المحيطة!ويزداد اتساعها مع استفحال التناقضات الاجتماعية واشتداد حدة الصراع الطبقي وزيادة الاستقطاب في مواقف القوى الاجتماعية والسياسية من جميع الأحداث التي اعقبت نيسان 2003!لكنها تلعب دورا كبيرا اثناء الاضطرابات والقلاقل،وبينما تندفع بعضها في مداهمة قصور ومخازن المتنفذين والحكام وتوزيع محتوياتها على الفقراء،فأن بعضها يتم استخدامه من جانب الحكام او منافسيهم لبث الرعب وسط الناس والقيام بالسلب والنهب برعاية او تواطؤ الشرطة!
    نشاط البلطجية جاء بالأساس لتنظيم احتياجات ومتطلبات الجانب الخفي للنشاط الرأسمالي او لتطوير اقتصاديات الظل!ويزداد دور البلطجية في العراق الذي تحكمه عصابات الاسلام السياسي والنخب الاستبدادية الشريكة بشكل اساسي في عمليات النهب،مع كبار ضباط الشرطة والجيش،ورجال الأعمال الطفيليين!والجميع يجني ثرواته من الصفقات المشبوهة والمضاربات،ومن تفكيك وبيع مؤسسات الدولة!
    توسعت فيالق الحثالات الطبقية باضطراد في العراق مع تدهور الاوضاع الاقتصادية وترديها في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على الدكتاتورية البائدة التي انتهجت السياسات الأقتصادية النفعية لصالح البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا،ومع التضخم الاقتصادي والبطالة.كما تتوسع  فيالق الحثالات الطبقية اليوم بأضطراد مع سوء الاداء الحكومي والتنكر لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958 ولمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع والتخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية،ومع خلق الفجوة الكبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما ادى الى رفع تكاليف مختلف المشاريع اضعاف ما كان مقررا لها،ومع دولرة المجتمع وتهيئة الأجواء للقائمين على القطاعات الاقتصادية للسير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى اعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.ويتفرج المسؤولون بخبث نادر على الوضع المأساوي للشعب العراقي،في الوقت الذي بقوا هم فيه ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين!وي عراق اليوم تلحق نيران الارهاب والفساد معا بالاقتصاد الوطني الخسائر المالية والحضارية الجمة لتتعطل عملية اعادة الأعمار وليجر اكساب عملية التهميش الطبقي دفعات غير مسبوقة.هنا،يلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي!وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
   ديمقراطية الرعاع الاقصائية لم تظهر في 8/8/2005 مع اصدار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 بل لاحت تباشيرها في قرار مجلس الحكم المرقم 27،وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية!مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة،وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية،من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة!والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ديمقراطية الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والاجرام وتدمير المجتمعات التي اظلها بظله الكالح السواد،فدخلت ديمقراطيته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الايام.انها ديمقراطية عقدة الفرق الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والايمان!ديمقراطية عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام!ديمقراطية الانتقام والقمع!حكم الطائفية السياسية يرفض بطبيعته الديمقراطية او يعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل مقابل الحلول الأخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للأسلام بمجرد امتناعها عن اخذ البعد الاسلامي اساسا لها.لكن السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع احزاب الطائفية السياسية وانصارها من"البلطجية"ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب!وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و"امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة"في سلوكياتهم.
    ان الطبقات الرئيسية المرتبطة بشكل حاسم بالتقدم الاجتماعي في هذه المرحلة هي الطبقات المنتجة(العمال والفلاحون وبعض شرائح البورجوازية الوطنية والطبقتين الوسطى والصغيرة).اما الاقطاع والبورجوازية الكومبرادورية والطفيلية فتقف في الصف المعادي لمسيرة التقدم الاجتماعي الراهن الى جانب البورجوازية البيروقراطية في الدولة العراقية التي تهرع لا لبيع القطاع العام بل كل العراق في سوق النخاسة وبأبخس الاثمان!

•   البطالة والأمية
 
   في العراق،تتزايد الوطأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبطالة،وتتضخم فيالق الحثالات الطبقية مع اقتران الاستغلال الاقتصادي بالسطوة السياسية وازدياد نفوذ وهيمنة الشركات الاحتكارية وحرمان العمال من التنظيم النقابي!بالبطالة،اعداد كثيرة من الشباب تعاني الاحباط  تلو الاحباط ويحكم عليها بالتهميش والانضمام الى فيالق الحثالة الطبقية!لتتلقفهم الايادي الآثمة ولتجندهم لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ورعاية بلطجيتها!وتفتقد الحكومات العراقية الى برامج عملية مواجهة البطالة والتزامها بتعيين الخريجين الجدد والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد لسوق العمل لأنها حكومات تهريج ودعاية لا حكومات عمل!واتسمت البرامج السياسية لحكومات الطائفية السياسية بالضبابية والنفعية والتخبط والتردد واللاهوتية وطغيان الخجل البورجوازي الأمر الذي يؤكد تمثيلها المصالح الطبقية لتجار وكومبرادور وطفيلية العراق بتفاني!ولا غرابة ان لا تتضمن البرامج سوى نتف  تجميلية عن معالجة البطالة!انها حكومات لا ترى الخلل في فوضى توجهاتها الاقتصادية التى تعيد انتاج البطالة(يجري النمو باتجاه القطاعات غير المنتجة مثل الخدمات والسياحة والتجارة والقطاع المالى والاتصالات والمعلومات في مقابل ضعف الاستثمار في القطاعات الانتاجية).معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع دون انصاف والبيانات مضطربة وغامضة الى حد كبير!ويتأكد يوما بعد يوم بلوغ معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من الشعب العراقي!"فقر الفرص والخيارات وليس فقر الدخل فقط،وهو ذو ابعاد نفسية وانسانية ينمو في سياق تاريخي- مجتمعي - جغرافي ضمن زمن محلي وعالمي".
    تتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين تصاعد الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى،لينعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،وليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من العراقيين،وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بأنشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات/السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالاحياء الكاملة خارج اطار المدن،بينما تكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الأدنى من الحياة الكريمة.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش!
     جاء في التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي ان"ربع سكان العراق يعيش في حرمان وفقر،مع تفاوت واسع في مستويات الدخل،بفعل التدهور المتواصل في مستوى الخدمات وفي المقدمة منها الكهرباء،التي تلتهم نسبة عالية من دخول المواطنين،خاصة محدودو الدخل،اضافة الى تآكل هذه الدخول المتواصل بفعل التضخم وارتفاع الاسعار،وندرة الخدمات الاخرى مثل الصحية والتعليمية"وان"اطلاق حرية التجارة،وغياب الضوابط،والارتفاع المستمر في حجم الاستيراد،ادت الى ظهور فئات فاحشة الثراء بفضل تمتعها بمواقع شبه احتكارية في السوق،وتحقيقها هوامش ربح غير طبيعية،مستفيدة من غياب الضوابط المنظمة للسوق وضعف الرقابة واستشراء الفساد،ومن صلاتها باوساط نافذة في الدولة.كما تراكمت ثروات كبيرة بصورة غير مشروعة،لدى بعض الفئات التي استغلت حالة الانفلات الأمني بعد التغيير،ولاحقاً في فترة الصراع الطائفي،للاستحواذ على اموال وممتلكات عامة وخاصة،عن طريق التجاوز وارتكاب اعمال منافية للقانون.ويلجأ اصحاب الثروات التي جرت مراكمتها بهذه الصورة،الى طرق واساليب مختلفة لتبييضها واضفاء الشرعية عليها،واعادة ادخالها في السوق المحلية بعناوين واطر قانونية،وتوظيفها في قطاعات العقار والتجارة والمقاولات وغيرها"."اما الشباب فيبدو حالهم صعبا على سائر الصعد،خاصة معاناتهم البطالة على نطاق واسع،وعدم حصولهم على فرص عمل الا في التشكيلات العسكرية الرسمية وغير الرسمية،وفي الاجهزة الأمنية.علما ان الاحصاءات تبين ان 68% من السكان هم دون الثلاثين".
   يتعمق الاستقطاب الاجتماعي في العراق،ويصل مدياته القصوى مع استمرار النهج الحكومي في السياسات الانتقائية العشوائية التي لا تنسجم مع حاجات ومتطلبات المجتمع والمواطنين،وسياسة خصخصة القطاع العام وتخريب الدورة الاقتصادية السلمية،وضعف وانعدام الرقابة الحكومية واللامبالاة من قبل الموظفين الحكوميين في تلمس المصاعب الحقيقية التي يعاني منها الشعب،وانتشار مظاهر الفساد وسرقة المال العام والرشوة والولاءات اللاوطنية،وفوضى السوق(Chaotic Market)وتأثيراتها السلبية على عموم المواطنين.ولم تشهد اعوام (2003- 2012) اية خطوة تغيير ملموسة في السياسة الأقتصادية،كما لم تتخذ الاجراءات اللازمة لمعالجة الفقر والسير على مسار محدد للتنمية الاجتماعية يقلل من مآسي الشعب بل انشغلت الحكومات بالمغانم السياسية.نعم،ارتفعت معدلات البطالة الى مستويات مرتفعة.ويترك العديد من العراقيين اعمالهم الأصلية لينخرطوا في النشاط الواسع غير الانتاجي وليدفع تردي الاوضاع الامنية المتخصصين والمتعلمين للهجرة.ولم تسع الحكومات الجديدة اتباع سياسة تقليص معدلات البطالة والهجرة،ولا تنفيذ خطط التأهيل والتدريب اللازمة!
   الغلاء في العراق لا يستطيع احد ايقافه،وارتفعت اسعار جميع السلع الغذائية والاستهلاكية الاساسية والسلع الزراعية واسعار الملابس واسعار الخدمات الى جانب العقار والايجارات السكنية.وينهك هذا الوضع مستوى فقراء العراق الذين ظلت القوى الشرائية لدخولهم تتراجع طوال السنوات الماضية،رغم التضليل الاعلامي الحكومي والوعود المخملية،وهو ما انعكس في عودة عدد غير قليل من الموظفين الى ممارسة مهنهم الحرة(سواق تاكسي،تصليح المعدات الكهربائية،..الخ)بعد الدوام الرسمي واثناءه لعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات اسرهم،وتفاقمت عطالة الشبيبة العراقية التي  تملأ جنابرهم شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية.يرتفع التضخم وترتفع الاسعار ملتهمة الزيادات في الرواتب،ويتدهور توزيع مواد البطاقة التموينية على المواطنين،ولن ينفع ما يقدم من تعويض نقدي عن البطاقة،فكل ما يدفع في اطار هذا او ذاك يلتهم التضخم الجزء الاعظم منه قبل ان يصل الى المواطن!فقراء العراق يسددون ديون صدام حسين التي دفعتها له الدول الغربية بطيب خاطر عبر الاجراءات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة العراقية اليوم بزيادة اسعار المشتقات النفطية والمماطلة في اصدار التشريعات التي تحل محل قوانين العهد البائد.ولا غرابة ان تتضخم مساطر العمالة في المدن العراقية!
   البطالة كابوس مزمن يعانى منه العراقيين من كل التخصصات،وبيئة خصبة لنمو الجريمة والتطرف واعمال العنف والارهاب،وحاضنة تفريخ ناشطة ل"البلطجية".ولا يحلو للمسؤولين سوى تحميل الأسباب والحلول معا على المواطنين!مثل اتكال الباحثين عن عمل على الوظائف الحكومية،وانخفاض كفاءتهم ومهاراتهم،وافتقاد روح الابداع الخلاق لديهم في اعمال من نوع جديد بخلاف الوظائف،وضرورة اتجاه الشباب لأنواع حديثة من العمل خارج المدن وسبر غور المجالات الجديدة بجرأة...الخ!
   تضع الحكومات التي تعاقبت في بغداد منذ عام 2003 البطالة في صورة أنها قضية تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية او الاجتماعية بخلقها او زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها وخلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!كما ترجع أسباب فشل المشروعات المتناهية الصغر الى انعدام الجدية والكفاءة والخبرة بالسوق،والى جملة من العدميات التى تلقى بالمسؤولية مرة اخرى على الافراد،وليس على الاداء الاقتصادى للمجتمع الذى هى تديره وتكيفه.ولا تمتلك هذه الحكومات اية بدائل حقيقية!
    سياسة "الأسلمة"و"التطييف  SECTARIANIZATION"،حالها حال"التبعيث"،هي الافدح ضررا والاقرب الى الكارثة التي تنزل وانزلت الخراب بجميع مستويات التعليم من رياض الاطفال الى التعليم الجامعي،ولازالت شعاراتهم الكاريكاتيرية تتصدر منابرهم"الطلبة مشروع دائم للاستشهاد"و"نكسب الشباب لنضمن المستقبل".وتفتقر المدارس الابتدائية(على وجه الخصوص)الى ابسط مقومات الدراسة من مقاعد وسبورات ووسائل تعليمية ومستلزمات التربية الفنية والبدنية المناسبة وافتراش طلبة المدارس الابتدائية في الكثير من مناطق بغداد الشعبية وبقية المحافظات الأرض داخل الصفوف الدراسية،كذلك تفتقر هذه المدارس لخدمة الكهرباء والماء الصالح للشرب،باستثناء بعض الطلبة من ابناء الأثرياء الذين يدفعون ثمن شراء مقعد مناسب لأولادهم!
   وكما اشاع البعث مفهوم(عسكرة التعليم)واجبار الأطفال على ارتداء الزي العسكري واستخدام الأسلحة النارية في رفعة العلم صباح كل يوم او في ايام الخميس بشكل حتمي والزامهم بترديد بعض العبارات قبل بداية اية حصة تعليميةمثل(قيام/ يعيش بابا صدام...جلوس/يسقط الكرد المجوس)وغيرها من العبارات التي تتغير وفقا لمتطلبات الموقف والحروب،يقوم الحكام الجدد في العراق بأشاعة مفهوم(عسكرة التعليم) ثانية،لكن بأسلوب آخر،هو اقحام الدين في حياة الاطفال!ومناظر الاطفال في المناسبات الاسلامية والطائفية وهم يجبرون على حمل الخناجر ويجرحون رؤوسهم بالأمواس لتسيل منها الدماء وتلك المناظر السادية التي تفرض على طفولتهم المنتهكة وصفهم بطوابير طويلة وهم يؤدون  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها ارضاءا للحكومة العراقية هي وصمة عار على جبين البشرية!كما يجري فرض الحجاب الاسلامي وتزويج الفتيات باعمار الطفولة!كل ذلك مفردات غريبة عن قاموس الأطفال البريء في محاولة لتشويهه!ومن الضروري ادراج اجبار المواطنين على دفع اجور تعليم ابنائهم بمبالغ عالية فضلا عن الزامهم بدفع المساعدات الى المدارس بحجج مختلفة كالتنظيف والترميم وشراء الستائر والاحتفال بالمناسبات الدينية والطائفية..الخ،واجبار الطلبة على دفع اثمان القرطاسية التي توزع عليهم،في عداد(عسكرة التعليم).
   في عام 1990 تواجد 42.2% من مجموع المواطنين للفئة العمرية 15 سنة فما فوق لم تمح اميتهم،هذه النسبة تضخمت اليوم مع سطوة الطائفية السياسية!الامية تجثو بابعادها الضارة في المجتمع العراقي،وطالما يهيمن على ادارة المدارس المرتزقة سيبقى الجيل الفتي اعمى وجاهل!اما شيوع الامية فيجعل من امكانيات نهوض المجتمع المدني وتقليص حجم جيش الحثالات الطبقية هراء في هراء.الامية طاعون خبيث تقتات عليه الطائفية السياسية الحاكمة لكنس اية محاولات احتجاجية حتى بمظاهرها الصامتة والسلمية!
    كان برلمان الطاغية السابق يدعى بمجلس المصفقين واصبح برلماننا اليوم يدعى بمجلس المصفقين والمبسملين والمحولقين!ازيح البعث بفكره الشمولي عن مقاليد السلطة في العراق وهو الذي كان يعيب على المعسكر الاشتراكي شموليته!والذي نلمسه اليوم في عراقنا شمولية من نمط جديد،شمولية في الخوف والارهاب والارهاب السياسي والقمع،شمولية في الترويع السياسي والارهاب الجمعي،شمولية في ديمقراطية"البلطجة".اساليب الغضب  تحيل  العالم الانساني الى رماد،ومع المحاصصات المقيتة يعيش شعبنا تحت خط الفقر!
 
•   البلطجية في العراق كلاب أمن مدللة واداة تقزيم الديمقراطية!

    عملية التشظي والتذرر الاجتماعي الذي كرسته الطائفية السياسية الحاكمة اليوم جعلت العراقيين يسعون الى شيئين:الحفاظ على حياتهم من القتل والتعذيب،وتأمين ما يسد رمقهم من الجوع!والثقافة والعلوم من الد اعداء الحكام الجدد،وفق مقولة غوبلز"عندما كنت اسمع كلمة ثقافة كنت اضع يدي على مسدسي"!،مستغلة المعارف الغيبية والاساطير والنصوص المقطوعة عن جذورها!وتحولت اماكن العبادة بالفعل من ادوات تغيير الى ادوات تكفير وجمود وتحجير للعقول على يد مهندسي السلطة الاستبدادية الجدد ومشايخ الدين وتجاره،الذين رضوا ان يكونوا اليد اليمنى للطائفية السياسية الحاكمة في تفريخ الرعاع والبلطجية كآلات بشرية فاقدة الوعي والاحساس والايمان الا بشيء واحد هو الايمان بالموت والعدم وفناء الجسد!
   الحكومة العراقية تسير قدما على هدى البريمرية،في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد،وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية،واطلاق حرية السوق،واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة ارباحه،وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير،والغاء دور الدولة في توجيه الاقتصاد،وافقار الشعب،والغاء دور الطبقة الوسطى،وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور!وتتضح بجلاء آفاق تحول العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس وبيعه بالخصخصة،اي ليس اعمارا(اعادة البناء) بل نقض بناء!كما تتضح اعمال رهن وبيع ممتلكات الشعب العراقي ومستقبل العراق للشركات الغربية او لعراقيين يعملون كواجهة لهذه الشركات.
    وما دام لا تستطع اذرع ضباط الأمن والشرطة والمخابرات والكتل السياسية المتنفذة ان تمتد لمعاقل الحواسم والعشوائيات المترامية على اطراف المدن العراقية،لجأت هذه المؤسسات الى عناصر وعصابات اجرامية كأذرع داخل تلك المناطق لإحكام القبضة عليها مقابل اطلاق المجال لها كي تمارس نشاطها الاجرامي،ثم تطور الأمر الى المشاركة في هذا النشاط وتشغيل تلك العصابات لصالح هذه القوى بشكل شخصي ورسمي!وبالفعل استعانت وتستعين الطائفية السياسية الحاكمة في بلادنا بالبلطجية كلما تضيق بها السبل وتغلق امامها كل المنافذ التي تعبر بها عن سفسطائيتها وديماغوجيتها!والهدف هو ذاته،تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور ومحاولات قمع الحركة الاحتجاجية المناهضة،وممارسة اساليب الاعتقال والتعذيب وانتزاع الاعترافات والتعهدات على نطاق واسع،والتدخلات الفظة في شؤون النقابات والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني،والسعي لفرض الرأي الواحد،وتنميط المجتمع وتأطيره وفق طروحات"الاسلام السياسي"،وممارسة الارهاب الفكري باشكال مختلفة،والتدخل في شؤون القضاء والهيئات المستقلة برعونة!
   يمتلك"بلطجية"الاغتيالات وكواتم الصوت شارات دولة وتراخيص قانونية بحمل السلاح،ويتتبعون ضحاياهم لايام قبل ان يطلقوا عليهم النيران التي لا تجذب الانتباه او يثبتون قنابلهم اللاصقة في سيارات الضحايا.يذكر ان قيادة عمليات بغداد اعترفت الربع الاول من عام 2011 ان الاغتيالات بأسلحة كاتمة للصوت في بغداد ضد المئات من كبار ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات وكبار موظفي الدولة وضد الناشطين في المنظمات غير الحكومية تنفذها "بلطجية - مليشيات لاحزاب متنفذة"،وليس تنظيم القاعدة!كما اكدت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد ان معظم منفذي عمليات الاغتيال ينتمون الى الاجهزة الأمنية،كما ان قسما منهم يحملون باجات مزورة.
  من"بلطجية"في العهد الصدامي الى"بلطجية"في العهد الجديد،لكنها هذه المرة دينية مريرة اجهضت احلامنا،وفاقت رداءتها كل تصوراتنا!!والزمر التي كانت تمارس التعذيب في سجون الدكتاتورية لازالت حرة وتمارس وحشيتها في الشوارع وفي وضح النهار،وخلفت لنا زمرا جديدة في العهد الجديد تتلمذت في مدارس الزمر القديمة،وتهمة الجنون جاهزة لمن يروي وحشية المعتقلات وبشاعة الاعتقال والتعذيب في بلادنا.وزارات الداخلية والامن الوطني وقيادة عمليات بغداد والدفاع ومكتب القائد العام للقوات المسلحة تتستر عن مجرى التحقيقات بشأن الحوادث البشعة في عهد فرق الموت والميليشيات الطائفية و"البلطجية"القتلة التي ترتدي ملابس الشرطة والحرس الوطني وتقود سياراتهم وتحمل اسلحتهم،وعن متابعة وملاحقة القتلة المجرمين.القوى الامنية تماطل في تشكيل لجان التحقيق للكشف عن القتلة ومنفذي اعمال الاغتيال والابادة الجماعية.
   ان تواطئ كبار ضباط الأمن والمتابعة الخاص برئيس الوزراء بقضايا تهريب المجرمين وسجناء القاعدة يشير الى تورطهم بجرائم القتل بالكواتم واللواصق،وتورطهم بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة وكبار رجال الامن،ويفسر بان الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها،ويدل على دور"البلطجية"والنفوذ الايراني الكبير بأعمال العنف والقتل وسفك الدماء في العراق!بلطجية تختطف وتحرر ضحاياها لتسجل بطولة كاذبة لها،وتشترك تارة مع الشرطة في عمليات المداهمات،وتارة ضدها،ليس لها من صفة رسمية غير انها"بلطجية"!وللبلطجية اسماء والقاب كثيرة،ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم!
  تفشت في بلادنا ظاهرة"البلطجة"المسلحة المذهبية التي تتجاذب زمام الصراع لحرف النشاط السياسي عن لغة الحوار العقلاني والبرامج الاجتماعية الاقتصادية.وتحولت"البلطجية"الى مؤسسات ذات مصالح مافيوية لا تمت بصلة الى مصلحة المواطن لانها تمول بالأساس من قبل قوى لا تريد الاستقرار لهذا البلد.وتقوم"البلطجية"بإبتكار اساليب تفوق اساليب البعث فاشية وتعسفا،واصبح قتل صاحب الرأي المخالف لهم علنا،ويمر دون أي حساب ودون الخضوع لأي قانون!وكما يقول المفكر الأسلامي اياد جمال الدين،وهو شخصيا  تعرض الى محاولات عدة لاغتياله بسبب انتقاداته اللاذعة للممارسات البعثية الفاشية الجديدة"ان حراس الفكر الواحد المقبور ودعاة الفكر الواحد الجدد،كلاهما ارهابيان وكلاهما يقتلان النفس البشرية البريئة الآمنة بدون حق وكلاهما يدخلان مزبلة التاريخ ان عاجلاُ ام آجلا". 
   تزامنا مع ما اطلق عليه ب"الربيع العربي"فقد كشفت السلطات المتنفذة في العراق عن وجهها القبيح وكشرت عن انيابها علانية وعلى المكشوف عندما لجأت الى التضييق والاعتداءات السافرة على التظاهرات الاحتجاجية الشجاعة في ساحة التحرير اوائل عام 2011،وداهم البلطجية المعتصمين يوم 22/2/2011 بواسطة العصي الكهربائية والاعمدة الراضة والسكاكين،وسقط صحفي يغطي الفعالية شهيدا،وجرح سبعة آخرين،وسرقت سرادق المعتصمين وما فيها!!كما داهم المرتزقة بمعية القوات الحكومية منتديات لمؤسسات المجتمع المدني،ومنها نادي آشور بانيبال الثقافي والعبث بمحتوياته،ومحطة الديار الفضائية المعتدلة!في الوقت الذي اكد فيه كامل الزيدي رئيس مجلس محافظة بغداد ان اعتصامات شباط 2011 خارجة عن القانون لأنه لم يمنحها الاجازة!
    افقدت اعتصامات شباط 2011 السلمية الشجاعة الحكومة العراقية صوابها!بعد ان صدمت بالشعارات الجريئة"نفط الشعب للشعب..مو للحرامية""ياحكام كافي عاد..النهب والفساد""تهميش النساء..باطل،احتكار السلطة..باطل،الحزب الواحد..باطل،رواتب المليار..باطل،قطع الكهرباء..باطل،الابتزاز..باطل،قمع الحريات..باطل،التهريج السياسي..باطل،حكم الميليشيات..باطل،مجلس بغداد..باطل،نوري المالكي..باطل،فرق الموت..باطل،كواتم الصوت..باطل""الدين لله..والوطن للجميع".الا ان القوات التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة قامت علانية بالاستعانة بالبلطجية للاعتداء على المواطنين واعتقال الصحفيين!ياله من غباء!قبل ذلك،وفي اواسط حزيران 2010 سقط العامل الخباز وابن البصرة البار حيدر البصري صريعا بنيران ديمقراطية"البلطجية"الجديدة المسلحة في انتفاضة الكهرباء المعبرة عن عدم الرضا والسخط،والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية!
  وجاء يوم 25 شباط 2011 ليسجل نفسه في تاريخ العراق السياسي الحديث بحروف من ذهب،لا لحجم المشاركين في التظاهرات الشعبية وسلمية وعدالة مطاليبهم المشروعة والاساءة الحكومية العدوانية ضد المحتجين حين اتهمتهم بالبعثية فحسب،بل لأنها اول تظاهرة سلمية شعبية كبرى بعد سقوط الدكتاتورية عام 2003 والأقتتال الطائفي 2005 – 2008،ولمساهمة اعلام العراق ورجال الدين وخيرة الوجوه والشخصيات الاجتماعية الديمقراطية العراقية المعروفة فيها،ولقسوة ردود الفعل الحكومية التي ضربت المحتجين بالرصاص الحي وزجت بالبلطجية على عادتها وسط المتظاهرين للتأثير والضغط عليهم،واستخدمت قوات مكافحة الشغب مدججين بأحدث الأسلحة لمواجهة ابناء الشعب العراقي العزل،كما استخدمت المروحيات الترابية،واحاطت ساحة التحرير بالأسلاك الشائكة!بعد اعلان منع التجول التام في انحاء العراق،وقطع الجسور لعزل الرصافة عن الكرخ!يذكر ان عمليات بغداد حظرت النقل المباشر لتظاهرة جمعة الغضب 25/2/2011،واعتدت بجبن على صحفيي البصرة الفيحاء جمعة الكرامة 4/3/2011!
   وتطور استخدام البلطجية في تظاهرات الجمعة الاحتجاجية اللاحقة،وقامت الحكومة باعتقال العشرات من نشطاء التظاهر الاحتجاجي،الا ان ما كسر ظهر البعير ه

63
ابراهيم كبة والمبادرات الخجولة للمؤسسات الاكاديمية العراقية

                                                                                                                                         سلام كبة

   تلقيت نبأ افتتاح قسم صغير في مكتبة كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد يحمل اسم الدكتور ابراهيم كبة الشهر الرابع من هذا العام بارتياح وارتياب في آن،لعدم اتساق هذه المبادرة الشجاعة الخجولة مع التوجه العام السائد في العملية التربوية-التعليمية!وهذه المشاعر هي امتداد ايضا لنبأ اوردته الموسوعة الحرة – الويكيبيديا – يذكر ان مكتبة الجامعة المستنصرية اقتنت بعض المكتبات الخاصة ومنها مكتبة الاستاذ ابراهيم كبة!وللأمانة والتاريخ كان على المؤسستين الاكاديميتين الأستئذان اولا من تراث المرحوم الدكتور كبة قبل ان تقدم على اجراءآت كهذه!وهل تنصف هذه الاعمال الدكتور كبة الذي ذاق الأمرين من النخب الفاسدة التي ادارت ملف التعليم العالي طيلة نصف قرن مضى؟!وهل اعادت الاعتبار لشخصه الكريم اولا ولتراثه – الكنز الثمين ثانيا؟بعد ان حاربته ورفضت منحه درجة الاستاذية فترة من الزمن،واحالته على التقاعد عام 1977 لدرء مخاطر الاشعاع الاشتراكي العلمي!وكانت فترة(1977- 2004)من اكثر الفترات ظلامية في تاريخه،حيث بقي في شيخوخته حبيس الضغوطات الدكتاتورية القومية - الطائفية المنهالة عليه من كل حدب وصوب وذكريات الماضي البعيد والقريب وذكرى رفاقه واصدقاءه الذين رحلوا وغيبتهم زنازين الاعدام والسجون والنسيان،لكنه خلف لنا خزين من التجربة السياسية والاكاديمية والفكرية والمؤلفات والترجمات عن الانكليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية،والتي نشرت بعضها بأسماء مستعارة.
1.   تراث ابراهيم كبة الاكاديمي والسياسي،باعتباره علم من اعلام التاريخ السياسي الحديث،ومن اساتذة جامعتي بغداد والمستنصرية،ملك للشعب العراقي وجزء لا يتجزأ من تراث ثورة 14 تموز المجيدة،والتراث العلماني الاشتراكي العلمي في بلادنا.
2.   هذا التراث الغني يأبى التأويل والتفسير الطوباوي والسباحة في لجة الاحلام والاوهام،او ان تتلقفه ايادي غير امينة تجري المتاجرة به لأغراض نفعية براغماتية محضة،ولصالح اهداف دعائية رخيصة او وجوه اجتماعية وسياسية وحتى اكاديمية تنتمي الى الفكر البورجوازي الرجعي والطائفي والقومي ولزبانيته،هذا الفكر الذي امضى المرحوم كبة جل عمره في فضحه ونشر اكاذيبه وترهاته وسخافاته،وبسببه اودع السجن والمعتقلات في رمضان الاسود 1963.وابراهيم كبة من الد اعداء السرطنة الرجعية بتلاوينها وخزعبلاتها دون الوطنية او العابرة لها،وساهم في فضح الآراء والحنقبازيات الفكرية السفسطائية النفعية القومية والطائفية والتي كانت فاعلة في اجهاض ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.
3.   اما مهمة رفع"الكتب والمجلدات والرسائل والأطاريح والبحوث المرصوصةٌ"من الارض ووضعها على الرفوف واعادة تنظيمها،بعد ما كانت مستلقيات على الارض  يعلوهن التراب وخيوط العنكبوت الواهنة في المكتبات الجامعية العراقية،فهي ولعمري،من صلب المهمات الأساسية للعمادات الجامعية لا تتفضل بها على احد!
4.   لو كان الدكتور ابراهيم كبة حيا اليوم ويشهد ما ترتكبه الثقافتان القومانية البائسة والدينية الطائفية اليائسة من جرائم بحق الشعب العراقي،لترفع ورفض مبادرات المؤسسات الاكاديمية الجامعية العراقية لتخليد تراثه،واستخدام عنوانه لأغراض نفعية!فهاتان الثقافتان تنخر بمجتمعاتنا سرطانا وكابوسا وارهابا دمويا وتغطي المسيرة الوطنية التحررية للشعب العراقي،وحاضر ومستقبل العراق،بدخانها الاسود المقيت،لتترنح الموضوعية تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية وليجر تمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا تمسك الاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في لجة غموض الصدفة والوعي.وهاتان الثقافتان العدوانيتان تذكرنا بدرجة الوحشية والعنف التي يمكن ان يصلها عقل الانسان متى كان معبأ بالأحقاد والجهل والتعصب والأطماع!لأنهما النقيض لثقافة السلام والثقافات المسالمة التي تحمل قيم التسامح والعدل والسلام لا العنصرية والعداء.وقد عودنا الفكر البورجوازي الرجعي والاعلام الاصفر على اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش واحتقار العالم الاستاذ الاكاديمي المثقف!ثقافة الفساد وآليات انتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة،ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع والولاءات دون الوطنية و"حاضر سيدي ومولاي"،ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة والغاية تبرر الوسيلة،الثقافة التوتاليتارية الشمولية الهجينية الانتقائية النفعية الممهدة للثقافات الفاشية!
5.   لو كان الدكتور ابراهيم كبة اليوم حيا يشهد المبادرات الخجولة للمؤسسات الاكاديمية العراقية لتخليد اسمه،لرفع صوته عاليا مناديا كل المخلصين من ابناء قطاع التعليم العالي في بلادنا،ان يقرنوا آرائهم وافكارهم بأعمالهم،وليخلدوا ويعيدوا الاعتبار لكل اعلام العراق الابرار وفي مقدمتهم البروفيسور عبد الجبار عبد الله،والدكتور صفاء الحافظ،والدكتور صباح الدرة،والدكتور نوري جعفر،الدكتور محمد سلمان حسن،البروفيسور كاظم حبيب الذي نستلهم اليوم الكثير من جهوده الفكرية والاكاديمية والحقوقية وله كل التقدير والاعتزاز...،البروفيسور غازي الخطيب رئيس جامعة المثنى والذي احيل على التقاعد قبل اشهر معدودة،يوسف حبي،طالب البغدادي،مهدي مرتضى،رافد صبحي اديب بابان،قتيبة الشيخ نوري،محمد عبد اللطيف مطلب،الدكتور فوزي رشيد،البروفيسور محمد كاظم راضي الشريفي،محمد مكية،زهاء حديد،البروفيسور عز الدين مصطفى رسول..وآخرين!
6.   لسان حال ابراهيم كبة كان دوما وابدا :  
•   لا تبعدوا التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي عن حاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها.
•   حركوا المناهج التعليمية في مختلف المراحل(لأنها تنتظر المراجعة والنقد والتغيير ارتباطا بتطور الحاجات المجتمعية وطبيعة المرحلة)،ولا  تنشروا الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين والتبرير والنفعية بدل الاساليب التي تعلم الطلبة والتلاميذ مهارات العثور على المشكلات وحلها والتفكير الناقد والابداعي،والتي توفر مهارات الاستقراء والاستنباط التي تعد شرطا منطقيا الى النتائج!
•   معا!لنمزق طبول الدكتاتورية الجديدة!دافعوا عن مبادئ ثورة 14 تموز المجيدة 1958 كخط احمر لا يقبل المهادنة!وكرسوا حياتكم كاملة لخدمة الوطن والشعب بعقولكم الابداعية الخلاقة وعملكم الدؤوب المتواصل واملكم الجاد في بناء عراق التحرر والتقدم،وطن الجميع وارض الثقافة والعلم والسلام.ولتكن معالجاتكم الذكية لمختلف القضايا الفكرية والتاريخية العويصة منارا يلوذ به ومثالا يهفو اليه،وقدوة يقتدي بها الجميع!
•   ارفعوا شعار"الدين لله والوطن والدولة للجميع"وافضحوا الدين السياسي وكل الفتاوي الدينية البليدة،وليفهم رجل الدين في العراق ان يمد عباءته على قدر حجمه!
•   اجتثوا مظاهر التعصب بكل اشكاله وصوره في النظام التعليمي والتربوي،وبشكل خاص التعصب الديني والطائفي والقومي.
•   عالجوا بجذرية تشوه الوعي المجتمعي،وتدني روح المواطنة،والقطيعة المعرفية،وشيوع ثقافة اللاأبالية والروح العدمية!
•   اضغطوا بقوة على الحكومة العراقية المنفلتة لإجبارها على كف يدها عن الشعب والاقرار-غير المشروط - بحقه في التعبير السياسي والثقافي الحر والتظاهر السلمي،والكف عن الاستهتار باللحمة الوطنية وبروح المواطنة.الأستهتار الذي كرس من عدم آهلية حكومات المحاصصة ونمط الحكم الذي تمثله للأستجابة لطموحات الشعب العراقي بغد ديمقراطي افضل يتقاطع مع ماضي الديكتاتورية المقيت!
•   اتحدوا بوجه الاهمال والتجاهل الفعلي الذي تتخذه حكومات المحاصصات من المعضلات التي تواجه الشباب،كتفشي البطالة،وتزايد مصاعب الحياة المعيشية،وغياب الخدمات الأساسية،وتدهور مستوى التعليم والصحة،وشيوع ثقافة التخلف،واعاقة دور المرأة الاجتماعي وإسهامها في عملية التنمية وبناء الحاضر والمستقبل ومصادرة حقوقها،والخراب الروحي والمادي المديد الذي ما يزال يتراكم دون حل جذري!
•   اتصفوا بحضوركم المؤثر وسيطرتكم الكاملة سواء في التدريس او الضبط !بالموسوعية والعمق في المعلومات والعلمية والموضوعية في التحليلات،الدقة في التنظيم والحزم في ادارة الاعمال والحرص على وقت الطلاب والعدل في التقييم والحذاقة في التقدير والحكمة في الكلام،وبالتسامح والدماثة في الخلق!وامتلكوا مراسلاتكم الاكاديمية النقدية المستقلة مع خيرة اساتذة الادب الاكاديمي العالمي!واحرصوا على تخريج طلاب من حملة افكار الاشتراكية!
•   لاحقوا قانونيا كل من يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!وحاسبوا الحكومة العراقية ومجالس المحافظات والمجالس البلدية والاحزاب والقوى الرجعية الناهضة في محاولتها استغلال الآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية لتأسيس حكم ديني اي للانقلاب على الحياة المدنية؟!وحطموا اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.
•   طالبوا بأن يكون وزير التعليم العالي شخصية اكاديمية معروفة بسمعتها الوطنية والعلمية،يدرك مغزى استقلالية الجامعة والحرية الاكاديمية وحرية الفكر والتعليم الجامعي،ويرفض اقحام السياسة والدين والنهج الطائفي داخل المؤسسات التعليمية،والانتهاكات المستمرة للحرم الجامعي وبحجج واهية!وتجاوز الدستور والقوانين النافذة التي تؤكد على احترام الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية واستقلاليتها!والاستخدام غير المبرر للقوة داخل المرافق الدراسية!ومواصلة الضغوطات والتدخلات السياسية والحزبية وتأثير الولاءات دون الوطنية في عمل المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية من قبل الجهات الحزبية والرسمية للتأثير على العمل والنهج الاكاديمي العلمي،وجره الى التأثيرات والتجاذبات والمحاصصات السياسية والطائفية!وتحويله الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية!
•   ارفعوا صوتكم عاليا:لا لترويع الهيئات التدريسية،وقتل الاكاديميين واعتقالهم التعسفي،ومغادرة آلاف الاساتذة المهددين الوطن،وتواصل ظاهرة رسائل التهديد التي ترهب الاساتذة والطلبة،بما يؤدي الى تعثر العملية التربوية وتعطيل العمل الاكاديمي وقمع حرية التعبير وهجرة العقول الى الخارج،واعاقة تحقيق التقدم الاجتماعي والتكنولوجي.طالبوا الحكومة العراقية الامتثال بالحكومات الرصينة في العالم في الدفاع عن رعاياها اينما كانوا والحرص على رعاية العلم والعلماء،لا الانتقام من الشعب وغض الطرف عن الجرائم التي ترتكب ضد العلماء وتشجيع تهجيرهم،وزج خيرة أبناء الشعب العراقي وقواه الوطنية وعلماءه في غياهب السجون بتهم ملفقة وباطلة!
•   طالبوا بالكشف الفوري لنتائج التحقيق في جرائم الاختطاف كاختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية قبل اعوام،والاعتقالات التعسفية للاكاديميين الجارية على قدم وساق"آخرها اختطاف البروفيسور محمد طاقة يوم 2/5/2012 بعد اقتحام "كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة" في بغداد وسط ذهول الأساتذة والطلبة والموظفين"،وكل جرائم ديمقراطية حجب الحقائق والى حين!"ضمت قائمة اللجنة التنفيذية لمحكمة بروكسل 431 اكاديميا جرى اغتيالهم او اختطافهم في فترة 2003 – 2009 فقط،ومن بينهم كامل شياع والدكتور شاكر اللامي، http://www.brusselstribunal.org/academicsList.htm".
•   ذللوا الاجواء المعيشية الصعبة للكفاءات العلمية وتسربها الدائم الى الخارج،وتذمر الاكاديميين العائدين من الخارج من انعدام الوظائف والاجراءات الروتينية والاستقبال الفاتر وتأخير تعيينهم.
•   لا تحاولوا حصر قانون الخدمة الجامعية برواتب ومخصصات الاستاذ الجامعي فقط،واهمال تطوره التربوي والعلمي بما يتناسب وروح عصر مجتمع المعرفة!
•   ارفضوا وقاوموا سرعة تنفيذ القرارات اللامدروسة كقرار احالة التدريسيين الجامعيين(مدرس واستاذ مساعد واستاذ)الى التقاعد من قبل وزير التعليم العالي ورئاسة بعض الجامعات وعمادات الكليات،وباعداد لا تصدق ضمت خيرة التدريسيين المعروفين بالنزاهة والجد والوفاء للوطن والحاصلين على شهاداتهم من ارقى الجامعات الغربية والشرقية والاوربية ومن جامعات امريكا وغيرها!ان اكثر الذين احيلوا الى التقاعد هم من الذين لم يتركوا الوطن وفضلوا بيع ما يملكون لمواجهة الحصار الظالم،وهم الذين واجهوا الارهاب وهجروا من بيوتهم بعد ان سيطر الارهابيون عليها بكل ما فيها من اثاث وسيارات،بالاضافة الى تعرض اولادهم للخطف ودفع فدية الافراج عنهم!
•   اكشفوا وافضحوا تواضع البنى التحتية للعلوم،واقامة المشاريع التعليمية،سواء الدراسات الاولية ام الجامعات ام مدن العلم(التي يمكنها من جذب افضل العقول من الخارج)ام مشاريع البحث العلمي والتطوير،وافتقار البنى التحتية للمؤسسات التعليمية الى الكثير من الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية،والكثير من الاقسام العلمية لاسيما على مستوى الدراسات العليا مازالت مغلقة لحد اليوم تحت ذريعة اقتقار جامعاتنا للكوادر العلمية الضرورية لفتح  مثل هذه  الاقسام!
•   قاوموا قرارات ازالة بعض النصب التذكارية لفناني العراق واعمالهم الابداعية من باحات الكليات ذات الشأن،واحتجوا على محاولات اغلاق المؤسسات الاكاديمية والمعاهد التي تعني بالفنون الجميلة او بعض اقسامها بحجج سلفية ماضوية!
•   طهروا السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا.
•   ارفضوا التأرجح الجامعي بين الهوية الاكاديمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين المحسوبين على طلاب الجامعات وكلياتها!والمرتبطين بميليشيات طائفية او جيوش طوائف لا علاقة لهم بالاسلام الا من حيث استفزاز الاخرين حتى ان كانوا من ابناء الطائفة الواحدة!وارفضوا وقاوموا اتنقال مواكب العزاء الحسينية من الساحات العامة والحسينيات والمساجد الى باحات الكليات وقاعاتها وحدائقها ومكتباتها،وتحول كليات جامعة بغداد الى حسينيات ومواكب عزاء عاشورية بالمعنى الكامل للعبارة!لطميات..وردات..بصوت جهوري قوي ينطلق من احدث الاجهزة الالكترونية!
•   طالبوا بمراقبة ومتابعة المنظمات والمؤسسات التعليمية الدولية والامم المتحدة للعملية التربوية التعليمية في البلاد ومعوقاتها!بما فيها اللجنة الدولية للتضامن مع اساتذة الجامعات العراقية!
•   كافحوا الامية!
•   افضحوا الفساد!والتلاعب في سجلات طلبة جامعة بغداد،وبيع درجات الطلاب المتفوقين والناجحين لافراد او طلاب حصلوا على درجات ضعيفة!وموظفين وبعض السياسيين في دوائر الدولة لغرض الحصول على البعثات والزمالات الدراسية والايفادات!
•   انضموا الى فيالق المناضلين في سبيل فضح ومقاومة البدع والمزاعم والاكاذيب والدجل،والعودة الى عالم الحياة والواقع الموضوعي.ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر الانساني والبشري الذاتي!
•   قاوموا العقلية المريضة التي تسترسل في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالحلول الترقيعية واعادة انتاج التبريرية النفعية التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام)!
•   احتجوا بشدة وعارضوا كل المحاولات الرامية الى تركيع الجامعة العراقية والفكر العلمي والحر من خلال تشغيل اسطوانة الافكار الهدامة!
•   عالجوا اخلاقيا انقطاع الطلبة عن الدراسة!واستمرار التسرب الدراسي لدى طلبة الدراسة المتوسطة والاعدادية.
•   ابتروا الاساءة المتعمدة الى التعليم الحكومي الذي يحتضن كافة طبقات الشعب دون استثناء او تمييز!!واهمال الدولة العراقية للتعليم الجامعي،وعدم تقديرها لدور الجامعة في التنمية!والدولة في احسن الحالات تعتبر الدعم المادي للجامعات وللعلماء والبحث العلمي دعما يسجل في خانة الاموال المفقودة،فكل ما يصرف على الجامعة من غير رواتب الاساتذة(علما ان الرواتب لازالت تشكل اكثر من 80% من ميزانيات الجامعات)هي اموال ضائعة!
•   قاوموا محاولة تغيير اسماء مدارس كان التخوف منها في فترة حكم اعتى دكتاتورية شهدها التاريخ،وحاول من حاول من جلاوزة النظام البائد تغييرها،لكن المحاولات فشلت....الى اسماء طائفية ودينية!
•   واجهوا بشجاعة استثمارية التعليم الاهلي،ومحاولات احتواء المعلم والمدرس صاحب الرسالة التعليمية في دائرة اية مدرسة تدفع اكثر،ومنح الشهادات لمجرد دفع اجور التعليم والتسجيل في مؤسسات التعليم الاهلي!وثقل اعباء اجور الدراسات المسائية والجامعات الاهلية التي ترهق كاهل الطلبة وتقف حاجزا دون تحقيق طموحاتهم.
•   ارفضوا اقدام وزارة التعليم العالي في نزع الصفة القانونية عن مؤسسات تنشأها عقول علمية وخبرات اكاديمية وطنية،كمؤسسات التعليم عن بعد او التعليم المفنوح!بدل دراسة المشروعات المقدمة بشأن لوائح التعليم الالكتروني،وتسجيل تلك المؤسسات العلمية خدمة لطلبتنا واساتذتهم وتطويرا للتعليم العالي العراقي الذي يعاني من نواقص وسلبيات تكاد تطيح بمكانته ورصانته التي حصدها طوال مسيرة الدولة العراقية منذ تأسيسها!
•   افضحوا تصاعد استثمارية التدريس الخصوصي عن طريق المجموعات والدفع بالعملة الصعبة!
•   اوقفوا الرسوم التعجيزية على كل المستويات ابتداءا من الكليات والمدارس المسائية،وبدل ان توزع الكتب والقرطاسية مجانا يلزم الطلبة دفع ثمنها،لتشكل المصاريف الجديدة عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!
•   عالجوا تدني التعليم المهني بفروعه(الصناعي والتجاري والزراعي والفنون التطبيقية)!وعزوف الطلبة عن الالتحاق به بحجة ضبابية المستقبل الذي ينتظرهم!
•   قولوا لا لمحاولات احتواء مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية ذات العلاقة سياسيا وماليا واداريا،والتصعيد في التدخلات الفظة بانتخابات هذه المنظمات،وتهديد بعض مجالس النقابات(كما حصل مع نقابة المعلمين قبل اعوام)وتعيين قيادات الجمعيات والنقابات والمنظمات ودفع الرواتب المجزية لهم،بعد تحويلها الى تجمعات لزبانية الحكم الذي ضاق ذرعا بالحرية والرأي الآخر!
•   افضحوا الحكومة العراقية لدس رأسها في التراب كالنعامة واحجامها عن الاستفادة من تجارب اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق في الحرص على التفوق العلمي والدراسي وعكس وجه العراق المشرق!ومواصلة التعليم خدمة للوطن رغم الظروف غير الاعتيادية التي يمر بها بلدنا العزيز،وفي النضال من اجل حقوق الطلبة العادلة.
•   ناصروا الاستاذة الجامعية والطالبة الجامعية للتحرر من القيود التي تفرضها جهات متنفذة داخل الحرم الجامعي على حريتهن في ارتداء الازياء والزامهن بالتحجب!

  
  
   الدفاع عن الطائفية والمحاصصات الطائفية هو طبل فارغ يتعامل مع جسد ميت.هكذا تنتعش الطائفية عند المكونات الاثنية الدينية شبه المستقلة قوالبا جاهزة لتقوقع الانقسام الطائفي ومؤسساتا شبه معبأة لخدمة المصالح الفئوية الضيقة ولتهديد وحدة الشعب الوطنية!والطائفية ركيزة اساسية في رحم المجتمع القديم تعرقل المفاهيم الديمقراطية والاستقرار الامني والاجتماعي والشرعية المشتركة والمشروع الوطني المشترك والتداول السلمي للسلطات.وهي تعرقل الديمقراطية كمشروع للعقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشروع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول!
   لم تتخلص الجامعات العراقية من مخلفات الدكتاتورية البائدة،ولازال العديد من رؤسائها وهيئة رئاساتها وعمدائها ونوابهم ومعاونيهم لشؤون الطلبة يحاولون تسيير الشؤون الاكاديمية اعتباطيا ووفق المزاجية المفرطة والهوى الطائفي السياسي القائم بعيدا عن العقلية المؤسساتية العصرية،في الوقت الذي يعاني فيه الاساتذة الجامعيون من الذهنية التي كانت سائدة في العقود الأخيرة - العقدة المستعصية في مقاومة الاشتراكية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض اصحابها الى الاهانة المعنوية والايذاء المادي!وتحولت كليات جامعية غير قليلة الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية،ليجر تحميل لوحات الاعلانات فيها والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية اكاديمية ومهنية وتحوي أسماء الاساتذة والتبليغات الجامعية،تحميلها  بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب والفتاوي البليدة!وبدل صور اسحق بن حنين والفارابي وابن سينا والفراهيدي وابن خلدون ونيوتن وغاليلو وآينشتاين ومندلييف ومدام كوري يجري تعليق صور خميني ورجال الدين في العراق.وليس غريبا ان نجد اليوم وزارات كالثقافة والتربية والتعليم العالي تعج بالموتورين من الحثالات الثقافية - القطاعات المنبوذة المتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.حثالات تشيع مشاريع الجهاد واحتراف القتل الى ما لا نهاية"شعوذة المخصيين"،وتنشر ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية والرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.
   الاعتداءات الاجرامية والاختطافات والاغتيالات تطال الاكاديميين،وتقر الحكومة العراقية بمسؤوليتها عن العديد منها،والتفجيرات الارهابية تطال الجميع!الطلبة والطالبات يواجهون اعتداءات الميليشيات الحكومية ببطولة متناهية،اعتداءات بأغلظ العصي والكيبلات واللكمات واطلاق النار وتمزيق الملابس على طريقة الحرس الايراني اللا ثوري ومن قبله المخابرات الصدامية،وبمباركة وحضور رؤساء الجامعة انفسهم احيانا(انظر جامعة النهرين مثلا في حفل تخرج آخر وجبة)!أبهذه الذهنية والعقلية المسيطرة على بعضهم والوضع الامني الاكاديمي المتردي تريدون ان يقف التعليم العالي شامخا؟لا عجب ان الجامعات العراقية تحتل ترتيب متدني قياسا بالجامعات الموجودة سواء على مستوى المنطقة العربية او العالم وفق"التصنيف الانترنيتي للجامعات في العالم"او موقع"Webometrics" الذي يصدره"المجلس الاعلى للبحث العلمي"في اسبانيا،وهو احد اهم المراجع الدولية المعتمدة،مما يؤشر للهبوط الحاصل في مجال البحث العلمي في بلادنا وما آلت اليه السياسات غير المتوازنة تجاه المسيرة التعليمية والعلمية!
  تركز قوى الظلام اليوم مثلما ركز البعث وجرابيعه بالامس على الاستاذ الجامعي العراقي كونه قائدا اجتماعيا وسياسيا ورائدا في التنوير الفكري الفلسفي،وكونه رمزا للعقل الجمعي لمجتمعنا.فكان الاحتفال الشعبي بالأستاذ العراقي علما محفورا في الذاكرة الشعبية العراقية مثلما تحتفظ تلك الذاكرة بالزعماء والقادة والابطال!والسنوات القليلة الماضية شهدت تهديد واختطاف واغتيال افضل الاساتذة،واضطر من تبقى على قيد الحياة للهرب الى الخارج!وقد عينت الحكومات العراقية المتعاقبة في ادارة الجامعات والكليات الافراد الموالين لها،و"جاءت التعيينات على اسس طائفية وبشهادات مزورة تم شراؤها بسهولة لاستشراء وتفشي الفساد في التعليم العالي".ولم تظهر الحكومة العراقية اية رغبة في اعادة بناء التعليم في العراق ولا اعادة بناء البنية التحتية المدمرة ولا تغيير نوعية التعليم،وان نفوذ الميليشيات الحزبية الطائفية داخل الجامعات هو احد اسباب تردي الاوضاع في هذه الجامعات!
   المؤسسة الاكاديمية روح المجتمع المدني الحديث وقلبه النابض يشغل الاكاديميون موقعهم الطبيعي فيه بالإسهام الجاد في تاريخ العراق المعاصر عبر المؤسساتية الاكاديمية وباقي المؤسسات المدنية،سواء كان ذلك عن طريق المهنة – الاختصاص أو من خلال  أدوارهم السياسية كمواطنين مشاركين في الشأن العام او عبر نشاطهم في الحركة الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية.المؤسسة الاكاديمية وطنية ديمقراطية الطابع وحرة ذات شخصية متميزة،وهي جزء من حركة شعبنا الوطنية لا تنفصل عنها وتناضل من اجل سلامة العمل الاكاديمي في بلادنا.
   العقلية الاكاديمية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات،وتقوم على صرحها العلمانية أي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني.وتقطع العقلانية الطريق على العقل الايماني الذي يعيد انتاج الدوغما والفئوية والخطاب الطائفي والديني الذي ينادي بصرامة بالدولة الدينية المستبدة المؤسسة على الحاكمية وولاية الأمر وفقه الغلبة وولاية الفقيه ولو بصيغ جديدة!وتحويل الدين الى مجرد وقود سياسي!وينبذ المنهج العلماني التوفيقية ليؤكد ثورية العلم واخلاقيته!
   منذ 14 رمضان الاسود وحتى يومنا هذا تفرض الطبقات الرجعية كلمتها القذرة النتنة على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب العراقي ثمنها من دماءه الغالية ويتحمل اعباءها المادية!وسفسطائية عهد ما بعد التاسع من نيسان 2003 امتداد لحركات الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الرأسمالية!المؤسسة الاكاديمية العراقية تتأرجح بين العمل الحر المستقل والظاهرة السفسطائية نصف قرن من الزمن،ولا توجد اية بارقة امل في الافق!
   لا يسمح شعبنا العراقي مطلقا باستنساخ نماذج لا تجلب الا الويل والثبور ومنها تحديدا الديمقراطية الطائفية او ديمقراطية المحاصصات او عفوا الدكتاتورية الطائفية،تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق!وتبا لصعاليكه!بينما تعلمنا منهجية الدكتور الراحل ابراهيم كبة ضرورة البحث والتعمق في مجتمعاتنا والنظر بأحترام للموروث الحضاري والثقافي وادراك طبيعة التزاوج الاجتماعي والديني ونسيجه المؤثر في دفع حركة التغيير والكف عن التسطيح والطفولية الفكرية في تناول مسألة الدين والموقف منه.وتعلمنا منهجية كبة بضرورة ادراك التشابك الذي لا ينفصم بين المسؤولية الوطنية والاجتماعية،فالفشل هو من نصيب من يحاول التضليل لتبرير توجهاته الفكرية والسياسية والقول بأمكانية تحقيق المصالح الطبقية والاجتماعية للشعب العراقي في ظل سلطة الاحتلال وتوابعها،والتي ساهمت في تدمير بلادنا وسرقة ونهب ثرواتنا،ومحاولتها لضرب وتفتيت البنية الاجتماعية لنسيجنا الوطني.كما تعلمنا منهجية العالم الجليل كبة ان الطائفية السياسية والدينية ولاء عصبوي دون وطني،كالعشائرية مرادفة للجهل والامية والاقتتال الدموي المستمر،وتمتلك امكانية الانفلات من العقال وخوض الحروب الاهلية واقتراف الجرائم والاعمال الارهابية او التحول الى عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة مالم يجر اخضاعها من الدولة والحكومة المركزية.
   في "الفكـر الرجعـي في العـراق " كتب ابراهيم كبة :"ان انبعاث الفكر الرجعي في العراق .... لا يعود لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة،بل هو يعود في الاساس الى دوره القديم – الجديد كسلاح من اهم اسلحة الردة المستشرية في البلاد،والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة لحكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم،وذلك لاسباب موضوعية كثيرة اهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز،قيادة البورجوازية وبعض مراتب البرجوازية الصغيرة لحركة الردة،وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم(الإقطاع،البورجوازية العقارية الكبيرة،البورجوازية الكومبرادورية)والوسط الرجعي الجديد(البورجوازية الوسطى او الوطنية)وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والطائفية"ان الهدف المركزي الذي يوجه الفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء ضد التخلف الاجتماعي والاقتصادي.والتكنيك الرئيسي الذي يستخدمه هو تكنيك "اللاديمقراطية"،بالترويج لنظم الحكم الفردية والمؤسسات السياسية القائمة على المبدأ الأبوي والعشائري والطائفي،مبدأ الوصاية على الجماهير الشعبية،وفلسفة وتبرير الاحتكار السياسي والقيادة الانفرادية والدكتاتورية.والشعار الرئيسي الذي ما زال يستخدمه للتغطية والتضليل هو شعار"معاداة الشيوعية والعلمانية والعقلانية"مع توسيع هذا المفهوم ليشمل جميع المؤمنين بالديمقراطية وسيادة الشعب والحقوق القومية والاشتراكية العلمية"!


بغداد
4/7/2012

64

ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والاقتصاد الاسلامي

                                                                                                                                 سلام ابراهيم كبة

•   المقدمة
•   لقاء وزير الاقتصاد  في حكومة قاسم
•   السياسة الاقتصادية وثورة 14 تموز 1958!
•   الوعي الديني والفكر الرجعي في العراق
•   الاقتصاد الاسلامي/الشكل والمضمون
•   اسلمة النظم الاقتصادية
•   اقتصاد النخب الدينية الاسلامية الحاكمة في العراق

•   المقدمة

 
 عام 1961،وعلى هامش زيارة له الى مدينة كربلاء لتفقد بعض المشاريع الاقتصادية،التقى الدكتور ابراهيم كبة وزير الاقتصاد في حكومة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم المرجع الديني المعروف محمد الحسيني الشيرازي،ودار بينهما حديث مقتضب حول الاقتصاد الاسلامي،قام الشيرازي بذكر فحوى اللقاء وما دار فيه في الفصل الثاني عن العهد الجمهوري الاول من كتابه الموسوم"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي/مؤسسة الوعي الاسلامي / بيروت / 2000".وابراهيم كبة علم بارز من اعلام الفكر في العراق والوطن العربي،ومناضل صلب من اجل الحرية والتقدم،وشخصية اكاديمية ديمقراطية عرفته جامعتا بغداد والمستنصرية  بحضوره المؤثر منذ اواسط خمسينات القرن المنصرم،وتخرج من مدرسته المئات من حملة افكار الاشتراكية العلمية،كما امتلك مراسلاته الاكاديمية النقدية مع اساتذة الادب الاقتصادي الاكاديمي العالمي!تولى في آن واحد حقيبتي وزارة التجارة(الاقتصاد لاحقا)ووزارة الاصلاح الزراعي،ووزارة النفط وكالة في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958،وله عشرات المؤلفات الى جانب البحوث والدراسات في المجلات والصحف العراقية والعالمية.وحول الاستاذ ابراهيم كبة محاكمته بعد انقلاب رمضان الاسود الى محاكمة للبعث والقومجية والرجعية وبرامجها الاقتصادية الانتقائية النفعية،ودافع عن نفسه بنفسه في مرافعة كانت دراسة عن الاقتصاد العراقي في فترة ما بعد ثورة 14 تموز نشرها فيما بعد في كتابه"هذا هو طريق 14 تموز" عام 1967.
   حارب البعث الفاشي ابراهيم كبة وأحاله على التقاعد عام 1977 وبذل الجهد لتقزيمه،الا انه ظل وفيا لمبادئه في الفكر المادي الاصيل والاشتراكي العلمي والماركسي والديمقراطي،وبقي في شيخوخته محاصرا وحبيس الضغوطات الدكتاتورية وفي شبه اقامة جبرية،حتى رحيله  في 26 /10 /2004!وكانت آخر اصداراته "الرأسمالية نظاما – 1973 لمؤلفه اوليفر كوكس"و"مشاكل الجدل في الرأسمال لماركس – 1979  لمؤلفه روزنتال"...كما كتب مقالة في مجلة الاقتصاد عام 1973 معنونة"ضوء جديد على مشكلة العلاقة بين الدين ونشوء الرأسمالية"،وفيها جميعا اكد على دور العوامل المادية والفكرية التي ساعدت في تطور النظام الرأسمالي،واهمية الربط الوثيق بين الاقتصاد الرأسمالي ومختلف عناصر التربة الاجتماعية"الرحم الاجتماعي"التي ولد وترعرع فيها النظام...وعلى دور الدين والمذاهب الدينية الاصلاحية في تطور النظام الرأسمالي مع النقد اللاذع للتفسيرات الدينية المتعددة لنشأة الرأسمالية.واكد ايضا على ان الجدل المادي باعتباره علم القوانين الاكثر عمومية لتطور الطبيعة والمجتمع هو في نفس الوقت منطق اي نظرية لمعرفة قوانين الفكر،في الوقت الذي نجح فيه كارل ماركس في الرأسمال بتطبيق الجدل على المعرفة وحل اعقد معضلات نظرية المعرفة التي بقيت حجر عثرة امام جميع المفكرين السابقين،من قبيل العلاقة بين الجوهر والظاهرة،بين التاريخي والمنطقي،بين التحليل والتركيب،بين الاستقراء والاستنتاج،بين المجرد والمحدد ... الخ. 
   من جهته،تولى محمد الحسيني الشيرازي"خاله الامام محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق"المرجعية في مدينة كربلاء عام 1961،غير انه اضطر لمغادرة العراق عقب تعرض اتباعه لحملات الملاحقة والقتل على ايدي سلطات حزب البعث وتهديده بالقتل،وحكمت عليه الدكتاتورية البائدة بالاعدام غيابيا في وقت لاحق"نشرت جريدة الثورة البغدادية نص الحكم"وعطلت جميع مؤسساته،وصودر بيته ومنزله.ومن العراق انتقل الشيرازي الى الكويت حيث اسس الحوزة الشيرازية،وتوجه الشيرازي بعد الثورة الايرانية الى مدينة قم حيث توجد اهم حوزة دينية للشيعة في ايران،وسرعان ما تحولت حوزته الى ملتقى لكبار المدرسين واساتذة الحوزة ممن تتلمذوا على يديه علوم الفقه والفلسفة والعلوم الدينية فضلا عن الاقتصاد والسياسة.
   ورغم مواقف الشيرازي المعارضة لسياسات النظام الثوري في ايران واحتجاجه المستمر ضد حملة الاعدامات والاعتقالات،ورفضه لمحاكم الثورة ومحكمة رجال الدين،غير ان النظام لم يجرؤ على الاساءة اليه او لاتباعه في عهد الخميني،وبدأت معاناته بعد رحيل الخميني،حينما اعلن عدم شرعية ولاية الفقيه المطلقة،ودعا الى تشكيل شورى الفقهاء.ولم يستطع الشيرازي مغادرة بيته اكثر من 15 عاما،عاش اكثرها تحت الاقامة الجبرية منقطعاً عن اتباعه ومقلديه،كما تعرض اتباعه وابناؤه واقاربه لمضايقات شديدة اواسط التسعينات حيث تم اعتقال العشرات منهم،وكان نجله مرتضى الشيرازي قد تعرض في السجن لتعذيب شديد حيث تم احراقه بصب النفط عليه بأمر وزير الاستخبارات الاسبق علي فلاحيان،ولا يزال يحمل مرتضى الشيرازي،الذي يقيم في الكويت،آثار التعذيب على جسده.وعُرف محمد الحسيني الشيرازي بألقاب عديدة منها الامام الشيرازي والمجدد الشيرازي الثاني،وآية الله الشيرازي،وكذلك عُرف بلقب سلطان المؤلفين،حيث ان مؤلفاته تجاوزت الالف.وقد بدأ بتأليف موسوعة الفقه،وهو في الخامسة والعشرين،ووصل تصنيفها الى حوالي 165 مجلد.توفي الشيرازي في قم عن 75 عاما في 17 كانون الاول 2001.
  حرصت ان انقل للقراء نص الحوار الذي جرى بين الدكتور ابراهيم كبة والسيد محمد الحسيني الشيرازي عام 1961،مثلما مدون في كتاب الشيرازي"تلك الايام / صفحات من تاريخ العراق السياسي"،واترك للقراء والباحثين التقييم.كان حوار بين شخصيتين،علمانية ودينية...عسى ان يستفيد منها رجل الدين السيد كاظم الحسيني الحائري الفقيه السابق ل"حزب الدعوة الاسلامية"والذي افتى مؤخرا"يحرم التصويت في اي مرفق من مرافق الحكم العراقي الى جانب انسان علماني"!ويعد الحائري الذي يتخذ منذ 1974 من مدينه قم في ايران مقرا له من بين المراجع الشيعة البارزين!وقُتل ولده جواد دفاعاً عن ايران الاسلامية في حربها مع العراق!ويبدو ان الحائري يبعث برسالة الى الشعب العراقي ليؤكد فيها ما ذهب اليه الباحثون من ان النظام الايراني ومنظمة القاعدة الارهابية في وفاق وتنسيق دائمين،بعد ان عين نفسه وكيل الله وولي امر العراق!وهو العالم قبل غيره ان الدين والحقد والبغضاء والكراهية لا تلتقي مطلقا!
   وموقف الحائرى تجاه العلمانية ليس جديدا في التاريخ السياسي الحديث،وسبقه البابا الذي عبر عن تخوفه من العلمنة في اوربا وبولونيا"انظر:مجلة ناشينال كاثوليك ريبورتر/عدد 13 نيسان 1990/الولايات المتحدة"..ومن قبله حكمت روما والكنيسة الكاثوليكية على حقوق الانسان لأنها غير مسيحية الى ان حدث التحول مع يوحنا الثالث والعشرين والمجمع الفاتيكاني الثاني في النصف الثاني من القرن العشرين،والفاتيكان آخر مملكة اوربية مطلقة لم توافق على اعلان حقوق الانسان في المجلس الاوربي.هكذا خسرت وتخسر المؤسسة الدينية كثيرا من مصداقيتها في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية!
  العلمانية مبادئ لتنظيم المجتمع يأتي في مقدمتها احلال مفهوم المواطن محل مفهوم الرعية،واعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات،ولابد من ضمان حرية التفكير والبحث.وتدعو العلمانية الى فصل الدين عن الدولة،لأن السلطة شأن بشري والبشر احرار في التشريع لأنفسهم،لكنها لا تنفي الدين كتفكير حر مستقل.      
 
•   لقاء وزير الاقتصاد  في حكومة قاسم
"....
   وكان لنا لقاء مع وزير الاقتصاد فـي حكومة عبد الكريم قاسم(1)،وقد تمّ فـي مقبرة(2)والدي في الحرم الحسيني (عليه السلام)،حيـث كـان مكان تدريسي ولقـاءاتي،وقـد حضـر هـذا اللقـاء لفيـف من الأصدقاء،وقد دونت مقتطفات مـن هـذا الحوار في منشور،قد وزّع في حينه على المعنيين(3).
   وقـد ناقشت الوزيـر حـول موضـوع الاقتصاد الإسلامي،وقلت له:لمـاذا لا تقدمـون على تطبيق الاقتصاد الإسلامي؟ 
   فقال:لي وقد بدت عليـه آثار التعـجب،ما هو الاقتصاد الإسلامي؟
   قلت:الاقتصاد الإسلامي:اقتصـاد مستقل ليس اقتصاداً شيوعياً ولا اقتصاداً رأسمالياً ولا اقتصاداً اشتراكياً،بل لـه خصائص وميـزات معينة تفرزه عـن المذاهب الاقتصادية الأخـرى،وقـد كتب فقهاؤنا معالم هذا الاقتصاد في كتبهم.
   قاطعني وفي حالة استغراب: مثلاً !
  قلت:يقول الله سبحانه في محكم كتابه:( فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)(4)،ثم أردفت قائلاً:انظر إلى احدى كتبنا الفقهية،فقد ضم هذا الكتاب أكثر من خمسين موضوعاً اقتصادياً.
   ازداد تعجبه وقال في حالة دهشة!خمسين موضوعاً؟
   قلت:نعـم،كتاب(جواهـر الكلام)(5)يتضمن موضوعـات عـن البيع والرهـن والإجارة والإعارة والمساقات والمزارعة والمضاربة و...
  وطفقت أعدد له عنـاوين المعامـلات فـي الفقه الإسلامي،فازداد انبهاره.
  ثم افصح عن انبهاره هـذا بقوله:لم اسمع من قبل بكل الذي قلته.
  اجبته:أمـر طبيعـي،إنـك لا تعرف شيئاً عن الاقتصاد الإسلامـي،لأنك لم تـدرس شيئاً عن هذا الاقتصاد في المدارس بكافة مراحلها،وعندما دخلت إلى كلية الاقتصاد درستَ كل شئ إلا الاقتصاد الإسلامي.
  وإنك لو تصفّحت المنهج الدراسي فانك لا تجد شيئاً عن الإسلام بكافة حقوله،ولو وجدت شيئاً فهو صور ولقطات مشوّهة عـن التاريخ الإسلامي،عن الحروب والصراعات،وعن بطش الخلفاء وبطرهم،ومـا أشبه ذلك،وهـي أمـور ليس فيها أيـة فائدة لمن يريد التعرف علـى حقيقة الإسلام،بل هـي تسبب عنده الاشمئزاز والنفور.
   أما الأمـور المفيـدة للمجتمع وبالأخـص الأمور الحياتية،فلا تجد في هذه الكتب شيئاً عنها.
   لذا أرى من الضروري إضافة الاقتصاد الإسلامي إلى المناهج الدراسية وعلى الخصوص كلية الاقتصاد ليُدرَّس إلى جانب الألوان الأخرى من الأنظمة الاقتصادية،وشيئاً فشيئاً يتم تطبيق هذه القوانين،حـتى يتم إزالة الفقر والفاقة من المجتمع،فعند تطبيق الاقتصاد الإسلامي سوف لن تجد فقيراً ولن تجد شخصاً بدون مسكنٍ،وما أشبه ذلك.
   وضربت له مثالاً ببلد أوربي وهو النَـرويج،وقلت له:في هذا البلد الأوربي ينعدم الفقراء،بينما تجد الفقراء والمساكين والمتكففين فـي بلادنا أينما ذهبت وبالمئات،ناهيك عن الفقـراء الآخـرين الذين لا يسألون الناس إلحافاً.
  ثم ذكرت له قصة من التاريخ الإسلامي عـن مدينة( نيشابور)(6)وكانت سابقاً مدينة علمية كبيرة وذات شأن كبـير في العالم الاسلامي وفيها كثـافة سكانية عالية،كما يظهر من رواية ورود الإمام الرضا(عليه السّلام)والتفاف أربعة وعشرين ألف عالم وصاحب قلم وتأليف حـوله ليكتبوا ويدونـوا الأحاديث التي يمليها عليهم،فأية مدينة كبيرة تلك التي يتواجـد فيها أربعة وعشرون ألف عالم في ذلك الزمان؟
   دخل رجل فقير إلى هذه المدينة ولما كان فقيراً وجائعاً مدَّ يده إلى الناس طالباً منهم المساعدة، فلم يعطـه أحدٌ شيئاً،وقالوا له:ليس في بلدنا فقير ومحتاج،وإن أهل البلد لا يعطونك،لأنّ عطاءهم سيشجـعك على الفقر والفاقة.
   فقال لهم:إني جائع،فدلوه على مكان يستطيع فيه أن يسدّ رمقه.
  ثم قال لهم:أريد مكاناً للنوم.
   فقالوا له:المكـان الـذي تطلبه مخـصص للعجزة والمعوقين،أما أنت فإن كنت منهم،فانهم سيعطونك مكاناً فـي تلك الدار ويمنحونك ما تحتاج إليه من طعام وكساء،أما إذا كنت قادراً على العمل،فانهم سيمنحونك فرصة الاشتغال والعمل.
   ثم قالوا له:ليس فـي مدينتنا من يتكفف طالما كان كل شئ مهيئاً له.
   وهو علـى ما يبدو حـال بقيـة البلاد الإسلامية لايختلف عن حال هذه المدينة.
   إن التاريـخ يحدثنا أنه من كان يأتي إلى رسول الله(صلّـى الله عليه وآله وسلّم) كان يسأله سؤالين،ولا أعلم هل سؤال الرسـول(صلّى الله عليه وآله وسلم) علـى نحو الإحصاء أو التقريب؟
  السؤال الأول:هـل أنت متـزوج؟ فإذا لم يكن متزوجاً كان يحثَّه على الزواج،وفـي كثير من الأحيان يقوم بتزويجه.
   وقد ذكر صاحب المستدرك الرواية التالية: عن عكّاف بن وداعة الهلالي قال: أتيتُ إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)،فقال لي:يا عكّاف ألك زوجة؟
  قلت: لا يا رسول الله.
  قال: ألك جارية؟
  فقلت: لا.
  قال: وأنت صحيح موسر؟
  قلت: نعم.
   قال:إذاً أنت من إخـوان الشياطين،إما أن تكون من رهبان النصارى وإما أن تصنع كما يصنع المسلمون،وإن مـن سنّتنا النـكاح،شراركم عزّابكم،وأراذل موتاكم عزّابكم ـ إلـى أن قال ـ ويحك يا عكّاف،تزوج تزوج فإنك من الخاطئين.
   قلت:يا رسول الله زوجني قبل أن أقوم.
   فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):زوّجتـك كريمة بنت كلثوم الحميري(7). 
  أما السؤال الثاني الذي كان يسأله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):ما هـو عملك؟ فإذا عرف أنه لا عمل له، قال له: سقط من عيني.
  عن ابن عباس:أنه كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):إذا نظر إلى الرجل فأعجبه، قال لهم هل له حرفة،فإن قالـوا لا: قال سقـط من عيني، قيل وكيف ذاك يا رسول الله،قال:لأن المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه(8).
  وكان (صلى الله عليه وآله وسلـم) يستخـدم شتى وسائل التحريـض والتشجيع لدفع الشباب إلـى العمل والمتاجرة.
  وكان يقول لمن يأتـي إليه يسأله المال: (من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله)(9)،وهذا كناية عن أن الأفضل للمسلم هـو العمل والمثابـرة وليس التكفّف والاستجداء.
   وكما كان يكـرر عبارة:(اليد العليا خير من اليد السفلى)(10)،حيث أن اليد التي تعطي دائماً هي يد عليا، بينما اليد التي تأخذ دائماً يد ذليلة وسفلى.
   من هذا المنطق اهتم الإسلام بالاقتصاد ووضع حلولاً لمشاكل البشر الاقتصادية.
   ثم خاطبـت الوزير:وأنتم من مصلحتكم إن أردتم البقاء،ومـن مصلحة البـلاد أن تفكـروا بتقدمها،وأن تطبّقوا بنود الاقتصاد الإسلامي واحداً تلو الآخر(11).
   قال الوزير بعد أن أصغى لكلامي : الإسلام غير قابل للتطبيق.
   قلت له:هذه العبارة يكررها الذين يجهلون حقيقية الإسلام في كل زمان ومكان. ثم أضفت: أي جزء من الإسلام غير قابل للتطبيق؟
   هل وجدت شيئاً من الإسلام غير قابل للتطبيق؟
   كلامك أيها الوزير يخالف مقولة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم):(حلال محمـد حلال إلـى يوم القيامة وحرامه حرام إلـى يـوم القيامة)(12)،ليس في الإسلام بندٌ واحدٌ غير قابل للتطبيق.
   صحيح أن هناك حالات نعمل فيها بقانون(لا ضرر ولا ضرار)أو قانون(الأهم والمهم)،وهـذا لا يعني خروجاً عن الإسلام بل يعـني الدخول من الإسلام إلى الإسلام،لان هذه القوانين من واقع وصلب الإسلام.
   سمع الوزير كلامـي وقال: إنشاء الله سأخبر الزعيم عبد الكريم قاسم بهـذا الموضوع ثم قام وودعنا متوجها إلى بغداد.   


1 ـ الظاهر أنه الدكتور إبراهيم كبة الذي يعتبره الشيوعيون ممثلهم في وزارة قاسم، وكانت الصحافة الشيوعية تشير إليه على أنه ممثل القوى الشعبية، وظلّ فـي الوزارة حـتى عام 1380هـ (1961م) ثم أُحيل على التقاعد.
2 ـ وهي عبارة عن صالة كبيرة تقع في روضة الإمام الحسين(عليه السلام) وكان الإمام المؤلف يتخذها محلاً للتدريس والمباحثة ومركزاً للقاءاته والبت في القضايا الحقوقية والاجتماعية وقضاء حوائج الناس، علماً إن والديّ الإمام المؤلف قد دفنا في تلك الصالة.
3 ـ ولعـل من الاخوة والأصدقاء من لا يزال يحتفظ بهـذا المنشور حتى الآن.
4 ـ سورة البقرة: الآية 279.
5 ـ ويحتوي على 43 جزء لآية الله العظمى الشيخ محمد حسن باقر عبد الرحيم الجواهري، ويعتبر هذا الكتاب من مفاخر الكتب الشيعية، ولهُ مؤلفات أخرى رسالة في المواريث، هداية الناسكين في مناسك الحج. توفى سنة 1266هـ‍.
6 ـ تقع شمال شرق إيران.
7 ـ مستدرك الوسائل: ج14 ص155 ب2 رقم الرواية 16359، ورواها باختصار القطب الراوندي في(لب الألباب) عنه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثله.
8 ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص11 ب2 رقم الرواية 14581. 
9 ـ الكافي(أصول): ج2 ص318 ح2.
10 ـ الكافي(فروع): ج4 ص11 ح4.
11 ـ أشار الإمام المؤلف إلى هذه البنود في طيّات كتبه الاقتصادية : الفقه الاقتصاد، الاقتصاد بين المشاكل والحلول، الاقتصاد الإسلامي المقارن.
12 ـ بصائر الدرجات: ص148 الباب الثالث عشر: باب آخـر فيه أمر الكتب ح7 عن أبي عبد الله(عليه السلام).
....."
•   السياسة الاقتصادية وثورة 14 تموز 1958!
 
  عبرت ثورة 14 تموز 1958 المجيدة عن السفر العظيم والجبار لشعبنا في تثبيت استقلاله السياسي والاقتصادي وما قدمه من تضحيات وشهداء لبناء مجتمع قائم على الرخاء والرفاهية والعدل الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني!وبعد البيان الاول الصادر في 14 تموز 1958،والذي عكس الطبيعة الوطنية والديمقراطية للثورة"ان الحكم يجب أن يعهد الى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه،وهذا لا يتم الا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة"،توالت التشريعات التقدمية"الدستور المؤقت 1958،"بيان النفط"والحرص على استمرار جريان النفط والشروع بالمفاوضات مع شركات النفط وتشريع قانون رقم (80) لسنة 1961 والذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط الاحتكارية،قانون الاصلاح الزراعي لتصفية الاقطاع رقم (30) لسنة 1958 والغاء قانون المنازعات العشائرية،قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959،بيان لجنة التموين العليا رقم 1 لسنة 1959 الذي حدد منهاج الاستيراد الجديد ومنع استيراد المواد الكمالية والترفية الاستهلاكية والمواد المنتجة المحلية وتشجيع استيراد المنتجات والمكائن والمعدات الضرورية للتصنيع او للاستهلاك الشعبي..
   كما حررت العملة العراقية من الكتلة الأسترلينية،وتم بناء مئات الأحياء السكنية وجرى توزيعها على الفقراء من أبناء شعبنا في كل محافظات العراق(ومدينة الثورة هي معلم وشاهد على هذا الأنجاز الكبير لثورة 14 تموزالخالدة)،وتهيأت الظروف لأجازة احزاب سياسية ومنظمات اجتماعية ومهنية تمارس النشاط العلني مثل نقابات العمال والاتحادات الفلاحية ورابطة المرأة العراقية وبقية التنظيمات النسائية واتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي ونقابات مهنية للمعلمين والمهندسين والحقوقيين والاطباء ..الخ.وقد تطورت وازدهرت الصناعة الوطنية اثر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية،والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والثقافية الاخرى مع بلدان اوربا الشرقية والصين الشعبية!
  استرشدت وزارة الاقتصاد بعد ثورة 14 تموز المجيدة بعدد من المبادئ التي كانت نقيض السمات التي ميزت الاقتصاد العراقي في العهد الملكي المباد،وهي:التوجيه الاقتصادي والقضاء على التسيب،تحرير الاقتصاد من التبعية الاستعمارية،محاربة الاحتكار وتقوية الفئات الوسطى وتعميم منافع القطاع الخاص الموجه،جذب الرأسمال الوطني والعربي نحو الصناعة،القضاء على الطفيلية في الاقتصاد وعلى الوساطة غير الانتاجية بتعميم التعاون التسويقي الحكومي،محاربة الندرة الاقتصادية بالعمل على زيادة الانتاج والانتاجية،محاربة التحيز في العلاقات التجارية في الداخل والخارج،التكافل الاقتصادي عربيا،تقوية القطاع العام في جميع الحقول الاقتصادية(انشاء الهيئة العامة لشؤون النفط،القطاع الصناعي العام عن طريق مشاريع الاتفاقية السوفييتية،انشاء مصلحة المبايعات الحكومية ومؤسسة التصدير الخارجي للتمور وتعاونيات التمور ومصلحة المعارض الحكومية وشعبة الاقطان ومكتب تصدير الاسمنت وتقوية شركة النقل البحري ...على طريق انشاء نواتات للقطاع التجاري العام،انشاء المزارع الحكومية الكبرى ومحطات تأجير المكائن والآلات الزراعية كنواة للقطاع الزراعي العام ومنع تجاوز القطاع المجنب الخاص على القطاع التعاوني،انشاء منظمة الانشاء الحكومية كنواة للقطاع العام فب البناء والانشاءات..)،انشاء اجهزة التخطيط الجديدة .. الخ.   
   في السياسة النفطية،جرى انشاء ادارة وطنية لمصلحة المصافي الحكومية وطرد الخبراء الاجانب من مصفى الدورة بعد تعريقه بالكامل،ثم انشاء الهيئة العامة لشؤون النفط واعدادها للسيطرة التامة على قطاعات الانتاج والتصفية والتوزيع والتصنيع والتصدير على السواء،تصفية شركة نفط خانقين خلال عام واحد دون ضجة دعائية،استرجاع المياه الاقليمية واخراجها من امتياز شركة نفط البصرة،انشاء جهاز لتوزيع الغاز السائل على المواطنين،تخفيض اسعار المشتقات النفطية وخاصة البنزين منذ الايام الاولى للثورة. كما وضعت حكومة ثورة 14 تموز اسس التخطيط الصناعي العلمي وانشأت وزارة ومجلس التخطيط واصدرت قانون السلطة التنفيذية واجرت اصلاحات هامة في معمل النسيج الحكومي والمباشرة بتشغيل معمل السكر الحكومي.
   قامت حكومة 14 تموز المجيدة باعادة تنظيم اجهزة مديرية الصناعة العامة واستحدثت فيها شعب للبحوث الاقتصادية وللتنمية الصناعية،كما وضعت عشرات الدراسات الفنية الصناعية تحت تصرف القطاع الخاص كصناعات عرق السوس والتعليب وخميرة الخبز والطباشير الملون والحبال من سعف النخيل والانابيب لمشروع المياه القذرة،وعشرات الدراسات الاقتصادية ايضا كدراسة المواد الاولية لمعامل السباكة وكفاءة معمل الجوت ومعامل السكائر ومشروع الاحذية الشعبية ودراسة استثمار النفايات في مصافي النفط،وعشرات التحاليل الفنية للمواد الخام الصناعية كالاسمنت والاتربة والاخشاب والفحم والاملاح والدهون والصابون والجلود ومعجون الشبابيك واللباد المانع للرطوبة والقصب والرخام والورق والكحول..الخ.وباشرت الحكومة العراقية باجراء مسح صناعي عام للمشاريع الكبرى والمتوسطة وفق اسس اقتصادية وفنية سليمة،واجرت دراسات موضعية كاملة للمشاريع المطلوب حمايتها بالاعفاء"الحماية الصناعية اقتصاديا وتكنيكيا".آنذاك،جرى اعتماد اشراف الدولة على توجيه القطاع الصناعي الخاص ومنع النمو الاحتكاري فيه والحيلولة دون تغلغل الرأسمال الاجنبي المقنع بأقنعة وطنية وتشديد شروط الحماية للمشاريع المختلطة"اشتراط حد ادنى من رأسمالها العراقي لا يقل عن 60% وحد ادنى من نسبة الكلفة لا تقل عن 25%".وجرت عملية تنويع اساليب الحماية الصناعية بانسيابية عالية"التوسع في مدى وآجال ومواد الاعفاءات الصناعية عبر قانون تشجيع المشاريع الصناعية،تشجيع استهلاك المنتجات الوطنية،وضع القطاع التجاري في خدمة القطاع الصناعي،الاهتمام بالجانب الدعائي في الحماية الصناعية،الحيلولة دون نمو الاحتكارية في التسويق الداخلي".
    ومن منجزات ثورة 14 تموز تأسيس وكالة حكومية لشراء المعامل الصناعية الصغيرة من بعض البلدان المشهورة بانتاجها على اسس الدفع المؤجل والمقايضة بالصادرات العراقية،وتأسيس شركة كبرى مختلطة لابتياع المعامل المذكورة من الوكالة الحكومية بشروط مريحة وبضمانات المصرف الصناعي وبتوفير حد ادنى من الارباح..الا ان المعارضة الشديدة التي جوبه بها هذا المشروع التخطيطي الهام من اصحاب المصالح حال دون اتمامه بالكامل لينتهي الى مشروع شركة الصناعات الخفيفة.
   كان عقد الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية عام 1959 واحدة من التهم التي وجهها الادعاء العام راغب الفخري الى الدكتور ابراهيم كبة اثناء محاكمته عام 1963.ورد الدكتور كبة ان مشاريع الاتفاقية وضعت على اساس تركيب نموذجي لاقتصاد وطني متحرر سليم استنادا على:القيام بالمسح الصناعي والنفطي الجيولوجي والمغناطيسي والسيميكي العام،التركيز على الصناعة في المشاريع بحيث احتلت 80% من مجموع قيمة مشاريع الاتفاقية،التركيز في القطاع الصناعي العام على الصناعات الثقيلة كمعامل الفولاذ والاسمدة الكيمياوية والكبريت وحامض الكبريتيك واللوازم والعدد الكهربائية،وعلى الصناعات الزراعية كمعامل المكائن والمعدات الزراعية والاسمدة النيتروجينية ومحطات الجرارات الزراعية ومعامل النسيج والتعليب،وعلى الصناعات التحويلية كمعامل النسيج القطني والصوفي والتريكو والخياطة والزجاج والمصابيح الكهربائية والتعليب والادوية.وفي حقيقة الامر،لم تكن طريقة الحساب بالروبل آنذاك المشكلة،ولم تكن التكنولوجيا السوفياتية المتدنية هي الآخرى المشكلة!انما كانت المشكلة هي ظهور قوة متحدية للامبريالية مدت يدها الى الشعوب المسحوقة لنيل الاستقلال السياسي والاقتصادي،ومن اراد نيل الحرية عرف كيفية الاستفادة من هذه الفرصة التأريخية،وقد احسنت ثورة 14 تموز المجيدة ووزير الاقتصاد آنذاك الدكتور ابراهيم كبة فهمها وحاول الامساك بها،ومن اراد ان يبقى ذليلاً تفنن في كيفية بتر هذه اليد التي امتدت لمساعدته.
   بالتكنولوجيا السوفياتية تسنى للصين بناء صناعاتها،ولمصر بناء السد العالي.وبالتكنولوجيا الحربية السوفياتية هزمت الفيتنام الولايات المتحدة ونالت سيادتها الوطنية.ويكفي النظر الى التدهور الذي وصلت اليه مصر لنفهم الى اين تقود الآيديولوجية المتعفنة التي يتبجح بها الاغبياء المنتقدون لابراهيم كبة المهندس الاقتصادي لثورة 14 تموز.فهؤلاء يجهلون حقيقة تحريم الغرب آنذاك لعمليات نقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والكهربائية الى البلدان النامية!فعملية نقل التكنولوجيا كانت هي جوهر المعاهدة السوفياتية التي يحاولون الانتقاص منها،ويحاولون تصويرها كأنها عملية نهب.وكان القصد من عرقلة عملية نقل التكنولوجيا في الصناعات الاستراتيجية هو عرقلة عملية التنمية الاقتصادية،ولنفس الاسباب رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي.
   الصراع كان يدور حول عملية نقل التكنولوجيا.وكان على الاغبياء مراجعة الاضابير الخاصة بمشروع الحديد والصلب في وزارة التخطيط للوقوف على اساليب العملاء التي اتبعت من اجل عرقلة اقامته.ومن اجل فهم دور الاتحاد السوفياتي في عملية نقل التكنولوجيا من الضروري مراجعة كيفية تطويره للقدرات العراقية على استخراج النفط مما تسنى للعراق التحرر من قبضة الاحتكارات النفطية.وكلفة المشاريع المتضمنة في المعاهدة الاقتصادية العراقية السوفييتية عام 1959 لم تكن المشكلة،فمجموع تكاليف جميع مشاريع المعاهدة لم يتجاوز تكلفة مشروع واحد من ابسط المشاريع الاساسية لما يسمى بالتنمية الانفجارية عهد البعث المقبور،اذ كانت كلفة المشروع الواحد من مشاريع التنمية الانفجارية تضرب بالمعامل 3.فلماذا لا يتكلم هؤلاء الاغبياء عن نهب الشركات الغربية عن طريق هذه التنمية الكاذبة،ولماذا لا يتكلمون عن تكاليف مشروع المفاعل الذري الذي ضرب ايضاً بالمعامل 3،وتم تفجيره بعد قبض المبالغ المخصصة؟وقد اثبت بأن الفرنسيين هم الذين قاموا بالتفجيرات من الداخل اثناء القصف الاسرائيلي،لأن قلب المفاعل لم يكن آنذاك قابل للنيل بواسطة القذف الخارجي.ولماذا لا يتكلمون عن عملية نقل التكنولوجيا الغربية في مجال انتاج اسلحة الدمار الشامل التي كلفت بالمليارات،هذه الاسلحة التي استخدمت اولاً في الحرب مع ايران،وفيما بعد كذريعة لتدمير كردستان والعراق؟!
    شجعت حكومة ثورة 14 تموز على خلق بورجوازية متوسطة تجارية بتقليص مبالغ الاستيراد للشركات وكبار التجار وتجزئتها خلال العام الواحد،وتسعير المواد الهامة المستوردة بالجملة والمفرد منعا للاحتكار والمضاربة والاستغلال،وتشجيع التجار الصغار والوسط على الاستيراد،وكذلك تشجيع الاقبال على تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة وخاصة الصناعية والانتاجية منها وذلك لصرف الرأسمال الوطني من ميدان التجارة الى الميدان الصناعي"امكن تأسيس 24 شركة من هذا القبيل برأسمال يزيد عن مليون دينار خلال العام الاول من الثورة".
     جاءت الضربة التي تلقتها العلاقات الإنتاجية شبه الاقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الاقطاعيين وكبار ملاكي الاراضي الزراعية  في اعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الاقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين وصدور قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين.لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي!وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى  الرأسمال"النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة .. وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى..لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712 ) ساحبة و( 1056 ) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية.
    لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 الذي اخذ بحد الألف دونم في الأراضي المروية والفي دونم في الاراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الاعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين،بداية جيدة لمسيرة الاصلاح الزراعي..الا ان السنوات التي اعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته،او تجاوزا عليها في كثير من الاحيان مما اعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وافراغه من محتواه.واسهمت اجهزة الزراعة والاصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالاقطاع من تحقيق تلك الاغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه ايام العهود السابقة.واصطدم تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1958 بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات.ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا.لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الارض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته..ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية  المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا  تنفيذ القانون رقم 30.اضافة لذلك لم يقدم القانون رقم 30 العلاج لحل مشاكل الفلاح المنتج كالتقاليد البالية والمفاهيم المخطوءة والقيم العشائرية،ومشاكل السلوك وضعف القدرات والنشاط وسوء التنظيم وتخلف المستوى التكنولوجي.
   حال صدور القانون رقم 30 الذي شرع بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين،ساند البعثيون الاقطاع ضد الاصلاح الزراعي،وحاربوا القطاع العام في الاصلاح الزراعي،وشهروا بسياسة وزارة الاصلاح الزراعي واطلقوا الاكاذيب والافتراءات ضدها وجهدوا في مضايقة خيرة الموظفين ومحاولة شل جهاز الاصلاح الزراعي.كما ساند البعثيون الاجهزة القاسمية للقيام بالمخالفات القانونية الصريحة مثل تأجير اراضي الفلاحين للاقطاعيين وجعل حق الاختيار مطلقا من قبل الاقطاع في الاراضي المجنبة خلافا لروح القانون وتأجير اراضي الاوقاف لغير الفلاحين وتزوير الجمعيات الفلاحية والتدخل للسيطرة على انتخابات جمعيات الفلاحين.وضاعف البعثيون محاولاتهم المسعورة لاجراء التعديلات الرجعية الخطيرة في قوانين الاصلاح الزراعي وتأجيل الاستيلاء على اراضي بعض الاقطاعيين خلافا للقانون.
   كان هناك اتجاهان متضاربان بشأن تطبيق القانون رقم 30.الاول اتجاه تسوده عوامل سياسية ويتمثل في القضاء على الاقطاعيين كطبقة،وتنظيم الجمعيات الفلاحية لغرض القيام بالمهام التي يقوم بها الملاك،خصوصا وان طبقة الاقطاع كانت العمود الفقري للحكم الملكي البائد،وينتظر منها ان تكون مصدرا للتآمر على الثورة التي تهددها.والاتجاه الآخر تسوده عوامل اقتصادية تتمثل في التريث بالاستيلاء على الاراضي الزراعية المملوكة لأجل تجنب الخلل والارتباك الناشئ عن فقدان الاستثمارات والاعمال التي قدمها الملاك في سبيل عملية الانتاج الزراعي،واستمرارها لتأمين حاجة البلاد من الغذاء المطلوب،ولأجل تجنب ما يعرقا التنمية الاقتصادية،وما يحدثه ذلك من أثر على النشاط الاقتصادي العام،وعلى الوضع المالي للدولة.وظهرت هذه الاختلافات في مجلس الاصلاح الزراعي،وكان الدكتور ابراهيم كبة الى جانب الاسراع بالاستيلاء على الارض وطرد الاقطاعيين بتشجيع من تنظيمات الحركة الديمقراطية في الارياف التي جهدت في مهاجمة الاقطاعيين بحيث ان قسما كبيرا منهم هرب الى المدن،بل وغيروا ملابسهم من الملابس القبلية الى الملابس المدنية!وسبب استمرار هذا الخلاف تذمر الدكتور كبة الى ان حدا به الوضع الى تقديم استقالته من الوزارة!...

•   الوعي الديني والفكر الرجعي في العراق

   في العراق،لعب رجال الدين دورا مشهودا في ثورة العشرين الوطنية التحررية ضد الاستعمار الانكليزي الى جانب البورجوازية الوطنية والاقطاعيين من صغار ومتوسطي شيوخ العشائر والجماهير الشعبية.كما انخرطوا في صفوف حمعية"حرس الاستقلال"بقيادة جعفر ابو التمن ورجل الدين محمد الصدر.ورافقت الجمعية ثورة العشرين،وكان لها دورا واضحا في النضالات آنذاك.ولجأ الانكليز بعد ذلك الى سلاح التفرقة المذهبية والقومية والدينية لمنع وحدة الحركة الوطنية منذ ورقة عمل ويلسون قبل انشاء الحكم الأهلي.واكتسبت الحركة الوطنية الزخم بتوسع التجمعات العمالية وانبثاق تنظيماتها النقابية والسياسية،الا ان الادارة الكولونيالية التجأت الى سلاح التأويل السلفي للدين،وامامة تنظيمات الاخوان المسلمين السنة(محمد محمود الصواف)،وحض المرجعيات الدينية الشيعية على مواجهة الشيوعية في خمسينيات القرن المنصرم. 
   تسببت الهجرات الكبرى للفلاحين من الريف بفعل جاذبية الحياة في المدن والفارق الكبير في دخل عامل المدينة ودخل عامل الريف،والطابع القمعي للنظام الاقطاعي،وجفاف النهيرات المتفرعة عن دجلة بسبب تطور نظم السحب بالمضخات في دفع شغيلة المدن الفقراء والاعداد الكبيرة من المهاجرين الى التأثر الشديد بالافكار الثورية الديمقراطية مما اثار حفيظة المرجعيات الدينية المحافظة التي صدمت مرة اخرى باكتساح المد الديمقراطي الشعبي والافكار العلمانية وقيم التدين الشعبي للشارع العراقي بعيد ثورة 14 تموز 1958 والاجراءات الاقتصادية اللاحقة!خاصة اثر التغيرات العميقة في طبيعة الملكية،وتفتيت الملكية الاقطاعية للارض واعادة توزيعها على الشرائح الفلاحية الفقيرة،وتنامي تطور ملكية الدولة الخدمية والانتاجية،وبروز البورجوازية الوطنية التجارية والصناعية بوضوح!
  في هذه الفترة بالذات بدأ الاصطفاف والفرز يأخذ مجراه في الوعي الديني السائد،وحصل تمايز بين المؤسسات الدينية التي تنظم انتاج واعادة انتاج الفكر اللاهوتي وبين الجماهير الشعبية المؤمنة،فظهر مناصري التدين الشعبوي والاقتصاد الاسلامي الشعبوي،الا انهم لم يحددوا معالم ما سموه الاقتصاد الاسلامي وآليات تطبيقه بوضوح"انظر:مؤلفات السيد محمد باقر الصدر التي صدرت في عام المد الديمقراطي - 1959"!وشهدت هذه الفترة ايضا انضمام عدد غير قليل من رجال الدين الى الحزب الشيوعي والقوى اليسارية الديمقراطية الاخرى!كما شهدت الفئات الوسيطة والتقليدية من التجار وكبار ملاكي الأرض والاقطاعيين انبثاق شتى الحركات الدينية السياسية ذات المضامين الاحتجاجية،غير معادية للرأسمالية بل لشرورها!الشيعية منها تدعو الى اقامة الحكم الاسلامي بقيادة الولي الفقيه وليجري اخضاع الدستور والحياة السياسية لأحكام الشريعة والمذهب الأثني عشري،الا ان حزب الدعوة رفع شعار اقامة حكم ديمقراطي دنيوي ثم تراجع عن هدفه هذا بفعل الضغوط!" اختلف السيد محمد الحسيني الشيرازي مع حزب الدعوة حول الايمان بالمرجعية الدينية وولاية الفقيه،بينما تشكل الحزب على اساس نظرية الشورى والانتخابات،وكان السيد محمد باقر الصدر قد وضع الأسس الفكرية والخطوط العامة لحزب الدعوة،ومع اقتراب الصدر من نظرية ولاية الفقيه في السبعينات بعيد الثورة الاسلامية في ايران،اقترب السيد محمد الشيرازي قليلا من نظرية الشورى وقال بها في ظل قيادة الفقهاء المراجع،بعد ان كان يرفضها رفضا باتا"(انظر:حسين الشامي/المرجعية الدينية..)
   الآيديولوجيا الدينية تستمد قوتها من الريف والاقتصاد الزراعي الخاضع لرحمة قوى الطبيعة،فالوعي الفلاحي غيبي محدود الأفق لا يخفت بانتقال ابناء الريف الى المدينة وتعرضهم لرحمة قوى السوق.وتربة الغيبية تضرب جذورها عميقا في المجاهيل وفي الحياة الاجتماعية وفي الطبيعة على حد سواء!ويطغي النمط الغيبي بحدة في فترات الفراغ السياسي!لكن التمدين الجاري هو في اطار عملية تحديث رأسمالي ينقض كالصاعقة على دعة الحياة الريفية البليدة الراكدة ليقذف بها في لجة التغيرات العاصفة مولدة براكين من السخط.وهو بأسلوبه والظروف المحيطة علة بقاء واستمرار تأثيرات الفكر الغيبي. 
   معروف ان المؤسسة الدينية تعني مجموع المراكز المقررة"المراجع"ومؤسساتها العلمية"الحوزات"والمؤسسات الاقتصادية"املاك الوقف،الثروات الشخصية،والمؤسسات الاقتصادية الاخرى"،والمؤسسة الفكرية"الاجتهادات الفقهية السائدة،الآراء السياسية الاقتصادية التي تدرس في الحوزات"،المؤسسة الجماهيرية"المقلدين والاتباع والاتقياء الورعين من المراتب الدينية ومن الناس..".والمؤسسة الدينية – مؤسسة انتاج فكري تخضع للطبقة المهيمنة على الانتاج المادي،وتتميز بمصالح مادية مغايرة لمصالح الجماهير الشعبية،وتنخرط في علاقات الملكية القائمة لنجدها اما مالكا اقطاعيا"الاوقاف والحبوس"او طرفا منخرطا في العلاقات الرأسمالية،وهي تضم مراجع كبيرة رئيسية ومجتهدين وحجج اسلام واتباعا واتقياء ورعين،وهي ليست كلا متجانسا ولعبت على امتداد التاريخ ادوار متفاوتة في السعة والمضمون السياسي والاجتماعي.
   ان سبل حصول المؤسسة الدينية على اسباب العيش يلعب الدور المهم في تحديد سلوكها السياسي والاجتماعي الاساسي،وان نشوء تيار سياسي ديني هو من صلب المؤسسة الدينية،ويمكن ان يحظى باستقلالية نسبية في ظروف المعارضة عن مجموع المؤسسة،الا انه يضطر الى ان يأخذ بنظر الاعتبار مصالح مجموع المؤسسة الدينية عند وصوله الى الحكم!والمؤسسة الدينية مجموعة ضغط مستقلة وقوية نسبيا،وهي في البنية السياسية تعين قواعد السلوك التي يجب ان يتبعها المجتمع والدولة في اتخاذ القرارات.وغالبا ما تستخدم الشعارات الدينية السياسية لتغطية المصالح الشخصية للزعماء السياسيين والدينيين الذين يعتمدون على تقاليد الدعم العشائري او الديني. 
    لم تدن المرجعيات الدينية التقليدية الكبرى والجيل الاقدم من "العلماء"المحافظين الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها ثورة 14 تموز المجيدة بشكل مباشر وعلنا،الا انها تحولت الى مهاجمتها والتعرض لقادة الثورة بشكل سافر عام 1960 حيث ارسلت البرقيات تلو الاخرى الى الزعيم عبد الكريم قاسم تطلعه ان الاصلاح الزراعي خرق للشريعة الاسلامية التي تحمي الملكية الخاصة،كما انتقدوا بصراحة قانون الاحوال الشخصية لعام 1959 والمساواة بين الرجل والمرأة في الارث وفرض احادية الزواج!يذكر ان شيوخ الاقطاع والعشائر كانوا يغرقون المدارس الدينية بأموال الحقوق الشرعية،وكانوا مصدرا ثرا للخمس- الضريبة الدينية!واستخدموا المنشورات لمهاجمة الالحاد والدعوة الى اعتناق الاسلام المحافظ،وفي شباط 1960 صدرت الفتوى الدينية المشهورة ضد الشيوعية!وهذه المواقف تدرج عادة ضمن الفكر الرجعي الذي عاود انبعاثه لتضرره الشديد من منجزات ثورة تموز.
   في نظر المؤسسة الدينية التقليدية شكلت الماركسية تهديدا للاسلام كعقيدة ومصدرا مقدسا للتشريع،وعدوها قوة اجتماعية من شأنها ان تهدد سلطة الدين الاسلامي على العامة من ابناء الحضر وابناء الريف،بعد ان بلغت درجة المشاركة الجماهيرية التي يقودها الشيوعيين حدود غير مسبوقة في تاريخ العراق السياسي،خصوصا في صفوف الطبقات الوسطى والدنيا والطبقة العاملة والصناعيين في المدن والفلاحين الفقراء في الارياف.
    انبعاث الفكر الرجعي في العراق بداية الستينيات من القرن المنصرم،لا يعود لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة،بل هو يعود في الأساس الى دوره القديم – الجديد كسلاح من اهم اسلحة الردة على مسيرة 14 تموز المجيدة،والتي بدأت طلائعها في الواقع السنوات الأخيرة للحكم القاسمي،وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين 1963،وذلك لاسباب موضوعية كثيرة اهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز،قيادة البرجوازية وبعض مراتب البرجوازية الصغيرة لحركة الردة،وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم(الاقطاع،البرجوازية العقارية الكبيرة،البرجوازية الكومبرادورية)والوسط الرجعي الجديد(البرجوازية الوسطى او الوطنية)وبعض مراتب البرجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية.والتكنيك الرئيسي الذي استخدمه الفكر الرجعي هو تكنيك(اللاديمقراطية)،بالترويج لنظم الحكم الفردية والمؤسسات السياسية القائمة على المبدأ الأبوي،مبدأ الوصاية على الجماهير الشعبية،وفلسفة وتبرير الاحتكار السياسي والقيادة الانفرادية.والشعار الرئيسي الذي ما زال يستخدمه للتغطية والتضليل هو شعار(معاداة الشيوعية)مع توسيع هذا المفهوم ليشمل جميع المؤمنين بالديمقراطية وسيادة الشعب والحقوق القومية والاشتراكية العلمية.
  هاجم الفكر الرجعي قانون رقم 80 وفكرة التأميم بحجج اقتصادية(خنق الاقتصاد الوطني)وقانونية(مخالفته للقانون الدولي العام)وعقائدية(اجراء شيوعي)– واقترح حلول تساومية مع الشركات النفطية(كمبدأ المشاركة الوطنية الاجنبية في الامتيازات).وفي حقل الاصلاح الزراعي جرى شجب فكرة القانون رقم 30 من حيث الأساس وتحميله مسؤولية تدمير الجهاز الانتاجي في البلاد،والزعم بأنه مشوب بالأفكار الماركسية والمساس بحق الملكية المقدس!ويطمس الفكر الرجعي التناقض الجوهري بين التنميـة الكومبرادورية(الاستثمار الأجنبي المباشر او المقنع،اعتماد المؤسسات الأجنبية والتابعة للقيام بالتنمية،تبني اسلوب الشركات الاستشارية والمقاولة،اسلوب المناقصات العالمية الرأسمالية …الخ)والتنمية الوطنية!ورفع هذا الفكر الوسطي في حقل العمل والسياسة الاجتماعية شعارات(المشاركة الاختيارية)كستار للاستغلال الطبقي للعمال،و(السلام الاجتماعي) كبديل عن الصراع الطبقي،و(طرق المزاملة في السيطرة الاجتماعية)كبديل لأشكال النضال الطبقي للطبقة العاملة … الخ.في هذا الاطار لقت افكار من قبيل الاقتصاد الاسلامي والاشتراكية الاسلامية والاشتراكية

65
العلوم والتكنولوجيا على ضوء وثائق المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي

                                                                                                                                  سلام كبة

    لم يفرد البرنامج الذي اقره المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي 8 – 13 ايار 2012 بندا خاصا معنون"العلوم والتكنولوجيا"،الا ان معظم بنود البرنامج ضمت اهدافا ومطالبات نابعة اصلا من ادراك الحزب الشيوعي ان الثورة العلمية التكنولوجية المعاصرة قد حولت العلم فعلا الى قوة انتاجية مباشرة لتسود المكننة والأتمتة،وليتمركز الانتاج ويتعمق تعاونه وتتآلف فروعه الأنتاجية،وهذا ما نتلمسه في"سياستنا الاقتصادية-الاجتماعية"،الضمانات الاجتماعية"،القطاع النفطي والاستخراجي"،"الطاقة والكهرباء"،"الصناعة"،"الزراعة"،"التشييد والاعمار"،"التربية والتعليم والبحث العلمي"،"الصحة"،"الموارد المائية"،"البيئة"،"الثقافة"،"الاعلام"،"الاتصالات"،"النقل والمواصلات"....الخ.
   لقد زودت الثورة العلمية التكنولوجية المصممين لا بالمواد التي يمكن الحصول عليها بل بالمواد التي يطلبونها،ومهدت السبيل لأحلال عصر الاختيار غير المحدود.اما المعلوماتية الحديثة فقد وفرت امكانيات التجريب والتحقق المسبق من مختلف المبادرات،وجعلت من الثورة العلمية التكنولوجية الشريك والحليف الأهم للثورة الأجتماعية،وعززت من فهم جدل تجديد العالم وجدل المكتسبات الأجتماعية والعلمية التقنية.
   هناك تأثير متبادل بين العلوم والتكنولوجيا!فالمعضلات التكنولوجية تشحذ الاكتشافات العلمية،التي تؤدي بدورها الى استحداث التطورات التكنولوجية الجديدة،الدافع والوسيلة للاكتشافات العلمية المعاصرة..وهكذا!وفي هذه العملية تكون الاختراعات والاكتشافات بالذات مادة وقوة ثوريتين تفعلان في تغير المجتمع،وتعملان كعتلتين للقضاء على المفاهيم القديمة الخيالية والمثالية والوهمية للطبيعة،واستبدالها بافكار جديدة احدث!،واكثر ملائمة.لقد بدا تاريخ العلوم كتاريخ تجاوز تدريجي للسخف،او استبداله بهراء جديد اقل سخفا،كما اكد انجلز في"رسالة الى ك. شميت" في 27 تشرين الاول 1890.
  الا ان الليبرالية الاقتصادية الجديدة تتجاهل مستويات التطور الاقتصادي في الاجزاء المختلفة من العالم،لأنها تستهدف فرض حرية الأسواق وحرية التبادل وضمان حرية حركة الرأسمال بصرف النظر عما تلحقه هذه السياسة من اضرار بالصناعات الوطنية وخلق حالة عدم التكافؤ والمساواة في العلاقات الدولية.‏ولا تعني الليبرالية الاقتصادية الجديدة سوى بتحقيق حكومة التدخل الاقل الممكن من جانب الدولة في الشؤون الاقتصادية،السيطرة على التضخم،الاستخفاف بالبطالة وتجنب العمالة الكاملة،تعميم النزعة الاستهلاكية،الخصخصة،دعم حرية السوق!
  ادخلت الاساطير الصدامية واللاهوتية العراق في متاهات قاتلة هي اكثر بكثير من الفوضى التي تحدثت عنها المنابر المعلوماتية الاستشارية الدولية في فترة ما بعد حرب الخليج الثانية،والخطورة في الموضوع ادلجة هذه الاساطير في المراكز البحثية والاكاديمية العراقية!وتواجه بلادنا معضلة غياب الاستراتيجية الوطنية في مضمار العلوم والتكنولوجيا،والتي لا تخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية،حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية،بل هي قبل كل شئ مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع البرامج متوسطة المدى في ضوئها.كل ذلك يستلزم مايلي:
1.   تحرير الثقافة العلمية التقنية من قيود الفكر الواحد والرأي الواحد،ومن الجمود والانغلاق وكل سمات الفكر الشمولي،وضمان عدم تسييس المؤسسات الحكومية المختصة بالعلوم والتكنولوجيا او تسخيرها لمصالح حزبية او مذهبية،ورفض تهميش العلماء وخبراء التكنولوجيا والمبدعين،واحترام استقلاليتهم،ورعايتهم وتكريمهم والاحتفاء بانجازاتهم.
2.   ضمان حرية التعبير والنشر عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية،وتأمين  حرية الحصول على المعلومات وتداولها بما ينسجم و نصوص الدستور ومواثيق حقوق الانسان،وتحريم ما يحرض على التعصب والتطرف،عرقياً أو دينياً أو طائفياً،او على العنف،وتجسيد ذلك بتشريع قانون حرية التعبير وقانون حرية الحصول على المعلومات.
3.   التزام الدولة ادارة البحوث العلمية التقنية بتعاون وتنسيق مع الوسط الاكاديمي والمنظمات غير الحكومية،وتمويل النشاط والانتاج في هذا المضمار وما يتطلبه ذلك من مرافق حديثة في المحافظات كافة:مختبرات،مكتبات متخصصة،مراكز ومعاهد ومعامل بحوث وغيرها.وتشجيع دور الشركات وقطاع الاعمال العراقي الخاص للشراكة بتمويل مشاريع البحث العلمي ذات المردود الاقتصادي والعلمي الجيد!
4.   توفير المستلزمات التقنية العالية لوضع واقرار استراتيجية التنمية البشرية المستدامة الشاملة للعراق.
5.   ضمان دعم الدولة للمشاريع الصناعية ذات المكوِّن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة وذات الأهمية الاستراتيجية كالصناعات الكيمياوية والبتروكمياوية،والانشائية والصناعات التعدينية كاستخراج الكبريت والفوسفات.
6.   تنمية المفهوم التقدمي للثقافة التقنية،وحماية التقنيات الحديثة لرفع انتاجية العمل لاشباع حاجات المواطن في بلادنا،والحماية القانونية الصريحة للتقنيات الحديثة لانها ثروة وطنية،وتطوير المفهوم الشعبي عن دور واهمية التقنيات الحديثة عبر تكريس النهج والعقلية الديمقراطية التي تقر بالقانون وتحترم حقوق الانسان وتراقب سلوك الادارات العراقية.
7.   اعادة تأهيل وهيكلة وزارة العلوم والتكنولوجيا لتتولى ادارة،والاشراف على ميادين العلوم والتكنولوجيا في بلادنا بمرونة اكبر!والاستفادة من الملاك العلمي المتخصص في دوائر الوزارة لتأدية مختلف المهام البيئية بدلا من التعاقد مع شركات اهلية تعمل على تزويد الجهة المتعاقدة معها بنتائج مأخوذة من دراسات سابقة.
8.   ربط التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي،بحاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها!وصيانة حرمة الجامعات والمعاهد واستقلالها بما يعيد السمعة العلمية والاكاديمية للجامعة ومركز البحث العلمي،والاهتمام بتطوير التعليم العالي ومراكز البحوث والدراسات التخصصية.
9.   انشاء معاهد ومراكز البحوث والاقسام العلمية التي تتصرف تجاه التكنولوجيا الحديثة بروح المسؤولية ومعالجة افتقار بناها التحتية الى الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية واعادة تأهيلها!
10.   المحافظة على الكوادر العلمية والتقنية والمهارات ورعايتها وتشجيعها،وتوفير الاجواء المناسبة المعيشية والمادية للكفؤ منها،وتمهيد الطريق لعودة الكفاءات العلمية واستقطابها،والاستفادة القصوى منها في عملية التنمية.
11.   الوعي المعرفي عالمي المضمون ومنفتح يستلزم تعاونا على الصعد الوطنية والاقليمية والدولية لحل معضلاته بالتنسيق اساسا مع الأمم المتحدة والهيئات الدولية لاستيعاب آخر المنجزات الحديثة.
12.   تشجيع المشاريع والبحوث الهادفة الى تطوير مصادر الطاقة البديلة،كالمياه واشعة الشمس والرياح والمخلفات العضوية(البايوماس)وغيرها.
13.   توظيف العلوم والتقنيات المغناطيسية الصديقة للبيئة،والمياه المغناطيسية،في المجالات الصحية والطبية والبيئية المختلفة ولايجاد حلول لمشاكل نقص المياه والمتعلقة بالزراعة.
14.   اعتماد استراتيجية وطنية لقطاع الليزر ومشاريع تكنولوجيا النانو لتحسين مستوى الاداء،وادخال الطاقات الجديدة في الانتاج،والتغلب على معضلة قلة التخصيصات!
15.   وضع وتنفيذ برامج وطنية عاجلة  للتخلص من نفايات الحرب السامة والألغام المزروعة في مختلف مناطق البلاد،ومن بقايا وآثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية،وتنظيف البيئة من نفايات المواد المشعة والكيمياوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب،والافادة في ذلك من دعم المجتمع الدولي.
16.   جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من الاسلحة النووية والكيمياوية والجرثومية،مع تأكيد حق الشعوب في استخدام الطاقة النووية للاغراض السلمية .
17.   مطالبة المجتمع الدولي،بإسم الحياة والانسانية،بالضغط الفعال للتمهيد لعقد معاهدة شاملة يحظر فيها استخدام الكيمتريل في الاعمال العدائية والعسكرية والتهديد به كسلاح للتدمير الشامل،وتلزم جميع المؤسسات العسكرية في العالم التقيد بها!
18.   انشاء محطات تصفية وتدوير النفايات لحماية المياه والأجواء من التلوث بالنفايات الكيمياوية والمياه الثقيلة وغيرهما،والاهتمام بالطمر الصحي،وتوفير الدعم اللازم للاسراع في تنفيذ برامج حصر المناطق التي تعرضت للتلوث وتنظيفها.
19.   انشاء مراكز البحوث والاقسام العلمية التي تتصرف تجاه تكنولوجيا الاسكان الحديثة بروح المسؤولية،ومعالجة افتقار بناها التحتية الى الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية واعادة تأهيلها!ومساهمة وزارة العلوم والتكنولوجيا في توجيه التطور العلمي – التكنولوجي في هذا المضمار بالتعاون مع القطاع الصناعي والوكالات الحكومية وغير الحكومية!
20.   حماية تراث الشعب العراقي وبلاد مابين النهرين وحماية موروثاتها وآثارها من الضياع والتلف وتحديد مناطق بلادنا ذات الأولوية في هذا المضمار والتي تتميز بغطاء احراجي كثيف متدهور ورموز سياحية أثرية وتجمعات سكانية متضررة او فقيرة!والاسراع بتشريع قانون لحماية التراث العمراني والحضري يصون الموروث المعماري والمبانى التراثية والمفردات المعمارية ذات الخواص المعمارية والتاريخية والثقافية التي تحكي احداثا معينة،والنسيج العمراني والساحات العامة والمجاورات السكنية والمواقع التي تمثل القيم الثابتة التي بنيت عليها ثقافة السكان،يصونها من العبث وفوضى التوسع العمراني.
21.   الاحتفاظ بالملكية العامة للبنى التحتية لقطاع الاتصالات نظراً لطبيعتها الاستراتيجية،وضمان جودتها والاستخدام الكفوء والاقتصادي لها مباشرة من قبل الدولة أو بالشراكة مع القطاع الخاص وفق صيغ تعاقدية مناسبة.
22.   اعتماد سياسة تنويع سلع الاتصالات الثابتة اللاسلكية والهواتف النقالة وسلع الانترنيت المنتجة محليا واستخدام الخامات الوطنية أساسا للانتاج وتقليص اعتماد السوق على ايراد قطع الغيار الضرورية من الغرب،وتأهيل الشركة العامة للصناعات الالكترونية لتأخذ على عاتقها جزء من هذه المسؤولية.ومن الضروري مراقبة تقنيات الاتصال التي تستخدمها  شركات الهاتف النقال وشركات الاتصال اللاسلكية،لأن العقود الحالية مع هذه الشركات تخلو من الشروط التي تضعها عادة الجهة المتعاقدة على الشركات لتطوير اجهزتها وتقنياتها لتقديم افضل الخدمات!
23.   رفع القيود التي تحاصر الاتصالات المتطورة والاقمار الصناعية التي تزيد من عدد ودور المشاركين في قضايا بناء الرأي العام،وتهدد شئنا ام ابينا،عاجلا ام آجلا،هيمنة الهرميات التقليدية والسلطات على بناء هذا الرأي،وبالتالي تسهم في تطوير ديناميكية اجتماعية تضغط بقوة في سبيل دمقرطة صيرورات اتخاذ القرار.وتزيد الاقمار الصناعية والطيران الكوني من السيولة المعلوماتية وتزعزع الافكار اللاهوتية والشمولية والرجعية،اذا جرت الاستفادة منها لاستغلال خيرات الارض وثرواتها استغلالا عقلانيا لخير البشرية.
24.   اطلاق حملة وطنية لتبيان مضار فراغات المياه المعبأة البلاستيكية المستهلكة وانعكاساتها السلبية على البيئة والانسان،بهدف التخلص منها عبر مراحل زمنية متتالية،وتشكيل ميول شعبية معارضة.ومن الضروري ضمان حصول المعامل البلاستيكية على شهادات المطابقة الصحية والغذائية،والالتزام بالمواصفات الصحية العالمية ومطابقة جميع شروط السلامة البيئية عن طريق اختبار منتجاتها لدى معاهد عالمية معتمدة من قبل هيئات دولية.
25.   ايلاء اقصى الاهتمام بالسدود التجميعية للمياه واستثمارها الامثل ودعم المشاريع التنموية المولدة للدخل.
26.   انشاء المحميات الطبيعية للحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.
27.   الاسهام في معالجة الضوضاء البيئية او التلوث الضوضائي،السمعي والمرئي والمعلوماتي،باعتبارها نوع من انواع العنف غير المبرر وغير المرئي يؤدي الى الشعور بالعجز بينما يحق للمواطن ان يحظى بالهدوء والحياة الهانئة.التلوث الضوضائي – عمل ارهابي في وضح النهار لانه فعل عنف موجه حصرا ضد المدنيين والمدنية والمجتمع مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية التي تمتلكها المصادر الضوضائية!من المفيد التأكيد ان الهواء والمياه لازالتا ملكية عامة،والضوضاء هي اغتصاب لهذه الملكية مع سبق الاصرار!
28.   اجراء التعديلات الضرورية على القوانين البيئية السارية وتشذيبها من الاغراض النفعية الضيقة!
29.   تنمية الثقافة المرورية الاحصائية وتحشيد الوعي المروري الوطني بعد ان عبث البعث بهما العقود الكاملة!
30.   تعظيم القيمة المضافة من استغلال الغاز الطبيعي في تصنيع الاسمدة النتروجينية واستغلال الموارد في تصنيع الاسمدة الفوسفاتية لاسناد وزارة الزراعة والنهوض بالنشاط الزراعي في العراق!
31.   معالجة ظاهرة الامطار الحامضية بمعادلة الانهار والبحيرات الحامضية والاراضي الزراعية بمواد قلوية،وايجاد نظام متكامل متطور للرقابة البيئية!
32.   دعوة الدول التي شاركت في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق الى اتخاذ خطوات حقيقية للتخفيف من معاناة العراقيين من مياه الشرب غير الآمنة،والضغط على الامم المتحدة لتمويل وتفعيل دور الهيئات الانسانية ذات العلاقة،باتجاه مواكبة متطلبات الخدمات الاساسية والصحية.
33.   الاهتمام بدراسة التلوث الناجم عن المياه الداخلة من دول الجوار والمتشاطئة مع بلادنا،واجراء جميع الدراسات الخاصة للمياه على ان يكون هناك تعاون بين  الوزارات ذات العلاقة،خاصة وزارات الصحة والبيئة والعلوم والتكنولوجيا والجامعات للحد من مشكلة التلوث او تقليلها في الاقل.
34.   تشجيع البحوث المختلفة التي تساهم في تطوير الانتاج الزراعي،سواء بايجاد البذور المحسنة وايجاد السلالات المقاومة للامراض والمقاومة للظروف البيئية،او بمكافحة التصحر ومعالجة ملوحة التربة واستصلاح الأراضي الزراعية وبساتين النخيل والغابات والعناية بالبستنة والاهتمام بشبكات الري والبزل!
35.   ايلاء الاهتمام الكافي بالخدمات الصحية ومؤشرات الامن الصحي،وتطوير الطرائق التقنية للرصد الوبائي والاهتمام الخاص بالأمراض المشتركة.
36.   الترجمة الحاسوبية صناعة ناشئة ودعمها يتطلب الاستثمارات اللازمة وتولي الهيئات الوطنية المتخصصة مسؤولية صناعة الترجمة الآلية،اي احتضان القطاع العام لهذا الميدان الحيوي الهام،مع تحفيز القطاعات الاقتصادية الاخرى لارساء اسس سليمة لصناعة الترجمة الآلية في بلادنا.
37.   تنظيم وتسجيل الثروة الوطنية العشبية وخاصة الاعشاب الطبية(بنوك عشبية)وبناء نظام للتوثيق العلمي والتقني لها.
38.   الاهتمام بصناعة الموسيقى الالكترونية.
39.   تشجيع الاجراءات المجتمعية والاقليمية للحد من الاحترار العالمي وتخفيض الاضرار التي قد يتسبب بها!



بغداد
15/6/2012

66


اشباه المثقفين والقادسيات المليونية في العراق

                                                                                                                                   سلام كبة
 
   يدخل نوع النشاط العملي الاجتماعي في اسس العوامل المحددة لنوعية النشاط الثقافي والفكري بمختلف اشكاله ولنوعية المشاركين في هذا النشاط،والعلاقة بين النشاطين علاقة موضوعية عضوية يؤكدها تاريخ المعرفة في العالم!وباتت الثقافة بمختلف اشكالها وظاهراتها في بلادنا ميدانا رئيسيا من ميادين الصراع بين الرجعية وبين قوى التقدم الاجتماعي،فازدادت المكانة الفعلية للثقافة في مجال النضال الوطني التحرري والاجتماعي،واصبح دور المثقفين اكبر جحما واعمق تأثيرا!ومنذ 14 رمضان الاسود وحتى يومنا هذا،تفرض الطبقات الرجعية كلمتها القذرة النتنة على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب العراقي ثمنها من دماءه الغالية ويتحمل اعباءها المادية!وسفسطائية الحكم الحالي هي امتداد لحركات الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الراسمالية!!
   كان العراقيون بتاريخهم الزاخر بالثقافة والفن والادب نبراس لكل حضارات العالم رغم كل حقبات الموت والدمار،وتعاظم تشبث مثقفو العراق بالثقافة مع التجاهل والاهمال والاستهانة،في ظل غياب ادراك النخب السياسية الممسكة بمقدرات البلاد لاهمية الثقافة واهمية دورها وحضورها في حياتنا وفي اعادة بناء الانسان والمجتمع والبلاد والنهوض به وبهما،خاصة ان بلادنا تخوض جحيم معاركها القاسية اليومية المتزامنة،ضد العنف والارهاب والظلامية والتطرف والتعصب والفساد ومخلفات الاحتلال،ومن اجل رص قوى المجتمع الحية في مواجهة قوى الخراب والانهيار الرجعية.
   الثقافة لا تصنعها الدولة ذلك ان من يصنعها هم المثقفون انفسهم،الدولة يمكنها ان تساهم سلبا او ايجابا في انعاش طراز معين من الثقافة،لكن صناعة الثقافة يقوم بها المثقفون انفسهم،بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والأهلية،وهي نتاج تحول اجتماعي وشاهدة عليه،وهي منجزات فردية بالدرجة بالاولى.وفي بلادنا،كانت عوالم الفكر والادب والفنون والثقافة بشتى اشكالها فرصة للتشويه والالزام والتسفيه طيلة العقود الماضية مما اورث مجتمعنا تقاليد مريضة وغير صحية طغت على التقاليد الانسانية والاصيلة للثقافة والفنون والفكر والابداع،واتخذت حكومات ما بعد التاسع من نيسان،بادئ ذي بدء،هي الاخرى،موقف المتفرج الواعظ من المثقف فيما عدا شذرات من الجهد الجاد هنا وهناك،اعقبتها محاولات التدخل الحكومية البائسة لتحويل الدولة الى مركز عصبوي جديد استبدادي بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني،مما جعل الوسط الثقافي يعج بأنصاف المثقفين،بالموتورين من الحثالات الثقافية - القطاعات الثقاقية المنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.اهتراءات الحياة السياسية التي عاشها العراق همشّت الثقافة العراقية والمبدعين الحقيقيين واشترت ضمائر كتاب آخرين واقصت العلماء والأدباء والفنانين الرائعين،وانحدر مستوى الثقافة التي بناها المئات من المثقفين لأجيال الى ادنى مستوياتها في العقود الأربعة الماضية ولحد الآن!
   يدرك مثقفو العراق انه لا اعمار للوطن من دون اعمار الثقافة – مؤسسات وبنى تحتية ومنابر ومرافق وموروثا عمرانيا وثقافيا،ومن دون صيانتها وتطوير فاعليتها وتأثيرها في المجتمع،ونشر المزيد منها في عموم البلاد،وتحويلها الى جزء اساسي لا يتجزأ من حياة المواطنين اليومية،ووضع حد للأهمال المحيط بمنتجي الثقافة،ومطوري ومكثري انجازها ونشطائها،من المثقفين الذين يضعون ابداعهم ومواهبهم وجهودهم وانفسهم في خدمة شعبهم ووطنهم.ويتسم المثقفون بالتحدي ويقظة الضمير والأصرار على التطوير والابداع،وسعة المدارك،والاحساس بالمسؤولية واستقلالية الرأي،ويمتلكون رؤية واضحة ومعاصرة للواقع الراهن وآفاق تطوره والايمان بقيم الحرية والعدالة الأجتماعية،غايتهم البحث عن الحقيقة المتغيرة في كل زمان ومكان،مع دقة التحليل للقضايا وصرامة النقد للطروحات وكشف العيوب الاجتماعية وفضح الانحرافات السياسية والفساد!ولا يمكن تصور مثقف لا يتفاعل مع قضايا عصره وشعبه ومجتمعه ولا يقلقه مصير البشرية.والمثقفون اعداء حقيقيون للعزلة الثقافية والتعالي والتكبر والتفلسف والتعجرف والانانية والتنصل من الالتزامات الادبية،ويدركون ان هدف الثقافة هو نشر الفكر الخلاق والوعي المتيقظ وزرع الثقة لدى الآخرين لاستيعاب التجدد وايجاد قاعدة ثقافية تستوعب المجتمع بأسره،اي جعل الثقافة زادا خفيفا يهضمه ابناء الشعب ووسيلة للتنوير والارتقاء الروحي وشرطا لتطوير المجتمع وأنسنته!
   اما انصاف المثقفين واشباههم فهم كالعملة المزيفة بين ارباب الصناعة والمعرفة،ثلة من المحسوبين على شؤون الثقافة والفكر والعلم،من اصحاب الفكر المحدود والثقافة المحدودة الفارغة التي لا تمت للمنطق بصلة!اصحاب انامل غير متمرسة على الكتابة وغير صادرة عن عقل واع وعاطفة صادقة او حباً بالانسان،لينعدم  الأدب الانساني ويحل محله ادب شوفيني طائفي انتهازي وصولي يكره الصدق ويؤمن بالكذب والدجل!انهم يطلقون الوعود ويفبركون الادعاءات ويخدعون الرأي العام بالكلام المعسول والتصريحات الجوفاء ويلجأون الى اساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية،من (الشطار) الذين يعرفون من اين يؤكل الكتف وخبراء فى التضليل والتزييف،يتزببون قبل ان يتحصرموا،ويسمونهم ايضا مثقفو النقطة – اي يتنقلون بين العناوين او يعلمون نقطة من كل بحر!تراهم يهرعون وراء المغانم ولذة السلطة،تلوثوا بتلميع صورة الحكام،ويتبنون سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والارضاء والاغضاء وشل روح المقاومة والاحتجاج والمطالبة بالحقوق،سياسة تركيع الارادات واشاعة الخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي،والتهميش والاقصاء ومحاولات اسكات الاصوات واستغلال عوز الملايين ومعاناتهم ولهاثهم وراء لقمة العيش لتيئيسهم،وبالتالي خلق الاستعداد لتنازلهم عن حقوقهم.انهم روزخونيون سفسطائيون نفعيون مدعو معرفة وثقافة وهرطقة على ابناء الشعب،حتى استحلى الواحد منهم يكذب الكذبة في الصباح ويصدقها عند المساء،ثم لا يكاد الصبح يتنفس حتى يستعين هؤلاء الاقزام بشياطين الأنس والجن لينثروا علينا كذبة اكبر من سالفتها هي ادهى وأمر!!
   اشباه المثقفين آفة مجتمع العلم والمتعلمين،وهم وصوليون يتحدثون بأسم النظام والحكومة،ومن خريجي مدرسة ثقافة(حاضر سيدي)و(سمعا وطاعة)!ببغاوات يرددون كلمات الآخر دون ان يكون لهم رأي أو ملاحظة عليها،لا يحترمون ثقافة الأخرين ان كانت توافقهم أم تعارضهم،وهم فرسان الحوار من اجل فرض الرأي وليس حرية الرأي،ويتبارون ظهوراً شاخصًا حتى غدا الواحد منهم ما بين عشية وضحاها وجها اعلاميا بارزا!!اقزام امتهنوا التحريض الطائفي والقومي الشوفيني،يتربعون موائد الفكر والثقافة والعلم ويبسطون آراءهم تارة بالقول المسروق وتارة بالتنظير المكرور،وخلفهم طابور طويل من المطبِلين والمصفقين فأضحوا ما بين غمضة عين وانتباهتها في عداد المفكرين والباحثين والمثقفين وحتى اساتذة الجامعة وعمدائها،بل الوزراء واصحاب النفوذ!لا يعرفون غير الوشاية والتجسس والسرقة والتهريب والحصول على مناصب لا يستحقونها،يهددون بقطع الارزاق،ويوزعون البركات على المبتذلين،لا من جيوبهم الخاصة،بل من بيت مال الوطن وجيوب المواطنين المنكوبين.لا يستحون ولا يخجلون!وكيف لهم ان يخجلوا،وقد هيأت لهم السلطات وهيأ لهم اتباعهم عقد الندوات والقاء المحاضرات وصناعة التتويج من اعالي المنصات؟!كما صنع لهم الفاشلون اصوات مسموعة يكشفون بهم سوءاتهم فيما يطرحون وما يقولون؟!وكيف لهم ان يقروا بفشلهم،والايام تلد لنا كل ساعة جيشا من هؤلاء حتى تضخمت ذواتهم فصدق البعض منهم صوته النشاز بعد ان طبل له المطبلون،وزمر له المزمرون فغدت ال(انا) تنمو وتنمو حتى اصبحت:انا ربكم الاعلى!!
    وتبتلي بلادنا اليوم بأشباه المثقفين من انصار ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الروزخونيات الايمانية المليونية والرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات،ثقافة اشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية، ثقافة الفساد.انهم حقا مدرسة مشاغبين يزحفون كالجراد الذي يجعل الحياة هشيما،ويمثلون المصالح الثقافية للبورجوازية الصغيرة المستترة غالبا بستار الفكر الشمولي،القومي والطائفي،والمتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار"ومنها الاحتكار السياسي"والمنجرة عمليا الى مواقع الرجعية اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية والوحدة الوطنية والاجراءات التقدمية ولجميع التحولات الاجتماعية،وهم يعانون من ازدواجية رهيبة بين الشعارات المعلنة وبين السلوك الحقيقي على الارض المعرقل لأي تطوير فعلي لحركة التقدم الاجتماعي،بسبب الاصرار على التفرد ومعاداة الديمقراطية.الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء عراقيون،ثقافة السلام وحقوق الانسان،الثقافة الوطنية الديمقراطية، نار على علم!لم و لا تنسجم مع اخلاقيات البعث والابتذال الحكومي في ضرورة مديح متطلبات الامن الوطني والقومي والقادة والزعماء وآيات الله الضرورة!
   صار الجهلة واشباه المثقفين وغير الادباء ادباء رغما عن الجميع،والمثقفون يتركون العراق ويهاجرون الى الخارج!وتبذل السلطات الحاكمة الجهد لنشر ادب المديح الانتهازي وفرض موضوعات معينة على المثقفين واذلال من لا يستجيب لها وفصلهم من وظائفهم او احالتهم على التقاعد او لصق تهم بهم هم براء منها!ويبدو ان ظاهرة انصاف المثقفين جزء لا يتجزأ من الردة الحضارية في العراق التي تتمظهر في  الفوضى والعنف والارهاب،والتي جعلت العراقيين ينخرطون في صراعات اثنية،ودينية،وطائفية،وحزبية ضيقة،اثرت بعمق على بنية المجتمع،وعلى العائلة والمرأة والطفولة.وتتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال وتفاقم مشاكل البطالة والفقر والامية والخدمات العامة والنقل والامن وتزايد الثراء وارتقاع نسب الوفيات من ضحايا الارهاب،وبسبب الامراض وسوء التغذية والفساد،وتعاظم التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب السيطرة عليها،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة والتي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام)!
   قبل ثمانينات القرن الماضي،كان القارئ العراقي الاكثر شغفاً بالقراءة في البلاد العربية،وقيل ان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ،اما الآن فلا تجد احدا يقتني كتابا اما لرداءة الكتب او لأنه لا يملك نقودا يشتري بها كتابا مهما رخص ثمنه،وملء البطن بالعلف الحيواني الذي يوزع بالحصة التموينية واقتناء الكهرباء من ديناصورات النشاط التجاري الخاص،اولى من شراء كتاب او البحث عن الثقافة عند العراقي المهان بالمفخخات والاغتيالات وحمايات المسؤولين الجرارة والميليشيات والمحاصصة الطائفية والولاءات العصبوية ومشاعر التمرد والضياع وعوامل الاحباط والتمزق والذل والجوع والتضخم والفقر وتوزيع الهبات على من ينال رضى السلطات وتبديد ثروة العراق الضخمة!
   ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر البشري الذاتي.والثورة المعلوماتية والتقدم العلمي التكنولوجي والتطور الانترنيتي والاقمار الصناعية،الغناء والموسيقى والباليه والسينما والمسرح والفن التشكيلي والمهرجانات الشعرية،الرياضة،الفكر الاكاديمي والبحث العلمي،كلها لا تعجب بالطبع الانظمة الشمولية وأعداء التقدم الاجتماعي لأنها تشعرهم  بالضعف والعجز عن التحكم بالناس ومراقبتهم!ان المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية لوثتا الشارع العراقي وسممت اجواءه الثقافية معتمدة على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع حلفائهما من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام.لقد سقط الطاغية صدام حسين ولم تسقط الولاءات والافكار الشريرة الخبيثة التي تعيق المسيرة الثقافية في بلادنا لتنتعش الولاءات الأصطفائية دون الوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية والشللية والمناطقية وليزدهر الفساد الذي يعيش اوج كرنفالاته اليوم.
    ثقافة القطيع الاقصائية مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية،من سياسات الاضطهاد الشوفيني والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب توتاليتارية القيادات الحاكمة!ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات،فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام!انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان! ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام والقمع!
    الثقافة الوطنية في بلادنا اصيلة في نهجها النزوع الى التغيير وفق متطلبات تطوير التجربة التاريخية،وفضح طرائق تبرير النكوص الى الماضي وتقديسه ونفيه وتفريغه من محتواه بدعوى تجاوزه والانتقال من اصولية مقنعة الى اصولية سافرة،وفضح المواقف الجامدة الآيديولوجية الرجعية باطلاق العنان للفكر وتحريره من اسر الادلجة.والثقافة الوطنية في بلادنا اصيلة بفضحها النهج الذي يقاوم رياح الانفتاح والتغيير ومحاولات التكيف والاندماج مع متطلبات العصر،والنهج الذي يترجم النصوص الدينية ويفسرها على هواه وحسب مصالحه ليستخرج منها خطابه السياسي والتعبوي الذي ينوي به السيطرة على المجتمع وتحويله بالقوة والعنف الى مجتمع يتماشى مع  مخططاته ورؤيته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والآيديولوجية،اي برامج لا تختلف عن التوجهات الدكتاتورية ولكن بأوجه والوان واسماء مختلفة.الثقافة الوطنية في بلادنا اصيلة بفضحها نهج الهيمنة الشمولية على تفكير الرأي العام والسيطرة على ردود افعاله عبر عملية غسل الدماغ المنظمة والمدروسة،واصيلة بفضحها الحركات والافكار السياسية التي تسعى الى اقامة الدولة الاسلامية والدولة الطائفية بهذا الشكل او ذاك،كما هي اصيلة بفضحها محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية وبفضحها محاولات اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده - العمل الخطيرالذي ينذر بالكارثة المحدقة لصالح تسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم وفي السعي للابتلاع الحكومي لوسائل الأعلام!
   رواد المشروع الوطني الديمقراطي والثقافة الوطنية الديمقراطية لا ينكرون وجود الهويات الفرعية(العرقية او الطائفية)،لكنهما بالمقابل لا يكرسان هذه الهويات  بديلا تتماهى في كنفه الهوية الوطنية والتضامن الجمعي والرغبة في العيش المشترك.الثقافة الوطنية الديمقراطية تقوم في مقامها الاول على قاعدة هدم النظام التراتيي(التفاضلي)الموروث ليحل محله نظام يحترم حق المواطنة والانتماء للوطن،وحق الفرد في اختيار وجوده،اشاعة وتكريس ثقافة الحوار والتسامح ونبذ ثقافة الاقصاء والتعصب والعنف،تحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في الفعاليات والانشطة المختلفة للمجتمع سبيلا لتوسيع مساحة المشاركة السياسية كرافد حيوي للمشروع الوطني الديمقراطي،تعريف المواطنين بحقوقهم وحرياتهم وواجباتهم وحثهم على التمسك بها والدفاع عنها وتكريسها في سلوكهم اليومي اي توفير الوقود المجتمعي للمشروع الوطني الديمقراطي،ترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والطائفية او الطبقية والسعي الى نبذ ثقافة التعصب والاستعلاء،غرس روح المواطنة واعلاء شأن الهوية الوطنية على حساب كل الانتماءات الفرعية والتشجيع على التمسك بالوحدة الوطنية.الثقافة الوطنية الديمقراطية تحفز الصحوة"المدنية"وعودة الوعي"المدني"واستيقاظ الضمير"المدني"،وتراجع الافكار والمواقف الدينية المتشددة في عراق المحبة والخير والسلام.
   ثقافة السلام وحقوق الانسان تتناقض مع ثقافات سوق مريدي والارهاب والفساد والتطرف والعنف وانهاء الآخر وتهديد الادباء بحجة عدم مساهماتهم  في المناسبات الدينية والثقافة الطائفية.تبدو الأهمية الفائقة للثقافة الوطنية والديمقراطية - الحاضنة لكل التيارات القادرة على بلورة الهوية العراقية الوطنية الامر الذي يستلزم:
•   تولي الهيئات الوطنية المتخصصة ووزارة الثقافة مسؤولية كبح جماح محاولات تهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى،والرهان المستمر على المرجعيات الطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني،لا على قدرات النخب الثقافية الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية في مجال صياغة الأفكار وإنتاج التصورات لإثراء الحوار حول كبريات القضايا التي تواجه بلادنا،والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل.
•   الكشف عن حملات التصفية والاغتيالات والابتزاز والخطف ضد حملة الثقافة من مفكرين وعلماء وكتاب وشعراء وفنانين ومبدعين آخرين،ومحاولات تصفية النشاط الإبداعي وتأمين متطلبات نمائه وتعميق طابعه الديمقراطي واغناء جوهره الإنساني.
•   الاحتجاج بشدة ومعارضة كل المحاولات الرامية الى تركيع الثقافة العراقية والفكر العلمي والحر من خلال تشغيل اسطوانة الافكار الهدامة!
•   بلورة الصيغ والتشريعات القانونية التي تكفل حرية الثقافة والإبداع،وتستبعد كل ما يمكن أن يقيدهما،وتهدف إلى وضع ثمارهما في متناول سائر فئات المجتمع،وتعتمد ميثاقا ينظم نشاط مهنة الاعلام ويلزم العاملين فيه باحترام قيم ومعايير الحوار والمصداقية والدقة والابتعاد عن التحريض وإثارة النعرات وكل ما يلحق الضرر بالوحدة الوطنية.
•   تشجيع المنظمات الثقافية غير الحكومية ومساعدتها على النهوض بدورها في التنمية الثقافية.
•   العناية باختيار الكادر القيادي لوزارة الثقافة والمؤسسات الاخرى المعنية.
•   تأسيس المجلس الوطني للثقافة والفنون.
•   حماية الموروث الثقافي المادي - من آثار ومبانٍ تراثية ومعالم تاريخية ومخطوطات ومطبوعات وغيرها - والشفاهي، والحفاظ عليه.
•   لا تحل القضية الرياضية الا باشاعة ثقافة الأمل والتنوير والاسهام الفعال في اعادة اعمار العراق الجديد،لا عراق الظلام والتخلف والشلل والخنوع.وتسعى الرياضة الى غرس مبادئ الوطن للجميع والدين لله،العمل باخلاص لخير المجتمع،الاهتمام بحماية الثروة العامة وتنميتها،عدم التسامح حيال الاخلال بالمصالح العامة،الروح الجماعية،العلاقات الانسانية والاحترام المتبادل،الاستقامة والصدق والصفاء الاخلاقي والبساطة والتواضع قي الحياة العامة والشخصية،احترام العائلة وتربية الاطفال،مكافحة الفساد،الصداقة والاخوة والتضامن بين الشعوب،ثقافة السلام!
•   ان عودة الوعي الى المعلم والمربي والتربوي والمثقف الذي سلبته السلطات القائمة من حرياته واستسلم لها بداعي عدم تيسر منافذ اخرى له لا تكمن في الخروج من قوقعة الهموم الذاتية الرومانسية فحسب بل في الانضمام الى فيالق المناضلين في سبيل فضح ومقاومة البدع والمزاعم والاكاذيب والدجل الروزخوني والعودة الى عالم الحياة والواقع الموضوعي.
•    المؤسسة الاكاديمية روح المجتمع المدني الحديث وقلبه النابض يشغل الاكاديميون موقعهم الطبيعي فيه عن طريق المهنة – الاختصاص أو من خلال  أدوارهم السياسية كمواطنين مشاركين في الشأن العام او عبر نشاطهم في الحركة الاجتماعية والنشاط الثقافي والمنظمات غير الحكومية.المؤسسة الاكاديمية وطنية ديمقراطية الطابع وحرة ذات شخصية متميزة،وهي جزء من حركة شعبنا الوطنية لا تنفصل عنها وتناضل من اجل سلامة العمل الاكاديمي والثقافي في بلادنا.




بغداد
15/6/2012


67
العراق بين العبث والديماغوجيا السياسية

                                                                                                                                        سلام كبة

   ثقافة السلام والمؤسسات والقانون والدستور لا تعني السماح للمواطنين بأمتلاك قطعة سلاح في منازلهم كما جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي للحكومة علي الدباغ،وبالتالي الالتفاف الحرفي او المهني المخادع على قانون الأسلحة الذي اقره مجلس النواب"لم يسمح بحيازة الأسلحة للمدنيين"والتوجهات نحو حصر السلاح بيد الدولة العراقية.وثقافة السلام والمؤسسات والقانون والدستور لا تعني احياء الفصائل الميليشياتية مجددا وقوتها المنفلتة المتمثلة في السلاح وتجار السلاح والسماح لها بالاستعراضات العسكرية ومباركة الحزب الحاكم لها بحضور من يمثله رسميا!"الميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق على طريقة عباس المحمداوي وحزب الله وعصائب اهل الحق.."!وتكديس السلاح وتجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحات مريضة!
  لابد مجددا وتكرارا  للدولة والمؤسساتية المدنية من تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات!
1.   الميليشياتية في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية عموما لعسكرة المجتمع وتحويله الى ثكنات عسكرية بمعنى الكلمة!والميليشيات المسلحة دولة داخل دولة،لأنها تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،وهي تفرض ارادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!
2.   تعكس الميليشياتية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال وتصحيح المسار السياسي!ليتحول ابناء الشعب الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!
3.   الميليشيات وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها السياسية،وأساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع،فانها ظاهرة غير صحية بل ظاهرة كارثية لا يمكن ان تستقيم الامور وتسير العملية السياسية وتترسخ الممارسة الديمقراطية بوجودها،اذ ان هذا الوجود يؤشر ايضا الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!
4.   تعتمد الميليشيات سيادة الدولة والقانون والديمقراطية في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،ولها اسماء والقاب كثيرة!ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم. 
5.   تعاظم دور الميليشيات يؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا عن خروج مجاميع متطرفة منها على السيطرة،تمتهن الاجرام والقتل والخطف"والعلس"..الخ.
6.   الميليشيات كذراع عسكري لمنظمات واحزاب سياسية او كأدوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة،يجري توظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي!
7.   تشيع الميليشيات المسلحة من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع وتستطيع ان تقتل وتذبح،وانه لايمكن تجاهلها،والهدف من هذه الاعمال تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين.
8.   اختارت الامبريالية الامريكية الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم لقدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة وقاوم خططها مع ثورة 14 تموز 1958 المجيدة!
9.   لا زال العراق يحتل اليوم مرتبة متقدمة بل المرتبة الثانية في قائمة الدول الاقل استقرارا في العالم،ويأتي بذلك حتى قبل الدول التي خربتها الحروب وضربتها المجاعات مثل الصومال،زيمبابوى،ساحل العاج،الكونغو،أفغانستان،هاييتي،وكوريا الشمالية،وفقا لمؤشر الدول الفاشلة الذي يصدره"صندوق السلام"و"مجلةالسياسة الخارجية".
10.   تنامي واتساع قوة المعارضة الوطنية المسلحة،كما ونوعا،وبالاخص البيشمركة وحركة الانصار الشيوعية في ثمانينيات القرن العشرين جاءت بسبب عنف وارهاب دكتاتورية الطاغية الارعن،وتحولت حركة الانصار الشيوعية من منظمة حزبية عسكرية الى حركة جماهيرية في المدن الكردستانية،ولولاها لما جرى استخدام الاذاعة لايصال صوت الشعب العراقي يوميا الى الجماهير الواسعة في بلادنا.
11.   ان تجار ومهربي الاسلحة يستغلون عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!
12.   لا هيبة للدولة واجهزتها ايضا مع تحول العشائر المسلحة ومجاميع"الصحوة"الى ميليشيات واعادة تأجيج الاحتقانات الطائفية!ان من أهم واشد المصائب التي تهدد الأمن الداخلي هي كثرة وانتشار السلاح بيد خارجة عن سلطة الدولة!
13.   تسليح الاهالي والشارع بأنواع الأسلحة وبشكل مقنون ورسمي خطوة ذات ابعاد خطرة قد تقلب الطاولة على الجميع بمن فيهم الحزب الحاكم!
14.   بعض الأسلحة التي يجهز بها الجيش العراقي،وهو جهة نظامية،يتسرب الكثير منها الى جهات مجهولة وغير نظامية او غير مركزية،وحتى الى فلول البعث المرتبط بعناصره المضادة للعملية السياسية والى تنظيمات القاعدة.
15.   الحكومة العراقية تعلن ليل نهار انها ضد الميليشيات،وتعتبر"الصولات"من انجازاتها،ويوجه القائد العام للقوات المسلحة قوات الجيش والشرطة بمنع التجمعات ذات الطابع العسكري وعدم السماح بإستغلال المناسبات الدينية والقيام بممارسات لا تتعلق بالزيارات في جميع انحاء البلاد،هذا من جهة.وتبارك الحكومة الاستعراضات العسكرية الصديقة المحظورة وغير الرسمية واللا نظامية من جهة اخرى،وبالتالي تسهم في تصعيد التناقضات الخطيرة القاتلة وزعزعة الاستقرار والأمن في البلاد.
16.   لا هيبة للدولة واجهزتها مع انفلات واتساع نشاط الميليشيات،بل ان قوة السلطة وتمكنها من توفير الأمن يمر عبر اجراءات فعالة لحل الميليشيات سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق القانون رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات التي تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما!
17.   الى جانب الميليشيات السائبة تتواجد الميليشيات المسلحة المنضبطة شكلا وبهتانا المتمثلة بالشركات الأمنية والحمايات الجرارة للمسؤولين!
18.   يحاول البعض المغفل تصوير الشركات الأمنية كميليشيات عصرية وتقليدها في الهيكلة والاعداد والجاهزية!وقد ازداد الطلب على خدمات الشركات الأمنية رغم المحاذير العديدة على نشاطها وخصوصا تلك المتعلقة بغياب القوانين التي تلزم منتسبيها،وغياب القواعد التي تحدد شروط تعيين افراد هذه الشركات.في العراق زاولت هذه الشركات مهام امنية،وجميع العاملين فيها هم من الجنسيات غير العراقية ويملكون المعلومات الرسمية الدقيقة عن بنى الدولة العراقية بجميع هياكلها ومفاصلها نتيجة عملهم في بناء المفصل الاستخباراتي للدولة.وهم مرتزقة بمعنى الكلمة،ولهم قدرة الاطلاع على  تحركات المسؤولين في الدولة العراقية ورسم اكثر التحركات لهم والتجاوز اللامحدود على الأنظمة والقوانين العراقية!ان بقاء هذه الشركات وبتلك الصلاحيات يعد اساءة واضحة للدولة العراقية والاستقلال الوطني.
     ثقافة السلام في العراق تعني التعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية!المؤسساتية المدنية والحذر من السقوط في شرك الكلانية،وهي نقيض ثقافة الخوف والشك بالمواطن!الامر الذي وجب فيه مضاعفة الجهد لايقاف كل اشكال الاختطاف والاختفاء القسري والاعدامات التعسفية والقتل الكيفي والحرمان العشوائي من الحياة والاعتقالات غير القانونية ودعم الارهاب والتفجيرات الانتحارية والتهديد وتدمير البيوت والاسواق واشاعة الرعب وقتل الانفس البريئة!
    تعني ثقافة السلام ان يتاح للجميع التعبير عن رأيه في امور السياسة والمجتمع،واتساع الصدور لسماع آراء الآخرين واحترامها!فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء،وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات!
    ثقافة السلام في العراق تعني فصل الدين عن الدولة،وادانة الفتاوي البليدة وفضح فرسانها وهالاتهم المقدسة،وتقديمهم الى المحاكم!
    ثقافة السلام هي الحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية،وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي،والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
   تتسبب العسكرة وتجارة الموت بالضرورة بتوتر المزاج العام للمجتمع وسرعة الاستثارة بسبب الحالة العسكرية وثقافة العنف التي تشبع بها الشباب والحروب والتنازع واسلوب استخدام القوة واستعراضها،تزاوج التوتر والمزاج العام القلق مع المفاهيم والقيم القبلية والطائفية ذات الجذور الاجتماعية المتفاوتة الدرجات،فرص التعليم الضائعة لكثير من الشباب حيث حاجة التوترات العسكرية الى الوقود البشري،تدني الذوق العام،اتساع جيوش العاطلين عن العمل!بينما يتسبب الافتقار لضوابط دولية على تجارة الذخيرة في تصاعد وتيرة العنف وصيت اسواق الاسلحة السوداء وتوسع التخندق اللاوطني وارتفاع معدلات العسكرة!وينتزع مهربو الاسلحة اقصى الارباح من توريد الاسلحة وعرضها في الاسواق السوداء.
   لا يمكن الحديث عن استكمال السيادة العراقية الكاملة غير المنقوصة دون قوات مسلحة وطنية تسمو فوق كل الانتماءات،مرتبطة مصيريا بحركة الشعب الوطنية التحررية والدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية!لا تتحكم فيها النوازع الطائفية والقومية والعرقية والحزبية والدينية،وتستطيع أن تكون ندا قويا لكل من تسول نفسه على الحاق الأذى بالاستقلال الوطني او الشعب العراقي!
   تهبط القيمة السياسية والمعنوية للطائفية السياسية مع الاجراءات الحكومية لتفعيل القرار السياسي الوطني المستقل وتأكيد الهوية الوطنية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية وعبر بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية على اسس مهنية والولاء للوطن وللدستور والنظام الديمقراطي الاتحادي،وعبر بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية.وبقدر ما تنطوي عليه التطورات الاخيرة من رعاية للاستعراضات الميليشياتية والسماح بعسكرة المجتمع ونشر السلاح العلني،وبمبادرات فردية من الائتلاف الحاكم والحكومة العراقية نفسها دون الرجوع الى ممثلي الشعب- مجلس النواب،فانه يسهم في اشاعة الفوضى السياسية وتأجيج الاستقطابات السياسية القائمة على المصالح الفئوية الضيقة!


بغداد
12/6/2012

69


ابناء الشعب العراقي مصدر قلق جدي للعلامة عبد الخالق حسين

سلام كبة


   المتتبع لدراسات ومقالات العلامة عبد الخالق حسين بعد التاسع من نيسان 2003 يلمس الحرص على كشف جرائم دكتاتورية صدام حسين والاسس الاستبدادية التي كان قائما عليها نظامه السياسي الرعوي،وكذلك القاء الضوء على السبل والامكانيات المتاحة للنظام السياسي الجديد للنهوض بالواقع الاجتماعي والاقتصادي المتحول في صيرورته الموضوعية!لكننا لا نعرف الاسباب الحقيقية التي جعلت هذا العالم الجليل الذي نكن له كل الاحترام ان يتبنى آراء وافكار ذات طابع براغماتي صرف ومشبعة احيانا بديماغوجية وتشويه متعمد في الاعوام الثلاث الاخيرة!والبعض يهمس ان التحول في آرائه جاء اثر زيارة(وقد تكون زيارات اخرى)الى العاصمة العراقية ولقاءاته مع اقطاب الطائفية السياسية الحاكمة!وماذا نفسر مقالاته المعنونة"حول تزييف التواقيع ومداهمة مقر طريق الشعب"و"حول حملة الاستخبارات العراقية ضد الشيوعيين"و"قاسم والمالكي بين زمنين، التشابه والاختلاف"و...واخيرا مقالته"مؤتمر التجمع العربي لنصرة الشعب الكردي أم لنصرة حكامه؟".
  من خلال هذه المقالات نلمس ان العلامة عبد الخالق حسين يعاني بالفعل من فقر في المصادر والمجسات المعلوماتية رغم التطور العاصف الحاصل في وسائل المعلومانية المعاصرة،وهو المقيم في لندن منذ اعوام!ويبني عليها استنتاجاته ومحصلة افكاره المتجددة،وبالتالي الاصطفاف في مواقع لا يتمناها ابناء شعبنا العراقي.
  ولنطمأن العلامة عبد الخالق حسين ان مداهمة مقر طريق الشعب الغراء مساء الاثنين 26 آذار 2012،واعتقال حراس المبنى الرسميين ومصادرة اسلحتهم المرخصة،وتوقيعهم بالإكراه وهم معصوبو الاعين على"تعهدات"يجهلون مضمونها،كانت واقعة بالفعل،وليس من نسج الخيال!ولم تكن الاولى ففي ليلة 5- 6/3/2011 قامت قوة من عمليات بغداد بمحاصرة مكاتب صحيفة طريق الشعب الغراء ايضا،وطالبت العاملين باخلاء المكاتب خلال 8 ساعات.كما حاصرت قوات اضافية مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فجر يوم 6/3/2011 وطالبت العاملين بمغادرة المبنى خلال ساعات معدودة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وتعاملت مع الجميع بتعسف ووجهت اليهم اساءات شديدة اللهجة!اما غضب العلامة من عثوره على توقيعه في قائمة تواقيع الحملة التضامنية مع طريق الشعب دون استأذانه فهي غير مبررة رغم احقيته،وهل يستدعي ذلك اتخاذ موقفا غير محمود من الشيوعيين؟
  الحملة الاستخباراتية ضد الحزب الشيوعي العراقي واقعة بالفعل ايضا،وليس من نسج الخيال!يا علامتنا المحترم!ومداهمة مقر طريق الشعب الاخيرة جاءت بعد نشر وسائل الاعلام فحوى كتاب رئاسة المخابرات العراقية المرقم 3061 بتاريخ 20/2/2012(سري وشخصي)،والذي تم تعميمه الى قيادة بغداد في 21/2/2012،والمتضمن التوجيه التالي:"ينوي بعض اعضاء الحزب الشيوعي تنظيم مظاهرة يوم 25 شباط في محافظة بغداد – ساحة التحرير - احياءا للذكرى الثانية لانطلاق التظاهرات يطالبون فيها توفير فرص عمل وانهاء الخلافات السياسية،لذا اقتضى الأمر متابعتهم من قبل الجهات المعنية..كما يرجى اتخاذ ما يلزم بصدد المعلومات آنفاً من اجراءات امنية مشددة وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفق القانون".
  والتشبيه بين الزعيم عبد الكريم قاسم والمالكي هو الآخر لم يكن موفقا فيه!والاخير ليس رئيس حكومة وقائدا للقوات المسلحة وزاحفا للاستحواذ على الهيئات والمفوضيات المستقلة ومستبدا بأمره فقط،بل يترأس ايضا حزبا سياسيا طائفيا وائتلاف يسمي نفسه ائتلاف دولة القانون زورا،والقانون منه براء!ف"وفق القانون" مثلا عبارة حضارية في الدول والمجتمعات التي تحترم دساتيرها وتجل حقوق الانسان،الا ان "وفق القانون"هذه التي وردت في كتاب رئاسة المخابرات العراقية المرقم 3061 ترجمتها وتترجمها اجهزة الأمن الحالية ربيبة مخابرات النظام المقبور بالمداهمات الاستفزازية والاعتقالات التعسفية العشوائية دون ضوابط قانونية ومذكرات قضائية!والانكى انها تجري بخباثة نادرة ووفق حجج واهية لا أخلاقية ليس آخرها الاجراءات الامنية الاستثنائية المرتبطة بعقد القمة!انه الترهيب!الترهيب والترغيب الذي كان عماد دولة صدام حسين في احتواء وقمع وجهات النظر السياسية المعارضة.والنخب السياسية الطائفية الحاكمة اليوم تعرف تماما من هو الحزب الشيوعي العراقي وتاريخه النضالي الوطني الناصع!
  ويدرك العلامة حسين ان الاسلام الطائفي السياسي يتربع اليوم على مقاليد السلطة في العراق،وهو اسلام يتسم بالتعسف العقائدي واصطناعه المثل السياسية على قدر حجمه،الامر الذي ساعد ويساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة.ولهذا الاسلام السياسي الحاكم في العراق باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة الغرض منها هو الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما،لكنه لم يقدم شيئا اذ لم يخرج ذلك عن ممارسة التكتيك السياسي والمناورة الوهمية،والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس والاستهلاكية،ولغوا وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيب الاسلام الطائفي السياسي او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات لا تدل سوى على التزمت والجهل المطبق والقصور في فهم ماهية الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني،وقرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطيع من الارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق المهلل لها.
   الا يدرك هذا المالكي،الذي يلف ويدور ويراوح في نفس المكان،انه هو المسؤول التنفيذي لأمور جميع العراقيين،وتنوعهم لا يحتمل فرض لا لون حزب الدعوة واحزاب الطائفية السياسية ولا لون اجهزة امنه السياسي البعثي على قوسهم القزحي؟!من اعطى المالكي بتصرفاته الصبيانية الانفرادية الانعزالية،الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالح الشعب العراقي،ومصالح حتى دعوته الاسلامية؟!وهو الذي اخفق في تلبية ابسط متطلبات الخدمات المعيشية للمواطن الذي بات يتندر بالمظاهر الارتدادية الاجتمااقتصادية،وهذا حق طبيعي لهذا المواطن البسيط المغلوب على امره،ارسته كل اللوائح الدستورية والقانونية الدولية،ولوائح حقوق الانسان،والدستور العراقي الدائم.
   وغير خاف على احد اليوم ان ارساء الحريات الديمقراطية وكفالة الحقوق المدنية وحقوق المرأة والاقليات وضمان تفادي انبثاق الفيدراليات الجهوية والطائفية دستوريا في العراق هو ليس من باب التمنيات او منتوجا جاهز الصنع بل مسارا طويلا لا يترسخ الا بتوفر البيئة السياسية الملائمة التي تنحو الى الاستقرار وبتوطيد بناء مؤسسات القانون،وليس مؤسسات دولة قانون نوري المالكي!كل ذلك اشعل التظاهرات الشعبية الاحتجاجية الصاخبة منذ قرابة العامين في بغداد وبقية المدن العراقية!كانت باكورتها تظاهرات اواسط عام 2010 ضد نقص الخدمات وانعدام الكهرباء وضد اعتكاف مسؤولي الكهرباء في مكاتبهم الوثيرة وتشكيلهم الاخطبوطات الفاسدة ومفاتيح الارتشاء والعصابات العلاسة والمافيات الضاغطة،بينما جاءت تظاهرة 25 شباط 2011 لتؤسس مولد تاريخ جديد للمعارضة السياسية الوطنية السلمية!
   ورغم ان المتظاهرين اثبتوا التزامهم الكامل بسلمية التظاهرات ومشروعية المطالب وممارستهم حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء،الا انه بسبب غلو وعنجهية واسراف اصحاب اتخاذ القرار فقد حاربت السلطة المتظاهرين واتهمتهم بالبعثية تارة،وبالارهاب تارة اخرى!وفاحت الروائح النتنة للاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،ومحاولة حصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب!كل ذلك،علامات لم تبشر بالمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل انذرت بالفردية وعسكرة المجتمع.وهذا ما يجري اليوم من نهج انفرادي تسلطي مغامر لا يحمد عقباه لرئيس الحكومة العراقية!!
  ان جوهر الازمة السياسية الراهنة يتمثل بالنزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية وبالانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون،ليتحول القاضي الى بنت هوى للسلطات التنفيذية الحاكمة!الا ان التظاهرات الاحتجاجية الشعبية الحاشدة قد سحبت البساط من تحت حكومة نوري المالكي وحطمت اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد والشعب الواحد،واثبتت ان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب!
  التجمع العربي لنصرة القضية الكردية قوة مكافحة محبة للسلام،ويدرك العلامة حسين قبل غيره ان انعقاد مؤتمر التجمع الاول ونجاح اعماله لهو اكبر دليل على احتضان كردستان والقيادات الكردستانية لمؤتمرات القوى المحبة للخير والسلام في بلادنا!شخصيا لم احضر المؤتمر واعتذرت بسبب مشاغل سياسية،رغم ان الدعوة قد وجهت لي قبل اربعة اشهر من انعقاد المؤتمر!وهذا يفند ما جاء في مقالة العلامة حسين ان انعقاد المؤتمر جاء لنصرة الكرد ضد حكومة بغداد تزامنا مع التأزم السياسي الراهن!ولا نريد ان نسفه او نبسط الموضوع،فليس كل مؤتمر لا يوجه لك الدعوة لحضوره علامتنا عبد الخالق حسين،يلزمك توجيه الانتقادات الجارحة له ولميثاقه ولمقرراته ولحضوره من كبار الشخصيات الديمقراطية ذوو التاريخ السياسي الناصع في حركة شعبنا الوطنية!وذلك ما يبتغيه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي الذي يحشر نفسه في كل المؤتمرات والتجمعات والندوات في بلادنا ويتحفنا بلغوه وخطاباته الانشائية الفضفاضة!   
  وبخصوص الموقف من الكرد لابد من الانصاف والعدل في التقييم حقوقا وواجباتا،ولا ضير ان يتسع صدر العلامة حسين لما كتبته شخصيا في مقالة اخيرة:
   "دخلت الدكتاتورية في بغداد مباشرة على خط قمع الكرد اواسط سبعينيات القرن العشرين وتمكنت من حسم الصراع لصالحها بعد اتفاقية الجزائر 1975 مع النظام الشاهنشاهي ، وواجهت العمليات المسلحة للبيشمركة الكرد والانصار الشيوعيين طيلة الثمانينات بالنار والحديد . ثم دخلت الدكتاتورية في بغداد مجددا ومباشرة في الصراع الدامي والخلافات العبثية بين الحزبين الرئيسيين اواسط التسعينات ففتحت الباب أمام كل الاحتمالات الخطيرة بحيث تحولت الساحة الكردستانية الى ميدان حسم للصراعات الجديدة القديمة للأطراف الإقليمية والدولية التي تحاول استخدام القوى  الكردية أدوات حسم لهذه الصراعات …والى جانب الأعداء التقليديين من الدول التي ألحقت بها أجزاء كردستان المختلفة قسرا ، ثمة عدد غير قليل من الأعداء الداخليين ، من القوى الطبقية الرجعية التي وقفت عقبة في طريق تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة المبرم أواخر عام 1998 ، ومن عملاء النظام الدكتاتوري الشوفيني المنتشرين في أنحاء كردستان ، وغيرهم من العناصر المستفيدة من هذا الوضع ممن تتعرض مصالحهم وامتيازاتهم الخاصة الى الخطر متى ما استقرت الاوضاع الامنية في كردستان العراق … اضافت تركيا بمشاريعها وغزواتها وأطماعها وأحلامها تعقيدات أخرى بعد استخفافها مرات عديدة بالخطوط الحمراء التي رسمتها لها الإدارة الأميركية .
    تفاقمت السياسات الارادوية التعسفية والشوفينية للسلطات المركزية ، وتسببت سياسة إخلاء الريف الكردي من قبل حكومات بغداد في تهجير أهالي قرابة (3199) قرية من عام 1963 حتى عام 1987 فقط ليجر إسكان العشائر العربية في عمق إقليم كردستان ، وبلغ معدل التدمير 306 قرية / سنة اعوام (1980- 1988) ولأغراض الحرب مع ايران ومقاومة الحركة الوطنية العراقية التي تنطلق من الأراضي الكردستانية . ونفذت عمليات تعريب المناطق الكردستانية في إطار استراتيجية شاملة هدفها تغيير الوجه الديموغرافي والقومي للمناطق الخاضعة لنفوذ الحكم في بغداد وتوطين العشائر العربية محل السكان الأصليين وفق برنامج مخطط له بدقة وسياسة تطهير عرقي قمعية ..كما  شنت الدكتاتورية أشرس الحملات لتهجير الكرد الفيلية بحجج واهية بسبب اختزانهم الطاقة الثورية .وقد أدركت دكتاتورية صدام حسين ، حسب مفهومها عن الأمن الاستراتيجي ، ضرورة تهجير الكرد واقتلاع الحياة الريفية على نحو تدريجي منهجي وشديد الفاعليـة،واعدت ( قرى النصر) أقساما داخلية للشعب الكردي قرب معسكرات الجيش والشرطة لاستقبال المهجرين الكرد . وترسخت المنطقة المحرمة الحدودية بطول( 600) ميل وعمق يصل إلى (15) ميلا.
    ترك نهج دكتاتورية عقود ثلاثة وقمع الحكومات المتعاقبة آثار الاستبداد والتكتم في المجتمع العراقي ، وانعكس استبداد قطاع الطرق والعسكر في بغداد بأعلى درجاته في كردستان العراق بسبب عامل خطير رئيسي هو استخدام أسلحة الدمار الشامل الكيماوية  ضد الشعب الكردي نهاية الثمانينيات .... فكان رد هذا الشعب حازما لا هوادة فيه في أول فرصة سنحت له بعد انتفاضة آذار المجيدة عام 1991 ... وكان على هذا الشعب ومن اجل الحفاظ على مكتسباته الوطنية والقومية خوض غمار كل السبل الممكنة المؤدية إلى قيام مجتمع مدني حضاري في كردستان العراق بعيدا عن مخططات النظام الدكتاتوري والتدخلات الإقليمية".
    ليست مكتسبات شعب كردستان وقضيته العادلة خلال العقدين الأخيرين ملكا لأي حزب أو طرف بمفرده،بل انها ملك لجميع مواطني كردستان،ولعموم الشعب العراقي.واثبتت التجارب السابقة فشل محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام!فمقومات المجتمع المدني الكردستاني يمكن تلمسها في رحم المجتمع المدني العراقي تتأثر به وتؤثر فيه منذ انبثاق الدولة العراقية الحديثة بداية هذا القرن واثر توقيع اتفاقية (سايكس بيكو ) عام 1916 التي قسمت كردستان الى شمالية غربية وضعت تحت حماية فرنسا،وجنوبية وضعت تحت الانتداب البريطاني،بينما ترك القسم المتبقي من كردستان لرعاية عصبة الامم!
   في 19/5/1992 توجه شعب كردستان العراق لأول مرة في تاريخه وبأسلوب نضالي آخر ضد الدكتاتورية الشوفينية وفي عملية تاريخية قليلة المثال الى صناديق الاقتراع لانتخاب مندوبيهم الى اول برلمان كردستاني.ومنذ 4/6 من العام نفسه شرع البرلمان في تشريع القوانين اللازمة لملء الفراغ الإداري الذي اوجده النظام بسحب اداراته من المنطقة والانتقال الى الشرعية البرلمانية القانونية.وظهرت حكومة اقليم كردستان الأداة التنفيذية للبرلمان.وتعتبر تلك الاجراءات رفضا قاطعا للسياسة الشوفينية والتآمرية للدكتاتورية وشروعا جادا في بناء المجتمع المدني في كردستان وترسيخ التعددية كمفهوم سياسي اجتماعي وممارسة حضارية في ادارة الحكم والصراع.كما اقر البرلمان الفيدرالية كتعبير حضاري متقدم للكيان السياسي المناسب في اطار النظام الديمقراطي الفيدرالي العراقي!
  ان الهدف الأساسي الفاعل في مجتمع كردستان العراق هو المواطن الذي يقطن كردستان،لأن جوهر المجتمع المدني انساني بالطبع.وقد أكد ماركس في حينه عندما درس الاقتصاد ورأى فيه علم التشريح للبنى التحتية للمجتمع المدني،اكد ان الموضوع والهدف هنا هو الانسان- الفرد في المجتمع المدني.وعاب كارل ماركس على المثاليين قلب الذات والموضوع!وثقافة المجتمع المدني في كردستان العراق تنفي ثقافة العنف التي تسترخص الرأي والرأي الآخر والحوار الهادف البناء وتحول المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل أوهام جماعات حالمة نافذة وتبيح قتله من اجل احلام رخيصة.وهذه الثقافة تنفي ثقافة القتل والاقتتال غير القادرة على التحاور والقبول بالآخر والتعايش مع الرأي المغاير والتي تنفر من اللوحة الملونة"من ليس معي فهو عدوي".كما تنفي هذه الثقافة التآمر التي لا يقر بحق الاختلاف ولا يعترف للانسان بحرية،ويهدف الى ان يكون الجميع على صورة واحدة وبنسخة واحدة،لأنه اصلا مرتبط بالخوف والارتجاف من كل تغيير!
   اما التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية السلمية للكرد في محافظات كردستان العراق فهي تعبير عن الرغبة الجامحة للمشاركة الحقيقية للكرد وكل ابناء كردستان في توفير مستلزمات نجاح أية تنمية أو اعمار مستقل فيها على أساس طوعي وديمقراطي،وعبر الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس وتوفير آليات تداول السلطة الإقليمية الموحدة بطريق سلمي والعلانية وتوفير البيانات المعلوماتية الصحيحة وتعضيد فعالية المؤسسات الأهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني والموحد".
   واضيف لأعلاه ان الثقة المتبادلة بين الكرد وبين الطائفية السياسية والانظمة الاقليمية هي متزعزعة منذ اغتيال الدكتور عبد الرحمن قاسملو السیاسي الجامعي والكردي الإيراني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني الذي اغتیل في فيينا عاصمة النمسا مع اثنين من مساعديه يوم 13 تموز 1989،على ايدي عناصر رذيلة من المخابرات الايرانية بعد ان صدرت الاوامر مباشرة من هاشمي احمد رفسنجاني.وكان احد المتورطين في العمل الدنئ هو محمود احمدي نجاد رئيس الجمهورية الايرانية الحالي!والذي تمتلك حكومة النمسا كل الأدلة الجنائية والثبوتية بتورطه بهذه الجريمة!
   يبدو ان تجربة صدام حسين وحكمه الارهابي،ومن قبله الحملات العسكرية ل"سعيد حمو"و"طه الشكرجي"لم تتعظ منها الطائفية السياسية الحاكمة اليوم في بغداد،وهي عودتنا على تلفيق الاكاذيب والافتراءات،وليس آخرها مهازلها ضد الكرد.فهل يتعض الحكام ويقاوموا حكم الزمن وقدرة الشعوب في تقرير مصيرها،وهل ان النهاية الرذيلة في العراق ستكون المفتاح السحري لكل الأبواب ولكل العقول المغلقة والتي لا تريد ان تفهم وتعي دورة عجلة الزمن والتاريخ بشكل سريع.سننتطر ونرى وان غدا لناطره لقريب.


بغداد
4/6/2012





70

منع الحفلات الغنائية وديمقراطية صباح البزوني

سلام كبة


   مع مراحل الاضطراب السياسي والأمني وتصاعد مظاهر التفرد بالسلطات والقمع والارهاب الحكوميين وانتهاكات حقوق الانسان وتأطير المجتمع دينيا والفساد واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل والاستيلاء على المفوضيات المستقلة والنقابات والمؤسساتية المدنية في بلادنا تنتعش محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية،في كافة مفاصلها،خاصة مع الثقافة الوطنية والديمقراطية.ولتنتهز الولاءات المتنفذة الانتقائية الدستورية والأهواء الشخصية لفرض سطوتها ولتهميش دور المثقفين والمبدعين عبر الرهان المستمر على القمع والعسف والجهل والامية!وهاهو مجلس محافظة البصرة يمنع مجددا اقامة الحفلات الغنائية"الماجنة"على مسارح وكازينوهات وقاعات الفنادق في المدينة،كون البصرة مدينة محافظة!
   والقرار يأتي ضمن سلسلة من القرارت المشابهة التي شهدتها مدن الجنوب والفرات الاوسط في الاعوام الثلاث الاخيرة،وبعد عام واحد فقط من فرض القانون والقضاء على الميليشيات في آذار 2008 وصولات الفرسان التي قادها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي،والذي يترأس ائتلاف دولة القانون الذي يقف وراء معظم القرارت الخائبة سالفة الذكر.
   اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!وقبل ذلك اقفلت مدينة الالعاب بنفس الذريعة!كما جرى احتلال بعض الملاعب الشعبية لكرة القدم!وكان محافظ البصرة شلتاغ مياح قد اصدر تعليماته اواسط 2009،منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!واليوم يؤكد رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني ان "قرار المجلس الجديد هو منع الحفلات الغنائية الماجنة التي تقام في المحافظة".
    سبق والغى مجلس محافظة بابل هو الآخر عام 2010 الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!كما تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!بينما اقتحمت قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بساحة الاندلس في العاصمة العراقية وطالبت امينه العام الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي بشكل نهائي!
   هذه العقلية المريضة تسترسل في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالحلول الترقيعية واعادة انتاج التبريرية النفعية التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
    دكتاتورية صدام حسين شجعت المطربين واغدقت عليهم بالمال والتسهيلات من اجل الغناء العاطفي والسياسي والتجاري،بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان واعتبار الطرب فن ماجن،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية والشعائر الدينية،بينما تواصل السلطات المتنفذة تحجيم وحل فروع نقابة الفنانين.
   يتآكل المشهد الثقافي بالرضوض السايكولوجية والاجتماعية التي ولدت عند المثقف والفنان الصدمة الكبيرة والخوف من المجهول ومن التوتر النفسي والامني والاجتمااقتصادي.وحال الحفلات الغنائية والموسيقية هو حال دور العرض السينمائية والمسرح وقاعات عزف الموسيقى الكلاسيكية ورقص الباليه ومعارض الفن التشكيلي والرسم والنحت التي كانت تملأ بغداد والمحافظات والتي اختفت الى حين،ويعد ذلك خللا بل شللا في المشهد الثقافي عامة.
   دور العرض السينمائي في بغداد،التي كانت حتى وقت قريب تتجاوز الاربعين دارا،اقفلت ابوابها،يشهد على ذلك شارع السعدون في مدينة بغداد ودوره السينمائية التي تحولت جميعها دون استئناء الى ورش لصناعة الاثاث ومخازن حبوب بعد ان تهالكت وتقادمت!"كما استأجرت شركة تركية بناية سينما النجوم ورممتها لتسيير اعمال الشركة التجارية"!وسبق لدائرة السينما والمسرح في مدينة البصرة ان طردت منتسبيها قبل اشهر معدودة،وتم حجرهم في غرف بائسة،في امعان بسياسة التهميش والمصادرة ومزيد من اشاعة ظلمة التخلف!وزارة الثقافة لم تلتفت للعناية بدور العرض السينمائي التي تشكل جزءا من ذاكرة بغداد الحضارية ومعلما للحياة المدنية في العراق وجزءا من اماكن الترفيه الأساسية لدى العائلة العراقية،كما تقلصت عملية شراء الأفلام من الخارج،وانسحب الجمهور التقليدي من الدخول الى قاعات العرض السينمائي،وماتت تقاليد العرض السينمائي.لا يمكن فهم عراقا جديدا دون دور للعرض السينمائي التي تربي لدى المواطن السلوك الحضاري.
   يأتي القرار الجديد لمجلس محافظة البصرة بمنع الحفلات الغنائية في مدينة الخشابة واليامال والهيوة في وقت لازالت فيه الحكومة العراقية تتجاهل اهمية -   بلورة الصيغ والتشريعات القانونية التي تكفل حرية الثقافة والفن والابداع،وتستبعد كل ما يمكن ان يقيدها،وتهدف الى وضع ثمارها في متناول سائر فئات المجتمع،وتعتمد ميثاقا ينظم نشاط المهنة الاعلامية ويلزم العاملين فيها باحترام قيم ومعايير الابتعاد عن التحريض واثارة النعرات وكل ما يلحق الضرر بالوحدة الوطنية.
   كما يأتي القرار الجديد لمجلس محافظة البصرة مع السعي المتواصل للابتلاع الحكومي لوسائل الاعلام وتحويل المدينة الى مأتم كبير طارد للاستثمار وللسياحة!ومع تعاظم التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية يصعب السيطرة عليها.
    الخوف من المجهول هو ما يشغل ويربك الادب والفن،والمتفائلون والمتشائمون يتفقون على مجهولية الغد بعد ان باتت الوعود في مهب الريح وهواء في شبك.العمل  الثقافي غير الحكومي يواجه ضعف الدعم الحكومي،والتعامل السلطوي البيروقراطي الفظ،الى جانب تجاهل وزارة الثقافة الفعاليات الثقافية الفنية الاحتفالية المهرجانية للعديد من الجمعيات والمؤسسات الثقافية والفنية العراقية في المهجر!اما الشرطة فهي تداهم معارض الفنانين وحفلات المطربين!
   تضفي القرارات الاعتباطية والمزاجية للسلطات المتنفذة في بعض المدن العراقية على عوالم الادب والفكر والفنون بشتى اشكالها التشوه والالزام والتسفيه مما يورث مجتمعنا تقاليد مريضة وغير صحية قد تطغي على التقاليد الانسانية والاصيلة للثقافة والفنون والفكر والابداع والاصالة في عراقنا!وهي الى جانب كونها تصعيد في التدخلات الفظة وتوجيه التهديدات والانذارات وفي سياسة الوصاية واصطناع المثل على قدر حجمها،تحاول تضييق الفرص لنمو ثقافة حرة وفن منفتح يعبر من خلالهما المثقف والفنان عن عالمه الابداعي وينمي فرص تطوير المواهب والعقول الشابة الطامحة الى التعبير عن عالمها الفكري والاخلاقي والاجتماعي!وبتنكرهم للتعاليم التي تضمن العدالة الاجتماعية للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط ،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.
  لا يمنع الاسلام ولا كل الديانات السماوية فن الطرب واقامة الحفلات.ومع ذلك لا مناص من الأخذ بمبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الشمولية والتمييز العنصري والديني والطائفي والفكري وازاء المرأة بمختلف اشكاله ومظاهره،ولا يمكن ان يحصل ذلك الا تحت ادارة واشراف الدولة المدنية الديمقراطية والعلمانية التي تبتغي العدالة الاجتماعية وتحترم كل الاديان والمذاهب وتسمح لها بممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية وتمنع عنها الاساءة والتمييز!
   لا والف لا للفكر الاسود العدواني الذي تريد ديمقراطية"مياح والمطوري والبزوني.."سحب الناس اليه...ولثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش واحتقار المثقف الفنان المطرب،ولمحاولات اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده لصالح الغيبية والشعوذة والسحر والبلادة وباتجاه تسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم.

بغداد
24/5/2012

71


المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي والعدالة الاجتماعية

سلام كبة

   اختتم الحزب الشيوعي العراقي مؤتمره الوطني التاسع للحزب(الذي افتتح في بغداد)،اختتمه في كردستان العراق(يبدو ان الوضع اللوجستي كان من بين العوامل التي دعته الى نقل جلسات المؤتمر،وفق تصريح الرفيق جاسم الحلفي عضو المكتب السياسي)...كان انعقاد المؤتمر ونجاح اعماله اكبر دليل على احتضان كردستان والقيادات الكردستانية لمؤتمرات القوى المحبة للخير والسلام في بلادنا،ففي غضون اسابيع ثلاث شهدت الى جانب انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي،الاجتماع الخماسي للقيادات السياسية في اربيل وما تمخض عنه من ورقة سياسية قدمت الى ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء الحالي نوري المالكي،وانعقاد المؤتمر الأول للتجمع العربي لنصرة القضية الكردية.
   لم يجر اعتماد المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي شعار"دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية" اعتباطا بل كان انعكاس لبرامج الحزب الشيوعي المكثفة طيلة اعوام خلت،ولسياسة التيار الديمقراطي ومجموع القوى اليسارية العراقية في بلادنا!ويقينا للجميع ان الدولة المدنية هي نقيض الدولة التوتاليتارية او الشمولية على اختلاف تلاوينها،العسكرية والطوائفية والقومية والعشائرية والنخبوية.. ونقيض عقلية الوصاية التي تسهم في ديمومة المؤسسات الخارجة عن طبيعة العصر وتعيد انتاج الولاءات العصبوية التي تؤرخ وتعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقها وفق اسس وتصورات ومقاصد اضيق مما كان في الماضي في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس،الوصاية التي تكرس من نهج تمزيق الوحدة الاجتماعية والهوية الثقافية للشعب العراقي.
   ولا تستقيم الدولة المدنية الديمقراطية مع تواصل التهميش الطبقي وانتهاك السيادة الوطنية والاستقلال الوطني لتضيع القيم الحضارية العصرية وتنتعش الهويات دون الوطنية في لجة الاعمال الارهابية والفساد.كما لا تستقيم الدولة المدنية الديمقراطية مع تربع الاسلام الطائفي السياسي على مقاليد السلطة وما يرافق ذلك من تعسف عقائدي واصطناع المثل السياسية على قدر حجمه،الامر الذي يساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة.ولا تستقيم الدولة المدنية الديمقراطية مع الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما او الايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس والاستهلاكية،ولغوا وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيب الاسلام الطائفي السياسي او في مدرسة واشنطن التأديبية.واخيرا لا تستقيم الدولة المدنية الديمقراطية مع مساعي كل من الولايات المتحدة وايران لاقامة توازنها للقوى السياسية الداخلية في سبيل احكام السيطرة على بلادنا وتمرير المشاريع والخطط القذرة!
   مفهوم الحزب الشيوعي العراقي للعدالة الاجتماعية ليس نفعيا براغماتيا ينظر للنتائج ولا يتفقد الاسباب،وليس ليبراليا يعتمد الحرية الفردية فوق اي اعتبار وينتهج سياسة انفتاح الاسواق والمبادرة الفردية وتحجيم دور الدولة.صحيح ان العدالة الاجتماعية هي الخير العام الذي يستطيع تـنظيم العلاقة بين مفهومي الحرية والمساواة ويكفل الموازنة بين الطرفين!لكنها ليست كما يرى البعض انها تبقى تجريدا في عالم العقل لا سبيل لتطبيقه في عالم الواقع،لانها في فهم حزبنا الشيوعي تعني الفهم المادي للتاريخ وانتاج وتجديد انتاج الحياة المادية ليجر الانتقال من تشكيلة اجتماعية الى اخرى ارقى واعلى تطورا،وهي القناعة التامة بأن الجماهير هي صانعة التاريخ لأن الشغيلة من العمال والفلاحين هم اهم قوى منتجة في المجتمع وهم الذين يصنعون بعملهم جميع الخيرات المادية وهم صانعو التاريخ الحقيقيون!والعدالة الاجتماعية عند الشيوعيين تعني توزيع الموارد بين الافراد على اساس تلبية اكثر حاجاتهم الحاحا،بصرف النظر عن مدخولاتهم او ادائهم،ودون الأخذ بمبدأ التكافؤ!
   ينظر الشيوعيون العراقيون بتفاؤل الى العدالة الاجتماعية كونها غير مطلقة!بل تتغير من عهد الى آخر وفق التغير الحاصل في العلاقات الاجتماعية!ويفهمون جوهر العدالة الاجتماعية،الا وهو تحرير المجتمع من الاستغلال والمعاناة واللامساواة والتهميش والحرمان والظلم والاستبداد واقامة العلاقات العادلة الحقة من المساواة والصداقة الأخوية والتعاون بين جميع الناس ضمن مجتمع اشتراكي يسود فيه نظام اجتماعي لا طبقي يتحقق فيه توزيع الثروة حسب المبدأ النهائي القائل"من كل حسب مقدرته،ولكل حسب احتياجاته"!
   تضمين الحزب الشيوعي العراقي العدالة الاجتماعية في شعاره الذي اعتمده بالمؤتمر التاسع يهدف الى ازالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات مجتمعنا العراقي،وبالتالي هي عدالة مدنية لا عدالة قانون فقط!ففقدان العدالة الاجتماعية هو احد العوامل الاساسية التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والسلم الاهلي ومستقبل الاجيال الطالعة!
   عند حزبنا الشيوعي لا تعني العدالة الاجتماعية في العراق سوى:
•   الفصل بين الدولة والمجتمع(الانتماء الطوعي الى المؤسسات المجتمعية،تحرر المجتمع اقتصاديا من هيمنة الدولة،المواطن كيان حقوقي مستقل دون التمييز بالانتماء).
•   دمقرطة اجهزة الدولة وسلطاتها كي تضمن عدم تحول التعددية الضرورية للديمقراطية الى تفكيك لمكونات المجتمع.الهدف هو تمتين وحدة المجتمع على اسس ديمقراطية حيث لا مكان فيها للدكتاتوريـة ومتاهة اللا سلطات او فوضى واقعية اللا دولة.تشترط ذلك دمقرطة هياكل الدولة وبنيان المجتمع المدني في آن واحد وضمن ميثاق عهد وطني يقر بالديمقراطية ويدافع عن الحريات الديمقراطية ويقاوم غياب المؤسسات الدستورية وتمذهب الدولة ويفعل مشاركة الفرد الايجابية في حياة الجماعة السياسية.
•   احترام مبدأ التداول السلمي للسلطة.
•   اعتماد مبدأ الحوار والمصالحة والتطور السلمي لنبذ الخلافات وحلها بالتسوية والتفاهم.كل ذلك تربية وكفاح اساسه اسلوب الانتخاب،عماد السلطات الديمقراطية لترسيخ الاستقرار السياسي والاجتماعي.التحول الديمقراطي ليس سوق منافسة سياسية،والممارسة الديمقراطية عملية انتقادية الطابع متواصلة قائمة على الحوار والعمل.
•   ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه!
•   احترام الدستور والالتزام بالمادة اولاً منه والتي نصت على حظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي...
•   القانون او السلطات القضائية او دولة وادارات وسلطة القانون.تأكيد استقلال القضاء وادانة فتاوي التكفير والحسبة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والميليشيات المسلحة والعصابات الارهابية.المعايير القانونية صمام امان الحريات والتعددية السياسية والفكرية والحزبية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وآليات النظام السياسي الشرعية وبضمان الدستور.
•   تأصيل مدرسة العدل مكان مدرسة الثأر وعدم وضع حدود قومية او اثنية او دينية او طائفية في الدفاع عن الضحايا.
•   بناء الأسس الثقافية والتأهيلية لمنظومة حماية الاشخاص والجماعات في الوعي الجماعي والدستور والقوانين لوضع ترسانة وقائية مزروعة في الثقافة العامة والحماية القانونية،وتدشين مشروع وطني جديد على اسس جديدة تضع الاشياء بموضعها الصحيح وفق اعتبار الاهلية العلمية والثقافية والولاء للوطن وتراثه وقيمه قبل اي اعتبار آخر.
•   المسؤولية الاخلاقية حجر زاوية للفعل الديني والسياسي في ان واحد،وادانة صمت المرجعيات ايا كانت قدسيتها على الافعال التي تجبر الناس على اتباع اوامر رجال الدين وعن قتل الناس وعن انتهاك حرمات المنازل وعن ابداء الراي في تلك الجرائم التي ارتكبتها العصابات الارهابية ولازالت،وعن اعلان بعض الاحزاب بانها تعمل تحت امرة المرجعيات.
•   الشرعية الدستورية ومقاومة فرض نماذج شرعية القوة ومنطقها الفج في العمل السياسي نتاج عصر الانقلابات العسكرية،التأكيد على ان اي اجراء تعسفي هو اعادة انتاج للحكم التسلطي وحجر عقبة امام اعادة بناء الانسان وخوض معركة التنمية،ولا يمكن فرض الديمقراطية بقوة السلاح.
•   تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز اي مناهضة الارهاب والرعب والفساد ليتاح للجميع سواسية الشروع بتكوين نماذجهم في التعاون والتنافس اللائق.ان مواصلة آلية انتاج الفساد هي انعكاس لسوء توزيع الثروة القومية توزيعا عادلا،وبقاء تطبيق القرارات اسير البيروقراطية.
•   تخليص المجتمع من عقابيل الحقب الفاشية بعقلانية وعدالة،وفي المقدمة مسألة تعويض الضحايا ومحاسبة كل المجرمين وامتلاك الرؤية التي تسمح بابصار انتهاكات اليوم وشجبها بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية.الزام الدولة تقديم من ساهموا بارتكاب المجازر والانتهاكات ضد حقوق الانسان الى القضاء العادل ليقول كلمته النهائية بهم.والتسامح لا يمر عبر اعادة هؤلاء الى العمل من اجل الاستفادة من خبراتهم.
•   مناهضة الشمولية والفردية والتسلط والزعامات والوجاهات والعسكرية والتفرد بالسلطات كي يتاح استعادة السلم الاجتماعي بتدرجاته المختلفة ليقترب من المستوى الممكن من العدل والتوزيع المنصف للادوار في الحياة.
•   تجسيد الاقرار بالديمقراطية في المواثيق والبرامج بالتحالفات السياسية وفي الصحافة والممارسة اليومية وعلاقات القوى السياسية بعضها ببعض وتطور مختلف اشكال العمل المشترك الذي يلتقي فيه منتسبو هذه المنظمات والأحزاب.
•   فصل الدين عن الدولة،فالدين لله والوطن والدولة للجميع.
•   احترام"حقوق الانسان"اي وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب والدين،فحقوق الانسان والديمقراطية وجهان لعملة واحدة،وثقافة حقوق الانسان تعني بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية الشرعية الدولية لحقوق الانسان وفي المقدمة:الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة،والمواثيق الدولية الصادرة عام 1966 والخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.جميع حقوق الانسان عالمية غير قابلة للتجزئة،ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به.
•   ترسيم الحقوق المتساوية للمرأة في تشريعات دستورية واضحة على هدى اللائحة الدولية لحقوق الانسان ووضع اتفاقية تحريم التمييز ضد النساء موضع التطبيق الحي وتأمين مشاركتها الواسعة غير المشروطة  في عمليات اعادة البناء والاعمار.
•   الحد من سلطات الدولة ليمنع قفز الشرائح الغريبة عن النمو الطبيعي للمجتمعات الى سدة الحكم ليجري تحرير عقل المغامرات وتبقي باب الاحتراب مفتوحا.
•   الحل الديمقراطي للقضايا العقدية القومية،والركون الى منطق القانون المدني الذي يأخذ بنظر الاعتبار حق الاغلبية ولا يتجاهل اطلاقا حقوق الاقليات وبالتالي التوصل الى مبدأ التوافق المدني بالرغم من المجال الواسع للاعتراض والرفض(المعارضة)سلميا دون المّس بالحريات العامة واحترام الرأي والرأي الاخر وغيرها من المباديء الانسانية الصريحة.
•   تنمية ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية،وتقديس حق التظاهر والاعتصام.
•   تحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،فالعقلانية تقطع الطريق على العقل الايماني الذي يعيد انتاج الدوغما والفئوية والخطاب الذي ينادي بصرامة بالدولة الدينية المؤسسة على الحاكمية وتحويل الدين الى مجرد وقود سياسي.
•   مضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي.
•   الربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.لا معنى للتنمية الاقتصاديـة والاجتماعيـة والتنمية البشرية المستدامة في مجتمع يسوده الاستغلال والظلم الاجتماعي.المجتمع المدني وحده يضمن رعاية الدولة وحمايتها للحقوق المدنية والسياسية،وتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحق التنمية.
•   ثبات المنهجية والتخطيط في العمل السياسي بعيدا عن التجريبية والمحاصصات وما تفرزها من تراكم يعرقل استقرار المجتمع وثبات قيمه وقوانينه وروح العمل الجماعي وترسيخ المرجعية الدستورية.
•   حماية الذاكرة الوطنية.
•   مكافحة الفساد وسوء الادارة الحكومية وتهاوي الخدمات العامة واتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء.
•   التعليم المجاني والخدمات الصحية المجانية.
•   القضاء على البطالة.
•   تبني قانون انتخابات عصري وحضاري وديمقراطي يقوم على تبني النظام النسبي والقائمة المفتوحة،وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة تحقيقا لمصلحة الجميع وضمان لها،اي احترام صوت المواطن من اجل المشاركة وضد التهميش وشرعنة الاقصاء،ورفع الحيف عن الاصوات التي يتم الاستحواذ عليها بقوة القانون.كما يستلزم تثبيت العمل في كوتا تمثيل النساء بنسبة 25%على الاقل،ومراعاة تمثيل "الاقليات"بنســب معقولة وتثبيت عمر الناخب ب 18 عاما،وســن الترشيح لمجلس النواب ب 25 عاما!
•   اقرار قانون عصـري ينظم اجازة وعمل الاحزاب،وقانون ينظم عمليات صرف الاموال في الحملات الانتخابية،واجراء التعداد السكاني،وتثبيت البطاقة الشخصية الالكترونية،وعدم اعتماد البطاقة التموينية في الانتخاب!
•   الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لا التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لمعالجة الازمات والقضايا الشائكة!


بغداد
18/5/2012



72
من يدق طبول الحرب في العراق ... يا دولة رئيس مجلس الوزراء؟

سلام كبة

    ان مناهضة النزعة التفردية للقائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي ومقاومة القمع والارهاب الحكوميين وانتهاكات حقوق الانسان والفساد واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل لا يقل اهمية عن مواجهة الارهابين،الاسود بأصوليته الاسلامية وبعثيته،والابيض بالفساد المشرعن المتعاظم!وعلى من ينطلي مسلسل الاكاذيب والافتراءات التي توجها المالكي بتصريحاته الاخيرة"ان طبول الحرب تدق في كردستان"،ولا زالت صيحات وهتافات شعبنا المتظاهر في ساحة التحرير منذ اواسط عام 2010 تصم اذنيه " جذاب.. جذاب .. نوري المالكي" ؟!فالارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر،لكنه ايضا"كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"والأضرار بالمصلحة العامة!الشرطة ابتزت الاموال،والحرس الوطني استعرض عضلاته على ابناء المدن بنقاط  التفتيش والسيطرة التي تفتقد الى ابسط المبادئ العسكرية!ولم يكن من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين العصابات العشائرية وعصابات الاجرام التي اطلقها  القائد البعرورة من السجون التي كانوا يقبعون فيها بسبب جرائمهم كعمليات السلب والسرقات والتهريب كالشقاوات.الشوارع حبلى بالقوات والحمايات التي لا تعرف سوى ازعاج الناس بالمخالفات المرورية والتزمير على الصفارات والسب والشتائم ورمي الاطلاقات بهدف الترهيب!الغالبية العظمى من اعضاء اللجان الأمنية في المحافظات من اصحاب السوابق والقتلة والمجرمين،وقس على ذلك!.
     من يؤجل معالجة المشاكل في بلادنا ويحاول ترحيلها الى كردستان الآمنة؟!وبدل لغة الحوار وطاولة المفاوضات،يتعمد اللجوء الى لغة الاستفزاز والسلاح والتهديد؟!ومن بلغ المالكي خلال اجتماع عسكري قبل ايام"انهم سيذهبون الى اقليم كردستان وسيقومون بطرد الكرد وحكومتهم"؟!ولماذا أجاب " انتظروا طائرات ( اف 16 )،عندها تسهل المهمة"!
   ويبدو المالكي انه لم يسمع يوما بماهية المادة"140"من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك والمناطق المتنازع عليها وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور والعهود التي منحت للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم،او يماطل في تنفيذها مغازلة للغيارى من بلطجية اصحاب الاتجاهات الشوفينية الجديدة،ويؤجل تطبيع الأوضاع في كركوك ويتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار!وكيف نفسر تودد وحنين السيد المالكي لخيار تعطيل الدستور وفرض سيطرته العسكرية الكاملة على المؤسسات العامة المهمة في البلاد عبر تنفيذ انقلاب يعد اليه ضمن عمل عسكري ميداني واستخباراتي؟!وبالتالي السيطرة على "المناطق المتنازع عليها" وتسليح القبائل والعشائر العربية في المناطق المحيطة باقليم كردستان، ونشر الفرق العسكرية داخلها!
    هذه المحاولات الخبيثة يغذيها زعيق القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية، ومواقف بعض دول الجوار،الى جانب القوى التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن.وهي محاولات تذكرنا بالقادسيات الصدامية والتنكر للمثل الانسانية العليا والديمقراطية والكرامة والعدل والمساواة!وبدرجة الوحشية والعنف التي يمكن ان تصلها العقلية الطائفية المعبأة بالأحقاد والجهل والتعصب والأطماع،والعاجزة عن ايجاد الحلول العقلانية للمشاكل.وبالتالي،ليس مستغربا ان يزداد سعير الحملات الاعلامية المغرضة ضد التحالف الكردستاني والتيار الديمقراطي وقوى اليسار العراقي وكفاحها الذي لا يلين في معمعان الصراع الاجتماعي السياسي في بلادنا!والنخب الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد تأمل من مداهماتها الكيفية لمقرات وصحف القوى السياسية المعارضة ان تعزز من السطوة الامنية الهزيلة للحكومة العراقية بعد النشاطات الاحتجاجية التي شهدتها ساحة التحرير ،وبالأخص احتجاجات 25 شباط التي الحقت بها العار والسخرية والمهازل وفضحت نماذجها الكاريزمية والروزخونية!
    من يدق طبول الحرب في العراق ... يا دولة رئيس مجلس الوزراء؟ومن يعبر اليوم عن مصالح القادسيات الجديدة،الأمتداد لحركات الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الرأسمالية؟!فقادسية الفساد مثلا،تحولت من ظاهرة الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية.ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات.ومن الروتين القاتل الى الغش والبيروقراطية وتزوير العلامات التجارية،وتزوير الوصولات والمعاملات،الشهادات العلمية المزورة،الى تجارة الاعضاء البشرية،تهريب النفط وتجارة السلاح والمخدرات والادوية،تزوير العملات والوثائق والمستندات الحكومية،المتاجرة بالنساء،تجارة الاختطاف لقاء الفدية او تأجير القتلة لتنفيذ التصفيات- وبينها تصفيات بحق المعترضين على اللصوصية والفساد،مرورا بتجارة النفايات واستخدام الاساليب العصرية  في عمليات الاحتيال والنصب الالكتروني المنظم التي لا تترك اثرا او دليل ادانة للجاني،وزراء يتحصنون بالشراكة التجارية مع النواب لتجنب الاستجواب وليخفق مجلس النواب في تطبيق الدور الرقابي،غسيل الاموال والشركات الوهمية،فساد عسكري وميليشياتي،ثقافة"اخبطها واشرب صافيها""اقتل وسر في جنازة القتيل في المقدمة"،الفساد الانتخابي باستحواذ عددا محدودا من القوائم الكبيرة التي يحقق بعض مرشحيها القاسم المشترك الانتخابي على ملايين الاصوات رغم ارادتها.
    ثقافة الفساد هي ثقافة حرب او ثقافة معادية لا تحمل لنا قيم التسامح والعدل والسلام.ولا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما - اقتصادية والثقافية والغاء الآخر الخالق للإبداع،ومع المحاصصة الطائفية والقومية،ومع فتاوي التكفير والحسبة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،ومع انتعاش الولاءات العصبوية اللاوطنية كالعشائرية وقيمها المتخلفة"وخضوع حتى كبار المسؤولين لدعاويها".ولا يتحقق السلام مع سوء الادارة الحكومية وتهاوي الخدمات العامة واتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء..لا يتحقق السلام مع ارهاب الدولة والارهاب الطائفي.
     القادسيات الايمانية تدق طبول الحرب ايضا،هذه القادسيات التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،عندما تعرضت المرأة لكثير من صور العنف وابرزها المقابر الجماعية التي ضمت الكثير من النساء،وتعرضت المرأة للذبح بما يسمى بسيف صدام بدعاوى وهمية غير مؤكدة تعتمد على وشايا البعض،وجرى تشريع قانون في عام 1990 يحلل قتل المرأة التي يشتبه بأنها ارتكبت جريمة تخل بالشرف دون محاكمة أصولية بل عبر لجنة أمنية تهدف الى فرض هيمنة النظام المستبد.واليوم ينصب مسؤولو الحكومة العراقية،وفي مقدمتهم رئيس الوزراء،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!
    السماح للمواطنين بأمتلاك قطعة سلاح في منازلهم كما جاء ذلك على لسان المتحدث الرسمي للحكومة علي الدباغ هو قادسية جديدة تضاف الى قادسيات الطائفية السياسية الحاكمة اليوم،لأن قانون الأسلحة الذي اقره مجلس النواب لم يسمح بحيازة الأسلحة للمدنيين!وتجار ومهربي الاسلحة يستغلون عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!والقادسية الجديدة للحكومة العراقية تضفي الشرعية على الأسلحة وانتشارها في الشارع العراقي وتعقد الخارطة الأمنية وتشجع تهريب السلاح وسوقه السوداء!
  من حق المواطن ان يتسائل من يدق طبول الحرب في العراق،ولمصلحة من لا يجري حصر السلاح بيد الدولة العراقية،ومن يجهد في احياء الفصائل الميليشياتية مجددا وقوتها المنفلتة المتمثلة في السلاح وتجار السلاح؟!والميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق،على طريقة عباس المحمداوي!وتكديس السلاح وتجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة!
    سبق لرئيس مجلس الوزراء العراقي ان وزع المكرمات والعطايا السخية على شكل منح لكبار ضباط الجيش السابق وقادة الفرق البعثيين!وكل الدلائل تشير الى سقوطه في حبائل عسكرة المجتمع ومحاولة خضوع الدولة بسائر مؤسساتها لقرار المنظومة العسكرية تخطيطا وتنفيذا،وفي ظل تسلط الاجهزة الامنية والاستخباراتية وتدخلها السافر في جميع نواحي الحياة والمجتمع!اي فرض اللبوس العسكري على المجتمع وتحويل الانماط السلوكية لديه الى انماط تظهر فيها بصمات الحياة العسكرية،وتعزيز الوجود العسكري في الحياة اليومية وتطبيق النسق العسكري في الادارة المدنية،وبالتالي في المحصلة النهائية،نسف للديمقراطية وخنقها!
   وتتسبب قادسية العسكرة وتجارة الموت بالضرورة بتوتر المزاج العام للمجتمع وسرعة الاستثارة بسبب الحالة العسكرية وثقافة العنف التي تشبع بها الشباب والحروب والتنازع واسلوب استخدام القوة واستعراضها،تزاوج التوتر والمزاج العام القلق مع المفاهيم والقيم القبلية والطائفية ذات الجذور الاجتماعية المتفاوتة الدرجات،فرص التعليم الضائعة لكثير من الشباب حيث حاجة التوترات العسكرية الى الوقود البشري،تدني الذوق العام،اتساع جيوش العاطلين عن العمل!بينما يتسبب الافتقار لضوابط دولية على تجارة الذخيرة في تصاعد وتيرة العنف وصيت اسواق الاسلحة السوداء وتوسع التخندق اللاوطني وارتفاع معدلات العسكرة!وينتزع مهربو الاسلحة اقصى الارباح من توريد الاسلحة وعرضها في الاسواق السوداء.
    العسكرة(Militarization) في العراق- تاريخ طويل من استخدام الآلة العسكرية في الاستحواذ على الحكم بالانقلابات والمؤامرات والاغتيالات والتصفيات الجسدية!الشمولية والمركزية الخانقة للحكومات المركزية!الانفاق الكبير على التسلح والخدمات العسكرية ليبلغ ارقاما فلكية والتخلي عن برامج التنمية وتقليص الاستيراد المدني والخدمات الاجتماعية،عسكرة الصناعة والزراعة والثقافة واضفاء التخلف على البنى التحتية الحياتية والحيوية الاخرى،افتعال الأنفال والحروب العبثية ضد ابناء الوطن الواحد والجيران دون اي مبرر!
     ترسخ الطائفية السياسية اليوم من العقلية العسكرية التي كانت سائدة في عهد صدام والتي اتسمت بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض العدواني،وحولت تقاليد القوات المسلحة التي انبثقت هي من اجلها في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب،وهي تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية،حولتها الى مهازل يجري التندر بها!وليجر تنشيط التجليات التقليدية للسلطة كالزعامة والوجاهة والاولوية وترك هامش امكانية ظهور السلطات الاستبدادية لممارسة القمع ضمن الشرعية.ما هوالبديل؟ارتباط القوات المسلحة المصيري بحركة الشعب الوطنية التحررية  والدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية!ولا يمكن الحديث عن استكمال السيادة العراقية الكاملة غير المنقوصة دون جيش وطني يسمو فوق كل الانتماءات،لا تتحكم فيه النوازع الطائفية والقومية والعرقية والحزبية والدينية،ويستطيع أن يكون ندا قويا لكل من تسول نفسه على الحاق الأذى بالاستقلال الوطني او الشعب العراقي!قوات مسلحة تعي مغزى الدولة الاتحادية وارتباط القضية الكردية والكردستانية عضويا بالقضية الديمقراطية ومستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية،وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق،لأن محنة الشعب الكردي كانت طيلة العقود المنصرمة ولا تزال جزء من محنة الشعب العراقي.
   من هذا المنطلق نؤكد وجوب طمأنة الكرد بالقانون والتشريع ان السلاح الذي يتزود به الجيش العراقي لن يستخدم بالمرة ضدهم،وضرورة كشف النزعة التفردية لرئيس الحكومة العراقية والانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون!فالقضية الأمنية والعسكرية تعني الجميع ولا تعني فردا أو جزء من الحكومة،وعلى الولايات المتحدة الأميركية والدول التي تزود العراق بالسلاح،ان تشترط صفقاتها بمنع الحكومة العراقية من استخدامها ضد شعب كردستان وعموم الشعب العراقي!
   من يدق طبول الحرب يا سيادة رئيس مجلس الوزراء؟!من يشجع ثقافة الحروب والثقافات المعادية يا سيادة رئيس مجلس الوزراء؟!من يمثل اليوم احد صقور صناعة الحرب وثقافة الموت في بلادنا يا سيادة رئيس مجلس الوزراء؟!ثقافة السلام في العراق تعني التعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية!المؤسساتية المدنية والحذر من السقوط في شرك الكلانية،وهي نقيض ثقافة الخوف والشك بالمواطن!الامر الذي وجب فيه مضاعفة الجهد لايقاف كل اشكال الاختطاف والاختفاء القسري والاعدامات التعسفية والقتل الكيفي والحرمان العشوائي من الحياة والاعتقالات غير القانونية ودعم الارهاب والتفجيرات الانتحارية والتهديد وتدمير البيوت والاسواق واشاعة الرعب وقتل الانفس البريئة!تعني ثقافة السلام ان يتاح للجميع التعبير عن رأيه في امور السياسة والمجتمع،واتساع الصدور لسماع آراء الآخرين واحترامها!فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء،وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات!ثقافة السلام في العراق تعني فصل الدين عن الدولة،والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية،وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي،والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
    لنعود الى الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لان التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لا يعالج الازمات والقضايا الشائكة!ونضال شعبنا الكردستاني هو نضال عادل من اجل حقوقه المشروعة،وكل القوى الديمقراطية داخل وخارج العراق تقف الى جانبه.ويشكل التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!     


بغداد
12 ايار 2012

73

التاسع من ايار والمؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي

                                                                                                                             سلام كبة

   انطلقت اعمال المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي مساء الثلاثاء 8/5/2012 في العاصمة العراقية بغداد،في ظل التحديات الكبيرة والمتجددة التي تواجه شعبنا بحكم الأزمة العامة المستعصية التي تعاني منها بلادنا،على جميع الصعد..السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وتتجلى الازمة الشاملة اليوم بأتساع التفاوت الشنيع بين الثروات المتراكمة العريضة للشيوخ والاغوات وكبار رجال الدين والائمة وآيات الله وكبار المقاولين والتجار وضباط الجيش وبين فقر الفلاحين وعامة الكادحين وذوي الدخل المحدود المدقع،وبارتفاع ارصدة رجال الدين الاكثر تطرفا مع مرور الزمن ونهوض اكثر العناصر الدينية المسلحة تشددا والتي تتبنى الخطاب الطائفي الموتور في لعب شد الحبل والتنافس حول الاصول المالية المحلية ذات العلاقة بالعقارات والنفط ،وبازدواجية النخب السياسية الفاعلة بين الادانة الروتينية للطائفية السياسية كون ذلك خط احمر والخطب الانشائية الفضفاضة الغامضة(القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير) وبين انتزاع اكبر المغانم من التفاعلات والمعادلات الجارية على الارض،وبالاقرار المبطن للاحتلال الاميركي وحكومات ما بعد التاسع من نيسان بالولاءات دون الوطنية عبر الدستور الدائم وسلسلة من القوانين الوضعية،وبالعقلية التبريرية السائدة وشيوع مظاهر البراغماتية والميكافيلية،وبالجهود غير الدستورية التي تبذلها الطائفية السياسية بنخبها المتنفذة وحكومة بغداد للحيلولة دون نهوض المجتمع المدني عبر التدخلات غير المشروعة في شؤونه تارة وبالأبقاء على قرارات ومراسيم مجلس قيادة الثورة سئ الصيت تارة ثانية وبانتهاكات حقوق الانسان وقمع النشاطات الاحتجاجية تارة اخرى،وبالجهود غير الدستورية التي تبذلها الطائفية السياسية لأستيعاب واحتواء العمال والفلاحين والعمل على عزلهم وقتل كل ما يمكن ان يبعث امكانيات الانطلاق من عقال الاقطاع والعمامة الطائفية،وبمحاولات الخصخصة والارتماء في احضان الشركات الرأسمالية الكبرى والعودة بالعراق القهقرى واهمال قوانين الاصلاح الزراعي وتشريعات الحقوق النقابية العمالية،وبالارهاب الابيض والفساد المتعاظم،وبالوضع الأمني الرجراج! 
   في الفترة ما بين 31 آذار 1934 وانعقاد المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي 1993،اي في مدة 70 عاما من النضال العنيد للحزب في سبيل وطن حر وشعب سعيد،خاض الحزب فترة اقل من عشرة سنوات فقط معتركات النضالين العلني وشبه العلني،وعقد الحزب 4 مؤتمرات وطنية،لكنه امتلك من الرصيد النضالي ما لم يمتلكه اي حزب سياسي آخر.وفي الفترة من 1993 الى 2012 اي فترة انطلاقة التجديد واعادة بناء الحزب عقد الحزب 5 مؤتمرات وطنية!في اجواء اكدت اصرار قيادة الحزب الشيوعي العراقي على المضي قدما في ديمومة العملية السياسية التي تتواصل في بلادنا منذ التاسع من نيسان 2003 وفي العمل العلني والنشاط الانتخابي.وهذا لا يعني بالطبع اهمال اساليب النضال السرية التي برع فيها الحزب واجاد طيلة اعوام خلت لأنه لم يكن نضال عصبة متآمرين كما اراد العدو الطبقي فربكتها!وبالتالي الشطب بجرة قلم على مبادئ اساسية في الحياة الداخلية التي تميزه،شئنا ام ابينا عن الاحزاب البورجوازية والبورجوازية الصغيرة!وتعريض كامل تاريخه الى الصدع،اي تقديمه على صحن شهي الى المخلوقات الرأسمالية المتوحشة والمتنامية في بلادنا،وهو ما لم تستطع اعتى الانظمة الدكتاتورية من تنفيذه!
   لقد تأسس الحزب الشيوعي العراقي عام 1934 على نهج جمع بين النضال الوطني من اجل تحقيق تطلعات وآمال شعبنا بمكوناته جميعا،والنضال في سبيل مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وعامة الكادحين من شغيلة الفكر واليد،من اجل تحقيق مطالبهم المشروعة.واكدت برامج الحزب استرشاده في كفاحه،وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه،بالفكر الماركسي والتراث الاشتراكي العلمي،وسعيه الى تجسيد  ذلك  في ظروف العراق الملموسة بابداع،استنادا الى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في ميادينه كلها.ويناضل الحزب الشيوعي العراقي من اجل تكريس الطابع الوطني الديمقراطي للدولة الجديدة وفق سياساته الاقتصادية – الاجتماعية،وفي حقول الضمانات الاجتماعية والسياسة النقدية والمديونية الخارجية والتعويضات والاستثمار الأجنبي والقطاعات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وشؤون العمال والشغيلة والمرأة والشبيبة والطلبة وحقوق الطفل ومنظمات المجتمع المدني والجيش والقوات المسلحة وحقوق القوميات،وفي سبيل تأمين المنجزات التاريخية للشعب الكردي وتحقيق جميع حقوقه المشروعة وتطوير وتنمية تجربة كردستان الديمقراطية..الخ.
   الحزب الشيوعي العراقي اقدم حزب سياسي وطني عراقي ما يزال يعمل في الساحة السياسية العراقية،والتجديد في كيان الحزب وآيديولوجيته وبرامجه لا يعني التخلي عن بوصلته الفكرية الاشتراكية العلمية ونهجها البحثي الجدلي..ويستند الحزب في طرح وثائقه للحوار العلني والمساجلات الشفافة على ان الجماهير هي صانعة التاريخ ومنفذة سنن المجتمع وبانية عالم الغد الوضاء،والانفتاح على الافق الديمقراطي الاوسع وتحقيق العدالة بكل ابعادها لابناء الشعب العراقي!وبالتالي لابد من زعزعة الدوغمائية وآلياتها التي يجر تفسيرها وفق المزاجية والاهواء والمصالح والارتياحات الشخصية،وحتى اللاابالية وعدم الشعور بالمسؤولية التي تسود الحياة الحزبية بسبب من الارهاق الداخلي الذي ولده القمع السياسي قبل وبعد عام 2003!
   والحزب الشيوعي العراقي اذ يدرك حجم التركة الثقيلة التي ورثناها عن النظام السابق،لكن من حق المواطن ان يرى توجها واضحا وسياسة متكاملة مرسومة بدقة وعناية،تستفيد من الامكانيات والطاقات العراقية لرسم معالم الخروج من دائرة الازمات الخانقة المستفحلة،التي تحيط بالوطن والشعب،الى عتبة العيش الكريم والرفاه والاستقرار.وهذا ما لم يتلمسه طيلة حكم الطائفية السياسية الراهن،وهي مرحلة اتسمت بالخطابات الانشائية الضبابية النفعية الفارغة والوعود الطنانة او ما شاكل!،مثل ادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط والتنمية والاعمار،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن الغطرسة والجهل والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع،والالحاح على اشاعة المحافظة في الحياة السياسية!
    النتيجة كانت الابقاء على  التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ قرارات مصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!الاستيراد التجاري المشوه او سياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته وللضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.
   الذكرى 67 للتاسع من ايار 1945 ووضع الحرب العالمية الثانية اوزارها،لا تعني في العراق سوى اهمية وضرورة وحتمية فصل الدين عن الدولة،والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية،وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي،والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.وعلينا تجاوز الحماقات والرعونة التي تشوه التاريخ الوطني البطولي لشعوب المعمورة!ومنها الشعب العراقي الابي!والذكرى تنبهنا الى اهمية النموذج الوطني للديمقراطية والتعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية واهمية المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية،والحذر من السقوط في شرك الكلانية وثقافات الخوف والشك بالمواطن!كما تنبهنا على اهمية النشاطات الاحتجاجية لابناء الشعب العراقي على الانتهاكات الدستورية الفاضحة للحكومة العراقية وسلطات الولاءات الضيقة،وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية،وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".
    الشيوعيون العراقيون لا يزالوا مصدر قلق جدي لاعداء الديمقراطية والتعددية والا ماذا نفسر هذا الكم العجيب من المقالات والخطب الجنجلوتية التي تهاجمهم علما ان الكثير منها كانت تشير الى ان المجتمع العراقي محافظ ومتدين والشيوعية لا تصلح في العراق وان الشيوعية انتهت باعدام الرفيق الخالد فهد،وانتهت بانقلاب شباط الاسود 1963،وبضربة معلم من البعث العراقي عام 1979،ثم انتهت مرة أخرى بضربة اسطة بنهاية الاتحاد السوفياتي،والحزب الشيوعي يفشل في الانتخابات بضربات المشعوذين والحرامية،ولم يحقق شئ يذكر.لماذا القلق اذن ولماذا هذا الهجوم المتواصل على الشيوعيين العراقيين الذي وصلت مدياته الى حرق واقتحام المقرات ومهاجمة صحيفته الغراء "طريق الشعب"واعتقال واغتيال اعضائه ومحاربة ناشطيه؟اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق ارائهم مع الفئات الحاكمة في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام،الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي!مجتمع تحترم فيه الحريات العامة،ام يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية بعد تسلمهم زمام السلطات؟

بغداد
9/5/2012


74
الحرية للأكاديمي الدكتور محمد طاقة!

                                                                                                                               سلام كبة

   التهديد الذي يتعرض له الاكاديميون واعضاء الهيئات التدريسية والعلماء والاطباء في بلادنا هو تهديد لديمومة المجتمع وتطوره!ويبدو ان تصفيتهم وتعرضهم الى المضايقات والتهديدات بالقتل والاعتقال والمضايقات اليومية حتى الفصل العشائري وترويعهم،جار على قدم وساق!ومرة أخرى يتورط مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي بالاعتقالات الكيفية،حيث قامت قوة خاصة مرتبطة به يوم 2/5/2012 باقتحام "كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة" في بغداد واعتقال عميدها وسط ذهول الأساتذة والطلبة والموظفين.
    وتأتي عملية الاعتقال التي جرت امام الملأ في وسط النهار بعد سلسلة من اعمال قتل الاكاديميين،لم يكن آخرها اغتيال الدكتورة انتصار حسن التويجري مديرة مستشفى العلوية  للولادة في منطقة الكرادة في بغداد والبروفيسور الصيدلاني محمد علي الدين في الكوت و د.محمد حسن العلوان عميد كلية الطب في الجامعة المستنصرية و د. زيد عبد المنعم علي الاخصائي في المركز العراقي لبحوث السرطان،والعلامة د. طه السرحان...وبعد سلسلة من قرارات الأحالة على التقاعد لعدد غير قليل من اساتذة الجامعات صادق عليها الوزير الحالي للتعليم العالي علي الاديب وبتوجيه منه،في محاولة لتكريس النشاط السياسي الديني والطائفي داخل الجامعات،وللتستر على الفساد الاكاديمي نتاج تفوق قيم الجشع والتطرف والتخلف والخرافة على قيم النزاهة والتنوير والحداثة والعقل!
    كانت جلية،سرعة تنفيذ القرارات اللامدروسة في احالة التدريسيين الجامعيين(مدرس واستاذ مساعد واستاذ)الى التقاعد من قبل رئاسة بعض الجامعات وعمادات الكليات،وباعداد لا تصدق ضمت خيرة التدريسيين المعروفين بالنزاهة والجد والوفاء للوطن والحاصلين على شهاداتهم من ارقى الجامعات الغربية والشرقية والاوربية ومن جامعات امريكا وغيرها!ان اكثر الذين احيلوا الى التقاعد هم من الذين لم يتركوا الوطن وفضلوا بيع ما يملكون لمواجهة الحصار الظالم،وهم الذين واجهوا الارهاب وهجروا من بيوتهم بعد ان سيطر الارهابيون عليها بكل ما فيها من اثاث وسيارات،بالاضافة الى تعرض اولادهم للخطف ودفع فدية الافراج عنهم!
   القيم الأكاديمية داخل اسوار الجامعة تستمد طاقتها من قيم التحضر في ثنايا المجتمع واهدافه الاجتماعية الكبرى!واشكالية العلاقة بين الاكاديمي والسلطات تعزى لها كل عوامل التخلف والتدهور والفساد الاكاديمي المستشري في الجامعة العراقية اليوم!والاكاديمي العراقي موزع بين انكفائين:العجز الموروث من الحقبة الصدامية واستمرار عوامل التغريب والتهميش في المجتمع،والرعب الذي اكتسبه نتيجة عمليات الاغتيال والخطف والكواتم التي يتعرض لها الاكاديميون لأسباب فكرية و طائفية وشخصية انتقامية غير معلنة.والنشاط السياسية الديني داخل الحرم الجامعي يغرب الاكاديمي وينتهك استقلاليته ويبتزه فكريا باستخدام مسميات وممارسات "قداسوية" الطابع!وبات النشاط الاكاديمي في عراق اليوم عاجزا عن انتاج المعرفة،بل ينتج ابحاثا لا تقدم في غالبيتها معالجة حقيقية لمشكلات المجتمع!ويخرج طلابا لا يجيدون التفكير النقدي ولا الاعتراض ولا طرح الاحتمالات المغايرة!وتدهور مستوى الدراسات العليا بسبب غلبة الولاء الحزبي - الطائفي على الولاء المدني للدولة وتردي معايير القبول التي سمحت للفاسدين سياسيا واجتماعيا بالتسلق المسلكي البيروقراطي لسلم التراتب العلمي!
   كما تأتي عملية اعتقال الدكتور محمد طاقة بعد الجدل الحاصل في طلب مجلس النواب لأستجواب الوزير علي الأديب الذي يرفض بل يستهزأ من الطلب!ولا يدري هذا الاديب ان الدعوة لاستجواب الوزراء دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا ورائها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.ان اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي هي اشتراك في جريمة الفساد.وهنا نتسائل هل ان سبب اعتقال الشخصية الاكاديمية العراقية المعروفة،عائدا الى عمله في تنظيمات حركة الوفاق الوطني العراقي بزعامة رئيس ائتلاف " العراقية "اياد علاوي؟وجزء من مسلسل نوري المالكي لاستهداف خصومه ومعارضيه السياسيين،وخلق حالة من الترهيب بحيث لا يمكن لشخصية عامة ان تعلن معارضتها له؟!
   في العراق الجامعات تنعزل وتتكلس وتتحنط والأجراس تقرع من حولنا بالخطر،ويجري اهمال دور اقتصاد المعرفة وما يتطلبه من زيادة الصرف على التدريب والبحث العلمي والاستثمار في تنمية الموارد البشرية العلمية والهندسية والتكنولوجية،وتطوير البنية التحتية للتعليم العالي في جميع المجالات.اما مساهمة الكفاءات في اعادة بناء العراق فهي مرهونة بما تقدمه الدولة من الاهتمام والدعم للكفاءات الموجودة داخل العراق.ومن العبث الحديث عن عودة كفاءات المهجر،فيما تعيش كفاءات الداخل حالة الاحباط والاغتراب،مما يضطر الكثير منها الى التفكير في ترك الوطن هربا من الاوضاع الكارثية،حيث البيئة غير الآمنة وتسلط العناصر غير الكفوءة وانصاف المتعلمين على المراكز المهمة،والتي لا يروق لها وجود الكفاءات الحقيقية،وتعدها بمثابة تهديد لوجودها.
   من المؤسف احجام القيادات السياسية عن الاقتناع بمفهوم استقلالية الجامعة والحرية الاكاديمية ومراجعة مواقفها من حرية الفكر والتعليم الجامعي،واعادة النظر في اقحام السياسة والدين داخل المؤسسات التعليمية،والانتهاكات المستمرة للحرم الجامعي وبحجج واهية!وتجاوز الدستور والقوانين النافذة التي تؤكد على احترام الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية واستقلاليتها!والاستخدام غير المبرر للقوة داخل المرافق التعليمية والجامعية!ومواصلة الضغوطات والتدخلات السياسية والحزبية وتأثير الولاءات دون الوطنية في عمل المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية من قبل الجهات الحزبية والرسمية للتأثير على العمل والنهج الاكاديمي العلمي،وجره الى التأثيرات والتجاذبات والمحاصصات السياسية والطائفية!وتحويله الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية!ومن اهم معوقات العملية التربوية التعليمية في بلادنا التأرجح الجامعي بين الهوية الاكاديمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين المحسوبين على طلاب الجامعات وكلياتها!والمرتبطين بميليشيات طائفية او جيوش طوائف لا علاقة لهم بالاسلام الا من حيث استفزاز الآخرين حتى ان كانوا من ابناء الطائفة الواحدة!ومعاناة السلك التدريسي والتعليمي من مهازل انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا.
    ان اهم سبب في الاخفاق الاكاديمي للحكومة العراقية الحالية هو تهافت رموزها وسطحيتهم وضعف شخصياتهم وتكريسهم لعقلية وثقافة الطائفة والعشيرة والقطيع والفساد في ادارة الجامعات وفي بناء الدولة والحركات السياسية،في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة هذه الثقافة،والى بناء دولة عراقية وليس دولة عصابات تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون.
    وساهم ابتعاد التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي عن حاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها،رغم تراكم التحديات لتقديم تعليم ذي كفاءة عالية لمواجهة العولمة(نتيجة الثورة المعرفية والتكنولوجية)من حيث مضمون التعليم وطرائقه ووسائله،في تكريس الفساد الاكاديمي!ولازال علي الاديب لا يصغي لآراء ذوي الاختصاص لانقاذ هذا القطاع الذي لا يحتاج الى فتوى،بل الى قيادات سياسية وادارية وجامعية تفهم قيمة الاصلاح وضرورته وتدرك الحاجة الى مراجعة نظام التعليم العالي بكل تركيبته المكونة من مؤسسات وبرامج واهداف ومناهج،ومن منظور الجودة الشاملة والاستجابة لاحتياجات السوق المحلية والدولية في عراق منفتح على الداخل والخارج،وكذلك الحفاظ على ما تبقى للجامعة العراقية من دور في التنوير والتثقيف ضد الافكار الظلامية والتعصب الطائفي والسياسي والعرقي!
   والاكاديمي محمد رفعت احمد طاقة من مواليد الموصل 1948،وسليل عائلة موصلية معروفة،منها وزير الخارجية العراقية الاسبق الراحل شاذل طاقة،وعالم الاحياء المجهرية الراحل د. خالد طاقة.حصل على شهادة دكتوراه علوم اقتصادية من المدرسة العليا للاقتصاد- المانيا - 1980، وسبق له ان تسلم مهام رئيس قسم الاقتصاد- كلية الادارة والاقتصاد- الجامعة المستنصرية لمرتين.ويتولى منصب عميد كلية بغداد للعلوم الاقتصادية الجامعة منذ 1996 ولحد اليوم!كما اشرف على مناقشة العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير،وشارك في العديد من المؤتمرات داخل وخارج العراق،ونشر اكثر من (50) بحثاً علميا وستة كتب في المجال الاقتصادي.وهو عضو الهيئة الادارية لجمعية الاقتصاديين العراقيين وضو اللجنة الاستشارية في اتحاد الاقتصاديين العرب منذ عام 1980!
  اعتقال الدكتور محمد طاقة داخل الحرم الجامعي عمل مستهجن من الرأي العام العراقي والعالمي.والحكومات والقوى السياسية والمنظمات الحقوقية والاكاديمية العالمية والعربية والوطنية مطالبة بالتضامن مع الاكاديمي المعتقل والضغط من اجل الافراج الفوري عنه!

بغداد
3/5/2012

75
ازدراء الطبقة العاملة العراقية نهج ثابت في سياسة حكومات نوري المالكي

                                                                                                                                  سلام كبة

     زيارة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الى الشركة العامة لصناعة السيارات الاول من ايار 2012 هي الاولى لموقع انتاجي منذ اعوام!وتنتظر الحكومة العراقية جهود حثيثة عبر الاشراف والاطلاع المباشر على عشرات المواقع الانتاجية والصناعية المتوقفة عن العمل والمتوزعة في بلادنا،طولا وعرضا!ووزارة الصناعة وحدها مسؤولة عن حوالي 200 مشروعا مملوكا للدولة يعمل فيها نصف مليون فرد موزعين على 61 شركة تضم 230 معملا في المجالات الصناعية المختلفة:الانشائية،الكيمياوية والبتروكيمياوية،الهندسية،النسيجية والغذائية والدوائية..ومعظم هذه المعامل متوقفة عن العمل وتعاني من جملة مصاعب،في مقدمتها الافتقار الى مصادر ثابتة للطاقة الكهربائية،والركود والتدني في مستوى تشغيل المشاريع الصناعية ذات المكوِن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة،وسلعها المنتجة غير محمية من المنافسة..وحتى قانون عام 1929 لحماية الصناعة الوطنية وتعديلاته لم يعد ساري المفعول في العراق الراهن.الاداء الحكومي مثبط للهمم!ولم تلغ او تستحدث او تنشئ اية منظومة حكومية وفق آليات ادارية تستند على تشريعات قانونية لادارة الازمات التي عصفت وتعصف بدوائر الدولة الحالية،اجمالا وعلى الاطلاق!ولا يوجد في الافق ما يشير الى دعم جاد للمنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة واعادة تأهيلها واصلاحها والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.بل العكس هو الجاري،تندر بالعمل التنموي الصبور البناء،والعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر(Stolen water are sweetest)،والافتقار الى سياسة صناعية واضحة المعالم ضمن خطة مركزية استراتيجية،وشحة التخصيصات للقطاع الصناعي في الموازنة العامة!
   وما يعانيه القطاع العام،ينطبق على المختلط!وشركات القطاع الصناعي المختلط البالغ عددها 18  مهملة!تعرضت موجوداتها الى النهب والحرق والقصف ما الحق بها اضرارا جسيمة ادت الى انهيار هذا القطاع الصناعي المهم،ولم يتم تعويضه لحد الان!بينما يمنع ملف بول بريمر عمليا دعم الدولة للقطاع الخاص الصناعي وانشاء المؤسسات الصناعية المختلطة!ويرسخ سياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ويرفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ويؤكد ملف بريمر على مغازلة سياسات برنامج وشروط صندوق النقد لدولي لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع اساسية وعن المشتقات النفطية والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة والسير قدما في طريق الخصخصة سئ الصيت.
  وبدل ان يتسائل السيد المالكي لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!ولمصلحة من اهمال الصناعة ومحاربتها؟!وما الغاية من الاعلان سئ الصيت عن بيع 50 ملفا استثماريا الى القطاع الخاص والشركات الاجنبية،وشملت كافة شركات وزارة الصناعة،ومن بينها شركات الاسمنت والاسمدة وادوية سامراء ونينوى،والبتروكيمياويات،المصانع والمعامل التي ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل بدمهم وعرق جبينهم؟!وما مدى الصلافة التي تعلن ان الاتفاقيات في هذا الشأن تجري بنظامِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وان اكثر من مائة وعشرين شركة واتحاد شركات يطمح الى المنافسة على مشاريع مشتركة لأجل عشر سنوات الى خمسةَ عشر عاما بهدف تجديد الشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!بدل كل ذلك،يخاطب المالكي العاملين في الشركة العامة لصناعة السيارات"يجب الا تستغل شريحة العمال لرفع اللافتات والتظاهرات،وانما بالعمل على تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير احتياجاتهم،وان نعوضهم عن المعاناة الكبيرة التي واجهوها،لأن يد العامل هي التي تنتج وتسهم في استقرار الدولة وتطورها..يجب ان نخرج من لغة اللافتات الى لغة العمل".ولغة نوري المالكي تشكل اليوم جزءا من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!مرورا بفساد القوى المتنفذة،وبالطبع الوزراء!
   لا يبدي نوري المالكي بالطبع الآذان الصاغية للآراء الداعية لالغاء القانون رقم 150 لسنة 1987 الذي قوض من القوة التفاوضية للطبقة العاملة العراقية والغى الحقوق النقابية في قطاع الدولة وحول العمال الى موظفين،والغاء كل القوانين الرديفة،واعطاء النقابات العمالية دورها في المساهمة في النشاط الاقتصادي وفي ادارة المؤسسات الصناعية.ولم يقدم هذا المالكي تبريرا للاجراءات الخطيرة التي اقدم عليها نائبه حسين الشهرستاني منذ اعوام حين منع نهوض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي،ومن ثم قطاع الكهرباء!تيمنا بقرارات النظام البائد والتزاما منه بالقانون الصدامي رقم 150!
    وتسلكات رئيس الوزراء ونائبه نابعة اصلا من الجهل المطبق بحقوق الطبقة العاملة العراقية والطابع الموضوعي للازمة البنيوية للعمل النقابي بسبب توقف عجلة الانتاج والدورة الاقتصادية السلمية وارتفاع معدلات البطالة واستمرار مفعول قوانين النظام السابق،ومنها قوانين 71 و52 و.. 150 لعام 1987،..وقوانين 71 و91 لعام 1977،و190 و543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم (150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي،وعشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة اعوام  1968 – 2003.وبسبب الاضطرابات الامنية والارهاب والفساد والابتزاز وقوانين الطوارئ والاحتلال،وبسبب المحاصصة الطائفية،وتجميد الحركة الانتخابية النقابية الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية وفق قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003.اعقب ذلك صدور قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الادارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات،وقرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004،القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية!الاخطر هو  القرار الديواني المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة!
  لا تمتلك حكومة نوري المالكي اية خطط عملية موضوعية تنموية مستدامة للنهوض بالقطاع الصناعي،وتشير كل الدلائل انها تنهج ذات الاجراءات الترقيعية التي سار عليها صدام حسين،عندما اصدر المراسيم تلو المراسيم،من قبيل رقم 32 عام 1986 لتنظيم اجراءات بيع وايجار اموال الدولة،رقم 93 لسنة 1987 لتقليص نسبة مساهمة القطاع العام في الشركات المختلطة من 51%الى 25%،رقم 310 لسنة 1987 حول اطلاق الحدود العليا لرؤوس اموال الشركات،قرار رقم 483 لعام 1987 حول السماح لاصحاب مشاريع القطاع الخاص بتصدير منتوجاتهم الى خارج العراق،71/52/...150 لسنة 1987 والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة،وقانون اعفاء الشركات المتكونة حديثاً ولاحقا من الضرائب لفترة عشر اعوام/صدر سنة 1989،رقم 100 عام 1995 والافضلية بالبيع لما هو فائض عن حاجة قطاع الدولة بالمزاد الى اصدقاء صدام والقطاع الاهلي والتجاري،قرار رقم 136 سنة 1996 حول حق المشروع الصناعي الخاص والمختلط في استيراد المواد الأولية ومستلزمات الانتاج والتشغيل،22 عام 1997 في نظم لدارة الشركات او التمويل الذاتي على اسس تجارية،20 لسنة 1998 حول اعفاء الاستثمار الصناعي من الضرائب وتقليص دور الدولة،قرار 105 عام 2000 لتأسيس صندوق التنمية لتمويل مشاريع القطاعين الخاص والمختلط  برأسمال قدره 50 مليار دينار عراقي و50 مليون يورو،قرار 106 عام 2000 في اعفاء القطاع الخاص من ضريبة الدخل بنسبة (50- 100)%...الخ!كما اصدر مجلس قيادة الثورة قرار برقم 368 صادر بتاريخ 9/9/1990 نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني!
    وشملت اجراءات صدام حسين الترقيعية شرعنة تشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية(Chaotic Agricultural Relations Market)،وخاصة القوانين المرقمة 35 لسنة 1983 و32 لسنة 1986 و364 لسنة 1990(ملحق بالقانون 35).
   في هذا الاطار تندرج عنجهية المالكي ونائبه لا في رفض التنظيم النقابي العمالي في قطاع الدولة فحسب،بل ويستكثر على العمال رفع اللافتات والتظاهرات والنشاط الاحتجاجي،ويطالب القوى السياسية الكف عن المتاجرة بذلك!من الذي يسلك درب المتاجرة بالفعل؟!ان عنجهية هؤلاء هي امتداد لتخبط وجهل الطائفية السياسية الحاكمة بعد ان اغفل الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية.وكانت الجمعية الوطنية هي الأخرى قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان لنسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين،ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع،وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام ارادتها ورفض افكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والطائفي والظلامي المتخلف.  
    ان عنجهية هؤلاء هي امتداد لسياسة قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش،بالرغم من سلمية التظاهرات ومشروعية المطالب وممارسة الحق الدستوري في الاحتجاج السلمي والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء!لكن المالكي يريد بنفسه ان يحدد مكان وزمان التظاهرات،وحتى حمل الشعارات المكتوبة باللون المختار من قبله!ان محاربته المستمرة للمتظاهرين واتهامه لهم بالبعثية تارة،وبالارهاب تارة اخرى،والاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،وحصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب،كلها علامات لا تبشر بمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل تنذر بالفردية وعسكرة المجتمع وديمقراطية مفصلة وفق مزاجية نادرة.الديمقراطية لا تتجزأ،وان من يرفضها في ساحة التحرير،واماكن العمل والمصانع،لا يمكن ان يمنحها في ملعب رياضي،او في اي مكان آخر!
   يذكر ان انتعاش الوشائج الاصطفائية والولاءات دون الوطنية كالطائفية والعشائرية في سنوات الصدامية جاء بسبب  تراجع الأمان الاقتصادي والامان الاجتماعي،وضعف المستوى الفكري والسياسي للتنظيمات القائمة،وتراجع الأمان السياسي ايضا للمواطن،وبسبب النهج الشمولي للدولة العراقية.كل ذلك اخرج الولاءات الضيقة من كمونها لتصبح المؤسسات التي تزعم توفير الأمان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي لأفرادها.ويكشف لنا استدعاء الكثير من القوى السياسية في بلادنا للطائفية وتركيب احزاب مهجنة بين الطائفي والعشائري والحزبي هشاشة الحركة السياسية واختلال الانتماء وبراغماتية وسفسطة!وهذا ما يفسر ان البعض من هذه القوى تقوم عن قصد بإنعاش الطائفية للاستفادة منها لتلبية مصلحة ضيقة ومحصورة في مرحلة معينة!بسلوك كهذا يتم توظيف السياسي لخدمة الطائفي العشائري وليس العكس،لان ارتكاز السياسي على الولاء الضيق كان ردة الى الوراء في مجتمع تقليدي يستلطف ويستعذب الارتداد مما يجعل اعادة استنهاضه عالية التكلفة!
   هل يمكن لبنية طائفية سياسية ان تخلق شعبا قادرا على مواجهة حقبة العولمة وفي طليعتها الماكنة الثقافية والاعلامية والعسكرية والاقتصادية للرأسمال الدولي المتوحش؟هل يتنازل الزعيم الطائفي عن امتطاء ظهور افراد الطائفة للقائد السياسي والطبقي ببساطة؟بالطبع لا،حتى لو امتلأ الاعلام باعلانات الولاء الطائفي والعشائري.الطائفية ذات قدرة هائلة على التلون الأميبي مما يسمح لها بالتعايش مع العولمة وحتى مشاركتها مضجع الأمة.وتقوم الطائفية وكل الولاءات الضيقة بتفتيت النضال الطبقي والسياسي نيابة عن النخب السياسية المتنفذة والحكم القائم،وبهذا يوظفها النظام لخدمته ليتقمص شخصية المختار المهووس بتخاريف (خراريف) الطوائف ومديح زجالي المساجد والحسينيات والأئمة وثقافة المناسف،في حين هي توظف التنظيم السياسي في خدمتها.وستبقى الطائفية والعشائرية قوية طالما النظام الأبوي اقتصاديا قائم بالقوة والفعل!وهذا ما يقوم بتخليده النظام السياسي طبعا حيث يمارس الفساد،ويباعد ما بينه وبين التنمية،ويهرب من التصنيع،ويقيم نظاما سياسيا يقوم على الملكية الخاصة ولا يقيم نظاما رأسماليا تصنيعيا وانتاجيا.وعليه،لا تعيش الطائفية،ناهيك العشائرية،طويلا في مجتمع صناعي رأسمالي،فما بالك باشتراكي.والمصنع والمعمل عدو الطائفة والعشيرة لانه يصبح "طائفة" العامل المأجور ومصدر دخله!ولا يعود العامل ذلك القروي الجاهل الذي ينتظر بعض الفتات من المرجعية الطائفية وشيخ العشيرة.ومن هنا اهمية المصنع لانه يخلق للعامل علاقاته الطبقية بدل العلاقة العشائرية،ويصبح نضال العمال ضد الاستغلال وليس ضد طائفة وعشيرة منافسة!انه ببساطة اتساع الأفق مقابل ضيق الافق.
   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته السلم الأهلي!واولوية الأولويات في اجندة الطائفية السياسية هي تحقيق الغلبة السياسية من منظور طائفي،من منظور التمايز والتفارق مع الآخر.الطائفة والعشيرة هي نقيض الطبقة!ومن هنا اطلق نوري المالكي على العمال تعبير الشريحة!لأنه لا يعي ماهية الطبقات والصراع الطبقي،وليس مطلوبا منه اليوم ان يعي ذلك!الا ان حقوق العمال واضحة للعيان ولا تقبل التأويل!ويبدو ان المالكي لم يتخلص من ملف بول بريمر القاتل،ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة ومبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية،الملف الذي يستهدف تدمير ما تبقى من صناعة وطنية عراقية وما تبقى من قطاع صناعي حكومي،بعبارة اخرى الاجهاز على القطاع الصناعي واعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية،وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!
   النتيجة،الصناعيون في العراق يغلقون مصانعهم ويتحولون الى العمل في الاستيراد السلعي والمشاركة في الغش الجاري عبر عرض بعض السلع المحلية للبيع باسماء شركات وماركات اجنبية!اومغادرة العراق والتوظيف في بلدان أخرى...الخ.النتيجة،التحطيم شبه الكامل لكل جهد وانتاج صناعي او زراعي محلي،خاص او مختلط وحتى حكومي،لمصلحة مجاميع قديمة وجديدة من التجار والمستوردين!
    النتيجة،السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة!والسوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية!والنتيجة،توسع نطاق الجرائم الاقتصادية واموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة وافلات مرتكبيها من العقاب!
   والنتيجة الأخرى،انتشار النزعات السياسية الضارة والمعرقلة للكفاح الطبقي العادل للشغيلة،كالانتهازية والاصلاحية والدوغمائية والبراغماتية والسفسطة والتحريفية والفوضوية والاقتصادوية!
   ينبغي ان تكون الحركة العمالية النقابية متينة ومتماسكة،وان يتصدر تنظيمها النقابي قادة نقابيون يتسمون بالكفاءة والمصداقية والأخلاص والنزاهة ممن خبرتهم ميادين العمل النقابي والنضالي في الدفاع عن مصالح العمال و حقهم في حياة حرة كريمة في ظل عراق جديد، بعيداً عن الوصاية والهيمنة لأي طرف حزبي او حكومي!

بغداد
12/5/2012



76
نوري المالكي .. بين الاستبداد ونصرة الطائفية 

                                                                                                                                              سلام كبة    

   لحق بالفعل عسفا كبيرا بمكانة الطائفة الديني والعشيرة الاجتماعي بفعل الامعان في توظيف هذه العوامل الاهلية في الاضطرابات الامنية،ودور بعض التنظيمات الدينية والطائفية والعشائرية ورموزها المتنفذة في تكريس السطوة الشمولية والفردية والدكتاتورية واذلال الشعب.وتحولت الطوطمية الى اجلال لأقطاب الطائفية السياسية والولاءات الاصطفائية وتقديس لها،وتحول التابو الى كل ما يتعلق بالتحريم،والمحرمات الى توكيد لعدم جواز المساس بشخصية الشيخ – الاغا – الملا – السيد – آية الله ...واملاكهم واقوالهم.وبعد ان مارست الولاءات الاصطفائية ديمقراطيتها فطريا عبر الدواوين والروضات والحوزات والجوامع والمساجد والحسينيات لتداول كل ما يهمها ويخص افرادها وحل مشكلاتها ... الا انها بقت وشائج عصبوية ذات نفس استبدادي مطلق لتوارث المناصب وقمع الحريات وقتل الديمقراطية المدنية البرلمانية في المهد.
   وليس غريبا اليوم ان نعثر على لافتات تحمل صورة نوري المالكي وكتب الى جواره "حي على خير العمل .. المالكي هو الامل .. اللهم وال من والاه .. وانصر من نصره"،في محاولة لإقرانها بالامام علي(ع)...وبمعنى أخرى،تتمثل نصرة المذهب هنا ببقاء المالكي في رئاسة الوزراء لأنه الرجل الأوحد الذي يصلح لهذا المنصب،وتوجيه أي نقد للمالكي يلحق الضرر بالمذهب،وكل كلام فيه نقد للحكومة يصب في مصلحة اعداء المالكي،وهذا مضر للمذهب!ولا يحتفظ المالكي لنفسه حق توجيه الانتقادات للجميع والى الجميع فحسب،بل وحق الارهاب الفكري توأم الارهاب المادي،محاولاً اللجوء الى بعث خلافات الماضي،كي يتجاوز عقد الحاضر المساهم هو في ربطها،مثلما جاء على لسانه في الذكرى الـ32 لاعدام محمد باقر الصَّدر(1980)!ونسى المالكي وصحبه الذين رفعوا راية الصدر وصورته حتى جعلوه خصماً للآخرين،انهم  ما زالوا ملتزمين بحملة صدام حسين الايمانية،وهي ليست اكثر هزيمة للعقل مما جاء بعدها من حملات.
    حرب الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن،اشد ضراوة من حرب العوارض الكونكريتية،والأخطر حرب النفوس التي يزداد اوارها اضطراما يوما بعد آخر.التحريض الطائفي لم يأت من اميين او قطاعات الشعب الواسعة من الفقراء المحرومين من نعمة الثقافة،بل يأتي من نوري المالكي نفسه،وصحبه من اولئك الذين يدعون العلم والمعرفة وامتلاك الحقيقة من مستغلي الدين والطائفة لأغراضهم الشخصية،ولكن سلوكهم التخريبي يثبت انهم جهلة ومغرضون،يغلفون جهلهم بغشاء خفيف من ثقافتهم الدينية السطحية.
   التحريض الطائفي هو ديمقراطية الجلابيب الفضفاضة والدشاديش المقصوصة والعمائم المزركشة والمحابس الفضية اللماعة وطول اللحى المقزز وكوفيات الرؤوس البيضاء والحمراء والسوداء!الشفافية تضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب،وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية وشرعنة الفساد والرشوة وديمقراطية حجب الحقائق واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية!
     مجلس النواب تسوده مظاهر التوتر السياسي،ولم يوفق حتى اليوم لا في تثبيت دوره الرقابي كأعلى مجلس تشريعي في البلاد فحسب بل جرى على اجتراح النكسات تلو الاخرى،وهو بحاجة الى الصحوة السياسية لتفعيل دوره واعادة الهيبة للمجلس المرتهن اليوم لكرادلته،ولا يتوقع منه اداء وانجازا اسرع واكبر،وسيبقى يأكل مايفت له زعماء كتله،ومسألة تمثيله للناخبين وممارسة صلاحياته موضع مساءلة وشك مادام مكبلا،ومالم يسعى الى فك رهنه.انعقد او انفض المجلس،الامر سيان،فالانظار والاسماع ترنو وتصغي الى اهل الحل والربط،الى توافق الزعماء الذين اختزلوا سلطة الشعب باربع او ثماني كتل،فاجتماعاتهم هي الاهم والاجدى من اجتماعات نواب الشعب.ومثلما كرس عجز مجلس النواب عن الايفاء بواجباته النيابية البرلمانية الاساسية لجوء الناس الى الولاءات العصبوية المتخلفة غير الاصولية بسبب عدم حصول الشعب على حقوقه(استراتيجيات النجاة قصيرة المدى تحل محل اجندات اعادة البناء بعيدة المدى)،فأن المزج بين هذه الولاءات دون الوطنية وبين احدث النظريات في سيادة الدولة لهو تقليعة قذرة ودرس جديد في ديمقراطية الطائفية السياسية والأسلام السياسي تسود بلادنا اليوم ليجر قطع الخدمات الاساسية تعمدا والتهجير القسري والارهاب اجراءا عقابيا واسلوبا في فهم واجبات الدولة وتوجيهها للأغراض الهدامة.ويعد اضفاء هالة من القدسية الوهمية على نوري المالكي تكميم للأفواه والاستبداد بقيادة الطائفة دون أحقية!كما يعد تطاولا على مقام المرجعية التقليدية المصونة لدى الشيعة.وهناك شواهد وادلة على عدم رضى المرجعية عما تنتهجه الحكومة من سوء في الاداء وتكريس للفساد والبطالة وسياسة لخلق الأزمات المتكررة بين الخصوم السياسيين بعد ان بات التوجه نحو خدمة المواطن و تقديم الخدمات الرئيسية وتكريس الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للشعب العراقي في خبر كان!
ستَبقى طويلاً هذه الأزمات
إذا لم تُقصَر غمرَها الصدُمات
إذا لم ينَلُها مُصلحونَ بواسلٌ
جريئونَ فيما يَدُعون كُفاة
سيبقى طويلاً يحملُ الشعبُ مكرهاً
مساوىء من قد أبقَتِ الفترات
قيوداً من الإرهاق في الشرق أحكمت
لتسخير أهليه، لها حَلَقات
ألم ترَ أن الشعب جُلَّ حقوقِه
هي اليومَ للأفراد مُمتلكات؟
     في كل مقابلة او مواجهة او حوار ومحاورة،يرفع نوري المالكي اصبعه مهددا ولاعنا الطائفية والطائفيين ويتعهد بالعمل على القضاء عليها،متغابيا هو وحزبه والاحزاب المؤتلفة مع حزبه انهم هم الذين اسسوا وبدأوا وتمسكوا ولا زالوا متمسكين بالطائفية،وهم الذين اسسوا الاحزاب الطائفية،لا يدخلها غير المؤمن بشباك عباس وبقرب ظهور المهدي المنتظر،المؤمن والملتزم باللطم على الحسين وعبادة قبور اولياء المعصومين،ولابسي المحابس الفضية المزينة بعين زرقاء دفعا للبلاء!
    ان حزب الدعوة والاحزاب الشقيقة ليست نوادي اجتماعية او جمعيات خيرية،انها احزاب سياسية طائفية،تعبر عن مصالح الاسلام السياسي،فكيف تكافح الاحزاب الطائفية طائفيتها السياسية؟!لف ودوران ومراوحة في نفس المكان!هل يقود التخندق الطائفي وفرض الثوابت الدينية والطائفية الى طريق الديمقراطية والوحدة الوطنية الذي يتغنى بها المالكي؟من هذا الباب،وليس من الشباك ولا عبر الاسلاك!تغلغل ارهاب القاعدة عدو الشعب الاول مع البعث الصدامي ليكملوا جريمتهم الى جانب فرق الموت وقتلة الجريمة المنظمة!
   يقوم التأسيس الوشائجي الاصطفائي على اسس تصون افراده بطرق قانونية وغير قانونية لتعيد انتاج العلاقات شبه الاقطاعية وشبه الرأسمالية مع بقاء مقومات تعرقل قوة مساومة ومناورة الكادحين لأنتزاع حقوقهم المشروعة،منها:
•   التفاوت الشنيع بين الثروات المتراكمة العريضة للشيوخ والاغوات وكبار رجال الدين والائمة وآيات الله وكبار المقاولين والتجار وضباط الجيش،وبين فقر الفلاحين وعامة الكادحين وذوي الدخل المحدود المدقع.
•   ارتفاع ارصدة رجال الدين الاكثر تطرفا مع مرور الزمن ونهوض اكثر العناصر الدينية المسلحة تشددا والتي تتبنى الخطاب الطائفي الموتور في لعب شد الحبل والتنافس حول الاصول المالية المحلية ذات العلاقة بالعقارات والنفط .
•   ازدواجية النخب السياسية الفاعلة بين الادانة الروتينية للطائفية السياسية كون ذلك خط احمر والخطب الانشائية الفضفاضة الغامضة(القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير) وبين انتزاع اكبر المغانم من التفاعلات والمعادلات الجارية على الارض.
•   الاقرار المبطن للاحتلال الاميركي وحكومات ما بعد التاسع من نيسان بالولاءات دون الوطنية عبر الدستور الدائم وسلسلة من القوانين الوضعية.
•   العقلية التبريرية السائدة وشيوع مظاهر البراغماتية والميكافيلية.
•   الجهود غير الدستورية التي تبذلها الطائفية السياسية بنخبها المتنفذة وحكومة بغداد للحيلولة دون نهوض المجتمع المدني،وبالتدخلات غير المشروعة في شؤونه،وبالأبقاء على قرارات ومراسيم مجلس قيادة الثورة سئ الصيت!
•   الجهود غير الدستورية التي تبذلها الطائفية السياسية لأستيعاب واحتواء العمال والفلاحين،والعمل على عزلهم وقتل كل ما يمكن ان يبعث امكانيات الانطلاق من عقال الاقطاع والعمامة الطائفية!
•   محاولات الخصخصة والارتماء في احضان الشركات الرأسمالية الكبرى،والعودة بالعراق القهقرى واهمال قوانين الاصلاح الزراعي وتشريعات الحقوق النقابية العمالية.
•   الوضع الأمني الرجراج! 
    الطائفية السياسية المذهبية(Political Sectarian)في الحياة الاجتماعية والسياسية،أو (Denominationalism)في العلوم الاجتماعية المعاصرة،ليست مجرد فكرة عارضة في العراق،بل ظاهرة تاريخية مدمّرة عملت على خلق التناقضات المفجعة في كل مفاصل الحياة،واقصى انواع التحيزات بالعلن والخفاء المستتر،وخلق محددات باسم المقّدس دوما بحيث تغدو لا تعتني الا بصنمية الاشياء الثابتة والمقدسة وفرضها على الآخرين!.لقد نجحت الثيوقراطية الايرانية في تسخير الحروب وحملات القمع في كل من لبنان والعراق لصالحها وفي اقامة "طوق طائفي لتفجير الأزمات" يهدد دوما العالم العربي ببنيته القديمة(عنف دموي في العراق،اسلحة حزب الله،تصدير الثورة من ايران،رعاية الحركات الطائفية في العالم العربي).وتستحضر ايران الآيديولوجيا الطائفية لتعزيز تأثيرها ونفوذها في الدول الاقليمية،لكن الهدف كان دوما وابدا هو الجغرافيا السياسية وليس العقيدة الطائفية بحد ذاتها.
   تشكل الطائفية السياسية رافعة لعدم الاستقرار في العراق والمنطقة لأنها تستغل المشاعر الدينية مقدمة اياها كصحوة تستعيد الصراع الطائفي على مدى التاريخ في اطار الحنين الى ماضٍ اسطوري معادٌ تشكيله،ومتعلقة بالحقوق السياسية والمظالم وتوزيع الموارد ومشاكل"الهوية"..واسهمت مجمل الوشائج الاصطفائية،ومنها الطائفية السياسية،في استفحال الفساد ومظاهر الارتشاء والوساطة الى جانب تأثير البيروقراطية الادارية عبر الروتين العقيم والسلوك المتعالي للموظفين وتعقيد الاجراءات.ويقينا فأن الجهل والامية والاضطرابات الامنية كانت التربة الخصبة لترعرع تقاليد الوشائج الاصطفائية في ذاكرة الناس وعقولهم،لتعود الانتماءات الاولية بالظهور في اسواق الولاء السياسي الرئيسية ولتحل محل اي احساس بالانتماء الوطني او المصلحة الوطنية.
   والطائفية لا يمكنها ان تكون البديل المقدّس التي لا يجادل احد فيه ابدا،لأنها من اسوأ ما خلّفه التاريخ السياسي الاسلامي على امتداد عصور خلت وبدء انقساماته وامتلائه بالمزدوجات والتناقضات وانفصال السياسي بكل شروره عن الحضاري بكل رقيّه وابداعاته.ولا تقدم الطائفية السياسية اي مشروع حضاري تقدمي معاصر،بل انها تعتمد في تغلغلها على الماضي او من يمثّل الماضي في هذا العصر لتستند الى ما يقوله ويأمر او ينهي عنه..هكذا،تعتمد القوى الدينية على الأثر التاريخي المخزون في ذاكرة الطبقات المهشمة لتخاطبها وتجعلها تتوجه كما تريد هي،لا لانتشال ابناء هذه الطبقات بل استغلالهم في تحقيق مآربها ومصالحها.هذا ليس بمعزل عن الطائفية السياسية التي تعمل على تسسيس عفوية الجماهير بأي ثمن!غارقة في أوهام اساليب الجبر والقسر والتعسف مما يخلق التربة الخصبة لانتعاش الاصوليات الدينية والسلفية وجماعات التكفير والعنصرية!اعادة انتاج الطائفية السياسية كشف للمستور ووباء خطير يسمم الحياة السياسية ويتناقض مع الديمقراطية،ليقزم معنى الحياة السياسية ومدلولاتها ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين ويضر ببناء الوحدة الوطنية..الاحزاب الدينية والطائفية لا تستوي والديمقراطية الحقة!
    الفقر عنوان كبير من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين،وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية.الحكومة العراقية في بغداد لم ولن تحترم الامانة،والسياسة التي تمارسها ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي وعواقبها وخيمة للغاية،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه!ولا تعالج الازمات السياسية والاقتصادية بعصا سحرية وبالتأمل وحده،او التعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر"!
   المحاصصة الطائفية والقومية والسياسية قزمت الاداء الحكومي واسقطت بلادنا في مهاوي رذيلة الفساد منذ عام 2003،والوزراء وما دون،الذين جاءوا عن طريق المحاصصات دون الكفاءة والتخصص والنزاهة،يتصرفون وكأنهم مصونون غير مسؤولين،كالملوك في الملكيات الدستورية،والاقطاعيين وكبار الملاك!تسندهم احزابهم وتحميهم ميليشياتهم،والويل لمن يجرأ على مسائلتهم،بينما الاحزاب الاخرى راضية مرضية وتتنافس مع الآخرين بارتكاب الرذائل!وكل شئ يهون مادام المال العام يملأ جيوبهم ويرفد خزائن الاحزاب والقوى التي جاءت لتولي السلطة بحجة تضحياتها الجسام لاسقاط نظام صدام حسين!فضيحة الفضائح!نعم،فتش عن المحاصصة وراء كل فعل للارهاب الابيض!
    بالمحاصصة والمال السياسي والدعم الاميركي والاقليمي واعلام الدولة،تتشبث القوى السياسية المتنفذة بالسلطات القائمة،غير آبهة للسخط الواسع المنتشر بين الناس بسبب الأزمات المتفاقمة وضعف الأمن وتراجع الخدمات واتساع مديات الفقر والبطالة.وهي لا تستهدف خلط الاوراق واضعاف صوت المدافعين عن قضايا الناس وحاجاتهم وهمومهم والتستر على اخطاء الحكام وطريقة ادارتهم للبلاد فحسب،بل تمهد الطريق للانقلاب على الديمقراطية الناشئة وخنقها ونحرها ووأدها لانها مصدر قلق جدي لها قد تسحب البساط من تحتها متى نضجت الظروف السياسية والاجتمااقتصادية المؤاتية!وباستغلال المناصب الحكومية يجري القبول بتسطيح المواطن وتضليله وتحويله الى انسان نفعي وجسرا يمر عليه اصحاب الاهداف الانانية،مزوري ومفسدي الاخلاق والقوانين.
   الوضع في بغداد بات تريللي،ما دام السيد نوري المالكي رئيسا للحكومة العراقية وقائدا للقوات المسلحة وكل الاجهزة الأمنية والمخابراتية في البلاد على الاطلاق،وما دامت الطاقة تنعدم بفضل السياسة الرشيدة لنائبه السيد الشهرستاني البطل،وما دام المسؤولين الفاسدين يهربون الى الخارج وبذرائع مشروعة!وتسببت الفردية التي يتسم بها حكم نوري المالكي ومظاهر استشراء الفساد المالي والاداري والانقسامات الحادة داخل الحكومة وضعف شخصية وزير التعليم العالي(وهو من حزب نوري المالكي)الانعكاسات الضارة على العملية التربوية التعليمية وتردي مستوى المؤسسات التعليمية والنقص الحاد في البنى التحتية وعدم قدرة الوزارات المعنية على رسم سياسة تعليمية علمية واضحة،واغلب القرارات اعتباطية غير مدروسة!
   نوري المالكي والقوى السياسية المتنفذة تدعو الى اقامة نظام اجتماعي وسياسي ديمقراطي عادل،ولكن لا احد منها،باستطاعته ان يخبرنا،كيف يمكن اقامة مثل هذا النظام،لان المصيبة لا احد منها،يعلم كيف ذلك!بالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية والشعائر الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن لها الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين،وتلجأ النخب السياسية المتنفذة الى استغلال تسييس الدين ومشاعر الانتماء الطائفي والقومي وعوز الناس ومآسيهم،لاستغلال الرعاع المستعدين للانقياد جراء التضليل والرشوة والترغيب.
    لا يعرف قاموس نوري المالكي كلمة الديمقراطية ويسعى الى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنه يتنفس اصلا في الوسائط التراتبية،متى سنحت له الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية.والديمقراطية التوافقية او ديمقراطية حجب الحقائق،هي اختراع بائس وفاشل يكبل ليس الحكومة وحدها عن اتخاذ القرارات،بل يكبل العراق ويجعل منه أسيرا لأحزاب اتفقت على ان لا تتفق ابدا،وافرزت لنا الفساد المركب واللصوصية والطائفية التوافقية!وبناء دولة القانون لا يتحقق الا من خلال سلطات وطنية ديمقراطية تعتمد على الشعب والكفاءات العلمية القادرة على بناء دولة القانون والعدالة واعادة بناء المؤسسات التي هدمت علي ايادي الذين اتت بهم عربة المحاصصة الطائفية،وليس من خلال الطائفية السياسية التي يكون ولاءها اولا واخيرا للمذهب او العشيرة وليس للوطن.
    وليس خافيا على احد،ان الديمقراطيات العصرية تحرم على المسؤول الاستمرار في منصبه اذا فشل في كشف جريمة عادية،والعقوبة اعظم اذا فشل في كشف جريمة اغتيال مواطن ومسؤول في الدولة ولا يحق له الترشيح للانتخابات،لكن ديمقراطية المشعوذين تحجب الحقائق على الشعب والمسؤول فوق القانون وحق المواطنة مفقود والبقاء للأقوى،انها شريعة الغاب.ربما لا يريدون ازعاج العدالة بالحقائق،شرطة تحقق مع صاحب الفخامة او دولة الرئيس او صاحب المعالي والسعادة او حجة الاسلام والمسلمين وخاصة اذا كان من سلالة المعصومين،وما يتبع ذلك..ممثلو الشعب وكبار موظفي الدولة والشيخ والاغا والمقاول الكبير والتاجر والمرابي والاقطاعي،انه كفر وحرام.
ضحايا الغدر والاغتيال اليومية بكواتم الصوت لخيرة ابناء الشعب العراقي..هل تتصدى لها الشرطة الوطنية وقوات الحرس الوطني وتتابع خيوط جرائم مرتكبيها حقا؟وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة،ومعتقلات تعذيب الجادرية،واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية والعاملين في اللجنة الاولمبية و..و..؟من يغتال الصحفيين والفنانين والمثقفين والمهندسين وعمال ساحة الطيران وابناء الشعب الطيبين البسطاء؟من اغتال الخوئي؟العصابات السياسية تتبادل قصف المقرات السياسية بالهاونات والراجمات لتنزع ورقة التوت التي حاولت ان تغطي بها عوراتها الفاسدة قبل ان يحين موعد المتاجرة بفواجع الكاظمية والائمة وشارع المتنبي ومدينة الثورة الباسلة والاربعاء والاحد الداميين!تفجير صالونات الحلاقة النسائية والكنائس تحتل مواقعها في ديمقراطية حجب الحقائق والى حين!
    وما يزيد الامر تعقيدا شيوع منهجية طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الطائفية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب دولة القانون والدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!هكذا تتحول ديمقراطية حجب الحقائق الى ادعاءات باطلة تتلاشى عند اول التحديات،علما ان حكومة ليس فيها من يعترف بتقصيره يكون مصيرها واحد من اثنين!اما الدكتاتورية او الفشل!ولازالت ذاكرة العنف الطائفي ملتصقة بجدران احياء بغداد والشوارع!
   المعرفة والثقافة تهذبنا وتجعل منا بشرا يستحقون معنى الحياة،والجهل والطائفية والوشائج الاصطفائية تكبل ذواتنا داخل انانيتها وبدائيتها وحيوانيتها الأولى.ولا غرابة ان المجتمعات التي تسود فيها قيمة العقل والثقافة هي مجتمعات اقل فسادا واقل عنفا.متى تنتصر الحياة اللانهائية على النصوص المنتهية والجامدة؟متى تنتهي سيرة العشاق والضحايا في آن؟ان العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!
  ان تجريد العراقيين من الاطر الاصطفائية المتعصبة مهمة دقيقة وشاقة فهذه النزعات ذات مضار .. وينبغي التأكيد على مضارها بتدرج وصبر طويل.ومادامت الديانات السماوية نفسها لم تتمكن من انجاز مهمة دحر الطائفية والعشائرية فلابد من تشخيص هذه الولاءات الضارة مجددا ووضع اسس طويلة الامد لرفع المتورطين بها الى درجة الانتماء الوطني.فالدين لله والوطن للجميع!وذلك بحد ذاته نضال مرير لأن الذي يكتسب المناعة لعدة قرون ليس من الهين الغاؤه في بضع سنوات!ومن هنا تتأتى النظرة الموضوعية!نعم،الطائفية السياسية مقوض تاريخي لأي بناء دستوري ديمقراطي منشود،ولا يمكن لأي انسان عاقل ان يطرح على مجتمع متعدد القوميات والأديان والمذاهب والاتجاهات الفكرية السياسية مثل العراق اقامة نظام سياسي طائفي او قومي،ومن يمارس ذلك فهو مصاب بلوثة عقلية لا محالة،بغض النظر عن من يكون هذا،مع كل الاحترام للمذهب الذي يؤمن به!
  القضاء على الطائفية السياسية لا يمكن الا بفصل الدين عن الدولة،ومنع ان يكون الدين والمذهب محركا سياسيا للأحزاب،ان لا تتضمنه برامجها ولا انظمتها الداخلية،ان لا يؤطر شعاراتها ولا تزين صور الأولياء والرموز الدينية دعاياتها.حرية الأديان مضمونة فقط في الدول الديمقراطية العلمانية،وليس في الدول الدينية.القضاء على الطائفية السياسية يمكن فقط عندما يبتعد الاعلام المرئي والمسموع عن بث البرامج الدينية الطائفية،ويتعامل مع الارهاب ليس برؤية طائفية بل برؤية قانونية ليعتبره اجراما وليس واجبا دينيا او جهادا منصوص عليه بالكتب السماوية.
     ما يحتاجه العراق هو وحدة الصف وبناء النظام الديمقراطي العلماني والولاء للوطن ونبذ الطائفية ونشر ثقافة روح التسامح وقبول الآخر المختلف،والعمل وفق شعار الدين لله والوطن للجميع – الدين لله والدولة للجميع!الشعب العراقي في وادي والحكام في وادي آخر،والصراع يتفاقم بين القوى السياسية التي تؤمن بالديمقراطية والبناء الديمقراطي للدولة المدنية وبين القوى التي تريد تحويل السلطات الى مغانم ومراكز نفوذ وشبكات فساد مالي تكون حاضنة للارهاب والفاسدين والعودة الى لغة السلاح والدخان والانقلابات السياسية والعسكرية!. 
   التيار الديمقراطي والقوى السياسية لحركة شعبنا الوطنية ليست مجرد جمع جبري هندسي اداري ائتلافي توافقي تعشيقي بل بالاساس قائمة على مناهضة الطائفية السياسية ومؤسسات الولاءات دون الوطنية المغروسة في سايكولوجية المواطن،ومقارعة الاقطاع الطائفي السياسي داخل الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة والمحاصصة وفق الولاءات الاصطفائية ونهب خزائن الدولة وهبات اعادة الاعمار لتمويل الأرهاب وملء الجيوب!


بغداد
2 ايار 2012



77
عبد الامير الخرسان والاقتراحات الجديدة القديمة الى الحزب الشيوعي العراقي!

                                                                                                                                         سلام كبة
   في مقالة نشرت يوم 19/4/2012 للكاتب عبد الامير الخرسان تحت عنوان"اقتراح الى السادة قيادة وأعضاء الحزب الشيوعي العراقي!"على المواقع الانترنيتية،اعاد فيها الآراء التي سبق واثيرت قبل اعوام وجوهرها التحفظ على تسمية"الشيوعي"،الى جانب آراء اخرى تتعلق بالموقف من الدين،الديمقراطية والحرية وحرية التملك وحرية الفكر وحرية الصحافة والاعلام،التخلص من الاسماء القديمة لمؤسسي الحزب واختيار المؤسسين من اعضاء الحزب نفسه!مستشهدا بالحزب الشيوعي الفنلندي الذي حول اسمه الى حزب الشعب الفنلندي!واكد الكاتب"ان الحزب الشيوعي العراقي لم يحالفه الحظ في النجاح بالانتخابات التي أقيمت مرتين وذلك لأسباب عدّة منها اولا/انهزام الناس من الحزب باعتبار المؤسسين من الاجانب ولا يؤمنون بالدين الاسلامي،ثانيا/اعتمدوا في المنظور السياسي على المؤسسين القدامى مثل لينين وكارل ماركس و...وهؤلاء أجانب عن الشعب العراقي وغير مسلمين،والشارع العراقي كله مسلم ويأبى الدخول في حزب مؤسسيه غير مسلمين!"
   مقالة الاستاذ الخرسان لا تضم آراء جديدة،فقد اثارها ويثيرها عدد غير قليل من المثقفين بمناسبة وبدونها!ومن منطلقات النقد"الذي يبدو بناء من زاويتهم"او من منطلق الجهل بالبديهيات التي لا ضير من استعادتها!

•   في 14 شباط من كل عام يحتفل الشيوعيون العراقيون بيوم الشهيد الشيوعي تمجيدا للرفيق فهد ( يوسف سلمان يوسف ) سكرتير الحزب الشيوعي ورفاقه الذين اعدمتهم سلطات الحكم الملكي البائد عام 1949 محاولة منها وبايعاز من اسيادها في الغرب كسر شوكة الشيوعية المتنامية في بلادنا وتحجيم الفكر الاشتراكي العلمي..وفي 31 آذار من كل عام يمجد الشيوعيون ذكرى تأسيس حزبهم المجيد،ويمجدون الرفيق فهد مؤسس الحزب،وهو عراقي وليس اجنبي!ومن اصول كادحة!
   والحزب الشيوعي العراقي - فصيل سياسي تقدمي،حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي.وامتلك هذا الحزب الطبقي الجسور الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي الراهن في العراق ليشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية،صوته مسموع وتاريخه مشرف.وليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة،احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،محاولات التمشدق بالاستقلال والسيادة الوطنية وبالدين والأخلاق والتمويه والمخاتلة،تكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والارهاب.واذا كان  الحزب الشيوعي منذ تأسيسه في 31 / 3 / 1934 واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات و وثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة العقود الثلاث الاخيرة...قد الف هذه الحملات،فانه من خلال تفحص طبيعة المواضيع التي تركز عليها التخرصات و التهجمات والتطاولات على سياسة الحزب الشيوعي العراقي يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المذكور،كانعكاس وأداة للطبقات الرجعية وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب..الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي..تحالف ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية  لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية،ولطوطمها القابع في قم معا،وكجزء من الصراع الطبقي الكبير المشتد حول الموقف من القضية الوطنية والثورة الاجتماعية.
    ان الهدف المركزي الذي يوجه الفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء.نحن هنا ليس بصدد الاعتداءات التي يتعرض لها الكثير من اعضاء الحزب الشيوعي والمضايقات والتهديدات واعمال الخطف والتهجير والابتزاز في المدن العراقية،بل الحملات الاعلامية والصحفية والخطب الجنجلوتية التي تصب في خانة الفكر الرجعي الراهن.
    سيبقى حزب فهد،الحزب الشيوعي العراقي،وساما لبلاد الرافدين!..كنت وطنيا قبل ان اكون شيوعيا،وبعد انضمامي للحزب الشيوعي،أحببت وطني أكثر!..قووا تنظيم حزبكم،قووا تنظيم الحركة الوطنية..ان الحزب الشيوعي العراقي حزب ناضل على مدى ثلاثة ارباع القرن في سبيل استقلال وسيادة العراق ومن اجل ان ينعم الشعب بالحرية والديمقراطية والحداثة والتقدم والعدالة الاجتماعية والسلام،وامتلك السياسات الصائبة والمبادرة في الحقول الوطنية والقومية.وشارك بفعالية كبيرة في عمليات التنوير الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لعقود عدة وحقق نتائج ايجابية وقدم للمجتمع كوادر متخصصة في مختلف العلوم والآداب والفنون..وقدم الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية الكثير من التضحيات وتحمل الكثير من المحن والاضطهاد والقسوة البالغة من اجل تحقيق اهداف الشعب.ويصعب تصور عدد السنين التي حكم بها الشيوعيات والشيوعيون العراقيون من قبل المحاكم العراقية السياسية غير المستقلة وغير العادلة والظالمة على امتداد الفترة المنصرمة منذ تأسيسه.


•   يحيي صعاليك الفكر الرجعي المعاصر طروحات اسلافهم في مهاجمة الحزب الشيوعي العراقي بحجة التزامه آيديولوجيات غريبة عن الجسم العراقي اجتماعيا وثقافيا وتاريخيا!ولحزمه في كشف الاعيب القوى المناهضة لحركة شعبنا الوطنية التحررية،ولتحالفاته.ولا يدرك هؤلاء ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم  باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية،وانما عبر المحاكم العراقية العادلة!
  اما محاولة الاتكاء على  شماعة البعث كمبرر لوجود الانتهاكات والتجاوزات،فليس الا جانب يعبر عن فشل الخطاب الطائفي والتبريري،وسياسة تشكيل الميليشيات،والفشل الحكومي في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي،يضمن حقوق الانسان،وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع المواطنين..كيف اتفق أن من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين .. يمارس الآن سفالتهم؟.. ثم يأتي البعض الآخر ليشوه الحقائق التاريخية،نابشا الماضي،مطلقا  التصريحات التي لا تسر كل من احب العراق وضحى من أجله،متقصدا الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة والشيوعيين بالذات.
    ويتعرض الحزب الشيوعي العراقي لحملة افتراءات ايضا لتشويه تاريخه من اليسار الطفولي واصحاب الجملة الثورية والانتهازية لا داخل بلادنا فحسب بل من رفاق الامس في الخارج اي من بعض الاحزاب الشيوعية والعمالية العربية والعالمية التي ارتبطت بأوشج علائق الفساد مع النظام الدكتاتوري البائد ونظم دمشق وطهران التوتاليتارية ...ومن متطفلي العمل الثوري في شتى ارجاء المعمورة.الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يناهضون الطائفية السياسية لأنها تريد ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين وبما ينسجم مع رغبات التيارات الدينية – الطائفية السائدة اليوم ..اعداء الحزب الشيوعي العراقي..هل يستوعبون التاريخ؟
   الحزب الشيوعي العراقي حزب طبقي اولا  يعبر عن ارادة ابناء الشعب من الكادحين – عمال وفلاحين وغيرهم،ومن المثقفين،في النضال ضد الاضطهاد السياسي والقومي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي،ومن اجل التحرر والاستقلال وبناء المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي والاشتراكية.وكان منذ نشأته،ولم يزل،مدافعا أمينا عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وعامة شغيلة اليد والفكر.
    هذا التحديد يحصر العدو الطبقي في زاوية ضيقة،وهو عدو تمثل بالفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضاربة ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي(البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية).ان هذه الرأسمالية التي تحاول ان تظهر نفسها  كرأسمالية جديدة،وهي بنت البارحة..كومبرادور وطفيلية العهد الصدامي،تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها،وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد، وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة، تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات، وتشجع  الرشاوي والارتزاق، وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.
    الاشتراكية بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي هدف وليس حلم طوباوي،انه مطلب جماهيري.الاشتراكية العلمية – نظرية علمية شاملة تشمل الماركسية وكل التراث الاشتراكي التقدمي ولا تضع الحزب الشيوعي على سكة قطار الأحزاب الأشتراكية الديمقراطية اي الغاء الصفة الطبقية للحزب ليكون بدون لون ولا رائحة كما قال الرفيق الخالد فهد(كراس القائد الشيوعي الفذ فهد  الموسوم بـ " حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية "  5 كانون الأول 1943).
     الاشتراكية العلمية وحدها تضمن ان يبقى الحزب الشيوعي حزبا واقعيا عصريا متجددا بأستمرار ورافضا للجمود الفكري والتكلس التنظيمي،حزبا ديمقراطيا في بنائه الداخلي،جماعيا في قيادته،منظما في علاقة هيئاته المنتخبة بأرادة رفاقه،حيويا في نشاطه وعلاقاته،امينا في مبادئه،صادقا في تعامله،وان يكون التجديد  كضرورة ترتبط بهويته الفكرية والطبقية،وكحاجة ماسة لتواصل نشاطه الحالي والمستقبلي.
    في الاشتركية قيم واخلاق ومبادئ تلهم سلوكنا السياسي والاجتماعي اليومي.وفيها يجر القضاء على استغلال الإنسان للانسان كظاهرة اجتماعية مؤقتة في حياة المجتمع البشري، ظهرت مع ظهور الملكية الخاصة للانتاج وستزول يوما ما مهما طال الزمن.وتتجلى بها الحس المرهف للمساواة والعدالة والحرية واحترام حقوق الانسان والتضامن الاجتماعي والتضامن الاممي والاخلاص العميق للديمقراطية والتعددية والتبادلية واحترام الرأي الأخر ونبذ العنف.
   الاشتراكية العلمية وحدها تضمن ان لا يتحول الحزب نوعيا الى حزب آخر،الى حزب ديمقراطي ليبرالي.ان عملية تحويل الحزب الى حزب ديمقراطي ثوري او اشتراكي ديمقراطي او ديمقراطي ليبرالي سيؤدي مع مرور الزمن الى تخليه عن الموقف الطبقي،وان اي تغير للموقف الطبقي يعني المساومة مع الرأسمالية.ان هذه الدعوات ما هي الا احد اساليب معاداة الشيوعية صاحبة النظرية العلمية المدافعة عن مصالح الكادحين ضد الاستغلال والاضطهاد الطبقي والاجتماعي.ان الهدف الاستراتيجي للقوى الطبقية المعادية هو ازالة شئ اسمه حزب شيوعي عراقي من الساحة السياسية ... نعم انه صراع طبقي وايديولوجي ...


•   بين رجال الدين وائمة المساجد والحسينيات وآيات الله وحجج الاسلام عدد غير قليل من المجرمين والقتلة،بالمعنى الفعلي والمجازي الامر الذي يدعو إلى إحترام ذاكرتنا العراقية الجريحة والمدمية والمليئة بالدم ودخان الحروب، وعلى حكومات التاسع من نيسان أن لا تثقل علينا بإعادة تقديم هؤلاء وكأنهم آلهة طردهم إبليس من جنته..الامر الذي يستوجب ترك مصيرهم الى القضاء والمحاكم العراقية النزيهة.
    لا زالت الأصنام الدينية الاسلامية قائمة كالأشباح،تهدد أرواحنا وعقولنا،وتلقي بظلالها على ابداعنا وطرائق تفكيرنا،والمحاولات المحمومة المنظمة جارية على قدم وساق لتجديد بريقها المنطفئ واعادة الحياة في بعض الطواطم الكريهة والمومياءات المتيبسة كي يواصل الكابوس هيمنته على حياتنا الروحية.الوضع الحقيقي والصحيح أن يحاسب هؤلاء بغض النظر عن مكانتهم الدينية ومرجعيتهم المقدسة ومواهبهم،رغم التشكيك بمقدرة بعضهم أصلا.
    الاديان السماوية في عراقنا الجريح لا زالت أسيرة اصنامها الحجرية ورؤاها النقدية،واسيرة لذائقتها التي ترتعش من الأقتراب من حدود المقدس،او النظر بجرأة في التابو أو التحريم الاجتماعي،ويعتمد فطاحلها على ثقافة الانشاء اللفظي والنقد الاخواني المدائحي، وتستمد الكثير من جذوتها من الروح العشائرية والطائفية.
    وورث الاسلام السياسي الذي تحكم بعض رموزه العراق اليوم هذه الثقافة الخائفة المرتجفة الفجة التافهة المقيتة،ثقافة تزوير التاريخ والأحداث والوقائع والمواقف.الثقافة القطيعية الطائفية وجر "الرئيس القائد" و" الطائفة القائدة " الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!ثقافة الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات وقوة السلاح!ثقافة تحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب!لقد ورث الاسلام السياسي الذي تحكم بعض رموزه العراق اليوم بعض السياسات والثقافات الغربية الفضفاضة،سياسات الفوضى والفوضى البناءة التي تخشى التخطيط المبرمج والتنمية والاعمار والبناء والتنظيم والتي تتسم باتساع نطاق الغموض في عدد من القضايا(المناطق الرمادية) وبالأخص قضايا الديموقراطية وحقوق الانسان والتأرجح بين دعم الديموقراطية الليبرالية او الدفاع عن الثيوقراطية (الحكم الدينى) وولاية الفقيه،تطبيق الشريعة الاسلامية ومن الذى له الحق فى التشريع وتحت أى سلطة،استخدام العنف،التعددية السياسية،الحقوق المدنية والسياسية والمرجعيات الدينية،حقوق المرأة وقضايا الاحوال الشخصية من زواج وطلاق وحضانة الاطفال وميراث ونقل الجنسية منها الى اطفالها.
     صناعة الفتوى في العراق تعمد الارهاب والفساد وتدعمه بنصوصها المحرضة على القتل وهدر دماء بني البشر والاستحواذ على الاموال بدعوى استخدامها لمشاريع تخدم الاسلام،كأننا مازلنا نعيش في زمن الناقة والبعير ونتباهى بالسيف وحز الرؤوس والسبايا والزيجات المتعددة التي اصبحت زنى شرعيا يمارس تحت عباءة الفتاوى الضالة،وليت دعاة هذه الزيجات يزوجون بناتهم او اخواتهم لبني البشر مثلما يفعلون مع المغلوبات على امرهن!ولم يقتصر تدخل رجال الدين في الحياة العامة والسياسية،فهم لم يتركوا شيئا في حياة الناس الاجتماعية الا وتناولوه وفق اجتهاد هذا الفقيه او ذاك المرجع،بدءاً باستيراد الملابس والعطور وادوات الزينة،والقاء التحية،ودخول الحمّام،مرورا بالجماع بين الزوجين،وتحريم البيبسي والكوكا كولا،وليس انتهاء بتحريم الاطلاع على الثقافات الغربية وتحريم الاغاني والافلام!وهناك فتاوى اقتصادية في العراق!!هل تخضع خطب الجوامع والحسينيات  للرقابة والحساب مثلما تخضع الكلمة الحرة؟
    هناك جهات لازالت تتخذ من الدين وسيلة وغطاء للترويج لمشاريعها الجهنمية التخريبية،كأن تفتي بأن عمليات الاتجار بالمخدرات ليس محرما!وتعطيه صفة العمل المشروع،مبررة ذلك بعدم ورود نص قرآني بتحريم المخدرات!متوجهة الى تحريم ما يمس حاجات الناس اليومية،مثل تحريم اكل سمك الزبيدي بدعوة عدم وجود صدف فيه!او تحريم الثلج لان النبي(ص)لم يعرف عهده الثلج!..الخ من الخزعبلات والترهات.اما المناسبات الدينية فلازالت تحيى باستعمال الزناجيل واللطم والزحف على الركاب وبالهرج والمرج والفوضى والسير على الأقدام مئات الكيلومترات!بينما تستغل هذه المناسبات استغلالاً سياسيا ليس حبا بالمناسبة بقدر تخدير المواطنين ودفعهم بالضد من مصالحهم،واستغلال المناسبات دون التفكير بهم والحفاظ على حياتهم.وتشجع قوى خارجية هذه المظاهر وتصرف اموالا طائلة من اجل تضخيمها لاستنساخ عادات وتقاليد بعيدة عن تقاليدنا وعادتنا،على الرغم من عشرات التوصيات من المراجع الدينية العراقية التي تؤكد نبذ استخدام هذه الممارسات باعتبارها مخالفة للدين الاسلامي،وهي شعائر ليس لها أية صلة بالتعاليم الاسلامية،وتشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين الذين يدفعون من بعض القوى الطائفية باتجاه ابراز العضلات!
    اللجوء الى الدين والطائفية السياسية ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي،ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا!وبالأخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية.ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط معينة في ترسيخ الدور الايجابي في جذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال،كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر انقسام القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي.
   ان أكبر إساءة توجه للدين هو استغلاله كواجهة للعمل السياسي والصراعات السياسة الذي قد يؤدي الى تناحرات خطرة يصعب السيطرة عليها وهو ما نشهده في الزمن الحالي البالغ الخطورة. كما عمل الحزب بجدية ضد من يحاول تحويل المعتقد الديني الى مجموعة من الخرافات والجهل والممارسات العنفية التي تسئ الى تراثنا الديني ورموزه وملاحمه بهدف فرض قيم التجهيل والاستبداد والتكفير وثقافة قطع الاعناق وضرب الهامات بالقامات واللطم والبكائيات وتسويد الجباه التي لا علاقة لها بالايمان الديني.لقد حاولت التيارات الاستبدادية والظلامية التشكيك في دعوات الحزب لاحترام المعتقدات الدينية وبثوا الافتراءات تلو الافتراءات ضد الشيوعيين العراقيين في محاولة لتصوير الشيوعيين وكأنهم أعداء للايمان والمعتقدات الدينية متجاهلين كون العديد من رجال الدين الافاضل ساهموا الى جانب الحزب الشيوعي في نضاله الوطني والاجتماعي ومنهم الشيخ عبد الكريم الماشطة والطيب الذكر الشيخ محمد الشبيبي والد الشهيد حسين الشبيبي وسادة افاضل آخرون ...
    نحترم الدين  ولكننا نعارض توظيفه في اغراض سياسية."نحن نحترم قناعات الناس،كل الناس.لكننا لا نقبل ولا نرتضي ان يجري اتخاذ الدين غطاء لمصالح اقتصادية واجتماعية او لاغراض سياسية لمصلحة هذه الفئة او تلك الطبقة،او ذلك الاتجاه السياسي.لهذا فنحن لا نعتقد اننا نقف موقفاً سلبياً من الدين حين نطرح ضرورة فصل الدين عن الدولة،على العكس،فنحن نعتقد،اننا بذلك نقدم احتراماً اكبر للدين وللمؤسسات الدينية،لذلك فنحن لا نتردد في الاعلان عن احترامنا للدين ولقناعات الناس وتقاليدهم الدينية.
    نحن الشيوعيون العراقيون نحترم التنوع الديني في البلد فالعراق يحتوي على اديان مختلفة.صحيح ان الاغلبية مسلمة،وهذا ما سجله الدستور،لكن هذا لا يمنع الاعتراف بوجود عقائد وأديان اخرى،كالمسيحية والصابئية او الايزيدية،او غيرها.حزبنا حزب وطني، انه ليس حزباً دينياً، فهو يحتوي في اطاره مناضلين من كل الاديان والقوميات،هو حزب العراقيين من كل شكل قومي،اثني، ديني او مذهبي ".برامج الحزب الشيوعي العراقي سجلت وتسجل موقفاً واضحا من الدين.
   وجب عدم الخلط بين الدين ككيان آبستمولوجي ومؤسساتي في تاريخه المتطور والنزعات المادية فيه ولاسيما المسيحية والفلسفة العربية الاسلامية،وبين الحركات السياسية الدينية التي هي احزاب سياسية صرفة!والتمييز في العناصر الاعتقادية الايمانية في بنية الفكر الديني وبين العناصر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية في هذا الفكر اي المحتوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبرامج هذه الاحزاب الدينية..،وهي برامج تشجع على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية،واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي،وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي،وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة.
   الحزب الشيوعي العراقي – حزب علماني يستنهل من  فنار الاشتراكية العلمية مرشداً له لتكثيف جهوده في تشييد صرح الديمقراطية الناشئة على أرض العراق.وهو يسعى إلى تكريس مبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور والقوانين المرعية والى احترام جميع الأديان والمذاهب وحقها في ممارسة طقوسها وتقاليدها الدينية الإنسانية،إضافة إلى احترام كل الاتجاهات الفكرية والسياسية التي لا تخل بمبادئ الديمقراطية أو تدعو الى العنصرية والشوفينية والطائفية السياسية والتمييز بمختلف أشكاله.
    تمسك الحزب بالمجتمع المدني الديمقراطي واحترامه الكامل لحقوق الانسان وحقوق المواطنة والحرية الفردية وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والتعددية الفكرية والسياسية والتداول الديمقراطي البرلماني للسلطة ورفض العنف والحركات الانقلابية واستخدام السلاح للوصول الى السلطة.وهو يعمل من اجل اقامة جبهة واسع باسم "جبهة الديمقراطية والتقدم" في العراق تجمع فيها وحولها كل القوى التي تسعى الى ذلك لتناضل من اجل تكريس النظام الديمقراطي الدستوري المدني والفيدرالي ومن اجل تعديل الدستور الجديد باتجاه اكثر انسانية وديمقراطية واكثر احتراماً للقوميات والأديان والمذاهب والأفكار وحقوق المرأة والمثقفات والمثقفين والتعدد الثقافي في العراق،وبعيداً عن الطائفية السياسية ورفض الدمج بين الدين والدولة.
    يرفض الحزب الشيوعي العراقي  تكريس الطائفية السياسية ونهج المحاصصات  الطائفية الوباء الخطير الذي يسمم الحياة السياسية،ويتناقض مع الديمقراطية،ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها،ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين،ويضر ببناء الوحدة الوطنية.ان الطائفية التي يتم تمريرها اليوم هي من اخطر المشاكل التي يغذيها الاحتلال،والتي تهدد وطننا ومجتمعنا،اضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل،والانفلات الأمني التام،والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة،وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة.
     وتسفر الطائفية عن وجهها القبيح عندما تفرض نفسها وآيديولوجيتها في المناطق التي تشكل فيها الاغلبية دون خوف من اي جهة كون الاحزاب السياسية النشطة هنا لها نفوذ لا يستهان به على الحكومة المركزية في بغداد،اضافة الى انها تحظى بدعم كبار رجال الدين.ترى أيّ ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد انتاج افكارها القديمة،ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها؟قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها وليجر الاستقواء والاتكاء على الطائفة بدل الاستقواء بالديمقراطية و بالمواطنة..ان العراق يحتاج الى تعزيز الهوية الوطنية للامة العراقية وروح المواطنة لها والتي بدونها لا يمكننا الحديث عن الاستقرار والمساواة في الفرص وتعزيز رابطة الاخوة بين العراقيين وحماية وحدة العراق بغض النظر عن كل الهويات الدينية والطائفية والعرقية فالعراق ينبغي ان يكون وطن الجميع والدولة العراقية هي دولة الجميع والدين لله.
   ان احزاب الاسلام السياسي بواجهاتها وجامخاناتها المتعددة غير قادرة موضوعيا وتاريخيا في مواصلة التخندق خلف حصن"القدسية الدينية"المزعومة وحصن العشيرة بسبب جهلها وتفاهتها وسفاهتها وهزالتها.


•   اسم الحزب الشيوعي العراقي كان ولا يزال منارة للحركة التقدمية والديمقراطية وصماما اساسيا للتحالفات الوطنية الجادة،والمطلوب ليس اعادة النظر في اسم الحزب الشيوعي العراقي،بل المطلوب هو اعادة النظر بالمفاهيم التي تجاوزتها الحياة وتعميق الممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية وتدقيق سياسة التحالفات الوطنية وايجاد خطاب سياسي يتلائم والواقع الجديد الذي يعيشه شعبنا بعد زوال النظام الدكتاتوري وبعد كل المتغيرات والكوارث التي مر بها ويعيشها وطننا ويعاني منها ابناء شعبنا.الاحزاب السياسية الرصينة لا تغير أسماءها كما يغير الرجل زوجاته وفق قاعدة تعدد الزوجات سيئة الصيت!ومع كل تغيير في الواقع السياسي!بل من الضروري واللازم أن تغير في سياستها وبرامجها،وتستجيب من خلال ذلك لمتغيرات الواقع ..ان الحزب الجماهيري يقاس بواقعية برنامجه وسلامة شعاراته،وبعدد الملتفين حول ذلك البرنامج وتلك الشعارات!
   ارتبط اسم الحزب الشيوعي العراقي بضمير شعبنا العراقي من خلال نضالاته خلال اكثر من نصف قرن وقيادته لمعظم انتفاضات ووثبات جماهيرنا وتقديمه الوف الشهداء في معارك الشعب الوطنية،وليس لحزبنا الشيوعي العراقي نقاط سوداء يخجل منها تجاه جميع القضايا الوطنية والقومية.وكان الحزب ضحية مباشرة وأساسية للسلطات،وهو بذلك لا يتحمل أوزار السلطات  في مختلف عهودها.ولا زال الشيوعيون العراقيون قادة جماهيريين امام انظار شعبهم ولا زالوا نموذجاً يحتذى به باعتبارهم مضحين اساسيين في معارك الشعب وانتفاضاته.الشيوعيون العراقيون لم تقهرهم السجون بل قهروها!!
    تضمن جماهيرية الحزب مراقبة القيادة!والحزب الجماهيري ليس بعدد اعضائه فحسب،فقد ضم حزبا البعث في سوريا والعراق وحزب شاه إيران(راستاخيز)والحزب الاشتراكي الالماني(حزب هتلر)،وكذلك الاحزاب الطائفية الحاكمة اليوم في بغداد،ضمت الملايين..لكنهم لم يكونوا احزاب جماهيرية!
   ليس للحزب الشيوعي العراقي ما يميزه عن الأحزاب والتنظيمات العراقية الأخرى غير تاريخه النضالي الطويل وسمعته الوطنية الطيبة التي تحققت بفضل المثابرة والنضال الصلب لأجيال وأجيال،مما جعل الشيوعيين قدوة حسنة في الحكمة والشجاعة والثورية والثبات في مقارعة الأنظمة الأستبدادية!وعند استخلاص تجربة الحزب في التحالفات نخلص الى الاستنتاجات التالية:ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة،التحالف ليس نتاج رغبة بل هو حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد،التحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه،واذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فإنه لا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. 
  التخلص من تعبير "الشيوعي" في تسمية حزب الطبقة العاملة دليل على نهج براغماتي مدمر..والبراغماتية اداة لأشد الظلاميين والرجعيين تطرفا للتشهير بالحجج العلمية،وهي تتنكر للتنشئة الاجتماعية كونها الاسمنت المسلح الذي يربط مختلف مكونات النسق الاجتماعي ببعضها البعض،من خلال اعادة انتاج منظومة القيم والمعاني والمعايير الاجتماعية،وترسيخها في النفوس.البراغماتية والفلسفة العلمية على طرفي نقيض،لأن البراغماتية منهج روزخوني سفسطائي يبرر الاخلاق الرأسمالية على علاتها وينشر الخرافات والعقائد الجامدة المناهضة للعلم.وفي البراغماتية لم يعد المهم ان تكون النظرية او تلك موافقة للحقيقة بل ان تكون نافعة او ضارة بالرأسمال،مناسبة او غير مناسبة،ترضى عنها الشرطة ام لا ترضى.بدلا عن البحوث المجردة ظهرت المماحكات المأجورة،وبدلا عن التحقيقات العلمية ظهر الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن النظام القائم!.وتدعو البراغماتية الى وضع الفلسفة في خدمة الانتاج والاستهلاك معا!


•   ثمة صفتين يجب ان يتحلى بهما المرء عندما يتعاطى مع التاريخ ليضمن رأسه فوق كتفيه في عهود الطائفية السياسية،هما:النفاق والغباء.والاحزاب الطائفية والطائفية السياسية لا تقدم للبلاد سوى الفكر الاسود وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية ومشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية،لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق،وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا.
   لقد ساهمت الارهاصات التالية في فضح الطائفية السياسية في العراق وتطلعاتها:
1.   ارهاصات ايران الدولة الاسلامية،وانتاج الهرمية والتراتبية فعزلت النخب الحاكمة نفسها عن الشعب.انها حكم رجال الدين – السادة الجدد الذين الغوا سيادة الشعب والاحكام الاسلامية معا!انها حكم آخوندسالاري،اي حكم الكهنة واغتراب الحكام عن الدين.انها الشعبوية،ومجلس الصيانة يجرد البرلمان من السلطات،ويقمع القائد رئيس الجمهورية،ويجعل مفهوم ولاية الفقيه من فكرة الجمهورية عبثا!.ويقوم مجلس الصيانة بمهام مجلس قيادة الثورة ابان العهد الصدامي.
2.   ارهاصات الواقع الكارثي الذي خلفه لنا  الدكتاتور كحمل ثقيل تنوء به الجبال من جهل وفقر وهدر لكرامة المواطنة وقلب مفاهيم حقوق الانسان والديمقراطية رأسا على عقب،وكذلك الاقتصاد المدمر والضرر البالغ بالبنية التحتية والهدر السريع للثروات وهلاك لمئات الآلاف من العراقيين والقوى العاملة واستنزاف العقول والهجرة الجماعية للكفاءات العلمية والثقافية والهبوط الحاد في مستوى المعيشة وتدني انظمة الصحة والتعليم.
3.   ارهاصات الاصولية الاسلامية والطائفية،والارهاب الذي اتاح الفرصة للمتسلقين من بعض السياسيين الجدد في ترسيخ المحاصصة الطائفية.
4.   ارهاصات الفساد الكارثي وسرقات المصارف!
5.   ارهاصات الانتشار الواسع للبطالة التي تبقي العراقيات والعراقيين في دائرة العوز والحاجة.


•   الانتخابات ممارسة ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع،وخاضعة اصلا لسوق السياسة والاجتماع والاقتصاد والحراك الطبقي في بلادنا!والعمليات الانتخابية التي جرت لحد الآن ومنذ التاسع من نيسان ليست سوى استفتاءات محسومة النتائج لصالح الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية ولاغراض تغطية ادعاءات الولايات المتحدة وايران معا بالديمقراطية كهدف من اهدافهما!ولصالح من يريد للاغلبية الصامتة في بلادنا ان تبقى صامتة،ولمن يسعى،خلف الكواليس،الى ان تبايع هذه البلاد"محرريها"سرا!،وباتجاه تمرير حزمة من الاتفاقات والقرارات الاستراتيجية البعيدة المدى المتعلقة بان يكون العراق او لا يكون،مثل قضايا المياه وسرقة حقول النفط العراقي والمعادن الاستراتيجية الثمينة الاخرى والدخول في احلاف عسكرية او ارتباطات عسكرية وامنية اقليمية ودولية!
    ان عملية الانتخاب والحكم على نزاهتها لا يحدده يوم الاقتراع وحدة فقط؟لان الانتخابات ممارسة ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع وعملية كبيرة تبدا بخطوة وتتبعها خطوات مترابطة نحو هدف كبير يتلخص في احترام ارادة الناخب،وتوفير الثقة بالنتائج!وهل للمفوضية العليا"المستقلة"للانتخابات ان تبرر عدم العدالة في استخدام وسائل اعلام الدولة؟وهل عاقبت قائمة ما بذخت بشكل ملفت من المال السياسي؟هل تابعت خروقات استخدام رموز الدولة ووسائلها في الحملة الانتخابية؟وكيف لمفوضية مستقلة،مهنية،محايدة ان تعلن استكمال استعدادها لادارة الانتخابات ليس بقانون جائر وحسب،بل في غياب قوانين اساسية اخرى،دونها لا يمكن ان تكون هناك انتخابات؟
   الميليشيات الانتخابية توفر البيئة الخصبة لولادة ظاهرة مقاولي الاصوات والسمسرة الانتخابية،والتخصص في نقل الناخبين خلال فترة الدعاية والاقتراع بعد ان يتسلموا الهبات المالية والهدايا العينية الموعودة،وبعضهم اصحاب مضايف وملايات.وتتسبب هذه الميليشيات بتوسيع عملية شراء اصوات الناخبين،وبث الذعر والخوف واشاعة الارهاب الفكري والسياسي،واستغلال معاناة سكان الاحياء العشوائية عبر ايقاف تهديدهم بالترحيل ومساومتهم بوعود ضمان امتلاكهم اماكن سكن قانونية،وتشغيل الآلاف من ضحايا البطالة لتأدية مهمة وضع الملصقات على جدران البنايات والحواجز الاسمنتية وتمزيق ملصقات الخصوم السياسيين،وتسقيط اصوات المنافسين بالتأشير المتكرر على القائمة المنافسة او حسابها مع القوائم غير الصالحة او الغش في تسجيل اصواتها في استمارتي(501 و 502).وبحماية الميليشيات الانتخابية يقوم قادة بارزون في القوى السياسية المتنفذة بالدخول الى مراكز العد والفرز والتدخل في سير العملية الانتخابية،ويقوم عدد من الموظفين بالتلاعب في النتائج من خلال البيانات التي تدخل في عمليات العد والفرز بواسطة الحاسوب،والتزوير الواسع على مدى ساعات عمليات الاقتراع والتأخير في الاعلان عن النتائج،وتأشير اوراق اقتراع الناخبين الذين عزفوا عن المشاركة والاقتراع بدلا عنهم!والميليشيات الانتخابية تفسر اندفاع القوى التي هددت وتهدد باستخدام السلاح في حال خسارتها!وتواجد بعض اوراق الاقتراع وعددا من ارقام اقفال الصناديق مرمية في شوارع بعض المدن،ولغز المرشحين الذين لم يحصلوا الا على رقم 0،ومحاولات بعض القضاة من المحكمة الاتحادية فتح صناديق الاقتراع عنوة،واعمال الخطف التي تتزامن مع ازمة النتائج الانتخابية والطعون التي تقدمها اطراف عديدة،والاصطفافات الطائفية.لقد استطاعت القوى المتنفذة على مدى سنوات حكمها ان تؤسس لها مواقع لا تستطيع التخلي عنها بسهولة،لما قام به كل هؤلاء من خروقات قانونية ومالية واشتراك كامل في الاعمال الارهابية،تؤدي بهم في حال انكشاف امرهم الى المثول امام العدالة،وأسسوا لامبراطوريات من الفساد والرذيلة،يتستر بعضهم على بعض،بحجة ضرورة استمرار العملية السياسية وعدم التراجع الى الخلف.
  لقد اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا اواخر تشرين الاول 2010 اعتبرت فيه ان ابقاء جلسة البرلمان الاولى المنعقدة في 14 حزيران 2010 مفتوحة،يشكل خرقا للدستور العراقي،وقبل ذلك اعلنت المحكمة الاتحادية العليا في حكم اصدرته 14 حزيران 2010 عدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب،وبذلك اشرت هذه المحكمة جانبا من مواطن الخلل في ممارسات الكتل المتنفذة!
    الانتخابات في عرف الفكر القومي والطائفي نزهة ديمقراطية لا احدى الصيغ الديمقراطية التي تتبعها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة في العالم،وكلما كانت الممارسة الديمقراطية نزيهة وحرة وشفافة تعكس مدى التطور والتقدم وارتفاع الوعي الوطني عند هذا الشعب الذي مارسها،وتعكس درجة الديمقراطية التي يتعاطاها ويتمسك بها ابناء هذا البلد.وليس هناك من طريق امام الفكرين،القومي والطائفي،كي ينهبا ويحتكرا المناصب الادارية سوى العنف والسلاح والخداع والتضليل،كي يرهبا الشعب ويفرضا سطوتهما ويزور التاريخ وتزور الانتخابات،وهما يستمدان مرجعياتهما من العقلية الدينية والعشائرية،ولا يؤمنان بالديمقراطية كمفاهيم حضارية،ويتشابهان في الوحشية والتدمير لكل من يعارض افكارهما،ويضمران الحقد للمؤسساتية المدنية التي تؤمن بالمفاهيم الحضارية والديمقراطية كحقوق الأنسان ومبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.
   تحسب القوائم المتنفذة حساباتها،لكن حساب سخط وتذمر الناس ومواقفهم الرافضة لمحاولات الاستخفاف بعقولهم،لا يجر حسابه.وامام ارادة الناس في تغيير الأوضاع تتلاشى المتاريس التي يختبئ خلفها من يعمل على اعادة انتاج المحاصصة والطائفية السياسية،سواء عبر تشريع قانون يسهل له ذلك،او عبر ائتلافات لا تختلف في شيء عن تلك التي عرفناها.وشعبنا العراقي ذاق الامرين من الحكم الدكتاتوري المقبور،والذي اكثر من تحدث عن الديمقراطية؟وكان لديه اسطبل وطني،لم يكن ليس اكثر من واجهة تجميلية؟


بغداد
21/4/2012


78
محمود القبطان والكوردايتي

                                                                                                                                      سلام كبة

   الانجرار وراء المهاترات الكلامية لا تمت للثورية بصلة،وبديهي التمييز بين النقد الجاد البناء ومن منطلقات تأدية القسط الموضوعي في انقاذ العراق من التردي المستمر وبين التخرصات الجبانة لمستنقع شرطة الثقافة في بلادنا،ولا يختلف اثنان ان الكاتب محمود القبطان ينتمي للفصيل الموضوعي الاول..ولكن!هنا لابد من تحليل مقالته المعنونة"السيد سلام كبة نعم...ومع ذلك"والتي جاءت ردا على دراستنا المعنونة"التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا"!..ومما جاء في مقالته:
"وصل السيد سلام كبة الى حد مدح القيادة الكردية بدون مبرر وابراز النجاحات اللا منتهية للإقليم"
"أن يربط أو يحاول الربط بين الهجمة على الحزب الشيوعي العراقي والموقف من حكومة الإقليم أعتقد أن السيد سلام كبة لم يوفق به على الإطلاق"
"الهجمة بدأت من الناحية العلنية في 25 شباط 2011 وعلى مرأى ومسمع القيادة الكردية.."
"مشكلة العقود التي لا تريد القيادة في الإقليم نشرها وهي خرق دستوري بامتياز لأنها لم تكن بعلم الحكومة الإتحادية"
"إن الربط بين الهجمة على الحزب وبين تصاعد الحس الشوفيني ضد إخوة الوطن والمصير الاكراد هو ربط غير موفق على الإطلاق،بدليل عند كل القتل والهجمات ضد الحزب سواء المعلنة منها أو ما لم يعلن منه كانت بعلم ومرأى من القادة الكرد،ولم يدين احد منهم تلك الخروقات الدستورية أصلا ضد حزب مع العملية السياسية وليس ضدها،ولم نسمع لا من حامي الدستور,كما يسمون السيد رئيس الجمهورية،ولا من السيد البرزاني رئيس الإقليم ولا من كتلتهم البرلمانية أية إدانة أو تصريح على ما جرى ضد الحزب.."
"وهل يستطيع السيد كبة أن يعطي مثالاً واحداً لتضامن كردي سواء الحكومة في الإقليم أم رئيس الإقليم أو أي واحد منه كتلهم في البرلمان أن أرسل رسالة تضامن مع طريق الشعب بعد اقتحامها من قبل مفرزة أمنية وكأنهم عثروا على أكبر مصنع لتدمير الأرض وليس غير ذلك؟.."
"أين المنجزات التي يتحدث عنها السيد كبه؟ألم تضرب التظاهرات في الإقليم واستشهاد البعض منهم،كما حدث في بغداد من قبل القوات الأمنية وفي باقي المحافظات كذلك؟هنا يحق المثل القائل : شمر بخير ..بس.."
"إن الترابط والعلاقة الوطيدة بين القيادة الكردية والقوى الديمقراطية قد اندثرت بعد استئثار الحزبان الرئيسيان في الإقليم بمقاليد الحكم هناك,سواء على صعيد الإقليم أم العراق ككل.أن الحس القومي ألمصلحي قد أنهى العلاقة الوطيدة بين القوى الوطنية الديموقراطية واليسارية في العراق وبين الحركة الكردية بعد إعلان الفيدرالية ونسيان أيام النضال المشترك ضد النظام ألصدامي العفلقي البغيض لابل حتى بين الحزبين مازالت قضية البيشمركة والمالية والإدارة منفصلة ولن تتحد بسبب التسلط العشائري والهيمنة وسباق الحصول على أكثر الواردات المالية خصوصا والإدارية عبر الوظائف المهمة ثانيا"
"أما المادة 140 والمناطق المتنازع عليها فهي مادة دستورية قد "قضت نحبها"بسبب فوات المدة الزمنية المقررة لها"
"على رئيس الإقليم أن يكف عن التلويح بالانفصال في كل مناسبة لان هذا يثر المشاعر عند الشعب والعراق ليس بحاجة الى أزمات لان ما فيه يكفيه"
"ومن المخجل أن تتكرر الدعوات الى عدم تسليح الجيش العراقي بأسلحة متطورة وطيران حديث بسبب تفكير بائس باحتمال ضرب الإقليم مرة أخرى.."


اولا –

   التحليل الموضوعي لوجهات النظر التي طرحها القبطان تدل انها ليست بالجديدة ،لأن خزين الصراع الفكري في العراق غني وثري..فقد ارتبط حل القضية الكردية عضويا بالقضية الديمقراطية في تاريخ العراق السياسي الحديث،ومحنة الشعب الكردي جزء من محنة شعوب المنطقة.كما توقف الحل الديمقراطي للقضية الكردية في العراق على مستقبل تطور مجمل الحركتين الوطنية والديمقراطية في بلادنا ومستقبل مصير العراق – عراق المؤسسات الديمقراطية لتنظيم العلاقات السياسية والدستورية بين الشعبين في ظل نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي فيدرالي،وعراق المصالحة الوطنية والسلم،وعراق الفيدرالية اي الاتحاد الحر والاخوة العربية الكردية والوحدة الوطنية القائمة على اساس الاحترام والمساواة الحقة وبناء العراق الديمقراطي على ركام الروح الشوفينية والمشاعر القومية الانعزالية الضيقة!
  في 19/5/1992 توجه شعب كردستان العراق لأول مرة في تاريخه وبأسلوب نضالي آخر ضد الدكتاتورية الشوفينية وفي عملية تاريخية قليلة المثال إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مندوبيهم الى اول برلمان كردستاني!ومنذ 4/6 من العام نفسه شرع البرلمان في تشريع القوانين اللازمة لملء الفراغ الإداري الذي اوجده النظام بسحب اداراته من المنطقة والانتقال الى الشرعية البرلمانية القانونية.وظهرت حكومة اقليم كردستان الأداة التنفيذية للبرلمان!وكانت هذه الاجراءات رفضا قاطعا للسياسة الشوفينية والتآمرية للدكتاتورية وشروعا جادا في بناء المجتمع المدني في كردستان وترسيخ التعددية كمفهوم سياسي اجتماعي وممارسة حضارية في ادارة الحكم والصراع.واقر البرلمان الفيدرالية كتعبير حضاري متقدم للكيان السياسي المناسب في اطار النظام الديمقراطي الفيدرالي العراقي ...نعم،لقد ترجمت الذهنية الكردية افكارها منذ عام 1991 وبتوحيد ادارتي حكومة أقليم كردستان قاعدة لحوار بناء لمواجهة تحديات تجاوز المرحلة الجديدة للديمقراطية والفيدرالية بنجاح،وافساح المجال للصراع الفكري ان يدلي بدلوه في بناء مجتمع مدني حديث في كردستان العراق،وتأمين المنجزات التاريخية للشعب الكردي وتحقيق جميع حقوقه المشروعة،وتطوير وتنمية تجربة كردستان الديمقراطية وتعزيز الاستقرار والحريات،واعادة المناطق المستعربة الى احضان كردستان،وتوفير المناعة الضرورية ضد محاولات التدجين والاحتواء.
   لا بأس ان نعيد الى الاذهان ان تزامن الحملات الاعلامية والسياسية ضد الكرد وحركة التحرر الوطنية الكردستانية في العراق مع الحملات المنظمة ضد الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية والمؤسساتية المدنية في بلادنا لهو خير دليل على ارتباط القضية الكردية والكردستانية عضويا بالقضية الديمقراطية ومستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية،وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق!وكان ضرب الحركة الكردية في السبعينات حاضنة اساسية للاقتصاص من الحزب الشيوعي العراقي فيما بعد بسبب سياساته الاجتمااقتصادية،بينما ارتبطت القيادات الكردية مع الحزب الشيوعي بعلاقات كفاحية متميزة ضد الدكتاتورية البائدة،وانتظم الجميع في التحالفات الوطنية،جود وجوقد والجبهة الكردستانية.وكانت حركة الانصار الشيوعيين جزء اساسي ضمن فصائل البيشمركة الباسلة ب.م."قوات  الحركة التحررية الوطنية الكردستانية او القوى المسلحة التابعة للقوى الكردستانية"واحدى اهم الصفحات المشرقة في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ونضاله المستميت في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد،اعادت للحزب هيبته في اوساط الحركة الوطنية العراقية والقوى التقدمية والعالمية في المنعطفات التاريخية الحاسمة للشعب العراقي،وعززت ارتباط الحزب بالشعب والوطن!وكان دور الأنصار الشيوعيين بارزاً بمشاركتهم فصائل بيشمركَه القوى الكردستانية، في تحرير أراضي كردستان العراق من رجس النظام المنهار إبان انتفاضة ربيع 1991 الشجاعة، بل ووصلوا الى مشارف محافظة ديالى.وبرز في هذا الجانب الدور القيادي للجبهة الكردستانية، التي تأسست في عام 1988 من جميع القوى السياسية الكردستانية، اضافة الى الحزب الشيوعي العراقي، عبر منظمة أقليم كردستان، قبل تشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني – العراق في عام 1992، والتي وقع ميثاقها في مقر الحزب الشيوعي العراقي في خواكورك، في الأراضي العراقية قرب المثلث العراقي – التركي – الايراني.
     كما لم تخلو الحكومات الاقليمية الكردستانية المتعاقبة منذ تسعينيات القرن الماضي من مناصب وزارية شغلها شيوعيون! 

ثانيا –

   الكرد من الشعوب الآسيوية العريقة،ذكرهم المؤلف اليوناني زينفون في كتاب (اناباسيس) (401 ق.م.) وتطرق لهم مؤرخون يونانيون وجورجيون وارمن وعرب!واعتبروهم أصحاب حضارة متقدمة،قطعوا خلال تطورهم مراحل تاريخية عدة.ويقول ويليام لين ويسترمان:"ان الأكراد عرفوا البداوة والرعي منذ عام 2400 ق.م." بينما أكد باحثون آخرون ان سكان جبال كردستان كانوا رواد الزراعة منذ (1200) سنة ق.م.وانهم دجنوا الماعز والخراف والخنازير،وزرعوا الحبوب،وشهدوا اول استخدام للأدوات النحاسيـة والبرونزيـة في التاريخ.وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن ادوات حجرية تعود الى العصر الحجري القديم،كما تم العثور على آثار هياكل بشرية سبقت الانسان الحديث في كهوف بشمال العراق منها كهف (هزار مرد) في السليمانية.اما قرية (جه رمو) فهي اقدم قرية عرفها الإنسان يومذاك.ويؤكد المؤرخون وجود الكرد منذ زمن يقارب وجود الأمة اليونانية في اليونان!
  ولا ادري اذا كان محمود القبطان قد اطلع على برنامج الحزب الشيوعي،وجاء فيه:
    يناضل الحزب في سبيل -
•   إقرار حق تقرير المصير لللأمة الكردية في أجزاء كردستان كافة، وحقها في الوحدة الوطنية.
•   تعزيز النضال المشترك والأخوة العربية- الكردية بما يمكن من بناء عراق ديمقراطي اتحادي "فيدرالي" موحد.
•   ضمان الحقوق القومية والادارية والثقافية للتركمان والكلدان – الآشوريين- السريان والأرمن وتطويرها وتوسيعها، واحترام المعتقدات والشعائر الدينية للايزيديين والصابئة المندائيين، وإلغاء جميع مظاهر التمييز والاضطهاد ضدهم.
•   إعادة أعمار ما خلفه النظام الدكتاتوري البائد في مختلف الميادين، والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء كردستان العراق واعادة التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصناعية والخدمية بما يقلص التفاوتات في هذه المجالات.
•   معالجة آثار سياسة التطهير العرقي والتعريب والتهجير القسريين وتنفيذ المادة 140 من الدستور بشأن كركوك.
   القصف الايراني – التركي المشترك المستمر للاراضي العراقية تعبير عن معاناة الكرد لقمع وبطش الانظمة الاستبدادية والشمولية وعن ارتعاش هذه الانظمة للنهوض الديمقراطي في كردستان الجنوبية في العراق الجديد ومن تنامي قوة البيشمركة كجيش كبير يربو تعداده على 200 الف جندي.وهو تعبير عن الاحباط  بسبب هيبة مقترحات القيادات الكردية في تركيا حول الحل السلمي الديمقراطي العادل لحقوق الكرد القومية والانسانية.

 
ثالثا –

   من التحديات التي يواجهها الشعب العراقي محاولات عرقلة بنود ومواد مفصلية في الدستور العراقي الدائم الذي صوت عليه في 15 تشرين الاول 2005،بالاخص محاولات انتهاك مضمون المادة(140)التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،وبالتالي تأجيل تطبيع الاوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.ويغذي هذه المحاولات الخبيثة زعيق القوى السياسية التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن،والممثلة لمصالح الطبقات المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها.
   ومن الملفت للانتباه تصريحات بعض السياسيين بهذا الخصوص،والتي لا تقلل من شأن المادة(140) فحسب بل تنفيها،وتتجاهل كل التوجهات الشوفينية لانظمة الحكم المركزية والتشكيلات الادارية التي رسمها الدكتاتور صدام حسين،لتؤكد مشروعية سياسات التعريب القسرية سيئة الصيت!ولا غرابة ان يتصدر هؤلاء وآخرون محاولة الاستخفاف بالمادة(140)،والتي لا تعني سوى تراجع الفئات الفاضلة الحاكمة عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!وهذا يعني نسف اسس بناء عراق جديد قائم على الاحترام والتعاون والثقة.
    وسبب غياب المجلس الاتحادي المرتقب،والعقبات الجمة التي وضعت امام اللجنة ذات العلاقة لتنفيذ المهام الموكلة لها،وتأجيل الاحصاء السكاني الذي يكشف حقيقة الاستغفال والتزوير والخداع في مجلس النواب،والعمل البرلماني غير المنظم،والفساد السياسي..سبب كل ذلك ارتقاء صيت التسلط السياسي على اساس التعصب القومي والتطرف الطائفي!والفساد السياسي يخنق الديمقراطية لأنه يستهدف السيطرة على القرار السياسي للدولة واخضاع الافكار الاخلاقية الرأسمالية لمصالحه وتحول المجتمع السياسي العراقي الى سوق تعقد فيه الصفقات السياسية – المالية التي تضرب الديمقراطية بالصميم،اي محاولة فرض ديمقراطية الصفقات!
   الشعب العراقي وشعب كردستان على وجه الخصوص لا يقبل التقليل من شأن ومضمون المادة(140)،والتوافق الذي جرى منذ المادة(58)من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.واذ يجهد الشعب العراقي للاسراع في تنفيذ المادة(140)،فانه يدرك ان رص وحدة القوى الوطنية والديمقراطية ومتانة التحالف الكردستاني كفيل بتوفير الاجواء المناسبة للعمل المشترك في الضغط على الحكومة الاتحادية للايفاء بالتزاماتها من اجل تطبيق هذه المادة!وبذلك نضمن التمسك بالدستور والقوانين وتعزيز الثقة بين القوى السياسية المعنية بالعملية السياسية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد،وتعزيز الديمقراطية واشراك الجماهير في صنع القرار السياسي.


رابعا –

  في مقدمة الحقائق الأساسية التي كشفت عنها مداهمة 26 آذار 2012 لصحيفة طريق الشعب الغراء،ان القضية الاجتمااقتصادية يدور حولها كامل الصراع الطبقي الاجتماعي،وبالتالي،السياسي.وان جوهر فسيفساء الخارطة الطبقية هو"ان موقف الطبقات المختلفة وقواها السياسية من التغييرات الجارية هو وحده الذي يقرر طابعها التقدمي او الرجعي" وعبر الأحزاب والتنظيمات السياسية والمهنية والنقابية وغير الحكومية،ولا يمكن لأية قوة ديمقراطية وتقدمية وحدها ان تنجز مهام التقدم الاجتماعي بسبب تعدد الطبقات الثورية،ويبدو ان التيار الديمقراطي ببرنامجه الراهن هو الوعاء المناسب لتوحيد جميع القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية والديمقراطية.برنامج يسهم في كشف النزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية والانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون!
 ان الهدف المركزي الذي يوجه الفساد السياسي والفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء وتحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع،والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية وتحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات،وفي سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه،والحذر من الخطاب السياسي الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة.
   وكما في غابر الازمان يبقى جوهر الفكر الرجعي اليوم يتمحور في  معاداة الشيوعية،معاداة الاشتراكية العلمية،الدعاية للرأسمالية،تشويه مفاهيم القومية والاشتراكية والديمقراطية،مسخ كل ما يتصل بثورة 14 تموز،تشويه تاريخ العراق الحديث.ان الاسلام والقومية بمضمونهما التقدمي والديمقراطي معا براء من هذا التزييف المبتذل لتاريخ العراق الوطني.تؤدي هذه الشكلية العلمية والادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع عمليا الى تشويه التاريخ الوطني للشعب العراقي وهي من السمات الثابتة للمدرسة التاريخية البورجوازية في العهد الامبريالي.الديمقراطية والتعددية والفيدرالية والبرلمانية والتأسيس المدني،كلها ثقافة الاقرار بالوحدة الوطنية في مواجهة المستقبل والاعتراف بالخصوصيات المتبادلة،واقرار الجميع بالانتماء الأول للوطن الحر والشعب السعيد.وهي ثقافة  لا يستغرب ان يلفظها الجهلة من خريجي الكتاتيب القروسطية ودور ايتام الصدامية وشاربي كؤوس نتانة الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة.
  التحالف الكردستاني جزء لا يتجزأ من التيار الديمقراطي في العراق،الممثل الاصيل والاساسي لشغيلة بلادنا(شغيلة اليد والفكر من العمال والفلاحين والمثقفين والموظفين وذوي الدخل المحدود)ولطموحاتهم في التمتع بالحقوق والانتفاع من الثروة الوطنية،ومنع الاستغلال البشع والوحشي لثروات البلاد لحساب حفنة قليلة من ابناء البلد!وفي نهوض عراق متطور اقتصاديا وديمقراطيا وسياسيا يعتمد الحداثة والعصرنة كسمات وملامح اساسية للمجتمع الجديد!
    ويمتلك التيار الديمقراطي امكانيات كبيرة لكنها مشتتة،والمطلوب هو الارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية وتحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات،والشروع معا في سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الآليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه!والحذر من الحديث والتعاطي مع الولاءات العصبوية ودون الوطنية،العشائرية والطائفية السياسية والشلل الفاسدة الغوغائية،المنحى الحيادي وكأن كل ذلك ظاهرة طبيعية ليس للفرد دور في تغييرها،فما بالك بصنعها،او كأن تغييرها جزء من صراع الفرد مع الطبيعة حيث يأخذ قرونا من الزمن!وليس من مجال امام من يريد كسب موقع هنا وآخر هناك الا ان يأخذ بالاعتبار الخريطة الموجودة ويستثمرها!ووجب على قوى التيار الديمقراطي اولا التخلص من هذه الاحلام الطوباوية والمتاهات الرجعية الانتهازية النفعية قبل الشروع بالعمل. 
   وكذلك وجب الحذر من الحديث والتعاطي مع مفردات الاقتصاد الليبرالي الذي يجرد المفاهيم التنموية من مضامينها التقدمية والديمقراطية الحقة،مثلما حاول الفكر البورجوازي في العهد البعثي طرح مفاهيم التخطيط والبرمجة والاعمار واعادة الاعمار والتنمية خارج السياق الاجتمااقتصادي والخارطة الطبقية.وكعادتهم يحاول دهاقنة الرأسمالية القديمة والجديدة اكساب هذه المفاهيم الطابع المثالي والارادوي لخدمة قيم المشروع الحر والمنافسة في سبيل اقصى الارباح،القيم المتسترة بستار الحضارة الغربية كانعكاس للانهيار الاخلاقي التام بسبب الازمات البنيوية المستمرة وقبول الاخلاق الرأسمالية على علاتها ووحشيتها وقسوتها واستبدادها.التخطيط عملية شاملة تمس جوانب المجتمع الاجتمااقتصادية والثقافية والعلمية،وتستجيب الى قانون التطور المبرمج والنسبي للاقتصاد الوطني،واهمية التوازن بين الفروع الرئيسية للاقتصاد الوطني،وتقليل اثر التقلبات الاقتصادية غير العادية واختلال التوازن غير الاعتيادي والازمات.


خامسا -

    يقول السيد القبطان:"من المخجل ان تتكرر الدعوات الى عدم تسليح الجيش العراقي بأسلحة متطورة وطيران حديث بسبب تفكير بائس باحتمال ضرب الاقليم مرة أخرى"..وهنا نتسائل ما سر ايمان القبطان بعدم ضرب كردستان العراق مرة اخرى؟!وهل بأمكانه ان يعطي ضمانة للقيادات الكردية بذلك؟!لا نريد هنا ان نستدرج الى التبسيطية في الطرح!ويبدو ان التفكير البائس هو العكس.مجددا ، من حق الجيش العراقي رفع قدراته العسكرية ومستويات تسليحه الا انه يبقى جيش العراق كله،واجبه الدفاع عن الوطن ومحاربة الارهاب،ولا ينبغي استخدامه في الخلافات الداخلية كورقة سياسية،والواجب ابقائه محايدا يحتفظ بمسافات متساوية بين الجميع ومع الجميع،والتأكيد على مهنيته.من هذا المنطلق وجب طمأنة الكرد بالقانون والتشريع ان هذا السلاح لن يستخدم بالمرة ضدهم،وضرورة كشف النزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية والانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون!فالقضية الأمنية والعسكرية تعني الجميع ولا تعني فردا أو جزء من الحكومة،وعلى الولايات المتحدة الأميركية والدول التي تزود العراق بالسلاح،ان تشترط صفقاتها بمنع الحكومة العراقية من استخدامها ضد شعب كردستان وعموم الشعب العراقي!لقد ترك نهج دكتاتورية البعث وقمع الحكومات المتعاقبة آثار الاستبداد والتكتم في المجتمع العراقي،وما زالت سلطات ما بعد التاسع من نيسان 2003 تعاني الأمرين من ذلك.وانعكس استبداد قطاع الطرق والعسكر في بغداد باعلى درجاته في كردستان العراق بسبب عامل خطير رئيسي هو استخدام اسلحة الدمار الشامل الكيمياوية ضد الشعب الكردي نهاية الثمانينيات،فكان رد هذا الشعب حازما لا هوادة فيه في اول فرصة سنحت له بعد انتفاضة آذارالمجيدة عام 1991.وعلى هذا الشعب ومن اجل الحفاظ على مكتسباته الوطنية والقومية خوض غمار كل السبل الممكنة المؤدية الى قيام مجتمع مدني حضاري في كردستان العراق بعيدا عن مخططات النظم الدكتاتورية والتدخلات الاقليمية،وبذلك يكون شعبنا الكردي قد ادى قسطه الموضوعي في انقاذ العراق من التردي المستمر.

سادسا –

   اجزم ان السيد القبطان ،متى ما زار كردستان العراق سيلمس الفارق الكبير الواسع في مستويات التحضر الراهنة بين المدن الكردستانية وبقية مدن العراق،لا من الناحية الأمنية فحسب،بل العمرانية والبيئية..ومن حق اي عراقي مخلص لوطنه ان يفتخر بما تبذله القيادات الكردستانية من جهد مثابر نموذجي.لقد حققت التجربة الكردستانية العراقية المنجزات على صعيد الحقوق القومية وتوفير الأمن والاستقرار،وتنتظرها الكثير من المهام الاجتماعية والاقتصادية  لتوفير الخدمات ومعالجة قضايا البطالة ومكافحة الفقر والفساد،وتردي العملية الانتاجية وتأمين انتعاشها وضمان حقوق الكادحين في المدينة والريف،وتطوير الحياة الثقافية وكل ما يساعد على الحياة الحرة الكريمة الآمنة للمواطنين.واثبتت التجارب السابقة فشل محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام.


سابعا –

        يتسم التمايز الطبقي في كردستان العراق بالتشوه الاجتماعي العام والنهوض المتنامي للعلاقات الاقطاعية وشبه الاقطاعية والرأسمالية،وازدياد نفوذ النخب الكومبرادورية والطفيلية!ولا زال الاستقطاب الثنائي يأخذ مجراه،عبر ميل شريحة صغيرة عليا لتكديس الموجودات والأموال،وهي تشمل التجار والمهربين وبعض الكوادر والنخب السياسية والعسكرية في الأحزاب،مقابل شريحة سفلى عريضة واسعة ذات مستوى دخل ومستوى معيشة ينخفضان باستمرار مع تغلغل العلاقات الرأسمالية في المجتمع الكردي،وتشمل الأغلبية الساحقة من السكان.قانون رقم(90)لعام 1975 مهمل،ولم تبادر الحكومة الاقليمية الى وضع اليد على الاسباب الحقيقية لاخفاقات السياسات السعرية والتسويقية وتفتت الملكيات الزراعية والاخفاقات في التنمية الزراعية!وهي لم تدرس اوضاع الملكية الزراعية واتبعت سياسات زراعية انتقائية بسبب النفوذ الحزبي والعشائري!وسادت الأستثمارة الفلاحية الصغيرة حسب تعليمات رقم (2) لسنة 1992 الصادرة من الجبهة الكردستانية ووزير الزراعة والري حتى يومنا هذا مما اضر بالانتاج الزراعي في كردستان!
  الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي والكردستاني تزداد بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.وانعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،ليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان،وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات.بينما تكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الادنى من الحياة الكريمة!نعم،تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
   وتعاني الحكومة الكردستانية مع محاولات استخراج النفط من بعض الحقول في كردستان العراق،من قصور في فهم الجوهر التحرري الوطني للقضية النفطية العراقية.ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال،وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
   اقتصاديا ونفطيا الآزمة قائمة ليست بسبب مشكلة العقود التي لا تريد القيادة في الإقليم نشرها كما يذكر القبطان،ويستطرد..وهي خرق دستوري بامتياز لأنها لم تكن بعلم الحكومة الإتحادية...فالقضية بالأساس هي خطل وعقم السياسة الاقتصادية الانتقائية للطائفية السياسية الحاكمة.فحسين الشهرستاني كان رائد أسوأ الخطوات الكارثية والغبية اللا مسؤؤولة في تاريخ العراق السياسي الحديث والمتنكرة لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958 ،مشاريع قانون النفط والغاز الجديد وتعديلاته وقانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام..،وعقود الشراكة النفطية الذكية مع الشركات الكبرى لاستثمار حقول النفط المنتجة اصلا او الجاهزة للانتاج،والتي سميت ب"عقود الخدمة برسوم ثابتة" اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!ولم يدرك الشهرستاني ان القضية النفطية ليست مجرد عمليات تجارية،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.والموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال،وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
  اما الخروقات الدستورية ذات الامتياز لحكومة الملالي في بغداد فهي لا تحصى،لا من ناحية انتهاكات حقوق الانسان ولا من ناحية تعطيل اصدار القوانين الضرورية كقانون الاحزاب وتعديلات قانون الانتخابات وتسييس القضاء والضغط عليه ولا من محاولات ابتلاع الهيئات والمفوضيات المستقلة فحسب..بل من ناحية تطبيق الدستور وفق الهوى والمصالح الخبيثة!

ثامنا -

  من جهتها،لم تصحح القوى الكردستانية اوضاعها الداخلية بالتعامل الحازم العقلاني وتنوير الرأي العام العراقي بالأسباب التي ساعدت على بقاء العناصر التي خانت احزابها الوطنية وعملت لصالح الدكتاتورية المنهارة حتى سقوطها،داخل الأحزاب نفسها وفي المؤسسات المدنية والأهلية الكردستانية والعراقية وفي مؤسسات الدولة الكردستانية رغم تمتع اقليم كردستان بالملاذ الآمن منذ عام 1991 الأمر الذي خلق الارباكات امام القوى السياسية العراقية الفاعلة المكافحة لاسقاط النظام المقبور.وليس خافيا على هذه القوى ان وسائل الابتزاز المتجددة دوما يمكن ان توظف هؤلاء لأغراض تجسسية وارهابية تتناسب مع المصالح المتنامية للرأسمال الأجنبي والاستثمارات الخاصة والمؤسسات العصبوية وبالاخص القبلية والطائفية،وبالتالي تحويل المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل اوهام جماعات حالمة نافذة وتبيح قتله من اجل احلام رخيصة!
   الحذر،كل الحذر من احكام بعض النخب السياسية العراقية والكردستانية بالمزج بين العرف القبلي والعشائري وبين احدث النظريات في سيادة الدولة ومن جعل مرافقها موالية طيعة لتأمين سلامة المجموع وحريته وسعادته كما تدعي!فقطع الماء والكهرباء والمشتقات النفطية والحصص التموينية وتجويع الناس والضغط عليهم تعمدا اجراءا عقابيا هو درس الديمقراطية الامثل والاسلوب المتجدد في فهم واجبات الدولة والسلطات الكومبرادورية وتوجيهها يستمد اصوله من التقاليد العشائرية والأخذ بأسوأ ما في مظاهر الحضارة العصرية.وهو يضعف الروح الوطنية والقومية والثورية ويخلق الحاجة الى الاحتماء المتخلف المصطنع في هذا العصر بالعشيرة.ان ادراك النخب السياسية الكردستانية لجوهرية السلطات القائمة والوحدة الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار يتجلى في اشاعة ثقافة المجتمع المدني واللاعنف والحوار والرأي والرأي الآخر مع تكثيف الحياة السياسية بالتقاليد الديمقراطية،والابتعاد عن ضغط التجارب،والإدراك المشترك لضرورة الأولويات في مرحلة ارساء السلطات وتعزيزها وامكانيات نهوضها في ظل التداخل والتأثير الآني لنوازع المناطقية والطائفية والقومية الضيقة والشوفينية وضيق الافق القومي والدينية،وبالطبع القبلية والابوية والابوية الجديدة التي ترافق التعشير،والتي تتحجج بالمقام المقدس ليتعذر محاسبتها تحت ذريعة الاقتران بقوى عليانية آلهية،والاختلاف معها يعني الكفر بعينه!
   في هذا الاطار،وفي يوم 5/5/2010 وجد الصحفي الكردستاني سردشت عثمان الطالب في الصف الرابع لغة انكليزية كلية الاداب في جامعة صلاح الدين في اربيل،بعد ان اختطف من امام مبنى الجامعة،مقتولا على طريق اربيل - الموصل وعليه اثار تعذيب!حدث يؤشر لمنحى خطير في تاريخ كردستان العراق!بعد ان تجاوز هذا اللاعب الخطوط المرسومة له وفق منطق ملعب الكبار المحظور،ليتلقى رصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.هل تجاوز الشهداء في بلادنا حقا حدود اللعب؟!
   التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية السلمية للكرد في محافظات كردستان العراق تعبير عن الرغبة الجامحة للمشاركة الحقيقية للكرد في توفير مستلزمات نجاح اية تنمية او اعمار مستقل فيها على اساس طوعي وديمقراطي،وعبر الاحترام الكامل لحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس،وتوفير آليات تداول السلطة الاقليمية الموحدة بطريق سلمي،والعلانية وتوفير البيانات المعلوماتية الصحيحة وتعضيد فعالية المؤسسات الأهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية،والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني والموحد.

تاسعا –

   درج الديمقراطيون في العراق ان يقفوا اجلالا عند ذكر الكرد،لا ان يكيلوا لهم الاتهامات الباطلة والاكاذيب والافتراءات،ذلك لأن الكرد كانوا ضحية الانفاليات الفاشية بعد ان استخدم الكيمياوي في حرب ابادة شاملة ضدهم لتحطيم ارادتهم،وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها!لقد كان استخدام الكيمياوي من أسوأ الكوارث العسكرية التي افتعلتها دكتاتوريات حمقاء في القرن العشرين،لم تتجرأ حتى اسرائيل من استخدامه ضد البلدان العربية.وكان استخدام الكيمياوي ضد الكرد شرخا كبيرا في العقيدة الأمنية والعسكرية العراقية والأمن الاستراتيجي العالمي،فنصبت للنظام العراقي المصيدة - الفخ ليغزو الكويت!كان استخدام الكيمياوي كارثة فريدة النمط ارتقت الى الجرائم الدولية ضد الانسانية،حوكم طغاة بغداد عليها!استخدام الكيماوي ضد الكرد - الأنفال واستخدام الكيمياوي ضد الشعوب أي في الحروب الأهلية سابقة تاريخية خطيرة رسخت من مبدأ ربط التطهير العرقي بالدكتاتوريات،جريمة بحق ضد الإنسانية لم يألفها التاريخ المعاصر.

  وأخيرا وليس آخرا،الديمقراطية ليست مشروعا عقائديا فقط بل هي قاعدة اجرائية ضرورية للتوصل الى التسويات الاجتماعية والمصالحة الوطنية والسلام والتراكم الحضاري بدل التدمير الذاتي والانتحار الجماعي،والقوى العلمانية الكردستانية في سباق مع الزمن لايجاد الحلول المناسبة للازمات الداخلية وعكس الوجه المشرق لحركة التحرر الوطني الكردستانية.الديمقراطية السياسية ليست مجرد اقتراع شعبي حر ومجرد استفتاء على اختيار قيادات لن تجد نفسها مرغمة على اجراء مثل هذه الاستفتاءات لاحقا،انها ارساء الاطر القانونية التي تحدد الحقوق والواجبات والاجراءات اللازمة وتحميها بحيث لا يمكن حتى لهيئات منتخبة ان تتجاوز هذه الحقوق،انها ترسيخ المعايير الاخلاقية الجديدة التي تساعد على اضفاء الطابع الانساني على الانشطة الموضوعية وتحد من الغرائز التنافسية التي تخدم المصالح الذاتية للافراد والجماعات فيتشرب المجتمع بالروح المشتركة التي تتعارض مع الاسلوب التهريجي والبراغماتي.

بغداد
15/4/2012

79
التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!

                                                                                                                                   سلام كبة

  ناضل الشعب العراقي منذ بواكير الحركة الوطنية في الربع الاول من القرن العشرين من اجل الديمقراطية والحرية والسعادة والعدالة الاجتماعية،وبذل في سبيل ذلك الكثير من الجهد والعطاء وعبد طريق الشعب بدماء زكية وعطرة وغالية.ولان انتظرالشعب طويلا بعناد منقطع النظير في سبيل بناء مجتمع متآخ قوميا  ومتسامح دينيا،فلسوف لا يسمح باستنساخ نماذج لا تجلب الا الويل والثبور،ومنها تحديدا الديمقراطية الشمولية،ديمقراطية حسين الشهرستاني وعباس المحمداوي والشرطة الاتحادية...!وافضل رد على المفخخات السياسية الجديدة المتجددة،هو المزيد من الحكمة والحوار والتمسك بالدستور والقوانين وتعزيز الثقة بين القوى السياسية المعنية بالعملية السياسية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد،وتعزيز الديمقراطية واشراك الجماهير في صنع القرار السياسي.لقد خاض الشعب الكردي المعارك المتتالية للخروج من دائرة الاستعمار والتبعية والتخلف والظلم الاجتماعي ومواجهة الاستبداد والدكتاتوريات والحكم الفردي والعشائرية والعسكريتارية منذ اكثر من قرن،ولم تكن مكتسبات شعب كردستان وقضيته العادلة خلال العقدين الأخيرين ملكا لأي حزب او طرف بمفرده،بل كانت ملك لجميع ابناء كردستان،ولعموم الشعب العراقي.
   ليس مستغربا ان يزداد سعير الحملات الاعلامية المغرضة ضد التحالف الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي وكفاحهما الذي لا يلين في معمعان الصراع الاجتماعي السياسي في بلادنا!والمداهمة الاخيرة لصحيفة "طريق الشعب" مساء الاثنين 26 آذار 2012 ،واعتقال حراس المبنى الرسميين ومصادرة اسلحتهم المرخصة،وتوقيعهم بالإكراه وهم معصوبو الاعين على " تعهدات"يجهلون مضمونها...هي امتداد للاستعراض البائس للسطوة الامنية الهزيلة منذ اوائل آذار 2011 ومحاصرة مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اثر النشاطات الاحتجاجية التي شهدتها ساحة التحرير ،وبالأخص احتجاجات 25 شباط التي الحقت بالنخب الطائفية الحاكمة في بغداد العار والسخرية والمهازل وفضحت نماذجها الكاريزمية والروزخونية!
   وجاءت مداهمة 26 آذار مرافقة لأشرس الحملات الشوفينية المعادية للكرد والكوردايتي منذ التاسع من نيسان 2003،وهي حملة لايزال يستأسد فيها البروفيسور حسين الشهرستاني والشيخ حسين الأسدي وعمدة ابناء العراق الغيارى عباس المحمداوي وآخرين!والشهرستاني عالم ذرة كان اعلم من غيره بأسلحة الدمار الشامل التي اختزنتها الدكتاتورية الا انه وقف موقف المتفرج وصمت كأبي الهول عندما اطلقت قوات الاحتلال الاميركي عام 2006 سراح زمرة من زملاءه - جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون وممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام،وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين،والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل!وكرر الشهرستاني صمته المطبق مع التهديدات الفاشية التي وجهها عباس المحمداوي احد اشهر بلطجية ائتلاف دولة القانون الى الكرد قبل ايام!
   لقد تنكر الشهرستاني لدرجته ومكانته العلمية وتاريخه السياسي والمهني عندما برر قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان  ب"علوية" الدستور العراقي الوطني  على الاتفاقيات الدولية وهو الذي شغل منصب نائب رئيس الجمعية الوطنيةفي حينها!ومثلما يبرر البروفيسور حسين الشهرستاني،وبوقاحة متناهية يتبرأ منها الوسط الاكاديمي والعلمي العراقي،الاخفاقات الحكومية وسوء الاداء الحكومي،والفساد المستشري واللصوصية،والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة..فأنه يرحل هذه الاخفاقات الى الحكومة الاقليمية الكردستانية،تارة بأقدام الاخيرة على ايقاف تصدير النفط عبر اراضيها،وتارة اخرى ب....
   يذكر ان حسين الشهرستاني كان رائد أسوأ الخطوات الكارثية والغبية اللا مسؤؤولة في تاريخ العراق السياسي الحديث والمتنكرة لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958 ،مشاريع قانون النفط والغاز الجديد وتعديلاته وقانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام..،وعقود الشراكة النفطية الذكية مع الشركات الكبرى لاستثمار حقول النفط المنتجة اصلا او الجاهزة للانتاج،والتي سميت ب"عقود الخدمة برسوم ثابتة" اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!ولم يدرك الشهرستاني ان القضية النفطية ليست مجرد عمليات تجارية،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.والموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال،وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
   والبروفيسور حسين الشهرستاني هو صاحب التوجيه المرقم 12774 في 18/7/2007 والذي منعت بموجبه الدائرة الادارية والقانونية في وزارة النفط مشاركة اي عضو من اية نقابة واتحاد نقابي ومركز نقابي في اية لجنة من اللجان المشكلة في مؤسسات وشركات الوزارة،كون هذه النقابات لا تتمتع باية صفة قانونية للعمل داخل القطاع الحكومي ولا يجوز السماح لهم باستخدام المكاتب والآليات والمعدات التابعة للوزارة كونهم لا يتمتعوا بالصفة القانونية للعمل داخل القطاعات الحكومية..وكرر هذا الشهرستاني ارهاصاته المعادية للتنظيم النقابي العمالي في وزارة الكهرباء!   
   واذ تتجدد محاولات انتهاك مضمون المادة(140)من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وتلكيف وسنجار وخانقين وشهربان وجلولاء ومندلي... وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،فان هذه المحاولات الخبيثة يغذيها زعيق القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية، ومواقف بعض دول الجوار،الى جانب القوى التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن.وتعرقل الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد تنفيذ المادة(140) وتسعي جاهدة الى تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.ولم يعن الاستخفاف بالمادة(140) سوى تراجع الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!والتوافق الذي جرى منذ المادة(58) من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.
    العقلية التبريرية اتسمت بها الصدامية بجدارة.ويبدو ان النخب السياسية الحاكمة اليوم في بغداد لم تتعض من حنقبازيات العهد البائد وأعلامه الذي برر دوغمائية البعث ونفعيته بعد ان تعددت شعاراته وعناوينه  الاقتصادية التهريجية!ولم نر من هذه العقلية المريضة سوى الفكر الاسود والخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية ومشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى ما لا نهاية،لأنها في حقيقة الأمر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر العنصري والطائفي وتعمل على تأسيس عراق منقسم بدلا من عراق موحد ديمقراطي!
    ان تزامن الحملة الاعلامية والسياسية ضد الكرد وحركة التحرر الوطنية الكردستانية في العراق مع الحملة المنظمة ضد الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية والمؤسساتية المدنية في بلادنا لهو خير دليل على ارتباط القضية الكردية والكردستانية عضويا بالقضية الديمقراطية ومستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية،وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق،لأن محنة الشعب الكردي كانت طيلة العقود المنصرمة ولا تزال جزء من محنة الشعب العراقي.
    من حق الجيش العراقي رفع قدراته العسكرية ومستويات تسليحه الا انه يبقى جيش العراق كله،واجبه الدفاع عن الوطن ومحاربة الارهاب،ولا ينبغي استخدامه في الخلافات الداخلية كورقة سياسية،والواجب ابقائه محايدا يحتفظ بمسافات متساوية بين الجميع ومع الجميع،والتأكيد على مهنيته.من هذا المنطلق وجب طمأنة الكرد بالقانون والتشريع ان هذا السلاح لن يستخدم بالمرة ضدهم،وضرورة كشف النزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية والانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون!فالقضية الأمنية والعسكرية تعني الجميع ولا تعني فردا أو جزء من الحكومة،وعلى الولايات المتحدة الأميركية والدول التي تزود العراق بالسلاح،ان تشترط صفقاتها بمنع الحكومة العراقية من استخدامها ضد شعب كردستان وعموم الشعب العراقي!لقد ترك نهج دكتاتورية البعث وقمع الحكومات المتعاقبة آثار الاستبداد والتكتم في المجتمع العراقي،وما زالت سلطات ما بعد التاسع من نيسان 2003 تعاني الأمرين من ذلك.وانعكس استبداد قطاع الطرق والعسكر في بغداد باعلى درجاته في كردستان العراق بسبب عامل خطير رئيسي هو استخدام اسلحة الدمار الشامل الكيمياوية ضد الشعب الكردي نهاية الثمانينيات،فكان رد هذا الشعب حازما لا هوادة فيه في اول فرصة سنحت له بعد انتفاضة آذارالمجيدة عام 1991.وعلى هذا الشعب ومن اجل الحفاظ على مكتسباته الوطنية والقومية خوض غمار كل السبل الممكنة المؤدية الى قيام مجتمع مدني حضاري في كردستان العراق بعيدا عن مخططات النظم الدكتاتورية والتدخلات الاقليمية،وبذلك يكون شعبنا الكردي قد ادى قسطه الموضوعي في انقاذ العراق من التردي المستمر.
    لنعود الى الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لان التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لا يعالج الازمات والقضايا الشائكة!ونضال شعبنا الكردستاني هو نضال عادل من اجل حقوقه المشروعة،وكل القوى الديمقراطية داخل وخارج العراق تقف الى جانبه.ويشكل التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!     
   لقد حققت التجربة الكردستانية العراقية المنجزات على صعيد الحقوق القومية وتوفير الأمن والاستقرار،وتنتظرها الكثير من المهام الاجتماعية والاقتصادية  لتوفير الخدمات ومعالجة قضايا البطالة ومكافحة الفقر والفساد،وتردي العملية الانتاجية وتأمين انتعاشها وضمان حقوق الكادحين في المدينة والريف،وتطوير الحياة الثقافية وكل ما يساعد على الحياة الحرة الكريمة الآمنة للمواطنين.واثبتت التجارب السابقة فشل محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام.
   نعيد الى الاذهان الضرورة الملحة لمباشرة المحكمة الاتحادية فورا وبمسؤولية عالية بدراسة استمرار حالة التأزم والاستعصاء السياسي وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".

بغداد
13/4/2012



 

 




80


مداهمة صحيفة طريق الشعب..لا تمر مرور الكرام!

سلام كبة

  في استعراض بائس للسطوة الامنية الهزيلة،وفي ليلة 5- 6/3/2011 قامت قوة من عمليات بغداد بمحاصرة مكاتب صحيفة طريق الشعب الغراء،وطالبت العاملين باخلاء المكاتب خلال 8 ساعات.كما حاصرت قوات اضافية مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فجر يوم 6/3/2011 وطالبت العاملين بمغادرة المبنى خلال ساعات معدودة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وتعاملت مع الجميع بتعسف ووجهت اليهم اساءات شديدة اللهجة!وبعد عام كامل قامت الأجهزة الأمنية العراقية بانتهاك مقر جريدة  الحزب الشيوعي العراقي" طريق الشعب" ايضا،مساء الاثنين 26 آذار 2012،واعتقال حراس المبنى الرسميين ومصادرة اسلحتهم المرخصة،وتوقيعهم بالإكراه وهم معصوبو الاعين على " تعهدات"  يجهلون مضمونها.
  في المرة الاولى،وفي لقاء لاحق لقيادة الحزب الشيوعي مع مجلس محافظة بغداد،عبر رئيس المجلس عن اعتذاره لما جرى ووعد بتسوية الموضوع!وفي المرة الثانية لم تستلم طريق الشعب ولا قيادة الحزب الشيوعي اي اعتذار علني صادق جلي صادر عن جهة رسمية معنية!ويبدو ان آذار شهر غير مستساغ لدى الاجهزة الامنية والمخابراتية العراقية الأمر الذي يتطلب من الحزب الشيوعي اتخاذ الحيطة واليقظة في آذار العام القادم 2013 لأن عقدة وأزمة هذه الاجهزة دورية الطابع والشكل والمضمون!
  ما يهمنا في هذا المقال ان المداهمة الأخيرة لمقر طريق الشعب جاء بعد نشر وسائل الاعلام فحوى كتاب رئاسة المخابرات العراقية المرقم 3061 بتاريخ 20/2/2012 (سري وشخصي)،والذي تم تعميمه الى قيادة بغداد في 21/2/2012،والمتضمن التوجيه التالي:"ينوي بعض اعضاء الحزب الشيوعي تنظيم مظاهرة يوم 25 شباط في محافظة بغداد – ساحة التحرير - احياءا للذكرى الثانية لانطلاق التظاهرات يطالبون فيها توفير فرص عمل وانهاء الخلافات السياسية،لذا اقتضى الأمر متابعتهم من قبل الجهات المعنية..كما يرجى اتخاذ ما يلزم بصدد المعلومات آنفاً من اجراءات امنية مشددة وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفق القانون".
  "وفق القانون"عبارة حضارية في الدول والمجتمعات التي تحترم دساتيرها وتجل حقوق الانسان،الا ان "وفق القانون"هذه تترجمها اجهزة الأمن الحالية ربيبة مخابرات النظام المقبور بالمداهمات الاستفزازية والاعتقالات التعسفية العشوائية دون ضوابط قانونية ومذكرات قضائية!والانكى انها تجري بخباثة نادرة ووفق حجج واهية لا أخلاقية ليس آخرها الاجراءات الامنية الاستثنائية المرتبطة بعقد القمة!انه الترهيب يا سادة يا كرام!الترهيب والترغيب الذي كان عماد دولة صدام حسين في احتواء وقمع وجهات النظر السياسية المعارضة.والنخب السياسية الطائفية الحاكمة اليوم تعرف تماما من هو الحزب الشيوعي العراقي وتاريخه النضالي الوطني الناصع!
  في كتاب رئاسة المخابرات المرقم 3061 ،وفي اعتقال و احتجاز بعض المتظاهرين المطالبين بالاصلاح في ساحة التحرير،وفي سؤال لواء الشرطة الاتحادية داخل مقرهم بالزعفرانية لافراد حماية طريق الشعب"هل الشيوعيون ينوون التوجه مجددا للتظاهر في ساحة التحرير؟!".. ندرك حقا ان النشاطات الاحتجاجية التي شهدتها ساحة التحرير طيلة عام 2011 قد سحبت البساط من تحت الترنح الطائفي الحاكم في بغداد وافقدته التوازن،والى الأبد!وهاهي اقطابه تجر اذيال السخرية والمهازل التي يتندر بها ابناء الشعب العراقي يوميا،فساد مستشري وافتقار الى الخدمات الاساسية وهزالة في الاداء الحكومي.
  أما الاجبار على توقيع التعهدات المعيبة للمعتقلين وهم معصوبي الاعين،فهي وصمة عار في جبين الغفلة المتحكمين بالسلطة،لأنه مرآة صادقة للمصير الاسود المخزي الذي آلت اليه انظمة الحكم البوليسية!ومن حقنا ان نتسائل اين حقوق الانسان من اولويات القائد المبجل للقوات المسلحة التي ينظر لها بالمقلوب،ونسي واجبه الأساسي بتوفير الامن والخدمات للشعب العراقي؟اين حقوق الانسان من احترام الحزب الشيوعي العراقي – هذا الفصيل السياسي التقدمي الذي حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي،والحزب الطبقي الجسور الذي يمتلك الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي في العراق،الحزب الذي بقي صوته مسموع وتاريخه مشرف.
   ليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة...الكذب واحلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ومحاولات التمشدق بالاستقلال والسيادة الوطنية وبالدين والأخلاق والتمويه والمخاتلة وتكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والارهاب.واذا كان  الحزب الشيوعي منذ تأسيسه في 31/3/1934 واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات ووثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة العقود الثلاث الاخيرة قد الف هذه الحملات،فانه من خلال تفحص طبيعة المواضيع التي تركز عليها الاستفزازات والمضايقات والتخرصات والتهجمات والتطاولات على سياسة الحزب الشيوعي العراقي يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المذكور ، كانعكاس وأداة للطبقات الرجعية وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب!
  لابد من تلخيص الحقائق الأساسية التي كشفت عنها مداهمة 26 آذار 2012،وفي المقدمة ان القضية الاجتمااقتصادية يدور حولها كامل الصراع الطبقي الاجتماعي،وبالتالي،السياسي.وان جوهر فسيفساء الخارطة الطبقية هو"ان موقف الطبقات المختلفة وقواها السياسية من التغييرات الجارية هو وحده الذي يقرر طابعها التقدمي او الرجعي" وعبر الأحزاب والتنظيمات السياسية والمهنية والنقابية وغير الحكومية،ولا يمكن لأية قوة ديمقراطية وتقدمية وحدها ان تنجز مهام التقدم الاجتماعي بسبب تعدد الطبقات الثورية،ويبدو ان التيار الديمقراطي ببرنامجه الراهن هو الوعاء المناسب لتوحيد جميع القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية والديمقراطية.برنامج يسهم في كشف النزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية والانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون!
   ونعيد الى الاذهان الضرورة الملحة لمباشرة المحكمة الاتحادية فورا وبمسؤولية عالية بدراسة استمرار حالة التأزم والاستعصاء السياسي وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".

بغداد
5/4/2012




81

التظاهر الاحتجاجي يسحب البساط من تحت حكومات الترنح الطائفي في بغداد

                                                                                                                                       سلام كبة

   لا يختلف اثنان على ان الأزمة العامة الشاملة التي تمر بها بلادنا اليوم هي الاكثر عمقاً بين مجموعة الأزمات التي سبقتها.ورغم مرور اعوام على رئاسة نوري المالكي لمجلس الوزراء،لا زالت مفاهيم التوافق والشراكة والبعث والمصالحة والاداء الحكومي والاصلاح السياسي تفتقد لأبسط آليات التنفيذ العلمية الموضوعية المعروفة عند القاصي والداني،بينما يجري تجاهل اتفاق اربيل عن عمد وسبق اصرار!وتمخضت نزعات المالكي الانفرادية وحجزه المتواصل لموقع القائد العام للقوات المسلحة وتخبط لجانه الاستشارية وبقاء وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني شاغرة وخلوها من الوزراء،رغم مضي 720 يوما عن الانتخابات النيابية....عن انهيارات امنية لا محالة،حاول البعض من الموالين وصفها بالاختراقات،وسقوط مئات الشهداء والجرحى والضحايا،وكذلك خسائر مادية كبيرة!   
  وولدت النزعات الانفرادية لنوري المالكي وتغييبه القوى الوطنية والديمقراطية وسياسته في التهميش والاقصاء والمغامرة بشكل غير مسؤول بمستقبل البلاد،ظاهرة سيطرة تجار الأزمات والحروب والموت على المفاصل الاساسية في الدولة العراقية،وهي قوى تربّت ونشأت في كنف الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية،واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب الى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها اي منافذ سرقة الاموال،مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية،وناهبة المليارات من اثمان الركائز الاقتصادية ومختلف اسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في اصلها اخذت من دماء شعبنا وقوته،وهي تمتلك الأيدي الطولى داخل اعلى المناصب العراقية عبر عمليات الاختراق المنظمة.
  في الجانب الآخر لازال نوري المالكي يغص بمعاييره الازدواجية في التعامل مع البعث ليضع كبار ضباطه من المشمولين بالأجتثاث واعوانه في كل المفاصل الأمنية والمخابراتية والاستخباراتية،وحتى القضائية مع الأسف،وهم الذين يقودون الاعتقالات التعسفية بحق خيرة ابناء شعبنا العراقي ويستخدمون ابشع اساليب نظام صدام حسين في التعامل مع المتظاهرين ورموز النشاط الاحتجاجي عبر تلفيق التهم الباطلة!   
  مجددا،الا يدرك هذا المالكي،الذي يلف ويدور ويراوح في نفس المكان،انه هو المسؤول التنفيذي لأمور جميع العراقيين،وتنوعهم لا يحتمل فرض لا لون حزب الدعوة واحزاب الطائفية السياسية ولا لون اجهزة امنه السياسي البعثي على قوسهم القزحي؟!من اعطى المالكي بتصرفاته الصبيانية الانفرادية الانعزالية،الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالح الشعب العراقي،ومصالح دعوته الاسلامية؟!وهو الذي اخفق في تلبية ابسط متطلبات الخدمات المعيشية للمواطن الذي بات يتندر بالمظاهر الارتدادية الاجتمااقتصادية،وهذا حق طبيعي لهذا المواطن البسيط المغلوب على امره،ارسته كل اللوائح الدستورية والقانونية الدولية،ولوائح حقوق الانسان،والدستور العراقي الدائم.
    وغير خاف على احد اليوم ان ارساء الحريات الديمقراطية وكفالة الحقوق المدنية وحقوق المرأة والاقليات وضمان تفادي انبثاق الفيدراليات الجهوية والطائفية دستوريا في العراق هو ليس من باب التمنيات او منتوجا جاهز الصنع بل مسارا طويلا لا يترسخ الا بتوفر البيئة السياسية الملائمة التي تنحو الى الاستقرار وبتوطيد بناء مؤسسات القانون،وليس مؤسسات دولة قانون نوري المالكي!كل ذلك اشعل التظاهرات الشعبية الاحتجاجية الصاخبة منذ قرابة العام ونصف العام في بغداد وبقية المدن العراقية!كانت باكورتها تظاهرات اواسط عام 2010 ضد نقص الخدمات وانعدام الكهرباء وضد اعتكاف مسؤولي الكهرباء في مكاتبهم الوثيرة وتشكيلهم الاخطبوطات الفاسدة ومفاتيح الارتشاء والعصابات العلاسة والمافيات الضاغطة،بينما جاءت تظاهرة 25 شباط 2011 لتؤسس مولد تاريخ جديد للمعارضة السياسية الوطنية السلمية!
   ورغم ان المتظاهرين اثبتوا التزامهم الكامل بسلمية التظاهرات ومشروعية المطالب وممارستهم حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء،الا انه بسبب غلو وعنجهية واسراف اصحاب اتخاذ القرار فقد حاربت السلطة المتظاهرين واتهمتهم بالبعثية تارة،وبالارهاب تارة اخرى!وفاحت الروائح النتنة للاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،ومحاولة حصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب!كل ذلك،علامات لم تبشر بالمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل انذرت بالفردية وعسكرة المجتمع.وهذا ما يجري اليوم من نهج انفرادي تسلطي مغامر لا يحمد عقباه لرئيس الحكومة العراقية!!
   ان جوهر الازمة السياسية الراهنة يتمثل بالنزعة الانفرادية لرئيس الحكومة العراقية وبالانتهاكات الدستورية الفاضحة والفراغ الامني المتجسد ببقاء الوزارات ذات العلاقة شاغرة!ومواصلة القضاء العراقي الانصياع لسلطات الولاءات الضيقة وليس سلطة القانون،ليتحول القاضي الى بنت هوى للسلطات التنفيذية الحاكمة!الا ان التظاهرات الاحتجاجية الشعبية الحاشدة قد سحبت البساط من تحت حكومة نوري المالكي وحطمت اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد والشعب الواحد،واثبتت ان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب!
   ويستلزم ذلك ان تباشر المحكمة الاتحادية فورا وبمسؤولية عالية بدراسة استمرار حالة التأزم والاستعصاء السياسي وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".

بغداد
24/2/2012

82


ضياء الشكرجي وحزبه الليبرالي

سلام كبة


   في حلقة حوارية بموقع الحوار المتمدن حول امكانية تأسيس حزب ليبرالي ديمقراطي يتطلع اليه ضياء الشكرجي،وردت تعليقات واسعة من القراء والمتابعين والناشطين السياسيين،الا انه فوجئنا بالرد على التعليقات بردود من الشكرجي نفسه،رغم ان الكثير من تعليقات الناشطين اقترنت باشتراط عدم التعليق والتصويت وفق قواعد موقع الحوار المتمدن،الا ان الشكرجي حول الموقع الى نشرة حائطية وجدارية مدرسية وهذا خرق لمبادئ موقع الحوار المتمدن،كان على ادارة الموقع ان تنتبه اليه!كان الاجدر بالشكرجي ان لا يستخدم هذا الموقع الجليل لأغراضه الشخصية والخاصة.
     من جهتي اؤكد مجددا على ما ورد في تعليقي"تقاس مصداقية ووطنية وديمقراطية وعلمانية اية حركة سياسية في بلادنا اليوم لا بالشعارات التهريجية والميكافيلية والطوباوية بل ببرامجها السياسية والاجتمااقتصادية وموقفها الشفاف دون التباسات ولف ودوران من الدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية الحاكمة اليوم معا"..ما علاقة مناهج التربية والتعليم بهذا التعليق؟!
    جاء في رد الشكرجي"السيد سلام كبة: شكرا، لا نختلف فيما تفضلت به. نحن الآن لسنا حزبا، إذا ما تعاضدت الجهود وتوفرت الأرضية لتأسيس هكذا حزب، وعندما تتوفر لديه الإمكانات، فتصورنا أنه لا بد من أن تكون دراسة علمية أكاديمية توضع من مختصين لمعالجة كل مشاكل المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية. نعم أقول والتربوية لأننا بدون إصلاح مناهج التربية والتعليم لن نستطيع تكوين مجتمع صالح كحاضنة للديمقراطية، حاضنة تشيع فيها القيم الإنسانية، والمنهج العلمي، والعقلانية الموضوعية، بعيدا عن الاستغراق في الغيبيات والمسلمات التي تمثل سجون المجتمعات والحائل الأساسي دون نموها وتطورها!"
    الديمقراطية والليبرالية وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع الطائفية السياسية الحاكمة اليوم ومع الجهلة،فأما الولاء للطائفية وينتهي العراق كدولة أو الولاء للوطنية العراقية لينهض من تحت الركام ويواصل مسيرته الحضارية في بناء دولته العصرية الديمقراطية المسالمة والمزدهرة. ممارسة الطائفية والتمييز الطائفي والتعشير هي الالغاء العملي للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.وترتبط الحقوق الانسانية فيما بينها بعلاقة جدلية .... حرية الرأي والتعبير عنه وحرية الضمير والانتماء والتنظيم السياسي والنقابي والاجتماعي والثقافي وحرية الاجتماع . كل ذلك يقع ضمن حقوق الانسان المنصوص عليها في اعلان الامم المتحدة الصادر عام 1948 والمواثيق الدولية الصادرة عام 1966 والخاصة بالحقوق المدنية والسياسية واقامة دولة القانون ومؤسساتها المنبثقة عن ارادة الشعب بالانتخابات الحرة الدورية ومراقبة المجتمع الدولي عبر الامم المتحدة لتنفيذ ذلك حسبما جاء في قرار 23/3/1976 .ويتطلب ذلك الاحترام الكامل لحقوق الانسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والطائفية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس وتوفير آليات التداول السياسية بالطرق السلمية وتعضيد فعالية المؤسسات الاهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني الموحد.في عكس ذلك ، يجري تكريس الطغيان والحكم الاستبدادي واللامبالاة والفساد والتطلعات الاستهلاكية ، ويصبح المجتمع عرضة للاختراق الخارجي دون جهد يذكر.
      ليس مستغربا اذا تحول حزبكم المنشود وفق الشعارات المهلهلة التي طرحتموها باب كعبة الانتهازية،والاخطر البعث والطائفية السياسية وجرابيعهم!هذه الجرابيع التي تعود اليوم  تحت شتى المزاعم بحكم امتلاكها المال الوفير الذي سرقوه قبل التاسع من نيسان وبعده،ولنزعات مريضة في خراب العراق تأكل عقلها، ليحاولوا حرق العراق بها.تمتلك هذه الانتهازية انعدام الضمير والتلون كالحرباء وصمت الجبناء فيندسون بيننا كموظفين كبار في الحكومة ورجال اعمال وضباط كبار وبعمائم وآيات لله!انهم بيننا يصدرون احكامهم بتدنيس سمعة وشرف المناضلين،بل ويعتقلوهم لانهم هتفوا في ساحة التحرير"كلكم حرامية!"..،ويراقبون لقمة عيشنا وشرب ماءنا،يرصدوننا في الطرقات وفي زوايا البيوت. 
    ليس من حق احد ان يخفف من جرائم  ووطأة الجرابيع الانتهازية والبعثية والطائفية على الشعب العراقي لأسباب سياسية أو بسبب صراعات دولية. إن مثل هذا التخفيف يعتبر بمثابة إهانة للشعب العراقي ولضحاياه ونضاله ضد الدكتاتورية الصدّامية وضد الفلسفة العنصرية والذهنية العسكرية للصّدامية والبعثية الفاشية وتخاريف الطائفية السياسية!وهم الذين يتحركون اليوم ، باعتبارهم حركات عدوانية منظمة  يمارسون الإرهاب والقتل والتدمير في العراق والذين  سيعرف الشعب العراقي كيف يتخلص منهم!
   من جديد لم يتضمن مشروعكم في الحزب الليبرالي الذي طرحتموه الموقف الواضح دون دوران ورقص مبتذل من الطائفية الحاكمة اليوم..ولعل علاقتكم السابقة مع بعض اقطابها وضعتكم في الموقف المتردد المهادن! 

بغداد
1/2/2012



83

الطلفاحية تنهض من جديد!
اللجنة الوطنية العليا للنهوض بالمرأة العراقية والتخبط التعسفي!

                                                                                                                                     سلام كبة

    ما يجري اليوم في العراق، وبعد اكثر من تسع سنوات على انهيار النظام الدكتاتوري،وفي ظل الأزمة العامة الشاملة الاكثر عمقاً بين مجموعة الأزمات التي سبقتها،وبعد ان  باتت العملية السياسية في بلادنا مسخرة يتندر بها القاصي والداني،ثمنه تدفعه المرأة العراقية مضاعفا!ابتداءا من طوق الاضطهاد الذي يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل،مرورا بالظروف الاجتماعية والعادات المتخلفة وتسلط الولاء دون الوطني،العشائري والطائفي،والتطرف والارهاب،وفتاوي تجريم النساء اللواتي لم يلبسن  الحجاب والعباءة... واحداها فتوى ميليشياتية حكومية بمنع المتقدمات اللواتي لم يلبسن الحجاب من الدخول الى معهد المعلمات او التسجيل  فيه!وآخرها فتوى(توصية)اللجنة الوطنية العليا للنهوض بالمرأة العراقية منع الموظفات من ارتداء الفساتين الملونة والبدلات والبنطلونات الضيقة والتنورات القصيرة والستريجات والفساتين الواضحة المعالم والاحذية الخفيفة والملابس المزركشة واللماعة،والالتزام بالزي الرسمي!وفق كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء 36737 في 17 /10 /2011!قائمة من الممنوعات بحق المرأة العراقية(والنساء من الديانات الأخرى ايضا) تخرج بها الدولة من الصمت الكتوم الى الجهار والعلانية السافرة الفاضحة غير المؤدبة!
   المنشورات الميليشياتية التي سبق ووزعت في الجامعات منذ اعوام خلت،دعت الطالبات لارتداء الحجاب وعدم التبرج الامر الذي اثار موجة من الخوف والسخط بين طالبات جامعة بغداد وبقية الجامعات العراقية،كما عثر على منشورات في باحات الكليات،لم تذيل باسم اي جهة،تحذر الطالبات من ارتداء البنطلون داخل الحرم الجامعي وتمنعهن من وضع مساحيق التجميل بشكل مبالغ فيه ودعتهن الى ارتداء العباءة الاسلامية السوداء.تعرضت بعض الطالبات في البصرة الى الاهانة من قبل ما يطلق عليه هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت تجوب المدينة بكامل اسلحتها قبل اعوام!وتظهر بين الحين والآخر مع بدء المواسم الدراسية الجديدة تقارير عن خطف طالبات المدارس والمعاهد والكليات ويتم التكتم على الاخبار دائما.
   في بعض احياء بغداد يحظر على النساء الذهاب الى الاسواق بمفردهن،كما تتعرض اخريات للتهديد المباشر او الضرب او عبر القاء رسائل مكتوبة او القاء البيانات في المناطق او عبر رسائل الهواتف النقالة.ان ارهاب النساء بتهديدهن لاجبارهن على التحجب طال حتى الموظفات الرفيعات المستوى في بعض الوزارات،وقد طالت التهديدات بشكل تعسفي حتى نساء الأقليات الدينية وازدادت بشكل لافت ظاهرة ارتداء المسيحيات والصابئيات الحجاب في البصرة،وفي بعض المؤسسات التابعة للدولة يتم تخصيص مصعد خاص للرجال وآخر للنساء!
    لقد وصل بنا الحال في العراق اليوم وكأننا نعيش في غابر الأزمان،حيث لا تستطيع المرأة العراقية حتى الحصول على جواز السفر الا بموافقة ولي امرها!،وعليها ان ترتدي الحجاب قسرا وبالقوة،وان تقتل بطريقة الرجم بالحجارة حتى الموت مثلما حصل للفتاة العراقية(دعاء)في السابع من نيسان عام 2007 في منطقة بحزاني،وان تتحول الى سلعة تباع وتشترى بيد الرجل لاشباع رغباته كزواج المسيار وزواج المتعة عند الجهلة.
  توصيات اللجنة اللاوطنية العليا للنهوض بالمرأة العراقية حلقة في مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،كما تعرضت المرأة العراقية في العهد الدكتاتوري لكثير من صور العنف من أبرزها المقابر الجماعية التي ضمت الكثير من النساء،وواجهت المرأة منظمة اتحاد نسائي لا تمثلها وهي مرتبطة بالأجهزة الأمنية للنظام وتأتمر بأوامره،وتعرضت للذبح بما يسمى بسيف صدام بدعاوى وهمية غير مؤكدة تعتمد على وشايا البعض،وجرى تشريع قانون في عام 1990 يحلل قتل المرأة التي يشتبه بأنها ارتكبت جريمة تخل بالشرف دون محاكمة أصولية بل عبر لجنة أمنية تهدف الى فرض هيمنة النظام المستبد.واليوم ينصب المحافظون الجدد ومسؤولو الحكومة العراقية وجهابذة الطائفية السياسية الحاكمة،وفي مقدمتهم رئيس الوزراء،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!
    قادسيات ايمانية لا تنتهي!كمنع الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،محاولة يائسة على طريقة نوري السعيد لتكميم افواه الناس،لانه لا يزال يعيش في عصور ماقبل التاريخ.اليوم لا يضمر الشعب العراقي  الفساد والافساد  في النفوس،انما يتحدث به جهارا في الشوارع والازقة،في المقاهي والمنتديات،في الدهاليز الحكومية،بين افراد العائلة.يتحدث عن الوزير او نائبه او المدير العام او الموظف وحتى التاجر والمرابي والاسطة والمهربجي والشيخ ومولانا الذين ما انفكوا يسرقون ويسرقون ويشترون العقارات داخل المدن العراقية،او خارج العراق في دبي وعمان،او يفتحون المكاتب التجارية(النشيطة)هنا وهناك،او يودعون المبالغ الخيالية في مختلف المصارف!!وهناك من المسؤولين الكبار من يعمل في جريمة تهريب المشتقات النفطية والآثار العراقية والمخدرات بتآزر اطراف مختلفة وتعاون اجرامي من دول الجوار العراقي.يتحدث الشعب العراقي عن لعب الاطفال المستوردة بدل مولدات الكهرباء وبمؤازرة صناديد الحكومة العراقية وتواقيعهم!عن مفردات البطاقة التموينية الهزيلة بفضل حرامية وزارة التجارة،وفي مقدمتهم السوداني!عن المدارس التي لم يكتمل بناؤها،ومكافأة وزير التربية على فساده ليرقى الى نائب رئيس جمهورية!
  تعيش الطائفية السياسية في عراقنا ازمة تناقض محاولات الحفاظ على القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير وتكوين الوعي التبريري الزائف وبين الواقع الموضوعي المتغير سريعا والذي يصعب اللحاق به واخضاعه!وتجسد هذه الطائفية السياسية محاولات استحواذ البورجوازية البيروقراطية والطفيلية على مشاريع التنمية والاعمار والخدمات بالخصخصة،وبعقلية المافيا واسناد الميليشيات وعفونة بقايا الروتين الصدامي لتستغل مواقعها في السلطة لعقد الصفقات والعقود المريبة الكبرى والمقاولات والتهريب والسوق السوداء والخدمات الاستشارية والغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع الجميع وعلى الجميع،وتوكيلات الشركات الاجنبية لتشيع الرشاوي والاعطيات والمكرمات،ولتضع يدها على الملايين والمليارات .. ارصدة شخصية في البنوك الاجنبية .. ولتسعى الى اغراق المجتمع في حمى ( حمأة ) اخلاقياتها الاستهلاكية بعد بناء قصورها الفارهة لتعيش فيها حياة الترف والبطر في ذروة الكساد والركود والتضخم الاقتصادي والفقر العام والفساد ! ولتخسر الدولة بذلك لا الاموال التي لا حصر لها بل والسمعة والاهلية ! وازمة الطائفية السياسية اليوم امتداد لأزمات الدكتاتورية الصدامية البائدة ومحاولة دفع التاريخ لأعادة انتاج نفسه مرة أخرى بثوب بائس مهلهل جديد!
    لابد من :
1.   اعادة تشكيل اللجنة العليا للنهوض بالمرأة من العناصر الوطنية المخلصة الحقة والكفوءة!
2.   على اللجنة الحالية تقديم اعتذار فوري الى نساء العراق لأن توصياتها وفق كتاب الامانة العامة لمجلس الوزراء 36737 في 17 /10 /2011هي اهانة لهن!   
   ان انخراط مختلف الفئات الاجتماعية في النضال المطلبي،يساعدها على ادراك العلاقة بين حقوقها وبين الاوضاع العامة في البلاد،ويقودها الى الانخراط النشيط في هذا النضال!والمرأة العراقية اذ تدرك ذلك،فانها تساهم بنشاط في الحياة العامة وتدرك ان تعزيز العملية الوطنية الديمقراطية في البلاد،ودفعها على طريق التقدم،هو مكسب حيوي هام لقضية المرأة التي هي قضية تقدم الوطن بأسره.

بغداد
30/1/2012


84

رحيل الدكتور المتمرد مهدي مرتضى

سلام كبة


   رفع الدكتور مهدي مرتضى لقبه الصيدلي بعد تخرجه من الكلية ضمن الدورة 14،بعد ان قضى دراسته الجامعية 1940 – 1946، وبات معروفا بأسمه الحالي.كان مرتضى ناشطا اجتماعيا وسياسيا منذ فترة الدراسة الثانوية في الاعدادية المركزية ،والجامعية، وبعد التخرج وتعيينه في مسقط رأسه في مدينة كربلاء! وبعد تنسيبه مقيما في الردهة التاسعة بعد اكماله خدمة الاحتياط!
   لقد ساهم الدكتور مهدي مرتضى مع العشرات والمئات من الوجوه الاجتماعية والثقافية والسياسية ومن كبار الأطباء والمهندسين في البلاد في بناء مدرسة اتحاد الطلبة العام،وهو من التي عاشت وناضلت وتربّت في صفوفه وساهمت بفاعلية بنشاطاته ونضالاته او اعادة بنائه عند المحن،ومن جيل مؤتمر السباع الخالد وشبيبة الرعيل الاول التي دوخت شيوخ البلاط وصفعت هيبة السعيد المتغول ومن مناضلي وثبة كانون التي مزقت صك الانتداب المؤول!
    سافر الى الولايات المتحدة اثر انتهاء سنتي الاقامة ليلتحق بدورة في مستشفى(بيل فيو)الشهير في نيويورك ومنح شهادة الدبلوم،انتقل بعدها الى مستشفى في (نيو اورليانز)،ليعود بعدها الى العراق طبيبا في مستشفى الكرخ!عاد الى الولايات المتحدة والتحق بجامعة تولين Tulane مدرسا للطب ونال درجة الماجستير قبل العودة مجددا الى العراق عام 1956!وعين مدرسل لمادة الفسيولوجي والصحة العامة في كلية الملكة عالية(البنات)وليس في كلية الطب بسبب اتجاهاته السياسية وميوله اليسارية!وكان مهدي مرتضى من الايدي العراقية الماهرة الرائعة النادرة القديرة والمرموقة التي تسلمت المستشفى الملكي من بعد الطبيب الانكليزي سندرسن،هذه المستشفى التي تحولت فيما بعد الى المستشفى الجمهوري فمدينة الطب!
    انتمى الدكتور مهدي مرتضى الى صفوف الحزب الشيوعي العراقي في عقد الخمسينيات، ونشط للترويج لبرنامج جبهة الاتحاد الوطني التي مهد انبثاقها لاندلاع ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958،بعدها نشط في حركة انصار السلم ونقابة الاطباء،وترأس تحرير مجلة المثقف لسان حال جمعية الخريجين (مجلة فكرية عامة شعارها"المضمون العلمي السليم والمعالجة الواقعية والتكنيك الجيد")حتى انقلاب 1963!
     فصل من الوظيفة اثر انقلاب رمضان الاسود 8 شباط 1963،وعاد لها ثانية عام 1969!لقد تلقى الرفيق مرتضى شتى صنوف التعذيب في اقبية البعث الى جانب زملاءه محمد الشواف،اسماعيل الجاسم،عبد الحميد البستاني،صادق الهلالي،قتيبة الشيخ نوري،رافد صبحي اديب بابان،احمد جعفر الجلبي،فاروق برتو،قسطنطين سمعان،عبد السلام محمد،خليل جميل جواد،حسين علي الوردي،فاضل تلو،عبد الصمد نعمان،عبد الحميد السعدي،حمدي شريف،محمد باقر الجلبي،نوري السعدي،رفعت الشيباني،عبد اللطيف حسين،ضياء خوندة،ليلى الرومي،صاحب المرزة،فيصل الحجاج،موسيس آكوبيان،..الخ.
    ارتبط بعلائق طيبة مع الحركة القومية الكردية ،وكان ضمن الفريق الطبي (الذي ضم ايضا شوكت الدهان و رافد صبحي وآخرين)الذي قدم الى ناحية برزان على متن مروحية كانون الثاني 1969 لمعاينة الشيخ احمد البارزاني الذي نقل الى مستشفى ابن سينا في بغداد قبل رحيله!
    كتب الدكتور مرتضى عشرات المقالات في الصحف والمجلات العراقية،ومنها مجلة الثقافة الجديدة،كما تصدر موضوعه "التعليم الطبي" العدد الاول من صفحة التربية والتعليم في طريق الشعب الغراء 5/11/1973.
    كان الفقيد ضمن قائمة ضمت اكثر من 20 استاذا جامعيا لامعا من خيرة اطباء العراق ممن كانوا يمارسون التدريس في كلية الطب/ جامعة بغداد ، الذين احالهم صدام حسين بقرار تعسفي جاحد عام 1979 الى التقاعد!كما كان من اوائل الموقعين على نداء من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية في العراق(طبيب اختصاصي واستاذ في جامعة بغداد)عام 2009.وآثر التمرد على اصعب الظروف التي مر بها العراق واقساها،ولم يهادن اعداءه من الحثالات القومية والطائفية وباقي الشلة الرجعية.
     تناقلت وكالات الانباء نبأ رحيل الدكتور مهدي مرتضى في بغداد يوم 27/12/2011،فكانت خسارة كبيرة رحيله الصامت،صمت يشبه صمت وهدوء عمله ونضاله الاعوام الاخيرة.وسيبقى فقراء و كادحي بلادنا اوفياء له بعد ان احبهم وربط مسيرته بقضاياهم العادلة منذ وقت مبكر من حياته،وابقى خبرته وبيته وعيادته الخاصة مفتوحة امامهم في كل زمان ومكان!


بغداد
29/12/2011

85

عبد الصاحب الخناق والزمن الغادر

سلام كبة

   في زمن اغبر رحل القائد العمالي النقابي الشيوعي العصامي العنيد عبد الصاحب الخناق (ابو مازن) في بغداد الخميس 24/11/2011 بصمت هو الآخر تاركا خلفه ارثا سياسيا وطنيا ونقابيا لم يهادن يوما فيه الطغاة،وموقفا جسورا في مواجهة الحكام المستبدين،واعتزازا بمكانة الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية الديمقراطية،وزهدا عن الرزايا والمغريات المادية!والرفيق ابو مازن لم يتمكن هو الآخر من اعطاب ماكنة المنون الغادرة التي تحصد هذه الايام عراقيين مناضلين دون انصاف وغير آبهة لمكانتهم الفكرية والاجتماعية والعلمية،ويكررون على اسماعنا انه القدر!وخلال اسبوع فقط فقدناك وفقدنا الرفيق الشاعر الكبير مهدي محمد علي(ابو اطياف)!
   كان ابو مازن ابا واخا صديقا للشبيبة العمالية في كل المناطق التي حط فيها واينما التقاها!وبالأخص الشبيبة الشيوعية!مع انتماءه للحزب منذ نعومة اظفاره،وتحمله الكثير من المعاناة والعذابات في السجون وفي زنازين الانظمة المستبدة السابقة.وبسبب هذا الاستبداد لم يستطع مواصلة تحصيله العلمي في العراق،الا ان عصاميته البالغة وجسارته ابت ان تقف عند حد معين،وانخرط في كلية التربية في جامعة عدن اواسط الثمانينات طالبا رغم تجاوزه سن الاربعين ومتجاوزا كل العراقيل الاجتماعية بقلب لا تهزهزه المحن والشدائد،ليتخرج ويحصل على الدرجة العلمية التي كان ينشدها!وقد ادرك مبكرا ان تحقيق التطلعات الوطنية والاجتماعية والنقابية تستوجب الحياة الآمنة المستقرة والاجواء الديمقراطية المناسبة!كان مثالاً للالتزام الحزبي الرفيع المستوى،ولم يثنه شيء عن مواصلة نضاله في صفوف الحزب!عرفناه في بغداد وعدن عاشقا للحياة،ولكن ليست اية حياة،بل حياة العزة والكرامة والدفاع عن القيم الرفيعة والمبادئ السامية التي آمن بها وكرس حياته من اجل تحقيقها وضحى بالغالي والنفيس دفاعا عنها!
   في حفل استقبال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للمهنئين بمناسبة اعياد الاضحى والأزدهار (دهوا هنينا) وثورة اكتوبر الاحد 6/11/2011 ،تلقانا الرفيق العزيز ابو مازن بابتسامته المعهودة ووجهه البشوش"ياهلة بيكم،هاي وينكم،وشخبصتونة؟!.."،وفي الجمع التالية تواجد في شارع المتنبي منخرطا بلهفة مع حشود المواطنين في نشاطاتهم المطلبية والاحتجاجية!لم تنهه شيخوخته عن الاشتراك في كل الفعاليات الاحتجاجية في ساحة التحرير طيلة عام 2011 هاتفا:
تردون الصدكًـ                      كلهم حرامية
حركَونا حركَـ                       كلهم حرامية
ما شفنه نفط                     كلهم حرامية
شبعونه فقر                     كلهم حرامية
بس ضيم وقهر                     كلهم حرامية

     برحيلك انطوت صفحة لامعة من صفحات المجد التي سطرها الشيوعيين بدمائهم الطاهرة،وستظل علما من اعلام الحزب له مكانته في الحركة الوطنية والنقابية الديمقراطية والتقدمية الى جانب رفاقك الابرار الدكتور مصطفى الدوغجي والمعلم النقابي والقائد الشيوعي معن جواد..ورفاقك الآخرين الذين عاصروك في بغداد وعدن،واسمك بين الخالدين،وسنحكي لاحفادنا عن مآثرك وعظمة اساليبك التربوية.لم ولن يقفل دور وسجل القائد النقابي العمالي الخالد عبد الصاحب الخناق بمراسيم الرحيل بعد ان ترك لنا تجربة زاخرة وحية في النضال والصبر على اعباء النضال،ودرسا يؤكد ان الوطنية العراقية ثمارها لكل العراقيين،واعباؤها على كل العراقيين.وتلهمنا نحن رفاق حزبك المجيد العزم والاصرار على الكفاح حتى تحقيق ما ضحى كل شهداء الحزب بحياتهم من اجله!
   نقف اجلالا لك ولكل شهداء الحزب الشيوعي الابرار الذين اعطوا اعز ما يملكون،وخلفوا لنا مروجا من شقائق النعمان!
  طوبى اليك..ولمن وهب الحياة حياته!وستبقى سفينتك في الافق تبحر!!

بغداد
2/12/2011


86

السيد نوري المالكي وسياسة"اخبطها واشرب صافيها"

                                                                                                                                                  سلام كبة


   "ان الظرف الدقيق الذي يمر به شعبنا ووطننا يستدعي من الجميع الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية، وتفويت الفرصة على من يريد سوءاً بوطننا وشعبنا، وهذا يستلزم اشاعة روح التآخي والتآزر والتحلي بالحكمة والروية وتبني الحوار لحل الخلافات، وترجيح العقل والتعامل الواقعي، والابتعاد عن التعامل مع القضايا الوطنية الكبرى بحسابات الربح والخسارة، لتحقيق مصالح ضيقة، شخصية او حزبية او طائفية او غيرها، دون ادراك خطورة الأوضاع وحساسيتها ومخاطر ان نخسر جميعاً، حتى المكاسب الأمنية".من هذا المنطلق هل تنسجم مواقف السيد نوري المالكي الاخيرة مع المنطق والتاريخ وحتى العقل والتعامل الواقعي؟!ان هذه المواقف هي امتداد لمواقفه الهزيلة طيلة اعوام 2010-2011 ،ومنذ تشبثه بالحكم والمظاهر الاستبدادية والتعسفية اثر الانتخابات النيابية الاخيرة!
  لقد استند رئيس الحكومة العراقية في صولته الاخيرة على البعث العراقي وحملة الاعتقالات الواسعة العشوائية على معلومات استخباراتية من الحكومة السورية والمجلس الانتقالي في ليبيا وفق تصريحاته وتصريحات مساعديه!يا للعجب!بينما يعرف القاصي والداني ان قانون اجتثاث البعث قد اسئ استخدامه،والمالكي هو نفسه الذي اعاد  المفصولين البعثيين من العسكريين ورجال الأمن والمخابرات الى دوائرهم،دون مساءلة واضحة وتدقيق وضوابط والتزامات محددة ،وتحت ضغوط خارجية خاصة الامريكية والعربية.وقد بذل بعث دمشق المستحيل لعودة الصدامية الى العراق كأنسلال الحية الرقطاء دون ان نشعر بضجة او ضوضاء!واليوم هم بيننا في بغداد يملكون المال الذي اقتطعه القائد الضرورة من افواه الجياع ومن حياة المرضى ، ويمتلكون السلاح وقطع الغيار ومعدات التفخيخ، بعد ان أمنوا العقاب والملجأ الآمن في قصور الاسد،فعادوا الى الشارع يرقصون ويهللون لجزارنا ويرفعون صوره البشعة والرديئة تحدياً لنا ، بعد ان شعروا ان احاسيسنا في طريقها للموت ،واننا اختلط حابلنا بنابلنا فلم نعد نتعرف على وجوههم ولا نتذكر سكاكين الذبح المعمية التي كانوا بها يذبحوننا ،ولا نتذكر اسماؤهم وشكل وجوههم!انهم بيننا انسلوا بصمت بعد ان كانوا يرتجفون هلعاً في الأيام الاولى من سقوط طاغيتنا،وزعوا ادوارهم بدقة بين كاتب ومحلل سياسي وصحفي ومتخصص في الموت والتفخيخ ومن يجيد اللطم على الوطن ومتخصص في خطابات الرثاء وعاهرة لا تجيد سوى الردح والشتائم واتهام الجميع سواها ومثلومين واشباه رجال وشلة غادرة عدتهم وعددهم وحتى اساتذة جامعات ورواد لحركة حقوق الانسان مع الأسف! لكنهم بدأوا يظهرون في الشوارع والمقاهي يلبسون غير ملابسهم ويلتحون ويغيرون ملامحهم ويكثرون من ذكر الله في العلن وقائدهم الجرذ في الخفاء بصوت منخفض!ويعلقون صورته تعويذة وتذكار لعل زمانهم يعود ما دام الناس في غفوة ثانية!انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ،ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف تحدوا ويتحدون العراقيين.ان الدولة السورية واجهزة الأمن السياسي فيها مسؤولةٌ مسؤوليةً كاملة ًعن قتلى العراق الذين سقطوا بسبب التفجيرات والانتحاريين بسبب سماحها لهم بالعبور والمشاركة ودعم تلك الجهود!وهذا هو حال نظام الملالي في قم وطهران ايضا الذي يدعم اليوم "القاعدة"الارهابية و"فيلق القدس" الفاشي بتفنن نادر!اما المجلس الانتقالي الليبي فأن انتهاكاته لحقوق الانسان خير دليل على ضعف مصداقيته السياسية والاستخباراتية،وهو لا يختلف عن سلفه نظام القذافي المقبور في المواقف الشائنة والشمولية!
   "حينما يفتقد المواطن الشعور بالأمان، ويعاني من نقص الخدمات، ويشعر بان المواطنة لا تضمن له العدل والانصاف، ويشهد كل يوم استباحة لأرض العراق من دول الجوار، ويستمع الى قصص الفساد الكارثية، فيما المفسدون يسرحون ويمرحون دون رادع.. في هذه الحال تكون حقبة النظام المباد هي الحاضرة في ذهنه، يقارن بها سوء الحال، رغم اختلاف الظروف، فيبدأ يتساءل: ما الذي تغير؟!"بعد كل هذا،هل نستطيع معاتبة مجلس محافظة صلاح الدين على موقفه المطالبة بأقليم،بعد تجاوز الحكومة المركزية على جوهر صلاحياته في الاعتقالات العشوائية،والتي راح ضحيتها ايضا الابرياء،وبعد اشهر قليلة من العملية الارهابية القذرة التي استهدفت مجلس محافظة صلاح الدين واستشهاد اعضاء في المجلس؟!ولا يفهم من ذلك اننا مع تشكيل الاقليم،الا انه يبدو جليا ان اجراءات السيد المالكي الاخيرة هي محاولة ثأرية انتقامية صبيانية لتبييض وجهه وفلمه الذي احترق ويحترق اصلا باشاعته ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش،ثقافة الفساد وآليات انتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وديمقراطية القطيع والرعاع والولاءات دون الوطنية و"حاضر سيدي ومولاي"،الثقافة الممهدة للثقافة الفاشية!ثقافة الموت والقبور والموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظم تعود بجذورها الى قرون طويلة من القمع والاجرام وتدمير المجتمعات ،فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام!انها ثقافة عقدة تقسيم الجنة والنار والكفر والايمان،وعناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والتآمر والاغتيال والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام!ثقافة الانتقام والقمع!ومهما اختلفت اسماء الاحزاب والجماعات والميليشيات البعثية والطائفية وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو الارهاب ومراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم!
   لقد اتهم نوري المالكي النشاطات الاحتجاجية في ساحة التحرير منذ شباط 2011 بأن البعث يقف وراءها،وكان ابرز رموز البعث الحكومي الجديد يطل عليها من شرفة المطعم التركي!وجرى اعتقال ابرز ناشطي ساحة التحرير بتهم باطلة زائفة ومورست معهم اساليب يندى عليها جبين الانسانية!القوات التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة قامت علانية بالاعتداء على المواطنين واعتقال الصحفيين!كما داهمت منتديات لمؤسسات المجتمع المدني ومحطات فضائية معتدلة!كما وجدت الحكومة العراقية في البلطجية ضالتها لقمع النشاط الاحتجاجي..كل ذلك بعد سلسلة من الافعال الحكومية الارهابية..فقد الغيت الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!كما منعت الحكومة العراقية اواسط 2009 الكازينوهات والمتنزهات في البصرة من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،واعتقال المخالفين!وفي تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!وتفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!بينما فوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.القشة التي قضمت ظهر البعير كان نعتت النادي الاجتماعي في مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق"اتحاد الجواهري" بالمنتجع الذي يؤمه الارهابيون!
   في دراسة سابقة اكدت انه عند متتبعي خطبه وافعاله،كان تخبط رئيس الوزراء واضحا في:
1.   ازدراءه الانترنيت وكتابه ووصفه باوصاف غير لائقة مع العلم ان معظم كتاب الانترنيت وما كتبوه كان انطلاقا من مسؤوليتهم كمواطنين!
2.   محاولة تعديل الدستور بالاتجاه اليميني والالتفاف على المادة 140 التي يتم المماطلة في تطبيقها لحد الآن!
3.   الاسراف والمبالغة في تشجيع الاعياد الدينية واللطم والنحيب والزحف.
4.   تشجيع مجالس الاسناد والصحوات العشائرية،رغم افتضاح امرها كتشكيلات عفى عليها الزمن شبيهة بالجيش الشعبي والحرس القومي وجحوش افواج الدفاع الوطني.
5.    التهجم على القيادة السياسية في كردستان العراق ووصفها انها خارجة عن الدستور،والتهجم على الفيدرالية في وقت سابق.
6.   صياغة مشروع قانون مجلس العشائر الوطنية في محاولة لاحياء قانون العشائر الذي يضمن الاعراف والتقاليد العشائرية سيئة الصيت والسطوة العشائرية ولاهانة اسس دولة القانون وبحجة ابراز دور العشائر في الانتخابات واستتباب الامن.ان التمثل بصدام حسين لتشكيل العشائر المسلحة واعطاء صلاحيات للشيوخ العلوج كان مشروع رجعي وخطير.
  ان تأطير المجتمع العراقي دينيا هو تمهيد لقيام دكتاتورية على نمط العمائم:
1.   سجون سرية تمارس فيها التعذيب.
2.   قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي او الصاق التهم.
3.   حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة وبالكواتم.
4.   حملات الاختطاف التي تقوم بها فرق الموت الحكومية.
5.   فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولة تطبيق هذا الفصل بين طلبة الجامعة الامر الذي يلاقي المقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية.
6.   فرض الحجاب على النساء.
7.   اشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي
8.   محاولات احياء الفكر الرجعي المقرونة بالهجوم المكثف في وسائل الاعلام على كل توجه ديمقراطي او علماني.
    ولم تتراجع الحكومة العراقية عن مواقفها في التدخلات القذرة في الشأن المؤسساتي المدني،مواقف مريبة وغير ديمقراطية بشؤون لا تخص الحكومة ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني،بل تسقط في الدعاية الحكومية والانتخابية،لانها تريد ممارسة الحياة الديمقراطية على هواها،وبالطريقة التي تختارها هي رغم انف الدستور،في حين تمارس التدخل في الشأن المؤسساتي المدني بالطريقة الفجة التي لم يمارسها الا البعثيون من قبل،بعد ان جعلوها في خدمة الحزب الحاكم ومرتزقته!
   هل تتفق مواقف نوري المالكي مع احترام الدستور والالتزام بالمادة اولاً منه والتي نصت على حظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي...والمواد المتعلقة بتشكيل الاقاليم،التمييز بين البعثيين من رموز النظام السابق وعصاباته من الجلادين وبين الجمهرة الواسعة من المواطنين الذين انضموا لحزب البعث لأسباب متباينة،استيعاب البعثيين في اجهزة استخبارات ومخابرات المالكي ومكتب القائد العام للقوات المسلحة وتحويلهم الى بلطجية في خدمة الحكومة،منح البعثيين فرصة التبرؤ والتخلص من أرث الماضي وتقديم المساعدة لهم للعودة الى صفوف الشعب والانخراط في بناء النظام الديمقراطي والمشاركة في أقامة العراق الجديد!
   نعم،تزعق الثقافتان البعثية والقومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة ان الامل الوحيد في نيل الاستقرار والامن هو خلط الخبث والثأر والانتقام والاجرام بالفوضى والقسوة وفق قاعدتي "اخبطها واشرب صافيها" "اقتل وسر في جنازة القتيل في المقدمة".ولسان حالنا يبقى" القدس عروس عروبتكم .. بغداد عروس شعوذتكم الطائفية الروزخونية .. اولاد القح .." مع الاعتذار للشاعر الكبير مظفر النواب. بيت القصيد ان تأطير المجتمع دينياً يطابق تبعيث المجتمع! وثبت ان الاحزاب الدينية والطائفية والبعثية اليوم لا تستوي والديمقراطية الحقة!  

بغداد
11/11/2011


87
رحيل داعية السلام العالمي احمد حمروش

                                                                                                                                          سلام كبة

    الجمعة 28 تشرين الاول 2011 كان موعدنا مع رحيل العلامة الاستاذ احمد حمروش رئيس منظمة التضامن الآفروآسيوي AAPSO منذ عام 2008،وعن عمر ناهز التسعون!واذ تفتقد المنظمة وحركة السلم العالمية خدمات هذا العالم الجليل،فهي مدعوة لمضاعفة الجهود الرامية لوقف العنف في جميع انحاء العالم،والحث على دراسة المشاكل الوطنية والدولية العقدية وايجاد الحلول لها،حل المشاكل السياسية بالطرق السلمية،مكافحة التسلط،الدعوة الى التعاون الثقافي والحوار بين الأديان واحترام الأديان السماوية والعقائد..فلا اكراه في الدين،الاهتمام بالبيئة،اعتبار الرياضة وسيلة حضارية للسلام،نشر مفاهيم المحبة والخير والجمال والتواصل بين الشعوب،تأمين العمل للعاطلين،ضمان الرعاية الاجتماعية التي تؤسس للسلام ،تنظيم المسيرات الجماعية التي تحمل الورود واغصان الزيتون،تشجيع المسرح والتمثيل لدعم السلام،نشر الوعي بحقوق الانسان،انقاذ الارواح بكل الوسائل،تقديم الرعاية الصحية وخاصة للأطفال،مساهمة المرأة في الدعوة للسلام.
   ويزداد عبئ منظمة التضامن الآفروآسيوي وكل فصائل حركة السلام العالمية لدعم حركة الشعوب الاحتجاجية في المنطقة العربية وكل بقاع آسيا وافريقيا ضد الانظمة السياسية الاستبدادية الحاكمة ولمكافحة الفقر وبسبب تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية،ولأنقاذ شعوبنا من الدعايات المعادية المضللة وانارة طريق العمل وتعبئة القوى الاجتماعية في كل مكان عبر خطوات مدروسة عملية!وفي سبيل الغاء المعاهدات الاسترقاقية الاستعمارية واجلاء القوات الاجنبية والتخلص من القواعد العسكرية الاجنبية ورفض المشاركة في الاحلاف العسكرية العدوانية ،ورفض التدخل الاجنبي في الشؤون الداخلية للبلدان ،وتحرير الاقتصاد الوطني والسياسة الوطنية من النفوذ والهيمنة الاجنبية ،ومقاومة سياسة ارهاب الدولة والارهاب الدولي ،والمطالبة بالحريات الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وتعزيز التضامن بين الشعوب ،والتحقيق في جرائم الاستعمار والامبريالية،ومتابعة هيئات التحقيق المحلية والدولية المشكلة لمكافحة مظاهر الفساد والارهاب والتخريب وتقديم المجرمين الى المحاكم ،والتضامن مع الشعوب العربية في النضال ضد الاستعمار والصهيونية واستبداد الحكام، والمطالبة بحكومات وطنية تخدم النظم الفيدرالية التعددية البرلمانية والمؤسساتية المدنية والسلم والاستقلال الوطني الناجز.
   كما يزداد عبئ منظمة التضامن الآفروآسيوي وكل فصائل حركة السلام العالمية لمكافحة الطائفية السياسية على كافة الاصعدة وفصل الدين عن الدولة،وتفعيل الولاء للوطن والشعب فقط،ورفع الغطاء عن عـورة عبيــد التحاصص والتوافق والمشاركـة في فرهدة الاسلاب!ان معالجة ظاهرة الفساد حديث اجوف دون القضاء على السدود المنيعة التي يحتمي خلفها الفاسدين ومنها المحاصصة الطائفية والسياسية التي توفر الحماية لمافيات الفساد،ومناهضة الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن،الى جانب محاصرة الفساد الانتخابي ومقاولي الاصوات وسماسرة الانتخابات والانتهاكات الفاضحة وممارسة التهديد،اطلاق الوعود الكاذبة،واشاعة اجواء الخوف،وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام،واخفاء مصادر التمويل!
    وعلى منظمة التضامن الآفروآسيوي تكليف اشخاص ذوي سمعة تاريخية سياسية طيبة لاشغال مناصبها المالية والادارية وذوي درجة عالية من الكفاءة والنزاهة.
   ولد احمد حمروش عام 1921 وتخرج من الكلية العسكرية المصرية عام 1942،وكان احد الضباط الاحرار الذين فجروا ثورة 23 يوليو 1952.شغل منصب رئيس تحرير مجلة"التحرير"ايلول 1952،ورئيس تحرير المجلة الشهرية "الهدف" عام 1955،كما عمل في صحيفة الجمهورية القاهرية عام 1956.وفي نفس العام اصدر دورية "الفجر"وترأس ادارة المسرح الوطني وتحرير "الرسالة"و"الكاتب"،كما شغل رئاسة تحرير مجلة"روز اليوسف" عام 1964!وتولى مسؤولية السكرتير العام لمجلس التضامن المصري عام 1979 وانتخب رئيسا له عام 1984 حتى رحيله!
   كان احمد حمروش كاتبا والف اكثر من 30 كتابا عن ثورة 23 يوليو 1952،الى جانب عدد من المسرحيات والقصص القصيرة!

بغداد
4/11/2011

88


الترابط بين التاريخي والمنطقي في عملية المعرفة

سلام كبة
   بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل المفكر والباحث الاقتصادي الكبير الدكتور ابراهيم كبة صدر عن دار الرواد في بغداد اوائل الشهر العاشر من عام 2011 كتاب سلام كبة"ابراهيم كبة غني عن التعريف".وجاء في مقدمة المؤلف"لم ير هذا الجهد المتواضع النور الا بعد تجاوز الكوابح الاجتماعية الرجعية .. الولاءات دون الوطنية .. السرطان الاجتماعي الذي خلفته دكتاتورية شباط الاسود.ويتقدم الكاتب بالشكر لكل من ساند ويساند الثقافة الديمقراطية التقدمية في عراق القرن الحادي والعشرين".كما جاء في تقديم الاستاذ مفيد الجزائري"لا يفاجيء المهندس سلام كبة القراء حين يخرج عليهم بهذا الكتاب عن ابيه الراحل.فما اكثر من كتبوا قبله في هذا العالم،عن آبائهم  (او امهاتهم) تعريفا ومباهاة بهم وبما انجزوا في حياتهم، او حفظا لذكراهم، او للدافعين كليهما.لكن مؤلف كتابنا يتميز، مثل البعض في الاقل من هؤلاء، بكونه يكتب عن شخصية يطيب للغريب مثلما للقريب ان يكتب عنها.فابراهيم كبة المولود سنة 1919 لعائلة نجفية عريقة، المشبع وطنية منذ فتوته، والمندفع في تعطشه الى  المعرفة والتحصيل نحو دراسة الحقوق ببغداد اواخر ثلاثينات القرن الماضي، والمتجاسر على كتابة ونشر اول مطبوع وهو بعد طالب في نحو العشرين من العمر .. هذا الانسان المقبل على الحياة مذ ذاك بحيوية ورغبة متقدتين، لم يكن عاديا...كان من ذلك الجيل الذي فتح عينيه على دفق انوار الرقي المعرفي والمادي والتقني، المنبعثة من تخوم العالم الاوربي غير البعيد، والتي يتسلل سناها الى مجتمعه في صور شتى، فيخطف الابصار، ويضيئ الواقع المحيط، ويكشف عتمته وتخلفه وركوده. الجيل الذي بدأت مداركه تتفتح من ثم بين ثلاثينات واربعينات القرن العشرين، في الزمن العاصف عالميا بفعل اهتزاز الارض على الصعيد السياسي (بنشوء وتطور اول دولة اشتراكية) وعلى المستوى الاقتصادي ( بالازمة الكبرى في 1929- 1933) تحت صروح الرأسمالية ونظامها الاستغلالي والاستعماري.. وبتأثير انطلاق وتنامي كفاح الشعوب، غداة هزيمة معسكر الفاشية في الحرب العالمية الثانية، من اجل الحرية والاستقلال وفي سبيل الديمقراطية، وانتعاش الآمال بقيام عالم ينعم بالسلام والديمقراطية والعدالة والرخاء.
    انغمر ابراهيم كبة الشاب، شأن كثيرين غيره من منتسبي ذلك الجيل، في السعي الجاد لفهم شؤون وطنه ومجتمعه وشجونهما، والدور الذي يمكن ان يسهم به هو وسواه، في الخروج بهما من ظلمات التبعية والجور والتأخر والشلل، الى فضاءات الاستقلال والحرية والحركة والتطور. وشأن كثيرين من امثاله استهواه في البداية الفكر القومي، وهو ما يوضح المؤلف في الفصل المعنون " ابراهيم كبة والفكر القومي" خلفياته ومظاهره ومآله.لكن "الحرب العالمية الثانية وفشل حركة ايار 1941 في العراق" خيبا آمال الشاب المشتعل حماسة وطنية، والناظر بمنتهى الجدية والمسؤولية الى قضية الوطن والاستقلال والتقدم، وسببا له "صدمة عنيفة" كما قال هو نفسه في مناسبة لاحقة. ومع ذلك لم ينل الاحساس العميق بالخيبة والصدمة  من شعوره بالمسؤولية ورغبته في خدمة وطنه وأهله، ولم يدفعه الى هجر النشاط السياسي وميادين العمل الوطني، كما حدث ويحدث للبعض احيانا. على العكس تماما، ضاعف حماسه للبحث عن الحقيقة في السياسة والعمل السياسي الوطني، وعن السبيل المفضي الى تحقيق الآمال والمطامح المشروعة لشعبه الغارق في لجج الظلم والبؤس والجهل.
   في رحلة البحث هذه، التي حركتها وطنيته الاصيلة وصدقه مع النفس واخلاصه لقضية الناس والبلاد، امضى عقدا من السنين تقريبا يلتهم الكتب (مؤلفات الفكر الاوربي الليبرالي العقلي والمادي، حسب ما كتب في ما بعد) ويدرس "الفكر الديمقراطي الاشتراكي" وينقب، ويناقش، ويجادل، ويخوض الحوارات والسجالات في الجامعات ومعاهد البحث في فرنسا ومصر. وخلال ذلك يكتب اطاريح تؤهله للحصول على شهادات عليا في الاقتصاد وفي تخصصه الاصلي – القانون.
    وحين رجع اخيرا الى الوطن، وكان قد تجاوز الثلاثين من العمر، كان مغايرا تماما لذلك الشاب الذي نشر قبل عشر سنوات مطبوعه الاول "وجهة القومية الحديثة". مغايرا في نظرته الى المجتمع والحياة على وجه الخصوص، في فكره، في موقفه والتزامه السياسيين.وآنذاك بدأت مسيرة حياته اللافتة - اكاديميا ومفكرا وشخصية وطنية مناضلة، رجل اقتصاد وسياسة وقانون مرموقا، وزيرا ومهندسا للاقتصاد الوطني العراقي بعد ثورة 14 تموز ومفاوضا امينا في التعبير عن مصالح شعبه ووطنه ومتفانيا في الدفاع عنها.وكانت مسيرة فاعلة مشرفة وضاجة بالعطاء، بقي الرجل على امتداد خمسين سنة لاحقة واكثر، حتى رحيله سنة 2004، حريصا على مواصلتها، متمسكا بمبادئها، وفيا لجوهرها.وللمهندس سلام كبة كل الحق في ان يعتز بأبيه - وهو ما يشاركه فيه الوطنيون العراقيون الواعون جميعا.وحسنا يفعل حين يعبر عن اعتزازه باصدار هذا الكتاب، الذي يعرّف فيه بالراحل الكبير وبسيرة حياته وانجازه، وينشر رسالته الوطنية والتقدمية الاصيلة، ويحفظ ذكراه المنيرة – الجديرة بالحفظ والصون."
    لقد تضمن كتاب"ابراهيم كبة غني عن التعريف"السيرة الذاتية ومواد في ملف العدد 333 من مجلة الثقافة الجديدة الغراء،واهم مؤلفات الدكتور كبة في العهدين الملكي والجمهوري،ومنها الدراسة غير المنشورة سابقا عن الحياة الحزبية في العراق،والاقطاع في العراق،والفوضوية،والبراغماتية،والفكر الرجعي في العراق،ومقالات اكاديمية:منها..اشكالية الاقتصاد الانتقالي،حول تحليل ماركس لنمو المتناقضات داخل الظواهر الاقتصادية،حول نظرية القيمة الماركسية وقضايا اخرى،من التفسيرات الاكاديمية للفكر الاقتصادي الاقطاعي.."
   وبمناسبة الذكرى السابعة لرحيله في 26 تشرين الاول 2004 نعيد نشر ما يلي:
   "الترابط بين التاريخي والمنطقي في عملية المعرفة"هو عنوان الفصل التاسع من كتاب م . روزنتال "مشاكل الجدل في - رأس المال –"والذي ترجمه الدكتور ابراهيم كبة اواسط سبعينيات القرن الماضي.وفيما يلي سرد للفصل حسبما نشرته مجلة الثقافة العراقية لصاحبها المرحوم الدكتور صلاح خالص في عددها الثاني / شباط 1983.
   ان التحام التاريخي والمنطقي، في عملية المعرفة، هو احدى المشاكل الجوهرية لنظرية المعرفة. فإذا كانت المعرفة، في منهج البحث التحليلي، تسير من المجرد الى المحدد لاستعادة المحدد، علمياً، بكل غنى مظاهره، فما هي العلاقة بين هذه العملية التي تجري في الذهن والعملية التاريخية الحقيقية؟ وهل تتفق المقولات الاكثر تحديداً وتعقيداً مع علاقات اقتصادية ظهرت بعد ذلك على مسرح التاريخ؟ او بعبارة اخرى، هل تتفق الحركة من المجرد الى المحدد مع عملية التطور التاريخية؟ كذلك تقدم مشكلة التاريخي والمنطقي جانباً آخر لايقل اهمية:
   ماهي العلاقة بين مسيرة المعرفة المنطقية والتطور التاريخي للفكر نفسه، للمعرفة نفسها؟
   لقد أجاب ماركس عن جميع المسائل المتعلقة بمشكلة التاريخي والمنطقي، بتطبيق الجدل، بصورة محددة، ونظرية المعرفة الجدلية في دراسة نمط الانتاج الرأسمالي، كما أنه اختبر على الاخص هذه المسائل عينها في فصل (منهج الاقتصاد السياسي) من مؤلفه (اسهام في نقد الاقتصاد السياسي). هذا وان تقرير انجلز عن هذا المؤلف يضم اشارات مهمة جداً في هذا الموضوع.
   ولإيضاح جوهر مشكلة الترابط بين المنطقي والتاريخي في عملية المعرفة بالذات، لنبدأ بإختبار هذه الاشارات الخاصة لماركس وانجلز. ان ماركس يستشهد بأمثلة تظهر بأن ابسط المقولات تعبّر، ايضاً، عن ابسط العلاقات الاقتصادية، التي سبق وجودها التاريخي وجود العلاقات المعقدة. تلك هي حالة النقود. (ان النقود توجد وقد وجدت تاريخياً قبل وجود رأس المال ووجود رأس المال ووجود المصارف ووجود العمل الأجير ...الخ.
   وبهذا الصدد يمكن القول، اذن، بأن المقولة الأبسط يمكن ان تعبر عن علاقات سائدة لمجموع اقل تطوراً، او بالعكس عن علاقات مسودة لمجموع اكثر تطوراً وجدت تاريخياً، قبل ان يتطور المجموع في الاتجاه الذي وجد تعبيره في مقولة اكثر تحديداً، والى هذا الحد فإن مسيرة الفكر المجرد الذي يرتفع من الابسط الى الاكثر تعقيداً، تتفق مع العملية التاريخية الحقيقية).
   ولكن ماركس يستشهد، ايضاً، بأمثلة من نوع آخر، تثبت وجود او امكانية وجود علاقات اقتصادية اكثر تطوراً في غياب النقود.
   وينطبق هذا، على الخصوص، بالنسبة للتعاون وتقسيم العمل ... الخ. وهو يضيف، بهذا الصدد، بأن ابسط المقولات لا تفصح عن نفسها، بصورة كاملة الا في مرحلة عليا من التطور التاريخي.ويستشهد تدليله هنا بمثال العمل المجرد. لقد عرفت هذه المقولة منذ العصر القديم، الا ان مقولة العمل بوجه عام لم تصبح (صحيحة عملياً) الا في المجتمع البورجوازي فقط عندما اصبح الدور الحاسم للعمل بوجه عام وليس لاشكاله المحددة، واصبح العمل المحدد (عرضياً وبالتالي متساوياً) بالنسبة للفرد. ان الجواب الذي يعطيه ماركس لمشكلة الالتحام بين المنطقي والتاريخي يمكن ان يرد الى القول بأن مسيرة الذهن الصاعدة من المجرد الى المحدد يجب ان تعكس الخطوط العريضة للعملية التاريخية الواقعية بمجموعها: ان هذا الانعكاس معقد، يضم المرحلة التي تتضمن الابتعاد عن الاستنساخ الدقيق للعملية التاريخية.
    كذلك اعطى انجلز نفس الجواب في تقريره عن (اسهام في نقد الاقتصاد السياسي). لقد تكلم عن اسلوبي البحث، المنطقي والتاريخي. وبالنظر لأنه يشير بأن التطور التاريخي يسير عموماً في خطوطه الكبرى من العلاقات الابسط الى العلاقات الأكثر تعقيداً، فقد يحمل على الاعتقاد، لأول وهلة، بأن المنهج االصحيح الوحيد هو المتابعة المباشرة لعملية التطور المذكور. الا أن هذا المنهج، في التطبيق، سيضطر الانسان لاعادة جميع (قفزات) و (تعرجات) التاريخ، وبالتالي سيكون من العسير اكتشاف منطق التطور: ان  مسيرة الفكر سوف تنقطع في الغالب، واذن كما يقول انجلز ، ان المنهج المناسب هو المنهج المنطقي وحده. ويستهدف منهج البحث المنطقي، حسب انجلز، معرفة المنطق الداخلي لتطور ظاهرة ما معطاة. فهل ينتج عن هذا بأن المنهج المنطقي يتعارض جذرياً مع المنهج التاريخي؟ ابداً. لقد اشار انجلز الى ان هذا المنهج ما هو في الواقع ( الا المنهج التاريخي بعد تجريده فقط من الشكل التاريخي ومن الصدف المشوشة وان مسيرة الفكر يجب ان تبدأ بواقعة يبدأ منها التاريخ موضوع البحث، ولن يكون تطورها اللاحق الا انعكاساً، في شكل مجرد ومتماسك نظرياً، للمسيرة التاريخية. انه انعكاس مصحح، ولكنه مصحح طبقاً لقوانين يفرزها المجرى الواقعي للتاريخ نفسه، وكل لحظة من لحظاته يمكن ان تلاحظ عند نقطة التطور التي يبلغ فيها نضجه الكامل، بنقائه الكلاسيكي). لهذا يجب علينا، في مسيرتنا الصاعدة، من المجرد الى المحدد، متابعة التطور التارخي  الحقيقي للعلاقات الاقتصادية. ولكن من الجهة الاخرى سوف يكون من الخطأ الاعتقاد بأن التحليل النظري يجب ان يأخذ بالاعتبار المقولات الاقتصادية في التسلسل الذي يمليه مجرى التطور التاريخي فقط. لقد قدر ماركس وانجلز بأن منهج الدراسة المنطقي للانتاج الرأسمالي هو الوحيد المقبول بين المنهجين الممكنين. وعلى كل حال، فإن وجهة النظر المنطقية ووجهة النظر التاريخية لم تظهرا لهما، كطريقين مستقلين، بل كوجهين وثيقي الارتباط لنفس المنهج الدراسي الذي سماه المنهج المنطقي او التحليلي.
   وكمثل للاستشهاد لنعد تناول (رأس المال)، الذي يثبت، مرة اخرى كامل الاهمية لفهم نظرية المعرفة الماركسية. ان دراسة منهج ماركس تقدم، قبل كل شيء، الدليل البليغ على ان ماركس، بالسير من البسيط الى المعقد، ومن المجرد الى المحدد، في تحقيقاته حول نمط الانتاج الرأسمالي، يستعيد عملية التطور التاريخي للرأسمالية بخطوطها العريضة. وبهذا المعنى يتدخل المنطقي، من دون شك، في (رأس المال) كانعكاس للتطور التاريخي للعلاقات الاقتصادية الرأسمالية. وليس منا، على كل حال، ماهو اكثر انطباقاً على الطابع المادي والجدلي للمنهج الماركسي.
   وهناك، على الأقل، مبدءان في هذا المنهج يستلزمان التحليل المنطقي للواقع الذي يعكس العملية التاريخية لتطور هذه الظاهرة او تلك. فأولاً، يؤدي الفصل بين المنطقي والتاريخي الى معالجة الحقيقة من منظور مثالي عملياً، الأمر الي لا يتفق بداهة مع الطابع المادي للمنهج الماركسي. يجب ان يتشكل الهيكل النظري المنطقي على صورة منطق الواقع نفسه. ان منطق النظرية يعكس منطق الحياة نفسها وليس العكس. وبالتالي، فأن طبقاً لهذا المبدأ المادي للمنهج الماركسي، يجب ان يتفق المجرى المنطقي للتحليل مع المعملية الموضوعية للتطور التاريخهي. وثانياً، فإن كل ظاهرة تتطور وفقاً للجدل الماركسي، ولايمكن فهمها الا في ولادتها وتطورها، وفي استبدال العتيق لاية ظاهرة اختبارها في تطورها التاريخي منذ بدايتها حتى نهايتها. واذن فطبقاً لهذا الطابع الجدلي للمنهج الماركسي كذلك يجب ان يستعيد التحليل المنطقي المنطق الموضوعي لتطور الظواهر. وهذا هو السبب في ان المنطقي، في نظرية المعرفة الماركسية، يدرس بعلاقته الوثيقة غير القابلة للإنفصام بالتاريخي. ان المنطقي هو تاريخي، ايضاً، لانه يعبر، في شكل معمم، عن ظواهر وعمليات حقيقية، وبالتالي متغيرة تاريخياً.
   لقد عبر لينين، بصورة ممتازة، عن اتفاق المنطقي مع التاريخي، (رأس المال)، بالقول بان هذا المؤلف ينطوي على تاريخ الرأسمالية وتحليل المفاهيم التي تلخصها.
   والواقع ان تحليل ماركس ينطبق، اولاً، على السلعة، اي على الانتاج والتداول السلعيين البسيطين. وليس في هذه البداية اي شيء مصطنع او تعسفي في الواقع. لقد استرشد ماركس بالمبدأ الذي بموجبه تبدأ مسيرة الأفكار حيث تبدأ مسيرة التاريخ. لقد نشأ نمط الانتاج الرأسمالي من الانتاج السلعي البسيط.  فالسلعة، وهي نقطة انطلاق تاريخية، هي نقطة الانطلاق المنطقية كذلك. ثم يحلل ماركس ، بعد ذلك، تفصيلاً، اشكال القيمة التي يؤدي تطورها الى ولادة النقود، ودراسة اشكال القيمة هي نموذج ساطع للتحليل المنطقي القائم على سير التطور التاريخي.
   ان التطور المنطقي لمفاهيم اشكال القيمة، من الشكل البسيط فالشكل الكلي والشكل العام الى الشكل الذي، هو الانعكاس النظري العميق للعملية التاريخية الحقيقية، عملية تطور الانتاج والتداول السلميين. ويظهر مثال دراسة اشكال القيمة، بوضوح بأن ماركس يقيم تحليله المنطقي على اساس تعميم حشد هائل من الوقائع التاريخية. ان انعكاس التاريخي في السير المنطقي للفكر ما هو الا دراسة الوقائع المحددة للممارسة الاجتماعية المحددة.
   ترى ... اين يكمن خطأ الاقتصاديين البورجوازيين في قضية المنطقي والتاريخي؟
   يجيبنا روزنتال عن هذا السؤال ، بالقول (ص360)، ان خطأهم ناجم عن انهم لم يعتبروا المنطقي عاكساً لعملية التطور التاريخي للقيمة. فلقد عجزوا عن فهم مقولة سعر الانتاج او تمييزها عن القيمة، وذلك بسبب عدم اعتبارهم القيمة كظاهرة لها تطورها التاريخي. واذا كان ماركس قد سار من القيمة الى سعر الانتاج بإعتباره شكلاً محولاً للقيمة، فليس في ذلك اي شيء مصطنع، وانما هو مجرد نتيجة لحقيقة ان التطور المنطقي للفكر يجب ان يتبع المجرى التاريخي الواقع المحدد. ان التبادل حسب القيمة لم يكن ممكناً الا على مستوى منخفض من تطور الانتاج والتبادل السلعيين، وبالعكس فإن التبادل طبقاً لسعر الانتاج يتطلب مستوى الانتاج السلعي الرأسمالي. ولذلك درس ماركس اولاً قانون القيمة ثم درس، بعد ذلك، سعر الانتاج، ليس فقط بسبب ان هذا الاخير كشكل محول للقيمة، أيسر على الفهم انطلاقاً من قانون القيمة، بل كذلك لأن التبادل حسب القيمة سبق تاريخياً التبادل طبقاً لسعر الانتاج.
   ويتابع روزنتال المسألة، تفصيلاً، فيؤكد (ص362) ان كل من يجهل القوانين، جوهر الظواهر، لا يستطيع ان يعطي الا وصفاً سطحياً لتطورها، ولا يستطيع تجاوز مستوى الملاحظة، النافذة، احياناً، على كل حال. ان استعادة العملية التاريخية في الذهن تفقد كل قوتها، ان لم تكن مستندة الى معرفة القوانين المحركة للعملية التاريخية. ومن الممكن بسهولة فهم لغز التراكم البدائي اذا سبقه اولاً استخلاص لجوهر نمط الانتاج الرأسمالي، ولكن اذا بقي الأخير مجهولاً فإن عرض التاريخ السابق للرأسمالية يقتصر على وصف خارجي لظواهر هذه المرحلة، التي تبدو لنا عندئذ وكأنها تراكم عشوائي مجرد من اي منطق داخلي. ومن وجهة النظر هذه ، يمكن وابتداءا بتدقيق جوهر نمط الانتاج الرأسمالي، للانتقال، بعد ذلك، فقط، لاثارة سر التراكم البدائي لرأس المال. ان جوهر رأس المال، كما اثبت ذلك ماركس، يمكن في استغلال الرأسمالي (المالك لوسائل الانتاج) للعمال المحرومين منها، وبالتالي – فمن اجل ظهور وبقاء رأس المال كان يجب مرور حقبة تاريخية تنتزع خلالها تدريجياً ملكية المنتجين المباشرين، ويتم فيها الفصل بين المتجين والملكية. وهذا هو جوهر وقانون التراكم البدائي لرأس المال. ان الدراسة المنطقية لهذه المسألة كانت تقتضي عرض المواد في نظام يتعارض، تماماً، مع التطور التاريخي الواقعي.
   ليس من باب الصدفة انه في اواسط القرن التاسع عشر، استطاع العلم، متجسداً في ماركس وانجلز، اكتشاف قوانين التطور التاريخي للمجتمع. ان ذلك يعود ، لحد كبير، الى تعرية نمط الانتاج الرأسمالي، اكثر من أي وقت مضى، لآلية تطور المجتمع الطبقي – التي كانت مقنعة ومخفية في التشكيلات السابقة – باظهار ان التطور المذكور يقوم على تصادم المصالح المادية للطبقات المختلفة القائمة. لقد نتجت المادية التاريخية، كنظرية للقوانين العامة لتطور المجتمع، بالدرجة الاولى من دراسة نمط الانتاج الرأسمالي، النمط الاكثر تطوراً بين التشكيلات الاجتماعية المتضادة. وقد كان تشريح الرأسمالية المفتاح لتشريح كامل التطور الاجتماعي السابق، اي تطور المجتمع البشري بوجه عام.ومن هنا الاستنتاج التالي:
   طالما يمكن انطلاقاً، من الشكل الاكثر تطوراً، ونسبياً الاكثر اكتمالاً، للظاهرة فهم جوهرها الداخلي ومنطقها وقانونها على الوجه الافضل، اذن يجب التصرف بالمعطيات التاريخية بشكل معين، لا يتفق دائماً مع مجرى التاريخ الواقعي. ان التاريخي هو الحياة نفسها، اما المنطقي فهو جوهر الحياة المستخلص بالبحث النظري، وان قوة الاسلوب المنطقي تكمن في كشف هذا الجوهر التاريخي، هذا النمط الرئيسي للتطور، بعد انتزاعه من كل ما يضفي عليه الابهام.
   وبالنتيجة، اذا لم يكن بالامكان فصل المنطقي عن التاريخي، لأن ذلك يعني قطع الفكر عن الحياة وعن الواقع، واذا كان المنطقي هو صب ونسخ للتاريخي، فهو كذلك ليست مجرد نسخة عنه، او انعكاساً ميتاً للواقع، بل انعكاساً نفذ اليه الذهن الانساني القادر على استخلاص الجوهري من التاريخي، ونبذ العرضي والهامشي، واخضاع جميع السمات الخاصة والتفاصيل لهذا العنصر الجوهري.
   ان نهج البحث المنطقي، اذن، يقدم تركيباً نظرياً لمجرى التاريخ. ان كل مقولة اقتصادية تستند لدى ماركس، الى وقائع تاريخية تقوم بتنظيمها، دون ان تفوتها لحظة واحدة، وان حركة المقولات الاقتصادية وتحولها المتبادل يعكسها تطور الرأسمالية ونهايتها الحتمية.
   ان انتاج  فائض القيمة هو العمود الفقري لكل عملية التطور التاريخي للرأسمالية، وهو يشكل جوهرها واساسها، ومن دونه لا يمكن معرفة اي شيء عن نمط الانتاج الرأسمالي. انه القانون الاقتصادي الاساسي للرأسمالية، الذي يختبر ويفسر  جميع جوانب المجتمع البورجوازي،ولذلك فإن ماركس يخضع جميع دراسته لتحليل هذا القانون الاقتصادي الاساسي للرأسمالية. وبالضبط لابراز هذا القانون بقوة، عبر جميع مظاهر الرأسمالية، يتصرف ماركس بالمقولات الاقتصادية ويدرسها بما يتفق مع هذه المهمة الرئيسية.
 

بغداد
20/10/2011


89
مذكرة اعتقال الشيخ الساعدي ليست آخر مهازل العهد المالكي!

سلام كبة
   

   عندما حضر الشيخ صباح الساعدي الى ساحة التحرير 25 شباط 2011 ،امتعض واحتج العديد من المتظاهرين واصروا على ايصال صوتهم الهادر اليه.."لا يحق لك ولأي نائب في البرلمان الحالي استلام مطالبنا لانكم لا تمثلوننا،فقوائمكم الفائزة سرقت ملايين الاصوات منا وفق القانون الحالي البائس للبرلمان،وسط تضليل مورس بحق الشعب العراقي،لايصال من هم غير مؤهلين للوصول الى قبة البرلمان،يتحكمون بمصيره ومستقبله ومستقبل البلاد!وهل من المعقول ان يصوت ناخب لكيان سياسي معين ويذهب صوته في النهاية الى كيان آخر لم يصوت له وتحت غطاء قانوني؟".وعندما اصدر مجلس القضاء الاعلى مذكرة لاعتقال الشيخ الساعدي بسبب مواقفه الجريئة المنتقدة للفساد الاداري والمالي ونعته التوجهات السياسية الراهنة للحكومة العراقية بأنها ذات طابع دكتاتوري،تصدى العديد من ابناء الشعب العراقي ومثقفيه للدفاع عن الساعدي لما تمثله هذه الخطوة من انحطاط وتردي خطير في الممارسة السياسية والديمقراطية!
   نعم،تتضح يوما بعد يوم الآثار الكارثية لانقلاب 14 رمضان الاسود،ومنذ عام 1963 تفرض الطبقات الرجعية كلمتها القذرة النتنة على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب العراقي ثمنها من دماءه الغالية ويتحمل اعباءها المادية!واذ ترتبط اليوم،حالها حال الامس،القضية الاجتماعية بالقضية الوطنية ارتباطا وثيقا لا ينفصم،فانه لا يمكن مطلقا التعويل على الطبقات الرجعية لاتخاذ الخطوات الضرورية لانهاء الوجود العسكري الاجنبي واستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية كاملة،واستعادة السيطرة الكاملة على موارد البلاد والتحكم  بطرق استخدامها وفقا لحاجة البلاد واولوياتها،والعمل على التخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة..ومنها استعادة المؤسسة العسكرية لهيبتها واعادة بناء القوات المسلحة على اساس المهنية واحترام حقوق الانسان والحريات التي ينص عليها الدستور وتأكيد ولاءها للوطن وابعادها عن الصراعات والمحاصصات الطائفية والقومية والاثنية وتكريس مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته والحفاظ على النظام الدستوري وتربية منتسبي القوات المسلحة على احترام المؤسسات الدستورية والديمقراطية الممثلة لارادة الشعب والالتزام بقراراتها واخضاع الميزانية العسكرية واعلان حالة الطوارئ والحرب الى قرار ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطيا فقط.
   لقد اخفق العهدان المالكي الاول والثاني - الحكومة العراقية التي يترأسها نوري المالكي - في الوصول الى الامنيات ومجمل الاهداف التي كان ينشدها الشعب العراقي والقوى الوطنية والديمقراطية العراقية التي انشغلت باسقاط دكتاتورية صدام حسين لتحقيق اهداف سامية يقف في مقدمتها الموقف من الديمقراطية،ومن نظام الحكم والادارة في بلادنا،وتطويع الموارد البشرية والقدرات المادية لرفع الحيف والمظالم التي جرت على الشعب العراقي بطبقاته وفئاته الاجتماعية،وخاصة الكادحة والفقيرة!ولم يتلكأ العهد المالكي في الاداء الحكومي فقط ، بل مني بالفشل الذريع لغياب التخطيط والبرمجة وتفشي الفساد وغياب الخدمات والتمترس داخل المنطقة الخضراء وحدها،والاعتماد على الولاءات دون الوطنية،والتخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية،والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية،على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمته وفرض ديمقراطيته بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع !
   وبات جليا للقاصي والداني مهازل العهد المالكي في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان،الانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع،والتدخلات السافرة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات المهنية!والسعي لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي  بعقود الخدمة النفطية في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق ونزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وكل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة هدد ويهدد كامل الانسجام الاجتماعي!
   ولن تكون مذكرة اعتقال الشيخ صباح الساعدي النائب المستقل في البرلمان العراقي بحجة اهانة الحكومة آخر مهازل العهد المالكي ،فقبلها بأسابيع حاول الارهاب ان يطال من رواد التنوير الديني والعصرنة وبشخص العلامة اياد جمال الدين!فالقوى البائدة وعتاة الاجرام ومافيا التطرف الديني التي تمتلك مواقع اتخاذ القرار وبعض الدول المحيطة تخشى من رواد الديمقراطية والتنوير،لاسيما بعد افتضاح امرها كعصابات متنفذة تمتهن القتل والنهب والخاوات فحسب.ان اعمال الخطف والذبح والتدمير والتفخيخ واستخدام الكواتم لهي خير دليل على المعدن الدنئ لهذه الزمر وعلى تخبط افرادها.
   وفي هذا الاطار نفهم ايضا حقد قوى الظلام على الشهيد الصحفي هادي المهدي الذي اغتيل قبل سويعات من انطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية الموعودة في بغداد وبقية المدن العراقية الجمعة 9/9/2011،يذكر ان الشهيد كان قد اعتقل مع مجموعة شجاعة من الصحفيين والكتاب حال الانتهاء من مظاهرة احتجاج يوم 25/2/2011 ،وتعرض للتعذيب على يد بعض الوحدات العسكرية الفاشية التابعة لمكتب الأمن والمتابعة الخاص المرتبط برئيس الوزراء،كما هدد بالاغتصاب!وقبل هادي المهدي اغتال الاوباش كامل شياع وحسن كاظم وسعيد هاشم الموسوي واختطفوا قادة النشاطات الاحتجاجية في ساحة التحرير والميادين الرئيسية في مراكز المحافظات العراقية!
    لقد قامت قوة من عمليات بغداد اوائل آذار 2011 بمحاصرة مكاتب صحيفة طريق الشعب ومقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومكاتب حزب الامة العراقية وطالبت العاملين بمغادرة المباني خلال ساعات معدودة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وتعاملت مع الجميع بتعسف ووجهت اليهم اساءات شديدة اللهجة!وجاءت هذه العملية الجبانة بعد اعمال مماثلة كاقتحام قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب العراقي ليلة 28/11/2010،وبمداهمة نادي آشور بانيبال الثقافي والعبث بمحتوياته،والاعتداء الجبان والوحشي على معتصمي ساحة التحرير وسط بغداد فجر الاثنين 21/2/2011 واستشهاد احد المعتصمين وجرح سبعة آخرين وسرقة السرادق وما فيه!ومداهمة مرصد الحريات الصحافية في العراق وهو منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الصحافيين فجر الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة بعض من محتوياته!ومداهمة شبكة عين وهي منظمة تعنى بمراقبة الانتخابات في العراق مساء الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة محتويات الشبكة واجهزة حاسوب ووثائق مهمة تتعلق بنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة والاجازة الرسمية في ممارسة الشبكة لعملها،ومحاولة غلق قناة الديار الفضائية المعتدلة،وقرار عمليات بغداد بحظر التجول وحظر النقل المباشر لتظاهرة جمعة الغضب 25/2/2011 والقيام علانية بالاعتداء على المواطنين واعتقال الصحفيين وفق ديمقراطية المروحيات الترابية مما ادى الى استشهاد بعض المتظاهرين،والاعتداء الجبان على صحفيي البصرة الفيحاء جمعة الكرامة 4/3/2011!واخيرا الاستعانة بالبلطجية والعصابات لتحقيق المآرب الخبيثة!
   وكل هذه التخرصات الجبانة لا يمكن تفسيرها سوى بالتستر على الفساد الاداري والمالي،وتهريب المليارات من العملة الوطنية خارج العراق،وبيع موجودات الدولة!تزوير الشهادات والوثائق الرسمية للحصول على الوظائف الحكومية دون حق،منح العقود والمقاولات الرسمية استنادا الى الاسس القرابية والحزبية والعرقية والطائفية او نتيجة الرشوة ولجهات لا تتمتع بالخبرة والاختصاص والقدرة المهنية المعقولة ودون منافسة او رقابة حكومية وبقيم عالية لا تبررها طبيعة الاعمال والمشاريع المراد تنفيذها،التواطؤ الجماعي في عدم تشريع قانون للاحزاب،استيلاء الاحزاب المتنفذة على املاك الدولة واتخاذها مقرات ومحلات سكن،شيوع التعيين بوظائف الدولة بناء على الوشائج الاصطفائية انتهاكا لحقوق المواطنة والمساواة امام القانون،اصدار القوانين التي يتاح بموجبها للوزراء وما دون وباقي المسؤولين الحصول على اكبر قدر من اموال الدولة واملاكها – "الارهاب الابيض المقنن" او "الفساد في اطار القانون"،التدخل في شؤون المفوضية المستقلة للانتخابات وهيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة ومحاولة التأثير عليها وحتى عدم الاعتراف باستقلاليتها!
    وبدل ان يعتذر السيد رئيس الوزراء الموقر المالكي لابناء الشعب تراه يتخبط يمينا ويسارا ويعيق الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي!ويدرك المالكي قبل غيره ان عبد الفلاح السوداني كان تاسع وزير يتهم بالفساد منذ 2003،ولم يقدم اي من الوزراء الثمانية قبله الى المحاكمة لأن اكثرهم هرب الى خارج العراق،وبعضهم لازال يقبع تحت حمايته!كما يعلم علم اليقين بمسلسل حريق وتخريب الوزارات والمؤسسات الرسمية(وزارات الصحة والمالية والتربية والتعليم العالي والداخلية..)للتغطية على الممارسات المفضوحة في سرقة المال العام والاضرار بمصالح المواطن! 
   ان اقدام رئيس الحكومة على تكرار نفس الاخطاء في اسناد الحقائب الوزارية لكل من هب ودب،وتوزيعها وفق الاستحقاقات فقط دون الاختيار النوعي الواعي للوزراء،هو خطوة لم تضر بمصالح الشعب العراقي وحده،بل احرقت ما تبقى من سمعة لرئيس الوزراء نفسه،وتثير الاسئلة والشكوك حول حقيقة السياسة الحكومية وبرنامجها،فضلا عن تعارضها مع المباديء الديمقراطية والرغبة في تحسين الاداء الحكومي،الذي ثبت فشله بل وانهياره!والدليل الاكبر على خطل السياسة الحكومية هو الموقف السلبي من القضية الكردية العادلة!
    لقد كان الموقف من القضية الكردية مقياسا للموقف من الديمقراطية وعموم القضية الاجتماعية والوطنية طيلة سني الحكومات المتعاقبة في بغداد منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة!والتوتر الاخير بين الحكومتين الفيدرالية والاقليمية لهو خير دليل على ارتباط القضية الكردية والكردستانية عضويا بالقضية الديمقراطية ومستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية، وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق، لأن محنة الشعب الكردي كانت طيلة العقود المنصرمة ولا تزال جزء من محنة الشعب العراقي.ورغم مشاركة التحالف الكردستاني في تأسيس العملية السياسية الجارية اليوم الا انه ضاق ذرعا بالمحاولات المتجددة لانتهاك مضمون المادة(140)من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وتلكيف وسنجار وخانقين وشهربان وجلولاء ومندلي... وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،محاولات خبيثة يغذيها زعيق القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية، ومواقف بعض دول الجوار... الى جانب القوى التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن.
   وتعرقل حكومة المالكي تنفيذ المادة(140) باتجاه تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.ولم يعن الاستخفاف بالمادة(140) والالتفاف على قواعد التصويت العلني للنواب على مشاريع القوانين الا اقصاء الكرد عن الترتيبات الدستورية العراقية وضرب التوافق الوطني،وتراجع الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!والتوافق الذي جرى منذ المادة(58) من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.اما القصف الايراني – التركي المشترك للاراضي العراقية منذ صيف 2007 فهو تعبير عن معاناة الكرد من قمع وبطش الانظمة الاستبدادية والشمولية وعن ارتعاش هذه الانظمة للنهوض الديمقراطي في كردستان الجنوبية في العراق الجديد ومن تنامي قوة البيشمركة كجيش كبير يربو تعداده على 200 الف جندي!هذا القصف الذي لم تتخذ منه حكومة المالكي سوى الموقف الهزيل دون ان تتحرك ساكنا!
    وتدل المذكرة الاخيرة لاعتقال الشيخ الساعدي ان نوري المالكي نفسه لم يسمع بالصناديق المزورة والذمم المشترات بالبطانيات وبالاموال الايرانية والسعودية وما سرق من نفط البصرة والبنوك العراقية!ولا بعنتريات ابنه احمد وصهره الضابط في قوى الامن الداخلي اللذان يستعرضان عضلاتهما على ابناء الشعب بين الحينة والاخرى،ولا  بأوسمة الهمام عبد الفلاح السوداني والصافي والزاملي وحميد الشمري وكريم وحيد وخضير الخزاعي وحسين الشهرستاني!ولم يسمع بالشهداء الذين يجري اغتيالهم بالكواتم !!ولم يسمع بمقتل عبد المجيد الخوئي ابن الامام الخوئي وحيدر الكليدار،وكلاهما قتلا في الصحن الحيدري الشريف وسحبت جثثهم في شارع الصادق ثم قطعت اربا اربا قبل اعوام!ولا بالسيد السيستاني الذي حوصر بيته مرارا!
   لم يسمع المالكي بضحايا الغدر والاغتيال اليومية بكواتم الصوت لخيرة ابناء الشعب العراقي؟!هل تتصدى لها الشرطة الوطنية وقوات الحرس الوطني وتتابع خيوط جرائم مرتكبيها حقا؟وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة،ومعتقلات تعذيب الجادرية،واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية والعاملين في اللجنة الاولمبية و..و..؟من يغتال الصحفيين والفنانين والمثقفين والمهندسين وعمال ساحة الطيران وابناء الشعب الطيبين البسطاء؟من اغتال الخوئي؟العصابات السياسية تتبادل قصف المقرات السياسية بالهاونات والراجمات لتنزع ورقة التوت التي حاولت ان تغطي بها عوراتها الفاسدة قبل ان يحين موعد المتاجرة بفواجع الكاظمية والائمة وشارع المتنبي ومدينة الثورة الباسلة والاربعاء والاحد والاثنين والجمعة والاحد والسبت والخميس الدامية!تفجير صالونات الحلاقة النسائية والكنائس تحتل مواقعها في ديمقراطية حجب الحقائق والى حين!
     نعم،توجه مذكرة اعتقال بحق الشيخ الساعدي،بينما يجري الافراج الفوري قبل اشهر عن المجرمين(عقيل فاهم الزبيدي وحامد كنوش،ومحسن عبد طعان الملقب محسن شريعة شقيق المجرم علي عبد طعان الملقب علي شريعة،وحيدر جوري ورزاق السماك وسيد مناضل جاسم)المجرمون الستة الذين سفكوا دماء المئات من الأبرياء وروعوا العوائل الكربلائية،وحكم على البعض منهم بالاعدام والبعض الآخر بالسجن لمئات السنين لارتكابهم 721 جريمة قتل،ومازالت المحاكم في كربلاء تنظر بملفاتهم؟والأدهى من ذلك تم اعادتهم الى دوائرهم وصرف مستحقاتهم المالية طيلة فترة التوقيف!ويتم استقبالهم من قبل مسؤولي المحافظة وتنثر عليهم الورود والحلوى في مشهد يصدم كل مواطن حريص على وطنه وكرامة شعبه!
    ان تواطئ كبار ضباط الأمن والمتابعة الخاص برئيس الوزراء بقضايا تهريب المجرمين وسجناء القاعدة يشير الى تورطهم بجرائم القتل بالكواتم واللواصق،وتورطهم بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة وكبار رجال الامن،ويفسر بان الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها!ويؤشر هذا التورط الى اهمية مطالب الشعب الاحتجاجية باصدار الاوامر باعتقال المطلوبين وعزلهم من مناصبهم واحالتهم على التحقيق وانزال اقصى العقوبات بهم!الى جانب الغاء المؤسسات غير الدستورية والميليشيات الحكومية،وهي مكتب القائد العام وجهاز مكافحة الارهاب ووزارة الامن الوطني والاجهزة الامنية التابعة لمكتب رئيس الوزراء،واعادة تثقيف الشارع العراقي بآليات عمل جهاز مكافحة الارهاب ومرحلة قانون الطوارئ من خلال اعادة تعريفه كجهاز يخدم امن البلاد فقط!
     قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان فطاحل الديمقراطية الجديدة يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم،وكل يغني على ليلاه!هل العمل النقابي والتظاهرات الشعبية الاحتجاجية ام الفساد والتفرد بالسلطة وكم الافواه فعل ارهابي؟!مسؤولو الحكومة العراقية وديناصورات التجارة في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين!!ان ديمقراطية المشعوذين تحجب الحقائق على الشعب،والمسؤول فوق القانون،وحق المواطنة مفقود والبقاء للأرهابي!ربما لا يريدون ازعاج العدالة بالحقائق!
   في اية خانة يمكن تصنيف اصدار مذكرة الاعتقال بحق الشيخ الساعدي؟!فاللجوء الى القضاء للبت في‮ ‬الخلافات ظاهرة حضارية،وباستطاعة ابناء الشعب العراقي ايضا ان يطلبوا من مجلس القضاء الاعلى اصدار مذكرة اعتقال بحق المالكي وبطانته بتهمة خرق الدستور والتفرد بالسلطة واشاعة الفساد،الا ان العراقيين ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والخطط الديماغوجية.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في محاولات تغييب الديمقراطية بأسم الديمقراطية،وفي محاولات التغييب الكامل والكلي لمؤسسات المجتمع المدني التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية!وشعبنا الابي يرى في القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وليس القضاء الذي يصون عورات السياسيين والمتنفذين.ستبقى الفضائح التي تزكم الانوف جارية على قدم وساق الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،والى ان يجري احترام حقوق الآخرين والمحافظة على المال العام وتجنب الاخطاء ومعرفة ما لنا وما علينا في هذا الوطن،والمساهمة في بناء العراق الجديد،العراق الدستوري المؤسساتي.
   اخذت العلاقة بين حكومة المالكي والتيارات السياسية ومختلف منظمات المجتمع المدني،ومنها الاتحاد العام لنقابات العمال،طابع المواجهة نتيجة تراكم الضغوطات النفسية والاجتماعية والاحساس بالغبن خلال عقود الاحتقان الماضية،‬وتداعياتها مرشحة للاستمرار الى ان تأخذ المسيرة الديمقراطية وضعها الطبيعي‮ ‬والى ان يتجاوز العهد المالكي اخطاءه الفادحة عبر اتاحة المجال واسعا للرأي ‬الآخر والجلوس معه على مائدة المفاوضات لوضع الحلول لكل هذه التراكمات،‬وليس باصدار القوانين والمراسيم والتعليمات والتوجيهات والمذكرات لاسكات هذه المنظمات واعاقتها عن القيام بدورها،بل ومداهمة مكاتبها والعبث بمحتوياتها،لان من مصلحة الحكومة على المدى البعيد ان تدور مناقشات حيوية ومسؤولة حول السياسات الحكومية وبمشاركة مختلف فئات الشعب العراقي ‬من خلال منظماتهم ووضع الحلول لها.
  في هذا الاطار تندرج عنجهية صقور الليبرالية الجديدة في العراق،ورفضهم التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي وتحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء،وهي اجراءات تستكمل اغفال الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و 43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية!يذكر ان الحكومة العراقية قد تعاملت ايضا بعسف نادر مع عمال النفط والموانئ في البصرة،بعد ان ارتعبت من انتفاضة هذه المدينة الباسلة عام 2010،تلك الانتفاضة التي وصفت بانتفاضة الكهرباء!
   ان محاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية ليست فردية صادرة من هذا الوزير او ذاك،بل هي نهج ثابت للنخب الحاكمة يدل على شيوع ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع والاستبداد وشيوع الولاءات دون الوطنية،التي تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع!واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
   يذكر ان حكومات العهد الملكي المباد ولا حكومات البعث المقبور تجرأت على الغاء الحقوق النقابية للطبقة العاملة في المؤسسات الحكومية،بل حاولت تجيير النقابات لخدمة مآربها الشريرة!ان عمال العراق وكل العاملين في القطاع العام هم جزء حيوي من الحركة النقابية العراقية التي ناضلت من اجل بناء الوطن وهي صانعة الخير والابداع والحياة،واذا تطلب الامر المطالبة بحقوقها فلن تتردد في استخدام الاساليب السلمية والديمقراطية التي أكد عليها دستورنا الدائم،وهي التي تؤكد دائماً ان الممتلكات العامة هي ملك للشعب بأسره وليست لجهة او شخص ما،مهما كانت مكانته.
    مما سبق يتضح ان العهد المالكي لم يتخلص من وضاعة الطابع الريعي – الخدمي للاقتصاد العراقي الذي كرسه الطاغية الارعن ربع قرن من الزمن،بل كرسه هو ايضا بسبب جهل الحاكم واعوانه الذين لا يصلحون الا للتجارة في اسواق الخضر والفواكه والميادين الاستهلاكية وبيع المحابس على ارصفة عواصم بلدان الجوار،والعمل في النشاط الروزخوني داخل المساجد والحسينيات والحوزات فقط!ولانغمارهم ملء اليد والفم في شيوع مظاهر الفساد المالي والاداري في جميع انشطة الدولة الاقتصادية والادارية والامنية والقدرة على"تمرير الابل من ثقوب الابر"،ولتعمدهم مع سبق الاصرار في ابقاء مرونة الجهاز الانتاجي متردية!وباتت مفاهيم من قبيل العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع مقبولة فقط لاغراض التنفيس الاعلامي والانتخابي والروزخوني على طريقة شيلني واشيلك!وانتشرت البطالة.
  العهد المالكي يدعو الى اقامة نظام اجتماعي وسياسي ديمقراطي عادل،ولكن لا احد من بطانته،باستطاعته ان يخبرنا،كيف يمكن اقامة مثل هذا النظام،لان المصيبة لا احد منهم،يعلم كيفية ذلك!وليس امامهم سوى انظمة كنظام ولي الفقيه في ايران،نظام الملالي الاستبدادي الشمولي الذي لا أظنّ عاقلا يريد استيراده للشعب العراقي الباحث عن الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير،ونظام هدهد دمشق الذي لم يستثنيه الشاعر الكبير النواب!وبالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية و"الشعائر"الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن للحكام الجهلة الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين،وتتسع سمسرة المرجعيات الدينية!.
   ان من لا يرى اخطاء ومهازل العملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا،العملية السياسية التي دافعت عنها القوى الوطنية والديمقراطية وكل المخلصين من ابناء الشعب العراقي،ويرى كوارث دكتاتورية صدام حسين والحكم الملكي المباد فقط،يصعب عليه التعلم من دروس التاريخ ولا يفيد شعبه،اذ ان للناس عقول وتدرك وتعرف ما يجري وتتلمس خرافة النموذج العراقي في الديمقراطية!ومن جديد،على نوري المالكي الاعتذار للشيخ صباح الساعدي .. وعلى البطانة من امثال علي الشلاه وكمال الساعدي العودة الى الرشد ، وليس من السهولة محو تاريخهم السياسي الاسود.اما شعور السلطة القضائية ورجالها بأنهم معفيون من المساءلة والحساب،فيجعل البعض منهم ينتهك القانون ويتعاطى الرشاوى ويخل بشرف المهنة متسلحاً بقدرته على اخفاء معالم جريمة انتهاكه للقانون!وان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب!

بغداد
23/9/2011

90
ليؤرق التشييع المهيب للشهيد الشجاع مضاجع الجبناء!

سلام كبة
 
    مساء الخميس 8/9/2011 ،اي قبل سويعات من انطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية الموعودة في بغداد وبقية المدن العراقية،اغتال الاوباش الناشط السياسي والحقوقي،واحد ابرز الحريصين على المشاركة في التظاهرات،الصحفي والمخرج المسرحي هادي المهدي.وجاء بيان وزارة الداخلية يغص بالمتناقضات والمفارقات،اذ عثر فريق امني خاص على جثمان الشهيد في داره الكائنة في الكرادة الشرقية!
   نعم،يمتلك مسلحو الاغتيالات وكواتم الصوت شارات دولة وتراخيص قانونية بحمل السلاح،ويتتبعون ضحاياهم لايام قبل ان يطلقوا عليهم النيران التي لا تجذب الانتباه او يثبتون قنابلهم اللاصقة في سيارات الضحايا.يذكر ان قيادة عمليات بغداد اعترفت الربع الاول من عام 2011 ان الاغتيالات بأسلحة كاتمة للصوت في بغداد ضد المئات من كبار ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات وكبار موظفي الدولة وضد الناشطين في المنظمات غير الحكومية تنفذها "مليشيات لاحزاب متنفذة"،وليس تنظيم القاعدة!كما اكدت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد ان معظم منفذي عمليات الاغتيال ينتمون الى الاجهزة الأمنية،كما ان قسما منهم يحملون باجات مزورة.
    يذكر ان الشهيد هادي المهدي كان قد اعتقل مع مجموعة شجاعة من الصحفيين والكتاب حال الانتهاء من مظاهرة احتجاج يوم 25 /2/2011 ،وتعرض للتعذيب على يد بعض الوحدات العسكرية الفاشية التابعة لمكتب الأمن والمتابعة الخاص المرتبط برئيس الوزراء،كما هدد بالاغتصاب!في واحدة من اندر وسائل القمع الجديدة والمتجددة والمستلة من قمع اساليب اجهزة صدام حسين!وقد ظهر الشهيد هادي المهدي على شاشات التلفزيون يتحدث عن ساعات اعتقاله مهددا ب(الاغتصاب الجنسي) من بلطجية نوري المالكي،مصبوبا على خشبة تعذيب في زمان الديمقراطية الذبيحة.
   ان تواطئ كبار ضباط الأمن والمتابعة الخاص برئيس الوزراء بقضايا تهريب المجرمين وسجناء القاعدة يشير الى تورطهم بجرائم القتل بالكواتم واللواصق،وتورطهم بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة وكبار رجال الامن،ويفسر بان الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها،ويدل على التورط الايراني الكبير بأعمال العنف والقتل وسفك الدماء في العراق،ما يقطع أي شك بوجود تعاون وثيق بين القاعدة وايران وبعث سوريا وفاسدي العراق!
    ويؤشر هذا التورط الى اهمية مطالب الشعب الاحتجاجية باصدار الاوامر باعتقال المطلوبين وعزلهم من مناصبهم واحالتهم على التحقيق وانزال اقصى العقوبات بهم!الى جانب الغاء المؤسسات غير الدستورية والميليشيات الحكومية،وهي مكتب القائد العام وجهاز مكافحة الارهاب ووزارة الامن الوطني والاجهزة الامنية التابعة لمكتب رئيس الوزراء،واعادة تثقيف الشارع العراقي بآليات عمل جهاز مكافحة الارهاب ومرحلة قانون الطوارئ من خلال اعادة تعريفه كجهاز يخدم امن البلاد فقط!
   جرت عملية الاغتيال باحكام في النهار،ولم تتشكل اية لجنة تحقيقية حتى الساعة،ولا زالت الحكومة ومجلس النواب غير مباليين!!وهذا التصرف الارعن هو امتداد لنهج التصدي بالهراوات وخراطيم المياه ورصاص الغدر لانتفاضات الشعب وتظاهراته الاحتجاجية الحاشدة في ساحة التحرير وباقي مناطق العراق!هذا النهج الذي يؤمن للاتباع والمرتزقة الخدمات المجانية على حساب عامة الشعب،ولازالت روائح سجونه ومعتقلاته السرية وفضائحه تزكم الانوف!
    هادي المهدي شوكة في عيون الغدر! وليؤرق التشييع المهيب للشهيد الشجاع مضاجع الجبناء!

   جاء في بيان اصدره الشهيد مؤخرا تحت عنوان"حملة تشهير ضدي يقودها اوباش مرتزقة وصبيان المالكي":"فعلا هبت تظاهرات الكرامة وجسدت عنفوان العراقيين..وكنت استمد شجاعتى من تاريخ اسرتى ونضالها وكفاحها وعذاباتها في ظل نظام البعث الصدامى البغيض الدموي المقبور..ناهيك عن تاريخي الشخصي كمعتقل لمرتين في زمن الطاغية المقبور،ومعارضتى له وعملي في الاعلام المعارض لسنوات في دمشق،ومع كل الجبهات المعادية لصدام وللبعث البغيض وحصلت على اللجوء السياسي في الدانمارك.وعدت للعراق بعد الاحتلال،وكنت احلم بعراق نستحقه فوجدت الفساد والطائفية وعديمى الخبرة وعملاء القومجية وآل سعود والبعث والصفويين وعملاء الاحتلال نخروا جسد العملية السياسية وهتكوا عرض العراق!فعدت الى ذلك العراقي الفقير الصابر الممتحن المؤمن بقدره ورفعت صوتى وتحملت التهديد والتسخيف والترهيب والتشكيك بصبر،ووقفت في ساحة التحرير وتجولت مع تظاهرات المتنبي ويوم الحب وتظاهرة يوم 25 شباط بكل جرأة،وهاجمت حيتان السلطة،ولم استثنى القاعدة والبعث والوهابيين والصفويين والفاشلين وعديمى الخبرة والمزورين والطائفين واصحاب المشاريع المعادية للعراق وشعبه..
   وتم اعتقالي وتعرضي للتعذيب والتهديد بالاغتصاب والصدمات الكهربائية لاجباري على القبول بتهم غاية بالخسة والرخص والبذاءة تعبر عن انحطاط عقل من يدير البلد ويتجه به نحو الهاوية ...
   وبعد نشري لهذه الفضيحة عبر الصحف والقنوات العالمية والعربية والعراقية الان يحاول متملقي المالكى وسلطته وحزبه البغيض ومن اعتدوا علي يحاولون الان بكل وقاحة تلفيق القصص لي بقصد تشويهي وهم اتصلوا باصدقائي وعرضوا مختلف الاغراءات عليهم بقصد البحث عن نقطة سوداء في تاريخي للاساءة لي!
   اننى هادي المهدى العراقي وبتاريخى الشخصي وتاريخ اسرتي وعشيرتى التى تمتد من الرميثة والى الدغارة واطفالي الذين ولدوا من اب شيعي عربي وام كردية سنية وبكل تاريخى الفنى والثقافي والمعرفي وانجازاتى وجوائزى ومؤلفاتى اقف ضد العملية السياسية برمتها واتهمها بخطف العراق ونهبه والاساءة الية!واننى لا امثل الا نفسي وطموحاتى ولا اتشرف بالانتماء لاي طرف غير الانتماء للامهات والفقراء والمعوزين في عراقنا البائس المتطلع للديمقراطية!وانى اتحدى اي طرف مهما كان ان يقول ان له فضل علي بشيء مادي او معنوي او اننى تلقيت منه مال او اي شيء وانى اتطلع لعراق المواطن حيث تصان كرامة العراقيين وتوزع عليهم الثروات بشكل عادل واهدافي في التظاهرات هي الاتى :
1. تعديل قانون الانتخابات بقوائم مفتوحة وغير مناطية تمنح كل مرشح استحقاقه والقضاء على ظاهرة القوائم ورؤوساء القوائم وتحكمهم بالعملية السياسية التى انتجت هذا الفساد والفشل .
2. سن قانون للاحزاب يمنع تمويلها من الخارج ويمنعها من تشكيل عصابات مال ومليشيات قتل .
3. اعادت صياغة الدستور العراقي بما يكفل احترام علمانية وفيدرالية الدولة العراقية وحقوق الانسان والوحدة الوطنية!
4. تشكيل لجان شعبية وطنية مستقلة لمراقبة المال العام واداء الحكومة العراقية!
5. القضاء على الفساد والمفسدين وتقديمهم للعدالة ممن عبثوا بمقدرات العراقية من بداية الاحتلال والى يومنا هذا وحتى المطالبة باحضار الفارين منهم خارج البلاد وطرد البعثيين وومن اساؤا للعراقيين من الحكومة والمناصب الكبيرة ومنحهم تقاعد وتهميشهم!
6. العمل على نشر ثقافة وطنية تقضي على الثقافة الطائفية بشكل سريع وعبر مناهج علمية ومن خلال جميع مؤسسات الدولة!
7. العمل على فسح المجال ومنح الفرص للشباب بالوظائف وتنشيط المشاريع الصغيرة وتنشيط الحياة الاقتصادية والزراعة والصناعة الوطنية ومنع الاستيراد الحر!
8. ولي مطمح شخصي وفنى يخص طموحى وحلمى في العراق الجديد هو تطهير وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح على وجه الخصوص من المفسدين والفاشلين وعديمى الخبرة وعديمي الكفاءة ممن جاؤا عن طريق المحاصصة والمحسوبيات واساؤا لثقافة العراق!
   اقول قولي هذا بكل سطوع ووضوح ومستعد لان اضحى بحياتى من اجل ذلك .. وانى ادعوا جميع العراقيين للعن اوباش السلطة والمخخنثين والجبناء وحيتان السياسة والبعث والوهابية والقاعدة والصفويين .. ولمن يعبث بسمعتى اقول له :
    لقد اخترت الطريق الخطأ والرجل الخطأ ومكانك مزبلة التاريخ وبئس المصير .. لن توقفني تشهيراتكم ومسخرتكم هذه عن اداء دوري الوطنى وانى نذرت نفسي ان اكون اول شهداء التغيير في العراق .. المجد للعراق والعراقيين .. ونعم لدولة عراق المواطن!"
     وكان الشهيد قد قدم استقالته من دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة وفق رسالته المؤرخة في 30/5/2009"بقيادة شفيق المهدي واقبال نعيم وحاتم عودة ونبيل طاهر،ومن خلفهم بعض وكلاء وزير الثقافة ولاسيما المولعين بالسفر مع فرقة الفنون الشعبية لاحتوائها على الفتيات.. صنعت ادارة السينما والمسرح جو طارد ومتشنج يقوم على استبعاد وتهميش الفنانين وتقريب نخبة معينة بعضهم اصلا ليسوا موظفين في الدائرة وايفادهم على حساب الوزارة والدائرة!وهو امر غير منطقي للغاية وواضح للعيان وقد قيل للادارة ذلك ولاكثر من مرة في اجتماعاتنا معهم ودون ان يتم تعديل أي شىء ودون ان يتم احترام ارادتنا.وهذا الجو الطارد والمحتقن ولد نوع من العداء والتكتل والقطيعة بين الادارة والفنانين وولد نقمة ضد الوزارة وشخص الوزير والحكومة برمتها!والمسؤول عن كل هذا و بشكل مباشر هي ادارة دائرة السينما والمسرح الحالية!ارجو تقصي الحقائق والاطلاع على ذلك. وان أي وضع متوتر ومشحون ولا اخلاقي ولا ثقافي ولا فني ينتمي لروح العصابة والشللية والتآمر والتجسس والتملق والانحدار القيمي الذي وصلنا اليه انما هو صنيعة هذه الادارة الاستغلالية الفاسدة التي تجهل وزارة الثقافة والسيد الوزير والحكومة ممارساتها اللاقانونية واللاشرعية؟فهل يريدون دليل اخر بعد؟
   ان العروض المسرحية والانشطة الفنية والثقافية والكتب التي طبعتها والجوائز التي حصلت عليها وصنعت بها اسمي الفني قدمتها خارج المؤسسات الرسمية العراقية كونى كنت معارض لنظام البعث!والآن يتم اقصائي من نفس بقايا البعث او المفسدين اوالانتهازيين..ولهذا لا اجد أي اختلاف او جديد بالنسبة لي على صعيد الانتاج والعمل الفني!وانا افتخر باني لم استفد بحياتي من الدولة العراقية بشىء انا المعتقل والملاحق سياسيا والاخ لشهيدين والفنان المسرحي والكاتب المعروف الى حد ما على الاقل في ساحة المسرح العربي والعراقي!وكما لم اصمت ازاء نظام صدام فانني لن اصمت ازاء نظام المحاصصة والطائفية والفساد الراهن الذي جلب لدائرة السينما والمسرح ( والتي هي مكاني الطبيعي ) شلة من المفسدين والانتهازيين واللصوص وبقايا البعث سىء الصيت ممن ركبوا موجة التغيير وراحوا يتاجرون باسم الفن العراقي ويستغلون مواقعهم ويحتكرون الفن والانتاج والايفاد وحق تمثيل المسرح العراقي لهم وللمقربين منهم ويهمشون الشرفاء والمبدعين واصحاب التاريخ المشرف من امثالي وغيري من عشرات المبدعين..
   اخيرا للسيد الوزير والسيد المدير العام والوكلاء والمدراء والمعاونين ومن يعنيهم الامر في وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح .. انا لم اصبح كاتبا ومخرجا بقرار وزير او مدير عام او حكومة .. ولكنكم اصبحتم على ما انتم عليه بقرار حكومي .. ولكن الحتمية تقول ان الحكومة والوزارة ستتغير وحينها سنلتقي وسنرى من سيظل راسه مرفوعا شريفا نقيا نزيها مبدعا ومن يطأطأ راسه لانه كان مستغلا انتهازيا وصولا فاسدا .. والايام بيننا وسنرى!"
   في"نداء الى القاضي عبد الستار البيرقدار من العراقي ( الاعلامي والفنان ) هادي المهدي"في 21/3/2011 جاء ما يلي:"انى المواطن العراقي والاعلامي والفنان هادي المهدي!اعتقلت اثر تظاهرات يوم 25 شباط المباركة،والتي رفعنا بها صوت مظلومية الشعب العراقي وشعار الشعب يريد اصلاح النظام وبشكل سلمي،وكنت احد المساهمين بتشكيل جدار حاجز بين المتظاهرين والجيش وقوات منع الشغب وحتى نهاية التظاهرة!ولدي كل شيء موثق بالصور وبشهادة اصدقائي وزملائي الاعلاميين والفنانين في التظاهرة.وقد تركت التظاهرة في الساعة الثانية والنصف وقبل بدا الشغب والعنف من كلا الجانبيين الجمهور والجيش ورجعت الى منطقة الكرادة قبل بداية العنف وجلست مع زملائي في مطعم الطرف مقابل مستشفى الراهبات في منطقة رخيته.وفجأة توقفت اربع سيارات عسكرية همر ونزل منها ضباط وعكسر مدججين بالاسلحة!وانهالوا علينا وامام مرآى الناس وزملاؤنا بالضرب والشتائم البذيئة!وبمنتهى الوحشية وقلة الاخلاق!وتم وضعنا بشكل غير انسانى في صندق الهمر واغلاقه بعنف مما سبب كدمة في ركبتي!
   انطلقت السيارات وتوقفت في منطقة فارغة في ابو نؤاس!وهناك انزلونا واوسعونا ضرب باقدامهم واسلحتهم وشتمنا بكلمات بذيئة وقاسية!وتم تمزيق قميصي وعصب عيني به!وانطلقت السيارات ثانية بعد ان وضعنا داخلها محشورين يتناوب علينا العسكر بالضرب والشتائم وتوقف السيارات في ساحة التحرير!وهذا تأكد لي من خلال اصوات المتظاهرين حيث كنت اسمع صراخ الجمهور المرعوب واطلاق النار!وكان احد العسكر في سيارتى يعطى اوامره بصوت عالي للجنود(اضرب باللحم اقتله لاتخلي عايش .. صيبه باللحم)!وقد مد احد العسكر يده وازاح اقدامى عن كدس اوراق راح يسحبها ويلقيها في الساحة(واظن جازما انها اوراق مطبوعة وملفقة من قبل هؤلاء ضد التظاهرات!وهو امر وسلوك غاية في الخطورة ان تسلكه الحكومة وبعض السياسيين ضد الشعب ويتم توريط الجيش العراقي النبيل به).
   انطلقت السيارات ثانية وتم انزلنا في مكان عرفت فيما بعد انه مقر الفرقة 11 في باب المعظم،وهناك ولوقت طويل بقيت معصوب العينين وتم اجباري على نزع حذائي والسير حافيا وتعرضت للضرب والاهانات والرفس المستمر ببسطال عسكري على رجلي اليسرى مما سبب لي ورم وعرج لليوم لم اشفى منه،ناهيك عن صب الماء على قدمي وصعقي بعصا كهربائي مرتين،واجباري على تلمس قضيب من الخشب او البلاستيك الصلب،وتهديدي بالاغتصاب الجسدي به مالم اعترف اننى انتمى لتنظيم معادى للعراق(والمقصود هنا البعث البغيض والمقبور)واتهامي باستلام اموال من البعثيين القتلة!والتحريض على اسقاط النظام الحاكم الان!وقد تم جلب شخص هو ( مخبر سري ) راح يشتمنى ويضربني ايضا وهو يروى لي كل تحركاتى تماما من بداية وصولي للتظاهرة وحتى مغادرتي اياها باضافة كذبتين اولا : اننى رميت حجر على الفريق عبد الكريم العنزى في الساحة،وهو امر كاذب بالمطلق حيث لم اشاهد الفريق اصلا والفريق نفسه قال وبلسانه في نهاية التحقيق انه لم يشاهدني .. ثانيا : اننى دفعت جدران الصبات وقلبتها واننى حرضت المتظاهرين على الجيش وهذه اتهامات مضحكة ومخزية وبائسة .. وبعدها ولدى تدخل زملائي لدى الفريق عبد الكريم تم ايقاف التعذيب واطلاق سراحى انا وزملائي ممن اعتقلوا معي وتعرضوا للتعذيب والاهانات وهم كل من ( علي السومري وعلى عبد السادة وحسام السراي ) وجميعنا نعمل في الاعلام ومؤمنين بالديمقراطية ونطالب بالاصلاح وسلمية التظاهرة!
   لقد تعرضت للاعتقال بأمر مبيت وانى تعرضت للاصابة بخمس جروح في رأسي وورم يسبب لي العرج في ساقي اليسرى وكدمة متصلبة ومتورمة في جبهتى لم تشفى للآن!واعتقد انها خطيرة وستظهر عواقبها الكارثية فيما بعد على صحتى.كما تقدمت وزملائي وبرفقة ومساعدة اصدقائي لتسجيل دعوى او شكوى!ولكن لم يقبل اي مركز شرطة تسجيلها لنا خوفا من القيادة والحكومة ورجال السياسة الحكام الان!
   اطالب بقبول شكوى ضد القائد العام للقوات المسلحة بشخصه ووظيفته جراء تعرضي للاختطاف والاعتقال بلا مذكرة قضائية وبلا جرم وتعرضي للاهانة والضرب واصابتي بكدمة خطيرة في رأسي وورم في ساقي اليسرى!.."
 

بغداد
8/9/2011






91
طهران والتلمذة في كتاتيب الادارة الاميركية

                                                                                                                       سلام كبة

   لم يعد بالامكان استعمال السلاح النووي ضد الدول او التهديد به بعد ان انكشفت اسراره وافتضح امره لدى دول عديدة!واسرائيل مثلا لا يمكنها ان تستعمله ضد بلدان الجوار لاحتمالية انتشار ضرره عليها!وكان لابد للكارتلات من البحث عن سوق جديد له وبديل دمار شامل آخر يوقع الضرر الواسع على الاعداء دون ان يمس الدول المعنية بأي اذى،ولتكون في مأمن من المسؤولية القانونية الدولية المكشوفة واثارة الرأي العام العالمي..
    وقع الاختيار على ايران لتصريف جزء من ذخيرة هذا السلاح الفتاك،لأن ايران يتحكم بها اليوم نظام شمولي ثيوقراطي وحكم ولاية فقيه ذو تطلعات اقليمية،وسلطات طائفية غبية جاهلة مصابة بعظمة عفى عليها الزمن وعصر التكنولوجيا الحديثة!وبامتلاكه مثل هذا السلاح يعتقد الحكم في ايران امكانية تصريف ازماته السياسية والاقتصادية والهاء الشعب!ان دولا تحكمها انظمة شمولية على شاكلة ايران هي سوق خصبة لتصريف الذخيرة النووية!اما بدائل الدمار الشامل الاخرى التي اعتمدتها الكارتلات فجاءت تباعا،الانترنيت والاقمار الصناعية والكيمتريل..الخ!
   لقد حذرت هيئات دولية عديدة من مغبة اصرار الجانب الايراني على بناء مفاعل نووي بالقرب من الحدود الجنوبية مع العراق،ورفضه ان يخضع هذا المفاعل لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA..بينما تؤكد المعلومات الواردة من ايران ان التقنيات المستخدمة في المفاعل يمكن تسخيرها لاعداد السلاح النووي في فترة قصيرة نسبيا،لا بل قد سارت ايران على هذا الطريق بخطى حثيثة!
    سيتضرر العراق تلقائيا من بناء المفاعل الايراني بسبب الامطار الحامضية التي ستصله مع هبوب الرياح الجنوبية الشرقية القادمة من ايران،والتلوث البيئي الاشعاعي والحراري وانتشار المواد المسرطنة وموت الاحياء المائية!وسيكون العراق اشد المتضررين جراء اية كارثة يصاب بها المفاعل النووي الايراني،على شاكلة مفاعلات تشيرنوبيل وفوكوشيما!
   الا ان ايران تنتهك يوميا مقررات ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار،لا ببنائها هذا المفاعل دون استشارة العراق فحسب،بل بقطع المياه عن الروافد القادمة من الاراضي الايرانية،كالكارون والوند،واستيلاء القوات الايرانية على الآبار العراقية في الحدود المشتركة"كما جرى في الفكة"،والقصف المستمر للاراضي العراقية في مناطق جومان وحاجي عمران واحمد آوة،بل وفي الشروع باقامة المعسكرات والربايا داخلها!والاخطر من ذلك ان الحكم في ايران يبذل الجهود الاستثنائية للتحول الى دولة مهيمنة في المنطقة على طرازها الخاص .. وتلازم السلطات الدينية الطائفية عادة النزعة الفوقانية والموقف اللاهوتي الدفاعي الذي يعتبر نفسه دوما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل!وهي بذلك تبتعد عن واقع الحياة ... وهذا ما ينطبق على ايران التي بذلت الجهد للتحول الى القائدة السياسية في الشرق الاوسط لكن دون جدوى بسبب خطل المطلقية الموروثة عن القرون الوسطى،وبقاء عموم الوضع مشحون بالنزاعات غير القابلة للحل بين الاثنيات المختلفة.
    اتسع اهتمام  ايران  مع الاحتلال الاميركي للعراق بالطوق الارهابي وخلق العصابات المسلحة الطائفية والمرتكزات السياسية المتطرفة حولها لحمايتها ولأغراض عسكرية بحتة ولمد اذرعها الاستخباراتية ونفوذها الاقتصادي في المنطقة.فتعززت القدرات الارهابية لمضلع الحركات الاصولية الاسود،حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة ومنظمة القاعدة والاصوليات الشيعية في العراق والبحرين والكويت..كما اكتسبت ايران شيئا من الأمان الظاهري مع بقاء البعث السوري وسطوته القمعية للشعب السوري البطل!وتقوم ايران بتسويق مشاريع ذات مظهر استثماري تتضمن الأعمال التجارية وشركات تعمل كغطاء ومجموعات دينية ومنظمات غير حكومية ومساعدة للمدارس والجامعات لمؤازرة الهوية الطائفية في بلدان الشرق الاوسط ،وتقوم جمعية الهلال الاحمر الايرانية بتنسيق نشاطاتها من خلال قوات الحرسِ الثوري..بينما تفتح المخابرات الايرانية مكاتب مساعدة  لفقراء العراق الشيعة في مدن المحافظات الجنوبية لتجنيد المرتزقة وانضمامهم الى العصابات – الميليشيات.هكذا يسهم تنامي النفوذ الايراني بالتمويل والتسليح في اثارة التوترات الطائفية!
    تتوهم ايران ان بامتلاكها السلاح النووي تسهم في تعزيز سياسة الردع النووية في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي،وان الولايات المتحدة وحلفائها سيغضون النظر على ذلك مع مرور الزمن!لقد القيت اول قنبلة ذرية في التاريخ على هيروشيما اليابانية في 6 آب 1945،وبلغت درجة الحرارة نتيجة القنبلة 4500 درجة مئوية،اي ما يساوي حرارة مركز الشمس 4 مرات.وكان عدد الذين ماتوا في الحال 100000،اضافة الى 50000 فيما بعد من اثر سموم الاشعاع الذري،ولم تكن هناك جثث في مركز سقوط القنبلة لأنها تحولت الي رماد.والقت امريكا القنبلة الثانية علي نجازاكي في 9 آب 1945،ومات 70000 في الحال.وبحلول عام 1950،فقد بلغ مجموع قتلي المدينتين 350000 نسمة،معظمهم ذهب ضحية متلازمة الاشعاعِ الحادة (أي آر إس) - Acute Radiation Syndrome – "التسمم الاشعاعي".وبإستخدامها لهذا السلاح فإن الولايات المتحدة قد نقضت توقيعها على معاهدتي لاهاي لمنع استخدام الاسلحة السامة عامي 1899 و 1907،كما تنصلت من موافقتها على قرار عصبة الامم عام 1938 بمنع قصف مواقع المدنيين!وهاهي ايران تسلك طريق التلمذة في كتاتيب الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما وتضفي على اسلحتها للدمار الشامل الابعاد البراغماتية والدينية!والجميع يصلي لله كي يقودهم لاستعمال اسلحتهم للدمار الشامل في طريق نصرة الله واهدافه،كما اكد الرئيس الاميركي ترومان اثر القاء القنابل الذرية على المدن اليابانية!
   يسهم تقليم اظافر الدولة الدينية في ايران في الحد الى درجة كبيرة من التدخلات الاقليمية في الشأن الداخلى العراقي،هذه مسؤولية المجتمع الدولي والمنظمة الدولية – الامم المتحدة،ليأخذ نظام ولي الفقيه في قم وطهران من نفوق الدكتاتورية الصدامية درسا بليغا وحلقة معلقة في اذنه – تراجي  الى ابد الآبدين.

بغداد
5/8/2011


 

92
الارهاب يطال رواد التنوير الديني في العراق

                                                                                                                        سلام كبة

   اصيب النائب السابق اياد جمال الدين بجروح في الانفجار الذي استهدف منزله ليلة 2 – 3 /8/2011،نقل اثرها الى المستشفى!ويقع داره في الجادرية التي تعج بمقرات الاحزاب السياسية ومكاتبها،كالمجلس الاسلامي الاعلى والهيئة السياسية للتيار الصدري،الى جانب دور كبار المسؤولين في الدولة ومنهم دار السيد رئيس الجمهورية،مع العديد من المؤسسات الحساسة كجامعة بغداد ومؤسسة الشهداء ومؤسسة الحج..الخ!وكان رجل الدين الشاب المتنور اياد جمال الدين قد نجا في وقت سابق من 4 محاولات اغتيال فاشلة!ويبرز التساؤل المشروع لماذا يستهدف رواد التنوير الديني في بلادنا؟..لقد نادى اياد جمال الدين لمناهضة ولاية الفقيه واقامة دولة علمانية بعيدة عن تدخل المرجعيات،مما جعله عرضة للغضب الارهابي!وانتخب في عام 2005 كواحد من اعضاء البرلمان الخمسة والعشرين عن القائمة العراقية،الا انه انسحب منها في عام 2009 بعد ان خاب امله لانفتاح رئيس القائمة العراقية على ايران!كما قاد اياد جمال الدين قائمة تجمع احرار في انتخابات 2010!
   تشكل حياة عالم الدين اياد جمال الدين تجربة غنية متراكمة،ركز فيها على التنوير الديني بالضد من الفكر الشمولي ايا كان مصدره،بما فيه التزمت الديني،وتبنى المشروع الوطني الاستقلالي بانحياز تام،منطلقا من ضرورة التكامل بين بناء الانسان وتوفير المستلزمات المعيشية للشعب وبين الحفاظ على كامل السيادة الوطنية والاستقلال الوطني الناجز.وهو في منحاه هذا يذكرنا بعالم الدين المعروف الشيخ عبد الكريم الماشطة (1881-1959) الذي امتلك دوره الريادي المتميز في حركة انصار السلم،وكان رجل الدين الاول في العراق الذي لبى نداء السلم الاول ووقع بنود اجتماع استوكهولم،كما كان ظهير ومساند للقوى والاحزاب الوطنية لتفعيل دور الشعب في تحقيق آماله وتطلعاته وهواجسه في التحرر الوطني وبناء الحياة الديمقراطية والعدالة والمساواة.
  وتعيد لنا محاولات اغتيال اياد جمال الدين شريط الاجراءات القمعية لنظام العهد الملكي المباد ضد العلامة الماشطة،اذ شددت الحكومة آنذاك الاجراءات الرقابية للاجهزة الامنية عليه،واهتمت بتتبع نشاطاته،وقد اوكلت مهمة ملازمته الى احد وكلاء الأمن حيث كان يجلس على عتبة خان امام بيت الشيخ الماشطة لا يبرحها راصداً حركةَ الشيخ والداخلين اليه!واعتقل الماشطة في الكاظمية بعد انفضاض المؤتمر التأسيسي لحركة انصار السلم الذي انعقد ببغداد سنة 1954،واحيل الى محاكم الجزاء مع 24 من اعضاء المجلس الوطني لحركة السلم ممن وقعوا على مقررات مؤتمر انصار السلم الاول،باعتبارهم متهمين بالعمل ضد الحكومة!
   يحكم مخطط  قوى الارهاب في العراق الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل،والوهم والوحشية.وتخشى القوى البائدة وعتاة الاجرام ومافيا التطرف الديني وبعض الدول المحيطة من رواد الديمقراطية والتنوير،لاسيما بعد افتضاح امرها كعصابات تمتهن القتل والنهب والخاوات فحسب.ان اعمال الخطف والذبح والتدمير والتفخيخ واستخدام الكواتم لهي خير دليل على المعدن الدنئ لهذه الزمر وعلى تخبط افرادها.
   ان اهمية وضرورة دحر قوى الارهاب والجريمة والحفاظ على الأمن والاستقرار يرتبط بتوفير الخدمات والمستلزمات المعيشية لابناء الشعب وانهاء الوجود الأجنبي والمضي في طريق اعادة الاعمار والبناء،وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية،والموقف الشفاف الشجاع الموحد ازاء الارهاب ايا كان مصدره!

بغداد
4/8/2011

93



مناهضو ثورة 14 تموز لم ولا يستوعبون التاريخ

سلام كبة
                                                        ما شفنه نفط               كلهم حرامية
                                                          شبعونه فقر               كلهم حرامية
                                                        بس ضيم وقهر               كلهم حرامية
                                                        وبتخصيصهم               كلهم حرامية
                                                        وبتحصيصهم               كلهم حرامية
                                                        بوزارات الجذب               كلهم حرامية
                                                        خلصوها لعب               كلهم حرامية
                                                          خلونه تره                كلهم حرامية
                                                         نرجع ليوره               كلهم حرامية
                                                         نطلبهم وعد               كلهم حرامية
                                                       وما نسكت بعد               كلهم حرامية


   تستعيد التحضيرات الجارية للاحتفال السنوي بثورة 14 تموز المجيدة 1958 الدروس القيمة،وفي المقدمة الحزم اللامتناهي في كشف الاعيب القوى المناهضة لحركة شعبنا الوطنية التحررية الذين لا يدركون ان تصفية اثار جرائم حزب البعث لا تتم  باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والكواتم والاغتيالات والتصفية الجسدية وجرائم الفساد او محاولات تمجيد قمعية الحكم الملكي واساليب بهجت العطية،وانما عبر المحاكم الوطنية الشعبية العادلة.ولا تتم بممارسة سفالة البعثيين،ولو بنعومة وديماغوجيا وبواجهات دينية وطائفية او بالكذب الصارخ وتشويه الحقائق التاريخية بقصد الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية او بالقمع والاعتقالات وتسليط البلطجية!وهم لا يدركون ان الديمقراطية مقولة اكثر شمولية من الحرية بالمعنى السياسي والطبقي لأنها ميدان سياسي محدد للنشاط يمكن توسيعه او تضييقه،تناضل مختلف الطبقات فيه من اجل توسيع او تقييد الاجراءات الديمقراطية اليومية وبما يخدم مصالحها.
   الديمقراطية في المجتمع قاعدة الجهد المؤسساتي المدني وحاجة موضوعية وليست ترفا،ليجري الصراع مع التقاليد والموروث الذي يستصغر الديمقراطية،من اجل تكريس وترسيخ مفاهيمها داخل الاحزاب السياسية وفيما بين الاحزاب نفسها وكبديل عن السلطات الحاكمة،ولتتم نمذجة التفسيرات المتنوعة للديمقراطية والتغلب على زوايا الرؤية النموذجية لها والتي تعكس على الدوام وجهات النظر الطبقية التي تخدم جهود طبقات محددة،لتثبيت الشرعية الدستورية ومقاومة فرض نماذج الآخرين في شرعية القوة والهيمنة والاستئثار والتهميش والمحاصصة.
   ثورة 14 تموز المجيدة مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية لأنها تعبر عن السفر العظيم والجبار لشعبنا في تثبيت استقلاله السياسي والاقتصادي وما قدمه من تضحيات وشهداء لبناء مجتمع قائم على الرخاء والرفاهية والعدل الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني!وعكس البيان الاول الصادر في 14 تموز 1958 الطبيعة الوطنية الديمقراطية للثورة،وهذا هو حال الدستور المؤقت 1958 وقانون رقم 80 لسنة 1961 الذي حدد مناطق الاستثمار لشركات النفط الاحتكارية وقانون الاصلاح الزراعي لتصفية الاقطاع رقم 30 لسنة 1958 وقانون الأحوال الشخصية رقم 188  لسنة 1959.لقد تحررت العملة العراقية من الكتلة الأسترلينية،وتم بناء مدينة الثورة الباسلة معلما وشاهدا على عظمة الثورة ولأسكان  الفقراء من ابناء شعبنا،وتهيأت الظروف لأجازة المؤسساتية المدنية وممارسة النشاط العلني لنقابات العمال والجمعيات الفلاحية ورابطة المرأة العراقية واتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي ونقابات المعلمين والمهندسين والحقوقيين والاطباء ..الخ.كما ازدهرت الصناعة الوطنية اثر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية،والاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والثقافية الاخرى مع بلدان اوربا الشرقية والصين الشعبية!والتي وضعت حجر الأساس للتطور الاقتصادي اللاحق ولتحويل الصناعة العراقية من مشاريع صغيرة متفرقة الى جيل متكامل من المشاريع الصناعية الاستراتيجية!
   كان الفكر الرجعي والظلامي من اهم اسلحة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة،وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين 1963 وانقلاب تموز 1968،والاحتلال الاميركي،وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي.ويواجه شعبنا اليوم خطر استبداد احزاب الاسلام السياسي من خلال تعاملهم المزدوج والتفافهم على القوانين وتطويعها لخدمة اهدافهم البعيدة المتمثلة بالانقضاض على السلطة بأسم القانون وفرض دكتاتوريتهم بأسم الديمقراطية!نعم،يهيئون المستلزمات القانونية للتفرد بالسلطة وفرض دكتاتوريتهم بأسم القانون والديمقراطية التي شوهوها،وهي منهم براء،وهم سبب في كل الأزمات السياسية والأقتصادية والأجتماعية،كما عملوا بكل طاقتهم على تراجع الفن والسينما والمسرح والموسيقى!بعد ان استشرت الازمة في سائر الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية.
   وفيما المواطن يئن تحت وطأة سوء الخدمات والانقطاع الطويل للكهرباء والظروف المعيشية الصعبة،تواصل النخب السياسية الحاكمة نهج اعادة انتاج نظام المحاصصة الرجعي!وجاء رد الشعب العراقي حازما وواضحا في انتفاضة الكهرباء والفانوس والنشاطات الاحتجاجية اللاحقة في بغداد وبقية المحافظات منذ اواسط حزيران 2010،والمعبرة عن عدم الرضا والسخط،والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية،وباتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة!
   ثورة تموز 1958،وعلى الدوام،مناسبة لتفعيل النشاطات الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية الديمقراطية والعمل من اجل المواطن والوطن!تموز يقرع الباب فلقن الطغاة الصغار والاغبياء درسا ياشعب العراق!

بغداد
الاول من تموز 2011



94


معا ... نمزق طبول الدكتاتورية الجديدة

   نحن،المشتغلون في الوسط الثقافي الكردي الموقعون أدناه ،نراقب بقلق متزايد ضيق صدرنوري المالكي وحكومته وأدوات قمعها الخارجة عن حدود مؤسسات الدولة والقانون أزاء الإحتجاجات المدنية السلميةا لمتواصلة في جميع أنحاءالعراق وخاصة في العاصمة بغداد.وندين بشدة ترويع المتظاهرين بالقمع المنفلت من كل منطق ومنع وسائل الأعلام من النقل الحي للأحداث وتهديد وملاحقة وأعتقال العاملين بالثقافة والناشطين المدنيين.
    لقد أهدرت حكومة المالكي مهلة المئة يوم التي طلبتها من الشعب العراقي لا في أي جهد ملموس لمكافحة الفساد و الفوضى المستشريين في كل مؤسسات الحكم و التمثيل السياسي، بل في التسويف و المماطلة و تشديد قبضة القمع في مواجهة شارع ما عاد يأمل خيرا من وعودها. فلم يبق في جعبتها الّا اللعب على وتر العشائرية و الضحك على ذقون أبناء العشائر لضرب المتظاهرين بهم، كما فعلت يوم الجمعة المصادف العاشر من حزيران حينما أوهمت الآلاف من أبناء العشائر من أطراف بغداد بأنها تدعوهم للتظاهر ضد أنصار النظام البعثي السابق المجتمعين       في ساحة التحرير للدفاع عن رموز الأجرام الذين أذاقوا أهلهم الويلات و أرتكبوا بحقهم الجرائم، ثم دفعت بهم مغررين الى فض المظاهرة المدنية السلمية قسرا.
    أن هذا الأستهتار باللحمة الوطنية و بروح المواطنة أنما يكرس عدم أهلية حكومة المالكي و ذنمط الحكم الذي تمثله للأستجابة لطموحات الشعب العراقي بغد ديمقراطي أفضل يقطع مع ماضي الديكتاتورية المقيت، وهو ما يوجب على قوى المجتمع المدني في العراق و أصدقائنا من القوى المحبة للسلام و التحول الديمقراطي في العالم أن تواصل ضغطها على هذه الحكومة المنفلتة لإجبارها على كف يدها عن الشعب و على الإقرار -غير المشروط- بحقه في التعبير السياسي و الثقافي الحر و التظاهر السلمي.
    أن تجربة المشتغلين بالثقافة الكورد مع سلطات أقليم كوردستان التي إختارت القمع و القوة الغاشمة وسيلة لإسكات صوت الأحتجاجات المستمرة في الإقليم منذ شباط، تؤهلنا لتجاوز حاجز الفوارق المذهبية و العرقية لمد يدنا لقوى المجتمع المدني في كافة أنحاء العراق للتأكيد على نضالنا المشترك من أجل الديمقراطية و العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان.
   اننا إذ نحمل السلطات المحلية و الإقليمية و المركزية المسؤولية الكاملة عن مظاهر الإحتقان السياسي و تضييق الحريات في العراق، فإننا لا نعفي القوات الأمريكية من مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية عن الحريات المدنية المكفولة للسكان في البلد حسب القوانين و الأعراف الدولية، و نطالبها بالضغط على هذه السلطات لإطلاق سراح مناضلي المجتمع المدني المعتقلين في  سجون المالكي سيئة الصيت، و العمل على توفير المناخ السياسي الملائم للإنتقال الى الديمقراطية و العدالة الأجتماعية من دون الزج بالبلاد في مزيد من دوامة القمع و الترويع.
 
الموقعون
 
1.     شيركو بيكس – شاعر –  رئيس مؤسسة سردم
2.     دكتورة جومان هردي
3.     رؤوف بيكرد – روائي
4.     بختيار علي- شاعر وروائي
5.     آسوس هردي – كاتب وصحفي
6.     احلام منصور-- روائية
7.     آزاد برزنجي- كاتب ومترجم
8.     دكتورة شيلان طالباني – استاذة جامعية
9.       آراس فتاح- كاتب وصحفي
10.د. امير احمد -- طبيب
11.نياز عبدالله - صحفية- منسق اربيل لمركز ميترو للدفاع عن الصحفين
12.كمال رؤوف – رئيس تحرير صحيفة ÷هاولاتي
13.شوان محمد – رئيس تحرير صحيفة آوينة
14.ريبين احمد هردي - كاتب
15.توانا عثمان – كاتب وصحفي -- مدير فناة ناليا الفضائية
16.كاروان عمر – مصمم الرقص الحديث
17.احمد ميرة – رئيس تحرير مجلة لفين
18.بروين عزيز -- ناشطة مدنية
19. نوروز اسماعيل – محاسب – ناشط مدني -- اريبل
20.هلكوت عبالله – رئيس تحرير مجلة (مندالي سةردةم)
21.طاهر عبدالواحد – سينمائي من السليمانية
22.حميد بانيي – فنان
23.نجم الدين مصطفى – استاذ جامعي - اريبل
24.دانا سعيد صوفي – عضو برلمان كردستان- القائمة الكردستاتية
25.نبز مصطفى-- مصصم
26.ريزان صالح – فنانة مسرحية
27.لطيف فاتح فرج-- رئيس فرع كركوك – نقابة صحفيي كردستان
28.ارسلان درويش -- كاتب- مسرحي
29.جنور محمد -- صحفية
30.خضر دوملي—صحفي - استاذ جامعي دهوك
31.عبالله حسن-- صحفي
32.هيمن لهوني – رئيس تحرير موقع خندان الاخبارية
33.ديلمان صلاح – مسرحي
34.شوان صابر – محقق عدلي - اربيل
35.آوات علي- صحفي
36.فرهاد مراسل-- مترجم وصحفي
37.ارام سعيد - صحفي
38.شبكة منظمات المجتمع المدني في السليمانية
39.احمد حامد – كاتب وصحفي
40.نوزاد جلال – مهندس
41.هوَرين غريب – مسرحي
42.درون عبالكريم -- طالب جامعي
43.ريبين رسول- صحفي -- اريبل
44.نجيبة محمود - ناشطة نسوية
45.شوان عطوف – سينمائي من السليمانية
46.سلام عبالله – كاتب من خانقين
47.مجيد صالح – كاتب وصحفي
48.صنوبر اسماعيل – ناشطة نسوية
49.آشتي الطالباني – شخصية اجتماعية
50.كاروان كمال – محامي
51.طه سليمان – كاتب وصحفي-- كرميان
52.كازاو جمال- نائب رئيس تحرير صحيفة هاولاتي
53.مهدي مغديد – محامي -- اريبل
54.يحيى البرزنجي – كاتب وصحفي
55.زوزك جلال – مسرحي
56.كريم صوفي – محامي - اريبل
57.دانا عسكر—مسؤول مكتب -كردستاني نوي- كركوك
58.نزاد جلال رئيس تحرير موقع سبةي
59.ريبر جلكي- صحفي من دهوك
60.هوشيار عبالعزيز – كاتب وصحفي-- كرميان
61.صديق احمد كريم – شاعر من كركوك
62.محسن اديب- كاتب
63.خالد محمود – محامي -- اربيل
64.تلار محمد – مخرجة افلام وثائقية
65.ازاد شاكر – فنان موسيقي- كركوك
66.اكرم مائي- مدير منظمة كرستان للحقوق المدنية
67.آسو طيمور -- معلم
68.علي محمود – ناشط في مجال حقوق ضحايا عمليات الانفال-- اربيل
69.اسعد سعيد – من البشمركة القدامى
70.دانا جلال – كاتب وصحفي
71.كاروان عبالرحمن – مسرحي
72.عثمان حمة سعيد -- نقابي
73.شاسوار عيدالواحد – مالك لقناة فضائية ناليا
74.كامران محمد- صحفي-
75.سامي داود- باحث
76.عيسا خضر- صحفي
77.هيمن ميراني- كاتب واستاذ جامعي
78.بهمن عمر- صحفي
79.شوان محمد - صحفي- مجلة سفيل
80.آرام شيخ محمد – ناشط في مجال منظمات المجتمع المدني
81.ريكا رؤوف – ناشطة نسوية
82.اندام نجاة -- مسرحي
83.ديار عزيز شريف – كاتب و صحفي
84.عمر محمد – ناشط في مجال حقوق الانسان
85.عبالله خالد – مدير مركز المسلة
86.فلاح مراد خان-- مدير منظمة الوادي في العراق
87.ئاوات محمد – مدير مركز انماء الديمقراطية وحقوق الانسان
88.بزار طه خليل – محامي من السليمانية
89.فاضل نجيب – صحفي
90.هوشيار سلام—ناشط مدني - اريبل
91.ياسين حمة علي --  مصمم من السليمانية
92.خالد حاج احمد – كاتب
93.رابر رشيد – اعلامي من كركوك
94.علي عبالكريم .اعلامي
95.آزاد بيوالي -  ناشط حقوقي
96.نامو شريف -     ناشط مدني
97.زمناكو عزيز – ناشط في مجال حقوق الانسان
98.ازاد غريب احمد- اعلامي
99.كاروان ستار – صحفي
100.                   ماجد الداوي – صحفي -- مدون
101.                   آراس ولي – كاتب ومحلل سياسي
102.                   بهمن غريب – صحفي
103.                   شورش امين --  ناشط مدني
104.                   جهاد محمد – ناشط في مجال منظمات المجتمع المدني
105.                   وريا حمة طاهر – صحفي
106.                   سعيد جوهر – شخصية اجتماعية – كفري
107.                   زريان محمد – صحفي
108.                   دكتور محمد بشدري – ناشط في مجال حقوق السجناء السياسيين
109.                   جمال كوشش – ناشط في مجال حقوق اللاجئين
110.                   نرمين عزيز – ناشطة نسوية
111.                   دلير كولندر – كاتب
112.                   بختيار فرج -- شاعر
113.                   رحمن غريب—صحفي
 
للمزيد من المعلومات
رحمن غريب --منسق الحملة-- السليمانية --07701523300
rahmangarib@yahoo.com
هوكر جتو شيخة – منسق الحملة في اربيل-- رئيس التحالف العراقي لمنظمات حقوق الانسان 07504544707
hogr_pao@yahoo.com



95


بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثاني عشر والأخير

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!

•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!


   تتجدد محاولات انتهاك مضمون المادة(140)من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وتلكيف وسنجار وخانقين وشهربان وجلولاء ومندلي... وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،فان هذه المحاولات الخبيثة يغذيها زعيق القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية، ومواقف بعض دول الجوار... الى جانب القوى التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن.وتعرقل الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد تنفيذ المادة(140)،رغم الجهود المشكورة للجنة ذات العلاقة في سبيل تنفيذ المهام الموكلة لها،وكانت العقبات كثيرة باتجاه تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.ولم يعن الاستخفاف بالمادة(140) سوى تراجع الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!والتوافق الذي جرى منذ المادة(58) من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.
    بالطبع لقوى الاسلام السياسي العراقية والقوميين اليمينيين العرب وبعض التركمان المواقف الضارة ازاء القضية الكردستانية والشعب الكردي،ولهم اجندتهم ومواقفهم التي تنطلق من التصورات القومية الشوفينية والدينية التي تناهض من حيث المبدأ المشروع الفيدرالي.وليس مستغربا ان تترافق محاولاتهم المنظمة مع مراهنات فلول البعث والصداميين والظلاميين لافشال العملية السياسية الجارية في بلادنا وارجاعها الى المربع الاول.
   وسبب غياب المجلس الاتحادي،والعقبات الجمة التي وضعت امام اللجنة ذات العلاقة لتنفيذ المهام الموكلة لها،وتأجيل الاحصاء السكاني الذي يكشف حقيقة الاستغفال والتزوير والخداع في مجلس النواب،والعمل البرلماني غير المنظم،والفساد السياسي..سبب كل ذلك ارتقاء صيت التسلط السياسي على اساس التعصب القومي والتطرف الطائفي.والفساد السياسي يخنق الديمقراطية ويعرقل عمل اللجان ذات العلاقة لأنه يستهدف السيطرة على القرار السياسي للدولة واخضاع الافكار الاخلاقية الرأسمالية لمصالحه وتحول المجتمع السياسي العراقي الى سوق تعقد فيه الصفقات السياسية – المالية التي تضرب الديمقراطية بالصميم،اي محاولة فرض ديمقراطية الصفقات!
     يؤكد رئيس اللجنة رائد فهمي انه"في حال عدم تنفيذ المادة 140 من الدستور فلا توجد اي صيغة اخرى جاهزة ومتفق عليها دستوريا،وبالتالي فإن البديل هو الفراغ،ومن المحتمل جدا ان تتفاقم المشاكل وقد تأخذ طريقها الى الاحتقان الشديد".ان تنفيذ المادة المذكورة يحتاج الى الغاء 4 من قرارات مجلس قيادة الثورة سئ الصيت  وبعض قرارات لجنة شؤون الشمال،وهذين الموضوعين مرهونين بمجلس النواب والسلطة التنفيذية،وكذلك اعادة النظر بالحدود الادارية والتغييرات التي اجراها النظام السابق.التشكيلات الادارية في بلادنا لم تؤسس وفق المعايير التاريخية والجغرافية،بل وفق التوجهات الشوفينية لانظمة الحكم المركزية،وهل يعقل ان يعتمد احد مشروعية سياسات التعريب القسرية سيئة الصيت ابان العهد الصدامي؟!ان محاولات فرض وانتهاز الفرص لتمرير قرارات متسرعة غير متفق عليها وبعيدا عن النهج التوافقي مصيرها الفشل!لقد حذرت لجنة المادة 140 من الدستور من تفاقم المشاكل بشأن المناطق المتنازع عليها في حال عدم حل القضايا العالقة،وفيما دعت الكتل السياسية الى التوافق فيما بينها لانهاء الموضوع،اكدت ان الفراغ سيكون البديل الوحيد عند عدم تطبيق المادة المذكورة.
    الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ،لا التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية،وحدها كفيل بمعالجة الازمات والقضايا الشائكة!ونضال شعبنا الكردستاني هو نضال عادل من اجل حقوقه المشروعة،وكل القوى الديمقراطية داخل وخارج العراق تقف الى جانبه.ويشكل التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!ويتوقف الحل الديمقراطي للقضية الكردية في العراق على مستقبل تطور مجمل الحركتين الوطنية والديمقراطية في بلادنا ومستقبل مصير العراق– عراق المؤسسات الديمقراطية لتنظيم العلاقات السياسية والدستورية بين الشعبين في ظل نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي فيدرالي،وعراق المصالحة الوطنية والسلم،وعراق الاتحاد الحر والاخوة العربية الكردية والوحدة الوطنية القائمة على اساس الاحترام والمساواة الحقة،وبناء العراق الديمقراطي على ركام الروح الشوفينية والمشاعر القومية الانعزالية الضيقة!وقد ترجمت الذهنية الكردية العصرية افكارها اليوم بافساح المجال للصراع الفكري ان يدلي بدلوه في بناء مجتمع مدني حديث في كردستان العراق،وتأمين المنجزات التاريخية للشعب الكردي وتحقيق جميع حقوقه المشروعة،وتطوير وتنمية تجربة كردستان الديمقراطية وتعزيز الاستقرار والحريات،واعادة المناطق المستعربة الى احضان كردستان،وتوفير المناعة الضرورية ضد محاولات التدجين والاحتواء.
      واذ يتعاون الشعب العراقي مع الهيئات الدولية،ومنها الامم المتحدة،كشرعية دولية للاسراع في تنفيذ المادة(140)،لا للتقليل من شأنها،فانه يدرك ان رص وحدة القوى الوطنية والديمقراطية ومتانة التحالف الكردستاني كفيل بتوفير الاجواء المناسبة للعمل المشترك في الضغط على الحكومة الاتحادية للايفاء بالتزاماتها من اجل تطبيق المادة(140) وفسح المجال للجنة المكلفة بتطبيق المادة لتنفيذ مهامها دون مضايقات.ان الهدف المركزي الذي يوجه الفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء وتحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع،والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية و تحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات،وفي سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الآليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه،والحذر من الخطاب السياسي الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة.

•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!


   حين ترتفع مستويات العنف لا ينهار الامن فحسب،بل ايضا المراقبة والتوازنات وتطبيق القانون وعمل المؤسسات مثل السلطة القضائية والتشريعية،اذ ان كل هذا يتعرض للضغط ويتضرر بدوره النظام الذي يعمل على منع الفساد.وبينما يعرض الفساد القضائي سيادة القانون للخطر،فان الفساد في الادارة العامة ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات،اي بمعنى اوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي الى اهمال اجراءاتها واستنزاف مصادرها،وبالفساد تباع المناصب الرسمية وتشترى.كما ويؤدي الفساد الى تقويض الشرعية الحكومية وبالتالي القيم الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح.ان"الدولة العراقية فيها فساد كبير،وهناك فساد يؤدي الى عرقلة الدولة وتأخير بناء البنى التحتية"وان"تأخير تشريع القوانين يعد فسادا كبيرا".
    اصدر بريمر قرارا بتاريخ 13 ايلول 2003 بتشكيل مجلس القضاء الاعلى كسلطة عليا مستقلة عن وزارة العدل وتعيين مدحت المحمود رئيسا للمحكمة الاتحادية ورئيسا لمحكمة التمييز ورئيسا لمجلس القضاء الاعلى،وشرع المحمود بوضع القوانين على قياس الاحتلال الاميركي واتباعه،فأصدر القانون 17 لسنة 2004 الذى يعطى حصانة قانونية للقوات الامريكية وشركاتها وشركائها من المحاسبة القضائية مما سمح لهم بالقتل وانتهاك حقوق الانسان دون ملاحقة القضاء لهم ومحاسبتهم!وحصلت انتهاكات كبيرة وجرائم كثيرة لم نجد القضاء له دور نزيه متميز!وحابى المحمود المالكى زعيم حزب الدعوة فى قرارات غير نزيهة مثلا بتفسير الكتلة الاكبر فى الانتخابات عندما لم تحصد قائمة ائتلاف دولة القانون الاصوات المطلوبة،ووافق المحمود على تبعية الهيئات المستقلة لرئيس الوزراء بناء على طلب المالكى شخصيا،وغيرها من القرارات العجيبة والغريبة عن الديمقراطية،ومنها قرار منع البرلمان من اقتراح التشريعات وحصرها فى مجلس رئاسة الوزراء بناء على طلب المالكى!والكثير من القضاة مهمشين ومبعدين ومنع الذين ارادوا محاربة الفساد والفاسدين فى اعلى السلطة التنفيذية من قبل حزب الدعوة الحاكم ورئيسه!بغية حماية الحيتان الفاسدة الكبيرة من الاحزاب الدينية الحاكمة،كما ظهرت طبقة قضاة من اصحاب الشهادات المزورة!ويبدو ان التدخلات الفظة لرئيس الوزراء في شؤون القضاء العراقي قد جاوزت المدى المسموح،عندما استثنى البعض من اجراءات اجتثاث البعث،كما يؤكد المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة علي اللامي"ان رئيس الوزراء نوري المالكي لا يمتلك الحق القانوني بمنح استثناءات لأشخاص مشمولين بإجراءات اجتثاث البعث خاصة في وزارتي الدفاع والداخلية"!وتأتي المطالبة ببقاء القانون رقم 136 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تمنح الوزير صلاحية منع هيئة النزاهة من محاسبة أي موظف في وزارته إلا بموافقته ضمن هذا التجاوز الاخرق!هل يحق للمسؤول ان يتخلى عن مسؤولياته في تقديم المفسدين من معيته الى هيئة النزاهة،والعدالة من اجل الحفاظ على المال العام الذي ادى القسم على حمايته وصيانته؟
   العراقيون ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والتضليل.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في غياب وتغييب الديمقراطية،وفي غياب كامل للمؤسساتية المدنية التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية!في اية خانة يمكن تصنيف المفارقات القضائية التالية؟:
1.   في النصف الثاني من عام 2009 اصدر مجلس القضاء الاعلى احكام اعدام بحق اربعة من المتهمين في عملية سرقة فرع مصرف الرافدين في الزوية ببغداد،جريمة تورط عناصر من فوج الحماية الرئاسي الخاص بالسيد عادل عبد المهدي احد نواب رئيس الجمهورية بقتل 8 من حرس المصرف والسطو المسلح  تنتهي بثلاث جلسات!لم تكشف المحكمة عن مصير المتهمين الفارين من وجه العدالة والمتعاونين مع المجرمين،ولا عن اماكن اجتماع المجرمين لتخطيط عملية السطو،ولا عن سبب استخدام دار الاستراحة العائدة لجريدة العدالة،ولا عن الكيفية التي فتحت بها ابواب المصرف،ولا عن وسائل النقل وعائديتها التي استخدمت في التخطيط والتنفيذ،ولا عن"الجهة المتنفذة"الداعمة للمجرمين!
2.   اعلنت المحكمة الاتحادية العليا في حكم اصدرته 14 حزيران 2010 عدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب.وجاء الإعلان استجابة للدعوى المرفوعة الى المحكمة في 25 كانون الثاني من نفس العام،والمطالبة باعتبار النص المذكور،الوارد في الفقرة (رابعا) من المادة (3) من قانون تعديل قانون الانتخابات الرقم 26 لسنة 2009،نصا غير دستوري وبالتالي باطلا.وتشير المحكمة في حكمها الى عدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور،وعدم جواز حجب حرية التعبير.لذلك واستنادا الى احكام المادتين (20) و(38/اولا) من الدستور،قضت بعدم دستورية الفقرة آنفة الذكر.واكدت المحكمة الاتحادية العليا ان قرارها هذا لا ينطبق على انتخابات آذار 2010!بمعنى اخرى السكوت على الانتهاك الفاضح للدستور في قلب السلطة التشريعية - حامية حمى الدستور،والابقاء عليه اربع سنوات طويلة قادمة!!
3.   اعلن مجلس القضاء الاعلى اواخر تموز 2010 ان الحكم الذي اصدرته محكمة الجنايات المركزية بالسجن المؤبد بحق امير ما يعرف بـ"جيش الراشدين" التابع لتنظيم القاعدة جاء بسب انتمائه لفكر تكفيري،وان الادلة المقدمة ضده بالتسبب بمقتل المئات من العراقيين لم تكن كافية!
4.   في 2 ايلول 2010 صادقت محكمة التمييز الاتحادية على قرار محكمة استئناف الرصافة بتبرئة وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني من تهم الفساد المالي المنسوبة اليه لعدم كفاية الادلة.وكانت محكمة الجنايات العراقية قد افرجت عن وزير التجارة السابق بسبب عدم كفاية الادلة بشأن قضايا الفساد المالي المتعلقة بمناقصات توريد المواد الغذائية!
   القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وليس القضاء الذي يصون عورات السياسيين والمتنفذين.الاستقلالية القضائية من المقومات الأساسية التي تساهم في تثبيت دعائم العدالة والقانون،وفي رفع مستوى الأمن،ولا يمكن الاطمئنان الى قضية الحقوق الا بوجود قضاء مستقل.ان توكيد الاستقلالية القضائية وخضوعها لضمير القاضي وحده في مباشرة وظيفته دون ان يكون لغير القانون سلطان عليه في فصل الدعاوى والحكم،هو احد اهم معالم المجتمع المدني ومن اكثر المكونات الأساسية للديمقراطية السياسية حساسية.
   الاستقلالية والحرية للسلطة القضائية تعنيان ممارسة الدور المهم في بناء دولة القانون وترسيخ مبادئ العدالة،وقدرتها على الحركة وحرية الاداء والتطور ضمن دائرتها،وعدم تأثرها بالمواقف السياسية للسلطة التنفيذية،ودون ان تتقيد بمراقبة السلطتين التنفيذية والتشريعية او تدخل اي منها  في عملها او في قراراتها..الاستقلالية القضائية تعني ضمان حقوق الناس وحرياتهم ومنع السلطات الاخرى من التدخل في اعمال القضاء او اغتصاب سلطته عبر سطوة كبار موظفي الحكومة وكبار المقاولين،اي ضمان دفع اي اختلال يساور الاجهزة القضائية في مواجهة التدخلات غير المشروعة والتي قد تدعمها بعض القوى المؤثرة في المجتمع،وفي مواقع اتخاذ القرار،بغرض ارباك العدالة الاجتماعية وتجاوز موازين الحق وتأويل نصوصه الى غير مراميها.الاستقلالية القضائية تعني التزام المؤسسة القضائية بالحيادية وعدم الانحياز لأية جهة كانت،وعدم اخضاع المؤسسة القضائية او قراراتها ليس فقط للسلطة التنفيذية وانما حتى للمصالح الخاصة والسياسية منها،وبالتالي عدم تمكين تلك المصالح من النفاذ داخل جسد القضاء،وتمكنها من احداث  شروخ  تحرف القضاء  عن  مسار الاستقلالية والحياد التي يتطلبها الواقع العراقي ومتطلبات العدالة والقانون.الاستقلالية القضائية تعني الاسراع في تشريع حزمة من القوانين لاستحداث هيئات النزاهة وديوان الرقابة المالية ومجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية والمفتشيين العموميين،هيئة الامن الاقتصادي في وزارة الداخلية!..الاستقلالية القضائية شرط مهم لمحاصرة الفساد!
   من اهم مبادئ اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ان تكفل الدولة وفقا للمبادئ الاساسية لنظامها القانوني،وجود هيئة او هيئات حسب الاقتضاء تتولى منع الفساد بوسائل من قبيل:وضع وتنفيذ او ترسيخ سياسات فعالة منسقة لمكافحة الفساد،تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن ادارة الشؤون والممتلكات العمومية والنزاهة والشفافية والمساءلة.زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها وبجانب ذلك منح الهيئة او الهيئات ما يلزم من الاستقلالية لتتمكن من الاضطلاع بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن اي تأثير لا مسوغ له.
   لابد من وضع القانون الوطني لمكافحة الفساد الاداري الذي يضع توصيفا لحالة المسؤول وتضارب المصالح والتصريح بالممتلكات الشخصية وتوضيح العقوبات الى جانب اعتماده مبدأ الشفافية،واعداد استراتيجية عمل تمتد ما بين ثلاث الى خمس سنوات كخطة لمكافحة الفساد تنطلق عام 2009،واقرار قانون جديد للخدمة المدنية يساعد على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب عبر الاطر التوظيفية الصحيحة واستناد عمليات التعيين والترقية للموظف على اسس علمية.
    من الضروري اصدار قانون يخص هيئة النزاهة وينظم اعمالها من السلطة التشريعية العراقية،فالهيئة لازالت تعمل وفق الامر المرقم (55) لسنة (2004) الذي اصدرته سلطة الائتلاف المؤقت وهو عبارة عن نصوص قانونية ذات نظام (انكلوسكسوني).
    ان  استقلالية القضاء تفرضها الضرورة مثلما تلزمها النصوص الدستورية،وتعني  بناء قضاء مستقل قوي بعيدا عن الانتماءات دون الوطنية وبالاخص الطائفية السياسية والمحاصصة الطائفية والعشائرية والمناطقية واللوبية الضاغطة والحزبية،ويعتمد على رموز قضائية تتمتع بالكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية والحيادية،والاستفادة من تاريخ القضاء العراقي،والحظر الكامل للقضاء الأستثنائي،ومنح الأداريين الصلاحيات القضائية،وتعميق منهج حقوق الانسان في عمل المؤسسة القضائية المدنية منها او الجنائية،اعادة بناء منظومة القضاء العراقي واعادة تأهيله وترميم ماهدمته السلطة البائدة من قيم واسس واعراف قضائية كانت تشكل مقومات البناء القضائي في العراق،تعزيز دور قضاة التحقيق والنظام القضائي الذي يفصل بين سلطة التحقيق والاتهام...ذلك وحده من شأنه ان يدفع بالعملية السياسية الى خطوات ثابتة وراسخة،ويكرس من عدم تواجد احد شخصا كان او حزبا او هيئة او تجمعا فوق القانون...
    ان القضاء الأستثنائي بأشكاله وصوره التي حلت علينا في العراق من السواني والمجالس العرفية والمحاكم الثورية والخاصة ومحاكم امن الدولة ومحاكم جيش المهدي القروسطية ...جميعها مخالفة صريحة لمبدأ استقلالية القضاء ومخالفة للدساتير السائدة ومخالفة لمبادئ حقوق الانسان.
   ان شعور السلطة القضائية ورجالها بأنهم معفيون من المساءلة والحساب،يجعل البعض منهم ينتهك القانون ويتعاطى الرشاوى ويخل بشرف المهنة متسلحاً بقدرته على اخفاء معالم جريمة انتهاكه للقانون.والحديث عن حقوق الانسان والقضاء المستقل ليس مضيعة للوقت،والعبرة ليس فيما تطرحه الدساتير واللوائح والوثائق الحقوقية والسياسية بل في التطبيق وخلق الانسجام المتكامل بين الحرية الفردية والامن العام،فالامن لا يقف على مفترق طرق مع حقوق الانسان لانه بذاته حق انساني وحق في الحياة المعقولة،ويرتهن امن الفرد بامن الجماعة،ويعتمد التمتع الخاص بالحق على التمتع العام به.الحرية والامن ينتميان الى مصدر واحد،والبلاد الحرة اكثر امنا من البلاد غير الحرة!.بانتهاك حقوق الانسان تتجه البشرية الى الهمجية وتصبح الحضارة اداة لهمجية حديثة!
   سيبقى الفساد الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،وما دام المواطن دون ضمان صحي ولا ضمان اجتماعي ولا ضمان شيخوخة ولا ضمان للعاطلين عن العمل،وما دامت المرأة لم تدخل لحد الان في معادلة التوازن الاجتماعي للوجود الانساني،ومادام الطفل يولد ويترعرع في بيئة الشد والجذب دون قواعد قانونية صلبة تضمن حاضره ومستقبله..وحتى نصل الى آليات فعالة لمحاربة الفساد،ما علينا الا ان نضع استراتيجية مكافحة حقيقية/معاقبة الفاسدين/وقاية جدية/التوعية والتثقيف/وقبل كل ذلك قيادة سياسية مؤمنة ايمـانـا حقيقيا بتغيير هذا الواقع المر!المطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم ورجال الدين بمختلف درجاتهم،وبغض النظر عن مواقعهم،وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!وباتت المطالبة بعلنية جلسات محكمة الجنايات العليا في القضايا الخطيرة المرفوعة امامها مطلبا شعبيا،ونحتج بشدة ونعارض كل المحاولات الرامية الى تركيع القضاء المستقل!
    تواجه القضاء العراقي اليوم مهمة :
1.   التعجيل في احالة الذين يجري القاء القبض عليهم الى المحاكم ومحاكمتهم ، وعدم التهاون في الاحكام التي لا تتناسب مع حجم او نوع ما جرى اقترافه من جرائم يندى لها الجبين! الامر الذي يشجع المجرمين على اقتراف المزيد من الجرائم ناهيك عن ان بقاء الموقوفين بالسجون دون محاكمة يعد انتهاكاً لحقوق الانسان ...
2.   فرض سلطة القانون،لا سلطة الولاءات الضيقة.
3.   ان لا تتحول السلطة القضائية الى بنت هوى لأية سلطة تنفيذية!
4.   البحث والتحقق في ذمم رجال القضاء للمحافظة على القانون باعتباره الوسيلة الاهم للحفاظ على السلم الاجتماعي وتحديد الحقوق والواجبات للمواطنين تجاه الدولة والمجتمع.
5.   باتت المطالبة بعلنية جلسات محكمة الجنايات العليا في القضايا الخطيرة المرفوعة امامها مطلبا شعبيا!

•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!
 
  لا تشكل الحكومة الالكترونية خطرا على القوة العاملة بقدر ما تعمل على اعادة توزيعها وهيكلتها،لأنها تؤدي الى احداث تغييرات جذرية وجوهرية في المفهوم الاداري والفني للموظف وفي عملية اختيار الموظفين وتعيينهم.والحكومة الالكترونية تستدعي اعادة رسم السياسات التعليمية وثقافة المجتمع نحو تكنولوجيا المعلومات بهدف تطوير الكوادر البشرية المناسبة.ومن العقبات التي تواجه الحكومة الالكترونية،الامية الالكترونية والحاجز الرقمي وتخلف البيئة التحتية للاتصالات والمعلومات وعدم مواكبة التشريعات والنظم الادارية للمستجدات وضعف الوعي العام بأهمية ومزايا تطبيقات الحكومة الالكترونية.هذا يستلزم توفير البيئة المتخصصة للاتصالات والمعلومات والعمل على زيادة انشاء واستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات بين الافراد والجماعات والعمل على انشاء مراكز الكترونية قريبة من التجمعات السكانية ومراكز البريد والمرافق العامة المختلفة.
   لقد نصت احدى توصيات المؤتمر الذي اقامته وزارة العلوم والتكنولوجيا عام 2009 تحت شعار:"نحو خدمات افضل في العراق"على اهمية خدمة المواطن والتعامل معه كشريك وليس كمتلق لها،وتوفير شفافية في عمل الحكومة بما يجعلها اداة فاعلة لمكافحة الفساد بشتى انواعه،وان انعكاس توفير الخدمات الالكترونية على الحكم سيكون واضحا وملموسا جراء تبسيط الاجراءات الذي ينجم عنه التقليص في هرم الهيكلية الادارية الحكومية ومؤسساتها الخدمية ويتبع ذلك ـ طبعا ـ تحسين الاداء والارتقاء بالنوعية.فالحكومة الالكترونية تقطع عن بؤر الفساد في البلاد الكسب الحرام الذي هي معتادة عليه،وان معاملات المواطنين تنجز خلال يوم واحد بدلا من اشهر!الا ان هذه البؤر تعمل دون كلل بالتأكيد على عرقلة وتعطيل التطبيق الالكتروني الجديد،والعودة بالدوائر الى حالة اسوأ مما كانت عليه من قبل!
   ان الحكومة الالكترونية وتطبيقاتها الادارية لا يمكن لها ان تعمل بنجاح في بلد يتفشى فيه الفساد الاداري والمالي،ومع دائرة يتلذذ مديرها بمراجعة المواطنين من وراء الشبابيك والاسيجة تحت اشعة الشمس الحارقة،وفي مؤسسة اعتاد موظفيها على ابتزاز المواطن واستغلاله،ومع فكر اداري ضيق منغمس في الفساد والمصلحة الشخصية!
     الوزارات العراقية متلكئة في مكافحة الرشوة ومحاسبة المفسدين،والموظف المرتشي لا يتعاطى الرشوة الا بعد تأمين طريقه واعتماده على من هو اعلى منصبا ليحميه ويدافع عنه عند افتضاح سره،بل ويطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المشتكين.بعض الوزارات باتت اقطاعيات لفئات ذات صلة بالسيد الوزير،وتحولت الى تجمعات لحزب سياسي ينتمي اليه الوزير او المسؤولون الكبار في الوزارة الذين يجيدون لعبة المراوغة وعرفوا من اين تؤكل الكتف!من يحمي المواطن البسيط من الذئاب المتواجدة في بعض الدوائر والمتضامنة مع بعضها في عملية الفساد؟وتلك الذئاب البشرية تستطيع بسهولة تسخير القوانين ضد كل من يقف في طريقها الفاسد.القوانين التي من شأنها تعزيز سلطات المحققين والمعنيين بمحاربة الفساد معطلة داخل البرلمان،مما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاحات،وتبدو هذه الصعوبة واضحة في محاولات وزارة الداخلية التخلص من الجنود الأشباح مثلا.ولم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2003 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!
   لابد من مكافحة الفساد وتغيير النهج الفكري والاخلاقي للعاملين في مؤسسات الدولة،لأن الحكومة الالكترونية ليست واجهة اعلامية فقط!وبامكان البؤر الفاسدة في بلادنا تسخير الحكومة الالكترونية لمزيد من هدر المال العام وسرقة قوت الشعب والابتزاز والرشوة وغسيل الاموال واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات وبيع الوظائف والاختلاس وتجارة السوق السوداء واقامة مجتمع الارتزاق وتدمير منظومة القيم الاجتماعية.
  تحتاج معالجة الفساد الى جهود كبيرة وفترة زمنية ليست بالقصيرة،يشمل ذلك وضع البرامج لمعالجة هذه الظاهرة على كل الاصعدة ابتداءا من مناهج التربية والتعليم واعادة تشكيل شخصية المواطنة العراقية ومسؤوليتها ازاء بناء العراق،واعادة ثقة المواطن بعملية البناء ومحاربة الفساد على اساسها،لا ان تكون البرامج المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة برامج تخدم حملة انتخابية او تبؤ منصب ما في الدولة العراقية.ولابد من الدعوة لعقد مؤتمرات موسعة حول الحكومة الالكترونية والمساهمة في مكافحة الفساد والتحول الى مجتمع معلوماتي.وهذا يتطلب التأكيد على ان يكون نظام الادارة في المنظمات نظاما قائما على اساس الانفتاح والديمقراطية،تطوير الاجراءات والنظم الادارية الخاصة باداء الاعمال واختيار العاملين.


راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....

•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011


بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261569
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثامن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261640
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم التاسع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261680
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم العاشر
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261738
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الحادي عشر
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261805



96
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الحادي عشر

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!

•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!


    تؤكد تقارير المنظمات الدولية ان الحكومة العراقية التي يترأسها نوري المالكي – بعهديها الاول والثاني - اخفقت في الوصول الى الامنيات ومجمل الاهداف التي كان ينشدها الشعب العراقي والقوى الوطنية والديمقراطية العراقية التي انشغلت باسقاط دكتاتورية صدام حسين لتحقيق اهداف سامية يقف في مقدمتها الموقف من الديمقراطية،ومن نظام الحكم والادارة في بلادنا،وتطويع الموارد البشرية والقدرات المادية لرفع الحيف والمظالم التي جرت على الشعب العراقي بطبقاته وفئاته الاجتماعية،وخاصة الكادحة والفقيرة!ولم تتلكأ التجربة الديمقراطية العراقية الوليدة في الاداء الحكومي فقط ،كما يحلو لبعض من هذه القوى ابرازه للعيان كانتقادات خجولة،بل منيت بالفشل بعد ان عولت عليها الادارة الاميركية والقوى الاقليمية ان تكون تجربة ريادية في البلاد العربية والشرق الاوسط على المستويات الاقتصادية والسياسية والامنية وما يتعلق بالنزاهة.لقد حملت هذه التجربة تناقضاتها الصارخة منذ ولادتها عام 2003،لأن سياسات الاحتلال والشركات الغربية اعتمدت،وتعتمد موضوعيا في كل زمان ومكان،على الولاءات دون الوطنية،والتخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية،والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية،على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!
    الارهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش،كما ان ضحايا الفقر هم ضحايا الارهاب!لقد كان الفقر عنوانا كبيرا من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين،وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية.فالسياسة التي تمارسها الحكومة العراقية ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي،عواقبها وخيمة للغاية،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه!ولا تعالج الازمات السياسية والاقتصادية بعصا سحرية وبالتأمل وحده،او التعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر"!
    يمتد مؤشر خط الفقر افقيا بشكل خطير بفضل سياسة بول بريمر والحكومات العراقية التي تعاقبت على السلطة،وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان!وتتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي ليزداد الفقراء فقرا،ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة اقتصاد التساقط(TRICKLE – DOWN ECONOMY) ومجتمع الرشاوي والارتزاق،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بلادنا،وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
    كان انبعاث الطائفية والولاءات الاخرى دون الوطنية كالعشائرية،والتنظيمات السياسية التي مثلتها،تراجعا حضاريا وارتداد رجعيا خطيرا تجاوبت معه الحركات السياسية المختلفة والحكومات المتعاقبة بدرجات متباينة.واستمدت مراتب هذه الولاءات قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة والعشيرة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية،لتغتصب وتكدس الثروات وتنمي ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة اخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة!وتعمل الحكومة بثبات على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء هذه الولاءات،دولة اللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية،دولة الاتيكيتات الدبلوماسية والدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل الميليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.
    هل تنص المادة 76 او اي فقرة في الدستور العراقي على ان رئيس الوزراء يجب ان يكون شيعياً ومرتبط بالحوزة الشيعية في النجف؟ومتى ولماذا ومن أسس التحالفات الشيعية(بواجهاتها الكارتونية – تحالف وطني ودولة قانون..الخ من المسميات)وبرعاية من!؟ان حرمان ابناء (الاقليات) من تولي المسؤوليات الحكومية من باب سنة وشيعة هو سلب صارخ لاحد اوجه حقوق المواطنة من لدن الاقليات الدينية!وهو خرق سافر للدستور الذي يلغي التمييز بين المواطنين.ومن اين جاءت شعبية المالكي كي يحصل على اكثر من مليوني صوت في الانتخابات و 89 من مقاعد مجلس النواب؟ماهي انجازات المالكي وماهي مآثره على مستوى الأمن والخدمات ومحاربة الفساد؟نوري المالكي أسس دولة القانون من خلال احياء العشائر وتأسيس مجالس اسناد له،وتوزيع هبات وتعيينات ومسدسات بأموال الدولة العراقية،واستحواذه على وسائل اعلام الدولة..اليس هذا سرقة واستغلال نفوذ؟الا يكفي هذا كمستمسكات لمحاسبة المالكي ومحاكمته بدلا من تكليفه برئاسة حكومة!؟كبار الفاسدين يتستر عليهم رئيس الوزراء وتجري ترقيتهم مثلما حصل مع السوداني والخزاعي وخلف عبد الصمد و..و..!
   ليس امامنا الا المطالبة الجادة من المدعي العام العراقي والقضاء العراقي ورئاسة مجلس القضاء العالي ورئاسة الجمهورية العراقية بتشكيل لجنة تحقيقية عراقية ودولية مختلطة للقيام بالتحقيق الفوري بكل تلك التهم الموجهة لرئيس الحكومة والحكومة العراقية والقوات المسلحة،التي هي تحت امرة الحكومة،والجهات الأخرى للوصول الى النتائج الفعلية من اجل نفي تلك التهم او تقديم المسؤولين الى المحاكم لينالوا الجزاء العادل/ اما البراءة او الادانة.لا ينفع رئيس الحكومة ان ينشر مكتبه الخاص انكاراً لتلك التهم،ولا ينفع ان تعزى تلك التهم الى محاولة الاساءة لرئيس الوزراء بذريعة وجود مؤامرة ضده!بل ان ما يقنع الناس هي النتائج التي تخلص اليها لجنة التحقيق المشار اليها!ولم تحاكم الحكومة امام الملأ وعلى شاشات التلفاز،اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يتسترون على المجرمين ويقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة والعقاب.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة المحاكمات امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.ان خيرة ابناء شعبنا اعتلت اعواد المشانق في الحقبة المظلمة،وكانت لا تهاب الموت من اجل الوطن!شهداء شعبنا العراقي ليسوا سلعة في الوزارات الفاسدة،ومنها وزارات التجارة والنفط والمالية والتربية والكهرباء!
   وبات جليا للقاصي والداني مهازل عهدي الجعفري والمالكي في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان،الانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع،والتدخلات السافرة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات المهنية!والاخطر من ذلك كله هو سعي كلا العهدين لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،لأن عقود الخدمة النفطية الجديدة ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وكل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو السلحفاتي شبه المتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة هدد ويهدد الانسجام الاجتماعي!
    لو استقطعنا المبالغ المصاريف التي لا علاقة لها بحكومة السيد المالكي وهي مبالغ السلطات الفيدرالية الكردستانية ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب وغيرها من الدوائر غير المرتبطة بالحكومة،وكذلك المنح الدولية الضخمة التي دخلت في مجال مساعدة المؤسسات الحكومية،فان مجموع المتبقي يضاهي 200 مليار دولار!ميزانيات وموازنات مالية عامة خيالية في تاريخ العراق السياسي الحديث والمنطقة ما عدا بعض دول الخليج!هل كانت هذه المبالغ قليلة لكي يشكو السيد المالكي،اكثر من مرة،من تآمر مجلس النواب عليه؟هل ياترى ان هذه المبالغ لم تكن كافية ما يمكن الحكومة العراقية تحسين اوضاع الكهرباء والصحة والبطاقة التموينية والنفط والأمن والتعليم وشبكة الحماية الاجتماعية والتربية وتحقيق فرص عمل اكثر للعراقيين؟
   وفق التقارير المعتمدة لهيئة النزاهة،فقد بلغت خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى عام 2010، 250 مليار دولار بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي،وخسر العراق خلال هذه الفترة 45 مليار دولار من تهريب النفط الخام و 45 مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية،وجرى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنويا دون ان ترف لها جفون قادة عراق اليوم.وتم انفاق 17 مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال نفس الفترة،والكهرباء تسير من سئ الى أسوء!
   اللغة الرسمية للحكومة،اللغو والكلاملوجيا،لا تتماشى مع واقع جديد يريده الناس لحياتهم الجديدة.انهم لا يريدون  حلولا زائفة،بل مواقف صارمة بوجه الفساد.يريدون صولات جديدة تعيد الحق الى نصابه،ونظاما ديمقراطيا يؤمن شراكة حقيقية بين الدولة والناس والبرلمان،والا فان العقد الاجتماعي العراقي لن يظل صامتا حين تتهافت الديمقراطية العراقية وحين تظهر شقوق في العقيدة الوطنية على حساب لملمة العقيدة الطائفية.
   الوزارات العراقية متلكئة في مكافحة الرشوة ومحاسبة المفسدين،والموظف المرتشي لا يتعاطى الرشوة الا بعد تأمين طريقه واعتماده على من هو اعلى منصبا ليحميه ويدافع عنه عند افتضاح سره،بل ويطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المشتكين.بعض الوزارات باتت اقطاعيات لفئات ذات صلة بالسيد الوزير،وتحولت الى تجمعات لحزب سياسي ينتمي اليه الوزير او المسؤولون الكبار في الوزارة الذين يجيدون لعبة المراوغة وعرفوا من اين تؤكل الكتف!من يحمي المواطن البسيط من الذئاب المتواجدة في بعض الدوائر والمتضامنة مع بعضها في عملية الفساد؟وتلك الذئاب البشرية تستطيع بسهولة تسخير القوانين ضد كل من يقف في طريقها الفاسد.القوانين التي من شأنها تعزيز سلطات المحققين والمعنيين بمحاربة الفساد معطلة داخل البرلمان،مما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاحات،وتبدو هذه الصعوبة واضحة في محاولات وزارة الداخلية التخلص من الجنود الأشباح مثلا.
  وفرت المحاصصة غطاء لسراق المال العام وللمفسدين،والعمل على قاعدة اسرق واهرب الى طائفتك وقبيلتك وحزبك وقوميتك"انهب كما تشاء واهرب من القضاء- هذا لك وذاك لي- ورقني واورقلك"،بل وصل الأمر الى العبث في تفسير النصوص القرآنية لانتزاع الاعتراف الآلهي بآهلية الفاسد وفساده،واللهاث وراء الفتاوى الدينية لتحريم الحلال وتحليل الحرام.
   ابتكار الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وباية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!

بعض من مظاهر الفساد الكبرى المعلن عنها فقط


•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!

   طالبت مؤسسة الشهداء التابعة لمجلس الوزراء العراقي رئاسة مجلس النواب بالاعتذار من المؤسسة ورئيسها خلال جلسة علنية،او تقديم ادلة على الاتهام الذي وجهته النائبة مها الدوري في المجلس بأن المؤسسة تمارس الفساد الاداري.وقال رئيس مؤسسة الشهداء خلف عبد الصمد خلف ان"اعضاء مجلس النواب عليهم مسؤولية التأكد من المعلومات قبل الكيل بالاتهامات لمؤسسة الشهداء التي تعمل وفق الضوابط والتعليمات الوزارية"!وتأتي هذه المطالبة عكس التيار الشعبي الاحتجاجي الجارف المطالب بمكافحة الفساد داخل اروقة الحكومة العراقية!وفي محاولة لتبرئة مؤسسة الشهداء من تهم الفساد كونها اسمى من بقية الدوائر الحكومية لارتباطها بموضوعة شهداء الشعب العراقي الذين يبقون جميعا في الذاكرة خالدين مدى الدهر!
   تناست وتتناسى مؤسسة الشهداء ان شهداء الشعب أبوا ان يتحولوا الى بيادق لتنفيذ سياسات تحويل ابناء الشعب الى قطيع من الارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة في كل زمان ومكان والى بوق في الفيالق الميكافيلية الاعلامية المهللة لها.كان الشهداء شجعان وجسورين،قادة ميدانيين،مناضلين حازمين عصاميين آثروا العمل والكدح في بلادنا وعواصم المنفى على حياة الترف والزيف واروقة الفساد.وستبقى ذكراهم ملهما لمواصلة النضال من اجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وضد الارهاب والفساد وثقافتهما السادية!
   كما تناست مؤسسة الشهداء انها جزء من الماكنة الحكومية التي تتخبط بأزمتها السياسية والطائفية والاجتمااقتصادية،وبالتالي جزء رئيسي من الفساد المستشري في بلادنا!فقد كانت حكومات السيدين ابراهيم الجعفري ونوري المالكي نموذجا للفساد السياسي والمالي والاداري،اساءت التصرف بالمال العام،ولم تتمكن من الوصول الى ارقام ترى بالعين المجردة للتقدم في ملفات الخدمات المطلوبة للمواطنين!
   والعراق اليوم يخلو من قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد واحد للقضاء على جرائم الفساد الكبرى في الاعوام المنصرمة.ووفق تقارير منظمة الشفافية الدولية وبقية المنظمات الدولية ان مسؤولي الحكومة العراقية وفي مختلف المستويات يمارسون النهب المنظم للدولة وثرواتها ليتكامل مع اقدام المحتلين على تبديد مليارات الدولارات من الاموال العراقية!وكون الفساد اليوم وباء مستشريا ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة العراقية ودوائرها،والمكاتب والشركات الوهمية والنشاط التجاري الخاص وديناصوراته،لا يعني سوى خطل وفشل هيئات مكافحة الفساد في العراق والمفوضيات المستقلة(خاصة هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات)،ديوان الرقابة المالية،مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات،الادارات الامنية في وزارة الداخلية،لضمان استمرار الأمانة والشفافية في الاداء الحكومي ومساءلته من قبل الشعب العراقي.وقد اكدت هيئة النزاهة مرارا ان عدد القضايا التي صدرت فيها الاحكام لا يتناسب مع عدد القضايا المحالة من قبل الهيئة الى القضاء العراقي.ويبو ان الفساد قد امتد حتى الى مفوضية النزاهة نفسها،والتي اعلنت في 25/3/2010 عن اعتقال دائرة الجرائم الكبرى معاون المدير العام في الهيئة الذي كان يشغل منصب المسؤول الامني سابقا(اضافة الى انه كان  لواء في الجيش العراقي السابق الذي تم حله من قبل الحاكم المدني الامريكي بول بريمر)بتهمة الفساد ومحاولة اغتيال!
   ان قيام مؤسسة الشهداء بالتعاقد مع شركة اجنبية(تخصيص مبلغ 600000 - 3000000 دولار)لاقامة معرض صور في 8 بلدان اوروبية وايفادها 25 موظفا،هو فساد مالي واداري مع سبق الاصرار!وهل تحققت المؤسسة من سجل وتاريخ شركة(فلاي وان)؟!وهل تخلصت مؤسسة الشهداء من المحاصصة والشراكة الوطنية التي وفرت غطاء لسراق المال العام وللمفسدين،والعمل على قاعدة اسرق واهرب الى طائفتك وقبيلتك وحزبك وقوميتك"انهب كما تشاء واهرب من القضاء- هذا لك وذاك لي- ورقني واورقلك"،بل وصل الأمر الى العبث في تفسير النصوص القرآنية لانتزاع الاعتراف الآلهي بآهلية الفاسد وفساده،واللهاث وراء الفتاوى الدينية لتحريم الحلال وتحليل الحرام.ابتكار الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وباية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!
   يذكر ان تعامل المواطن مع المؤسسات الخدمية ومنها مؤسسة الشهداء يقوم على الأصول في دفع الرشوة!بهدف تجنب العراقيل ‏‏الادارية التي يضعها الموظف والدائرة امام انجاز معاملاتهم،والاسراع في ‏انجازها،وبسبب طلب الموظف المعني للرشوة،او لكون معاملاتهم غير اصولية.وبذلك يتحول الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية،واهم مظاهره الرشوة.لقد تحولت الرشوة في بلادنا الى لزوم مهم للمشاريع ولتسيير بعض حلقات العمل الاداري هنا وهناك،وممارسة اجتماعية ناجعة للحصول على الحقوق.ولا يمكن لكاشفي وفاضحي الفساد الاستمرار،ما لم يكونوا ذوي نفوذ وقدرة وسلطان،والا عليهم الهروب او التراجع!
   لم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2003 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!وقد ضغطت حكومة السيد نوري المالكي على المفوضية المستقلة للنزاهة في سبيل اخفاء العديد من الملفات(ملف السوداني وزير التجارة وسرقة قوت الشعب،وملف فساد كريم وحيد وزير الكهرباء السابق ووكيله رعد الحارس،وفضيحة خضير الخزاعي والكمبيوترات والابنية المدرسية في وزارة التربية،وفضيحة اجهزة كشف المتفجرات...والعشرات من القضايا التي تشير الى المواقف الهزيلة اللا مبالية بما جرى من فساد في هذه القطاعات)،الذي يؤكد ان الحكومة العراقية تبيح لنفسها التدخل في شؤون مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين ومؤسسة الحج والمفوضيات المستقلة كالنزاهة،بداعي ان معيار عراقيتها وضرورة انتخابها على اساس المحاصصة يفوق معيار كونها مستقلة تخضع لآليات انتخابية خاصة بها،ولتغير مجالس ادارتها وطاقمها اكثر من مرة!لا لشئ يذكر سوى ان الذين يجري اقصاءهم قد حملوا الحكومة العراقية ورئيسها مسؤولية حماية الفساد في اجهزة الدولة عير حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم ما ادى الى خسارة البلاد مليارات الدولارات،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم،في الوقت الذي يؤكد فيه المالكي نفسه مرارا وتكرارا،ان المسلحين والفساد ينخران جسد الدولة العراقية.لقد وقفت المادة 136 من قانون اصول المحاكمات الجنائية والتي تشترط موافقة الوزير المعني على احالة المتهم الى المحكمة،وقفت عقبة امام سير الدعاوى بسبب عدم موافقة الكثير من الوزراء الامر الذي اغلق الدعاوى،والمبالغ التي اغلقت الدعاوى فيها بلغت مئات المليارات من العملة العراقية.
    الفساد هو انتهاك لمبدأ النزاهة واساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص،واخطره الفساد السياسي او استخدام السلطات من قبل المسؤولين الحكوميين لغرض تحقيق مكاسب خاصة غير مشروعة،وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية،واكثره شيوعا هو المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال والطائفية ومحاباة الاقارب والمحسوبية والاختلاس.ورغم ان الفساد السياسي يسهل النشاطات الاجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال والدعارة الا انه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم او يحمي بالضرورة الجرائم الاخرى.
يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة،على صعيد المدرسة والجامعة والجامع والمعبد والحسينية و الجمعيات الانسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والمستشفى والدوائر الحكومية حتى اعلى منصب سيادي!الفساد  يشكل الوجه الآخر للارهاب من تفجير وقتل وخطف،لأنه ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الانسان ويخرب حياته.وتعمل المافيات والعصابات الشللية والصكاكه والقفاصة والعلاسة والوراقة على عرقلة وتعطيل العملية السياسية او اي مشروع وطني يخدم الوطن والناس.وساعدت  الاجراءات الحكومية في ان يتخذ الفساد هذه المديّات الخطيرة بحكم تدفق الأموال من دون اجراءات صرف وفق الاصول،وعدم وجود نظام بسيط لحصر ما يتم العثور عليه في الوزارات والمصالح الحكومية.
   لم تتخل مؤسسة الشهداء وبقية الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف فيها،هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم.الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها،رغم تشريع دستور دائم،ويقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة!وتبدو الالاعيب الادارية،واختلاق المبررات،والاختلاسات والرشاوي،والابتزاز،وممارسة التجارة غير المشروعة،وغسيل الاموال،سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف،واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات،محاباة الاقارب والاصدقاء والمعارف،سوء استغلال المعلوماتية للتداول بالاسهم،...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم.ويؤثر انتشار الفساد عبر الرشاوي والاكراميات مقابل الحصول على الخدمات والتراخيص والمستحقات ورفع الاسعار،سلبيا على مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....

•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011

بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261569
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثامن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261640
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم التاسع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261680
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم العاشر
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261738


97
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم العاشر

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!

•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!


    اصدرت وزارة التخطيط  في وقت سابق احصائيات اولية عن الشعب العراقي،كما اصدرت وزارة الداخلية احصائيات عن القتلى والجرحى والمفقودين بسبب الاعمال العسكرية او بسبب الاختطاف منذ عام 1980 حتى عام 2008،وتشير هذه الاحصائيات التي تتقارب الى مع احصائيات الامم المتحدة الى ارقام مخيفة:4000000 مهاجر ومقيم خارج العراق/4400000 طفل وطفلة يتيمة/2300000 قتيل/1200000 ارملة/350000  معوق/160000 مفقود او مختطف / 145000 مطلقة!
    لقد شرعت الحكومة العراقية اثر تدهور الاوضاع الامنية في البلاد بتشكيل عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها، ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها!حالها حال محاولات اسدال الستار على فضائح فساد برنامج النفط مقابل الغذاء كأكبر فضيحة مالية في تاريخ الأمم المتحدة،وفساد مسؤولين رفيعي المستوى في المنظمة الدولية،ومحاولات طمس الحقائق عن نهب المليارات من اموال شعب يعيش اكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر،على الرغم من ان ميزانيته وصلت حوالي 100 مليار دولار..ويؤكد رئيس لجنة النزاهة والاصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي(هنري واكسمان) انه ربما نكتشف ان الاموال التي اهدِرت او ذهبت في الفساد ضمن العقود"قرابة 23 مليار دولار"هي اكبر عملية تربح من حرب في التاريخ!!الحقيقة الماثلة امام العراقيين اليوم دون استثناء هي ان من يقف وراء الارهاب والفساد ويحتضنه اليوم في بلادنا هم ليسوا سوى كبار الضباط في الاجهزة الامنية وضمن القوات الخاصة المسؤولة عن حماية نوري المالكي واعضاء في الاحزاب السياسية المتنفذة!
    اللجنة البرلمانية المشكلة لتقصي الحقائق عن هروب الارهابيين من سجن مجمع القصور الرئاسية في البصرة،ولأول مرة في تاريخ اللجان العديدة التي شكلتها الحكومات المتعاقبة،قد خالفت المألوف وتوصلت الى تبيان الملابسات والاحداث وشخصت المتورطين والمتواطئين وبينت الترتيبات التي مهدت لهروب السجناء!وكشف التقرير عن تورط كبار الضباط المقربين للمالكي العاملين في مكتب الأمن والمتابعة الخاص والمرتبط به مباشرة بالحادث،منهم مدير مكتبه المدعو ابو علي البصري وابن أخته النقيب عمار عبد الزهرة...!وكشف التقرير الستار عن الاسباب الحقيقية التي تفسر عدم اعلان نتائج كل لجان التحقيق التي عادة ما يشكلها المالكي بعد كل اختراق او كارثة امنية اذ يغلق التحقيق ويسدل الستار على المأساة وينفض الجمهور وتضيع الحقيقة مثلما تضيع دماء العراقيين،رخيصة لا يهتم بها احد.
   يذكر انها ليست المرة الاولى التي يتورط فيها مكتب الأمن والمتابعة الخاص المرتبط برئيس الوزراء باعمال تهريب الارهابيين والمجرمين،ولازالت حاضرة في الذهن عملية تهريب اخطر اربعة عناصر من تنظيم القاعدة من سجن بابل ارتكبوا عدة عمليات تفجير في شوارع بابل واسواقها الشعبية وقاموا بعمليات قتل في منطقة شمال بابل طالت عدد كبير من اهالي اللطيفية واليوسفية،والمعلومات التي توافرت تشير الى تورط اشخاص نافذين في حزب الدعوة ومقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي في العملية التي تم بموجبها تهريب الجناة الى ايران ايضا.كما كشف مصدر امني عراقي مسؤول بأن خمسة من قيادات جيش المهدي تمكنوا من الهروب من سجن التاجي شمال بغداد 19/5/2011،وتفيد المعلومات الى تورط قوة من مكتب رئيس الوزراء،كلفت بنقلهم مع عدد من المعتقلين الى احد سجون العاصمة،بالموضوع!
  ان تواطئ كبار ضباط الأمن والمتابعة الخاص برئيس الوزراء بقضية تهريب السجناء يشير الى تورطهم بجرائم القتل بالكواتم واللواصق،وتورطهم بعملية سجن استخبارات الكرادة التي سقط فيها العديد من رجال الشرطة وكبار رجال الامن،ويفسر بان الجناة على معرفة مسبقة بأوقات تحرك الضحايا والطرق التي يسلكونها،ويدل على التورط الايراني الكبير بأعمال العنف والقتل وسفك الدماء في العراق،ما يقطع أي شك بوجود تعاون وثيق بين القاعدة وايران وبعث سوريا وفاسدي العراق!ويؤشر هذا التورط الى اهمية مطالب الشعب الاحتجاجية باصدار الاوامر باعتقال المطلوبين وعزلهم من مناصبهم واحالتهم على التحقيق وانزال اقصى العقوبات بهم!الى جانب الغاء المؤسسات غير الدستورية او الميليشيات الحكومية،وهي مكتب القائد العام وجهاز مكافحة الارهاب ووزارة الامن الوطني والاجهزة الامنية التابعة لمكتب رئيس الوزراء،واعادة تثقيف الشارع العراقي بآليات عمل جهاز مكافحة الارهاب ومرحلة قانون الطوارئ من خلال اعادة تعريفه كجهاز يخدم امن البلاد فقط!
     نعم،"كاتم الصوت"بات التحدي الأمني الاول امام المؤسسات الأمنية التي لم تنجح بإيقاف نزيفه حتى اليوم بسبب الفساد المالي والاداري!واعلنت عمليات امن بغداد ان المسلحين الذين يرتبطون بجهات متنفذة في العملية السياسية استخدموا اسلحة مزودة بكواتم للصوت وقنابل لقتل اكثر من 38 مسؤولا منذ اوائل عام 2011،وذكرت مصادر في وزارة الداخلية بأن 51 عملية قتل من هذا النوع على الاقل وقعت خلال هذه الفترة!ويمتلك المسلحون شارات دولة وتراخيص قانونية بحمل السلاح،ويتتبعون ضحاياهم لايام قبل ان يطلقوا عليهم النيران التي لا تجذب الانتباه او يثبتون قنابلهم اللاصقة في سيارات الضحايا.هل من حق متنفذي العملية السياسية الجارية اليوم ان يحصنوا نفسهم في منطقة تحيط بها الكتل الكونكريتية والأسلاك الشائكة والكلاب البوليسية والحمايات،ويتركوا شعبهم للمفخخات والعبوات اللاصقة والاغتيالات؟يذكر ان قيادة عمليات بغداد اعترفت الربع الاول من عام 2011 ان الاغتيالات بأسلحة كاتمة للصوت في بغداد ضد المئات من كبار ضباط الجيش والشرطة والاستخبارات وكبار موظفي الدولة تنفذها "مليشيات شيعية"،وليس تنظيم القاعدة الذي ظلت قيادة عمليات بغداد تتهمه بتنفيذ هذه الاغتيالات طوال العامين الماضيين.كما اكدت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد ان معظم منفذي عمليات الاغتيال بالأسلحة الكاتمة للصوت ينتمون الى الاجهزة الأمنية،كما ان قسما منهم يحملون باجات مزورة.
   يتعرض العراقيون والمحققون لتهديدات عشائرية من المسؤولين والمستثمرين والمقاولين المتورطين في اعمال الفساد،مع تقدم التقاليد العشائرية على القانون وتدخلها في ادارة الدولة والسياق الوظيفي.وتتوزع التهديدات بين التهديد بالقتل تطلقها العصابات والمافيات والمنتفعين والمتنفذين،والتهديد السياسي والمقاضاة بموجب قانون القذف والتشهير،والتهديدات الادارية وعرقلة اقرار القوانين المعنية بمكافحة الفساد!ويبدو ان محاولات اعاقة الغاء المادة "136 ب" من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 هي بحد ذاتها شرعنة للفساد الحكومي على اعلى المستويات وتستر فاضح صلف على الارهابيين الجدد في المفاصل الحساسة للحكومة العراقية،وهذه جريمة فساد كبرى تمهد للعراق السقوط في متاهات الفاشية الجديدة!ولا توجد في الافق اية محاولة لمحاكمة كبار رموز الفساد امام محكمة شبيهة بمحكمة الجنايات العليا،التي حاكمت رموز الاستبداد في النظام المباد ومجرميه،بصورة علنية وشفافة،لانها ستفضح مهازل وجرائم العصابات السياسية المتنفذة التي باتت روائحها تزكم الانوف!عصابات هي الابن الشرعي لليبرالية الاقتصادية الجديدة وللجمع بين صفات(السياسي والتنفيذي والمقاول) لدى الكتل السياسية المتنفذة داخل الحكومة وخارجها،وفي مجالس المحافظات!
   حرائق الوزارات في العراق باتت عرفا سائدا،فكلما تمتد الايدي بالاشارة الى وجود فساد في وزارة معينة نصحو على حريق يلتهم طوابق معينة فيها،وفضيحة الفريق عدنان الاسدي وكيل وزير الداخلية الذي كانت شهادته مزورة والذي احرق مكتبه في الوزارة حال افتضاح امر شهادته معروفة للجميع،وكذلك الحرائق المتكررة داخل وزارات المالية والصحة...،وجرائم الفساد الاداري والمالي ذات طابع جنائي لا يمكن ان تسقط بالتقادم او انتهاء فترة خدمة المسؤول وخروجه من منصبه كما يعتقد بعض الوزراء السابقين!ومن اهم ملفات الفساد الحالية التي تم الكشف عنها وتصنف ضمن جرائم الفساد الكبرى والتي لا تقل خطورة عن جرائم الدكتاتورية البائدة ان لم تفوقها هي...صفقة شراء الطائرات المدنية الكندية الصنع (شركة بومبرديه) لصالح وزارة النقل وصفقة اجهزة كشف المتفجرات،واعمار مدينة الصدر،وملفات تتعلق بالبرنامج الاميركي للاعمار،وصفقة طائرات اف 16 الاميركية وعقود تجهيز الاسلحة المسماة الـ(FMS) الاميركية منذ عام 2006!،وقضية مستشار رئيس الوزراء حسين الشامي،صفقة استيراد نشارة الخشب المطلية باللون الأسود بدل الشاي،فضيحة 30 طن من زيت الطبخ الفاسد،صفقة الخمسة ملايين طن من الحليب الفاسد التي تم الكشف عنها عام 2009،صفقة الحليب الفاسد الجديدة التي اثيرت مؤخرا!وصفقة استيراد رؤوس التوليد الكهربائية واستبدالها بلعب اطفال وآلات يدوية بسيطة!يذكر ان وجبة غداء اعدها احد السياسيين النافذين كلفت ميزانية الوزارة الـ 17 مليون دينار عراقي لا غير،اي كان التعمد وسبق الاصرار نافذا في استغلال اموال الوزارة وصرف المبالغ المالية على دعوات الاصدقاء،ومن اموال الموازنة الاستثمارية!!وبمصادقة البرلمان على تعيين 3 نواب لرئيس الجمهورية،تكون الكتل السياسية المتنفذة قد تجاهلت بشكل تام الارادة العامة والشعبية المطالبة بمؤسسات غير مترهلة فاعلة وقادرة على تلبية احتياجات البلاد!
    حال النزاهة في القوات المسلحة العراقية حالها في بقية مؤسسات الدولة والمجتمع بضياع ملايين الدولارات العراقية في عقود الوزارات ذات العلاقة وفضائح الاسلحة الفاسدة!وبحصر التعيينات لأغراض توسيع الحاشية!وباستخدام السيارات الحكومية للاغراض الشخصية والعائلية،وباستغلال المسؤولين لمناصبهم وعلاقاتهم وصلاحياتهم المالية والادارية وما موجود تحت تصرفهم من اموال الدولة لتحقيق المنافع الشخصية بحيث يتحول الضابط من شخص متواضع الامكانيات الى صاحب ثروة ومالك للعقارات والمكائن والسيارات بفضل ما يحصل عليه باتباع طرق ملتوية وحيل قانونية،وبالمكافآت الى  المنتسبين او غير المنتسبين بحجة الجهود المبذولة لانجاز عمل ما،والتي تحولت الى وسائل لاستعباد الحرس والمرؤوسين ولشراء ذمم المسؤولين في الدولة. 
    يجري تنفيذ الكثير من عمليات الخطف والقتل والتصفيات   بملابس الجيش والشرطة وباسلحتهما وسياراتهما،الامر الذي يعزز الشعور بالقلق وعدم الثقة لدى المواطنين،بينما وجد  البعض في العمل لدى الميليشيات  مهنة تؤمن له القوت  في وقت تستشري فيه البطالة وتعزّ فرص العمل!فيما تشير معطيات اخرى الى  تحول قسم من تلك  الميليشيات الى مافيا جريمة منظمة.لقد تعاظم دور الميليشيات،حتى  حلت في احيان وحالات كثيرة محل مؤسسات الدولة!ويعني هذا ما يعنيه من تغييب لدورالدولة واضعاف لهيبتها وعرقلة لتاسيس دولة القانون والمؤسسات وتخريب للديمقراطية.
    المسؤولون العراقيون يقدمون رشاوى في بعض الاحيان لرجال الشرطة سواء بمنحهم العمل او كنتيجة للفساد،وكان المسؤولون في كربلاء والنجف قد زوروا وثائق اعداد من الشرطة بين 60000 – 75000 في قوائم الرواتب،اي ان 10% – 20 % كانوا مجرد اشباح ومسجلين فقط للحصول على رواتبهم!وتوصلت التحقيقات الحكومية في فساد الشرطة العراقية،قبل عامين،الى أن الضباط يكسبون المال عن طريق اختطاف الأفراد والتزوير ونقل المعلومات الى المسلحين!واكدت التحقيقات ان رئيسا سابقا للشرطة كان يدير ميليشيا خاصة مكونة من 1400 جندي.
    الفساد في القوات المسلحة متنوع الاوجه،ومنها التزوير اذ كشف المفتش العام في وزارة الداخلية في وقت سابق انه استعاد مبلغ اكثر من 44 مليار دينار الى خزينة الدولة تم صرفها خلافا للتعليمات الحسابية وبطرق غير قانونية،وانه جرى صرف مبلغ 24 مليارا وخمسمائة مليون دينار بالفعل كرواتب لعناصر شرطة محافظة ميسان بأوامر ادارية مزورة!لقد احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة في الفساد الاداري والمالي،خصوصا في عقود التسليح بما فيها شراء طائرات عامودية قديمة غير صالحة للعمل وبنادق قديمة مصبوغة رفضتها اللجنة العراقية وفرضتها الشركات الامريكية المصنعة،واستيراد آليات من دول اوربا الشرقية بنوعيات رديئة،وفقدان 14 الف قطعة سلاح كانت مخصصة لاستعمال الجيش العراقي!وفي وزارة الداخلية تم اكتشاف 50 الف راتب وهمي كلفت الحكومة 5 مليار دولار سنويا،مع ثمن الاطعمة والملابس،عدا الاسلحة والاعتدة،كما فقدت الوزارة 19 الف قطعة سلاح!وجاء في تقرير صادر عن المفتش العام للبنتاجون اوائل عام 2008 انه تم انفاق ما مجموعه حوالي ثمانية مليارات دولار على هيئة عقود عسكرية نفذها مقاولون من الباطن في العراق،دون ان يتقيدوا بالقوانين والضوابط الفيدرالية التي تهدف الى منع الغش والتزوير!
    العسكرة والميليشيات المسلحة هي من مفاهيم النظام الدكتاتوري السابق ومن ارثه البغيض،حيث تجارب"الطلائع"و الفتوة"و"الجيش الشعبي"و"فدائيي صدام"،التي كانت تفعل وتمارس تأثيرها السلبي والمدمر على المجتمع.ويستل البعض من تلك الحقبة المريرة تجربة عسكرة المجتمع تحت ذرائع شتى،ويدعي اهمية اعتمادها بذريعة تحديها لقوى الارهاب،فهي "المعادل للارهاب"كما يراد تصويرها وترسيخها في اذهان الناس،تمهيدا لقبولها كواقع لا مناص منه.وتعد الدولة فاشلة،اذا ما سادها الاضطراب والعنف،واستشرت الفوضى الأمنية،وكثرت الجرائم وعصابات الجريمة
     من غرائب الامور انه لا يمر يوم دون ان تعثر قوات الحرس الوطني والشرطة والقوات متعددة الجنسية على مخابئ الاسلحة والذخيرة العسكرية في ارجاء بغداد وباقي المدن العراقية(الصواريخ وقذائف ال"آر.بي.جي"وقذائف وصواعق الهاون والمدفعية والاسلحة الاوتوماتيكية الخفيفة والمتوسطة والالغام والقنابل اليدوية والعبوات الناسفة واسلاك التفجير..)،اسلحة وذخيرة من صنع وتجميع ايران، بينما لازال العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها!ويستغل مهربوالاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.ومن غرائب الامور ايضا ان الحكومة العراقية لم تقدم اية معلومات واحصائيات مفيدة عن اعداد المعتقلين والمفقودين،ولازال الآلاف من الموتى يدفنون دون ان يتعرف ذووهم عليهم!حيث يتم جمع الموتى عندما يصلوا الى عدد معين في ثلاجات دائرة الطب العدلي ثم يتم نقلهم الى النجف وكربلاء لدفنهم من قبل متطوعين.في ظل ايادي تدمر... من قال اننا نبني ونعمر!الا ان وزارة حقوق الانسان العراقية اعلنت اوائل ايار 2011 عن وجود اكثر من  14000 شخص مفقود في البلاد جراء اعمال العنف والعمليات عسكرية منذ 2003،فيما لم يتم العثور الا على 7 اشخاص.كما اعلنت الحكومة العراقية ان اعداد القتلى العراقيين منذ عام 2003 تجاوز 66200 مواطن!
  تولت الجماعات الارهابية المسلحة التي تزعم انها تقاوم الاحتلال تكوين مافيات اجرامية ضاربة،نصفها يتحرك في العلن ويدير مصالح وانشطة تجارية وواجهات سياسية ومكاتب علاقات من مواقع محصنة،والنصف الاخر يقوم بالاعمال التنفيذية ذات الصلة بالتمويل والاتصالات والتهديدات والاختطافات،وثمة ثلاثة حوادث كشفت نشاطا مافيويا خطيرا مبكرا موصولا بكل من مشعان الجبوري وحارث الضاري ومحمد الدايني،الامر الذي دوّن في ملفات وتحقيقات وتقارير كثيرة.لكن اخطر المافيات الجديدة هي التي تنشط وتستقوي تحت الحماية السياسية التي يتيحها الصراع على السلطة،ويمكن لمحللي الهجمات والاختراقات الامنية وللنشاطات المدنية المسلحة في الكثير من المدن واحياء بغداد ان يضع يده على مؤشرات لانشطة مافيوية خطيرة(هياكل واسماء) هي نفسها تقف وراء الكثير من الاختراقات الامنية ومذابح المدنيين فضلا عن انها تقف وراء افظع عناوين الفساد المالي والاداري في البلاد.
    لقد نجحت قوات القمع من افشال ادعاء المتنفذين العراقيين واسكات تبجحهم بكون العراق ينفرد بين دول المنطقة بعدم وجود ضحايا الرأي،وبات سجل الانتهاكات مخزيا،واعاد ذكريات القمع والمداهمات المؤلمة بدلا من اجتثاثها،باعتبارها جرائم تم ادانتها ومحاكمة مرتكبيها.لذا يعد تقديم شكاوى على مرتكبي هذه الانتهاكات،وتقديمهم للقضاء ومحاكمتهم مهمة غير قابلة للتأجيل،ولا تسقط بالتقادم!وعلى البرلمان والجهات ذات الشأن تدقيق مهمة القوات الأمنية بإبعادها عن السياسة،واعادة تأهيلها على احترام حقوق الانسان،وتخليصها من القيادات التي تمارس ارهاب الدولة بحق المواطنين،وابعادها عن ارث الدكتاتورية والاستبداد،واعادة بنائها وفق المواطنة والكفاءة والمهنية وليس على اساس المحاصصة والفساد!

•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!


    يعكس النشاط الميليشياوي تعمق المأزق الحكومي واستفحال لمظاهر الفساد المركب الذي يطحن بالبلاد،وصراع اللصوص على حصص الفرهود والغنائم من النفط والموانئ،والصراع على من يمتلك صناديق الاقتراع ليزور ارادة الناس في النشاط الانتخابي،وبتغذية من القوى الاقليمية!وقد دشن استعراض جيش المهدي يوم 26/5/2011 عهد جديد في محاولة يائسة لاستعادة سمعة هذه الميليشيات غير الحكومية التي هبطت الى الحضيض بسبب اجراءاتها القمعية التعسفية غير المشروعة،واستخدامها ابشع الاساليب القهرية والقتل لاستئصال وتصفية من يقف ضد اهداف التيار الصدري وغاياته السياسية والدينية الطائفية التعصبية اعوام 2005 - 2007،ولطي صفحة صولات رئيس الوزراء نوري المالكي عام 2008 لنزع سلاح هذه الميليشيات وتسليمها دون مساءلة قانونية مع اعطاءها المكافآت المالية!وبدل ان يقدم قادة هذا الجيش اعتذاراتهم لابناء الشعب العراقي عما اقترفوه من جرائم يندى لها الجبين،راحوا ينفخون في التاريخ محاولين استعادة امجاد ضائعة،والاصرار على الخطايا الشيطانية في الدفاع عن الطائفية والمحاصصات الطائفية والعصابات الطائقية،والتصميم على تحويل العراق الى حسينية كبيرة من الدرجة الثانية(بعد ايران العظمى) توزع الهبات التموينية المفخخة سياسيا لأغراض الدعاية الرخيصة لبعض المرجعيات الدينية في اطار الوقاحة الأنتخابية واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل!
    كانت السرادق المستعرضة والحاملة للعلم العراقي تحاول الظهور بموقع القوي الذي لا تلوى يديه ومحاولة اثبات الوجود،حالهم حال بلطجية الجيش الشعبي ابان عهد صدام حسين!وكان الاستعراض استفزازا للمشاعر العامة والوطنية،ولذوي الضحايا!وجاء الاستعراض بعد اخذ الموافقات الرسمية من الجهات الحكومية ذات العلاقة،ليزيد من مأزق الحكومة العراقية وازمة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية،وآثارها السلبية في مختلف مناحي الحياة،وتشويها متعمدا للضغط الشعبي الذي يستهدف اخراج البلاد من الازمة الراهنة،وفتح فضاءات التطور الديمقراطي الحقيقي للبلد،وتحقيق اعماره وبنائه!لقد كان استعراض يوم 26/5/2011 مؤشر لعودة الانشطة ذات الطابع الميلشياوي التي تستهدف الحداثة والعصرنة،على خلفية مقلقة من تصاعد العنف والعمليات الارهابية والاغتيالات بكاتم الصوت،وهذه كلها يمكن ان تمهد للحلول الطائفية والحرب الطائفية.   
     لقد تمخضت نشاطات القطعات العسكرية في عملية صولة الفرسان في البصرة مثلا عن مقتل 350 مسلحا بينهم 45 مطلوبا واصابة اكثر من 600 مسلح والقاء القبض على 155 مسلحا،وعثرت على مخابئ عدة للاسلحة والاعتدة احتوت على مئات القذائف الصاروخية والبنادق الرشاشة والمتفجرات.كما ارتفع عدد القتلى من المدنيين بسبب احداث العنف في العراق الى اعلى مستوى منذ منتصف 2007 بسبب تصاعد العنف بين قوات الامن العراقية ومقاتلي ميليشيات جيش المهدي.يذكر ان المسلحين قد استخدموا في تلك المعارك الاسلحة الثقيلة والمتوسطة الى جانب القاذفات الصاروخية والبنادق الرشاشة،وقامت بعض المجاميع المسلحة بتسليم اسلحتها للاجهزة الامنية بصورة طوعية مستفيدة من قرار العفو الذي اعلنته الحكومة العراقية.
    لا يستكمل اي توجه جدي لحصر السلاح بيد الدولة العراقية مردوداته الايجابية الكاملة الا اذا جردت كل الميليشيات بالفعل من كمون قوتها المنفلتة المتمثلة في السلاح وتجار السلاح!فالميليشياتية في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع العراقي الى ثكنة عسكرية بمعنى الكلمة ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة.وتعكس الميليشياتية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال!ليتحول ابناء الشعب العراقي الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!والميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق!ولازال العراق يحتل المراتب الدنيا في قائمة الدول الاقل استقرارا في العالم،وتجار ومهربي الاسلحة استغلوا عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!
    الميليشيات المسلحة دولة داخل دولة،لأنها تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،وهي تفرض ارادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!وهي ترفض سيادة الدولة والقانون والديمقراطية وتعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية!ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم،وجيش المهدي ليس استثناءا! 
   الى جانب هذه الميليشيات السائبة تتواجد في بلادنا الميليشيات المسلحة المنضبطة المتمثلة بحمايات وحراسات المسؤولين الجرارة،وحمايات مقرات الاحزاب السياسية والشركات الامنية الغربية،ميليشيات عصرية،تحاول القوى السياسية المتنفذة تسويقها!ولازالت تعمل في العراق مئات الشركات الأمنية متعددة الاغراض بموافقة واشراف القوات الامريكية والحرس الوطني،يقدرعدد افرادها ب 60000 فرد!ووفق المرسوم الذي اصدره بريمر رقم"17"الخاص بالعاملين الاجانب في العراق!وهذه الشركات تتولى حماية المقاولين والخبراء ووكالات الانباء والصحفيين الاجانب والشخصيات المهمة والمؤسسات والشركات الاجنبية وامداد قوات التحالف بالمواد الغذائية والوقود والمعدات وحراسة قوافل الامدادات العسكرية،وصيانة وادامة الطائرات والاسلحة المتقدمة تكنولوجيا،الى جانب تدريب الجيش والشرطة والاجهزة الامنية والدفاع المدني،وحماية المنشآت النفطية وانابيب نقل النفط والغاز ومحطات الكهرباء والماء،والقيام بأعمال مخابراتية وقتالية محدودة وبالأغتيالات والمداهمات لخلط الأوراق واستمرار حالة الفوضى بهدف تجديد عقود عملها في العراق.وقد ازداد الطلب على خدمات الشركات الأمنية رغم المحاذير العديدة على نشاطها،خصوصا تلك المتعلقة بغياب القوانين التي تلزم منتسبيها،وغياب القواعد التي تحدد شروط تعيين افراد هذه الشركات.وجميع العاملين في هذه الشركات هم من المرتزقة ولهم قدرة الاطلاع على  تحركات المسؤولين في الدولة العراقية ورسم اكثر التحركات لهم والتعدي اللامحدود على الأنظمة والقوانين العراقية وعدم الاهتمام بأي مظهر احترامي للقانون او المواطن.
    الميليشيات وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها السياسية،وأساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع العراقي،فانها ظاهرة غير صحية بل ظاهرة كارثية لا يمكن ان تستقيم الامور وتسير العملية السياسية وتترسخ الممارسة الديمقراطية بوجودها،اذ ان هذا الوجود يؤشر ايضا الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!وتعاظم دور الميليشيات،يؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا عن خروج مجاميع منها على السيطرة،امتهنت الاجرام والقتل والخطف والعلس..الخ.
   الميليشيات كذراع عسكري لمنظمات واحزاب سياسية او كأدوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة،جرى توظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات مما مهد للفوضاقراطية وسمم الاجواء السياسية العامة وعقد العلاقات بين القوى وكرس العنف طريقا لحل الخلافات.ويزداد عدد الضحايا الابرياء يوميا بسبب ابتداع الميليشيات اسلوبا جديدا الا وهو القصف العشوائي باسلحة الهاون اضافة لما سبقه من اساليب تفخيخ للسيارات واحزمة ناسفة وزرع عبوات ناسفة على جوانب الطرق او في الاسواق او تجمع العمال الى جانب اعمال الخطف والاغتيال الجبانة.وتشيع الميليشيات من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع و تستطيع ان تقتل وتذبح الجميع،ولا يمكن تجاهلها!وبالتالي تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين!
     ان قوة السلطة وتمكنها من توفير الأمن يمر عبر اجراءات فعالة لحل الميليشيات ومعالجة تعقيدات هذه الظاهرة سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق القانون رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات الفعالة التي تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما،والعمل على اقامة المجتمع الديمقراطي وضمان التنافس السلمي الحر وتداول السلطة،واحترام حقوق الانسان،وتفعيل القرار السياسي الوطني العراقي المستقل،وتأكيد الهوية الوطنية العراقية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية،والوقوف بقوة ضد الطائفية وتوظيفها سياسيا،ورفض استخدام العنف والقوة والسلاح في حل الخلافات والتناقضات او الصراعات التي تحصل بين اطراف الحركة السياسية العراقية،وتجفيف منابع الارهاب الاقتصادية والاجتماعية،ومحاربة الفساد الاداري والمالي والاقتصادي،وانهاء الاحتلال والوجود العسكري الاجنبي واستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية كاملة.ولا هيبة للدولة واجهزتها ايضا مع تحول العشائر المسلحة ومجاميع"الصحوة"الى ميليشيات!ما لم يتم اخضاعها لضوابط محددة وان يتم تنظيمها وتسليحها بعلم الحكومة ومؤسساتها المعنية!ان حمل السلاح وعسكرة المجتمع وتشكيل ميليشيات شبه نظامية على مستوى البلاد والرجوع الى المركزية المقيتة هي امتداد للفكر البعثي الشمولي!
    ان من اهم واشد المصائب التي تهدد الأمن الداخلي هي كثرة وانتشار السلاح بيد خارجة عن سلطة الدولة،فهل من المعقول زيادة تلك الرقعة وانشاء مشاكل جديدة للحكومة؟تسليح الشارع بانواع الاسلحة خطوة ذات ابعاد خطرة قد تقلب الطاولة على الجميع!والميليشيات المنضبطة والسائبة هي المسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية الارهابية في بلادنا والشديدة الرعب والبشاعة والتي اثرت على عمق المجتمع عموديا وافقيا،وبآيديولوجيات متنوعة سياسية ودينية كانت آثارها مدمرة حيث استهدفت مؤسسات الدولة واجهزة الخدمات الاساسية وكذلك الوجوه الاجتماعية!

•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام!


   وجدت الحثالات الطبقية في عراق ما بعد التاسع من نيسان ضالتها بالطائفية السياسية متنفسا للحراك الاجتماعي .. فالطائفية السياسية هي العملة الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد،من حيث انها تقوم على الغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق الارباح غير المشروعة للطرف المتحكم بها.ولا نعني بالحثالات الطبقية هنا الشحاذون والمتسولون والمشردون والشقاة ومن هم على شاكلتهم وممن تجندهم السلطات القائمة لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ولكسر الفعاليات الجماهيرية الاحتجاجية فحسب بل ايضا الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي وبالفساد،فالرثة والحثالة ليست حكرا على طبقة دون غيرها بل تعبيرا عن تذبذب الشرائح الطبقية التي تبدو وكأنها شرائح فقدت هويتها الطبقية..وتشكل الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية قاعدة الراسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها،وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية...
   الحثالات الطبقية هي القطاعات الطبقية المهمشة قسرا والمنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الطبقي حامي الوطيس،وهو صراع ذو طبيعة موضوعية كونه القوة المحركة لجميع التشكيلات الاجتمااقتصادية المتناحرة.فيالق الحثالات الطبقية تزدحم بها ازقة المدن العراقية لأتها مهنة رابحة.الحثالات الطبقية خريجو مدرسة التهميش اي الخروج عن النسق العام الذي يكفل التكامل في المجتمع بسبب عجز المجتمع المدني على استيعاب هذه الفئات الاجتماعية .
    والبلطجية ظاهرة غير قانونية تعبر عن حقيقة الحثالات الطبقية وغياب الدولة المدنية وسلطة القانون لصالح المافيا وتؤشر الى الفساد المالي والاداري وسوء استخدام السلطة والتلاعب بمقدرات الشعب من خلال تمويل المرتزقة والعصابات وانشاء الميليشيات بشكل واسع وباذخ لاغراض نفعية شخصية وبناء منظومات قمعية خاصة،تنامي القناعة لدى الحاكم بموقعه المهزوز الضعيف والذي تستهدفه النشاطات الشعبية الاحتجاجية،الفعل الاحترازي لفقدان الثقة بباقي الاجهزة الامنية الرسمية،عسكرة المجتمع وبناء دولة السجون السرية والقمع والارهاب الحكومي،الاساءة الى المؤسسات الامنية الرسمية بسبب تمتع مثل هذه العصابات بصلاحيات واسعة والخضوع مباشرة لشخصية الحاكم او من يمثله في تنفيذ الاوامر،محاولات اثارة الفوضى والاقتتال الداخلي!
   البلطجية حثالة طبقية،وليس كل الحثالات الطبقية بلطجية!الا ان الحثالات الطبقية والطائفية السياسية وجهان لعملة واحدة..فالدولة الطائفية هي فوضى سياسية دائمة ومصالحة وطنية ملثمة،والعنف الطائفي والارهاب والفساد – مثلث رعب مستديم،وحقوق الطائفة الدينية هي من حقوق الشعب وليس العكس..اما ثقافة الرعاع القطيعية – ثقافة الحثالات الطبقية فهي الثقافة الشمولية التي تهدد تماسك البنية الاجتماعية والموروثة من العهد البعثي الذي الغى انسانية الفرد واستقلالية شخصيته،وحوله الى كيان هلامي لا ملامح له،يضطر بفعل عوامل الخوف وانكسار الشخصية والشعور بالدونية والتبعية المطلقة للقائد والشعور بالعجز عن مواجهة الاخطار،الى الاندماج بالكل والاصطفاف اللاواعي مع جموع الهتافين والمصفقين والمهرجين،حتى لا يمكن فرزه والانفراد به كعنصر خارج على المألوف والمقرر سلفا!
   الثقافة الطائفية هي ثقافة الشرائح الطبقية الرثة وثقافة المقابر التي تدعو الى الموت وتمجده وتقتل من يرفض هذه الدعوة التي تسمى لغويا الجهاد،انها الدعوة الى التخلي عن هذه الحياة ومباهجها حيث لا يجوز التفكير(عند القيام بأي عملية جهادية)مجرد التفكير بمصير العراقيين الابرياء الذين يتجولون في الشوارع والذين يتعرضون الى الخطر الشديد نتيجة هذه العمليات القذرة،فاصحابها يذهبون الى الجنة شهداءا ويتخلصون من هذه الحياة المزعجة.الثقافة الطائفية هي ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الاموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الاكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.الثقافة الطائفية هي اشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية!
   لا تتحمل الحثالات الطبقية سطوة السلطات الحكومية لأتها تعتمد الولاءات دون الوطنية في حراكها الذي يتحول الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والافساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والارستقراطية وكبار الموظفين والسلطات الحاكمة..والشرائح الطبقية الرثة مرتع لانتعاش الفوضوية والارهاب ومشاريع الجهاد والاغتيالات والتخريب وانتشار العصابات والاخطبوط المافيوي،ورفض النضال السياسي والنقابي المنظم!والحثالات الطبقية من اشد المساهمين في اضعاف القطاع العام ونصرة الخصخصة،واضعاف الحركة الوطنية والديمقراطية،وتشجيع العنف والاعمال المسلحة لأغراض ضيقة قصيرة النفس.والشرائح الطبقية الرثة من اشد انصار اقتصاد الطائفية السياسية الذي يتسم بغياب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية و فوضى الاتفاقيات الحكومية و بالعمليات الاقتصادية التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية،كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها،بالاضافة الى الأموال المستخدمة في دعم الحركات والاحزاب السياسية،وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة، بل تكون اطرافه بالضرورة احد عوامل هدم الاقتصاد العراقي!..
    تتوسع فيالق الحثالات الطبقية باضطراد في العراق مع تدهور الاوضاع الاقتصادية وترديها ومع سوء الاداء الحكومي!ومع تفرج المسؤولين على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي بقوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر،ومع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من افواه الجياع والمحتاجين!وبات من حق المسؤول ان يحدد لنفسه راتبا خياليا لا يتناسب مع حجم جهده وعمله،فيما آلاف العوائل العراقية تعيش تحت خط الفقر!
   في عراق اليوم يجر اكساب عملية التهميش الطبقي دفعات غير مسبوقة،كما يلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!والبلطجية مافيا فاسدة وليدة هذا الزواج غير الشرعي بين الاستبداد ونهب المال العام!وثقافة البلطجية وفرق الموت وكاتم الصوت التي اوجدها الحاكم المستبد تمثل مشكلة حقيقية،ولا يمكن ترك المتورطين بدماء الابرياء ينعمون بثمرة ما قدمه ضحاياهم في انشاء دولة تعددية وديمقراطية!   

راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011


بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261569
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثامن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261640
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم التاسع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261680

98

بنية الفساد المركبة في العراق / القسم التاسع

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!

•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!


    انتقدت منظمات المجتمع المدني اقرار الحكومة مسودة مشروع قانون"حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي"من دون اجراء حوارات عامة في شأنه ومناقشته مع المنظمات غير الحكومية،ومن بين بنوده فرض عقوبة السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات بحق كل من اذاع عمداً دعاية للحرب او الاعمال الارهابية او الكراهية القومية او العنصرية او الدينية او الطائفية.ويمنع مشروع القانون عقد الاجتماعات العامة في اماكن العبادة او المدارس او الجامعات او دوائر الدولة الا اذا كانت المحاضرة او المناقشة التي يُعقد الاجتماع من اجلها تتعلق بغرض مما خصصت له تلك الاماكن بالاضافة الى حظر حمل السلاح الناري بجميع انواعه والادوات الجارحة او الحادة او اية مواد اخرى تلحق الأذى بالنفس او الممتلكات عند الاجتماع،ولا يجوز تنظيم التظاهرات قبل الساعة 7 صباحا أو بعد الساعة 10 ليلا.ويلزم مشروع القانون السلطات الأمنية بتوفير الحماية للمجتمعين او المتظاهرين وعدم جواز استعمال القوة لتفريقهم،الا اذا ادى التجمع او التظاهر الى زعزعة الأمن او الحاق اضرار بالاشخاص او الممتلكات او الاموال.
   "قانون حق التجمع والتظاهر"من التشريعات التي اوجب الدستور العراقي الدائم اقرارها لكنه لم ير النور كغيره من القوانين الـ49 التي نص عليها الدستور،وفقا للمادة 38 التي تنص على ان"تكفل الدولة،بما لا يخلّ بالنظام العام والآداب:اولاً -  حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً- حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر. ثالثاً- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي،على ان تنظم بقانون".ويبدو ان التسرع في اقرار الحكومة لهذا القانون جاء بمناسبة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في البلاد في الخامس والعشرين من شباط 2011،في ظل توجس بعض الاطراف السياسية التي تتخوف من ان يأتي القانون بما لا ينسجم وطبيعة الحراك الشعبي الراهنة.
   البعض من الساسة المتنفذين يريد للقانون الجديد ان يكون سيفا مسلطا على المحتجين والمتظاهرين يقيد حرية التعبير عن الرأي والتجمعات السلمية التي يفترض ان تكون من سمات النظام العراقي الجديد!‎وكانت الحكومة العراقية قد اوكلت الى مجالس المحافظات حق اصدار تعليمات واوامر لتنظيم التظاهرات قبل تظاهرة 25 شباط ،واصدر محافظ بغداد سلسلة من التعليمات منها ان على"اي جهة تنوي التظاهر مراجعة محافظة بغداد من اجل الحصول على اجازة وفقا للقانون،لتنظيم التظاهر وتوفير الحماية للمتظاهرين،وان خروج اي تظاهرة من دون اجازة رسمية يجعلها مسيرة غير قانونية ويحاسب القائمون عليها حسب القانون".وجاء ضمن التعليمات ايضا انه يحق لأي مواطن عراقي او جهة عراقية الحصول على اجازة التظاهر بعد تقديم طلب موقع من قبله قبل 7 ايام من انطلاق التظاهرة في الأقل،وان تقديم الطلب لا يعني الموافقة او عدم الموافقة بل يجب ان يصدر كتاب رسمي بذلك.‎وذكرت التعليمات ان"على الجهة المنظمة للتظاهرة ان تحدد تاريخ تسيير التظاهرة ووقت انطلاقها وانتهائها والطريق الذي ستسلكه مع تحديد العدد المتوقع للمشاركين والهدف من التظاهرة".‎كما تضمنت التزام الجهة المنظمة للتظاهرة بعدم رفع شعارات او هتافات او لافتات او مطبوعات او رسوم تتضمن الدعوات الى العنصرية والطائفية والتمييز بين المواطنين العراقيين،ولفتت الى انه لا يجوز اجبار الناس على المشاركة في التظاهرة او تعطيل الدوام في الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية بأي شكل من الاشكال.
   ورغم ان المتظاهرين اثبتوا التزامهم الكامل بسلمية التظاهرات ومشروعية المطالب وممارستهم حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي والاصلاح السياسي والاقتصادي وتوفير الخدمات والقضاء على الفساد واطلاق سراح الابرياء،الا انه بسبب غلو وعنجهية واسراف اصحاب اتخاذ القرار فقد مارسوا جميعا خصلة ليست ذكية بتخصيص مكان المظاهرات في الملاعب الرياضية،بينما المتظاهرون ليسوا رياضيين وان فرض مكان معين على المتظاهرين يعني قمع الحرية وتجاوزا على الديمقراطية..!المتظاهرون احرار في اختيار مكان المظاهرة وزمانها وحمل الشعارات المكتوبة باللون المختار من قبلهم.والهتاف حتى ولو كان"الشعب.. يريد .. اسقاط .. الحكومة"!ان محاربة السلطة المستمرة للمتظاهرين واتهامهم بالبعثية تارة،وبالارهاب تارة اخرى،والاجراءات القمعية الاستباقية،ومنع الاعلام،وحظر التجول وتحديد ساعات التظاهر،وتحويط المتظاهرين بالاسلاك الشائكة،وحصر التظاهرات في الملاعب الرياضية،واستخدام قوات مكافحة الشغب،كلها علامات لا تبشر بمصداقية في بناء الديمقراطية وتعزيز الحريات،بل تنذر بالفردية وعسكرة المجتمع.الديمقراطية لا تتجزأ،وان من يرفضها في ساحة التحرير،لا يمكن ان يمنحها في ملعب رياضي،او في اي مكان آخر!
    يذكر ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اكد في تقريره الثاني المقدم الى مجلس الأمن عملا بالفقرة 6 من القرار 1936 للعام 2010،ان ما لا يقل عن 23 شخصا قتلوا خلال الاحتجاجات على الخدمات التي شهدها عراق خلال شهري شباط وآذار فقط!اضافة الى جرح ١١٦ آخرين في بغداد والبصرة واربيل.واشار التقرير الى ان قوات الأمن منعت المحتجين من دخول المنطقة الخضراء التي تضم المكاتب الحكومية الرئيسية،بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء والبرلمان،وعدة بعثات دبلوماسية،وان محافظي واسط والبصرة وبابل قدموا استقالاتهم في اعقاب تلك الاحتجاجات التي شهدتها محافظاﺗﻬم!
   ليست الديمقراطية مجرد دورة انتخابية وصناديق اقتراع،بل حريات مدنية واسعة ورقابة اجتماعية دائمية على مؤسسات الدولة.ان قطاع الشباب العراقي الذي قاد حركات الاحتجاج يشكل نحو 63% من المجتمع،وقد طالب السلطات بتفسيرات مقنعة عن"تصاعد الفلتان الامني واستمرار النهب والسرقة بأسم الشعب دون تقديم المفسدين الكبار اصحاب الصفقات المليونية الى القضاء بل جرى تهريب كل واحد من هؤلاء بطريقة ممسرحة لعب القضاء العراقي دور المتواطئ امام الملأ ودون حياء وخجل!..واستمرار المحاصصة وتكريس الطائفية ومحاولات ارغام الشعب على القبول بها كأمر واقع لابديل عنه..واستمرار المزورين في شغلهم لمناصب مهمة كان الشعب وطاقاته هو الأجدر بها في الوقت الذي كان المفترض ان يحاسبوا على جريمة التزوير هذه.. واستمرار حكومة المالكي بتسويف الحقائق واستمرار رئيسها من خلال مؤتمراته الصحافية بنفسه الطائفي وتهديده للبلاد بإغراقها بالفوضى السياسية اذا لم تستجب الكتل السياسية في تنفيذ رغابته الشخصية..اضافة الى استمرار تردي الخدمات وفضائح مفردات الحصة التموينية،وهي قوت وخبز الشعب الذي ساعدت هذه الحكومة في التلاعب به من خلال صفقات المواد التالفة والمنتهية لصلاحية استعمالها".ويتطلع الشباب العراقي الى تأمين مقتضيات الحد الادنى من العيش بكفاية وسلام وحرية.والمجتمع العراقي يملك كل الحق في التدقيق باعمال واداء مؤسسات الدولة،وبخاصة التنفيذي منها،وله الحق،كل الحق،في معرفة مآل المليارات التي اختفت في اروقة السلطة،ومعرفة مستقبل الاقتصاد المتهاوي اصلا لولا شيء من فورة نفطية.وله الحق في معرفة مدى قدرة اصحاب القرار على رسم مسارات المستقبل،او قدرتهم على تحقيق الغايات المرجوة.لا يجوز تكميم الافواه من قبل مسؤولين اعتلوا مناصبهم عن طريق الديمقراطية ليتحولوا بعد حين الى عبيد لدكتاتور جديد!مثلما لا يجوز لهؤلاء ان يكذبوا ويزوروا ويختلسوا،لأنهم مطمئنون ان لا احد يقول لهم(من أين لك هذا؟)!
  الحراك السياسي الديمقراطي الراهن في الشارع العراقي يستهدف تعزيز مسيرة النضال من اجل بناء عراق ديمقراطي اتحادي علماني،لا مكان فيه للطائفية السياسية والفساد والخراب الاقتصادي والتمييز على اسس الدين والطائفة والعشيرة والحزب!ويجسد ارادة الشعب للتخلص من الغوغائية الفعلية من حملة السلاح او الذين يهددون بعسكرة المجتمع وحمل السلاح واعادة تشكيل الميليشيات الطائفية المسلحة واقامة نظام اكثر تشدداً من الناحيتين الدينية والمذهبية الطائفية السياسية على نمط نظام ايران الشمولي الاستبدادي!
   جاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية نقلا عن مدير المنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا مالكوم سمارت قوله انه"آن الاوان بعد ثمانية سنوات على تغيير صدام حسين القمعي ان يتمكن العراقيون من ممارسة حقوقهم بالتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي بحرية وبعيدا عن بطش أجهزة الأمن الحكومية".

•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!


      برزت الحزبية الحديثة مع انطلاق الرأسمالية وترسخ آليتها كظاهرة تقدمية،فأحلت التحزب الحديث محل التحزب العائلي او الطائفي او العشائري او المناطقي واسهمت في نقل المجتمعات الى الاوضاع الاكثر رقيا اي من التجمعات الاهلية العفوية الى المؤسسات المدنية !كل ذلك تناغم مع حركة توحيد الاسواق والدوائر الاستهلاكية وبما يتناقض اساسا مع ارتسامات تأطير العائلة،العشيرة،الطائفة،الاقليم.وخدمت  الحزبية الحديثة مقاومة الاستغلال وويلاته على اسس جديدة تتجاوز الاطر الضيقة والانتماءات البدائية،لكن تتمترس وراءها الطبقات الاستغلالية ايضا التي تحاول عرقلة التخلص من قيود جعل الانتماء ولاءا،والاختيار الحر تعصبا!
   في هذا الاطار تنبز الطائفية السياسية كمؤسسة قمعية مقوضة التجمعات الاهلية والمدنية والحزبية في آن!لكن التقاليد الديمقراطية والوطنية مناوئة للاستبداد ومحاولة شراء الولاءات،ومحفزة للمعارضة خارج الاطر الدينية والطائفية والولاءات دون الوطنية!وفي هذا البحر المتلاطم من التناقضات الاجتماعية تعلو قيمة حقوق الانسان لمواجهة مظاهر القمع والاستبداد!ويخسر الاسلام السياسي كثيرا من مصداقيته في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة وما بعد الحداثة!ان العودة الى الماضي والبدائل الاسلامية هي ردود افعال على التخلف والامية ودليل عمق ازمة المجتمعات المتخلفة!والسلطة العقائدية في الاسلام لا تمنع فوران الحرية وممارسة النقد الحر!
   من مستلزمات بناء المجتمع المدني هو رفض الولاءات دون الوطنية والصيغ الطائفية والقبلية العشائرية،ولا يمكن بناء دولة مدنية باعتبارها المعنى السياسي للمجتمع المدني،الا برفض ذلك وتجاوزه نحو مرتكزات حضرية يكون فيها الفرد ضمن الجماعة – الشعب - وحريته هما المقدسان.وبناء الدولة المدنية يحتاج العمل عليه،اضافة الى وجود منظمات المجتمع المدني احزابا سياسية تؤمن بالديمقراطية حقا،لا ان تدّعي بها بالقدر الذي يحقق لها طموحاتها في الوصول الى هرم السلطة بغية ارغام المجتمع على تبني آيديولوجيتها!ولا يوجد نظام ديمقراطي واحد في العالم بدون الأحزاب السياسية ونشاطها،كما لا يمكن تصور حياة سياسية مستقرة دون وجود قانون للأحزاب ينظمها ويضمن التعددية السياسية!ولابد ان تنسجم فلسفة قانون الاحزاب مع نص الدستور وروحه وبما ينسجم مع حزمة القوانين الديمقراطية الأخرى منها:قانون الانتخابات،قانون منظمات المجتمع المدني،وقانون النقابات والاتحادات المهنية،وقانون الاعلام الحر،وقانون الشفافية واتاحة المعلومة للجميع!
    العراق في وضع انتقالي،وهناك ما يعد في حدود الاصابع العشر من الاحزاب العريقة والوطنية المعروفة!والتعددية السياسية الجديدة تسمح بتشكيل الاحزاب،لكننا نفتقد الى قانون احزاب عصري!وعدم وجوده يترك بصمات سلبية على العملية السياسية والانتخابية وعلى الوعي الانتخابي.الا ان نصوص مشروع قانون الاحزاب المقدم الى مجلس النواب يكاد يكون صك بدون رصيد لأنه يضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة التي هي ترخص للاحزاب بدل ان تناط هذه المهمة الى جهة مستقلة محايدة بغية ابعاد هيمنة السلطة التنفيذية واجهزتها عنها بكل الاحوال!ومن المنتظر ان يحل القانون الجديد فور التصديق عليه في مجلس النواب محل قانون الاحزاب المعمول به حاليا والصادر عن سلطة الائتلاف (المحتلة)عام 2003.وكان بول بريمر قد اصدر الامر رقم 97 لعام 2003 بتشكيل قانون الأحزاب والهيئات السياسية بناء على السلطات المخولة له!
   وتكمن اهمية تشريع القانون من كونه يترجم القيم الديمقراطية ويتبناها فكريا وفي البناء التنظيمي والممارسة السياسية،ويجسد الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات الواردة في الدستور بدقة ووضوح،كي يتيح ممارسة الحياة الحزبية بسلاسة وانسيابية دون عقبات ومعوقات،ما يتطلب تسهيل الاجراءات واختصارها بإخطار الجهة المسؤولة عن منح الاجازة،والتي ينبغي ان تقوم بإشهار ذلك ونشره في وسائل الاعلام بعد تدقيق الشروط المطلوبة!ولابد ان تبنى الاحزاب على اساس المواطنة والمساواة،وليس على اساس اثني او ديني او طائفي،وتقر آليات العمل الديمقراطية في انظمتها الداخلية وتعكس ذلك في انشطتها وعلاقاتها،وتؤكد حق جميع الاعضاء في الترشح لتبؤ المسؤوليات في الحزب،وتوفر اجواء المساهمة الديمقراطية في صنع القرار وتنفيذه.وعلى القانون ان يكون واضحا من جهة التمويل والمال السياسي والميليشيات واستغلال مؤسسات الدولة ورموزها ومواردها وعلاقاتها الخارجية.ويجب ان يضمن استقلالية الاحزاب وخصوصياتها وعدم التدخل في حياتها الداخلية الا حينما تتقاطع مع الديمقراطية وآلياتها وتتناقض معها،لا كما ورد في مشروع القانون حيث تتدخل في امور تفصيلية هي حق لاعضاء الحزب وحدهم،كما تعد من الصحيح تقديم الدعم المالي من ميزانية الدولة،وحسب قواعد العدالة والانصاف.
   الاحزاب المتنفذة لا ترغب في سن قانون الأحزاب بسبب الضرر الكبير الذي سيلحق بها لأنه سيحد من صلاحياتها ونفوذها وعلاقتها بالخارج وطريقة تمويلها،والبعض يرى فيه عرقلة لهدم الساتر بين الحسينية والجامع والدولة والحزب،ونقل تقاليد الاولى الى دوائر الاخيرة!وهناك احزابا صغيرة تتعرض للضرر ايضا من القانون لأنها لا تمتلك شروط الحزب!لكن الجميع متفق على ضرورة اقرار قانون للاحزاب بشرط ان تشكل هيئة مستقلة تابعة للبرلمان مهمتها الاشراف على تسجيل الاحزاب وتنظيم عملها،لا ان تتمكن الحكومة العراقية من فرض نفوذها على الجهة التي ستشرف على تسجيل الأحزاب،وزارة الداخلية كانت ام وزارة العدل وهلم جرا!وتعتبر مصادر التمويل الخارجي للأحزاب عنصرا اشكاليا اساسيا لان الرأي العام ينظر اليه كعامل افساد للطبقة السياسية!

•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!


   تفرض الحريات السياسية والحقوق المدنية وحقوق الانسان نفسها بوصفها حاجة واقعية ومطلبا سياسيا ومسألة عملية.الانتقال من الولاء دون الوطني الى مفهوم الشعب والامة يتوقف على علمنة المجتمع وتحديث بناه واطلاقه الحريات السياسية والحقوق المدنية على اساس من المساواة واطلاق حرية الفرد وحقوق الانسان بضمانات دستورية وقانونية.وعليه ليست الديمقراطية وحقوق الانسان موضة حديث وخلق شعبيات مؤقتة،والحريات الديمقراطية توسع من الحقوق الدستورية في جدل التناقضات الاجتماعية وتقترن عادة بالتحالفات الاجتماعية والثوابت الوطنية الديمقراطية،ومن دون احترام حقوق الانسان واقرار مشروعيتها التي حددتها المواثيق واللوائح الدولية فان النظام السياسي القائم يفقد اسباب تواجده،وهي كالمجتمع المدني ليست افكار دخيلة على العراقيين ولا هي بقصائد شعر موسمية،بل تتطلب النيات الحسنة والتواضع والمصداقية والعمل الجدي وتضامن جميع القطاعات التي تنشد السلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمدنية.وتبقى القيم البالية المعرقل الرئيسي لتأسيس ارضية صالحة لقيام المجتمع المدني واحترام حقوق الانسان.
   تقييد الحريات في العراق مسألة متباينة حيث تختلف نسبة الحريات الشخصية من مدينة الى اخرى،وهذه النسب المختلفة تعتمد على مدى نفوذ الولاءات دون الوطنية في هذه المحافظة او تلك!ويبدو ان الجماعات المتشددة في العراق اقل نسبة من المعتدلين والمنفتحين،لكن اصواتهم وسلطتهم أشد نفوذا وسلطاناً من الاخرين!التشدد الديني في العراق جعل جميع وسائل الترفيه محظورة باعتبارها خطاً احمر لا يمكن تجاوزه،الامر الذي جعل الاقبال عليها امراً صعباً للغاية ويصل الى المستحيل في بعض مناطق العراق ولاسيما المدن الجنوبية!
   تجري التدخلات الفظة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات في العراق في ظل اقتصاد وطني يعاني من ازمة بنيوية وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين وانتشار عمالة الاطفال وتدهور المستوى المعاشي للناس واطلاق الاستيراد العشوائي والخراب الزراعي والصناعي وتفشي البطالة والفقر،وفي ظل الشلل الذي تعاني منه الصناعة العراقية بشكل كامل بعد ان تم اغلاق معظم المصانع الكبيرة في البلاد ما احال العمال الى مصير مجهول فيما يعاني من واصل عمله من اوضاع معيشية صعبة بسبب الغبن الذي يتعرضون له على مستوى الاجور والذي لا يتناسب مع جهدهم البدني المبذول!ومما يوفر تربة خصبة لتنامي شتى تيارات التطرف المعادية للديمقراطية.وتضرب الحكومة العراقية كل النصائح والمشورات الحكيمة بعرض الحائط،بل ولم تأخذ حتى برأي هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء نفسه التي كانت منحازة للنقابات والاتحادات والمنظمات المهنية،وتقديم الدعم المالي لها ومناصرة رقابة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على الانتخابات النقابية والمهنية.واصرت اللجنة الوزارية العليا المشرفة على قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 باختيار اعضاء اللجان التحضيرية للنقابات والاتحادات والمنظمات المهنية التي يقع على عاتقها ادارة شؤون الاتحادات او النقابات مدة 90 يوما،والاعداد لاجراء الانتخابات لاختيار مجالس الادارة الدائمية.يذكر ان عدد النقابات والاتحادات والجمعيات والمنظمات المهنية وحدها يبلغ قرابة 42 وفق كتاب هيئة المستشارين في مكتب رئيس الوزراء الى الامانة العامة لمجلس الوزراء والمرقم ق/385 والمؤرخ في 7/7/2008 حول ضوابط تشكيل اللجان التحضيرية لانتخابات النقابات والاتحادات والجمعيات والمنظمات المهنية.وواقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني،منذ قرار مجلس الحكم المرقم(3)لسنة 2004،والامر الديواني 626 لسنه 2004،والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء،والامر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 القاضي بوضع اليد على اموال المنظمات والنقابات وتجميد ارصدتها والذي يعني اساسا هو تجميد نشاطاتها والتدخلات المستمرة للجنة الوزارية العليا المنبثقة عن قرار مجلس الحكم رقم(3)وتشكيل لجان تحضيرية بموجب قرارات حكومية،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
    ولم تتراجع الحكومة العراقية عن مواقفها في هذا الشأن،مواقف مريبة وغير ديمقراطية بشؤون لا تخص الحكومة ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني،بل تسقط في الدعاية الحكومية والانتخابية،لانها تريد ممارسة الحياة الديمقراطية على هواها،وبالطريقة التي تختارها هي رغم انف الدستور،في حين تمارس التدخل في الشأن المؤسساتي المدني بالطريقة الفجة التي لم يمارسها الا البعثيون من قبل،بعد ان جعلوها في خدمة الحزب الحاكم ومرتزقته.نعم،مواقف نفعية هدفها السيطرة على النقابات واخضاعها للقوى المتنفذة الامر الذي يتعارض مع الف باء الديمقراطية وحقوق الانسان،ومع قرار محكمة التمييز الاتحادية الصادر في 30 حزيران 2006،والذي ينص على:"ان السلطة التنفيذية ممنوعة بموجب احكام الدستور والقانون من التدخل في اعمال مؤسسات المجتمع المدني...ولا يسوغ اصدار اي امر او اتخاذ اي اجراء الا اذا كان متفقا واحكام الدستور والقانون"..مواقف تتناقض مع ما يبشرنا به رئيس الوزراء وناطقه الرسمي بأنه لم يعد شموليا كالقوى الطائفية،وليس شوفينيا كالشوفينيين السابقين الموجودين في العراق وفي الحكم ايضا،وانه ليس مستبدا بل ديمقراطيا يسعى الى تطبيق القانون،ولهذا السبب شكل قائمة ائتلاف دولة القانون،ودخل الانتخابات العامة بها،فهل هذه التصرفات هي تطبيق خلاق لدولة القانون ام تجاوز فظ عليها من الحكومة التي تريد حفظ وحماية القانون وتطبيقه؟ومن المؤسف ان تتوالى انتهاكات حقوق الانسان هذه والتجاوزات الحكومية في ظل صمت مطبق من مجلس الرئاسة الموقر الذي يعتبر الضامن على الالتزام بالدستور كما جاء في المادة 67 منه،ولجنة مؤسسات المجتمع المدني،ومجلس النواب الذي يراقب الحفاظ على سيادة القانون.
   القوى السياسية المتنفذة التي تتربع على مقاليد السلطة في عراق اليوم تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيبها او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
     واذ ابدت مؤسسات المجتمع المدني والاحزاب السياسية الوطنية والتيار الديمقراطي ارتياحها من اعلان وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني مؤخرا قرار اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004،بالتريث في اجراء الانتخابات العمالية!وارتياحها من قرار الحكومة العراقية الغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم 150 لعام 1987 الخاص بتحويل العمال في القطاعات الحكومية الى موظفين خاضعين لقانون الخدمة المدنية ومنع حق التنظيم النقابي في مؤسسات الدولة،رغم ان قرار الالغاء يجب ان يشرعنه البرلمان وليس الوزارة..فانها لا زالت تؤشر التعامل السلبي للحكومة مع النقابات!لأن اللجنة الوزارية المعنية بقضايا انتخابات المنظمات والاتحادات تدخلت وتتدخل بشكل غير مقبول ومناقض للقانون،وسبق لهذه اللجنة قد شكلت لجنة تحضيرية للانتخابات العمالية،وتصرفت تصرفات لا يمكن تصورها،حتى انها اعتبرت المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال لاغيا وغير مشروع،علما انه مكتب منتخب،وطيلة الفترة الماضية تعاملت معه الجهات الحكومية.واقدمت اللجنة التحضيرية على اصدار هويات من طرفها لمن يرغب بالحصول على هوية نقابة بغية التأثير على انتخابات النقابات ونتائجها بأتجاه فرض قيادات لا يرضى بها العمال.الانتخابات العمالية يجب ان يشترك فيها  نقابيون حقيقيون واعضاء في النقابات يحملون هويات نقابية تصدرها النقابات المنتخبة قياداتها سابقا،اما التعامل الحالي لتلك اللجنة الوزارية فهو غير مقبول ومرفوض باعتباره يشكل اعتداء وانتهاكا وخرقا للدستور العراقي وللقوانين النافذة.ولم يأت اعتباطا قرار المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في اجتماعه الطارىء يوم 28/4/2011 مقاطعة الانتخابات العمالية في عموم العراق التي اعلنت عنها اللجنة الوزارية لمخالفتها قانون التنظيم النقابي للعمال والنظام الداخلي الموحد للتنظيم النقابي الساري المفعول والقوانين والمعايير الدولية الخاصة بالحقوق والحريات النقابية،معلنا ان المكتب التنفيذي للاتحاد العام سيرفض أية نتائج تسفر عن هذه الانتخابات المزورة وغير القانونية وغير الشرعية،ويحمل المسؤولية كاملة الى اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004.وكانت اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 قد اصدرت في اوائل عام 2010 تعميم بحصر استحصال موافقات الايفادات والسفر للاتحادات والنقابات والجمعيات المشمولة بأعمال اللجنة الوزارية بها وحدها.
   الانتخابات والمنافسة الانتخابية لا تعني التنافس على منصب القائد النقابي،وفق صفقات من وراء ظهر العمال،ولا ان يعتبر البعض ان نقابته اصبحت"ملكا صرفا"له،بل ينبغي ان تجري الانتخابات باقتراع سري يمارس العمال فيه حقهم الانتخابي كما تمارس اللجان النقابية المنتخبة نشاطاتها بالانسجام مع رأي العمال وقادتهم،وتقديمها الحساب والتقارير الانجازية عن اعمالها امام العمال،وبالتالي ضمان حق العمال في سحب الثقة من هذا النقابي او ذاك،وانتخاب قادة يتمتعون بالثقة والنزاهة والكفاءة الكاملة التي اكتسبوها نتيجة العمل المتفاني الدؤوب لخدمة الطبقة العاملة.وعليه،لم يتواجد موقف واضح ومبرر للجنة التحضيرية للانتخابات العمالية منذ تشكيلها من قبل اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004،منذ 3 اعوام،غير محاولة التسويف والمماطلة في اجراء الانتخابات العمالية،حتى وفق الاجندة والمواعيد الرسمية للجنة.وكان تساؤل كل المخلصين على وحدة الحركة النقابية العمالية،الى متى تستمر التأجيلات،ولماذا شكلت لجنة تحضيرية لاجراء الانتخابات وحددت فترات زمنية لانجاز مهمتها،اذا كانت تعتبر غير معنية ولا تحترم قراراتها ولا يـُلتزم بها،ولماذا هذا الاصرار على التدخل في الشؤون الداخلية للاتحادات والنقابات عامة؟لقد ثمن المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال قرار وزير الدولة لشؤون المجتمع المدني رئيس اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 المرقم 111 في 5/5/2011 بالتريث في اجراء الانتخابات العمالية التي يجريها الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق!الا انه دعى اللجنة الوزارية العليا الى الغاء كافة الاجراءات التي اتخذتها اللجنة التحضيرية للانتخابات العمالية واعتبارها باطلة استناداً الى الضوابط المقرة في مجلس الوزراء بتاريخ 14/4/2009 والى قانون التنظيم النقابي للعمال رقم (52) لسنة 1987 وتشكيل لجنة تحضيرية للانتخابات جديدة من قبل المكتب التنفيذي للاتحاد العام بموجب الفقرة (ثانياً) من المادة (44) من القانون المذكور،والتعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للاتحاد العام مستقبلا،وان تجري الانتخابات العمالية وفق الضوابط التي حددها قانون التنظيم النقابي للعمال والنظام الداخلي الموحد للتنظيم النقابي!
    الحكومة مطالبة بدراسة اوضاع الطبقة العاملة العراقية وما عانته من ظروف قاسية وبطالة وتشريد وسن قوانين جديدة للضمان الاجتماعي وقانون عمل حضاري ينسجم مع التطورات في العالم ويخدم مصالح الطبقة العاملة العراقية.وهناك الآلاف من العمال الذين ما زالوا حتى الآن بدون نقابات وهم يعانون من اوضاع صعبة سواء في القطاع العام او الخاص او المختلط،بينما تحاول الحكومة تهميش النقابات العمالية وتحد من فعالياتها في المواقع والمجالات التي لا بد من وجودها فيها،ومنها على سبيل المثال هيئة اعداد هيكلة القطاع العام وهيئة الاستثمار ومجالس الادارات في الشركات العامة،والعديد من برامج التخطيط والتنمية في بلادنا ولاسباب واعذار غير مبررة،وكان لها مواقف مسبقة من الطبقة العاملة وحركتها النقابية ودورها الفاعل في بناء مستقبل وطننا وشعبنا.كما حاولت الحكومة منع وتحريم العمل النقابي وانهاء دوره في بعض الوزارات،في الوقت الذي تعد النقابات العمالية من اكبر منظمات المجتمع المدني ولها باع طويل في الدفاع عن حقوق العمال!والعمال لا يحتاجون الى مرجعية دينية وطائفية ترشدهم وتعلمهم،لأن مفاتيح الحياة بيدهم وهم يديرون دفة الحياة ويدفعون الدم بشريان المجتمع،وهم قادرون على ادارة دفة السلطة!ان من قدر على ادارة المصانع والمعامل والحقول لا يحتاج الى اي مرجعية الا مرجعية العمال انفسهم!لا مكان لتدخل المرجعيات والقوى الدينية والطائفية في شؤون العمال او الانجرار الى اجندتهم السياسية التي لا تقدم الا خدمة جليلة لتحقيق اجندة الاحتلال الاميركي.فتفريق  العمال على اساس الدين والطائفة التي تبشر بها هذه المرجعيات هو عين السياسة التي يبغيها المحتل!ان انتصار العمال وتحقيق مطالبهم يتحقق فقط بوحدتهم وتضامنهم وصفهم المستقل!
  قبل ذلك اضفت الحكومة العراقية الخلل والشلل على المشهد الرياضي مع تخبط قراراتها وتجاهلها مبادئ الحركة الأولمبية الدولية،وايقاف عمل المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية العراقية واتحاداتها كافة وفق قرار مجلس الوزراء في اجتماع 20/5/2008،وحل اتحاد كرة القدم وفقا للمادة 12 الفقرة 13 من قانون اللجنة الاولمبية النافذ رقم 20 لسنة 1986 وتعديلاته،ثم اوجدت لها تخريجات نفعية توفيقية بعد ان تراجعت عن قراراتها!وتحول الناطق بأسم الحكومة علي الدباغ الى مشرف على النشاط الرياضي وعلى الاتحادات الرياضية!ولا زالت الشرطة والحرس الوطني تحتل مكاتب وساحات بعض النوادي الرياضية بدواعي امنية.بينما بقت اللجنة الاولمبية والاندية والاتحادات الرياضية تفتقد دور الاكاديميين وبحوثهم ودراساتهم في البناء الرياضي الجديد بسبب التغييب والتهميش وسيادة انصاف الرياضيين والاميين وفتاحي الفال!
  قبل عامين اغلقت الحكومة مقر اتحاد الصناعات العراقي وقامت بمنع اعضائه من مزاولة نشاطهم فيه بعد وضع اقفال على باب الاتحاد الرئيسي بسلاسل حديدية!وكانت القوات الأمريكية وتصحبها قوات الحرس الوطني قد تمادت باقدامها صباح 23/2/2007 على اقتحام مبنى مقر الاتحاد العام لعمال العراق في شارع الرشيد ببغداد دون اي مبرر او مسوغ قانوني او أي شعور بالمسؤولية المهنية  والاعتبارات الأخلاقية،واعادت هذه القوات استعراض عضلاتها وهمجيتها يوم 25/2/2007 شاهرة عدائها لصناع الحياة كاشفة عن وجهها القبيح ضد تطلعات العمال ومؤسساته.
    ولم تسلم نقابة الصحفيين من ممارسات السلطة واطرافها المخالفة للدستور وحقوق الشعب والسعي للابتلاع الحكومي،ومنها ما صدر تجاه رئاسة وادارة تحرير جريدة الصباح خلال الاعوام الماضية!وقبلها اقتحام مقر نقابة الصحفيين العراقيين يوم 19/2/2007 من قبل القوات الامريكية وامام انظار القوات الامنية العراقية بذرائع لاتمت الى الواقع بصلة،ومداهمة مكاتب جريدة المدى المستقلة ذات النفس الديمقراطي والليبرالي ايام 2/10/2007 و4/10/2007.واليوم تستمر مضايقة الصحفيين والاعلاميين والمراسلين والاعتداءات المتكررة عليهم وترويعهم بالقوة ومنعهم من ممارسة حقهم المهني والدستوري،بعد ان اغتالت الايادي الآثمة نقيب الصحفيين السابق شهاب التميمي!كما تصاعدت حملات الاغتيال والاعتداءات والتهديدات بعد التاسع من نيسان عام 2003 على الصحفيين والاعلاميين اذ قُتل منهم حتى اليوم،اكثر من 234 على ايدي مسلحين وميليشيات و42 خلال تواجدهم في اماكن وقعت فيها انفجارات ارهابية و22 بنيران القوات الامريكية و2 بنيران القوات العراقية،واعتقل 50 صحفيا،واختطف 45 صحفيا اجنبيا وعراقيا تم الافراج عن بعضهم بفدية مالية،وبـشروط المبادلة بالـ" الدولار"دفعتها مؤسساتهم او دولهم عبر وساطات محلية!.وخضع الصحفيون العراقيون الذين تعرضوا للاختطاف للتعذيب بقسوة ووحشية،واصيب بعضهم بعاهات دائمة،ولا يزال بعضهم مجهول المصير.
   وما عانته نقابة الصحفيين ينطبق على نقابة المعلمين حيث القت الحكومة العراقية القبض على اعضاء الهيئة الادارية الشرعية للنقابة دون وجه حق وحجزت على موجودات النقابة بلا غطاء قانوني،وتجاهلت قانون نقابة المعلمين رقم (7) لسنة 1989 وتعديلاته والنظام الداخلي،وشرعت باجراء انتخابات دون هويات نافذة وسجل انتخابي وممثلين عن وزارة العدل والداخلية والتربية ونقابة المعلمين،ثم اعتدت القوة الامنية في ساحة الفردوس على التظاهرة السلمية لنقابة المعلمين يوم 21/3/2009 في اجراء قبيح يفتقر للسلوك الحضاري مؤكدة ان ثقافة الدكتاتورية وادبياتها التي خرجت مع الطاغية المقبور من الباب تعود الينا اليوم من الشباك!.هذا هو الحال مع نقابة المحاسبين والمدققين بعد ان شرعت الحكومة باستخدام مفارز الشرطة لابعاد عناصر النقابة الشرعيين،والغت المئات من الاجازات الممنوحة لمكاتب المحاسبين ومنعت دخول اعضاء المجلس الاداري القديم وتلاعبت بسجلات النقابة برعونة مثيرة للدهشة،وحجبت عن المحاسبين المهنيين الترشيح،ولم يحضر يوم الانتخابات سوى 47 عضوا،من ضمنهم اعضاء اللجنة التحضرية والمجلس المنتخب بينما عدد اعضاء الهيئة العامة 24000 اربعة وعشرون الف عضو.المأساة بعينها!
   التدخل اللا قانوني لوزارة الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني في شؤون نقابة الفنانين كان جليا من خلال فرض لجنة تحضيرية معينة للاشراف على شؤون الانتخابات متحدية بذلك الارادة المستقلة لفناني العراق،وتصرفها بأموال النقابة دون اي سند قانوني وتعطيل اعمال ومصالح الفنانين ودور النقابة الرائد في بناء المجتمع العراقي الجديد.بينما كانت اسس تشكيل اللجنة التحضيرية لانتخابات نقابة المهندسين لا تستند على الشرعية النقابية والالتزام بأمر مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة برئاسة الاستاذ نصير الجادرجي لغرض تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004،ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء،وقد تعاملت اللجنة المذكورة مع جموع المهندسين من منطلقات استعلائية،الامر الذي حدى بائتلاف المهندسين العراقيين الذي مثل شريحة واسعة من المهندسين في بلادنا ان ينبه اللجنة المذكورة اكثر من مرة على استغفالها الجموع الهندسية منذ الترشيح لعضوية المؤتمر العام للنقابة في بغداد والمحافظات،وتمديد الترشيح فيما بعد،وتأجيل الانتخابات!
    رغم التحسن الأمني فان حقوق المواطنة المتساوية مفقودة اصلا في العراق،والا ماذا نفسر اقتحام الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد منشآت المنظمات غير الحكومية اواخر عام 2010 واوائل عام 2011 اكثر من مرة،وشملت اتحاد الادباء والكتاب ونادي آشور بانيبال الثقافي ومرصد الحريات الصحفية وشبكة عين ومنظمة حرية المرأة واتحاد المجالس والنقابات العمالية،والاعتداءات الجبانة والوحشية على معتصمي ساحة التحرير وسط بغداد،ومحاولة غلق قناة الديار الفضائية المعتدلة،والتخبط على المكشوف في قرارات منع التجول وحظر النقل التلفزيوني المباشر للتظاهرات وديمقراطية المروحيات الترابية،والاعتداءات المتكررة على الصحفيين!واخيرا مضايقة مقرات الاحزاب السياسية الوطنية وتهديدها!
    لا تكفي الادانة لهذه الاعتداءات،بل لا بد من اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمحاكمة من يصدر مثل هذه الاوامر ومن ينفذها ولا بد من اتخاذ الاجراءات من جانب الهيئات الدولية ذات العلاقة لوضع حد لها!وعلى الحكومة العراقية ان تحترم ارادة الناس في التظاهر وتبتعد عن توجيه نيرانها الى صدورهم كما حصل في بعض المدن العراقية او نشر قواتها واجهزة امنها في شوارع العراق لمنع المتظاهرين من الوصول الى مكان التظاهر،بل عليها ان تحميهم من محاولات الاعتداء عليهم من البلطجية!
   وبينما تظل الكتل النيابية التي تتألف منها الحكومة في صراعاتها من اجل النفوذ والمغانم،يكتوي ابناء الشعب بنيران تدهور الخدمات وخصوصاً الكهرباء مع بوادر فصل الصيف الحار،وتصاعد اعمال العنف والاغتيالات للكوادر العلمية والمسؤولين بكواتم الصوت واستمرار البطالة جراء توقف التعيينات،بإنتظار تشريع قانون الخدمة المدنية،الذي يـُفترض ان ينظم اطلاق التعيينات.وتتعاظم في اوساط السلطة نوازع التسلط والاعتداء على حقوق الناس الدستورية وحرمان العمال من تنظيمهم النقابي ومحاولة فرض عناصر تابعة لاطراف في السلطة على الطبقة العاملة،وسن قوانين بشأن الصحافة والاحزاب لا تلبي مطالب الشعب التي نص عليها الدستور بل تسعى الى قضم الحقوق الدستورية،وغير ذلك مما يشكو منه ابناء الشعب.

راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011

بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261569
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثامن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261640


99



بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثامن

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!



•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!


  من بركات الملا خضير الخزاعي نائب رئيس الجمهورية ووزير التربية الاسبق والملاحق من قبل هيئة النزاهة بتهم فساد كبرى تصل الى اكثر من 280 مليون دولار خلال الاعوام السابقة،انه ابقى على واقع التعليم في العراق متدن بسبب افتقاد العملية التربوية التعليمية الى التخطيط السليم والمدروس والتنفيذ والاداء الفاشل!وكذلك تخلف المناهج ونقص المدارس الذي ادى الى تقسيم الدوام في اليوم الواحد على وجبتين او ثلاث!واثر التهميش وغياب ثقافة الاحصاء كثيراً في تنفيذ سياسات تكافح العديد من الآفات الاجتماعية ومنها الامية،ونسبة الامية بين النساء تشكل اليوم 24% من المجتمع بينما تشكل نسبة الرجال 11%!ويبلغ حجم الامية في المجتمع 9 مليون فرد،اي ان ثلث عدد السكان اميون وجلهم من النساء!ان خمس العراقيين الذين تتراوح اعمارهم بين 10 و49 عاما لا يعرفون القراءة،وهناك نحو مليون ومئتي طالب يتركون الدراسة كل ثلاث سنوات!
   لقد رسخ الخزاعي بسياساته الرعناء من اتساع الهوة بين التعليم وحاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها،جمود المناهج التعليمية وانتشار الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين والتبرير والنفعية،انتشار مظاهر التعصب الديني والطائفي والقومي في النظام التعليمي والتربوي،تشوه الوعي المجتمعي والقطيعة المعرفية وشيوع ثقافة اللاأبالية والروح العدمية!،معاناة السلك التعليمي من انصاف المتعلمين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا والمرتبطين بميليشيات طائفية!ترويع المعلمين والتلاميذ وتهديدهم،الامية،فضائح الفساد الاداري والمالي!،التسرب الدراسي،الاساءة المتعمدة الى التعليم الحكومي الذي يحتضن كافة طبقات الشعب دون استثناء او تمييز!!،محاولة سرقة اسماء المدارس وتغييرها الى اسماء طائفية ودينية!،تصاعد استثمارية التعليم الاهلي والتدريس الخصوصي،الرسوم التعجيزية على كل المستويات لتشكل المصاريف الجديدة عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!،تدني التعليم المهني بفروعه،فوضى الامتحانات وافتقارها الى التنظيم وغياب سلطة القانون عليها وتدني الرقابة ومجانية الغش!،الاقحام الدائم للدين في حياة الاطفال وفرض الحجاب،تجاهل محنة ايتام العراق،تواضع المكتبات العامة،تردي الصحة المدرسية!وما زالت المدارس عموما تطبق طرق تدريسية بالية غير متحضرة،والصفوف تضيق بطلابها والمناهج متخلفة.ويؤكد مدير قسم الصحة المدرسية في وزارة التربية ان نحو 30% من الأبنية المدرسية التابعة لها،على نطاق رقعة العراق الجغرافية والمقدر عددها بـ 15 الف مدرسة،تمتلك دورات مياه غير صالحة للاستعمال،و صور الطاغية صدام وافكاره منتشرة في الكتب الدراسية!ان العراق بحاجة الى بناء 7000 مدرسة جديدة في عموم المحافظات،لفك مشكلة الدوام المزدوج التي تعاني منها اغلب المدارس العراقية،والقضاء على المدارس الطينية!
   لم تعمل وزارة التربية بأي ضوابط رادعة لكي تحد من ظاهرة عدم مبالاة المعلمين بصفوفهم في سبيل الضغط على عوائل ذوي الطلبة كي تستخدمهم بأجور عالية في الدروس الخصوصية،ولم تحل مشكلة المعلمين واجورهم المنخفضة جدا،والتي تشجع الكثيرين منهم على اللجوء لأساليب بعيدة عن رسالة التربية والتعليم من اجل ان يؤمنوا مصاريفهم،بينما حرمت وزارة التربية المعلمين الذين يتم تنسيبهم لمناطق بعيدة عن سكناهم من مخصصات النقل،ولا توفر لهم وسائل نقل وتجبرهم على تحمل هذه المصاريف!بينما التعيينات والتوظيفات في وزارة التربية كانت الاكفأ في مضمار اشتراطها رضى حزب الخزاعي وتحرك المال في جيب المواطن للانفاق على الموظف الفاسد من اجل ترويج معاملة ما!!ووصلت نسب الرشوة في التربية والتعليم مدياتها القصوى اذا اخذنا بنظر الاعتبار الرشوة كفساد يطلق على دفع شخص او مؤسسة مالا او خدمة من اجل الاستفادة من حق ليس له،او ان يعفي نفسه من واجب عليه!وفي جريمة الرشوة ينبغي التطرق الى جريمة الراشي وجريمة المرتشي في آن.
   خلف محمد تميم الخزاعي في وزارة التربية،وهو قيادي في القائمة العراقية،وكل المؤشرات تؤكد تحويله الوزارة هو الآخر الى اقطاعية حزبية!وما ينطبق على تميم ينطبق ايضا على وزارة التعليم العالي والوزير الجديد على الاديب!الجامعات ما تزال غير مستقلة في بناء سياساتها،والذي يحصل في العراق هو التوسع في فتح الجامعات الرسمية والاهلية وفتح الدراسات المسائية بعيدا عن التخطيط المسبق ومدى الحاجة الفعلية للاختصاصات في الوقت الحاضر وفي المستقبل،فضلا عن توفير المستلزمات الضرورية مثل التدريسيين والبنى التحتية من ابنية ومختبرات ومكتبات ومستلزمات اخرى!الامر الذي انعكس في تدني كفاءة الخريجين في عملهم الميداني والمهاري!وتواجه بلادنا اليوم الفوضى في التربية والتعليم،وكل قطاع يغني على ليلاه،والطلبة اليوم يعيشون واقعا صعبا لاسيما ابناء الكادحين بسبب المتاهة التي عمت المجتمع بعد عقود من الدكتاتورية!وتتوالى فضائح الفساد!آخرها التلاعب الخطير في سجلات طلبة جامعة بغداد،وبيع درجات الطلاب المتفوقين والناجحين لافراد او طلاب حصلوا على درجات ضعيفة!وموظفين وبعض السياسيين في دوائر الدولة لغرض الحصول على البعثات والزمالات الدراسية والايفادات!
   الفساد الاكاديمي نتاج تفوق قيم الجشع والتطرف والتخلف والخرافة على قيم النزاهة والتنوير والحداثة والعقل!لأن القيم الأكاديمية داخل اسوار الجامعة تستمد طاقتها من قيم التحضر في ثنايا المجتمع واهدافه الاجتماعية الكبرى!واشكالية العلاقة بين الاكاديمي والسلطات تعزى لها كل عوامل التخلف والتدهور والفساد الاكاديمي المستشري في الجامعة العراقية اليوم!والاكاديمي العراقي موزع بين انكفائين:العجز الموروث  من الحقبة الصدامية واستمرار عوامل التغريب والتهميش في المجتمع،والرعب الذي اكتسبه نتيجة عمليات الاغتيال والخطف والكواتم التي يتعرض لها الاكاديميون لأسباب فكرية و طائفية وشخصية انتقامية غير معلنة.والنشاط السياسية الديني داخل الحرم الجامعي يغرب الاكاديمي وينتهك استقلاليته ويبتزه فكريا باستخدام مسميات وممارسات "قداسوية" الطابع!وبات النشاط الاكاديمي في عراق اليوم عاجزا عن انتاج المعرفة،بل ينتج ابحاثا لا تقدم في غالبيتها معالجة حقيقية لمشكلات المجتمع!ويخرج طلابا لا يجيدون التفكير النقدي ولا الاعتراض ولا طرح الاحتمالات المغايرة!وتدهور مستوى الدراسات العليا بسبب غلبة الولاء الحزبي - الطائفي على الولاء المدني للدولة وتردي معايير القبول التي سمحت للفاسدين سياسيا واجتماعيا بالتسلق المسلكي البيروقراطي لسلم التراتب العلمي!
   ان اصلاح التعليم العالي ومؤسساته لا يحتاج الى فتوى، بل الى قيادات سياسية وادارية وجامعية تفهم قيمة الاصلاح وضرورته وتدرك الحاجة الى مراجعة نظام التعليم العالي بكل تركيبته المكونة من مؤسسات وبرامج واهداف ومناهج،ومن منظور الجودة الشاملة والاستجابة لاحتياجات السوق المحلية والدولية في عراق منفتح على الداخل والخارج،وكذلك الحفاظ على ما تبقى للجامعة العراقية من دور في التنوير والتثقيف ضد الافكار الظلامية والتعصب الطائفي والسياسي والعرقي،فهل يصغي السيد علي الاديب لآراء ذوي الاختصاص لانقاذ هذا القطاع،ام لمرجعيته لكي ينتكس هذا القطاع؟!.
   يبلغ عدد الموظفين المزورين شهاداتهم 50000 موظف وموظفة،منهم 4000 من وزارة العدل،واعلنت الامانة العامة لمجلس الوزراء عن احالة 37 من موظفيها ضمن الملاك الدائم الى المحاكم اثر الكشف عن تقديمهم وثائق دراسية مزورة،حيث تم اتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم واقصائهم من الوظيفة واحالتهم الى المحاكم!ولا يوجد في الدستور والقانون العراقي ما يحلل الفساد والتزوير،ومنه تزوير الشهادات وسرقة الوظائف من اصحاب الشهادات الحقيقية الذين تسبّب مزورو الشهادات في عطالتهم سنوات عدة!كيف تمكن هؤلاء من تزوير هذا الكم الهائل من الشهادات ووصلوا من خلالها الى ارفع المناصب ومنها"رئيس مجلس محافظة بغداد"وآخرون؟واين عناصر الأمن المعني بالكشف عن مثل تلك الحالات الخطرة؟واين كانت هيئة النزاهة التي استحدثت منذ سقوط النظام تقريبا؟
    ان مزوري الشهادات والوثائق ومن اختلس الاموال العامة هم مرتكبي جرائم يجب ان تدان بالبرهان ويأخدوا جزاءهم!واختلاس المال العام جريمة خطيرة لا تقل عن الارهاب،ويفترض بهيئة النزاهة ان تعلن عن اسماء المزورين،او على الاقل تسلمها الى قوائمهم او احزابهم كي يكون الناس على بينة!العقوبات لا العفو هي الحل الفاصل لهده القضية مهما كانت درجة التزوير!ولابد ان تعلن كل الاسماء كي لا يتم انتخابهم مرة اخرى،وان يعرف الناس بأن من أنتخبوا كانوا مزورين اصلا.
   الحكومة بأكملها هي حكومة المزورين ومن خريجي سوق مريدي واشقائه!ومن الضروري وضع حد للعصابات المسنودة من جهات متسلطة في الدولة ومن الاحزاب الاسلامية التي ينتمون لها والقاء القبض عليها جميعها حتى لو كان عددها يفوق المليون،وهو بالتأكيد اكبر من ذلك!والبحث خلف السبل الكفيلة لبتر وانهاء تلك الظاهرة القبيحة والمرض الذي ينخر في جسد الحكومة العراقية ويدفع ثمنه الشعب العراقي من خلال معاناته التي تزداد يوما بعد آخر.ان اي قرار اخرق لأعفاء المزورين والسراق والخارجين على القانون يعطي الزخم والمعنوية لهؤلاء الشرذمة كي يصلوا لحد التهديد،وتهديد من؟؟"وزارة العدل"التي تمثل اعلى مطبق ومنفذ للعدالة والقانون!وبالتالي هو تهديد للحكومة بأكملها!


•   ازدراء الثقافة والمثقفين وديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!


   يدرك مجلس محافظة بغداد وباقي المحافظون الجدد ان اشغالهم كراسي مجالس المحافظات لم يأت في غفلة من الزمن،بل ان كل العمليات الانتخابية ومنذ التاسع من نيسان لم تكن سوى استفتاءات محسومة النتائج لصالح تغطية الادعاءات الديمقراطية،وهي لم تجر وفق برامج انتخابية واضحة المعالم،بقدر ما اعتمدت على مقدار ما تمتلكه القوائم من مصادر نفوذ حكومية وعشائرية ودينية طائفية وميليشياوية،وهيمنة على الشارع العراقي!ويدرك هؤلاء جيدا انهم نفر في احزاب سياسية قائمة على الطائفية السياسية،ليس في عضويتها اي عراقي منتسب الى دين او مذهب آخر،وائتلافات طائفية قديمة بأسماء جديدة لتضليل المواطن،وضمن نفاق سياسي مفضوح لا يليق بالقوى السياسية المتنفذة وبمن يتصدى لقيادة البلد!قوى سياسية متنفذة تعتمد على احزاب ينعدم فيها اي اساس ديمقراطي لقيادة التنظيم،وتفتقد الى وجود انتخابات حقيقية في داخلها،ما يعني سيادة منطق التأبيد والتوريث واحتكار الزعامة الحقيقية لطبقة سياسية دون سواها.
  العشائرية وتنشيط العشائرية والأجواء العشائرية والدور المتزايد للمؤسسة الدينية هو ما يميزها!قوى قادت وتقود العراق الى الحضيض ولا يزال المجتمع لم يخرج من عواقبه،وبالضد من مصالح الشعب العراقي!مؤتمرات تحشيدية وخطب انشائية فضفاضة وتعامل غير ودي مع المثقفين والعلماء والكفاءات العلمية والادباء والفنانين وتدخل سافر في شؤون النقابات والمؤسساتية المدنية.
   الغى مجلس محافظة بابل الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!فيما اكدت وزارة الثقافة انها تحترم رأي حكومة بابل بشأن الغاء النشاطات الموسيقية والحفلات الغنائية في مهرجان بابل الدولي،وقررت الغاء جميع النشاطات الغنائية التي كانت تقام بالمهرجان!كما اصدر محافظ البصرة شلتاغ مياح اواسط 2009 اوامره المشددة التي منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!وفي اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!وقبل ذلك تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.
   كان نعت النادي الاجتماعي في مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بالمنتجع الذي يؤمه الارهابيون كما وصفه احد اعضاء مجلس محافظة بغداد،هذا بالضبط تجاوز للخطوط الحمراء المرسومة لمرتزقة هذا المجلس الموقر جدا!ويبدو ان هذا السفيه ينطبق عليه المثل "وين بلشت يابو بشت!".كان يعلم جيدا هذا الاحمق ان اقتحام قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بساحة الاندلس ومطالبة امينه العام الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء بشكل نهائي اسوة بالنوادي الليلية والملاهي والبارات!يأتي بعد ايام قلائل من اقدام الاتحاد على المطالبة بأهمية اخراج وزارة الثقافة من آلية المحاصصة السياسية والطائفية واسناد حقيبة الوزارة الى احدى الشخصيات الثقافية المعروفة وازالة كافة مظاهر المحاصصة الطائفية داخل الوزارة واروقتها وتحويلها الى وزارة سيادية وطنية قوية مفتوحة على جميع شرائح المثقفين ومنظماتهم واتحاداتهم!
  لقد ادرك هذا السفيه ان اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء تعبير صريح عن الهلع من الثقافة الوطنية الديمقراطية،وهو اجراء يكمل التصرفات اللامسؤولة للاسلام السياسي الحاكم الذي لا يعرف كلمة الديمقراطية ويسعى الى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنه يتنفس اصلا في الوسائط التراتبية،متى سنحت له الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية.وديمقراطية حجب الحقائق هي اختراع بائس وفاشل يكبل العراق ويجعل منه أسيرا لأحزاب وعصابات اتفقت على ان لا تتفق ابدا،وافرزت لنا الفساد المركب واللصوصية والطائفية التوافقية!
   ان ديمقراطية المشعوذين تحجب الحقائق على الشعب،والمسؤول فوق القانون،وحق المواطنة مفقود والبقاء للأرهابي!ربما لا يريدون ازعاج العدالة بالحقائق،شرطة تحقق مع صاحب الفخامة او دولة الرئيس او صاحب المعالي والسعادة او حجة الاسلام والمسلمين وخاصة اذا كان من سلالة المعصومين،وما يتبع ذلك..ممثلو الشعب وكبار موظفي الدولة والشيخ والاغا والمقاول الكبير والتاجر والمرابي والاقطاعي،انه كفر وحرام.
   يبدو ان هذا السفيه يقدس رئيس وزرائه جدا،هل سأله يوما عن ضحايا الغدر والاغتيال اليومية بكواتم الصوت لخيرة ابناء الشعب العراقي؟!هل تتصدى لها الشرطة الوطنية وقوات الحرس الوطني وتتابع خيوط جرائم مرتكبيها حقا؟وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة،ومعتقلات تعذيب الجادرية،واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية والعاملين في اللجنة الاولمبية و..و..؟من يغتال الصحفيين والفنانين والمثقفين والمهندسين وعمال ساحة الطيران وابناء الشعب الطيبين البسطاء؟من اغتال الخوئي؟العصابات السياسية تتبادل قصف المقرات السياسية بالهاونات والراجمات لتنزع ورقة التوت التي حاولت ان تغطي بها عوراتها الفاسدة قبل ان يحين موعد المتاجرة بفواجع الكاظمية والائمة وشارع المتنبي ومدينة الثورة الباسلة والاربعاء والاحد والاثنين والجمعة والاحد والسبت والخميس الدامية!تفجير صالونات الحلاقة النسائية والكنائس تحتل مواقعها في ديمقراطية حجب الحقائق والى حين!
   حرب الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن،اشد ضراوة من حرب العوارض الكونكريتية،والأخطر حرب النفوس التي يزداد اوارها اضطراما يوما بعد آخر.التحريض الطائفي هو ديمقراطية الجلابيب الفضفاضة والدشاديش المقصوصة والعمائم المزركشة والمحابس الفضية اللماعة وطول اللحى المقزز وكوفيات الرؤوس البيضاء والحمراء والسوداء!الشفافية تضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب،وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية وشرعنة الفساد والرشوة وديمقراطية حجب الحقائق واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية!
  هل سأل هذا السفيه رئيس وزرائه عن القرارات الارتجالية التي صدرت مؤخرا في الافراج الفوري عن المجرمين(عقيل فاهم الزبيدي وحامد كنوش،ومحسن عبد طعان الملقب محسن شريعة شقيق المجرم علي عبد طعان الملقب علي شريعة،وحيدر جوري ورزاق السماك وسيد مناضل جاسم)المجرمون الستة الذين سفكوا دماء المئات من الأبرياء وروعوا العوائل الكربلائية،وحكم على البعض منهم بالاعدام والبعض الآخر بالسجن لمئات السنين لارتكابهم 721 جريمة قتل،ومازالت المحاكم في كربلاء تنظر بملفاتهم؟والأدهى من ذلك تم اعادتهم الى دوائرهم وصرف مستحقاتهم المالية طيلة فترة التوقيف!ويتم استقبالهم من قبل مسؤولي المحافظة وتنثر عليهم الورود والحلوى في مشهد يصدم كل مواطن حريص على وطنه وكرامة شعبه!
(http://www.annabaa.org/nbanews/70/362.htm)
    الا يدرك رئيس الوزراء،الذي يلف ويدور ويراوح في نفس المكان،انه هو المسؤول التنفيذي لأمور جميع العراقيين،وتنوعهم لا يحتمل فرض لون حزب الدعوة واحزاب الطائفية السياسية على قوسهم القزحي؟وان عشاق المال الحرام وليس عشاق الخمر هم المشركون بالله؟!وان قرار اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق يستند الى قرار سيء سابق لمجلس قيادة الثورة المنحل رقم 82 لسنة 1994،في حين ان صدام حسين وهو يعلن ويمارس حملته الايمانية المزعومة آنذاك ويطلق على نفسه لقب عبد الله المؤمن لم يتجرأ ان يغلق نادي الاتحاد، فاستثناه؟!وان الادباء لا يميزون انفسهم عن ابناء شعبهم ولا يترفعون عليهم،وهم يغضبون ويحتجون ويستنكرون ان يقارن ناديهم بعلب الليل الرخيصة،فكم شهد هذا المكان الرفيع ولادات نصوص ومواهب وصداقات سامية،فهو ـ بحق ـ حاضنة ثقافية؟!وان قرار الغلق معارض لاحكام الدستور؟!من اعطى المالكي الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالح الشعب العراقي،ومصالح الدعوة الاسلامية التي تناثرت شظاياها لتصبح عدة احزاب،لم يكن نصيب المالكي منها الا الفتات؟!
   عند متتبعي خطبه وافعاله،كان تخبط رئيس الوزراء واضحا في:
1.   ازدراءه الانترنيت وكتابه ووصفه باوصاف غير لائقة مع العلم ان معظم كتاب الانترنيت وما كتبوه كان انطلاقا من مسؤوليتهم كمواطنين!
2.   محاولة تعديل الدستور بالاتجاه اليميني والالتفاف على المادة 140 التي يتم المماطلة في تطبيقها لحد الآن!
3.   الاسراف والمبالغة في تشجيع الاعياد الدينية واللطم والنحيب والزحف.
4.   تشجيع مجالس الاسناد والصحوات العشائرية،رغم افتضاح امرها كتشكيلات عفى عليها الزمن شبيهة بالجيش الشعبي والحرس القومي وجحوش افواج الدفاع الوطني.ل من رؤية عقلانية بين الدعوة للدولة المركزية وتشكيل مجالس الأسناد في المحافظات؟
5.   التهجم على القيادة السياسية في كردستان العراق ووصفها انها خارجة عن الدستور،والتهجم على الفيدرالية في وقت سابق.
6.   صياغة مشروع قانون مجلس العشائر الوطنية في محاولة لاحياء قانون العشائر الذي يضمن الاعراف والتقاليد العشائرية سيئة الصيت والسطوة العشائرية ولاهانة اسس دولة القانون وبحجة ابراز دور العشائر في الانتخابات واستتباب الامن.ان التمثل بصدام حسين لتشكيل العشائر المسلحة واعطاء صلاحيات للشيوخ العلوج كان مشروع رجعي وخطير.
   كان اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق وباقي التعليمات والقرارت الخطيرة نابعة من بنية القوى والاحزاب السياسية والعصابات – الميليشيات الدينية التي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور،هذه هي طبيعتها بغض النظر عن مدى قوتها.وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديموقراطية في بلادنا والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر التقاليد الدينية والطائفية وتاثيرها على الفكر السياسي!قوى،مهما حاولت تمييز نفسها عن النموذج الايراني او السعودي فانها لن تختلف عنهما ابدا،لانها نسخ طبق الاصل لأي منهما،عدا بعض الرتوش.
  ان تأطير المجتمع العراقي دينيا هو تمهيد لقيام دكتاتورية على نمط العمائم:
1.   سجون سرية تمارس فيها التعذيب
2.   قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي او الصاق التهم.
3.   حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة.
4.   حملات الاختطاف التي تقوم بها فرق الموت الحكومية.
5.   فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولة تطبيق هذا الفصل بين طلبة الجامعة الامر الذي يلاقي المقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية.
6.   فرض الحجاب على النساء.
7.   اشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي
8.   محاولات احياء الفكر الرجعي المقرونة بالهجوم المكثف في وسائل الاعلام على كل توجه ديمقراطي او علماني.
    يتجلى الفساد والافساد على مقاييس مجلس محافظة بغداد في عراق الخير والحرية اليوم في القــرارات الفردية،وعدم الالتزام بقواعد القوانين المرعية بما فيها الدستور،والتجاوز على صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية،اي ذات الطريقة اللاديمقراطية  التي تعتمد على الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمنافع الشخصية التي اضرت ضررا بليغا بسمعة وسلوك الحكومات التي قادت و تقود البلاد بعد التاسع من نيسان 2003.وهذا النهج الارعن لا يخلق المعارضة الواسعة من قبل الشعب العراقي والقوى التي ترى في تطبيق القوانين واحترام الهيئة القضائية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية دليلا على نزاهة الحكومة في تطبيق العدالة والقانون فحسب بل هو نبراسا للفساد والافساد.هل يعتقد فطاحل وجبناء مجلس محافظة بغداد انهم اكثر قوة وجبروت ودكتاتورية من صدام الذي علقه العراقيون بحبل من ليف ووضعوه في كيس من اكياس النفايات،وهل هم اكثر صلابة من نوري السعيد الذي قطعه الشعب اربا اربا؟وهل المنتديات الاجتماعية محصورة فقط لاصحاب اللحى من ابطال القادسيات الجديدة!؟
   لعمري ان سفهاء وحمقى العهد الجديد في بلادنا يدركون جيدا ان الطائفية السياسية هي فاشية الدول النامية،لأن الفاشية هي تمييز بين البشر على اسس عنصرية،دينية او طائفية،بغض النظر عن موقف هذا الفرد من الخير والشر.والطائفية السياسية نهج دكتاتوري يجري في دماء المتزمتين فكريا والجهلاء علميا.اما تسليط الظلم على الآخرين فهو انتهاك لقيم العدالة التي نصت عليها القوانين الدينية والدنيوية على السواء،لان هؤلاء الحكام بتنكرهم لهذه التعاليم التي تضمن العدالة للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط ،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.


راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011


بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261569


100



بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السابع

سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!

•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!


      يعكس الخراب الذي اصاب صناعة النقل والمرور الأزمة الاجتمااقتصادية الخانقة للحكومة العراقية الراهنة،لأنه قطاع يسهم في تفعيل حركة النشاط التجاري عبر شبكات الطرق والسكك الحديد والنقل الجوي والبحري،ويعد من اسس البنية التحتية في البلاد التي تضررت كثيرا جراء سياسات الدكتاتورية الحمقاء ورعونة الحكام الجدد بعد التاسع من نيسان!الرعونة التي رسخت من فساد هذا القطاع،ومنها ملف الطائرات الكندية المرتبط مباشرة بمكتب السيد رئيس الوزراء،والقاء القبض على نائب وزير النقل بعد ضبطه اثناء محاولته الحصول من شركة أمنية على رشوة تتجاوز قيمتها 100000 دولار،والغاء شركة الخطوط الجوية العراقية بجرة قلم!ويمتد هذا القطاع الحيوي على مسافة 40690 كم من الطرق تتسع ل 70% من حجم المرور و1156 جسرا تربط بين مدن العراق على دجلة والفرات،و2465 كيلومتر من السكك الحديد تشمل 5 خطوط رئيسية و 107 محطة،ومطارات بغداد والبصرة واربيل الدولية الى جانب مطارات النجف وكركوك والموصل والمثنى..،و 6 موانئ للبضائع و 2 لنقل النفط الخام!
    كان تطور مستويات هذا القطاع غير متناسقة،اغترب بسبب ابتعاده عن عملية اعادة الانتاج الاجتماعي الفعلية على النطاقين العام والجزيئي،وتواضع عموم الشبكات التي  تربط بين مراحل عملية الانتاج والسوق ومجمل الاقتصاد الوطني لتتعرقل الدورة الانتاجية وينحسر مردودها الاقتصادي!ولا يوفر النقل الحالي تلبية الاحتياجات الكاملة لقطاعي التجارة العراقية والتخزين السلعي،رغم سياسة الاستيراد المفتوح واغراق السوق العراقية بالسلع متعددة المنشأ،اذا اخذنا بنظر الاعتبار تواضع خدمات النقل الجوي والبحري وتوقف الطيران التجاري"تم نقل الطائرات المدنية،وعددها 23 الى عدد من الدول العربية وايران اثناء القادسيات الكارثية،وباتت غير مؤهلة للطيران بعد انتهاء عمرها الانتاجي،بينما امتنعت ايران عن ارجاع الطائرات بسبب رعونة نظامها السياسي".
    من الضروري تكامل ادارة شبكة النقل بأنشطتها الأربعة(الطرق والسكك والطيران والموانئ)في جهة واحدة،وتأهيل شبكات النقل الحالية وتطويرها بشكل متكامل ومنسجم مع انظمة النقل العالمية والعمل على انسجام وتطور ونمو بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى بطريقة تمكننا من استغلال موقع العراق الجغرافي في مجال النقل،ويساعد على ذلك فك ارتباط الهيئة العامة للطرق والجسور من وزارة الاعمار والاسكان وربطها بوزارة النقل!
    معظم الطرق والشوارع الرئيسية في بغداد شقت قبل عقود خلت،حالها حال الجسور وشبكات السكك الحديد،بينما تضاعفت اعداد السيارات والمركبات المسجلة والغير مسجلة في دوائر المرور،وازدادت مركبات النقل الصغيرة منها والكبيرة زيادة عشوائية غير مخطط لها من ناحية سعة الشوارع ونوعيتها!ويتواصل ظهور الاحياء السكنية الجديدة والعشوائية في محيط المدن(التوسع الافقي).ومع النشاط التجاري المتنامي والخروقات الامنية والغلق العشوائي للجسور والشوارع ونصب العوارض الكونكريتية،وتوقف السكك الحديد عن العمل،وازمات الوقود،انتقلت بغداد من حالة الاختناق المروري الى وضع الكارثة المرورية،بفعل الزحام وتوقفات السير والفوضى المرورية العارمة والاضرار البيئية والاقتصادية  الكبيرة!
    المتتبع لمسيرات المواطنين يستغرب ليس من الاستنفار الكبير للقوات المسلحة وآلياتها ومن المؤسسات الأمنية ووسائل الاعلام،لكنه يستغرب اكثر لأنه يرى ان الطرق والشوارع والاماكن التي تمر بها المسيرات عبارة عن مستنقعات للمياه الآسنة والازبال والنفايات والحفر وفوضى السيارات.وهذه الحالة لم تدفع الحكومة الى الاستنفار لمعالجة الاوضاع المزرية والتخلف وردم المستنقعات وتبليط الشوارع وحل ازمة النقل المواصلات والسكن،وغيرها من القضايا التي تلوث البيئة!بينما ادى اضطراب العلاقة بين النظم المرورية وهندسة وتخطيط الطرق وبين التطور العاصف في صناعة المركبات وعدم التزام السواق بالانظمة المرورية الى ازدياد حوادث السيارات والاختناقات المرورية!وهذا يستدعي التوزيع الجغرافي الجيد لمحطات الوقود على الطرق،والالتزام بالسياسة الضرائبية على حمولات مركبات النقل،وتنظيم عمل الوحدات الطبية والتوابع الاسعافية،واعادة معامل الاسفلت الى كفاءاتها الانتاجية،والشروع في اقامة الكراجات العمودية وزيادة عدد ساحات وفسحات توقف السيارات،والتنظيم العصري لحركة المرور والاستخدام التقني الالكتروني الحديث لمراقبتها.
    ويتطلب ذلك ايضا ايجاد آلية قانونية تنظم العدد الواسع من المركبات الحزبية والرسمية!على ان يكتفي الوزير والنائب بسيارة واحدة فقط ويجري تصفية بقية السيارات للاستفادة منها حسب الحاجة وسعة العمل لأنجاز الخدمات ذات العلاقة،وعدم جواز استعمالها لغير هذه الاغراض!مع استثناء الدوائر الزراعية والصحية والبيطرية وخدمات الماء والكهرباء والمجاري والحريق من ذلك.ويكون تصميم المركبات منسجما مع طبيعة الدوائر المختلفة.ومن البديهي تخصيص الحافلات لنقل منتسبي الوزارات والدوائر من محلات اقامتهم الى مواقع العمل وبالعكس(ويشمل ذلك كافة المنتسبين من نائب الوزير فما دون)،ولابد من المحاسبة المضاعفة لسائقي المركبات الحكومية والحزبية الذين يخالفون الانظمة المرورية.
    كما ازدادت الضوضاء المرورية التي تؤثر سلبا على تكاثر الطيور والدواجن،وعلى النمو النباتي وعملية التركيب الضوئي.ومع هبوب الرياح تنتشر الروائح الكريهة من ورش تصليح السيارات وكراجات غسلها و تشحيمها(الفيترجية)ومن محطات تعبئة الوقود،وهي محلات توسعت داخل الاحياء السكنية المكتظة!وينفث الاختناق المروري الكميات الهائلة من غازات عوادم السيارات السامة وهي ملوثات غازية تفوق خطورتها ما تنفثه الصناعات المدينية من مداخن ومحركات ومولدات(الغازات الناتجة من احتراق الوقود والفضلات والنفايات الصلبة والدخان والمعادن الثقيلة).وتشهد مدن كالبصرة ومدن جنوب العراق وصولا الى بغداد ومدن شمال العراق هذه المعاناة – المأساة يوميا!الامر الذي يستدعي اعادة النظر بالعوادم ووضع مقاييس لها واستخدام الوقود الخالي من رابع اثيلات الرصاص الذي يعتبر مصدرا لتلوث البيئة وتعريض المواطنين الى امراض خطيرة.
    ان اقل من 40% من المركبات والجرارات داخلة في العمل الفعلي ولا تزيد سرعتها احيانا عن 30كم/ساعة بسبب تقادم الخطوط وضعف الصيانة،وان معظم الطرق البرية لنقل المركبات كانت ولا تزال بامس الحاجة الى الاكساء والرصف مما تتسبب في استهلاك مبكر لمركبات النقل العام والخاص.وتنتشر ظاهرة تكسرات الطرق وتآكلها لتدني خدمات الطرق واستهتار الدوريات العسكرية المدرعة مما أثر على صلاحية وسلامة المركبات والسيارات،واسهم في تعقيد الفوضى تواضع اعداد آليات صيانة الطرق وتعبيد الشوارع ونصب معدات الاضاءة المرورية!ولتلافي الفوضى المرورية لابد من تأهيل شبكة الطرق الحالية وزيادة طاقتها الاستيعابية وحمايتها من الضرر عن طريق اكمال الاجزاء المتبقية من الطرق السريعة التي تم تنفيذها سابقاً،واكمال ربط هذه الطرق بمراكز المدن التي لم يتم ربطها حتى الآن،وإنشاء شبكة طرق سريعة جديدة(ضمن محاور جديدة)لربط مراكز المدن في ما بينها،واكمال ربط العراق مع الدول المجاورة الاخرى التي لم تربط بطرق سريعة،والاستمرار بانشاء الممرات الثانية للطرق الشريانية والرئيسية المفردة،خاصة التي وصلت طاقاتها الاستيعابية الى حدودها القصوى.
    وكذلك انشاء الطرق العرضية بين المحافظات والطرق الحولية للمدن لتقليل الاختناقات،واستبدال الجسور العائمة بثابتة،والغاء تقاطعات الطرق مع خطوط السكك الحديد،وتأثيث الطرق الخارجية بعلامات الدلالة والعلامات الارشادية والتحذيرية وانشاء الطرق الريفية.ولابد من استئناف العمل بنظام باصات النقل الكبيرة المسماة سابقا بباصات مصلحة نقل الركاب لانها ملاذ فقراء الشعب،والاستخدام الكفوء للحافلات المتوفرة حاليا،وصيانة واصلاح العاطل منها والتي تتكدس بها الكراجات الحكومية ودفعها للعمل!وضمان جدولة حركتها بعد اعادة توزيعها على الخطوط الداخلية،والاهتمام اللازم بالجباة وضمانهم الاجتماعي!الى جانب العمل الجاد لاحياء مشاريع النقل العام داخل المدن،مثل المترو والترام او القطارات المعلقة،خاصة في مدينة بغداد،لانها ضرورة ملحة بغية تقديم خدمة النقل العام للناس بصورة سريعة وآمنة ولتخفيف الازدحام داخل المدن وتقليل التلوث.
    لا زال البعثيون ومتنفذو القوى السياسية الطائفية يتولون مسؤوليات كبيرة في قطاع النقل والمرور الامر الذي اسهم في افتعال ازماته المتكررة مما رفع من مهمة تطهير ادارات ومنشآت النقل والمرور من المرتزقة التي باتت بؤر صارخة للفساد الى مصاف المهام الرئيسية والوطنية الكبرى واتباع نهجا عقلانيا موضوعيا لمعالجة ازمات هذا القطاع،ومنها ضرورة تعاون مسؤولي مجمعات النقل الخاص مع اللجان النقابية التابعة للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق،وعدم السماح لمسؤولي المجمعات استخدام جماعات - عصابات تدعي انها مسؤولة عن تفتيش المواطنين غايتها فرض السيطرة على المجمعات وفرض اتاوات تقع اعباؤها على المواطنين وسائقي المركبات.ويلاحظ ابتزاز سائقي خطوط النقل السريع المستمر للمواطنين بالتصعيد العشوائي لأجرتها مما يستدعي منح الشركة العامة لادارة النقل الخاص صلاحيات حاكم الجزاء للنظر في مخالفات السواق كالامتناع عن تشغيل سياراتهم على الخطوط المنسبين اليها او تركهم الخطوط في الاوقات غير المناسبة او عدم التزامهم بالتعريفة المتفق عليها،ومن الضروري التنظيم النقابي للسواق.ويلاحظ ان الميل نحو طريقة الاجرة المقطوعة لازالت سائدة في مدينة بغداد بدل العمل على خط معين،كما يلاحظ تدني نسبة السيارات العاملة على الخطوط مساءا.   
  دور الدولة متواضع ان لم يكن معدوما،ومنهاجها في استيراد المركبات والسيارات هش،وترك القطاع الخاص يغوص في بالوعات الفساد فتوسع بما لا ينسجم والاحتياجات الفعلية للبلاد من وسائط النقل ومستلزمات ادامتها،وانتشرت معارض السيارات الاهلية في المدن العراقية بشكل سرطاني مخيف.الايراد العشوائي للسيارات ومنح اجازات استيرادها دون تخطيط قائم على قدم وساق!ولازال دور الشركة العامة لتجارة السيارات في خبر كان!ليسود هذا الميدان الجشع المتنامي لتحقيق اقصى الارباح على حساب جهد الشغيلة العاملة.من شأن حصر تجارة السيارات اسوة بتجارتها الخارجية بالدولة ان ينقذ الموقف من تحكم تجار السيارات ويضع حد لفوضى التوزيع الى جانب اعتماد مبدأ تفضيل استيراد السيارات المصممة لنقل الركاب على السيارات الخاصة،وهذا لا يمنع من الاستفادة من قطاع النقل الخاص لتحسين خدمات النقل التجاري والافراد ووضع نظام متطور لحركة سيره وخاصة في المدن!وفتح طرق خاصة لحافلات النقل التجاري الكبيرة لازالة حالات الاختناق والتقليل من مخاطر الطرق!
    دور الدولة كمنظم ومراقب لعملية النقل في التصميم والتنفيذ والتشغيل وتقديم الخدمة بكل أنواعها،ضعيف للغاية ان لم يكن معدوما!الامر الذي يعكس ضعف التخطيط والتنسيق لاتاحة الفرصة وتسهيل مهمة القطاع الخاص للعب الدور الاساسي في تنفيذ البنى التحتية ومحاور الطرق السريعة،وتقديم الخدمات،مثل تشييد محطات الاستراحة المتكاملة ومراكز خدمات الصيانة السريعة على جوانب الطرق الرئيسية لمعالجة الاعطال المفاجئة.
     الشركات العاملة في هذا القطاع تخضع لقانون"نظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على اسس تجارية"سئ الصيت رقم 22 لعام 1997،مما ييسر التمهيد لخصخصة قطاع النقل والمرور(بالتواطؤ مع الرساميل الاجنبية)او عن طريق الشراكة لاحقا!ومثلما حصل مع الخطوط الجوية العراقية التي الغيت بأسلوب تهريجي فاضح!وهذا يشمل الشركة العامة للسكك الحديد،الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية،المنشاة العامة للطيران المدني،الشركة العامة لادارة النقل الخاص،الهيئة العامة للانواء الجوية والرصد الزلزالي،الشركة العامة لتنفيذ مشاريع النقل والمواصلات،الشركة العامة لموانئ العراق،الشركة العامة للنقل البري،الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود،شركة ادارة شؤون محلات النقل،الهيئة العامة للمباني،الهيئة العامة للطرق والجسور،الشركة العامة لتجارة السيارات،ومديريات المرور وحتى امانة العاصمة... الخ.وثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الاهلية والأجنبية في هذا القطاع الى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الانسان في بلادنا.
   هنا نؤكد ضرورة انشاء هيئة للطيران المدني واعادة النظر بقرار مجلس الوزراء المتعلق بحل الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية بما يعيدها الى القطاع الحكومي،لان التبريرات لم تكن مقنعة.وهذا يساعد على اقامة نظام متكامل لادارة حركة الطيران واستعادة وزنها الدولي وتجديد ترخيصها من قبل منظمة الطيران الدولية،والسعي عن طريق المنظمة الدولية لحل الاشكلات العالقة مع دولة الكويت في هذا المجال!والاسراع بإعادة تأهيل مطارات بغداد والبصرة واجهزتها وتوسيع القاعدة التحتية للمطارات كافة من اجل توسيع طاقتها الاستيعابية!
   سبب توقف شبكة خطوط السكك الحديد فترة زمنية غير قليلة الى ضعف مواكبة شبكات السكك العالمية والمتطلبات المتنامية في مجال النقل بمواصفات حديثة تنسجم مع تطور بقية القطاعات في البلاد،ولتأمين ربط العراق بشماله مع جنوبه وشرقه وغربه،وامكانية ربطه مع الدول المجاورة.وهذا يتطلب اعادة تأهيل الشبكة الحالية،وتجهيز الشركة بالقاطرات والمركبات الجديدة والجرارات وعربات المسافرين وشاحنات نقل البضائع وشراء اجهزة الصيانة التي تحتاجها،ورفع الطاقة الاستيعابية للشبكة ودرجة الأمان فيها،والارتقاء بنوعية ومواصفات البنى التحتية ونوعية الخدمات التي تقدمها وتعزيز موقع العراق الجغرافي كقناة جافة في مجال نقل البضائع بالترانزيت بين آسيا وكل من اوروبا وتركيا وسوريا،واكمال ازدواجية الخطوط المفردة،وانشاء محاور جديدة بمواصفات عالية،عن طريق الغاء كل تقاطعات خطوط السكة مع الطرق،وتأثيث السكك الحديد بالاشارات والاتصالات وفق نظام الالياف المضيئة،واصلاح الجسور التي تمر عليها خطوط السكك الحديد،ومد الخطوط الى الحدود السورية تمهيدا للوصول الى تركيا لنقل البضائع التجارية والمسافرين،واستكمال عمليات استبدال الاشرطة الحديدية لخط بغداد الموصل – الياربية على الحدود السورية،والاهتمام بتحديث مهارات العاملين لتلبية متطلبات المعدات الحديثة،وايلاء اهتمام اكبر بمركزالتدريب وتزويده بالاجهزة والمعدات الحديثة من اجهزة عرض وحاسبات.
    اختيار الاساليب المتطورة لاستثمار الموانئ العراقية يسير بخطى بطيئة،والاسطول البحري لازال متواضع بعد ان كان يمتلك اكثر من 25 سفينة نقل وشحن،الا انه تلاشى بعد عام 1990 وتوقف بسبب حرب الخليج الثانية،وتركت سفنه جاثمة في موانئ خارجية،في حين بيعت اعداد منها لتقادمها لعدم صلاحيتها للعمل!وتفتقد الموانئ العراقية لزوارق مكافحة التلوث في المياه الاقليمية!البطء هو السمة الملازمة لعمليات الحفر والتعميق،واعادة تأهيل ميناء ام قصر وتوسيعه بعد ازالة البواخر والسفن الغارقة،وتحديث الاجهزة والمعدات"خاصة سفن الجذب والتوجيه ومعدات الاسعاف السريع".
   تنمية الغطاء الاخضر على جوانب الطرق يسهم في امتصاص الحراج والمناطق المكسوة بالاشجار والحدائق للضجيج المروري!ويسهم الغطاء الاخضر في صد الرياح وامتصاص الاشعة الشمسية!ويستطيع هكتار من اشجار الصنوبر والارز والعفص امتصاص قرابة 250 كيلوغرام من الكاربون الجوي ونفث 225 كيلوغرام من الاوكسجين الامر الذي يسهم في تنقية الاجواء من التلوث.ومعروف ان درجة حرارة الشارع المبلط بالاسفلت الذي لا تظلله الاشجار ترتفع بمقدار 11 درجة مئوية وليصل الفرق بين درجة حرارة السطح المغطى بالحشائش والسطح المغطى بالاسفلت احيانا الى 25 درجة مئوية.وتطلق المساحات الخضراء الرطوبة النسبية بمقدار 11% لتبلغ الطاقة التبريدية لمساحة 1012 متر مربع ما يعادل عمل 20 مكيف هواء حجم كبير.

•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!

   
   كانت واردات قطاع الاتصالات العراقي قبل عام 2003 تأتي من واردات الاتصال الأرضي داخل العراق وخارجه وورادات الخدمات البريدية من رسائل وتوفير وغيرها!ولم تكن هناك وزارة اسمها وزارة الاتصالات،وانما شركة هي الشركة العامة للاتصالات والبريد تابعة لوزارة النقل وهناك شركة اخرى مختصة بخدمات الانترنيت،وقد بلغ عدد الموظفين اجمالا بحدود 17000 موظف،بينما بلغت كلفة الاتصال الداخلي للدقيقة الواحدة معدل 2 دينار داخل المدينة.
    يتصاعد تذمر المواطنين من سوء خدمات شركات قطاع الاتصالات في العراق،ويعبرون عن غضبهم تجاه تلك الخدمات التي تتردى يوما بعد آخر،بسبب استنزاف هذه الشركات لجيوبهم في اكبر عملية سرقة منظمة في وضح النهار،الى جانب الآثار السلبية لبنية القطاع التحتية وما تسببه من اضرار،لانها لا تلتزم بالمواصفات القياسية العالمية فيما يتعلق بعوامل الامان الاشعاعي عند البناء والتركيب في جميع المحافظات العراقية!كل ذلك قد خطف بريق خدمات الاتصالات السريعة كتقنية متطورة وفرت للمواطن في بلادنا خدمة تواصل،سيما وان البنى التحتية لشبكة الاتصالات قد لحقها تخريب كبير بعد ان تضررت اثناء النظام السابق بسبب الحروب والحصار الاقتصادي.في ظل هذا الواقع الاليم وجب:
   من مصلحة الكثير من القوى والشركات ابقاء خدمة الهواتف الأرضية معطلة!ويتسبب عرابو التوليد التجاري دوما بحرق كارتات البدالات الارضية وتعطيل الكابينات عن العمل بسبب التماسات الحاصلة من تعليق الأسلاك الكهربائية الرديئة للمولدات في الاحياء السكنية على اعمدة الهاتف!ورغم ان خدمة الهاتف الأرضي خارج العراق متوقفة منذ عام 2003،فأن عملية منح التراخيص للشركات الخاصة التي تبيع كارتات الاتصال الخارجي في الأسواق عن طريق الهاتف الأرضي تشوبها الفوضى،بينما كلفة الاتصال الارضي الداخلي/الدقيقة الواحدة داخل المدن لازالت مرتفعة(وهي اليوم بمعدل 5 دينار اي اكثر من ضعف ما كان عليه قبل سقوط النظام!رغم انها تعادل  4% من كلفة الدقيقة للهاتف النقال).من الضروري الربط الفعال بين تحسن خدمة الهاتف الارضي وضمان تسديد الاقساط الهاتفية في مواعيدها!ورغم ارتفاع الطلب على شراء الخطوط الأرضية الا انه وبسبب غياب سلطة القانون وكثرة اعطال الهاتف الأرضي والتأخر في اصدار الأقساط الهاتفية انخفضت نسبة تسديد الأقساط الهاتفية الى معدلات كبيرة بحيث انه في احدى البدالات مثلا وصل نسبة الهواتف المطلوبة ديون ومقطوعة الاتصال بأسباب الديون الى اكثر من 50% من عدد هواتف البدالة.
   تحتاج هيئة الاعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات الى تشريع قوانين جديدة تنظم عملها ولضمان ادارة شركات الهاتف النقال واللاسلكي فنيا وماليا بشكل مركزي من قبل الدولة!ولضمان الشفافية والمنافسة الحرة والنزاهة في عقود شبكات الهاتف النقال بما يكفل تأمين أفضل الخدمات،بأرخص الأسعار الممكنة،وضمان حقوق الدولة،واعادة النظر في دور الهيئات الرقابية على هذا القطاع،وفض التداخل  بين مهامها الرقابية والتنفيذية والخدمية.وكذلك لتنظيم منح التراخيص لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق،وفرض غرامات متصاعدة وكبيرة عليها في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها،او تلبسها بعمليات الاحتيال الكبيرة على المواطنين!كالفشل في تأمين الاتصال،واستحالة اتمام المكالمة الواحدة دون محاولات عديدة ورداءة الصوت!ناهيك عن لجوء الشركات الى زيادة اعداد المشتركين بسبب اللهاث وراء زيادة الايرادات حتى وان كانت هذه الزيادة خارج طاقة الاستيعاب التقني للشبكات القائمة ما يؤدي الى قطع المكالمات فيضطر المواطن الى اعادة الاتصال عدة مرات،وعدم تنفيذ التزاماتها ومنها عدم فتح باب الاستكتاب العام لبيع الحصة المقررة للمواطنين في العقد وبالسعر الاسمي للسهم،وعدم الايفاء بدفع حصة الدولة من نسبة الايرادات الاجمالية من موارد الشركات،وتسديد الأقساط الباقية من قيمة التراخيص في الوقت المحدد...ولتأمين عدم الالتزام مع شركات الهاتف النقال بعقود طويلة الأمد(مدة العقود لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق 15 عام اي حتى سنة 2022)،لأن قطاع الاتصالات من اسرع القطاعات نمواً وتطوراً في العالم بحيث انه وخلال مدة اقل من خمس سنوات ظهر جيلين من اجيال تقنيات الاتصال!وفي خلاف ذلك تكون الشركات حريصة على الربح اكثر من حرصها على تطوير تقنيات الاتصال لديها.وتخلو العقود الحالية من الشروط التي تضعها عادة الجهة المتعاقدة على الشركات لتطوير اجهزتها وتقنياتها لتقديم افضل الخدمات!
    شركات الهاتف النقال المتعاقد معها تعمل بتقنية (gsm) وهي من تقنيات الجيل الثاني  للاتصالات،تقنية قديمة تم التخلص منها في كثير من البلدان واغلب دول الجوار الآن تعمل بتقنية الجيل الثالث المطور(تقنيةcdma2000 )،وبعضها بدأت بالعمل على تقنية الجيل الرابع(تقنية wimax)،ويجري التحضير في الكثير من البلدان المتقدمة لتقنية الجيل الخامس،وبين كل جيل وجيل بون شاسع من الإمكانيات والتسهيلات التقنية وتقليل كلف المكالمات وغيرها من الاضافات.مع ملاحظة ان بعض هذه الشركات(شركة زين مثلا)تعمل بتقنيات اكثر تطورا في البلدان الاخرى فلماذا تستخدم تقنيات متخلفة في العراق؟
  باتت مهمة ملحة ربط تراخيص الهاتف النقال والثابت وكل ما يتعلق بالاتصالات بوزارة الاتصالات فنياً ومالياً،لأغراض توفير مبالغ كبيرة لميزانية الدولة،وتغطية رواتب موظفي وزارة الاتصالات بكوادرها كافة بدل التنازع الموجود حالياً حول هذا الموضوع والذي قد يقود الى تسريح عدد من الموظفين رغماً عنهم،ومواكبة التطور الحاصل في قطاع الاتصالات من خلال اشراف جهة متخصصة على العمل،وتطوير باقي جوانب قطاع الاتصالات بالاستفادة من الأرباح الزائدة،وتوفير فرص عمل كبيرة!وبات لزاما حظر استخدام شركات الهاتف النقال العاملة في العراق البنى التحتية لوزارة الاتصالات واعتمادها بنسبة كبيرة على موظفين من قطاع الاتصالات الحكومي نفسه!واعادة مشروع الهاتف النقال الحكومي الذي كان قد بدأ العمل به قبل عام 2003 الى العمل،وتعويضه عن كافة الخسائر التي لحقت به بعد هذا التاريخ!او استحداث شركة حكومية منافسة لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق!ومن الممكن دخول الحكومة كشريك في قطاع الاتصالات من خلال الشراكة مع نفس الشركات الموجودة!وعدم ترك الحبل على الغارب!وضرورة ان تسن القوانين التي تنظم عملية نصب الابراج بالتعاون مع المؤسسات العلمية من جامعات ومراكز بحثية حفاظا على سلامة المواطنين!وحساب رصيد مكالمة النقال على اساس الثانية وليس الدقيقة،وكما هو متبع في بلدان العالم الأخرى،وكما مثبت في العقد المبرم بين هيئة الاتصالات والاعلام وبين الشركات.
    يتقلص حجم الفساد في هذا القطاع عبر فرض اجراءات رادعة منها الغاء العقود مع الشركات ان لم تتحسن الخدمات!والضغط على شركات الاتصالات ووضع ضوابط لنصب ابراج الهاتف النقال من ناحية شدة الاشعاع المسموح بها ومراعاة مسافة الامان بين الابراج والمحطات!والضغط على شركات النقال بتخصيص مبالغ من ارباحها لدعم البحوث العلمية لقياس تأثيرات الابراج،ومنع اقامتها بالقرب من المستشفيات والمدارس،وتولي مجلس النواب مسؤولياته في محاسبة وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات والمسؤولين في شركات الهاتف النقال والانترنيت عن المبالغ التي تؤخذ من المواطنين دون وجه حق،وعن الخدمة السيئة التي يتلقها المواطن!وحظر استخدام شركات الهاتف النقال العاملة في العراق في الدعاية الانتخابية،ونقل رسائل التهنئة من  الهيئات الرئاسية والتنفيذية الى ابناء الشعب!الى جانب تشريع واقامة مؤسسات حكومية معنية بحماية المستهلك للحفاظ على حق المواطن في الحصول على الخدمات التي يشتريها على احسن وجه!ومن الضروري ان تلعب مؤسسات المجتمع المدني دورها المنشود في حماية المستهلك من خلال نشر ثقافة:الحق مع الزبون دائما.
    عملية فتح مكاتب الانترنيت في العراق تسودها الفوضى وتجري دون ضوابط!ان تنظيم هذه العملية يعزز من دور شركة خدمات الانترنيت الحكومية التي لازالت تقدم خدمات متواضعة مقارنة مع المكاتب الأهلية لا كماً ولا نوعاً(بلغ عدد المكاتب الاهلية 358 عام 2006 وبأرباح اكثر من 10 مليارات دينار في حين بلغ عدد مكاتب شركة خدمات الانترنيت 22 مكتب وبأرباح بلغت اقل من مليون دينار،ووفق تقديرات موثوقة فان ارباح المكاتب الاهلية تصل في هذا العام 2010 الى اكثر من 50 مليار دينار عراقي).ومن الضروري فرض الغرامات على شركات الاتصالات الثابتة اللاسلكية وخدمات الانترنيت اسوة بشركات الهاتف النقال في بلادنا في حال عدم استجابتها لطلب تحسين خدماتها!واعتماد سياسة تنويع سلع الاتصالات الثابتة اللاسلكية والهواتف النقالة وسلع الانترنيت المنتجة محليا واستخدام الخامات الوطنية أساسا للانتاج وتقليص اعتماد السوق على ايراد قطع الغيار الضرورية من الغرب،وتأهيل الشركة العامة للصناعات الالكترونية لتأخذ على عاتقها جزء من هذه المسؤولية.وكذلك محاسبة تجار سلع الاتصالات الثابتة اللاسلكية والهواتف النقالة وسلع الانترنيت التي تدخل من مختلف المناشئ العالمية الى البلاد وبالنوعيات الرديئة مقابل العمولات المغرية والتسهيلات الامنية!وعلى وزارة الصحة واجب فحص العوائل التي ينصب فوق بيوتها ابراج الاتصالات،بصورة دورية،للتأكد من عدم اصابتهم بأضرار صحية.
   لابد من تنظيم فتح مكاتب البريد السريع(dhl)الاهلية  بحيث لا يهمش دور خدمات البريد العادي ويقلص وراداته الى ادنى حد(بلغت نسبة الصناديق البريدية الشاغرة سنة 2007 اكثر من 85%)...واخيرا لابد من معالجة حالات التأخر في صرف رواتب موظفي وزارة الاتصالات والشركة العامة للاتصالات والبريد وشركة خدمات الانترنيت،وتسليمهم فروقات الرواتب المستحقة  بعد اجراء التعديلات على سلم رواتب موظفي الدولة،وكذلك المخصصات الهندسية التي لا يتم تسليمها مع الراتب حتى يومنا هذا!علما ان راتب الموظف في الاتصالات يصل الى نصف راتب الموظف في الكهرباء رغم كونهما يمتلكان نفس الشهادة ونفس سنوات الخدمة،والفرق الوحيد بينهما ان وزارة الكهرباء تحصل على دعم وزارة المالية في توزيع مخصصات الخطورة والساعات الاضافية وغيرها من المخصصات التي لا وجود لها في قاموس الاتصالات بحجة ان وزارة الاتصالات وزارة تمويل ذاتي،في حين ان وزارة الكهرباء وزارة مستهلكة ووزارة الاتصالات وزارة منتجة.ووفقا لمصادر مطلعة فان دعم وزارة المالية ينتهي في الشهر السابع من هذا العام 2010 ،وبالتالي فان وزارة الاتصالات لن تتمكن من دفع ربع رواتب موظفيها.
    معالجة ازمة قطاع الاتصالات ترتبط اساسا بمعالجة مجمل التخبط الذي يعاني منه البرنامج الحكومي واداءه الفاشل،وخطل السياسات الحكومية الخائبة،وآثار ما تقترفه الليبرالية الاقتصادية الجديدة من آثام!وتغييب التخطيط وكل مصطلحات"التنمية" و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"بشكل مرسوم ومتعمد،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح النخب الطفيلية البيروقراطية الحاكمة وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!ويبدو ان ما يجري هو عبارة عن عملية تهديم لقطاع الاتصالات يشارك فيها الكثير من الجهات والشخصيات المتنفذة،والتي لديها مصالح مع اصحاب شركات الاتصالات المستفيدة من هذا الوضع!انها عملية خصخصة غير مدروسة لقطاع الاتصالات تؤدي بالنتيجة الى تسريح آلاف الموظفين وهدر الطاقات الفنية والعلمية والادارية التي يمتلكونها،وتدمير قطاع الاتصالات الارضية،في حين ان هذا القطاع لازال يعمل في كل دول العالم ويتم تطويره بالتوافق مع الهاتف النقال والثابت،وزيادة هيمنة شركات الهاتف النقال والثابت(اللاسلكي) على المواطن العراقي وعلى الاقتصاد العراقي دون خدمات مميزة تذكر.


راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011

بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثاني
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260946
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الثالث
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261070
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الرابع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261200
بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الخامس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261345
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم السادس
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261470


101
بنية الفساد المركبة في العراق / القسم الثاني




سلام كبة

•   المفاتيح وغسيل الاموال القذرة في العراق!
•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟
•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!
•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!
•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!
•   الانتعاش الرأسمالي في القطاع الطبي والتأرجح بين الرقابة الصحية ورقابة الضمير!
•   البطاقة التموينية والتجويع من اجل تركيع الشعب!
•   الطفل والمرأة في عراق السخرية القاتلة!
•   العطالة سلعة للمتاجرة والفقر ابو الكفار!
•   كهرباء العراق بين الواقع والتضليل..من يحاسب وزارة الكهرباء وسرطان التوليد التجاري؟
•   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!
•   تدهور وتراجع القطاع الزراعي!
•   النقل والمرور والفساد والاختناقات العقدية!
•   قطاع الاتصالات واستنزاف جيوب المواطنين!
•   تفاقم معدلات الامية...والشهادات المزورة تقتحم قمة الهرم الحكومي والمؤسساتي المدني!
•   ديمقراطية الاستخفاف بالعقول..من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!
•   قوننة التظاهرات وتكميم الافواه وقتل وقمع الاحرار الذين يطالبون بالخدمات ولقمة العيش... في ظل ايادي تدمر،من قال اننا نبني ونعمر!!
•   قانون الاحزاب صك بدون رصيد ويضع الاحزاب تحت وصاية الحكومة!
•   التدخلات الحكومية بالشأن النقابي معاقبة للشعب الذي خرج للتظاهر ضد الفساد!
•   الطائفية السياسية واجهزة أمنها توأم لبغي واحدة!
•   جيش المهدي يخرج من الباب ليعود من الشباك!
•   البلطجية مافويات فاسدة وليدة زواج المتعة بين السلطة الاستبدادية ونهب المال العام.
•   حكومة كلاملوجيا ورئيسها يشكو من التآمر عليه!
•   الفساد يطال المؤسسات الرصينة كالشهداء والحج والسجناء السياسيين!
•   عرقلة لجنة المادة 140 من الدستور!
•   الفساد القضائي .. عراب الفساد الاكبر!
•   الحكومة الالكترونية واعادة انتاج الفساد!


•   نهب العقارات والاستيلاء عليها .. دوائر طابو وتسجيل عقاري وضرائب ام دوائر تسول وطفيلية وفساد؟[/u][/b]
   
    البورجوازية العقارية والمتلازمات الطفيلية والبيرقراطية من المنتفعين الكبار في مسيرة دفع العراق سريعا على طريق اقتصاد السوق المنفلت عبر ازالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة وفتح الاقتصاد العراقي على مصراعيه وتهيئة الاجواء للخصخصة الواسعة،وتريد الانفتاح بلا حدود،وتسعى لتقليص نفوذ القطاع الحكومي،والحد من تدخل الدولة واخراجها من الحقل الاقتصادي،والترويج لاقتصاد السوق باعتباره الدواء الوحيد لحل مشكلات الاقتصاد العراقي.ومع اشتداد ازمة القطاعات الانتاجية وانحسار دور الدولة الاقتصادي والتنظيمي،ينمو بدعم هذه البورجوازية،قطاع واسع من انشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وتتسم نشاطاته بضعف الانتاجية وقلة القيم التي يخلقها وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين.ويتصدر التزوير وغيرها من النشاطات غير المشروعة هذا القطاع!ولا تفكر هذه القوى جمعاء بتبعيات هذه الخيارات ومفاقمة المشكلات الاقتصادية،بل تكريس نهج الليبرالية المنفلتة وشبح الرأسمالية المتوحشة.
   لقد ظهرت  فئات وشرائح اجتماعية تتداخل انشطتها التجارية مع عمليات السطو والنهب التي ترافقت وانهيار النظام والدولة العراقية بعيد نيسان 2003،وتتركز نشاطاتها بصورة رئيسية في مجال التداول وليس في مجال الانتاج وخلق القيم،وتحصل على مداخيل وتجني  ارباحا من تلك الانشطة القائمة على الوساطة فضلا عن الانشطة اللاشرعية كالتهريب وفرض الاتاوات والاستحواذ على ثروات الآخرين.وتمخضت تطورات السنوات الأخيرة عن تحول في بنية الائتلاف الطبقي الحاكم(ائتلاف البورجوازية البيروقراطية الطفيلية)لصالح الفئات البورجوازية الطفيلية والعقارية،بعد ان ظلت البورجوازية البيروقراطية تهيمن عليه عدة عقود.
   كثير من قادة النظام السابق باعوا املاكهم مستثمرين فساد ذمم الموظفين في دوائر الطابو والسجل العقاري وقاموا بتهريب نقودهم الى سوريا والاردن حيث يسكنون فيهما بأجمل وارقى الفلل!..الحيتان والكواسر الذين نهبوا او سيطروا على اموال وعقارات النظام السابق،سينزل بهم الشعب العراقي اقصى العقوبات ان لم يعيدوها الى الشعب او الدولة،وستنتزع منهم انتزاعا بتأييد ساحق من فقراء شعبنا كي لا تتفشى في مجتمعنا الجديد امراض النظام المباد بالمزاد العلني!
   هيئة دعاوي الملكية العقارية ودوائر الطابو والسجل العقاري والضرائب في بلادنا من البيروقراطية المفرطة وسوء الادارة والروتين القاتل والفساد المالي وعشعشة بقايا البعث العفن،الذي يجهد للتسلل الى المفاصل الحيوية للدولة العراقية والمواقع المتنفذة في الاحزاب السياسية العاملة،خاصة القوائم السياسية الفائزة.ادى ذلك الى سرقة وثائق ثبوتية من الملفات والتلاعب بالقضايا لصالح من يدفع الرشوة او يهدد من المالكين الحاليين،كما ان مدة التمييز غير محددة.المسؤولون يعلمون جيدا انه لا يوجد نزاع حول ملكية املاك،وانما هناك اعادة حقوق مغتصبة نهبتها دولة العراق من مالكيها الشرعيين وسجلتها لوزارة المالية او استخدمتها كدوائر حكومية،وهناك اعادة حقوق مغتصبة نهبها"بزنس الارتشاء والتهريب والفساد"الذي اصبح ثقافة راسخة لدى البعض ونهم لا ينقطع للحصول على المال الحرام والذي يؤدي ليس الى التدمير الروحي للمجتمع وحسب،بل والى الفتك بالارواح وتدمير البلاد.الدولة من جهتها ملزمة باعادة ما سرق بغض النظر عن من يقوم بادارة هذه الدولة!
    القانون الجديد لهيئة دعاوي الملكية رقم 13 لسنة 2010 نص على احكام جديدة تنصف المتداعين وتوازن بين مصلحة المتخاصمين في الدعوى مع الحفاظ على المال العام،وقد اوجد 3 هيئات تمييزية بدلا من واحدة للنظر في الدعاوى المقدمة،كما نص على تشكيل 45 لجنة في المحافظات للنظر في القضايا!وحسمت الهيئة منذ تأسيسها 82000 دعوى واعادت 16000 عقار لأصحابها من اصل 162000 دعوى مقدمة،وحسمت بعد صدور القانون الجديد  1566 دعوى قدمت في العام 2006.ولازالت نسب انجاز الدعاوى في المحافظات متفاوتة!ومؤشرات الفساد في عمل هيئة دعاوى الملكية متميزة وصارخة،خصوصا قبل تشريع القانون الجديد،وتتعلق بعمل المؤسسات القضائية في الهيئة واداء الجهات الادارية.فقد انتهكت الهيئة حقوق الخزينة العامة،حيث كان هناك مغالات في بعض التعويضات التي اعطيت للمواطنين عن العقارات التي صودرت في ظل النظام السابق والتأخر في دفعها!
   وللتاريخ فقد تكرست ظاهرة"بيزنس الحرب والارهاب والارتشاء والتهريب والفساد"كعلاقة مشبوهة بين الصناعات العسكرية والبيوتات المالية والمؤسسات الاعلامية وشركات المقاولات وعبر العقود المشبوهة والمشكوك بأمرها،واصبحت عائلات كثيرة ثرية جدا ليس بسبب استغلالها لوسائل الانتاج وتطويرها لتلك الوسائل بل لانهم خدموا في القصور الملكية سابقا والجمهورية لاحقا،وبسبب انهم من كبار رجال البلاط والدولة وحاشية قادتها وكبار ضباط الجيش العراقي ومن كبار رجال الامن والمخابرات ومن بعض شيوخ العشائر الذين وهبتهم الحكومات العراقية الكثير من الاراضي الزراعية ليوالوها!وتتعامل الرأسمالية الجديدة مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات،وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.
  باتت الطفرات العقارية وقضية استيلاء الجهات السياسية المتنفذة والديناصورات الاهلية على العقارات"المربع الرئاسي بالجادرية مثلا"،وبالتواطؤ مع دائرة التسجيل العقاري والدوائر العقارية،معروفة عند القاصي والداني!وتتوسع قوائم الاثرياء ويتضخم ناديهم اذ يشهد دخول شخصيات جديدة تخلق الثروات الجديدة وتضاعف ثرواتها الشخصية بشكل لافت!فقد تحولت اكثر من الفي عقار في وسط المنطقة الخضراء،وضعفيها خارجها من اسماء اصحابها الأصليين الى ملكية ثانية.وتصنف هذه العقارات على انها اثمن العقارات تقريبا في العاصمة بغداد،وتم تقاسمها كلها في صفقات بدأت عام 2005 ولم تنته حتى الآن!وتقدرّ الكلفة الاجمالية للعقارات التي تحولت الى اسماء مسؤولين حكوميين جدد للمدة ما بعد 2004 وحتى اليوم بأكثر من 3 مليار دولار!ويمتلك اليوم احد الديناصورات 40 عقارا تفوق قيمتها مليار دولار،حصل عليها بعد عام 2003  بطرق غير مشروعة وبتواطؤ بينه وبين بعض موظفي التسجيل العقاري في الرصافة الثانية،وقد حقق منفعة ايضا لعوائله والجهات المقربة الى حد الدرجة الرابعة منه!نعم،يتضخم نادي الاثرياء في بلادنا مع الاثراء بالسرعة الخاطفة وامتلاك العقارات والقصور على ضفاف دجلة وفي دول اخرى،مع ان ماضي هؤلاء المعاشي معروف لدى الجميع!استولى الجميع على قطع الاراضي والعقارات بغير وجه حق وبغير سند قانوني!
     استولى حسين الشامي المستشار الثقافي لنوري المالكي في عهد مجلس الحكم على جامعة البكر في منطقة الوزيرية،واعطاها اسم جامعة الامام جعفر الصادق(ع)،وحين انهى مهامه في الوقف الشيعي وبعثات الحج اعلن ان الجامعة اهلية يملكها شخصيا!لقد استولى الشامي على الجامعة التي تبلغ مساحتها 13 الف متر مربع بثمن بخس لاقامة جامعة خاصة لاغراض ربحية بغطاء ديني.لماذا بيعت الجامعة المملوكة للشعب العراقي بصفته صاحب الدولة على القطاع الخاص بهذا السعر البخس وتحت اي معيار قُدر المتر بمائة الف دينار اي اقل من مئة دولار ولماذا بيع اكثر من 13 ألف متر مربع هي مساحة الجامعة التي تقع في ارقى منطقة من العاصمة بغداد بمبلغ مليار و300 مليون دينار عراقي فقط ،بينما اسعار بعض البيوت يتجاوز مبلغ المليون دولار وليس دينار.
   هناك عقارات حكومية تم شراؤها بمبالغ لا تتجاوز 25 الف دينار في احسن الاحوال كما هو الحال مع مديريات الأمن السابقة ومقرات الجيش الشعبي ومقرات الفرق والشعب والفروع والمكاتب التابعة لحزب البعث المنحل،التي تزيد مساحات بعضها على الف متر مربع في قلب مراكز المدن العراقية اصبحت الآن ملكا خاصا للأحزاب الحاكمة وافرادا تابعين لها وفق مبايعات صورية مع وزارات المالية والبلديات والداخلية!ولم تسلم حتى منشآت مطار المثنى واراضيه من نهب المتنفذين!وآليات تحويل املاك هذه العقارات غير قانونية اعتمدت على قرارات تصدر من السلطات العليا وبفعل ضغوط سياسية،مما يبين مدى استشراء الفساد المالي والاداري والتلاعب بالاملاك الحكومية واملاك المواطنين!ويبقى التساؤل قائما"هل من حق المسؤول ان يسكن القصور بينما آلاف العوائل من أبناء شعبه تسكن العشوائيات،ومكبات النفايات والخيم،وبيوت الصفيح؟اذا علمنا ان هذا المسؤول كان يعيب ذلك على رأس النظام السابق،عندما كان يبني القصور،فيما الشعب يبقى تحت وطأة الجوع والحرمان في حصار مقيت استمر 13 عاما!".
    لازال العمل في دوائر السجل العقاري"الطابو"والهيئة العامة للضرائب يعتمد المعاملات الورقية بدل النظام الالكتروني"ادخال جميع البيانات المتعلقة بالخصائص المادية والقانونية والمالية للعقار بالحاسبة"،وهي دوائر تعاني من الروتين القاتل الذي يجعل معاملة بلوغ سن الرشد مثلا تستغرق 3 اسابيع،وتتطلب الكشف على العقار ودفع رسوم او ضريبة العقار،والرشاوي التي تصل احيانا الى حدود غير معقولة وفق معدلات الفساد السائدة!يذكر ان المعاملة لا تتطلب سوى ابراز هوية الاحوال المدنية!والابتزاز سمة ملازمة للترهل البيروقراطي،والكسب غير المشروع،والروتين القاتل الذي لا يتحرك الا بالرشوة والواسطة!4 ساعات كاملة تقضيها في دائرة طابو لغرض الحصول على صورة سند،لا لشئ سوى لعجرفة المتلازمات الطفيلية،وللفوضى واللاابالية والاهمال الذي تغذيه الولاءات دون الوطنية وكاولية البعث المقبور!ويزداد استغلال هذه الدوائر للفقراء في الاحياء والمناطق الشعبية!اما المصرف العقاري فهو يعاني ايضا من الروتين القاتل في تمشية المعاملات عبر لجان الكشف الدورية  بمراحلها الثلاثة"الماراثونية"المتعبة والمرهقة المعروفة لدى المعنيين والمواطن.ولازال دور وزارة المالية سلبيا في تسهيل انسيابية الحصول على القروض وبدفعة واحدة.
   لازال شرط  احصاء عام 1957 في التملك والذي منح العراقيين الحق بتملك العقارات في عموم العراق قائما،والحال ايضا مع قانون ضريبة العقار رقم 162 لسنة 1959 والذي ينظم عملية الاستقطاع الضريبي للعقارات..العدالة الضريبية تقتضي بعدم فرض ضريبة عقار على العقارات التي ينعدم وجود ايرادات منها انصافا للمالكين،والامر يقضي اعفائها من الضريبة طيلة فترة خلوها على عكس ما معمول به في النصوص التشريعية النافذة والتي تحدد فترة الخلو مدة ستة اشهر!وكذا الحال مع قانون ايجار العقار المرقم 87 لسنة 1979 في 18 ايلول2007،والعوائل العراقية بحاجة الى الاستقرار الاجتماعي في الوقت الحاضر بغية فسح المجال لهم في ترتيب اوضاعهم الاجتماعية والمعاشية وخشية من عرقلة العمل في الدوائر الحكومية في حال تخليتهم.مما سبق يستدعي تعديل هذه القوانين والقوانين الموازية بما يتناسب والواقع المعيشي الراهن.

•   السياسة الاسكانية تستهلكها الوعود الكاذبة!

     توفير السكن الملائم من الحاجات الاساسية التي ينبغي توفيرها للمواطن،وفي العراق يفتقد 25% من مواطنيه للسكن،وهناك اكثر من 7 ملايين عراقي بدون سكن،وحاجة الى بناء ما بين (1.5 - 3) ملايين وحدة سكنية تقدر تكلفة بناءها بنحو 120 مليار دولار!واذا اخذنا بنظر الاعتبار بالسكن المركب(سكن اكثر من عائلة في مسكن واحد)،والذي بلغ في العراق (2.2) اسرة لكل وحدة سكنية،وكذلك المساكن المتهالكة والآيلة للسقوط،فإن الأمر يستدعي بناء ضعف العدد المقدر!وينفق المواطن اليوم ما بين 60 – 70% من دخله الشهري على السكن والنقل،بينما لازالت جهود الدولة متواضعة لحل ازمة السكن،وهي في طور تنفيذ 27 مجمعا سكنيا بواقع مجمعين في اغلب المحافظات،يضم كل مجمع 504 وحدة سكنية!
    تواجه الاستراتيجية السكانية في بلادنا صعوبات جمة منها التقادم الانشائي وتآكل المواد الانشائية مع تقدم الزمن وغياب الادامة والصيانة والتحديث،فوضى التوسع العمراني وظاهرة البناء العشوائي وعلى السطوح والتقادم العمراني،النمو السكاني الكبير وآثار الحروب والتغيير الديموغرافي نتيجة الارهاب والتهجير القسري والفساد واغتصاب الملكيات،وتتتواصل الهجرة التقليدية من الريف الى المدن طلبا للرزق نتيجة تدهور الزراعة المستمر.وارتفعت اسعار المواد الانشائية عشرة اضعاف اسعار عام 2003 بسبب ارتفاع اسعار المشتقات النفطية واجور النقل والوضع الامني المتردي وفوضى الاستيراد وضعف مراقبة تدفق السلع الامر الذي ادى الى دخول سلعا لا تستوفي شروط ومعايير السلامة والنوعية،وتحول العراق الى بلد للطمر الصناعي.ومن الاسباب الرئيسة في ازمة السكن في العراق وارتفاع اجورها يعود الى الشركات الاستثمارية التي دخلت العراق،وبدأت تستأجر البيوت مقرات لها بسعر يفوق الخيال وبالعملة الصعبة يصل الى 10000 دولار/الشهر الواحد.
    لا توجد تخصيصات مالية كافية لحل ازمة السكن،وليس هناك تعاون بين الوزارات لحل ازمة السكن،وليست هناك شركات استشارية اجنبية لحل ازمة السكن،فضلاً عن وجود تشريعات قانونية معرقلة لحل هذه الازمة.ان 11% من العراقيين يسكنون في وحدات سكنية فيها اسرتان،و 7% منهم يسكنون في وحدات سكنية فيها ثلاث اسر او اكثر،وحسب تصريحات بعض المسؤولين في وزارة الاسكان والاعمار فان هناك اكثر من 450000 عائلة بدون سكن في العراق،وان نسبة العجز السكني ارتفعت الى 15% من عدد الاسر في البلاد.ويحتاج العراق الى (1- 3.5) مليون وحدة سكنية،وفق الخطة الخمسية للتنمية (2010 – 2014)الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الانمائي!ويسكن 17% من مواطني بلادنا بطريقة عشوائية،اما الذين يسكنون في اراضي تابعة للحكومة فتبلغ نسبتهم 21%،فيما يسكن 23% من العائلات في منازل غير مؤهلة صحيا،وان ثلثي دور السكن تشكو من اختناقات سكانية،في حين ان الأسر الجديدة لا تستطيع الانفصال عن العائلة الأم لأسباب اقتصادية.ويبلغ معدل الذين يسكنون في الغرفة الواحدة من خمسة اشخاص الى ثمانية.وما يزيد الأمر تعقيدا هو توقف توزيع قطع الأراضي على المواطنين من قبل الحكومة،وارتفاع اسعار مواد البناء،وعرقلة مشاريع الاسكان الحكومية.
    لا يوجد تخطيط ومتابعة للعملية الاسكانية في العراق،والمجلس الاعلى للاسكان معطل،والهيئة العامة للاسكان تعاني من البطالة المقنعة،والمركز الوطني للاستشارات الهندسية والمعمارية والمركز الوطني للمختبرات الانشائية يعجان بالمشاكل والعراقيل!،والسوق السكني"حجم المعروض من الوحدات السكنية مقابل الحاجة والطلب على هذه الوحدات"تسوده الفوضى،وتواجه المشاريع الاسكانية عراقيل استثمارية،ولازالت معطلة مشاريع الاسكان الوطني لتوزيع الاراضي على ذوي الشهداء والمهجرين والسجناء السياسيين والموظفين ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين،وهذا هو حال صندوق الاسكان لدعم المصارف المجازة الخاصة والاهلية بما يعزز من حركة الاسكان في العراق،وكذلك القروض العقارية ذات العلاقة الذي تبنتها وزارة المالية،كما لازالت معطلة المشاريع الاعمارية القديمة(الطرق والجسور،الابنية العامة،الابنية المدرسية...الخ)والتلكؤ كبير جدا في انجازها.
     المواد الانشائية تباع في المناطق السكنية مما يضر بالبيئة وصحة المواطن،وتتولد في بلادنا ملايين الاطنان من المخلفات الانشائية ترسل الى المدافن مما يعني فقدان في الموارد وزيادة الانفاق في الاموال.وتسبب مخلفات البناء والهدم ملء مواقع الطمر الصحي،بينما الطمر غير النظامي يقلل من قيمة الاراضي وتترتب كلف عالية لتنظيفها.ولا يوجد في الافق ما يدل على التوجه لاعادة استخدام مخلفات البناء او تدويرها،البناءون والمقاولون ينفقون مرتين،مرة عندما يجهزون المواد واخرى عندما يزيلون الانقاض للتخلص منها.
    لم يتبع في تخطيط المدن والحواضر العراقية انماط تخطيطية محددة تسهم في الحفاظ على الهوية الوطنية التاريخية لها وتحافظ على بيئتها الاجتماعية والعمرانية في وقت اتسعت فيه ظاهرة الامتداد العمراني الشريطي على جانبي الشوارع الرئيسية لأغراض النشاط التجاري مع التفاوت الحاد في قيمة الاملاك والعقارات،وتوسعت احجام المرور المخترق للاحياء السكنية بغية الوصول الى المناطق التجارية وما يرافق ذلك من ضوضاء واختناقات مرورية وتلوث بيئي.
    ومن اهم مشاكل ازمة السكن (Housing Crises) والتخطيط الاسكاني النقص الحاد في خدمات البنى التحتية"الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية"بسبب فوضى وخلل اقامة الشبكات الخدمية مع الكثافة السكانية العالية والنمو السكاني وانعدام التنسيق بين الدوائر الخدمية ذات العلاقة مما كلف الميزانيات الحكومية ملايين الدولارات سنويا!ويلاحظ افتقار الدور السكنية الى المساحات الخضراء!لقد توسعت حركة الناس اليومية غير المبررة من اطراف المدن الى مراكزها وبالعكس بسبب الانتشار والتوزيع غير المنظم لمراكز النشاط التجاري والاجتماعي ومراكز الشباب والمشاريع الاستثمارية والبنى الخدمية والورش الحرفية،وشيوع السكن الافقي.وتفقد الاحياء السكنية خصوصيتها تدريجيا عبر فوضى توسع النشاط التجاري،وتوقف السيارات في الاماكن غير المخصصة لها،والضجيج والتلوث البصري،والافتقار الى الضوابط الهندسية اللازمة للحصول على النسب الضرورية من الاشعة الشمسية الساقطة،والازدحام العمراني على حساب المساحات الخضراء داخل الدور السكنية..في المدن العراقية تبلغ حصة المواطن من المساحات الخضراء اقل من (0.8)متر مربع بينما تصل في الدول المتقدمة الى(100)متر مربع!ويرجع سبب كل ما سبق الى الركض وراء الربح السريع وتغييب الدور الهندسي والمكاتب الاستشارية والاعتماد اساسا على المقاولة والتعهدات!
   سوق التمويل السكني في بلادنا مضطرب وتشوبه التعقيدات بسبب روتين وبيروقراطية المصرف العقاري وصندوق الاسكان في تقديم القروض الى موظفي الدولة فقط،والثغرات الكبيرة التي تتضمنها القوانين النافذة لتمويل الاسكان!ويفترض ان تشمل القروض شركات الاسكان العامة او الخاصة من اجل تشييد مجمعات سكنية متكاملة بالاضافة الى الاقراض لتوسيع المساكن المشيدة او الاضافات او الترميم.
    ويقتصر اليوم منح اجازة بناء طابو منفصل لمن يملك قطعة ارض بمساحة 200 متر فما فوق فقط!ؤيمنح قرض عقاري قدره 30 مليون دينار لتلك الاسر التي تملك سند طابو ارض سكنية بمساحة (200) متر فما فوق،وبالتالي حرمان عدد كبير من الاسر الذين لا يملكون وحدات سكنية من الاستفادة من قرض العقاري كونهم لا يستطيعون شراء ارض سكنية بمساحة (200) متر لارتفاع اسعارها بصورة كبيرة.كل ذلك يثقل كاهل المواطن ويعقد حل ازمة السكن لان من سيتمكن من الحصول على ارض سكنية هو عدد من الاسر مرتفعة الدخل،وحرمان الاسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط من القدرة على شراء ارض سكنية.اما الارتفاع الجنوني في اسعار بدلات الايجار وبيع المساكن والاراضي فحدث ولا حرج،وتعجز اغلب الاسر من شراء ارض سكنية لغرض بناء وحدة سكنية لها نتيجة للارتفاع غير المسبوق في الاسعار،بسبب ارتفاع الطلب وبقاء العرض على ما هو عليه،واضطرار دفع بدل عال لاستئجار وحدة سكنية يثقل كاهل الاسر في ظل التضخم المضطرد في اسعار السلع والخدمات،ما ينعكس سلبا على دخل الفرد وتوفير حياة كريمة للمواطن!
     لا تركز شركات المقاولات الحكومية انشطتها للانتاج السكني على الفئات المحتاجة والضعيفة اقتصاديا،مثل عديمي الدخل والارامل والمعاقين والنازحين.والعشوائيات السكنية المنتشرة على اطراف المدن في توسع مستمر،ولا يوجد ما يدل على التخطيط لاعادة تنظيمها وتطويرها او اعادة اسكانها واجراء التعويض العادل،وهو امر يضطلع به ويشرف عليه القطاع العام عادة.وتعد ظاهرة الاحياء العشوائية من المشاكل المستعصية التي ولدتها ازمة السكن،وقد لجأت العديد من الاسر الى بناء وحدات سكنية على الاراضي العامة المملوكة للدولة،وتحولت تلك الاراضي الى احياء سكنية عشوائية!يذكر ان احد الاحياء العشوائية في بغداد / الرصافة يحتوي على حوالي (6000) وحدة سكنية!وانعكس ذلك سلبا على التخطيط العمراني والبنية الخدماتية المتمثلة بالصرف الصحي وغيرها"خلو هذه الاحياء من الخدمات الصحية والتعليمية"!كما اضطرت الكثير من الاسر لشراء قطع اراضي زراعية بمساحة (100) متر او اكثر وبناء وحدات سكنية عليها كونها ارخص بكثير من تلك الاراضي المخصصة للبناء(الطابو) متجاوزة القوانين المرعية!وعليه،العشوائيات او التجاوز وكذلك الحواسم،باتت جزءا من قلب المدينة وروحها،تقتات على غياب معالمها وتنهل من جفاف افكار القائمين عليها،لأنهم هم انفسهم عشوائيون اصلا،في ظل دوامة من العشوائية السياسية تمكنت بشكل ما "قانوني"من ركوب هذا الزمن!والخطورة تكمن في الحملة التي يطلقها بعض رموز السياسة لطرد ما يسمى "بالمتجاوزين"على الأراضي التابعة للدولة،والتي يتخذها بعض المواطنين سكنا لهم،في حين نجد بعض المسؤولين اغتصبوا اراضٍ في مواقع استراتيجية ويسنون قوانين تخص المهجرين"على اعتبار هم انفسهم مهجرون"لمنحهم مزايا عن باقي ابناء الشعب من اجل الحصول على قطعة ارض وسلفة للبناء وغير ذلك من التسهيلات.
     تعد القوانين والتشريعات احدى اهم معوقات الاسكان اذا ما اسيىء استخدامها،ومنها تشريعات الأرض والبناء التي تؤكدها قوانين التخطيط العمراني،لذلك اصبح لزاما على الحكومة العراقية ومجالس المحافظات اعادة النظر في رزمة من القوانين،منها قانون رقم 80 لسنة 1970،وقانون رقم 53 لسنة 1976،وقرارات مجلـس قيادة الثـورة المنحل المرقمة"222،850،37،252،734،940،51".
   من مظاهر الفساد الصارخة شمول كل من النواب ومستشاريهم والمدراء العامين في مجلس النواب بقروض من المصرف التجاري الحكومي،قيمتها 450 مليون دينار/النائب،وبفوائد نسبتها 9% قابلة للنقصان،ويبلغ عدد النواب 325 فردا،فيما يبلغ عدد المستشارين والمدراء العامين 165 شخصا،وفقا لما نشر في جريدة الوقائع العراقية العدد 4145 في تاريخ 22/2/2010 ليصبح العدد الكلي المشمول بهذه القروض من البرلمان العراقي 490.ويصرف القرض الاول لشراء بيت او قطعة ارض،وتبلغ قيمته 200 مليون دينار،فيما يصرف القرض الثاني لشراء سيارة مدرعة تضع اشارة الحجز عليها لحين تسديد القرض البالغ قيمته 150 مليون دينار،كما يبلغ القرض الثالث 100 مليون دينار بكفالة احد النواب او اصحاب الدرجات الخاصة،ويكون التسديد الى نهاية الدورة الانتخابية!بينما خصص للمستشارين والمدراء العامين قرض بمبلغ 100 مليون دينار/الفرد،يتم تسديده على مدى 6 سنوات وبكفالة موظف،اما اذا اراد الموظف ان يجعل تسديده على مدى 10 سنوات فعليه رهن عقار.وهذا الحجم من القروض يساوي ميزانية وزارة او ميزانية محافظة،ويعادل بناء 5425 دار يبنى عن طريق القروض العقارية البالغة 30 مليون دينار،والتي تمنح بشروط اصعب وبفوائد اكثر!
   لقد تفنن مسؤولو العهد الجديد في صياغة اساليب مصادرة المنازل،وتذرعوا بأن الاراضي هي للنفع العام،في حين ان هناك اراضي تم الاستيلاء عليها بحجج واهية وزعت على فئات اخرى من الناس،بينما نرى معاناة المواطن الفقير مكتوبة على رمال البراري الواسعة والصحاري التي يقطنها ممن ليس لهم جهة قوية تقف خلفهم.اما بعد تهجيرهم فتقرر هذه العوائل اما ان تسكن بمنطقة ابعد في الصحراء او تضطر للسكن بالايجار او تفترش المتنزهات،حتى تبيع هذه العوائل كل ما تمتلكه من مواد منزلية،ومن ثم يموتوا وفي صدورهم غصة السكن المريح.نشهد ونسمع ونقرأ بشكل يومي في الصحف المحلية والاعلام المرئي والمسموع بمشاكل المواطنين التي تكسر القلب وتدمع العين،هناك عائلات تفترش العراء واخرى تنام في وسط المطابخ ودورات المياه،وهل يعقل بأن نرى جميع افراد بعض العائلات العراقية ينامون في غرفة واحدة،من ناحية اخرى نرى الهمة في تشييد المجمعات التجارية وفق النمط المعماري في قم وطهران!هل يعقل بأن نرى بيوت ومنازل تتهاوى على ساكنيها مدرجة تحت مشروع الآيلة للدمار؟
   يعيش العراق اليوم ازمة سكن تشمل جميع المحافظات والاقضية والنواحي واطراف المدن والقرى دون استثناء،ولا يمكن معالجتها الا عبر سياسة اسكانية تجمع بين مشاريع اسكانية تمولها الدولة للفئات الضعيفة الدخل،مع التركيز على بناء المجمعات السكنية والاهتمام بالبناء العمودي،وتيسير الاقراض العقاري للفئات المتوسطة الدخل.ان التصريحات الاعلامية والدعائية والاكاذيب والادعاءات لا يمكن لها حل الازمات الخانقة اذا لم تكن هناك ارادة صادقة وحلول عملية وواقعية تأخذ الجدية في التنفيذ وتوفير الاموال اللازمة لتغطية تكاليف تلك المشاريع العملاقة والطموحة،خصوصا في مجال قطاع الانشاءات لحيويته،فهذا العمل يتطلب دراسات هندسية مستفيضة ومسح شامل،وتحديد المواقع الضرورية للبناء،مع اهمية توفير الخدمات اللازمة لتلك المشاريع العملاقة وتوفير الكادر الهندسي المحلي والاجنبي القادر على تحديد المواصفات التكنولوجية اللازمة في التصميم والتنفيذ،وتوفير مواد البناء العالية الجودة كمادة الاسمنت والحديد وبمواصفات عالمية عالية الجودة من اجل ادامة هذه المباني ومقاومتها للظروف البيئية والطبيعية ومواصفات التربة.هذا يتطلب القيام بعمليات انشائية متكاملة تبدأ بتحديد الاماكن والمسح الموقعي وتحليل التربة ثم عملية التخطيط والتصميم المعماري والانشائي.وبعدها تبدأ عمليات التنفيذ والاشراف وتوفير العمالة الضرورية وبمواصفات مختلفة،وايجاد الطرق الضرورية لتوفير الاموال اللازمة لتغطية تكاليف تلك المشاريع،وكذلك مواد البناء وبمواصفات الجودة العالمية،وتحديد الشركات القادرة على ادارة تلك المشاريع الكبيرة واستيعاب العمالة العراقية من اجل تشغيلها والتخفيف من ازمة البطالة وبالتالي تحسين دخل المواطن العراقي،وهذا كله ينعكس ايجابا على اداء وانعاش الاقتصاد العراقي بصورة عامة.
   من الضروري وضع خطط مستقبلية تتفاعل مع متغيرات العصر الاجتماعية والاقتصادية،ومع لجوء السلطة التشريعية الى اصدار عدد من القرارات التي تعالج المشاكل ذات العلاقة بالمناطق العشوائية للمدن العراقية،الا ان استمرار هذه الظاهرة وتجددها يؤكد عدم الجدية في تنفيذها ومتابعة الاجراءات الخاصة بالمراقبة والتنفيذ،وعجز هذه التشريعات عن معالجة الظاهرة لتركيزها على الجانب القانوني وافتقارها للمحتوى الاجتماعي والاقتصادي والديموغرافي.ويمكن اعتماد برامج الارتقاء بالمناطق العشوائية لدمجها في المجتمعات  المدينية بالاعتماد على ميزانية المحافظات.
   ان المجمعات السكنية العملاقة متعددة الطوابق الجاهزة التركيب والتي يستعمل فيها الحديد السابق الجهد والهياكل الخرسانية المسلحة السابقة الصنع هي الحل الامثل والانجح لازمة السكن الحالية التي تعصف بنا وتجعلنا ضحية للجشع والاستغلال،وذلك لسرعة التنفيذ مما يخفف ازمة السكن بسرعة قياسية،مقارنة بانواع الابنية الكونكريتية الاخرى،ولاستيعاب اكبر عدد ممكن من العوائل التي لاتملك سكنا،وذلك لاحتواء هذه المجمعات السكنية على عدد كبير من الوحدات السكنية الجاهزة(الشقق السكنية)..ونتيجة لبنائها العمودي فيمكن الاستفادة من المساحات المتوفرة في الموقع لانشاء دوائر خدمية واسواق ورياض اطفال ومدارس ابتدائية وملاعب رياضية واماكن تسلية للاطفال وحدائق وكراجات لسيارات ساكني الوحدات السكنية.ويجب ان لا نهمل الحلول المساعدة الاخرى التي لها دور مباشر لحل ازمة السكن في العراق،وذلك باشراك المواطنين مباشرة بعملية البناء من خلال توزيع الاراضي السكنية على المواطنين من قبل الدولة مجانا او باسعار رمزية،وتشجيع الاقراض من البنوك وبفوائد تشجيعية من اجل البناء والترميم والتوسيع.
    من ايجابيات المجمعات السكنية الكونكريتية متعددة الطوابق الجاهزة الصنع سرعة التنفيذ القياسية العالية مما يسهل عملية التسليم في الوقت المحدد وحسب الخطط والبرامج المعدة سلفا للمشروع،وان اعمال الادامة والصيانة للابنية الكونكريتية الجاهزة غير مكلفة وسهلة التركيب،الاستفادة من المواد الاولية المتوفرة في العراق والتي تدخل في صناعة الاسمنت لتوسيع قاعدة معامل الاسمنت لتغطي جميع المحافظات وبالتالي المساهمة في توسيع مشاريع الابنية الجاهزة وانتشارها لسد النقص الكبير بفترة قصيرة،الكلفة الكلية للمباني الكونكريتية السابقة الصب(الجاهزة)واطئة نسبيا  ومعقولة،سهولة ايصال الخدمات الضرورية من اسواق ومدارس وطبابة وخطوط المواصلات والاتصالات العامة نتيجة للكثافة السكانية والحد من تكاليف النقل من حيث التسوق و الخدمات العامة.
    لابد ان تعتمد الاستراتيجية الاسكانية للتغلب على ازمة السكن في العراق على بناء وتوسيع مصانع الاسمنت لتشمل جميع المحافظات لانها المادة الرئيسية التي تدخل في تركيب مواد البناء للمشاريع الانشائية،والعمل على انشاء و توسيع مصانع انتاج القطع والهياكل الخرسانية المسلحة السابقة الصب(مصانع الابنية الجاهزة)لتجهيز وامداد المشاريع الانشائية بما تحتاجه من القطع و الهياكل الخرسانية المسلحة وتوسيع قاعدة ورش الحديد سابق الجهد لتجهيز مصانع الابنية الجاهزة بالكميات اللازمة من هذا النوع من الحديد.
    يسود المدينة العراقية الاغتراب المعماري وضياع الهوية المعمارية الوطنية،وفوضى الفضاء الحضري الذي افرغه الحكام من القيم الجمالية وخصوصياتها المعمارية بسبب النمط الواحد في زرع الابنية وانعدام قيم التنوع،وقطع الطرق العشوائي وغلق الجسور المفاجئ الذي تقوم به القوات الاميركية والحرس الوطني والشرطة اثناء تأديتها الواجبات الموكلة لها،وفوضى نصب الحواجز امام مداخل المؤسسات الحيوية ومقرات الاحزاب،وافتراش الاهالي طرق رئيسية اخرى لتغلق،وتكسرات الطرق وتآكلها وتدني خدمات الطرق واستهتار الدوريات العسكرية المدرعة،الامر الذي ولد ويولد الاستياء الشعبي والازدحام المروري غير المبرر!وتشغل مشاريع الاسكان 20% من قوة العمل العراقية وتكون ثلثي التكوين الرأسمالي للثروة الوطنية في البلاد،وهي تمثل حافزا قويا لكل النشاطات مثل الصناعات الانشائية وغيرها،كما تولد نشاطات تشغيلية غير مباشرة للصناعات الاخرى.ومما يثير الدهشة والاستغراب حقا اليوم لدى زوار بغداد من غير العراقيين عرب واجانب على حد سواء التناقض الحاد بين شهرتها كعاصمة تاريخية لامبراطورية اطبقت شهرتها الآفاق كعاصمة للحضارة العربية الاسلامية ودار للخلافة العباسية التي حكمت العالم القديم عبر خمسة قرون.لاشك فأن خسارتها لمنجزات ذلك الميراث الابداعي الفريد لتلك الحضارة الانسانية الثرة يكاد يكون شاملا.كل ذلك يجعل من تشريع قانون حماية التراث العمراني ضرورة موضوعية ومهمة عاجلة.

•   التلكؤ المتعمد في اعمار مدينة الثورة الباسلة!


   سبق واناطت رئاسة الوزراء رئاسة لجنة اعمار مدينة الثورة لأفراد لا يمتلكون خبرة في تنفيذ المشاريع الخدمية الأمر الذي أثر كثيراً على حملة اعمار المدينة!ولم يجر التخطيط جيدا وبشكل مدروس لمشروع اعادة اعمار مدينة الثورة فضلاً عن انه لم يجر اي استبيان لأهالي المدينة تتضح من خلاله الاولويات الرئيسية التي تحتاجها المدينة!ويبدو ان الاموال التي صرفت على مشروع الاعمار اديرت بشكل سيء وغير مقبول على الاطلاق ولم تتابع بجدية من قبل مجلس رئاسة الوزراء!مما يستدعي الشروع بفتح تحقيق سريع بشأنها!والمشاريع المنجزة ثانوية،لاعلاقة لها مباشرة بما يعنى لأبناء مدينة الثورة من خدمات رئيسية وضرورية"مدارس ومستشفيات ومشاريع استراتيجية لخدمات البنية التحتية..مشاريع المجاري والمياه واكساء الشوارع وغيرها"،وكانت عملية تنفيذ المشاريع متذبذبة واخذت صدى اعلامي اكثر من حجمها الحقيقي!يذكر ان الحكومة العراقية خصصت 100 مليون دولار لاعادة اعمار مدينة الثورة بعد العمليات المسلحة التي شهدتها عام 2008 بين القوات الأمنية والعصابات الارهابية!اما مشروع مدينة الثورة السكني فلم ينفذ على ارض الواقع وكأنه قصة من قصص الف ليلة وليلة،ولربما تأجل تنفيذ المشروع بسبب شحة الكهرباء!

•   المشاريع الاستثمارية لفيلق القدس والتنظيمات الارهابية!

    بدل ان تضع الهيئة الوطنية للأستثمار نفسها في خانة الانتاج كما خطط لها نجدها اصبحت في خانة المصاريف لم نستلم منها منذ يوم التأسيس غير فواتير الضيافة والسفر والاقامة في فنادق الخمسة نجوم الفاخرة في هذا البلد او ذاك بحجة الحصول على عقود استثمار بينما المحصلة الحقيقية بقت صفرا على الشمال!!مشروع المليون وحدة سكنية لم يرَ العراقيون منها طابوقة واحدة على الارض!!اما اجازات الاستثمار التي اطلقت فقد راوحت في مكانها وبقت حبرا على ورق!ولا زال كل من مشروع معسكر الرشيد السكني ومشروع(واحة العراق)في جنوب العراق بكلفة 45 مليار دولار مع مجموعة الشركات الاماراتية معلقين!
   رغم نفي الحكومة وقوى الاسلام السياسي المتنفذة لا يزال فيلق القدس الايراني يعمل ويمول مشاريع استثمارية في العراق،خاصة في محافظتي كربلاء والنجف!وهناك تجارة ومشاريع مرتبطة عن طريق سياح ايرانيين يزورون كربلاء،وهذه المشاريع متمثلة بمطاعم وفنادق،والاموال التي تجمع من هذه المشاريع تذهب الى فيلق القدس في اطار دعم المجاميع الارهابية،فالارتباط كبير بين فيلق القدس وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق والقاعدة في العراق.وقد قام حزب الله وفيلق القدس الايراني خلال عام 2010 بعدة عمليات ارهابية،منها  اطلاق الصواريخ على مطار بغداد!بينما تقف"عصائب اهل الحق"وراء اطلاق الصواريخ وقذائف الهاون وعمليات الاغتيالات خلال الاشهر الاخيرة!
   احد اسباب ارتفاع وتيرة اعمال العنف في شهر نيسان 2011 يعود الى الاستراتيجية الجديدة التي انتهجها تنظيم القاعدة الذي يسعى للظهور اعلاميا كي يثبت بانه ما يزال موجودا وينفذ هجمات قاتلة.ولجأت القاعدة الى زج بعض عناصرها في المؤسسات الامنية الحساسة بقصد الحصول على معلومات نوعية عن تحرك الشخصيات العسكرية ونقاط ضعفها ليتم استهدافها،وقد اخترقت فعلا مكتب الأمن والمتابعة الخاص والمرتبط برئيس الوزراءوقام تنظيم القاعدة في العراق باستنساخ تجارب هذا التنظيم الناجحة في بلدان اخرى وتطبيقها في العراق كعمليات الرهائن في القوقاز،فهي تنفذ باقل عدد من المقاتلين ويكون وقعها العسكري والاعلامي مؤثر  وتم تطبيقها في البنك المركزي وكنيسة سيدة النجاة ومجلس محافظة صلاح الدين!ولجأت القاعدة الى عمليات الاغتيال النوعية بالاسلحة الكاتمة للصوت او العبوات اللاصقة وتكثيفها بشكل لافت للنظر!
   تمكنت القاعدة من تنويع مصادر تمويلها الذاتية سواء كان بتحولها في بعض المراحل الى اساليب جماعات الجريمة المنظمة كسطوها على محال صياغة الذهب لتمويل عملياتها،او تبادل المنافع مع بعض السياسيين بتوفير جو آمن لوصول الناخبين الى صناديق الاقتراع في بعض المناطق وتعكير هذا الامان بمناطق اخرى..يذكر ان اكثر من 30 عملية نفذت بواسطة المسدسات الكاتمة للصوت والعبوات الناسفة اللاصقة في بغداد وحدها،بعضها استهدف وزراء ونواب في البرلمان بالاضافة الى مسؤولين كبار وضباط في الاجهزة الامنية.ان تعثر العملية السياسية والخلافات بين قادتها وعدم اختيار الوزراء الامنيين لحد الان،ووجود الفاسدين وتفشي البطالة،منح الفرصة لهذا التنظيم الارهابي لكي ينفذ العديد من الجرائم والهجمات ضد المدنيين وضد المسؤولين وموظفي الحكومة والناشطين السياسيين.


راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!
•   مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!
•   الفساد والحكومة الالكترونية!



بغداد
25/5/2011


•   بنية الفساد المركبة في العراق/ القسم الاول
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=260805


102

التاسع من ايار ومخاطر الفاشية الجديدة في العراق

                                                                                                                          سلام كبة
تـَمــهَّـلوا ....... تعجَّـلوا وقــيِّــدُوا وكَــبـِّــلــــوا
تقــافزوا... تراقصوا تـكحَّـلوا... تـحـجَّــــلوا
واللهِ انَّ طـِــــفـْـلــَــة ً بمَـوْتِـهـَا تـَسْـتَـبْـسِـــلُ
لـَوَحْدهَا أشــرفُ مِن شَــريـفـِكـُـــــــمْ وأرْجَلُ

 مثلما ينبه مرور 66 عاما على  التاسع من ايار 1945 ووضع الحرب العالمية الثانية اوزارها ان ثقافة وقيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الانسانية،فأنه ينبه ان الرأسمالية ليست الافق النهائي للبشرية،ولا يعني سقوط مشروع بناء الاشتراكية في عدد من الدول موت المشروع الاشتراكي ذاته.وهذه الذكرى في العراق تعني الاجواء السياسية التي ساعدت على تعزيز الحركة الاجتماعية وانبثاق المنظمات الديمقراطية العراقية،والتمهيد لثورة 14 تموز 1958 المجيدة التي دكت الاداة القمعية السياسية آنذاك المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي!والذكرى تنبهنا الى اهمية النموذج الوطني للديمقراطية والتعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية واهمية المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية،والحذر من السقوط في شرك الكلانية وثقافات الخوف والشك بالمواطن!كما تنبهنا على اهمية النشاطات الاحتجاجية لابناء الشعب العراقي على الانتهاكات الدستورية الفاضحة للحكومة العراقية وسلطات  الولاءات الضيقة،وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية،وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".
   ويبدو ان محاولات اعاقة الغاء المادة "136 ب" من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 هي بحد ذاتها شرعنة لفساد حكومة نوري المالكي الحالية وتستر فاضح صلف على ارهابيي الاسلام السياسي،وهذه جريمة فساد كبرى تريد للعراق ان يسقط في متاهات الفاشية الجديدة!ولا توجد في الافق اية محاولة لمحاكمة كبار رموز الفساد امام محكمة شبيهة بمحكمة الجنايات العليا،التي حاكمت رموز الاستبداد في النظام المباد ومجرميه،بصورة علنية وشفافة،لانها ستفضح مهازل وجرائم العصابات السياسية المتنفذة التي باتت روائحها تزكم الانوف!عصابات هي الابن الشرعي لليبرالية الاقتصادية الجديدة وللجمع بين صفات(السياسي والتنفيذي والمقاول) لدى الكتل السياسية المتنفذة داخل الحكومة وخارجها،وفي مجالس المحافظات!
   استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها حزب البعث بعقيدته السفسطائية النفعية،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال والجبن السياسي وليد صراع السياسيين على السلطة،شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن"،والسفسطة الدينية والطائفية القذرة للنخب المتنفذة.
    ولم يدرك حزب الدعوة والاحزاب الشقيقة الا في وقت متأخر للغاية،انها ليست مساجد وحسينيات ولا نوادي اجتماعية او جمعيات خيرية،وقد تأسست فعلا منذ عقود على اسس طائفية محضة،وفرضت التخندق وراء المرجعيات والثوابت المجحفة،خلافا للديمقراطية والوحدة الوطنية الحقة!وعليها بالتالي اما التمسك سياسيا بالحياة المدنية والآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية او التمسك بالحياة الدينية وآلياتها ومصادرها التي يدركها اهل الحل والعقد والمرجعيات الدينية المعروفة،والتوفيقية هنا تعني استغلال الآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية لتأسيس حكم ديني اي للانقلاب على الحياة المدنية!والسير في متاهات الفاشية الجديدة،وفق نموذج ملالي قم وطهران سئ الصيت!
   الذكرى 66 للتاسع من ايار في العراق تعني اهمية وضرورة وحتمية فصل الدين عن الدولة،والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية،وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات،ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي،والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.وعلينا تجاوز الحماقات والرعونة التي تشوه التاريخ الوطني البطولي لشعوب المعمورة!ومنها الشعب العراقي الابي!

بغداد
6/5/2011

103
بيان صادر عن
الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق
حول الاجراءات التعسفية ضد العمل النقابي
يا ابناء شعبنا العراقي العظيم
يا ابناء الطبقة العاملة العراقية البواسل

أقدمت اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم ( 3 ) لسنة 2004 بموجب كتابيها المرقمين ( 95 ) و ( 96 ) في 17 / 4 / 2011 على اجراءات غير قانونية وغير شرعية وتعسفية بحق اتحادنا العام ، الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ، تتمثل في الغاء وجود المكتب التنفيذي للاتحاد واعتباره غير شرعي ، وان اللجنة الوزارية قد خولت اللجنة التحضيرية للانتخابات التي شكلتها صلاحية إصدار وتجديد الهويات النقابية في مخالفة قانونية واضحة  تمهد لتزوير الإنتخابات لأهداف  سياسية حزبية ضيقة .
واستناداً الى ما اٌقره الاجتماع الموسع للكوادر النقابية العمالية في عموم العراق يوم الاحد المصادف 17 / 4 / 2011 من ان هناك خروقات وتصرفات غير ديمقراطية ومخالفة لقانون التنظيم النقابي للعمال رقم ( 52 ) لسنة 1987 وآلية الانتخابات تمثلت في :
1 ــ قيام اللجنة التحضيرية للانتخابات بإبلاغ الاتحادات النقابية في المحافظات والنقابات العامة بأن الاتحاد العام ومكتبه التنفيذي لا يمثل التنظيم النقابي ، وانها ، اي اللجنة التحضيرية للانتخابات ، هي المكلفة بإدارة الاتحاد العام في الوقت الحالي . وهذه مخالفة واضحة لقانون التنظيم النقابي ، حيث لم ترد فيه أية مادة تنص على ذلك .
2 ــ قيام اللجنة التحضيرية للانتخابات بإبلاغ الاتحادات النقابية في المحافظات والنقابات العامة بان لديها الصلاحية بتشكيل اللجان النقابية خارج الأطر النقابية الحالية الموجودة على ارض  الواقع مما سيخلق خللاً في بنية الحركة النقابية .
3 ــ قيام اللجنة التحضيرية للانتخابات بإبلاغ الاتحادات النقابية في المحافظات والنقابات العامة بأنه من صلاحيتها تزويد من يرغب بالهويات ، من دون الرجوع الى النقابة المعنية ولجانها النقابية وحسب مواقع العمل ، مما سيوفر بيئة للتكلات الحزبية وتفتيت وحدة العمال.
4 ــ طلبت اللجنة التحضيرية للانتخابات نزول القيادات النقابية في المكتب التنفيذي ومكاتب الاتحادات النقابية في المحافظات والنقابات العامة في بغداد الى اللجان النقابية ، وهذه مخالفة للعرف النقابي السائد وآلية الانتخابات .
ازاء ذلك فأن اتحادنا العام يستنكر ويشجب هذه الاجراءات غير القانونية ، التي تخالف وتخرق التشريعات الوطنية السارية المفعول ، المتمثلة بالمادة ( 22 ) من الدستور العراقي الدائم وقانون التنظيم النقابي للعمال رقم ( 52 ) لسنة 1987 والنظام الداخلي الموحد للتنظيمات النقابية العمالية في العراق ، وكذلك معايير العمل الدولية والعربية الصادرة عن منظمتي العمل العربية والدولية والمصادق عليها من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة . 
يا جماهيرنا العمالية المناضلة ..
ان اتحادكم العام اذ يؤكد على ان تكون الانتخابات النقابية العمالية، حرة ونزيه ومستقلة وديمقراطية . وعلى عدم التدخل في شؤونها الداخلية من أي طرف كان ، منطلقاً من صلابة وقوة قواعده العمالية في عموم بلادنا ، ومن اجل اختيار قياداتها النقابية ابتداء من اللجان النقابية صعوداً الى المكتب التنفيذي ، عبر مؤتمراته الدورية التي نظمتها التشريعات العمالية الوطنية . يؤكد ان تشكيل اللجان التحضيرية للانتخابات هي من صلاحيات المكتب التنفيذي للاتحاد العام وللاتحادات النقابية العمالية في المحافظات والنقابات العامة في بغداد وفق المادة ( 44 ) من قانون التنظيم النقابي للعمال رقم ( 52 ) لسنة 1987 .
مما ذكر فأن اللجنة التحضيرية للانتخابات المشكلة من قبل اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم ( 3 ) لسنة 2004، تعتبر غير قانونية وغير شرعية ، ولا يمكن التعامل معها في اجراء انتخابات عمالية ديمقراطية وشفافة لنقضها كل التعهدات والضمانات التي قدمتها لتطبيق معايير العمل الدولية التي يقرها المجتمع الدولي ، لذا نهيب بأبناء طبقتنا العاملة البواسل مقاطعة هذه اللجنة لعدم شرعيتها ولتجاوزها على حقوقكم .
يا ابناء الطبقة العاملة المجاهدة
ان اتحادكم المناضل سيعمل جاهداً لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة وفق القوانين العراقية والمعايير الدولية للعمل وبما يضمن التمثيل الحقيقي والفاعل للطبقة العاملة في المجتمع العراقي وإداء دورها في المنظمات الدولية من خلال الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة في المحافل الدولية ، لذا نهيب بأبناء طبقتنا العاملة الباسلة المشاركة الواسعة الواعية في الانتخابات العمالية التي ستجريها لجنه تحضيرية سيشكلها إتحاكم العام وفق القوانين والشرعية الوطنية والدولية ، بروح ديمقراطية حرة ومستقلة بعيداً عن التدخلات ، من أي طرف كان من اجل إرساء قيم الديمقراطية الحقيقية ، ولتكون نموذجاً يقتدى به في عراقنا الديمقراطي الجديد . كما ندعو القوى الوطنية والاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني العراقية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، والكونفدرالية الدولية للنقابات والاتحادات والنقابات العربية والدولية ، ومنظمتي العمل  العربية والدولية ، للتضامن والدعم والمساندة وبالتدخل لمنع اللجنة الوزارية من تنفيذ توجهاتها وفرض رأيها وتدخلها في العملية الانتخابية العمالية .
عاشت الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية .
المجد والخلود لشهداء الطبقة العاملة .


المكتب التنفيذي
للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق
20 / نيسان / 2011

104
العصيان المدني أدخل البلاد مناخ التصعيد


  عقد المكتب السياسي للمنبر التقدمي اجتماعا لمناقشة تطورات الأوضاع الراهنة في البلاد، واتخذ قراراً بتشكيل لجنة من أعضائه لوضع مسودة وثيقة تحليلية للتطورات التي شهدتها البحرين منذ الرابع عشر من فبراير الماضي، تعرض على أول اجتماع مقبل للجنة المركزية لمناقشاتها وإقرارها، لتعكس وجهة نظر التقدمي مما جرى، وما ترتب عليه من نتائج، على أن يجري الإسراع في عقد هذا الاجتماع حالما تُعد هذه المسودة ويُصادق عليها المكتب السياسي.

   وأقر المكتب السياسي تسجيل عدد من المواقف السياسية من بينها المطالبة بالإسراع في إخراج البلاد من وضعها الراهن، عبر مبادرة سياسية شاملة، تستخلص التجارب الضرورية مما جرى في البلاد خلال الفترة المنقضية، عبر آلية جدية متفق عليها للحوار الوطني عبرالمشروع الإصلاحي الذي أطلقه جلالة الملك عام 2001، والذي كان ميثاق العمل الوطني بما نص عليه من تحويل شكل الحكم في البلاد الى ملكية دستورية، المرتكز الأساسي له، وبالإسراع في إنهاء الوضع الاستثنائي واستعادة الحريات العامة، والاحتكام إلى القواعد القانونية والدستورية في أية تدابير متخذة.

   ان جوهر المطالب السياسية التي يتبناها المنبر التقدمي ويعمل في سبيلها، مع الغالبية الساحقة من القوى السياسية، منصب على الإصلاح السياسي والدستوري، وفق المبادئ التي أعلن عنها سمو ولي العهد كقاعدة للحوار الوطني المنشود.

   ويرى «التقدمي» أن الانحراف عن جوهر هذه المطالبات بطرح أهداف وشعارات غير واقعية، وليست محل اتفاق كالدعوة إلى إسقاط النظام وإقامة جمهورية، وما ترتب على هذه الدعوة من فعاليات كقطع الطريق إلى المرفأ المالي وغيره من الطرق، وتسيير المسيرات إلى الديوان الملكي وقصر الصافرية، والدعوة إلى العصيان المدني، قد أدخلت البلاد في مناخ من التصعيد غير المبرر، وأثارت مخاوف داخلية وإقليمية واسعة، وأضاعت فرصة ملائمة للوصول إلى توافقات حول المطالب الإصلاحية التي طرحتها المعارضة.

    وأكد المكتب السياسي على ما تم تسجيله من موقف مشترك لجمعيات التيار الوطني الديمقراطي «المنبر التقدمي، وعد، التجمع القومي» من أن أمن البحرين هو جزء من منظومة الأمن الخليجي والعربي، ويؤكد المنبر التقدمي رفضه القاطع لكافة أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبحرين، وبشكل خاص فان «التقدمي» يستنكر البيان الذي أصدرته لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، والذي يعتبر تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ومن شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً، فيما بلادنا تحتاج إلى كل ما من شأنه تعزيز الصف الوطني، وإشاعة روح المحبة والتسامح، وفي الوقت نفسه فإننا ندعو النظام الإيراني للتجاوب مع مطالب شعبه في الديمقراطية والكرامة بدلا من أساليب القمع التي يمارسها حاليا.

   واعتبر ان هناك مهاماً جسيمة تقع على كاهل التيار الديمقراطي، وقوى وشخصيات، في إعادة الاعتبار لفكرة الوحدة الوطنية، والترابط بين أبناء الشعب من كافة المكونات في العمل من أجل الأهداف المشتركة لجماهير شعبنا.

   إن نقطة الضعف الجوهرية التي يعاني منها الحراك السياسي في البحرين خلال السنوات الماضية، والتي تجسدت بصورة بالغة في التحرك الأخير، هو غياب أو ضعف الدور المستقل للتيار الوطني الديمقراطي، بسب فشله في بلورة صيغة للعمل المشترك بين مكوناته المختلفة تميزها عن الأطروحات والمواقف الأخرى في المجتمع، وفق برنامج معبر عن القضايا المشتركة للشعب يعمل على دمج الهويات الفرعية في هوية وطنية جامعة، كرافعة للعمل في سبيل الديمقراطية وآفاق الحداثة والتقدم، ومحاربة الفساد المالي والإداري والعبث بالمال العام، ومن أجل حياة حرة وكريمة لكافة مواطني هذا البلد.

   وحث المنبر التقدمي كافة مكونات التيار الديمقراطي لمراجعة نقدية وشفافة في هذا الاتجاه، من أجل بلورة رؤية مستقلة لها في إطار المعارضة، تشكل بديلاً جامعاً لكل الرافضين للخيارات الطائفية وحملات التحشيد المذهبي ولبث أجواء الكراهية، ولن يتم تحقيق ذلك إلا بالعودة لتراث وتقاليد الحركة الوطنية التي نجحت في حشد وتعبئة الشعب بكافة مكوناته.


المكتب السياسي للمنبر التقدمي في البحرين
اواسط نيسان 2011


105
الاحتفالية الثامنة لعيد العمال العالمي في عراق ما بعد التاسع من نيسان
المهندس الاستشاري/سلام ابراهيم كبة

"الحركة النقابية تزدهر بازدهار الديمقراطية فقط"
"المجد والخلود لشهيد الطبقة العاملة العراقية المهندس سعيد هاشم الموسوي"

    يحتفل العمال وسائر شغيلة اليد والفكر في عالمنا المعاصر بالاول من ايار،عيدا للتضامن الكفاحي والنضال العنيد من اجل الحريات النقابية والسياسية،وفي سبيل الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية والاشتراكية،عيد الكفاح من اجل عالم خال من الاستغلال والاضطهاد والتمييز بكافة انواعه.تحتفل دول العالم قاطبة بشعوبها واممها وحكوماتها بأول ايار(عيد العمال العالمي)مثلما يحتفي به بالدرجة الاولى العمال والكادحون في العالم والشعب العراقي والطبقة العاملة العراقية وشعوب البلاد العربية وكردستان،ويحتفل بأول ايار كل من آل على نفسه الا يرتضي سوى الحياة الحرة الكريمة وكنف العيش الرغيد في ظل وطن حر وشعب سعيد،من اولئك الذين تقام على اكتافهم ركائز عملية التنمية والاعمار والعملية السياسية والانتاجية والاقتصادية والاجتماعية بتضحياتهم الرائعة وجهودهم المميزة ودمائهم الزكية،وتناط بهم وفي اعناقهم دعائم المسؤولية الوطنية الكبرى عبر ترسيخ ولاء انتماءاتهم للمواطنة والوطنية فقط!
   لم تكتسب الاحتفالية بعيد العمال العالمي في العراق اهميتها المتميزة الا بعد ثورة الرابع عشر من تموز حين اعتبرت حكومة الثورة الوطنية الاول من ايار عيدا وطنيا الى جانب دلالاته وابعاده الاممية،كما اعترفت حكومة الثورة بشرعية العمل النقابي واجازت الاتحاد العام لنقابات العمال.وتستذكر الطبقة العاملة العراقية في هذه الاحتفالية،الملحمة التاريخية النضالية لانتفاضة عمال شيكاغو الخالدة 1886،ثمرة الانتفاضة العمالية البولونية عام 1863 ونضالات(الاممية الاولى)عام 1864.كانت انتفاضة شيكاغو تجسيد حي لمبادئ قادتها ومناضليها،بتضحياتهم في سبيل انتزاع الحرية والدفاع عن الكرامة عند مواجهتهم رأسمالية الدولة الاحتكارية بكارتيلاتها وتروستاتها ورساميلها الكبيرة"القائمة على(الربح)وانتزاع فائض القيمة"الخيالية والمتطفلة اساسا على التفاوت الطبقي الصارخ والاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي المقيت.وقد ترسخت مكاسب وانجازات نضالات عمال شيكاغو في ارضية واقع المجتمعات الديمقراطية في العالم،وفي مقدمتها الاستقرار المعيشي والاجتماعي والاقتصادي،وتوفير فرص العمل والضمان الاجتماعي ضمن مبدأ العدالة الاجتماعية،وتحسين مستوى الاجور وظروف العمل وتخفيض ساعات العمل،وترسيخ العمل النقابي والنضال العمالي.
  تاريخ النقابات العمالية هو تاريخ ظهور ونمو العلاقات الرأسمالية وبدء كفاح العمال العادل ضد الاستغلال الرأسمالي.ولم يظهر هذا النضال بادئ ذي بدء الا في اعمال معدودة،عبر التمردات العفوية والاضرابات المنفردة،ودافعت النقابات عن العمال والشغيلة في كفاحهم من اجل رفع المستوى المعيشي وتحسين ظروف العمل.ويعتبر تاريخ نشوء وتطور الاتحادات المهنية- النقابات تقدما هائلا للطبقة العاملة باعتباره انتقال من تشتت وتشرذم وتبعثر وعجز الى تعاون واتحاد وعمل جماعي ضاغط ومؤثر وفعال وباكورة تأسيس الاتحادات الطبقية،وتشكل النقابات عاملا مهما لتوحيد الكادحين في النضال من اجل الحق في العمل،وفي سبيل ظروف معيشة افضل،ومن اجل الازدهار والسلم في العالم.
   انعقد المؤتمر التاسيسي لاتحاد نقابات العمال في 20/2/1959 في الوقت الذي لم تحصل فيه جميع النقابات على اجازاتها،وانعقد المؤتمر الأول للاتحاد العام للنقابات في 11/2/1960،وكان يضم آنذاك(52)نقابة مركزية عدد اعضاءها(308)الف عامل.وفي(1) ايار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون مواطن في بغداد.في زمن الأخوين عارف لم تجر اية انتخابات نقابية حرة خشية ان ياتي العمال بممثليهم الحقيقيين لقيادتها.
   بعد عام 1968 بقي اتحاد نقابات العمال ضعيفا هزيلا يستند على السلطة،لتتحجم قدراته ولتزاح كل القيادات الشيوعية والديمقراطية بالقوة والارهاب(اعدامات وسجن وتغييب وتهجير قسري)عن الاتحاد النقابي ويستعاض عنها برموز بعثية مفضوحة،وليؤدي الاتحاد العام دوره كسمسار لسياسات البعث ومسمار في نعش الطبقة العاملة وشغيلة العراق وسفير للنظام دوليا.وافلحت الطغمة الحاكمة في اغراق عمالنا بدخان كوارثها واثخنت بها جماهير الشعب،وهي اكثر فئات الشعب تضررا جراء سياسات النظام الهوجاء في عسكرة البلاد وحرمان الطبقة العاملة والشغيلة عموما من التشريعات التي تحمي حقوقها في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بما فيها مشاريع الدولة وفي مقدمتها التصنيع العسكري،وتضمن تمثيلها في مجالس ادارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية،وتحمي العمال الزراعيين بالتشريع والقانون ايضا.تردت اوضاع الطبقة العاملة العراقية في ظل النظام الدكتاتوري المقبور بصورة مريعة وتفاقم استغلالها بعد تشريع قانون التنظيم النقابي 52 لعام 1987 الذي الغى بموجبه التنظيم النقابي للعمال وحل النقابات العمالية العاملة في القطاع العام،موجها بذلك ضربة كبيرة للعمل النقابي في العراق.ان الكارثة الحقيقية كانت في حل الاتحاد العام لنقابات العمال حسب قانون رقم (150) لسنة 1987 وقانون رقم (1) لنفس العام وجعل عمال الدولة موظفين خاضعين لقانون الخدمة المدنية. فهبطت عضوية الاتحاد من (1.75) مليون في 1988 الى (7794) عضوا فقط سنة 1989.واستهدفت الحكومة في هذا الاجراء نسف قدرة العمال التفاوضية بعدما الغت الحد الادنى للأجر وفتحت سوق العمل المحلي على مصراعيه امام العمال العرب وسرحت (200) الف عسكري لينظموا الى قوة العمل المدنية.وشكلت قوانين العمل الصدامية خرقا لمواثيق منظمة العمل الدولية.
  اليوم وبعد اعوام ثمانية كاملة على انهيار دكتاتورية صدام حسين،وما اعقبه من تغييرات،تواصل الطبقة العاملة وحركتها النقابية نضالاتها المتعددة دفاعا عن مصالح العمال وقضاياهم العادلة،وتقاوم محاولات الالتفاف على حقوقها المشروعة،متطلعة الى تحقيق ظروف عمل افضل وحياة حرة كريمة امنة ومستقرة،في ظل تشريعات قانونية ضامنة لذلك.الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بتقديم كل اشكال الدعم والمساعدة والرعاية الى الطبقة العاملة،وان تستمع الى اراء ومقترحات حركتها النقابية وممثليها الحقيقيين،وتعمل على اشراكهم في صنع القرارات التي تمس بشكل مباشر حقوقهم ومصالحهم،ودورهم في بناء حاضر العراق ومستقبله.هنا لابد من التوقف امام الصعوبات التي تواجهها قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق وفروعه في المحافظات جراء المواقف السلبية لجهات متنفذة في السلطة والتدخلات غير المبررة في الشؤون الداخلية والتنظيمية للاتحاد،بضمنها الاصرار على تجميد الاموال المنقولة وغير المنقولة للاتحاد واعاقة التحضيرات المتواصلة منذ اكثر من 3 اعوام لاجراء انتخابات عمالية حرة ديمقراطية نزيهة.وهذا يتطلب التأكيد على شرعية وقانونية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق،واجراء انتخابات الاتحاد بأسرع وقت ممكن،وهي انتخابات تخصه دون غيره لتنظيم عمل هياكله التنظيمية وبموجب الهويات الصادرة عنه(الاتحادات المحلية والنقابات العامة).يذكر ان موقف اللجنة الوزارية العليا التحضيرية للانتخابات العمالية ووزارة المجتمع المدني كان معرقلا لاجراء الانتخابات حتى اليوم،الامر الذي قد يتسبب لتدخل وفرض مواقف دولية في المؤتمرات الدولية القادمة لأن هناك مطالبة دولية للانتهاء من هذه المشكلة!
   اخذت العلاقة بين حكومات ما بعد التاسع من نيسان والتيارات السياسية ومختلف منظمات المجتمع المدني،ومنها الاتحاد العام لنقابات العمال،طابع المواجهة نتيجة تراكم الضغوطات النفسية والاجتماعية والاحساس بالغبن خلال عقود الاحتقان الماضية،‬وتداعياتها مرشحة للاستمرار الى ان تأخذ المسيرة الديمقراطية وضعها الطبيعي‮ ‬والى ان تتجاوز الحكومات العراقية اخطاءها عبر اتاحة المجال واسعا للرأي ‬الآخر والجلوس معه على مائدة المفاوضات لوضع الحلول لكل هذه التراكمات،‬وليس باصدار القوانين والمراسيم والتعليمات والتوجيهات لاسكات هذه المنظمات واعاقتها عن القيام بدورها،لان من مصلحة الحكومة على المدى البعيد ان تدور مناقشات حيوية ومسؤولة حول السياسات الحكومية وبمشاركة مختلف فئات الشعب العراقي ‬من خلال منظماتهم ووضع الحلول لها.
  في هذا الاطار تندرج عنجهية بعض مسؤولي الحكومة العراقية،خاصة حسين الشهرستاني احد صقور الليبرالية الجديدة في العراق،ورفضهم التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي اولا ومن ثم تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء،وهي اجراءات تستكمل اغفال الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و 43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية!وكانت الجمعية الوطنية العراقية قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص على الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان!يذكر ان الحكومة العراقية قد تعاملت ايضا بعسف نادر مع عمال النفط والموانئ في البصرة،بعد ان ارتعبت من انتفاضة هذه المدينة الباسلة عام 2010،تلك الانتفاضة التي وصفت بانتفاضة الكهرباء!
   يبدو ان مكمن الاشكالية التي تجابه تطلعات المواطن العراقي في بناء الدولة المدنية الديمقراطية،ومنها ضمان حقوقه وحرياته المدنية،يظل يتمحور حول الدستور ومطباته الكثيرة وما يستلزمه ذلك من ضرورات اعادة النظر والتشريع،وهذا من صلب واجبات مجلس النواب والحكومة العراقية،ناهيك عن فلسفة واتجاهات الجهات التي تتحكم بتفسير الدستور حسب ما تراه مناسبا لمبتغاها!
   ان محاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية ليست فردية صادرة من هذا الوزير او ذاك،بل هي نهج ثابت للنخب الحاكمة اليوم،نهج يدل على شيوع ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع والاستبداد والولاءات دون الوطنية،التي تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع!واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.يذكر ان حكومات العهد الملكي المباد ولا حكومات البعث المقبور تجرأت على الغاء الحقوق النقابية للطبقة العاملة في المؤسسات الحكومية،بل حاولت تجيير النقابات لخدمة مآربها الشريرة!ان عمال العراق وكل العاملين في القطاع العام هم جزء حيوي من الحركة النقابية العراقية التي ناضلت من اجل بناء الوطن وهي صانعة الخير والابداع والحياة،واذا تطلب الامر المطالبة بحقوقها فلن تتردد في استخدام الاساليب السلمية والديمقراطية التي أكد عليها دستورنا الدائم،وهي التي تؤكد دائماً ان الممتلكات العامة هي ملك للشعب بأسره وليست لجهة او شخص ما،مهما كانت مكانته.
   كما اكدت الوقائع والتجربة ان الاجراءات الوزارية لعرقلة عموم الحركة النقابية استهدفت التغطية على الازمات الحكومية المستفحلة،وهي ليست بمعزل عن تخبط البرنامج الحكومي واداءه الفاشل،وتغييب التخطيط وكل مصطلحات"التنمية" و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"بشكل مرسوم ومتعمد،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح النخب الطفيلية البيروقراطية الحاكمة وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!يبدو ان الحكومة العراقية تضيع التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وتعمل بوعي او بدونه على اعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية!!
   امتلكت حكومات المالكي بالفعل منهجا وتناغمت بقوة مع سياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،والا ماذا نفسر عقود الخدمة النفطية الصورية،حالها حال نظم المشاركة،التي انتزعت حقوق الدولة العراقية ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها!والغاء شركة الخطوط الجوية العراقية بجرة قلم؟!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية؟!ولمصلحة من يتم تدمير الكهرباء الوطنية ومجمل الصناعة العراقية؟!محطات ومصانع ومعامل ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل على اكتافهم وبعرق جبينهم!وما مدى الصلافة التي تعلن ان اتفاقيات تجري بنظمِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وفي سبيل المنافسة على مشاريع مشتركة بهدف تجديد المحطات والشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!ان ما اشاعته عدالة التحرير،عبر شركات اعمارها واستثمارها،يشكل اليوم جزءا من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!
     سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة باتت وبالا على الاقتصاد الوطني بعد تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق  التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي  التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص،من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة،وبعد احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي للاستحواذ على اراضيهم بالقوة!اما ما يحدث للطبقة العاملة العراقية اليوم فليس هو تحجيما وتهميشا وبالتالي اندثارا،بل على العكس فحجمها مؤهل للتوسع الافقي والعمودي،وان ما يحدث ما هو الا اعادة هيكلة لها مرتبطة باعادة هيكلية الرأسمالية العراقية وبالاخص الرأسمال الكومبرادوري.التراجع المؤقت في حجم الطبقة العاملة الصناعية مرتبط بأزمة تلك الرأسمالية،وليس مرتبطا على الاطلاق بما يقال عن اختفاء الصناعة او تراجع وزنها النسبي في الاقتصاد،وتوازنات الصراع الطبقي تفرض قواعدها على الأرض.
  هناك اكثر من 60 مهنة وحرفة لها نقاباتها وانظمتها الداخلية وقوانينها مثل(المهندسين،المحاسبين،الاطباء،الصحفيين،الاقتصاديين وغيرهم العشرات)..فهل يجب ان ينظم هؤلاء الى منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية؟!انه نوع من الترف!لأن عمل وقانون النقابات لا علاقة له بعمل وقانون منظمات المجتمع المدني،والتي تأسست خلال السنوات الاخيرة رغم ان عملها مدني حقاً!ذه النقابات مؤسسات مهنية اولا وذات طبيعة مزدوجة(هي من ناحية جزء من الجهاز الاداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت اشرافها - تنظيم شؤون المهنة - وهي من ناحية اخرى تجمع لاصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق اعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني)،وهي مؤسسات مجتمع مدني غير ربحية ثانيا.
  كانت فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!اما الدعوة لاستجواب الوزراء فهي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة محاسبة كبار المسؤولين امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.
     قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان فطاحل الديمقراطية الجديدة يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم،وكل يغني على ليلاه!هل العمل النقابي والتظاهرات الشعبية الاحتجاجية ام الفساد فعل ارهابي؟!مسؤولو الحكومة العراقية وديناصورات التجارة في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين!!
    العمل النقابي ليس هواية،اذ تدرك الطبقة العاملة العراقية جيدا بشاعة الاستغلال الممارس عليها  في جميع الاوقات،وهي المؤهلة تاريخيا لامتلاك الوعي النقابي الصحيح اي المبدئي بالضد من اشكال الوعي الزائف والممارسات الانتهازية لعلاقتها الموضوعية مع القوى المنتجة،وبالضد من العوامل التي تساعد على عدم انسجام الطبقة العاملة مع نفسها والتي تجعل الوعي مقلوبا في اذهانها وسلوكها"انظر:الاصول الريفية،وهي اصول استهلاكية لكافة اشكال الفكر الغيبي الذي يزخر به المجتمع و خاصة الفكر الظلامي ومخاضات الولاءات دون الوطنية/الفكر البورجوازي الصغير الذي يقلب الوعي ويجعله حاملا لأمراض البورجوازية الصغيرة اي التطلعات البورجوازية وممارسة التحريفية الرديفة للقيادات البيروقراطية/الخوف العاجز عن امتلاك الوعي النقابي الصحيح والوعي الطبقي الحقيقي بسبب القمع والعسف الذي يخلق شروط الاستلاب المادي والمعنوي للعمال/الفكر الأصولي -  الظلامي الذي يعمل على تجييش الطبقة العاملة  ضد نفسها وضد كل اشكال التنوير/البطالة والعطالة/اضافة الى عوامل اخرى تؤثر في مسار الطبقة العاملة سلبيا!".
    تنسجم مصالح الطبقة العاملة العراقية مع دعم النقابات العمالية باعتبارها منظمات الشغيلة الاكثر جماهيرية،هدفها حماية مصالحهم الاقتصادية والسياسية من اجل الحق في العمل والمعيشة الافضل وحرية تأسيس النقابات والتظاهر والاضراب وحق الانضمام الى عضوية  النقابات والتجمع والخطاب والحماية من التمييز لأسباب عرقية وقومية وطائفية..الخ،ودعم نضالات العاطلين من اجل الحق في العمل والمطالبة بصندوق للتضامن الاجتماعي والتأمين ضد البطالة،مع الزام الحكومة المقبلة ببلورة مشروع ملموس لمكافحة البطالة باعتبارها مشكلة ذات ابعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية،ودعم نضال العمال ضد التسريح واغلاق المعامل وتقليص ساعات العمل،والمطالبة بتحسين اجورهم ورفع حدها الادنى ليتناسب ومستويات الاسعار المتنامية بأستمرار،والنضال ضد الاصلاحية والتعاون الطبقي – الانتهازية.ويستلزم كل ذلك ارساء المؤسساتية المدنية واشاعة الحياة الديمقراطية والدستورية الحقة وخلق اجواء الثقة والاستقرار،وجلاء القوات الاجنبية،وتولي الأمم المتحدة دورها في توجيه الحاكمية الدولية لضمان استقلال العراق الناجز وسيادته الوطنية على كامل اراضيه واضفاء الشرعية على عملية الانتقال الى الديمقراطية في بلادنا.والطبقة العاملة العراقية اذ تتفهم شروخ النسيج الاجتماعي العراقي فانها تدرك ان الطائفة - العشيرة هي نقيض الطبقة ولا تعيش في مجتمع صناعي رأسمالي.وعليه المصنع عدو الولاء دون الوطني،ولا يعود العامل ذلك القروي الذي ينتظر بعض الفتات من شيخ العشيرة ومواعظ رجل الدين!.ومصالح الطبقة العاملة العراقية كانت ولا زالت تتطلب الحفاظ على استقلالية وديمقراطية ووحدة العمل النقابي وابعاده عن كل اشكال التحزب والتخندق لصالح هذا الطرف او ذاك،ورفض كل محاولة للاستحواذ والهيمنة عليه!
   على المؤسسات الحكومية بكل مستوياتها العمل على التضامن مع كفاح عمالنا البواسل،من اجل تكوين منظماتهم النقابية وانتخاب ممثليهم الحقيقيين في ظل اجواء ديمقراطية في كل مؤسسات القطاع العام والمختلط والخاص،استناداً لكل المفاهيم والقوانين الدولية التي تقر بالحقوق الاساسية لطبقتنا العاملة،والتي حرمت منها طيلة العقود الثلاثة الماضية في ظل سياسة الاستبداد والدكتاتورية!وعلى الحكومة العراقية الاسراع بالغاء القرارات 150 لسنة 1987 و8750 في 8/8/2005 التي تتعارض مع مصلحة الطبقة العاملة،وفي خلاف ذلك ستبقى الحكومة ووزاراتها اداة لانتهاك حقوق ومكتسبات العمال،وستنجر وراء التصرفات الشخصية لبعض المنتفعين من اضعاف العمل النقابي في العراق!ومن الضروري التضامن الكامل مع الطبقة العاملة العراقية من اجل الاسراع بأصدار قانون عمل جديد عادل ومنصف يساعد على بناء نظام حر وعادل يخدم الجميع،قانون يضمن حق التنظيم النقابي في القطاع العام والانضمام الى النقابات،ايجاد اماكن عمل اكثر امانا،الغاء التمييز والمضايقة،ضمان تكافؤ الفرص،تطوير مهارات العمال وتعليمهم من اجل زيادة الانتاج الوطني العام،اعطاء العمال حق التفاوض الجماعي لتعديل اجورهم والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم.
      التطلع والوعي يشقان طريقهما الى قطاعات متنامية من الشعب،في سائر ارجاء الوطن،نحو اعادة بناء الدولة على اسس ديمقراطية اتحادية ومدنية عصرية.فالحرية وحدها تحاصر فساد القدوة السيئة التي يضربها الحكام،واهتزاز نظم القيم،ونقص مستويات الوعي والمعرفة،والفقر والحاجة،والجشع والجهل وفساد الانظمة وقصورها وتخلفها!وعلى الحكومة العراقية ان تدرك بأن التجويع والفقر وتفاقم الفساد المالي واسلوب القمع الوحشي وقتل الناس بالرصاص هو وبال وثمنه باهض عليها في العراق.ان الشعب العراقي لن يسكت على الدم الذي ينزف من ابنائه وبناته لا على ايدي المسلحين فحسب،بل وعلى ايدي الارهابيين الذين اقتنصوا الفرصة في الصراعات المستمرة على المناصب الوزارية لقتل المزيد من الناس.وخيارنا هو لازال الاصطفاف مع ابناء شعبنا،نتابع معاناة الناس والصعوبات المتراكمة التي تسمم حياتهم وتؤشر انه على السلطات يتوجب ان تصغي بانتباه لصوت الناس وان تنصرف الى العمل الجدي والمسؤول للتخفيف من معاناتهم وتتخذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة مشكلاتهم،وتعتمد لها الحلول الآنية ومتوسطة المدى والبعيدة!وتحسن التعامل مع المحتجين المتظاهرين،وتؤمن سلامتهم!لا الميل الى المزيد من انتهاكات حقوق الانسان التي لا ينبغي ان تبرر وانما تستنكر وتدان ويعاقب مرتكبوها!
   اخطر المخاطر التي تواجه العراق الجديد هو ان يتم تجاوز كل الذي يجرى بشعار(عفا الله عما سلف)،وان يغسل المرء يديه مما كان،بحجة ان الوضع الحالي لا يسمح بمناقشة هذه الأمور لأنها ستفتح ملفات يتجنب الكثيرون فتحها،هذا مفهوم وواضح وجلي،لكنها بالتحديد هي مهمة عمالنا البواسل والمثقف الوطني الديمقراطي الحقيقي.
   الاحتفالية بعيد العمال العالمي في العراق استذكار لقيم التضامن الاممي.فالحركة العمالية كانت دائما حركة عالمية اممية تنطلق من وحدة مصالح العمال والكادحين في العالم كله،وتقوم عليها،وتعمل على توطيدها.وتقف الطبقة العاملة العراقية بحزم لا يلين الى جانب شغيلة البلدان الرأسمالية لمواجهة طبيعة النظام الرأسمالي وآلياته والازمة المالية والاقتصادية العالمية العاصفة الجديدة والعولمة الرأسمالية المتوحشة!
   الطبقة العاملة العراقية لا تستكين ولا تستسلم للنوازع المناهضة للديمقراطية،وتواصل النضال من اجل احترام استقلالية الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق وحرية نشاطه،بعيدا عن اية تدخلات غير دستورية من اية جهة كانت.وهو مدعو الى تصعيد نشاطاته السلمية الدؤوبة لضمان حقوقه.
   
بغداد
15 نيسان 2011

106


الاعتراف الحكومي باتحاد الطلبة العام مهمة ملحة!

المهندس الاستشاري سلام ابراهيم كبة

يوم 14 نيسان
بتاريخ الطلبة نيشان
بهااليوم تفجر بركان
لكل الطلاب الاحرار

بهااليوم وكفوا عمال
يحمون الطلبة الابطال
يصدون الشرطة بجاكوج
وبأفكار قادة نضال

بهااليوم ماتوا ابطال
لكن ماماتت افكار
للساعة دمكم فوار
جعفر وقيس وشمران

  في 14 نيسان من كل عام تمر علينا ذكرى تأسيس اول منظمة طلابية مهنية اجتماعية ديمقراطية في تاريخ العراق السياسي الحديث وتاريخ المجتمع المدني في بلادنا،وهذه المنظمة هي اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق(اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية او اتحاد الطلبة العراقي العام).وكان تأسيس هذه المنظمة عام 1948 تتويجا لنضالات الحركة الطلابية وانعطافة حقيقية في تاريخها،ليعقد اول مؤتمر طلابي في ساحة السباع وبمشاركة 250 مندوبا يمثلون 56 مدرسة ثانوية ومعهد وكلية من اصل 71 مؤسسة موجودة آنذاك ليعلنوا عن تشكيل اتحاد الطلبة العراقي العام.كما جاء التأسيس بعيد وثبة كانون المجيدة في 27/1/1948 حين تظاهر ابناء الشعب العراقي،وفي مقدمتهم العمال والفلاحين،وكذلك الطلبة وباقي الفئات الاجتماعية،وقدموا عشرات الشهداء،في سبيل ايقاف والغاء معاهدة بورتسموث التي كان التفاوض جار عليها بين الحكومتين العراقية والبريطانية.ومهد لتأسيس اتحاد الطلبة النهوض الديمقراطي الواسع والتصاعد في نضالات الحركة الوطنية العامة والحركة النقابية والعمالية.استطاع عمال بلادنا في فترة 1944– 1945 من فرض تنظيمهم النقابي العلني،واضطرت السلطات على الرضوخ لبعض مطاليب شعبنا وطبقتنا العاملة ومنها اجازة 16 نقابة عمالية في بغداد والبصرة والعمارة.
   الا ان بداية المواجهة بين الحركة الطلابية العراقية والسلطات الحاكمة ترجع الى عام 1926 بالاضراب الطلابي في الاعدادية المركزية ببغداد،والمرتبط بما سمي حينها بقضية الاستاذ السوري النصولي!وكذلك الى تاريخ  8/2/1928 عندما تظاهر الطلاب ضد زيارة الداعية الصهيوني الفريد موند،وفيها اعتقل حسين الرحال وزكي خيري وعاصم فليح ومهدي هاشم وعبد القادر البستاني وعزيز شريف!
   انتخب مؤتمر السباع الاستاذ جعفر اللبان اول رئيس لاتحاد الطلبة العراقي العام،وكان شعار الاتحاد المركزي(في سبيل حياة طلابية حرة...في سبيل مستقبل افضل)،وانتمى الاتحاد الى اتحاد الطلبة العالمي عام 1950،وفي 14 شباط 1951 صدرت اول جريدة طلابية ناطقة باسم الاتحاد وهي"كفاح الطلبة".وحضر المؤتمر الشاعر الكبير الجواهري،والقى قصيدة(يوم الشهيد)في تأبين اخيه(جعفر)الذي سقط في وثبة 1948.بعدها قامت السلطات الملكية بحملة بوليسية شرسة للانتقام من الشعب والمنظمات السياسية التي شاركت في وثبة كانون،واعتقلت فيها كوادر وقادة في اتحاد الطلبة العام،واجبر الاتحاد على العمل السري!

   في بريطانيا تأسست جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة عام 1952،وفي عام 1953 تأسست جمعية الطلبة العراقيين في النمسا،ونظمت الجمعيتان مع الطلبة العراقيين في فرنسا وبلجيكا وسويسرا صيف عام 1954 اول"ملتقى للطلبة العراقيين خارج الوطن".واستمرت الجمعيات الطلابية العراقية في اوربا منذ تأسيسها في السعي لتحقيق مهامها الطلابية والوطنية كجزء من اتحاد الطلبة العراقي العام،وساهمت في النشاطات المدافعة عن ثورة تموز،وفي معارضة انقلاب شباط 1963 والتنديد به.
   لاتحاد الطلبة العام دور اساسي في التحشيد الجماهيري الى جانب المنظمات المهنية والقوى السياسية آنذاك ابان انتفاضات شعبنا 1952 و 1956،وقد التهب الشارع العراقي و نزلت الملايين من العراقيين الى الشوارع في بغداد والمحافظات وشارك الطلبة بزخم كبير،كما ردت الشرطة كعادتها بشراسة،وسقط عدد كبير من الطلبة بين شهيد وجريح،وحصلت اعدامات للمناضلين في مدينة الحي!
  انعقد المؤتمر الثاني للاتحاد على قاعة الشعب وبحضور الزعيم عبد الكريم قاسم في 16/2/1959،واقر المؤتمر تغيير اسم الاتحاد ليكون"اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية"،وانتخب الاستاذ مهدي عبد الكريم رئيسا له(استشهد اواسط الثمانينات نصيرا في كردستان العراق).وضيّف اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية عام 1960 المؤتمر السادس لاتحاد الطلاب العالمي في بغداد،كما ترأس عام 1961 قيادة اتحاد الطلبة العالمي،وهو لا يزال يشغل فيها لليوم مقعدا في اللجنة التنفيذية،كما شغل د. مهدي الحافظ اواسط الستينات وبداية السبعينات كرسي ممثلية الاتحاد لدى اتحاد الطلبة العالمي.احتل اتحادنا مواقع قيادية في اتحاد الطلبة العالمي بحيث شغل منصب السكرتارية للفترة من 1961 الى 1971،وشغل منصب نائب الرئيس للفترة من 1971 الى 1977!
   تعرض اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية وبقية المنظمات الديمقراطية في انقلاب رمضان الاسود 1963 الى العنف والارهاب،بعد ان ذبحت ثورة 14 تموز 1958 بسكين البعث،ومافعله البعثيون عند استلامهم السلطة عام 1963 هو جوهر ما فعلوه في فترة حكم صدام حسين وما يفعلونه اليوم تحت يافطة المقاومة،وهي بريئة منهم،فالبعث هو البعث..!ومع هذا الانقلاب لاحت بشائر الاستعمار القديم والاستعمار المقنع الجديد تلوح من جديد مما حدا بالحركة الديمقراطية ومنها اتحادنا"اتحاد الطلبة العام"التحول الى العمل السري مع محاولات الحكام الجهلة تزييف الحياة الديمقراطية والحزبية بابتذال وتزوير العمل المهني والاجتماعي والشعبي،وانتشار الفساد واللاابالية والانتهازية والوصولية في اجهزة الدولة،واطلاق الصحافة المأجورة لفرض سياسة الفزع والتهديد بالويل والثبور.
   لقد شنت قطعان الحرس القومي حملة ارهابية دموية كان من نتائجها مقتل واعتقال وفصل الآلاف من الطلبة،وتحولت المدارس والجامعات والملاعب الرياضية الى معتقلات ومسالخ بشرية يمارس بها شتى انواع التعذيب والاغتصاب وانتزاع البراءات من خيرة ابناء الشعب.واصدرت حكومة الانقلاب الفاشية قانونا حرمت فيه نشاط كافة المنظمات الديمقراطية ومنها(اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية)واستولت على مقراته في بغداد والمحافظات وحولتها الى مراكز للقتل والتعذيب،واستشهد في الاشهر التسعة التي اعقبت الانقلاب العشرات من الكوادر الطلابية العراقية ذات السجل النضالي المشرف،ومنهم عدنان البراك،صاحب المرزا،فيصل الحجاج،فاضل الصفار،عبد الخالق البياتي،محمد الوردي،مهيب الحيدري،عبد الله هاشم الرماح،منذر ابو العيس والعشرات من الشهداء الابطال.
   ورغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الاتحاد فقد نهض من جديد في الفترة 1964 ـ 1965،وبدأ بتشكيل لجان طلابية اتحادية في عدد من المدارس الثانوية والمعاهد والكليات اخذت تواصل العمل بصورة سرية للغاية،وعلى ضوء ذلك تشكلت قيادة جديدة للاتحاد!وانعقد المجلس الاتحادي الثاني في تشرين الثاني 1965،واصدر المجلس تقريرا عاما حول واقع الحركة الطلابية العراقية والواقع التعليمي التدريسي،واكد على وحدة الحركة الطلابية العراقية وتنشيط العلاقة مع المنظمات الطلابية العربية واتحاد الطلبة العالمي!
   في عام 1967 قررت قيادة اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية المشاركة في الانتخابات الطلابية تحت اشراف حكومي،ليكتسح اتحادنا الانتخابات بتحقيقه 80% من مجموع اصوات الطلبة،مما اضطر الحكومة لإلغاء الانتخابات واعلان حملة ملاحقة شرسة ضد زميلاتنا وزملائنا،وعقد الاتحاد مجلسه الاتحادي الثالث في 11/ايار/1967 رغم مضايقات السلطة!
   قررت قيادة اتحاد الطلبة العام خوض الانتخابات الطلابية تشرين الثاني عام 1969 رغم انتشار العنف والعسف المغلفين الى حدود كبيرة،اذ لم يكشر الحاكمون عن انيابهم بعد،خاصة ولم يكن قد مرّ على عهد البعث الاول سوى ما يزيد قليلاً على 6 اعوام!وكان الهدف الرئيس من خوض المعركة الانتخابية:زج الجماهير الطلابية في ممارسة حقوقها،وتحدي جلاوزة وموظفي وارباب وانصار النظام.لقد فاز انصار البعث كما هو متوقع عبر التزوير والقمع والملاحقة،الا ان قيادة اتحاد الطلاب العالمي رفضت الاعتراف بالنتائج بعد مجيء لجنة لتقصي الحقائق من براغ الى بغداد،والاطلاع بشكل مباشر حتى على ضحايا"الاجواء الديمقراطية جدا"الاستثنائية للسلطات!وتحققت العديد من الاهداف التي لم يكن هدف الفوز بالانتخابات محسوما فيها،ومنها:التثقيف والتعريف بأهمية الممارسات الانتخابية،التحريض على مجابهة ومواجهة المزورين،توسيع القاعدة الشعبية لتشكيلات وتنظيمات الاتحاد وتمرينها لمعارك ديمقراطية لاحقة،زيادة الوعي بأهمية دور الجماهير،رفض القبول بالأمر الواقع والمساومة والاذعان!واستثمر الاتحاد النشاط شبه العلني لفعالياته بداية السبعينات من القرن المنصرم لتقوية عود لجانه وهيئاته الاتحادية،وتعميم خبرته في الحلقات الدراسية،واكتساب المناعة اللازمة لدرء الميول الانتهازية والتوفيقية ولمقاومة محاولات ابتلاعه من قبل الاتحاد الوطني – صنيعة البعث والذي تأسس عام 1961 – وتحريم اي نشاط طلابي خارجه.
   ان ما حل بالطالب العراقي في الربع الأخير من القرن المنصرم هو عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسة الطغمة الحاكمة لتحويل ابناء الشعب الى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة والى بوق اعلامي تهريجي.لقد تآكلت المراكز الأكاديمية والتدريسية،وبذل النظام العراقي السابق الجهد لتأطير السايكولوجية الطلابية بالقيم الزائفة للركوع امام الطاغية(بابا صدام)وخدمة مآرب الاسياد في النزعة الحربية،وغرس فيهم عقدة الذنب جراء استخدام الأسلحة الفتاكة لا لتهديد جيران العراق فحسب بل ضد الشعب العراقي والشعب الكردي،وليبقوا في هذا الشرك القاتل في سبيل تثبيت مواقعهم كشرذمة في معسكر اعداء الشعب.واسهم جهابذة الثقافة القومية البعثية ومع تفاقم دور الدولة الكلانية العراقية في قمع الشعب والابتلاع التدريجي لحقوق الانسان والمنظمات الاجتماعية والنقابية العراقية.
   تحملت شبيبة وطلبة العراق الوزر الاوفر جراء نهج عسكرة الثقافة وازدرائها،وكان المثقف في عرف صدام حسين هو خريج الجيش الشعبي والاتحاد الوطني لطلبة العراق والاتحاد العام لشباب العراق والاتحاد العام لنساء العراق وهيئة الرياضة والشباب واللجنة عدي الاولمبية ومنظمة فدائيي صدام وجيش تحرير القدس..الخ من الكتائب الفاشية!وعانى التعليم الكثير بسبب القادسيات الكارثية والحصار الاقتصادي وقمع السلطات والميكافيلية لتصبح نسبة القادرين على القراءة والكتابة بالبلاد عام 2003:الذكور- 55%،الاناث- 23%.واراد صدام حسين تسميم افكار الطلاب والشباب وتحويلهم الى ادوات مسخرة لا عقل لها ولا ضمير،يحترفون صناعة الموت واعتبار الموت في سبيل الفاشية والقائد المفدى شهادة،يملأون النفوس بالحقد والكراهية والتعصب القومي،ضد القوميات الاخرى والشعوب المحبة للسلام.
  اضطر اتحاد الطلبة العام عام 1979 الى تكثيف عمله من كردستان العراق بسبب قمع السلطات الفاشية،وليناضل من هناك الى جانب القوى الوطنية من اجل اسقاط النظام،وقد بذل الاتحاد طيلة نضال عمله السري ابان العهد الدكتاتوري على فضح الهوية والعقلية الشمولية للدكتاتورية وفضح وتعرية رموز النظام السابق الهزيلة ومرتزقة النظام وواجهاته الكارتونية في منظماته السلطوية وفروعها في المحافظات وما سببته سياسات التبعيث من مضار على مصالح عموم الشعب لعدم استيفائها الموضوعية وخضوعها لسوق الفساد والإفساد!وقد ارتبط الاتحاد طيلة سنوات كفاحه السرية وشبه العلنية والعلنية بأوثق العلائق مع اتحاد طلبة كردستان وتبادل معه المشورة والادبيات وشارك في فعالياته،كما شارك اتحاد طلبة كردستان في فعالياتنا وتبادل التهاني في مناسبات شعبنا!
  وفي سبيل اعادة نشاط الجمعيات والروابط الطلابية العراقية خارج الوطن،وباشراف"لجنة التنسيق"في براغ،انعقد الكونفرنس التاسع لطلبة العراق الديمقراطيين وروابطهم وجمعياتهم في الخارج في ايلول 1980،في احدى المدن التشيكية!وقد تركزت نشاطات ومهام لجنة التنسيق والروابط والجمعيات الطلابية على العمل التضامني ضد القمع والارهاب في العراق،وفي سبيل دعم نضالات الشعب العراقي وقوات الأنصار في كردستان،وتطبيق الشعار المركزي:التفوق العلمي والعودة للوطن!كما تمكن اتحادنا في المؤتمر الثاني عشر لاتحاد الطلاب العالمي في برلين 1980 من طرد الاتحاد الوطني لطلبة العراق من الهيئات القيادية للاتحاد تمهيداً لفرض المزيد من العزلة عليه،وفضح سلطته الدكتاتورية في العراق!وفي المؤتمر السادس عشر لاتحاد الطلاب العالمي في شهر كانون الثاني عام 1992 في لارنكا /قبرص جرى تجميد عضوية الاتحاد الوطني لطلبة العراق في اتحاد الطلبة العالمي والى الابد!يذكر ان اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية قد شارك مع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في كل المهرجانات العالمية للشبيبة والطلبة في العالم والتي اشرف عليها وفدي(اتحاد اشبيبة الديمقراطي العالمي)واتحاد الطلبة العالمي...انتمى اتحادنا الى اتحاد الطلبة والشبيبة العالمي عام 1998،ولديه علاقات ثنائية متميزة بالعديد من المنظمات العربية والعالمية. 
   كان دور اتحاد الطلبة العام بارز في الانتفاضات الطلابية والجماهيرية الباسلة في ربيع 1982 وربيع 1984 وخريف 1985 والهبة الجماهيرية عام 1986 وايار 1987 وآذار 1991!وفي 15/4/2003 اعلن اتحادنا عن الشروع بالعمل العلني في بغداد مجددا وافتتح مقره المركزي في العاصمة،وفي 1/5/2003 صدرت جريدته المركزية كفاح الطلبة معلنة العودة الجديدة لاتحادنا المناضل.وشرع الاتحاد بالتصدي للمهام الجسام والنهوض بالعراق الجديد لمواجهة مفاهيم التخلف في البرامج الدراسية وفرض افكار لا تواكب العصر وتحط من قيمة المرأة وتشيع روح الفرقة والعداء والاستعلاء بين مكونات الشعب العراقي!وفضح مظاهر انتشار التسلح الميليشياتي العابث بالأمن وقتل الناس الابرياء،الى جانب تدمير البُنى التحتية وسوء الاداء الحكومي والتهاون في تقديم الخدمات،وشل الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية وما يتعلق بحياة الناس المعيشية اليومية،والعمل على انقاذ الوطن من مخلفات الحروب والارهاب والاحتلال!وفي سبيل العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي الموحد.
  لم يمنح مجلس الوزراء اجازة ممارسة العمل لاتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق طيلة الاعوام التي تلت انهيار دكتاتورية صدام حسين رغم التزام الاتحاد بكل التعليمات والقوانين،ومتابعته هذا الموضوع مع اللجنة المذكورة والهيئات ذات الشأن.ولا يبدو الموضوع قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني او انشغال الحكومة العراقية بأمور اكثر اهمية منها الوضع الامني او بسبب فوضى العمل السائدة!بل يتعداه الى نهج محوره هو محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية وعموم منظمات المجتمع المدني والحركة الاجتماعية في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها!يذكرنا ذلك بموقف السلطات الملكية من شرعية اتحاد الطلبة العراقي العام،وموقف الدكتاتورية من المنظمات المهنية الديمقراطية اواسط سبعينيات القرن الفائت،والسياسة الرعناء للمكتب المهني التابع لقيادة قطر حزب البعث المنحل.
   اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق لم ينتظر من الحكومة هذا الموقف غير المنصف،بل توقع منها منحه الاجازة المستحقة واحترام استقلاليته وتكريم الرواد والمبادرين والقادة الذين كان لدورهم في بناء الوعي الوطني العام وفي تكريس قيم التمدن والتحضر والتقدم اثر واضح في السعي لاقامة العراق الجديد،والدستور كفل له حقوقه،لذلك ينبغي انصافه،بدلا من تهميشه كما يجري الآن.ولم تتراجع الحكومة العراقية عن مواقفها في هذا الشأن التي لا تبشر بالخير ان تواصلت في الممارسة العملية،مواقف مريبة وغير ديمقراطية بشؤون لا تخص الحكومة ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني،بل تسقط في الدعاية الحكومية والانتخابية،لانها تريد ممارسة الحياة الديمقراطية على هواها،وبالطريقة التي تختارها هي رغم انف الدستور،في حين تمارس التدخل في الشأن المؤسساتي المدني بالطريقة الفجة التي لم يمارسها الا البعثيون من قبل،بعد ان جعلوها في خدمة الحزب الحاكم ومرتزقته.
   نعم،مواقف براغماتية محضة،هدفها السيطرة على النقابات واخضاعها للقوى المتنفذة الامر الذي تعارض مع الف باء الديمقراطية وحقوق الانسان ومفهوم دولة القانون والحكم الرشيد.ومن المؤسف ان لا تلقى المطالبات المشروعة لاتحاد الطلبة العام الآذان الصاغية بل الصمت المطبق من مجلس الرئاسة الموقر الذي يعتبر الضامن على الالتزام بالدستور كما جاء في المادة 67 منه،ولجنة مؤسسات المجتمع المدني،ومجلس النواب الذي يراقب الحفاظ على سيادة القانون.والانكى من ذلك ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مازالت ترفض الاعتراف بالمنظمات الطلابية وتسوف تنفيذ قرار كانت قد اتخذته يخص الانتخابات الطلابية،ما يؤكد تهيب غير مبرر من الحركة الطلابية،وعدم ثقة الوزارة بامكانيات الطلبة في المساهمة الفاعلة في خدمة العراق.وهذا الموقف المتعنت يدعو الى التأمل ويثير الكثير من علامات الاستفهام!يذكر ان اتحاد الطلبة العام كان في طليعة القوى الطلابية الداعية الى ضرورة تنظيم الانتخابات الطلابية داخل المؤسسات التعليمية والعمل على تنظيم العمل الطلابي!
  الشبيبة الجامعية اكثر من غيرها تحسسا لمشاكل الاوضاع الاكاديمية والمناهج التعليمية والتدريسية وانتقادا لها"طالما يدير الجامعات الملاكون ورجال الاعمال والدين سيبقى الجيل الفتي اعمى وجاهل!"،واكثر اندفاعا الى الحركة والعمل والاثارة!تناضل شبيبتنا في سبيل حياة طلابية حرة ديمقراطية،والعمل على تنمية وتطوير قدرات الطلبة والشباب المهنية والابداعية،وتشديد العزم من اجل قضايا الشبيبة والطلبة المطلبية!وتتلخص المعوقات التي تواجه العملية التربوية التعليمية في العراق اليوم:
•   بعد التعليم،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي عن حاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها.
•   جمود المناهج التعليمية في مختلف المراحل(وهي تنتظر المراجعة والنقد والتغيير ارتباطا بتطور الحاجات المجتمعية وطبيعة المرحلة)،وانتشار الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين والتبرير والنفعية بدل الاساليب التي تعلم التلاميذ مهارات العثور على المشكلات وحلها و التفكير الناقد والابداعي،والتي توفر مهارات الاستقراء والاستنباط التي تعد شرطا منطقيا الى النتائج!
•   انتشار مظاهر التعصب بكل اشكاله وصوره في النظام التعليمي والتربوي،وبشكل خاص التعصب الديني والطائفي والقومي.
•   تشوه الوعي المجتمعي،وتدني روح المواطنة،والقطيعة المعرفية،وشيوع ثقافة اللاأبالية والروح العدمية!
•   الاهمال والتجاهل الفعلي الذي اتخذته حكومات المحاصصات من المعضلات التي تواجه الشباب،كتفشي البطالة،وتزايد مصاعب الحياة المعيشية،وغياب الخدمات الأساسية،وتدهور مستوى التعليم والصحة،وشيوع ثقافة التخلف،واعاقة دور المرأة الاجتماعي وإسهامها في عملية التنمية وبناء الحاضر والمستقبل ومصادرة حقوقها،والخراب الروحي والمادي المديد الذي ما يزال يتراكم دون حل جذري!
•   الاجواء المعيشية الصعبة للكفاءات العلمية وتسربها الدائم الى الخارج،وتذمر الاكاديميين العائدين من الخارج من انعدام الوظائف والاجراءات الروتينية والاستقبال الفاتر وتأخير تعيينهم.
•   محاولة حصر قانون الخدمة الجامعية برواتب ومخصصات الاستاذ الجامعي فقط،واهمال تطوره التربوي والعلمي بما يتناسب وروح عصر مجتمع المعرفة،وتأخير تعديل قانون الخدمة الجامعية 23 لسنة 2008 بما يضمن استمرار التدريسي الجامعي في الخدمة لحين تقديمه طلبا بالاحالة الى التقاعد،خصوصا من هم بدرجة استاذ واستاذ مساعد!
•   سرعة تنفيذ القرارات اللامدروسة كقرار احالة التدريسيين الجامعيين(مدرس واستاذ مساعد واستاذ)الى التقاعد من قبل رئاسة بعض الجامعات وعمادات الكليات،وباعداد لا تصدق ضمت خيرة التدريسيين المعروفين بالنزاهة والجد والوفاء للوطن والحاصلين على شهاداتهم من ارقى الجامعات الغربية والشرقية والاوربية ومن جامعات امريكا وغيرها!ان اكثر الذين احيلوا الى التقاعد هم من الذين لم يتركوا الوطن وفضلوا بيع ما يملكون لمواجهة الحصار الظالم،وهم الذين واجهوا الارهاب وهجروا من بيوتهم بعد ان سيطر الارهابيون عليها بكل ما فيها من اثاث وسيارات،بالاضافة الى تعرض اولادهم للخطف ودفع فدية الافراج عنهم!
•   تواضع البنية التحتية للعلوم،واقامة المشاريع التعليمية،سواء الدراسات الاولية ام الجامعات ام مدن العلم(التي يمكنها من جذب افضل العقول من الخارج)ام مشاريع البحث العلمي والتطوير.وافتقار البنى التحتية للمؤسسات التعليمية الى الكثير من الادوات والمستلزمات اللازمة لعملية تعليمية مثالية،والكثير من الاقسام العلمية لاسيما على مستوى الدراسات العليا مازالت مغلقة لحد اليوم تحت ذريعة اقتقار جامعاتنا للكوادر العلمية الضرورية لفتح  مثل هذه  الاقسام!
•   معاناة السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا.
•   التأرجح الجامعي بين الهوية الاكاديمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين المحسوبين على طلاب الجامعات وكلياتها!والمرتبطين بميليشيات طائفية او جيوش طوائف لا علاقة لهم بالاسلام الا من حيث استفزاز الاخرين حتى ان كانوا من ابناء الطائفة الواحدة!
•   اتنقال مواكب العزاء الحسينية من الساحات العامة والحسينيات والمساجد الى باحات الكليات وقاعاتها وحدائقها ومكتباتها،وتحول كليات مرموقة كالاعلام والآداب والتربية في جامعة بغداد الى حسينيات ومواكب عزاء عاشورية بالمعنى الكامل للعبارة!لطميات..وردات..بصوت جهوري قوي ينطلق من احدث الاجهزة الالكترونية!
•   ترويع الهيئات التدريسية،وقتل الاكاديميين(آخرها اغتيال د.محمد حسن العلوان عميد كلية الطب في الجامعة المستنصرية و د. زيد عبد المنعم علي الاخصائي في المركز العراقي لبحوث السرطان في آذار 2011)،ومغادرة آلاف الاساتذة المهددين الوطن،وتواصل ظاهرة رسائل التهديد التي ترهب الاساتذة والطلبة،بما يؤدي الى تعثر العملية التربوية وتعطيل العمل الاكاديمي وقمع حرية التعبير وهجرة العقول الى الخارج،واعاقة تحقيق التقدم الاجتماعي والتكنولوجي.
•   ضعف مراقبة ومتابعة المنظمات والمؤسسات التعليمية الدولية والامم المتحدة للعملية التربوية التعليمية في البلاد ومعوقاتها!بما فيها اللجنة الدولية للتضامن مع اساتذة الجامعات العراقية!
•   الامية!
•   فضائح الفساد!آخرها التلاعب الخطير في سجلات طلبة جامعة بغداد،وبيع درجات الطلاب المتفوقين والناجحين لافراد او طلاب حصلوا على درجات ضعيفة!وموظفين وبعض السياسيين في دوائر الدولة لغرض الحصول على البعثات والزمالات الدراسية والايفادات!
•   انقطاع الطلبة عن الدراسة!واستمرار التسرب الدراسي لدى طلبة الدراسة المتوسطة والاعدادية.
•   الاساءة المتعمدة الى التعليم الحكومي الذي يحتضن كافة طبقات الشعب دون استثناء او تمييز!!
•   اهمال الدولة العراقية للتعليم الجامعي،وعدم تقديرها لدور الجامعة في التنمية!والدولة في احسن الحالات تعتبر الدعم المادي للجامعات وللعلماء والبحث العلمي دعما يسجل في خانة الاموال المفقودة،فكل ما يصرف على الجامعة من غير رواتب الاساتذة(علما ان الرواتب لازالت تشكل اكثر من 80% من ميزانيات الجامعات)هي اموال ضائعة!
•   محاولة تغيير اسماء مدارس كان التخوف منها في فترة حكم اعتى دكتاتورية شهدها التاريخ،وحاول من حاول من جلاوزة النظام البائد تغييرها،لكن المحاولات فشلت....الى اسماء طائفية ودينية!
•   تصاعد استثمارية التعليم الاهلي،ومحاولات احتواء المعلم والمدرس صاحب الرسالة التعليمية في دائرة اية مدرسة تدفع اكثر،ومنح الشهادات لمجرد دفع اجور التعليم والتسجيل في مؤسسات التعليم الاهلي!وثقل اعباء اجور الدراسات المسائية والجامعات الاهلية التي ترهق كاهل الطلبة وتقف حاجزا دون تحقيق طموحاتهم.
•   الهوة المتزايدة بين التعليم العالي الرسمي والتعليم العالي الاهلي في ترصين العملية التعليمية والتربوية وتحقيق قفزة نوعية في ادائها،والسعي باستمرار لتنشيط مفاصلها ومعالجة مشاكلها.
•   التراخي في ايجاد هيكل اداري يضمن ابقاء مؤسسات التعليم الأهلي تحت اشراف الدولة ضمانا لتنمية المصالح العلمية والوطنية العليا،على ان لا يمتد الى الامور الادارية والعلمية الاخرى،وينسجم مع توجيه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بشأن مؤسسات التعليم العالي الاهلي.
•   عدم تكفل الدولة بتوفير بعض المستلزمات المادية للتعليم العالي الأهلي،وخاصة ما يتعلق بالابنية والاجهزة والمستلزمات،وتقديم القروض والمنح التي تسددها الكليات الاهلية على اقساط،وشمول المؤسسات التعليمية الاهلية بمبدأ الاعفاء الضريبي،وشمول التدريسيين والعاملين في مؤسسات التعليم العالي الاهلي بالامتيازات والحقوق التي يتمتع بها اقرانهم في مؤسسات التعليم العالي الرسمي.
•   اقدام وزارة التعليم العالي في نزع الصفة القانونية عن مؤسسات تنشأها عقول علمية وخبرات اكاديمية وطنية،كمؤسسات التعليم عن بعد او التعليم المفنوح!بدل دراسة المشروعات المقدمة بشأن لوائح التعليم الالكتروني،وتسجيل تلك المؤسسات العلمية خدمة لطلبتنا واساتذتهم وتطويرا للتعليم العالي العراقي الذي يعاني من نواقص وسلبيات تكاد تطيح بمكانته ورصانته التي حصدها طوال مسيرة الدولة العراقية منذ تأسيسها!
•   تصاعد استثمارية التدريس الخصوصي عن طريق المجموعات والدفع بالعملة الصعبة!
•   الرسوم التعجيزية على كل المستويات ابتداءا من الكليات والمدارس المسائية،وبدل ان توزع الكتب والقرطاسية مجانا يلزم الطلبة دفع ثمنها،لتشكل المصاريف الجديدة عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!
•   تدني التعليم المهني بفروعه(الصناعي والتجاري والزراعي والفنون التطبيقية)!وعزوف الطلبة عن الالتحاق به بحجة ضبابية المستقبل الذي ينتظرهم!
•   تواضع التخصيصات الحكومية الاستثمارية لتطوير قطاعات التربية والتعليم!وتخفيض الموازنة الاستثمارية للتعليم العالي الى ما نسبته 0.2% من الموازنة العامة لعام 2009!
•   الروتين الحكومي الذي ادى ويؤدي الى تعطيل صرف المنح التي تحصل عليها الجامعات،واطلاق صرف تلك الاموال في مجالاتها المقررة لها!
•   محاولات احتواء مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية ذات العلاقة سياسيا وماليا واداريا،والتصعيد في التدخلات الفظة بانتخابات هذه المنظمات،وتهديد بعض مجالس النقابات(كما حصل مع نقابة المعلمين)وذلك باتخاذ اجراءات حكومية وقضائية اذا لم تذعن لارادة اللجنة الوزارية بتسليم كل شؤون النقابة واموالها الى اللجنة التحضيرية،وليس الى المجلس الجديد الذي ينتخبه منتسبو النقابة،وتعيين قيادات المنظمات ودفع الرواتب المجزية لهم...الى جانب ضعف الاواصر بين التنظيمات الطلابية العاملة المساهمة في بناء النظام التعليمي العراقي،وتحقيق مطالب طلبة العراق!
•   احجام الحكومة العراقية عن الاستفادة من تجارب اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق في الحرص على التفوق العلمي والدراسي وعكس وجه العراق المشرق!ومواصلة التعليم خدمة للوطن رغم الظروف غير الاعتيادية التي يمر بها بلدنا العزيز،وفي النضال من اجل حقوق الطلبة العادلة.
•   تدخلات وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في شؤون مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية،الامر الذي يستلزم اعادة تعريفها وتحديد مهماتها وفقا للدستور،اذ اصبحت اداة بيد السلطة التنفيذية للتدخل والسيطرة على شؤون هذه المنظمات!
•   عرقلة النضال المهني لالغاء كافة القرارات التي تعرقل العمل النقابي وخاصة قرار مجلس الحكم رقم(3)لسنة(2004)والامر الديواني(8750)لسنة(2005)والمتعلق بتجميد الأرصدة والتصرف بأموال النقابات.
•   احجام القيادات السياسية عن الاقتناع بمفهوم استقلالية الجامعة والحرية الاكاديمية ومراجعة مواقفها من حرية الفكر والتعليم الجامعي،واعادة النظر في اقحام السياسة والدين داخل المؤسسات التعليمية.والانتهاكات المستمرة للحرم الجامعي وبحجج واهية!وتجاوز الدستور والقوانين النافذة التي تؤكد على احترام الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية واستقلاليتها!والاستخدام غير المبرر للقوة داخل المرافق الدراسية!ومواصلة الضغوطات والتدخلات السياسية والحزبية وتأثير الولاءات دون الوطنية في عمل المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية من قبل الجهات الحزبية والرسمية للتأثير على العمل والنهج الاكاديمي العلمي،وجره الى التأثيرات والتجاذبات والمحاصصات السياسية والطائفية!وتحويله الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية!
•   الضائقة المعيشية لطلبة الجامعات وطلبة الدراسات العليا،وطلبة التعليم التقني..وطلبة الاقسام الداخلية.
•   الفرص غير المتساوية بخصوص البعثات الدراسية والقبول في الدراسات العليا سواء داخل العراق او خارجه!
•   مشاكل الاقسام الداخلية،وبقاء بعضها مغلقا بسبب الظروف الامنية،لاسيما في الدراسات العليا.
•   فوضى الامتحانات وافتقارها الى التنظيم وغياب سلطة القانون عليها وتدني الرقابة ومجانية الغش!
•   الفرص المحدودة التي يواجهها اكثر من مليون من شباب المنفى،العاجزين عن العودة،في البلدان المضيفة لمواصلة تعليمهم ومعيشتهم.ولا يلتحق كثير منهم بالدراسة حتى عندما يكون التعليم مجانيا،بل ان بعضهم تعرض الى الضغط للالتحاق بالجماعات الارهابية والعصابات الاجرامية.
•   استياء الطالبات من استمرار القيود التي تفرضها جهات متنفذة داخل الحرم الجامعي على حريتهن في ارتداء الازياء والزامهن بالتحجب!
•   الاقحام الدائم للدين في حياة الاطفال وفرض الحجاب،الى جانب مشاكل عمالة الاطفال والمعيشة في الشوارع والأيتام والأطفال العجزة والاطفال الذين  تتناقض اوضاعهم مع القانون.
•   تجاهل محنة ايتام العراق،والذين لم يلقوا الرعاية الخاصة،بل ان عددا كبيرا منهم لم يذهب الى المدرسة بسبب سوء اوضاع عائلاتهم المادية ما يدفع بعضهم الى العمل في مهن مختلفة،ويقدر عدد الايتام في العراق ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما بقرابة مليون طفل،ثلث هذا الرقم اصبحوا ايتاما بعد الاحتلال الامريكي للعراق بسبب الهجمات المسلحة التي نفذها الجيش الأمريكي واعمال العنف المستمرة في العراق فيما كان الباقون قد فقدوا آباءهم في حروب سابقة او خلال الحصار.هناك الكثير من الايتام في الريف العراقي انصهروا بمزارع اخوالهم او اعمامهم،الا ان الخوف الاكبر على الاطفال الايتام داخل المدن المشبعة بالمغريات والعنف واختلال الضوابط الاجتماعية.
•   تواضع المكتبات العامة في المدن العراقية.
•   تواضع المصادر والمراجع العلمية الحديثة لطلبة البحوث والدراسات العليا!
•   ضعف مشاركة الاساتذة في المؤتمرات العلمية!
•   غياب النوادي الثقافية والورش الفنية ومراكز العلوم عن كليات الجامعات!
•   تردي الصحة المدرسية،والمعاناة من تردي الاوضاع الصحية في البلاد ارتباطا ببقاء قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي سارية المفعول.
•   تجاهل الحكومة المركزية للخطوات التي اتخذتها حكومة اقليم كردستان ضمن مشروعها لتطوير نظام الدراسة في المراحل الابتدائية والثانوية،والاستفادة من هذه التجربة.
•   ازدياد التحديات امام المدرسة في مجال تقديم تعليم ذي كفاءة عالية لمواجهة العولمة(نتيجة الثورة المعرفية والتكنولوجية)من حيث مضمون التعليم وطرائقه ووسائله!وتراخي وزارة التربية،التي لديها فائض ميزانية،بتجهيز المدارس باجهزة الكمبيوتر،لتترك الامر الى رحمة منظمات المجتمع المدني التي تزود عددا محدودا جدا من المدارس ببعض الأجهزة.

   تعتز شخصيات ديمقراطية عراقية داخل العملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا ومن خارج هذه العملية السياسية بعضويتها اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية في فترة العمل الطلابي .. لقد اسهم اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية بالدور التربوي البناء لتتخرج في مدرسته الكوادر المهنية الاختصاصية ، من معلمين واطباء ومهندسين واقتصاديين وتربويين .. وليرفد الحركة الوطنية العراقية بالكوادر السياسية الجسورة!
   نقف اجلالا واكبارا امام التضحيات الجسام التي قدمها الطلبة في طريق الحرية والانعتاق والخلاص من الأنظمة الدكتاتورية على مدى تاريخ عراقنا الحديث،.

بغداد
7/4/2011


107
الشبيبة الاحتجاجية في بلادنا..الواقع والتحديات!

يا أصدقائي:
أنتُمُ الشِّعْـرَ الحقيقيَّ
ولا يُهـِمُّ أن يَضْحكَ ... أو يَعْـبِسَ ...
أو أنْ يَغْضبَ السلطان
أنتُمْ سلاطيني


                                                                                                                        سلام كبة

  الشبيبة العراقية والشعب العراقي في هياج متوتر وغضب متنامي،وما جرى في جمعة الغضب بساحة التحرير 25 شباط 2011،وقبيل وبعد هذا التاريخ،نموذج صارخ لديمقراطية التمشدق والتبجح العلني امام الملأ بقمع تطلعات الشبيبة والحريات الصحفية ومنتديات المجتمع المدني والنوادي الثقافية!لقد كانت احتجاجات واعتصامات شباط وآذار 2011 الشجاعة وشعاراتها الجريئة"نفط الشعب للشعب..مو للحرامية""ياحكام كافي عاد..النهب والفساد""تهميش النساء..باطل،احتكار السلطة..باطل،الحزب الواحد..باطل،رواتب المليار..باطل،قطع الكهرباء..باطل،الابتزاز..باطل،قمع الحريات..باطل،التهريج السياسي..باطل،حكم الميليشيات..باطل،مجلس بغداد..باطل،نوري المالكي..باطل،فرق الموت..باطل،كواتم الصوت..باطل""الدين لله..والوطن للجميع"تجسيدا لفشل حكومات الطائفية السياسية في توفير ابسط اوليات المستلزمات المعيشية للمواطن العراقي.
   لقت توالت الاجراءآت التعسفية والتصرفات الرعناء بسرعة،اثر اقتحام قوة مسلحة تتكون من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب العراقي ليلة الاحد 28/11/2010،والقرار بالهجوم على نادي آشور بانيبال الثقافي،والاعتداء الجبان والوحشي على معتصمي ساحة التحرير وسط بغداد فجر الاثنين 21/2/2011 بواسطة العصي الكهربائية والاعمدة الراضة والسكاكين كأي بلطجية واستشهاد احد المعتصمين وجرح سبعة آخرين وسرقة السرادق وما فيه!ومداهمة مرصد الحريات الصحافية في العراق وهو منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الصحافيين فجر الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة بعض من محتوياته!ومداهمة شبكة عين وهي منظمة تعنى بمراقبة الانتخابات في العراق مساء الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة محتويات الشبكة واجهزة حاسوب ووثائق مهمة تتعلق بنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة والاجازة الرسمية في ممارسة الشبكة لعملها عملها،وقرار عمليات بغداد بحظر النقل المباشر لتظاهرة جمعة الغضب 25/2/2011 والقيام علانية بالاعتداء على المواطنين واعتقال الصحفيين وفق ديمقراطية المروحيات الترابية مما ادى الى استشهاد بعض المتظاهرين،والاعتداء الجبان على صحفيي البصرة الفيحاء جمعة الكرامة 4/3/2011،وقيام قوة من عمليات بغداد بمحاصرة مكاتب صحيفة طريق الشعب الغراء ليلة 5- 6/3/2011 ومطالبة العاملين باخلاء المكاتب خلال 8 ساعات كما حاصرت قوات اضافية مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فجر يوم 6/3/2011 وطالبت العاملين بمغادرة المبنى خلال ساعات معدودة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وتعاملت مع الجميع بتعسف ووجهت اليهم اساءات شديدة اللهجة مقرونة بالركل والرفس!وكررت هذه القوات استفزازاتها هذه مع مكاتب الاحزاب السياسية الوطنية والقوى السياسية المعارضة!
   بالتأكيد ، لم تـأت الطائفية السياسية من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي بل من سلوك الحكام وطبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقولهم،وهي معادلات تقوم على فكرة التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين.والعبث الطائفي والعشائري وعبث الولاءات دون الوطنية نابع من المعادلات الصبيانية المدمرة الساعية الى تمزيق النسيج المنطقي للاحداث كي لا يجري الامساك بالاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في غموض الصدفة والوعي،عبث نابع من بنية الولاءات دون الوطنية التي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور.وتتسم الطائفية السياسية في بلادنا باصطناع المثل السياسية على قدر حجمها وامتلاك الباع الطويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة الغرض منها هو الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما،لكنه لم يقدم شيئا اذ لم يخرج ذلك عن ممارسة التكتيك السياسي والمناورة الوهمية في اطار الوقاحة الانتخابية والدعاية الرخيصة واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل!والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس والاستهلاكية،وكلامولوجيا ولغوا وسفسطة.قرارات واجراءات لا تدل سوى على التزمت والجهل المطبق والقصور في فهم ماهية المنظمات غير الحكومية والنقابات والمنظمات والاتحادات المهنية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني،وقرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى ارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة والى بوق في الفيالق المهللة لها،وتحويل الشباب منذ مطلع السبعينيات ولمرات عديدة حطبا لحروب خارجية وداخلية وازمات اقتصادية واجتماعية كبيرة بعد ان زرعت ثقافة تبجيل الموت فيهم،وصورت ثقافة السلطة على انها قدر الشعوب العظيمة!والملاحظ ان الشباب العراقي لا يحظى بعناية تكفل له نموا وتطورا طبيعيين،مع انهم عماد المجتمع،الامر الذي ولد مشاكل عديدة اخرت تطور المجتمع فضلا عما سببته من تخبط في حياة الشباب انفسهم. 
   تعكس الشبيبة فسيفساء التنوع الآيديولوجي والفلسفي والسياسي والطبقي للشعب العراقي وهي تشق طريقها وسط عماء الفوضى الفكرية والمستقبل الغامض،والدخان السياسي الزائف الذي خلقته مخلفات دكتاتورية(صدام حسين)وحروبها الكارثية وآثار الاحتلال الاميركي،ولازال مشهد الشبيبة العراقية صورة حافلة بالتناقضات والغضب احيانا والقسوة والعجز في احيان اخرى.وهذه الشبيبة تختزن في ذاكرتها الحروب العبثية للدكتاتورية والانفاليات الكيمياوية،وغدر النظام البائد ومرتزقته،والتهجير القسري والمقابر الجماعية،والاعمال الارهابية والتعسفية للاسلام السياسي،ومهازل الطائفية السياسية والقوى السياسية المتنفذة اليوم!من شبيبة البطالة والاحباط وفقدان الهوية الى شبيبة الاغتراب والى ضحايا الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته ويفاقم من المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن.

   السياسة الاجتماعية والعولمة الرأسمالية

   ان هدف السياسة الاجتماعية في الولايات المتحدة والبلدان الرأسماليـة المتقدمة هو تهدئـة الاستياء واضعاف التناقضات الاجتماعية،واخفاء المغزى الحقيقي الطبقي للدولة الرأسمالية المعاصرة والشركات الكارتلات الاحتكارية،والمحافظة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج،وعلاقات استثمار الانسان للانسان بطرق استغلالية،وتزييف مضامين العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان! خلق صورة مضللة عن ديمقراطية وانسانية المجتمع في الغرب الرأسمالي ودولته النموذجية!
ان اسلوب المناورة السياسية والاجتماعية هو الذي يميز السياسة الاجتماعية في الغرب الرأسمالي،اي انتهاج سياسة تفضل اطلاق تعبير الليبرالية على الرأسمالية نفسها!وتتفنن في تزويق الليبرالية من ديمقراطية الى جديدة فمتجددة!وترفع من مصاف المنظمات غير الحكومية في الحركات الاجتماعية وتجعلها في مواجهة التنظيمات المهنية والديمقراطية والاجتماعية التقليدية.هكذا تدفع الاصلاحات بالعيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتثها وتحافظ على التباينات الطبقية وتشدد الاستقطاب الاجتماعي لتكرس الفقر والعوز والتمييز الاجتماعي،وتوسع من جيل المنسيين المنبوذين بينما يعيش رجال الأعمال والمقاولات وابناء الارستقراطيات والبيروقراطية والفساد على حساب صحة وحياة المواطنين!
   تزج الليبرالية الجديدة الشبيبة في صراعات ومتاهات فكرية واحلام طوباوية وخيال لا يخلو من شعوذة،وتضفي على حركة الشبيبة الطابع الاصلاحي او الرومانتيكي لتؤول في نهاية المطاف الى حركة انعزالية تحمل شعارات غير مقبولة موضوعيا.القضية هنا ليست بالنيات او جاذبية الشعارات انما واقع الحال ونتائج الاعمال!وبينما ينفرد المركز الرأسمالي بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي تكتسب عقلانيته قوة تصدير اللاعقلنة الى مناطق الأطراف،والنفي القسري للحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية واحتواء تنظيمات الشبيبة والطلاب والنساء وحركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة وحركات السلم والتضامن والرفض الاجتماعية والنقابات العمالية.
  تستخدم العولمة الرأسمالية التضليل الاجتماعي للحد من سلطة الفكر الثوري والعمل الثوري والديمقراطي،وتنتزع المضمون الثوري والانساني الحق من مفاهيم عامة مثل:الاشتراكيـة،الديمقراطية،الحريـة،الوطنية،السيادة الوطنية،المصالح الوطنية،المجتمع المدني،حقوق الانسان،الحركات الاجتماعيـة،الانسانيـة..الخ.وهي تحاول تخدير اليقظة السياسية عند الشعب.ولا يزال شعار الاعلام في عصر العولمـة الرأسمالية"اكذب واصرخ واخلق الضجيج وكرر الكذب فان شيئا من ذلك سيبقى!".ان النضال ضد العولمة الرأسمالية عبارة زائفـة جوفاء اذا لم ترتبط مع النضال ضد الانتهازيـة والتحريفيـة"من يمتلك القدرة على رفع شأنك يقدر على الهبوط به".واذا تركنا العولمة الكفاحيـة الثوريـة جانبا وجردنا العولمة الرأسمالية من براقعها البليغة اللفظية الرصينة،لانكشفت على الفور صياغة فلسفة استخدام القوات المسلحة الاميركيـة في النزاعات الاقليميـة وتبرير اعمال الغزو والعمليات التخريبية ضد البلدان الاخرى في محاولة لاعادة كتابة التاريخ وشطب الماضي الاميركي المشين.هكذا تتقمص واشنطن شخصية (رامبو) وتزرع اوهام سوبرمان شيكاغو وتخلق طغاتها على قياسات مخابراتها!فهل تتحول ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 الى انقلاب ومؤامرة بالعرف الاميركي؟!ويتحول صدام حسين ـ  ذراع الولايات المتحدة الوفي ـ مع شرذمته الى حامي الحمى ومنقذ الأمة؟!
   يعتبر جيل التاسع من نيسان 2003 الوضع الانتقالي القائم رغم ايجابياته الواسعة مخالفا لأبسط الحقوق الانسانية لعموم الشعب العراقي ولابد من تغييره،بينما يعتبره المنتفعون واحة للديمقراطية بحكم رساميلهم التي اكتسبوها بالزكاة والعصامية!ويبقى المجتمع المدني البديل الحضاري الوحيد لدرء مخاطر العشائرية والطائفية والفساد لانه رفض للمخلفات الرجعية والدكتاتورية وخاصة دكتاتورية البعث والاصوليات الدينية والارهاب.وهذا يتطلب اسس تحالف راسخة متينة لتوحيد العراق وصيانة الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية.
  الشبيبة هي الشريحة الاكثر ديناميكية وفعالية في المجتمع،حيث يمثل الشباب دون سن الخامسة والعشرين حوالي نصف المجتمع العراقي.وتسهم الشبيبة العراقية اليوم في اعادة اعمار العراق وتأسيس الدولة العراقية الجديدة والهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية ذات العلاقة،والاسهام الجاد في تأسيس المؤسساتية المدنية،والتطلع الى عراق حر مستقل وشعب سعيد.لقد بذلت القوى المعادية للتقدم الاجتماعي في بلادنا الجهد لتغييب مكتسبات الشبيبة الديمقراطية طيلة العقود المنصرمة عبر اغراق الوطن بدخان كوارثها واشاعة الاوضاع الاستثنائية،وكبح النشاطات الاحتجاجية،والحط بالدولة الى مستوى العشيرة والطائفة والعائلة،وتشجيع الفوضى وتجاوز القانون،وتصديع القيم الاخلاقية والاجتماعية وادخال البلاد في المتاهات المتجددة،آخرها متاهات الطائفية السياسية.
   على الحكومة العراقية ان تدرك بأن التجويع والفقر وتفاقم الفساد المالي واسلوب القمع الوحشي وقتل الناس بالرصاص هو وبال وثمنه باهض عليها في العراق.ان الشعب العراقي لن يسكت على الدم الذي ينزف من ابنائه وبناته لا على ايدي المسلحين فحسب،بل وعلى ايدي الارهابيين الذين اقتنصوا الفرصة في الصراعات المستمرة على المناصب الوزارية لقتل المزيد من الناس.وخيار الشبيبة الديمقراطية الدائم لازال الاصطفاف مع ابناء شعبنا،وهي تتابع معاناة الناس والصعوبات المتراكمة التي تسمم حياتهم وتؤشر انه على السلطات يتوجب ان تصغي بانتباه لصوت الناس وان تنصرف الى العمل الجدي والمسؤول للتخفيف من معاناتهم وتتخذ الاجراءات الكفيلة بمعالجة مشكلاتهم،وتعتمد لها الحلول الآنية ومتوسطة المدى والبعيدة!وتحسن التعامل مع المحتجين المتظاهرين،وتؤمن سلامتهم!لا الميل الى المزيد من انتهاكات حقوق الانسان التي لا ينبغي ان تبرر وانما تستنكر وتدان ويعاقب مرتكبوها!

   ملامح  واقع الشبيبة في بلادنا
   يمكن تأشير اهم ملامح  واقع الشبيبة في بلادنا وصعوباته في المرحلة الراهنة:
•   تواجه الشبيبة مشاكل السكن والبطالة والفقر والعنف والهجرة والاخطار البيئية وفجوات توزيع الدخل والركود الاقتصادي،ونتائج هوس الحروب والعسكرة والتعريب والتبعيث والطائفية وحمل السلاح(الهوس الميليشياتي)،وتفاقم السخط ازاء افتضاح اساليب الليبرالية الجديدة والعولمة الرأسمالية،الى جانب النفعية(البراغماتية)والانانية التي تستهلك قادة حركتها وعموم الحركات الاجتماعية!كما تعاني من تنوع الاتحادات والمنظمات الشبابية،وارتباط بعضها بالاحزاب السياسية ذات الطابع الطائفي والقومي،واعتمادها اسلوب الاغراء(المادي و المعنوي)لكسب الاعضاء.
•   بعد التجارب الانتخابية في بلادنا،حري بكل من يتطلع الى حياة برلمانية دستورية ديمقراطية سليمة،ولضمان استقرار البلد وامنه وتقدمه وتحقيقه لكامل استقلاله،وبنائه لمؤسساته ورقيها،حري به ان يدعم التوجه الى تبني قانون عصري حضاري ديمقراطي لانتخابات مجلس النواب يضمن حقوق الكتل الانتخابية دون تمييز،يقوم على تبني النظام النسبي وجعل العراق دائرة انتخابية واحدة وتخصيص كوتا للشبيبة بعد تخفيض سن المرشح الى البرلمان الى الـ"25" سنة لضمان مشاركة الشباب في العملية السياسية في بلادنا،وفي ذلك تشجيع للشبيبة على المشاركة في صناعة قرارات المستقبل،وخلق جيل شبابي يؤمن بالديمقراطية والتعددية،جيل يستطيع الاخذ بيده شرائح المجتمع نحو مستقبل مضيء وعالم افضل،وتحقيق لمصلحة الجميع وضمان لها،ليس في راهن الحال،بل في المستقبل ايضا.لا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية ومع الغاء الأخر الخالق للابداع!
•   تدرك الشبيبة العراقية مخاطر طرد الدولة من ميدان الاقتصاد والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية الوطنية وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،وبالتالي توسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي الخطير!وان عقود الخدمة الجديدة في القطاع النفطي هي في جوهرها اضاعة التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،والشروع باعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية!كما تدرك الشبيبة العراقية الغياب الكلي للمنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية وفوضى الاتفاقيات الحكومية والتدني المريع للخدمات العامة،والعمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية"غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وتمويل الحركات والأحزاب السياسية"،وافتضاح مفهوم  المحاصصات التي باتت مهزلة يتندر بها القاصي والداني!
       ان جوهر الازمة السياسية الراهنة متمثل بالانتهاكات الدستورية الفاضحة وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!العراق ليس ضيعة للشراكة الوطنية المحاصصاتية!
•   تدرك الشبيبة الكردستانية العراقية ان حل القضية الكردية مرتبط بحل عموم القضية الوطنية والديمقراطية العراقية،ومستقبل عراق المؤسسات الديمقراطية في تنظيم العلاقات السياسية والدستورية بين الشعبين في ظل نظام ديمقراطي برلماني تعددي تداولي فيدرالي،وما دون ذلك سوى سراب وتخبط واستمرار دوامة العنف والقمع.والكوردايتي وفية لتاريخها النضالي المجيد المعمد بالدم في سبيل التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي والنهوض الديمقراطي.وتدرك الشبيبة الكردستانية والآشورية والتركمانية والارمنية وشبيبة التجمعات القومية والاثنية انها  جزء من العولمة الكفاحية الثورية ضد العولمة الرأسمالية،وهي  تنصهر في بودقة الشبيبة الديمقراطية العراقية في سبيل المستقبل الافضل للعراق السعيد!
•   من المخاطر المتوقعة ان منظمات الشبيبة،حالها حال المنظمات غير الحكومية،تتحول الى جزء من الآلة السياسية،همها ليس الدفاع عن حقوق الشباب،ولكن دعم السلطات الحاكمة وموالاتها،بل ان هذه المنظمات قد تنقسم الى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة،كل منها يناور من اجل الحصول عل المزيد من المنافع!ويتجسد التدخل الحكومي في الشأن الشبابي بدوام فعل القرار المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة،والقرارات اللاحقة الخاصة بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير ولوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية،وحل كافة الادارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات،ووضع العراقيل امام استحصال المنظمات المهنية ذات التاريخ الوطني والديمقراطي المشرف اجازة العمل الشرعية!
   واذ تدعم الشبيبة الديمقراطية عقد المؤتمرات الموسعة لمختلف الشرائح الاجتماعية المؤلفة للشعب العراقي بداعي تلمس المشكلات والازمات التي تفرض نفسها في الواقع السياسي والاجتماعي العراقي،والتفاهم لحلها"مثل ملتقى الشباب الثاني الذي اقامته مؤسسة الشباب العراقي يوم السبت 15/11/2008 تحت شعار(الشباب نهر عطاء دائم يصب في زهو العراق) وبرعاية رئيس الوزراء"فانها تحذر من تحويل هذه المؤتمرات الى فعاليات تحشيدية للايحاء بتنشيط المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية،وليدل ذلك برسوخ ان الديمقراطية الحقة مغيبة،والمجتمع المدني في خبر كان!
   كل ذلك يستدعي مضاعفة الجهد للتنسيق بين الاتحادات والمنظمات الشبابية والطلابية على تنوعها،وبينها وبين منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الاخرى،ودعم لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات،وفضح تدخلات وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في شؤون مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية،الامر الذي يستلزم اعادة تعريفها وتحديد مهماتها وفقا للدستور،اذ اصبحت اداة بيد السلطة التنفيذية للتدخل والسيطرة على شؤون هذه المنظمات!بعبارة اخرى،من الاهمية بمكان الكشف عن محاولات احتواء مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المهنية والنقابية ذات العلاقة سياسيا وماليا واداريا،والتصعيد في التدخلات الفظة بانتخابات هذه المنظمات،وتهديد بعض مجالس النقابات(كما حصل مع نقابة المعلمين)وذلك باتخاذ اجراءات حكومية وقضائية اذا لم تذعن لارادة اللجنة الوزارية بتسليم كل شؤون النقابة واموالها الى اللجنة التحضيرية،وليس الى المجلس الجديد الذي ينتخبه منتسبو النقابة،وتعيين قيادات المنظمات ودفع الرواتب المجزية لهم.لا للوصاية والهيمنة على المنظمات الشبابية والطلابية في بلادنا.
   في هذا الاطار تندرج دعوة الشبيبة الديمقراطية المنظمات الشبابية العاملة على الساحة العراقية كافة الى عقد مؤتمر شبابي عام دون تدخل السلطة التنفيذية لمناقشة كافة الأمور والمشاكل التي تواجهها والوصول الى مشتركات وطنية.فالوضع المزري لشبيبتنا لايمكن معالجته وفق نظرة أحادية من جانب الحكومة او اقتراح لمنظمات مقربة ومدعومة،والهم الشبابي هم عام.وكذلك دعوة الحكومة العراقية بالوقوف على مشاكل الشباب والسعي لحلها وفق برامج مدروسة معمقة ترتقي الى حجم المشكلات،ودعم مبادرة وزارة الشباب في انشاء البرلمان الشبابي للبحث في مشكلات الشباب واهمية وضع الحلول الناجعة لها!
•   الهوة الديموغرافية في نسب الشباب بالمجتمع العراقي،نتيجة سنوات الحرب والصراعات الداخلية والتهجير القسري والطوعي،عكست آثارا سلبية وتداعيات مخيفة.والتغيرات الجوهرية في تركيبة المجتمع العراقي تشترط ان يترك حملة الفكر القديم اماكن عملهم ووظائفهم خلال الاعوام القليلة القادمة،ليأخذ الجيل الجديد مواقعهم،وهذا ما نعنيه بالتجديد.ويهضم الشباب العراقي المتعطش للجديد والتحديث والعلم الكم الهائل من المعلوماتية في فترة قياسية نتيجة عقود الحرمان!وستأتي المقاومة الشديدة للتغيرات المستقبلية من المجاميع الطفيلية التي عاشت في بحبوحة بالمجتمع نتيجة تبؤها السلطات دون اية قابليات ومؤهلات علمية غير انتمائها الحزبي او الطائفي والقومي،وسيقود جهل المغامرين واللصوص وقطاع الطرق والقتلة الى نهايتهم المأساوية.
•   الشبيبة العمالية اكثر فئات الشعب تضررا،ولازالت القوانين والمراسيم التي شرعها العهد الكتاتوري السابق الخاصة بارباب العمل والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة سارية المفعول،الى جانب عشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة أعوام  1968 -  2003 وقانون نظم ادارة الشركات المرقم 22 لعام 1997!
•   الشبيبة الفلاحية تعاني من التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية.
•   تحصر ادلجة المنظمات الشبيبية مشاركة الشباب في الحياة السياسية على حساب المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والاهتمام بقضايا اساسية مثل التمييز القومي والطائفي والمذهبي والاثني وحماية البيئة والسلم الاهلي والعالمي والدفاع عن حقوق الانسان،وهي مهمة الشبيبة على اختلاف مواقعها الاجتماعية وبالاخص المعدمة منها!
•   تلعب الاسرة والبيئة الاجتماعية ادوارها المشهودة في صقل وتشذيب وعي الشبيبة العراقية.
•   ظهور اجيال من الشبيبة ذي اهتمامات سطحية وكثيرة الانفعال وحدية المزاج والتوتر والقلق النفسي والتأثر بالاشاعات وعديمة الشعور بالمسؤولية،تبريرية واتكالية وضائعة،مستهترة ولاابالية،متقاعسة وخاملة،محبطة وفاقدة الامل وتتسم بالروح العدمية،ضعيفة الانتماء الوطني،متأثرة بعض مجاميعها بالاطروحات الطائفية والعشائرية الجديدة،تلهث للسفر الى الخارج وراء مغريات الحضارة الغربية وهربا من جحيم الكوارث ومستعدة لاجتراح المغامرات والسير نحو المجهول!وتزيد الجناسة وتوسع حرية الاختيار للنساء وتفاقم المعضلات الاسرية من استقلالية الشباب والانفصال عن الاسر في اعمار مبكرة لتكوين الدخول الخاصة بهم،وتجعلهم اكثر اشتياقا لهويات جديدة!
•   ليس المستقبل متعلق فقط بالمنظمات الشبابية بل ايضا بمنظمات الاطفال،لان الاطفال ليسوا هم الذين يختارون بل آباؤهم!ان حوالي(10%)من الاطفال الذين تترواح اعمارهم بين(5 - 14)هم من الايدي العاملة،ويجري تشغيلهم وفق شروط مجحفة للعمل وبأجور زهيدة جدا،وازدادات بينهم حالات الجنوح وممارسة الجريمة والتسول بما يتنافى واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم(38)لعام 1973 واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم(182)لعام 1998 للقضاء على اسوء اشكال عمل الاطفال!
   وجب النضال من اجل حقوق الاطفال التي تنتهك يوميا دون رادع،وتنمية ادب الاطفال الذي خطا قدما الى الامام بعيد ثورة 14 تموز 1958 ثم خبى نجمه!والغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم 368 الصادر بتاريخ 9/9/1990 الذي نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني.كما وجب عدم اقحام الدين في حياة الاطفال في كل الظروف والاحوال،وحظر ضرب ومعاقبة الاطفال جسديا وفرض اشد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم بحقهم،منع فرض الحجاب الاسلامي وتزويج الفتيات باعمار الطفولة واعتبار مرتكبي هذه الافعال مجرمين يجب تقديمهم الى المحاكمة لتلقي العقوبات دون رحمة.كما وجب اصلاح واعادة تأهيل الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والتغذية والمياه وصحة البيئة وحماية الطفل.
•   وقوع المرأة الشابة ضحية التطرف والأفكار المتخلفة وتدهور الامن والوضع الأقتصادي مما ادى الى غياب شبه كامل لدورها المؤثر الى جانب قلة الزيجات وارتفاع نسب الطلاق في صفوف الشبيبة ارتباطا بالأوضاع الأقتصادية والأمنية،وهو ما اضاف بعدا آخر للازمة التي تعيشها المرأة،خصوصا الشابة،والامر الذي بات يهدد العائلة العراقية.من المهم ترسيم الحقوق المتساوية للمرأة العراقية في تشريعات دستورية واضحة على هدى اللائحة الدولية لحقوق الانسان ووضع اتفاقية تحريم التمييز ضد النساء موضع التطبيق الحي وتأمين مشاركتها الواسعة غير المشروطة  في عملية اعادة البناء والمسيرة الديمقراطية ولتذليل الكابوس المخيف الذي تعيشه المرأة في عراق اليوم!
•   تعاني الشبيبة العراقية من الثقافة الاستهلاكية وسلعها دون حصانة ذاتية،فاتحة باب الهلاك نحو الاستهلاك غير الواعي والكماليات،انها ظاهرة مرادفة للقمع والتبعية وانعدام المؤسسات الديمقراطية.
•   تتفق المعلوماتية والتدفق المعرفي- التكنولوجي الهائل مع روح الشبيبة التي تحمل اعماق المستقبل والجديد ورؤية العصر،ويحفز الكمبيوتر والانترنيت التفكير الانساني نحو الافضل ويعطيه دفعة نحو الامام!
•   بلغت معدلات البطالة في بلادنا ال 27%،وولدت بطالة الشباب فيالق التسول التي تزدحم بها ازقة المدن العراقية لانها مهنة رابحة!وتشير احصائيات الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي الى ان اكثر من 9 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر،حيث تبلغ نسبة الفقر في بلادنا 35% من اجمالي عدد السكان بينما يعيش 5%من ابناء الشعب في فقر مدقع!،وان حوالي مليوني عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد على أساس  تعادل القوة الشرائية لعام 1985!،وحسب وكالات الامم المتحدة فان النسبة المئوية للعراقيين الذين يعيشون بأقل من دولار امريكي واحد/اليوم يتجاوز ال 54%من المواطنين!ورغم الوعود برصد مليارات الدولارات لاعادة وترميم عدد من المصانع واستيعاب ورش ومشاريع صغيرة لربع مليون عاطل الا انه لم يتحقق من ذلك اي شيء!
    البطالة قضية من اخطر القضايا التي يواجهها العراق اليوم،لأن ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يمثل هدرا في عنصر العمل البشري مع ما ينجم عنه من خسائر اقتصادية وبحكم النتائج الاجتماعية الخطيرة التي ترافق حالة البطالة،لاسيما بين الشباب.العلاقة جدلية بين الفقر والارهاب،فالارهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش،وضحايا الفقر هم في الغالب من ضحايا الارهاب مباشرة او غير مباشرة.ومع عدم قدرة الاقتصاد على توليد وظائف جديدة في القطاعين العام والخاص،فانه ينبغي على الحكومة ان تزيد من الاهتمام بتشجيع خلق الوظائف،وتعزيز المهارات والتدريب وبخاصة لدى الشباب.
•   لا يلقي ايتام العراق رعاية خاصة،بل ان عددا كبيرا منهم لم يذهب الى المدرسة بسبب سوء اوضاع عائلاتهم المادية ما يدفع بعضهم الى العمل في مهن مختلفة،ويقدر عدد الايتام في العراق ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما بقرابة مليون طفل،ثلث هذا الرقم اصبحوا ايتاما بعد الاحتلال الامريكي للعراق بسبب الهجمات المسلحة التي نفذها الجيش الأمريكي واعمال العنف المستمرة في العراق فيما كان الباقون قد فقدوا آباءهم في حروب سابقة او خلال الحصار.هناك الكثير من الايتام في الريف العراقي انصهروا بمزارع اخوالهم او اعمامهم،الا ان الخوف الاكبر على الاطفال الايتام داخل المدن المشبعة بالمغريات والعنف واختلال الضوابط الاجتماعية.
•   تعاني الشبيبة العراقية من تردي الاوضاع الصحية في البلاد ارتباطا ببقاء قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي سارية المفعول.
•   ادت الازمات الاجتمااقتصادية المستفحلة بالشباب الى التسرب من الخدمات والواجبات الالزامية بل والفشل قي الحياة الدراسية والاحباطات العلمية وعرقلة الابداع وانتعاش الامية والافكار الدينية المحافظة والسلفية وانتشار الزيف والتزييف ليشمل ذلك حتى الوعي الديني!ان معدلات تفشي الامية في ازدياد عند مقارنتها مع المعدل العالمي البالغ 20%،وقد بلغت مستوياتها 60% حيث يبدو من الواضح ان عامل الفقر هو من الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة بسبب انصراف الاطفال الى العمل بشكل غير مشروع لمواجهة متطلبات العيش اضافة الى ضعف الوعي الثقافي،والدور السلبي للآباء  بتوجيه ابنائهم للعمل دون الالتحاق بالدراسة،وتردي الوضع العلمي،وتنامي الشعور بلا جدوى الحصول على الشهادة الدراسية.
•   انحسار دور المنتديات الشبابية والرياضية والترفيهية ومراكز رعاية الشباب والمكتبات العامة بسبب ضعف الدعم المادي والارهاب.
•   الواقع الموضوعي للعملية التعليمية التربوية في العراق صورة لتدني المستوى العلمي في الجامعات والمعاهد والمدارس منذ ما يقارب العقدين من الزمن،بسبب ارهاصات النظام السياسي في البلاد واولوية التخصيصات المالية التي اعتمدتها الدولة لتغطية الحروب والانفاق العسكري،وبسبب العزلة العلمية التقنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية عن العالم.كانت سياسة تبعيث النظام الافدح ضررا والاقرب الى الكارثة التي انزلت الخراب بجميع مستويات التعليم من رياض الاطفال الى التعليم الجامعي،ويكفي ان نحدد شعارهم الكاريكاتيري الذي تصدر ملصقاتهم الجدارية"الطلبة مشروع دائم للاستشهاد".وبعد سقوط الدكتاتورية دخلت عوامل اخرى،منها تعطل التنمية والاعمار وانعدام الوضع الامني واستفحال الارهاب بمختلف اشكاله،والطائفية السياسية والفساد السرطاني،الى جانب المعوقات الداخلية،كتردي النظام الاداري للمؤسسات التعليمية،وغياب الجهات التي تعمل على تقويم مؤشرات الأداء لهذه المؤسسات،لتبيان مدى مواكبتها للتقدم والتطور العلمي المتسارع في عصر العولمة والانفجار المعرفي الذي يحتاج الى نوعية متميزة من التعليم تواكبه وتستطيع التعامل معه!
   في بلاد تطفو على بحر من الذهب الاسود تتحول رياض المعرفة الى انقاض مزدحمة كريهة الرائحة بسبب انهيار نظام الصرف الصحي في معظمها،وتنتشر المدارس الطينية،وتكتظ اخرى بطلبة نازحين،وتستقبل ثالثة متهرئة ثلاث وجبات في اليوم.طالبات وطلاب العراق لازالوا يسكنون مدارس من الطين والقصب في المدن القصية،ولازالت مظاهر من قبيل رصف اكثر من 70 طالبة وطالب في صف واحد وتواجد ثلاث مدارس في مدرسة واحدة،مظاهر قائمة امام الملأ وبتعمد مع سبق الاصرار،مدارس اغلبها لازالت رثة تفتقر الى الكثير من مظاهر النظافة والجمال،تفتقد الى ساحات اللعب المدرسية المنسقة الجميلة والى توفر الماء البارد والتدفئة والتبريد.ان ذلك ليس ترفا او امنيات وخيال بل حقا مشروعا نصت عليه اللوائح الدولية لحقوق الانسان والتعليم،وكل التربويين واختصاصي علم النفس يعرفون مدى الانعكاس السلبي لمثل هذا الوصف على اندفاع التلاميذ لاستيعاب المواد الدراسية وتواصلهم في تلقي الدروس.
   في العراق الجامعات تنعزل وتتكلس وتتحنط والأجراس تقرع من حولنا بالخطر،ويجري اهمال دور اقتصاد المعرفة وما يتطلبه من زيادة الصرف على التدريب والبحث العلمي والاستثمار في تنمية الموارد البشرية العلمية والهندسية والتكنولوجية،وتطوير البنية التحتية للتعليم العالي في جميع المجالات.ان  التهديد الذي يتعرض له الاكاديميون والمدرسون والعلماء والاطباء تهديد لديمومة المجتمع وتطوره!اما مساهمة الكفاءات في اعادة بناء العراق فهي مرهونة بما تقدمه الدولة من الاهتمام والدعم للكفاءات الموجودة في داخل العراق.ومن العبث الحديث عن عودة كفاءات المهجر،فيما تعيش كفاءات الداخل حالة الاحباط والاغتراب،مما يضطر الكثير منها الى التفكير في ترك الوطن هربا من الاوضاع الكارثية،حيث البيئة غير الآمنة وتسلط عناصر غير كفوءة على المراكز المهمة والتي لا يروق لها وجود الكفاءات الحقيقية وتعدها بمثابة تهديد لوجودها.
   ومن المؤسف احجام القيادات السياسية عن الاقتناع بمفهوم استقلالية الجامعة والحرية الاكاديمية ومراجعة مواقفها من حرية الفكر والتعليم الجامعي،واعادة النظر في اقحام السياسة والدين داخل المؤسسات التعليمية،والانتهاكات المستمرة للحرم الجامعي وبحجج واهية!وتجاوز الدستور والقوانين النافذة التي تؤكد على احترام الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية واستقلاليتها!والاستخدام غير المبرر للقوة داخل المرافق الدراسية!ومواصلة الضغوطات والتدخلات السياسية والحزبية وتأثير الولاءات دون الوطنية في عمل المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية من قبل الجهات الحزبية والرسمية للتأثير على العمل والنهج الاكاديمي العلمي،وجره الى التأثيرات والتجاذبات والمحاصصات السياسية والطائفية!وتحويله الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية!ومن اهم معوقات العملية التربوية التعليمية في بلادنا التأرجح الجامعي بين الهوية الاكاديمية وممارسات الرعاع وانصاف المتعلمين المحسوبين على طلاب الجامعات وكلياتها!والمرتبطين بميليشيات طائفية او جيوش طوائف لا علاقة لهم بالاسلام الا من حيث استفزاز الاخرين حتى ان كانوا من ابناء الطائفة الواحدة!ومعاناة السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا.
   الشبيبة الجامعية اكثر من غيرها تحسسا لمشاكل الاوضاع الاكاديمية والمناهج التعليمية والتدريسية وانتقادا لها"طالما يدير الجامعات الملاكون ورجال الاعمال والدين سيبقى الجيل الفتي اعمى وجاهل!"،واكثر اندفاعا الى الحركة والعمل والاثارة!تناضل شبيبتنا في سبيل حياة طلابية حرة ديمقراطية،والعمل على تنمية وتطوير قدرات الطلبة والشباب المهنية والابداعية،وتشديد العزم من اجل قضايا الشبيبة والطلبة المطلبية!
•   دخلت قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق،وقد هاجر احترازيا وقسريا خمسة ملايين عراقي من منازلهم منذ الاحتلال الأمريكي للعراق،وهو يمثل نصف اعداد النازحين والمهجرين في العالم حسب بيان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الصادر يوم 18/6/2007.في هذا الاطار تندرج الفرص المحدودة التي يواجهها اكثر من مليون من شباب المنفى،العاجزين عن العودة،في البلدان المضيفة لمواصلة تعليمهم ومعيشتهم.ولا يلتحق كثير منهم بالدراسة حتى عندما يكون التعليم مجانيا،بل ان بعضهم تعرض الى الضغط للالتحاق بالجماعات الارهابية والعصابات الاجرامية.في هذا الاطار أيضا تسهم النشاطات الاجتماعية التضامنية مع المهجرين والمهاجرين واللاجئين العراقيين داخل وخارج البلاد على تذليل جزء كبير من المشاكل التي يشكون منها.
•   الميل للابتعاد عن الثقافة بسبب الازمات الاجتمااقتصادية المستفحلة الامر الذي احل التنافر وحتى الازدراء بين الاجيال بدل الاحترام وجعل التقصير في توجيه الجيل الحاضر ذنبا في ذمة الاجيال السابقة،وتوسع الهوة بين الثقافة السلطوية وثقافة المجتمع المدني،وتفاقم ازمة التعليم،وسيادة الازدواجية التربوية اي شيوع النصوص التعليمية المكتوبة دون السعي الى مراعاة معدلات الاستيعاب والمزاج الطلابي.
   تستنهل شبيبتنا الديمقراطية من روائع الثقافة الانسانية العالمية اسمى قيم ومعاني الحب والخير والعدل والمساواة والكفاح الاجتماعي،وتسحر واقعية الثقافة الانسانية والادب العالمي شبيبتنا التي عاشت قسوة الطبيعة والحياة الاجتماعية معا!والتحولات التاريخية في المجتمع العراقي،والرّعب الصدامي،والتي كدت في البحث عن القيم الأخلاقية الأكثر تماسكا،والتي قاومت  الارادوية المنفلتة والعسف ومحاصرة الديمقراطية والحجب المعلوماتي ومحاولات غسل الذاكرة والضغوط الادارية والطرد الجماعي من العمل والمماحكات والارهاب والتدخل بالحياة الشخصية للناس وصياغة عقل وضمير المواطن والزامه بالطاعة والولاء،والتهجير القسري للملايين والعسكرة،ليجر ازاحة رواد التطور الحضاري عن مراكز القيادة واتخاذ القرار وليحل محلهم جهلاء الحزب الحاكم والطائفة الحاكمة واقرباء واصدقاء الطاغية من محترفي التجسس ذوي الولاء المطلق لرموز النظام،وتتحول المؤسسات الى مقرات للخلايا الحزبية والميليشيات ولجان التحقيق واوكار للتجسس والاعتقال وكتابة تقارير الوشاية..
  رحل الكثيرون لكنهم باقون من خلال اعمال تركوها للاجيال واستحقوا عليها القاب الثناء تلو الالقاب!وسيبقون احياء في قلوب شبيبتنا الديمقراطية التي تتطلع الى وطن حر وشعب سعيد!وغد تسوده ثقافة الأمل والاحتجاج والنزاهة والثقافة المطلبية!الثقافة الحرة والمنفتحة التي يعبر من خلالها المثقف عن عالمه الابداعي والتي تنمي فرص تطوير المواهب والعقول الشابة الطامحة الى التعبير عن عالمها الفكري والاخلاقي والاجتماعي!افق يلوح باحياء الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء عراقيون نار على علم!لا اعمار للوطن من دون اعمار الثقافة!ومجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين!. 
•   شيوع الفكر اللاعقلاني الغيبي والمعتقدات الوهمية الخرافية وظاهرة الاولياء والتنجيم والخرافة والدروشة والسحر وقراءة الفنجان والشعوذة والموقف من الماضي والتاريخ،وكون الارزاق مقسمة من عند الله وموضوعات(تفاءلوا بالخير تجدوه)و(الكسل واللاابالية سبب الفقر).
•    يسهم النضال الفكري في الحد من التأثر السطحي بالحضارة الغربية أو التقوقع واتخاذ مظاهر اليأس والقنوط وحتى المعارضة السلبية أو التمرد السلبي بالتصوف والانعزال،وانتعاش حركات سلفية واصولية،وحتى ذات الطابع الارهابي!كما يسهم النضال الفكري في تحجيم مظاهر اليسار المتطرف والتستر بأفكار حرب العصابات مثل جماعات تخاطب اذهان الشبيبة ولا يزال تأثيرها وسط الشبيبة محدودا.اما ميادين اللجوء للشبيبة العراقية في ارجاء المعمورة فهي مراتع خصبة لتنافس وتصارع الاتجاهات الفكرية من كل حدب وصوب واخطرها الاصوليات الدينية والصهيونية.
•   لكل فئات الشبيبة الواعية والسلفية والحيادية مشاكلها وهمومها،الحياديون ايجابيون وسلبيون حسب البيئة الاجتماعية ومنحى التطور الاجتمااقتصادي وميزان القوى السياسية والطبقية.
•   العمل الديمقراطي الحق يعارض فكرة اطراء الشباب وتملقهم والسكوت عن اخطاءهم،ويؤكد على التحلي بالصبر ازاء اخطاء الشبيبة ونواقصها ومعالجة مشاكلهم بالاقناع لا الصراخ والتهريج والخطب الانشائية الفارغة!هذا يتطلب اشاعة المفاهيم التربوية الديمقراطية والتقدمية والانسانية في اوساط الشبيبة ومحاربة التعصب والتطرف والظلامية. 
•   التقاليد الثورية تحنك الناس وبالاخص الشباب،الامر الذي يؤكد حاجة الشبيبة لتجربة المناضلين المحنكين ضد الاضطهاد والاستغلال للتغلب على مظاهر قلة النضوج السياسي!وحاجتها كي تربط تثقيفها ودراستها وتدريبها بعمل العمال والفلاحين.
   شبيبتنا اليوم بأمس الحاجة الى ثقافة حقوق الانسان التي تكشف الاعدامات خارج نطاق القانون والقتل العمد والعشوائي،استهداف المهنيين واصحاب الاختصاصات،التخويف والتهديد والاختطاف،اوضاع المرأة والاقليات،النزوح والتهجير..الخ.الشعب العراقي وشبيبتنا بحاجة ماسة الى المزيد من منظمات المجتمع التي تلتزم بقضايا الدفاع عن حقوق الانسان ونشر ثقافة حقوق الانسان في اوساط المجتمع،والى ملاحقة قانونية لمن يتجاوز على هذه الحقوق ويدوسها بأقدامه!!
   انتهاكات حقوق الانسان في العراق لا ينبغي ان تبرر وانما تستنكر وتدان ويعاقب مرتكبوها!هذا ما يقره القانون الدولي والفكر الانساني،الا ان ما يحدث في العراق انتهاكات تقع ضد شعب ابي مكافح عنيد وبشر ضعفاء لا يملكون الدفاع عن انفسهم،وهي منافية لكل القيم الانسانية.الديمقراطية الشفافة لا تدعي العصمة من الاخطاء،انما فقط كفيلة بالكشف عن هذه الاخطاء وتصويبها.منهجنا العلمي في التحليل والتقييم والنقد يكشف ازدواجية معايير لا الادارة الاميركية التي تخجل من الجرائم المرتكبة في العراق وتفتخر بما تقوم به اسرائيل،بل وحتى القوى السياسية المتنفذة في العراق اليوم التي تستفيض بالحديث عن حقوق الانسان والحوار البناء تجاوبا مع متطلبات العصر،الا انها تستميت لتحويل المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل اوهام جماعات حالمة نافذة،بل وتنفي حق الرأي الآخر عندما تستسهل القسر والعنف وسيلة لبلوغ الأهداف في اقصر وقت افتراضي بدلا من استخدام اساليب العمل السياسي الاخرى،وتنفر من اللوحة الملونة التي تقر بحق الاختلاف باتجاه ان يكون الجميع على صورة واحدة وبنسخة واحدة لانها ثقافة خائفة مرتجفة من كل تغيير.
•   التأكيد على اهمية الرياضة وضرورة دعم الحركة الرياضية واسناد الرياضيين ووضع الخطط والبرامج للنهوض بالواقع الرياضي في بلادنا ومواجهة عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق،واعادة النظر في التشريعات والانظمة الخاصة بالرياضة والمؤسسات الرياضية،بما يتناسب مع الاوضاع الجديدة في البلاد بعد الخلاص من الدكتاتورية،وبما يرسي اعتماد مبدأ الانتخاب في اختيار قيادات المؤسسات الرياضية والرسمية والشعبية.ومن المهم الحل الوطني للازمات التي تواجهها الرياضة العراقية بين الفينة والاخرى وفق حسابات الارادة العراقية المخلصة،والابتعاد عن التشبث بالاجندات الاقليمية والدولية لانتزاع الشرعية وفرض تواصل السطوة والشروط المسبقة والتهديدات بتجميد الرياضة العراقية ومعاقبتها لاسباب غير دقيقة وتقديم الشكاوى الى المؤسسات الرياضية الدولية.
•   للشبيبة الديمقراطية دور تاريخي في حركة الشبيبة العالمية واتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي(WFDY)،وهي تتطلع لتعزيز هذا الدور في ميادين النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي ميادين التعليم والثقافة:
1.   الانصراف نحو تربية الشبيبة بروح التحرر والديمقراطية والتضامن في سبيل وضع حد لتطاولات العولمة الرأسمالية والليبرالية الجديدة والانظمة العنصرية والفاشية ولارساء السلام والامن العالميين ولتوجيه كل المبادرات والجهود لتحقيق هذه الاهداف الانسانية النبيلة.لا يتحقق السلام في ظل اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء،ولا سلام للبشرية في مستقبل تتحكم به شركات الرأسمالية الكبرى!
2.   تاكيد مساهمة الشبيبة الفعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية،وتجاوز العوائق والتحديات القائمة على السن والجنس والثقافة والسكن والملكية والموقع الاجتماعي والدين والقناعة السياسية واللون ولضمان حرية النقاش والنشر والحوار واللقاء والعقيدة الدينية والتنظيم في كل بلد ولجميع الشبيبة.
3.   دعم كفاح الشبيبة باتجاه رفع مستوى الحياة المعيشية وتحسين ظروف التعليم والعمل وتطوير النشاط الثقافي والتعليمي والرياضي بين الشباب.
4.   تشجيع وتنمية روح السلم والصداقة بين الشعوب وارساء المبادىء النبيلة التي نهض عليها ميثاق الامم المتحدة في الاجيال الشابة.
5.   دعم مصالح منظمات الشبيبة الوطنية والقومية للتوافق مع نشاط المنظمات والهيئات العالمية والاقليمية،والعمل لتحشيد الرأي العام العالمي للتماس المباشر مع مشاكل الشبيبة والمساهمة في حلها.
6.   تشجيع الشباب على المشاركة في صناعة قرارات المستقبل،والاحتفاء باليوم الدولي للشباب الذي يصادف الثاني عشر من شهر آب من كل عام!
•   من الاولويات التنظيمية،مواصلة النهج في استكمال بناء اللجان الاتحا

108
مؤسسة الشهداء .. من يعتذر لمن؟!

                                                                                                                          سلام كبة
نحن شعبٌ رُغمَ النوائب باق ٍ
نلوي كف ّ َ الرياح ِ ، والإعصارا
وقِلاعُ الفولاذ مهما استعالتْ
داسها الشعبُ واستحالتْ غـُبارا

   طالبت مؤسسة الشهداء التابعة لمجلس الوزراء العراقي رئاسة مجلس النواب بالاعتذار من المؤسسة ورئيسها خلال جلسة علنية،او تقديم ادلة على الاتهام الذي وجهته النائبة مها الدوري في المجلس بأن المؤسسة تمارس الفساد الاداري.وقال رئيس مؤسسة الشهداء خلف عبد الصمد خلف ان"اعضاء مجلس النواب عليهم مسؤولية التأكد من المعلومات قبل الكيل بالاتهامات لمؤسسة الشهداء التي تعمل وفق الضوابط والتعليمات الوزارية"!وتأتي هذه المطالبة عكس التيار الشعبي الاحتجاجي الجارف المطالب بمكافحة الفساد داخل اروقة الحكومة العراقية!وفي محاولة لتبرئة مؤسسة الشهداء من تهم الفساد كونها اسمى من بقية الدوائر الحكومية لارتباطها بموضوعة شهداء الشعب العراقي الذين يبقون جميعا في الذاكرة خالدين مدى الدهر!
   تناست وتتناسى مؤسسة الشهداء ان شهداء الشعب أبوا ان يتحولوا الى بيادق لتنفيذ سياسات تحويل ابناء الشعب الى قطيع من الارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة في كل زمان ومكان والى بوق في الفيالق الميكافيلية الاعلامية المهللة لها.كان الشهداء شجعان وجسورين،قادة ميدانيين،مناضلين حازمين عصاميين آثروا العمل والكدح في بلادنا وعواصم المنفى على حياة الترف والزيف واروقة الفساد.وستبقى ذكراهم ملهما لمواصلة النضال من اجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وضد الارهاب والفساد وثقافتهما السادية!
   كما تناست مؤسسة الشهداء انها جزء من الماكنة الحكومية التي تتخبط بأزمتها السياسية والطائفية والاجتمااقتصادية،وبالتالي جزء رئيسي من الفساد المستشري في بلادنا!فقد كانت حكومات السيدين ابراهيم الجعفري ونوري المالكي نموذجا للفساد السياسي والمالي والاداري،اساءت التصرف بالمال العام،ولم تتمكن من الوصول الى ارقام ترى بالعين المجردة للتقدم في ملفات الخدمات المطلوبة للمواطنين!والعراق اليوم يخلو من قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد واحد للقضاء على جرائم الفساد الكبرى في الاعوام المنصرمة.ووفق تقارير منظمة الشفافية الدولية وبقية المنظمات الدولية ان مسؤولي الحكومة العراقية وفي مختلف المستويات يمارسون النهب المنظم للدولة وثرواتها ليتكامل مع اقدام المحتلين على تبديد مليارات الدولارات من الاموال العراقية!وكون الفساد اليوم وباء مستشريا ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة العراقية ودوائرها،والمكاتب والشركات الوهمية والنشاط التجاري الخاص وديناصوراته،لا يعني سوى خطل وفشل هيئات مكافحة الفساد في العراق والمفوضيات المستقلة(خاصة هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات)،ديوان الرقابة المالية،مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات،الادارات الامنية في وزارة الداخلية،لضمان استمرار الأمانة والشفافية في الاداء الحكومي ومساءلته من قبل الشعب العراقي.وقد اكدت هيئة النزاهة مرارا ان عدد القضايا التي صدرت فيها الاحكام لا يتناسب مع عدد القضايا المحالة من قبل الهيئة الى القضاء العراقي.ويبو ان الفساد قد امتد حتى الى مفوضية النزاهة نفسها،والتي اعلنت في 25/3/2010 عن اعتقال دائرة الجرائم الكبرى معاون المدير العام في الهيئة الذي كان يشغل منصب المسؤول الامني سابقا(اضافة الى انه كان  لواء في الجيش العراقي السابق الذي تم حله من قبل الحاكم المدني الامريكي بول بريمر)بتهمة الفساد ومحاولة اغتيال!
   ان قيام مؤسسة الشهداء بالتعاقد مع شركة اجنبية(تخصيص مبلغ 600000 - 3000000 دولار)لاقامة معرض صور في 8 بلدان اوروبية وايفادها 25 موظفا،هو فساد مالي واداري مع سبق الاصرار!وهل تحققت المؤسسة من سجل وتاريخ شركة(فلاي وان)؟!وهل تخلصت مؤسسة الشهداء من المحاصصة والشراكة الوطنية التي وفرت غطاء لسراق المال العام وللمفسدين،والعمل على قاعدة اسرق واهرب الى طائفتك وقبيلتك وحزبك وقوميتك"انهب كما تشاء واهرب من القضاء- هذا لك وذاك لي- ورقني واورقلك"،بل وصل الأمر الى العبث في تفسير النصوص القرآنية لانتزاع الاعتراف الآلهي بآهلية الفاسد وفساده،واللهاث وراء الفتاوى الدينية لتحريم الحلال وتحليل الحرام.ابتكار الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وباية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!
   يذكر ان تعامل المواطن مع المؤسسات الخدمية ومنها مؤسسة الشهداء يقوم على الأصول في دفع الرشوة!بهدف تجنب العراقيل ‏‏الادارية التي يضعها الموظف والدائرة امام انجاز معاملاتهم،والاسراع في ‏انجازها،وبسبب طلب الموظف المعني للرشوة،او لكون معاملاتهم غير اصولية.وبذلك يتحول الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا،وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية،واهم مظاهره الرشوة.لقد تحولت الرشوة في بلادنا الى لزوم مهم للمشاريع ولتسيير بعض حلقات العمل الاداري هنا وهناك،وممارسة اجتماعية ناجعة للحصول على الحقوق.ولا يمكن لكاشفي وفاضحي الفساد الاستمرار،ما لم يكونوا ذوي نفوذ وقدرة وسلطان،والا عليهم الهروب او التراجع!
   لم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2003 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!وقد ضغطت حكومة السيد نوري المالكي على المفوضية المستقلة للنزاهة في سبيل اخفاء العديد من الملفات(ملف السوداني وزير التجارة وسرقة قوت الشعب،وملف الطائرات الكندية المرتبط مباشرة بمكتب السيد رئيس الوزراء،وملف فساد كريم وحيد وزير الكهرباء ووكيله رعد الحارس،وفضيحة خضير الخزاعي والكمبيوترات والابنية المدرسية في وزارة التربية،وفضيحة اجهزة كشف المتفجرات،وفضيحة الفريق عدنان الاسدي وكيل وزير الداخلية الذي كانت شهادته مزورة والذي احرق مكتبه في الوزارة حال افتضاح امر شهادته،والحرائق المتكررة داخل وزارات المالية والصحة...والعشرات من القضايا التي تشير الى المواقف الهزيلة اللا مبالية بما جرى من فساد في هذه القطاعات)،الذي يؤكد ان الحكومة العراقية تبيح لنفسها التدخل في شؤون مؤسسة الشهداء ومؤسسة السجناء السياسيين والمفوضيات المستقلة كالنزاهة،بداعي ان معيار عراقيتها وضرورة انتخابها على اساس المحاصصة يفوق معيار كونها مستقلة تخضع لآليات انتخابية خاصة بها،ولتغير رئيسها وطاقمها اكثر من مرة!لا لشئ يذكر سوى ان الذين جرى اقصاءهم قد حملوا الحكومة العراقية ورئيسها مسؤولية حماية الفساد في اجهزة الدولة عير حماية الاقارب والحلفاء السياسيين ضمن تحقيقات كانت تطولهم ما ادى الى خسارة البلاد مليارات الدولارات،والسماح للوزراء بحماية موظفيهم،في الوقت الذي يؤكد فيه المالكي نفسه مرارا وتكرارا،ان المسلحين والفساد ينخران جسد الدولة العراقية.لقد وقفت المادة 136 من قانون اصول المحاكمات الجنائية والتي تشترط موافقة الوزير المعني على احالة المتهم الى المحكمة،وقفت عقبة امام سير الدعاوى بسبب عدم موافقة الكثير من الوزراء الامر الذي اغلق الدعاوى،والمبالغ التي اغلقت الدعاوى فيها بلغت مئات المليارات من العملة العراقية.
    الفساد هو انتهاك لمبدأ النزاهة واساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة للكسب الخاص،واخطره الفساد السياسي او استخدام السلطات من قبل المسؤولين الحكوميين لغرض تحقيق مكاسب خاصة غير مشروعة،وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية،واكثره شيوعا هو المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال والطائفية ومحاباة الاقارب والمحسوبية والاختلاس.ورغم ان الفساد السياسي يسهل النشاطات الاجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال والدعارة الا انه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم او يحمي بالضرورة الجرائم الاخرى.
يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة،على صعيد المدرسة والجامعة والجامع والمعبد والحسينية و الجمعيات الانسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني والمستشفى والدوائر الحكومية حتى اعلى منصب سيادي!الفساد  يشكل الوجه الآخر للارهاب من تفجير وقتل وخطف،لأنه ينهش اقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الانسان ويخرب حياته.وتعمل المافيات والعصابات الشللية والصكاكه والقفاصة والعلاسة والوراقة على عرقلة وتعطيل العملية السياسية او اي مشروع وطني يخدم الوطن والناس.وساعدت  الاجراءات الحكومية في ان يتخذ الفساد هذه المديّات الخطيرة بحكم تدفق الأموال من دون اجراءات صرف وفق الاصول،وعدم وجود نظام بسيط لحصر ما يتم العثور عليه في الوزارات والمصالح الحكومية.
   لم تتخل مؤسسة الشهداء وبقية الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف فيها،هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم.الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها،رغم تشريع دستور دائم،ويقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة!وتبدو الالاعيب الادارية،واختلاق المبررات،والاختلاسات والرشاوي،والابتزاز،وممارسة التجارة غير المشروعة،وغسيل الاموال،سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف،واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات،محاباة الاقارب والاصدقاء والمعارف،سوء استغلال المعلوماتية للتداول بالاسهم،...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم.ويؤثر انتشار الفساد عبر الرشاوي والاكراميات مقابل الحصول على الخدمات والتراخيص والمستحقات ورفع الاسعار،سلبيا على مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية.


بغداد
21/3/2011

109
الانفال كارثة صدامية فريدة النمط

                                                                                                                        سلام كبة

لا تخافوا، ننال نحن خلودا ً
وتنالونَ لعنة ً واحتقارا
نحن شعب الخلود جاء ليبقى
و" لنوري" السعيد ان يتوارى !

   لا يجري النظر الى موضوعة التسلح التدميري الشامل بمعيار توازن القوى العسكرية فقط بل من زاوية التحدي الحضاري،لأنها رمز لنتائج عملية تراكمية متعددة الأبعاد والمستويات تضع البشرية امام خيارات صعبة ومفترق طرق خطير.والكيمياوي سلاح دمار شامل استخدمته كلتا الدولتين المتحاربتين،العراق وايران،بالعقد الثامن من القرن المنصرم في الحرب العبثية التي طالت ثماني سنوات،وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والمنظمة الدولية – الامم المتحدة دون ان يتحركا ساكنا.وقد دشن استخدام الكيمياوي في حينه مرحلة تاريخية في الشرق الاوسط اتسمت بفوضى السوق والايرادات الاقتصادية والعسكرية المتنامية من كل حدب وصوب.الكارثة الاخطر ان صدام حسين استخدم الكيمياوي ايضا في حرب ابادة شاملة ضد الشعب الكردي لتحطيم ارادته،وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها.وتزامن ذلك مع حادثة تشيرنوبيل في اوكرايينيا عام 1986 اي على اراضي الدولة العظمى ذات الصداقة الاستراتيجية مع العراق.
   احدث استخدام الكيمياوي تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية واخلاقية عميقة وتحولات جيوسياسية - استراتيجية في بلادنا وايران والمنطقة مع ادخال صدام حسين الشعب العراقي في اتون حرب مهلكة كارثية ثانية اثر احتلاله الكويت،نقل بها الازمة الداخلية العامة الشاملة الى خارج الحدود ليحكم قبضته الشمولية على السلطات بالانتهاكات الوحشية لحقوق الانسان،وتصاعد انتهاكات حقوق الانسان والاضطهاد القومي وحدة نفس وجبروت البعبع الديني في ايران.هذه التحولات الجيواستراتيجية هشمت سياسة الامن الاستراتيجي في الشرق الاوسط وانعكست آثار ذلك بحدة على شعوبه،مثلما احدثت تشيرنوبيل التداعيات المماثلة في الدولة العظمى لينهار صرح اكتوبر والسلام العالمي بالبيروسترويكا وتنامي النزعات الانفصالية.
   بلغ عدد الهجمات الكيميائية للنظام العراقي في الحرب مع ايران(232)هجوما معظمها داخل الاراضي العراقية.وفي خريف 1986 وحده بلغ عدد ضحايا القصف الكيمياوي(118)الف بعد ان بلغ(10273)اصابة عام 1984 فقط.واستخدم النظام في هجماته الشتوية غازات الخردل،وسيانيدالهايدروجين،والتابون،والسارين،والاعصاب.ولا تتوفر لدينا المعلوماتية الاحصائية عن عدد الهجمات الكيميائية للنظام الايراني في هذه الحرب!واضافة الى الخسائر البشرية الكبيرة سببت المواد الكيمياوية خللا ايكولوجيا وبيئيا خطيرا فتآكلت الطبقة الخصبة من التربة،وابيدت بيولوجيات كاملة،ودمرت المساحات الخضراء.
    اواسط نيسان 1987،تعرضت قرية(شيخ وسان)في وادي باليسان في اربيل للقصف الكيمياوي،وجمع الجرحى وكانوا قرابة(400)شخص في مراكز الحجز في اربيل،ثم اختفت آثارهم بعد نقلهم الى خارج المدينة!وقبل ذلك التاريخ بأسابيع قصفت مناطق سركلر،هلدن،قرةداغ،كاني تو واغجلر بالكيمياوي.وفي 5/6/1987،تعرضت قاعدة(زيوة)الانصارية للحزب الشيوعي العراقي في بهدينان الى غارة كيمياوية استشهد فيها رفيقان واصيب(150)رفيق ورفيقة وطفل عانوا جميعا من فقدان الرؤية المؤقت والحروق الجلدية وصعوبة التنفس وآلام المعدة والحروق وشلل الارجل.ثم جاء قصف حلبجة في 16/3/1988 واعدام الناجين في تانجرو بمثابة شرارة التفاتة الاعلام الغربي الى الكارثة المحدقة حيث انتشر الغاز في المدينة مسافات بعيدة في لحظات!
  شرع النظام العراقي بحلقته الانفالية الخطيرة اثر موافقة ايران واعلان قبولها بوقف الحرب وقرار مجلس الامن الدولي رقم(598)فهاجم زاخو والعمادية وبامرني وسرسنك والشيخان وسيدكان وباليسان وارتوش.وفي 29/8/1988،هاجم وادي(بازي)فقتل(3000) مواطن.وشملت الحملات الانفالية(33)قرية في دهوك فقط ،بينما تعرضت مناطق تابعة لمحافظتي السليمانية وكركوك مثل شيخ بزيني وشميران الى الهجمات الكيمياوية في تشرين الاول عام 1988.
     كانت مذابح(سميل)ضد الآشوريين عام 1933 كارثة بشرية،لكنها متواضعة مقارنة بالكوارث الصدامية منذ اعتلاء البعث العراقي عرش البلاد.وذهب ضحية مذابح(سميل)5000 مواطن تواطأ فيها الحكم الملكي مع الانكليز لكسر التطلعات القومية الآشورية.ثم جاءت كارثة 1954 في فيضان دجلة وهي كارثة طبيعية تلتها كارثة الكوليرا عام 1965.وقدم الشعب العراقي في خضم نضاله الدؤوب والوطني الناجز وفي سبيل التقدم الاجتماعي وعبر ثوراته وانتفاضاته الوطنية التحررية والديمقراطية وضد الارهاب والتخريب قرابين وعشرات الآلاف من الشهداء،وهذه مفخرة يعتز بها الشعب العراقي بقومياته واقلياته.لكن الكوارث الصدامية فريدة النمط وارتقت الى الجرائم الدولية ضد الانسانية!
   كان استخدام الكيمياوي من اسوأ الكوارث العسكرية التي افتعلتها دكتاتوريات حمقاء في القرن العشرين،لم تتجرأ حتى اسرائيل من استخدامه ضد البلدان العربية.بينما كان استخدام الكيمياوي ضد الكرد شرخا كبيرا في العقيدة الأمنية والعسكرية العراقية والأمن الاستراتيجي العالمي،فنصبت للنظام العراقي المصيدة - الفخ ليغزو الكويت!والملفت للانتباه عودة الكيمياوي مجددا الى كردستان العراق،بعد ان اثبتت الدلائل استخدام تركيا له ضد مواقع حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية ايلول 2009،وكأن اراضي كردستان العراق قدر لها،بين الحين والاخرى،ان تكون ساحة تجارب لاسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها الدول الاقليمية!بينما لازالت ذاكرتنا مشبعة بمراسيم دفن مئات الاكراد من ضحايا الانفاليات الصدامية في ثمانينات القرن المنصرم،والذين حملتهم النعوش اواخر 2009 واوائل 2010!
   استخدام الكيمياوي ضد الشعوب في الحروب الاهلية سابقة تاريخية خطيرة رسخت من مبدأ ربط التطهير العرقي بالدكتاتوريات،وهو جريمة بحق ضد الانسانية لم يألفها التاريخ المعاصر.وشوه استخدام الكيمياوي وفرض العنف المنظم بالحرب والاغتصاب كامل الوجود الاجتماعي في المنطقة والتوازن الاجتماعي العراقي،واعطى الارجحية للعقلية والمغامرة الانتقامية الانقلابية وفتح لها ابواب الانطلاق،مثلما عرض العراق وعموم المنطقة لعربدة واستهتار الولاءات دون الوطنية.وحفز هذا النزوع لعبة العربدة الأمريكية التي تحافظ اليوم على النظام الايراني مثلما حافظت بالامس على صدام الالعوبة احتياطيا لها لتنفيذ مآربها في احتلال العراق ونهب ثرواته والانتقام من البشرية.

بغداد
16/3/2011

110

حقوق الانسان والقائد المبجل للقوات المسلحة!

كلـّما حاصروا الاسودَ الغيارى
كلما حكمُهم هوى وتوارى
قل لسجّانِكَ البليد ِ توقـّفْ
ليس حراً مَنْ يسجنُ الاحرارا

                                                                                                                             سلام كبة

   قامت قوة من عمليات بغداد بمحاصرة مكاتب صحيفة طريق الشعب الغراء ليلة 5- 6/3/2011 وطالبت العاملين باخلاء المكاتب خلال 8 ساعات كما حاصرت قوات اضافية مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فجر يوم 6/3/2011 وطالبت العاملين بمغادرة المبنى خلال ساعات معدودة بأمر من القائد العام للقوات المسلحة وتعاملت مع الجميع بتعسف ووجهت اليهم اساءات شديدة اللهجة مقرونة بالركل والرفس!وكررت هذه القوات استفزازاتها هذه مع مكاتب الاحزاب السياسية الوطنية والقوى السياسية المعارضة!
  اين حقوق الانسان من اولويات القائد المبجل للقوات المسلحة التي ينظر لها بالمقلوب،ونسي واجبه الأساسي بتوفير الامن والخدمات للشعب العراقي؟اين حقوق الانسان من احترام الحزب الشيوعي العراقي – هذا الفصيل السياسي التقدمي الذي حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي،والحزب الطبقي الجسور الذي يمتلك الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي في العراق،الحزب الذي بقي صوته مسموع وتاريخه مشرف.وليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة...الكذب واحلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ومحاولات التمشدق بالاستقلال والسيادة الوطنية وبالدين والأخلاق والتمويه والمخاتلة وتكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والارهاب.واذا كان  الحزب الشيوعي منذ تأسيسه في 31/3/1934 واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات ووثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة العقود الثلاث الاخيرة قد الف هذه الحملات،فانه من خلال تفحص طبيعة المواضيع التي تركز عليها الاستفزازات والمضايقات والتخرصات والتهجمات والتطاولات على سياسة الحزب الشيوعي العراقي يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المذكور ، كانعكاس وأداة للطبقات الرجعية وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب!
   تفرض الحريات السياسية والحقوق المدنية وحقوق الانسان نفسها بوصفها حاجة واقعية ومطلبا سياسيا ومسألة عملية.الانتقال من الولاء دون الوطني الى مفهوم الشعب والامة يتوقف على علمنة المجتمع وتحديث بناه واطلاقه الحريات السياسية والحقوق المدنية على اساس من المساواة واطلاق حرية الفرد وحقوق الانسان بضمانات دستورية وقانونية.وعليه ليست الديمقراطية وحقوق الانسان موضة حديث وخلق شعبيات مؤقتة،والحريات الديمقراطية توسع من الحقوق الدستورية في جدل التناقضات الاجتماعية وتقترن عادة بالتحالفات الاجتماعية والثوابت الوطنية الديمقراطية،ومن دون احترام حقوق الانسان واقرار مشروعيتها التي حددتها المواثيق واللوائح الدولية فان النظام السياسي القائم يفقد اسباب تواجده،وهي كالمجتمع المدني ليست افكار دخيلة على العراقيين ولا هي بقصائد شعر موسمية،بل تتطلب النيات الحسنة والتواضع والمصداقية والعمل الجدي وتضامن جميع القطاعات التي تنشد السلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمدنية.وتبقى القيم البالية المعرقل الرئيسي لتأسيس ارضية صالحة لقيام المجتمع المدني واحترام حقوق الانسان.
   رغم التحسن الأمني فان حقوق المواطنة المتساوية مفقودة اصلا في العراق حتى الوقت الحاضر،والا ماذا نفسر اقتحام قوة مسلحة تتكون من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب العراقي ليلة الاحد 28/11/2010،والقرار بالهجوم على نادي آشور بانيبال الثقافي،والاعتداء الجبان والوحشي على معتصمي ساحة التحرير وسط بغداد فجر الاثنين 21/2/2011 واستشهاد احد المعتصمين وجرح سبعة آخرين وسرقة السرادق وما فيه!ومداهمة مرصد الحريات الصحافية في العراق وهو منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الصحافيين فجر الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة بعض من محتوياته!ومداهمة شبكة عين وهي منظمة تعنى بمراقبة الانتخابات في العراق مساء الاربعاء 23/2/2011 ومصادرة محتويات الشبكة واجهزة حاسوب ووثائق مهمة تتعلق بنتائج الانتخابات النيابية الاخيرة والاجازة الرسمية في ممارسة الشبكة لعملها،ومحاولة غلق قناة الديار الفضائية المعتدلة،وقرار عمليات بغداد بحظر النقل المباشر لتظاهرة جمعة الغضب 25/2/2011 والقيام علانية بالاعتداء على المواطنين واعتقال الصحفيين وفق ديمقراطية المروحيات الترابية مما ادى الى استشهاد بعض المتظاهرين،والاعتداء الجبان على صحفيي البصرة الفيحاء جمعة الكرامة 4/3/2011،واخيرا مضايقة مقرات الاحزاب السياسية الوطنية وتهديدها!
   لا تزال حقوق الانسان في العراق بعيدة كل البعد عن المبادئ التي كرستها اللائحة الدولية لحقوق الانسان والمواثيق والعهود الأخرى،وهي المهمة التي تستوجب مواصلة النضال من اجل تحقيقها في دولة كانت من اوائل من صادق عليها،لكنها لم تلتزم بها ابداً!وتؤشر تقارير حقوق الانسان الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية عن تصاعد مستوى الانتهاكات الدستورية المفزعة،وان المدنيين الابرياء هم ضحايا الاعمال الارهابية والقنابل المزروعة على جوانب الطرق واطلاق النار من السيارات المارة والخطف والتجاوزات القانونية من قبل رجال الشرطة والجرائم والعمليات العسكرية وتبادل النار بين الجماعات المتنافسة او بين المسلحين ورجال الامن والشرطة.ومما يبعث على المزيد من القلق،الانباء بوجود اختراق لعناصر من الجماعات المسلحة والميليشيات للقوى الامنية.
   اي حديث عن حقوق الانسان والحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!

بغداد
6/3/2011


111

 يوميات " يوم الغضب العراقي " 25 شباط 2011 - ساحة التحرير ببغداد وكافة المدن العراقية
التنظيف بالهليكوبتر

كتابات - حبيب العربنجي
 
سجلت الحكومة العراقية يوم الجمعة 25 شباط 2011 براءة إختراع من لگت إستخدام جديد للهليكوبتر ما چان ببال دافنشي صاحب التصميم الأولي للهليكوبتر ولا ببال ماكنمارا وزير الدفاع الأمريكي بايام فيتنام وأكثر واحد إستخدم الهليكوبترات بكل انواعها ومجالات إستخداماتها.
 
إخترعت الحكومة العراقية الرشيدة والناضجة مهمة أخرى جديدة للهليكوبتر بعدها ما نازلة بالسوگ وما اعرف العقلية العبقرية إللي توصلت إلى هاي المهمة. والله لو أعرف منو صاحب الفكرة إلا اروح ابوس راسه حتى لو معمم...إلا انزع العمامة مالته حتى أبوسه بس طبعاً بعد ما أمسح راسه سبع مرات بالتراب عملاً بالحديث الشريف إللي يوصينا بكيفية التعامل مع الأشياء النجسة بلعاب الكلب، ترى هيچ فكرة ما تجي إلا بالعمر مرة وحدة والحمد لله آني طلعت من حرب إيران بجروح بسيطة ومن حرب الكويت بعاهة نفسية مستديمة ومن حرب بوش بوطن ضايع وتزاغلت ايام الأزلام حتى ما أروح بدرب الزلگ والله نطاني عمر وعافية من كثر أكل الحصة والبطاقة التموينية من چانت بحيلها...كل هاي حتى أعيش لهاي اللحظة المباركة واشوف العبقرية العراقية في إكتشاف مهمة جديدة للهلكوبتر (الطائرة السمتية في أدبيات الأزلام العسكرية).
 
و من ورا هاي المهمة الجديدة للهليكوبتر...راح نتوقع أمانة بغداد راح تستثمر هاي الفكرة حتى تنظف الشوارع ببغداد....لا فرق تنظيف ولا كناسين ولا سيارات تلم النفايات...ومثل ما طيرت الحكومة الرشيدة هليكوبترات على إرتفاع منخفض في ساحة التحرير حتى يتطاير التراب مال بعيون المتظاهرين ، نفس الشي، الكولونيل أين بغداد راح يطير هليكوبترات على إرتفاع منخفض في الدرابين والأسواق ببغداد حتى ينظفها من الطوز والتراب...بس أكو مشكلة فنية زغيرة إن كل هاي الدرابين والأسواق مليانة وايرات المولدات، فطيار الهليكوبتر ما يگدر ينزل إلى مستوى الشعب حتى ينظف الشوارع، بس الفكرة راح تظل ممكنة بشرط ينرادلها تعاون إستخباراتي بين وزارة الكهرباء وحكومة أمانة بغداد صابرها وكاملها.
 
بس إللي يشوفون النص الفارغ من الگلاص (على رأي المثل المثقف مال المتفائل والمتشائم...وماكو بين بين على رأي إميل حبيبي في المتشائل) يگولون الحكومة الرشيدة من دون ما تدري جابت حچاية لنفسها...يعني بالوكت إللي هي چانت توعد المتظاهرين بالوعود الإصلاحية...چان الطوز والتراب يتطاير بساحة التحرير دليل على أن كل تلك الوعود هي ذر الرماد في العيون مثل ما يگول المثقفون في نادي الكتاب من يريدون يكشخون بثقافتهم.  يعني الحكومة جنبت نفسها إحراج التراجع عن الوعود...كل إللي سوته أن طيرت هليكوبتر فوگ رؤوس المتظاهرين...وإللي أفتهم أو يفتهم عفية عليه...وإللي ما أفتهم صوچه خلي يروح يقرا ويدرس لواتات الحكومة وخلي يبدي من اللجان التحقيقية إللي مسوية مقاولات وي أمانة بغداد من كثر ما تنتج أوراق وملفات للزبالة...لأن صابر الحساوي ما يشتغل إلا في لملمة نفايات المنطقة المعفنة.
 
يابة والله دايخ من هاي الفكرة...هليكوبتر لتنظيف الشوارع...إي بس إحنا شوارعنا الوسخة إللي بيها مو بس إترابة ...عدنا زبالة يابو زبالة لو الحكومة تطير الاف الهليكوبترات ما تروح هاي الزبالة لأن مچلبة بقير وأسفلت الشارع وهذا النوع من الزبالة ما أگدر أكتب عنه لأن مو كل شي نگدر نكتبه في زمن الديمقراطية والدولة المفدرلة..
 
وبأسم المتظاهرين نشكر الحكومة الرشيدة والحريصة على الديمقراطية وحق التظاهر السلمي...نشكرها على ما قامت به من تنظيف ساحة التحرير بطريقة مبتكرة وجديدة...يابة بعد شتريدون من هيچ حكومة ديمقراطية إللي نظفت الساحة حتى أخاف تريدون تنامون هناك...حتى تنامون على گاع نظيفة ومرتبة..وشلون تنظيف؟؟؟ بالهليكوبتر.
 
بشرفكم لو مدرس اللغة العربية طلب كتابة إنشاء من الطلاب عن (حافظ على نظافة مدينتك)...وكتب أحسن طالب بالصف في دفتر الإنشاء " تقوم الدولة بجهود كبيرة لجعل مدننا نظيفة وذلك بإستخدام طائرات هليكوبتر بكثافة " هل سيجرأ المدرس أن يمنح هذا الطالب درجة كاملة في الإنشاء...لو راح يگول له " إبني تغطى زين من تكتب إنشاء" !
 
habibarabenchi@yahoo.com

112



القوات المسلحة الوطنية لا يمكن ولم تكن في يوم من الايام ولن تكون محايدة!

                                                                                                                  سلام ابراهيم كبة
   تأسس الجيش العراقي في 6/1/1921 مع تشكيل اول نواة من 10 ضباط كانوا في جيش الحجاز العربي وقاتلوا ضد الدولة العثمانية بعد اعلان الثورة العربية عام 1916.وترأس الفريق جعفر العسكري المتسرح من الجيش السوري اللجنة العسكرية العراقية الخاصة،كما تأسس اول فوج بأسم موسى الكاظم في 28/7/1921.وتوالى تباعا تشكيل الافواج ووحدات الطبابة والخيالة والمدفعية والمخابرة والتموين والنقل والهندسة والالتحاق بالمدرسة العسكرية الملكية وتأسيس الكلية العسكرية وكلية الاركان،ثم صدر قانون الدفاع الوطني اي التجنيد الالزامي وتأسست القوة الجوية!جرى استلام معسكر الرشيد(الهنيدي سابقا)من الانكليز في 1/10/1938 وقاعدة الشعيبة في 2/5/1955،وخاضت القطعات العسكرية العراقية عام 1948 في حرب فلسطين معارك جنين وكوكب الهوا وكفر قاسم..!
   كان الجيش العراقي اداة في التغلب على سبعة انقلابات مر بها العراق 1920 – 1958 وثلاثة انتفاضات شعبية كبيرة وما لا يقل عن 10 انتفاضات للمجاميع الاثنية والقومية!وبلغ كم الضباط المساهمين في الكابينات الملكية 28 ضابط شغلوا 45 حقيبة وزارية!ولم يكن الحكم الملكي سوى تحالف بين العسكريين(نوري السعيد وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وغيرهم)وبين الأقطاعيين ورؤساء العشائر.واثبت نوري السعيد انه اكثر انكليزية من الانكليز،وانه رجل الامبريالية البريطانية دون منازع،هذا ما اهله لكي يكون العمود الفقري الذي تستند عليه السياسة البريطانية في العراق،ومكنته من أن يشكل 14 وزارة،في الفترة الممتدة من منتصف حزيران 1930 وحتى سقوط النظام الملكي حين قامت ثورة 14 تموز 1958.يذكر ان ابرز قضية شغلت اذهان الموظفين الانكليز في حينها هي الكيفية التي يمكن بموجبها اعطاء الشيوخ والرؤساء حقوق معينة في الاراضي التي يتصرفون بها،ذلك لان السياسة البريطانية كانت تعتمد على هؤلاء الشيوخ"اقرارا للامن وراحة جيش الاحتلال"ومن خلال حل مسألة الملكية لمساحات كبيرة من الاراضي بتمليكها لشيوخ القبائل او العوائل الكبيرة نشأت طبقة من الاقطاعيين ومقابلها جمهرة كبيرة من الفلاحين بدون اي ملكية.
  ومنذ تأسيس مجلس النواب حتى قيام ثورة تموز 1958 تشكلت واُسقطت 53 وزارة من دون ان يكون لمجلس النواب اي دور في تشكيلها او اسقاطها،لأن الوزارات كانت تتألف في البلاط الملكي،قريبا من السفارة البريطانية في بغداد،ثم تسقط بمراسيم خاصة،تكتب وتوقع في اماكن بعيدة كل البعد من مجلس النواب.وفي ليلة 23 تشرين الثاني 1952 قامت السلطات بشن حملة اعتقال واسعة شملت اكثر من 3000 شخص،بينهم اكثر من 220 من الوزراء السابقين،والنواب والصحفيين،ورؤساء الأحزاب وشخصيات سياسية معروفة،وقد جرى تقديم الجميع الى المحاكم العرفية العسكرية"المستقلة"،حيث حكم على شخصين بالاعدام،وعلى 958 بالسجن لمدد مختلفة وعلى 582 بالكفالة.اما مجموع المدة التي سادت بها الأحكام العرفية في البلاد خلال الفترة ما بين 1932 - 1958 فبلغت 11 سنة،كما بلغ عدد المراسيم التي اصدرتها الحكومة خرقا للدستور 27 مرسوما!
 ادركت فئات الشعب مبكرا ان النضال ضد الاستعمار بدون تنظيمات سياسية جماهيرية غير مجد وغير فعال،وانحياز الجيش او قطعات منه الى جانبها في الصراع الاجتماعي يعني قوة ودعم كبيرين.وتأسست حركة الضباط الاحرار اصلا بمبادرة الضباط الصغار قبل الكبار،وحتى ان الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم تمت مفاتحته لاحقا لقيادة التنظيم!وقامت الحركة بشحذ ابناء الجيش العراقي من ضباط وجنود بروح التمرد والتذمر على واقع ماكان يعانيه الشعب من حياة مزرية،من قبل حكامه المحميين بحراب الانكليز،وجعله يعيش في ظلام الجهل والفاقه والمرض،ليسهل استغلاله خدمة للمستعمر والفئة الحاكمة!
   كانت ثورة 14 تموز المجيدة استجابة ضرورية لمتطلبات مرحلة تاريخية،وتتويجا للانتفاضات الشعبية ومساعي تنظيمات ضباط الجيش الاحرار،ونضال الاحزاب الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.اما العهد الملكي فلم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة في التغيير،لذا استنفد دوره وجاوزه الزمن!ولم يقف نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد عائقا امام تطور البلد فحسب،بل وسد كل السبل امام القوى الوطنية والتقدمية من ان تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية!من هنا اكتسب سقوط النظام وبالعنف مشروعيته التاريخية.ان الثورة على النظام الملكي كانت حتمية ومسألة وقت،ولو لم تقم بها اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم،لقامت بها جهات اخرى،اذ كانت هناك عدة تنظيمات في الجيش بما فيها تنظيم خاص بحزب البعث،تهيئ لتغيير النظام السياسي في نفس الوقت.لذا ونظرا لمعاناة الشعب العراقي،وتردي سمعة النظام الملكي وعداء الشعب له وتوفر الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية،كان العراق محكوم عليه بالثورة في جميع الأحوال.اما ما حصل فيما بعد،فثورة تموز كانت الضحية له وليست السبب.
    كانت ثورة 14 تموز 1958 تدشينا لثورة عظيمة،لما احتوته من جوانب سياسية واجتماعية متزامنة الثورات الكبرى في التاريخ،اذ غالبا ما تحدث الثورة السياسية ومن ثم تعقبها الاجتماعية.كما انها سرعت بوتائر سريعة من صيرورات الارتقاء وغيرت بعمق من الاتجاهات الفكرية/الاجتماعية والفلسفية/ السياسية لدرجة اصبح معها الكم المختلف،كيفا جديدا.ان الاطار الديمقراطي لثورة تموز شمل القوانين التي نظمت حقوق الناس،ورسم منهج المستقبل الذي اطفئت انواره حين تكالبت كل قوى الشر والظلام لتوقف وهج ثورة تموز مؤقتا،ليخسر العراق زمنا ليس بالقصير من مستقبله ودخوله مسيرة الحرية والديمقراطية التي تناضل من اجلها كل الأحزاب العراقية الوطنية .
   ازدادت الشخصيات العسكرية المستوزرة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة لتستلم الحقائب الاساسية كمناصب رئاسة الوزراء ووزارات الدفاع والداخلية في الوقت الذي تناقصت فيه الشخصيات العشائرية والدينية  المستوزرة بسبب انعدام الكفاءة والجهل!الا ان انقلاب 14 رمضان الاسود اشر لاستحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية الشيعية والسنية رجعية.وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية.
   وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن ليتكرس النفوذ البيجاتي(الاصل العرقي للطاغية)والهيمنة الشمولية.واقترن هذا التوجه بصعود العقلية الأنقلابية المغامرة في البلاد العربية الى المسرح السياسي. ففي ربع قرن 1949- 1970 نجح اكثر من 35 انقلابا عسكريا في البلدان العربية واصبحت غالبيتها تحكم من قبل العسكر!العقلية العسكرية الانقلابية - عقلية نجحت لا في تثبيت حكم العسكر في العراق وحده بل في البلدان العربية.وكان العراق قد اعطى الاشارة المبكرة للدور المتعاظم المقبل الذي ستقوم به المؤسسة العسكرية الناشئة في حياة المجتمعات العربية عندما فاجأ الشرق العربي كله بـأول انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث وفي سنة 1936.وعكست الانقلابات والردات والمؤامرات العسكرية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة الصاعدة فقامت بالغاء الاحزاب وتعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار!وتحولت الشعوب العربية الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!
  صدام حسين وبطانته هم من المدنيين وليس فيهم عسكري مهني واحد لكنهم مارسوا ابشع صور الدكتاتورية في سني حكمهم وكان الجيش العراقي من ضحاياهم!لقد دجن  صدام  المؤسسة العسكرية العراقية وارتدى لبوسها،وبات هو القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس قيادة الثورة،بعد ان اقصى واعدم مقربيه الحزبيين!واعدم في الفترة 1995 – 2001  فقط حوالي 370 ضابطا بمختلف الرتب،155 ضابطا منهم من الحرس الجمهوري بتهمة مناهضة النظام!وتعرض كبار الضباط  والمراتب والجنود الى الاحتجاز والتعذيب والسجن والاعتقال،خاصة في ابو غريب والمكاسب!
تميزت المؤسسة العسكرية العراقية في العقود المتأخرة بالنمو المطرد المفرط قياسا الى السكان.ونمت حوالي 14 مرة بين 1950 – 1980 فقط في الوقت الذي نمى فيه حجم السكان 3 مرات!والجهاز الاداري للدولة 10 مرات فقط .وفي عهد البعث بلغ التناسب بين القوات المسلحة والسكان نسبة 32.5 لكل الف وحتى 60 لكل الف!وهي اعلى نسب في العالم لأن المعدل العالمي 7 لكل الف نسمة زمن السلم!وبلغ الانفاق العسكري العراقي عام 1994 ما يعادل 14.6% من الناتج الاجمالي الوطني  اي الانفاق الاعلى بمستوياته في جميع البلدان العربية،ويبلغ هذا المعدل 3.2% عالميا و 3.6% في البلدان النامية.ومع افول العهد الصدامي هبطت القدرات العسكرية العراقية الا ان الماكنة العسكرية احتفظت بقدرتها على توجيه اللكمات لضمان بقاء صدام حسين في السلطة!وامتلك العراق قبيل 9/4/2003 : 2000 دبابة،و 200 – 300 طائرة اعتراضية وهجومية، 1000 عربة مصفحة مدرعة، 2000 ناقلة جنود، 800 دبابة خفيفة للمشاة،200 مدفع ذاتي الاطلاق و 1500 مدفع آخر متطور!، 100 طائرة هليكوبتر، 6000 مدفع مضاد للطائرات، 1000 صاروخ ارض – جو!وصواريخ سكود.كان الجيش العراقي كبيرا وفاعلا،350 – 400 الف جندي وترسانة فتاكة من الاسلحة!
  ومع اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية،والاعلان عن طائفة الأهداف والالتزامات التي تعهدت بتنفيذها الحكومات المتعاقبة في المستقبل الموعود،اثبتت الوقائع العملية الملموسة فشل قوات الحرس الوطني والشرطة في تحقيق الامن ومكافحة الارهاب وحماية الحدود الخارجية ومكافحة الفساد.لا،بل وحتى الفشل بالاسهام في الاعمار واعادة الاعمار وحل مشكلة الخدمات الاساسية كالكهرباء والبطالة!قوى اساسية مارست سيادتها ودورها في تأسيس قوات الحرس الوطني وهي:الطائفية السياسية،المخابرات والعصابات الدينية الايرانية،بقايا البعث العراقي المنهار،العشائر التي تقترب الى الجماعات الاسلامية بسبب قربها من المرجعيات الدينية لكنها تحاول الدفاع عن ابناء عشائرها عندما يتعرضون للاضطهاد من جانب القوى السياسية والمخابراتية،القوات المتعددة الجنسية التي كانت وما تزال تنسق مع الجميع وعلى الجميع.واعتمد قادة الجيش الامريكي في العراق منذ عام 2005 على بعض رؤساء العشائر،بدلا من وحدات الجيش العراقي في كثير من المواقع،وحققت هذه المجموعات المسلحة بعض النجاحات في المساعدة على محاربة القوى الارهابية،لكن بالنهاية بقت تشكيلات عسكرية غير نظامية خلقت الارباك والتحديات الامنية ويصعب التفكير بان تأخذ موقعا في التشكيلات العسكرية للدولة العراقية.وقبل ذلك حمل اساس تركيبة القوات المسلحة العراقية الجديدة(الحرس الوطني)في ذاته ومنذ الولادة خطأ سياسيا بنيويا اعتمد المحاصصة الطائفية - القومية وابتعد عن نهج البناء المؤسساتي على اساس الوحدة الوطنية.وليس غريبا ان تستنجد العقلية العسكرية التي وقفت وراء اعادة تاسيس الجيش على هذه الاسس غير الوطنية بزعماء العشائر!كان قرار اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية قرار سياسي استهدف ابقاء هذه القوات محدودة الامكانيات وضعيفة القدرات ومتواضعة التسليح وغير قادرة على تنفيذ المهمات المطلوبة،يراد لها الاعتماد على الجيش الامريكي!وكان التعمد مع سبق الاصرار في بناء القوات المسلحة العراقية على اسس لا تمت بصلة الى الوطنية والمهنية والكفاءة والحيادية واحترام القانون والدستور وحقوق الانسان ومنيعة للاستقطاب الطائفي والمحاصصة المقيتة،هو بحق جريمة كبرى ضد الشعب العراقي لا تغتفر!لا اليوم ولا غدا!
   اعادت النخب السياسية الحاكمة الاستحواذ على عباد الله وفرض ممارساتها غير المقبولة على الآخرين وهيمنتها على مفاصل الدولة والقوات المسلحة والاعلام الرسمي ورفع صور رجال الدين واحتكار الفداء في العهد السابق والغاء تضحية وحق الآخرين!مثلما"تجاهل السيد الاشيقر رئيس الوزراء الاسبق الالاف من شهداء العراق من كل الحركات السياسية ليشير تزلفا الى المرحومة حفصة العمري التي فارقت الحياة اثناء محاولة عبد الوهاب الشواف العصيان على الحكومة الشرعية في العراق،في حين لا يهتز بدن رئيس الوزراء المحترم لمقتل اكثر من 500 مواطن عراقي في الموصل وحدها اثناء العصيان وهجرة الالاف من اهالي الموصل الى المدن العراقية او الى ديترويت"،ومعروف"ان 60% من عناصر الميليشيات الحكومية هم من اجهزة المخابرات والامن الصدامي،ومعروفون لاهالي النجف المقدسة والثورة""ولا تخرج منظمة بدر عن هذا السياق المحير حيث انها تشكلت بالاساس من "التوابين" من اسرى الحرب العراقيين في ايران من "صناديد صدام" و "جيشه الشعبي" وبمباركة وتمويل وتدريب من قبل المخابرات الايرانية"!
   لازالت تعمل في العراق مئات الشركات الأمنية متعددة الاغراض بموافقة واشراف القوات الامريكية والحرس الوطني،يقدرعدد افرادها ب 60000 فرد!ووفق المرسوم الذي اصدره بريمر رقم"17"الخاص بالعاملين الاجانب في العراق!وهذه الشركات تتولى حماية المقاولين والخبراء ووكالات الانباء والصحفيين الاجانب والشخصيات المهمة والمؤسسات والشركات الاجنبية وامداد قوات التحالف بالمواد الغذائية والوقود والمعدات وحراسة قوافل الامدادات العسكرية،وصيانة وادامة الطائرات والاسلحة المتقدمة تكنولوجيا،الى جانب تدريب الجيش والشرطة والاجهزة الامنية والدفاع المدني،وحماية المنشآت النفطية وانابيب نقل النفط والغاز ومحطات الكهرباء والماء،والقيام بأعمال مخابراتية وقتالية محدودة وبالأغتيالات والمداهمات لخلط الأوراق واستمرار حالة الفوضى بهدف تجديد عقود عملها في العراق.
   رسخ الاداء الحكومي الهزيل في بلادنا من العقلية العسكرية التي كانت سائدة في عهد صدام والتي اتسمت بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض البهلواني العدواني لأنها نزعة نخب عصبوية دون وطنية!وتحولت تقاليد القوات المسلحة العراقية التي انبثقت هي من اجلها في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب،وهي تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية،تحولت بقصد او بدونه،الى مهازل يجري التندر بها!ما هو المطلوب؟!
•   ارجاع العسكر الى الثكنات،ورفع مظاهر العسكرة.
•   التصفية الفورية للميليشيات – العصابات،ووضع حد للتسلح الميليشياتي،وحظر وقنونة حمل السلاح!
•   احياء التقاليد الثورية والارتباط المصيري بحركة الشعب الوطنية التحررية!
•   دحر قوى الارهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار.
•   انهاء الوجود الاجنبي.
•   تصفية تركة النظام المقبور.
•   المضي في طريق اعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية.
•   اعادة تشكيل مؤسسات الدولة السيادية: الحرس الوطني، الجيش، الأمن وغيرها،وضم العناصر الوطنية الكفوءة الى صفوفها وتخليصها من العناصر الفاسدة والمتقاعسة،وتزويدها بالمستلزمات الضرورية لأداء واجبها الوطني في حفظ الأمن والاستقرار وترسيخه.

   الارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر لكن الارهاب ايضا"هو كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"والاضرار بالمصلحة العامة.الشرطة تبتز الاموال،والحرس الوطني يستعرض عضلاته على ابناء المدن وهو يضع نقاط  تفتيش ليس فيها غير الحجارة وعرقلة الطريق،والحمايات تسرق المصارف!ليس من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين الارهابيين والعصابات!المدن العراقية حزينة وشوارعها مظلمة،جسورها مقفلة،شوارعها مقفلة،الخراب عارم في كل العراق بعد مضي 8 اعوام على سقوط صدام!اين النظافة واين الاعمار؟الشوارع حبلى بالقوات والحمايات التي لا تعرف سوى ازعاج الناس والتزمير على الصفارات!!ورمي الطلقات لترهيب المواطنين!
    اختارت الامبريالية الامريكية الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم على قدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي قاوم خططها لنحو نصف قرن منذ ثورة 14 تموز 1958،وقاوم صنيعتها،افظع دكتاتورية عرفها التاريخ وما اقترفته من جرائم وحروب وما نجم عنها من حصار اقتصادي وقصف باليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة،فضلا عن ان هيمنتها على ثرواته النفطية تمكنها من فرض هيمنتها على العالم عن طريق الهيمنة على مصادر الطاقة،فالعراق يمتلك ثاني احتياطي العالم من النفط .
  يحتفل شعبنا بذكرى تأسيس الجيش العراقي وتزداد قناعته بأهمية وجود جيش وطني حقيقي،يكون الحامي الأمين للسيادة ولحق الشعب في الحياة الحرة الكريمة بلا عبودية او تبعية!والجيش ليس أي فئة من الشعب فهو عامل الحسم والمبضع الذي تكمن مهمته في بتر كل فاسد يشخصه الشعب فحذار من التهاون مجددا!ولابد من القبول باستقلالية الجيش وحرفيته وبشروط وجوده وطنيا...والقوات المسلحة الوطنية لا يمكن ولم تكن في يوم من الايام ولن تكون محايدة!


بغداد
6/1/2011

113
الفوضى..الفوضوية..الفوضى الخلاقة..وماذا بعد؟!


سلام ابراهيم كبة

خطأ شاع فكان العرف من هذا الشياع
صواب حكم العرف عليه بالضياع
وسواد الشعب مأخوذ بخبث وخداع
لقطيع يلحق الذئب وينعى: اين حقى؟!

ليس هذا الذنب ذنب الشعب بل ذنب الولاة
وجهوا الأمة توجيه فناء لا حياة
وتواصوا قبل أن تفنى بنهب التركات
واذا الحراس للبيت لصوص: أين حقى؟!

  لادراك مفاهيم من قبيل النظام او الفوضى في الكون والمجتمع او في اية منظومة(System)،نستخدم مفهوم(الانتروبيا  Entropy)،التي تشير الى مقدار الفوضى،اي الاختلاط وغياب الاتساق الشكلي او الظاهر مما يستتبع التساوي وغياب التراتب بين المكونات،والطاقة التي لا يمكن الاستفادة منها!والانتروبيا تعني حصيلة التبدد غير القابلة للاسترجاع،حسب تعريف اسحق عظيموف في كتابه"افكار العلم العظيمة"،ص 185.وبينما تؤكد نظرية التطور بأن التغيرات والتبدلات الحاصلة في الكون تؤدي الى زيادة التعقيد والنظام،وان التطور هو متصاعد الى اعلى وبوتائر مستمرة،فأن القانون الثاني للديناميكا الحرارية "قانون زيادة الانتروبيا"،يؤكد على ان جميع التغيرات والتبدلات الحادثة والجارية في الكون تسير نحو زيادة"الانتروبيا"،وبالتالي زيادة الفوضى والتحلل والتفكك!تطور وفوضى،تقدم وتفكك،هذا هو صراع المتناقضات!
  اما نظرية الشواش او الهيولية(Chaos Theory)فهي من احدث النظريات الرياضياتية،وتترجم احيانا بنظرية الفوضى او العماء،وتتعامل مع موضوعة الجمل المتحركة(الديناميكية)اللاخطية التي تبدي نوعا من السلوك العشوائي يعرف بالشواش!وتحاول نظرية الشواش ان تستشف النظام الخفي المضمر في هذه العشوائية الظاهرة محاولة وضع قواعد لدراسة مثل هذه النظم مثل الموانع والتنبؤات الجوية والنظام الشمسي واقتصاد السوق وحركة الأسهم المالية والتزايد السكاني.وتدعو هذه النظرية بالحقيقة الى المشاركة الفعالة بين العلماء من مختلف التخصصات،لأن التقسيم التقليدي للعلوم الى فروع مستقلة وتخصصات،قد شكل احيانا عقبة في طريق التقدم العلمي التقني،وبلغ النجاح مداه عندما تحطمت الحواجز بين العلوم،وبرز مفهوم التطبيق المتبادل للخبرات العلمية،حيث يمكن لكل علم ان يستفيد من الاكتشافات والاطروحات والاختراعات التي تأتي بها العلوم الاخرى وتكتشفها.
   خلال تطوره الهائل في العصور الحديثة امتد اسلوب البحث العلمي ليشمل ميدانا بعد آخر،ولم يعد اي حقل او اي جزء او اية جهة من جهات الطبيعة والمجتمع البشري مغلقا امام البحث العلمي!ومن هذا التطور العلمي امكن الاستنتاج بأنه لا العالم كمجموع،ولا اي جزء من اجزائه،يمكن اعتباره كشئ جامد الطبيعة،او كشئ ساكن ستاتي،اي صيغ مرة واحدة وللابد،بل ان العالم كمجموع وكل شئ في العالم،انما هو خاضع لقوانين التغير،ويدخل في عملية التطور التاريخية!وتفهم هذه العملية كصراع للمتناقضات الداخلية الكامنة في جميع مظاهر الطبيعة والمجتمع!وقد كتب لينين:"الجدل وحده يقدم المفتاح للحركة الذاتية لكل شئ في الوجود،ويقدم المفتاح للقفزات والوقفات عبر الاستمرارية،والتحول الى النقائض،ولهدم القديم وبروز الجديد.ووحدة التناقضات مشروطة انتقالية مؤقتة نسبية،بينما يكون صراع التناقضات المنافية لبعضها الآخر مطلقا،اطلاق التطور والحركة تماما"حسب كتاب لينين"حول الديالكتيك". 
  الجانب غير المنتظم من الطبيعة،اي الجانب الذي يفتقر الى الاستمرارية ويمتلئ بالاخطاء والغموض،يمثل"لغزاً"للعلم والعلماء.وفي سبعينيات القرن العشرين،بدأ عدد قليل من العلماء يشقون طريقهم وسط الفوضى والاضطراب،وتوصل علماء الفيسيولوجيا – علم وظائف الأعضاء – الى اكتشاف نظام مدهش يحكم الفوضى التي تنشأ وتتطور داخل قلب الانسان،وتكون السبب الرئيسي في الوفاة المفاجئة التي تفتقر الى ما يفسر حدوثها.كما تعرف علماء البيئة على عوامل نشأة"حشرة العتّة"وفنائها،بينما تمكن علماء الاقتصاد من الكشف عن بيانات قديمة حول اسعار الاسهم،وحاولوا طرح نوع جديد من التحليل.
  لقد تبين ان ظاهرة"الفوضى"موجودة في كل مكان:من عمود الدخان المتصاعد من"سيكارة"مشتعلة ويتحطم في دوائر جامحة،والراية ترفرف تحت تأثير الرياح،والمياه المتدفقة من حنفية تبدأ بنمط منتظم ثم سرعان ما تتحول الى عشوائية.وتظهر كذلك الفوضى في سلوك الطقس،وفي تحليق الطائرة في الجو،وفي حركة السيارة على الطريق،وفي مسار النفط في الانابيب تحت الارض.وادى ادراك ذلك،الى تغيير في الطريقة التي يصنع بها رجال الاعمال قراراتهم فيما يتعلق بالتأمين،وفي الاسلوب الذي ينظر به علماء الفلك الى النظام الشمسي،وفي الطريقة التي يتحدث بها"المنظرون السياسيون"عن الضغوط التي تؤدي الى الصراعات المسلحة.
   وتسهم نظرية الشواش بنمذجة Modelling النظم بواسطة معادلات رياضية بسيطة جدا،وتؤكد ان الاختلافات الدقيقة في المدخلات يمكن ان تؤدي الى"فروق شاسعة"في المخرجات،وهذه ظاهرة عرفت بظاهرة(الاعتماد الحساس على الظروف والاحوال الاولية).وكان ادوارد لورنتز العالم في مجال الارصاد الجوية من اوائل الباحثين والمكتشفين لنظرية الفوضى منذ عام 1960.
  علم الهيولية ابن شرعي للتطور العاصف في الانظمة الحاسوبية،ويمكن ارجاع الفضل في توضيح المفاهيم الأساسية للهيولية الى بنوا ماندلبرو واضع هندسة الفراكتال،وروبرت ماي عالم البيولوجيا الذي قام بدراسة معادلة الفروق ومنها اكتشف ظاهرة التفرع الثنائي،وميشيل فاينجنباوم الذي اكتشف مبدأ العمومية ووضع اشكال معروفة باسمه لتصوير تحول النظام الى الهيولية،وروبرت شو الذي أسس جماعة عرفت بأسم"جماعة النظم الديناميكية"في جامعة سانت كروز كان لها فضل كبير في تأسيس العلم. 
   تنشأ الهيولية من تكرار العمليات البسيطة البدائية لملايين المرات مما يجعل العين المجردة تخطئ النظام الكامن بها،الأمر الذي استدعى استخدام برامج الحاسوب لتقوم بدور المجهر البيولوجي لتسهيل تتبع الظاهرة ودراستها.ويطلق على استنباط القواعد التي تنتهجها الطبيعة في التعبير عن نفسها التحليل الهيولي،والذي يستند على اساسيات هي:التغذية الخلفية Feedback لتكون مخرجات خطوة ما من تطبيق معادلة ما هي مدخلات الخطوة التالية،المعاودة Recursion لتطبيق التغذية الخلفية عددا هائلا من المرات،اللاخطية Nonlinear،الحساسية المرهفة للتغير في المؤثرات Sensitive Dependence on Initial Conditions وظاهرة الفراشة Butterfly Effect(ادنى تغير في المعاملات يمكن ان ينتج عنه تأثير غاية في الضخامة).
•   الفوضوية فلسفة
  تفتقر الفوضوية لأي اساس فلسفي منسجم ومتماسك،واساسها الفلسفي يتميز بظاهرة(الانتخابية)،اي الاقتباس من مختلف المدارس الفلسفية على تناقضها البالغ،وعدم الاهتمام بتكوين وجهة نظر عامة موحدة للكون والمجتمع والفكر.ويلاحظ اختلاف الاسس الفلسفية لمفكري الفوضوية،فليست هناك جامعة فلسفية تجمع بين برودون مثلا،الذي يعتمد لحد كبير على الجدل المثالي(خاصة الهيغلي)،وباكونين الذي يعتمد على الفلسفة الليبرالية،وكروبوتكين الذي يتبنى بشكل واع نظريات الوضعية الكونتية والسبنسرية،مع المادية الآلية والاسلوب الميتافيزي،والفوضويون المعاصرون الذين يستمدون اسلحتهم الفلسفية من الوجودية والشخصانية والنسبية وحتى من مدرسية العصور الوسطى(مثال ذلك روكر الالماني).كما يلاحظ ان المدارس الفلسفية التي تستند اليها الفوضوية صراحة او ضمنا،هي على الدوام نقيض المادية الديالكتيكية وانها باختصار الفلسفات المثالية والميتافيزية على اختلاف الوانها.
   الواقع ان الفوضوية انما نشأت تاريخيا كتعبير عن قلق البورجوازية الصغيرة من تطور النظام الرأسمالي وطغيان قوانينه الاقتصادية،وخاصة قانون التركز،والتحول البروليتاري العام،فكان من الطبيعي ان تحارب الطبقة المذكورة الفلسفة العلمية التي كانت تعكس التطور الاجتماعي الحقيقي وتساعد على تفسيره وتسارعه معا،بأسلحة تستمدها من ترسانة المثالية والميتافيزية.
  ما يميز مجموع النظريات الفوضوية في التطور التاريخي،هو انكارها لموضوعية القوانين الاجتماعية والتاريخية،فالتاريخ في نظرها لا يسير وفق قوانين موضوعية يقتصر البشر على تطبيقها وترجمتها للعمل،بل التاريخ هو مجموعة من المصادفات،وفي احسن الفروض انه من خلق(الابطال)او(الارادة الحرة)او(الايمان بالقوة)او بعبارة اخرى تشكل الفوضوية في هذا المجال تيارا هاما من تيارات المثالية التاريخية والذاتية الاجتماعية،وخاصة المدارس السيكولوجية منها،التي تنكر دور الجماهير والعوامل الاقتصادية والمادية،وتركز على العوامل النفسية التي تجد فيها المفتاح الحقيقي لحل الغاز التاريخ.
  الفوضوية تيار من التيارات المغرقة في الفردية،وهي تعتبر الفرد،بعد تجريده من ارتباطاته الاجتماعية والطبقية،الوحدة الاساسية في المجتمع،وما المجتمع في نظرها الا تكديس لهذه العوالم او الخلايا الفردية المستقلة،كما انها تعلق تحرر المجتمع على تحرر الفرد او ما تسميه(بالشخصية)،ومن هنا رفعت شعارها المعروف (كل شئ من اجل الفرد!).ويؤكد كروبوتكين مثلا أن العلم الحديث يرى ان مفتاح فهم الظواهر المختلفة يكمن في دراسة وحداتها الصغيرة المكونة لها،وهم(الافراد)،ومن الضروري توسيع هذا المبدأ الى العلوم الانسانية.ان الفوضوية في نظره تنطلق من مفهوم(الفرد الحر)ومن وجهة النظر الفردية هذه،يصل كروبوتكين الى الدفاع عن المدرسة الذاتية في علم الاجتماع.وبدلا من تركيز الانظار على دراسة القوانين الموضوعية للمجتمع البشري يقدم كروبوتكين تقديرا شخصيا للحوادث التاريخية يتفق مع مثله الخاصة.ويكمل كروبوتكين النظرة الذاتية للحياة الاجتماعية بموقف ميتافيزي من الظواهر الاجتماعية.وقد ظهر المثل الاعلى الفوضوي باعتباره تجسيدا للمبادئ الخالدة،للعدل والمساواة والحرية!
  يتبنى الفوضويون افكار المودة السائدة،كالوجودية والشخصانية،التي تعبر عن تفسخ الثقافة البورجوازية الصغيرة،ويستغلون فكرة الدفاع عن حقوق الفرد كستار لستر اعمالهم!انهم يدافعون عن حقوق المساواة بين جميع الآراء السياسية والفلسفية والدينية مهما كانت رجعيتها.وتقوم الزمر الفوضوية برفع شعارات من قبيل اتحاد الثقافة العالمي،وغير ذلك من الهراء المماثل،لستر مساعيهم المفضوحة في تسليم شعوب بلدانهم لصقور العولمة الرأسمالية.
  ان موقف الفوضوية من الدولة هو اكثر مواقفها انكشافا للشعب،بل ان الكلمة الاجنبية للفوضوية(الاناركية)مشتقة من كلمتين يونانيتين معناهما(اللاسلطة)،او انكار الدولة بوجه عام!والفوضويون يكملون نهيليتهم السياسية (انكار الدولة)بالنهيلية القومية(انكار القوميات)،فلا يرون في الوطن الا مجرد مفهوم جغرافي،اي مجرد محل الولادة!ويرفض اللاسلطويون ما يوصفون به من ان اللاسلطوية مرادفة للفوضى الشواش(Chaos‏)،العدمية،او اللانظامية(anomie‏)،وهم يعتبرون المجتمع اللاسلطوي مجتمعا مضادا للسلطة(anti-authoritarian‏)متناغم يعتمد على التشارط الطوعي للافراد الاحرار في التجمعات التلقائية والادارة الذاتية(self-governance‏)لأمور المجتمع!وهم يخلطون بذلك عمدا،بين اللاسلطوية والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية!
  ولم يتغير دور الفوضويين حتى اليوم في مجرى الاحداث العالمية بالرغم من انحسار نفوذهم في اغلب البلدان الرأسمالية،فهو دور تخريب وحدة المنظمات العمالية من جهة،والجبهات الديمقراطية من جهة اخرى.آيديولوجيا،يتبنى مفكرو الفوضوية البارزون اليوم،العولمة الرأسمالية والفلسفات الامبريالية الرجعية على المكشوف!
•   الفوضى الخلاقة
  "الفوضى الخلاقة"مصطلح دخل القاموس السياسي في العقدين الاخيرين،ويتميز بقدر كبير من الالتباس والتأويل يصل الى حد التحايل والتلاعب اللفظي لوصف حقبة سياسية تاريخية صاخبة،وبمسار خارج المألوف الطبيعي للخطاب السياسي – الفكري التقليدي،عبر بناء نسيج من المتقابلات المختلفة للمصطلحات تهدف الى تحقيق ستراتيجية معينة ومنهج لادارة المصالح الغربية في المناطق التي تتركز فيها تلك المصالح!الفوضى خلاقة بالنسبة لمصالح الغرب،وغير خلاقة،بل مدمرة بالنسبة للاوطان والشعوب!وهذا المصطلح يخوض وينشط في حيز العولمة الرأسمالية وصعود الليبرالية الجديدة!والمصطلح يجمع بين متناقضين متقاطعين،فوضى وخلاقة!ويفهم من المصطلح ان عصر الافكار الرصينة والمنظمة والآيديولوجيات الكبرى فات اوانها،وعلى المجتمعات ان تسلك ممرات كثيرة للوصول الى جزيرة الاستقرار.
  وعليه يمثل مصطلح الفوضى الخلاقة احد اهم المفاتيح التي انتجها العقل الاستراتيجي الامريكي في التعامل مع القضايا الدولية،حيث تمت صياغة هذا المصطلح بعناية فائقة من قبل النخب الاكاديمية وصناع السياسة في الولايات المتحدة،وعلى خلاف مفهوم الفوضى المثقل بدلالات سلبية كعدم الاستقرار اضيف اليه مصطلح آخر يتمتع بالايجابية وهو الخلق او البناء،ولا يخفى خبث المقاصد الكامنة في صلب مصطلح"الفوضى الخلاقة"لاغراض التضليل والتمويه.
  الفوضى البناءة هي النظرية المعتمدة لوصول الليبراليين الجدد الى الحكم،وفق زخم شعبي مصطنع.الفوضى ابدا لم تكن بناءة،اذ هي نقيضة للنظام ونقيضة للعمل التغييري المنظم،وطوال تاريخ البشرية لم تكن الفوضى ابدا سلاحا للتغيير،بل سلاحا ضد التغيير على الأقل من زاوية اجهاض التغيير بالتفجر دون وجود قيادة منظمة تنظم وتوجه وتقود حركة الشعوب من اجل التغيير الحقيقي وبناء عالم الغد.
  اشتهر ميكافيللي المتوفى عام 1527 بأنه عميد المدرسة التي تعرف السياسة بأنها:"فن الخداع والغش"او"فن الخساسة"و"الغاية تبرر الوسيلة"!بعد ان نجح في طمس آثار سابقيه،وتأسيس مدرسته الخاصة في فن السياسة،بحيث اصبح عميد السلك النفعي في السياسة!ولا غرابة ان يكون ميكافيللي قد وضع حجر الاساس لنظرية القوضى الخلاقة"التي نادت بها كوندوليزا رايس ومعها عدد كبير من الساسة الامريكيين،وباتت الفوضى الخلاقة بذلك النظرية الامريكية التي تلائم الألفية الثالثة"منذ ذلك التاريخ!الفوضى الخلاقة مصطلح سياسي عقدي يقصد به تكون حالة سياسية او انسانية مريحة بعد مرحلة فوضى متعمدة الاحداث!وعلى الرغم من وجود هذا المصطلح في ادبيات الماسونية،واشار اليه الباحث والكاتب الامريكي دان براون،الا انه لم يطف على السطح الا بعد الغزو الامريكي للعراق حيث انتشرت بعض فرق الموت والاعمال التخريبية المسيسة من قبل الجيش الامريكي وبعض الميليشيات المسلحة!
   في سنة 1924 اصدر عالم الاقتصاد النمساوي شومبيتر 1883- 1950 كتابه الشهير عن الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية،واطروحة الكتاب المركزية"اطروحة التدمير الخلاق"وما انتجته من"المنافسة الهدامة"انها تدمير هدام يسهم في خلق ثورة داخل البنية الاقتصادية عبر التقويض المستمر للعناصر الشائخة والخلق المستمر للعناصر الجديدة!ويبدو ان اطروحة"شومبيتر"عقيدة استرشد بها غلاة الادارة الامريكية!وبأسم هذه الاطروحة دمر العراق واستلبت موارده وزرعت به بذور فتنة طائفية ومذهبية واحزاب متناحرة وفوضى الخطف والتقليد والقتل والتهديد،انها فوضى بوش وادارته الخلاقة التي تبشر بشرق اوسط جديد!
   ولفهم مصطلح"الفوضى الخلاقة"تاريخيا،يمكن الرجوع الى"مايكل ليدن"العضو البارز في معهد"اميركا انتربرايز"المعروف بكونه قلعة"المحافظين الجدد".ومايكل ليدن هو احد اصحاب النفوذ في دائرة المحافظين الجدد،ارتبط اسمه بعد الحادي عشر من ايلول 2001 بنظرية"التدمير البناء"وهو مشروع التغيير الكامل في الشرق الاوسط الذي يشمل اجراء اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية شاملة في كل دول المنطقة!وكذلك كتابات"راؤول مارك غيريشت"وهو من منظري المحافظين الجدد والمختص في الشأن العراقي والشيعة!وابحاث مؤرخين نافذين امثال"برنارد لويس"من جامعة برنستون و"فؤاد عجمي"من جامعة جونز هوبكنز!ومن المصادر المهمة لنظرية الفوضى الخلاقة كتاب"قضية الديمقراطية"من تأليف المنشق السوفييتي المهاجر الى اسرائيل والذي شغل منصبا وزاريا في حكومة شارون"ناتان شارانسكي"،وكتاب"اليوت كوهين""القيادة العليا،الجيش ورجال الدولة والزعامة في زمن الحرب"!
   ما جرى في العراق منذ عام 2003 في الاطار السياسي يتطابق مع"الفوضى الخلاقة"،والفوضى واللاتعيين هما ما يميزان الواقع السياسي والاجتمااقتصادي العراقي في حركته الداخلية وفي علاقته مع الخارج.ويبدو ان اللعب على وتر الطائفية والولاءات العصبوية دون الوطنية قد ضرب بسهم وافر في المجتمع!ويكاد يكون المدخل المناسب للفوضى"الخلاقة"ونظائرها من آيديولوجيات لا يمكن استزراعها الا في مجتمع تتوافر فيه،بحكم تشكله الاجتماعي/الثقافي،فسيفساء قابلة للعب على تناقضاتها.
   تشكلت تحت وصاية الادارة الاميركية حكومتان بعد حاكم مطلق الصلاحية امريكي الجنسية يعاونه مجلس حكم.ولم تلتزم قوات الاحتلال باعادة اعمار سريعة للاقتصاد العراقي ولا باعادة بناء سياسية.كما لم تستنفر الحركات الوطنية العريضة التي تعبّر عن التوجه العميق في الرأي العام الذي ساد بعد ثورة تموز المجيدة عام 1958 وحتى قيام الدكتاتورية البعثية!ولم يصر الى التعاون مع النقابات الاصيلة وكوادر الجيش الذين عانوا القمع الصدامي والذين يجسدون الشعور الوطني العراقي،ولم يستنهض التوجه الاجتماعي العام المعاصر في  تعميم التعليم والعلمانية النسبية في التشريع او حقوق المرأة.وكانت الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنمو التذمر الشعبي وسخطه على الحكام الجدد متوفرة منذ المرحلة الاولى للاحتلال فلم يبق سوى الشروط العسكرية التي كانت جاهزة هي ايضا فبرزت التمردات المسلحة  وتصاعدت وتيرة الارهاب .
   السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ الفوضى البناءة  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وتردي الخدمات العامة والفقر في الاداء الحكومي عموما وتفشي مظاهر الفساد،وترسيخ دولة الفوضى السياسية الدائمة ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية،وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات اللاوطنية والطائفية والعشائرية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الخدمات الحكومية وتسرقها وتستخدمها للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي..وهذه السلطات غير بعيدة عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي هدد بحرب اهلية قبل اعوام!وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق الى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وابقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة،واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الاهلي المرتكز على الحماية الخارجية وابقاء المشاركة الاجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق!وبالتالي اشاعة ثقافة القطيع والرعية الاقصائية - النهج الخطير في تأطير المجتمع دينيا لأنه يعادل ويطابق تبعيث المجتمع زمن الدكتاتورية،وادلجة السياسة،ومخاطبة المواطن العراقي بمحتويات واجهاتها المذهبية،وتحويل الجوامع والمساجد الى مراكز للتجنيد وتشكيل السرايا والجيوش والفيالق والاثارة وخزن المفرقعات في دور العبادة.يقول المفكر الاسلامي اياد جمال الدين:"ان حراس الفكر الواحد المقبور ودعاة الفكر الواحد الجدد،كلاهما ارهابيان وكلاهما يقتلان النفس البشرية البريئة الآمنة بدون حق وكلاهما يدخلان مزبلة التاريخ ان عاجلاُ أم آجلا". 
   وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،وينصب المحافظون الجدد انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء متخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!اما محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها فلم يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل أضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها وخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،واستهان بالحركة الاجتماعية وتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،وتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات!
  يؤكد منظرو الفوضى الخلاقة على اعتبار الاستقرار في العراق والشرق الاوسط عائقا اساسيا امام تقدم مصالح الولايات المتحدة في المنطقة،ولابد من اعتماد سلسلة من التدابير والاجراءات الوقائية تضمن تحقيق رؤيتها التي تطمح الى السيطرة والهيمنة على المنطقة التي تمتاز بالعقائدية والغنى بالنفط!وينادي اقطاب نظرية الفوضى الخلاقة باستخدام حتى القوة العسكرية المباشرة وغير المباشرة لتغيير الانظمة في ظل غياب استراتيجيات الردع كما حدث في أفغانستان والعراق والصومال والبوسنة،وتبني سياسة التهديد بالقوة والضغوط السياسية والاقتصادية التي تساهم في تفجير الأمن الداخلي وتشجيع وتأجيج المشاعر الطائفية والعصبوية وتوظيفها في خلق الفوضى!الى جانب احداث التغييرات الضرورية في مناهج التعليم والثقافة،واستخدام الاعلام كدكتاتور اكبر،ودعم وتزعم معظم حركات المجتمع المدني!
   هكذا،ينفرد المركز الرأسمالي بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي،لتكتسب عقلانيته قوة تصدير اللاعقلنة الى مناطق الاطراف.ومن اشكال لاعقلانيته المعاصرة محاولة فرض المنظمات غير الحكومية باعتبارها منسجمة مع مرحلة  تطور الاحتكار العالمي في مجتمعات عصر ما بعد الصناعة.ويحاول الغرب نفي الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية واحتواء تنظيمات الشبيبة والطلاب،والنساء وحركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة،وحركات السلم والتضامن والرفض الاجتماعية،والنقابات العمالية.ويبدو ان الاحتكار الرأسمالي المعاصر يتحرك في فضاء المجتمع المدني ويوظف المنظمات غير الحكومية في صراعه ضد الحركات الاجتماعية المناضلة.
  هذه الوسائل والسبل هي ما تعتمد عليها"الفوضى الخلاقة"،بمنهجية وبرامج"منظمة"..تخلق(الفوضى)في الواقع كرغبة وتوجه للتغيير والتطوير،وفي العقول،وفي انماط التفكير،وفي التوجهات الاجتماعية والسياسية والثقافية،لتسود الفوضى في كل مكان وركن ذاتي وعام،وليتم بعدها(لملمة الخيوط)وخلق نظام جديد من هذه الفوضى السائدة والمنتشرة!



بغداد
31/12/2010

راجع للكاتب:
•   فوضى الكهرباء البناءة في العراق.
•   نظرية اللعب وثقافة الاقدام.
•   السايكولوجيا والتقنيات الحديثة والوعي السائد.
•   الهيولية – منظومة وأسس.




  يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :







114
اللجوء الى الدين والتقاليد الدينية منعطف ارتدادي خطير!


                                                                                                                    سلام كبة
   
  في دراسة سابقة"جماعة تغيير الثقافية بديلا لاتحاد الادباء والكتاب!"تناولنا مسخرة الاعلان عن تأسيس اتحاد ادباء وكتاب بغداد،والتاريخ المخزي لنوفل ابو رغيف مدير الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة.ونتناول اليوم التدخلات السافرة لبعض المرجعيات الدينية!ومنها الشيخ اليعقوبي،وهو مرجع ديني نجله في اكثر من موقف(خاصة فتواه الاخيرة حول تحريم التطبير لانه تقليد وافد!)،الا ان اساءته الى اتحاد الادباء والكتاب في العراق،منظمة الجواهري والبياتي ورشدي العامل وكوران وشيركو بيكس والتي يقودها اليوم ادباء عراقيون نار على علم،هو ما لا نرتضيه.وهذه الاساءة لا تمحى بالتقادم لأنها تنسجم مع اخلاقيات البعث في ضرورة كبح جماح الثقافة الوطنية الديمقراطية!وتكريس ظاهرة الثقافة القطيعية الطائفية وجر"الرئيس القائد"و"الطائفة القائدة"و"الدين القائد"الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!وسنحاسب اليعقوبي ورجال الدين الاشقياء الآخرين في كل زمان ومكان على ذلك!والباديء اظلم!مستمدين العزيمة من المأساة الكربلائية التي لم تغب عن ادب العراقيين وفنونهم طيلة هذه القرون،واسبغت عليه بأطياف حزنها وتراجيديتها،ومدته بجرأة المواجهة،مواجهة الطغيان والرذيلة والانتصار للمثل السامية الرفيعة،تلك التي ترتفع بالانسان وتسمو بكرامته ويترفع معها عن الخنوع والاستسلام للظلم والجور.
   يُستغل الدين والتقاليد الدينية ونفوذ المرجعيات الدينية وقدسيتها والطائفية السياسية اسوء استغلال في المنعطفات السياسية الارتدادية من قبل القوى الرجعية لتعيث بالارض فسادا،وهذا يفسر سلوك مجلس محافظة بغداد ورئيسه الاخرق كامل الزيدي ضد اتحاد الادباء والكتاب في العراق واقتحامه من قبل قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد ومطالبة امينه العام الشخصية الاجتماعية والديمقراطية المعروفة الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء بشكل نهائي اسوة بالنوادي الليلية والملاهي والبارات!وكذلك فتوى المرجع الديني اليعقوبي"لقد اثبت ما يسمى باتحاد الادباء انه لا ادب له ولا حياء والعار له ولكل من ساند حركته هذه،ولقد كان ينقل لنا عما يجري في ناديهم من سكر وعربدة ومخازي(حتى ان بعضهم يبول على بعض حينما يملأون بطونهم بالاثم والحرام)فلم نكن نصدق حتى كشفوا عن وجوههم القبيحة بهذا التحرك الوقح"!،والتي لم يسئ فيها سوى لنفسه،لأن التلقين كما يعرف هو قبل غيره،هو بحد ذاته التبول في فم الجهلة والمساكين من الحثالات الطبقية،والتغطية للادمان على شرب كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة!وكذلك ايضا خطبة الجمعة للملا صدر القبانجي 10/12/2010!"ان اغلاق الملاهي والبارات والنوادي الترفيهية وما الى ذلك في بغداد يجب ان يعم جميع انحاء العراق لأن العراق كله بلد اسلامي وليس فقط العاصمة بغداد"!وصدر القبانجي ليس غريبا علينا لأنه جزء من فلتان السوق والسموم الفكرية التي تبثها الاذاعات غير الرسمية للمساجد والحسينيات التي تحول الحياة المعيشية للناس الى جحيم لا يطاق،لينبروا في مناسبة وبدونها لالقاء مواعظهم القذرة التي لا تدل سوى على وضاعتهم في خدمة اسيادهم الاقزام وخدمة بيروقراطيات العهد البعثي والبيروقراطيات الطائفية الجديدة والولاءات الرجعية!
   في دراسة لنا معنونة" القادسيات الكارثية في العراق وطائفية صدر الدين القبانجي!"عرضنا للمآسي الكارثية التي واجهها العراق قرابة نصف قرن من الزمن الردئ،والقوة التي يستند عليها هذا المسخ المدعو صدر الدين القبانجي للكشف عن وجهه الطائفي البشع!ومثال ذلك خطبته الجنجلوتية في 27/5/2009 في النجف،والتي نبح فيها"ان الحاكمية في العراق هي لشيعة اهل البيت،مع الحفاظ على حقوق الآخرين!"و"ان المرجعية الدينية او الحوزة الدينية حين تقول حول قضية ما"لا"فالناس كلها تقول "لا"،واذا قالت"نعم"كل الناس تقول"نعم""!!ياللوقاحة!.ان تصعيد ممثل السيستاني للهجة الطائفية هو نهج ثابت يستهين بالمأساة الكربلائية الحسينية"هيهات من الذلة"!
  هكذا،ووسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،واليوم ينصب المحافظون الجدد،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!
  هذه القادسيات التي تفتعلها عقلية لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
   نعم،تقوم بعض المرجعيات الدينية الشيعية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية على طرازي ايران وحكم طالبان،والتي تريد فرض نفسها بالقوة على الساحة السياسية لادارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة،وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لادامة حكم الطائفة الواحدة.انها اللوثة الطائفية الاهلية التي فشل مجرمو الميليشيات – العصابات،ومنها القاعدة وقوى البعث والمعتز بالله(الدرويش عزة الدوري)وبعض القوى القومية اليمينية،في تأجيجها..
  لقد ابتليت الحوزة العلمية في النجف الاشرف خصوصا،وفي العراق عموما،بأناس لا يفقهون من الدين الا انه منصب يمكن ان يوصلهم لغايات لا يعلمها الا الله!فمنهم من كان في جهاز المخابرات الصدامية ومنهم من كان يكتب التقارير على طلبة الحوزة واساتذتها ومنهم من اصبح بعد ذلك من المرجعيات التي تبنت احزابا وتغاضت عن افعال احزابها التي لا يمكن لاي صاحب دين ان يرضى عنها!فضلا عن ان يتقاضى منها اموال السحت من تهريب النفط ومن المافيات وثمار الارهابين الاسود والابيض!والمشكلة انها تعرّف عند وسائل الاعلام بالمرجعيات!
انظر:

  اللجوء الى الدين والطائفية السياسية ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي،ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا!وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية.ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط تاريخية معينة في ترسيخ الدور الايجابي لجذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال،كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر الانقسام في صفوف القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي.
   لقد فرخت العولمة الرأسمالية والدولرة هي الاخرى القوى الجاهلية المتدينة والاصوليات الرجعية المتسترة بالدين وخاصة الدين الاسلامي فكان القتل والتدمير اسلوب نشاطها الرئيسي تحت حجة الجهاد في سبيل الله(عصابات القاعدة،جند الاسلام،جند السماء..الخ).وهنا وجب عدم الخلط بين الدين ككيان آبستمولوجي ومؤسساتي في تاريخه المتطور والنزعات المادية فيه ولاسيما المسيحية والفلسفة العربية الاسلامية،وبين الحركات السياسية الدينية التي هي احزاب سياسية صرفة!والتمييز بين العناصر الاعتقادية الايمانية في بنية الفكر الديني وبين العناصر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية في هذا الفكر اي المحتوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبرامج هذه الاحزاب الدينية،وهي برامج تشجع على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية،واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي،وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي،وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة.
   نعم،حطمت العقلانية اعاقة السلطات الدينية في القرن العشرين،لكن باتجاه تدجين الدين ليكرس في مصلحة كل ما كان قائما بما في ذلك الحروب الاستعمارية والاسترقاق واقامة الانظمة الاستبدادية والفاشية والارهاب.واستخدم الاسلام مثلما استخدمت المسيحية من الطرفين حجة للقيام بالاعمال وتحقيق النوايا.وواجهت الرأسمالية قضية صياغة المؤسسة الدينية بشكل يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية.
   وفي بلادنا لجأت الادارة الكولونيالية الى سلاح التأويل السلفي للدين واقامة تنظيمات الاخوان المسلمين وحض المرجعيات الدينية الشيعية على مواجهة الشيوعيين في الخمسينيات،لتجئ الفتوى السيئة الصيت لمحسن الحكيم بعد انقلاب رمضان الاسود مؤازرة للفاشست البعثيين بالضد من القوى الديمقراطية ولأخماد حمى مقاومة انقلابيي القطار الاميركي.وكانت الحملة الايمانية لصدام حسين تتويجا لهذه التوجهات الرجعية في وقت التزمت فيه الطائفية السياسية الشيعية بانظمة ولاية الفقيه الدكتاتورية!!
   وما أشبه اليوم بالبارحة ان ينبز اليوم الى السطح وبعد مضي اعوام على سقوط الدكتاتورية الصدامية انتعاش سلطة المال السياسي الفضائحي،والمضي في الاستغلال الاخرق لسلطة المرجعيات الدينية وقدسيتها،والسير قدما في دهاليز الارهابين الحكومي وغير الحكومي،واتباع منهج الانتهازية والتوافقية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي،ابتزاز تحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم والعزلة والعتمة المطبقة.ويتجلى الابتزاز اليومي في الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين!وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب.
   يلاحظ التشابه بين مواقف الاسلام السياسي المعاصر وافكار الزعماء المسيحيين الثوريين في اوربا القروسطية بالافكار المثالية والساذجة الامر الذي كرس من محدودية آيديولوجياتهم وجمودها العقائدي والنتائج العملية السلبية لدى تطبيق برامجهم ان وجدت!وولدت هذه المواقف الجماعات الدينية الضعيفة المشتتة والغوغائية وأعادت خلق التربة الملائمة لترسيخ الدكتاتوريات المطلقة.ويبقى الحديث عن البرلمانية والتعددية والتداولية في ظل نفوذ المشايخ والسادة وآيات الله والمرجعيات الدينية وشيوع الممارسات والارهاب الطائفي والديني هو هراء في هراء.
   اعتمد انقلابيو رمضان الاسود في تنفيذ المخطط الاميركي عام 1963 على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و السياسة الاميركية،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتهم وفرض ديمقراطية البعث والفكر الرجعي بقوة السلاح والارهاب والقمع!ولازالت لعنات الشعب العراقي تلاحق رموزهم وهم في مزبلة التاريخ!ويعيد التاريخ نفسه اذ تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على نفس هذه التخاريف الاجتماعية التي تأبى الاستفادة من دروس تاريخ الشعب العراقي القريب والبعيد.
   تتجسد ازمة الفكر الطائفي العراقي في اللغة الطائفية المتعالية في عصر العولمة الذي يرفض اعتبارها المرجعية السائدة والوحيدة بل ينفيها وينفي دور الدين في التشريع  المدني،وتحديده بالبعد الشخصاني للانسان فقط.ولا تملك الطائفية الرصيد الكافي في آفاق التطور السياسي والاجتمااقتصادي في بلادنا بحكم التقدم المعلوماتي – التكنولوجي الكبير في المعمورة مما جعل العالم قرية صغيرة بالفعل!ولمواجهة  الكثير من المشاكل الكارثية التي لايستطيع بلد واحد لوحده ولا مجتمع لوحده ولا طائفة لوحدها من مواجهتها،فلا غنى عن الجهد الانساني الجماعي لذلك!وللنهوض بمستلزمات الاعمار والتنمية  بكل انواعها!وبحكم  العولمة السياسية واتساع مشاركة المنظمات غير الحكومية في نشاطاتها!ولاتساع الرغبة في الديمقراطية والحكم الصالح وتحولها الى هدف سام للمنظمات غير الحكومية.
   تعيش الطائفية السياسية في عراقنا ازمة تناقض محاولات الحفاظ على القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير وتكوين الوعي التبريري الزائف وبين الواقع الموضوعي المتغير سريعا والذي يصعب اللحاق به واخضاعه!وتجسد هذه الطائفية السياسية محاولات استحواذ البورجوازية البيروقراطية والطفيلية على مشاريع التنمية والاعمار والخدمات بالخصخصة،وبعقلية المافيا واسناد الميليشيات وعفونة بقايا الروتين الصدامي لتستغل مواقعها في السلطة لعقد الصفقات والعقود المريبة الكبرى والمقاولات والتهريب والسوق السوداء والخدمات الاستشارية والغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع الجميع وعلى الجميع،وتوكيلات الشركات الاجنبية لتشيع الرشاوي والاعطيات والمكرمات،ولتضع يدها على الملايين والمليارات،ارصدة شخصية في البنوك الاجنبية.ولتسعى الى اغراق المجتمع في حمى ( حمأة ) اخلاقياتها الاستهلاكية بعد بناء قصورها الفارهة لتعيش فيها حياة الترف والبطر في ذروة الكساد والركود والتضخم الاقتصادي والفقر العام والفساد!ولتخسر الدولة بذلك لا الاموال التي لا حصر لها بل والسمعة والاهلية!وازمة الطائفية السياسية اليوم امتداد لأزمات الدكتاتورية الصدامية البائدة ومحاولة دفع التاريخ لأعادة انتاج نفسه مرة أخرى بثوب بائس مهلهل جديد!
  الجماهير صانعة التاريخ.وتاريخ الشعوب لا يصنعه غير الابناء النجباء الشرفاء الذين يسطرون ملاحم الاباء والشهامة،لا الذين يساهمون بافعالهم النكراء في تشويه التاريخ وتجييره باسم وأفعال شخص واحد هو الدكتاتور او الطاغية او الرئيس القائد او الولي الفقيه ... الخ.اما سفهاء وحمقى العهد الجديد في بلادنا فيدركون جيدا ان الطائفية السياسية هي فاشية الدول النامية،لأن الفاشية هي تمييز بين البشر على اسس عنصرية،دينية او طائفية،بغض النظر عن موقف هذا الفرد من الخير والشر.والطائفية السياسية نهج دكتاتوري يجري في دماء المتزمتين فكريا والجهلاء علميا.اما تسليط الظلم على الآخرين فهو انتهاك لقيم العدالة التي نصت عليها القوانين الدينية والدنيوية على السواء،لان هؤلاء الحكام بتنكرهم لهذه التعاليم التي تضمن العدالة للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط ،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.
   لا مفر من القدر والمواجهة مع امبراطورية كامل الزيدي الفاسدة،ولا سبيل غير اجتثاثها،ولا مهرب من استخدام الجراحة بهدف استئصالها من الجذور مهما كانت منزلة افرادها ..سياسيين..وزراء..مستشارين..ضباط..مدراء دوائر حكومية..قادة ميليشيات وعصابات ارهابية..مقاولين..تجار..مهربجية..مزورين..ومرتشين.هذا هو قدر القضاء العراقي الحر المستقل الوطني المتحيز لمصالح شعبه،القضاء الذي يفترض به الامساك بالحلقة المفقودة للوضع الداخلي،القضاء الذي يحمل تخليصنا من اعدائنا الجدد الذين يعيثون فسادا في العاصمة العراقية وبقية المحافظات!
   وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم وكبار رجال الدين والمرجعيات الدينية بمختلف درجاتها وبغض النظر عن مواقعها وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!


بغداد
17/12/2010

115
الفساد والحكومة الالكترونية


                                                                                                                        سلام كبة

  الحكومة الالكترونية Electronic Government EG في الواقع شبكة انترانيت تحت ادارة واشراف مركز البيانات للتداول المعلوماتي،تنهض بين الوزارات والهيئات السيادية(مجالس الرئاسة والوزراء والنواب والوطني للسياسات الاستراتيجية)ومختلف دوائر ومؤسسات القطاع العام،ومجالس المحافظات والادارة المحلية،والقطاع الخاص،والاهلي والمنظمات غير الحكومية،والمواطنين،ومن خلال البوابة الالكترونية وتقنية الحزمة العريضة WBB،واستضافة التطبيقات الادارية والمالية والمعلوماتية.وتربط هذه الحكومة جميع الوزارات والمؤسسات السالفة الذكر مع بعضها،ومع المواطنين،بهدف توفير منصة مثلى للتفاعل الحكومي مع المواطن وخدمته دون حاجته لروتين الانتظار في طوابير للحصول على الخدمات(تقديم خدمات افضل للمواطنين)،وتحسين التعامل والتفاعل مع رجال الاعمال والقطاع الخاص ومختلف المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
   في العراق،ترتبط اليوم اكثر من 40 وزارة وجهة رسمية مع بعضها البعض عبر 4 عقد رئيسية في بغداد،لتتمتع بخدمات الاتصال الصوتي عبر بروتوكول الانترنيت VoIP،والاتصال المرئي او الدائرة التلفزيونية المغلقة VTC،والتوصيل الليزري الراديوي،وخدمة Call Manager.ومن المؤمل توسيع نطاق الشبكة لتشمل باقي المحافظات من خلال استخدام تقنية Wimax.وتستخدم الشبكة التقنيات المعلوماتية المتطورة،من قبيل الخدمة اللاسلكية Wimax،والسلكية ADSL،والكيبل الضوئي،..الخ.  
  وعليه الحكومة الالكترونية موقع الكتروني تؤسسه الحكومة على شبكة الانترنيت،كبوابة رسمية للتعريف بالحكومة،وبما يتيح لمواطنيها انجاز معاملاتهم بطريقة سريعة اوتوماتيكية.وترتبط بالموقع مواقع الكترونية عديدة تمثل المؤسسات الخدمية ذات العلاقة بشؤون المواطن تسمى الادارات الالكترونية Electronic Management،مثل دوائر المرور والتسجيل العقاري والاحوال المدنية واصدار جوازات السفر والمصارف وتسجيل الشركات..الخ.وتهدف الادارة الالكترونية الى تقليل الاعتماد على العنصر البشري في انجاز معاملات المواطنين باستخدام الكمبيوتر والانترنيت،ولاختصار الوقت والجهد والكلفة ما بين الموظف والمواطن!
  الحكومة الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات تنصب في مصلحة المواطن الذي باستطاعته ان يؤدي مجموعة من الاعمال في نفس المكان الذي يتواجد فيه دون الحاجة الى مراجعة المؤسسات الحكومية،وحسب تعريف الحكومة الالكترونية من قبل الأمم المتحدة فهي:"وسيلة لتعزيز قدرة القطاع العام جنباً بجنب المواطنين لمعالجة قضايا انمائية معينة".

 


  تضم الحكومة الالكترونية ثلاث منصات اساسية:
الاولى:منصة التعامل الالكتروني داخل اجهزة الدولة(حكومة – حكومة E Government to E Government او EG to EG).
الثانية:منصة التعامل الالكتروني بين الحكومة والقطاع الخاص(حكومة – قطاع خاص E Government to Business او EG to B).
الثالثة:منصة التعامل الالكتروني بين الحكومة والافراد والمنظمات غير الحكومية(حكومة - افراد E Government to Citizen او EG to C).
•   التنمية المستدامة والحكومة الالكترونية  
 الحكومة الالكترونية ضرورة ملحة يجب اعتمادها لضمان حق المواطن في التواصل،والحرص على نشر الثقافة الرقمية والسعي للحد من الفجوة الرقمية بين العراق واقرب الدول الاقليمية.وهي واجهة عصرية للتكنولوجيا المعلوماتية والتقدم التكنولوجي،وبالتالي تحتل موقعها المتميز في النمو الاقتصادي والتنمية البشرية المستدامة،اي جعل التنمية في خدمة الناس بدلا من وضع الناس في خدمة التنمية!وتوسيع خيارات الناس فيما يتعلق بموارد كسبهم وامنهم الشخصي ووضعهم السياسي او الاجتماعي!والحكومة الالكترونية تجسيد للديمقراطية الالكترونية والمشاركة الفعالة للناس في عملية اتخاذ وصنع القرار والحكم،والاطلاع على المعلومات الحكومية بطريقة شفافة ونشرها بطريقة منهجية في مواقعها الرسمية على شبكة المعلوماتية(الانترنيت)،وتبسيط العملية الديمقراطية عبر نشر برامج الاحزاب واقامة المنتديات(الالكترو- حكومية)التي تناقش سياسات الحكومة بشكل عام،والتصويت الالكتروني في اختيار المرشحين،وغيرها من الخدمات.
  بات جليا ان التنمية البشرية المستدامة لا تكتفي بتوليد النمو وحسب،بل توزيع عائداته بشكل عادل ايضا،وهي تجدد البيئة بدل تدميرها،وتمكن الناس بدل تهميشهم،وتوسع خياراتهم وفرصهم وتؤهلهم للمشاركة في القرارات التي تؤثر في حياتهم.ان التنمية البشرية المستدامة هي تنمية في مصلحة الفقراء والطبيعة وتوفير فرص العمل،وفي مصلحة المرأة.انها تشدد على النمو الذي يولد فرص عمل جديدة ويحافظ على البيئة،فهي اذن تنمية تزيد من تمكين الناس وتحقق العدالة فيما بينهم.وتجعل التنمية البشرية المستدامة الانسان منطلقها وغايتها،وتتعامل مع الابعاد البشرية والاجتماعية باعتبارها العنصر المهيمن،وتنظر للطاقات المادية باعتبارها شرط من شروط تحقيق التنمية.وتعتمد الحكومة الالكترونية على التخطيط المرن المستفيد من آليات السوق وعبر التحشيد الشعبي الواسع،والاجواء الديمقراطية والمؤسساتية المدنية،والشفافية المعلوماتية،وسيادة القانون،كعلاج فعلي للمعضلات الاجتمااقتصادية!وتسهم هذه الحكومة في تنظيم تدخل الدولة لتأمين التناسق والتكامل بين القطاعات الاقتصادية وحماية المستهلك من جشع المضاربات،والفعل العفوي لقوانين السوق،والحد من التضخم..امرا ضروريا في سبيل تنظيم الاستثمار،والانفاق المجاني،والالتزام في التعاقدات الخارجية،وضبط القطاع الخاص،وجوهره العائد السريع من الربح.
  ويحاول الاقتصاد الليبرالي تجريد مفهوم الحكومة الالكترونية من مضمونه التقدمي والديمقراطي الحق،مثلما حاول الفكر البورجوازي في حقب سابقة طرح مفاهيم التخطيط والبرمجة والاعمار واعادة الاعمار والتنمية والتنمية البشرية المستدامة خارج السياق الاجتمااقتصادي والخارطة الطبقية.وكعادتهم يحاول دهاقنة الرأسمالية القديمة والجديدة اكساب كل هذه المفاهيم،الطابع المثالي والارادوي لخدمة قيم المشروع الحر والمنافسة في سبيل اقصى الارباح،القيم المتسترة بستار الحضارة الغربية كانعكاس للانهيار الاخلاقي التام بسبب الازمات البنيوية المستمرة وقبول الاخلاق الرأسمالية على علاتها ووحشيتها وقسوتها واستبدادها.
  وعليه ينظر للحكومة الالكترونية كمرادف لتوفير الخدمات للمواطنين بوسائل الكترونية من خلال ادارة سلسلة التموين والمعرفة بكافة اشكالها،وتأمين ادارة العمل وعلاقة الزبون،وتأمين التجارة الالكترونية،مع توفير التقنيات المساعدة لتحقيق ذلك،وعبر ركائز اهمها تجميع كافة الانشطة والخدمات المعلوماتية والتفاعلية في موقع واحد هو موقع الحكومة الالكترونية الرسمي على شبكة المعلوماتية(الانترنيت)،تحقيق افضل الاتصالات الدائمة مع المواطنين وعلى مدار ساعات اليوم والشهر والسنة - مع تأمين الاحتياجات الاستعلامية والخدمية للناس،تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والادارة والانجاز بين الدوائر الحكومية ذاتها ولكل منها على حدة،تحقيق الوفرة في الانفاق والعوائد الافضل من الانشطة الحكومية ذات المستوى التجاري!
  يتطلب اعتماد تطبيقات الحكومة الالكترونية تطوير وتوسيع استخدام تكنولوجيا المعلومات،والتعامل مع المعلومات بجدية وحرص بالغين،والعناية بها والعمل على تطويرها والمحافظة عليها باستمرار والسعي لاستخدامها بكفاءة عالية،وحماية وصيانة البنوك المعلوماتية(مصارف المعلومات)التي تقوم بجمع وتخزين الوثائق ومصادر المعلومات المختلفة من الانتاج الفكري والعلمي والايرادات والاتصالات وغيرها في اوعية معلومات خاصة.المعلومات المخزونة هي عنصر اساسي في الحكومة الالكترونية،وتوفر كم هائل من المعلومات لصناع القرار،كما انها توفر امكانية اجراء المقارنات السريعة بين التكاليف والنفقات،والاصول والمعلومات بطرق متنوعة ومختلفة.وتستخدم الجداول الالكترونية ومجموعة البيانات الاحصائية لتشكيل سيناريوهات وتقديرات للاحتمالات المستقبلية للبيانات الادارية،وبالتالي المساعدة في صنع القرارات والسياسات لدى الدول!
•   الحكومة الالكترونية والمعوقات والفساد
   لا تشكل الحكومة الالكترونية خطرا على القوة العاملة بقدر ما تعمل على اعادة توزيعها وهيكلتها،لأنها تؤدي الى احداث تغييرات جذرية وجوهرية في المفهوم الاداري والفني للموظف وفي عملية اختيار الموظفين وتعيينهم.والحكومة الالكترونية تستدعي اعادة رسم السياسات التعليمية وثقافة المجتمع نحو تكنولوجيا المعلومات بهدف تطوير الكوادر البشرية المناسبة.
   من العقبات التي تواجه الحكومة الالكترونية،الامية الالكترونية والحاجز الرقمي وتخلف البيئة التحتية للاتصالات والمعلومات وعدم مواكبة التشريعات والنظم الادارية للمستجدات وضعف الوعي العام بأهمية ومزايا تطبيقات الحكومة الالكترونية.وهذا يستلزم توفير البيئة المتخصصة للاتصالات والمعلومات والعمل على زيادة انشاء واستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات بين الافراد والجماعات والعمل على انشاء مراكز الكترونية قريبة من التجمعات السكانية ومراكز البريد والمرافق العامة المختلفة.
   لقد نصت احدى توصيات المؤتمر الذي اقامته وزارة العلوم والتكنولوجيا العام الماضي تحت شعار:"نحو خدمات افضل في العراق"على اهمية خدمة المواطن والتعامل معه كشريك وليس كمتلق لها،وتوفير شفافية في عمل الحكومة بما يجعلها اداة فاعلة لمكافحة الفساد بشتى انواعه،وان انعكاس توفير الخدمات الالكترونية على الحكم سيكون واضحا وملموسا جراء تبسيط الاجراءات الذي ينجم عنه التقليص في هرم الهيكلية الادارية الحكومية ومؤسساتها الخدمية ويتبع ذلك ـ طبعا ـ تحسين الاداء والارتقاء بالنوعية.فالحكومة الالكترونية تقطع عن بؤر الفساد في البلاد الكسب الحرام الذي هي معتادة عليه،وان معاملات المواطنين تنجز خلال يوم واحد بدلا من اشهر!الا ان هذه البؤر تعمل دون كلل بالتأكيد على عرقلة وتعطيل التطبيق الالكتروني الجديد،والعودة بالدوائر الى حالة اسوأ مما كانت عليه من قبل!ان الحكومة الالكترونية وتطبيقاتها الادارية لا يمكن لها ان تعمل بنجاح في بلد يتفشى فيه الفساد الاداري والمالي،ومع دائرة يتلذذ مديرها بمراجعة المواطنين من وراء الشبابيك والاسيجة تحت اشعة الشمس الحارقة،وفي مؤسسة اعتاد موظفيها على ابتزاز المواطن واستغلاله،ومع فكر اداري ضيق منغمس في الفساد والمصلحة الشخصية!
 الوزارات العراقية متلكئة في مكافحة الرشوة ومحاسبة المفسدين،والموظف المرتشي لا يتعاطى الرشوة الا بعد تأمين طريقه واعتماده على من هو اعلى منصبا ليحميه ويدافع عنه عند افتضاح سره،بل ويطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المشتكين.بعض الوزارات باتت اقطاعيات لفئات ذات صلة بالسيد الوزير،وتحولت الى تجمعات لحزب سياسي ينتمي اليه الوزير او المسؤولون الكبار في الوزارة الذين يجيدون لعبة المراوغة وعرفوا من اين تؤكل الكتف!من يحمي المواطن البسيط من الذئاب المتواجدة في بعض الدوائر والمتضامنة مع بعضها في عملية الفساد؟وتلك الذئاب البشرية تستطيع بسهولة تسخير القوانين ضد كل من يقف في طريقها الفاسد.القوانين التي من شأنها تعزيز سلطات المحققين والمعنيين بمحاربة الفساد معطلة داخل البرلمان،مما زاد من صعوبة تنفيذ الاصلاحات،وتبدو هذه الصعوبة واضحة في محاولات وزارة الداخلية التخلص من الجنود الأشباح مثلا.ولم تتخذ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 9/4/2003 الاجراءات الضرورية لتحسين وتطوير وسائل وطرائق الاداء الحكومي والمدني العام،والخاص!واتباع المناهج الحديثة،وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم،وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد!
   لابد من مكافحة الفساد وتغيير النهج الفكري والاخلاقي للعاملين في مؤسسات الدولة،لأن الحكومة الالكترونية ليست واجهة اعلامية فقط!وبامكان البؤر الفاسدة في بلادنا تسخير الحكومة الالكترونية لمزيد من هدر المال العام وسرقة قوت الشعب والابتزاز والرشوة وغسيل الاموال واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات وبيع الوظائف والاختلاس وتجارة السوق السوداء واقامة مجتمع الارتزاق وتدمير منظومة القيم الاجتماعية.
  تحتاج معالجة الفساد الى جهود كبيرة وفترة زمنية ليست بالقصيرة،يشمل ذلك وضع البرامج لمعالجة هذه الظاهرة على كل الاصعدة ابتداءا من مناهج التربية والتعليم واعادة تشكيل شخصية المواطنة العراقية ومسؤوليتها ازاء بناء العراق،واعادة ثقة المواطن بعملية البناء ومحاربة الفساد على اساسها،لا ان تكون البرامج المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة برامج تخدم حملة انتخابية او تبؤ منصب ما في الدولة العراقية.ولابد من الدعوة لعقد مؤتمرات موسعة حول الحكومة الالكترونية والمساهمة في مكافحة الفساد والتحول الى مجتمع معلوماتي.وهذا يتطلب التأكيد على ان يكون نظام الادارة في المنظمات نظاما قائما على اساس الانفتاح والديمقراطية،تطوير الاجراءات والنظم الادارية الخاصة باداء الاعمال واختيار العاملين.
  


ملاحظة : نشرت مقاطع ضافية من الدراسة في صحيفة طريق الشعب الغراء عدد 89،تاريخ 15/12/2010.

راجع دراسات الكاتب في الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى....
•    فساد عراق التنمية البشرية المستدامة
•   الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   غسيل الاموال -  جريمة الفساد العظمى في العراق
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   جرائم الفساد في العراق
•   المفاتيح في سلطات ما بعد التاسع من نيسان
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   الفساد والافساد في العراق  من يدفع الثمن
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة
•   فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي
•   الارهاب الابيض في عراق المستقبل المجهول..مساهمة في مكافحة الفساد
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق
•   يمنحوهم المخصصات ويستقطعونها منهم بأثر رجعي!
•   مصرف الزوية وتركيع القضاء المستقل
•   فساد دوائر الطابو في العراق..طابو البياع نموذجا
•   الفساد الصحي في العراق..عبد المجيد حسين ومستشفيات كربلاء نموذجا
•   الاتصالات والشركات الترهات في العراق
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية
•   فن تفتيت الحركة الاجتماعية والسيطرة عليها واحتكارها
•   الهجرة والتهجير في الادب السياسي العراقي
•   وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق
•   تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها مهمة وطنية
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   المواطن والشركات المساهمة في العراق
•   النفط العراقي اليوم
•   اذهب واشتكي اينما تشاء..هذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير!
•   هل تستطيع هيئة النزاهة محاسبة ديناصورات القطاع الخاص والتجاري؟
•   المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا.
•   المجتمع المدني وعقلية الوصاية في العراق.
•   المفوضية والفساد الانتخابي والميليشيات الانتخابية.
•   الحكومة العراقية الجديدة ... هل تحترم الامانة؟!
•   الانتفاع من اضعاف العمل النقابي في العراق!
•   مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!
•   عقلية الوصاية على العقل والعلم والتربية الرياضية في العراق.
•   هل الحديث عن حقوق الانسان مضيعة للوقت في العراق؟
•   الليبرالية الاقتصادية الجديدة وتنامي معدلات الفقر والبطالة في العراق.
•   معوقات الاصلاح الزراعي في العراق/3 اجزاء.
•   الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه!
•   الهجرات الاحترازية والقسرية والحلول الترقيعية في العراق.
•   النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!
•   التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق.
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد!
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض!
•   عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!





  يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :

بغداد
25/11/2010



116
جماعة تغيير الثقافية بديلا لاتحاد الادباء والكتاب!

سلام ابراهيم كبة

   بصدد مسخرة الاعلان عن تأسيس اتحاد ادباء وكتاب بغداد،انتهزت جماعة،عفوا عصابة،تطلق على نفسها تغيير،فرصة الاجراءات القرقوشية لمجلس محافظة بغداد ضد اتحاد الادباء والكتاب في العراق واقتحامه من قبل قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد ومطالبة امينه العام الشخصية الاجتماعية والديمقراطية المعروفة الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء بشكل نهائي اسوة بالنوادي الليلية والملاهي والبارات!لاعلان تمردهم وعصيانهم على قيادة الاتحاد المناضل،لا بل وللركوع اذلالا امام آية الله الصغرى كامل الزيدي!وهنا وجب توضيح الحقائق التالية:
1.   تتخذ الدول والحكومات والبرلمانات احيانا قرارات واجراءات غير مدروسة اعتباطية تتضرر منها قطاعات واسعة من شعوبها،الغرض منها ديماغوجي ولاحتواء ازماتها،ثم تتراجع عنها،..الا ان اتخاذ هذه الاجراءات بحد ذاته يكشف لنا مدى الجهل والفوضى والخلفية البائسة التي تعكس نزعة التسلط والنفوذ وعقلية الوصاية التي عودتنا بمطالباتها الرعية السير خلفها لتمجيدها وللضحك على الذقون.عقلية الوصاية على العقل والعلم تتنافى مع مبادئ واسس المجتمع المدني وتنسجم مع المجتمعات الرعوية(من الرعية)!
2.   الاجراء المسعور لمجلس محافظة بغداد يأتي بعد ايام قلائل من اقدام اتحاد الادباء والكتاب على المطالبة بأهمية اخراج وزارة الثقافة من آلية المحاصصة السياسية والطائفية واسناد حقيبة الوزارة الى احدى الشخصيات الثقافية المعروفة وازالة كافة مظاهر المحاصصة الطائفية داخل الوزارة واروقتها وتحويلها الى وزارة سيادية وطنية قوية مفتوحة على جميع شرائح المثقفين ومنظماتهم واتحاداتهم!
3.   ان اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء تعبير صريح عن الهلع من الثقافة الوطنية الديمقراطية،وهو اجراء يكمل التصرفات اللامسؤولة للاسلام السياسي الحاكم الذي لا يعرف كلمة الديمقراطية ويسعى الى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنه يتنفس اصلا في الوسائط التراتبية،متى سنحت له الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية.وديمقراطية حجب الحقائق هي اختراع بائس وفاشل يكبل العراق ويجعل منه أسيرا لأحزاب وعصابات اتفقت على ان لا تتفق ابدا،وافرزت لنا الفساد المركب واللصوصية والطائفية التوافقية!
4.   لقد عودتنا وزارة الثقافة منذ اعوام على التعامل البيروقراطي غير الودي مع الادباء،ايام انعقاد مهرجان المربد الرابع في البصرة 2- 4 حزيران 2007،وانعقاد مهرجان المربد الخامس في البصرة،ومهرجان المتنبي السابع في واسط 2008،والمهرجانات الشعرية التالية.
5.   حرب الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن،اشد ضراوة من حرب العوارض الكونكريتية،والأخطر حرب النفوس التي يزداد اوارها اضطراما يوما بعد آخر.التحريض الطائفي هو ديمقراطية الجلابيب الفضفاضة والدشاديش المقصوصة والعمائم المزركشة والمحابس الفضية اللماعة وطول اللحى المقزز وكوفيات الرؤوس البيضاء والحمراء والسوداء!الشفافية تضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب،وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية وشرعنة الفساد والرشوة وديمقراطية حجب الحقائق واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية!
6.   سبق لمجلس محافظة بابل هو الآخر ان الغى الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!فيما اكدت وزارة الثقافة انها تحترم رأي حكومة بابل بشأن الغاء النشاطات الموسيقية والحفلات الغنائية في مهرجان بابل الدولي،وقررت الغاء جميع النشاطات الغنائية التي كانت تقام بالمهرجان!كما اصدر محافظ البصرة شلتاغ مياح اواسط 2009 اوامره المشددة التي منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!وفي اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!وقبل ذلك تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.
7.   وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،واليوم ينصب المحافظون الجدد ومسؤولو الحكومة العراقية،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!قادسيات ايمانية،لتغطية للادمان على شرب كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة!هذه القادسيات التي تفتعلها عقلية لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
8.   ان اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق هو مؤشر فاضح خطير على محاصرة الحريات المدنية!وهو بحق مفخخة سياسية تضاعف التوترات الى ابعد الحدود!بعد جريمة مهاجمة كنيسة سيدة النجاة،ومن بعدها تفجير العشرات من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في بغداد!وهذا الاجراء المنفلت يسهم في تجذير مظاهر التقوقع والانعزال القومي ومحاولات دق الاسفين في العلاقات بين القوميات المتآخية في العراق!
9.   في نيسان 2010 اجرى اتحاد الادباء والكتاب في العراق الانتخابات المهنية بمشاركة القضاء العراقي،ووصل عدد الأدباء المرشحين الى 109 مرشح لشغل 25 مقعدا ناهيك عن خمسة مقاعد مخصصة للكوتا.لقد اعاد المجلس المركزي للاتحاد انتخاب الناقد فاضل ثامر رئيسا للاتحاد،والشاعر الفريد سمعان امينا عاما له،كما انتخب المجلس ايضا 7 اعضاء في امانة الاتحاد من بين 11 مرشحا خاضوا المنافسة.وتميز مكتب الامانة الجديد عن سابقه بحضور لافت للمرأة،فضلا عن ازدياد نسبة الادباء الشباب فيه.
  تكللت انتخابات اتحاد الادباء والكتاب في العراق بالنجاح رغم انف وزارة منظمات المجتمع المدني التي لم تكن جادة بعملها،اذ اخرت واجلت الانتخابات اكثر من مرة!وهذه العرقلة لم تخص اتحاد الادباء والكتاب فحسب بل كل المنظمات والاتحادت والنقابات التي رامت اجراء الانتخابات لاجل سيطرة بعض الاحزاب والقوى السياسية على هذه المنظمات مما يتناقض مع الدستور العراقي الذي ضمن استقلالية عملها وادارة شؤونها بنفسها من غير وال،لكن بوجود رقيب وهو القانون.
  وقد شهدت العاصمة المصرية حزيران 2010 اجتماعا اعتياديا للمكتب الدائم للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب،نوقشت خلاله قضية اعادة النظر في قرار تعليق عضوية اتحاد الادباء والكتاب في العراق المعلقة عضويته منذ عام 2003،ولاول مرة يحضر رسميا ممثل عن الاتحاد بصفة مراقب،شارك جزئيا في بعض المناقشات الخاصة بالعراق،حيث لاحظ سيادة اجواء ايجابية تدعم العضوية،وبلغ عدد الاتحادات المؤيدة 9!
10.   ان احد ابرز وجوه عصابة"تغيير ولفيف من اعضاء اتحاد الادباء المعترضين على شرعية ادارة الاتحاد الحالية وتخرصاتها المستمرة للنيل من هوية العراق الحضارية"هو نوفل ابو رغيف مدير الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة،من المتملقين واشباه الادباء والكتاب والمتطفلين والاوصياء على الادب والثقافة في بلادنا،ومن اللاهثين دوما وراء بث الروح في حكامهم،حفاظا على مناصبهم ومواقعهم،والتاريخ لا يغفل تلك المواقف الانتهازية ابدا!وكانت تجربة الكتابة للدكتاتور صدام حسين متميزة،وهذا النوفل احدهم،بعد ان  انبرى مع كتاب مرتزقة آخرين لتسجيل مواقفهم على صفحات مجلات وصحف النظام المسحوق ونشروا القصائد والقصص والمقالات والتهاني واحاسيس ومشاعر في اوسع عملية استخفاف بعواطف الناس المغلوبين على امرهم!ولازالت قصيدة هذا النوفل الصدامي(ولو يَمْنَحونكَ بعض الحدود)تدق اسماعنا:

حسينٌ جديد وطفٌ جديدْ
وأرض وزيتونها وشهيدْ
وقدسٌ محملةٌ بالعتاب
وصمتٌ وقيثارة وبريدْ
وما زلتَ تفتح باب الصباح
ومن ذا يسواكَ وأنتَ الوحيدْ
وعلَّمت نَخلكَ أن  يستجيب إلى
ما تريدُ وما لا تريدْ
وهم نائمونَ خلفَ الكراسي
تفوح الخيانات واللا وجودْ
ووحدكَ يا سيد الانتظار
على عَرشِها والبقايا عَبيدْ
ولو يَمنَحونكَ بعض الحدود
وهم خلفها والمنايا شهودْ"

   نوفل ابو رغيف شاعر صدامي خريج كلية التربية التي لايقبل فيها الا من كان بعثيا،وهو ينحدر من اسرة جلّ افرادها من ازلام النظام السابق!لقد سبق لديوان الرقابة المالية ان اندهش من عملية اختفاء او تبخر ثلاثة مليارات دينار عراقي عدا ونقدا على يد مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة نوفل ابو رغيف الذي عين بداية عام 2008 مديرا عاما للدائرة،بعد ان كان يعمل معاون محرر في الدرجة السابعة،فقفز قفزة واحدة الى الدرجة الخاصة على يد الوزير بالوكالة للثقافة آنذاك!
   هذا المدير العام المعترض على شرعية ادارة اتحاد الادباء والكتاب الحالية وتخرصاتها المستمرة للنيل من هوية العراق الحضارية،والذي استقبله كامل الزيدي محافظ بغداد قبل ايام،في فعالية تهريجية غبية،ليعرض خدماته المجانية لحكام الطائفية السياسية،معروف عند القاصي والداني كيف يكلف كلابه بمضايقة وتهديد الموظفات في دائرته بالرضوخ لغاياته الدنيئة والويل الويل لمن ترفض والتكريم لمن توافق،وحتى ان تمت موافقتها على مضض فعليها ان تجلب في المرة القادمة احدى قريباتها لان السيد ابو رغيف(شاعر الرئيس السابق صدام ونجل الضابط المعدوم)لا يعجبه تناول اللحوم البيضاء مرتين!وقد اتخذ المرتزق نوفل هلال ابو رغيف كعادة البعثيين الموقف الانتهازي الانشقاقي في انتخابات اتحاد الادباء والكتاب في العراق نيسان 2010،بعد هزيمته النكراء!
   كانت مهزلة ان يصمت الوسط الثقافي ولا يطالب باقصاء هذا المدير العام الحاقد على الثقافة العراقية والذي انقلب من الثقافة القومية البائسة ليسعى الى اشاعة ثقافة اللطم وتبويس اللحى اليائسة.لقد تبنت قوى سياسية متنفذة اليوم العديد من ايتام البعث المقبور بعد التاسع من نيسان 2003،ووفرت الحماية لهم من غضب ابناء الشعب العراقي،ومن هؤلاء لا على سبيل الحصر..نوفل ابو رغيف،وكريم وحيد وزير الكهرباء السابق!نعم،كانت مهزلة ان يصمت الوسط الثقافي ولا يطالب باقصاء نوفل ابو رغيف الموسوي من عمله في القنوات الفضائية كي لا نتذكر قصائده المعيبة والمخيبة في حضرة صدام،ونحن بانتظار الالتماس المنتظر الى البرلمان العراقي الجديد لمحاكمة الادباء المرتزقة الذين مدحوا وهللوا لصدام واطالوا مدة بقائه!
  الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق الذي رفضت عضويته في اتحاد الكتاب العرب سني ما بعد التاسع من نيسان،رفض هو الآخر مسايرة ضغوطات الابتزاز على سياسته المعلنة واكد مرارا انه لا يقبل في عضويته المتملقون واشباه الادباء والكتاب والمتطفلون والاوصياء على الادب والثقافة،ومن الذين سجلوا مواقفهم على صفحات مجلات وصحف النظام المسحوق ونشروا القصائد والقصص والمقالات والتهاني والأحاسيس والمشاعر في اوسع عملية استخفاف بعواطف الناس المغلوبين على امرهم،وكتبوا عن بطولات صدام المهزوم الموهومة وحولوا هزائمه الى نصر مؤزر وسموه بطل التحرير القومي،وكتبوا عن ايام حكمه باعتزاز وعدوها بانها فخر العرب والعراقيين وانه نعمة من الله تعالى.وذهب البعض الى وصفه بانه النبي والاله وانه حلم باسرائه ومعراجه وانه الغالب لا المغلوب والزاهي الاسعد والحاكم الامثل الاوحد والمتحضر الاول وحامي المقدسات وموحد الشعب غير المفرق والقوي الامين والزاهد والمتصوف المتدين الذي لا مثيل له ومخترع الوصايا.وقال عنه البعض بانه الكرامة والخبز والنعمة.
11.   ثقافة مجلس محافظة بغداد لا تفهم ولن تفهم،وليس مطلوبا منها ان تفهم،الجوهر الديمقراطي للثقافة العراقية.الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء وفنانون عراقيون نار على علم لم تنسجم مع اخلاقيات البعث ولا تنسجم مع اخلاقيات الطائفية السياسية في ضرورة مديح متطلبات الامن الوطني والقومي والقادة – آيات الله الضرورة والبعرورة!مجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين!!
12.   ثقافة مجلس محافظة بغداد ومجالس المحافظات الاخرى تجد المرتع الخصب والحاضن الاساسي لها في مخلفات البعث والدكتاتورية البائدة وعصابات الاجرام المنظم والميليشيات الطائفية،وليس غريبا ان نجد وزارة الثقافة اليوم تعج بالموتورين من الحثالات الثقافية - القطاعات الثقاقية المنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.الثقافة الطائفية هي ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وإسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.الثقافة الطائفية هي اشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية!
13.   حقائق الواقع اليوم تدلل على استهداف الثقافتان القومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة ومسلسل الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة الكيان العراقي باكمله ومظاهر وجود الدولة الاساسية وتحطيم ارادة الافراد والحركات الاجتماعية بشقيها،المنظمات غير الحكومية،والمنظمات المهنية والنقابات..واحتقار  قيم الخير والتضامن الانساني..لأنها تنطلق من عقد النقص والازدواجية الشخصية والوهم والوحشية والتهافت السياسي..وقوامها الاسلوب العنفي وعدم الصبر على خوض طريق السياسة السلمي لاقصاه،واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل.
14.   عصابة تغيير هي ثمرة عقلية الوصاية القذرة لمجلس محافظة بغداد وللاسلام السياسي الطائفي الذي يتربع على مقاليد السلطة في العراق،وهو اسلام يتسم بالتعسف العقائدي واصطناعه المثل السياسية على قدر حجمه،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة.ومثلما اسلفنا بات للاسلام السياسي الحاكم في العراق باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة الغرض منها هو الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما،لكنه لم يقدم شيئا اذ لم يخرج ذلك عن ممارسة التكتيك السياسي والمناورة الوهمية،والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس والاستهلاكية،ولغوا وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا في كتاتيب الاسلام الطائفي السياسي.قرارات واجراءات لا تدل سوى على التزمت والجهل المطبق والقصور في فهم ماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني،وقرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطيع من الارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق المهلل لها.
15.   اما التهديد الوقح الذي هدد به مجلس محافظة بغداد باغلاق مؤسسة المدى وجريدة المدى المستقلة،فلا يعدو عن كونه ... في سوق الصفافير!ويعكس جوهر القرارات- التدخلات الحكومية في شؤون المؤسساتية المدنية!لقد تعودنا على الاجراءات الحكومية التعسفية باستخدام القوة اكثر من مرة،وعلى مرأى ومسمع الجميع،مع تنظيمات ومؤسسات الحركة الاجتماعية العراقية التي يهمها اكثر من غيرها سلامة العراق ومستقبله،لم يكن آخرها وبالتسلسل:
•   اقتحام مقر نقابة الصحفيين العراقيين يوم 19/2/2007 من قبل القوات الامريكية وأمام انظار القوات الامنية العراقية بذرائع لاتمت الى الواقع بصلة.
•   تمادي القوات الأمريكية وتصحبها قوات الحرس الوطني باقدامها صباح 23/2/2007 على اقتحام مبنى مقر الاتحاد العام لعمال العراق في شارع الرشيد ببغداد دون اي مبرر او مسوغ قانوني او أي شعور بالمسؤولية المهنية  والإعتبارات الأخلاقية .
•   واعادت هذه القوات استعراض عضلاتها وهمجيتها يوم 25/2/2007 شاهرة عدائها لصناع الحياة كاشفة عن وجهها القبيح ضد تطلعات العمال ومؤسساته.
•   مداهمة القوات الاميركية لمقر الاتحاد العام للتعاون!.
•   مداهمة مكاتب جريدة المدى المستقلة ذات النفس الديمقراطي والليبرالي ايام 2/10/2007 و4/10/2007.
•   احتلال مكاتب وساحات بعض النوادي الرياضية بدواعي امنية.
   وكذلك الاجراءات الحكومية التعسفية باستخدام القوة ضد الطلبة ومؤسسات التربية والتعليم والتعليم العالي في العراق،واخطرها:
•   محاولات تأطير المجتمع دينيا في مدن الجنوب والوسط العراقي،وفي بعض مناطق بغداد،ومحاولتهم في الموصل حيث جرى فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولتهم الفصل بين طلبة الجامعة التي لاقت مقاومة المنظمات الطلابية الديمقراطية.اما غرب العراق (الرمادي) فهي مؤطرة اصلا من زمن صدام.
•   الاعتداءات الاجرامية للميليشيات بالضرب على طلاب هندسة البصرة والكلية التقنية في الزعفرانية بالعصي واطلاق النار وتمزيق الملابس قبل اعوام.
•   تحويل الكليات والمعاهد الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية.
•   اطلاق النار عبر حماية خضير الخزاعي وزير التربية الاخرق على الطلاب في قاعات كلية التربية الاساسية في حي سبع ابكار بعدما احتج  الطلاب على تأخر موعد الامتحان حزيران 2008.
•   عملية الاخلاء القسرية لبناية الاقسام الداخلية في كلية الهندسة الثانية/الخوارزمي التابعة لجامعة بغداد في الجادرية صباح 18/9/2008.
16.   ان ظاهرة عصابة تغيير الثقافية لا تعدو عن كونها محاولة لاثارة ضجة مفتعلة ضد اتحاد الكتاب والادباء دون ادنى مبرر سوى الرغبة في السيطرة على الاتحاد لصالح طرف معين في الحكومة!وهي ظاهرة اتبعتها مرارا المؤسسات الحكومية مع النقابات والاتحادات المهنية والمنظمات غير الحكومية في ظل ديمقراطية الاستخفاف بالعقول سيئة الصيت!
    الجماهير صانعة التاريخ.وتاريخ الشعوب لا يصنعه غير الابناء النجباء الشرفاء الذين يسطرون ملاحم الاباء والشهامة،لا الذين يساهمون بافعالهم النكراء في تشويه التاريخ وتجييره باسم وأفعال شخص واحد هو الدكتاتور او الطاغية او الرئيس القائد او الولي الفقيه ... الخ.اما سفهاء وحمقى العهد الجديد في بلادنا فيدركون جيدا ان الطائفية السياسية هي فاشية الدول النامية،لأن الفاشية هي تمييز بين البشر على اسس عنصرية،دينية او طائفية،بغض النظر عن موقف هذا الفرد من الخير والشر.والطائفية السياسية نهج دكتاتوري يجري في دماء المتزمتين فكريا والجهلاء علميا.اما تسليط الظلم على الآخرين فهو انتهاك لقيم العدالة التي نصت عليها القوانين الدينية والدنيوية على السواء،لان هؤلاء الحكام بتنكرهم لهذه التعاليم التي تضمن العدالة للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط ،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.
   لا مفر من القدر والمواجهة مع امبراطورية كامل الزيدي الفاسدة،ولا سبيل غير اجتثاثها،ولا مهرب من استخدام الجراحة بهدف استئصالها من الجذور مهما كانت منزلة افرادها ..سياسيين..وزراء..مستشارين..ضباط..مدراء دوائر حكومية..قادة ميليشيات وعصابات ارهابية..مقاولين..تجار..مهربجية..مزورين..ومرتشين.هذا هو قدر القضاء العراقي الحر المستقل الوطني المتحيز لمصالح شعبه،القضاء الذي يفترض به الامساك بالحلقة المفقودة للوضع الداخلي،القضاء الذي يحمل تخليصنا من اعدائنا الجدد الذين يعيثون فسادا في العاصمة العراقية وبقية المحافظات!
   وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم وكبار رجال الدين والمرجعيات الدينية بمختلف درجاتها وبغض النظر عن مواقعها وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!

بغداد
12/12/2010

117



الكهرباء في العراق 2003 – 2009

                                                                                                                  سلام ابراهيم كبة*

  مضى على تأسيس منظومة الطاقة الكهربائية في العراق اكثر من قرن،ووصلت اقصى سعة توليدية  تصميميةInstalled  لها مستوى 9496 ميكاواط قبيل غزو الكويت،اي بفائض طاقة تعدى ال4000 ميكاواط واحتياطيين ساكن ودوار فعالين،وعامل حمل ما بين 63%و67%،بينما راوح عامل السعة في موقعه دون 40%،وهذه معدلات جيدة نسبيا!وضم طاقم المحطات الكهربائية في حينها 138 وحدة توربينية!شكلت السعات الغازية ما لا يقل عن 15% فقط من الاجمالي.(راجع الجداول الملحقة)
   انسجم التطور المذكور مع التطور الطبيعي لأقتصاديات بلادنا،عجله ارتفاع حصة الحكومة العراقية من عائدات النفط في خمسينيات واواسط  سبعينيات القرن العشرين،وهمشته المتاهات الدكتاتورية وحروبها الكارثية والسياسات الأقتصادية النفعية التي ارجعت العراق الى عهود الفانوس – المنوار،الامر الذي جعل العراق عام 2007 يشغل ادنى المراتب في التسلسل العالمي في انتاج الكهرباء ومعدلات استهلاك الفرد منه!.وتجسدت السياسات النفعية في عناوين اساسية منها:قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973،التنمية الأنفجارية،مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح،ابرام العقود الاستراتيجية تحت اشراف مباشر من النخب الحاكمة والحكومة العراقية وبدعم البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا...بينما تجسدت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة التي اعقبت التاسع من نيسان 2003 تحقيق حكومة التدخل الاقل الممكن من جانب الدولة في الشؤون الاقتصادية،تعميم النزعة الاستهلاكية،الخصخصة،دعم توسيع حرية السوق،والغاء الحواجز التي تقف في طريق التبادل التجاري الحر مع الغاء كل القيود التي تحد من انتقال رؤوس الاموال الباحثة دائما عن الاستثمار المربح...رافق ذلك التعمد في ابقاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة غائبة ومغيبة،وتشجيع التوليد التجاري،وحظر العمل التعاوني والمدافع عن حقوق المستهلكين،ومحاربة اتحاد الصناعات العراقي،والدفاع عن المراسيم والقوانين الصدامية التي مهدت وتمهد لبيع العراق في سوق النخاسة كنظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على اسس تجارية وفق قانون رقم 22 لسنة 1997.
    هذه السياسات اضرت بقطاع الكهرباء الوطني وبالمصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق،وضربت هذه السياسات عرض الحائط بمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الاقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية،وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما ادى الى رفع تكاليف المشاريع اضعاف ما كان مقررا لها.وشجعت هذه الاجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى اعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريبية استكمالا لنهج الثمانينات.
    ومثلما تتسم البرامج الحكومية التي تعرض امام مجلس النواب بالضبابية والتخبط وعدم الشعور بالمسؤولية،يظهر جليا من تقارير المنظمات الدولية مدى سوء تخطيط وزارة الكهرباء العراقية باهماله المتعمد العقود الموقعة سابقا لانشاء الوحدات الحرارية بسعات كبيرة،والتركيز بدلا عن  ذلك على الوحدات الغازية المصنفة بالمراجع الهندسية المعروفة على انها Retired and Obsolete.وتفتقر الخطط المركزية الاستراتيجية والمتوسطة المدى لوزارة الكهرباء الى ابسط المقومات التخطيطية(الاحصائية،التقديرية،التحليلية،التفسيرية،التوضيحية)،وتتميز جداولها ومؤشراتها البيانية بالنقص والجهل،وهي تخضع لتقلبات مزاج القائمين على ادارة الكهرباء ومصالح الليبرالية الاقتصادية الجديدة.وتسببت وزارة الكهرباء العراقية عبر اداءها التخطيطي والتنفيذي والفني الهابط وضعف رقابة مجلس النواب،وترك مافيات توزيع الكهرباء ومافيات استيراد وشراء وبيع المولدات التجارية والخاصة بالبيوت تنمو مثل الأدغال،تسببت في تصاعد حدة ازمة الكهرباء ومعاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي،وباتت من اعظم المآسي التي المت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني!لقد تحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة في قطاع الكهرباء الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.
   لم يجر انتاج الطاقة الكهربائية المطلوبة ضمن الخطط المركزية التي وضعتها وزارة الكهرباء على الرغم من تخصيص ميزانية بلغت اكثر من عشر مليارات دولار،وبلغ معدل الانتاج الكلي في البلاد اواسط 2009(4784)ميكاواط فقط وفق مجلس النواب العراقي و(7000)وفق وزارة الكهرباء،اي بفارق انتاج بسيط عن عام 2006 في كلتا الحالتين،ولم يتم استكمال بناء ايا من مشاريع محطات الكهرباء.تخصيصات الحكومة الامريكية لاعادة اعمار العراق جرى تجفيفها،ويكتشف المحققون الحكوميون الامريكيون بين الحين والأخرى التلاعب الكبير في الحسابات.يذكر ان واشنطن هي المستثمر الاكبر في اعادة اعمار العراق وبنى الكهرباء التحتية منذ عام 2003.
   ان المتتبع لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق يضع يده على حقائق موضوعية مرة اهمها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية،مستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع اسوء من التوليد،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية واطئة لا تتجاوز ال25%من السعات المؤسسة،هبوط كفاءة استثمار شبكات النقل والتوزيع الى ادنى المستويات،تعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة المتدنية الكفاءة والكثيرة العطلات والتي تحتاج الى الصيانة الدائمة،تجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية من ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت وكلفة شراء المواد الكابحة التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم المضر بريش التوربينات،شراء الكهرباء من دول الجوار لم يحل الازمة لتذهب الملايين هدرا،الفساد والمحاصصة في التوزيع،التوليد التجاري بانتشاره العشوائي وتسربل حزم اسلاكه وضوضاءه العالية وتكاليف اسعار امبيراته وابتزازه المواطنين ونهمه في استهلاك الوقود!


للاطلاع على المقال كاملا انقر على الرابط التالي

http://www.ankawa.com/upload/634/12.pdf

118
الى مكتب لجنة الدعم 140 من الدستور العراقي

                                                                                                                             سلام كبة

   شجعني رفيق وصديق عزيز لمرافقته الى مكتب لجنة الدعم 140 من الدستور العراقي لاستحصال المنح المالية المستحقة بسبب المطاردة السياسية للدكتاتورية السابقة وتهجولنا في بلدان المهجر!ومع ترددي لعلمي اليقين بمديات الارهاب الابيض في مؤسسات الدولة العراقية،قررت المرافقة!وقبل يوم من الموعد الذي اتفقنا عليه لمراجعة المكتب المذكور،بلغنا ان عنوانه قد تحول الى مدينة الكوت،لأن تواجده في بغداد يجعله عرضة للاعمال الارهابية!!
   وللامانة،لم نواجه صعوبة تذكر داخل المكتب في الكوت وتميز العاملين بالود والايجابية،الا ان الموظف/الموظفة المسؤولة طالبت صاحبي بمراجعة الناصرية لانها مسقط رأسه وفق شهادة الجنسية،رغم اشهاره لها بطاقة السكن والبطاقة التموينية التي تؤكد اقامته في بغداد!كما طالبته بتأييد قانوني صادر من محكمة يؤكد اعالته لاحد اقاربه!
   حينما جاء دوري،طالبتني ايضا بتأييد الاعالة!وعندما اكدت لها استحالة ذلك،قالت ان التعليمات واضحة!
   الصديق العزيز جادل موظفي المكتب،وبين ان التعليمات لم تتضمن اية اعالات،وان المنح هي دعم مالي اساسا للمهجرين.كما اوضح وسرد لهم عشرات الحالات المماثلة التي منحت فيها لجنة الدعم المنح للمهجرين!ولكن دون جدوى!
   وعند اختلاطنا مع المراجعين للمكتب المذكور تبين التالي:
1.   لقد منح المكتب كل العراقيين المهجرين والمهاجرين الى ايران الدعم المالي وقدره 10 مليون دينار عراقي للفرد دون اية تعقيدات وتساؤلات!وهذا معناه عشرات الملايين للعائلة الواحدة!
2.   كما منح المكتب دعمه الى كل الافراد الذين ينتمون لاحزاب الطائفية السياسية!
3.   غادرنا العراق بسبب المطاردة السياسية للحزب الشيوعي العراقي عام 1979،ولم نعد الا بعد سقوط النظام السابق في 9/4/2003!ومع ذلك لم يتخذ مكتب اللجنة 140 الموقف المطلوب!
4.   لقد عودتنا وزارة الهجرة والمهجرين على تصرفاتها الارتجالية والروتين والفساد،وهاهو اليوم مكتب اللجنة 140 يخطو خطاها وبأسلوب غير متشنج ومتعجرف هذه المرة!  
5.   نطالب كل الجهات ذات العلاقة بالكف عن الانشغال بالركض وراء المكاسب والامتيازات الشخصية والكف عن استغلال الدعم المالي للكسب السياسي الضيق،والكف عن التمييز بين المهجرين والمهاجرين ومساواتهم جميعا في المقاصد النهائية!لانهم ليس سلعة في بازار دولة الكومبرادور والطفيلية ووزارة الهجرة ومكتب اللجنة 140!


راجع:
وزارة الهجرة والمهجرين ..ارهاب ابيض ام دعارة سياسية!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=169169


119
ديمقراطية الاستخفاف بالعقول
من السفيه والارهابي والاحمق يا مجلس محافظة بغداد؟!



سلام كبة

  يدرك مجلس محافظة بغداد وباقي المحافظون الجدد ان اشغالهم كراسي مجالس المحافظات لم يأت في غفلة من الزمن،بل ان كل العمليات الانتخابية ومنذ التاسع من نيسان لم تكن سوى استفتاءات محسومة النتائج لصالح تغطية الادعاءات الديمقراطية،وهي لم تجر وفق برامج انتخابية واضحة المعالم،بقدر ما اعتمدت على مقدار ما تمتلكه القوائم من مصادر نفوذ حكومية وعشائرية ودينية طائفية وميليشياوية،وهيمنة على الشارع العراقي!ويدرك هؤلاء جيدا انهم نفر في احزاب سياسية قائمة على الطائفية السياسية،ليس في عضويتها اي عراقي منتسب الى دين او مذهب آخر،وائتلافات طائفية قديمة بأسماء جديدة لتضليل المواطن،وضمن نفاق سياسي مفضوح لا يليق بالقوى السياسية المتنفذة وبمن يتصدى لقيادة البلد!قوى سياسية متنفذة تعتمد على احزاب ينعدم فيها اي اساس ديمقراطي لقيادة التنظيم،وتفتقد الى وجود انتخابات حقيقية في داخلها،ما يعني سيادة منطق التأبيد والتوريث واحتكار الزعامة الحقيقية لطبقة سياسية دون سواها.
  العشائرية وتنشيط العشائرية والأجواء العشائرية والدور المتزايد للمؤسسة الدينية هو ما يميزها!قوى قادت وتقود العراق الى الحضيض ولا يزال المجتمع لم يخرج من عواقبه،وبالضد من مصالح الشعب العراقي!مؤتمرات تحشيدية وخطب انشائية فضفاضة وتعامل غير ودي مع المثقفين والعلماء والكفاءات العلمية والادباء والفنانين وتدخل سافر في شؤون النقابات والمؤسساتية المدنية.
   ان نعت النادي الاجتماعي في مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بالمنتجع الذي يؤمه الارهابيون كما وصفه احد اعضاء مجلس محافظة بغداد،هذا بالضبط تجاوز للخطوط الحمراء المرسومة لمرتزقة هذا المجلس الموقر جدا!ويبدو ان هذا السفيه ينطبق عليه المثل "وين بلشت يابو بشت!" ويعلم جيدا هذا الاحمق ان اقتحام قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بساحة الاندلس ومطالبة امينه العام الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء بشكل نهائي اسوة بالنوادي الليلية والملاهي والبارات!يأتي بعد ايام قلائل من اقدام الاتحاد على المطالبة بأهمية اخراج وزارة الثقافة من آلية المحاصصة السياسية والطائفية واسناد حقيبة الوزارة الى احدى الشخصيات الثقافية المعروفة وازالة كافة مظاهر المحاصصة الطائفية داخل الوزارة واروقتها وتحويلها الى وزارة سيادية وطنية قوية مفتوحة على جميع شرائح المثقفين ومنظماتهم واتحاداتهم!
  كما يدرك هذا السفيه ان اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء تعبير صريح عن الهلع من الثقافة الوطنية الديمقراطية،وهو اجراء يكمل التصرفات اللامسؤولة للاسلام السياسي الحاكم الذي لا يعرف كلمة الديمقراطية ويسعى الى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنه يتنفس اصلا في الوسائط التراتبية،متى سنحت له الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية.وديمقراطية حجب الحقائق هي اختراع بائس وفاشل يكبل العراق ويجعل منه أسيرا لأحزاب وعصابات اتفقت على ان لا تتفق ابدا،وافرزت لنا الفساد المركب واللصوصية والطائفية التوافقية!
   ان ديمقراطية المشعوذين تحجب الحقائق على الشعب،والمسؤول فوق القانون،وحق المواطنة مفقود والبقاء للأرهابي!ربما لا يريدون ازعاج العدالة بالحقائق،شرطة تحقق مع صاحب الفخامة او دولة الرئيس او صاحب المعالي والسعادة او حجة الاسلام والمسلمين وخاصة اذا كان من سلالة المعصومين،وما يتبع ذلك..ممثلو الشعب وكبار موظفي الدولة والشيخ والاغا والمقاول الكبير والتاجر والمرابي والاقطاعي،انه كفر وحرام.
   يبدو ان هذا السفيه يقدس رئيس وزرائه جدا،هل سأله يوما عن ضحايا الغدر والاغتيال اليومية بكواتم الصوت لخيرة ابناء الشعب العراقي؟!هل تتصدى لها الشرطة الوطنية وقوات الحرس الوطني وتتابع خيوط جرائم مرتكبيها حقا؟وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة،ومعتقلات تعذيب الجادرية،واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية والعاملين في اللجنة الاولمبية و..و..؟من يغتال الصحفيين والفنانين والمثقفين والمهندسين وعمال ساحة الطيران وابناء الشعب الطيبين البسطاء؟من اغتال الخوئي؟العصابات السياسية تتبادل قصف المقرات السياسية بالهاونات والراجمات لتنزع ورقة التوت التي حاولت ان تغطي بها عوراتها الفاسدة قبل ان يحين موعد المتاجرة بفواجع الكاظمية والائمة وشارع المتنبي ومدينة الثورة الباسلة والاربعاء والاحد والاثنين والجمعة والاحد والسبت والخميس الدامية!تفجير صالونات الحلاقة النسائية والكنائس تحتل مواقعها في ديمقراطية حجب الحقائق والى حين!
   حرب الحملات الايمانية الجديدة والنصوص المندلعة على الجدران واليافطات المعلقة والتغيير الطائفي لأسماء المدارس والمستشفيات والمنتزهات والقرى والمدن،اشد ضراوة من حرب العوارض الكونكريتية،والأخطر حرب النفوس التي يزداد اوارها اضطراما يوما بعد آخر.التحريض الطائفي هو ديمقراطية الجلابيب الفضفاضة والدشاديش المقصوصة والعمائم المزركشة والمحابس الفضية اللماعة وطول اللحى المقزز وكوفيات الرؤوس البيضاء والحمراء والسوداء!الشفافية تضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب،وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية وشرعنة الفساد والرشوة وديمقراطية حجب الحقائق واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية!
  هل سأل هذا السفيه رئيس وزرائه عن القرارات الارتجالية التي صدرت مؤخرا في الافراج الفوري عن المجرمين(عقيل فاهم الزبيدي وحامد كنوش،ومحسن عبد طعان الملقب محسن شريعة شقيق المجرم علي عبد طعان الملقب علي شريعة،وحيدر جوري ورزاق السماك وسيد مناضل جاسم)المجرمون الستة الذين سفكوا دماء المئات من الأبرياء وروعوا العوائل الكربلائية،وحكم على البعض منهم بالاعدام والبعض الآخر بالسجن لمئات السنين لارتكابهم 721 جريمة قتل،ومازالت المحاكم في كربلاء تنظر بملفاتهم؟والأدهى من ذلك تم اعادتهم الى دوائرهم وصرف مستحقاتهم المالية طيلة فترة التوقيف!ويتم استقبالهم من قبل مسؤولي المحافظة وتنثر عليهم الورود والحلوى في مشهد يصدم كل مواطن حر على وطنه وكرامة شعبه!
(http://www.annabaa.org/nbanews/70/362.htm)
   لعمري ان سفهاء وحمقى العهد الجديد في بلادنا يدركون جيدا ان الطائفية السياسية هي فاشية الدول النامية،لأن الفاشية هي تمييز بين البشر على اسس عنصرية،دينية او طائفية،بغض النظر عن موقف هذا الفرد من الخير والشر.والطائفية السياسية نهج دكتاتوري يجري في دماء المتزمتين فكريا والجهلاء علميا.اما تسليط الظلم على الآخرين فهو انتهاك لقيم العدالة التي نصت عليها القوانين الدينية والدنيوية على السواء،لان هؤلاء الحكام بتنكرهم لهذه التعاليم التي تضمن العدالة للمواطن لا يتصرفون بما يتناقض مع القيم الدنيوية في القرن الحادي والعشرين فقط ،بل وللقيم الدينية التي يتبجحون بالتزامهم بها.

بغداد
3/12/2010

راجع:
مجلس محافظة بغداد وكل العراقيين دعوة،بالقوة،وان لم ينتموا!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=236796


120



مجلس محافظة بغداد وكل العراقيين دعوة،بالقوة،وان لم ينتموا!

سلام كبة

   مع مرور الزمن،يكشر المحافظون الجدد،ومنهم مجلس محافظة بغداد،عن انيابهم المزيفة وعوراتهم الفاسدة!لان ثقافتهم تجد المرتع الخصب والحاضن الاساسي لها في مخلفات البعث والدكتاتورية البائدة وعصابات الاجرام المنظم والميليشيات الطائفية!وليس غريبا ان نجد الدولة العراقية اليوم تعج بالموتورين من الحثالات المنبوذة والمتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.ثقافة مجلس محافظة بغداد التي تغلق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق هي امتداد لثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.
   نعم،في وقت متأخر من مساء الاحد 28/11/2010 قامت قوة مسلحة من الشرطة والأمن السياحي وعمليات بغداد باقتحام مبنى اتحاد الادباء والكتاب في العراق بساحة الاندلس وطالبوا امينه العام الشاعر الفريد سمعان بتوقيع محضر اغلاق النادي الاجتماعي للأدباء بشكل نهائي اسوة بالنوادي الليلية والملاهي والبارات!ويأتي القرار بعد ايام قلائل من اقدام الاتحاد على المطالبة بأهمية اخراج وزارة الثقافة من آلية المحاصصة السياسية والطائفية واسناد حقيبة الوزارة الى احدى الشخصيات الثقافية المعروفة وازالة كافة مظاهر المحاصصة الطائفية داخل الوزارة واروقتها وتحويلها الى وزارة سيادية وطنية قوية مفتوحة على جميع شرائح المثقفين ومنظماتهم واتحاداتهم!
   وسبق لمجلس محافظة بابل هو الآخر ان الغى الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!فيما اكدت وزارة الثقافة انها تحترم رأي حكومة بابل بشأن الغاء النشاطات الموسيقية والحفلات الغنائية في مهرجان بابل الدولي،وقررت الغاء جميع النشاطات الغنائية التي كانت تقام بالمهرجان!كما اصدر محافظ البصرة شلتاغ مياح اواسط 2009 اوامره المشددة التي منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!وفي اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي!وقبل ذلك تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.
    وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،واليوم ينصب المحافظون الجدد ومسؤولو الحكومة العراقية،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!قادسيات ايمانية،بدءأ من محاولة طراطير مجلس النواب العراقي السابق قبل اعوام منع تعاطي المشروبات الكحولية،لتغطية ادمانهم على شرب كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة!هذه القادسيات التي تفتعلها عقلية لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
   ان اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق هو مؤشر فاضح خطير على محاصرة الحريات المدنية!وهو بحق مفخخة سياسية تضاعف التوترات الى ابعد الحدود!بعد جريمة مهاجمة كنيسة سيدة النجاة،ومن بعدها تفجير العشرات من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في بغداد!وبدل ان تشدد الحكومة العراقية على احترام حقوق الانسان والمتابعة الجادة لمشكلة المهاجرين والمهجرين وتداعياتها الانسانية والاجتماعية الجسيمة،واعادة اعمار ما خلفه النظام الدكتاتوري البائد في مختلف الميادين،والنهوض بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع انحاء البلاد واعادة التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصناعية والخدمية بما يقلص التفاوتات في هذه المجالات!وبدل ان تخطو هذه الحكومة الخطوات الضرورية التي تعبر عن الحرص على الملايين من ابناء شعبنا التي تركت مصائرها الى مشيئة الأقدار!واحترام المعتقدات والشعائر الدينية للمؤسسة الدينية المسيحية وللايزيديين والصابئة المندائيين والشبك والبهائيين،والغاء جميع مظاهر التمييز والاضطهاد ضدهم،وازالة كل ما يسمم اجواء التنوع القومي والديني والفكري لشعبنا!....بدل كل ذلك،نراها باجراءاتها المنفلتة تلك،تسهم في تجذير مظاهر التقوقع والانعزال القومي ومحاولات دق الاسفين في العلاقات بين القوميات المتآخية في العراق!
  هكذا يعيش الشعب العراقي وتعيش المؤسسة الدينية المسيحية في جحيم حرب طاحنة،بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة،وقتل وخطف الابرياء واغتيال المثقفين والتهجير القسري،والاجراءات الحكومية التعسفية،في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو،وبين الانقسامات التي استشرت في اعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته.علت الاصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد الواحد،منادين ومتوعدين باسم الاسلام والتمذهب الطائفي،محتضنين الموت بدل الحياة،محاولين اعادة عجلة التاريخ الى العصر البدائي.والضحية هو المواطن الذي اختلطت عليه الاوراق والمسميات.
    الا يدرك رئيس الوزراء،الذي يلف ويدور ويراوح في نفس المكان،انه هو المسؤول التنفيذي لأمور جميع العراقيين،وتنوعهم لا يحتمل فرض لون حزب الدعوة واحزاب الطائفية السياسية على قوسهم القزحي؟وان عشاق المال الحرام وليس عشاق الخمر هم المشركون بالله؟!وان قرار اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق يستند الى قرار سيء سابق لمجلس قيادة الثورة المنحل رقم 82 لسنة 1994،في حين ان صدام حسين وهو يعلن ويمارس حملته الايمانية المزعومة آنذاك ويطلق على نفسه لقب عبد الله المؤمن لم يتجرأ ان يغلق نادي الاتحاد، فاستثناه؟!وان الادباء لا يميزون انفسهم عن ابناء شعبهم ولا يترفعون عليهم،وهم يغضبون ويحتجون ويستنكرون ان يقارن ناديهم بعلب الليل الرخيصة،فكم شهد هذا المكان الرفيع ولادات نصوص ومواهب وصداقات سامية،فهو ـ بحق ـ حاضنة ثقافية؟!وان قرار الغلق معارض لاحكام الدستور؟!من اعطى المالكي الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالح الشعب العراقي،ومصالح الدعوة الاسلامية التي تناثرت شظاياها لتصبح عدة احزاب،لم يكن نصيب المالكي منها الا الفتات؟!
   عند متتبعي خطبه وافعاله،كان تخبط رئيس الوزراء واضحا في:
•   ازدراءه الانترنيت وكتابه ووصفه باوصاف غير لائقة مع العلم ان معظم كتاب الانترنيت وما كتبوه كان انطلاقا من مسؤوليتهم كمواطنين!
•   محاولة تعديل الدستور بالاتجاه اليميني والالتفاف على المادة 140 التي يتم المماطلة في تطبيقها لحد الآن!
•   الاسراف والمبالغة في تشجيع الاعياد الدينية واللطم والنحيب والزحف.
•   تشجيع مجالس الاسناد والصحوات العشائرية،رغم افتضاح امرها كتشكيلات عفى عليها الزمن شبيهة بالجيش الشعبي والحرس القومي وجحوش افواج الدفاع الوطني.ل من رؤية عقلانية بين الدعوة للدولة المركزية وتشكيل مجالس الأسناد في المحافظات؟
•   التهجم على القيادة السياسية في كردستان العراق ووصفها انها خارجة عن الدستور،والتهجم على الفيدرالية في وقت سابق.
•   صياغة مشروع قانون مجلس العشائر الوطنية في محاولة لاحياء قانون العشائر الذي يضمن الاعراف والتقاليد العشائرية سيئة الصيت والسطوة العشائرية ولاهانة اسس دولة القانون وبحجة ابراز دور العشائر في الانتخابات واستتباب الامن.ان التمثل بصدام حسين لتشكيل العشائر المسلحة واعطاء صلاحيات للشيوخ العلوج كان مشروع رجعي وخطير.

   ان اغلاق النادي الاجتماعي في اتحاد الادباء والكتاب في العراق وباقي التعليمات والقرارت الخطيرة نابعة من بنية القوى والاحزاب السياسية والعصابات – الميليشيات الدينية التي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور،هذه هي طبيعتها بغض النظر عن مدى قوتها.وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديموقراطية في بلادنا والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر التقاليد الدينية والطائفية وتاثيرها على الفكر السياسي!قوى،مهما حاولت تمييز نفسها عن النموذج الايراني او السعودي فانها لن تختلف عنهما ابدا،لانها نسخ طبق الاصل لأي منهما،عدا بعض الرتوش.
  ان تأطير المجتمع العراقي دينيا هو تمهيد لقيام دكتاتورية على نمط العمائم:
1.   سجون سرية تمارس فيها التعذيب
2.   قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي او الصاق التهم.
3.   حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة.
4.   حملات الاختطاف التي تقوم بها فرق الموت الحكومية.
5.   فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولة تطبيق هذا الفصل بين طلبة الجامعة الامر الذي يلاقي المقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية.
6.   فرض الحجاب على النساء.
7.   اشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي
8.   محاولات احياء الفكر الرجعي المقرونة بالهجوم المكثف في وسائل الاعلام على كل توجه ديمقراطي او علماني.

   ابتليت البلاد بمصيبة هيأ لها النظام البعثي الفاشي بأمر من الطاغية عندما اكد انه لا يترك العراق الا ارضا بدون بشر.يبدو انه هيأ لذلك عصابات واوكار وخطط ووصايا!ومن تلك الوصايا الدخول في الكيانات السياسية والدينية ثــم القيام بالتنفيذ بواسطتها!التفخيخ،والتفخيخ السياسي،يجري ليس بعيدا عن ساحات التفجير!ان معامل التفخيخ ومستودعات المتفجرات موجودة بحماية الميليشيات حصرا ذلك ان الارهابيين يقومون بجرائمهم في حالة تغطية وحماية اكيدة!ان الميليشيات المسؤولة عن التفجير والقتل والاصطدام بين ابناء الشعب الواحد هي واحدة!
   من اين تأتي الديمقراطية بين احزاب وقوى وعصابات لم تمارسها حتى في حياتها الداخلية؟!!كيف يجري اطلاق الوعود لبناء الجسور حيث لا توجد انهار؟هل تأتي الديمقراطية من العدم او تهبط من السماء على طريقة مياح والمطوري(مدير الوقف الشيعي في البصرة)ام ان هنالك تطور تأريخي اقتصادي واجتماعي لابد ان يأخذ مجراه الطبيعي؟احزابنا وحكامنا،لا تجربة ولا تراكم معرفي ولا اعتراف بالجدل والمعرفة العلمية،انها قبائل وطوائف اكثر منها احزابا،وهم مشايخ اكثر منهم سياسيين وقادة.نعم،تغير السجان ونوع التهديد،لكن السجن باق وما زال السجناء يهربون،فما الفرق بان تقتلك الدكتاتورية ام يقتلك قاطع طريق او ميليشيا تعيش على غياب اي نظام،او تموت اعداما نهشا بكلاب الشارع،وهل تكترث الشاة لشكل السكين اذا حضر الذبح؟!
   يتجلى الفساد والافساد على مقاييس مجلس محافظة بغداد في عراق الخير والحرية اليوم في القــرارات الفردية،وعدم الالتزام بقواعد القوانين المرعية بما فيها الدستور،والتجاوز على صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية،اي ذات الطريقة اللاديمقراطية  التي تعتمد على الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمنافع الشخصية التي اضرت ضررا بليغا بسمعة وسلوك الحكومات التي قادت و تقود البلاد بعد التاسع من نيسان 2003.وهذا النهج الارعن لا يخلق المعارضة الواسعة من قبل الشعب العراقي والقوى التي ترى في تطبيق القوانين واحترام الهيئة القضائية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية دليلا على نزاهة الحكومة في تطبيق العدالة والقانون فحسب بل هو نبراسا للفساد والافساد.هل يعتقد فطاحل وجبناء مجلس محافظة بغداد انهم اكثر قوة وجبروت ودكتاتورية من صدام الذي علقه العراقيون بحبل من ليف ووضعوه في كيس من اكياس النفايات،وهل هم اكثر صلابة من نوري السعيد الذي قطعه الشعب اربا اربا؟وهل المنتديات الاجتماعية محصورة فقط لاصحاب اللحى من ابطال القادسيات الجديدة!؟
    لا يحاصر الفساد الا بتوسيع رقعة الديمقراطية واطلاق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،بعد ان رسخته الصدامية في بنيانها المسخ والطائفية الدينية والسياسية في جسدها الوسخ،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية والخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة..وعلى القوى السياسية والحركة الديمقراطية والمؤسساتية المدنية في العراق ادانة التصرفات القذرة لمجلس محافظة بغداد،الخادم الامين لسادته في قم،والمطالبة بمحاسبته وتقديمه الى المحاكم فورا!

بغداد
1/12/2010

121




المؤسسة الدينية المسيحية وجحيم الطائفية السياسية

سلام كبة

  ترسيخا لنظم المحاصصة والطائفية والالغاء حذف مجلس النواب العراقي السابق اواخر عام 2008 المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات،المادة الضامنة لحقوق الاقليات القومية والدينية في بلادنا،الامر الذي اثار المخاوف والتساؤلات في حينها.وكان هذا الفعل بحد ذاته يتعارض مع الدستور العراقي ومع ابسط اسس ومقومات الديمقراطية الناشئة في بلادنا،لأن الاقليات القومية والدينية التي اريد تهميشها والغاء تمثيلها في مجالس المحافظات،هي مكونات اساسية من مكونات شعبنا العراقي،ومن بناة حضاراته الاولى!
   وجاء القرار المذكور متزامنا مع مسلسل قتل وتفجير الكنائس المستمر في مدينة الموصل التي تعتبر عراق مصغر يسكنها العرب - الاكراد - المسيحيين - اليزيدية – الشبك!اقليات قومية ودينية صارت مهجولة في ديار العالم،وفي حالة يرثى لها المجتمع الدولي بلا خطوات جدية سياسية لحمايتهم!لا من قبل حكومة بغداد،ولا من الحكومة المحلية،ولا من البرلمانين العراقي والكردستاني!الاغتيالات جرت وتجري على قدم وساق،وعن سبق اصرار،لقتل الشبيبة المسيحية!قتل واضح على الهوية!الموصل هي من اكثر المحافظات العراقية التي تعاني النزوح المزدوج – "القسري والاحترازي"،فبينما تلجأ اليها العوائل المشردة من بغداد والمحافظات الجنوبية واهمها البصرة،تنزح منها المئات من العوائل الكردية والمسيحية باتجاه اقليم كردستان،مما خلق سوقا متناقضة للعقارات في العديد من مناطقها السكنية،واثر على ديموغرافية مدنها عموما.
  قبل ذلك فجعت بلادنا باعمال اغتيال قذرة طالت بعض الرموز المسيحية في بلادنا ونخص بالذكر:
1.   جريمة ذبح الاب اسكندر بولص من كنيسة السريان الارثوذكس يوم 11 تشرين الاول 2006،والذي اختطف قبل يومين من ذبحه.
2.   اغتيال القس منذر الدير من الكنيسة البروتستانية في الموصل بعد ايام من اختطافه في 26 تشرين الثاني 2006.
3.   اختطاف القس سامي عبد الاحد يوم 4 كانون الاول 2006 في بغداد وهو خارج من داره الكائنة في شارع الصناعة مقابل الجامعة التكنولوجية،في طريقه الى الكنيسة!
4.   اغتيال رجال الدين من قسسة وشمامسة ونحرهم ورميهم على ارصفة شوارع الموصل حزيران و تموز عام 2007،ومنهم الاب رغيد عزيز كني وكوكبة من الشمامسة الابرار في 3/6.
5.   اختطاف واغتيال رئيس اساقفة الكلدان في الموصل المطران بولص فرج رحو 29/2/2008.
6.   اغتيال القس يوسف عادل عبودي راعي كنيسة مار بطرس وبولص امام منزله في الكرادة ببغداد 5/4/2008.
7.   سفح دماء المواطنين المسيحيين الابرياء في الموصل وبغداد بالجملة،آخرها اثنين من المواطنين يوم 22/11/2010،في نفس الوقت تقريبا الذي انعقدت فيه الجلسة البرلمانية لمتابعة ملف استهداف المسيحيين!

    اعمال الاغتيال هذه هي امتداد لمشكلة التمييز الطائفي التي تحولت الى جزء من النظام القائم في العراق اثر تشكيل الدولة العراقية الحديثة اوائل العشرينات.تضررت الاقلية الآشورية باجراءات السلطات الحاكمة عبر القرارات الكيفية ومصادرة الأموال والممتلكات،وذهب ضحية التهجير القسري مئات العوائل الآشورية العراقية.كسب الانكليز الآثوريين في سياستهم بالتوطين والترحيل القسري للكرد،وما لبثوا ان تنكروا للقضية الآثورية القومية بعد ان طالبت القيادة الآثورية بالحد الأدنى من حقوقها القومية في العمادية عام 1932،وافتعلوا مذبحة(سميل)عام 1933 بحجة حماية الوطن.وبلغ عدد المهاجرين العراقيين من أصحاب الكفاءات خلال ثلاثة أعوام فقط بين(1966 – 1969)4192 شخصا الى الولايات المتحدة و254 شخصا الى كندا،وان عدد الذين نالوا الجنسية الأمريكية من هؤلاء خلال الفترة المذكورة 975 عراقيا(كانت نسبة المسيحيين هي الغالبة – انظر الجدول المرفق).وقد اتسعت انتهاكات حقوق الانسان والحريات الديمقراطية في عهد نظام صدام حسين الذي بات زاخرا بالجريمة والارهاب.
  كانت الاقليات الدينية والعرقية ولا تزال ضحايا للعنف والجماعات المسلحة والتمييز القانوني والتهميش السياسي والاجتماعي في العراق.وتعاني الاقليات من ضياع الحقوق في المشاركة السياسية والحرية الثقافية وحرية ممارسة عقائدهم.وتؤكد جماعات الصابئة المندائيين عن تعرضها للقتل والتهجير في العراق بينما لا تزال النزاعات العرقية والعنف مستمر في كركوك.وتواصل العديد من العائلات المسيحية الهجرة الى شمال العراق من بغداد ونينوى.ولايزال مجتمع الشبك في الموصل ونينوى يشكو من التعرض للعنف والتهديد،ويتذمر البهائيون من التمييز العنصري الممارس ضدهم  لدى التعرف على هوياتهم عند السفر او انجاز المعاملات.
  هذه الاقليات،وليس الجاليات(كما يحلو لبعض مسؤولي الحكومة المركزية نعتهم)،وكما وصفتها التقارير الدولية والعالمية،مهمشة ومعرضة للقتل والتهجير القسري وتدمير وحرق وتفجير منازلهم ودورهم واماكن عباداتهم ومحلاتهم،وهم ضحايا الصراع الطائفي السياسي القائم منذ عام 2003،وما لدى هذا الصراع من العصابات والميليشيات وفرق الموت من القتلة والمجرمين والارهابيين!المتطرفون والارهابيون والمجرمون والشوفينيون الفاشيون يواصلون التطهير العرقي المنظم ضد الاقليات الدينية،وارغامها على الرحيل بقوة السلاح والتهديد والوعيد لترك منازلهم ومناطقهم ودورهم واراضيهم واعمالهم التجارية،وبعد ذلك يقومون بالاستحواذ والسيطرة عليها وتملكها كما حصل منذ عام 2003!وقد وصل عدد المهجرين من الاقليات الدينية فقط منذ ذلك التاريخ اكثر من 2 مليون انسان!مئات الالوف من العوائل تركوا مناطقهم في بعض المحافظات العراقية(بغداد - البصرة – الموصل - ديالى - كركوك - دهوك - اربيل – السليمانية)!
  لقد خضعت عمليات التهجير في اطارها العام الى"اهداف ومصالح"واجندات،وجرت على مستوى التطبيق الميداني اساليب تهديد مباشرة وعلنية وبشتى السبل،وتسببت في نشر الذعر العام،وتوسعت السوق الرائجة لاصحاب الغرض السيئ وللعصابات الخارجة عن القانون والتي لم تترك وادي الا وسلكته،لترحل الكثير من العوائل"احترازيا"واستباقا للوقت ليكونوا اصحاب المبادرة قبل ان تفرض عليهم وتكون القضية بين الحياة والموت.وجرى تهجير الكثير من العوائل المسيحية وغيرها من القوميات الاخرى من منازلها بعد ان تمت المراحل الاولى من التهجير الطائفي وبنجاح ساحق.واستهدفت عمليات التهجير تمزيق النسيج الاجتماعي العراقي وابداله بصبغة طائفية او عرقية،وتحويل نعمة التنوع الى مشكلة تؤرق العراقيين  وباب للاحتقان الطائفي يمكن ان يفتح في اي لحظة،وخلق جبهات متقابلة لدى جميع الاطراف واستخدام اصحاب الغرض السيئ والنفوس الضعيفة في تهديد جميع الاطراف وبلباس القومية المغايرة لكل طائفة!
  ليس غريبا اليوم ان تجد شعارا سياسيا لجيش المهدي يتوعد بظهور المهدي المنتظر مثلا معلقا على جدران احدى الكنائس(انظر:الكنائس في كرادة خارج / بغداد اواسط عام 2008)مثلما تجد صورة جدارية كبيرة لمرجع ديني تزين مدخل وزارة الكهرباء العراقية!وتعاني المنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والدوائر الحكومية من اللغو الخطاباتي للمسؤولين والتدخلات الحكومية والميليشياتية بكافة اشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الاستبداد الحكومي عليها.
 بالطبع لم تظهر مشكلة التمييز الطائفي والتهجير وقضية اللاجئين العراقيين مع انقلاب 17 تموز سنة 1968 رغم انها تفاقمت واتسعت وشملت مئات الآلاف من المواطنين وابناء الشعب العراقي واصبحت احدى مظاهر مآزق النظام الممعن في اجراءاته القمعية المعادية للحريات والحقوق الانسانية والتي ادت الى ان يعيش قرابة الثلاثة ملايين مواطن عراقي مكرهين خارج وطنهم تتوزعهم المنافي القريبة والبعيدة.فقد اصبح التمييز الطائفي جزءا من النظام القائم في العراق اثر تشكيل الدولة العراقية الحديثة أوائل العشرينات والثغرات الشوفينية والتمييزية التي احتوتها صيغ اول قانون للجنسية العراقية رقم 42 لسنة 1924 وقانون الجنسية لسنة 1963 المرقم 243.وكانت الاقليات القومية لاسيما الآشورية واليهود العراقيون قد تضرروا باجراءات السلطات الحاكمة في حينه عبر القرارات الكيفية ومصادرة الاموال والممتلكات،الا ان نظام صدام قد فاق الجميع في اتساع انتهاكات حقوق الانسان والحريات الديمقراطية بعهده الذي اصبح زاخرا بالجريمة والارهاب.وتحول التهجير القسري الشامل للقرى والمدن،واسقاط الجنسية عن عشرات الالوف من العوائل العراقية،وارغام البقية المتبقية الى عبور الحدود هربا من آثار استخدام الأسلحة الكيمياوية والقصف الوحشي ومن بطش النظام،تحول كل ذلك الى حجر زاوية في سياسة غدر الطغمة الحاكمة واجراءاتها الانتقامية العقابية ضد خيرة ابناء الشعب العراقي.

من بانوراما التهجير في العراق 1940 – 2007

 
  يذكر ان مسيحيي بلادنا قد عانوا من القمع الدكتاتوري الصدامي(حالهم حال كل ابناء الشعب العراقي).وكانت السلطات العراقية قد اصدرت قرارات عنصرية – تعسفية جائرة ضد مسيحيي وكلدان العراق ومعادية للدين المسيحي،باشراف مباشر من صدام حسين،لازال جميعها ساري المفعول،وتستند عليها الطائفية السياسية والعصابات الميليشياتية المسلحة في الاعمال الارهابية المستمرة ضد المؤسسة الدينية المسيحية السمحاء.وكانت القرارات سابقة الذكر قد استهدفت اذلال وتقليص نشاط الكنائس المسيحية في العراق ودعم سياسة التعريب التعسفي.ومن هذه القرارات :
1.   مرسوم اجبار جميع ادارات وقساوسة الكنائس العراقية الارتباط مباشرة بوزارة الاوقاف.ويشمل المرسوم كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والآثوري،الكنيسة السريانية بفرعيها الارثوذكسي والكاثوليكي،والكنيسة الارمنية،وغيرها من المنابر الكنسية.واستهدف المرسوم القضاء على استقلالية كنيسة المشرق التي تتولى مسؤولية 90% من مسيحيي العراق،والسيطرة على جميع الاموال والممتلكات التابعة للكنائس.وردت السلطات العراقية على مطالب المطارنة بالغاء المرسوم"خيروا ما بين المصادرة الكاملة للاموال او ان توضع تحت تصرف ورعاية وزارة الاوقاف مباشرة".
2.   مرسوم وزاري يرفض ان يتم بموجبه تدريس الديانة المسيحية اذا لم يكن المدرس حاصلا على درجة الماجستير فما فوق،وهذا يشمل المدارس ذات الغالبية المسيحية،بمعنى آخر اغلاق الدروس بالكامل لأن هناك عدد قليل جدا من المدرسين تتوفر فيهم هذه المؤهلات.
3.   قرار يجبر الابناء على اعتناق الاسلام حال زواج احد الوالدين من الديانة الاسلامية.
4.   قرار رئاسي منع بموجبه الآباء من تسمية اطفالهم الجدد بأية اسماء غير عربية او اسلامية.
5.   اغلاق الاذاعة الناطقة بالسريانية في بغداد والتي كانت تبث برامجها مدة 2 ساعة / يوم فقط!
6.   اجبار البطرياركية الكلدانية وبقية الكنائس على اضافة مقتطفات من اقوال صدام حسين بجانب اقوال المسيح يسوع (ع) في التقاويم الكنسية لعام 2002.
7.   تهجم صحيفة بابل في مقالات خالية من التوقيع على الديانة المسيحية واظهار افضلية الاسلام على المسيحية!

  ورغم الهدوء النسبي في المدن العراقية بعد الاحداث الدامية التي راح ضحيتها الآلاف بين جريح وقتيل،والذي كانت كنيسة سيدة النجاة احداها،ومن بعدها تفجير العشرات من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في بغداد،تطفو الى السطح المفخخات السياسية التي تضاعف التوترات الى ابعد الحدود!كل ذلك اعقب اعلان الاحكام بقسم آخر من مجرمي العهد السابق،اولهم المجرم طارق عزيز بحكمه بالاعدام!وطارق عزيز هو ميخائيل يوحنا،الكلداني الكاثوليكي المولود عام 1936 في بلدة تلكيف،من اقطاب العهد الصدامي المباد الذين ساهموا بفعالية في قمع المسيحيين وكل الاقليات الدينية والقومية في العراق!تنكر لأصله وتزلف لصدام حسين وحزب البعث!ومنير جميل حبيب روفا "1934 – 2000"الطيار الذي نجح في الهروب بطائرة ميغ 21 من العراق في عملية سرية قادها الموساد الاسرائيلي عام 1965،بعنوان"الطائر الازرق - حملة الماس"هو ابن خالة طارق عزيز.هل كانت مجزرة كنيسة سيدة النجاة فدية تنقذ رقبة عزيز ليذهب الى بريطانيا،حيث يقال ان قصرا من قصور الامير تشارلز مجهز له منذ سنوات؟
  لماذا يتخوف سياسيو المحاصصة الطائفية من الاثنيات والاقليات القومية والديانات غير الاسلامية؟ان الحكومة العراقية تبدو من حيث الشكل والاطار القانوني متسقة مع المعايير الديمقراطية الاساسية لكنها،في جوهرها،تفتقد الى المحتوى الديمقراطي.قبل المحاصصة السياسية التي ترتكز الى عدد المقاعد،اعتمدت الحكومة المحاصصة غير السياسية الديموغرافية اساسا لتشكيلها،كما همشت مشاركة المرأة،مما عطل من ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية التي تقتضي(المحاسبة والمراقبة والمساءلة) وصولا الى سحب الثقة من هذه التشكيلة الوزارية او تلك اذا اقتضى الامر ذلك!ان ترويج الطائفية هي ذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد!وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية،ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية!وتقود ديمقراطية الطوائف والاعراق الى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وابقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة،واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الاهلي المرتكز على الحماية الخارجية،وابقاء المشاركة الاجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق!
  هكذا يعيش الشعب العراقي وتعيش المؤسسة الدينية المسيحية في جحيم حرب طاحنة،بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة،وقتل وخطف الابرياء واغتيال المثقفين والتهجير القسري،في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو،وبين الانقسامات التي استشرت في اعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته.علت الاصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد الواحد،منادين ومتوعدين باسم الاسلام والتمذهب الطائفي،محتضنين الموت بدل الحياة،محاولين اعادة عجلة التاريخ الى العصر البدائي.والضحية هو المواطن الذي اختلطت عليه الاوراق والمسميات.
  ان الطائفية والتخلف والجهل هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري،وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة"الغاية تبرر الوسيلة"لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب.
  ان غالبية الشعب العراقي من المسحوقين ماديا والمطحونين معنويا والمكمومي الأفواه،وهم من المسلمين وغير المسلمين،كما ان النخب القامعة والناهبة والقاهرة هي ايضا من المسلمين وغير المسلمين،والجميع بحاجة فعلا الى التغيير الديمقراطي والدولة الحديثة التي يحكمها القانون المدني وليس الديني(كان ما كان)،وهذه الدولة الشرط الأول والأساسي لوجودها هو فصل الاديان قاطبة عن السياسة فصلا تاما وحاسما،ووضع الاديان جميعا ومعا في الإطار الفردي والشخصي،ورفعها كليا عن الأرض وحصرها كليا بالسماء،اي جعلها بين الانسان وربه،لتحل محلها ثقافة المواطنة،ولا يمكن ان تقوم توليفة بين دين ودولة الا لصالح القمع والاغتراب وبعيدا جدا من الديمقراطية.لسنا ضد اي دين في العالم مادام في اطار الحرية الشخصية،وضد جميع الاديان في العالم حين يتم اقحامها في السياسة والمدرسة والتهريج والضجيج!
  الطامة الكبرى ان الحكومة العراقية هي دون مستوى المشكلة والمسؤولية،ولم تخطو الخطوات الضرورية التي تعبر عن الحرص على هذه الملايين من ابناء شعبنا،وهي ملايين تركت مصائرها الى مشيئة الأقدار!الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بتقديم كل اشكال الدعم والمساعدة والرعاية لضمان الحقوق القومية والادارية والثقافية للتركمان والكلدان – الآشوريين- السريان والارمن وتطويرها وتوسيعها،واحترام المعتقدات والشعائر الدينية للايزيديين والصابئة المندائيين والشبك والبهائيين،والغاء جميع مظاهر التمييز والاضطهاد ضدهم،وازالة كل ما يسمم اجواء التنوع القومي والديني والفكري لشعبنا،ومعالجة مظاهر التقوقع والانعزال القومي ومحاولات دق اسفين في العلاقات بين القوميات المتآخية في العراق،وان تستمع الى اراء ومقترحات حركاتهم وممثليهم،وتعمل على اشراكهم في صنع القرارات التي تمس بشكل مباشر حقوقهم ومصالحهم،ودورهم في بناء حاضر العراق ومستقبله.
  الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بالتشديد على احترام حقوق الانسان والمتابعة الجادة لمشكلة المهاجرين والمهجرين وتداعياتها الانسانية والاجتماعية الجسيمة،واعادة اعمار ما خلفه النظام الدكتاتوري البائد في مختلف الميادين،والنهوض بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع انحاء البلاد واعادة التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصناعية والخدمية بما يقلص التفاوتات في هذه المجالات!


بغداد
25/11/2010




122
حكومة عراقية جديدة وبابا جديد!

                                                                                                                            سلام كبة

   يناضل ويحتفل العالم اجمع من اجل حماية الطفولة وسعادتها منذ ان اقر الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي(اندع)يوم الاول من حزيران من كل عام يوما عالميا للاطفال،في اجتماع موسكو عام 1949 واجتماع هلسنكي عام 1950.ثم تبنت الامم المتحدة موضوع حماية الطفولة باعلانها لائحة حقوق الطفل عام 1959،والسنة الدولية للطفل عام 1979!ولائحة الطفولة في 20/11/1989!
  وتدرج لائحة الطفولة - اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 – ضمن الشرعية الدولية لحقوق الانسان التي تضم ايضا:
1.   الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30)مادة،وهو محك مقياس درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان والتقيد بها،لانه تفاهم مشترك لجميع شعوب الارض.
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966.وفر العهد للبشرية حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية،وحريات الفكر والرأي والتعبير والتنقل والاقامة وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي وتوفير الحماية!
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة).وقد وفر هذا العهد الحق في العمل بشروط العمل العادلة،والحق في تكوين المؤسساتية المدنية والجمعيات والحصول على الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وضمان العيش الكريم!
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري قرار (2106)عام 1965 عن الامم المتحدة .
5.   اعلان استوكهولم عن مسؤولية وحقوق الانسان تجاه البيئة عام 1972 عن الامم المتحدة.ويتضمن الاعلان 26 بندا.كما تضمنت خطة العمل الصادرة عن المؤتمر (109) توصية.وعن المؤتمر تأسست اليونيب (UNEP - منظمة الامم المتحدة لبرنامج البيئة ) لحماية البيئة وحل مشاكلها. 
6.    الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
7.   اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
8.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
9.   القرار 688 الصادر في 5/4/1991 عن مجلس الامن الدولي  -  يكفل حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع العراقيين.
   ان مصطلح"حقوق الانسان"واسع له مدلولاته السياسية والانسانية،وهو ملازم للديمقراطية فقط!لانها حقوق يحددها النظام الاجتمااقتصادي والسياسي للمجتمع وتكفلها الضمانات السياسية والاقتصادية والحقوقية/القانونية،وهي مبدأ عام وثمرة النضالات التاريخية للبشرية.وتعني ثقافة حقوق الانسان بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية شرعية حقوق الانسان!ويستدعي الاهتمام بحقوق الانسان والدفاع عنها قبل كل شئ:الاهتمام بحقوق الطفل باعتبارها  نقطة الانطلاق والقاعدة الاساسية للتعامل مع حقـوق الانسان.ان حقوق الطفل هي الوسيلة العصرية التي تستخدمها الأمم المتحدة لتحقيق حقوق الانسان.
ان الحديث عن حقوق الطفل في مجتمعات الاستبداد الشرقي اقرب الى الخيال منه الى الواقع،الا ان دول العالم ولاسباب مختلفة اخذت تفرض عقوبات ميدانية على الدول التي تسيء معاملة اطفالها،ومن هنا فان حقوق الطفل ستنل في السنوات المقبلة المرتبة التي تحتلها اليوم حقوق الانسان في اهتمامات العالم.
تضم اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 (54) مادة من بينها:
•   "يعني الطفل كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة،ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه"
•   "يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية ... وتتعهد الدول الاطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته ... واذا حرم اي طفل بطريقة غير شرعية من بعض او كل عناصر هويته تقدم الدول الاطراف المساعدة الحماية من اجل الاسراع باعادة اثبات هويته"
•   "تكفل الدول الاطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل،وتولى آراء الطفل الاعتبار الواجب،وفقاً لسن الطفل ونضجه"
•   "يكون للطفل الحق في حرية التعبير،ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع انواع المعلومات والافكار وتلقيها واذاعتها،دون اي اعتبار للحدود،سواء بالقول او الكتابة او الطباعة او الفن،او بأية وسيلة اخرى يختارها الطفل"
•   "تخدم الدول الاطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين"
•   "تعترف الدول الاطراف بحقوق الطفل في حرية تكوين الجمعيات وفي حرية الاجتماع السلمي"
•   "تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير التشريعية والادارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة اشكال العنف او الضرر او الاساءة البدنية او العلية والاهمال او المعاملة المنطوية على اهمال.."
•   "تتخذ الدول الأطراف شتى التدابير المناسبة لضمان ادارة النظام في المدارس على نحو يتماشى مع كرامة الطفل الانسانية"
•   "تعترف الدول الاطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن اداء اي عمل يرجح ان يكون خطيرا او ان يمثل اعاقة لتعليم الطفل،او ان يكون ضاراً بصحة الطفل او بنموه البدني او العقلي او الروحي او المعنوي او الاجتماعي"
•   "تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن الا يشترك الاشخاص الذين لم تبلغ سنهم 15 سنة اشتراكاً مباشراً في الحرب،وتمتنع عن تجنيد اي شخص لم تبلغ سنه 15 سنة في قواتها المسلحة.."
•   "عدم اكراه الطفل على الادلاء بشهادة او الاعتراف بالذنب".

      هذه بعض من حقوق الطفل كما اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة،ولعل الكثير من البالغين في عراقنا يتمنون من حكامهم ان يتعاملوا معهم ولو باعتبارهم اطفالا!
   لقد نالت المرأة ونال الطفل النصيب الاكبر من تأثيرات الازمة الاجتمااقتصادية المستفحلة في بلادنا،ومع ارتفاع معدلات العنف المنزلي ضد النساء وانتشار مظاهر الترمل واتساع اعمال الهجرة والتهجير القسري والارهاب،فقد اتخذ العهدان الجعفري والمالكي الاول موقف المتفرج الواعظ من المرأة والطفل فيما عدا شذرات من الجهد هنا وهناك!وتفتقد المرأة والطفل في بلادنا لما يطلق عليه تعبير الامن الانسانى،ويقصد به ممارسة الحقوق وحمايتها وتأمين حرية الافراد،ويعني الحماية من التهديدات وخلق الظروف التي تسمح للافراد بالتحكم في حياتهم وادارتها.وحسب تعريف تقرير البرنامج الأنمائى للأمم المتحدة عام 1994 بانه يعنى التحرر من الخوف والحاجة.
   يذكر ان المادة 41 من من الدستور الدائم قد اغفل حقوق المرأة المدنية والديمقراطية والاجتماعية،واشاعت الولاء دون الوطني عندما جردت القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لاشاعة الآراء الفقهية المختلفة"العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية،حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم،وينظم ذلك بقانون"،وهذه المادة تتعارض مع قانون الاحوال الشخصية رقم(188)لسنة 1959.
   لقد ضمن الدستور العراقي الدائم نسبة تمثيلية للنساء لا تقل عن 25% في عضوية مجلس النواب،ولم تشمل الهيئات الرئاسية(مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئاسة البرلمان ورئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا)هذه النسبة،كما لم تراع اي نسبة للنساء في اللجان المنبثقة عن البرلمان.ان عدد الوزارات التي حصلت عليها المرأة في تراجع مستمر،وهذا هو حال عدد النساء في مواقع اتخاذ وصنع القرار.ان الوزارات التي تديرها النساء ليس بينهن اي وزارة سيادية!
   الترمل احد اهم جوانب تردي الاوضاع الاجتماعية في العراق،وتنوء الارملة بعبء مسؤولية ابنائها من الناحيتين الاقتصادية والتربوية الاجتماعية.وترشح المنظمات الدولية العراق لتصدر نسبة الارامل والايتام في العالم،وحذرت في تقارير لها من ارتفاع نسب جرائم الطفولة والتشرد وتفشي الامراض النفسية في المجتمع العراقي في غضون السنوات المقبلة.ويخشى متخصصون في علم الاجتماع من ان تؤدي اعمال القتل في العراق الى نشوء جيل ينزع الى"الجريمة والعنف والعدوانية"في غضون السنوات المقبلة.واشارت احصائيات منظمة الصحة العالمية WHO منذ نيسان 2007 الى وجود 4- 5 ملايين يتيم في العراق ومليوني ارملة وتسعمائة الف طفل معوق،والارتفاع ملموس في عدد الامهات اللاتي يطعمن اطفالهن من فضلات الغير والتنقيب في صناديق القمامة او بامتهان الجنس!
   الفقر كافر،والارامل واليتامى فئة ضعيفة وسط محنة عظيمة.وفي بلادنا ارتفاع في اعداد الارامل اللاتي ظللن من دون معيل يمكن الاعتماد عليه،ونتيجة لمقتل الكثير من ارباب الاسر من الرجال نتيجة اعمال العنف والانفجارات التي تشهدها البلاد اضطرت النساء الأرامل واغلبهن في العشرينات من اعمارهن الى الخروج والبحث عن فرصة عمل لاعالة اطفالهن،فعملن بالخدمة في المنازل!واذا كان ترمل النساء وعنوستهن ازمة لها ابعادها النفسية والاجتماعية المختلفة، فان الاطفال،فاقدي الآباء،هم لب الازمة،نظرا لحجم اعدادهم مما شكل القنبلة الموقوتة الموعودة التي لا يمكن تقدير خطورتها!
   النساء المشردات اللاتي يتجولن في الشوارع مع اطفالهن عرضة للعنف والقتل اثناء تجولهن في الشوارع بحثا عن الطعام او عن مكان لقضاء الليل.انهن بحاجة الى مكان آمن للاحتماء فيه،لان الشوارع في العراق اصبحت خطرة جدا وتجولهن لوحدهن في الليل يجعلهن عرضة للهجوم من قبل المسلحين.ان صورة المرأة العراقية وهي تفترش قارعة السوق لتبيع شيئا ما تقيم به اود حياتها او ربما اود اخرين معها ينتظرونها تأتيهم برزق يومهم،يثير اشجان الشعب.ياترى كم ام عراقية آل الزمن بها الى هذا الحال؟او الى قارعة الطريق تبيع شيئا ما تقيم به اودها؟!
   ان حوالي(5- 6)نساء يقتلن في العراق كل يوم،وهناك 15 امرأة في البصرة تقتل شهريا على الاقل من قبل عصابات اجرامية منظمة،بحجة مجافاتها للضوابط الأخلاقية والدينية،وهناك عصابات (هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر)تجوب الشوارع وتستقل السيارات والدراجات النارية،تلاحق النساء وتمارس التهديد والوعيد والقتل،بسبب ما ترتديه بعض النسوة من ملابس او وضعهن لمساحيق التجميل ومطالبتهن بارتداء العباءة الاسلامية السوداء والحجاب.وتنشط تجارة الاطفال والرقيق الابيض مع استغلال حالات البؤس والبطالة تحت ستار العروض الوهمية للعمل في دول الخليج وسوريا!
  ورغم ما تضمنه الدستور الدائم الذي صوت عليه في 15/10/2005 من مواد تطرقت ضمنا الى اطفال العراق(المواد 29و30و35...)،الا انها بقت ذات تأثير محدود مقارنة مع المطالبة الشعبية بافراد باب خاص بالطفل العراقي في الدستور يتضمن موادا تلزم باشاعة ثقافة السلم الاجتماعي في تربية الطفل القائمة على نبذ كل اشكال العنف الأجتماعي والأخلاقي/حماية الطفولة من الضياع والتشرد/تأمين الضمانات الأقتصادية والأجتماعية والتربوية التي تحمي الطفولة من بداية مراحلها الأولى لغاية سن الرشد/حماية الطفولة من تجاوزات القانون والمجتمع/توفير الأمان النفسي والأجتماعي اثناء سير العملية التربوية/اشاعة ثقافة الاستماع لرأي الطفل/تثبيت ثقافة الحقوق والواجبات عند الطفل/تنمية ثقافة المساواة بين الجنسين في اداء الادوار في وظائف المجتمع المختلفة/اشاعة ثقافة احترام تطبيق القانون والنظام اثناء تربية الطفل/اشاعة ثقافة تطوير وتنمية ملاكات الطفولة وثقافة المعلومات المعرفية/تطوير ثقافة مؤسسات الطفل غير الحكومية،تلك التي تنمي ملاكات الطفل الروحية والنفسية خارج اوقات المدرسة/تخصيص ميزانية مستقلة تهتم بالحياة الروحية والأنسانية للطفل/ضرورة العمل على انشاء مؤسسات ديمقراطية لتنمية الطفولة وابراز وترشيد مواهبه الخلاقة/اشاعة ثقافة الثقة والاعتماد على النفس وكسر حاجز الخوف والرهبة في الحوار الديمقراطي في البيت والمجتمع/الابتعاد عن ترويع الطفل حتى اثناء الخطأ/تطوير لغة الحوار مع الطفل/اشاعة ثقافة المعالجة النفسية للطفل/اشاعة ثقافة التربية الوطنية/استيعاب مفردات الوعي والقيم التربوية بشكل عقلاني غير منفعل ومضخم/تنمية ثقافة الأنتماء،وليس الطاعة العمياء للعائلة والمجتمع،وحب الوطن والديمقراطية الحقة في كل المؤسسات التي تهتم بالطفولة.لقد تضمن الدستور الدائم ثغرات عدة تجعل من الطفل العراقي في مقدمة ضحاياه الى جانب المرأة!ولم ينص الدستور على عدم اقحام الدين في حياة الاطفال في كل الظروف والاحوال/منع فرض الحجاب وتزويج الفتيات باعمار الطفولة واعتبار مرتكبي هذه الافعال مجرمين يجب تقديمهم الى المحاكمة لتلقي العقوبات دون رحمة/رعاية وحماية ثقافة الطفل.
   لم يتذوق اطفال العراق طعم الطفولة في فترات قمع وكبت الحريات والاعتقالات التعسفية والتهجير القسري والحروب الكارثية والانفاليات الكيمياوية والعقوبات الاقتصادية،وكبروا مع المشاكل وتحملوا هموم الحياة وهم في نعومة اظفارهم(جوع وعوز واهمال في التربية وتعليم فاسد،نزول مبكر الى سوق العمل والشوارع بحثا عن لقمة العيش)،وتعرضوا لاشد الامرض فتكا بسبب نقص التغذية والادوية والرعاية. 
   سقط الطاغية ولم تسقط الولاءات العصبوية والافكار الشريرة الخبيثة التي تؤرق عالم الطفولة البرئ لتنتعش الطائفية والعشائرية والشللية والمناطقية وليزدهر الفساد الذي يعيش اوج كرنفالاته اليوم!وظلت مشاهد الرعب والاحلام الشريرة ترافق اطفال العراق،واستمرت كوابيس مشاهد القتل والترهيب والانتهاكات ترعبهم مدى الحياة.وتلاحق حالة الخوف اطفالنا ليل نهار،وفي كوابيسهم،لتبقى حالات الفزع ولتتواصل الصدمات النفسية التي تؤرق حياة الطفل في بلادنا،وليجر نقله من خرافة ومهزلة الى اخرى،ومن بابا صدام الى بابا "نوري المالكي"،وكل ذلك تنعكس على سيرة حياته ونفسيته حتى عند بلوغ سن الرشد بل وستلازمه لفترات طويلة.
   على مجاس النواب العراقي ضمان التزام الدولة العراقية في دستورها،بجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل،وتكريس ذلك في القوانين ذات العلاقة،والحفاظ على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل،الغاء اية تشريعات تنتهك حقوق المرأة،محاربة التمييز والعنف ضد المرأة بجميع اشكاله وتكريس ذلك في نصوص قانونية.واي حديث عن حقوق الانسان والمرأة والطفل والحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية واستتباب الامن هو حديث فارغ ما لم يقترن بالنجاح في اعادة البناء الاقتصادي وترميم البنى التحتية وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!.

بغداد
17/11/2010

123
الحكومة العراقية الجديدة بين اللغو والتعامل الواقعي

                                                                                                                    سلام كبة

   اكدت احدث تقارير المنظمات الدولية ان العهد المالكي الاول – عهد الحكومة العراقية التي ترأسها نوري المالكي - اخفقت في الوصول الى الامنيات ومجمل الاهداف التي كان ينشدها الشعب العراقي والقوى الوطنية والديمقراطية العراقية التي انشغلت باسقاط دكتاتورية صدام حسين لتحقيق اهداف سامية يقف في مقدمتها الموقف من الديمقراطية،ومن نظام الحكم والادارة في بلادنا،وتطويع الموارد البشرية والقدرات المادية لرفع الحيف والمظالم التي جرت على الشعب العراقي بطبقاته وفئاته الاجتماعية،وخاصة الكادحة والفقيرة!
   التجربة الديمقراطية العراقية الوليدة لم تتلكأ في الاداء الحكومي فقط ،كما يحلو لبعض من هذه القوى ابرازه للعيان كانتقادات خجولة،بل منيت بالفشل بعد ان عولت عليها الادارة الاميركية والقوى الاقليمية ان تكون تجربة ريادية في البلاد العربية والشرق الاوسط على المستويات الاقتصادية والسياسية والامنية وما يتعلق بالنزاهة.لقد حملت هذه التجربة تناقضاتها الصارخة منذ ولادتها عام 2003،لأن سياسات الاحتلال والشركات الغربية اعتمدت،وتعتمد موضوعيا في كل زمان ومكان،على الولاءات دون الوطنية،والتخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية،والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية،على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!
    الارهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش،كما ان ضحايا الفقر هم ضحايا الارهاب!لقد كان الفقر عنوانا كبيرا من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين،وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية.فالسياسة التي مارستها الحكومة العراقية السابقة ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي وكانت عواقبها وخيمة للغاية،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه!ولا تعالج هذه الازمة السياسية والاقتصادية بعصا سحرية وبالتأمل وحده،او التعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر"!
   يمتد مؤشر خط الفقر افقيا بشكل خطير بفضل سياسة بول بريمر والحكومات العراقية التي تعاقبت على السلطة،وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان!وتتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي ليزداد الفقراء فقرا،ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة اقتصاد التساقط(TRICKLE – DOWN ECONOMY) ومجتمع الرشاوي والارتزاق،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بلادنا،وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير!
   كان انبعاث الطائفية والولاءات الاخرى دون الوطنية كالعشائرية،والتنظيمات السياسية التي مثلتها،تراجعا حضاريا وارتداد رجعيا خطيرا تجاوبت معه الحركات السياسية المختلفة والحكومات المتعاقبة بدرجات متباينة.واستمدت مراتب هذه الولاءات قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة والعشيرة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية،لتغتصب وتكدس الثروات وتنمي ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة اخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة!وقد عملت الحكومة السابقة على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء هذه الولاءات،دولة اللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية،دولة الاتيكيتات الدبلوماسية والدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.
   وبات جليا للقاصي والداني مهازل العهد الجعفري والعهد المالكي الاول في الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان،الانتهاكات الصارخة بحق اصحاب الكلمة والقلم وتهميش الثقافة والفن والابداع،والتدخلات السافرة في شؤون المؤسساتية المدنية والنقابات والمنظمات المهنية!والاخطر من ذلك كله هو سعي كلا العهدين لشطب التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،واعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،لأن عقود الخدمة النفطية الجديدة ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وكل ذلك ليس بمعزل عن تنامي دور الليبرالية الاقتصادية الجديدة بالاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي،وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة هدد ويهدد الانسجام الاجتماعي!
    هل سترجح الحكومة الجديدة العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية،ويطلق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة؟هذا ما ستميط اللثام عنه السنوات القليلة القادمة.ان العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!

بغداد
16/11/2010



124
الحكومة العراقية الجديدة والمهام المركبة!

                                                                                                                     سلام كبة

  لا يختلف اثنان ان الحكومة الجديدة في بلادنا تنتظرها مهام جسام ترتقي الى مصاف المهام المصيرية حقا!وقد عبرت كلمات رئيس الجمهورية والنواب في الجلسات الاخيرة للبرلمان العراقي عن طبيعة هذه المهام الموضوعية،والتي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي،والاقرار بواقع الاخفاقات الحكومية السابقة والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية،كون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.
   ان نموذج التطوير الذي جري الترويج له في العراق،والذي تكلل بتوقيع الحكومة العراقية السابقة عدة عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،اعتمد على عقود الخدمة برسوم ثابتة،وهي في حقيقة الامر"عقود مشاركة الانتاج"،التي تعني اصلا التنازل عن مصدر سيادة العراق"الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود ولا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة ". 
   على الحكومة الجديدة ادراك ان الامن الاقتصادي لا يعني بمحاربة المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب وتسويق البضائع الفاسدة التي تستهدف الشعب والمطروحة في الاسواق بمئات الأطنان وملاحقة تجار الموت فقط ،بل محاصرة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني،ومنها عقود الخدمة النفطية الجديدة - الادلة الدامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل،كانت الحرب والاحتلال وتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليان وسيلتها.
   الانفراجات المؤقتة لأزمات الوقود لا تعني حل المشكلة بل تجميدها،لأن الاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي،في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الانتاج.ويتسم الاقتصاد الوطني اليوم بتغييب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية وبالعمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية،كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها،بالاضافة الى الاموال المستخدمة في دعم الحركات والاحزاب السياسية،وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة،بل تكون اطرافه بالضرورة احد اهم عوامل هدم الاقتصاد العراقي.
  امنيا،لازال الكثير من مسؤولي الدولة العراقية يتخبطون في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،وظهر جليا للعيان خطل الاجراءات التي اعتمدتها الحكومة السابقة كتشكيل غرف العمليات ومنع التجول،وتشكيل لجان تحقيق لا تكشف عن نتائج اعمالها،وتعيين المخصصات لأعالة عوائل ضحايا التفجيرات.واقع الحال يؤكد استمرار الاغتيالات بالجملة والمفخخات والعبوات الناسفة واللاصقة وكواتم الصوت والسيطرات الوهمية والاختطاف الجماعي والفساد والاهمال والعمل على تردي الخدمات العامة مع سبق الاصرار.والانكى من ذلك كله ان مسؤولي الحكومة السابقة لا يخجلون ويتأسفون ويعترفون بأخطائهم في وقت يئن العراقيين فيه من اعمال الارهاب!
  عملت الحكومة السابقة على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة،تتغذى من ارادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة،او الاستئثار بها بدله..دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة واللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية...دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.
  كما عملت الحكومة السابقة على اشاعة ثقافة الرعاع والقطيع بتدخلاتها الفظة في شؤون النقابات والمنظمات غير الحكومية،والعمل على"طرد الدولة"من ميدان الاقتصاد،والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية،وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،وانتشار الارهاب الابيض طاعونا،وتوسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب  السيطرة عليها.
   في جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية وطائفية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية،والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات والمحتل،وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة التضليل والنفوذ والسلطة والسلاح والارهاب والقمع!
  هنا وجب التأكيد ان الحكومة الجديدة تنتظرها مهام مركبة،في مقدمتها العمل على ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بما يعزز وحدة العراق وسعادة شعبه وترسيخ العلاقات التي تعزز الشراكة الوطنية والعمل على كل ما يحفظ المصالح العليا للبلاد ويثبت الأمن والاستقرار ويوسع رقعة الديمقراطية،ويطلق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية للخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة..ان العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني!

بغداد
14/11/2010

125


اليوم السيرك ومدينة الالعاب والحفلات الموسيقية والغنائية..ماذا يخبئ المستقبل؟!

سلام كبة


   اوائل تشرين الثاني 2010،وفي البصرة،هوجم مكان عرض سيرك(مونت كارلو)الدولي وجرى تطويقه ومنع مشاهدته بحجة ان الارض التي قامت عليها هذه الفعالية تعود الى الوقف الشيعي"يقول محمد المطوري مدير الوقف الشيعي في البصرة: (ان الارض التي اقام سيرك مونت كارلو فعالياته عليها هي وقف حسيني،ولا يجوز استخدامها بطريقة مخالفة للشريعة!)"،وقبل ذلك اقفلت مدينة الالعاب بنفس الذريعة!كما جرى احتلال بعض الملاعب الشعبية لكرة القدم!وفي الحلة،الغى مجلس محافظة بابل قبل اسابيع قلائل،الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!
   وكان محافظ البصرة شلتاغ مياح قد اصدر تعليماته اواسط 2009،منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!كما تفتقت العقلية المتطرفة المريضة عن تخصيص فروع خاصة من مصرف بابل التجاري للنساء حصرا!هذه العقلية التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة!
   دكتاتورية صدام حسين شجعت المطربين واغدقت عليهم بالمال والتسهيلات من اجل الغناء العاطفي والسياسي والتجاري،بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.اما دور العرض السينمائي في بغداد فقد اقفلت ابوابها،وتحولت الى ورشات لصناعة الاثاث ومخازن حبوب بعد ان تهالكت وتقادمت!وقد طرد منتسبي دائرة السينما والمسرح في مدينة البصرة قبل اشهر معدودة،وتم حجرهم في غرفتين بائستين،في امعان بسياسة التهميش والمصادرة ومزيد من اشاعة ظلمة التخلف!
  هذه التعليمات والقرارت الخطيرة نابعة من بنية القوى والاحزاب السياسية والعصابات – الميليشيات الدينية التي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور،هذه هي طبيعتها بغض النظر عن مدى قوتها.وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديموقراطية في بلادنا وشيوع افكار التوزيع العادل للثروة والروح الجماعية،والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر التقاليد الدينية والطائفية وتاثيرها على الفكر السياسي!قوى،مهما حاولت تمييز نفسها عن النموذج الايراني او السعودي فانها لن تختلف عنهما ابدا،لانها نسخ طبق الاصل لأي منهما،عدا بعض الرتوش.
   من اين تأتي الديمقراطية بين احزاب وقوى وعصابات لم تمارسها حتى في حياتها الداخلية؟كيف يجري اطلاق الوعود لبناء الجسور حيث لا توجد انهار؟هل تأتي الديمقراطية من العدم او تهبط من السماء على طريقة مياح والمطوري ام ان هنالك تطور تأريخي اقتصادي واجتماعي لابد ان يأخذ مجراه الطبيعي؟احزابنا وحكامنا،لا تجربة ولا تراكم معرفي ولا اعتراف بالجدل والمعرفة العلمية،انها قبائل وطوائف اكثر منها احزابا،وهم مشايخ اكثر منهم سياسيين وقادة.نعم،تغير السجان ونوع التهديد،لكن السجن باق وما زال السجناء يهربون،فما الفرق بان تقتلك الدكتاتورية ام يقتلك قاطع طريق او ميليشيا تعيش على غياب اي نظام،او تموت اعداما نهشا بكلاب الشارع،وهل تكترث الشاة لشكل السكين اذا حضر الذبح؟!
  ان الخلاص الحقيقي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي،ومبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي،ورفض التمييز العنصري والديني والطائفي والفكري وازاء المرأة بمختلف اشكاله ومظاهره،ولا يمكن ان يحصل ذلك الا تحت ادارة واشراف الاحزاب المدنية الديمقراطية ذات الوجهة العلمانية التي تحترم كل الاديان والمذاهب وتسمح لها بممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية وتمنع عنها الاساءة والتمييز!
 
بغداد
9/11/2010

126
مجلس محافظة بابل ..انياب ام عورات فاسدة!

سلام كبة
   قبل ايام الغى مجلس محافظة بابل الحفلات الموسيقية والغنائية التي كان من المفترض ان تقام ضمن مهرجان بابل الدولي بحجة خصوصية المدينة الدينية!فيما اكدت وزارة الثقافة انها تحترم رأي حكومة بابل بشأن الغاء النشاطات الموسيقية والحفلات الغنائية في مهرجان بابل الدولي،وقررت الغاء جميع النشاطات الغنائية التي كانت تقام بالمهرجان!هذه الاجراءات تذكرنا بالاوامر المشددة لمحافظ البصرة شلتاغ مياح اواسط 2009 والتي منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!
    وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،...يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،واليوم ينصب المحافظون الجدد ومسؤولو الحكومة العراقية،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!قادسيات ايمانية،بدءأ من محاولة طراطير مجلس النواب العراقي قبل اعوام منع تعاطي المشروبات الكحولية،لتغطية عوراتهم الفاسدة وادمانهم على شرب كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة!ومرورا بمحافظ البصرة،وانتهاءا بالنكرة مجلس محافظة بابل! 
   هل اكتملت فرحة العراقيين بسقوط النظام الصدامي؟؟لا والف لا،بسبب التركة الثقيلة والخانقة التي خلفها ورائه،وتخبط قوات الاحتلال،والافتقار الى القيادات السياسية الكفوءة التي تتخطى حدود المصالح الضيقة،وبسبب"الردة الحضارية"التي جعلت العراقيين ينخرطون في صراعات أثنية ودينية وطائفية وحزبية ضيقة،اثرت بعمق على بنية المجتمع،وعلى العائلة والمرأة والطفولة.   وتتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال وتفاقم مشاكل البطالة والنقل والتخبط الامني،وبسبب الامراض وسوء التغذية،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة التي لا تزال تعتز بالعلم العراقي الذي اوجده صدام حسين وكتابة الله اكبر،العلم الذي تحت لوائه غزا الدكتاتور الكويت وشن انفالياته الكيمياوية ضد الشعب الكردي واقام استعراضاته العسكرية التهريجية،وخرج تلاميذ المدارس يرفعونه صباحا ويتغنون ب(بابا صدام).
   واليوم يكشر المحافظون الجدد عن انيابهم المزيفة،بل عوراتهم الفاسدة!لان ثقافتهم تجد المرتع الخصب والحاضن الاساسي لها في مخلفات البعث والدكتاتورية البائدة وعصابات الاجرام المنظم والميليشيات الطائفية!وليس غريبا ان نجد وزارة الثقافة اليوم تعج بالموتورين من الحثالات المنبوذة والمتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.ثقافة مجلس محافظة بابل هي امتداد لثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.
    ثقافة الجواهري والبياتي ورشدي العامل وكوران وشيركو بيكس وعبد الجبار عبد الله ومحمد سلمان حسن وابراهيم كبة ومحمد عبد اللطيف المطلب وصفاء الحافظ وصباح الدرة وعائدة ياسين ونزار ناجي يوسف.. ثقافة وفنون منير بشير وبياتريس أوهانسيان والهام المدفعي وفؤاد سالم وحميد البصري وجعفر حسن وانوار عبد الوهاب وفاضل عواد وناظم الغزالي ومحمد القبنجي..الثقافة العراقية التي قادها علماء وادباء وفنانون عراقيون نار على علم لم تنسجم مع اخلاقيات البعث ولا تنسجم اليوم مع اخلاقيات المحافظين الجدد في ضرورة مديح متطلبات الامن الوطني والقومي والقادة وآيات الله الضرورة والبعرورة!مجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين!!
   محافظون جدد فاسدون ولا يزالون يعيشون في عصور ماقبل التاريخ ويعتبرون النور والثقافة المتنورة والموسيقى كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام،ويحلمون في تكميم افواه الناس والتستر على احزابهم الطائفية الفاسدة وعلى محاولاتهم الحميمة لبيع العراق في سوق النخاسة.اليوم لا يضمر الشعب العراقي  الفساد والافساد  في النفوس،انما يتحدث به جهارا في الشوارع والازقة،في المقاهي والمنتديات،في الدهاليز الحكومية،بين افراد العائلة.يتحدث عن الوزير او نائبه او المدير العام او الموظف وحتى التاجر والمرابي والاسطة والمهربجي والشيخ ومولانا والمحافظ ومجلسه الميمون وزعيم العصابة الذين ما انفكوا يسرقون ويسرقون ويشترون العقارات داخل المدن العراقية،او خارج العراق في دبي وعمان،او يفتحون المكاتب التجارية(النشيطة)هنا وهناك،او يودعون المبالغ الخيالية في مختلف المصارف!!وهناك من المسؤولين الكبار من يعمل في جرائم تهريب المشتقات النفطية والآثار العراقية والمخدرات وغسيل الاموال بتآزر اطراف مختلفة وتعاون اجرامي من دول الجوار العراقي.
   لا يمكن تفسير اجراءات المحافظين الجدد الا في محاولات كبح جماح الثقافة الوطنية والديمقراطية الحاضنة لكل التيارات القادرة على بلورة الهوية العراقية الوطنية،وتهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى،والرهان المستمر على الانتهاكات الدستورية والمرجعيات الطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني لا على قدرات النخب الثقافية الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية في مجال صياغة الأفكار وإنتاج التصورات لإثراء الحوار حول كبريات القضايا التي تواجه بلادنا،والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل،ومحاولات تأطير المجتمع دينيا!! 
   يتجلى الفساد والافساد على مقاييس مجلس محافظة بابل في عراق الخير والحرية اليوم في القــرارات الاعتباطية المجنونة،وعدم الالتزام بقواعد القوانين المرعية بما فيها الدستور،لا بل في الانتهاكات الدستورية الفاضحة والتجاوز على صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية،اي ذات الطريقة اللاديمقراطية التي تعتمد على الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمنافع الشخصية التي اضرت ضررا بليغا بسمعة وسلوك الحكومات التي قادت و تقود البلاد بعد التاسع من نيسان 2003.وهذا النهج الارعن لا يخلق المعارضة الواسعة من قبل الشعب العراقي والقوى التي ترى في تطبيق القوانين واحترام الهيئة القضائية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية دليلا على نزاهة الحكومة في تطبيق العدالة والقانون فحسب بل هو نبراسا للفساد والافساد.
    هل يعتقد مجلس محافظة بابل انه اكثر قوة وجبروت ودكتاتورية من صدام حسين الذي علقه العراقيون بحبل من ليف ووضعوه في كيس من اكياس النفايات،وهل هو اكثر صلابة من نوري السعيد الذي قطعه الشعب اربا اربا؟وهل المنتديات الاجتماعية محصورة فقط لاصحاب اللحى من ابطال القادسيات الجديدة!؟والترنيمات لا يرددها الا اصحاب ثقافة الرايات السوداء؟!
   دكتاتورية صدام حسين شجعت المطربين واغدقت عليهم بالمال والتسهيلات من اجل الغناء العاطفي والسياسي والتجاري،بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.
    لا يحاصر الفساد الا بتوسيع رقعة الديمقراطية واطلاق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،بعد ان رسخته الصدامية في بنيانها المسخ والطائفية الدينية والسياسية في جسدها الوسخ،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية والخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة..وعلى مجلس محافظة بابل ان يدرك ان العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية،اي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة،والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والابداع،وبالتالي المجتمع المدني.والارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا،لا يستلزم فقط العمل على ترجيح العقل والتعامل الواقعي،بل يستلزم القول الفاصل الرافض للتخاريف الاجتماعية!وليس كافيا ان يقدم مجلس محافظة بابل ومسؤولو وزارة الثقافة ذوي الشأن اعتذاراتهم للثقافة الوطنية والديمقراطية العراقية بسبب حماقاتهم وترهاتهم،لأن شطبهم من القائمة السوداء للشعب العراقي يتطلب من وزارة الثقافة العراقية ورواد الثقافة الديمقراطية القول الفصل في ذلك،وعلى محافظ بابل ومجلسه الميمون تقديم استقالاتهم فورا!وذلك وحده الكفيل بوأد الفكر الرجعي المقيت الذي يبث الفرقة بين ابناء الشعب والوطن الواحد!
   ثقافة مجلس محافظة بابل هي ثقافة مسح الأحذية واللحى وثقافة "القتل والتحريم أساس المُلك" بديلا للثقافة الكاذبة والمزيفة:"العدل أساس المُلك".الأحزاب العائلية و الطائفية العراقية بيوت سياسية من زجاج!ونظامها السياسي ينتج الفساد ويعممه،فسادا سياسيا،يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه،لأنه يستشعر في عمليتي الانتاج والرعاية المصلحة الخاصة الاكيدة!وبأي حال من الاحوال لا تنفعه الصعلكة السياسية بالمحافل والندوات والمناسف الدينية لأنها فقط ترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي!فيما تسيل دماء الوطن وتتضخم ملفات الارهاب والفساد.ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر البشري الذاتي ...      


بغداد
5/10/2010

127
في ذكرى رحيل الدكتور ابراهيم كبة
ابراهيم كبة والفكر القومي

سلام كبة
    تغطي الثقافتان القومانية البائسة والدينية الطائفية اليائسة التي تنخر بمجتمعاتنا سرطانا وكابوسا وارهابا دمويا المسيرة الوطنية التحررية للشعوب،وحاضر ومستقبل العراق بدخانها الاسود المقيت لتترنح الموضوعية تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية وليجر تمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا تمسك الاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في لجة غموض الصدفة والوعي.وهاتان الثقافتان العدوانيتان تذكرنا بدرجة الوحشية والعنف التي يمكن ان يصلها عقل الانسان متى كان معبأ بالأحقاد والجهل والتعصب والأطماع!لأنهما النقيض لثقافة السلام والثقافات المسالمة التي تحمل قيم التسامح والعدل والسلام لا العنصرية والعداء.وقد عودنا الاعلام الاصفر على اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش واحتقار المثقف!ثقافة الفساد وآليات انتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة،ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع،ثقافة وديمقراطية الولاءات دون الوطنية،ثقافة وديمقراطية"حاضر سيدي ومولاي"،ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة،الثقافة التوتاليتارية الشمولية،الهجينية الانتقائية النفعية والممهدة للثقافة الفاشية!
   ان اصل الازمات السياسية في بلادنا هي محاولات تحويل الدولة العراقية الى مركز عصبوي استبدادي بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني!التطور الانترنيتي والتطور الرياضي والاقمار الصناعية،الموسيقى والباليه والسينما والمسرح والفن التشكيلي والمهرجانات الشعرية،كلها لا تعجب بالطبع الانظمة الشمولية واعداء التقدم الاجتماعي لأنها تشعرهم  بالضعف والعجز عن التحكم بالناس ومراقبتهم!الفكر الرجعي جوهر المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية لوث الشارع العراقي وسمم اجواءه الثقافية معتمدا على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع الحلفاء من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام.هم يريدون اشاعة ثقافة اليأس والخنوع،ونحن نريد اشاعة ثقافة الأمل والاحتجاج والنزاهة والثقافة المطلبية.ذلك البصيص من الضوء في آخر النفق سيتحول يوما الى نور يضيء روح الاحتجاج على الباطل والمطالبة بالحق والسعي الى خير الانسان.وتلك الرايات التي تبدو اليوم متفرقة ستخفق في ايادي ملايين المنشدين السائرين نحو عراق جديد حقا وستملأ في الغد فضاء الرافدين.
   لقد غادرنا ابراهيم كبة الساعة التاسعة صباحا الثلاثاء 26/10/2004،وكانت فترة(1977- 2004)من اكثر الفترات ظلامية في تاريخه،حيث بقي في شيخوخته حبيس الضغوطات الدكتاتورية المنهالة عليه من كل حدب وصوب وذكريات الماضي البعيد والقريب وذكرى رفاقه واصدقاءه الذين رحلوا وغيبتهم زنازين الاعدام والسجون والنسيان،لكنه خلف لنا خزين من التجربة السياسية والاكاديمية والفكرية والمؤلفات والترجمات عن الانكليزية والفرنسية والالمانية والاسبانية،والتي نشرت بعضها بأسماء مستعارة.
     في بغداد ولد ابراهيم كبة من عائلة عراقية معروفة عام 1919،واكتسب التوجهات القومية مع تأثره بأفكار خاله الشيخ محمد مهدي كبة زعيم حزب الاستقلال!ويؤكد كبة في كتابه"هذا هو طريق 14 تموز"ان توجهاته القومية في المرحلة المبكرة من حياته الدراسية،وبالمعنى البدائي السطحي للافكار القومية عندما كانت هذه الافكار سلعة تتاجر بها الطبقات المستغلة والحاكمة في العراق والعالم العربي ومع الانفصال التام بينها وبين مبادئ التحرر والتقدم الاجتماعي،اهلته لقيادة اكثر جمعيات الطلبة آنذاك ممثلا للفكر القومي اليميني،وحينها نشر دراسته "وجهة القومية الحديثة"،وكان لايزال طالبا في كلية الحقوق!الا ان فشل حركة مايس 1941،والتي شارك فيها ابراهيم كبة كطالب في صفوف"كتائب الشباب"وثيقة الصلة ببواكير حزب الاستقلال،اصابته بصدمة عنيفة وآثار فكرية تراكمية عنيفة،جعلته يشرع بالتهام مؤلفات الفكر الاوربي الليبرالي والعقلاني والمادي.ومع بداية 1943 بدأ يطالع مؤلفات المدرسة الاشتراكية الفابية في انكلترة،وبالاخص انتاج لاسكي،ليتحول ابراهيم كبة من اليمين الى الفكر اليساري ومدافع صلب عن مبادئ الاشتراكية الديمقراطية،ومؤمنا بأن الاشتراكية وحدها هي الجديرة بتحقيق حرية الشعوب والانسانية جمعاء!وتجذر هذا الايمان بعيد الحرب العالمية الثانية بالاسلوب الاشتراكي العلمي في البحث وبالتحليلات الماركسية في الاقتصاد!ومنذ ذلك الحين تموضع الفكر القومي اليميني في عرف ابراهيم كبة مكانته المتميزة في الفكر الرجعي في بلادنا.
   ومنذ عام 1947 بات ابراهيم كبة من المع المدافعين عن الفكر الاشتراكي العلمي،ومن اشد انصار المنهج المادي الجدلي في الموقف من الحياة وتقييم المدارس الفكرية جمعاء بما في ذلك انتاج الفكر العربي الاسلامي وخاصة انتاج ابن خلدون!كما تطورت مفاهيمه القومية،فالفكر القومي السليم لابد ان يكون في نفس الوقت اممي وانساني،وازدهار الفكر القومي كل على حدة رهين ومشروط بازدهار الفكر القومي للاقوام الاخرى المجاورة وبتحرر الانسانية جمعاء!وتفرغ ابراهيم كبة للعمل كاستاذ في جامعة بغداد في مادة تاريخ المذاهب الاقتصادية والفكر الاقتصادي منذ عام 1953،وعمل في تحرير مجلة الثقافة الجديدة التي تحولت الى لسان حال المثقفين في العراق قبل ان تجهز عليها حكومة فاضل الجمالي بعد صدور ثلاثة اعداد منها فقط !وفي 1954 كان ابراهيم كبة على رأس قائمة المفصولين من الاساتذة و المعلمين والطلاب اثناء فترة التمهيد لحلف بغداد الاستعماري!وابراهيم كبة من رواد حركة انصارالسلم في العراق التي تأسست مطلع خمسينيات القرن العشرين،وكان من نشطاء جبهة الاتحاد الوطني 1957 وانيطت به شرف تحرير البيان الاول للجبهة!وفي الخمسينيات،وقبل ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،بلغت النتاجات الفكرية للدكتور كبة اوجها:
•   تطور النظام الاقتصادي – 1953 .
•   المفاهيم الاساسية للاقتصاد العلمي – 1953 .
•   نظرية التجارة الدولية -  1953 .
•   أزمة الفكر الأقتصادي -  1953 .
•   أزمة الفلسفة البورجوازية - 1953 .
•   معنى الحرية – 1954 .
•   تشريح المكارثية – 1954 .
•   المذهب السوفياتي في القانون الدولي – 1956 .
•   أضواء على القضية الجزائرية – 1956 .
•   أزمة الاستعمار الفرنسي – 1956 .
•   النفط والازمة العالمية – 1956 .
•   الاقطاع في العراق – 1957 .
     بعد ثورة 14 تموز 1958 سجل تاريخ العراق الحديث له عشرات الخطب الارتجالية وهو يتولى حقيبتي وزارة التجارة(الاقتصاد لاحقا)ووزارة الاصلاح الزراعي،كما تولى وكالة حقيبة وزارة النفط .وكان لابراهيم كبة عشرات الدراسات في المجلات العراقية والعربية.
   في الكلمة التي القاها في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي للجامعة العربية المنعقد في القاهرة بتاريخ 5 كانون الاول 1959 يؤكد كبة"من المعلوم ان الاجزاء المختلفة من العالم العربي لا تعيش في ظروف متماثلة،فلكل منها ظروف خاصة نشأت من التجزئة المصطنعة التي فرضها الاستعمار على الامة العربية.ولهذا السبب تطورت البلدان العربية تطورا غير متناظر سواء في اوضاعها السياسية والاجتماعية او في اوضاعها الاقتصادية والثقافية.وليس ثمة من حاجة للتدليل على هذه الحقائق المعروفة للجميع"ويضيف"من اجل معالجة قضية توحيد الامة العربية معالجة صائبة،ينبغي عدم اللجوء الى تبسيط هذه القضية الى حد تجاهل الظروف الخاصة للبلدان العربية"و"ان هذه الضوضاء المسعورة حول"مروق العراق"او"خروجه عن جادة القومية العربية"ليست في جوهرها ومغزاها الا مكيدة استعمارية هدفها دق اسفين في جبهة التضامن العربي وحل عرى وحدة الكفاح العربي ضد الاستعمار والصهيونية".وفي نفس الكلمة يقول ابراهيم كبة:"ان العراق اذ ينتهج سياسة الحياد الايجابي ويأخذ بمبادئ باندونغ والتعاون الدولي المتكافئ ينطلق في ذلك من المبدأ القائل:نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا – آخذا بنظر الاعتبار مصلحته القومية والوطنية،ساعيا جهده لكي يوفر لثورته ولحركة التحرر العربي مستلزمات الانتصار في الكفاح ضد الاستعمار والمساهمة في اعداد شروط التقدم والازدهار للامة العربية"و"وما لم يدخل الشعب الى معركة البناء طليق اليدين من الاغلال .. حر العقل والارادة لا تستطيع الثورة ان تفلح في تحقيق اهدافها".
   حول التضامن العربي يؤكد ابراهيم كبة في خطبته الشهيرة امام المجلس الاقتصادي للجامعة العربية في القاهرة 5 كانون الاول 1959"وقبل ان تبدأ حكومة الثورة بالاقتصاص من طغاة العهد البائد الذين اذلوا الشعب العراقي وارهقوه بالاذى والمظالم،عمدت قبل كل شئ الى فضح السياسة المعادية للقومية العربية،التي كان ينتهجها العراق،ووضعت الاستعمار واحلافه وزبانيته في قفص الاتهام،وانزلت بهم الاحكام الرادعة جزاء تآمرهم الاجرامي ضد سورية ومصر ولبنان والاردن،وجزاء كيدهم الدنئ للجمهورية العربية المتحدة وسياستها وقادتها،ولم يقف العراق عند هذا الحد وانما بادر الى تقديم العون للجزائر البطلة المكافحة،فاعترف فورا بحكومتها الثورية وقطع جميع علائقه الاقتصادية والتجارية مع فرنسا المستعمرة،ومد يد العون الى شعب عمان الشقيق واحتج اشد الاحتجاج على المؤامرة الاستعمارية في البحرين،واكد مرة بعد اخرى على لسان قائده عبد الكريم قاسم على ان هذه الارتباطات ليست اشكالا مؤبدة،وانما هي وسيلة لتيسير بلوغ الهدف شأنها شأن الروافد المختلفة التي ينتهي مجراها آخر الامر لتصب في النهر الكبير".وفي كلمته اشار الى السوق العربية المشتركة التي لا يمكن ان تتحقق ما لم تنشأ الصناعة الوطنية الثقيلة والخفيفة حيثما وجدت الظروف الملائمة لانشائها،وما لم تحرر التجارة والاقتصاد والعملة من القيود الاجنبية،ويجري التخلص من تحكم الاحتكارات الاجنبية،وما لم يصف الاستثمار الاقطاعي تصفية نهائية،وتؤسس علائقنا التجارية والاقتصادية مع الدول الاجنبية على اساس النفع المتبادل.وفي هذه الفترة نشر كبة مؤلفات عدة اهمها:
•   حول بعض المفاهيم الاساسية في الاشتراكية العلمية – 1960 .
•   انهيار نظرية الرأسمالية المخططة – 1960 .
•   الماركسية والحرب الامبريالية -   1960 .
•   البراغماتية والفلسفة العلمية – 1960 .
•   الجزائر وقضية الشعب الفرنسي – 1960 .
•   الامبريالية – 1961 .
•   تشريح الكوسموبوليتية – 1961 .
    لقد حول الاستاذ ابراهيم كبة محاكمته الى محاكمة للبعث والقومجية والرجعية وبرامجها الاقتصادية الانتقائية النفعية،وعزا الانقلاب على ثورة 14 تموز الى استشراء القوى الرجعية ومحاولة تزييفها جميع احداث التاريخ القريب،وتركيزها خاصة على تزييف احداث ثورة تموز المجيدة في جميع معطياتها وجوانبها المختلفة،وانبعاث جميع حملات الكذب والمسخ والافتراء!ليسحب البساط من تحت جهل وغباء وحماقة المدعي العام وما وجهه من اتهامات اعتباطية،ودافع عن نفسه بنفسه في مرافعة كانت دراسة عن الاقتصاد العراقي في فترة ما بعد ثورة 14 تموز.حول محاكمته ودفاعه الى دراسة علمية اقتصادية ذات قيمة عالية،نشرت في  كتاب اقتصادي وفكري ثمين بعنوان "هذا هو طريق 14 تموز" عام 1967.
    ومما جاء في مطالعة المدعي العام العسكري راغب فخري امام المحكمة التي ترأسها عبد الرحمن التكريتي في محاكمة ابراهيم كبة يوم 4/2/1964 ان ابراهيم كبة كان من الفوضويين الخطرين المؤمنين بالنظرية الماركسية ونشر آرائه بصددها مهاجما جميع من نقد تلك النظرية واعداءها،وقد رد عليه الاستاذ معن العجلي باعداد متسلسلة في جريدة السجل!وكان كبة من الموقعين على المذكرة التي رفعت الى رئيس الوزراء في حينه حول سحب امتياز مجلة الثقافة الجديدة وفصل على اثرها من الخدمة لمدة خمسة اعوام،فقدم وجماعة معه من الاساتذة المفصولين بتاريخ 13/9/1954 مذكرة الى مجلس الوزراء حول فصلهم نظمت بالاسلوب المعروف عنهم،وقد طبع الف نسخة منها قام الفوضويون بتوزيعها في الطرقات.ورغم انه مما سبق له ممارسة مهنة المحاماة قبل انخراطه في اسرة التعليم فانه لم يعد الى تلك المهنة بعد فصله وانما فتح له مكتبة جوار كلية الآداب ليكون على اتصال بالوسط الطلابي.وكبة هو احد اعضاء جمعية مؤسسة في العراق(يقصد انصار السلم)رغم ان الجمعية المذكورة لم تمنح اجازة من السلطات الرسمية المسؤولة!!وفي نفس المحاكمة اورد الشاهد فائق السامرائي ان ابراهيم كبة اتصل مرارا في القاهرة اثناء ترؤسه الوفد الذي زار الجمهورية العربية المتحدة بصفته وزيرا للاقتصاد،بافراد ينتمون الى حزب غير مجاز يسمى حدتو(الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني والمرتبطة بالحزب الشيوعي المصري).
   في برقية الاساتذة"مصطفى علي،عبد الوهاب محمود،ابراهيم كبة،محمد سلمان حسن"الى رئيس وزراء الجمهورية العربية السورية بتاريخ: 16/12/1966،حول تأييد الموقف السوري ضد احتكارات  النفط الدولية،جاء ما يلي:"نؤكد بان انتصار الامة العربية في هذه المعركة رهين بالتقاء القوى التقدمية على النطاق العربي في جبهة معادية للاستعمار.كما ان مستلزمات المعركة في العراق تفرض اطلاق الحريات العامة لتوفير المناخ الديمقراطي الضروري لألتقاء جميع القوى التقدمية في جبهة موحدة قادرة على تعبئة الشعب وقيادته الى النصر في هذه المعركة القومية ضد احتكار النفط الاستعماري".
    مع تصاعد نجم الفكر القومي البائس كتب ابراهيم كبة في"مقدمة حول التجارب الثورية – 1/4/1967"نأمل ان تسهم دراستنا في تصحيح كثير من الآراء الخاطئة التي تمتلئ بها الكتب والمطبوعات والمواثيق والمناهج السياسية في السنوات الاخيرة،والقائمة على الاضطراب والخلط في جميع قضايا الثورة تقريبا،خلط بين طبيعة الثورات التحررية والديمقراطية والاشتراكية بحجة وحدة العملية الثورية- خلط بين الحركة القومية(التي تستهدف الوحدة السياسية للامة المجزأة)والحركة الوطنية(التي تهدف الى تحرير الامة من الاستعمار)- خلط بين وحدة القوى الثورية(وحدة طبقات وفئات اجتماعية)والوحدة العربية(وحدة الدولة).هذا بالاضافة الى المنطلقات المثالية والتجريدية والاصلاحية لاغلب هذه الآراء والنظريات،كفكرة(الطبقة المجردة)او اللاطبقية لتفسير تخلف بعض المنظمات السياسية في البلاد العربية ومفهوم(وحدة الفكر والعقل)في الامة العربية لتحديد طابعها القومي،ومقولة(اولوية الخلق والابداع على مهام التدمير)واعتبار(الاصلاحات) القوة المحركة للتغير النوعي في بعض البلدان الافريقية،وفكرة الفصل المنهجي بين الاساس الموضوعي لوحدة العملية الثورية(الواقع المركب للاقتصاد)والاساس الذاتي المزعوم لتعدد وتطور مراحلها(الوعي والتنظيم والممارسة)،ومفهوم(الحقيقة القومية)-مقابل السمات القومية-والخلط بينه وبين مقولة النظام الاجتماعي،والتركيز على مفاهيم تكنولوجية(تنمية قوى الانتاج)او سلبية(مجرد رفض الطريق الرأسمالي الخاص)او اخلاقية(العدالة مثلا)او شوفينية(تطور العنصر العربي)او نفسية(ارادة التغيير)او غيبية(رسالة السماء)لتحديد سمات الاشتراكية العربية،مع اهمال متعمد لأهم المقولات العلمية،او تشويهها وافراغها من محتواها الطبقي(مقولات الجماهير،الطليعة،الشعب العامل،الرأسمالية غير المستغلة..الخ)،وفي اغلب الاحوال تجاوز المسألة الاساسية في الثورة،مسألة(السلطة)ومقوماتها المختلفة(الاحزاب،نظم الانتخاب،اجهزة الدولة،المنظمات الجماهيرية..)وكل ذلك لهدف واضح هو تبرير القيادة الانفرادية لبعض مراتب البورجوازية الصغيرة اعتمادا،على اجهزة بيروقراطية،معادية للثورة في الغالب.
   كان الاستاذ ابراهيم كبة من الد اعداء السرطنة الرجعية بتلاوينها وخزعبلاتها دون الوطنية او العابرة لها،وساهم في فضح الآراء والحنقبازيات الفكرية السفسطائية النفعية القومية والطائفية والتي كانت فاعلة في اجهاض ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،في وثيقة"الفكـر الرجعـي في العـراق"في 5/5/1967،ومما جاء فيها"ان انبعاث الفكر الرجعي في العراق الآن،لا يعود لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة،بل هو يعود في الأساس إلى دوره القديم – الجديد كسلاح من أهم أسلحة الردة المستشرية في البلاد،والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة للحكم القاسمي،وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين،وذلك لاسباب موضوعية كثيرة أهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز،قيادة البورجوازية وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة لحركة الردة،وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم(الإقطاع،البورجوازية العقارية الكبيرة،البورجوازية الكومبرادورية)والوسط الرجعي الجديد(البورجوازية الوسطى او الوطنية)وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والطائفية.إن الردة الفكرية،بقدر ما هي أداة من أدوات المعركة الاجتماعية،تعكس بنفس الوقت هذه المعركة وتنطوي على نفس منابعها وجذورها الطبقية والاجتماعية."


بغداد
2/10/2010

الملاحق:
الوثيقة رقم (1) - فصل من" تاريخ الحياة الحزبية في العراق".وجدت هذه المخطوطة في مكتبة ابراهيم كبة/مخطوطة غير منشورة وغير مؤرخة/لكنها بخط يده،ويشير مضمونها انها كتبت اواسط اربعينيات القرن المنصرم.وفيما يلي احد فصولها(علما ان القسم الاول نشرناه في دراسة سابقة  http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=109494 ،والقسم الثاني نشرناه في دراسة سابقة ايضا http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=146997 ، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=147020).
الوثيقة رقم (2) - خطاب السيد ابراهيم كبة وزير الاقتصاد في الجمهورية العراقية"القاه في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي للجامعة العربية المنعقد في القاهرة بتاريخ 5 كانون الاول 1959".
الوثيقة رقم (3) - تأييد الموقف السوري ضد احتكارات  النفط الدولية/برقية الى رئيس الوزراء السوري.
الوثيقة رقم (4) - مقدمة حول التجارب الثورية/دراسة مخطوطة غير منشورة سابقا.


للاطلاع على التقرير كاملا انقر على الرابط التالي

http://www.ankawa.com/upload/634/KUBBA%20%2B%202010.pdf


128
معوقات الاصلاح الزراعي في العراق
(3)
سلام كبة
حركات الاصلاح الزراعي*

   تعني فلسفة الإصلاح الزراعي بمعالجة سوء توزيع الثروة في الريف بما في ذلك الأرض الزراعية التي تعتبر من عناصر الإنتاج الرئيسية ومصدر المعيشة والرزق ، ومعالجة بقاء التوترات  الاجتماعية والسياسية بسبب الفروقات الطبقية وانتشار الفقر والتخلف..ان جذور حركات الاصلاح الزراعي في العالم قديمة وتمتد الى ماوراء القرون الوسطى بل والى فجر التاريخ . وشهد القرنان الاخيران الكثير من محاولات الاصلاح الزراعي المستمرة والتي اصبحت فيما بعد جزء من برامج هيئة الامم المتحدة UN ... وفي العراق يمكن تقسيم تطور الاصلاح الزراعي الى مرحلتين :
الاولى – الجذور القديمة التي اتبعت مفهوم الاصلاح الزراعي القديم الذي يتضمن اعادة توزيع حقوق التصرف في الاراضي الزراعية .. وتبدأ من العهد الاسلامي الى صدور قانون رقم 30 لسنة 1958 .
الثانية – عمليات الاصلاح الزراعي على اساس مفهوم الاصلاح الزراعي الحديث الذي يتضمن اعادة بناء اقتصاد المجتمع الريفي بكامله لتحسين وضع الفلاحين ورفع مستواهم المعيشي وتغيير العلاقات الانتاجية ..

     اختص اول تشريع زراعي صدر في الاسلام بموارد الثروة العامة الاساسية المحتكرة من قبل ذوي النفوذ في الجزيرة العربية كمياه الآبار والعيون والينابيع والمراعي العامة . وجاء هذا التشريع في عهد الرسول محمد (ص) " لا حمى الا حمى الله ورسوله ". .. ثم واجهت الدولة الاسلامية الثورات الراديكالية في مقدمتها ثورة الزنج في البصرة وثورة القرامطة في سواد الكوفة .. والاخيرة كانت متنفسا للفلاحين الذين اخذوا يطالبون بالاصلاحات الزراعية وفرض الضرائب التصاعدية ، وانتهوا بالغاء الملكية الفردية واقامة الاشتراكية المطلقة في الاموال .. وكانت حركتهم اوسع حركة اجتماعية شهدها المجتمع الاسلامي .
     ساد الاقطاع العسكري في العراق العهود البويهية والسلجوقية والزنكوية والايوبية والايلخانية .. وتطور الاقطاع العسكري الى اقطاع وراثي للارض ! وفي العهد العثماني توزع التقسيم الاقطاعي الى خاص وزعامت وتيمار الى ان الغته الدولة العثمانية عام 1839 ليحل محله قانون الاراضي العثماني عام 1858 .. الا ان القانون لم يطبق في العراق الا في زمن مدحت باشا ( 1869-1871) ، واشتريت السندات من قبل التجار والموظفين وبعض الشيوخ المتنفذين .. وفي عهد الاحتلال البريطاني استقدمت الحكومة الخبير البريطاني بالارض آرنست داوسن الذي قدم تقريرا عام 1931 اعتبرته السلطة اساس الاصلاحات الزراعية ، وتضمن التقرير تقسيم الاراضي بين افراد العشائر حسب تصرفهم الفعلي فيها وحسب العرف القبلي اي ان يعطى للشيخ الخمس والباقي توزع على افراد العشيرة .. بعدها شرعت الحكومات الملكية جملة قوانين مستندة على تقرير داوسن( راجع الهامش 1 ).
     جاءت الضربة التي تلقتها العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية  في أعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الإقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين وصدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين. لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي !.وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى  الرأسمال " النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة .. وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!.. كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى .. لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712 ) ساحبة و( 1056 ) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية .
    لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 بداية جيدة لمسيرة الإصلاح الزراعي... إلا ان السنوات التي أعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته، او تجاوزا عليها في كثير من الأحيان مما أعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وإفراغه من محتواه. وأسهمت أجهزة الزراعة والإصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالإقطاع من تحقيق تلك الأغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه أيام العهود السابقة. واصطدم تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1958 بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات . ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا . لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الأرض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته … ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية  المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا  تنفيذ القانون رقم 30 . اضافة لذلك لم يقدم القانون رقم 30 العلاج لحل مشاكل الفلاح المنتج كالتقاليد البالية والمفاهيم المخطوءة والقيم العشائرية ، ومشاكل السلوك وضعف القدرات والنشاط وسوء التنظيم وتخلف المستوى التكنولوجي .
    في عام 1960 اعتبرت عائلتا الجاف والشيخ محمود البرزنجي من العوائل ال(13)الاقطاعية الاكبر في العراق،الى جانب عائلة الملك المزاح وعوائل اخرى منها(آل ياسر،الفرحان،الامير،الجلبي،القصاب،الياور،الخضيري،آل مرجان،آل جريان،السهيل .. ).


   في عام 1961 شرعت القوانين 17 ،  61 أعطيت بموجبها للسراكيل حقوق خاصة وللملتزمين حقوق خاصة أيضا وفي عهد الأخوين عارف اتخذت جملة إجراءات لصالح الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية لكنها لم ترتق بدور الشيوخ وكبار ملاكي الأراضي الزراعية إلى مستوى الفترة التي كان عليها نفوذهم في العهد الملكي. من إجراءات العهد الجمهوري الاول في دعم الاقطاع والعشائرية كانت قوانين .. اتحاد الجمعيات الفلاحية المرقم 139 لسنة 1959 ...الإقرار بحقوق خاصة للسراكيل والملتزمين المرقم 17،61 لسنة 1961 .... تحويل الأراضي الأميرية الى ملك صرف المرقم 199 لسنة 1964 و المرقم 16 لسنة 1965 .
      لقد أخذ القانون رقم 30 بحد الألف دونم في الأراضي المروية وألفي دونم في الأراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الأعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين...لكن القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان اقرا مبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار، ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ (الارض لمن يزرعها) وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام. كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة، الشعير، الذرة الصفراء، الشلب، القطن والصوف) وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة.
     قنون  القانون 117 لسنة 1970 جملة اسس بالغة الاهمية في مقدمتها:
1-   خفض الحد الأعلى للملكية الزراعية الذي يتحدد على أساس مواصفات الأرض ونوع الزراعة وطريقة الري وغيرها. 
2-   إلغاء حق اختيار المالكين السابقين لمواقع المساحات التي تجنب لهم، وان يكون التجنيب بمالا يتعارض مع المصلحة العامة. 
3-   استثناء مساحات البساتين من أحكام تحديد الملكية. 
4-   توحيد تسجيل صنف أراضي الإصلاح الزراعي بأميرية صرفة بدلا من التعدد في التسجيل . 
5-   إلغاء التسوية ، وأناطه مهمة تثبيت الحقوق في الأراضي التي لم تتم تسويتها بعد بلجان الإصلاح الزراعي حيث تقوم بتثبيتها ضمن الحدود التي عينها القانون لحدود الملكية الزراعية بشكل موحد، وكذلك إلغاء قرارات التسوية غير المكتسبة للدرجة النهائية. 
6-   إلغاء التعويض عن الأراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأعلى للملكية الزراعية. 
7-   للمغارس والتعاب حصة في الأرض والشجر لاتقل عن النصف، وأجاز إثبات الحق فيها بالبينة الشخصية وبكافة طرق الإثبات القانونية.
8-   الأخذ بمبدأ التوزيع الجماعي على الفلاحين بالإضافة إلى التوزيع الفردي حسب ظروف المنطقة. 
9-   شمول حالات متعددة من أشكال التوزيع (فيما يخص الوحدات الاستثمارية والمستأجرين في مشروع ري أبي غريب والمتصرفين في الأراضي الأميرية في مشروع الحويجة والسراكيل في الناصرية والملتزمين الأوليين والثانويين وأصحاب المحرمات في العمارة).
10-   شمول المغارسين وفلاحي البساتين بالعلاقات الزراعية في أن تكون حصتهم من الثمر النصف، وفي المزروعات التي تزرع تحت الأشجار وفق نسب قسمة الناتج للمحاصيل الحقلية... مقابل ذلك اوجب على المغارس الاستمرار في عمله بالعناية بالأرض والشجر بعد انتهاء مدة المغارسة في البستان المشتركة بينه وبين صاحبها السابق وعدم جواز الإفراز في البساتين إذا كانت النتيجة أن تقل المساحة عن 5 دونمات. 
11-   الأخذ بأسلوب المزارع الجماعية التعاونية، والأخذ بقواعد جديدة في تبسيط إجراءات التنفيذ وتوفير إمكانية الانجاز السليم والسريع.   
    تمكن النظام الصدامي البائد من إيصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين، وهم الاكثرية، يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان. وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية.واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي ألغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة أو اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية، و ليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة أو أجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين (الأجير والمؤجر). كما اصدر، ما يسمى مجلس قيادة الثورة، تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات على وفق معدلات محددة . وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام .
      جهدت دكتاتورية صدام لتسويق بضاعة العشائرية ومشايخها القدامى والجدد وعصابات قطاع الطرق لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة العشائرية والأواصر العرفية وبروح الاثنية المنغلقة،وكبح تطلعات جماهير الريف....  وساعدت الخصخصة (Privatization)على بعث الهويات دون الوطنية الجزئية كي تلعب دور الوسيط للتواصل بين الشعب والسلطة ولكن هذه المرة ليست تكرار لهويات الاربعينات ... وتركزت بأيدي الملاكين الكبار في بلادنا أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء المكائن والمعدات الزراعية.وقد وفرت لهم حكومات البعث في حينها الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم 3 الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص ….

قنونة الخصخصة بالقطاع الزراعي في العهد التكريتي


   
    اعادت الطائفية السياسية مابعد التاسع من نيسان 2003 الخطاب السياسي الذي ينتج السياسات العاجزة والانفاق المظلمة والطرق المسدودة لتنقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضد الاحتلال الاميركي الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية ولتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية . ولتنهض مجددا العلاقات الانتاجية الاستغلالية ولتعود العلاقات شبه الاقطاعية ولتنتعش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح أغنياء الريف الجدد ودور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي، وتنامي دور الفئات الطفيلية ... الامر الذي اجهض مشاريع الاصلاح الزراعي والتعاون الزراعي وشجع سيادة الأستثمارة  الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة.... وافتقرت السلطات الحاكمة الطائفية الى السياسات الزراعية السليمة والتعاونية بحكم الموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وتهميش دور المؤسساتية المدنية وسياسات الاضطهاد الشوفيني والتغيرات الجيوسياسية القسرية.
     شهد القطاع الزراعي خلال العقود الاخيرة تراجعا كبيرا  كان لها الاثر البالغ في تراجع الانتاج الزراعي في البلاد .  ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى  الانتاج الزراعي  صعوبة حصول صغار الفلاحين على القروض ، وشحة  ما يحصلون عليه  من البذور والاسمدة والمبيدات والادوات الزراعية ، فضلا عن ارتفاع اسعارها ، وارتفاع تكاليف الخدمات الزراعية . ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى  الانتاج الزراعي  ايضا والتي لا تتهدد مستقبل الزراعة  وحسب  وإنما مستقبل التطور الاقتصادي – الاجتماعي بأسره في العراق ، فشل مشاريع البزل وشبكاته في وقف زحف الملوحة  في التربة ومنع تردي خصوبتها.
    الاخطر في الامر تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق  التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي  التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص، من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة بدءاً من  "سلطة التحالف المؤقتة" بقيادة بريمر وانتهاءً بالحكومات التي تلتها. وشهدت الفترة هذه احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي، تحت ذرائع مختلفة، للاستحواذ على اراضيهم بالقوة، وقد نهب بعضها فعلا . وشهدت مناطق عديد نشوء تحالفات ميدانية بين الفلاحين والجمعيات التعاونية والمهندسين الزراعيين وغيرهم، في مسعى يستهدف التصدي لهذه المحاولات.


بغداد
30/9/2010

*
المقالة جزء من دراسة اكبر للكاتب نشرت قبل 4 اعوام تحت عنوان"القضية الفلاحية في العراق المعاصر" .

(1)
 ثبت اعتراف حكومات الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة بالنظام القبلي .. ثبت العلاقات الاقطاعية العشائرية عبر سلسلة من القوانين الوضعية :
   نظام دعاوي العشائر لسنة 1918 وتعديلاته .
   قانون تحديد وتسجيل الاراضي رقم 24 لسنة 1920.
   قانون الجمعيات رقم 27 لسنة 1922.
   قانون تمليك وتحديد الاراضي الاميرية في القرى والقصبات رقم 84  لسنة 1926.
   قانون تمليك الاراضي الاميرية المغروسة رقم 15 لسنة 1927 .
   قانون اللزمة رقم 51 لسنة 1932.
   قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 1932.
   قانون حقوق العقر رقم 55 لسنة 1932 .
   قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 28 لسنة 1933.
   قانون تشييد القرى الحديثة رقم 70 لسنة 1936 .
   قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 29 لسنة 1938.
   قانون اطفاء ضريبة الارض رقم 20 لسنة 1939.
   قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1940 .
   قانون تفويض الاراضي الاميرية لسنة 1941.
   قانون الجمعيات التعاونية رقم 27 لسنة 1944.
   قانون اعمار واستثمار الاراضي الاميرية رقم 43 لسنة 1951.
   قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1954 .


129
معوقات الاصلاح الزراعي في العراق

سلام كبة


   سجل القانون رقم 30 الصادر في 30 ايلول 1958 بداية جريئة لمسيرة الاصلاح الزراعي الحديث والجذري،ومعالجة سوء توزيع الثروة في الريف،بما في ذلك الارض الزراعية التي تعتبر من عناصر الانتاج الرئيسية ومصدر المعيشة والرزق،ومعالجة بقاء التوترات الاجتماعية والسياسية بسبب الفروقات الطبقية وانتشار الفقر والتخلف!وكان القانون بحق ضربة للعلاقات الانتاجية شبه الاقطاعية والدور المتنفذ للشيوخ والاغوات من الاقطاعيين وكبار ملاكي الاراضي الزراعية!الا ان التراجع الخطير في تطبيق فقراته والتجاوز عليها اعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون،بعد ان اسهمت اجهزة الزراعة والاصلاح الزراعي التي ارتبطت مصالحها بالاقطاع من تحقيق اغراضها للعودة بالريف القهقرى!لقد قاوم كبار الملاكين هذا القانون بضراوة ولجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات،كما لجأوا الى تخريب الانتاج،خاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح"فوق الحد الاعلى"والتي لم يتم الاستيلاء عليها،بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين عبر الامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا.وساندت القوى الرجعية(وفي مقدمتها البعثيون والمرجعيات الطائفية)الاقطاع ضد الاصلاح الزراعي،حال صدور القانون رقم 30 الذي شرع بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين،وحاربوا القطاع العام وشهروا بسياسة وزارة الاصلاح الزراعي واطلقوا الاكاذيب والافتراءات ضدها وجهدوا في مضايقة خيرة الموظفين،وحاولوا شل جهاز الاصلاح الزراعي بالمخالفات القانونية الصريحة مثل تأجير اراضي الفلاحين للاقطاعيين وجعل حق الاختيار مطلقا من قبل الاقطاع في الاراضي المجنبة خلافا لروح القانون وتأجير اراضي الاوقاف لغير الفلاحين وتزوير الجمعيات الفلاحية والتدخل للسيطرة على انتخابات جمعيات الفلاحين..
    في العهد البعثي الثاني تمكنت الدكتاتورية من ايصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات لشرعنة الحجج والتعديلات القانونية الرجعية على قوانين الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958،و117 لسنة 1970،وقانون رقم 90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان،ولاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين،ولابقاء الفلاحين يعيشون في اجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان.وبدأ صدام حسين بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية،واصدر القرار 364 لسنة 1990(ملحق بالقانون 35)ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي الغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة او اراضي البادية،وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية،في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية،وليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 % او اجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل،ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة،ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين(الأجير والمؤجر).كما اصدر مجلس قيادة الثورة المقبور تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات!وبعد الغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع،وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية.ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام.
    يدرج الفلاحون بجميع فئاتهم والمزارعون ضمن مجموعة الطبقات والفئات الاجتماعية ذات المصلحة في انجاز مهمات العراق الجديد في التحرر الوطني والتقدم الاجتمااقتصادي(وفي المقدمة الاصلاح الزراعي الجذري)في بلادنا الى جانب العمال الزراعيين وكامل الطبقة العاملة وجميع العاملين بأجر في الدولة والقطاع الخاص،والحرفيين،والصناعيين المنتجين،وكل المرتبطين بالانتاج والخدمات التي تتطلبها دورة الاقتصاد الوطني السلمية،والعلماء والمثقفين بمختلف مناحي نشاطهم الابداعي.ولا يتم ذلك الا عبر القوى السياسية المؤهلة لهذه المهمات المعقدة المتمثلة بالاحزاب والمنظمات والقوى والشخصيات الوطنية والديمقراطية وكل القوى التي تؤمن بالعملية الديمقراطية وبآلياتها وفي مقدمتها المشاركة في الانتخابات والقبول بالاخر والتداول السلمي للسلطة!
   الا ان اكثر من 7 اعوام خلت،اثبتت القوى السياسية المتنفذة،وخاصة الطائفية السياسية،انها اعجز من تأدية هذه المهمات،وهي تجتر الخطاب السياسي الذي ينتج الانفاق المظلمة والطرق المسدودة لتنقل الصراع الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية ولتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية.فالمنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية لوثتا الشارع العراقي وسممت اجواءه الاجتمااقتصادية معتمدة على التمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية(الخروقات الدستورية كبدعة جلسة مجلس النواب المفتوحة،تأمين حق التعبير عن الرأي والنشاطات الاحتجاجية المطلبية بالطرق السلمية)والعنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع حلفائهما من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والعلم والبرامج التنموية كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام!
    لقد فشلت حكومات المحاصصة في تحمل مسؤولية بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد الذي يضمن حقوق الانسان واستخدام الوسائل الديمقراطية بالتعامل مع الفلاحين بسبب التراخي امام النفوذ والتدخل الاجنبي في مناطق جنوب العراق والفرات الاوسط،والضغط التركي والسوري والايراني بالتقليص الكبير اللامعقول في نصيب بلادنا من مياه نهري دجلة والفرات وروافدهما،والاحتلال الاميركي،ولتنهض مجددا العلاقات الانتاجية الاستغلالية ولتعود العلاقات شبه الاقطاعية ولتنتعش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح اغنياء الريف الجدد ودور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي..الامر الذي شجع سيادة الاستثمارة  الفلاحية الصغيرة اي الاستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة.ولم تملك السلطات الحاكمة اية سياسات زراعية بحكم الموقف الاجتمااقتصادي المعرقل للاصلاحات الزراعية،والتوجهات الديمقراطية المبتسرة،وتهميش دور المؤسساتية المدنية،والتغيرات الجيوسياسية القسرية.
    تعرض القطاع الزراعي الى الدمار خلال الاعوام القليلة الماضية،ولازال الانتاج الزراعي وانتاج محاصيل الحبوب كالشعير والقمح والرز يهبط بمعدلات مخيفة وخطيرة سنويا.وتسببت شحة تدفق المياه وتدهور نوعيتها في الحاق اضرار بليغة بالقطاع الزراعي في ظل الفوضى البناءة ومايسمى بالرأسمالية المخططة والسياسات التنموية المبهمة واستشراء الفساد.وادت عمليات تجفيف الاهوار وحروب الخليج التي قام بها نظام صدام عبر ثلاث عقود الى تغيرات كبيرة في البيئة الجغرافية نتيجة حرق وتجفيف الاف الهكتارات من مستنقعات القصب والبردي والنزوح الجماعي لساكني الاهوار وجواميسهم الى المناطق المجاورة،ادت هذه العمليات الى احداث تغيرات كبيرة في جغرافية الثروة السمكية وجغرافية الجاموس في العراق.اما نخيل العراق فهو في تناقص مستمر بسبب الحروب المتتالية وآثار استخدام الاسلحة والبارود والتي ادت الى جرف مئات الهكتارات المزروعة بأجود انواع النخيل!ومما زاد الطين بلة ان الرأسمالية الجديدة تتعامل مع الانشطة الطفيلية وتمارس الفساد والافساد والمضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق،وتدمر منظومة القيم الاجتماعية مستغلة مشاكل الارهاب والانفلات الأمني والازمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة وضياع الافق في وطن يتعرض للاحتلال والتبعية والنهب والتصفية المتسارعة.
   حالما تم عزل الاقطاع السياسي البعثي الحاكم في العراق،اندفع الاقطاع الديني بكل تلاوينه لكي يرث ملكية المسلمين المتاع المشاع الدائم لهذه القوى،وفي سبيل ذلك قام ويقوم بالمغامرات المذهلة الدموية حتى ضد طوائفه!وتستغل الطائفية السياسية جهل الفلاحين الذي يولد التربة الخصبة لترعرع التقاليد العشائرية والطائفية وروابطها الثقيلة في ذاكرته وعقله!وتسبب الملكية الزراعية الصغيرة الخسارة في الارض الزراعية وفي الزمن والعمل والزيادة في التكاليف العامة،وحتى في اضطراب الامن العام والفوضى في نظم الري والصرف،وفي القيود التي تعوق تحسين الارض واستخدام الآلات الحديثة!والزراعة الفردية عموما  طريقة رديئة في استعمال الارض اذ تحرم الاراضي من التنظيم الزراعي العقلاني. 
    يستند الاقطاع الديني على الطائفية السياسية التي لم تأت من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي الثري الذي يعتبر مصدر قوة للنسيج الاجتماعي العراقي بل جاءت من سلوك السلطات والاحزاب والجماعات والميليشيات الطائفية ومن طبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقول الحكام،معادلات تقوم على التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين وخدم،وضمان التهريب غير القانوني ونهب المال العام والاغتناء اللامشروع وتسريع الألاعيب والتداخلات القانونية التي تتيح للنخب المتنفذة جمع الثروات الطائلة على حساب قوت الشعب.غنى،مزيدا من الغنى،الاغنى..هذا هو ديدنهم!وينافس الزعيم المتنفذ على الزعامة من هم اقرب الى قامته في الثروة!
   الطائفية السياسية رديفة للعشائرية كونهما مؤسستان مراتبيتان سياسيتان مرتكزتان بالضرورة على الملكية الخاصة وعلى قوة الثروة!وفيهما يجر"تنصيب"الغني - الرأسمالي زعيما آمرا مقبولا بغض النظر عن مصدر الثروة!والمرتع الخصب هنا هو الفلاحون بسبب الامية والجهل وتدني الوعي الثقافي السياسي،وهذا الانخفاض يكون على حساب القضية الوطنية.وحينما تنخفض القيم السياسية الوطنية لا يعود هناك تساؤل عن نظافة الثروات!
    تتجنب الحكومة العراقية اليوم الحديث عن محاولات الدكتاتورية طيلة الثمانينات على هدم الريف وتخريب العلاقات الاجتماعية الاقتصادية فيه وتصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام،وتصفية التعاونيات،وعلى ايقاف وسائل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري والغاء المراكز وفرق المكافحة البيطرية السيارة!وتصفية العديد من المضخات وتحويلها الى من يستطيع استئجارها وتدهور الانتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية الى جبهات الحرب،وبقاء مشكلة التسويق خاضعة الى عملية العرض والطلب في السوق،وتقلص حجم العلاوي الشعبية،والعودة الى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف،وتأرجح الفلاحين بين مطرقة الضرائب وسندان الارهاب والعنف،اما حملات الحصاد فكانت لترويع الفلاحين وتجويعهم لا غير!
   ماذا قدمت حكومة تصريف الاعمال العراقية لجماهير الفلاحين؟الفساد والازمات الاقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة وضياع الافق في وطن يتعرض للنهب المتسارع،تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لاصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة،دولة الفوضى السياسية والكلاملوجيا اي اللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية،السعي الحثيث لطرد الدولة من ميدان الاقتصاد والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية الوطنية،تعاظم التفاوت الاجتماعي،غياب برامج التنمية الريفية ومحو الامية والصحة والكهربة الريفية والاسكان الريفي وتوطين البدو الرحل الهجرة المعاكسة الى الريف وحماية الثروة الحيوانية والسمكية واقامة المشاريع الزراعية النموذجية الكبيرة..الخ،بطء دوران العجلة الانتاجية وبقاء العديد من المصانع والمنشآت الصناعية والزراعية مغلقة الأبواب،تفاقم معاناة صغار الفلاحين بسبب ضعف التمويل بشروط ميسرة،الدفاع المستميت عن التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية وخاصة القوانين المرقمة  (35) لسنة 1983 و(32) لسنة 1986 والقرار(364) لسنة 1990(ملحق بالقانون 35)،ضمان مصالح كبار الملاكين والاثرياء الجدد  بمختلف السبل الشرعية وغير الشرعية،استيلاء النخب الطائفية على ادارات النقابات والجمعيات الفلاحية والتعاونية،استغلال السايكولوجية الفلاحية لأغراض طائفية ونفعية،فوضى عمل المنظمات الاجنبية غير الحكومية (NGOs) ووكالات الامم المتحدة ذات الشأن بعيدا عن اعين الرقيب،ضياع حقوق العمال الزراعيين تشريعا وتنظيما نقابيا وضمانا اجتماعيا وصحيا مع سريان مفعول القوانين  ارقام 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة والقوانين ارقام  71 و 91 لعام 1977 و 190 و 543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم(150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي،فوضى اسعار السوق الزراعية،التجاوز على الثروات الحيوانية والطبيعية والبرية والمائية وفوضى الصيد،ضياع حقوق العراق المائية واستفحال ازمة الامن المائي العراقي،تلوث الانهار،الزحف المستمر للتصحر وتفاقم نسب  ملوحة التربة وكدارة المياه،ضياع حقوق المرأة الفلاحة،بطالة الفلاحين والهجرة المستمرة الى المدن،تضخم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة!
   يحتدم الصراع الطبقي في الريف ويتصاعد نشاط الملاكين ويتنامى نفوذ الاقطاعيين للاستيلاء على اراضي الاصلاح الزراعي،من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة!كما ينخر القطاع الزراعي الدمار الشامل والشلل التام مع انطمار كافة المشاريع الحيوية وفي جميع مفاصل العملية الانتاجية،وتتراجع مشاريع الثروة الحيوانية،وتنتهك حقوق العراق المائية من الدول المجاورة،وتتدهور اوضاع الفلاحين نتيجة فتح الحدود العراقية على مصاريعها دونما ضوابط وتدفق المنتوجات الزراعية المستوردة وارتفاع تكاليف الخدمات والمستلزمات الزراعية.
   خلى القاموس التنموي للحكومة العراقية والقوائم السياسية الفائزة من خطط الاستصلاح والاصلاح الزراعي!الا ان الثلاثين من ايلول حيث ذكرى صدور قانون الاصلاح الزراعي بعيد ثورة 14 تموز 1958 يدعو الجميع لاتخاذ وقفة جادة وتدقيق شامل لاوضاع الريف العراقي وحشد الامكانيات والطاقات،في حملة وطنية لتجديد الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه،بعد سنوات الاهمال والتعثر،خدمة لانسان وادي الرافدين الذي عرف الزراعة والحضارة قبل آلاف السنين.وكعادتهم،يتضامن عمالنا البواسل بهمة لا تلين مع الكفاح العادل للفلاحين في سبيل تكوين جمعياتهم التعاونية وانتخاب ممثليهم الحقيقيين في ظل اجواء ديمقراطية،بعيدا عن التأثيرات الضارة للاقطاعيين والملاكين الجدد،واستناداً لكل المفاهيم والقوانين الدولية التي تقر بالحقوق الاساسية للفلاحين،والتي حرموا منها طيلة العقود الماضية في ظل سياسات الاستبداد والدكتاتورية والطائفية السياسية!

بغداد
24/9/2010
 


130

الثقافة العراقية لا زالت محاصرة!

سلام كبة

    اهتراءات الحياة السياسية التي عاشها العراق همشّت الثقافة العراقية والمبدعين الحقيقيين واشترت ضمائر كتاب آخرين واقصت العلماء والأدباء والفنانين الرائعين،وانحدر مستوى الثقافة التي بناها المئات من المثقفين لأجيال الى ادنى مستوياتها في العقود الأربعة الماضية ولحد الآن.وقد ابتدأت محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية بالجريمة الأساس في حرق المكتبة الوطنية - الذاكرة العلمية للشعب ومصدره في البحث العلمي ومثلها كل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث.كانت ارشيفات معظم الوزارات في ظل الحكم العثماني للعراق(1638-1918)وعهد الانتداب البريطاني(1920-1932)والجمهورية العراقية(1958- 2003)محفوظة في المكتبة الوطنية ودائرة المحفوظات(نفس المبنى).وتواصلت محاولات غسل ذاكرة الشعب مع كنوزنا وأرصدتنا الموجودة في بنوك العراق المركزي والمصارف المهمة الأخرى،ومع المعامل والمصانع ومواقع الانتاج المدنية وركائزنا الكبرى من كهرباء وجسور وغيرهما،ومطابع الكتب المدرسية ودفاتر أطفالنا وقرطاسيتهم وقاعات العرض المسرحية والسينمائية وقاعات الموسيقى والباليه والفنون التشكيلية،وثروة شارع المتنبي،وثروة المتاحف التي ليس لها ثمن يقابلها مطلقا،ثروة الإنسانية وتراثها الأول الحافل بقراءة تاريخنا ونور حضارته،ليباع العراق الإنسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي،وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
   هكذا تتواصل عمليات سرقة وتهريب الآثار بالتنسيق بين جهات داخلية وشبكات دولية،وتقوم العصابات باستخراج الآثار من المواقع وبيعها الى وسطاء داخل البلاد قبل تهريبها وبيعها بأسعار خيالية،تناغما مع ما يريده المحررون فصولا جديدة في طمس الذاكرة العراقية وتحويل مهد الحضارة الى امة بلا ذاكرة!الى جانب تعرض النصب واللوحات الفنية والموروث العمراني ذات القيمة المعمارية الرفيعة في بغداد والمدن العراقية الى مخاطر الانهيار الذي يهددها،من اضرار وتصدعات وشقوق وصدأ،نتيجة الانفجارات والاعمال التخريبية والاهمال!
   قبل التاسع من نيسان 2003 ازدهر التعامل البيروقراطي غير الودي للحكومات العراقية مع الادباء والفنانين وعموم المثقفين،الا ان ثورة 14 تموز 1958 فتحت للادب والفن العراقي آفاقا لم يطوف بها من قبل،ليس على صعيد الاطلاع على الكنوز العالمية فحسب وانما في ما اتاحت من فرص للتعبير الحر والتشكل الجديد.ومنذ انقلاب رمضان الاسود 1963 تسلط المجرمون والقتلة على الثقافة العراقية عندما لم توفر سياسات النظام الدكتاتوري السابق فرصا حقيقية لنمو ثقافة حرة ومنفتحة يعبر من خلالها المثقف عن عالمه الابداعي وينمي فرص تطوير المواهب والعقول الشابة الطامحة الى التعبير عن عالمها الفكري والاخلاقي والاجتماعي.كانت عوالم الادب والفكر والفنون والثقافة بشتى اشكالها فرصة للتشويه والالزام والتسفيه طيلة العقود الماضية مما اورث مجتمعنا تقاليد مريضة وغير صحية طغت على التقاليد الانسانية والاصيلة للثقافة والفنون والفكر والابداع والاصالة في عراقنا.
   الثقافة الانسانية بوجه عام في العراق تراجعت بفعل الكارثة السياسية والاجتمااقتصادية التي اتسمت  بأسوأ ما في القاموس الظلامي والاستبدادي والتكفيري والقمعي من ممارسات فعلية بسبب التمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية الى جانب حروب النظام الصدامي البائد وعسكرة المجتمع.وتلقى الرواج عند الحثالات الطبقية دعوات بعض المراجع الدينية الى عدم الوقوع في فخ الرياضة واقامة الاحتفالات حول مباريات كرة القدم وعدم الوقوع في فخ الانترنيت ايضا،وقبلها عدم الوقوع في حبائل الفن والموسيقى والباليه والمسرح والسينما والنحت والرسم التشكيلي فكلها من وحي الشيطان والزندقة.ولم يستطع الخطاب السياسي من عقر الفوضى والانفلات بل نجح في قمع الخطاب الثقافي الذي لم يستطع بدوره الابتعاد عن الشبهات في انطوائه على اختصاصه،وقد اطلقت التناحرات والمحاصصات والامعان بسياسة التهميش والمصادرة واشاعة ظلمة التخلف..اطلقت النار على الحرية الشخصية للمواطن العراقي،بقصد ارهابه وحرمانه من الحصول على الحاجات الروحية الثقافية مما تبقى من خطابات الجمال والابداع التي تعالج همومه وتداوي جراحاته،ويبقيه اسير الاستلاب والقمع الروحي النفسي والفكري الثقافي،فيضعه خارج دائرة عصرنا وتطوراته الانسانية!
   لا يمكن فهم الادب والفن بشكل صحيح اذا انطلق المرء من قوانين تطورهما الداخلية وحدها،والخوف من المجهول هو ما يشغل ويربك الادباء الشباب والفنانون الناشئون،والمتفائلون والمتشائمون يتفقون على مجهولية الغد بعد ان باتت الوعود في مهب الريح وهواء في شبك.الحركة الأدبية والعمل  الثقافي غير الحكومي يواجهان ضعف الدعم الحكومي،والتعامل السلطوي البيروقراطي والفظ مع الادباء ايام انعقاد مهرجانات المربد والمتنبي والواسطي والجواهري،وتعرض المسؤولين لها،بالسباب والشتائم ضد الأدباء واتحادهم بمناسبة او بدونها،الى جانب تجاهل وزارة الثقافة الفعاليات الثقافية الفنية الاحتفالية المهرجانية لجمعية البيت العراقي ومؤسسات أكد للثقافة والفنون وحميد البصري الموسيقية والمقام العراقية والجمعيات الثقافية العراقية الأخرى في العالم،حتى مهرجانات الأطفال العراقيين.اما الشرطة فهي تداهم معارض فنانينا،كما حصل لرسام الكاريكاتير سلمان عبد في كربلاء،ما الذي تريده السلطات المحلية،هل تريد اعادة انتاج المشهد الثقافي والاجتماعي لتغذية وجودها وسد ثغراتها،وان تسجل حضورها في جميع الافعال والممارسات والسلوكيات؟
   يتآكل المشهد الثقافي اليوم بالرضوض السايكولوجية والاجتماعية والثقافية التي ولدت عند المثقف العراقي الصدمة الكبيرة والخوف من المجهول ومن التوتر النفسي والامني والاجتمااقتصادي.اختفت دور العرض السينمائية والمسرح وقاعات عزف الموسيقى الكلاسيكية ورقص الباليه ومعارض الفن التشكيلي والرسم والنحت التي كانت تملأ بغداد والمحافظات،ويعد ذلك خللا بل شللا في المشهد الثقافي عامة.
   دور العرض السينمائي في بغداد،التي كانت حتى وقت قريب تتجاوز الاربعين دارا،والشغال منها اليوم لا يتجاوز الخمس دور،تتحول الى ورشات لصناعة الاثاث ومخازن حبوب بعد ان تهالكت وتقادمت!وزارة الثقافة لم تلتفت للعناية بدور العرض السينمائي التي تشكل جزءا من ذاكرة بغداد الحضارية ومعلما للحياة المدنية في العراق وجزءا من اماكن الترفيه الأساسية لدى العائلة العراقية،كما تقلصت عملية شراء الأفلام من الخارج،وانسحب الجمهور التقليدي من الدخول الى قاعات العرض السينمائي،وقضت الحروب الكارثية للدكتاتورية البائدة والاقتتال الطائفي بشكل نهائي على تقاليد العرض السينمائي،واقفلت اغلب الدور السينمائية ابوابها.لا يمكن فهم عراقا جديدا دون دور للعرض السينمائي التي تربي لدى المواطن السلوك الحضاري.
   جليا للقاصي والداني قصور العمل وتخلفه في السينما والمسرح وفي الفنون التشكيلية وفي دار الشؤون الثقافية ودار ثقافة الأطفال.وقد طرد منتسبي دائرة السينما والمسرح في مدينة البصرة قبل اشهر معدودة،وتم حجرهم في غرفتين بائستين،في امعان بسياسة التهميش والمصادرة ومزيد من اشاعة ظلمة التخلف،وبقصد ارهاب الناس وحرمانهم من الحصول على الحاجات الروحية الثقافية مما تبقى من خطابات الجمال والابداع التي تعالج همومهم وتداوي جراحاتهم بلسما يمنحهم  قدرات استعادة الحيوية في اجواء العنف والجهل والظلام،ويبقيهم اسرى الاستلاب والقمع الروحي النفسي والفكري الثقافي،فيضعهم خارج دائرة عصرنا وتطوراته الانسانية.
  المسرح الموسيقي الغنائي الراقص من جهته،رغم المبادرات التي لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة،يتطلب اليوم مجهودا متواصلا،يتبارى بتكافؤ مع الريادة.وهذا ما لم تبلغه النتاجات التي تسبح في تيارات هذا اللون الفني الجميل.
   دكتاتورية صدام حسين شجعت المطربين واغدقت عليهم بالمال والتسهيلات من اجل الغناء العاطفي والسياسي والتجاري،بينما تقوم القوى السياسية المتنفذة اليوم بتكميم اصوات المطربين على اعتبارهم رجسا من عمل الشيطان،وفوضى التحريم في العراق لازالت تمنع الآلات الوترية وآلات الايقاع!وبعض المطربين يبيعون اصواتهم بـسوق النفاق لضمان سلامتهم،ليتحولوا من الغناء الى الندب والرثاء واللطم على الصدور في المواكب الحسينية،بينما تقدم السلطات المحلية في المدن العراقية على حل فروع نقابة الفنانين.
  كان واضحا التدخل اللا قانوني لوزارة الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني في شؤون نقابة الفنانين من خلال فرض لجنة تحضيرية معينة للاشراف على شؤون الانتخابات متحدية بذلك الارادة المستقلة لفناني العراق،وتصرفها بأموال النقابة دون اي سند قانوني وتعطيل اعمال ومصالح الفنانين ودور النقابة الرائد في بناء المجتمع العراقي الجديد.
   ان المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية البائدة والطائفية السياسية لوثتا الشارع العراقي وسممت اجواءه الثقافية معتمدة على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع حلفائهما من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام!والعراقيون بتاريخهم الزاخر بالثقافة والفن والادب نبراس لكل حضارات العالم رغم كل حقبات الموت والدمار،والفن والادب مدعوان اليوم لأستئناف كل عناصر قوتهما واستكمال مسيرتهما.وتبعث مبادرات الفنانين بعرض ابداعاتهم وطاقاتهم الفنية المتميزة على الموانع الكونكريتية على ارصفة الشوارع العامة الارتياح لدى المواطن العراقي،بينما يتأس الشعراء وتختلط مشاعرهم عندما يرون بلدانهم تتعرض للهجمات السوداء والظلام الدامس.لا تتوقف الثقافة عند جدار او سياج،والثقافة العراقية لازالت محاصرة!
   ثقافة السلام وحقوق الانسان تتناقض مع ثقافات سوق مريدي والارهاب والفساد والتطرف والعنف وانهاء الآخر وتهديد الادباء بحجة عدم مساهماتهم  في المناسبات الدينية والثقافة الطائفية.تبدو الأهمية الفائقة للثقافة الوطنية والديمقراطية - الحاضنة لكل التيارات القادرة على بلورة الهوية العراقية الوطنية الامر الذي يستلزم:
•   تولي الهيئات الوطنية المتخصصة ووزارة الثقافة مسؤولية كبح جماح محاولات تهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى،والرهان المستمر على المرجعيات الطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني،لا على قدرات النخب الثقافية الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية في مجال صياغة الأفكار وإنتاج التصورات لإثراء الحوار حول كبريات القضايا التي تواجه بلادنا،والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل.
•   الكشف عن حملات التصفية والاغتيالات والابتزاز والخطف ضد حملة الثقافة من مفكرين وعلماء وكتاب وشعراء وفنانين ومبدعين آخرين،ومحاولات تصفية النشاط الإبداعي وتأمين متطلبات نمائه وتعميق طابعه الديمقراطي واغناء جوهره الإنساني.
•   الاحتجاج بشدة ومعارضة كل المحاولات الرامية الى تركيع الثقافة العراقية والفكر العلمي والحر من خلال تشغيل اسطوانة الافكار الهدامة!
•   بلورة الصيغ والتشريعات القانونية التي تكفل حرية الثقافة والإبداع،وتستبعد كل ما يمكن أن يقيدهما،وتهدف إلى وضع ثمارهما في متناول سائر فئات المجتمع،وتعتمد ميثاقا ينظم نشاط مهنة الاعلام ويلزم العاملين فيه باحترام قيم ومعايير الحوار والمصداقية والدقة والابتعاد عن التحريض وإثارة النعرات وكل ما يلحق الضرر بالوحدة الوطنية.



بغداد
22/9/2010

131

الاندفاع الامريكي واستخدام الكيمتريل كسلاح للدمار الشامل

سلام كبة

   الحرب استمرار للسياسة بوسائل عنفية،وتمد جذورها في الملكية الخاصة لوسائل الانتاج،ولا تشكل نقيضا لأسس هذه الملكية بل هي النتيجة المباشرة الحتمية لتطور تلك الاسس،وهي ظاهرة طبيعية وحتمية لجميع الاشكال الاجتماعية للمجتمع الطبقي!وتثقل الحروب ميزانية الدول،وتنشر ثقافة الخوف والقلق والفرار مما يعطل اجيالا عن التواصل مع الحياة،بينما تتعرض البلاد المحتلة الى النصب والنهب والسرقة وانواع اخرى من المصائب،وينتشر الجهل والفكر العدواني بسبب هدم المدارس!ويبدو ان مشاريع السيطرة على الكون دون حروب تقليدية قد وصلت الى مراحلها الأخيرة،بل وظهرت تقارير صحفية تحذر من الأسوأ الذي ينتظر البشرية،وكلمة السر في هذا الصدد هي"الكيمتريل".وكان العالم قد فوجىء في ذروة انشغاله بمواجهة تداعيات كارثة هاييتي باتهامات ل"غاز الكيمتريل" بأنه وراء ما حدث وليس الزلزال المدمر!وان ما شهدته هاييتي هو بروفة على حروب المستقبل التي سيتم خلالها التغاضي عن المواجهات العسكرية المباشرة والاستعانة بدلا من ذلك بـ "الكيمتريل" الأكثر براءة وفتكا في الوقت ذاته!
   تقنية"الكيمتريل"ثورة في الهندسة المناخية!وهي ببساطة عملية ضخ مركبات كيمياوية والياف بايولوجية دقيقة الى مختلف الارتفاعات الجوية لأغراض استحداث الظواهر الطبيعية اصطناعيا كالعواصف والأعاصير ‏والسحب والاستمطار والزلازل والتحكم بظواهر الجفاف والرطوبة والتصحر على مساحات واسعة تمتد الى آلاف الكيلومترات المربعة.وبهذه التقنية يمكن التحكم بمسار السحب العابرة وايقافها عن طريق اثقالها بالمركبات الكيماوية ثم اجبارها على التكاثف والنزول الى اماكن محددة على الارض.وأصل الكلمة Chemical Trail التي تعني الزغب او الذيل الكيمياوي.
   عند الاشارة الى الهندسة المناخية Geoengineering - Climate Engineering نتذكر حالا علماء كبار،في مقدمتهم الصربي نيقولا تيسلا مؤسس علم الهندسة المناخية،والذي بدأ ابحاثه اوائل القرن الماضي،وابتكاره مجال الجاذبية المتبدل واكتشافه كيفية احداث التأيين في المجال الهوائي للأرض والتحكم فيه بإطلاق شحنات من موجات الراديو فائقة القصر،وبالتالي اطلاق الأعاصير الاصطناعية!وكذلك البروفيسور عبد الجبار عبد الله الذي تمخضت نظرياته عن تأليف فرع جديد ومهم في الانواء الجوية،هو فرع خاص بالاعاصير والزوابع"!الا ان الكيمتريل تقنية مزدوجة الاستخدام،سلميا وعسكريا!وهو سلاح عصري للتدمير الشامل!
 

  يحمل الكيمتريل للبشرية الخير في حال استخدامه بالمجالات السلمية وله دور فعال في التقليل بشكل كبير من ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد بغرق الكرة الأرضية وفناء الكون في المستقبل البعيد لانه يحجب أشعة الشمس عن الأرض،حيث تستخدم جزيئات دقيقة من اوكسيد الالومنيوم كمرآة تعكس أشعة الشمس للفضاء الخارجي لتنخفض درجة حرارة الهواء وعلى الأرض فجأة وبشدة.والكيمتريل مفيد في ظاهرة "الاستمطار" في المناطق القاحلة،الا ان واشنطن أبت فيما يبدو ان تخدم البشرية واستخدمت تلك التقنية في الاغراض العدائية ليصبح الكيمتريل احدث اسلحة الدمار الشامل.وتؤدي اسلحة الدمار الشامل عادة الى احداث اضرار خطيرة،وهي محرمة دوليا،واستخدامها ضد المدنين يعتبر جريمة حرب.تنقسم هذه الاسلحة الى ثلاثة انواع،وتتفاوت في اضرارها وشدة التدمير الذي تحدثه:النووية،الجرثومية،الكيمياوية...

القنبلة الكهرومغناطيسية

 
القنبلة الذكية
 



قنبلة التفريغ الهوائي


   كان الاتحاد السوفياتي اول من استخدم تكنولوجيا التحكم بالمناخ الجزئي اثناء اولمبياد موسكو لتغيير المناخ المحلي فوق مكان الاولمبياد عام 1986!وكذلك في الاحتفال بمناسبة مرور ‏60‏ عاما علي هزيمة المانيا النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية ايار ‏2005‏ عندما قامت الطائرات الحربية الروسية برش الغاز في سماء موسكو،خصوصا الميدان الاحمر لتشتيت السحب واجراء مراسيم الاحتفالات في جو مشمس!كما استمطرت الصين الشعبية السحب خلال الفترة ما بين ‏1995‏ و‏2003،فوق‏ 3 ملايين كيلو متر مربع"حوالي ثلث مساحة الصين"،وحصلت على‏ 210‏ مليارات متر مكعب من الماء،وحققت مكاسب اقتصادية من استزراع تلك المناطق التي كانت جافة قدرت بـ‏ "1,4‏" مليار دولار وكانت التكلفة العملية فقط "‏265‏" مليون دولار‏.الا ان ابحاث الكيمتريل تطورت على يد واشنطن على النقيض،بعد ان توصلت الى قواعد علمية وتطبيقات تؤدي الى الدمار الشامل كالأسلحة الزلزالية التي تحدث زلازل مدمرة اصطناعية في مناطق حزام الزلازل،وتقنيات لاستحداث ضغوط جوية عالية ومنخفضة تؤدي الى حدوث اعاصير مدمرة‏.وقد نجحت واشنطن بالفعل وبخبث شديد في انتزاع موافقة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ايار ‏2000‏ على قيامها بمهمة استخدام تقنية الكيمتريل في تخفيض الاحتباس الحراري على مستوي الكرة الأرضية بعد عرض براءة الاختراع المسجلة عام ‏1991‏ من العالمين"ديفيد شانج"و"اي فو شي"بشأن الاسهام في حل مشكلة الانحباس الحراري دون التطرق لأية آثار جانبية.واعلنت الولايات المتحدة حينها عزمها على تمويل المشروع بالكامل علميا وتطبيقيا مع وضع الطائرات النفاثة المدنية في جميع دول العالم في خدمة المشروع،ووافقت الأمم المتحدة على ادخال هذا الاختراع الى حيز التطبيق.وبذلك تم تمرير المشروع بموافقة المجتمع الدولي مع اشراك منظمة الصحة العالمية بعد ان اثار كثير من العلماء مخاوفهم من التأثيرات الجانبية لتقنية الكيمتريل على صحة الانسان‏.هكذا ظهرت واشنطن وكأنها تسعى لخدمة البشرية،الا انها أخفت الهدف الرئيس،وهو تطوير التقنية للدمار الشامل!وبالفعل فإن الولايات المتحدة سوف تكون قادرة عام ‏2025‏ على التحكم في طقس أية منطقة في العالم عن طريق الكيمتريل‏.
   ايار 2003 قرر العالم الكندي ديب شيلد الانسحاب من العمل بمشروع الدرع الأمريكي بعد ان كشف سر سلاح الكيمتريل على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت في موقع تحت اسم‏:www.holmeslead.com قال فيه:"‏انه مقتنع بفكرة مشروع الكيمتريل اذا كان سيخدم البشرية ويقلل من ظاهرة الانحباس الحراري،لكنه يرفض تماما ان يستخدم كسلاح لاجبار الشعوب او قتلها،ويعتبره سلاحا لافناء الجنس البشري‏.وانه قرر الانسحاب من العمل بالمشروع لأن الهدف الأمريكي هو الشر وليس الخير"،وقد وجد العالم الشهير ديب شيلد مقتولا في سيارته عام ‏2006.يقول مايك بلير في www.holmeslead.com في دراسته المعنونة"الجيش الاميركي وراء 4 برامج كيمتريل مختلفة":"البرامج سرية للغاية،ومن الضروري ان لا تعرف المؤسسات البيئية(Environmental Protection Agency and state environmental agencies)شيئا عن ماهية ومكنونات المواد البايولوجية الخطيرة المستخدمة".   
  وتتوفر تقارير على درجة عالية من السرية تفيد بان علماء الفضاء والطقس في الولايات المتحدة نفذوا تقنية"الكيمتريل"سرا فوق اجواء بلدان عدة لاسباب سياسية،مثل كوريا الشمالية ومنطقة"تورا بورا"بأفغانستان.كما اطلقته مؤسسة"ناسا"عام 1991 فوق العراق قبل حرب الخليج الثانية،وقد طعم الجنود الأمريكيون باللقاح الواقي من الميكروب الذي ينتشر مع"الكيمتريل"،ورغم ذلك فقد عاد 47% منهم مصابين بالميكروب،واعلن حينها عن اصابتهم بمرض غريب اطلق عليه"مرض الخليج".وسرعان ما كشف النقاب عن حقيقة هذا المرض الطبيب الامريكي جارث نيكلسون الذي قدم بحثا اشار فيه الى الامراض التي يسببها غاز الكيمتريل في الاماكن التي تم اطلاقه فيها،ومنها نزيف الانف واوبئة الانفلونزا وفقدان الذاكرة المؤقت،مشيرا ايضا الى امكانية حدوث"الآيدز"بسبب زيادة الباريوم في جسم الانسان‏.وعمدت الولايات المتحدة الى اخلاء اجواء العراق من السحب قسريا لغرض تيسير عمليات الاستطلاع والقصف الجوي لفترات طويلة قد تتجاوز السنوات المتتالية(1991- 2003)على الاقل.وتفيد هذه التقارير ان يكون السبب في ارتفاع درجات الحرارة في الاعوام الاخيرة في مصر وشمال افريقيا والعراق وبقية البلدان العربية هو تجارب الكيمتريل الأمريكية والاسرائيلية في هذا الصدد.
   تقنية الكيمتريل تعد من الأسلحة غير التقليدية،فامريكا التي طبقت ابحاث آينشتاين العلمية المحايدة بشكل مدمر في التفجير الذري في اليابان وقت انتهاء الحرب العالمية الثانية،كررت على مايبدو ذات الفعل بحجبها القسري للاشعة الشمسية في منطقة الاستراتوسفير فوق مناطق معينة من الارض،حيث لا توجد تيارات هوائية قوية وحيث درجات الحرارة المتدنية،هناك ستتجه درجات الحرارة الى الانخفاض الشديد المفاجئ الاضافي مما يتسبب في انكماش في حجم كتل هوائية هائلة الحجم و بنشوء منخفضات جوية مفاجئة.ويتسبب ذلك في تغير المسارات المعتادة للرياح في هذه الأوقات من السنة،والاخلال بالمناخ المحلي للمنطقة المراد السيطرة على مناخها.
   تتسارع في العراق ظاهرة التصحر،وتقدر نسبة الأراضي المعرضة لها بأنها تتجاوز 92% من مجموع المساحة الاجمالية.العواصف الترابية كانت تظهر في العراق نهاية الصيف فقط،لكنها اليوم تطرق ابواب المدن جميع ايام السنة قبل سقوط الامطار واحيانا حتى بعد سقوطها.ويكاد لا يمر يوم الا واجواء المدن العراقية مملوءة بالعواصف الترابية التي تهدد صحة السكان والمحاصيل الزراعية وموارده الطبيعية،كما تتناقص المساحات الزراعية،ويستورد العراق اليوم اغلب غذاءه بالاضافة لمحروقاته!في العراق تتسع ظاهرة الراوائح الغريبة والكريهة التى نشمها وتحيط بنا فى الهواء والشوائب العالقة فى الجو،وكذلك ظاهرة الصواعق!وتغير لون السماء وتحولها من الازرق الى لون اقرب الى الابيض!
    ويعزى للكيمتريل ايضا غزو اسراب الجراد كل من مصر وشمال افريقيا وشمال البحر الاحمر ومنطقة جنوب شرق آسيا فوق السعودية والاردن‏ اواخر عام ‏2004!وكذلك اعصار"جونو"عام 2007 والذي ضرب سلطنة عمان واحدث خرابا وتدميرا كبيرا ثم جنح الى ايران.ومن الطبيعي ان يأخذ المرء على محمل الجد تصريحات مؤسسة عريقة كوزارة الدفاع الروسية حول"ان زلزال هاييتي اوائل عام 2010 قد يكون نتج عن تجريب سلاح زلزالي امريكي"حيث ان الولايات المتحدة تتحقق منذعام 2006 من فاعلية تقنية تكنولوجية محددة تستطيع نظريا التأثير في اهتزاز قشرة الأرض.
  ويبدو ان شركات الادوية هي احد المستفيدين من هذا السلاح الخطير،ويؤكد الدكتور منير محمد الحسيني استاذ المكافحة البيولوجية وحماية البيئة بكلية الزراعة في جامعة القاهرة على حرص شركات الدواء الكبرى بالاشتراك في تمويل مشروع"الدرع - الكيمتريل"بمليار دولار سنويا،لأنه مع  انتشار الآثار الجانبية لرش الكيمتريل على مستوى العالم سوف تزداد مبيعات هذه الشركات العملاقة علي مستوى العالم جراء بيع الادوية المضادة لأعراضه.

الشرعية الدولية لحماية البشرية من التلوث البيئي واسلحة الدمار الشامل




  لكل هذا،يعتبر الكيمتريل،مشكلة كبيرة وخطيرة،تتطلب حلا عاجلا رأفة بالبشرية،رغم الخزين الكبير الذي تمتلكه الشرعية الدولية لحمايتها من التلوث البيئي واسلحة الدمار الشامل.والتلميح من قبل البنتاغون بأن تجاربه تحت السيطرة ولأغراض سلمية ما هو الا تدليس ومراوغة،والأحرى به،بدلاً من تمويه الحقائق،كالعادة،ان يفصح عن كافة المعلومات المتعلقة باستخداماته.وينص البند(147)/الجزء الرابع من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الاشخاص والمدنيين وقت الحرب،على محاكمة الاشخاص المتورطين في انتهاك الاتفاقية"بالاقدام على اي من الافعال الآتية،بحق اشخاص او ممتلكات محمية بموجب هذه الاتفاقية وهي،القتل العمد،التعذيب،المعاملة اللاانسانية،بما في ذلك التجارب البايولوجية،التسبب بالمعاناة او الاصابات الجسدية او الصحية الخطيرة".وينص البند الخامس والثلاثين في الجزء الثالث للملحق الاضافي الاول للاتفاقية على"حظر استخدام الاسلحة والقذائف ومواد ووسائل القتال التي من طبيعتها ان تسبب اصابات زائدة ومعاناة غير ضرورية".
    المجتمع الدولي مطالب اليوم،بإسم الحياة والانسانية،بالضغط الفعال للتمهيد لعقد معاهدة شاملة يحظر فيها استخدام الكيمتريل في الاعمال العدائية والعسكرية والتهديد به كسلاح للتدمير الشامل،وتلزم جميع المؤسسات العسكرية في العالم التقيد بها!


بغداد
18/9/2010





132


الملاحقة القانونية لمن يتجاوز على حقوق  الانسان في بلادنا ويدوسها بأقدامه

سلام كبة

    ليست الديمقراطية وحقوق الانسان موضة حديث وخلق شعبيات مؤقتة،والحريات الديمقراطية توسع من الحقوق الدستورية في جدل التناقضات الاجتماعية وتقترن عادة بالتحالفات الاجتماعية والثوابت الوطنية الديمقراطية،ومن دون احترام حقوق الانسان واقرار مشروعيتها التي حددتها المواثيق واللوائح الدولية فان النظام السياسي القائم يفقد اسباب تواجده،وهي كالمجتمع المدني ليست افكار دخيلة على العراقيين ولا هي بقصائد شعر موسمية،بل تتطلب النيات الحسنة والتواضع والمصداقية والعمل الجدي وتضامن جميع القطاعات التي تنشد السلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمدنية.وتبقى القيم البالية المعرقل الرئيسي لتأسيس ارضية صالحة لقيام المجتمع المدني واحترام حقوق الانسان.وكلنا يعلم علم اليقين ان الانتقال من الولاء دون الوطني الى مفهوم الشعب والامة والمواطنة يتوقف على علمنة وعقلنة المجتمع وتحديث بناه واطلاقه الحريات السياسية والحقوق المدنية على اساس من المساواة واطلاق حرية الفرد وحقوق الانسان بضمانات دستورية وقانونية. 
  الوضع الانتقالي القائم رغم ايجابياته الواسعة مخالفا لأبسط الحقوق الانسانية لعموم الشعب العراقي ولابد من تغييره،بينما يعتبره المنتفعون واحة للديمقراطية بحكم رساميلهم التي اكتسبوها بالزكاة والعصامية.ورغم التحسن الأمني فان حقوق المواطنة المتساوية مفقودة اصلا في العراق حتى الوقت الحاضر.ولا تزال حقوق الانسان في العراق بعيدة كل البعد عن المبادئ التي كرستها اللائحة الدولية لحقوق الانسان والمواثيق والعهود الأخرى،وهي المهمة التي تستوجب مواصلة النضال من اجل تحقيقها في دولة كانت من اوائل من صادق عليها،لكنها لم تلتزم بها ابداً!وتؤشر تقارير حقوق الانسان الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية عن تصاعد مستوى الانتهاكات الدستورية المفزعة،وان المدنيين الابرياء هم ضحايا الاعمال الارهابية والقنابل المزروعة على جوانب الطرق واطلاق النار من السيارات المارة والكواتم والخطف والتجاوزات القانونية من قبل رجال الشرطة والجرائم والعمليات العسكرية وتبادل النار بين الجماعات المتنافسة او بين المسلحين ورجال الامن والشرطة.ومما يبعث على المزيد من القلق،الانباء بوجود اختراق لعناصر من الجماعات المسلحة والميليشيات داخل القوى الامنية،وشروع العناصر الرجعية في مجالس المحافظات والمجالس البلدية بالكشف عن عوراتهم السياسية والاجتماعية على الملأ دون حسيب او رقيب.والا ماذا نفسر احتجاز سكرتير فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في واسط المحامي سجاد سالم حسين اوائل ايلول الحالي اثر مقال نشره في احدى المواقع الثقافية؟،وكذلك احد ناشطي الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية اواسط ايلول بسبب انتقاداته للاداء الحكومي؟
   شعبنا العراقي بأمس الحاجة الى ثقافة حقوق الانسان التي تكشف الاعدامات خارج نطاق القانون والقتل العمد والعشوائي،استهداف المهنيين واصحاب الاختصاصات،التخويف والتهديد والاختطاف،اوضاع المرأة والاقليات،النزوح والتهجير..الخ.الشعب العراقي بحاجة ماسة الى المزيد من منظمات المجتمع التي تلتزم بقضايا الدفاع عن حقوق الانسان ونشر ثقافة حقوق الانسان في اوساط المجتمع،والى ملاحقة قانونية لمن يتجاوز على هذه الحقوق ويدوسها بأقدامه!في هذا الاطار نستنكر احتجاز سكرتير فرع اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي في واسط المحامي سجاد سالم حسين اثر مقال نشره في احدى المواقع الثقافية،ونطالب السلطات القضائية بالافراج الفوري عن الزميل سجاد،وابطال الدعوى القضائية المفبركة الموجهة ضده.كما نطالب بالافراج الفوري على اعضاء الحزب الشيوعي العراقي الذين اعتقلتهم السلطات المحلية في الديوانية بسبب مواقفهم الشجاعة في انتقاد الاداء الحكومي الراهن والافتقار الى الخدمات العامة.لقد بان للقاصي والداني خطل السياسات التي اتبعتها الحكومة المركزية والحكومات المحلية وانشغالها طيلة الاعوام المنصرمة بالتصريحات والوعود فقط والخطب الانشائية الفارغة والتخبط في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس بعد ان تراجعت معدلات النمو والامن الاقتصادي الى معدلات مخيفة،وابرام عقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية وتعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية وغياب كلي للمنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية وفوضى الاتفاقيات الحكومية والتدني المريع للخدمات العامة،واتساع العمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية،ومحاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها.
   يبقى السؤال قائما،هل بات الحديث عن حقوق الانسان والنشاطات المطلبية والاحتجاجية في بلادنا مضيعة للوقت،واننا نتحرك في الوقت الضائع؟ومن يحاسب مجالس المحافظات والمجالس البلدية والقوى الرجعية الناهضة في محاولتها استغلال الآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية لتأسيس حكم ديني اي للانقلاب على الحياة المدنية؟!المطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.

الحرية للزميل المحامي الشجاع سجاد سالم حسين!
الحرية لنشطاء الحزب الشيوعي العراقي في كل زمان ومكان!


بغداد
18/9/2010


133
استعصاء ام عبث سياسي في العراق

   
سلام كبة


   انشغلت حكومة تصريف الاعمال التي ايدناها وما نزال نؤيدها لانها حكومة منتخبة،طيلة اعوام ولايتها،بالتصريحات والوعود فقط والخطب الانشائية الفارغة والتخبط في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس"تشكيل غرف العمليات،منع التجول،تشكيل لجان التحقيق وتعيين المخصصات لاعالة عوائل ضحايا التفجيرات،اغتيالات الجملة والكاتم والاختطافات الجماعية،السيطرات الوهمية،الميليشيات المنفلتة وفرق الموت،التهجير الطائفي..".وتراجعت معدلات النمو والامن الاقتصادي في عهدها الى معدلات مخيفة،بعد ابرام عقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية"حالها حال نظم المشاركة،هي الاخرى انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة!.الحكومة العراقية ضيعت التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وشرعت باعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية"،وتعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية.واتسم العهد القصير المنصرم بغياب كلي للمنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية وفوضى الاتفاقيات الحكومية وتدني مريع للخدمات العامة،وبالعمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية"غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وتمويل الحركات والأحزاب السياسية"،وبمحاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها.
    ولم يدرك حزب الدعوة والاحزاب الشقيقة(المجلس الاعلى والحزب الاسلامي والتيار الصدري...وهلم جرا..)الا في وقت متأخر للغاية،انها ليست مساجد وحسينيات ولا نوادي اجتماعية او جمعيات خيرية،وقد تأسست فعلا منذ عقود على اسس طائفية محضة،وفرضت التخندق وراء المرجعيات والثوابت المجحفة،خلافا للديمقراطية والوحدة الوطنية الحقة!وعليها بالتالي اما التمسك سياسيا بالحياة المدنية والآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية او التمسك بالحياة الدينية وآلياتها ومصادرها التي يدركها اهل الحل والعقد والمرجعيات الدينية المعروفة،والتوفيقية هنا تعني استغلال الآليات المدنية والانتخابات الديمقراطية لتأسيس حكم ديني اي للانقلاب على الحياة المدنية!
   والادراك المتأخر هذا لا يعفي حكومة تصريف الاعمال،وعمادها وزراء من الاحزاب الدينية،من تدهور الاوضاع في بلادنا من سيء الى اسوأ مع  قيام السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي ارادت فرض نفسها بقوة الميليشيات على الساحة السياسية لادارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة،وقد وجدت ضالتها في تسعير الخلاف الطائفي،ولو على جثث آلاف الضحايا،وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لادامة حكم الطائفة الواحدة او حكم المحاصصات الطائفية والقومية،وتحقق لها ذلك.
   الادراك المتأخر هذا لا يعفي حكومة تصريف الاعمال من مسؤوليتها الكاملة على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لاصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة،ولو على حساب اشعال فتيل حرب اهلية مستمرة،تتغذى من ارادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة،او الاستئثار بها بدله.دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية.دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا،دولة الحديث عن حل الميليشيات - العصابات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها،دولة قتل الناس والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.وحرصت حكومة تصريف الاعمال على طرد الدولة من ميدان الاقتصاد والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية الوطنية وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها،وبالتالي توسيع التفاوتات الاجتماعية والتهميش الاجتماعي الخطير!وجاء هذا الادراك المتأخر بعد ان افتضح مفهوم  المحاصصات التي باتت مهزلة يتندر بها القاصي والداني!
   هذا هو جوهر الازمة السياسية الراهنة المتمثل بالانتهاكات الدستورية الفاضحة واطالة امد الجلسة المفتوحة لمجلس النواب،والذي يعني بدوره فقدان مجلس النواب للشرعية!والبديل هو ان يعود القضاء العراقي الى رشده لفرض سلطة القانون،لا سلطة الولاءات الضيقة،ولضمان ان لا يتحول القاضي الى بنت هوى لأية سلطة تنفيذية!وذلك يستلزم ان تدرس المحكمة الاتحادية بمسؤولية عالية استمرار حالة الاستعصاء وتأخر تشكيل الحكومة،وتشبث المتنفذين بالمواقع وصراعهم على السلطة!وضمان اعادة الامانة الى الشعب"اعلان مجلس النواب عن عجزه والاقرار بحل نفسه،والتمهيد لاجراء انتخابات جديدة او مبكرة، بأية صيغة يجيزها القانون".
   كانت انتخابات آذار 2010 في بلادنا أهم انتخابات في تاريخ العراق السياسي الحديث وستبقى تحدد معالم النظام السياسي العراقي لعقود مقبلة!والمطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.


بغداد
10/9/2010





134

الشبيبة الديمقراطية العراقية ومهرجان الشبيبة والطلبة العالمي السابع عشر في جنوب افريقيا

سلام كبة

   مع التحضيرات الجارية للاعداد الوافي لمهرجان الشبيبة والطلبة العالمي السابع عشر في جنوب افريقيا،فأن مشهد الشبيبة العراقية لازال صورة حافلة بالتناقضات والغضب احيانا والقسوة والعجز في احيان اخرى.وهذه الشبيبة تختزن في ذاكرتها الحروب العبثية للدكتاتورية والانفاليات الكيمياوية،وغدر النظام البائد ومرتزقته،والتهجير القسري والمقابر الجماعية،والاعمال الارهابية للاسلام السياسي المتطرف،ومهازل الطائفية السياسية والقوى السياسية المتنفذة اليوم!من شبيبة البطالة والاحباط وفقدان الهوية الى شبيبة الاغتراب والى ضحايا الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته ويفاقم من المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن.
   تقدر مراكز المجتمع المدني في العراق عدد الأيتام في بلادنا ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما بقرابة المليون.وتشير بعض الاحصائيات الى ان ثلث هذا الرقم اصبحوا ايتاما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق بسبب الهجمات المسلحة التي نفذها الجيش الأمريكي واعمال العنف المستمرة في العراق فيما كان الباقون قد فقدوا آباءهم في حروب سابقة او خلال الحصار،ولا يذهب عددا كبيرا منهم الى المدارس بسبب سوء الأوضاع العائلية المادية ما يدفع بعضهم الي العمل في مهن مختلفة.هناك الكثير من الايتام في الريف العراقي انصهروا بمزارع اخوالهم او اعمامهم،الا ان الخوف الاكبر على الاطفال الايتام داخل المدن المشبعة بالمغريات والعنف واختلال الضوابط الاجتماعية.
   ان الهوة الديموغرافية في نسبة الشباب بالمجتمع العراقي،نتيجة سنوات الحرب والصراعات الداخلية والتهجير القسري والطوعي،سيكون لها آثار سلبية في المستقبل القريب.وستأتي المقاومة الشديدة للتغيرات المستقبلية من المجاميع الطفيلية التي عاشت ببحبوحة في المجتمع نتيجة تبؤها السلطات دون اية قابليات ومؤهلات علمية غير انتمائها الحزبي او الطائفي والقومي،وسيقود جهل المغامرين واللصوص وقطاع الطرق والقتلة الى نهايتهم المأساوية.
   نأمل ان تتغلب اللجنة التحضيرية المشكلة استعدادا لمهرجان الشبيبة والطلبة العالمي السابع عشر،والتي تضم مختلف المنظمات الطلابية والشبابية،والتي انبثقت عنها لجان فرعية اخرى مهمتها التعريف بهذا المهرجان الاممي....تتغلب على العراقيل والصعوبات الموضوعية التي تواجه المسيرة الشبابية في بلادنا!ويبدو ان الاستعداد لعمل مهرجان كبير في بغداد يسبق المهرجان العالمي خطوة جريئة على هذا الطريق الشائك!
   تدرك الشبيبة العراقية ان من يصنع اقداره هو وحده ذلك الذي يصنع التاريخ اما الآخرون فأحياء ولكن سائمة لا تاريخ لهم.لقد قرأنا تاريخ العبيد في تاريخ السادة وتاريخ الاقنان في تاريخ الملاكين والاقطاع فنعيذك عراقنا ان تقرأ تاريخك الاجيال ولكن في تاريخ الاميركان والطائفية والتعصب الديني.لتكن شعارات شبيبتنا:

•   عاش نضال الشبيبة العراقية في سبيل حياة كريمة بعيدة عن الفقر والجهل
•   في سبيل حياة طلابية حرة ديمقراطية
•   نحو قانون انتخابي ديمقراطي يضمن حقوق الكتل الانتخابية دون تمييز وتحويل العراق الى دائرة انتخابية واحدة!
•   ضرورة تخفيض سن المرشح الى البرلمان الى الـ"25" سنة لضمان مشاركة الشباب في العملية السياسية في بلادنا
•   لنشدد العزم من اجل قضايا الشبيبة والطلبة المطلبية
•   لنعمل على تنمية وتطوير قدرات الطلبة والشباب المهنية والابداعية
•   لا للطائفية وضيق الافق القومي .. لا للمفاهيم الفاشية الشوفينية .. لا للارهاب
•   لا للوصاية والهيمنة على المنظمات الشبابية والطلابية في بلادنا
•   العراق ليس ضيعة للشراكة الوطنية المحاصصاتية!
•   لا اعمار للوطن من دون اعمار الثقافة
•   في سبيل غد تسوده ثقافة الأمل والاحتجاج والنزاهة والثقافة المطلبية
•   لا يتحقق السلام في ظل اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء
•   لا سلام للبشرية في مستقبل تتحكم به شركات الرأسمالية الكبرى
•   لا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية ومع الغاء الأخر الخالق للابداع

بغداد
10/9/2010

135

النقل والمرور في العراق..اختناق ام كارثة؟!

المهندس الاستشاري/سلام ابراهيم عطوف كبة


    النقل والمرور توأمان متبادلان سياميان،ويلعب  قطاع النقل والمواصلات الدور الفاعل في عملية التنمية والاعمار واعادة ارساء اسس البنى التحتية في بلادنا ويتحول الى عامل اختناق في التطور الاجتمااقتصادي الجاري بفعل عدم تناسق تطور مستوياته!ومعظم الطرق والشوارع الرئيسية في بغداد شقت قبل عقود خلت بينما تضاعفت اعداد السيارات والمركبات المسجلة والغير مسجلة في دوائر المرور!ويتواصل ظهور الاحياء السكنية العشوائية مع النشاط التجاري العاصف والخلل والخروقات الامنية غير المنضبطة،والغلق العشوائي للجسور والشوارع،ونصب العوارض الكونكريتية المنفلت لتنتقل بغداد من حالة الاختناق المروري الى وضع الكارثة المرورية!
•   التلوث البيئي المروري
     الضوضاء المرورية ملوث بيئي تقليدي داخل المدن وتشكل مع المظاهر الضوضائية الاخرى الضجيج  البيئي العام!وتؤثر سلبا على تكاثر الطيور والدواجن،وعلى النمو النباتي وعملية التركيب الضوئي.ومع هبوب الرياح تنتشر الروائح الكريهة من ورش تصليح السيارات وكراجات غسلها و تشحيمها(الفيترجية)ومن محطات تعبئة الوقود.وهي مواقع توسعت داخل الاحياء السكنية المكتظة!وينفث الاختناق المروري الكميات الهائلة من غازات عوادم السيارات السامة وهي ملوثات غازية تفوق خطورتها ما تنفثه الصناعات المدينية من مداخن ومحركات ومولدات(الغازات الناتجة من احتراق الوقود والفضلات والنفايات الصلبة والدخان والمعادن الثقيلة).وتشهد مدن كالبصرة ومدن جنوب العراق وصولا الى بغداد ومدن شمال العراق هذه المعاناة – المأساة يوميا!
•   مهمات مستعجلة
من الضروري:
•   تنمية الثقافة المرورية الاحصائية وتحشيد الوعي المروري الوطني بعد ان عبث البعث بهما العقود الكاملة!
•   اجراء التعديلات الضرورية على القوانين البيئية السارية ذات العلاقة بالثقافة المرورية العصرية لتخدم الشعب العراقي وتشذيبها من الاغراض النفعية الضيقة!
•   التخطيط المديني وتخطيط الشوارع وتوزيع استعمالات الارض يخفف من الأزمة المرورية الخانقة ويحجم اختراق الارهاب للاحتياطيات الامنية!يذكر ان الطرق الحالية تخترق المناطق السكنية والحضرية والتجارية المكتظة بالسكان.
•   تنمية دور الدولة ومنهاجها في استيراد المركبات والسيارات كي لا يترك القطاع الخاص يغوص في بالوعات الفساد الامر الذي عكس الافتقار الى الاحتياجات الفعلية للبلاد من وسائط النقل ومستلزمات ادامتها.وهذا يستلزم الكف عن الايراد العشوائي للسيارات ومنح اجازات استيرادها دون تخطيط .لازال دور الشركة العامة لتجارة السيارات في خبر كان!ليسود هذا الميدان الجشع المتنامي لتحقيق اقصى الارباح على حساب جهد الشغيلة العاملة.من شأن حصر تجارة السيارات اسوة بتجارتها الخارجية بالدولة ان ينقذ الموقف من تحكم تجار السيارات ويضع حد لفوضى التوزيع الى جانب اعتماد مبدأ تفضيل استيراد السيارات المصممة لنقل الركاب على السيارات الخاصة.
•   تثبيت دور الدولة كمنظم ومراقب لعملية النقل في التصميم والتنفيذ،والتشغيل وتقديم الخدمة بكل أنواعها!واتاحة الفرصة وتسهيل مهمة القطاع الخاص للعب الدور الاساسي في تنفيذ البنى التحتية ومحاور الطرق السريعة،وتقديم الخدمات،مثل تشييد محطات الاستراحة المتكاملة ومراكز خدمات الصيانة السريعة على جوانب الطرق الرئيسية لمعالجة الاعطال المفاجئة.
•   الحذر من تعميم نظم ادارة الشركات سئ الصيت على الشركات العاملة في هذا الشأن تمهيدا لخصخصة قطاع النقل والمرور(بالتواطؤ مع الرساميل الاجنبية)او عن طريق الشراكة!ومثلما حصل مع الخطوط الجوية العراقية التي الغيت بأسلوب تهريجي فاضح!وهذا يشمل الشركة العامة للنقل البري والشركة العامة للنقل المائي والشركة العامة للنقل الخاص وشركة ادارة شؤون محلات النقل والهيئة العامة للمباني والشركة العامة لنقل الوفود والهيئة العامة للطرق والجسور و الشركة العامة لتجارة السيارات ومديريات المرور وحتى امانة العاصمة... الخ.وثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الاهلية والأجنبية في هذا القطاع الى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الانسان في بلادنا.
•   اختيار الاساليب المتطورة لاستثمار الموانئ العراقية واعادة بناء الاسطول الذي كان يمتلك اكثر من 25 سفينة نقل وشحن،الا انه تلاشى بعد عام 1990 وتوقفه بسبب حرب الخليج الثانية،وتركت سفنه جاثمة في موانئ خارجية،في حين بيعت اعداد منها لتقادمها لعدم صلاحيتها للعمل!ومن الضروري تزويد الموانئ بزوارق لمكافحة التلوث في المياه الاقليمية!
•   فك ارتباط الهيئة العامة للطرق والجسور من وزارة الاعمار والاسكان وربطها بوزارة النقل.
•   من الضروري تكامل ادارة شبكة النقل بأنشطتها الأربعة(الطرق والسكك والطيران والموانئ)في جهة واحدة.تأهيل شبكة النقل الحالية وتطويرها بشكل متكامل ومنسجم مع انظمة النقل العالمية والعمل على انسجام وتطور ونمو بقية القطاعات الاقتصادية الاخرى بطريقة تمكننا من استغلال موقع العراق الجغرافي في مجال النقل.
•   تأهيل شبكة الطرق الحالية وزيادة طاقتها الاستيعابية وحمايتها من الضرر عن طريق اكمال الاجزاء المتبقية من الطرق السريعة التي تم تنفيذها سابقاً،واكمال ربط هذه الطرق بمراكز المدن التي لم يتم ربطها حتى الآن،وإنشاء شبكة طرق سريعة جديدة(ضمن محاور جديدة)لربط مراكز المدن في ما بينها،واكمال ربط العراق مع الدول المجاورة الاخرى التي لم تربط بطرق سريعة،والاستمرار بانشاء الممرات الثانية للطرق الشريانية والرئيسية المفردة،خاصة التي وصلت طاقاتها الاستيعابية الى حدودها القصوى.
•   انشاء الطرق العرضية بين المحافظات والطرق الحولية للمدن لتقليل الاختناقات،واستبدال الجسور العائمة بثابتة،والغاء تقاطعات الطرق مع خطوط السكك الحديد،وتأثيث الطرق الخارجية بعلامات الدلالة والعلامات الارشادية والتحذيرية وانشاء الطرق الريفية.
•   تنظيم سير السابلة اوقات سير الشاحنات والمركبات الكبيرة،واقامة جسور السابلة فوق الشوارع المزدحمة والانفاق المرورية للتقليل من الحوادث المرورية.والاهتمام بمناطق عبور السابلة القريبة من المدارس ودور الحضانة.ومن المفيد صبغ جميع المركبات التي تنقل الاطفال بلون واحد.
•   الشروع في اقامة الكراجات العمودية وزيادة عدد ساحات وفسحات توقف السيارات.
•   التنظيم العصري لحركة المرور والاستخدام التقني الالكتروني الحديث لمراقبتها.
•   التوزيع الجغرافي الجيد لمحطات الوقود على الطرق،والالتزام بالسياسة الضرائبية على حمولات مركبات النقل،وتنظيم عمل الوحدات الطبية والتوابع الاسعافية.
•   اعادة معامل الاسفلت الى كفاءاتها الانتاجية.
•   تنمية الغطاء الاخضر على جوانب الطرق.وتمتص الحراج والمناطق المكسوة بالاشجار والحدائق الضجيج المروري وتسهم في صد الرياح وامتصاص الاشعة الشمسية!ويستطيع هكتار من اشجار الصنوبر والارز والعفص امتصاص قرابة 250 كيلوغرام من الكاربون الجوي ونفث 225 كيلوغرام من الاوكسجين الامر الذي يسهم في تنقية الاجواء من التلوث.ومعروف ان درجة حرارة الشارع المبلط بالاسفلت الذي لا تظلله الاشجار ترتفع بمقدار 11 درجة مئوية وليصل الفرق بين درجة حرارة السطح المغطى بالحشائش والسطح المغطى بالاسفلت احيانا الى 25 درجة مئوية.وتطلق المساحات الخضراء الرطوبة النسبية بمقدار 11% لتبلغ الطاقة التبريدية لمساحة 1012 متر مربع ما يعادل عمل 20 مكيف هواء حجم كبير .
•   اعادة العمل بنظام باصات النقل الكبيرة المسماة سابقا بباصات مصلحة نقل الركاب لانها ملاذ فقراء الشعب.هذا يستلزم الاستخدام الكفوء للحافلات المتوفرة حاليا،وصيانة واصلاح العاطل منها والتي تتكدس بها الكراجات الحكومية ودفعها للعمل!وضمان جدولة حركتها بعد اعادة توزيعها على الخطوط الداخلية،والاهتمام اللازم بالجباة وضمانهم الاجتماعي!
•   العمل على تنفيذ مشاريع النقل العام داخل المدن،مثل المترو والترام او القطارات المعلقة،خاصة في مدينة بغداد،لانها ضرورة ملحة بغية تقديم خدمة النقل العام للناس بصورة سريعة وآمنة ولتخفيف الازدحام داخل المدن وتقليل التلوث.
•   تطوير شبكة خطوط السكك،بحيث تواكب شبكات السكك العالمية والمتطلبات المتنامية في مجال النقل بمواصفات حديثة تنسجم مع تطور بقية القطاعات في البلاد،ولتؤمن ربط العراق بشماله مع جنوبه وشرقه وغربه،وامكانية ربطه مع الدول المجاورة.وهذا يعني اعادة تأهيل الشبكة الحالية ورفع طاقتها الاستيعابية ودرجة الأمان فيها،والارتقاء بنوعية ومواصفات البنى التحتية ونوعية الخدمات التي تقدمها وتعزيز موقع العراق الجغراقي كقناة جافة في مجال نقل البضائع بالترانزيت بين آسيا وكل من اوروبا وتركيا وسوريا،واكمال ازدواجية الخطوط المفردة،وانشاء محاور جديدة بمواصفات عالية،عن طريق الغاء كل تقاطعات خطوط السكة مع الطرق،وتأثيث السكك الحديد بالاشارات والاتصالات وتوفير القاطرات وعربات المسافرين وشاحنات نقل البضائع.
•   ضرورة تعاون مسؤولي مجمعات النقل الخاص مع اللجان النقابية التابعة للاتحاد العام لعمال العراق،وعدم السماح لمسؤولي المجمعات استخدام جماعات - عصابات تدعي انها مسؤولة عن تفتيش المواطنين غايتها فرض السيطرة على المجمعات وفرض اتاوات تقع اعباؤها على المواطنين وسائقي المركبات.
•   لا زال البعثيون ومتنفذو القوى السياسية الطائفية يتولون مسؤوليات كبيرة في قطاع النقل والمرور العراقي الامر الذي اسهم في افتعال ازماته المتكررة مما رفع من مهمة تطهير ادارات ومنشآت النقل والمرور من المرتزقة التي باتت بؤر صارخة للفساد الى مصاف المهام الرئيسية والوطنية الكبرى واتباع نهجا عقلانيا موضوعيا لمعالجة ازمات هذا القطاع.
•   ايجاد آلية قانونية تنظم العدد الواسع من المركبات الحزبية والرسمية!على ان يكتفي الوزير والنائب بسيارة واحدة فقط ويجري تصفية بقية السيارات للاستفادة منها حسب الحاجة وسعة العمل لأنجاز الخدمات ذات العلاقة،وعدم جواز استعمالها لغير هذه الاغراض!مع استثناء الدوائر الزراعية والصحية والبيطرية وخدمات الماء والكهرباء والمجاري والحريق من ذلك.ويكون تصميم المركبات منسجما مع طبيعة الدوائر المختلفة.ومن البديهي تخصيص الحافلات لنقل منتسبي الوزارات والدوائر من محلات اقامتهم الى مواقع العمل وبالعكس(ويشمل ذلك كافة المنتسبين من نائب الوزير فما دون)،ولابد من المحاسبة المضاعفة لسائقي المركبات الحكومية والحزبية الذين يخالفون الانظمة المرورية.

     



بغداد
9/9/2010

136
بارادوكس معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد

سلام كبة

   الاستقلالية القضائية من المقومات الاساسية التي تساهم في تثبيت دعائم العدالة والقانون،وفي رفع مستوى الامن،ولا يمكن الاطمئنان الى قضية الحقوق الا بوجود قضاء مستقل.ان توكيد الاستقلالية القضائية وخضوعها لضمير القضاة وحدهم في مباشرة وظيفتهم دون ان يكون لغير القانون سلطان عليهم في فصل الدعاوى والحكم هو احد اهم معالم المجتمع المدني ومن اكثر المكونات الاساسية للديمقراطية السياسية حساسية.وشعبنا الابي يرى في القضاء دعامة المجتمع القانوني الذي يحقق الطمأنينة والاستقرار ويصون الحقوق وتحترم به حقوق الانسان،وليس القضاء الذي يصون عورات السياسيين والمتنفذين.ستبقى الفضائح التي تزكم الانوف جارية على قدم وساق الى ان تستقل السلطات عن بعضها البعض وفق الدستور،وخاصة السلطة القضائية التي يجب ان تتحرر من كل الضغوط ومنها الخوف،والى ان يجري احترام حقوق الآخرين والمحافظة على المال العام وتجنب الاخطاء ومعرفة ما لنا وما علينا في هذا الوطن،والمساهمة في بناء العراق الجديد،العراق الدستوري المؤسساتي.
   اللجوء الى القضاء للبت في‮ ‬الخلافات ظاهرة حضارية،الا ان العراقيين ليسوا اغبياء ليستوعبوا معادلات القضاء العراقي الديمقراطي الجديد في ظل التعتيم الاعلامي والالاعيب والخطط الديماغوجية.والعراقيون لن يجدوا ابدا حلا لهذه المعادلات في محاولات تغييب الديمقراطية بأسم الديمقراطية،وفي محاولات التغييب الكامل والكلي لمؤسسات المجتمع المدني التي هي الشرط المهم والأساسي للحياة الديمقراطية!في اية خانة يمكن تصنيف المفارقات القضائية التالية؟:
1.   في النصف الثاني من عام 2009 اصدر مجلس القضاء الاعلى احكام اعدام بحق اربعة من المتهمين في عملية سرقة فرع مصرف الرافدين في الزوية ببغداد،جريمة تورط عناصر من فوج الحماية الرئاسي الخاص بالسيد عادل عبد المهدي احد نواب رئيس الجمهورية بقتل 8 من حرس المصرف والسطو المسلح  تنتهي بثلاث جلسات!لم تكشف المحكمة عن مصير المتهمين الفارين من وجه العدالة والمتعاونين مع المجرمين،ولا عن اماكن اجتماع المجرمين لتخطيط عملية السطو،ولا عن سبب استخدام دار الاستراحة العائدة لجريدة العدالة،ولا عن الكيفية التي فتحت بها ابواب المصرف،ولا عن وسائل النقل وعائديتها التي استخدمت في التخطيط والتنفيذ،ولا عن"الجهة المتنفذة"الداعمة للمجرمين!
2.   اعلنت المحكمة الاتحادية العليا في حكم اصدرته 14 حزيران 2010 عدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب.وجاء الإعلان استجابة للدعوى المرفوعة الى المحكمة في 25 كانون الثاني من نفس العام،والمطالبة باعتبار النص المذكور،الوارد في الفقرة (رابعا) من المادة (3) من قانون تعديل قانون الانتخابات الرقم 26 لسنة 2009،نصا غير دستوري وبالتالي باطلا.وتشير المحكمة في حكمها الى عدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور،وعدم جواز حجب حرية التعبير.لذلك واستنادا الى احكام المادتين (20) و(38/اولا) من الدستور،قضت بعدم دستورية الفقرة آنفة الذكر.واكدت المحكمة الاتحادية العليا ان قرارها هذا لا ينطبق على انتخابات آذار 2010!بمعنى اخرى السكوت على الانتهاك الفاضح للدستور في قلب السلطة التشريعية - حامية حمى الدستور،والابقاء عليه اربع سنوات طويلة قادمة!!
3.   اعلن مجلس القضاء الاعلى اواخر تموز 2010 ان الحكم الذي اصدرته محكمة الجنايات المركزية بالسجن المؤبد بحق امير ما يعرف بـ"جيش الراشدين" التابع لتنظيم القاعدة جاء بسب انتمائه لفكر تكفيري،وان الادلة المقدمة ضده بالتسبب بمقتل المئات من العراقيين لم تكن كافية!
4.   في 2 ايلول 2010 صادقت محكمة التمييز الاتحادية على قرار محكمة استئناف الرصافة بتبرئة وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني من تهم الفساد المالي المنسوبة اليه لعدم كفاية الادلة.وكانت محكمة الجنايات العراقية قد افرجت عن وزير التجارة السابق بسبب عدم كفاية الادلة بشأن قضايا الفساد المالي المتعلقة بمناقصات توريد المواد الغذائية!
   يزداد عدد الضحايا الأبرياء بسبب الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية ومدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط الناس،وابتداعه الأساليب الجديدة عبر تفخيخ السيارات والأحزمة الناسفة وزرع العبوات الناسفة واللاصقة على جوانب الطرق وفي الاسواق والتجمعات المكتظة بالناس،واستخدام كواتم الصوت في الاغتيالات الهمجية..الخ.فضائح السجون والمعتقلات تظهر الحال السئ الذي وصلت اليه حقوق الانسان في العراق والتي تنتج لنا كل يوم عشرات الجثث المعروفة والمجهولة؟!لم تتشكل لجان تحقيق وغابت وطمرت ذاكرة نصف عقد من الزمن،لان ثقافة شراء السكوت المتبادل بين الضمائر العفنة(اصحاب النفوذ)،وازدهار تجار السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض والتهريج وشراء الذمم وولائم الصفقات والعمولات والتعهدات خلف الكواليس والمغانم،هي الثقافة السائدة،لينام اللصوص والحرامية والقراصنة رغدا في بلادنا..
   تواجه القضاء العراقي اليوم مهمة:
1.   التعجيل في احالة الذين يجري القاء القبض عليهم الى المحاكم ومحاكمتهم،وعدم التهاون في الاحكام التي لا تتناسب مع حجم او نوع ما جرى اقترافه من جرائم يندى لها الجبين!الامر الذي يشجع المجرمين على اقتراف المزيد من الجرائم ناهيك عن ان بقاء الموقوفين بالسجون دون محاكمة يعد انتهاكا لحقوق الانسان.
2.   فرض سلطة القانون،لا سلطة الولاءات الضيقة.
3.   ان لا تتحول السلطة القضائية الى بنت هوى لأية سلطة تنفيذية!
4.   البحث والتحقق في ذمم رجال القضاء للمحافظة على القانون باعتباره الوسيلة الاهم للحفاظ على السلم الاجتماعي وتحديد الحقوق والواجبات للمواطنين تجاه الدولة والمجتمع.
   ان شعور السلطة القضائية ورجالها بأنهم معفيون من المساءلة والحساب،يجعل البعض منهم ينتهك القانون ويتعاطى الرشاوى ويخل بشرف المهنة متسلحاً بقدرته على اخفاء معالم جريمة انتهاكه للقانون.والحديث عن حقوق الانسان والقضاء المستقل ليس مضيعة للوقت،والعبرة ليس فيما تطرحه الدساتير واللوائح والوثائق الحقوقية والسياسية بل في التطبيق وخلق الانسجام المتكامل بين الحرية الفردية والامن العام،فالامن لا يقف على مفترق طرق مع حقوق الانسان لانه بذاته حق انساني وحق في الحياة المعقولة،ويرتهن امن الفرد بامن الجماعة،ويعتمد التمتع الخاص بالحق على التمتع العام به.الحرية والامن ينتميان الى مصدر واحد،والبلاد الحرة اكثر امنا من البلاد غير الحرة!.بانتهاك حقوق الانسان تتجه البشرية الى الهمجية وتصبح الحضارة اداة لهمجية حديثة!
   لا مفر من القدر والمواجهة مع امبراطورية الفساد ومنها الفساد القضائي والقانوني،ولا سبيل غير اجتثاث هذا المرض الذي استوطن فينا،ولا مهرب من استخدام الجراحة بهدف استئصالهم من الجذور مهما كانت منزلتهم..سياسيين..وزراء..مستشارين..ضباط..مدراء دوائر حكومية..قادة ميليشيات وعصابات ارهابية..مقاولين..رجال اعمال..اصحاب مؤسسات اهلية..اصحاب مهن حرة..مراجع ورجال دين..اطباء..صيادلة..تجار..محامين..هذا هو قدر القضاء العراقي الحر المستقل الوطني المتحيز لمصالح شعبه،القضاء الذي يفترض به الامساك بالحلقة المفقودة للوضع الداخلي،القضاء الذي يحمل تخليصنا من اعدائنا الجدد الذين يعيثون فسادا في العراق.
   المطلوب هو تحطيم اغلال الخوف ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب.وتتعزز مصداقية القضاء العراقي فقط بمواصلة محاكمة اعوان صدام حسين ومرتكبي الارهاب،مرورا باصدار قرارات القاء القبض على مرتكبي الفساد والجرائم والسرقات بما في ذلك كبار رموز الحكم وكبار رجال الدين والمرجعيات الدينية بمختلف درجاتها وبغض النظر عن مواقعها وغيرهم فيما لو تحقق انهم ارتكبوا فعل الفساد والجريمة والارهاب.وعلى وزارة الداخلية وقوات الامن تنفيذ ومساعدة القضاء فيما لو اصدر امرا بالقاء القبض على مرتكبي الفساد مهما كان اصحابها،بل وعرض قضايا الاجرام على القضاء ثم اعلام الشعب بذلك لكي يعرف الجميع بان القضاء عليه مسؤولية الاضطلاع بها وتنفيذها!
   باتت المطالبة بعلنية جلسات محكمة الجنايات العليا في القضايا الخطيرة المرفوعة امامها مطلبا شعبيا،ونحتج بشدة ونعارض كل المحاولات الرامية الى تركيع القضاء المستقل!

بغداد
3/9/2010

137


من يتصدى لموضوعة اتساق نظام البطاقة التموينية؟

سلام كبة

   البطاقة التموينية،حالها حال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والتلفونات الارضية وشبكات تصريف المياه والاتصالات والخدمات الاساسية الاخرى!،باتت خدمة معيشية عامة،وتأمين تدفقها ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،انما هو مهمة وطنية!كما وجب محاسبة ومعاقبة من يستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته!الا ان حكومتنا الموقرة التي تعلن التزامها بنظام البطاقة التموينية،تبدو اقل جدية في المحافظة على اتساق هذا النظام والانتظام الذي طبع عمله طوال اعوام،ولم تتخذ اجراءات جدية لمعالجة تباطؤ توزيع المواد الغذائية،ولم تفلح في تقديم حصص شهرية كاملة،بل قلصت المفردات الى حد كبير بحيث لم يستلم الاهالي طيلة عام 2010 سوى الزيت والرز والطحين فقط،ولم توزع كوبونات النفط والغاز لا مع توزيع البطاقات التموينية لعامي 2010 و 2011 ولا بعد،رغم وجود قرار بذلك،ما ادى الى تفاقم مشكلة الفساد في هذا النظام وهيأ امكانية التحايل عليه،وكل ذلك يصب في غير صالح المواطنين الذين يتعرض الاضعف فيهم للأستغلال الاكبر.ويبدو ان حكومة تصريف الاعمال الحالية لا تعمل على ترشيق البطاقة التموينية او ترشيدها واختزال مفرداتها فحسب،بل تعد العدة لالغاء البطاقة التموينية،وهذا ما سربته الامانة العامة لمجلس الوزراء الى المصادر الاعلامية اواسط آب الحالي!
    والتوجه الحكومي هذا هو مسايرة لضغوطات البنك الدولي التي تطالب بالاصلاح الاقتصادي واعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لضمان تحول سلس وسليم نحو اقتصاد السوق!ويجادل خبراء البنك الدولي بضرورة تقليص عدد المواد التي توزع عبر نظام البطاقة التموينية،بالتزامن مع زيادة الكمية الموزعة من مواد اخرى،على ان يجري حذف المواد رخيصة الثمن(اي التي لا تخفض بشكل حاد القدرة الشرائية للأسرة)والمواد غير الاساسية للتغذية الجيدة.وهكذا بدلا من تحسين مفردات البطاقة التموينية تتواصل المحاولات لشطبها!
   يغمض اصحاب اتخاذ القرار في بلادنا اعينهم على حقيقة ان الغاء البطاقة التموينية او اختزال مفرداتها في ظل انعدام السياسة الاجتمااقتصادية الرصينة للدولة العراقية،والافتقار الى البدائل المناسبة لها،وشيوع الفساد الاقتصادي،يؤدي حتما الى تصعيد حدة التباينات الطبقية وانتشار الفقر والجوع بصورة واسعة،والى المزيد من تعميق التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين في البلاد،وتكريس هيمنة الرأسمالية الجديدة والبورجوازية الكومبرادورية والطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع.فالانتقال عن البطاقة التموينية يعني حتما ازدياد مستوى الطلب في الاسواق على مفرداتها،ما يؤدي الى رفع الاسعار،في وقت وصلت فيه اسعار الغذاء في السوق العالمي الى مستويات عالية بسبب ظروف الجفاف وارتفاع كلف الانتاج بسبب ارتفاع اسعار الوقود،وسيؤدي ذلك الى القاء اعباء جديدة وجدية على كاهل العائلة المثقل اصلا بالاعباء نتيجة عدم كفاية الدخول.
   ينعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن وكامل الخدمات العامة،وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.كل ذلك يترك تأثيراته السلبية على اوضاع الملايين وعلى معنوياتها،مغذيا مشاعر الاحباط والقلق والسخط في اوساطها!
  وبدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها الجيد في سبيل تحسين مستوى المعيشة للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،يجري انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة  ثمنها الى اضعاف،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط.اما موظفو وزارة التجارة والمراكز التموينية فهم في منأى من المحاسبة،ولا يستمر دوامهم الحكومي سوى 3 ساعات يوميا،اذ لا يباشرون العمل الا بعد الساعة 9.30 نهارا..وهذا التقاعس والتسيب ينعكس ايضا على وكلاء توزيع المواد الغذائية الذين يتعاملون مع الناس بمزاجية نادرة!الجميع يتقاذف الاتهامات،والجميع يشفط ويلهط،الحكومة العراقية ووزارة تجارتها،مجالس المحافظات والبلدية،وكلاء المواد الغذائية،تجار الجملة والمفرد،..وهنا تبرز التساؤلات التالية،هل ينعكس حجب البطاقة التموينية عن الموظفين ذوي الدخل العالي بزيادة كمية وتحسين نوعية مفردات البطاقة التموينية المخصصة للفئات ذات الدخل الواطيء او الذين يقعون تحت خط الفقر؟من يتصدى لموضوعة اتساق نظام البطاقة التموينية،العناصر الوطنية النزيهة والمعروفة بتاريخها النظيف السياسي والاقتصادي،ام ماكنة الفساد التي انجبت فلاح السوداني؟
   يشكل الفقر عنوانا كبيرا من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار والتنمية ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وتشغيل العاطلين ودعم الفلاحين وبناء المعامل والمصانع وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات شبكة الحماية الاجتماعية.ان السياسة الاقتصادية للدولة العراقية اليوم ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من الشعب العراقي وعواقبها وخيمة،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه.ولن تعالج الازمة السياسية والاقتصادية الراهنة بعصا سحرية والتعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر"،بل بتغيير الواقع الحكومي الراهن.وارتباطا بمعدلات الفقر العالية في بلادنا،وتزايد اعداد العاطلين عن العمل،خاصة وسط خريجي الكليات،والتضخم،وارتفاع الأسعار،وايجارات السكن،ومحدودية الرواتب وعدم تطبيق سلم الرواتب،وحجب الكثير من المخصصات،وقلة رواتب المتقاعدين،ومحاولات تقليص والغاء البطاقة التموينية امتثالا لتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين وما يحمله ذلك من مخاطر..كل ذلك وغيره،يدفع الكثير من الفئات الاجتماعية الى التحرك والنشاط وتنظيم التظاهرات والمسيرات السلمية والاعتصامات للتعبير عن مطالبها.


بغداد
30/8/2010


138

تركيا تستخدم الكيمياوي ضد الكرد

سلام كبة

   حققت التجربة الكردستانية العراقية المنجزات على صعيد الحقوق القومية وتوفير الأمن والاستقرار،وتنتظرها الكثير من المهام الاجتماعية والاقتصادية  لتوفير الخدمات ومعالجة قضايا البطالة ومكافحة الفقر والفساد،وتردي العملية الانتاجية وتأمين انتعاشها وضمان حقوق الكادحين في المدينة والريف،وتطوير الحياة الثقافية وكل ما يساعد على الحياة الحرة الكريمة الآمنة للمواطنين.واثبتت التجارب السابقة فشل محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام.
    الا انه من اهم ثغرات ونواقص العملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا،العملية السياسية التي دافعت عنها القوى الوطنية والديمقراطية وكل المخلصين من ابناء الشعب العراقي،الى جانب الخروقات الكبيرة للملف الأمني وتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية للمواطنين والسلوك العبثي للكتل السياسية المتنفذة والمتنافسة على النفوذ والسلطة وتناطحها على المناصب والمواقع،هي التدخلات الاقليمية السافرة في الشأن العراقي،خاصة انتهاك حرمة الأراضي العراقية والاعتداء على سيادة العراق من جانب النظامين الايراني والتركي تحت ذرائع مختلفة!
    القصف الايراني – التركي المشترك للاراضي العراقية منذ صيف 2007 تعبير عن معاناة الكرد لقمع وبطش الانظمة الاستبدادية والشمولية وعن ارتعاش هذه الانظمة للنهوض الديمقراطي في كردستان الجنوبية في العراق الجديد ومن تنامي قوة البيشمركة كجيش كبير يربو تعداده على 200 الف جندي.القصف الايراني – التركي المشترك للاراضي العراقية منذ صيف 2007 تعبير عن الجهود المبذولة من مختلف الاطراف الدولية والاقليمية لاحتواء القضية الوطنية التحررية الكردستانية ولتدجين العقل الكردي.واذا اخذنا بنظر الاعتبار استمرار هذه الاعتداءات وتكررها بين الحين والاخرى منذ عقود ترافقها الحملات الظالمة لقمع الكرد ولانتهاكات حقوق الانسان وتعميق الجروح الاجتماعية في تركيا وايران وسوريا..لقدرنا مدى الجهود المبذولة من حكام هذه البلدان لاستعادة اوهام الامجاد المفقودة!
   وقد عاودت المدفعية الايرانية اواسط آب الجاري قصف مناطق لولان وخنيره وخواكورك والقرى الحدودية في منطقة سيدكان التابعة لقضاء سوران شمال اربيل،وفي ناحية سنكسر التابعة لقضاء قلعةدزه(160 كم شمال شرق السليمانية)،مما ادى الى اشعال النيران في مساحات واسعة من حقول وبساتين الفلاحين في هذه المناطق والحق اضرار كبيرة بتلك الحقول.وتؤدي الاجتياحات واعمال القصف الى العشرات من الضحايا وحرق الهكتارات من البساتين والاراضي المكسوة بالاعشاب وتدمير عدد غير قليل من الدور السكنية والخيم – الرشمالات.ولم تجد نفعا المذكرات الاحتجاجية لاقليم كردستان،حكومة وشعبا،الى اقطاب الحكم في انقرة وطهران.وتتذرع كلا الحكومتين المعتديتين بالحجج العتيقة وتدعي ملاحقة قوى سياسية كردية معارضة لها اتخذت من كردستان العراق ملجأ لها!لقد ازدادت مخاوف تركيا وايران وسوريا من تغير الموقف الاميركي الاستراتيجي من"مغازلة كرد العراق وغض النظر عن سحق كرد تركيا"الى"مغازلة الكرد في العراق وتركيا وايران معا".
   والملفت للانتباه عودة الكيمياوي مجددا الى كردستان العراق،بعد ان اثبتت الدلائل استخدام تركيا له ضد مواقع حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية ايلول 2009،وكأن اراضي كردستان العراق قدر لها،بين الحين والاخرى،ان تكون ساحة تجارب لأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها الدول الاقليمية!بينما لازالت ذاكرتنا مشبعة بمراسيم دفن مئات الاكراد من ضحايا الانفاليات الصدامية في ثمانينات القرن المنصرم،والذين حملتهم النعوش اواخر 2009 واوائل 2010!ويعتبر استخدام الكيمياوي كارثة عسكرية بحق تفتعلها الحكومة التركية التي لم تستفد من التجربتين الصدامية والايرانية،وشرخ كبير في العقيدة الأمنية والعسكرية التركية والأمن الاستراتيجي الاقليمي والعالمي،كارثة ترتقي الى الجرائم الدولية ضد الانسانية والتي لم يألفها التاريخ المعاصر،وبذلك تدشن تركيا استخدام الكيمياوي في القرن الواحد والعشرين،وهذه المرة ضد الشعب الكردي ايضا،اي في حرب اهلية!   
    والكيمياوي سلاح دمار شامل استخدمته كلتا الدولتين المتحاربتين،العراق وايران،بالعقد الثامن من القرن المنصرم في الحرب العبثية التي طالت ثماني سنوات،وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والمنظمة الدولية – الامم المتحدة دون ان يتحركا ساكنا.ودشن استخدام الكيمياوي في حينه مرحلة تاريخية في الشرق الاوسط اتسمت بفوضى السوق والإيرادات الاقتصادية والعسكرية المتنامية من كل حدب وصوب.الكارثة الاخطر ان صدام حسين استخدم الكيمياوي ايضا في حرب ابادة شاملة ضد الشعب الكردي لتحطيم ارادته،وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها.
    من البديهي النظر الى موضوعة التسلح التدميري الشامل لا بمعيار توازن القوى العسكرية فقط بل من زاوية التحدي الحضاري،لأنها رمز لنتائج عملية تراكمية متعددة الأبعاد والمستويات تضع البشرية أمام خيارات صعبة ومفترق طرق خطير.ويحدث استخدام الكيمياوي تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية عميقة وتحولات جيوسياسية - استراتيجية في المنطقة،وليجر نقل الازمات الداخلية العامة الشاملة الى خارج الحدود،تمهيدا لاحكام القبضة الشمولية على السلطات بالانتهاكات الوحشية لحقوق الانسان!هذه التحولات الجيواستراتيجية تهشم سياسة الأمن الاستراتيجي في الشرق الاوسط وتنعكس آثار ذلك بحدة على شعوبه.
    واذ يعيق استخدام الكيمياوي بشكل ملموس انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي،فانه يعكس مدى القلق التركي المتعاظم من النهوض الديمقراطي وانتعاش حركات الاصلاح الديمقراطي وحقوق الانسان والمجتمع المدني والطبقة العاملة داخل تركيا نفسها الامر الذي يضغط كثيرا على القيادة التركية وينذر بمزيد من الازمات السياسية المتتابعة،..وكذلك من حالة الاستقرار الامني النسبي في كردستان العراق وتنامي التجربة الديمقراطية فيها لحصول الكرد على حقوقهم الإنسانية والقومية بصيغة الفيدرالية ونجاحهم المعزز بالاستقرار والسلم وبالمسيرة الديمقراطية!...ومن مقترحات القيادات الكردية في تركيا بشأن الحل السلمي الديمقراطي العادل لحقوق الكرد القومية والانسانية وازدياد التضامن الأممي الدولي وقطاعات واسعة من ابناء الشعب التركي مع هذه الحقوق العادلة!

بغداد
27/8/2010

139

خرافة النموذج العراقي في الديمقراطية

سلام كبة

   ان من لا يرى اخطاء ومهازل العملية السياسية الجارية اليوم في بلادنا،العملية السياسية التي دافعت عنها القوى الوطنية والديمقراطية وكل المخلصين من ابناء الشعب العراقي،ويرى كوارث دكتاتورية صدام حسين والحكم الملكي المباد فقط،يصعب عليه التعلم من دروس التاريخ ولا يفيد شعبه،اذ ان للناس عقول وتدرك وتعرف ما يجري!ودليل ذلك الخروقات الكبيرة للملف الأمني في الاونة الاخيرة،وتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية والخدمية للمواطنين،والسلوك العبثي للكتل السياسية المتنفذة والمتنافسة على النفوذ والسلطة وتناطحها على المناصب والمواقع.
   لقد فازت الطائفية السياسية في الانتخابات اكثر من مرة،وحصدت اصوات الشارع بملاحم تخللتها الانتهاكات السافرة،والنتيجة هي اعضاء في القوائم الفائزة لا يفقهون شيئا ووزراء ونواب فاسدون لا يملكون ادنى تحصيل علمي،سرقات مصارف،فضائح ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد،وشر البلية ما يضحك!.مجلس نواب ومجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشون ولصوص باسم الاسلام.نواب يستلمون مراتبهم الخيالية بأثر رجعي،ومجلس نواب لا يعقد جلسة اعتيادية منذ انتخابات آذار 2010 وحتى يومنا هذا،وبلاد لازالت تنتظر معرفة هوية قادتها الجدد،رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء ورئيس مجلس النواب!
  الطائفية السياسية ورموز الشراكة الوطنية المحاصصاتية وجرابيعهم يحولوا العراق الى ضيعة لهم ليأكلوا لوحدهم منه ومن خيراته واموال شعبه،بينما المحكمة الاتحادية العليا تعلن في حكم اصدرته مؤخرا عدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب،وهذا يعني ابطال نتائج التوزيع غير الدستوري للمقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة،واعادة توزيعها على المرشحين الذين سلبت منهم،وفقا لعدد اصوات الناخبين التي نالها كل منهم،الا ان حراس الدستور والقيم الدستورية الذين يعملون على احقاق الحق في واد والشعب العراقي في واد آخر!
   في ظل هذا التوتر والاجواء الحانقة تندلع المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية منذ اواسط حزيران 2010 في بغداد ومدن الجنوب والفرات الاوسط منددة بالاوضاع الكارثية،وهي تهتف"شكلوا حكومة..استعجلوا بالوطن مو بره..لا بيت عدنة..لا سكن..لا عمل بالمرة""شكلوا حكومة بالعجل..ما ظل صبر عدنة..التاريخ ما يرحم ابد..كل من وكف ضدنا""دم الشعب علكم..لو ثار ما يرحم""لا كهربا..لا عمل..رشوة وفساد وجهل"....اين الكهرباء يا وزير الكهرباء؟اين الخدمات يا مجلس النواب؟!ويا نوري المالكي؟!اين وعودكم الماكرة يا حسين الشهرستاني؟وفي هذه التظاهرات سقط ويسقط الشهداء صرعى نيران الديمقراطية الجديدة المسلحة ورصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.وفي ظل هذا التوتر والاجواء الحانقة وبوقاحة نادرة يحرم الشهرستاني ممارسة النشاط النقابي في وزارة الكهرباء!  
    السلطات العراقية والقوى السياسية المتنفذة الفائزة تبيح لنفسها وفق مبدأ الفوضى البناءة السلوكيات التبريرية والذرائعية والنفعية البراغماتية،واكبر كمية من التجاوزات واللقاءات والاجتماعات والكلام الكثير الجميل الأنشائي المنمق الخادع،كما تقوم بذات الوقت في ترسيخ الروزخونية عبر تشجيع الولاءات اللاوطنية والطائفية والعشائرية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي.سلطات مسؤولة بالكامل عن غليان التجييش الطائفي والعشائري في العراق الذي يهدد بكوارث جديدة.
   اللجوء الى الدين والطائفية السياسية والشراكة المحاصصاتية والولاء دون الوطني ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي،ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا!وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية.لقد تحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة القائمة على الولاءات دون الوطنية في العراق الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة تدخلها الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.
    السؤال المخيف الذي تطرحه التظاهرات الشعبية هل تنجح محاولات اشعال قادسيات جديدة في العراق ليرتاح الأمريكيون والايرانيون والاسرائيليون والسوريون..وبذا لا يعد من مبرر لقلق الادارة الاميركية التي سوف تقف بالتأكيد تتفرج على اللهيب المخيف،كما لا يعد مبرر لتخوف الانظمة الاقليمية من النموذج العراقي في الديمقراطية.

بغداد
23/8/2010


140



حول تحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء
"حسين الشهرستاني والدكتاتورية المقبورة وجهان لعملة واحدة!"

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   في دراسة سابقة اكدت ان المصالح الاجتمااقتصادية التي تقف عقبة كأداء امام عجلة العمل النقابي العمالي في العراق باتت كبيرة وفي تنامي صاعد بسبب توقف عجلة الانتاج والدورة الاقتصادية السلمية وارتفاع معدلات البطالة والفقر،وبسبب الحروب الداخلية والخارجية والهجرات الاحترازية والقسرية،والحصار الاقتصادي،وسوء تصرف النظام السياسي القائم بموارد المجتمع الاقتصادية،والخلل في الاداء الحكومي،واستمرار مفعول قوانين النظام السابق ومنها قوانين 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و الغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة وقوانين 71و91 لعام 1977 و190 و543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم(150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي وعشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة اعوام  1968 – 2003،وبسبب الاضطرابات الامنية والارهاب والفساد والابتزاز وقوانين الطوارئ والاحتلال الاميركي والمحاصصة الطائفية وسياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،وتجميد الحركة الانتخابية النقابية الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية وفق قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003.
   في هذا الاطار تندرج عنجهية حسين الشهرستاني الطفل المدلل للطاغية صدام حسين وأحد صقور الليبرالية الاقتصادية الجديدة في العراق!فبعد ان اشتد ضغط ابناء الشعب وكادحيه باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة..وبعد ان باتت ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات لا تنطلي على احد،كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها،وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم..وبعد ان افتضحت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتوجهات نحو الخصخصة التي تفرض الانعكاسات السلبية الاوسع على سوق العمل في الامد القصير لان برنامجها هو وصفة من صناعة خبراء البنك الدولي ليس الا..وبعد ان باتت الاماني الطيبة والمواعظ الحسنة ووعود الرخاء وتحسين حياة الشغيلة وايجاد فرص عمل للعاطلين التي تطلق بين حين وآخر،باتت جميعها وعودا في مهب الريح،ولا تطلق الا للدعاية الانتخابية فقط وللاغراض الميكافيلية...اندلعت المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية اواسط حزيران 2010 في بغداد ومدن الجنوب والفرات الاوسط منددة بالاوضاع الكارثية،وهي تهتف اين الكهرباء يا وزير الكهرباء؟اين الخدمات يا مجلس النواب؟!ويا نوري المالكي؟!وفي هذه التظاهرات سقط الشهداء صرعى نيران الديمقراطية الجديدة المسلحة ورصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.هل تجاوز الشهداء في بلادنا حقا حدود اللعب؟!لقد اسقطت التظاهرات وزيرين احدهما وزير الكهرباء كريم وحيد!فماذا كان رد فعل الحكومة الموقرة جدا؟!
   اوكلت العقلية الصبيانية لنوري المالكي لوزير النفط حسين الشهرستاني وزراة الكهرباء ايضا!!وفق المثل القائل"جاء يكحلها .. عماها!"،وقام الشهرستاني بتكريم بروتوكولي للوزير المستقيل،ووعد الشعب العراقي خيرا..في الايام اللاحقة!في هذه الاجواء يأتي الامر الوزاري عدد 22244 في 20/7/2010 على"منع ممارسة النشاط النقابي بالوزارة"،وطلبت وزارة الكهرباء من كافة دوائرها بالتنسيق مع شرطة الكهرباء بأغلاق مكاتب واماكن وجود النقابات وضبط ما فيها من موجودات ووثائق وانظمة حاسوب".وجاء في الفقرة 3 من الامر الوزاري"أتخاذ الاجراءات القانونية الفورية"واحالة من سمتهم الوزارة"من يلجأ الى التهديد واستخدام العنف بهدف الحاق الضرر بالممتلكات العامة الى القضاء بموجب المادتين(4 و 2)من قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005!
   يذكر ان العلامة الغبي حسين الشهرستاني سبق ورفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي ايضا في التوجيه الوزاري المرقم 12774 في 18/7/2007،منعت الدائرة الادارية والقانونية في وزارة النفط بموجبه مشاركة اي عضو من اية نقابة واتحاد نقابي ومركز نقابي في اية لجنة من اللجان المشكلة في مؤسسات وشركات الوزارة،كون هذه النقابات لا تتمتع باية صفة قانونية للعمل داخل القطاع الحكومي ولا يجوز السماح لهم باستخدام المكاتب والآليات والمعدات التابعة للوزارة كونهم لا يتمتعوا بالصفة القانونية للعمل داخل القطاعات الحكومية..وامهلت التوجيهات الجهات ذات العلاقة مدة اسبوعين لأستكمال التنفيذ..واكد الملا الشهرستاني هذه التوجيهات مرة اخرى في تصريحاته السادس من آب 2007 عندما رفض التنظيم النقابي العمالي في القطاع النفطي.انها قرارات قرقوشية تعكس الفقر في الكفاءة المهنية والحاجة الى التربية بأهمية الاقتصاد الوطني الى جانب سوء اداء الوزارة والوزير في توفير حاجات الفئات العمالية وابناء الشعب من الوقود،وهي اساسا امتداد لتخبط وجهل الطائفية السياسية الحاكمة بعد ان منح قانون الاستثمار الجديد في الفقرة سادسا المادة "6" "حق" استخدام 50% من العراقيين من مجموع المستخدمين في المشروع اي ان 50% هم من غير العراقيين"ان هذا التشريع لا يوجد مثيل له في العالم فدول العالم تسعى لخلق فرص عمل لمواطنيها وليس لمواطني بلدان اخرى"،كما أغفل الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 واقتران المواد 36 و43 باشتراطات قابلة للتأويل تسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية.وكانت الجمعية الوطنية سابقا هي الاخرى قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان لنسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين،ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع،وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والطائفي والظلامي المتخلف...!
    هنا وجب وضع النقاط على الحروف وتبيان الآتي:
1.   ان محاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية ليست فردية صادرة من هذا الوزير او ذاك،بل هي نهج ثابت للطائفية السياسية الحاكمة يدل على شيوع ثقافة الوصاية وتخلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والتطور المشوّه للمجتمع والاستبداد والولاءات دون الوطنية،التي تسهم في تمزيق نسيج البلاد الاجتماعي وطمس هويتها الثقافية التي تتسم بالتعددية والتنوع!فوزارة الصناعة والمعادن المسؤولة عن حوالي 200 مشروعا مملوكا للدولة يعمل فيها نصف مليون فرد موزعين على 61 شركة تضم 230 معملا في المجالات الصناعية المختلفة:الانشائية،الكيمياوية والبتروكيمياوية،الهندسية،النسيجية والغذائية والدوائية!هي الاخرى اعتبرت تشكيل النقابات العمالية داخل مؤسساتها مخالفة قانونية خطيرة تستوجب المسائلة،بل خرق فاضح لمبدأ المشروعية ومساسا بأمن واستقرار المؤسسات العامة!وتعتبر عدم اعتراض الشركات العامة على قيام منتسبيها بتشكيل النقابات العمالية داخلها دليل ضعف لاداء ادارات الشركات وعدم قدرتها على مراقبة مفاصلها الادارية وفرض الامن داخلها!وتلزم هذه الوزارة المخالفين بتقديم التعهدات الخطية بعدم تكرار ذلك!وتنقل خدماتهم،وتعرضهم للسخرية!انظر الكتاب الصادر من مكتب المفتش العام في وزارة الصناعة والمعادن المرقم س/1855 والمؤرخ في 26/5/2009.
   وبهذه القرارات القرقوشية تبقى الحكومة ووزاراتها اداة لانتهاك حقوق ومكتسبات العمال،وتنجر وراء التصرفات الشخصية لبعض المنتفعين من اضعاف العمل النقابي في العراق!ان محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها لا يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل يضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها ويخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،ويستهين بالحركة الاجتماعية ويتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،ويتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات،ولعمري يدرج كل ذلك في الارهابين الاسود والابيض.
   واقع الحال يؤكد سير الحكومة العراقية حثيثا في اتخاذ مجموعة اجراءات وقرارات مجحفة بحق العمل النقابي والمهني وشل فاعليته بما يتعارض مع المادتين 22 الفقرة ثالثا و45 الفقرة اولا من الدستور اللتان تؤكدان على الاستقلالية التامة لعموم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والدعم الايجابي من جانب الحكومة لها،منذ قرار مجلس الحكم المرقم(3)لسنة 2004،والامر الديواني 626 لسنه 2004،والتعميم المرقم 3908 الصادر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء،والامر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 القاضي بوضع اليد على اموال المنظمات والنقابات وتجميد ارصدتها والذي يعني اساسا هو تجميد نشاطاتها والتدخلات المستمرة للجنة الوزارية العليا المنبثقة عن قرار مجلس الحكم رقم(3)وتشكيل لجان تحضيرية بموجب قرارات حكومية،وكذلك تمسكها بالقرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره النظام المقبور والمتضمن تحويل العمال الى موظفين وحرمانهم من حقوقهم في العمل النقابي والمهني.
2.   ارتبطت حركة الطبقة العاملة العراقية بالنضال الوطني التحرري من اجل وطن حر وشعب سعيد وحياة كريمة ولائقة.وقد شهد العقد الثاني من القرن العشرين باكورة النضالات الطبقية في اضراب عمال السفن (المسفن) – الدوكيارد – سنة 1918 الذي تصدت له السلطات البريطانية بالرغم من مطاليب العمال العادلة في زيادة الاجور وتحسين الأوضاع المعيشية.وفي المسفن اضرب عمال ادارة توزيع الكهرباء للمولدات الصغيرة التي جلبها الانجليز معهم جنبا الى جنب مئات العمال للمطالبة بالالتزام بما كانت تنص عليه لائحة العمل وبمساواتهم مع العمال الأجانب من حيث الاجور وساعات العمل.واقترن التحرك العمالي في العشرينات بتنامي الاستعداد لدى العمال والشغيلة الحرفيين الى التنظيم وتشكلت عدة جمعيات أبرزها جمعية أصحاب الصنائع ورئيسها محمد صالح القزاز سنة 1929 وجمعية عمال المطابع العراقية،وهي جمعيات عمالية حرفية وليست نقابات عمالية خالصة!
   في ثلاثينيات القرن المنصرم اتسع النشاط الجماهيري السياسي والاقتصادي ضد معاهدة 1930 الاسترقاقية وضد شركة كهرباء بغداد الاستعمارية مما كان له الأثر البعيد في تطور الحركتين الوطنية والعمالية.وحرك هذا النشاط اعلان المعاهدة البريطانية – العراقية( معاهدة 1930)،فدارت اعنف المعارك النضالية حول قانون رسوم البلديات ومقاطعة شركة كهرباء بغداد الأجنبية.وفي 3/12/1933 دعا اتحاد العمال في العراق الى مقاطعة شركة كهرباء بغداد التي كان يملكها الرأسمال البريطاني بعد ان فشلت المفاوضات معها لتخفيض سعر الوحدة الكهربائية،وبدأت المقاطعة في 5/12 فلجأت الحكومة الى المناورة تارة والعنف تارة أخرى لوقف المقاطعة وعمدت الى انارة الشوارع جميعها للتخفيف من خسارة الشركة،وتشكلت فرق عمالية جوالة تشرح لأصحاب المحلات مغزى المقاطعة.واضطرت المعامل التي تستخدم المكائن الى خفض اسعار منتجاتها رغم بقاء أسعار ورسوم المحروقات من نفط وكهرباء باهضة.وفي اضراب بغداد 1931 استخدمت القوات الامبراطورية البريطانية لحماية أهم المنشآت لعراقية من شركات نفط ومراكز توليد كهرباء.
   رد العمال على حركة بكر صدقي وعدائها للقوى العمالية والديمقراطية بحركة اضرابية واسعة شملت عمال الميناء في البصرة بحيث اضطرت ادارة الميناء البريطانية الى التسليم بمطالب العمال وزيادة الحد الأدنى لأجور العمال.وشمل الاضراب عمال شركة نفط العراق في كركوك ومناطق الحفر ومحطات الضخ التابعة للشركة.وشمل ايضا العمال في مختلف المعامل والمصانع والسكك الحديد.ولم تكن الدوافع الاقتصادية الوحيدة التي حركت العمال بل التأثيرات السياسية.
    شن العمال سلسلة من الاضرابات ابتداءا من خريف 1941 اولها اضراب عمال السكك وتلاهم عمال شركة كهرباء بغداد وجاء في بيانهم(اننا نشتغل الساعات الطوال،نكد ونكدح،معرضين للموت منصعقين بالتيار الكهربائي،مع ان يوميات اكثرنا لا تتجاوز الخمسة والسبعين فلسا.ولا يخفى عليكم ان هذه اليومية تقابل عشرة فلوس في ايام ما قبل الحرب).وتعتبر اضرابات عمال السكك سنة 1946 وكاورباغي في كركوك وكي ثري ملاحم نضالية مجيدة.وفي سنة 1948 ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الجماهيرية على عقد معاهدة ( بورتسموث) اضرب في البصرة عمال المسفن (الدوكيارد) ومشروعي الماء والكهرباء في الشهر الخامس.وفي الاول من ايار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون عراقي في بغداد.
       لم تتجرأ حكومات العهد الملكي المباد ولا حكومات ما بعد رمضان الاسود 1963 على الغاء الحقوق النقابية للطبقة العاملة في المؤسسات الحكومية،بل حاولت تجيير النقابات لخدمة مآربها الشريرة.وهاهو الشهرستاني القزم يحاول تنفيذ ما لم يقدر عليه اسياده!
   عمال العراق وكل العاملين في القطاع العام هم جزء حيوي من الحركة النقابية العراقية التي ناضلت من اجل بناء الوطن وهي صانعة الخير والابداع والحياة،واذا تطلب الامر المطالبة بحقوقها فلن تتردد في استخدام الاساليب السلمية والديمقراطية التي أكد عليها دستورنا الدائم،وهي التي تؤكد دائماً ان الممتلكات العامة هي ملك للشعب بأسره وليست لجهة او شخص ما،مهما كانت مكانته.
3.   اكدت الوقائع والتجربة ان الاجراءات الوزارية لعرقلة عموم الحركة النقابية تستهدف التغطية على عورات الحكام وتمرير مشاريعهم المجنونة،وهي ليست بمعزل عن تخبط البرنامج الحكومي واداءه الفاشل،وتغييب التخطيط وكل مصطلحات"التنمية" و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"بشكل مرسوم ومتعمد،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح النخب الطفيلية البيروقراطية الحاكمة وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!ومثلما لا يمكن فهم اجراءات وزارة النفط لعرقلة الحركة النقابية الا على طريق تمرير مشاريع القوانين الكارثية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية(قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية الذي اقر في في 6 ايلول 2006،قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006،مشروع قانون النفط والغاز الجديد،مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام)وتمرير اتفاقيات الشراكة الذكية مع الشركات الاحتكارية لاستثمار حقول النفط المنتجة اصلا او الجاهزة للانتاج،والتي وصفتها بعقود الخدمة الجديدة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي!...لا يمكن فهم اجراءات وزارة الكهرباء لعرقلة الحركة النقابية الا على طريق تمرير مزيدا من الخطوات الكارثية والغبية اللا مسؤولة في تاريخ العراق السياسي الحديث والمتنكرة لمسيرة ثورة 14 تموز المجيدة 1958،والتي تفوق في كارثيتها القادسيات الصدامية،لأنها قادسية القادسيات!الى جانب الانتقام من فورة الشارع العراقي وانتفاضاته الاخيرة،لاسيما انتفاضة البصرة الباسلة!فقد تعود العمال في بلادنا ان يكونوا في مقدمة جموع الشعب التي تتلقى عبئ خطل السياسات الحكومية الخائبة،وآثار ما تقترفه الليبرالية الاقتصادية الجديدة من آثام!
   بالامتيازات تنتزع الشركات الاحتكارية حقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،وبها تجمد العلاقات بين الطرفين لآماد طويلة تبلغ عشرات الاعوام!.وعقود الخدمة الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،هي الاخرى كانت انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها،ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة!.الحكومة العراقية ضيعت التاريخ الوطني النضالي المشرف للعراق والعراقيين،وشرعت باعادة سجن الاقتصاد العراقي في زنزانة لا يستطيع ان يتنفس منها الا بشق الانفس ليجر تكبيل سيادة العراق،بالوقت الذي ستحافظ على مصالح الشركات الاجنبية.وهنا يبرز التساؤل الملح؟ماذا يخطط الشهرستاني النجس لكهرباء العراق..وهل سيبيعه ايضا في سوق النخاسة؟!
   بعد ان انتفض الشهرستاني للاقتصاص من نقابات النفط في البصرة وبغداد وبقية المدن العراقية التي فضحت الجوهر الاستغلالي البراغماتي لمشروع قانون النفط والغاز الجديد و قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام ، وعقود الخدمة – المشاركة الذكية الجديدة في مختلف فعالياتها الجماهيرية..يحاول ان ينتفض اليوم للاقتصاص من النقابات في وزارة الكهرباء التي تضامنت بقوة مع حركة الشعب المطلبية حزيران 2010!
4.   تعيش الطائفية السياسية الحاكمة تناقضاتها.وفي مضمار مؤسسات المجتمع المدني تسبح سعيدة في هذه التناقضات،غير مصدقة انها قد اوكلت لها هي خصيصا الاولوية لحل هذه التناقضات باعتبارها القوائم الفائزة الرئيسية في الانتخابات النيابية 2005 - 2006!!وهي تتخبط ،تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى توحيد الخطاب السياسي..لم تستطع  الطائفية السياسية من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية بالطبع،فكيف الحال وهي تنشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن وحتى توحيد الخطاب السياسي.من يخدع من؟.
   هناك اكثر من 60 مهنة وحرفة لها نقاباتها وانظمتها الداخلية وقوانينها مثل(المهندسين،المحاسبين،الاطباء،الصحفيين،الاقتصاديين وغيرهم العشرات).. فهل يجب ان ينظم هؤلاء الى منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية؟!ان عمل وقانون النقابات لا علاقة له بعمل وقانون منظمات المجتمع المدني(كما جاء في البيان الصحفي الصادر عن السيد المفتش العام للوزارة)والتي تأسست خلال السنوات الاخيرة رغم ان عملها مدني حقاً!هذه النقابات مؤسسات مهنية اولا وذات طبيعة مزدوجة(هي من ناحية جزء من الجهاز الاداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت اشرافها - تنظيم شؤون المهنة - وهي من ناحية اخرى تجمع لاصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق اعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني).وهي مؤسسات مجتمع مدني غير ربحية ثانيا.
   القوى السياسية المتنفذة التي تتربع على مقاليد السلطة في عراق اليوم تتسم بالتعسف العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها،الامر الذي ساعد على ترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن والمواطنة،وتمتلك باع طويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة،ولم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة التكتيك السياسي والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس،وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيبها او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات متزمتة قرعت جرس الانذار عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطعان يسهل تسخيرها!
5.   يتعكز الشهرستاني في قراراته الفنطازية على القرار 150 لسنة 1987 الذي اصدره مجلس قيادة الثورة المنحل وحول بموجبه عمال قطاع الدولة الى موظفين،ومنعهم من تشكيل نقاباتهم الخاصة،وبهذا يلتقي العلامة الملا مع قرارات الدكتاتورية المقبورة!وهذا ليس القاسم المشترك الوحيد فحسب،فالشكوك تدور حول فترة اعتقاله او احتجازه الوجيزة من قبل الطاغية صدام حسين!هل كان الاحتجاز تنكيلا بالشهرستاني لافكاره الاسلامية،ام حماية له من المتطاولين؟!كما تناولت الانباء في حينه ان اطلاق قوات الاحتلال الاميركي عام 2006 سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام،وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين،والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل"هدى صالح مهدي عماش،عامر رشيد،رحاب طه(السيدة الجرثومة) .. "..كان تقديرا للعلامة الشهرستاني الذي ارتبط بعلاقات صداقة حميمة مع هذه الزمرة. 
   ولا عجب ان يخلف الشهرستاني كريم وحيد لادارة وزارة الكهرباء الميمونة،بتواطؤ فاضح من الادارة الأميركية التي اوكلت لبعض رموز النظام السابق مسوؤلية ادارة هذا القطاع"شغل الوزير كريم وحيد العبودي وهو عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي منصب مديرا عاما للشركة العامة لانتاج الطاقة الكهربائية ومديرا عاما لشركة الرافدين للحاسبات ومديرا عاما للدائرة الفنية في هيئة الكهرباء في عهد صدام حسين".والثنائي العبودي – الشهرستاني مصابان بداء"الغيبة"الذي سرى بقوة في حكومات الطائفية السياسية،ويتطابقان مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للاعلام الدعائي الزائف التبريري.
   شجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم وفي مقدمتهم ثنائي المرح والتقزز(وحيد والشهرستاني)في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى اعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات!
6.   حول ديناصورات النشاط التجاري الخاص،القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحا خيالية،وامام الملأ وبعلم الحكومة العراقية.وعندما تتعطل الكهرباء العامة تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة وتباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها،وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم.
    وتؤدي انتقال المبالغ الضخمة من موقع الى آخر تحت اشراف متنفذي قطاع الكهرباء في ظل ارتفاع مستويات الفقر في البلاد الى كوارث الفساد والاحتيال والابتزاز لتداخل هذا القطاع مع القطاع النفطي اي اكثر القطاعات التي يسيل لها لعاب الكومبرادور والطفيلية العراقية والرأسمال الاجنبي.والمتتبع لأزمة الطاقة الكهربائية في العراق يضع يده على حقائق موضوعية مرة اهمها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية،مستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع اسوء من التوليد،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية واطئة لا تتجاوز ال25%من السعات المؤسسة،هبوط كفاءة استثمار شبكات النقل والتوزيع الى ادنى المستويات،تعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة المتدنية الكفاءة والكثيرة العطلات والتي تحتاج الى الصيانة الدائمة،تجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية من ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO،لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تشغيل بعض الوحدات الانتاجية على المازوت وكلفة شراء المواد الكابحة التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم المضر بريش التوربينات،شراء الكهرباء من دول الجوار لم يحل الازمة لتذهب الملايين هدرا،الفساد والمحاصصة في التوزيع،التوليد التجاري بانتشاره العشوائي وتسربل حزم اسلاكه وضوضاءه العالية وتكاليف اسعار امبيراته وابتزازه المواطنين ونهمه في استهلاك الوقود!تنامي الغش الصناعي في انتاج السلع الكهربائية،وتزايد عدد المعامل غير المجازة التي لا تخضع لأية رقابة عليها وتنتج سلعا لا تتوفر فيها المواصفات الفنية!
   حولت وزارة الكهرباء العراق الى اضحوكة في العالم لعدم وجود دولة انفقت على الكهرباء كل هذه المبالغ ولم يتمكن مواطنها ان يتنعم بالكهرباء!ان كل ميكاواط من الكهرباء في السوق العالمية تبلغ 850000 دولار منصوبة وجاهزة،فأين ال 11 مليار دولار التي سلمت من البرلمان لوزير الكهرباء التي كان يمكن ان تنعم بما لا يقل عن 8000 ميكاواط على الاقل!؟اين ذهبت الأموال؟واين ذهب الكهرباء؟!والانكى من ذلك كله ان وزارة الكهرباء تنحي باللائمة كعادتها بتراجع معدلات انتاجها للكهرباء على وزارة النفط التي لا تزود محطات توليد الطاقة الكهربائية بما تحتاجه من وقود تشغيل!
   ما ينطبق على الكهرباء ينطبق على النفط،ولم يتمكن الوزير العلامة الزائف الشهرستاني ان يحفر بئرا واحدا جديدا للعراق،بل تمكنت وزارته التي ظلت امثولة في ابشع فساد شهده القطاع النفطي في تاريخ العراق الحديث من ان تطمر اكثر من 380 بئرا لغاية عام 2008،ووزارة النفط لم تشيّد اي مشروع استراتيجي او نصف استراتيجي.ولم تشهد السنوات الماضية تشييد مصفاة واحدة في العراق،على الرغم من العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لانشاء مثل هذه المشاريع.واسهم الغاء لجنة الشؤون الاقتصادية وتحويل صلاحياتها الى الامانة العامة،في اتساع رقعة الفساد.ان معظم العقود الضخمة تبرم دون السماح للجهات الرقابية،خصوصا هيئة النزاهة،بالاطلاع او التحقيق فيها.اين المال الذي تم انفاقه على وزارة النفط؟لقد وقعت الحكومة العراقية مؤخرا عقود في آن واحد مع شركات كبرى لاستثمار حقول نفط منتجة اصلا او جاهزة للانتاج،وصنفتها ضمن عقود الخدمة برسوم ثابتة اجحافا وتهربا من الغضب الشعبي،بعد ان حرفت لصالح الشركات النفطية  لدرجة انه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم،وتبقى تتماشى مع العولمة الراسمالية،تمهيدا لالتحاق النخب الحاكمة في العراق بالفكر الليبرالي الجديد،وبالتالي مزيدا من الفساد الاداري والمالي.ويبدو ان المعارضة الشعبية  لنظم المشاركة اجبرت الحكومة التوقيع على عقود خدمة صورية،لانها في حقيقة الامر اتفاقيات شراكة ذكية،تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود.
   ان فرصة القوى السياسية المتنفذة في تنفيذ وعودها كانت كبيرة نظرا الى الامكانيات التي توفرت لها،والمؤسف انها لم تحقق ما يسر المواطن كي يفخروا ويتباهوا به.وحين لم تجد في خطبها المستمرة ما يعرضونه على انه منجز،استعارت خطاب المعارضة،عسى ان تمرر هذه المرة ايضا خدعها على المواطن.الا ان خطاباتها وتصريحاتها لم تعد تنطلي على المواطن الذي اكتوى بمرارة المعاناة وذاق الأمرين!
7.   ان الدعوة لاستجواب الوزراء هي دعوة دستورية صرف لا يجب التمترس،طائفيا وحزبيا وراءها،كما لا ينبغي النظر اليها من باب الحزبية الضيقة.ان اعاقة الاجراءات القانونية اللازمة بحق الوزراء المفسدين والمتقاعسين عن ادائهم الوظيفي هي اشتراك في جريمة الفساد.والوزراء حسين الشهرستاني وبيان جبر صولاغ(تولى الوزيران حقائب وزارية طيلة عهد ما بعد التاسع من نيسان)وكريم وحيد في مقدمة المدانين بالفساد!وهنا وجب التذكير انه رغم اجبار وزير التجارة على الاستقالة بعد ظهور فضيحة فساد تتعلق بتوزيع الطعام،والقاء القبض على نائب وزير النقل بعد ضبطه اثناء محاولته الحصول من شركة أمنية على رشوة تتجاوز قيمتها 100000 دولار،واعتقال السيد كاطع الركابي سكرتير رئيس الوزراء بتهم تلاعب واحتيال،والقبض في وقت سابق على وكيل وزارة الصحة حكيم الزاملي(النائب في البرلمان الجديد عن التيار الصدري)وقائد القوات المكلفة بحماية الوزارة والمستشفيات اللواء حميد الشمري بتهمة ارتكاب جرائم ابادة طائفية،فانهم لم يقدموا الى المحاكمة!
   ولم يحاكم العراق امام الملأ وعلى شاشات التلفاز،اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يتسترون على المجرمين ويقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة والعقاب.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!القوى السياسية المتنفذة تحاول عرقلة المحاكمات امام الشعب العراقي من خلال الضغط السياسي الذي تمارسه على مجلس القضاء،وبالتالي تدخلها في القضاء الذي من المفترض ان يكون مستقل.
8.   اثر تجاوز اختبار المشروع الهندسي تعرض كاتب الدراسة هذه الى محاولة الاحتجاز والاعتقال من قبل جلاوزة الامن ومرتزقة الاتحاد الوطني لطلبة العراق في باحة كلية الهندسة/جامعة بغداد اواسط عام 1979،وقد هرع الاستاذ الجامعي المشرف على المشروع الى عمادة الكلية ورئاسة قسم الهندسة الكهربائية واصطحبهما الى الغرفة التي احتجز بها،ووجه كلامه الى الاوباش مهددا بتقديم استقالته فورا مالم يغادر الجلاوزة الحرم الجامعي ويجري اطلاق سراحي خلال دقائق!وهذا ما فعله ايضا رئيس قسم الهندسة الكهربائية الذي اعدمه الفاشست بعد اعوام لميوله الدينية!اما الدكتور النبيل الذي اشرف على المشروع فقد غادر البلاد الى بلدان اللجوء دون رجعة!
    واذكر هذه الحادثة للتأكيد انه حتى في اعتى دكتاتورية شهدها العراق لم تكن هذه الامور المأساوية تمر مرور الكرام،فما بالك في ظل حكم الديمقراطية الجديدة؟!والمطلع والمراقب ليدهش ويستغرب ان يقف مسؤولو وزارة الكهرباء متفرجين امام قرار خطير كتحريم العمل النقابي في وزارة الكهرباء!فالوزارة تضم عشرات المستشارين والمدراء والمفتشين ومئات المهندسين والكوادر الفنية والادارية،مكتب الوزير ونواب الوزير ومكاتب نواب الوزير ومدراء الانتاج – التوليد والمحطات والنقل والتوزيع،والجميع يصمت صمت ابي الهول ازاء هذا القرار،ولم يكلفوا انفسهم لا بالاعتراض والاحتجاج ولا بالحملات التضامنية مع عمالنا الاشاوس. 
9.   قانون مكافحة الارهاب رقم (13) لسنة 2005 شرع لمواجهة الارهاب،ويبدو ان فطاحل الديمقراطية الجديدة يفسروه حسب هواهم واهواءهم ومطامعهم،وكل يغني على ليلاه!ومن نافل القول ان مصطلح الارهاب ولاحقته (ism…) أي ( Terrorism ) لم ير النور الا في اعقاب الثورة الفرنسية عام 1789،وتحديداً في عهد روبسبير اعوام (93-1794)..ودل في حينها على سياسة العنف التي تمارسها الدولة تجاه بعض طبقات المجتمع والفئات الاجتماعية بأسم الشرعية القانونية القائمة او الجديدة!وتغيرت الدلالة اللغوية للمصطلح - المفهوم - الظاهرة  لتصير تدل مع بداية القرن التاسع عشر على استراتيجية العنف السياسي الموجه ضد الدولة نفسها من قبل الجماعات والفئات الخارجة عنها من مواقع  يمينية ويسارية متطرفة!وتطور المفهوم وتطورت الظاهرة مع التطور الآيديولوجي الحديث.واليوم يعني الارهاب"كل فعل عنف سياسي موجه حصراً ضد السكان المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وارهاصاته مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية معاً !"، وتناصر الامم المتحدة هذا التحديد القانوني حيث لا يشمل الأرهاب جميع اشكال العنف السياسي.
      الارهاب ليس قرصنة بالطبع مثلما هو ليس عملا ثوريا.فالقرصنة ممارسة ارهابية عادية في الخطف والسلب والنهب والابتزاز وحتى القتل.وهي مصدر ارتزاق ونمط وجود وانتاج بالنسبة لجماعات اثنية هامشية مهشمة!والقرصنة حرفة.اما المقاومة والمعارضة الوطنية والشعبية فهي ليست ارهابا ايضا لأنها اعمال ثورية ظهيرها الشرعية التاريخية وتجارب التاريخ والكفاح الوطني - التحرري للشعوب والجماهير صانعة التاريخ.ولربما انها ارهاب من وجهة نظر الشرعية السياسية والقانونية القائمة.فقد اثبت التاريخ وتجارب نضالات الشعوب شرعيتها التي لا تتطابق بالضرورة مع الشرعيات السياسية والقانونية القائمة.الاعلام الاحادي الجانب يتواطأ مع الارهاب لحاجتهما معا الى الاثارة والصخب والضجيج،فالعنف الارهابي يحمل شحنة عالية من الرمزية وهو بحاجة دائمة الى الظهور.اما الأعمال الثورية فهي اختيار عقلاني للأفعال لحل المعضلات القائمة تكتسب شرعيتها من موضوعيتها وتتداخل مع الاعلام  لتكريس آيديولوجيتها لأنها عنف سياسي تاريخي ومؤدلج.
   هل العمل النقابي ام الفساد فعل ارهابي؟!مسؤولو قطاع الكهرباء في بلادنا آمنوا من المساءلة والحساب والعقاب،وان حدث فان شماعة الارهاب والوضع الامني المتردي والامكانيات المتواضعة هي الاغنية التي يرددونها على سؤال السائل ويصمتون بها الاعلام الشقي،ولا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين والفاسدين في وزارة الكهرباء،بينما يتوافق الغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع المقاولات الأهلية لتخسر الدولة عبرها اموالا لا حصر لها.في هذا الاطار ومن هذه الزاوية تدرج عقود الصفقات المليارية لمشاريع يشاع انها ستزيد انتاج الطاقة الكهربائية،والتسابق على عقد الاتفاقيات مع الشركات العالمية الهالكة،والسعي لتوقيع العقود باسعار خاسرة!
10.   في مقابلة مع السيد علي الدباغ الناطق الرسمي للحكومة العراقية مساء الاحد 25/7/2010 اقر بالاخطاء الفادحة التي ارتكبتها حكومة نوري المالكي،ومنها لا على سبيل الحصر،ان    المواطن في كل محافظات الوطن محاصر بأزمات تردي الخدمات والبطالة واختراقات الارهاب،وبعد مرور اكثر من 100 يوم لا زال ينتظر تشكيل الحكومة الجديدة.كما اقر بغياب المنهج الحكومي طيلة فترة حكومة المالكي!
   يبدو ان الدباغ هو الآخر يستعير خطاب المعارضة بغية خداع ابناء الشعب العراقي،الم ير ذلك الاصبع البنفسجي المقطوع في تظاهرات البصرة والناصرية والديوانية والحلة والكوت وبغداد؟لقد امتلكت حكومة المالكي منهجا وتناغمت بقوة مع سياسات الليبرالية الاقتصادية الجديدة،والا ماذا نفسر عقود الخدمة النفطية الصورية الجديدة على الطريقة الشهرستانية،حالها حال نظم المشاركة،التي انتزعت حقوق الدولة العراقية ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها!والغاء شركة الخطوط الجوية العراقية بجرة قلم؟!ومحاولات حرمان الطبقة العاملة من حق اقامة تنظيماتها النقابية؟!ولمصلحة من يتم تدمير الكهرباء الوطنية ومجمل الصناعة العراقية؟!محطات ومصانع ومعامل ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل على اكتافهم وبعرق جبينهم!وما مدى الصلافة التي تعلن ان اتفاقيات تجري بنظمِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وفي سبيل المنافسة على مشاريع مشتركة بهدف تجديد المحطات والشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!.ان ما اشاعته عدالة التحرير،عبر شركات اعمارها واستثمارها،يشكل اليوم جزءا  من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!
   نعم،البرامج الحكومية التي عرضت امام مجلس النواب اتسمت بالضبابية والتخبط وعدم الشعور بالمسؤولية!وافتقرت الخطط المركزية الاستراتيجية والمتوسطة المدى لوزارة الكهرباء الى ابسط المقومات التخطيطية(الاحصائية،التقديرية،التحليلية،التفسيرية،التوضيحية)،وتميزت جداولها ومؤشراتها البيانية بالنقص والجهل،وهي تخضع لتقلبات مزاج القائمين على ادارة الكهرباء ومصالح الليبرالية الاقتصادية الجديدة.وتسببت وزارة الكهرباء العراقية عبر اداءها التخطيطي والتنفيذي والفني الهابط وضعف رقابة مجلس النواب،وترك مافيات توزيع الكهرباء ومافيات استيراد وشراء وبيع المولدات التجارية والخاصة بالبيوت تنمو مثل الأدغال،تسببت في تصاعد حدة ازمة الكهرباء ومعاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي،وباتت من اعظم المآسي التي المت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني!
   لقد تحولت سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة في قطاع الكهرباء الى ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة لأنه مبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية!وترسخ هذه السياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ورفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.

بغداد
26/7/2010


141
كردستان المنجزات والمخاطر

سلام كبة

   من يزور المدن الكردستانية اليوم يلمس مدى التقدم الحضاري والاجتمااقتصادي الذي تشهده،الى جانب حياة الامن والطمأنينة،بعد سني الاحتراب الداخلي المشؤوم واقرار اصحاب مواقع اتخاذ القرار بخطل تلك الفترة العصيبة التي ادخلت كردستان في المتاهات وشجعت على مغازلة النظام المقبور مرارا!واذ يفتخر ويعتز الشعب العراقي بالتجربة الكردستانية،فانه يحذر من المخاطر التي تواجهها،وفي المقدمة آثار سياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتنفيذ الاعمى لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي!الى جانب ثمن المحاصصات الطائفية والقومية والصفقات الذاتية البعيدة عن مصالح الشعبين العراقي والكردي والتوجه الديمقراطي لبناء البلاد(اقرار قانون الانتخابات العراقي  والتعديلات رغم العيوب الكارثية ..)،ومحاولات زعزعة الاستقرار وتغذية النزاعات بالتدخلات الاقليمية الايرانية والتركية الفاضحة!
   ويتسم التمايز الطبقي في كردستان العراق بالتشوه الاجتماعي العام والنهوض المتنامي للعلاقات الاقطاعية وشبه الاقطاعية والرأسمالية،وازدياد نفوذ النخب الكومبرادورية والطفيلية!ولا زال الاستقطاب الثنائي يأخذ مجراه،عبر ميل شريحة صغيرة عليا لتكديس الموجودات والأموال،وهي تشمل التجار والمهربين وبعض الكوادر والنخب السياسية والعسكرية في الأحزاب،مقابل شريحة سفلى عريضة واسعة ذات مستوى دخل ومستوى معيشة ينخفضان باستمرار مع تغلغل العلاقات الرأسمالية في المجتمع الكردي،وتشمل الأغلبية الساحقة من السكان.قانون رقم(90)لعام 1975 مهمل،ولم تبادر الحكومة الاقليمية الى وضع اليد على الاسباب الحقيقية لاخفاقات السياسات السعرية والتسويقية وتفتت الملكيات الزراعية والاخفاقات في التنمية الزراعية!وهي لم تدرس اوضاع الملكية الزراعية واتبعت سياسات زراعية انتقائية بسبب النفوذ الحزبي والعشائري!وسادت الأستثمارة الفلاحية الصغيرة حسب تعليمات رقم (2) لسنة 1992 الصادرة من الجبهة الكردستانية ووزير الزراعة والري حتى يومنا هذا مما اضر بالانتاج الزراعي في كردستان!
  الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي والكردستاني تزداد بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.وانعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،ليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان،وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات.بينما تكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الادنى من الحياة الكريمة!نعم،تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
   وتعاني الحكومة الكردستانية مع محاولات استخراج النفط من بعض الحقول في كردستان العراق،من قصور في الفهم ان القضية النفطية ليست مجرد عمليات تجارية،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق وكردستان.ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال،وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي.من هنا واصلت القوى السياسية الديمقراطية في بلادنا اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة،لاسيما المخزون النفطي،واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام،والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر،وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.
  من جهتها،لم تصحح القوى الكردستانية اوضاعها الداخلية بالتعامل الحازم العقلاني وتنوير الرأي العام العراقي بالأسباب التي ساعدت على بقاء العناصر التي خانت احزابها الوطنية وعملت لصالح الدكتاتورية المنهارة حتى سقوطها،داخل الأحزاب نفسها وفي المؤسسات المدنية والأهلية الكردستانية والعراقية وفي مؤسسات الدولة الكردستانية رغم تمتع اقليم كردستان بالملاذ الآمن منذ عام 1991 الأمر الذي خلق الارباكات امام القوى السياسية العراقية الفاعلة المكافحة لاسقاط النظام المقبور.وليس خافيا على هذه القوى ان وسائل الابتزاز المتجددة دوما يمكن ان توظف هؤلاء لأغراض تجسسية وارهابية تتناسب مع المصالح المتنامية للرأسمال الأجنبي والاستثمارات الخاصة والمؤسسات العصبوية وبالاخص القبلية والطائفية،وبالتالي تحويل المواطن الى دمية يمكن شطبها من اجل اوهام جماعات حالمة نافذة وتبيح قتله من اجل احلام رخيصة!
   ليس مستغربا ان تعرقل الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد تنفيذ المادة(140)،رغم الجهود المشكورة للجنة ذات العلاقة في سبيل تنفيذ المهام الموكلة لها!وقد كانت العقبات كثيرة باتجاه تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد ومراعاة مصالح دول الجوار ومصالح القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية.
   لقد حققت التجربة الكردستانية العراقية المنجزات على صعيد الحقوق القومية وتوفير الأمن والاستقرار،وتنتظرها الكثير من المهام الاجتماعية والاقتصادية  لتوفير الخدمات ومعالجة قضايا البطالة ومكافحة الفقر والفساد،وتردي العملية الانتاجية وتأمين انتعاشها وضمان حقوق الكادحين في المدينة والريف،وتطوير الحياة الثقافية وكل ما يساعد على الحياة الحرة الكريمة الآمنة للمواطنين.واثبتت التجارب السابقة فشل محاولات فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام.

بغداد
28/6/2010



142
كهرباء الازمة والانتفاضة..والمفاهيم الخاطئة

سلام كبة

1.   بعض من المقالات تستهدف ظلما وكلاء وزارة الكهرباء السادة رعد الحارس و ..... و من أسلوب الطرح الوارد فيها يتضح بان الأحقاد الشخصية تقف وراء نشرها وغايتها الانتقام. .. لقد كان الأستاذ رعد مخلصا وفيا لعمله طيلة عقدين من معرفتي به في قطاع الكهرباء واستمر في أداء واجبه ليومنا هذا بحرص كبير!.. وعن ما ورد عن بنائه لبيت كبير في مدينة مسقط رأسه..ألا يحق لكفاءة هندسيه خدمت العراق أكثر من ثلاثة عقود أن تملك دار محترمه تأوي به أسرتها ؟..أما عن اتهامه بعلاقاته بمسئولي قطاع الكهرباء السابقين في عمان...
   يبدو ان اصحاب هذا الرأي من رواد الفساد وثقافته التي تمنح التهور صفة الشجاعة والتبذير صفة الكرم والسخاء،والبخل صفة الاقتصاد واللؤم صفة الحصافة،وتزور كل المفاهيم والقيم وتعطيها معان جديدة فارغة،وتفرغ المصطلحات من كل مفهوم!لقد شجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم وفي مقدمتهم الثنائي الوزاري(وحيد والشهرستاني)في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.توزعت متاهات التجريب العفلقي بين وزارات الصناعة والمعادن والتصنيع العسكري وهيئة التصنيع العسكري وهيئة الكهرباء التابعتين لمجلس الوزراء عبر الشركات العامة كالشركة العامة للمشاريع الكهربائية والشركة العامة لتصنيع وحدات انتاج الطاقة الكهربائية وكذلك عبر المكاتب الاستشارية الهندسية ودوائر التخطيط والدراسات والدوائر الفنية والقانونية..الخ من الخزعبلات(انظر: تقرير هيئة الكهرباء رقم:P/R/3004/2/002/N لعام 2002 مثلا)."انظر للكاتب(الخدمات العامة في عراق التنمية البشرية المستدامة/اواخر 2007)". 
   ولازالت العصابات البعثية والطائفية بؤرا لتجمع حثالات وزارة الكهرباء بتواطؤ فاضح من الإدارة الأميركية التي أوكلت لبعض رموز النظام السابق مسوؤلية إدارة قطاع الكهرباء"شغل الوزير كريم وحيد وهو عضو قيادة فرقة في الحزب العفلقي منصب مديرا عاما للشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية ومديرا عاما لشركة الرافدين للحاسبات ومديرا عاما للدائرة الفنية في هيئة الكهرباء في عهد صدام حسين،اما رعد الحارس النائب الاول للوزير فهو من اقطاب مافيا الفساد وفرق الموت في الوزارة عدا كونه عضوا متقدما في حزب البعث المنحل،ويتوزع الباقون(سلام رزق الله،عماد العاني،ليث الشيخلي،مؤيد معيوف،ممتاز رضا،صبيح خماس،عبد الرحمن قاسم،ثامر نعمان مولود،علاء دشر زامل،طارق محمد رجب الصائغ،علي سبع خميس..الخ)بين هذا وذاك!القاسم المشترك هو عضوية الشركات العديدة الحقيقية والوهمية خارج العراق وبالذات في الأردن والتي استطاعت أن تجمع الأموال الطائلة لحسابها الشخصي من خلال الحصول على قومسيونات ومضاربات بين الشركات المنفذة للمشاريع في العراق وايضا من بيع المواد والآليات العائدة للدولة بأثمان بخسة لمقاولين وتجار من أقاربهم وأقارب الدكتاتور صدام.
    على الرغم من ادعاء صرف الحكومة العراقية ومعها سلطات قوات الاحتلال لمليارات عديدة على الكهرباء والنفط والماء والصحة الا أن تلك القطاعات أصبحت أسوء حالا مما كانت عليه في زمن الطاغية صدام حسين وزمن الحصار الذي فرض على العراق.ان الفساد الاكبر حصل في وزارات الكهرباء والدفاع والنفط وتم دفع ملايين الدولارات من ميزانية الدولة لكنها ذهبت الى جيوب المقاولين والارهابيين.لا توجد قوانين صارمة لمحاسبة المقصرين،ولم يطبق حكم جيد للقضاء على الفساد في الوزارات المذكورة.
     مأساة الكهرباء هي من أعظم المآسي التي ألمت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني،وتردى حالها منذ سقوط التاسع من نيسان.وظل المسؤولون يتفرجون على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي بقوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لملء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين!واذا كانت الكتل السياسية الفائزة تدعي بأنها وجدت لانصاف المواطن الفقير والمعوز واشاعة أجواء من الديمقراطية الشفافة فلماذا ازمات الوقود والكهرباء والاتصالات المستفحلة و السكوت عن فساد كهرباء القطاعين العام والاهلي والسرقات المفضوحة وعهر العمولات الذي يرقى الى حد الارهاب بل يتفوق عليه؟!"انظر للكاتب(المصدر السابق)". 
    لقد حققت المفوضية العامة للنزاهة مع وزير الكهرباء السابق محسن شلاش الذي تسلم الوزارة في حكومة ابراهيم الجعفري لامور تتعلق بالفساد،الا انه لم تتم ادانته.بلغ انقطاع الكهرباء في عهد شلش 22 ساعة واحيانا اكثر من يوم كامل!كما قام باصدار أوامر وزارية أقل ما توصف به أنها غير مدروسة وتحمل مفاهيم(ميكافيلية)حيث خلقت البلبلة الواضحة في الوزارة وبحجج واهية كالحاجة لاجراء التغييرات وابعاد غير النزهاء من مراكز القرار ولكن عبر القاء التهم جزافا دون التأكد والتحقيق.التصرفات غير المسؤولة للوزير شلش زادت الواقع الفاسد في الوزارة فسادا،وظلت محنة نقص الكهرباء قائمة في عاصمة فيها خمس محطات توليد كبرى!الوزير شلش لم يفارق رئيس وزراءه في رحلاته الى الكويت وبروكسل وأمريكا وبريطانيا وإيران والمانيا وتركيا وسوريا!ودخل سجل"غينيس"للأرقام القياسية في صرف المبالغ الطائلة من العملة الصعبة كمخصصات ايفاد لشخصه الكريم!لا غرابة في ذلك وشلش المتهم رقم 1 في فضيحة اختلاس تخصيصات مشروع تصنيع السيارات الصالون(اولدز موبيل)في العراق بالاسكندرية عام 1988 وكان هذا المشروع مشترك مع شركة(جنرال موتورز)الأمريكية.قبل الشلش تمكن ايهم السامرائي وزير الكهرباء السابق في اول حكومة بعد التاسع من نيسان 2003 من الهرب من سجنه في بغداد بمساعدة مرتزقة شركة داين كورب للحماية والامن الاميركية،والسامرائي هو الآخر قد واجه 13 تهمة فساد من عقود وصلت قيمتها الى 2.5 مليار دولار تخص البنى التحتية لمشاريع الطاقة الكهربائية في العراق،وصدر الحكم عليه حينها في احداها تتعلق بشراكته طوني ريزكو المتهم بجرائم النصب والاحتيال في الولايات المتحدة و نظمي اوجي  مسؤول المشتريات في مصفى الدورة عام 1986 والذي يحتل اليوم الموقع 13 في قائمة اثرى رجال بريطانيا والمتهم باعمال ارهابية ونصب واحتيال في اوربا،شراكة تأسيس شركة حماية امنية ترتبط بوزارة الكهرباء في عقد وهمي قيمته 50 مليون دولار.
     تدار الشبهات بشدة حول دور الرباعي(السامرائي،ماجد الساعدي،عماد العاني الوكيل الاقدم،فوزي الجوراني سكرتير ايهم السامرائي)في ترتيب اوضاع وزارة الكهرباء لتتناسب والتوجهات البريمرية،ورغبة كريم وحيد وزير الكهرباء في السير قدما باتجاه خصخصة قطاع الكهرباء بدعم واسناد من مساعديه – مرتزقة العهد الدكتاتوري السابق وقادة فرق موته."انظر للكاتب(الفساد في عراق التنمية البشرية المستدامة/اواخر 2007)".
2.   إن من اخطر النتائج السلبية التي يجهلها ناشري مثل هذه المقالات الكيدية هي إبعاد الكفاءات والخبرات عن المشاركة في بناء وأعمار العراق الجديد وتحقيق نوايا الإرهاب في إيقاف عجلة التنمية والتطور وانهيار العملية السياسية.

    واعجبي،لعمري ان صاحب هذا الرأي اما جاهل او منافق مشارك جديا في التستر على(خبراء"Experts"وزارة الكهرباء الميمونة- خبراء اكراميات بطل الحواسم ورموز توقيع صكوك الغفران"البراءات"،خبراء التسبيح بحمده تحت راية الله اكبر)والذي ظهر ابداعهم ومنجزاتهم في العديد من المشاريع الوهمية التي تصرف أموالها دون تنفيذ أو تلك التي تنفذ بأقل الكلف وبالمواد السيئة.الحكومة العراقية تبيح لنفسها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،ومستوى اداء البنى التحتية من شبكات النقل والتوزيع في المنظومة الكهربائية اسوء من التوليد!،هبوط الكفاءة الاستثمارية اي نسبة(الرأسمال/العمل)بشكل حاد علما ان الأستثمارات في قطاع الكهرباء من النوع الطويل الأجل ولا تظهر النتائج الا بعد اعوام!،بقاء معدلات التشغيل والكفاءة التشغيلية(Exploitation Factors)في محطات الكهرباء واطئة لم تتجاوز معدلات ال 25% من السعات المؤسسة،تواصل الأزمة وسط صراعات وزارتي النفط والكهرباء وفسادهما،الافراط في نصب الوحدات الغازية المعروفة للقاصي والداني بتدني كفاءتها علاوة على كثرة العطلات وكثرة الحاجة الى صيانتها،استمرار تبديد وحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير،الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،التواطؤ الفاضح بين المسؤولين عن توزيع الكهرباء الوطنية واصحاب المولدات الاهلية،تمتع المسؤولين والوزراء جميعهم بالكهرباء العشت- المجاني الذهبي والخدمات المجانية دون حسيب او رقيب،تخصيصات الحكومة الامريكية لاعادة اعمار العراق جرى تجفيفها،تورط وزارة الكهرباء في التعامل مع الشركات الوسيطة غير المعروفة عالميا،شراء الكهرباء من دول الجوار بملايين الدولارات لم يحل الازمة وراحت تلك الملايين هدرا،مسؤولو التوزيع في بغداد يغدقون على بعض المناطق عبر تزويدها بالتيار الكهربائي ساعات اطول مقابل مبالغ مالية ضخمة.
  ورغم انتقال وزارة الكهرباء الى بنايتها الجديدة الفخمة،وتمتع المسؤولين بالمكاتب الوثيرة،والعاملين بالامتيازات غير المسبوقة!يتمادى هؤلاء في تحويل الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا!   
   القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص،هم دون غيرهم الذين حولوا كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحا خيالية،فمثلاً عندما يتعطل الكهرباء تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة ولكنها تباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها،وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم،والحديث يطول وله شجون في هذا المضمار."انظر للكاتب(كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض - 14/5/2009"
3.   إن الكيد والتشهير والفضائح بحق أنصار  العراق الديمقراطي الجديد لتحقيق نوايا مرحليه لا يخدم العملية السياسية وانه شكل خطير من أشكال الإرهاب يجب التصدي له وغلق كل أبوابه

  "وين بلشت،ياابو بشت؟"..ابو البشت صاحب هذا الرأي،وكما يبدو،من المتخوزقين في عهد صدام حسين!وتعود على ذلك،ولا يهمه ان يكون متخوزقا ايضا في عهد العراق الديمقراطي الجديد!او يطلب من حاشيته وجماعته ان يلحقوه!الخنازير على اشكالها تقع!
   عزيزي ابو بشت!الديمقراطية لا يمنحها حاكم،فما بالك اذا كان الحاكم هو الطائفية السياسية مهما كانت مسوغات ادعاءاتها؟!انما الحرية والمساواة بين المواطنين،ومساواة المرأة بالرجل،وعموم الحقوق الديمقراطية،يتم انتزاعها عبر النضال السياسي والمطلبي الدؤوب.وليست الحرية هبة وهدية تهبط من الاعلى بضربة ساحر او مائدة تهبط من السماء على طالبيها.انها فعل انساني تتأسس فيه شرائع العدالة والحقوق.والشهداء في انتفاضة الكهرباء المعبرة عن عدم الرضا والسخط،والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية اواسط حزيران 2010 هم صرعى نيران الديمقراطية الجديدة المسلحة التي يتمشدق بها هذا المسخ!
   يشتد ضغط ابناء الشعب وكادحيه باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة.ان اي تحسن في الاوضاع الامنية يبقى هشا متواضعا يسهل الانقلاب عليه اذا لم يستند الى تحسن في الميادين السياسية والاجتمااقتصادية للبلاد،وفي المقدمة صيانة ثروات البلاد الوطنية،والنفطية على وجه الخصوص!ولم تعد ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات تنطلي على احد،كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها،وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم.


بغداد
28/6/2010

143


حول انتخابات نقابة المهندسين العراقية مرة اخرى

المهندس الاستشاري/سلام كبة


   في 17/4/2010 جرى تأجيل انتخابات نقابة المهندسين العراقية مرة اخرى،الى اجل غير مسمى،بحجة التحقق من صلاحية بعض المرشحين عبر فلتر هيئة المسائلة والعدالة!هكذا وبجرة قلم يتبعثر الجهد الهندسي النقابي المبذول للاعداد لانتخابات نقابة المهندسين العراقية،والتي تأجلت عدة مرات بحجة الاوضاع الامنية المعقدة في البلاد،تارة من الهيئة المؤقتة التي تتشبث بادارة النقابة منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003،وتارة من الحكومة العراقية بمواقفها المريبة وغير الديمقراطية.والغريب في الامر ان ممثلي التجمع الهندسي لدعم الاعمار في اللجنة التحضيرية لازالوا يراوسون الامور وفق هواهم المحكوم بالضبابية السياسية الكاملة،والسقوط في فخ وشرك قوى الاسلام السياسي الطائفية!فيما عدا مواقفهم السلبية من نقابة مهندسي كردستان!ولم يستفد هؤلاء من تجربة المؤسساتية المدنية والحركة الاجتماعية في بلادنا التي اثبتت ان محاصرة الاتحادات والنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني في بلادنا والتضييق على نشاطاتها والتدخل الفظ في شؤونها لا يؤشر قصور في فهم القوى السياسية المتنفذة وجهل لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل يضر بالاقتصاد الوطني والعمل الانتاجي ومجمل العملية الاجتمااقتصادية وتطويرها ويخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،ويستهين بالحركة الاجتماعية ويتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،ويتجاهل ارادة الملايين من اعضاء هذه المنظمات.
   الخطأ الاول الذي ارتكبه ممثلي التجمع الهندسي لدعم الاعمار هو الارتضاء لانفسهم دور التابع الذليل لوزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني،وقبولهم عضوية اللجنة التحضيرية المنتخبة.والخطأ الثاني الاكبر هو سعيهم للدخول في تحالف ائتلافي نفعي انتهازي ذليل مع مهندسي الطائفية السياسية،ومع من تلطخت ايديه بدماء الشعب العراقي وسرقة قوته/جماعة الجزائري ورابطة المهندسين!والخطأ الثالث هو اوهام اجراء الانتخابات دون رقابة صارمة من نقابة مهندسي كردستان!ثم توالت الاخطاء تباعا..حتى الموعد مع مسخرة اجتثاث البعث!وتتسائل الحركة الهندسية  الديمقراطية  النقابية في العراق التي تسعى الى استنهاض وتجميع المهندسين للتصدي بشكل جماعي للدفاع عن مصالح المهندسين لاستعادة نقابة المهندسين من سيطرة البيروقراطيات الادارية – القومانية والطائفية عليها،ووضع الأسس والقواعد لاجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة...تتسائل عن الموعد الذي يحين فيه اجتثاث جماعات فلاح السوداني وخضير الخزاعي وحسين الشهرستاني وكريم وحيد ورعد الحارس وعبد الجبار الجزائري وحرامية المصارف والخزائن العراقية!؟
   من المفيد ان نذكر هنا ان اللجنة الوزارية العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004 والتي يترؤسها ثامر جعفر الزبيدي الوزير في الحكومة العراقية درجت منذ ولادتها غير الشرعية على اتباع سياسة المكر والخداع مع المؤسساتية المدنية العراقية ومنظماتها غير الحكومية وفق مبدأ فرق تسد!وقرارها في تشكيل اللجنة التحضيرية هو قادسية المهازل في التدخلات الحكومية في الشأن المؤسساتي المدني وفق ما جاء في العدد/ج/ق/3/630 والمؤرخ في 28/12/2009 الى نقابة المهندسين العراقية/لجنة تسيير الاعمال!فقد عينت هذه اللجنة المسخرة عدد من المرشحين باختيارها،ثم لعبت معهم لعبة الدنبلة،واختارت منهم لجنة تحقيرية(تحضيرية) ضمت اسماء مغمورة وغير معروفة بغية التحشيد لدعم الطائفية السياسية الحاكمة!   
   العمل داخل المؤسسات الهندسية في بلادنا يفتقر الى آليات العمل السليمة والضرورية!ولازال فرد واحد غير اكاديمي يحتكر منصب رئيس جمعية المهندسين التي لم تشهد اية انتخابات منذ 9/4/2003،وكان تشكيل الهيئة الادارية على ضوء كتاب مجلس الحكم/لجنة شؤون المواطنين والمجتمع المدني في 7/3/2004،وهي لازالت تدير شؤون الجمعية حتى يومنا هذا،نموذجا ملطفا لما حصل ويحصل من مهازل في انتخابات نقابة المهندسين!الامر الذي افقدها الدور الاكاديمي التي عهدتنا به،والتي كان انبثاقها اصلا من اجله!ورئيس جمعية المهندسين العراقية الحالي هو رائد ائتلاف المهندسين العراقيين الكسيح!اما رئيس التجمع الهندسي لدعم الاعمار/عضو اللجنة التحضيرية التي شكلتها وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني للتحضير لانتخابات نقابة المهندسين العراقية فلم يستفد من الحنكة السياسية والعمل في مؤسسات الدولة استشاريا رصيدا لتنشيط العمل النقابي المهني!بل اندفع بتهور لتنسيق المواقف مع الطائفية السياسية على الضد من مصالح المهندسين!ويبدو ان المشار اليه وجماعته يغرسون رؤوسهم بالتراب كالنعامة على محاولات غياب وتغييب وتهميش الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية العراقية لدوافع شتى اغلبها سياسية!ولم يسمع بتجربة الاتحاد العام لنقابات العمال ونقابة المعلمين واتحاد الصناعات العراقي والاتحادات الرياضية!واذ تحمل المهندسون الديمقراطيون هذه التحالفات بصبر وعناد املاً في ان يعيد هؤلاء قراءة التأريخ ويقدموا اعتذارهم لجموع المهندسين عما ارتكبوه ويرتكبوه من اخطاء جسيمة بحقها،لكنهم بقوا على خلفيتهم وذهنيتهم المريضة،وظلوا يتعكزون على مرجعيات عفى عليها الزمن ولا تغني ولا تسمن،في الوقت الذي ينادون بأستقلالية الحركة النقابية ووحدتها!رئيسي جمعية المهندسين والتجمع الهندسي وجهان لعملة واحدة هي النفعية!الاول..نفعية اقتصادية،والثاني .. نفعية سياسية!وهنا تبدو الامور واضحة!وليس مستغربا ان يهجو الاول الذي يجمع حوله حفنة من النخب الضيقة  الثاني،ويهجو الثاني الطائفي اخيه الاول..وهكذا!
   اني اذ اؤكد على جوهر الدراسة التالية المنشورة بالانترنيت!لابد للجميع التقيد بروح ونص البيان الاخير للجنة التنسيق للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية الذي دعى فيه الى تفعيل المادة (22) من الدستور الدائم التي كفلت حق المنظمات المهنية بممارسة نشاطها دون تدخل او وصاية من اية جهة كانت.واذا استمر التدهور الحاصل في العمل النقابي والمؤسساتي الهندسي،فليس من طريق امام الحركة الهندسية  الديمقراطية  النقابية في العراق سوى اطلاع الرأي العام العراقي على المهازل المسخرة!



بغداد
22/6/2010

حول انتخابات نقابة المهندسين العراقية القادمة

سلام كبة

  بعد جهد جهيد وتحرك مشكور من التجمع الهندسي لدعم الاعمار ومهندسي ائتلاف المهندسين العراقيين وعلى اثر اجتماع ضمهم مع وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني جرى تشكيل لجنة تحضيرية للاعداد لانتخابات نقابة المهندسين العراقية التي تأجلت عدة مرات بحجة الاوضاع الامنية المعقدة في البلاد،تارة من الهيئة المؤقتة التي تتشبث بادارة النقابة منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003،وتارة من الحكومة العراقية بمواقفها المريبة وغير الديمقراطية.وتبين فيما بعد ان من اسباب تأجيلها ايضا هي محاولات تكريس سطوة حفنة من مهندسي المصالح الطفيلية والفساد على المجتمع الهندسي العراقي ومؤسساته!ومن المنتظر ان تعلن اللجنة التحضيرية الجديدة خلال اسبوع موعدا لانتخابات نقابة المهندسين القادمة،ودعوة كل مهندسي العراق دفع ما بذمتهم من ديون مستحقة نتيجة التخلف في دفع اشتراكات العضوية!ويبدو لأول وهلة ان التحرك المذكور خطوة عقلانية ومختبر للتشخيص والتفاهم،ويخدم جموع المهندسين في الترشيح لعضوية المؤتمر العام وانتخاب من يمثلهم،وفرض الأجواء الديمقراطية على عمليات الترشيح والانتخاب اصوليا والتحضير لها والاشراف عليها.
    لقد تأجلت انتخابات نقابة المهندسين العراقيين(IEU)اكثر من مرة منذ قرار مجلس الحكم المرقم(27)في 25/8/2003 والقاضي بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير ولوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية!آخرها الانتخابات التي كانت مقررة بداية آب 2006.الا ان الاعتصامات والتظاهرات النقابية وسلسلة المفاوضات والمشاورات مع مسؤولي الحكومة العراقية  تكللت باجراء تطميني روتيني بداية شباط 2008 هو لقاء تنسيقي بين نقابة المهندسين والاستاذ زهير الجلبي مستشار رئيس الوزراء لغرض عرض المطالب على رئيس الوزراء!!.وعقدت جمعية الكندي للعلوم الهندسية مؤتمرها الثاني في بغداد للفترة 17- 20 تشرين الثاني 2008،وخرجت بتوصيات خجولة مهللة للاصطفاف مع من تتلطخ ايديهم بسرقة قوت الشعب العراقي.ومنذ هاتين الفعاليتين تكللت الجهود الحكومية ببعثرة الجهد الهندسي المطلبي وشرذمته وتصاعد النهج القمعي،رغم بعض الدعوات التحريكية لبرك المجتمع الهندسي الراكدة،كدعاة رد الاعتبار للمهندس العراقي،والدراسات الاعلامية التي لم تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة!الى جانب المؤتمرات التحشيدية الخاصة بمنظمات المجتمع المدني والتي جرت رعايتها من كبار المسؤولين في الدولة للادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما!الا انها لم تقدم شيئا اذ لم تخرج عن ممارسة تكتيك سياسي او مناورات وهمية!
   وهنا لابد من الاشادة بالمبادرة الشجاعة لتشكيل لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية في 12/9/2005 لمواجهة اي طارئ محتمل بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي،الا انها هي الاخرى عرقلت في مساعي توسيع طيفها ليشمل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
واذ نأمل من اللجنة التحضيرية الجديدة ان تنجح في مساعيها الحميدة،لابد ان نضع النقاط فوق الحروف لنؤكد:
•   ان اسس تشكيل اللجان التحضيرية للانتخابات وآلية عملها لازالت لا تستند على الشرعية النقابية بموجب قانون النقابة المرقم 51 لسنة 1979،والالتزام بأمر مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة برئاسة الاستاذ نصير الجادرجي لغرض تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم 3 لسنة 2004،ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء.وقد تعاملت اللجنة المذكورة مع جموع المهندسين من منطلقات استعلائية،الامر الذي حدى بائتلاف المهندسين العراقيين الذي يمثل شريحة واسعة من المهندسين في بلادنا ان ينبه اللجنة المذكورة اكثر من مرة على استغفالها الجموع الهندسية منذ الترشيح لعضوية المؤتمر العام للنقابة للفترة 30/4/2006 لغاية 29/5/2006 في بغداد والمحافظات،وتمديد الترشيح فيما بعد،وتأجيل الانتخابات!
•   اثبتت التجربة ان مبادرات وفعاليات وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني مع النقابات والمنظمات المهنية طيلة الفترة المنصرمة لم تكن حسنة النية،وبالتالي سقطت في متاهة الدعاية الحكومية والانتخابية،وارادت ممارسة الحياة الديمقراطية على هواها،وبالطريقة التي تختارها هي رغم انف الدستور،في حين تمارس التدخل في الشأن المؤسساتي المدني بالطريقة الفجة التي لم يمارسها الا البعثيون من قبل،بعد ان جعلوها في خدمة الحزب الحاكم ومرتزقته!ودعمنا للجنة التحضيرية الجديدة ليس تزكية للحكومة العراقية التي باتت تدخلاتها في الشؤون الداخلية للاتحادات والنقابات المهنية والمنظمات غير الحكومية معروفة عند القاصي والداني!بل لخوض المعركة الانتخابية القادمة بفاعلية ونشاط ولتوفير الاجواء الانتخابية المناسبة لتجذب الى صفوفها  قطاعات واسعة من الجموع الهندسية والرأي العام!واستعادة النقابة والحفاظ على استقلاليتها ونبذ السلبية،وتعزيز التضامن بين المهندسين بما يحقق مصالحهم المشتركة!
•   من الضروري ان تجري انتخابات مجلس النقابة المؤقت ورؤساء الأقسام ولجنة الضبط المؤقتين لمرحلة واحدة وبالتصويت المباشر في بغداد فقط ،ثم في المحافظات،وليزاول مجلس النقابة المؤقت ورؤساء الأقسام ولجنة الضبط المؤقتين المهام فترة سنة واحدة.وعلى المجلس المؤقت المنتخب الاعداد الى الانتخابات العامة بموجب القانون والنظام الداخلي النافذ.
•   المهندسون احد اهم اعمدة"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية"ومن المساهمين الفاعلين في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات لفضح خبايا القرارات غير المدروسة لمجلس الحكم ومجلس الوزراء،خاصة القرار 8750 في  8/8/2005 الذي حرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة!وقرارات وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني بغلق المنظمات غير الحكومية بالجملة!هنا لابد ان تكون اولى خطوات اللجنة التحضيرية الجديدة اشعار"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية"بخطواتها ودعوتها لمراقبة الأجواء الانتخابية وعمليات الترشيح الاصولية والتحضير لها والاشراف عليها!
•   دعوة نقابة مهندسي كردستان لمراقبة الأجواء الانتخابية وعمليات الترشيح الاصولية والتحضير لها والاشراف عليها!لان في ذلك خطوة متقدمة لاحترام شرعيتها وحريتها واستقلاليتها بما يحقق اهدافها كمؤسسة مجتمع مدني في دمقرطة الحياة الهندسية في كردستان العراق!على ان يتولى مجلس النقابة المنتخب التنسيق بين الطرفين على اسس اتحادية!
•   من التجربة السابقة علينا ان نحذر ان تتحول اللجنة التحضيرية الجديدة كسابقاتها الى جابي ضرائب على المهندسين لدفع ما بذمتهم من ديون مستحقة نتيجة التخلف في دفع اشتراكات العضوية والمستحقات المالية الاخرى،ولتتأجل الانتخابات مجددا!وعلى هذه اللجنة دعوة جموع المهندسين للانتساب والمساهمة في الانتخابات القادمة دون اية مطامح براغماتية تستهدف تحقيق غايات ومصالح بعيدة كل البعد عن مصالح المهندسين المنضوين في اطارالنقابة!ونقابة المهندسين في العهد الجديد ممثلة لمصالح جموع مهندسي بلادنا،العاملين في قطاع الدولة والقطاع الخاص والتعاوني والمنظمات الهندسية غير الحكومية.
•   ينبغي على اللجنة التحضيرية الجديدة ولتأكيد مصداقيتها ونزاهتها الشروع بتطبيق قانون الذمم المالية على اعضاءها ولعوائلهم والجهات المقربة الى حد الدرجة الرابعة منهم!والمباشرة الفورية لتطبيق نفس القانون والآلية على اعضاء الهيئة المؤقتة التي ادارت نقابة المهندسين في الفترة المنصرمة!
  ليس العمل النقابي الهندسي مجرد حق ديمقراطي يتيح للمهندسين ادارة شؤونهم واموالهم،لكنه ضمانة ضرورية ايضا لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الشعب العراقي ودعم التنمية البشرية المستدامة الموعودة،واداة المهندسين في لعب هذه الدور هي نقاباتهم المستقلة الديمقراطية.

بغداد
11/1/2010




144
سردشت عثمان وحيدر البصري ورصاص الغدر
ما العمل من اجل اعادة الطمأنينة للشعب العراقي؟
سلام كبة

   يوم 5/5/2010 وجد الصحفي الكردستاني سردشت عثمان الطالب في الصف الرابع لغة انكليزية كلية الاداب في جامعة صلاح الدين في اربيل،بعد ان اختطف من امام مبنى الجامعة،مقتولا على طريق اربيل- الموصل وعليه اثار تعذيب!وفي اواسط حزيران 2010 سقط العامل الخباز وابن البصرة البار حيدر البصري صريعا بنيران الديمقراطية الجديدة المسلحة في انتفاضة الكهرباء المعبرة عن عدم الرضا والسخط،والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية!وهذان الحدثان يؤشران لمنحى خطير في تاريخ عراق ما بعد التاسع من نيسان!بعد ان تجاوز اللاعبون الخطوط المرسومة لهم وفق منطق ملعب الكبار المحظور،ليتلقوا رصاص القتل العبثي المجاني البربري المتوحش الغادر.هل تجاوز الشهداء في بلادنا حقا حدود اللعب؟!
   ان استشراء الفساد الاداري والمالي والرشوة والمحسوبية والتمييز على الاسس المذهبية والعقيدة والاعتداء على المواطنين من قبل الميليشيات والتدخلات الحكومية الفظة في شؤون الحركة الاجتماعية كانت صفة مميزة لحكومات الطائفية السياسية التي فشلت في توفير ابسط اوليات المستلزمات المعيشية للمواطن.وعلى الرغم من ان العنف في مناطق العراق تراجع خلال الاشهر الماضية،فقد ثبت قصور الهيئات التشريعية والقضائية والتنفيذية في احتواء الازمات السياسية الطارئة والحرجة بسبب عجزها،وبفعل الاحتلال الاميركي المباشر على الارض وسياسة المحاصصات الطائفية سيئة الصيت وهزال القوى السياسية المؤلفة للعملية السياسية الجارية!اي حكم ديني في العراق لا يخلق للبلاد مشاكل لا نهاية لها فحسب،بل ستنتشر وتعم المعارك والحركات السرية والفوضى المنطقة كلها.واذا لم يتحرك الحريصون على العراق باتجاه ردم هذا المطب فان البلاد ستواجه نكبة أشد وطأة من نكبة انقلاب شباط الاسود في عام 1963 وسيمتد مسلسل الدمار الى كل شعوب المنطقة.
    الديمقراطية لا يمنحها حاكم،فما بالك اذا كان الحاكم هو الطائفية السياسية مهما كانت مسوغات ادعاءاتها؟!كما لا يمكن أن تفرضها أو تحققها،قوى خارجية مهما كانت قدرتها وقوة بأسها،انما الحرية والمساواة بين المواطنين،ومساواة المرأة بالرجل،وعموم الحقوق الديمقراطية،يتم انتزاعها عبر النضال السياسي والمطلبي الدؤوب.وليست الحرية هبة وهدية تهبط من الاعلى بضربة ساحر او مائدة تهبط من السماء على طالبيها.انها فعل انساني تتأسس فيه شرائع العدالة والحقوق.
   تبيح الطائفية السياسية الحاكمة لنفسها نهج تصعيد التوتر والاحتقان والعنف وممارسة المراسيم الدينية بشكل عنفي ونزف الدماء في الشوارع باللطم والتطبير وشحن مشاعر الانتقام،بينما تتصدى بالهراوات وخراطيم المياه ورصاص الغدر لانتفاضات الشعب وتظاهراته الحاشدة المطالبة بتحسين الكهرباء!هذه الطائفية السياسية التي تجهز اتباعها ومرتزقتها بالخدمات المجانية من كهرباء ذهبي وماء وسلع غذائية مجانية..الخ على حساب عامة الشعب،ولازالت روائح سجونها ومعتقلاتها السرية وفضائحها تزكم الانوف،وهي صاحبة مشاريع تقسيم العراق عبر صيغ فيدرالية الجنوب سيئة الصيت،ومشاريع تسويق الاقتصاديات الكومبرادورية والطفيلية.
   يشتد ضغط ابناء الشعب وكادحيه باتجاه التخلص من الشلل الذي يلف البلد ويعطل حركته وبمعالجة المعضلات المعيشية والخدمية والاجتماعية التي تطحن الوطن،وبوضع البلاد على سكة الاعمار والاستقرار والتنمية الحقة وباتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية سريعة وفعالة تقدم رسالة مشجعة تبعث الامل لدى سكنة المناطق الشعبية المسحوقة.ان اي تحسن في الاوضاع الامنية يبقى هشا متواضعا يسهل الانقلاب عليه اذا لم يستند الى تحسن في الميادين السياسية والاجتمااقتصادية للبلاد،وفي المقدمة صيانة ثروات البلاد الوطنية،والنفطية على وجه الخصوص!ولم تعد ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات تنطلي على احد،كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها،وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم.
   التطلع والوعي يشقان طريقهما الى قطاعات متنامية من الشعب،في سائر ارجاء الوطن،نحو اعادة بناء الدولة على اسس ديمقراطية اتحادية ومدنية عصرية.فالحرية وحدها تحاصر فساد القدوة السيئة التي يضربها الحكام،واهتزاز نظم القيم،ونقص مستويات الوعي والمعرفة،والفقر والحاجة،والجشع والجهل وفساد الانظمة وقصورها وتخلفها!
  العراقيون تنوء بهم الايام من شكليات الطائفية السياسية الحاكمة،ومصابون بالكدر ويعانون من سقم اليأس في حلهم وترحالهم،لكنهم كباقي خلق الكون،ملمون بواقعهم وكما في الريف والمدن،يتداولون السياسة مع الشاي والخبز،لذلك فان قضايا مهمة كالاحتلال الامريكي وعمل مجلس النواب والاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والقضية النفطية تهمهم،ولان الذين يهددون ويتوعدون،ما كانوا يفعلون واحدا من المليون مما يفعلونه الآن،عندما كان يجرهم"الرئيس القائد"لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق مبايعاته المطبوعة بـالـ "نعم"الوحيدة!(لا) والف (لا) كبيرة لزج المرجعيات الدينية في القضايا السياسية!(لا) والف (لا) كبيرة للارهاب والتكفير والموت والعصابات الصدامية وفلول النظام البائد وقوى الاسلام السياسي والطائفية السياسية ومهازل الاستخبارات الايرانية والسورية!(لا) والف (لا) كبيرة لجماعات فلاح السوداني وخضير الخزاعي وحسين الشهرستاني وكريم وحيد ورعد الحارس وعبد الجبار الجزائري وحرامية المصارف والخزائن العراقية!؟ونعم فقط  لارادة الشعب العراقي.
   الحذر،كل الحذر من أحكام بعض النخب السياسية العراقية والكردستانية بالمزج بين العرف القبلي والعشائري وبين احدث النظريات في سيادة الدولة ومن جعل مرافقها موالية طيعة لتأمين سلامة المجموع وحريته وسعادته كما تدعي!فقطع الماء والكهرباء والمشتقات النفطية والحصص التموينية وتجويع الناس والضغط عليهم تعمدا إجراءا عقابيا هو درس الديمقراطية الأمثل والأسلوب المتجدد في فهم واجبات الدولة والسلطات الكومبرادورية وتوجيهها يستمد أصوله من التقاليد العشائرية والأخذ بأسوأ ما في مظاهر الحضارة العصرية.وهو يضعف الروح الوطنية والقومية والثورية ويخلق الحاجة الى الاحتماء المتخلف المصطنع في هذا العصر بالعشيرة.ان إدراك النخب السياسية الكردستانية لجوهرية السلطات القائمة والوحدة الاجتماعية والحفاظ على الاستقرار يتجلى في إشاعة ثقافة المجتمع المدني واللاعنف والحوار والرأي والرأي الآخر مع تكثيف الحياة السياسية بالتقاليد الديمقراطية،والابتعاد عن ضغط التجارب،والإدراك المشترك لضرورة الأولويات في مرحلة إرساء السلطات وتعزيزها وإمكانيات نهوضها في ظل التداخل والتأثير الآني لنوازع المناطقية والطائفية والقومية الضيقة والشوفينية وضيق الافق القومي والدينية .وبالطبع القبلية والأبوية والأبوية الجديدة التي ترافق التعشير والتي تتحجج بالمقام المقدس ليتعذر محاسبتها تحت ذريعة الاقتران بقوى عليانية آلهية والأختلاف معها يعني الكفر بعينه!
   وعلى القوى الكردستانية تصحيح أوضاعها الداخلية بالتعامل الحازم العقلاني وتنوير الرأي العام العراقي بالأسباب التي ساعدت على بقاء العناصر التي خانت أحزابها الوطنية وعملت لصالح الدكتاتورية المنهارة حتى سقوطها داخل الأحزاب نفسها وفي المؤسسات المدنية والأهلية الكردستانية والعراقية وفي مؤسسات الدولة الكردستانية رغم تمتع إقليم كردستان بالملاذ الآمن منذ عام 1991 الأمر الذي خلق الارباكات أمام القوى السياسية العراقية الفاعلة المكافحة لإسقاط النظام المقبور.وفي خلاف ذلك يمكن لوسائل الابتزاز المتجددة دوما توظيف هؤلاء لأغراض تجسسية وارهابية تتناسب مع المصالح المتنامية للرأسمال الأجنبي والاستثمارات الخاصة والمؤسسات العصبوية وبالاخص القبلية والطائفية.
   كما يتوجب العمل الفوري على ابطال نتائج التوزيع غير الدستوري للمقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة في انتخابات آذار 2010،واعادة توزيعها على المرشحين الذين سلبت منهم،وفقا لعدد أصوات الناخبين التي نالها كل منهم.لقد بلغ السيل الزبى وانفجر بحر غضب الشعب العراقي بوجه الاهمال والفساد والوعود الكاذبة ورصاص الغدر،ولتسير قافلة الشهداء المناضلين في سبيل حقوقهم المشروعة في العيش الكريم والأمان والعمل والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية ومن ابسطها الكهرباء والماء،قدما الى الامام!

بغداد
25/6/2010

145
حول خيار الكتلة التاريخية/الى الاستاذ فارس كمال نظمي
سلام كبة

  تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 على نهج يجمع بين النضال الوطني من أجل تحقيق تطلعات وآمال شعبنا بمكوناته جميعاً،والنضال في سبيل مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وعامة الكادحين من شغيلة الفكر واليد،من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة.واكدت برامج الحزب استرشاده في كفاحه،وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه،بالفكر الماركسي والتراث الاشتراكي عامة،وسعيه إلى تجسيد  ذلك  في ظروف العراق الملموسة بابداع،استنادا الى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في ميادينه كلها.ويناضل الحزب الشيوعي العراقي من أجل تكريس الطابع الوطني الديمقراطي للدولة الجديدة وفق سياساته الاقتصادية – الاجتماعية وفي حقول الضمانات الاجتماعية والسياسة النقدية والمديونية الخارجية والتعويضات والاستثمار الأجنبي والقطاعات الاقتصادية و الخدمية والاجتماعية  وشؤون العمال والشغيلة والمرأة والشبيبة والطلبة وحقوق الطفل ومنظمات المجتمع المدني والجيش والقوات المسلحة وحقوق القوميات ..الخ.
   والحزب الشيوعي العراقي اذ يدرك حجم التركة الثقيلة التي ورثناها عن النظام السابق،لكن من حق المواطن ان يرى توجهاً واضحا وسياسة متكاملة مرسومة بدقة وعناية،تستفيد من الامكانيات والطاقات العراقية لرسم معالم الخروج من دائرة الازمات الخانقة المستفحلة،التي تحيط بالوطن والشعب،الى عتبة العيش الكريم والرفاه والاستقرار.وهذا ما لم يتلمسه طيلة حكم الطائفية السياسية الراهن،وهي مرحلة اتسمت بالخطابات الانشائية الضبابية النفعية الفارغة والوعود الطنانة او ما شاكل!،مثل ادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط والتنمية والاعمار،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن الغطرسة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع،والالحاح على اشاعة المحافظة في الحياة السياسية!
    النتيجة كانت الابقاء على  التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ قرارات مصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!الاستيراد التجاري المشوه او سياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته وللضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.
    اتفق مع فارس كمال نظمي ان التأريخ العراقي الحديث يزخر بصور التقارب السياسي بين التيارين اليساري والديني،ولم يعن تسييس الدين في تاريخ العراق السياسي الحديث سوى الغاء دوره الارشادي والتثقيفي.الا انه بودي تسليط الضوء على سفسطة  او روزخونية قوى الطائفية السياسية اي انكار الحقائق الموضوعية وتشبثها بنسبية معارفنا كنسبية ذاتية تموه فيها عن الحقائق التاريخية!وعبر المبالغة والاطلاق والنظرة الميتافيزيقية المقلوبة اي تقديس الحركة والتغير الدائمين واختلاقهما!بدل السكون المطلق،للتمويه والتضليل ولمسخ الجدل المادي والغاء جميع الحدود في الظواهر الموضوعية وبين المفاهيم،وافساح المجال لكل انواع البهلوانية في تحديد المفاهيم ولتخلط بلامعقولية العلائق الجوهرية بغير الجوهرية وليجر الخلط الذاتي اللامنطقي لجميع المفاهيم.نعم،تختار هذه القوى اللحظات والجوانب والمراحل المنعزلة من المراحل السياسية لفصلها عن السياق التاريخي الحسي،وتأتي بالبراهين التي اساسها الفصل الكيفي للجوانب المنعزلة من المسيرة السياسية عن السياق المركب،ثم تتحفنا بالمقارنات الشكلية بين النماذج باسلوب تعسفي!وتقوم بالخلط بين المفاهيم ومسخها الى اضدادها او مجرد اللعب الكيفي بالمفاهيم الفارغة وتطبيق  القياسات الشكلية على قضايا غير قابلة للمقايسة!وتبرر السفسطة جدوى الشمولية بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب ومشاريع المصالحة الوطنية دون جدوى،مسخرة لتحقيق اغراضها المؤسسة الدينية والدولة والميليشيات اي القوة المسلحة المقرونة بالترهيب والترغيب الديني والمادي.ولا عجب ان يقع الاستاذ فارس كمال نظمي في الفخ السفسطائي بالمقارنة التعسفية حول خيار الكتلة التاريخية!
    انقاذ العراق بالوقفة التأصيلية الشجاعة لا تعني السقوط في المتاهات الانتهازية والاستسلامية والانبطاحية والنفعية السياسية!ويدرك فارس كمال نظمي اكثر من غيره ان النفعية او البراغماتية هي المدرسة الاميركية في المذهب الوضعي،احد اوسع الاتجاهات المثالية الذاتية انتشارا في علم الاجتماع البورجوازي منذ اكثر من قرنين،وتدعي بامكانية تفسير كل حركة بتعقب نتائجها العملية الخاصة فقط وضمن التجارب اليومية المعاشة،دون الغور بعيدا بتطابق هذه التفسيرات مع الحقائق الموضوعية.ولانها لا تحتمل اي نوع من النظريات العامة،تعيد البراغماتية صياغة الافكار التقليدية لتنسجم مع الظروف الخاصة المتميزة في مختلف البلدان،مقتنعة ان القضية الاساسية تكمن في انجاز الاعمال المفيدة وما هو مربح من قبل دعاة المغامرة،ومستهدفة سد طلب الحاجة للتوفيق بين وجهات النظر الدينية والعلمية!مادامتا تؤديان الى النتائج المربحة المرجوة،ومستنتجة الرب للاغراض العملية وحدها،فالعلم والدين وفق تفسيراتها مؤشران للعمل اكثر من كونهما وجهتي نظر عن طبيعة العالم تحتلان مواقعهما الخاصة في السلوك الانساني.
   البراغماتية اتجاه رجعي خطير في الفلسفة البورجوازية في عهد الامبريالية،يعتبر الحقيقة كل ماهو نافع فقط،وكل ماهو مفيد،وكل ما يصمد في الموقف المعين!البراغماتية كأسلوب تحايلي لا تهتم الا بالارباح التي تعود بها الافكار الحقة!بحجة الخطوات الثلاث المعروفة بها!
1.   الجدل ضد المثالية ومهاجمتها.
2.   الجدل الرئيسي ضد المادية لتأكيد ان الحقيقة هي ما يثبت نفعها فقط اي التي تخدم الصالح العام،لا مفهوم عكس التفكير للحقيقة الموضوعية بأمانة او الواقع الموضوعي كمجموعة من العمليات توجد فيها الاشياء والظواهر والتصورات الفكرية في تبدل مستمر لتظهر وتزول بالتعاقب.ان الاقرار بالواقع الموضوعي هو الذي يميز الاشتراكية العلمية عن اللارادية النسبية وعن المثالية.الفرق بين البراغماتية والاتجاهات الاخرى من المثالية الذاتية من منظور الاشتراكية العلمية تافه وعديم الاهمية.
3.   اعادة انتاج المواقف المثالية بتعابير جديدة مختلفة.
   الافكار والتصورات والمناهج والخطط في البراغماتية ليست بيانات عن الحاضر او الماضي،بل عن الاعمال واجبة الانجاز في المستقبل فقط،لان هذه الافكار لا قيمة لها الا اذا تحولت الى اعمال لاعادة ترتيب الحياة الاجتماعية مهما كانت متواضعة،وعبر المبدأ القائل ان قيمة اية فكرة يجب الحكم عليها بالارباح التي تعود بها!ولم تدرك البراغماتية ان ماهو مربح لفئات اجتماعية معينة قد لا يكون مربحا لفئات اجتماعية اخرى!فالرأسمالية تفضي الى مزيد من بطالة العمال مثلا!
    تعبر البراغماتية عن وجهة نظر وكلاء ومرتزقة عالم المشاريع الكبيرة والبيزنس،خبراء المبيعات وقادة الاحزاب والكتل السياسية ورجال السياسة في عهود الاحتلال والتبعية!وبالبراغماتية والتضليل الاعلامي الاجتماعي تتحول الاحتكارات الى مشاريع حرة،والحكم المطلق غير المحدود والشمولية والتدخلات السافرة في شؤون الحركة الاجتماعية الى ديمقراطية!البراغماتية تعني بتثبيت صحة الآراء الغيبية في ذهن المواطن!وبالتالي تبرير جملة التوجهات الرأسمالية التي تشمل جميع ميادين النشاط الاجتماعي،في التاريخ والقانون والتربية والتجارة والسياسة،وخدمة صقور الثيولوجيا الطائفية والليبرالية الجديدة في بلادنا!وتعبر البراغماتية عن نظرة ومطامح كبار رجال الاعمال – البيزنيس والصناعيين باعتبارها"مثالية عملية"باتجاه اقصى الارباح،كما تعبر عن وجهة النظر الطبقية لاشد اقسام الرأسمالية الجديدة في العراق عدوانية ورجعية،لانها نظام للتضليل والديماغوجيا موجه للشعب العراقي ومحاولة للتقولب في النموذجين الاميركي والايراني عبر الشعارات الزائفة عن المشروع الحر والديمقراطية الليبرالية ونظام ولي الفقيه!فالبراغماتية فلسفة عاجزة عن اي سلوك معارض لانها تقبل اصلا بالاخلاق الوحشية للرأسمالية!في البراغماتية لم يعد المهم ان تكون النظرية او تلك موافقة للحقيقة بل ان تكون نافعة او ضارة بالرأسمال،مناسبة او غير مناسبة،ترضى عنها الشرطة ام لا ترضى.بدلا عن البحوث المجردة تظهر المماحكات المأجورة،وبدلا عن التحقيقات العلمية يظهر الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن النظام القائم ودولة القانون.
   لقد ناهض الحزب الشيوعي العراقي طيلة تأريخه المشرف النزعات السياسية الضارة التي لم تسء للكفاح  الطبقي العادل فحسب بل عرقلته وحجمته.ومن اخطر هذه النزعات:الاصلاحية التي تنفي الكفاح الطبقي والسياسي الحق وتدعم مشاريع التعاون الطبقي التي تسعى الى جعل الرأسمالية مجتمع الرخاء الشامل عبر الاصلاحات في اطار الشرعية البورجوازية،الانتهازية،التحريفية وذرائعية التجديد واعادة التجديد والنظر والتصحيح والتقويم والتنقيح والتعديل للتهجم على حركات التحرر الوطني وجماهير الشعب والسنن العامة للتطور الاجتماعي،الدوغمائية!وبينما يتشبث السفسطائي باحد البراهين فقط وفق القدرة على ايجاد البراهين لكل شئ في المعمورة فان التفكير العلمي يبحث في الظاهرة الاجتماعية المعينة في تطورها من كل جوانبها ويعني بالآثار والانعكاسات على القوى الدافعة الرئيسية وتطور قوى الانتاج والكفاح الطبقي.
   نعم،يمتلك الشيوعيون امكانيات ذهنية عالية،ولا يفتقرون إلى القاعدة الجماهيرية كما يتوهم فارس كمال نظمي،والانتخابات ليست مقياسا!لقد تطلع الشعب العراقي الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لتكون الحكم العادل والمنظم الحيادي لتقرير مصيره بنفسه،لا ان تكون الوعاء الجامع للفساد المركب الذي يمنح التهور صفة الشجاعة واللؤم صفة الحصافة ويزور كل المفاهيم والقيم ويعطيها معان جديدة فارغة،وليلطم صاحب الحق على فمه كي لا ينطق بكلمة حق،ويتحول السارق الى سبع وشاطر!!ان الحزب الشيوعي لم ولن يعقد على نتيجة الانتخابات الاخيرة الآمال العريضة في ان يرى نتائج كبيرة لصالحه!ولا تختزل القضية الديمقراطية بالاعمال الانتخابية،وان دولة القانون لا تبنى بالنوايا الطيبة والساذجة!
   من جديد نتمنى لفارس كمال نظمي الهبوط من مركبة الاحلام والاوهام الى التفكير العلماني العقلاني!ولا بأس ان نذكره ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة،والتحالف ليس نتاج رغبة بل هو حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد،والتحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه،واذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فإنه لا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. 


بغداد
22/6/2010


146
من أجل مضامين عادلة لقانون مؤسسة السجناء السياسيين
من أجل منع التغييرات المجحفة وكشف من يقف وراء ذلك في البرلمان


مجلس الرئاسة العراقي الموقر
مجلس الوزراء العراقي الموقر
مجلس النواب العراقي الموقر



نحن الموقعين في أدناه نعترض على ما ورد في القراءة الأولى لقانون مؤسسة السجناء السياسيين في مجلس النواب العراقي، ونستغرب تغيير النص الأصلي لمشروع القانون المرسل من قبل مجلس الوزراء والمتضمن شمول السجناء السياسيين لعام 1963. إن مجلس الوزراء كان قد أرسل صيغة قانون أخرى غير التي تم توزيعها على النواب، وكانت الصيغة السابقة قد حظيت بموافقة مجلس شورى الدولة وتحديدا في تضمنها الإشارة إلى الضحايا الذين تضرروا من الأنظمة السابقة منذ عام 1963، وهو الأمر الذي ينصف شريحة واسعة من المواطنين العراقيين الذين استمر الضيم والظلم يتعقبهم طوال المرحلة المنصرمة.
ومن هنا فإننا في وقت نضع اعتراضنا على هذا التغيير المجحف نتساءل عن السبب الذي حدا باللجنة البرلمانية المشكلة بالخصوص إلى تغيير النص الأصلي وجاءت بنص جديد، ولماذا لم يقرأ النص الذي أرسل من مجلس الوزراء وهو الأعدل والأشمل؟
نطالب مجلس النواب بالكشف عن أسماء النواب الذين ساهموا في هذا التزوير الفاضح في وضح النهار، النواب الذين يبرهنون بهذه الأفعال أنهم دون مستوى المسؤولية، همهم الوحيد إفشال دور البرلمان وجعله هامشيا بعيدا عن آمال الشعب العراقي وتطلعاته ، فضلا عن الانشغال بالركض وراء المكاسب والامتيازات الشخصية!
إن خيرة أبناء شعبنا اعتلت أعواد المشانق في تلك الحقبة المظلمة، وكانت لا تهاب الموت من أجل الوطن فدفعت حيواتها ثمنا! شهداء شعبنا العراقي ليسوا سلعة في مجلس النواب ولا تُمحى أسماؤهم بالتقادم أو بقرارات مجحفة! نطالب أيضا بمحتوى عادل منصف لـقانون مؤسسة السجناء السياسيين وبمراجعة لخلفية ما جرى في البرلمان ومعالجة الموقف قبل إقراره وإصداره إحقاقا للعدل ولشمول العراقيين المعنيين بهذا القانون ومساواتهم جميعا في مقاصده...

كاظم حبيب
سلام إبراهيم عطوف كبة
تيسير عبدالجبار الآلوسي


الموقعون
http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=192


147

مرجلة حميد الشاكر واللغو اللاهوتي
سلام كبة
   من ثمار المتفلسف الفتى مولانا حميد الشاكر الاخيرة اطروحته"الحسين وحديث حول الديالكتيك والصراع الطائفي وعبدالله الرضيع"،والتي نسب بها كالعادة للشيوعيين العراقيين والفكر الماركسي تخريفاته اللاهوتية التي اعتدنا عليها!واذ كانت طريق الشعب لسان حال الحزب الشيوعي العراقي ومعها رواد الثقافة الديمقراطية العراقية قد ردت على تخرصاته الجبانة وتخرصات اسياده في"قف/هذار صاحب الاسم المستعار" في وقت سابق،لتؤكد اننا حيال نموذج مقرف من النعرة الاستئصالية الفاشية،برزت هذه المرة من خلال جملة ثقافية انكفائية جرباء،لا يصح ان تمر دون احتقار.واذ عاهدت نفسي الكف عن التعليق على هذياناته وشعوذته،باعتباري احد قراء الانترنيت،وكونه رقم في مستنقع شرطة الثقافة في العراق،وما اكثرهم!.الا ان قصيدة لشاعر عراقي قد استوقفتني كثيرا،ورأيت فيها تجسيدا لمعاناة الشعب العراقي الراهنة،ارى فيها خازوقا لحميد الشاكر وفاروق سالم وعبد الاحد بولص والحاج سلام ابو الجبن،ومن قبلهم سمير عبد الكريم!!!
  هل قدم القادة الجدد في العراق الجديد الخدمات تلو الخدمات لرفاهية المواطن حتى يصعد الشعراء الشيوعيون واليساريون لتصدح حناجرهم بقصائد المديح؟!ومثلما واصل ادباء(بالروح بالدم)اصرارهم على عدم الاعتذار العلني للعراقيين عما اقترفوه من آثام وتبرئة صفحاتهم الملطخة،تواصل شرطة ثقافة الطائفية السياسية الاصرار على عدم الاعتذار عن محاولاتها البائسة،الذليلة،المضطربة المعبرة عن شخصياتهم الطاووسية الخائفة،...والشعب العراقي واهالي ناصرية الطبقات المسحوقة،ناصرية فهد،لا يريدون من الجبناء الاعتذارات والتبريرات!
 
أسأَلُ الرّاقِين": "هيَ هاذي المرجلة؟

أسألُ الرّاقينَ في الأسبابِ
والزّاهينَ بالألقابِ
في وَهْدَة هذي المَرحلَهْ :
هَل لَكُمْ مِن هَزَّةِ الزَّهْوَةِ إلاّ
ما لإذنابِ كِلابِ القافِلَهْ ؟!
# # #
كانَ فينا قاتِلُ ُ
يُمكِنُ أن نَهرُبَ مِن عَينَيهِ
أو نَستَغفِلَهْ ..
أو يُلاقي غَفلَةﹰ مِنّا
فَيُلقينا لِفَكِّ المِقصلَهْ .
غَيرَ أَنّا
في مَدى أكثَرِ مِن عِشرينَ عاماً
لَمْ نُشيِّعْ غَيرَ مِليونِ قَتيلٍ
وَسْطَ إعصارٍ ثقيلٍ
مِن عُقوباتﹴ وتَنكيلﹴ
وأمراضٍ وجُوعٍ وحُروبٍ فاشِلَهْ !
فَلِماذا مَوتُهُ أصبحَ مَقروناً
بِميلادِ ألوفِ القَتَلَهْ ؟!
ولماذا في مَدَى خمسة أعوامٍ
على حُكم الفئات (الفاضِلَهْ)..
ضُوعِفَ القَتلىٰ لَدَينا
دُونَ أن يَعرِفَ منهُم أَحدُ ُ
مَن قَتَلَهْ ؟!
# # #
حَصْحَصَ الحَقُّ ، وَحقَّتْ ساعَةُ العَدلِ
وَوَفّىٰ رَحِمُ الثَّروَةِ بالحمْلِ
ووافَتْ زَغْرَداتُ القابِلَهْ .
فَلماذا أصبَحَ الشَّعبُ
بِأدنى حقِّهِ لا حَقَّ لَهْ ؟!
وَلماذا هُوَ أمسى
هامَةﹰ مَشغولَةً في هَمِّها دَوماً
وكَفّاً عاطِلَهْ ؟
وَلماذا بَعدَ أن صامَ سنيناً
لَمْ يَجِدْ في ساعَةِ الإفطارِ
حَتّى بَصلَهْ ؟!
وَلِماذا إذْ سَرقتُمْ مالَهُ
لَمْ تَكتَفوا .. حتّى سَرقتُمْ أَملَهْ ؟!
وَلِماذا قد غَدا حاضِرُهُ
يَطلبُ مِن غابِرِهِ .. مُستقبَلهْ ؟!
# # #
نِفطُنا يَكفي لإحراقِ المُحيطاتِ
وَإبقاءِ ثُلوج القُطْبِ ألفَيْ سَنَةٍ مُشتَعِلَهْ!
فَلِماذا نَطلُبُ الضّوءَ مِنَ الشَّمْعِ
وَنَطهو (جُوعَنا) بالمِنقَلَهْ ؟!
# # #
نِصفُكُمْ يَمتَهِنُ الطِّبَّ ..
ولكِنَّ المَنايا بِخُطاكُمْ نازِلَهْ !
فإلىٰ مَن يَلجأُ الشَّعبُ ، وأَنتُمْ
فَوقَ كُلِّ العِلَلِ الأُخرى غَدَوتُمْ
عِلَلاً مُستَفحِلَهْ ؟!
وقَطيعُ المُستشارينَ لَدَيكُمْ
ضِعفُ حَجْمِ القَطَعاتِ الباسِلَهْ !
فَلِماذا كُلُّ حَلٍّ عِندَكُمْ
يَحمِلُ ألفَيْ مُشكِلَهْ ؟!
# # #
الحِصارُ انفَكَّ عَنّا ..
فِلماذا أصبَحَتْ حَتّى السّماواتُ
عَلَيْنا مُقفَلَهْ ؟!
وَلِماذا أصبَحَ الإعلامُ (نُورَنْ)
مُستَمَدّاً مِن ظَلامِ الجَهَلَهْ ؟!
وَلِماذا صارتِ الأقلامُ عُوراً
تَرتَمي بَينَ بَلاءٍ وَبَلهْ ..
بَينَ أن تُهدي الخَطايا قُبلَةً
أو تَتَهادى لِخُطاها قُنبُلَهْ ؟!
# # #
إنْ زَعَمتُمْ أَنَّكُمْ لَستُمْ دُمَى
حَلَّتْ مَحلَّ الدُّميَةِ المُستعملَهْ ..
فَلِماذا لَمْ تَقُمْ
بَينَ قَديمٍ وَجَديدٍ .. فاصِلَهْ ؟
مَن مَضىٰ قّد كانَ لِصّاً ..
فَلِماذا قَد رأىٰ
كُلُّ فَسادِ الأرضِ فيكُمْ مَثَلَهْ ؟!
كانَ لِلحرثِ ولِلنَّسْلِ مُبيداً ..
فَلِماذا الأرضُ حَتّىٰ
في حِمى (الخضراءِ) صارَتْ قاحِلَهْ ؟!
وَلِماذا الثُّكْلُ أمسى وَحْدَهُ
مُفرَدَةَ التَّموينِ في سَلَّةِ خُبزِ العائِلَهْ ؟!
كانَ ، بالسِرِّ ، عَميلاً ..
فَلِماذا أَنتُمُ الآنَ تُؤدّونَ ، جِهاراً ، عَمَلَهْ ؟!
أَتَقولونَ اضطُرِرتُمْ
فَدَخَلتُمْ باب بيتِ العِهْرِ
لاستنقاذِ وَجْهِ الطُّهْرِ مِمّا فَعَلَهْ ؟
أي دِينٍ يا تُرى قالَ لَكُمْ
إنَّ ذنوبَ المُومِسِ النّاشِزِ
تَمحوها خَطايا المُومِسِ المُبتَذَلَهْ ؟!
وَلِماذا استَمرأَ المُضطَرُّ
أَكْلَ الَّدمِ وَالخنِزيرِ والمَيّتَةِ
حَتّي بَعْدَ فَوْتِ الغائِلَهْ ؟!
وَلِماذا لَمْ يَزَلْ بَيتُ الهَوىٰ
يُولَمُ نَفسَ المُحتَوىٰ
لكِنْ بِصَحْنِ (البَسْمَلَهْ) ؟!
# # #
كَثُرَتْ أَسئلَتي .. لكِنَّ كُلَّ الأسئِلَهْ
ما لَها إلاّ جَوابٌ واحِدٌ :
أَنتُمْ جَميعاً سَفَلَهْ !
وَغَداً حِينَ سَتُطوىٰ صَفَحاتُ المَهزَلَهْ
وَتُساقونَ إلى مَزبَلَةﹴ ..
إن رَضِيَتْ أن تَحتَويكُمْ مَزبَلَهْ !
سَوفَ لَن تَبقى لَكُم
فَوقَ شِفاهِ النّاسِ إلاّ جُملَةٌٌ مُنتَحَلَهْ
مِن مَواريثِ قَبيحٍ .. قُبحُكُمْ قَد جَمَّلَهْ :
( هِيَ هذي المَرْجلَهْ ؟ !)

بغداد
29/12/2009

148

الاتصالات والشركات الترهات في العراق

سلام كبة
  أي دِينٍ يا تُرى قالَ لَكُمْ
إنَّ ذنوبَ المُومِسِ النّاشِزِ
تَمحوها خَطايا المُومِسِ المُبتَذَلَهْ؟!
وَلِماذا لَمْ يَزَلْ بَيتُ الهَوىٰ
يُولَمُ نَفسَ المُحتَوىٰ
لكِنْ بِصَحْنِ (البَسْمَلَهْ) ؟!

 ازمة الاتصالات في عراق اليوم جزء من ازمة عامة اجتما - اقتصادية  تعصف بعموم البلاد بفعل السياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية منذ انقلاب رمضان الاسود 1963،وشيوع الفساد والارهاب ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة(Privatization)ونبذ التخطيط المركزي،وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين والمحاصصة السياسية والاثنية.
   ومثلما يعشعش اليوم موظفو البرقرطة الادارية وشلل الابتزاز والعصابات الطائفية في وزارة الاتصالات بالتواطؤ مع البعثيين والغوغائية،لا تكترث شركات الهاتف النقال والاتصالات اللاسلكية والانترنيت العاملة اليوم(خاصة شركات عراقنا واثير – زين واتصالنا وكلمات وامنية..الخ)بالعقوبات المادية التي تفرض عليها بسبب تلكؤها في تقديم الخدمات،فهي تدفعها عبر جبايتها من المواطنين وبنفس الطريقة،من خلال سرقات منظمة ومبرمجة كما دفعت بها التزاماتها المالية من قيمة الترخيصات!وتساهم الشركات المذكورة في الضغط على ابناء الشعب العراقي في المواسم الانتخابية ولتجذير العبث اللامنطقي في الوعي الاجتماعي!بعد ان نجحت في شراء ذمم الفئات الفاضلة في مواقع اتخاذ القرار!ولتقطع الاتصالات الهاتفية وخدمة الهاتف النقال والانترنيت مرارا عن الشخصيات الديمقراطية وابناء الشعب العراقي بين الحين والاخرى بسبب مواجهة هذه الشخصيات الحازمة لليبرالية الاقتصادية الجديدة والولاءات الفاسدة عبر الاعلام من صحف ومجلات وانترنيت.وتتخذ الولاءات اللا مسؤولة من العلاقات الشخصية منفذا للضغط على القوى الديمقراطية بتشكيلها جماعات الضغط  الطائفية والمناطقية - اللوبيات.شركات اتصالات صدءة،وزارة اتصالات عفنة،دكاكين فساد..وما في حد احسن من حد!
  لقد تكللت مساعي هيئة النزاهة بالنجاح بعد ان كشفت عورة وزير التجارة امام الملأ،فقد فاحت الروائح النتنة للوزارات العراقية وظهر فسادها للقاصي والداني،لكنها لم تفلح في وضع النقاط على حروف عرابي الفساد الاكبر وحرامية العهد الجديد والقديم امثال على الدهوي واحمد الجلبي ومسؤولي شركات الهاتف النقال والاتصالات اللاسلكية والانترنيت واقسامها الفرعية،ولم يجر استدعاءهم امام مجلس النواب لجرائمهم في تغذية الفساد والارهاب في العراق،لانهم سادة،ودار السيد مأمونة!
  حكم بالسجن على ثلاثة من مسؤولي وزارة التجارة للبقاء في غرف مكيفة ومجهزة بالتلفاز الملون،فيما تدخل رئيس الوزراء المالكي واطلق سراح الوزير،مما الحق ضررا بسمعته في الشارع العراقي واثار عليه لجنة النزاهة في البرلمان التي اتهمته بالتستر على المفسدين.وواقع الحال يؤكد ان هيئة النزاهة والقضاء العراقي يسهمان هما الآخران في التستر على المفسدين بالمحاكمات الصورية المهزلة!ويتسائل المواطن في بلادنا،هل باستطاعة هيئة النزاهة الكشف عن عورات حرامية العهد الجديد؟وتحمل مسؤولية الاستحقاق الوطني البعيد عن الحسابات والتخوف من فتح الباب على مصراعيه لمحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين باتوا يشكلون خطرا على الشعب موازي لخطر الاحتلال او خطر تنفس عصابات البعث والارهاب الاصولي الصعداء؟ما الفرق بين الاحتلال والارهاب ومافيات الفساد التي تستغل ظروفنا المعيشية والامنية للسطو على حقوقنا؟
  شركات الدهوي والجلبي واتصالنا واخواتها عالم فسيح بالفساد المشرعن والاسود والمغلف باغلفة زاهية وبراقة جدا،وغني بالصمت المطبق من قبل السلطات المحلية والراعية للعملية السياسية،وخارق بالعقود الوهمية والتلاعب في العقود والمواصفات وبالرشاوي والاكراميات والهدايا للمسؤولين بالاضافة الى الكومسيون والنسب التي تؤخذ على منح العقود،وحارق في تحويل الفساد الى اخطبوط يلتف حول المجتمع والابتزاز الى طقس حياتي  يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العماء العارم ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة واتكالية المجتمع واستمرائه للفساد وكأنه اصبح حقيقة من حقائق الحياة لا يمكن العيش بدونها!ويصبح الفساد اسلوبا ونمط حياة في المجتمع ويحاصر من يقف بوجهه!
   شركات الدهوي والجلبي واتصالنا واخواتها عالم موسوعة في شراء الذمم وانتشار الرشاوي وتوظيف وتأجير العملاء والجحوش لملاحقة المعارضة السياسية وغسيل الاموال وتقاضي العمولات لقاء الأستثمارات الداخلية والخارجية من الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية والخاصة في العراق وتهريب موارد وثروات البلاد من دون حسيب او رقيب وانتعاش تجارة السوق السوداء المهيمنة على التجارة الداخلية والخارجية!
   كاولية شركات الدهوي والجلبي واتصالنا واخواتها من مهرة متلازمات الابتزاز اليومي والكسب غير المشروع والروتين القاتل الذي لا يتحرك الا بالرشوة والواسطة الذي تغذيه الولاءات دون الوطنية وكاولية البعث المقبور!والاخطر هو الفساد السياسي!وبرهنت التجربة ان مصادر ومداخل الفساد السياسي هو من اعلى مع غياب وضعف الممارسة الديمقراطية،ومن اسفل حين يرتشي الموظف ويخون امانة الدولة.ويرتقي الفساد بسريته في الحفاظ على خططه وخطط القائمين عليه في كيفية تكوين الثروة،واستغلال المراكز الوظيفية،والقدرة في استغلال المراكز السياسية لممارسة الفساد السياسي الأشد خطرا‏ على الدولة والتغلغل في مستويات السلطة كافة،وتشريع القوانين التي يشرعنون بها ما يقترفونه من جرائم في حق المجتمع،خاصة المال المستخدم في المجهود الانتخابي لتزوير النتائج،وترسيخ الفساد السياسي – المالي بالتراضي وتجسيد ديمقراطية الصفقات،لتطبيع ظاهرة العمولة الخارجية لحساب المسؤول الداخلي،وتطبيع العلاقات الفاسدة مع المؤسسات التجارية في الغرب.
  وجوه كالحة ومحتقرة تواجهك في ردهات شركات ومصارف الدهوي والجلبي واتصالنا واخواتها المنتشرة في العرصات وشارع السعدون والمنصور وبقية مناطق بغداد،ابتكرت الاساليب الحديثة التي احدثها الانفلات على كل الصعد والركض المجنون وراء الربح السريع وبأية طريقة،واتباع اساليب الغش والاحتيال والفساد المالي والاداري الحديثة غير المطروقة والتي تتنوع كالحرباء في وضح النهار وتحت اشعة الشمس،الاستقطاعات المالية الابتزازية في فترة الحملات الانتخابية تحت شتى الذرائع،كل ذلك ارهاب ابيض منزوع السلاح!
   امام الرقابة الشعبية والحكومية والاعلامية والبيئية والرقابة الجماهيرية عبر لجان مجلس النواب والمنظمات المهنية والنقابات والمنظمات الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والمجتمعية وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والهيئة العامة المستقلة للعقود والمبيعات والجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية والقضاء،امامها مسؤولية تعبئة كل الجهود تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب المعطل بسبب المحاصصة وتعديل المادة 136ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ،والتي تنص على وجوب استحصال موافقة الوزير عند احالة الموظف المفسد للقضاء،ودعم وتفعيل دور هيئة النزاهة وتمكينها من اداء مهامها بعيدا عن التدخلات السياسية.وعليها محاصرة الفساد الانتخابي ومقاولي الاصوات وسماسرة الانتخابات والانتهاكات الفاضحة وممارسة التهديد،ومنها ممارسات شركات الدهوي والجلبي واتصالنا واخواتها التي تستغل الدين لاغراض رأسمالية وانتخابية قذرة!
  ان عقد مؤتمرات حول الحاكمية وبناء البنى الالكترونية والمساهمة في مكافحة الفساد والتحول الى مجتمع معلوماتي وتطوير الاجراءات والنظم الادارية الخاصة باداء الاعمال واختيار العاملين هي احلام في مهب الريح وضراط في شط،ما دام الدهوي والجلبي وباقي لصوص العمولات وتقاسم الارباح مع قطاع الطرق والخدم يحتلون مواقعهم بين الفئات الفاضلة في العراق!

بغداد
29/12/2009

149
وزارة الصناعة ووأد الصناعة العراقية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
انصرْ بلادَكَ وارفعْ من كرامتِها
من لا كرامة َ في اوطانِهِ خاسرْ
الحُب يجمع بين الناس قاطبة ً
من مايـَزَ الناسَ في اديانِهمْ عاهرْ
هو العراقُ ازاهير ٌ ملوّنة ٌ
مُوَحِـّدي هو في مستقبلي الزاهرْ
حبّ ُ العراق هو الدينُ الأدينُ  به
فاخسأ بدينِك سيفا ايها الفاجر ْ
دينُ الدماء عرفناهُ يفرقنا
سُحقا ً لدين دماء ٍ مالها آخر
 
  وزارة الصناعة المسؤولة عن حوالي 200 مشروعا مملوكا للدولة يعمل فيها نصف مليون فرد موزعين على 61 شركة تضم 230 معملا في المجالات الصناعية المختلفة:الانشائية،الكيمياوية والبتروكيمياوية،الهندسية،النسيجية والغذائية والدوائية!ليست المسؤولة الاولى عن خلو السوق العراقي من السلع المنتجة محليا فحسب،بل عن مجمل الاوضاع السيئة التي تعاني منها الصناعة العراقية والمحنة الفعلية التي يواجهها الصناعيون العراقيون،وهي تسير على نفس النهج الذي رسمه بول بريمر ولم تحد عنه قيد انملة حتى الآن.ولا تمتلك الحكومة العراقية استراتيجية تنموية حتى يومنا هذا!استراتيجية تنموية تسهم في توفير شروط اعادة تدوير عجلة الاقتصاد والاهتمام المكثف بتنمية الموارد البشرية،والاهتمام بالقطاع العام والعمل على اصلاحه اقتصاديا واداريا،الى جانب تشجيع مبادرات القطاع الخاص واعتماد سياسة مالية وضريبية تمييزية لصالح المشاريع التي تساهم في تنمية قدرات البلاد الانتاجية والارتقاء بالمستوى التنافسي لمنتجاته في الاسواق الخارجية.
  لقد حاول صدام حسين مع تدهور الصناعة العراقية المعالجة بالاجراءات الترقيعية عبر تشريع جملة قوانين واصدار مجموع مراسيم من قبيل رقم 32 عام 1986 لتنظيم اجراءات بيع وايجار اموال الدولة،رقم 93 لسنة 1987 لتقليص نسبة مساهمة القطاع العام في الشركات المختلطة من 51%الى 25%،رقم 310 لسنة 1987 حول اطلاق الحدود العليا لرؤوس اموال الشركات،قرار رقم 483 لعام 1987 حول السماح لاصحاب مشاريع القطاع الخاص بتصدير منتوجاتهم الى خارج العراق،71/52/...150 لسنة 1987 والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة،وقانون اعفاء الشركات المتكونة حديثاً ولاحقا من الضرائب لفترة عشر اعوام/صدر سنة 1989،رقم 100 عام 1995 والافضلية بالبيع لما هو فائض عن حاجة قطاع الدولة بالمزاد الى اصدقاء صدام والقطاع الاهلي والتجاري،قرار رقم 136 سنة 1996 حول حق المشروع الصناعي الخاص والمختلط في استيراد المواد الأولية ومستلزمات الانتاج والتشغيل،22 عام 1997 في نظم لدارة الشركات او التمويل الذاتي على اسس تجارية،20 لسنة 1998 حول اعفاء الاستثمار الصناعي من الضرائب وتقليص دور الدولة،قرار 105 عام 2000 لتأسيس صندوق التنمية لتمويل مشاريع القطاعين الخاص والمختلط  برأسمال قدره 50 مليار دينار عراقي و50 مليون يورو،قرار 106 عام 2000 في اعفاء القطاع الخاص من ضريبة الدخل بنسبة (50-100)%.
     ادت سياسات النظام المباد الى تدمير البنية الصناعية في بلادنا وتعطل الانتاج في المنشآت الصناعية بسبب عدم توفر المواد الاولية والوسيطة وصعوبة الحصول على المواد الاحتياطية وتخلفت التقنية المستخدمة نظرا الى عدم مواكبة التطورات الفنية والتكنولوجية في العالم ،وقاد هذا الى هبوط في مستويات الانتاج وضعف في القدرة التنافسية للسلع العراقية.
     بعد التاسع من نيسان وحتى يومنا هذا لم تتخلص وزارة الصناعة من ملف بول بريمر القاتل،ملف اشبه بنظام الخطوط العريضة ومبني على اطر مرسومة بشكل دقيق اشرفت عليها الشركات الاستشارية الاميركية وفق تعليمات صارمة من الادارة الاميركية،الملف الذي يستهدف تدمير ما تبقى من صناعة وطنية عراقية وما تبقى من قطاع صناعي حكومي،بعبارة اخرى الاجهاز على القطاع الصناعي واعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية،وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!النتيجة،الصناعيون في العراق يغلقون مصانعهم ويتحولون الى العمل في الاستيراد السلعي والمشاركة في الغش الجاري عبر عرض بعض السلع المحلية للبيع باسماء شركات وماركات اجنبية!اومغادرة العراق والتوظيف في بلدان أخرى...الخ.
   المتتبع لمأزق الصناعة العراقية يضع يده على الحقائق الموضوعية التالية:
1.   التندر بالعمل التنموي الصبور البناء والعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر(Stolen water are sweetest)، والافتقار الى سياسة صناعية واضحة المعالم ضمن خطة مركزية استراتيجية،وشحة التخصيصات للقطاع الصناعي في الموازنة العامة.اما اعادة الاعمار فلم يتعدى كونه مفهوما هندسيا روجت له سلطات الاحتلال وخالي من اية مضامين اجتماعية- اقتصادية بدلا عن مفهوم التنمية الاقتصادية.كل ذلك ادى الى انحسار مساهمة القطاع الصناعي في اجمالي الدخل الوطني.اغلب العاملين في وزارة الصناعة لا يعرفون ماذا تريد الدولة اليوم؟!.الحكومة العراقية ليس لها تصور واضح عن سبل النهوض بواقع الاقتصاد العراقي ووعودها ميكافيلية الطابع!الدراسات الاقتصادية الجادة سواء في وزارة الصناعة او في مجالس المحافظات لاعادة تأهيل المنشآت الصناعية الاستراتيجية معدومة!
2.   الاداء الحكومي مثبط للهمم!ولم تلغ او تستحدث او تنشئ اية منظومة حكومية وفق آليات ادارية تستند على تشريعات قانونية لادارة الازمات التي عصفت وتعصف بدوائر الدولة الحالية،اجمالا وعلى الاطلاق!ولا يوجد في الافق ما يشير الى دعم جاد للمنشآت الصناعية والمعامل العائدة للدولة واعادة تأهيلها واصلاحها والنهوض بها لتساهم بشكل فعال في تنمية الاقتصاد الوطني.هذه المنشآت تعاني من تقادم وسائل الانتاج وهيمنة الاساليب القديمة وغير الكفوءة ومن تردي الخدمات العامة،خاصة الطاقة الكهربائية،وعدم التنسيق بين المشاريع الصناعية ضمن القطاع الواحد ومع القطاعات الاخرى،والتي ادت بمجملها الى ركود وتدني مستويات الانتاج وارتفاع تكاليف الانتاج وانعدام القدرة على منافسة السلع الاجنبية!يذكر ان المعلومات اوائل عام 2009 تشير الى توقف 119 معملا ومصنعا عن العمل بسبب اطلاق الاستيراد بدون ضوابط وتدفق البضائع المستوردة المنافسة للمنتج العراقي!
3.   الركود والتدني في مستوى تشغيل المشاريع الصناعية ذات المكوِن التكنولوجي العالي والمتطلبات التمويلية الكبيرة والاهمية الاستراتيجية كالصناعات التحويلية والتعدينية والكيمياوية والبتروكيمياوية والانشائية،وهي صناعات نهضت ابان العهد البائد.ولم تر النور اية مشاريع جديدة في هذا المضمار،وفي كامل القطاع الصناعي،بعد التاسع من نيسان!خاصة المدن الصناعية الحديثة!
4.   شركات القطاع الصناعي المختلط البالغ عددها 18 شركة مهملة!تعرضت موجوداتها الى النهب والحرق والقصف ما الحق بها اضرارا جسيمة ادت الى انهيار هذا القطاع الصناعي المهم،ولم يتم تعويضه لحد الان!علاوة على تدخل الميليشيات في شؤون شركات القطاع وعدم توفر المواد الاولية والوقود اللازم لادامة الانتاج،وهي تعاني من تدني طاقاتها الانتاجية.وبعيدا عن تفكير الحكومة اليوم،انشاء شركات عامة مساهمة جديدة تساهم فيها الدولة برأسمال لا يقل عن 40% ولمختلف الاختصاصات استيرادية،تصديرية،استثمارات مالية وعقارية واطلاقها في سوق الأوراق المالية.
5.   الاستيراد التجاري المشوه وسياسة الباب المفتوح للاستيراد،وتسير التجارة الخارجية باتجاه واحد لان التصدير يقتصر على  النفط الخام فقط!وباتت الحماية الكمركية والكمية(القيود الادارية على الاستيراد)ومعركة السلعة الوطنية في خبر كان!
6.   غياب مؤسسات الدولة عن تنظيم العملية التجارية في العراق،سواء كانت داخلية او خارجية،وطغيان تجار الجملة الطفيليين والسماسرة والمهربين وسيطرتهم على السوق التجارية داخل العراق وخارجه،مما اثر سلبا على الانتاجين الوطني في القطاع الصناعي العام والخاص وعلى القطاع الزراعي وتخلفه في آن.
7.   الصناعة الوطنية غير محمية من المنافسة،وحتى قانون عام 1929  لحماية الصناعة الوطنية وتعديلاته لم يعد ساري المفعول في العراق الراهن.ولا تتفق مصالح الحكومة العراقية الراهنة مع تشكيل المفوضية المستقلة لحماية الصناعة الوطنية!لانها في مرتبة ادنى من مثيلاتها كالنزاهة والانتخابات!ولا تتفق مصالحها ايضا مع تشكيل المفوضية المستقلة للعقود والمبيعات خاضعة لشروط البنك المركزي وسوق العراق للأوراق المالية وقواعد العمل في الفرق التجارية تتداول بالعقود الحكومية بكل شفافية يعلن عنها بمناقصات اصولية وتراقب عمل واداء الشركات وتوكيلات تلك الشركات.
8.   واقع الحال يؤكد اهمية دعم القطاع الخاص وطمأنته باقامة بنية مستقرة،قانونية وادارية ومالية ومنحه تسهيلات واشكال مناسبة من الحماية لفترات محددة حتى يستطيع الارتقاء بمنتجاته لمستوى المنافسة الخارجية.
9.   واقع الصناعات الصغيرة مأساوي بسبب عدم وجود هيئة مركزية تشرف عليها ضمن وزارة الصناعة،وغياب الآليات التي من شانها تشجيع اقامة هذه الصناعات عن طريق اطر مؤسسية جديدة كحاضنات الاعمال مثلا التي تتحدد مهامها في تذليل العقبات التي تعترض سبيل هذه الصناعات!
10.   الاهتمام بصغار المنتجين من كسبة وحرفيين واصحاب الورش الصناعية الصغيرة يكاد يكون شبه معدوم،الامر الذي عكس آثاره على دورهم في الانتاج واشباع جزء من حاجات الاسواق المحلية،وقانون تنظيم الخدمات الصناعية رقم (30) لسنة 2000 الذي وفر الدعم لتطوير المشاريع الصغيرة لازال معطلا!
11.   التحطيم شبه الكامل لكل جهد وانتاج صناعي او زراعي محلي،خاص او مختلط وحتى حكومي،لمصلحة مجاميع قديمة وجديدة من التجار والمستوردين!
12.   السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة!والسوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية!ولابد من الاشارة الى الادوار التخريبية للشخصيات المدعومة والمرتبطة بـلوبيات حكومية تستغل نفوذها لدى الحكومة،لتقوم بإنشاء شركات خاصة تتطفل على المنشآت الصناعية الاستراتيجية وتنافسها في الحصول على مدخلات العملية الصناعية!
13.   سياسة الحكومة تسير باتجاه منح التسهيلات الأئتمانية والاعفاءات الضريبية والحوافز والقروض ونسب الفائدة، للتجار وتجعلها في حدها الادنى لمن يريد التوظيف في القطاع الصناعي،الامر الذي لا يشجع اصحاب رؤوس الاموال على توظيف رؤوس اموالهم في الصناعة المحلية.رأسمال المصرف الصناعي متواضع،وتأسيس الصناديق الاستثمارية المتخصصة في تمويل المشاريع الصناعية هي خارج نطاق البحث اليوم!اما صندوق التنمية لتمويل مشاريع القطاعين الخاص والمختلط فقد اندثر مع سقوط النظام الدكتاتوري!المحفزات المالية والمادية وتوفير الطاقة الكهربائية بأسعار تفضيلية،امور بعيدة عن تفكير المشرع العراقي! 
14.   ملف بريمر يمنع عمليا دعم الدولة للقطاع الخاص الصناعي وانشاء المؤسسات الصناعية المختلطة!ويرسخ سياسة الاعتماد المفرط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ويرفض الدور الراعي للدولة ومعارضة التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ويؤكد ملف بريمر على مغازلة سياسات برنامج وشروط صندوق النقد لدولي لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع اساسية وعن المشتقات النفطية والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة.
15.   محاولات السماح للرأسمال الاجنبي بالتحكم في المقدرات الاقتصادية للبلاد تحت اغطية مختلفة!وشيوع مظاهر الاغراق(Dumping)ببيع الشركات منتجاتها من السلع الصناعية بأسعار رخيصة وحتى دون مستوى تكلفة انتاجها في بلدانها الاصلية،بهدف السيطرة على السوق العراقي وازاحة الانتاج المحلي ومن ثم التعمد الى رفع اسعار منتجاتها بعد ان تتم السيطرة تماما على السوق.
16.   سلوك الشركات الغربية،شركات النهب والاستهتار،يكشف عن جوهر ومنهجية ومرامي هذه الشركات وانتهاكها للانسان وحقوقه،عندما يتعلق الأمر بقانونها الرئيسي،وهو قانون الاستغلال.
17.   فك الارتباط بين القطاعين الصناعي والزراعي!بديلا عن التنمية المتوازنة!واقامة البنى التحتية والمرافق الحضرية في الريف وبناء القرى العصرية التي تقلص الفجوة بين المدينة والريف.
18.   بقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا نفطيا ريعيا مستوردا مستهلكا وحيد الجانب في تطوره وكولونيالي التركيب في بنيته وعاجز عن تحقيق الوحدة العضوية في عملية اعادة الانتاج الموسعة،واهدارعوائد النفط على استيراد السلع لاغراض الاستهلاك والانفاق على الرواتب والمصروفات الجارية فقط!!
19.   تعكس قوانين استيراد وبيع المشتقات النفطية،الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006،مشروع قانون النفط والغاز الجديد،مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام،الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها!
20.   البطالة ومحدودية فرص العمل للعاطلين من الشباب الذين تملأ جنابرهم شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية!
21.   توسع نطاق الجرائم الاقتصادية واموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة وافلات مرتكبيها من العقاب!ولم تتخذ اية اجراءات لمعاقبة الحواسم وكل الجماعات التي تغيرت اوضاعها الاقتصادية بسرعة قياسية بفضل ما نهبت من موارد الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية وما انتزعت من المواطنين عن طريق الابتزاز والتهديد والخطف!
22.   المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار،والعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة،واستغلال المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية!والتفوق غير المسبوق في عمليات غسل الاموال وانتقالها غير المشروعة!
23.   التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة والتزوير!مع انتعاش لانشطة اقتصاد الظل بطابعه الخدمي البدائي غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وبضعف انتاجيته وقلة القيم التي يخلقها وتردي ظروف العمل،،مستوعبا  قسما من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصاديا وخاصة عمالة الاطفال!
24.   اشباع السوق العراقية بالسلع التي لا تستوفي شروط ومعايير السلامة والنوعية!ولازالت اجهزة الرقابة ذات العلاقة والتفتيش والسيطرة النوعية والمسؤولة عن فحص المنتجات المستوردة والشروط الصحية في سبات عميق وتعيش عوالمها الافتراضية!الغش الصناعي يغتال جيوب المواطنين،واصبحت البضاعة الرديئة سم للاقتصاد المحلي!
25.   المؤسسات الحكومية والتعاونية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحماية المستهلك للحفاظ على حق المواطن في الحصول على السلع والخدمات التي يشتريها على احسن وجه،هذه المؤسساتية غائبة ومغيبة!
26.   الفساد واستشرائه على يد المافيات المتغلغلة داخل اجهزة الدولة بمختلف مستوياتها!
27.   ارهاب المدنيين وقياديي النقابات،خاصة النقابات العمالية المنضوية للاتحاد العام لنقابات العمال،وغيرها من المؤسسات الوطنية العراقية ومنظمات المجتمع المدني!ومنها رابطة حماة الصناعة الوطنية والتجمع الهندسي لدعم الاعمار وجمعية السراجين!ولا تبدي الحكومة العراقية الآذان الصاغية للآراء الداعية لالغاء القانون رقم 150 القاضي بتحويل العمال الى موظفين واعطاء النقابات العمالية دورها في المساهمة في النشاط الاقتصادي وفي ادارة المؤسسات الصناعية.
28.   النهوض المستديم للولاءات دون الوطنية!والتناقض بين الدور السياسي التقليدي للدولة وبين دورها الاقتصادي المتمثل في تأمين الريع لـلاقطاعات الطائفية- المناطقية الطامحة الى السلطة والثروة والتي بدأت تحتل مواقع السيطرة على المفاصل الاقتصادية والسياسية والامنية الاساسية.
29.   اهمال آراء اتحاد الصناعات العراقي والصناعيين العراقيين ورجال الاعمال،والسعي لتدمير وعرقلة اتحاد الصناعات العراقي،والتدخل السافر لوزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني في شؤونه!علما ان اللجنة الادارية المؤقتة الحالية لاتحاد الصناعات مشكلة بموجب قرار مجلس الحكم رقم (106)!ولازالت القرارات الديوانية سيئة الصيت 27 لعام 2003 ورقم 3 لسنة 2004 و8750 في 8/8/2005 سارية المفعول!
30.   وزير الصناعة فوق الشبهات اسوة باشقاءه وزراء التجارة والكهرباء والنفط!
   لمصلحة من يتم تدمير الصناعة العراقية؟!ولمصلحة من اهمال الصناعة ومحاربتها؟!وما الغاية من الاعلان سئ الصيت عن بيع 50 ملفا استثماريا الى القطاع الخاص والشركات الاجنبية،وشملت كافة شركات وزارة الصناعة،ومن بينها شركات الاسمنت والاسمدة وادوية سامراء ونينوى،والبتروكيمياويات،المصانع والمعامل التي ترقبها الشعب بفارغ الصبر بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة،وشيدها عماله البواسل بدمهم وعرق جبينهم؟!وما مدى الصلافة التي تعلن ان الاتفاقيات في هذا الشأن تجري بنظامِ تقاسم الانتاج مع الشركات الاجنبية،وان اكثر من مائة وعشرين شركة واتحاد شركات يطمح الى المنافسة على مشاريع مشتركة لأجل عشر سنوات الى خمسةَ عشر عاما بهدف تجديد الشركات الصناعية المتداعية في اطارِ خصخصة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات؟!.ان ما اشاعته عدالة التحرير،عبر شركات اعمارها واستثمارها،يشكل اليوم جزءا  من ثقافة سائدة هي ثقافة الترقيع التي نجدها في تجليات تمتد من بناء المدارس ولا تنتهي عند السلوك السياسي!مرورا بفساد الحكام والمتنفذين،وبالطبع الوزراء!
    لا يمتلك العراق الاسواق المالية الفعالة والمصارف الاستثمارية والدور الاستشارية،وتعوزه الدراسات الفنية اللازمة لتقييم الاصول وتحديد الاسعار،وقطاعه الخاص الوطني ضعيف اصلا مع قلة المدخرات الوطنية الامر الذي سيفتح الباب امام الشركات الاجنبية التي لا تلتزم بتنفيذ اية خطط تنموية مطلوبة،اما التضحية بالاعتبارات الاجتماعية فستكون حدث ولا حرج وفي المقدمة تسريح الآلاف من العاملين وزيادة معدلات البطالة،سوف تباع المؤسسات الرابحة والناجحة وتترك المؤسسات الخاسرة مما يزيد من اعباء الخزينة العامة!


بغداد
9/10/2009

150
لا.. لرفع سن الترشيح للبرلمان! نطالب بخفض الحد الادنى الى 25 سنة

    وافق مجلس الوزراء قبل ايام على مقترح قانون انتخابات مجلس النواب، واحاله الى البرلمان بعد ان ادخل عليه تعديلات كثيرة.والمؤسف ان احد تلك التعديلات ينص، حسب تصريح الناطق الرسمي علي الدباغ، على رفع الحد الادنى لعمر المرشح لخوض الانتخابات الى 35 سنة!
     نعم، بدلا من سن الـ 25 الذي طالبنا به مع جماهير الشباب الغفيرة، يدعمنا الكثير من القوى والشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية ومن ابناء الشعب في طول العراق وعرضه، وبدلا حتى من  سن الـ 30 الذي ينص عليه  القانون النافذ حاليا، اختار مجلس الوزراء ان يفاجيء شبيبة العراق بهذه الصدمة الكبيرة،  فيما كانت تنتظر منه اتاحة فرص اكبر لها، كي تشارك في بناء العراق الجديد.
     ان قرار الحكومة هذا، يدفعنا الى طرح الملاحظات التالية:
1 - ان الشباب يشكلون النسبة الاكبر في مجتمعنا العراقي ( اكثر من 60 في المئة )  ما يعني ان التعديل الذي تريده الحكومة سيسد الابواب امام مشاركة اغلب العراقيين في العمل السياسي والوطني.
2  - ان التعديل المطروح يعني في الواقع عدم اعتراف الحكومة بقدرات الشباب ممن هم دون الـ 35 سنة، وانها انما تـُحجّم طاقاتهم وتبدد آمالهم في المساهمة الفاعلة في بناء العراق الجديد.
3  –  ويعني التعديل ايضا ان الحكومة تتجاهل مطالبتنا الملحة طيلة الفترة الماضية، نحن جماهير الشباب، بخفض عمر المرشح وجعله 25 سنة بدلا من  عمر30 سنة المعتمد اليوم. بل انها وللاسف تدفع في الاتجاه المعاكس تماما!  
4  –  ان الدول المتقدمة والساعية للتقدم على حد سواء، تشجع الشباب على المشاركة في شتى النشاطات وفي مختلف الميادين، وتقوم بالكثير من اجل جذبهم الى العمل الجاد لخدمة اوطانهم ومجتمعاتهم. وليس معقولا ولا مقبولا ان يشكل العراق شذوذا عن هذه القاعدة، لا سيما ونحن نتحدث دون انقطاع عن ضرورة الارتقاء بالعراق الى مصاف الدول المتقدمة.
5  - ان الحكومة مطالبة بمراجعة حقيقية وشجاعة لموقفها من الشباب، بما يفتح الابواب امامهم ويتيح مشاركتهم المباشرة والفعالة في حياة مجتمعنا، وبما يؤهلهم لتبوء قيادة البلاد في الغد القريب.
6  – ومن جانبنا ندعو جماهير الشباب ومنظماتهم في كل مكان من العراق الى توحيد الجهود، وحث مجلس النواب على رفض التعديل الذي تطرحه الحكومة، والمطالبة سوية وبصوت واحد بخفض عمر المرشح لعضوية مجلس النواب، واقرار سن الـ 25 سنة بوصفه الحد الادنى.
                                              
سكرتارية                                  سكرتارية
اتحاد الطلبة العام في جمهورية العراق       اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي

سكرتارية رابطة المرأة العراقية
20/9/2009

151
كهرباء العراق...بين الخنازير والحمائم 


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
الارض تدور
والشمس تدور
والرأس يدور
الكل
بهذا الكون يدور
انت الواقف،وحدك
منذ عصور

   هل تصب تصريحات مسؤولي وزارة الكهرباء العراقية التي تتميز بالتناقض والافتقار الى الاسس العلمية والمعايير الموضوعية الرصينة في خانة اعتماد استراتيجية وطنية شاملة لقطاع الكهرباء لتحسين مستوى اداءه،وادخال الطاقات الجديدة في الانتاج والاهتمام بتطوير مصادر انتاجها المتنوعة،وتحسين اساليب التخطيط المستقبلي لتطوير هذا القطاع بما يمكنه من تلبية حاجة البلاد،والتأكيد على اعتباره قطاعا استراتيجيا ينبغي ان يظل ملكية عامة؟هاهي القوانة المشروخة تعود من جديد،قلة التخصيصات والمطالبة باستثناء وزارة الكهرباء من القوانين المتعامل بها،واتباع سياسة حرق المراحل الانفجارية ومشاريع تسليم المفتاح والبناء الجاهز،اي نفس السياسة الصدامية ابان العهد البائد،واصدار سندات الخزينة لتمويل عقود وزارة الكهرباء..الخ.اين ذهبت الوعود الوردية لكريم وحيد ورعد الحارس وباقي الجوقة البعثية؟وزير بعثي وتكنوقراط فاسد لا يملكان ادنى تحصيل علمي مطلوب،فضيحة ولا اغلى منها في تاريخ العراق السياسي المعاصر،اميون يقودون وزارة الكهرباء،وشر البلية ما يضحك!.
   ان الدراسات التي يعدها منتقدو النهج الحالي لوزارة الكهرباء،ومنها الدراسات الموقعة باسم فريق من الباحثين المتخصصين،ولاكثر من مرة عن ازمة الكهرباء المستفحلة،وهو فريق لم يكشف عن نفسه الا للطغمة الحاكمة في وزارة الكهرباء لارتباطه معها بوشائج غير معلنة،فتتسم بالسطحية والترقيعية والتبريرية،وهي دراسات ذات طابع متردد خجول تعكس الخلفية الاجتماعية لمعديها!
    الحكومة العراقية الحالية تبدي النشاط الاستثنائي لعقد الصفقات المليارية لمشاريع يشاع انها ستزيد انتاج الطاقة الكهربائية،في الوقت الذي يسود فيه الذعر جميع انحاء العالم من تداعيات الازمة الاقتصادية المالية التي تهدد النظام العالمي بأسره!.حكومة يتسابق اقطابها في عقد الاتفاقيات مع الشركات العالمية"الهالكة"ويمدون لها اطواق النجاة ويسعون لتوقيع عقود بنفس الاسعار التي كانت معروضة قبل الانهيار الاخير او حتى اكثر!
    ادى هبوط اسعار النفط وفقدانها ثلاثة ارباع قيمتها في الفترة بين الاتفاقات والتوقيع!الى تهاوي اسعار التوربينات المتعاقد عليها،الا ان الاصرار على الاسعار السابقة يدخل في مستنقع فساد وزارة الكهرباء!لقد وقعت الحكومة العراقية العقود الكبيرة مع الشركات العملاقة والمتخصصة في الكهرباء،كبريات الشركات الصناعية هذه تعاني من الكساد،وهي تستنجد بحكوماتها لابعاد شبح الافلاس عنها بالاعانات المالية والاستحواذات وراحت تسرح مهندسيها وعمالها بعشرات بل مئات الالاف!ان العقود التي توقعها هذه الشركات مع العراق سوف ينعش وضعها وبمثابة سفن انقاذ سريع لها.
علقت او الغيت هذه العقود بسبب نقص الموارد المالية في ميزانية 2009...وتنتعش اليوم مجددا آمال خنازير الكهرباء لاصدار سندات الخزينة لتمويل عقود وزارة الكهرباء المعلقة!فبأي اموال يقامرون؟اليست هي اموال الشعب العراقي؟او لا توجد قوانين تحاسبهم على هذا الهدر وهذا التمادي في تدمير الوطن ومقومات عيشه؟لا يريد احد من المسؤولين العراقيين،ومن اعضاء مجلس النواب،ومن المشاركين في العملية السياسية الجارية،ان يكون ضليعا في الاقتصاد،فله اهله..ولهم الصافي!عوافي!
   شبح الخصخصة يلوح منشآت ومشاريع الكهرباء بالأرتباط مع اخفاقات القطاع العام واخطاء القائمين على ادارة قطاع الكهرباء،ويقوض احتكار السلطات دائما من اسس المؤسساتية المدنية وينمي التناقضات داخل القطاع العام ليحجم من فعاليته،وليتحول الى اداة بيد الطفيلية والنخب الحاكمة التي تسن القوانين فاسحة المجال امام الخصخصة ونظم ادارة الشركات،ثم العمل على اغتصاب حقوق الملكية الخاصة نفسها وتسييرها حسب الهوى!
    ان انعدام وفقدان الشفافية،والكتمان والسرية،التي تحيط بعقود وزارة الكهرباء مع الشركات الغربية،يدخل في مستنقع فساد وزارة الكهرباء!ويجري تبرير العقود الاخيرة باسعارها المرتفعة الى السرعة في تجهيز المكائن،والى تشغيل التوربينات بانواع مختلفة من الوقود.نعم،تغطي وزارة الكهرباء رأسها كالنعامة،لان المهم هو الحصول على اعلى درجات الكفاءة والمحافظة على سلامة المنظومة وانخفاض تكاليف ادامة وصيانة التوربينات عند استعمال النوع المفضل من الوقود وهو الغاز الطبيعى.
    مشاريع الاعمار مازالت لديها تجديد الارصفة وصبغها،وما بين فترة واخرى تقوم امانة بغداد مشكورة بتجديد الارصفة وصرف المليارات عليها،وكأننا معنيون باعمار الارصفة لا البنى التحتية التي تشكل الكهرباء احد مفاصلها.ان تغذية منشآت عملاقة،في صناعة الاسمنت والفوسفات والأسمدة والبتروكيمياويات،بعد اعادة تأهيلها تعتبر من الاولويات الوطنية العليا،وهي تتطلب منظومة مستقرة من التوليد والنقل والتوزيع.وذلك لا يتوفر بمنظومة تعتمد بغالبيتها على التوربينات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة وبأستخدام زيت الوقود الثقيل الذي يعرضها الى خطر الاندثار السريع واحتمال انهيار المنظومة بأكملها.
    وزارة الكهرباء تتعمد الافراط في نصب الوحدات الغازية التي تعمل بتقنية الدورة البسيطة،والتي ستحول قوام المنظومة Backbone الى هذه الوحدات،المتدنية الكفاءة والتي لا تتعدى ال 31%!،علاوة على كثرة العطلات وكثرة الحاجة الى صيانتها.وزارة الكهرباء تتجاهل تحذيرات المكاتب الاستشارية والخبيرة وتقارير الوكالات العالمية المعنية،وفي مقدمتها المفتش العام المختص لاعادة اعمار العراق(سيجير)ومكتب المحاسبة الحكومي(غاو).ان استخدام فريم 9 بموجب تقنية الدورة البسيطة يؤدي الى انخفاض كفاءته وكثرة عطلاته وضآلة ارقام التوليد،خاصة عند استخدام وقود الزيت الثقيل HFO.وباعطاء الارجحية للتوربينات الغازية ذات الدورة البسيطة بنسبة تزيد على 66% من الطاقات التصميمية للمنظومة العراقية بأكملها،فان فارق كلفة الانتاج لسنة واحدة سيعادل نصـف قيمة المحطات،وان ما سيصيب المواطن العراقي يعادل 857 كغم من الغازات السامة سنويا اي حوالي 2.4 كغم يوميا من الانبعاثات السامة هو الفرق بين التوربينات بالدورة المركبة والتوربينات للدورة البسيطة.ان متوسط الانتاج المتحقق سيكون 61.5% من القدرات التصميمية في المحطات الحديثة،دون احتساب العطلات،وعند احتساب هذه العطلات تتدنى النسبة الى 49%!
   ان استخدام تقنية الدورة المركبة يستفيد من الغازات الساخنة التي تتولد في عوادم التوربينات الغازية لتوليد بخار من مراجل خاصة تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية عن طريق مولدات توربينية بخارية دون الحاجة الى وقود اضافي.
    ووفق تقرير اعده معهد مهندسي الكهرباء والالكترونيات IEEE فان العراق لازال يبدد ويحرق اكثر من 28 مليون متر مكعب من الغاز/يوم تكفي لانتاج اكثر من 4000 ميكاواط من الطاقة الكهربائية على اقل تقدير.ويمكن ان تعمل التوربينات الغازية Gombustion Turbines التي يتم نصبها او يجرى اعادة تأهيلها بصورة نموذجية ومثالية اذا تم تشغيلها على الغاز الطبيعي،الا ان قليلا منها يعمل على الغاز حاليا،والباقي تشتغل على وقود الديزل Gasoil او المشتقات الثقيلة من النفط الخام والمتبقية كنواتج من عمليات التصفية كالمازوت Fueloil.ان احد اهم الاسباب التي تحول دون تقدم صناعة الطاقة الكهربائية في بلادنا هي الموائمة الفقيرة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق حسب تأكيد ال IEEE.تقل كفاءة الوحدات الانتاجية المصممة للعمل على الغاز الطبيعي متى ما استخدمت للعمل على انواع الوقود الاخرى ولتتطلب 2 الى 3 مرات من اعمال الصيانة مقارنة مع الوحدات الانتاجية النموذجية العاملة اصلا على الغاز الطبيعي.كان تشغيل الوحدات الانتاجية على المازوت جهل وتخلف وتخريب مع سبق الاصرار بسبب كلفة شراء المواد الكابحة(Inhibitors)التي تخلص التوربينات من تأثيرات العناصر المؤذية كالفناديوم(Vinadium)المضر بريش التوربينات.
   الحكومة العراقية تبيح لنفسها تبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية،وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي.ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بشكل كبير،بالتصدي الجدي،غير الانتقائي وغير المسيس،لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.
   هل المطلوب استجواب وزير الكهرباء امام البرلمان العراقي؟ام اقالته فورا،وتقديمه للمحاكم المختصة ليلقى جزاءه؟ 

بغداد
4/7/2009

المصادر:
1.   انظر للكاتب:

•   الخدمات العامة في عراق التنمية البشرية المستدامة.
•   فساد عراق التنمية البشرية المستدامة.
•   القضاء العراقي ومسؤولو قطاع الكهرباء.
•   الطاقة الكهربائية على ضوء برنامج الحزب الشيوعي العراقي.
•   كهرباء العراق بين الواقع والتهليل والتضليل.
•   ازمة صناعة الطاقة الكهربائية في عراق ما بعد التاسع من نيسان.
•   كهرباء الجادرية– نموذج صارخ للاستهتار واللاابالية وعدم الشعور بالمسؤولية/مذكرة الى وزير الكهرباء كريم وحيد مؤرخة في 30/5/2007.
•   نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق.
•   كهرباء العراق بين الاستراتيجية الوطنية الشاملة والارهاب الابيض

2.   لفيف من موظفي وزارة الكهرباء/تصرفات وزير الكهرباء غير المتوازنة.
3.   حميد محمد الموسوي/الامر الوزاري رقم 3/عدد 6120/12-4-2008.
4.   عصام الخالصي/الكهرباء في العراق/مذكرة موجهة الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
5.   كراس(ملامح بارزة من الخطة المركزية لوزارة الكهرباء )/قصي عبد الستار.
6.   كيف السبيل لمعالجة متوازنة لأزمة الكهرباء؟/فريق من الباحثين المتخصصين/جريدة الصباح/3/5/2009 .
7.   واقع قطاع الكهرباء وآفاق النهوض به وتطويره/فريق من الباحثين المتخصصين/جريدة الصباح/15/12/2008 /العدد(1579).


152
14 تموز عيد وطني رغم انف الصعاليك



المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

من يسأل الزنزانة ؟
عن احرف مدانة
عن هجرة الارواح من اجسادها
بتهمة مدانة

من يخبر الاجنة؟
عن عالم يسنن الجريمة
يدشن المذلة
عن مخبر يراقب الحوامل
معتقدا بثورة تحاك في البطون
بسرها تعصى على القوابل

من يرفع السلاح ؟
في اوجه الخيانة
في زمن ما خانت الرصاصة
مسيرها
بل خانها الهروب
بضغطة جبانة

من يوقد الشموع بالدماء؟
في رحلة الشهيد للسماء
في ساحة حزينة
في ساحة الديار والمدينة

  تمر علينا هذه الايام الذكرى 51 لثورة 14 تموز 1958 المجيدة،الثورة الوطنية الديمقراطية التي ترقبها الشعب بفارغ الصبر،والتي سجـلت انحيازهـا للفقراء ونصرتها لنضال الشعب الكردي،وعبرت عن عجز النظام السياسي والاجتماعي المباد في حل تناقضاته الاساسية والاستجابة لمصالح الجماهير في الحرية والحياة الكريمة.من انجازات ثورة 14 تموز:اعادة العلاقات مع الدول الاشتراكية،استرجاع قاعدة الحبانية،الانسحاب من الاتحاد الهاشمي والتمهيد للانسحاب من حلف بغداد،اعلان الدستور المؤقت والغاء اغلب المراسيم السعيدية واطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين،الغاء قرارات نزع الجنسية عن العراقيين والسماح للمبعدين السياسيين بالعودة للوطن،اطلاق الحريات العامة والنشاطات الحزبية،اصدار قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 كأول قانون مدني ينظم العلاقات العائلية في العراق بعد أن كانت تخضع لشرائع وأعراف مختلف الطوائف والأديان المتواجدة في العراق وتعيين امرأة كأول عراقية تستوزر في التاريخ العراقي الحديث،الغاء سيطرة الامن على سياسة التوظيف،اصدار قانون المقاومة الشعبية والبدء بسياسة التطهير،اصدار البيان المشهور عن السياسة النفطية واصدار القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي حرر 99.5% من منطقة الامتياز الذي كان يشمل كل الأراضي العراقية من سيطرة شركات النفط الاحتكارية،تأسيس اول جامعة في بغداد،الاصلاح الزراعي،عقد الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة،اتباع سياسة التخطيط والاعمار بعد الغاء مجلس الاعمار،طرد الشركات الاجنبية المسيئة ومقاطعة فرنسا اقتصاديا،التحرر من الكتلة الاسترلينية،كما اثبتت ثورة 14 تموز المجيدة ان الملوك ليسوا من طينة غير طينة البشر فسحقتهم بالاقدام!لما ارتكبوه من آثام!
    كانت ثورة 14 تموز 1958 تدشينا لثورة عظيمة،لما احتوته من جوانب سياسية واجتماعية متزامنة الثورات الكبرى في التاريخ،اذ غالبا ما تحدث الثورة السياسية ومن ثم تعقبها الاجتماعية.كما انها سرعت بوتائر سريعة من صيرورات الارتقاء وغيرت بعمق من الاتجاهات الفكرية/الاجتماعية والفلسفية/ السياسية لدرجة اصبح معها الكم المختلف،كيفا جديدا.ان الاطار الديمقراطي لثورة تموز شمل القوانين التي نظمت حقوق الناس،ورسم منهج المستقبل الذي اطفئت انواره حين تكالبت كل قوى الشر والظلام لتوقف وهج ثورة تموز مؤقتا،ليخسر العراق زمنا ليس بالقصير من مستقبله ودخوله مسيرة الحرية والديمقراطية التي تناضل من اجلها كل الأحزاب العراقية الوطنية .
   منذ تأسيس مجلس النواب حتى قيام ثورة 1958 تشكلت واُسقطت 53 وزارة من دون ان يكون لمجلس النواب اي دور في تشكيلها او اسقاطها،لأن الوزارات كانت تتألف في البلاط الملكي،قريبا من السفارة البريطانية في بغداد،ثم تسقط بمراسيم خاصة،تكتب وتوقع في اماكن بعيدة كل البعد من مجلس النواب..وفي ليلة 23 تشرين الثاني 1952 قامت السلطات بشن حملة اعتقال واسعة شملت اكثر من 3000 شخص،بينهم اكثر من 220 من الوزراء السابقين،والنواب والصحفيين،ورؤساء الأحزاب وشخصيات سياسية معروفة وقد جرى تقديم الجميع الى المحاكم العرفية العسكرية"المستقلة"،حيث حكم على شخصين بالاعدام،وعلى 958 بالسجن لمدد مختلفة وعلى 582،وعلى عدد كبير بالكفالة.اما مجموع المدة التي سادت بها الأحكام العرفية في البلاد خلال الفترة ما بين 1932 - 1958 فبلغت 11 سنة،كما بلغ عدد المراسيم التي اصدرتها الحكومة خرقا للدستور 27 مرسوما...
   لم يكن الحكم الملكي سوى تحالف بين العسكريين(نوري السعيد وجعفر العسكري وياسين الهاشمي وغيرهم)وبين الأقطاعيين ورؤساء العشائر.من جهته أثبت نوري السعيد انه اكثر انكليزية من الانكليز،وانه رجل الامبريالية البريطانية دون منازع،هذا ما اهله لكي يكون العمود الفقري الذي تستند عليه السياسة البريطانية في العراق،ومكنته من أن يشكل 14 وزارة،في الفترة الممتدة من منتصف حزيران 1930 وحتى سقوط النظام الملكي حين قامت ثورة 14 تموز 1958.
   منذ عام 1959 والعراقيون يحتفلون بـ 14 تموز كل سنة عيدا وطنيا وعطلة رسمية،وليس مجرد مناسبة وطنية(لا تعطل الدولة فيها اعمالها).وبقي الحال كذلك  بعد انقلابي شباط وتشرين الثاني 1963،بل حتى بعد انقلاب 17 تموز 1968. لا لشيْ..الا لأن رؤوس تلك الانقلابات كانوا يدركون عمق مكانة 14 تموز في قلوب العراقيين،فيفضلون تجرع مرارة بقائه عيدا وطنيا،على استفزاز مشاعرهم واثارة غضبهم.ولم يتجاسر صدام حسين على تغيير الحال،الا بعد خروجه ونظامه سالمين من مغامرة الحرب مع ايران،وتوجهه لتهيئة مغامرة غزو الكويت.يبقى العراقيون يحتفلون كل سنة بيوم 14 تموز،يوم اعلان الجمهورية،مناسبةً  وطنية لا ريب فيها،رغم انف بعض الصعاليك من اعضاء مجلس النواب الحالي!.
   مع 8 شباط 1963 وعواء الذئاب وبيان رقم واحد المشؤوم،لاحت بشائر الاستعمار القديم والاستعمار المقنع الجديد تلوح من جديد مما حدا بالاحزاب السياسية التحول الى العمل السري مع محاولات الحكام الجهلة تزييف الحياة الحزبية بابتذال وتزوير العمل المهني والاجتماعي والشعبي،وانتشار الفساد واللاابالية والانتهازية والوصولية في اجهزة الدولة،واطلاق الصحافة المأجورة لفرض سياسة الفزع والتهديد بالويل والثبور.واشر انقلاب 14 رمضان الاسود استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية رجعية.وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية،بينما جاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن لتتكرس الهيمنة الشمولية.
    استغل البعثيون كل المعادين لثورة 14 تموز 1958 المجيدة في صراعهم من اجل الوصول الى السلطة:
•   ساند البعثيون الاقطاع ضد الاصلاح الزراعي،وحاربوا القطاع العام في الاصلاح الزراعي،وشهروا بسياسة وزارة الاصلاح الزراعي واطلقوا الاكاذيب والافتراءات ضدها وجهدوا في مضايقة خيرة الموظفين ومحاولة شل جهاز الاصلاح الزراعي.كما ساند البعثيون الاجهزة القاسمية للقيام بالمخالفات القانونية الصريحة مثل تأجير اراضي الفلاحين للاقطاعيين وجعل حق الاختيار مطلقا من قبل الاقطاع في الاراضي المجنبة خلافا لروح القانون وتأجير اراضي الاوقاف لغير الفلاحين وتزوير الجمعيات الفلاحية والتدخل للسيطرة على انتخابات جمعيات الفلاحين.وضاعف البعثيون محاولاتهم المسعورة لاجراء التعديلات الرجعية الخطيرة في قوانين الاصلاح الزراعي وتأجيل الاستيلاء على اراضي بعض الاقطاعيين خلافا للقانون.
•   دعم البعثيون شركات النفط الاحتكارية وعرقلوا القانون رقم 80 مما ادى الى تجميد القضايا الاساسية المعروفة ومنها زيادة حصة العراق من العوائد والمساهمة في رأسمال الشركات واسترداد جميع الاراضي غير المستثمرة والمشاركة في ارباح التصفية وموضوع ناقلات النفط واخضاع الشركات للقوانين العراقية.وهلل البعثيون لاعتقال عشرات الموظفين في المؤسسات والمصالح النفطية دون علم وزارة النفط،كما ساهموا بتزييف نقابات العمال والتدخل في انتخاباتها في الشركات والمؤسسات النفطية وعرقلة جهود تعريق الشركات والمصالح النفطية.
•   زحف البعث الى ساحات الخيل ضد قرارات الثورة بالغاء الريسيز وسباقات الخيل.
•   تسلل البعثيون الى جهاز الشرطة وتمكنوا من السيطرة عليه عبر مغازلتهم لطموحات ايتام النظام الملكي في العودة الى الماضي والتخلص من قوانين الثورة التي انتقدت مؤسسات الشرطة المتمرسة في ضرب الحركة الوطنية وخدمة الملكية.
•   حول البعثيون شعار الوحدة العربية الى سمكة قرش كبيرة جائعة تلتهم كل من لا يتفق مع مغامراتهم وشعاراتهم الكاذبة ويجرؤ على فضحها
•   عندما اصدر محسن الحكيم فتواه الرعناء والحمقاء بتحريم الشيوعية تحول البعثيون الى دعاة اسلاميين متشددين يحملون شعار الدفاع عن الاسلام نهارا،وفي الحانات تراهم حماة لبائعات الهوى.
•   حرك البعثيون واعوانهم سواق السيارات ضد الدولة عندما رفعت الحكومة سعر البنزين بسبب تغيير العملة.
•   تبنى البعثيون لغة القتل قبل استلامهم السلطة،وفشلوا في محاولات اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم وبمؤامرات كركوك والموصل،وبعد استلامهم السلطة وبيان رقم 13 الذي يبيح قتل الشيوعيين اينما وجدوا،هذا البيان الدموي الذي كان يقرأ من الاذاعة على انغام الاناشيد الهستيرية الحماسية"ثوار،ثوار..ولآخر مدى!!"،وحوش هبطوا علينا من كوكب آخر ولسان حالهم يقول(بعث تشيده الجماجم والدم).
•   بالنفاق السياسي والاساليب المدانة تمكن حزب البعث ان يجمع تحت خيمته كل القوميين المتزمتين والاسلاميين الاصوليين ورجال الدين المتشددين والضباط الفاسدين الحاقدين الذين تربصوا بثورة 14 تموز منذ الساعات الاولى لانتصارها،وشيوخ الاقطاع وعملاء النظام الملكي والمتضررة مصالحهم من ثورة 14 تموز،وقطاع الطرق والسراق وتجار الرقيق الابيض ومالكي خيول السباقات وعتاة المجرمين والفئات ذات السمعة السيئة ممن اطلقت العنان لغرائزها الغريبة الشاذة المتلهفة الى ارتكاب المجازر وتدفعها شهوة الانتقام من كل ما هو شريف وخير،بالارتباط والاشراف المباشر من المخابرات المركزية الاميركية والبريطانية،في الوقت الذي تغافلت فيه قيادة الثورة والقوى المؤيدة لها عن خطورة ذلك التجمع الرجعي الواسع والحلف غير المقدس الذي كان الاداة الرئيسية لوأد ثورة 14 تموز والقيام بانقلاب 8 شباط الاسود 1963.لقد ضمت تشكيلات الحرس القومي العناصر المنبوذة والتي تضمر حقدا اسودا للمجتمع.
•   استغل البعثيون تساهل الزعيم عبد الكريم قاسم واختيار الحزب الشيوعي اسلوب عدم المواجهة بحجة عدم الانجرار نحو العنف،فخيم الخوف الكبير على الوطن واستوطن في قلوب الشعب مما سهل مهمة اغتصاب السلطة واغتيال الوطن وذبح العراق وتكرار مأساة الحسين على ارض هذا الوطن المعجونة بالدماء.
•   وجدت الدول الرأسمالية في حزب البعث وحملة الفكر القومي والديني خير مساند لهم في الصراع مع المعسكر الاشتراكي ولمحاربة الشيوعية وسحق الفكر اليساري والتوجهات الاشتراكية عند الشعوب العربية والاجهاز على ثورة 14 تموز.
 
      بعد مضي نصف قرن من الزمن على ثورة الشعب عام 1958،ومع صعود نجم المخلوقات الرأسمالية المتوحشة والمتنامية في بلادنا،وتحت خيمة الاحتلال الاميركي وفي ظل التدخلات الاقليمية السافرة في الشأن الداخلي العراقي،واعادة انتعاش الحقد الاسود لطفيلية البعث وانصار العهد الملكي المباد والطائفية السياسية معا.. تجهد ماكنة السفسطة(Sophistication) وادواتها الروزخونية في بث السموم للحط من القيمة التاريخية للثورة عبر الاثارة البريئة كما تبدو للوهلة الاولى!لمجموعة تساؤلات،من قبيل: ثورة أم إنقلاب؟،ضرورة حتمية ام مغامرة؟،امكانية تطوير النظام الملكي الى نظام ديمقراطي منتخب من الشعب دون ثورة؟!،تحمل المسؤولية الرئيسية في اجهاض ثمار نضالات واحلام واماني الشعب؟،تناقضات شخصية قاسم!...الخ..وهي نفس الماكنة التي عرضت صورة ثورة الرابع عشر من تموز الى التجاهل والتشويه من منطلقات ذاتية وفئوية فترة البعث الفاشي ..بل ذهب البعض اليوم من النكرات سياسيا ولاغراض لا يعها سوى البيت الابيض في واشنطن واذنابه في قم وطهران ودمشق،ومن الذين غطوا رؤوسهم بالتراب كالنعامات طيلة عقود من الزمن كاشفين لنا فوهات عوراتهم الفاسدة فقط،الى وصف الثورة بانها أبشع جريمة ومجزرة في تأريخ العراق الحديث!...ما هي الرسالة التي ينوي هؤلاء إيصالها من خلال التساؤلات ولماذا يقلب مواجع تاريخنا السياسي المؤلم؟تبقى الاهمية الكبرى للمقولة الرئيسية:وهي ان من يشجع هذه الاقزام على خلط الحابل بالنابل هو نفسه الذي يرفض الديمقراطية و يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية،ويعتمد الروزخونية ليضع نفسه بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضع لقانون الا قانونه وشريعة الغاب.وبهذا فهو ينافس القاعدة والتكفيرين و"امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة"في سلوكهم.لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة والمطاوعة الى الحرس القومي وفدائيي صدام والحرس الثوري وعصابات الطائفية السياسية الحاكمة اليوم والامن السري لبهجت العطية ونوري السعيد الى شرطة الاداب وفرق الموت وعصابات الجريمة المنظمة الموجهة.ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.وتبرر الروزخونية جدوى الشمولية بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب ومشاريع المصالحة الوطنية دون جدوى،مسخرة لتحقيق اغراضها المؤسسة الدينية والدولة والميليشيات ورساميلها اي القوة المسلحة المقرونة بالترهيب والترغيب الديني والمادي.الصدامية والملكية والطائفية السياسية اوجه لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية،وليجر نشر العبر الاستسلامية الانبطاحية!.
    نتسامح،ننسى الماضي،لكن مع من نتسامح؟اين هم الذين يستحقون تسامحنا؟ثم لماذا ننسى،فنصفح،ونصافح؟امن اجل توفير دروب اضافية للغدر،والغادرين،وتمكينهم من العودة الى ممارسة فكرهم،وسياساتهم،وشعائرهم التي تعودوا وتربوا،بل وجبلوا وجبنوا عليها،طينة ودماً وفكراً.خلاف ذلك،تستمر صلافة وحقد الورثة الشرعيين لأرباب وفرسان شباط الأسود،باصرار وتجاوز سافرين،وراح عديد من الجلادين يفكر في"العودة"،عبر حزب بتلك التسمية،الى سلطة القتل والحروب والدمار.ثم يأتي بايدن ليطرح مبادرة العم(رئيس الادارة الاميركية)للمصالحة الوطنية مشفوعة بطلب اطلاق سراح بعض من قادة البعث الفاشي،هل لوح المعنيون ببادرة اسف،او خجل،على الأقل،ولا نقول المزيد؟.
   كانت ثورة 14 تموز استجابة ضرورية لمتطلبات مرحلة تاريخية،وتتويجا للانتفاضات الشعبية ومساعي تنظيمات ضباط الجيش،ونضال الأحزاب الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.اما العهد الملكي فلم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة في التغيير،لذا استنفد دوره وجاوزه الزمن،وقد لعب نوري السعيد دوراً معوِّقاً أكثر من غيره في هذا الخصوص والتمهيد للثورة عليه.ان نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد لم يقف عائقا امام تطور البلد فحسب،بل وسد كل السبل امام القوى الوطنية والتقدمية من ان تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية.من هنا اكتسب سقوط النظام وبالعنف مشروعيته التاريخية.ان الثورة على النظام الملكي كانت حتمية ومسألة وقت،ولو لم تقم بها اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم،لقامت بها جهات اخرى،اذ كانت هناك عدة تنظيمات في الجيش بما فيها تنظيم خاص بحزب البعث،تهيئ لتغيير النظام السياسي في نفس الوقت.لذا ونظرا لمعاناة الشعب العراقي،وتردي سمعة النظام الملكي وعداء الشعب له وتوفر الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية،كان العراق محكوم عليه بالثورة في جميع الأحوال.اما ما حصل فيما بعد،فثورة تموز كانت الضحية له وليست السبب.
   الفكر الرجعي ماكنة جهدت في تجاهل وتشويه صورة ثورة الرابع عشر من تموز.يعود نهوض الفكر الرجعي في العراق لا لاسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة،بل يعود في الاساس الى دوره القديم – الجديد كسلاح من اهم اسلحة مناهضة التقدم الاجتماعي والارتداد عن جوهر مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة،والتي بدأت طلائعها منذ السنوات الاخيرة لحكم الزعيم عبد الكريم قاسم،وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين 1963،وانقلاب تموز 1968،والاحتلال الاميركي،وانتعاش التقاليد والولاءات دون الوطنية،وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي.
   ان استعادة تاريخ نصف قرن مضى يستهدف بالأساس استخلاص الدروس المفيدة للشعب العراقي كله ولقواه السياسية الوطنية،اذ ان العقود المنصرمة،وخاصة سنوات ما بعد التاسع من نيسان،تشير الى ان الكثير من القوى السياسية لم تستفد من دروسها،ومنها نشر الفكر الشمولي،سواء اكان دينيا ام قومي،وممارسة الاستبداد والعنف في السياسة،والعمل على عزل القوى السياسية المدنية والديمقراطية بصيغ مختلفة،اضافة الى استمرار الاصرار على تشكيل احزاب سياسية تستند الى المذهبية التي تتحول في السياسة الى طائفية سياسية مقيتة وتلحق أضراراً فادحةً بالمجتمع.
   لم يغرق العراق في موجات العنف والارهاب الا بعد ان قدمت منظمات حزب البعث والتشكيلات العسكرية التابعة له العراق لقمة سائغة للتكفيريين ليوفر البعثيون الدعم المادي واللوجستي لهم بل وقادوا الكثير من العمليات الاجرامية ونفذوها او استخدموا اجساد المتبرعين للذهاب الى الجنة في تفجير ساحات تجمع المواطنين الابرياء.حمل الحكام الجدد عام 1963 الحقد الاعمى على كل القوى الديمقراطية ليباشروا بتصفية الحسابات التي راكمها حقد عشر سنوات منذ ان ظهر البعث على الساحة السياسية العراقية.
   يجتر صعاليك الفكر الرجعي المعاصر طروحات اسلافهم في مهاجمة الحركة الوطنية والديمقراطية العراقية والمنعطف الحاسم الكبير في تاريخها – ثورة 14 تموز لحزمها في كشف الاعيب القوى المناهضة لحركة شعبنا الوطنية التحررية،ولتحالفاتها.لا يدرك هؤلاء ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم  باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية او محاولات تمجيد فاشية بهجت العطية،وانما عبر المحاكم العراقية العادلة..كيف يتفق ان من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين،يمارس سفالتهم بنعومة ورقة فكرية وبواجهات دينية وطائفية هذه المرة عبر تشويه الحقائق التاريخية بقصد الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة والشيوعيين بالذات...؟
    تعزيز الفكر العلمي يعني فيما يعني وضع الحد لتقاليد كنه والجمالي،صدام حسين وزبانيته،جهلة الاسلام السياسي على تعدد اوجهه القبيحة،التقاليد سيئة الصيت التي تعاني العقدة المستعصية..عقدة مقاومة الاشتراكية العلمية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض اصحابها الى الاهانة المعنوية والايذاء المادي.تعزيز الفكر العلمي يعني مناهضة العمى السياسي بخزعبلاته من التحريفية والانتهازية،ولا شرقية..لا غربية،والشيطان الاكبر!الف لعنة على الخمينية والقومجية والروزخونية!.ثورة 14 تموز المجيدة مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية..اعداء ثورة 14 تموز،هل يستوعبون التاريخ؟
    اهم درس من ثورة 14 تموز هو انه ليس هناك من ضمانة الا الديمقراطية الحقيقية والمؤسسات الدستورية القوية التي تساوي بين العراقيين كافة،ديمقراطية تسمح بتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع.ان الصراع الذي يشهده العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003،في جوهره  يختلف كثيرا عن الصراع الذي أفضى الى  وأد ثورة تموز،بالرغم من اختلاف الزمن والظروف.انه الصراع الأزلي حول اي عراق ينبغي ان يتمخض عنه عراقنا الحالي!
   ساند الحزب الشيوعي العراقي ثورة 14 تموز وامتلك القدرة فوق اللازمة لاستلام السلطة،ومع كل ماجرى له من تعسف واضطهاد من قبل اعداء الثورة المتغلغلين في مختلف اجهزة السلطة،ظل الحزب يشكل المتراس الدفاعي الاخير عن الثورة،وانفرد بذلك وما زال يكاد يكون منفردا بالدفاع عن منجزاتها التاريخية.كلنا ثقة بقدرة شعبنا وكل قواه الخيرة على الحاق المزيد من الهزائم  بكل القوى السوداء،وتطهير الوطن من آثامها من اجل بناء العراق الجديد،عراق الاعمار والبناء والتنمية البشرية،عراق السلام،العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد الكامل السيادة.
•   تحية اكبار لثورة الرابع عشر من تموز ولقادتها الاماجد في ذكراها الحادية والخمسين.
•   سنبقى اوفياء لرجال ثورة تموز الأبطال ونضالاتهم الوطنية،الخالدة في الضمائر الحية،الانسانية على الأقل،وهي الأخلد من كل الزيف والرياء الذي لابد وان تذريه الرياح،لتبقى الوقائع راسخة،تفيض بالعنفوان والشموخ.وذلك ما نريد،ونطمح اليه بكل حرص،ونعمل من اجله بكل جهد...
•   المجد لشهدائها الميامين و لكل شهداء الشعب والحركة الوطنية.



بغداد
5/7/2009

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :


153
فساد الحكومة العراقية واللطم بالساطور الديمقراطي


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

تعبت بغداد من ثياب الدم
تعبت وبكت
وحين طلبت جرعة ماء
اعطوها قنبلة للموت وسيفا للذبح
وحين طلبت رغيف خبز
اعطوها رمحا من نار
وحين طلبت شمسا
صادوا شمس الله
حتى لا تحضر يوما ما
لشوارع بغداد

   على اثر تصاعد اهتمام الشعب العراقي بالسجالات الحادة في مجلس النواب العراقي حول فساد وزراء حكومة نوري المالكي في بغداد،وتواصل الاحتجاجات في العاصمة الايرانية على انتخاب الارهابي احمدي نجاد ثانية رئيسا للبلاد!اوعزت اطلاعات الى فرقها الخاصة مجددا،وبالتنسيق مع القاعدة وفلول البعث المنهار والمخابرات السورية،بتفجير الاوضاع السياسية الامنية في بلادنا لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية ولأدامة حكم الطائفة الواحدة!نعم،قادة العر اق الجدد صبية اي خدم تسويق بضاعة الاستخبارات الايرانية(اطلاعات)داخل العراق،يجدون في حماية كراسيهم ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لاغتيال الحركة الاحتجاجية الواعدة ضد عرابي الارهاب والفساد!ابرياء بعمر الورود وعشرات الضحايا في طوزخورماتو ومدينة الثورة البطلة والبياع والكرادة والكاظمية،مفخخات وعبوات ناسفة،واغتيال نائب في مجلس النواب بعد يومين من مساهمته الرائعة في فضح انتهاكات حقوق الانسان في اقبية وزارتي الدفاع والداخلية!
   لقد طفح الكيل ونضح الاناء بما فيه!وباتت تصريحات نوري المالكي وقادة الطائفية السياسية الحاكمة وخطبهم الضبابية النفعية المتخبطة اللاهوتية والمتسمة بطغيان الخجل البورجوازي فاضحة،الامر الذي يؤكد تمثيلهم المصالح الطبقية لكومبرادورية وطفيلية العراق الجديد بتفاني،وذات ابعاد تآمرية على الامن العراقي الوطني والسيادة الوطنية.وما يعرقل التوجه الجذري لمعالجة الفساد تلك التصريحات المتناقضة والاتهامات المتبادلة بين الجهات المعنية المختلفة،الحكومية والسياسية،ارتباطا بصراع الامتيازات،الذي يتخذ صيغا مختلفة،بينها طائفية ومذهبية.وما يزيد الامر تعقيدا شيوع منهجية"التسييس"بعواقبها الوخيمة،بينها طمس الحقائق والسعي الى تطويعها وفقا للمصالح الحزبية والفئوية الضيقة في ظل الفوضى وغياب دولة القانون والدور الرقابي الفاعل للبرلمان،وفي اطار صراع المصالح،والاجراءات الحكومية الترقيعية،ومنهجية شراء السكوت المتبادل!
   نعم،يمر عراق التاسع من نيسان منذ صعود نجم القائد العام للقوات المسلحة الضرعام نوري المالكي بكارثة سياسية واجتمااقتصادية تتسم بأسوأ ما في القاموس الظلامي والاستبدادي والتكفيري والقمعي من ممارسات فعلية،بسبب التمادي في الاستهتار واللاابالية وضعف السلطة الراهنة وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية.والمطر الحامضي الاسود هذا ليس بمعزل عن تآمر قوى الإسلام السياسي العراقية جمعاء،والمرتبطة بهذا الشكل أو ذاك بالحكومة الإيرانية وبالجماعات الإيرانية المتطرفة وسوريا وحزب الله،والتي  تهيء المناخ السياسي والأرضية الصالحة لانتقال المزيد من أتباع قوى الإسلام السياسي التي تسمى بالمعتدلة الى مواقع قوى الاسلام السياسي المتطرفة بأمل السيطرة الكلية على السلطات والصعود على اكتاف الاخرين واستلام مقاليد الامور بأي ثمن وتطبيق ما عجزوا عنه حتى الآن..اي فرض الدولة الدينية الظلامية الشيعية!وبحجة وكالة الله في الارض!الحكومة التي ايدناها وما نزال نؤيدها لانها حكومة منتخبة لازالت منشغلة بالتصريحات والوعود فقط بينما الكيانات السياسية لم تعرب عن يقضتها.
    نعم،فاز الائتلاف الموحد في الانتخابات وحصد اصوات الشارع بملحمة تخللتها الانتهاكات السافرة،لكنها عبرت عن حجم المظلومية والارتباط العميق بالمرجعية الدينية والهالة المقدسة،ماذا كانت النتيجة؟اعضاء في القوائم الطائفية لا يفقهون شيئا ووزراء فاسدون لا يملكون ادنى تحصيل علمي،فضيحة ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد،وشر البلية ما يضحك!.مجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشين باسم الاسلام حتى قالت جماهير محافظة جنوبية:(محافظنا حرامي والتعيين بعشر اوراق)اي ان التوظيف في سلك الشرطة يحتاج الى الف دولار كرشوة،وغدت اغنية حسام الرسام(حامينا حرامينا)الاغنية الشعبية الاولى في الاحياء الكادحة من بغداد.
   الادهى من ذلك كله،في كل مقابلة او مواجهة او حوار ومحاورة،يرفع نوري المالكي نفسه اصبعه مهددا ولاعنا الطائفية والطائفيين والعمل على القضاء عليها متغابيا هو وحزبه والاحزاب المؤتلفة مع حزبه انهم هم الذين أسسوا وبدأوا وتمسكوا ولا زالوا متمسكين بالطائفية،وهم الذين أسسوا الاحزاب الشيعية،لا يدخلها احدا غير المؤمن بشباك عباس وبقرب ظهور المهدي المنتظر،المؤمن والملتزم باللطم على الحسين وعبادة قبور اولياء المعصومين،ولابسي المحابس الفضية المزينة بعين زرقاء دفعا للبلاء!!
    الادهى من ذلك كله ان ينصب مسؤولو الحكومة العراقية،وفي مقدمتهم رئيس الوزراء،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره!مسؤولو الحكومة العراقية يتصرفون بعقلية الملا والاغا والشيخ وكأنهم مدراء لشرطة الآداب،وليس كممثلي الشعب بكافة طبقاته وفئاته واديانه وافراده مهما كان تفردهم واختلافهم الديني والذوقي والقومي والاخلاقي.ويتبارى مسؤولو الحكومة العراقية في الاهمال الجدي وغير المسؤول لارادة ومطالب ومشاعر المجتمع والتصرف باسمه وكأنهم الممثلون الشرعيون والوحيدون لهذا المجتمع بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية.يصل الأمر برئيس الوزراء الكيل بمكيالين،اهمال مجلس الوزراء والوزراء والتصرف بقرارات فردية غير مدروسة وغير مقررة،منطلقا من ذهنيته الدينية المحافظة!من جهة..وتهديد مجلس النواب بفتح ملفات كل اعضائه اذا تمادوا في الكشف عن عورات وزراءه!من جهة اخرى.يتحدث مجلس الوزراء عن محاربة الفساد ويوفر الغطاء للمفسدين من وزراءه وكبار مسؤوليه في أن!ان حكومة ليس فيها من يعترف بتقصيره،مصيرها واحد هو الدكتاتورية والفشل معا!
    لماذا يجازف المالكي بكرسي لم يكن يحلم يوما ان يعتليه؟الا اذا كان متقصدا في ذلك تهربا من المسؤولية.ومن اعطى المالكي الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالحه الشخصية،ومصالح الدعوة الاسلامية التي تناثرت شظاياها لتصبح عدة احزاب،لم يكن نصيب المالكي منها الا الفتات؟الطائفية السياسية العراقية الحاكمة تعتبر إيران بعدا وعمقا استراتيجيا لها ولنشاطها وتأخذ منها العون والنصيحة والدعم المتنوع.الشعب العراقي يعتبر ايران بعدا وعمقا استراتيجيا للارهاب الاصولي الاسلامي السياسي والارهاب التكفيري والارهاب الصدامي والفساد معا!
  يواصل حكام ايران السير على طريق صدام حسين،وسينتهون الى نفس المصير الأسود الذي انتهى اليه الدكتاتور الأهوج.
   الشعب العراقي لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي.


غيض من فيض الدراسات والمقالات التي كشفت عن فساد الحكومة العراقية خلال ايار 2009 فقط



27/6/2009
بغداد


راجع دراسات الكانب :

•   نوري المالكي.. لماذا هذا اللف والدوران والمراوحة في نفس المكان؟.
•   نوري المالكي وحجي عباس..الى اين يقودون العراق؟
•   العراق لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي.



154
شلتاغ مياح في القائمة السوداء للشعب العراقي

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

يا ويلتا من أمة في عقرها     يتزعم الشرير فيها الخيرا
فلتحذروا منهم ومن أمثالهم    يطغون فينا كي نعود القهقرى
وحـذار منها فتـنة تغتـالنـا      قد يحرق اليابس فيها الأخضرا
هيـا أبا تحسين أين نعالـكم     ليلـقن الأشرار درساً أغـبرا
اخشى اذا ما دام هذا حالنا      تجلوا قوى الأخيــار كي نتـناحرا

   في محاولة جديدة لامتصاص حدة الانتقادات اللاذعة التي يوجهها الشارع العراقي اليوم لمظاهر الفساد المستشرية في اروقة مجلس الوزراء والوزارات العراقية وخنازير القطاع الخاص والتجاري،وآخرها فضيحة السوداني!وبناء على تعليمات الاسياد في قم!،والسباحة في مستنقعات القدرة على تنفيذ ما عجز صدام المجرم عنه!،اصدر محافظ البصرة الجديد شلتاغ مياح اوامر مشددة،منع بموجبها الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،وشرع افراد حمايته باعتقال المخالفين!
   يتواصل مسلسل القادسيات الايمانية،التي استهلها صدام الكلب بحملته المعروفة البائسة،كما تعرضت المرأة العراقية في العهد الدكتاتوري لكثير من صور العنف من أبرزها المقابر الجماعية التي ضمت الكثير من النساء،وواجهت المرأة منظمة اتحاد نسائي لا تمثلها وهي مرتبطة بالأجهزة الأمنية للنظام وتأتمر بأوامره،وتعرضت للذبح بما يسمى بسيف صدام بدعاوى وهمية غير مؤكدة تعتمد على وشايا البعض،وجرى تشريع قانون في عام 1990 يحلل قتل المرأة التي يشتبه بأنها ارتكبت جريمة تخل بالشرف دون محاكمة أصولية بل عبر لجنة أمنية تهدف الى فرض هيمنة النظام المستبد.واليوم ينصب المحافظون الجدد ومسؤولو الحكومة العراقية،وفي مقدمتهم رئيس الوزراء،انفسهم متحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء ومتخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،وليذكرونا بمهازل خير الله طلفاح!قادسيات ايمانية،بدءأ من محاولة طراطير مجلس النواب العراقي منع تعاطي المشروبات الكحولية،لتغطية عوراتهم الفاسدة وادمانهم على شرب كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة!وانتهاءا بالنكرة شلتاغ مياح! 
   بالنسبة الى مياح،منع الكازينوهات والمتنزهات من اقامة الحفلات او السماح باختلاط الرجال مع النساء،محاولة يائسة على طريقة نوري السعيد لتكميم افواه الناس،لانه لا يزال يعيش في عصور ماقبل التاريخ.اليوم لا يضمر الشعب العراقي  الفساد والافساد  في النفوس،انما يتحدث به جهارا في الشوارع والازقة،في المقاهي والمنتديات،في الدهاليز الحكومية،بين افراد العائلة.يتحدث عن الوزير او نائبه او المدير العام او الموظف وحتى التاجر والمرابي والاسطة والمهربجي والشيخ ومولانا الذين ما انفكوا يسرقون ويسرقون ويشترون العقارات داخل المدن العراقية،او خارج العراق في دبي وعمان،او يفتحون المكاتب التجارية(النشيطة)هنا وهناك،او يودعون المبالغ الخيالية في مختلف المصارف!!وهناك من المسؤولين الكبار من يعمل في جريمة تهريب المشتقات النفطية والآثار العراقية والمخدرات بتآزر اطراف مختلفة وتعاون اجرامي من دول الجوار العراقي.
   سلطة التكتم على الفساد الحكومي وغير الحكومي ما هي الا سلطة تدميرها الذاتي.وعلى مفوضية النزاهة  الحصول على السجلات والوثائق التي تدين قطط الفساد والافساد السمان بما في ذلك انظمة شؤون الموظفين الداخلية،والاسرار التجارية والمعلومات التجارية او المالية ذات الامتياز او السرية،والمذكرات او الرسائل ضمن الوكالات والشركات او في ما بينها،والمعلومات الشخصية والطبية والملفات المماثلة،والسجلات او المعلومات المعدة لفرض تطبيق القانون،والمواد المتعلقة بعمليات التفتيش والتنظيم للمصارف والمؤسسات المالية،والمعلومات والبيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية كما الخرائط المتعلقة بالآبار.
   يتجلى الفساد والافساد على المقاييس السودانية والمياحية في عراق الخير والحرية اليوم في القــرارات الفردية،وعدم الالتزام بقواعد القوانين المرعية بما فيها الدستور،والتجاوز على صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية،اي ذات الطريقة اللاديمقراطية  التي تعتمد على الوساطة والمحسوبية والمنسوبية والمنافع الشخصية التي اضرت ضررا بليغا بسمعة وسلوك الحكومات التي قادت و تقود البلاد بعد التاسع من نيسان 2003.وهذا النهج الارعن لا يخلق المعارضة الواسعة من قبل الشعب العراقي والقوى التي ترى في تطبيق القوانين واحترام الهيئة القضائية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية دليلا على نزاهة الحكومة في تطبيق العدالة والقانون فحسب بل هو نبراسا للفساد والافساد.
    لن يسمح المجتمع العراقي اليوم للمواطن بالتمتع بمدى واسع من حرية التعبير الفردية فحسب،بل عليه فتح العمليات التداولية للحكومة ومجالس المحافظات امام نور شمس التدقيق العام.وعلى الاجراءات التشريعية والادارية والقضائية،ان تكون مفتوحة امام الشعب بشكل تلقائي.ان خطر الفساد يكاد يساوي خطر الاحتلال او خطر الارهاب،ومواجهة الفساد والمفسدين تعتبر من المهام النضالية ذات الاولوية التي يجب ان يتصدى لها كل المجتمع.اما العمل على استئصال الفاسدين والمفسدين،من امثال السوداني ومياح،لصالح عموم الشعب وارساء قيم المؤسسة وحكم القانون واستقلالية القضاء،وتقويض مملكة الفساد حتى لا يطفو على السطح الفاسد غير الكفء وفاقد المصداقية،واما القراءة على عراق الخير السلام!...وعليه،وقبل فوات الاوان،وجب فسح المجال للشرفاء ونظيفي الكف والأكفاء لانهم مهما كان انتماؤهم السياسي او الفكري او المناطقي،فهم ممن يعتز ويفخر بهم الشعب،وليغلق المياح واتباعه دكاكين الهاب ظهور اهالي البصرة بسياط العدل والرحمة،والتي اتسعت في الانتخابات الاخيرة!
   هل يعتقد شلتاغ مياح انه اكثر قوة وجبروت ودكتاتورية من صدام الذي علقه العراقيون بحبل من ليف ووضعوه في كيس من اكياس النفايات،وهل هو اكثر صلابة من نوري السعيد الذي قطعه الشعب اربا اربا؟وهل المنتديات الاجتماعية محصورة فقط لاصحاب اللحى من ابطال القادسيات الجديدة!؟
    لا يحاصر الفساد الا بتوسيع رقعة الديمقراطية واطلاق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه،بعد ان رسخته الصدامية في بنيانها المسخ والطائفية الدينية والسياسية في جسدها الوسخ،واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية والخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة..

بغداد
5/6/2009


155
نحو استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الارهاب الابيض في العراق


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

"اذا سرق فيهم الغني تركوه واذا سرق فيهم الفقير اقاموا عليه الحد"
"من غشنا ليس منا"
"واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون،الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"

المقدمة
ثقافة الفساد وانقلاب المفاهيم
هوة الفقراء والاغنياء
غسيل الاموال والشركات الوهمية
فساد عسكري وميليشياتي
العمليات الانتخابية
المحاصصة والتوافقية
معوقات ام معرقلات
الوعي القانوني


•   المقدمة

   يتحول الفساد(Corruption)من ظاهرة(Phenomena)الى نظام وطريقة للحياة في بلادنا، وآلية لعمل دوائر الدولة العراقية وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية.واهم مظاهره الرشوة التي تتعدد انواعها،واهمها الرشوة التي تدفع من اجل الحصول على منفعة ما،وبالاخص المنافع الحكومية،وكذلك لتحقيق المآرب والمصالح الخاصة.لقد تحولت الرشوة في بلادنا الى لزوم مهم للمشاريع ولتسيير بعض حلقات العمل الاداري هنا وهناك،وممارسة اجتماعية ناجعة للحصول على الحقوق.ولا يمكن لكاشفي وفاضحي الفساد الاستمرار،ما لم يكونوا ذوي نفوذ وقدرة وسلطان،والا عليهم الهروب او التراجع!
    ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!
     الفساد مؤسسة لها ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني.والفساد جريمة لا تضبط بسهولة لانها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالاخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر،وعندما تسود فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ونهوض الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية بديلا عن القانون.
   لم تتخل الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف فيها،هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم.الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها،رغم تشريع دستور دائم،ويقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة!وتبدو الالاعيب الادارية،واختلاق المبررات،والاختلاسات والرشاوي،والابتزاز،وممارسة التجارة غير المشروعة،وغسيل الاموال،سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف،واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات،محاباة الاقارب والاصدقاء والمعارف،سوء استغلال المعلوماتية للتداول بالاسهم،...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم.ويؤثر انتشار الفساد عبر الرشاوي والاكراميات مقابل الحصول على الخدمات والتراخيص والمستحقات ورفع الاسعار،سلبيا على مناخ الاستثمار والتنمية الاقتصادية.
   اسهمت عوامل كثيرة في انتشار الفساد السرطاني بالعراق،ومنها اتباع نظام المحاصصة في الدوائر السياسية وجميع مرافق الدولة واجهزتها(للفساد محاصصة تحميه)،الازمات الدورية بين حكومة المركز والحكومات المحلية وهشاشة الرقابة والاشراف،عدم متابعة الاموال التي قدمتها الدول المانحة للعراق وبخاصة التي قدمتها القوات متعددة الجنسيات الى الوزارات او الحكومات المحلية لاقامة مشاريع معينة بعيد التغيير، الامر الذي جعلها في عداد المال السائب الذي يشجع ضعاف النفوس على السرقة،تواضع الاجراءات القانونية اللازمة بحق اعلام الفساد،الفساد الاداري وعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب،الفساد السياسي و(اسكت عني واسكت عنك)،عدم وجود الكشوفات المالية المطلوبة من وزارة المالية والدوائر المرتبطة بها تبين من خلالها ديناميكية الايرادات والانفاق!.
   ان الفساد المتفشي في اغلب مؤسسات الدولة كان ولا يزال احد الروافد الحيوية المغذية لعوامل العنف المباشر ومصدر تمويل ثري بالنسبة للجماعات المسلحة،فضلا عنه كونه وسيلة غير شرعية لدى بعض الاحزاب المشاركة في العملية السياسية،لتمويل نشاطاتها واثراء بعض اعضائها دون مراعاة لحقوق بقية المواطنين.لقد وقف الفساد وراء حرائق المؤسسات الحكومية،وحرائق اخرى بضمنها ماحدث لعدد من الاسواق التجارية!جعجعة السلاح تتعالى وطبول الحرب تدق ايذانا بوجود منازلة كبرى بين اعلام الفساد ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن المال العام!لمصلحة من يـُحصّن الفاسدون؟

•   ثقافة الفساد وانقلاب المفاهيم

   لازال العراق يقبع في مقدمة قائمة الدول"الفاشلة"التي تصدرها تقارير المعاهد العالمية،ومنها مجلة"السياسة الخارجية"الامريكية وصندوق السلام العالمي،والدولة"الفاشلة"هي الدولة التي لا يمكنها السيطرة على اراضيها،وعادة ما تلجأ للقوة،وتفشل حكومتها في اتخاذ قرارات مؤثرة،بالاضافة الى عدم قدرتها على توفير الخدمات لابناء شعبها،فضلا عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي،وعادة ما تشهد معدلات فساد وجريمة مرتفعة.وتعددت اشكال الفساد في العراق فمن الروتين القاتل الذي لا يتحرك الا بالرشوة،الى الغش وتزوير العلامات التجارية الوطنية والعالمية على الأغذية والصناعات التجميلية والأدوية،وتزوير الوصولات والمعاملات،الشهادات العلمية المزورة،الى تجارة الاعضاء البشرية،تهريب النفط وتجارة السلاح والمخدرات والادوية،تزوير العملات والوثائق والمستندات الحكومية،المتاجرة بالنساء،تجارة الاختطاف لقاء الفدية او تأجير القتلة لتنفيذ التصفيات- وبينها تصفيات بحق المعترضين على اللصوصية والفساد،مرورا بتجارة النفايات واستخدام الاساليب العصرية  في عمليات الاحتيال والنصب الالكتروني المنظم التي لا تترك اثرا او دليل ادانة للجاني.اتساع التزوير في خدمة من؟ولمصلحة من؟
   مصادر في وزارة التعليم العالي العراقية اعلنت ان آلاف الشهادات العلمية المزورة تسربت الى العراق من ايران وبتخطيط من جهات استخباراتية ايرانية(ما يقرب من 45 الف شهادة ووثيقة تحمل اختام وتصديقات جهات علمية واكاديمية ايرانية)وتم اعطاؤها لعناصر موالية لايران لمساعدتهم على اشغال مواقع وظيفية مهمة في العراق،ليتمكنوا من خدمة المخطط الايراني الرامي الى اقصاء جميع العراقيين الذين يرفضون النفوذ الايراني في العراق،وفي محاولة لتخريب العملية التعليمية في العراق.وقد طالب مجلس النواب المسؤولين العراقيين من درجة مدير عام وصولا الى رئيس الجمهورية بتزويد المجلس بشهاداتهم الدراسية المصدق عليها من الجهات العلمية التي اصدرتها،لكن لم يقدم اي من المسؤولين شهادته للمجلس.ان اخطبوط ومافيات التزوير التي قامت بتزوير 45 الف شهادة لقادرة على اشاعة الفساد في كل مرافق الدولة،ووقف اي نشاط مثمر ونزيه لها،واية خطوة لاشاعة الاستقرار وسيادة القانون ودحر الارهاب والعبثيين في بلادنا.
   يمتلك الفساد ثقافته التي تمنح التهور صفة الشجاعة والتبذير صفة الكرم والسخاء،والبخل صفة الاقتصاد واللؤم صفة الحصافة،وتزور كل المفاهيم والقيم وتعطيها معان جديدة فارغة،وتفرغ المصطلحات من كل مفهوم!ومع الفساد لا يجد المتقدم لطلب العمل الفرص متكافئة امامه!ولا يجد المواطن الواقف في طابور ما نفعا من هذا السلوك فالمخالفة انفع من الانصياع للنظام العام،ويلطم صاحب الحق على فمه كي لا ينطق بكلمة حق!،ويهان ويحتقر العالم والمفكر وذوي الخبرة والاختصاص،ويجل اصحاب المال ورجال الاعمال فقط،ويتحول السارق والمختلس الى سبع وشاطر،ولا يجر الخجل من السلوك الخاطيء وممارسة كل فعل منحط بسبب كون الناس جميعا يفعلون هكذا!
    بالبيروقراطية الراهنة لا يختلف موظف اليوم شيئا عن موظف الامس بل هو مكمل لمسيرة الامس التي طواها الزمن،حيث لازال معظم الموظفين في اجهزة الدولة الحديثة يعاملون الناس باسلوب عنجهي متشنج بمجرد الاختلاف معهم في الرأي،حتى يصبح الموظف في بعض المواقف كأنه خصما للمواطن المراجع حول قضية تخصه،فيصر على عدم انجازها مهددا المواطن بلغة سمجة"اذهب واشتكي اينما تشاء..فهذا باب المدير العام..وذاك باب الوزير."!
  الطفيلية،من جهتها، تلهث وراء الربح الحرام والمتضرر هو المواطن العراقي،مستغلة غياب الرقابة وضعف الأجهزة الأمنية والتقييس والسيطرة النوعية.الفساد موشور هندسي تراه من كل جانب بوجه ولون!ويرتبط الفساد في العراق بالمعضلات الأخرى من غياب الأمن والخدمات،وتفاقم البطالة، وتدهور الوضع الاقتصادي والمعاشي،حتى الاحتراب الطائفي،وانتهاك حقوق الانسان والصراع على النفوذ!
    لثقافة الفساد ابعد الآثار السلبية على عملية الاعمار واعادة الاعمار والبناء،وتزدهر مع انتعاش"بيزنس الحرب"والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية،تزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط ولا فحص ولا كفاءة او جودة منتوج.ومن عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية،غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية،الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف!
   لثقافة الفساد الآثار السلبية على ذوي الدخول المحدودة والكادحين وفي تلبية احتياجات المواطنين الضرورية من الخدمات العامة كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الطبية وحق العمل لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم،وغيرها من القضايا التي تشكل عائقا امام تطور المجتمع العراقي اقتصاديا واجتماعيا.لثقافة الفساد اكبر الضرر على البطاقة التموينية ليجر استقطاع النسبة الكبرى من اموال البطاقة للعمولات والرشى والمتبقي يذهب الى مواد رديئة قليلة الكمية لا تغني ولا تسمن،مواد تالفة وغير صالحة للمستهلك ومواد فاسدة تضر باوراحنا وصحتنا،الى جانب عدم انتظام توزيعها على المواطنين،والفساد هنا يستهدف الغاء البطاقة التموينية تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي!
   نحن في مواجهة ثقافة مستشرية في المجتمع خرجت من كونها جرما اقتصاديا او اخلاقيا،وتطورت الى ممارسة اجتماعية متجذرة في المنظومة الاخلاقية العراقية!تقابلها ثقافة وطنية ديمقراطية لازالت تحبو لتحارب الفساد وتقوضه وترمي بضوء الشمس على ملفات ووثائق مدفونة تحت ارض المحاصصة والصفقات السياسية.
   وفق التقارير المعتمدة لهيئة النزاهة،فقد بلغت خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى يومنا هذا(250)مليار دولار بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي،وخسر العراق خلال هذه الفترة(45) مليار دولار من تهريب النفط الخام و(45) مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية،وجرى حرق(600) مليون متر مكعب من الغاز سنويا دون ان ترف لها جفون قادة عراق اليوم..وتم انفاق(17)مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال نفس الفترة،والكهرباء تسير من سئ الى أسوء!رغم تحسن الوضع الامني بشكل كبير في كثير من مناطق العراق وانخفاض العمليات العسكرية.

•   هوة الفقراء والاغنياء

     يعكس الفساد الوشائج البنيوية الطبقية في المجتمعات الاستغلالية،ويمتلك المحتوى الطبقي عبر الترويج لأفكار الطبقات البورجوازية وبالاخص الكومبرادورية والطفيلية والبورجوازية الصغيرة(الديمقراطيـة الليبراليـة...)،وهي طبقات انانية الطابع مبتذلة مشبعة بالقسوة الاستفزازية والاغتراب والانعزال،تتمسك بالمسرح السياسي ومواقع اتخاذ القرارعبر شتى الوسائل ومنها الفساد والافساد،طبقات تعتمد عليها قوى الاحتلال في تنفيذ مآربه ومصالحه.عندما تنتشر الرشوة والفساد في بلد ما فهذا لا يدل على فساد الضمائر فحسب وانما يدل على سوء توزيع الثروة!ويؤدي انخفاض القدرات الشرائية وحجم الطلب على السلع بسبب تدني الاجور والرواتب الى الركود والكساد الاقتصادي وانحسار العرض ونقص الانتاج،بينما يخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين الذين يتاجرون بارواحنا قبل اقتصادنا ولقمة عيشنا،وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية.
    يتقوى عود الفساد بالقدوة السيئة التي يضربها الحكام والمسؤولين واصحاب الجاه والنعيم ورجال الدين،واهتزاز نظم القيم،ونقص مستويات الوعي والمعرفة،والفقر والحاجة والبطالة،والجشع والجهل والامية الى جانب فساد الانظمة وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها.يتجلى الفساد هنا في الابتزاز اليومي بالمساومة على امن وكرامة واعراض وراحة وارواح المواطنين بالترهيب والترغيب ليتحول في نهاية المطاف الى سمة ملازمة للترهل البيروقراطي،والكسب غير المشروع،والغش التجاري والصناعي،والتهريب،وشيوع مفهوم السلطات – المزرعة!
   ماذا حصـد ويحصـد الملايين مـن فقراء بلادنا وابناء شعبنا؟لا شيء غير البؤس الموروث،لا شي غير دموع الأحباط وخيبـة الأمـل وحسرة اوجاع الانتكاسات والدمار والموت اليومي،واستمرارية وراثة الجوع والجهل والأوبئة والعبودية المركبة،غير آلاف المهجرين والمهاجرين وآلاف الأرامل والعوانس وآلاف الآلاف مـن الأيتام والآلاف من بنات وابناء هذا الشعب المقدام الذي ابتلعته العصابات المنظمة.لا يملك 65% من العوائل النازحة(يقرب عددها من ربع مليون عائلة)دورا سكنية،وان 15% دمِرت منازلها او اغتصِبت على ايدي عصابات وميليشيات.
   الفساد يخفض من مستوى الاستثمار،ويحد من المنافسة ويزيد الانفاق الحكومي،ويخفض الانتاجية ومعدلات النمو،ويخفض التوظيف في القطاع العام،ويقوض حكم القانون ويزيد عدم الاستقرار السياسي ويساهم في ارتفاع معدلات الجريمة.الفساد يشيع مناخ تدمير مؤسسات القطاع الصناعي العام تحت ذريعة"اعادة بنائها"،على نحو يؤدي الى افلاسها وعرضها للخصخصة باسعار بائسة تحت راية"الاستثمار"،وهو نهج يلحق افدح الاضرار بالصناعة الوطنية واقتصاد البلاد،ويفاقم جيش البطالة،ويستهين بمعاناة الكادحين ومستوى حياتهم،امتثالا لضغوطات ومصالح مؤسسات النهب المالي الدولية!
   الفساد المنظم والشامل يبشر بشيوع الشبكات المترابطة للفساد من القمم المتربعة على رأس الهرم المجتمعي والحكومي،والنهب الواسع للمال العام عن طريق الصفقات الوهمية وتحويل الممتلكات العامة الى مصالح خاصة وبحجم كبير!شبكات منظمة فيها مسؤولين حكوميين وافراد عصابات ومهربون ومعدات تنفيذ من وثائق مزورة واسلحة ووسائط نقل وصلات مع شبكات وتجار خارج الحدود.وزراء يتحصنون بالشراكة التجارية مع النواب لتجنب الاستجواب،وليخفق مجلس النواب في تطبيق الدور الرقابي،وليصبح المواطن هو الخاسر الوحيد!شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن".
    استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها مهندس المقابر الجماعية،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال وصراع السياسيين على السلطة. يبدو ان الخراب الذي ورثته البلاد من نهج مهندس المقابر الجماعية لم يكن كافيا لاشباع نهم الشهوات المريضة للمؤسسات المالية الدولية،فهي تسعى،بدعم من سادة الخراب"المحررين"،وسادة الصراع على الامتيازات"المقررين"،الى المزيد من افقار الملايين من البؤساء والجياع والمحرومين لصالح حفنة من المتنعمين والمتخمين ومن يكنزون الذهب والفضة ويرفلون بالدمقس والحرير!
  مشاريع الاعمار تعج بالفساد المنظم،وهناك اطراف سياسية مستفيدة من هذا الفساد،مصالح متبادلة بين بعض الاطراف السياسية تمنع اي محاولة للكشف عن قضايا الفساد.وبينما يؤكد المقاولون وممثلو الشركات انهم  يعطون رشاوي للجهات الرسمية،فان جميع المسؤولين يلتزمون الصمت حينما يتعلق الامر بالفساد الاداري في مؤسساتهم.واذا كان الفساد وما يزال يلاحق عندما تفوح رائحته وليس بالامكان(طمطمته)بالنسبة للمقاولين والشركات الاجنبية بدرجة ما،ويكشف عن مختلسين ومحتالين ويقدمون الى القضاء وتسترد اموال منهم،فان الامر بالنسبة لنظائرهم وشركائهم العراقيين يكاد يكون معدوما،فلا يكشف عن حجم الفساد ولم يقدم فاسدون الى المحاكم ولم يسترد دينارا واحدا من الذين اهدروا المنح والمساعدات الاجنبية .
    اصبحت المنح والتخصيصات للمشاريع غنيمة ينفذ بها الذين يعرفون من اين تؤكل الكتف،ويزداد ابطالها غنى وتتفتح شراهتهم على مصراعيها للحصول على المزيد وابتكار وسائل جديدة لحلب المال العام وتوريط آخرين وازاحة كل من يقف في طريقهم.بين ليلة وضحاها اصبحت لدينا فئة من حديثي النعمة الاميركية،يملكون المليارات ويضاربون في السوق،وامتلكوا جبروت المال والسلطان،ليعيثوا فسادا!

•   غسيل الاموال والشركات الوهمية

    شرعت الحكومة العراقية اثر تدهور الاوضاع الامنية في البلاد بتشكيل عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها،ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها حتى يومنا هذا في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها!حالها حال محاولات اسدال الستار على فضائح فساد برنامج النفط مقابل الغذاء كأكبر فضيحة مالية في تاريخ الأمم المتحدة،وفساد مسؤولين رفيعي المستوى في المنظمة الدولية،ومحاولات طمس الحقائق عن نهب المليارات من اموال شعب يعيش اكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر،على الرغم من ضخامة ميزانيته.كانت الاموال التي اهدِرت او ذهبت في فساد عقود ما بعد التاسع من نيسان،اكبر عملية تربح من حرب في التاريخ. لماذا اصبح في العراق اكبر فضيحة فساد في التاريخ؟لماذا تعبق الاجواء العربية والعالمية برائحة الفساد النتنة والنافذة التي تزكم الأنوف،من حين لآخر في العراق؟
    لم تشهد السنوات الست الماضية تشييد مصفاة واحدة في العراق،على الرغم من العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لانشاء مثل هذه المشاريع،ولمدد تتراوح بين السنة والستة اشهر.واسهم الغاء لجنة الشؤون الاقتصادية وتحويل صلاحياتها الى الامانة العامة،في اتساع رقعة الفساد.ان معظم العقود الضخمة تبرم دون السماح للجهات الرقابية،خصوصا هيئة النزاهة،بالاطلاع او التحقيق فيها.
    البنك المركزي،من جهته،يفتقر الى خطة لتنظيم عمل المصارف الاجنبية في العراق بسبب سياسة المحاصصات الطائفية والاثنية التي عرقلت الآليات المعتمدة سابقا فيه.اما الاموال المودعة في فروع بنوك الدول المجاورة فانها بحكم المسروقة،فضلا عن نقص الارصدة في هذه المصارف التي جاءت الى العراق لسرقة اموال العراقيين لا لمساعدتهم،وهي بالحقيقة شركات لتوظيف الاموال بشكل غير مشروع واستثمارها في مشاريع وهمية.ويعود ظهور الشركات الوهمية الى ضعف الجهاز المصرفي العراقي ومحدودية انتشار مؤسساته،وسهولة الاحتيال على مدخرات صغار المستثمرين!لهذه الشركات الدور التخريبي الاكبر في غسيل الاموال واخراجها الى خارج البلاد واستلاب مدخرات المواطنين وامتصاص الزيادات في رواتب الموظفين.وتعتبر الشركات الوهمية من اخطر الظواهر التي تعرض الاقتصاد الوطني الى الشلل وآفة تنخر بالجسم الاجتماعي،لما تقوم به من سحب مدخرات المواطنين باكثر الطرق خسة عبر اسلوب الاحتيال والخداع،مستغلة بشكل فظ جهل الناس بالقوانين وضعف الرقابة الحكومية،وربما تعتمد من بين امور عديدة على دعم بعض المسؤولين الذين يقومون بالتغطية عليها مستغلين مركزهم في الدولة.
  ان ظاهرة غسيل الاموال،المتجسدة في صفقات استيراد السيارات وانتعاش سوق العقارات في بلادنا على يد عناصر لم تكن معروفة باية قدرات مالية تمكنها من ذلك،تؤثر بشكل خطير على الاقتصاد العراقي،فهي نتاج مخرجات(Outputs)الانشطة الاجرامية بهدف تمويهها واخفاء مصدرها الاصلي،حيث يجري ابعاد الشبهات ونظر السلطات المختصة عن مصدر الاموال غير المشروعة.كل ذلك بهدف اخفاء الاموال من المصادرة او التهرب الضريبي،حيث تبرز انشطة تهريبها خارج الحدود لتكون خارج صلاحيات وقوانين او تعليمات مشرّعة لهذا الغرض،ثم يتم استثمارها في مجالات تجارية او تداولات تضفي عليها طابع الشرعية.
     يضيع غسيل الاموال مصدر المال المودع بعد سلسلة تحويلات بين المصارف والبنوك الوطنية والاقليمية والعالمية ليستقر في احداها مسجلا ولادة جديدة مخترقا معترك التجارة ليستمر بالنمو والتزايد محققا مكاسب ونجاحات في بناء صرح مالي يفوق الخيال مع بقاء الشكوك عالقة به رغم اتباع الطرق القانونية الرسمية!لان حقيقة الولادة جاءت باساليب غير شرعية وبطرق ملتوية!ترى كم من الارصدة لأحزاب ومنظمات وشركات وافراد باسماء وعناوين وارقام وهمية تصول وتجول في الاسواق الوطنية والدولية؟عملية غسيل الاموال مضمونة وحجمها كبير يتناسب مع حجم الاستثمارات الاجنبية واستقرار سعر صرف النقد الاجنبي!ونمو معدلات السيولة النقدية والمالية في السوق الوطنية!اي نمو التدفق من الخارج ومع تدفق رؤوس الاموال الوطنية بسبب اعمال الفساد!غسيل الاموال – تدوير الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة في استثمارات شرعية بهدف اخفاء مصدرها الحقيقي.المقصود هو التوظيف في سبيل التدوير لا الجدوى الاقتصادية للاستثمار!.
   وتعتبر استثمارات غسيل الاموال مظهر نمو اقتصادي غير حقيقي،اي مزيف،بسبب الانتعاش الاقتصادي الظاهري السريع الزوال.ويعاد استخدام الجزء الاكبر من الاموال في اعمال غير مشروعة ايضا مما يعرض الاقتصاديات الوطنية للمخاطر الجسيمة بحكم المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة مع المال القذر!وتقوم العصابات المنظمة التي تحصل على  الاموال بطرق غير مشروعة بارتداء اللبوس الاستثماري المقنع وتضخ الاموال عبر الحسابات المصرفية العالمية لاخفاءها عن الرصد والملاحقات القانونية،ولتستثمرها في مشروعات سريعة الربح وفي سوق الاوراق المالية،ولتعيد ضخها الى الخارج من جديد!الملاحقة القانونية لغسيل الاموال ليست سهلة.
   يعكس الفساد عدم الآهلية والشعور بالمسؤولية،وتدني مستوى الكفاءات الادارية والتقنية،وانعدام المبادرات الذاتية ونظام الحوافز والأمتيازات والمكافآت،عدم احترام اوقات العمل،التواني والتراخي،التسيب وافشاء اسرار العمل،الغش،احتقار الوظيفة العامة،الجمع بين وظيفتين في نفس الوقت، سوء استخدام السلطة،اللهاث وراء الامتيازات،التعالي على ابناء الشعب،اشاعة ثقافة التسقيط بفبركـة الاشاعات وصناعـة الاتهامات واثارة الشكوك بطريقـة ذكيـة متقنـة بهدف خلق جو من الانهيار الاجتماعي او الاستسلامي الخانع والانكماش،محاصرة وتضييع الذاكرة العراقية،اشاعة ثقافة شراء السكوت المتبادل بين أصحاب النفوذ،ازدهار تجارة السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض وشراء الذمم وولائم الصفقات خلف الكواليس والمغانم،بناء مدارس تحفيظ القرآن بهذا العدد الهائل على حساب المدارس والمعاهد،تحويل العراق الى بلد للطم والتطبير والمشي العبثي مئات الكيلومترات،اشاعة ثقافة الغش والخداع والتمويه والاحتيال والنصب والفهلوة،اهدار المال العام،الخروقات الجنائية.
   الفساد الاداري جزء لا يتجزأ من الفساد العام الى جانب الفساد السياسي،الفساد الاقتصادي والمالي،الفساد الاجتماعي،الفساد الانتخابي،الفساد القضائي والقانوني،الفساد الاعلامي،الفساد الصحي،الفساد العسكري،الفساد العابر للحدود..الخ.

•   فساد عسكري وميليشياتي

   من غرائب الامور انه لا يمر يوم دون ان تعثر قوات الحرس الوطني والشرطة والقوات متعددة الجنسية على مخابئ الاسلحة والذخيرة العسكرية في ارجاء بغداد وباقي المدن العراقية(الصواريخ وقذائف ال"ار بي جي"وقذائف وصواعق الهاون والمدفعية والاسلحة الاوتوماتيكية الخفيفة والمتوسطة والالغام والقنابل اليدوية والعبوات الناسفة واسلاك التفجير..)،اسلحة وذخيرة من صنع وتجميع ايران،بينما لازال العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها!ويستغل مهربوالاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط،لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء،التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.
   ومن غرائب الامور ايضا مواصلة سعي الحكومة العراقية تشكيل مجالس الاسناد كاجراء غير دستوري ويتنافى مع القانون مما اثار الشكوك حول طبيعة تشكيلها كونها ليست تابعة للدولة ولا لوزارة الداخلية!وتتجاوز هذه المجالس في مهامها تسليم المطلوبين والتائبين عن العمل مع الميليشيات وتتعهد بمساعدة الدولة في فرض القانون!هذه المجالس العشائرية بدأت كتشكيلات مسلحة بسيطة وتتطور تدريجيا،حالها حال بقية الميليشيات،لتعمل خارج اطار القانون شئنا ذلك ام ابينا!.هل شراء الذمم وتأسيس مجالس عشائرية لاغراض انتخابية ممولة من الدولة العراقية تناسب اخلاقيات الشعب العراقي؟...
   ومن غرائب الامور ايضا ان الحكومة العراقية لم تقدم اية معلومات واحصائيات مفيدة عن اعداد المعتقلين والمفقودين،ولازال الآلاف من الموتى يدفنون دون ان يتعرف ذووهم عليهم!حيث يتم جمع الموتى عندما يصلوا الى عدد معين في ثلاجات دائرة الطب العدلي ثم يتم نقلهم الى النجف وكربلاء لدفنهم من قبل متطوعين.في ظل ايادي تدمر... من قال اننا نبني ونعمر!

•   العمليات الانتخابية

    الانتخابات الحرة هي احدى الصيغ الديمقراطية التي تتبعها المجتمعات المتمدنة والمتحضرة في العالم،انها ممارسة ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع،وخاضعة اصلا لموازنات السياسة والاجتماع والاقتصاد والحراك الطبقي في بلادنا!الانتخابات هي ممارسة ديمقراطية وليست هي الديمقراطية نفسها،وكلما كانت نزيهة وحرة وشفافة تعكس مدى التطور والتقدم وارتفاع الوعي الوطني عند هذا الشعب الذي مارسها وتعكس درجة الديمقراطية التي يتعاطاها ويتمسك بها ابناء هذا البلد.العمليات الانتخابية التي جرت لحد الآن ومنذ التاسع من نيسان لم تكن سوى استفتاءات محسومة النتائج لصالح تغطية الادعاءات الديمقراطية!لصالح من يريد للاغلبية الصامتة في بلادنا ان تبقى صامتة!وباتجاه تمرير حزمة من الاتفاقات والقرارات الاستراتيجية البعيدة المدى المتعلقة بان يكون العراق او لا يكون!..لماذا؟!..لان العمليات الانتخابية التنافسية،لم تجر وفق برامج انتخابية واضحة المعالم للقوائم المشاركة،بقدر ما اعتمدت على القدرات والامكانيات الخاصة،ومقدار ما تمتلكه قوى تلك القوائم من مصادر نفوذ وهيمنة على الشارع العراقي،وبالذات مراكز النفوذ الحكومية،والعشائرية،والدينية الطائفية والمليشياوية،على قاعدة من عدم تبلور المكون الاجتماعي للطبقات والشرائح الاجتماعية،والضعف الظاهر لمنظماتها المدنية والمهنية والنقابية..!
    الانتخابات عملية كبيرة تبدأ بخطوة،وتتبعها خطوات مترابطة نحو هدف كبير يتلخص في احترام ارادة الناخب،وتوفير الثقة بالنتائج!ولا تختزل القضية الديمقراطية بالاعمال الانتخابية.فالديمقراطية هي ثقافة التداول السلمي للسلطة،والاعتراف بالآخر ونبذ الاقصاء والتهميش،وضمان حقوق الانسان،والحريات الفردية والعامة،واستقلالية القضاء.الديمقراطية ليست نظاما جاهزا،بل تعبير عن صراع بين قوى اجتماعية ذات مصالح طبقية مختلفة وتوجهات فكرية متباينة.هكذا يتفاقم الصراع الذي يتمحور حول امتيازات السلطة والثروة،وشكل ومحتوى الدولة الجديدة،ووجهة مستقبل البلاد وتطورها الاجتماعي.بهذا المعنى فان اية عملية انتخابية تكون تجسيدا حقيقيا لهذا الصراع،في ظل تعاظم السخط الشعبي الناجم عن استعصاء الأزمات.
    لن تكون هناك انتخابات ديمقراطية ما لم يدرك الجميع اهمية التوافق الوطني ،لكننا نجد القوائم"المتنفذة"تنتهز كل الفرص بسبب الاموال الطائلة التي تنفقها،واستغلالها امكانيات مؤسسات الدولة والمناصب الحكومية،ورموز المجتمع الدينية،في ظل غياب قانون للاحزاب،وقواعد لتنظيم الحملات الانتخابية،وثقافة شفافية ومساءلة.القوائم"المتنفذة"تدعو الى اقامة نظام اجتماعي وسياسي ديمقراطي عادل،ولكن لا احد منها،باستطاعته ان يخبرنا،كيف يمكن اقامة مثل هذا النظام،لان المصيبة لا احد منها،يعلم كيفية ذلك!بالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية و"الشعائر"الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن لها الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين.
      ثمة كوابح متقابلة تعيق محاولة اية جهة للتسلط والانفراد في العراق واعادة تأسيس الدولة الاستبدادية.ويمكن لقوى المجتمع المدني ان تلعب دورا في التأثير على الصراع الدائر حول الدولة،هويتها وتوجهاتها الراهنة والمستقبلية،بادراكها لتعقيداته،وبقدرتها على تكوين تحالفات واسعة من قوى تجد مصلحتها في اقامة المجتمع المدني القائم على المواطنة والمؤسسات وحكم القانون والتنمية التي تستجيب لمصالح ابناء الشعب العراقي.ان مشروع الدولة المدنية لا يمكن ان يترسخ بطبيعة الحال في المجتمع من دون ادراك اهمية وحدة القوى الوطنية الديمقراطية،وتنسيق جهودها،وتوجيهها الوجهة الصحيحة،والتأكيد على التنسيق الجيد فيما بينها،وبناء تحالف متين على اساس العمل المشترك،واحترام الخصوصيات،وفق برنامج واضح واقعي مقبول من القوى والشخصيات الوطنية الديمقراطية
   يتجسد الفساد الانتخابي بالانتهاكات الفاضحة كمحاصصة المفوضية،وممارسة التهديد،اطلاق الوعود الكاذبة،واشاعة اجواء الخوف عبر اعمال القتل والاغتيال،وشراء الاصوات والولاءات بالمال السياسي والمال العام الذي يكون تأثيره عادة اقوى من آثام المذابح الطائفية،واخفاء مصادر التمويل،وتمزيق الملصقات والصور،وعدم حيادية وسائل اعلام الدولة واستخدام وسائل ومناصب الدولة ومؤسساتها،ومحاصرة"المنافسين"الآخرين بشتى الوسائل غير المشروعة،وقوانين الانتخابات الجائرة،وعدم تنظيم الحملات الانتخابية،وغياب قانون الاحزاب،وغياب البرامج المحلية،وتمرير المرشحين الاشباح،وفضيحة الشهادات المزورة،الاصرار على جعل المساجد والحسينيات منابر دعاية انتخابية.نعم،يقودون حملاتهم الانتخابية من مواقعهم الاولى في الدولة،ويقدمون المزايا والوعود لا لتحسين الوضع الاقتصادي لابناء شعبنا وتوفير الخدمات،وانما لشراء اصوات هذه العشيرة او تلك.طواقم اخرى من احزاب الاسلام السياسي توزع(البطانيات والموبايلات والدولارات والرشوات والامتيازات والتهديدات..الخ)لغرض شراء الاصوات الرخيصة مع الاستخفاف بكرامة الناس.ليست الوعود البراقة غير القابلة للتصديق،وشراء الاصوات،وعرض الوظائف،ورمي القسم،هي وحدها مثار استهزاء قطاعات واسعة من المواطنين وسخريتهم،بل ان الصرف الهائل على الحملات الانتخابية سواء بطبع مئات الآلاف من البوسترات،وتوزيع ملايين المنشورات،ونصب مئات الفلكسات والجداريات في اغلب الساحات والشوارع الداخلية للمحافظات وعلى طول الطرق الخارجية بين المحافظات من زاخو حتى الفاو،هي محط تساءل:من اين لهؤلاء السياسيين كل هذه الاموال؟يكفي ان نَعتهم الناس بـ"النهابين".
    الديمقراطية الحقة والقانون الديمقراطي لا يسمحان باستغلال المناصب الحكومية ويقبلان بتسطيح المواطن وتضليله وتحويله الى انسان نفعي وجسرا يمر عليه اصحاب الاهداف الانانية،مزوري ومفسدي الاخلاق والقوانين.ومع الشعارات العامة التي تصلح لكل زمان ومكان،يمر  المرشحون الاشباح،هم ووثائقهم المزورة،تحت عبارة"الاقوياء الامناء"في فترة سبات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.وفي ظل تدني الوعي الحقوقي،وشيوع الثقافة الاكليروسية والروزخونية والبراغماتية،تتجلى معاناة النساء المرشحات!.
   ويتجلى الفساد الانتخابي باستحواذ عددا محدودا من القوائم الكبيرة،التي يحقق بعض مرشحيها القاسم المشترك الانتخابي،دون وجه حق،على ملايين الاصوات رغم ارادتها،اصحابها يمنحوها يوم الانتخاب الى قوائم اخرى مختلفة،بسبب فساد القوانين الانتخابية كالمادة 13/ خامسا من قانون انتخاب مجالس المحافظات!فساد في وضح النهار يثير الاستهجان والاستنكار،وهو اعتداء صارخ على جوهر الديمقراطية واغتصاب للاصوات،وشرعنة سرقة للقوائم الفائزة..على المشرع العراقي ان يأخذ بعين الاعتبار كل تعقيدات الوضع الراهن واختيار النظام الانتخابي الذي يؤمن،قبل كل شئ،الوحدة الوطنية ويؤسس لانتخابات حرة و نزيهة من اجل اقامة مؤسسات دولة القانون،ولا شك ان شعبنا جدير بهذه الدولة!
    لازالت الاعمال الانتخابية في بلادنا تعتمد البطاقة التموينية اساس لسجل الناخبين،وغالبية الناس تعرف ان عدد المستفيدين من البطاقة التموينية هو غير دقيق،ويحوي على مئات الالوف ممن هم في المهجر او الذين فارقوا الحياة بسبب الارهاب او الذين انتقلوا الى جوار ربهم ولم  يتم  ترقين  قيدهم،ولازالت اسمائهم ضمن البطاقة التموينية..وتتعمد الادارات الحكومية الفاسدة عدم تحديث سجل الناخبين،رغم الحديث المتكرر عن تجديد السجل،بل يجري اعتماد سجلات لسنوات سابقة!
   كيف لمفوضية مستقلة،مهنية،محايدة ان تعلن استكمال استعدادها لادارة الانتخابات ليس بقوانين جائرة وحسب،بل في غياب قوانين اساسية اخرى؟ المفوضية المستقلة للانتخابات التي تم انتخابها على اساس المحاصصة،لا يمكن ان تكون باي شكل من الاشكال مستقلة كما هي تسميتها،وكذلك الحال مع فروعها في المحافظات،ومع بعض مسؤولي المراكز الانتخابية.يتطلب من مجلس النواب السعي لتشكيل مفوضية مستقلة بالفعل على اساس مبدأ المواطنة والمساواة،وان تكون ممثلة لكل مكونات الشعب العراقي،مهما كان عددهم،وان يكون اعضائها من ذوي الاختصاص،ومشهود لهم بالكفاءة والنزاهة وحسن السلوك،ومن خلال وضع شروط للمتقدمين تساهم في اختيارهم لجنة مكونة من اعضاء من محكمة التمييز وممثلي الامم المتحدة وهيئة النزاهة بالتعاون مع مجلس النواب.ومن الضروري اجراء الاحصاء السكاني ليكون بديل البطاقة التموينية.هل يحرم من ليس لديه بطاقة تموينية من حقه الانتخابي؟

•   المحاصصة والتوافقية

    التوافق المجتمعي على عقد اجتماعي يعني اعتبار المواطنة مصدر الحقوق ومناط الواجبات بالنسبة لكل من يحمل جنسية الدولة دون تمييز ديني او عرقي او جنسي.ويعلي التوافق من شأن الهوية الوطنية ويعمل على تحقيق وحدة البلاد ويساعد على تخفيف حدة الحساسيات القومية والدينية والطائفية!ويجسد ذلك التوافق في دستور ديمقراطي،والديمقراطية التوافقية لا تعني المحاصصة.ان مبدأ المحاصصة ظل الفيصل الاساس في معالجة موضوع تحقيق التوازن الوطني في اجهزة الدولة عبر توزيع المواقع والوظائف الحكومية الخاصة بين الكتل الانتخابية الاكثر عددا،بعد تهميش الآخرين،واغفال مبادئ المواطنة والنزاهة والكفاءة والتخصص والتاريخ النضالي الوطني في تولي المواقع الرسمية!
  ان الممارسات التوافقية التي حصلت وان حققت نجاحا في تمرير بعض القوانين المهمة الا انها لم ترق الى التوافق المطلوب ولم تعبر عن الايمان الكامل بمبدأ التوافق،زد على ذلك ان بعض القوى التي استفادت من التوافق تنكرت له والتفت عليه في اكثر من مناسبة،كما حصل عند التصويت على المادة 24.
   يتبجح بعض الاقطاب الحكومية علنا،بافضليات التوافق السياسي،ومن اجل ذلك يتحدثون عن اهمية توسيع المشاركة،وحسنات اشراك اوسع الاوساط في ادارة الحكم،ويتشدقون بسياسة المصالحة الوطنية،ويكثرون الحديث عن"استيعاب الجميع واجتذاب ما لم تجتذبه العملية السياسية لغاية اليوم".لكنهم في السر،غير ذلك تماما،فهم في لجة الصراع لا يدخرون اية وسيلة من اجل السلطة وامتيازاتها،فهو صراع يتجه صوب طريق واحد فقط هو تكريس السلطة،وزيادة الهيمنة والنفوذ بيد مجاميع محددة!

•   معوقات ام معرقلات

    يعود ملف الفساد في بلادنا،بين حين وحين،بحقائق جديدة مريرة تكشف عن جوانب من الأزمة التي تعصف بالبلاد!لقد ورد في تقرير اميركي مؤخرا ان الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق الحد الادنى من قوانين مكافحة الفساد لأن بعض الجهات المسؤولة العليا تعرقل اي تحقيق في قضايا الفساد،كما لا يمكن الوثوق بقدرة محققي هيئة النزاهة الذين لا يحمي احد حياتهم،على الكشف عن النشاط الاجرامي لاي شخص يتمتع بحماية الأقوياء والمتنفذين،رغم ان هيئة النزاهة جاء تشكيلها ادراكا مبكرا  لضرورات التصدي للفساد،وتحديد الضوابط والآليات والوسائل الكفيلة بذلك،كما عكس توجها سليما في تصنيف هذه المهمة ضمن ترتيب الاولويات السياسية.
   هناك اجماع عالمي على ان مستوى الفساد الاداري والمالي في العراق بلغ الذروة،وان جذور هذا الفساد تنبع من الدوائر العليا في البلد،وانها محمية من اكابر موظفي الدولة خاصة،على مستوى الوزراء والمستشارين.ولم تستطع هيئة النزاهة ،ولا القضاء العراقي حل مشكلة هذا الفساد،بسبب تدخل الاحزاب السياسية ودوائر الدولة المهمة في عمل هاتين المؤسستين في البلد!كما ان مجلس النواب لم يوفق الى الآن في تثبيت دوره الرقابي كاعلى مجلس تشريعي في البلاد!
    يتحول الفساد في نهاية المطاف الى اخطبوط يلتف حول المجتمع،ويتحول الابتزاز الى طقس حياتي  يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العماء العارم ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة واتكالية المجتمع واستمرائه للفساد وكأنه اصبح حقيقة من حقائق الحياة لا يمكن العيش بدونها! ويصبح الفساد اسلوبا ونمط حياة في المجتمع ويحاصر من يقف بوجهه..بات الفساد يبني لنفسه منظومة متكاملة من العلاقات التي تضمن ديمومته،ولا تفيد الاجراءات الهامشية لمكافحته،انما يتطلب الامر تأسيس منظومة متكاملة من العلاقات المضادة الرادعة لتفتيته والقضاء عليه او الحد منه على الاقل.
   هنا يظهر دور الرقابة الشعبية والحكومية والاعلامية والصحية والبيئية،ودور الرقابة الجماهيرية عبر لجان مجلس النواب،ودور المنظمات المهنية والنقابات والمنظمات الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والمجتمعية،ودور هيئة النزاهة كمؤسسة حيادية مستقلة والضامنة الاهم ضد آفة الفساد،وديوان الرقابة المالية كمؤسسة رصينة لما يمتلكه من خبرات وكفاءات وقدرات علمية وقيادة محايدة ومستقلة كفوءة ونزيهة!ودور الهيئة العامة المستقلة للعقود والمبيعات التي لم تر النور حتى هذه اللحظة!ودور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية،ودور القضاء كاستحقاق وطني بعيدا عن الحسابات والتخوف من فتح الباب على مصراعيه لمحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين باتوا يشكلون خطرا على الشعب موازي لخطر الاحتلال او خطر تنفس عصابات البعث والارهاب الاصولي الصعداء،فما الفرق بين الاحتلال والارهاب وبين الذين يستغلون ظروفنا المعيشية والامنية للسطو على حقوقنا؟
    وتواجه كل هذه المؤسسات معوقات،في مقدمتها محاولات استخدام الفساد او تهم الفساد كسلاح في المعارك السياسية او الشخصية،خطر تغول الهيئات وتحولها الى معوق للعمل والبناء والاعمار بدل ان تكون مؤسسات للاصلاح والتقويم، حصانة بعض الموظفين من الملاحقات القضائية اما بوسائل قانونية او بوسائل واقعية،القيم والاخلاقايت والسلوكيات الفاسدة التي تقدر الفساد وتحتضنه!يذكر ان المادة 136 من قانون المحاكمات الجزائية قد منحت الوزير صلاحية ايقاف الاجراءات القضائية بحق من يشغل منصبا ادنى  من الوزير،بمعنى لايمكن استدعاء وكيل الوزير او المدير العام حتى لو كانت عليه قضية فساد.من جهة اخرى تتأكد يوما بعد يوم،تورط مسؤولين ومقربين من المالكي بقضايا الفساد المالي في وزارة التجارة،وانهم حصلوا على صفقات وعقود كبيرة جعلت من اثارة قضية فساد وزارة التجارة مثلا،مسألة حساسة لانها ستكشف المتورطين في مكتب المالكي والمقربين منه عائليا وحزبي!
     دور المنظمات المهنية والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني،مغيب في رصد وكشف مظاهر الفساد وفضح المفسدين والاسراع باتخاذ الاجراءات العقابية الرادعة بحق المسيئين،لما تمتلكه هذه المنظمات من تواجد غير قليل في مختلف المواقع والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية،ولما يتمتع به العاملون فيها من شعور عال بالمسؤولية والحرص على الوطن وممتلكاته،ولان عملهم التطوعي في هذه المنظمات يساعدهم على العمل بروح وطنية عاليه بعيدا عن مغريات المناصب والمواقع التي تم تقاسمها ومحاصصتها بالطريقة التي جرى بها في الوزارات والمؤسسات الحكومية!
   ولازال دور وزارة الداخلية مغيب ايضا في هذا المضمار،وهي لا تمتلك مديرية للامن الاقتصادي لتأخذ دورها في محاربة كافة النشاطات التي تضر بالاقتصاد الوطني من المكاتب والشركات الوهمية التي تعتبر واحدة من القنوات التي تمول الارهاب!من المسؤول عن تسويق البضائع الفاسدة التي تستهدفنا وتستهدف اطفالنا والمطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان؟ومتى نرى تجار الموت يخضعون لمحاكمات منصفة لنا ولاطفالنا؟من المسؤول عن تسويق الادوية الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمهربة التي تغرق الاسواق منذ اعوام،والتي لا يمكن استخدامها حتى في البلدان المصنعة لها لانها صنعت خصيصا للعراق؟من المسؤول عن انتشار الصيدليات غير المرخصة والبائعين المتجولين الذين يبيعون الادوية؟كيف نضع حدا لمؤسسات تدعي انها تقدم خدمات صحية للمواطنين،وهي عبارة عن دكاكين تتسول الدواء من كل من هب ودب وتعبث بصحة المواطنين بنشر الادوية الفاسدة؟
    متى نرى عددا من سراق المال العام يعرضون على شاشات التلفاز امام الملأ،كغيرهم من الارهابيين الذين تلطخت ايديهم بدماء الابرياء من العراقيين،ولابد من كشف جميع الملفات بغض النظر عن هوية المفسد او انتماءه حتى يكون عبرة لغيره،وهو امر ليس بالمستحيل اذا كانت النوايا صادقة في حسم هذا الملف الخطير او الحد من هذا الوباء؟لم يحاكم العراق اي مسؤول رفيع بتهم فساد،والوزراء يقدمون بطريقة روتينية الحماية لحلفائهم السياسيين من المحاكمة.كيف يمكن منع الفساد ما لم تجر ادانة بعض المسؤولين الحكوميين؟!
   محاكمة الفساد ليس بالمهمة السهلة،حتى بالنسبة لاكثر المحققين العراقيين حماسة الذين تم ترهيبهم من جانب مسؤولين بالدولة،وغالبا ما يصبحون ضحايا للعنف انفسهم.وقد دفعت التهديدات الرئيس السابق لمفوضية النزاهة الى الهرب من العراق في العام الماضي،بينما قتل 40 محققا في قضايا الفساد على الاقل.
 

156
دمقرطة العملية التعليمية التربوية في بلادنا

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

قف للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم ان يكون رسولا!

    تعني دمقرطة العملية التعليمية التربوية في بلادنا بتنمية النزعات الاساسية الفكرية والعاطفية للتلاميذ والطلبة،وتوفير فرص التعبير الحر عنها،لفهم اسرار العالم المادي والعالم الاجتماعي،والتي تمكنهم من كسب المهارات العقلية واللغوية والاجتماعية والتطبيقية،واشباع الحاجة للامن والاستقرار!وهذه المهمة تشترطها الالمام بالعملية التعليمية التربوية من جوانبها المختلفة،طلابا وادارات وعمادات ومعلمين واساتذة ومناهج دراسية(تربوية واجتماعية)واشراف تربوي،ونبذ وفضح كلا المدرستين التلقينية والنفعية الذرائعية!التلقينية وحشو الادمغة بما تتضمنه المناهج والكتب الدراسية المقررة،والنفعية الذرائعية والتحايل لانتزاع الارباح التي تعود بها الافكار الحقة والتي تبرر الاخلاق الرأسمالية على علاتها وتنشر الخرافات والعقائد الجامدة المناهضة للعلم والمعرفة.كل ذلك يستلزم:
•   تطوير وتحديث طرائق ومنهجية التربية والتعليم والتوجيه،لتجاوز الاساليب التي تكرس الحفظ والتلقين،ولا تثمر الا ببناء ذهنية جامدة وساكنة،والتوصل الى اساليب تعزز الفهم والادراك،وتساهم في بناء ذهنية نقدية ومبدعة،تنطلق في رحاب الحياة بطموح سام،وبأمل في المستقبل الواعد!
•   اعادة النظر بادارات المدارس والعمادات الاكاديمية وازاحة العناصر الخاملة والمتحجرة والمشبعة بالفكر الشمولي!
•   ضمان مستوى اكثر رقيا للكادرالتعليمي والاكاديمي في مؤسساتنا الدراسية وتطوير قدراتهم المهنية من خلال تكثيف الايفادات والدورات العلمية الرصينة بما يخدم الواقع الدراسي!والاهتمام برفع مستوى اعداد المعلمين،والعناية المستدامة بتدريبهم لتطوير كفاءاتهم التعليمية والتربوية، واكسابهم المزيد من الخبرة والتجربة،ليكونوا في المستوى اللائق والناضج لاداء مهامهم ووظائفهم،وبالشكل الذي ينعكس في بناء وتكوين الطلاب تعليميا وتربويا.
•   ربط التعليم بكل انواعه،وخاصة التعليم العالي والبحث العلمي بحاجات البلاد وامكاناتها وآفاق تطورها،واعادة النظر الشاملة في المناهج التعليمية في مختلف المراحل ضمن منظور وآلية يجعلانها بشكل دائم عرضة للمراجعة والنقد والتغيير ارتباطا بتطور الحاجات المجتمعية وطبيعة المرحلة التي يواجهها!ووضع الخطط والآليات لاصلاح النظام التعليمي واعادة النظر في المناهج الدراسية باتجاه التأكيد على مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان،وبث روح المحبة والتسامح داخل المجتمع والصداقة بين الشعوب،وتقبل الرأي الآخر ورفض العدوانية والتعصب بكل اشكاله وصوره،وبشكل خاص التعصب الديني والطائفي والقومي.وبالشكل الذي يجعلها تواكب حركة العصر ومنجزاته،وتتناغم مع روح القرن الحادي والعشرين،وتتفاعل مع ما وصل اليه العالم من تقدم في ميادين ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات وشبكات الاعلام!
•   ايلاء العناية الخاصة بالبحث العلمي على الصعيدين الأكاديمي والرسمي والشعبي،واعادة تأسيس البحث العلمي المرتبط مباشرة بأعلى الجهات في الدولة العراقية على اسس موضوعية،وتشجيع البحوث العلمية التطبيقية والموجهة والصرفة،واتباع السياسة السليمة العقلانية في توفير الاجواء المعيشية المناسبة للكفاءات العلمية وتقليل مخاطر تسربها الى الخارج.
•   تطهير السلك التدريسي والتعليمي من انصاف المتعلمين والمثقفين والعناصر التي تمارس دورا مخابراتيا وتجسسيا.
•   التثقيف بالدستور العراقي الدائم الذي صوت عليه في 15 تشرين الاول 2005 والمادة(29)- ثانيا/التي اكدت ان للاولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم،وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام والرعاية..والمادة(34)التي دونت ان التعليم عامل اساسي لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة،وهو الزامي في المرحلة الابتدائية،وتكفل الدولة مكافحة الامية.وان التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله.وعلى الدولة تشجيع البحث العلمي للاغراض السلمية بما يخدم الانسانية ورعاية التفوق والابداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ.وان التعليم الخاص والاهلي مكفول،وينظم بقانون.
•   التثقيف بالاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 الف(د-3)المؤرخ في 10 كانون الاول 1948، والمادة 26 التي اكدت ان لكل شخص حق في التعليم،ويجب ان يوفر التعليم مجانا،على الاقل في مرحلتيه الابتدائية والاساسية،ويكون التعليم الابتدائي الزاميا،والتعليم الفني والمهني متاحا للعموم،والتعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم.ويجب ان يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الانسان وتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الامم وجميع الفئات العنصرية او الدينية،وان يؤيد الانشطة التي تضطلع بها الامم المتحدة لحفظ السلام.ولللآباء،على سبيل الاولوية،حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لاولادهم.
•   استكمال عملية مكافحة الامية!
•   ضمان مجانية التعليم في المراحل الدراسية المختلفة والزاميته في الدراسة الابتدائية،ومضاعفة الجهد لتحسين مستوى التعليم الحكومي الذي يحتضن كافة طبقات الشعب دون استثناء او تمييز!ولضمان احتفاظ نظامنا التعليمي وجامعاتنا ببريقها العلمي المعروف!
•   الحد من استثمارية التعليم الاهلي،والحفاظ على المعلم والمدرس صاحب الرسالة التعليمية في دائرة قدسية المهنة لا في دائرة اية مدرسة تدفع اكثر،والحد من ظاهرة منح الشهادات لمجرد دفع اجور التعليم والتسجيل في مؤسسات التعليم الاهلي!والمراجعة الجادة لاجور الدراسات المسائية والجامعات الاهلية التي ترهق كاهل الطلبة وتقف حاجزا دون تحقيق طموحاتهم.
•   الحد من استثمارية التدريس الخصوصي عن طريق المجموعات والدفع بالعملة الصعبة!
•   الحد من الرسوم التعجيزية على كل المستويات ابتداءا من الكليات والمدارس المسائية،وبدل ان توزع الكتب والقرطاسية مجانا يلزم الطلبة دفع ثمنها،لتشكل المصاريف الجديدة عبئا ثقيلا على اكتاف الفقراء والمعدمين!
•   دعم التعليم المهني بفروعه(الصناعي والتجاري والزراعي والفنون التطبيقية)!ومعالجة عزوف الطلبة عن الالتحاق به بحجة ضبابية المستقبل الذي ينتظرهم!
•   دعم الحملات الوطنية لبناء المدارس،حيث تشير التقارير الدولية والوطنية الى ان العراق يحتاج على الاقل الى 4500 مدرسة جديدة!وتوفير المصاريف اللازمة لما تحتاجه المدارس من لوازم ومختبرات واجهزة ومعدات وكافة احتياجات العملية التعليمية والتربوية!وابقاء العمل بالدوام المزدوج وجعل التعليم على فترات متعددة!
•   الاستفادة المثلى للتخصيصات الحكومية الاستثمارية غير القليلة لتطوير قطاعات التربية والتعليم!
•   تشديد العزم من اجل القضايا المطلبية المهنية والدراسية والنقابية للطلبة والاساتذة والمعلمين.والارتقاء بدور مؤسسات المجتمع المدني في تقديم وتهذيب العملية التربوية في العراق!والتأكيد على استقلالية المنظمات المهنية والنقابية سياسيا وماليا واداريا،والكف عن ممارسة تعيين قياداتها ودفع الرواتب المجزية لها...هذا يستلزم تهذيب الفعاليات الاحتجاجية،وجعل المعلومات متاحة للجميع،والكف نهائيا عن توظيف هذه الفعاليات لاهداف انتخابية مستقبلية!
•   اشاعة الديمقراطية في الحياة الطلابية بمزيد من التضامن والتعاون المشترك بين جميع الطلبة على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم من اجل اهدافهم المشتركة!
•   استقلالية المؤسسات التعليمية،وفضح الضغوطات والتدخلات السياسية والحزبية وتأثير الولاءات دون الوطنية في عمل المؤسسات التعليمية والجامعات العراقية من قبل الجهات الحزبية والرسمية للتأثير على العمل والنهج الاكاديمي العلمي،وجره الى التأثيرات والتجاذبات والمحاصصات السياسية والطائفية!وضرورة الالتزام بالدستور والقوانين النافذة التي تؤكد على احترام الجامعات والمعاهد والمؤسسات العلمية واستقلاليتها وعدم جعلها ساحة لتصفية الحسابات السياسية!
•   العمل على تشريع قانون عصري للخدمة الجامعية في العراق بما يتناسب وروح عصر مجتمع المعرفة ويستجيب لمتطلباته بوضع اساليب وطرق تحديث معارف الاستاذ الجامعي وتحويله الى متعلم دائم التعلم لينمو مهنيا في مجال عمله!لا قانون يهتم برواتب ومخصصات الاستاذ الجامعي ويهمل تطوره التربوي والعلمي!
•   تعرية الروتين الحكومي الذي ادى ويؤدي الى تعطيل صرف المنح التي تحصل عليها الجامعات،واطلاق صرف تلك الاموال في مجالاتها المقررة لها!
•   تفعيل القرارات الخاصة بمنح طلبة الجامعات منحا شهرية،وزيادة المبالغ الممنوحة لطلبة الدراسات العليا،فالمبالغ الحالية لا تفي بالغرض،وشمول طلبة التعليم التقني بهذه المنح.
•   ضرورة الارتقاء بالاقسام الداخلية وتوفير افضل الاجواء لساكنيها من الطلبة والطالبات!والعمل من اجل اعادة فتح الاقسام الدراسية المغلقة في بعض جامعاتنا بسبب الظروف الامنية لاسيما في الدراسات العليا.
•   اشاعة الحلقات الدراسية والفرق التعليمية التي تسودها روح الزمالة،ويكون التركيز فيها منصبا على التحسين المتواصل للتدريس وفي سبيل حياة طلابية حرة ومستقبل افضل!وهذا يتطلب قيادة لا مجرد ادارة،تقتضي تحدي الاوضاع القائمة!والاستفادة من خبرات اتحاد الطلبة العام في هذا المضمار!
•   معالجة فوضى الامتحانات وافتقارها الى التنظيم وغياب سلطة القانون عليها وتدني الرقابة ومجانية الغش!
•   منح جوائز ومكافآت تقديرية من جانب الدولة للطلبة المتفوقين في عموم المراحل الدراسية،وتفضيل المتفوقين منهم في الوظائف والبعثات الدراسية والدراسات العليا!
•   عدم اقحام الدين في حياة الاطفال في كل الظروف والاحوال وحظر ضرب ومعاقبة الاطفال جسديا وفرض اشد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم بحقهم،ومنع فرض الحجاب وتزويج الفتيات باعمار الطفولة واعتبار مرتكبي هذه الافعال مجرمين يجب تقديمهم الى المحاكمة لتلقي العقوبات دون رحمة،ومنع عمل الاطفال وضمان احسن سبل المعيشة المرفهة لهم وايجاد الحلول الجذرية لمساعدة الأطفال،خاصة الذين يعيشون في الشوارع ويعملون فيها والأيتام والأطفال العجزة  والاطفال الذين  تتناقض اوضاعهم مع القانون.
•   اعادة فتح المكتبات العامة في المدن العراقية ورفدها بالمطبوعات المختلفة وامهات المراجع والدوريات،لما لذلك من اهمية كبرى في رفد الثقافة وانتشارها ونماءها في المجتمعات.


بغداد
14/4/2009

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :



157
الانتخابات وتغيير اسم الحزب ام المساومة مع الرأسمالية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

"ما قولك يا صاحبي في السلاطين الذين يسرفون في ترديد كلمة"الشعب"ويكثرون من الحديث عن"الديمقراطية"؟!
اظنك تتفق معي على ان هؤلاء السلاطين لا يشترون الشعب ولا الديمقراطية بقلامة ظفر،وانهم لو كانوا يؤمنون بالشعب والديمقراطية حقا ما اسرفوا في الاستشهاد بهما.
اذن،ما تفسيرك لهذا السلوك يا صاحبي؟
اعلم ان امثال هؤلاء السلاطين الحواة هم اشد خطرا من السلاطين البغاة،ذلك انهم يعمدون الى تزييف كل مؤسسة سلطوية كي ما تكون في خدمتهم،وقد يلجؤون الى الاعيب ابرع من الاعيب حواة السيرك لنشر هذا الزيف.وان اسرافهم في الحديث عن"الشعب"و"الديمقراطية"هي جزء من تلك الالاعيب الشيطانية"


   ليس الغرض من هذه الدراسة تبيان سلبيات قانون انتخاب مجالس المحافظات الحالي الذي يتحمل مسؤولية وضعه البرلمان العراقي وحده،وقد اوضحت قيادة الحزب الشيوعي العراقي"ان عملية الانتخاب والحكم على نزاهتها لا يحدده يوم الاقتراع وحدة فقط؟لان الانتخابات ممارسة ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع وعملية كبيرة تبدا بخطوة وتتبعها خطوات مترابطة نحو هدف كبير يتلخص في احترام ارادة الناخب،وتوفير الثقة بالنتائج!وهل للمفوضية العليا"المستقلة"للانتخابات ان تبرر عدم العدالة في استخدام وسائل اعلام الدولة؟وهل عاقبت قائمة ما بذخت بشكل ملفت من المال السياسي؟هل تابعت خروقات استخدام رموز الدولة ووسائلها في الحملة الانتخابية؟وكيف لمفوضية مستقلة،مهنية،محايدة ان تعلن استكمال استعدادها لادارة الانتخابات ليس بقانون جائر وحسب،بل في غياب قوانين اساسية اخرى،دونها لا يمكن ان تكون هناك انتخابات؟"...
   انما استهدف في دراستي هذه تبيان ان الحزب الشيوعي لم ولن يعقد على نتيجة الانتخابات الاخيرة الآمال العريضة في ان يرى نتائج كبيرة لصالحه،وقد اوضحت في دراستين اخيرتين"الانتخابات والحثالات الاجتماعية"و"الانتخابات والفشل في الاداء السياسي"ان احزاب الاسلام السياسي بواجهاتها وجامخاناتها المتعددة غير قادرة موضوعيا وتاريخيا في مواصلة التخندق خلف حصن"القدسية الدينية"المزعومة وحصن العشيرة بسبب جهلها وتفاهتها وسفاهتها وهزالتها.ولم يكن غريبا ان تتعالى بعض الاصوات غير المتابعة لتطور الخطاب السياسي للحزب الشيوعي،ومن منطلق الحرص والمسؤولية كما تدعي،مطالبة بمؤتمر استثنائي!والادهى بتغيير اسم الحزب!..وهلم جرا!كما شمتت بعض القوى السياسية،كما هو متوقع،وانغمرت في الحملة المعادية للحزب والمطبلة للفكر الرجعي وتخرصاته المستمرة منذ اكثر من نصف قرن!
   لقد استند الحزب الشيوعي العراقي في طرح وثائق مؤتمره الثامن للحوار العلني والمساجلات الشفافة على ان الجماهير هي صانعة التاريخ،والأنفتاح على الأفق الديمقراطي الأوسع وتحقيق العدالة بكل ابعادها لأبناء الشعب العراقي.وفي دراستي المعنونة"مساهمة جادة في دراسة وثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي"اكدت ان الحزب الشيوعي العراقي اقدم حزب سياسي وطني عراقي ما يزال يعمل في الساحة السياسية العراقية وان التجديد في كيان الحزب وآيديولوجيته وبرامجه،لا تعني باي حال من الاحوال التخلي عن بوصلته الفكرية الاشتراكية ونهجها البحثي العلمي..فالشيوعيون العراقيون لا يزالوا مصدر قلق جدي لاعداء الديمقراطية والتعددية والا ماذا نفسر هذا الكم العجيب من المقالات التي تهاجمهم علما ان الكثير من المقالات كانت تشير الى ان المجتمع العراقي محافظ ومتدين والشيوعية لا تصلح في العراق وان الشيوعية انتهت باعدام الرفيق الخالد فهد..وانتهت بانقلاب شباط الاسود 1963..وبضربة معلم من البعث العراقي عام 1979..ثم انتهت مرة اخرى بضربة اسطة بنهاية الاتحاد السوفياتي..والحزب الشيوعي فشل في الانتخابات وبضربات العطارين وتجار البازار والحرامية،ولم يحقق شئ يذكر..لماذا القلق اذن ولماذا هذا الهجوم المتواصل على الشيوعيين العراقيين الذي وصلت مدياته الى حرق المقرات واغتيال اعضائه ومحاربة ناشطيه؟اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق ارائهم مع الفئات الحاكمة في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام..الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي!مجتمع تحترم فيه الحريات العامة..ام يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية؟
 ان عملية تحويل الحزب الى حزب ديمقراطي ثوري او اشتراكي ديمقراطي او ديمقراطي ليبرالي سيؤدي مع مرور الزمن الى تخليه عن الموقف الطبقي وان اي تغير للموقف الطبقي يعني المساومة مع الرأسمالية..ان هذه الدعوات ما هي الا احد اساليب معاداة الشيوعية صاحبة النظرية العلمية المدافعة عن مصالح الكادحين ضد الاستغلال والاضطهاد الطبقي والاجتماعي.ان الهدف الاستراتيجي للقوى الطبقية المعادية هو ازالة شئ اسمه حزب شيوعي عراقي من الساحة السياسية،نعم انه صراع طبقي وايديولوجي.
  اسم الحزب الشيوعي العراقي كان ولا يزال نبراس ومنار للحركة التقدمية والديمقراطية وصماما اساسيا للتحالفات الوطنية الجادة،والمطلوب ليس اعادة النظر في اسم الحزب الشيوعي العراقي،بل المطلوب هو اعادة النظر بالمفاهيم التي تجاوزتها الحياة وتعميق الممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية،وتدقيق سياسة التحالفات الوطنية،وايجاد خطاب سياسي يتلائم والواقع الجديد الذي يعيشه شعبنا بعد زوال النظام الدكتاتوري وبعد كل المتغيرات والكوارث التي مر بها ويعيشها وطننا ويعاني منها ابناء شعبنا.
   الاحزاب السياسية الرصينة لا تغير اسماءها كما يغير الرجل زوجاته وفق قاعدة تعدد الزوجات سيئة الصيت!ومع كل تغيير في الواقع السياسي!بل من الضروري واللازم ان تغير في سياستها وبرامجها،وتستجيب من خلال ذلك لمتغيرات الواقع.لقد ارتبط اسم الحزب الشيوعي العراقي بضمير شعبنا العراقي من خلال نضالاته خلال اكثر من نصف قرن وقيادته لمعظم انتفاضات ووثبات جماهيرنا وتقديمه الوف الشهداء في معارك الشعب الوطنية،وليس لحزبنا الشيوعي العراقي نقاط سوداء يخجل منها تجاه جميع القضايا الوطنية والقومية.وكان الحزب ضحية مباشرة واساسية للسلطات،وهو بذلك لا يتحمل اوزار السلطات  في مختلف عهودها.ولا زال الشيوعيون العراقيون قادة جماهيريين امام انظار شعبهم ولا زالوا نموذجا يحتذى به باعتبارهم مضحين اساسيين في معارك الشعب وانتفاضاته.الشيوعيون العراقيون لم تقهرهم السجون بل قهروها.
    ضم حزبا البعث في سوريا والعراق وحزب شاه ايران(راستاخيز)والحزب الاشتراكي الالماني(حزب هتلر)والائتلاف العراقي الموحد بجامخاناته المتعددة(ائتلاف دولة القانون،..المحراب،..الاحرار...)الملايين،لكنهم لم ولن يكونوا احزاب جماهيرية.وتثبت نتائج الانتخابات العراقية المتتالية بان ليس للحزب الشيوعي العراقي ما يميزه عن الاحزاب والتنظيمات العراقية الجديدة غير تاريخه النضالي الطويل وسمعته الوطنية الطيبة التي تحققت بفضل المثابرة والنضال الصلب لاجيال واجيال،مما جعل الشيوعيين قدوة حسنة في الحكمة والشجاعة والثورية والثبات في مقارعة الانظمة الاستبدادية.
  ان الحزب الشيوعي العراقي فصيل وطني حي،حتمت وجوده الظروف الموضوعية والذاتية،وليس رغبة هذا وذاك.وهو يمتلك رؤية وطنية واضحة للمشروع الوطني الديمقراطي،ويشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية،سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة،ينتقد ويقترح ويحاورعلنا من خلال ممثليه بالبرلمان او من خلال صحافته والصحف الاخرى،صوته مسموع وتاريخه مشرف.


بغداد
27/2/2009

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
4.   http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
5.   http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html


158
الانتخابات والحثالات الاجتماعية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة


اذا اختار المرء طريق الخير والحقّ والعدل فعليه ان يصمد للتبعات بشجاعة لانه سيكون طريقا محفوفا بالمشقّات والتضحيات
التضحية هي سلم البشرية الى الكمال،واولى عتباتها التضحية بالمصلحة الشخصية من اجل مصلحة المجموع
لا يستحي الرجل الفاضل من الحقّ ولا يجامل على حساب الحقّ
لماذا تريد أن تميّز نفسك عن عبيد هذا الزمان الذي يفتقدون النزاهة والشجاعة ؟!

   في دراسة سابقة بينت انه"بالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية و"الشعائر"الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن للحكام الجهلة الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين،وتتسع سمسرة المرجعيات الدينية!"...وفي دراسة سابقة ايضا اكدنا ان "ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية"حاضر سيدي"اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا بها النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد...الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية!بدل الدين لله والوطن للجميع...هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه...اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية..والممهدة للثقافة الفاشية!"واستطردنا"كان برلمان الطاغية السابق يدعى بمجلس المصفقين واصبح برلماننا اليوم يدعى بمجلس المصفقين والمبسملين والمحولقين!ازيح البعث بفكره الشمولي عن مقاليد السلطة في العراق وهو الذي كان يعيب الى جانب نظام الملالي في طهران على المعسكر الاشتراكي شموليته..الذي نلمسه اليوم في عراقنا شمولية بعثية – ملالية فارسية..هجينية.. شمولية في الخوف..شمولية في الارهاب والإرهاب السياسي..شمولية في القمع..شمولية في الارهاب الأنتخابي والترويع السياسي..الارهاب الجمعي..شمولية في ديمقراطية"البلطجة"..اساليب الغضب  تحيل  العالم الانساني الى رماد..ومع الاحتلال وحرية المحاصصات المقيتة يعيش شعبنا تحت خط الفقر!"
   ولا نقصد بالرعاع والقطيع..العامة والعوام او الجماهير بمعناها الواسع بل حثالة الأمة،اراذل القوم،الغوغاء والدهماء التي لا جذور لها وتقف خارج دوائر الارتباطات الاجتماعية والمقتلعون من جميع الطبقات،او المستغفلون اي الجماهير المسحوقة الامية الجاهلة والتي تفتقر لقوة التوحد والقانعة والراضية..بعبارة اخرى الحثالات الاجتماعية!وفئات المهمشين والعلاقات التقليدية والعشائرية مركز ثقل نشاط النخب السياسية الطائفية لتكريس عرقلة بناء الديمقراطية في العراق!نخب مستفيدة من المسيرات ومواكب العزاء الدخيلة ما بين التطبير واللطم والمشي على الركاب والمسيرات غير المبررة التي تعطل الكثير من الاعمال بما فيها الفوضى واخطار القوى التكفيرية والمليشيات الخاصة والتي انتقدها اكثر من مرجع ديني وطالب بالغائها لانها تتنافى مع القيم الكبيرة للدين الاسلامي ولا تعبر عن اهداف الاسلام الذي يرى في الانسان اكبر قيمة انسانية وليس دمية تحركها المصالح الفئوية والحزبية الضيقة،نخب مستفيدة من استخدام مكبرات الصوت لازعاج اكبر عدد ممكن من ابناء الشعب مقتدية بممارسات الجيش الشعبي والميليشيات البعثية للنظام المقبور!
   الطبقة العاملة العراقية تضم هي الاخرى مثل هذه الحثالات الرثة الا ان البوصلة البروليتارية الحقة لا تحتاج الى مرجعية دينية وطائفية ترشدها وتعلمها،لان مفاتيح الحياة بيدها وهم يديرون دفة الحياة ويدفعون الدم بشريان المجتمع وهم قادرون على ادارة دفة السلطة بدلا من النخب الطائفية التي لم تجلب للعراق غير نهب الثروات في الوقت الذي يغرق المجتمع بالفقر والمرض والامية.ان من قدر على ادارة المصانع والمعامل والحقول لا يحتاج الى اي مرجعية الا مرجعية العمال انفسهم.
   ولتوضيح معنى الرعاع والقطيع اعيد نشر دراستنا المعنونة"حركية الحثالات الطبقية في العراق"لاهميتها ونتائج انتخابات المحافظات الاخيرة التي اكدت ان احزاب الاسلام السياسي بواجهاتها وجامخاناتها المتعددة غير قادرة موضوعيا وتاريخيا في مواصلة التخندق خلف حصن"القدسية الدينية"المزعومة وحصن العشيرة بسبب جهلها وتفاهتها وسفاهتها وهزالتها وفشلها في الاداء السياسي اجمالا!

بغداد
25/2/2009

حركية الحثالات الطبقية في العراق

    وجدت الحثالات الطبقية في عراق ما بعد التاسع من نيسان ضالتها بالطائفية السياسية متنفسا للحراك الاجتماعي .. فالطائفية السياسية هي العملة الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد، من حيث إنها تقوم على إلغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق الأرباح غير المشروعة للطرف المتحكم بها. ولا نعني بالحثالات الطبقية هنا الشحاذون والمتسولون والمشردون والشقاة ومن هم على شاكلتهم وممن تجندهم السلطات القائمة لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها ولكسر الفعاليات الجماهيرية الاحتجاجية فحسب بل ايضا الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي وبالفساد، فالرثة والحثالة ليست حكرا على طبقة دون غيرها بل تعبيرا عن تذبذب الشرائح الطبقية التي تبدو وكأنها شرائح فقدت هويتها الطبقية..وتشكل الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية قاعدة الراسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها، وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد، وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة، تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات، وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق، وتدمر منظومة القيم الاجتماعية... الحثالات الطبقية هي القطاعات الطبقية المهمشة قسرا والمنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الطبقي حامي الوطيس ، وهو صراع ذو طبيعة موضوعية كونه القوة المحركة لجميع التشكيلات الاجتمااقتصادية المتناحرة.فيالق الحثالات الطبقية تزدحم بها ازقة المدن العراقية لأتها مهنة رابحة . الحثالات الطبقية خريجو مدرسة التهميش اي الخروج عن النسق العام الذي يكفل التكامل في المجتمع بسبب عجز المجتمع المدني على استيعاب هذه الفئات الاجتماعية .
   الحثالات الطبقية والطائفية السياسية وجهان لعملة واحدة .. فالدولة الطائفية هي فوضى سياسية دائمة ومصالحة وطنية ملثمة ، والعنف الطائفي والارهاب والفساد – مثلث رعب مستديم ، وحقوق الطائفة الدينية هي من حقوق الشعب وليس العكس .. اما ثقافة الرعاع القطيعية – ثقافة الحثالات الطبقية فهي الثقافة الشمولية التي تهدد تماسك البنية الاجتماعية ، والموروثة من العهد البعثي الذي الغى انسانية الفرد واستقلالية شخصيته، وحوله الى كيان هلامي لا ملامح له، يضطر بفعل عوامل الخوف وانكسار الشخصية والشعور بالدونية والتبعية المطلقة للقائد، والشعور بالعجز عن مواجهة الاخطار، الى الاندماج بالكل والاصطفاف اللاواعي مع جموع الهتافين والمصفقين والمهرجين ، حتى لايمكن فرزه والانفراد به كعنصر خارج على المألوف والمقرر سلفا . الثقافة الطائفية هي ثقافة الشرائح الطبقية الرثة وثقافة المقابر التي تدعو إلى الموت وتمجده وتقتل من يرفض هذه الدعوة التي تسمى لغويا الجهاد، انها الدعوة إلى التخلي عن هذه الحياة ومباهجها حيث لا يجوز التفكير ( عند القيام بأي عملية جهادية ) مجرد التفكير بمصير العراقيين الأبرياء الذين يتجولون في الشوارع والذين يتعرضون إلى الخطر الشديد نتيجة هذه العمليات القذرة ، فاصحابها يذهبون إلى الجنة شهداءا ويتخلصون من هذه الحياة المزعجة . الثقافة الطائفية هي ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وإسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات . الثقافة الطائفية هي اشاعة مشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .
  لا تتحمل الحثالات الطبقية سطوة السلطات الحكومية لأتها تعتمد الولاءات دون الوطنية في حراكها الذي يتحول الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والإفساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين والسلطات الحاكمة.... والشرائح الطبقية الرثة مرتع لانتعاش الفوضوية والارهاب ومشاريع الجهاد والاغتيالات والتخريب وانتشار العصابات والاخطبوط المافيوي ، ورفض النضال السياسي والنقابي المنظم . والحثالات الطبقية اساس الفوضوية النقابية ومعاوقة وحدة العمال ، ومن اشد المساهمين في اضعاف القطاع العام ونصرة الخصخصة .. وبالتالي اضعاف الحركة الوطنية والديمقراطية ، وتشجيع العنف والاعمال المسلحة لأغراض ضيقة قصيرة النفس . والشرائح الطبقية الرثة من اشد انصار اقتصاد الطائفية السياسية الذي يتسم بغياب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية و فوضى الاتفاقيات الحكومية و بالعمليات الاقتصادية التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية، كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها، بالاضافة الى الأموال المستخدمة في دعم الحركات والأحزاب السياسية، وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة، بل تكون أطرافه بالضرورة أحد عوامل هدم الاقتصاد العراقي. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية حاملة العقلية التبريرية المتخلفة من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..
    توسعت فيالق الحثالات الطبقية باضطراد في العراق مع تدهور الاوضاع الاقتصادية وترديها في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على الدكتاتورية البائدة التي انتهجت السياسات الأقتصادية النفعية لصالح البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا ، ... التضخم الاقتصادي والبطالة .. كما تتوسع  فيالق الحثالات الطبقية مع  سوء الاداء الحكومي لحكومات ما بعد التاسع من نيسان وتنكرها لمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخليها عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقها الفجوة الكبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع،وتهيئة الأجواء للقائمين على القطاعات الاقتصادية اليوم للسير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات. ويتفرج المسؤولون على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي بقوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين!...
  في عراق اليوم تلحق نيران وتفجيرات الإرهاب بالاقتصاد الوطني الخسائر المالية والحضارية الجمة لتتعطل عملية إعادة إعمار العراق ويعوق البدء بعملية التنمية الاقتصادية والبشرية وليجر اكساب عملية التهميش الطبقي دفعات غير مسبوقة. كما يلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي ! وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير .
•   البطالة
    لا تنفصل البطالة عن النظام الاجتمااقتصادي والسياسي القائم ، ترتفع وتهبط نسبتها وفق دورته الاقتصادية . وتتوسع البطالة وتتضخم فيالق الحثالات الطبقية مع اقتران الاستغلال الاقتصادي بالسطوة السياسية ، وازدياد نفوذ وهيمنة الشركات الاحتكارية ، وحرمان العمال من التنظيم النقابي ... وتتزايد الوطأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبطالة، كلما تركزت في المتعلمين وفي الفئات العمرية التي تندرج تحت تصنيف الشباب، حيث تكون الطاقة المهدرة من عنصر العمل أكثر كفاءة وقدرة على العمل، كما أن حيويتها السياسية تكون أعلى ... ويكون استعداد هذه الفئات للعنف السياسي والجنائي أعلى بحكم السن الصغيرة والخبرة الحياتية المحدودة والإحباط الشديد الذي تولده حالة العطالة التي تصدم كل طموحات التحقق للشباب، بعنف وبلا هوادة.... فضلا عما تخلقه من نقمة من جانب الشباب العاطلين عن العمل تجاه الدولة المقصرة في حقهم وتجاه المجتمع عموما، وحتى تجاه الطبقة العليا من رجال الأعمال الذين ينظر إليهم الكثيرون على أنهم يملكون الكثير وتقدم لهم الدولة الكثير في الوقت الذي لا يقومون فيه بدور مؤثر في تشغيل الاقتصاد وخلق فرص العمل.
   العاطلون عن العمل  هم المؤهلون للعمل والقادرون على العمل والذين يطلبون العمل ولا يجدون عملا.. ارتفاع معدلات البطالة في العراق يعني أن العاطلين يتحولون إلى عالة على أسرهم،وبالتالي شيوع الاضطرابات الأسرية والصراعات على الميراث والتزايد في مستوى العنف والجريمة في ظل البطالة وعدم وجود دخل متجدد لعدد كبير من أبناء المجتمع، وهم في سن الشباب.... لتتلقفهم الايادي الآثمة ولتجندهم السلطات القائمة لتأسيس ميليشياتها وفرق موتها . شباب اليوم يعيش في بيت لا يخلو من عاطل واحد على أقل تقدير من حاملي الشهادات، وفي شارع يقبع فيه شباب أنهوا دراستهم ولم يجدوا عملا، وفي مدرسة وجامعة أضحت آلية من آليات تخريج المهمشين والمقصيين من دائرة الإنتاج والمساهمة في بناء مستقبل البلاد، وفي مجتمع لا يضمن الشعور بالمواطنة الكاملة غير المنقوصة. أعداد كثيرة من الشباب تعاني الإحباط  تلو الإحباط ويحكم عليها بالتهميش والانضمام الى فيالق الحثالة الطبقية . وتفتقد الحكومات العراقية الى برامج مواجهة البطالة والتزامها بتعيين الخريجين الجدد والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد لسوق العمل لأنها حكومات تهريجية لا حكومات عمل ... حكومات لا ترى الخلل في فوضى توجهاتها الاقتصادية التى تعيد إنتاج البطالة  ( يجري النمو باتجاه القطاعات غير المنتجة مثل الخدمات والسياحة والتجارة والقطاع المالى والاتصالات والمعلومات في مقابل ضعف الاستثمار في القطاعات الإنتاجية). معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع والبيانات ما زالت مضطربة .
    لقد وصلت معدلات البطالة بين الشباب المتعلمين وحدهم عام 2005 ال(37)% ،وال(33.5)% بين الاطفال دون السن الخامسة عشرة !! ( 39% من ابناء الشعب دون السن الخامسة عشرة).. وازدادت معدلات عمل الأطفال وتورطهم بالجرائم.... خاصة الجرائم المنظمة والأعمال اللااخلاقية        ( JUVENILE DELINGUENCY ) والارهاب.. وبينما يستلم افقر 20% من العوائل العراقية 7% من اجمالي دخلها فان اغنى 20%   يستلم 44% من الدخل ... وهذا التباين في ازدياد متسارع ليتعمق الاستقطاب الاجتماعي ويصل مدياته القصوى مع استمرار الاحتلال والنهج الحكومي في   السياسات الانتقائية العشوائية التي لا تنسجم مع حاجات ومتطلبات المجتمع والمواطنين،وسياسة خصخصة القطاع العام وتخريب الدورة الاقتصادية السلمية ، وضعف وانعدام الرقابة الحكومية واللامبالاة من قبل الموظفين الحكوميين في تلمس المصاعب الحقيقية التي يعاني منها الشعب، وانتشار مظاهر الفساد وسرقة المال العام والرشوة والولاءات اللاوطنية ، وفوضى السوق(Chaotic Market) وتأثيراتها السلبية على عموم المواطنين . ولم تشهد أعوام (2003- 2007) أية خطوة تغيير ملموسة في السياسة، كما لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الفقر والسير على مسار محدد للتنمية الاجتماعية يقلل من مآسي الشعب بل انشغلت الحكومات بالمغانم السياسية ... نعم ،ارتفعت معدلات البطالة الى مستويات مرتفعة خاصة بين الذكور...ويترك العديد من العراقيين أعمالهم الأصلية لينخرطوا في النشاط الواسع غير الإنتاجي وليدفع تردي الاوضاع الامنية المتخصصين والمتعلمين للهجرة. ولم تسع الحكومات الجديدة إتباع سياسة تقليص معدلات البطالة ولا تنفيذ خطط التأهيل والتدريب اللازمة.
    مستويات الفقر في السنوات الأخيرة لم يطرأ عليها أي تغيير. وارتباطا بالمعدلات العالية للبطالة، والأسعار المرتفعة، والتضخم الواسع وانعدام السياسة الحكومية اللازمة لمعالجة الفقر يتأكد يوما بعد يوم بلوغ معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من الشعب العراقي. وتعتمد الغالبية العظمى من أبناء الشعب على الحصة التموينية الشهرية لبرنامج النفط مقابل الغذاء.ويرى العاطلون عن العمل ان تهريب الوقود عبر السوق السوداء مثلا عملية مربحة اذا علمنا ان الاحصائيات والخطوط البيانية للبطالة في العراق قد وصلت الى 60% وان البطالة المقنعة قد اخذت دورها في اثقال كاهل الدوائر سواء كانت خدمية  ام انتاجية،وهذا مما يؤثر على الايرادات المالية لهذه الدوائر.
•   الامية والتعليم
    تعرضت النسبة الاكبر من مؤسسات التعليم العالي في العراق للتدمير والتخريب والنهب منذ بدء الاحتلال الاميركي عام 2003 وتسلط الطائفية السياسية وتوسع العنف الميليشياتي،اضافة الى اغتيال العشرات من الاساتذة الجامعيين والتهديدات الموجهة الى الآخرين في هذا القطاع.ان عملية اعادة الاعمار الجارية لا تشمل كامل مؤسسات التعليم العالي بينما تتواصل هجرة الاساتذة الى المناطق الأخرى وتتفاقم العزلة التي يعاني منها الجسم التعليمي غير المؤهل اصلا. ولازالت  نسبة الدوام الدراسي للطلبة المسجلين متواضعة حيث كان النظام الدراسي  من افضل الأنظمة التعليمية والأكاديمية في الشرق الأوسط في عقد الثمانينات،وان 70 % فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 24 قادرون على القراءة والكتابة اليوم.
    في عام 1980 تواجد 56.6%من مجموع المواطنين للفئة العمرية 15 سنة فما فوق لم تمح اميتهم بعد ، وفي عام 1990 وصلت هذه النسبة 42.2%حيث مثلت النساء اكثر من النصف!وبلغ التسرب والرسوب عام 1985 في التعليم الثانوي فقط نسبة 30%..هذه النسب قد تضخمت اليوم مع سطوة الطائفية السياسية والاحتلال الاميركي.الامية تجثو بابعادها الضارة في المجتمع العراقي،وطالما يهيمن على ادارة المدارس مرتزقة الطائفية السياسية سيبقى الجيل الفتي اعمى وجاهل!.اما شيوع الامية فيجعل من امكانيات نهوض المجتمع المدني وتقليص حجم جيش الحثالات الطبقية هراء في هراء.الامية في عراق التاسع من نيسان طاعون خبيث تستند عليها الطائفية السياسية لكنس اية محاولات احتجاجية حتى بمظاهرها الصامتة.
•   تردي الاوضاع الامنية
    ادى تفاقم الوضع الاقتصادي والمعاشي،وتردي الوضع السياسي والامني وتفاقم الارهاب ونهج المحاصصة الطائفية – القومية واستشراء الفساد المالي والاداري الى اتساع جيش الشرائح الطبقية الرثة واتساع  انشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط ،مما كان ولا يزال يهيئ تربة خصبة جدا لعبور مؤامرات الاحتلال والطائفية السياسية والرجعية.ويسهم هذا الجيش بفعالية في الاعمال القمعية للحكومة العراقية والميليشيات – العصابات معا !..سجون سرية تمارس فيها التعذيب..قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي او الصاق التهم ...حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة...حملات الاختطاف التي تقوم بها فرق موت وزارة الداخلية...فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي،ومحاولة تطبيق هذا الفصل بين طلبة الجامعة الامر الذي لاقى المقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية...فرض الحجاب على النساء...اشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي..محاولات احياء الفكر الرجعي المقرونة بالهجوم المكثف في وسائل الاعلام على كل توجه ديمقراطي او علماني.وتسهم الحثالات الطبقية في زيادة التمزق داخل الصف التقدمي نتيجة الارهاب الحكومي والارهاب التقليدي وسياسة المحاصصة الطائفية – القومية التي اصبحت السياسة الرسمية العادية للدولة وفلسفتها مذهبيا وتغطيتها بشعارات شكلية.
•   الولاءات دون الوطنية
     تتعمد الانظمة الشمولية والسياسات الاستعمارية ارساء العلاقات شبه الرأسمالية والرأسمالية مع الحفاظ على قيم المجتمع الاهلي(الولاءات دون الوطنية والوشائج الاصطفائية)..وبالاخص القيم العشائرية والطائفية..وتضمينها المحتوى الجديد لصالح ترسيخ انظمتها.وتحت راية التضامن العشائري والمظلومية الطائفية تعزز الاقطاب الاصطفائية سيطرتها الاقتصادية على مجاميعها محولة اياهم الى قطعان ترعاها،ولتستثمر التقاليد العشائرية والطائفية في الاحتقانات الاهلية لمواجهة التضامنات الطبقية الامر الذي تسبب في زج العمال والفلاحين وسائر الكادحين في معارك لا مصلحة لهم فيها!.تسهم الوشائج الاصطفائية في استفحال الفساد ومظاهر الارتشاء والوساطة الى جانب تأثير البيروقراطية الادارية عبر الروتين العقيم والسلوك المتعالي للموظفين وتعقيد الاجراءات.وتجد الحثالات الطبقية في عراق ما بعد التاسع من نيسان فرصتها في الحراك الاجتماعي عبر الولاءات دون الوطنية..
    يتضح مما سبق ان القطاعات المهمشة والمنبوذة طبقيا والشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية مراكز قلقة رجراجة قابلة للتحول السريع المنسجم مع وبالضد من وجهة تطور التحول الاجتماعي ووفق فوضى الظروف الاجتمااقتصادية المحيطة..هذه القطاعات يزداد اتساعها مع استفحال التناقضات الاجتماعية واشتداد حدة الصراع الطبقي وزيادة الاستقطاب في مواقف القوى الاجتماعية والسياسية من جميع الأحداث التي أعقبت نيسان 2003.ان الطبقات الرئيسية المرتبطة بشكل حاسم بالتقدم الاجتماعي في هذه المرحلة هي الطبقات المنتجة(العمال و الفلاحون وبعض شرائح البورجوازية الصغيرة).اما الإقطاع والبورجوازية المرتبطة اقتصاديا بالاحتلال (الكومبرادورية والطفيلية) فتقف في الصف المعادي لمسيرة التقدم الاجتماعي الراهن الى جانب البورجوازية البيروقراطية في الدولة العراقية التي تهرع لا لبيع القطاع العام بل كل العراق في سوق النخاسة وبابخس الاتمان.


بغداد
27/8/2007

 

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
4.   http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
5.   http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html


159
الانتخابات والفشل في الاداء السياسي


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

ارمها براس عالم واطلع منها سالم
إذا كنت تشقى بخلة يعابها المجتمع فأسرف في ذمها جهارا 
 اذا كنت ممن يستحل الجرائم بحق المجتمع فالعن مرتكبي امثال تلك الجرائم 
اذا كنت ممن يمارس الفساد تجاه المجتمع فالعن الفسدة دوما
 اذا كنت ممن يبدّل هواه حسب هوى السلاطين فالعن المتلونين في هواهم

    الانتخابات ممارسة ديمقراطية تعبر عن حرية الفرد والمجتمع،وخاضعة اصلا لسوق السياسة والاجتماع والاقتصاد والحراك الطبقي في بلادنا!والعمليات الانتخابية التي جرت لحد الآن ومنذ التاسع من نيسان ليست سوى استفتاءات محسومة النتائج لصالح الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية ولاغراض تغطية ادعاءات الولايات المتحدة وايران معا بالديمقراطية كهدف من اهدافهما!ولصالح من يريد للاغلبية الصامتة في بلادنا ان تبقى صامتة،ولمن يسعى،خلف الكواليس،الى ان تبايع هذه البلاد"محرريها"سرا!،وباتجاه تمرير حزمة من الاتفاقات والقرارات الاستراتيجية البعيدة المدى المتعلقة بان يكون العراق او لا يكون،مثل قضايا المياه وسرقة حقول النفط العراقي والمعادن الاستراتيجية الثمينة الاخرى والدخول في احلاف عسكرية او ارتباطات عسكرية وامنية اقليمية ودولية!
  ان مأساة المأزق التنموي في العراق لم تجئ من كثرة وتعدد السياسات الحكومية منذ انقلاب شباط الاسود 1963 والتخلي التام عن البرامج التنموية وتبني مجموعة من التوجهات والسياسات الاقتصادية النفعية غير العقلانية اساسها توظيف الايرادات النفطية لخدمة الطموحات السياسية والعسكرية والأمنية للانظمة الحاكمة،قدر ما جاءت من تفاهة الحاكمين وسفاهتهم وهزالة وتواضع مواهبهم وقدراتهم وامكانياتهم وعقلياتهم الانقلابية والشمولية الاستبدادية،وسقوط المناصب السيادية،بين اناس لا يصلحون لادارة قرية صغيرة او شركة محدودة!هكذا من العارفين الى البكر وصدام حسين الى الرهط الشيعي والثنائي الجعفري والمالكي.
    ولم تتخلص انظمة مابعد التاسع من نيسان من وضاعة الطابع الريعي – الخدمي للاقتصاد العراقي الذي كرسه الطاغية الارعن،بل كرسته هي ايضا بسبب جهل الحاكمين الذين لا يصلحون الا للتجارة في اسواق الخضر والفواكه والميادين الاستهلاكية،والعمل في النشاط الروزخوني داخل المساجد والحسينيات والحوزات فقط!ولانغمارهم ملء اليد والفم في شيوع مظاهر الفساد المالي والاداري في جميع انشطة الدولة الاقتصادية والادارية والامنية والقدرة على"تمرير الابل من ثقوب الابر"،ولتعمدهم مع سبق الاصرار في ابقاء مرونة الجهاز الانتاجي متردية!.وباتت مفاهيم من قبيل العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع مقبولة فقط لاغراض التنفيس الاعلامي والانتخابي والروزخوني على طريقة شيلني واشيلك!وانتشرت البطالة.
  حكام مابعد التاسع من نيسان في العراق يدعون الى اقامة نظام اجتماعي وسياسي ديمقراطي عادل،ولكن لا احد منهم،باستطاعته ان يخبرنا،كيف يمكن اقامة مثل هذا النظام،لان المصيبة لا احد منهم،يعلم كيفية ذلك!وليس امامهم سوى انظمة كنظام ولي الفقيه في ايران،نظام الملالي الاستبدادي الشمولي الذي لا أظنّ عاقلا يريد استيراده للشعب العراقي الباحث عن الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير،ونظام هدهد دمشق الذي لم يستثنيه الشاعر الكبير النواب!وبالتدين ونشر الخرافات والبدع والتهريج واشاعة النواح وزرع القنوط في سلسلة العطل الدينية و"الشعائر"الرديفة المتواصلة طيلة ايام السنة يمكن للحكام الجهلة الولوج باقصر الطرق الى قلوب الرّعاع!بالفساد واللصوصية والرشاوي وانتهاك الحقوق والاعلام التضليلي يجري استغلال واستحمار الرعاع،ويسمن تجار البازار ورجال الدين،وتتسع سمسرة المرجعيات الدينية!.
    يتضح للرأي العام العالمي ان نظام الخميني السياسي"حكم رجال الدين"الذي اعتقدت الملالي مدة طويلة انه يصلح نموذجا لتصديره الى الخارج– هو نظام فاشل ولا يستحق التقليد.سيواصل حكام ايران السير على طريق صدام حسين؟وسينتهون الى نفس المصير الاسود الذي انتهى اليه الدكتاتور الاهوج.الا ان قذارة الحكام الجهلة في بغداد لازالت تسوق السياسة الدكتاتورية الظلامية لملالي قم وطهران،وتستغل الدين وتتمترس خلفه لا لتحقيق هدف ديني،كما يدعون،بل للوصول الى السلطة السياسية التي يجعلوها سلاسل تكبل اهل العراق!احزاب الاسلام السياسي بواجهاتها وجامخاناتها المتعددة غير قادرة موضوعيا وتاريخيا في مواصلة التخندق خلف حصن"القدسية الدينية"المزعومة وحصن العشيرة بسبب فشلها في الاداء السياسي اجمالا!

14/2/2009

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
4.   http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
5.   http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html

160
البطاقة التموينية والاقتصاد العراقي

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

العاقل من وعظته التجارب
الدين لله والوطن للجميع
الفقر يخرس الفطن والفقير غريب في بلده
ما خلق امرؤ عبثا فيلهو ولا ترك سدى فيلغو
الفكرة تورث نورا والغفلة تورث ظلمة

   في 20/5/1996  وقع العراق والامم المتحدة مذكرة تفاهم،بعد مرور عام على صدور القرار 986 في 14/4/1995،والذي سمح للعراق ببيع النفط بقيمة مليار دولار كل 3 اشهر لتمويل مشتريات السلع الانسانية وتمويل النشاطات المختلفة للامم المتحدة.ومرت المذكرة بمراحل عدة جرى تجديد العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء فيها كل 6 اشهر حسب قرارات الامم المتحدة اللاحقة التي نظمت آلية العمل وبالاخص القرارات 1051و1153و1284.وجاء برنامج النفط مقابل الغذاء اساسا لتخفيف معاناة الشعب العراقي من وطأة العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي على بلادنا بسبب حماقات صدام حسين وافتعاله الحروب الكارثية،الا ان النظام العراقي البائد كعادته لم يتعامل مع البرنامج من زاوية مصالح الشعب العراقي بل من مصلحته الضيقة والاستفادة منه لاعتبارات سياسية!.
  لقد استهدف البرنامج تخفيف المعاناة الانسانية وليس توفير حل شامل للازمة في العراق،وهو لم يستجب لمتطلبات الانماء والاستثمار،وكانت البطاقة التموينية من اهم ثماره الايجابية.وعليه تعرف البطاقة التموينية بانها- آلية توزيع الحصص التموينية الدورية على ابناء الشعب العراقي وفق برنامج النفط مقابل الغذاء!،البرنامج المنقطع النظير والفريد في تاريخ الامم المتحدة،وهي ليست استهلاكا عبثيا بل نتاج السياسة الكارثية للدكتاتورية البائدة،وشحة فرص العمل،ومجمل الازمات الاقتصادية التي عانت وتعاني منها البلاد...بعد انخفاض الدخل الفردي مئات المرات وانخفاض قيمة العملة الوطنية بنسب مئوية غير معقولة،وتضخم ملفات الفقر وما تحت مستوى الفقر،وتوقف عجلة الدورة الاقتصادية السلمية،والكساد الاقتصادي الذي قل نظيره في تاريخ العراق الحديث،والغلاء الفاحش،والبطالة المكشوفة والمقتعة،وتوسع الهجوم الضريبي على المواطنين،والتقليص الصارم للانفاق العام في ميزانية الدولة بحجة التقشف والاصلاحات الاقتصادية،والنهب المنظم لمداخيل المواطنين!
  وبطبيعته وكعادته تلاعب نظام صدام حسين بالتوريدات في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء وبعقودها،ومارس التجارة غير المشروعة والتهريب والسوق السوداء،وطبق سياسة الخصخصة والعمل على اسس تجارة التمويل الذاتي وترميم قاعدة السلطات الاجتماعية عبر استيلاء اعوان النظام على المنشآت العامة المخصخصة،وتعمد التلاعب بمواعيد حصص البطاقة التموينية واوزانها وحجمها والغش في نوعيتها واستخدامها سلاحا للمعاقبة!واداة لمكافأة الاعوان!،كما حولت السلطات جزءا من قيمة عقود التوريدات الى حسابات المسؤولين،واباحت توريد المواد الفاسدة والرديئة والقديمة والمستهلكة!وتناغمت بيروقراطية الامم المتحدة وتسويف ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا مع الابتزاز والفساد الحكومي!لتجر المبالغة في استقطاعات التعويضات واغلبها غير حقيقية وملفقة وبشكل تعسفي على حساب تلبية الحاجات الانسانية للشعب العراقي!.
  وبعد مضي نصف عقد من الزمن على سقوط الدكتاتورية الغاشمة لازالت البطاقة التموينية وثيقة رسمية مطلوبة في جميع المعاملات الرسمية التي يحتاجها المواطن في حياته اليومية اسوة بالجنسية،وصارت اهم من المستمسكات المطلوبة كشهادة الوفاة والميلاد والزواج والطلاق وعقود البيع والشراء!وهي اساس السجلات الانتخابية في الاستفتاءات الشعبية!.واستنادا الى بيانات الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي،فان 96% من العراقيين يحصلون على حصص مقننة من الغذاء!
   لتقليص النفقات الحكومية الباهضة في دعم البطاقة التموينية وحجم الاموال المخصصة لها في الميزانية،والتي يستورد العراق لتأمينها اكثر من 8 ملايين طن من المواد الغذائية سنويا تتجاوز قيمتها 3 مليار دولار،عمدت الحكومة الحالية على ترشيقها او ترشيدها واختزال مفرداتها(في قرارات غير رسمية وغير مصادق عليها من قبل مجلس النواب العراقي،لكنها ملزمة كصكوك الغفران)لتقتصر على المواد التالية مع تحسين نوعيتها:
•   الرز
•   السكر
•   الطحين(حصص غير منتظمة- وقطعت مرارا)
•   الزيت
•   الحليب(حصص غير منتظمة)

   كما اقرت حصة لكل مواطن من الايرادات النفطية يجري توزيعها مع مفردات البطاقة التموينية!وتم الالغاء الفوري لمفردات المساحيق والصابون والملح!ويبدو ان الاختزال المذكور هو جزء من خطط حكومية للتغيير التدريجي في نظام البطاقة التموينية على مراحل،ما يؤدي الى الغائها خلال اعوام قلائل،كفترة ثلاث سنوات مثلا!وتماشيا مع شروع الحكومة العراقية تطبيق بنود الاتفاقية المعقودة بينه وبين صندوق النقد الدولي والمتضمنة خطة شاملة للاصلاح الاقتصادي واعادة هيكلة الاقتصاد العراقي لضمان تحول سلس وسليم نحو اقتصاد السوق!
  حذرت القوى السياسية الوطنية مرارا من ان الغاء البطاقة التموينية او اختزال مفرداتها في ظل انعدام السياسة الاجتمااقتصادية الرصينة للدولة العراقية،والافتقار الى البدائل المناسبة لها،وشيوع الفساد الاقتصادي،يؤدي حتما الى تصعيد حدة التباينات الطبقية وانتشار الفقر والجوع بصورة واسعة،والى المزيد من تعميق التفاوت والاستقطاب الاجتماعيين في البلاد،وتكريس هيمنة الرأسمالية الجديدة والبورجوازية الكومبرادورية والطفيلية على مقدرات البلاد ومصالح المجتمع.
    الترشيد الحالي للبطاقة التموينية اجراء حكومي منفرد وشاذ وسط اقتصاد يعاني من ازمة عميقة وشاملة!الترشيق الحالي للبطاقة التموينية هو ضحك على الذقون،واستغفال لابناء الشعب العراقي الذي يذوق الامرين في ظل غياب السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية المتكاملة والمتناسقة،المستندة الى استراتيجية اقتصادية وتنموية واضحة!...الحكومة العراقية تختزل مفردات البطاقة التموينية وهي في منأى من توفير شروط اعادة تدوير العجلة الاقتصادية السلمية،توظيف العوائد النفطية لاغراض الاستثمار والتنمية ودعم اسعار المشتقات النفطية،معالجة البطالة،الاهتمام بتنمية الموارد البشرية،تأكيد دور الطبقة العاملة وسائر الشغيلة في حياة المجتمع،اعادة اعمار الريف وتطوير القوى المنتجة فيه والنهوض بالقطاع الزراعي،الاهتمام بالقطاع العام باعتباره قاعدة رئيسية للاقتصاد الوطني وعامل التوازن الاقتصادي والاجتماعي!،الوقوف بوجه الدعوة الى اعتبار الخصخصة وصفة عامة وشاملة لحل مشكلات الاقتصاد وتحقيق التنمية في مطلق الاحوال،تشجيع مبادرات القطاع الخاص،محاربة الفساد الاداري والمالي والاقتصادي وتعزيز دور الرقابة المالية وهيئة النزاهة،تعبئة الموارد المحلية والخارجية لتمويل عملية تنمية مستدامة،توفير ضمانات العيش الكريم للمواطنين وحمايتهم من الفقر والعوز بالاستخدام العادل لثروات البلاد وعوائد التنمية،حماية المستهلكين من انفلات النشاطات الطفيلية والمضاربة والارتفاع الحاد في اسعار المواد الضرورية واجور السكن والنقل والخدمات!،تنظيم الاسواق التجارية واعادة تأهيل الاسواق المركزية،وقف الاستيراد العشوائي،تأسيس شركات النقل القادرة على القيام بمهام النقل والتسويق،مكافحة استيراد المواد الغذائية من قبل عدد من التجار المتنفذين في الاسواق!،تعضيد الاداء الحكومي الخاص بتنظيم شبكات الحماية الاجتماعية،اعتماد الشفافية في وضع الحقائق امام الشعب اولا باول كي لا نحتاج الى نصائح صندوق النقد الدولي الباهظة الثمن.
  بدل تنظيم البطاقة التموينية واستثمار نظامها الجيد في سبيل تحسين مستوى المعيشة للمواطن عبر تنويع مفرداتها وتحسين نوعيتها،وعوضا عن المحافظة على البطاقة التموينية وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،جرى انحسار كامل لمنافع الشعب العراقي بسبب تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة  ثمنها الى اضعاف،الترويج لفكرة صرف مبالغ مالية مقابل البطاقة التموينية،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر!والكشف عن مئات الهويات المزورة ضمن الاسماء المشمولة بمفردات البطاقة التموينية وكان اصحابها يستلمون المفردات بشكل مخالف للضوابط..الجميع يتقاذف الاتهامات،والجميع يشفط ويلهط،الحكومة العراقية ووزارة تجارتها،مجالس المحافظات والبلدية،وكلاء المواد الغذائية،تجار الجملة والمفرد،..
  من المؤسف تقليص تخصيصات البطاقة التموينية في مشاريع الميزانية الفيدرالية،وبنسب تصل الى 13% بحساب الدينار احيانا،هكذا وبدلا من تحسين مفردات البطاقة التموينية يجري شطبها!لقد انعكس التراجع الكبير في نوعية الحياة للعائلة العراقية من خلال عدم استقرار وعدم ضمان تجهيز خدمات الكهرباء والمياه،والتراجع في خدمات الصرف الصحي،وتدني مستوى السكن.وصار جليا الارتفاع المستمر الدوري لاجور النقل واسعار المواد الغذائية والسلع الاخرى.تنفق اغلب العوائل العراقية نصف راتبها الشهري على الوقود،وتسكن الدور السكنية بالايجار،وتقتني بصعوبة قناني غاز الطبخ.
   البطاقة التموينية خدمة عامة،وهي بالتالي نعمة للشعب العراقي الآمن المسالم المتطلع لغد افضل،وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث لا في نشر الثقافة الطائفية وثقافة اللطميات!هذا هو حال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والتلفونات الارضية وشبكات تصريف المياه والاتصالات والخدمات الاساسية الاخرى!البطاقة التموينية خدمة معيشية عامة وجب محاسبة ومعاقبة من يستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت ان يلتحق اطفالها بمعسكرات اشبال صدام وترفض اليوم الانصياع للولاءات الرجعية والقرقوشية الطائفية فحسب،بل ويستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للاحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.
    حتى نضع الامور في نصابها الصحيح،واذ ندرك حجم التركة الثقيلة التي ورثناها عن النظام السابق،من حق المواطن ان يرى توجها واضحا وسياسة متكاملة مرسومة بدقة وعناية،تستفيد من الامكانيات والطاقات العراقية لرسم معالم الخروج من دائرة الازمات،التي تحيط بالوطن والشعب،الى عتبة العيش الكريم والرفاه والاستقرار...وعليه يتطلع الشعب العراقي اليوم اكثر من اي وقت مضى الى ان تلتفت له الحكومة العراقية باعتبارها المسؤولة الاولى عن شؤونه،خصوصا ان الحكومة تتمسك بمشروع وطني لتحقيق العدالة!ان تأمين تدفق البطاقة التموينية ومفرداتها وتحسين مكوناتها ومستوى شموليتها،انما هو واجب وطني مقدس،وان القلوب والعيون تصبو نحو كل موقف منصف ومعين.

31/1/2009

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
4.   http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
5.   http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html

162
الفقر والبطالة والحلول الترقيعية في العراق

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة


For every evil under the sun
there is a remedy or there is none
if there is one,try to find it;
if there is none,never mind it.
الفقر ليس اثما

رأيت الناس قد مالوا
الى من عنده مال

مهما بلغ بك الفقر لا تطرق ابواب الشيخ والاغا والملا

يمشي الفقير وكل شئ ضده..
حتى الكلاب اذا رأته عابرا
نبحت عليه وكشرت انيابها
وان رأت يوما غنيا ماشيا
هرعت اليه وحركت اذنابها!

   الفقر ظاهرة اجتماعية اقتصادية سياسية تعبر عن حالة عدم الحصول على مستوى للمعيشة يعتبر لائقا او كافيا بواسطة المجتمع الذي تعيش فيه الاسرة،وتستند الى عدم حصول الفرد على حد ادنى من الرفاه الانساني.الفقر هو فقر الفرص والخيارات وليس فقر الدخل،وهو ذو ابعاد نفسية وانسانية ينمو في سياق تاريخي- مجتمعي - جغرافي ضمن زمن محلي وعالمي.
    يرتبط الفقر في بلادنا بما تعرض له الشعب العراقي من ظروف غاية في الاستثنائية اثرت في افقار وادامة افقار فئات واسعة منه.وقد ادت اعمال العسكرة والارهاب والتهجير القسري وتجفيف الاهوار وفعالية الولاءات دون الوطنية كالطائفية والعشائرية والحروب الكارثية،وفي المفدمة الحرب العراقية – الايرانية الى تدهور اوضاع الشعب العراقي ونزوحه من المحافظات الجنوبية،خاصة البصرة وميسان،الى المدن الابعد عن خطوط النار،الامر الذي أسهم في ارباك الاوضاع الديموغرافية في تلك المناطق وافقار الاسر النازحة.وبعد فرض العقوبات الاقتصادية على العراق تدهورت وتراجعت فاعلية مؤسسات الدولة واهتزت وضعفت الى حد كبير،وتدنت موارد الدولة على الانفاق الاجتماعي والخدمات،واتسعت دائرة الفقر وتدهورت البيئة الاجتماعية،وتفشت اجواء عدم الامان والاستقرار على المستويين الفردي والعام.ونتج عن ذلك تحول ابناء الشعب الى ما يشبه نزلاء معسكرات اللاجئين الذين يتقدمون لطلب الغذاء والدواء،وهم محرومون من اية حقوق مدنية.
    خلال حقبة الحصار الطويلة تدهورت الاوضاع المعيشية لغالبية العراقيين،وبات الناس لا يقدرون على تناول الطعام الذي يوزع عليهم بالبطاقة التموينية لان حصة الطعام بالنسبة للكثيرين تمثل مصدر الدخل الرئيس للعائلة حيث يقومون ببيعها لكي يستطيعون شراء ضرورات اخرى.وقد شهدت سنوات الحصار تدهور حصة الفرد من الناتج المحلي الى حوالي(1/10)مما كان عليه في مطلع الثمانينات.وبعد ان كان العراق في قمة السلم بين البلدان النامية من حيث نسبة دخل الفرد الى الناتج القومي الإجمالي،اصبح دخل الفرد الحقيقي الشهري عام 1993 اقل من دخل العامل الزراعي غير الماهر في الهند التي تعد من افقر بلدان العالم،حسب تقارير اقتصادية غير رسمية.وكانت مستويات معيشة الافراد والاسر هي الاكثر تضررا بشكل عام،وخصوصا الاسر ذات الدخل المحدود او الدخل المتوسط.وطبقا لتقديرات منظمة الغذاء والزراعة الدولية(الفاو- FAO)لعام 1995 انخفضت مستويات الدخول والمعيشة لثلثي سكان العراق،واصبح دخل الاسرة يقارب ثلث دخلها مقارنة لعام 1988.
    تتوسع الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين تصاعد الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى،لينعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات،وليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالاحياء الكاملة خارج اطار المدن،بينما تكافح الطبقة المتوسطة  للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الأدنى من الحياة الكريمة.هكذا تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
    لا تتجلى آثار سياسات الدكتاتورية البائدة في التشوهات والاختلالات الشديدة في التوازنات الاقتصادية والمالية والنقدية الكلية وفي البنية الاجتماعية فحسب،بل وفي الخراب الاقتصادي الشامل الذي عانى ويعاني منه الاقتصاد العراقي والبؤس الشديد الذي يعيش فيه الشعب حتى الآن.ولعبت موارد النفط المالية الكبيرة دورا رئيسيا في التغطية على كل عيوب وقصور تلك السياسات وعدلت من ميزان المدفوعات والميزان التجاري وزودت الميزانية العامة وميزانية التنمية بالموارد الضرورية لتسيير شؤون البلاد.
    يعاني الاقتصاد العراقي من تعطل الكثير من مشاريعه الاقتصادية الانتاجية والخدمية وعجزها عن تأمين مستلزمات استغلال الطاقات الانتاجية المتوفرة فعلا،خراب البنية التحتية وعجزها عن الاستجابة لحاجات الاقتصاد والمجتمع،التفريط بالموارد المالية الشحيحة المتوفرة لتلبية مصالح الحكام وبناء القصور الفارهة وتأمين الحماية لهم وتعزيز قدرات اجهزة الدولة العسكرية والقمعية،عجز الانتاج المحلي والخدمات عن اشباع حاجة المجتمع الى السلع الاستهلاكية الاساسية،التضخم المتفاقم للاسعار نتيجة الفجوة الكبيرة جدا بين العرض والطلب على السلع والخدمات والتدهور الكبير في سعر الصرف الدينار العراقي،البطالة الواسعة التي لازالت نسبتها في الوقت الحاضر تتجاوز ال65 %من اجمالي القوى القادرة على العمل مع تواجد البطالة المقنعة واسعة الانتشار،الحجم الكبير للمديونية الخارجية والتعويضات التي يفترض ان يدفعها العراق بسبب الغزو والحروب الداخلية والخارجية التي خاضها النظام العراقي طيلة ثلاثة عقود،التدهور المتفاقم في الهياكل الارتكازية،سواء في مجالات التعليم والصحة والطاقة ومياه الشرب والنقل وغيرها،الفساد المركب،وجود ونشاط عصابات الجريمة المنظمة،وعلى رأسها المافيا السابقة النظام ومرتزقته،واعمال اللصوصية والسلب والنهب والمتاجرة باعضاء الانسان وبالتراث الحضاري للعراق القديم والإسلامي والسوق السوداء وتهريب العملة الصعبة والسلع وحاجات الناس الاساسية وبيع المكتبات الخاصة للمثقفين العراقيين..   
   وتلعب عدة عوامل فاعلة بقوة في ترسيخ التضخم الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي ومنها لا على سبيل الحصر  السيولة النقدية الكبيرة التي تسببت بها ضخامة الموارد المالية المتوفرة خلال الفترة المنصرمة وغياب التوظيف لها في التنمية الانتاجية وتحولها الى سيولة نقدية بيد فئات معينة دون غيرها مع استنزاف جزء مهم منها نحو الخارج وعبر الشركات الاجنبية،الاحتلال وتواجد عدد كبير من القوات الاجنبية حيث يذهب جزء من موارد قوات الاحتلال الى السوق العراقية مما يتسبب في السيولة النقدية الاضافية ويساهم في تنشيط زحف التضخم والتهام القدرة الشرائية لفقراء الناس مع غياب دور الحكومة التوجيهي والرقابي على الاسعار،سياسة الانفاق الحكومية غير العقلانية والسياسة المالية غير الواعية(خاصة سياسة القروض والفوائد والسياسة الضريبية ودور السياسة النقدية وثبات سعر صرف الدينار العراقي في مقابل الدولار،وتنشيط السياسة الائتمانية لتجارة الاستيراد)،غياب التنسيق والتفاعل بين وزارة المالية والبنك المركزي وسياسات البنوك التجارية في العراق،الفساد المالي وعجز اصحاب الدخول المحدودة والفقراء من مواجهة ارتفاع الاسعار الذي يؤثر بقوة على دخلهم الحقيقي وقدرتهم الشرائية ويتسبب في بؤسهم المستديم،ضخامة جيش الموظفين العراقيين الذي يقدر اليوم باربعة ملايين فرد من مجموع 28 مليون نسمة،الضغط الشديد والمتعدد الجوانب على ايرادات النفط اضافة الى متطلبات الأمن الداخلي لحماية الاعياد والاحزان المتنامية كما تلتهم المآتم على الاولياء الصالحين نسبة مهمة من ايام العمل السنوية لتؤثر سلبا على العملية الاقتصادية وعلى الدخل القومي وعلى موقف الانسان من العمل والانتاج،كثرة الموارد المالية الموجهة من بعض دول الجوار الى قوى الارهاب والمتعاونين معه والتي تسهم في زيادة السيولة النقدية في السوق.
    تتأثر بلادنا اليوم بقوة بالنظام الرأسمالي العالمي الذي يعاني من ازمة حقيقية مرتبطة بالسياسات التي يمارسها المضاربون الامريكيون والبنوك العقارية وغيرها،اضافة الى سياسات الدول الصناعية السبع الكبار ذات الوجهة اللبرالية الجديدة،الامر الذي يحتم تقلص الديمقراطية وتراجع دور المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني واشتداد الديمقراطية اللامركزية كديمقراطية المجالس النيابية التي تشرع بالتحكم بالبلاد دون العودة الى المجتمع والتي ترتبط بعلاقات مصلحية وتشكل لوبيات للشركات الصناعية والتجارية والمالية الاجنبية العملاقة.
   العراق السابح فوق بحيرات النفط والمفتون بالثورة والمشاكسة والتائه بين بساتين النخيل والغابات والمتعمد بنهري دجلة والفرات وشط العرب لازال اكثر بلدان الخليج والبلدان العربية فقرا و بؤسا،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة.انتقل العراق من رابع اسوء دولة في العالم عام 2006 الى ثاني اسوء دولة في العالم عام 2007 من حيث عدم الاستقرار والفقر،ولا يسبقه اليوم  بحسب الدراسات الدولية ومنها مؤسسة"فايلد ستايتس اندكس"سوى السودان ويتقدم على الصومال والتشاد وزيمبابوي.وتشير نتائج المسح الاجتماعي الذي يجريه الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي بين الفينة والاخرى الى ان اكثر من 9 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر،حيث تبلغ نسبة الفقر في بلادنا 35%من اجمالي عدد السكان بينما يعيش 5%من ابناء الشعب في فقر مدقع،وان النسبة الاكبر من العراقيين تتركز في المناطق الريفية!،وان  اكبر نسبة من فقراء العراق هم من محافظة المثنى،حيث بلغت نسبتهم 49% من سكانها.وان حوالي مليوني عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد على اساس  تعادل القوة الشرائية لعام 1985!،وحسب وكالات الامم المتحدة فان النسبة المئوية للعراقيين الذين يعيشون بأقل من دولار امريكي واحد/اليوم يتجاوز ال 54%من المواطنين.وبينت المؤشرات ان متوسط دخل العائلة الشهري في العراق لم يتجاوز 613.96 دينار مما يعني ان العوائل تعيش وضعا اقتصاديا مزريا.
   ان  العوز والفاقة اللتان يعيش في كنفهما سكان الريف معروفان للجميع.فهم يعانون من الجفاف،فضلا عن صعوباتهم الحياتية التي لا حد لها واعتمادهم اساسا على مفردات البطاقة التموينية،هذا ان وصلت اليهم كاملة،وباوقاتها،وغير مغشوشة.كما انهم يعتمدون ايضا على انتاجهم الزراعي،وهو رغم شحته لا يستطيع منافسة المستورد لعدم وجود الحماية والدعم.لم يكن سكان الريف وحدهم من تحاصرهم آفة الحاجة وضيق اليد،بل كذلك ابناء المدن،كما هو الواقع الصعب الذي يعيشه سكان المدن الهامشية،المنتشرة في اغلب ضواحي المحافظات.ففي هذه الأماكن تعشعش مختلف الامراض بسبب نقص الخدمات وانعدامها،وعدم وجود مراكز صحية،ونقص المدارس،وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة،فضلا عن المطالبة بالماء الصالح للشرب.
   البناء العمودي والفقر الافقي...في بلادنا تنتشر الحواسم،وهي تجمعات فقيرة نشأت بعيد التاسع من نيسان 2003،شكلت الأحياء العشوائية في محيط المدن العراقية،وهي غير مسجلة في الخرائط البلدية،مناطق فقيرة لا توجد على الخرائط البلدية!يسودها نباح الكلاب السائبة،وتواجد مستنقعات المياه الآسنة،ونهيق الحمير التي تجرها العربات،وصراخ الصبية الذين يلعبون بالوحل،وطنين الذباب المتجمع على قاذورات الحي،والصراع بين الجيران على الماء والكهرباء،والمساكن المبنية بخليط من المواد،طابوق وطين وخشب وصفيح وعلب سمن مملوءة بالطين واية مادة اخرى تصلح للوقاية من الشمس والامطار.ان الفقر وسوء الاوضاع المعيشية في هذه الاحياء ساعد على ان تكون بؤرا للعنف،فأغلب المسلحين كانوا من سكنة هذه الاحياء.هذه الاحياء العشوائية غير قانونية وتعارض التصاميم الاساسية للمدن العراقية،بنيت على اراض مملوكة للدولة في فترة كانت فيها الدولة منهارة،كما ان وجود مثل هذه الاحياء يعرقل عمل بعض المشاريع،فضلا عن كونها ظاهرة غير حضارية.احياء تستمد اسماءها من الفقر والحرمان(التنك،العدس،الدوك،الطناطلة،سبع البور،الدراويش،الدشاديش،الرضا،...)،تسودها حياة البؤس والقسوة لشباب بلا عمل،وانتشار الاسواق التي يقيمها الفقراء والعاطلون عن العمل لبيع اي شي،سجائر،كعك،خضروات،ملابس مستعملة وكل شيء تقريبا.
   ما فائدة الاعمار والبناء الذي يقابله الامتداد الافقي لخط الفقر،والمواطن مازال يسكن في بيوت من الصفيح ويتلوى ليل نهار من حر الصيف لان الكهرباء لاتزوره الا نادرا امام عجز وزارة الكهرباء والحكومة في معالجة هذه الازمة.مؤشر خط الفقر يمتد افقيا بشكل خطير بفضل السياسة التي اتبعها بول بريمر في حل العديد من الوزارات ورمي منتسبيها على ارصفة العوز والفقر يضاف لهم طوابير الخريجين والمثقفين والاعلاميين الذين باتوا يتسيدون الارصفة وضحايا زيادات الاسعار من ذوي الدخول المحدودة بعد ان بطحتهم ارضا وبالقاضية قرارات صندوق النقد الدولي بزيادة اسعار المشتقات النفطية،هذا المكون الدولي الراعي لنهضتنا والمنقذ لكربتنا ونكبتنا وخيبتنا ومضلوميتنا على مر السنين.
    يعاني ابناء الاقليات الاثنية ويواجهون اوضاعا صعبة،ومنها البطالة،ولم يعد باستطاعتهم التجول والعمل بحرية في مناطق العراق الاخرى بسبب الوضع الامني وتهديدات الجماعات المسلحة،اضافة الى سوء المعاملة من قبل بعض اتباع الاثنيات والديانات الاخرى.ويجازف هؤلاء بحياتهم ويجتازون الحدود بطرق غير رسمية من اجل الوصول الى اوربا،خاصة بعد ان منحت بعض الدول الاوربية حق اللجوء اليهم.ان الكثير من المناطق مازالت تحت تأثير العلاقات العشائرية،والدينية التي تثير هواجس وتخوفات لدى البعض خاصة لدى الاقليات،لذلك يفكر البعض في الهجرة.هناك اسباب اقتصادية وامنية واجتماعية وثقافية اخرى قد تدفع البعض للبحث عن حياة افضل خارج العراق،وان الاحداث الامنية قد تؤثر سلبا على وضع التعايش السلمي والتسامح الديني بين اتباع الديانات ومختلف الاثنيات،وتؤدي الى استفحال ظاهرة الهجرة شبه الجماعية للشباب.
   الارهاب ينمو ويزدهر في ظل الفقر ومجتمعات التهميش،كما ان ضحايا الفقر هم في الغالب من ضحايا الارهاب،سواء كانوا ضحايا مباشرين ام غير مباشرين،والنتيجة ان اسرا وعوائل بالكامل تزج عنوة في فقر مدقع،بعد ان تفقد معيلها او تنتهي قدرته على العمل،وهو ما يعني تشغيل اشخاص خارج قوة العمل من الاطفال او من كبار السن،كما يفرض على النساء الارامل والمنكوبات بفعل العمليات الارهابية،البحث عن عمل في ظل فقدان المهارة الضرورية للحصول على عمل مجز.ومع عدم قدرة الاقتصاد على توليد وظائف جديدة في القطاعين العام والخاص،فانه ينبغي على الحكومة ان تزيد من الاهتمام بتشجيع خلق الوظائف،وتعزيز المهارات والتدريب وبخاصة لدى الشباب،فضلا عن وضع خطط اقراضية محابية للفقراء،واستجلاب تقانات منخفضة التكلفة،وتسهيل الوصول الى المعرفة ومعلومات السوق.
   يشكل  الفقر في العراق اليوم تهديدا مقلقا على جميع الاصعدة لانه يرتبط بمشكلة كبيرة اخرى هي البطالة وما تتركه من آثار خطيرة على حياة الشباب.وفي مسعى البحث عن فرصة عمل يضطر المحظوظ منهم الى دفع مبالغ تعادل ما يقارب ثلاثة رواتب كاملة،حتى يحصل على فرصة عمل.ويبقى التساؤل قائما:كيف لمن لا يتجاوز دخله الشهري 78 الف دينار،وهو مستوى حد الفقر في العراق كما تحدده المسوحات الاجتماعية ان يشتري فرصة عمل؟!.ان الفقر ما زال يشكل عنوانا كبيرا من عناوين الازمة في العراق،رغم سعة الحديث عن الاعمار والتنمية ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين وتشغيل العاطلين ودعم الفلاحين وبناء المعامل والمصانع وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات وتخصيصات البطاقة التموينية وشبكة الحماية الاجتماعية.ان السياسة التي تمارسها الحكومة العراقية حاليا ضيقة الأفق وقصيرة النظر وضد مصالح الغالبية العظمى من الشعب العراقي وعواقبها ستكون وخيمة،سواء ادركت ذلك ام لم تدركه.ولن تعالج الازمة السياسية والاقتصادية الراهنة بعصا سحرية والتعكز على قاعدة"لا تفكر لها مدبر"،بل بتغيير الواقع الحكومي الراهن.الحلول الترقيعية مع بقاء الرؤية الضبابية حول التنمية الاقتصادية والبشرية وهيمنة فكر التجارة الحرة وفتح الابواب كلها وعلى مصراعيها امام الاستيراد لاستنزاف موارد البلاد المالية المتأتية من النفط الخام وبقاء الصناعة التحويلية والزراعة في ادنى مستوياتها واضعف مما كانت عليه حتى في فترة الحكم الملكي،واستمرار البطالة الواسعة وتفاقم البطالة المقنعة في اجهزة الدولة،سيقود كل ذلك وغيره البلاد الى طريق مسدود..

   البطالة
   تشكل ظاهرة البطالة في العراق اهمية كبيرة من بين جملة الازمات والاشكالات السلبية التي يواجهها العراق اليوم من دون حلول.البطالة في بلادنا تمثل مأساة حقيقية وتهدد جوانب مهمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية كافة.كما تمثل البطالة في تداعياتها المتنوعة مصدرا نشطا من مصادر التوتر الاجتماعي،وهي في الوقت نفسه واحدة من اسوأ مصادر(ازمات)العلاقة بين السلطة والمجتمع،وهي بجملتها نذير شؤم يتهدد الروابط والبنى المؤسسية.ان البطالة بكل اشكالها البشعة،هي في حقيقتها نموذج سيئ من نماذج الهدر المتعسف والمفرط للموارد البشرية الفاعلة،وهي الظاهرة السلبية الاكثر ايلاما للفرد وللمجتمع وللدولة على السواء،الامر الذي يضعها في مكان الصدارة من جميع البرامج والخطط الوطنية التي تهدف الى النهوض بالمجتمع وتأهيل الاقتصاد الوطني وخلق المقدمات الضرورية لتنمية مستدامة والتصدي لمعضلاتنا المزمنة.
     تتزايد الوطأة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للبطالة،كلما تركزت في المتعلمين وفي الفئات العمرية التي تندرج تحت تصنيف الشباب،حيث تكون الطاقة المهدرة من عنصر العمل اكثر كفاءة وقدرة على العمل،كما ان حيويتها السياسية تكون اعلى ويكون استعداد هذه الفئات للعنف السياسي والجنائي اعلى بحكم السن الصغيرة والخبرة الحياتية المحدودة والاحباط الشديد الذي تولده حالة التعطل التي تصدم كل طموحات التحقق للشباب،بعنف وبلا هوادة،فضلا عما تخلقه من نقمة من جانب الشباب المتعطلين تجاه الدولة المقصرة في حقهم وتجاه المجتمع عموما،واحيانا تجاه الطبقة العليا من رجال الاعمال الذين ينظر اليهم الكثيرون على انهم يملكون الكثير وتقدم لهم الدولة الكثير في الوقت الذي لا يقومون فيه بدور مؤثر في تشغيل الاقتصاد وخلق فرص العمل.
    يعيش اليوم حوالي(70- 80)%من ابناء الشعب دون مستوى الفقر المحدد عالميا،بينما يمتلك العراق احد اكبر معدلات النمو السكاني 3.2%رغم الوضع الاقتصادي المتدهور للشعب.يعيش في العراق اليوم اكثر من 20%من ابناء الشعب(اي ما يزيد على خمسة ملايين نسمة)دون مستوى الفقر او حد الكفاف،وان اكثر من نصف الشعب العراقي(حوالي 16 مليون نسمة)يعيشون بدولار واحد يوميا.ارتفعت معدلات البطالة الى مستويات مرتفعة خاصة بين الذكور.لقد بلغت نسبة البطالة لدى الفئة العمرية 15 سنة فما فوق 28%،لكن هذه النسبة تصل الى 50%حسب تقارير بعض المنظمات الدولية مما يؤشر الابعاد المقلقة للمشكلة ويفرض وضعها في اولويات اهتمام الحكومة وسياستها واجراءاتها الاقتصادية والاجتماعية،ان معدل البطالة بين الشباب الحاصلين على التعليم الاعدادي والجامعي يصل الـى حوالي  40%.ومع الوضع الامني المتدهور يترك العديد من العراقيين اعمالهم الاصلية لينخرطوا في النشاط الواسع غير الانتاجي بينما يدفع المتخصصين والمتعلمين للهجرة.لقد كشفت احصائية اعدتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 2007 ان نسبة الذكور في عدد العاطلين عن العمل قياسا للنساء بلغت 90% وتجاوز عدد العاطلين عن العمل المليون عاطل في بلادنا حيث تشكل شريحة الشباب وخاصة الخريجين نسبة كبيرة فيها.واكد تقرير منظمة اوكسفام ولجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق المعنون"الارتقاء لمواجهة التحديات الانسانية في العراق"ان 34% من العراقيين يعانون من الفقر المدقع،كما ان نصف السكان هم بلا عمل!.لا توجد احصائيات عن نسب البطالة المقنعة المرتفعة اصلا بسبب العمالة غير المنتجة في سبيل الحصول على الرواتب فقط،والعمل في وظيفتين فاكثر واغتصاب رواتبهم!.تؤكد اللجنة الوطنية للتشغيل التي تضم عددا من الوزارات الحيوية منها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان السياسات التشغيلية في العراق لازالت دون مستوى الدعم الذي تقدمه منظمة العمل الدولية لتطوير الشراكة الاجتماعية في بلادنا بالصيغة التضامنية لتوسيع الانشاءات الوطنية واستقطاب الرساميل الاجنبية وخلق فرص العمل الفعالة لتقليل الفقر ومكافحة البطالة وتطبيق برامج تأهيل وتدريب القوى العاملة وتنشيط سوق العمل العراقي وتنويع المهارات بما ينسجم والطلب على قوى الانتاج وتحديث تشريعات العمل الوطنية بما يتلائم والتجارب العالمية ومعايير العمل الدولية.
   ادت زيادة السكان وتخلي الدولة عن الالتزام بتعيين الخريجين وتشجيع القطاع الحكومي وسوء التخطيط التعليمي وتدني ربط المؤسسات التعليمية بسوق العمل وعدم قدرة القطاع الخاص على استيعاب العطالة الى رفع معدلات البطالة اذ تقدرها بعض الاحصائيات بحوالي(60%)عام 2003 من مجموع القوى العاملة.اظهرت نتائج مسح التشغيل والبطالة لسنة 2004 ان معدل البطالة للفئة العمرية(15 – 24)سنة حوالي(43.8%)منها(46%) بالنسبة للذكور،و(37.2%)للاناث.وتفضح المسوحات التفاوت الصارخ بين معدلات البطالة بين المحافظات حيث تأتي محافظة ذي قار في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة(أكثر من 46%)،في حين سجلت أدنى المعدلات في كربلاء بـ(14%)عام 2003 والبصرة بـ(10.5%)عام 2004.اعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان اعداد العاطلين عن العمل المسجلين بمراكز التشغيل والتدريب المهني في بغداد والمحافظات حتى نهاية عام 2006 بلغ(919)الفا و(335)عاطلا،بينما بلغ عدد العاطلين عن العمل في العراق من المسجلين في دوائر وزارة العمل تشرين الثاني 2007  اكثر من مليون و150 الف عاطل،وتمكنت الوزارة من تعيين اكثر من 230 الف عاطل منهم معظمهم من الذكور.ان البطالة تتركز بصورة اساسية بين شريحة الشباب الذين تقل اعمارهم عن 25 عاما،والبطالة المقنعة تتركز بين الخريجين الذين اخذوا يعملون في مهن اخرى لا تليق بهم!.وتنتشر في بغداد الشركات ومكاتب التشغيل غير المرخصة والتي تدعي انها تعمل على تشغيل المواطنين لكنها في الحقيقة تمارس ابتزازا للاموال وانتهاكا للكرامة الانسانية.
     تفتقد الحكومة  العراقية الى برامج فعالة لمواجهة البطالة والتزامها بتعيين الخريجين الجدد والتحكم الايجابي بعدد الداخلين الجدد لسوق العمل. ولازال دور القطاعات الخاصة والمختلطة والاهلية والتعاونية في هذا المضمار ضعيفا لتواضع طاقتها على التشغيل في ظل الظروف الراهنة،ويغذي  التشغيل الحكومي الراهن تكديس المزيد من البطالة المقنعة المعطلة للاعـمال والمشوهة لمستوى انتاجية العمالة.ويتراجع البعض عن التقدم للتوظيف بسبب التصور بان الواسطة سوف تقوم بدور مهم في تحديد من يشغل الوظائف المعروضة،وبالتالي فان من ليس له واسطة يتنحى عن التقدم للوظيفة..او بسبب الترهل البيروقراطي وبقاء الطلبات فوق الرفوف العالية للتعجرف الحكومي الطائفي واللاوطني.وتبقى البرامج الحكومية حول التدريب التحويلي للخريجين على الحرف المختلفة اهدارا لكل ما انفق على تعليمهم وتدريبهم على حرف لا تحتاج لاي تعليم.هذا فضلا عن ان هذا التدريب لا يعنى تحقيق التشغيل للمتدربين لان ذلك يتوقف على حاجة سوق العمل،وعلى فرص العمل المتاحة فعليا في القطاعات التي تم تدريبهم للعمل فيها.
    لا يجوز سد فجوة البطالة بخلق بطالة مقنعة على حساب الموارد البشرية،وعدم استثمارها بالشكل الصحيح.ان بقاء البطالة التي تعصف بالمجتمع العراقي من شأنها ان تؤدي الى مزيد من اعمال العنف والخطف والابتزاز والفساد المالي والاداري..اليست البطالة من الاسباب التي تؤدي الى عدم استقرار الاوضاع الامنية،ثم الا يمكن الانتباه الى حقيقة جوهرية وهي التباين الشاسع في مستوى ارتفاع الرواتب،الى جانب تدنيها في مرافق اخرى حد العدم والفاقة والعجز عن سداد متطلبات الحياة.البطالة،مرض سريع العدوى والتأثير في تحويل المجتمع من السكون والصبر والاحتمال الى الانفجار والاندفاع والغضب العارم.
     معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع والبيانات ما زالت مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل العراقية متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.من الضروري تدقيق البيانات للوقوف على الوضع الحقيقي لحجم ومعدل البطالة في بلادنا كأساس لأي خطة حقيقية لمواجهة البطالة في العراق،والتركيز على القطاعين:الاهلي والعام لخلق الوظائف الحقيقية،وتغيير السياسة المصرفية لتنحاز لصغار ومتوسطي المقترضين من القطاع الاهلي والمعنى باقامة المشروعات الصغيرة بصفة عامة والصناعية بصفة خاصة،بما يعنيه ذلك من اتباع سياسة نقدية تتيح تخفيض سعر الاقراض،وتقديم ميزات مالية ونقدية لهم بالارتباط مع تشغيلهم للعمالة،مع رعاية هذه المشروعات من خلال بناء حضانات وطنية حقيقية للمشروعات الصغيرة تسهم في عمل دراسة جدوى لكل منها وفى التنسيق بينها وفى ضمان التسويق طويل الأجل لها بربطها بمشروعات عملاقة او بضمان التصدير ومراقبة مواصفات منتجاتها،واعادة هيكلة الانفاق العام من اجل خلق فرص عمل حقيقية ومستمرة في مشروعات انتاجية دون الخضوع لاي ابتزاز آيديولوجي حول ضرورة انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي المباشر.
   تضع الدولة قضية البطالة وكأنها تجرى خارجها ولا صلة لسياستها الاقتصادية او الاجتماعية بخلقها او زيادتها،وان دورها ينحصر في المساعدة على حلها والمساعدة في خلق فرص عمل متطورة للشباب الواعد المتحمس فقط!وترجع اسباب فشل المشروعات المتناهية الصغر الى عدم الجدية، عدم الكفاءة،عدم الخبرة بالسوق الى آخره من العدميات التى تلقى بالمسؤولية مرة اخرى على الافراد وليس على الاداء الاقتصادى للمجتمع الذى تديره الدولة وتكيفه،ولا توجد بدائل حقيقية لدى الحكومة العراقية.لا يتم النظر للعاطلين من زاوية انهم قوة اجتماعية بامكانها الانتاج ومعطلة رغم إرادتها،ولا ترى الحكومة الخلل في توجهاتها الاقتصادية التى تعيد انتاج البطالة حيث يتم النمو باتجاه القطاعات غير المنتجة مثل الخدمات والسياحة والتجارة والقطاع المالى والاتصالات والمعلومات في مقابل ضعف الاستثمار في القطاعات الانتاجية.
    فيالق التسول تزدحم بها ازقة المدن لأنها مهنة رابحة!ان نسبة 90%من الاطفال المتسولين شرعوا بالتسول بعد الاحتلال وان 70% منهم هم من تاركي المدارس.واستنادا الى تقارير الامم المتحدة فان ما يقارب(4)ملايين مواطن لازالوا يعيشون دون المستوى المحدد عالميا.
    طبقا لنتائج الدراسة التي أعدها الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الموسومة"خارطة الحرمان ومستويات المعيشة في العراق"نشر أواخر عام  2006،فإن ما يقرب من 31%من الأسر و34%من الأفراد يعانون من الحرمان.وتخفي هذه النسبة تفاوتا صارخا بين الريف والحضر،فنسبة الحرمان في الريف هي ثلاثةاأمثال النسبة في الحضر،65%مقارنة بـ21%.اما على مستوى المحافظات،فقد اكدت الدراسة الاتجاهات العامة التي سلكها الخط البياني لحزام الفقر خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي،مدفوعا بآثار الحرب العراقية الايرانية وحقبة الحصار،فما تزال محافظات الجنوب الاكثر حرمانا بين محافظات العراق الثماني عشرة.فكانت محافظات السماوة،بابل،القادسية،ذي قار،ديالى،كربلاء،واسط،النجف،وميسان على الترتيب،هي اكثر محافظات العراق حرمانا،الامر الذي يؤكد استمرار اتجاهات الفقر وتدهور الاوضاع المعيشية في العراق.
   ارتباطا بالمعدلات العالية للبطالة،والتضخم الواسع المفرط(أكثر من 6000%)وانعدام السياسة الحكومية اللازمة لمعالجة الفقر يتأكد يوما بعد يوم بلوغ معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من الشعب العراقي.وتعتمد الغالبية العظمى من ابناء الشعب على الحصة التموينية الشهرية لبرنامج النفط مقابل الغذاء.يتلقى افقر 20% من السكان اقل من 7%من اجمالي دخل الاسر العراقية،في حين يتلقى اغنى 20%ما نسبته 44%من الدخل،اي ستة اضعاف ما تتلقاه الاسر الفقيرة.وتكشف المسوحات التفاوت الصارخ في معدلات البطالة بين المحافظات حيث تأتي محافظة(ذي قار)في مقدمة المحافظات ذات البطالة المرتفعة(اكثر من 46%)،في حين سجلتاأدنى المعدلات في كربلاء ب(14%)عام 2003،والبصرة ب(10.5%)عام 2004.لقد باتت البطالة من اخطر المشكلات التي تواجه بلادنا اليوم،فتزايد اعداد العاطلين عن العمل يشكل امعانا في هدر الموارد  البشرية،مع ما ينجم عن ذلك من آثار اقتصادية واجتماعية وخيمة.فقراء العراق يسددون ديون صدام حسين التي دفعتها له الدول الغربية بطيب خاطر عبر الاجراءات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة العراقية بزيادة اسعار المشتقات النفطية والمماطلة في اصدار التشريعات التي تحل محل قوانين العهد البائد.ولا غرابة ان تتضخم مساطر العمالة في المدن العراقية،وباتت هذه المساطر الاكثر ملائمة للعمليات الارهابية،وقد تعرضت مساطر العمل في ساحة الطيران في بغداد وحدها الى 15 عملية ارهابية من ايلول 2006 الى ايلول 2007 ذهب ضحيتها المئات من المواطنين.
    ان قضية الفقر ترتبط ارتباطا وثيقا وواضحا بازدياد مستويات البطالة،وتشكل العلاقة بينهما تحديا كبيرا للتنمية البشرية في العراق،خاصة وان الأسباب الهيكلية للبطالة في البلد تكمن في نمط النمو الاقتصادي المتمحور حول استغلال النفط،وايضا في خصائص قوة العمل التي ترتفع ضمنها نسبة الشباب في وقت تفتقر الى التدريب اللازم لتلبية احتياجات سوق العمل.يمتاز هذا السوق بالاعتماد شبه التام على القطاع العام في خلق فرص العمل.ان خطر البطالة وتزايد عدد العاطلين عن العمل سيتفاقم بعد بضع سنوات لان 45% تقريبا من ابناء العراق تقل اعمارهم عن الخامسة عشر الامر الذي يهدد بتفجر للقوى البشرية العاطلة عن العمل.ان عدم الاستجابة لحاجات التنمية جعل الحكومة العراقية تدفع الى اسواق العمل بآلاف الخريجين الجامعيين غير المؤهلين مما ساهم في ظاهرة البطالة،ولن تتوقف البطالة عند حدود العمل والعجز عن ايجاد مورد للعيش بل سيكون لها آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الخطيرة.
    البطالة قضية من اخطر القضايا التي يواجهها العراق اليوم،ان لم تكن اخطرها على الاطلاق،لان ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يمثل هدرا في عنصر العمل البشري مع ما ينجم عنه من خسائر اقتصادية وبحكم النتائج الاجتماعية الخطيرة التي ترافق حالة البطالة،ولاسيما بين الشباب.تعتبر البطالة من اخطر الازمات الاجتمااقتصادية التي يشهدها العراق بسبب السياسات الاقتصادية غير المدروسة والمفتعلة في العهد السابق والحروب المتلاحقة.ويعني ارتفاع البطالة انعدام امكانية الحصول على الدخل ومايترتب على ذلك من خفض مستوى المعيشة ونمو عدد من يقعون تحت خط الفقر.
    البطالة بيئة خصبة لنمو الجريمة والتطرف واعمال العنف والارهاب.وينبغي ان تنصب جهود التخفيف من حدة الفقر على معالجة الاسباب البنيوية للبطالة ومعالجة اسباب نقص فرص العمل امام القوى العاملة وتنويع الاقتصاد العراقي ليمتد الى قطاعات كثيفة الاستخدام للايدي العاملة.وينبغي ان تستهدف السياسات الاقتصادية والاجتماعية الفئات ذات الدخل المنخفض،وتوليد فرص اقتصادية افضل في المناطق الريفية الفقيرة،وتعزيز الرعاية الاجتماعية،وتشجيع العمالة وتكافؤ الفرص.من الضروري وضع سياسات حكومية تبادر الى وضع وتنفيذ استراتيجيات تدريبية وتعليمية قادرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل،تعمل خلالها على تحسين نوعية الموارد البشرية على ان تتضمن المشاركة الفاعلة للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.كما ينبغي مطالبة الدولة العراقية تحقيق التقدم النوعي في مجال الخدمات الاساسية المقدمة للمواطنين،ايقاف عمليات الخصخصة لانها اضعاف لقدرة الدولة والتخلي عن دورها المركزي في عملية التنمية والاعمار وتقويض سيادتها والسيطرة على مقدراتها الاقتصادية مع ما يرافق ذلك من تهديد للهوية الوطنية وازدياد مرعب في معدلات البطالة والفقر بدون ان ننسى الأزمات التي يمكن ان تنسف من الجذور الامن والسلم الاجتماعيين،وتوفير مستلزمات اعادة تاهيل المعامل والمصانع الى جانب ضمان الادارات الكفؤة لها،حماية الانتاج السلعي والصناعة الوطنية المتوسطة والصغيرة وخوض معركة السلعة الوطنية التي تعني خلق الالاف والملايين من فرص العمل الجديدة والمنتجة للعاطلين من شباب تملأ(جنابرهم) شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية،وضع القوانين والضوابط الكفيلة بمنع افلات مرتكبي الجرائم الاقتصادية من العقاب وضمان استرجاع اموال الشعب المنهوبة وممتلكاته المسلوبة،محاربة الفساد واستشرائه على يد المافيات المتغلغلة داخل اجهزة الدولة بمختلف مستوياتها،مكافحة اي توجهات لالغاء البطاقة التموينية في الظروف الراهنة،الزام الحكومة العراقية ببلورة مشروع ملموس لمكافحة البطالة باعتبارها مشكلة ذات ابعاد اقتصادية- اجتماعية- سياسية!،ادانة كل الهجمات الارهابية التي تستهدف المدنيين وقياديي النقابات وغيرها من المؤسسات الوطنية العراقية ومنظمات المجتمع المدني سواء بالاغتيال او التعذيب او الخطف او التهديد.والحركة النقابية مدعوة للعمل الجاد والفعال من اجل تثبيت الحقوق والحريات النقابية والوقوف ضد كل اشكال الانتهاكات التي يتعرض لها النقابيون ومطالبة وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والداخلية والقضاء العراقي بالاسراع في ضمان النشاط النقابي.الاحتلال والجهل هما الحطب الذي يسعر النيران.
   ان انتعاش الحريات الفردية والعامة والتمتع بالديمقراطية والقضاء علي الارهاب في العراق،يقترن بالنجاح المحرز في اعادة البناء الاقتصادي وتقليص البطالة وانهاء الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية بمعايير الخدمات الصحية والتعليمية والضمان الاجتماعي،وان نجاح الدولة العراقية الجديدة بحاجة لقادة يمتلكون الرؤيا الوطنية الشاملة،وبخاصة الاستراتيجية والسياسات الاقتصادية!.

19/12/2008

   

163



نوري المالكي وحجي عباس..الى اين يقودون العراق؟

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

قل لي هل الوردة عارية
ام لا تملك غير هذا الرداء؟
لماذا تخفي الاشجار
بهاء جذورها؟
لماذا يدرس الاستاذ
جغرافية الموت؟
اذا صنع البعوض العسل
فهل سيغيظ النحل؟
كيف تعرف الجذور
ان عليها ان تصعد الى الضوء
ومن ثم تحيي الهواء
بهذا العدد من الازهار والالوان؟
   يوم 10/12/2008 ثاني ايام العيد،اوله بالنسبة للشيعة السيستانية وغير السيستانية،انتفض حجي عباس خطيب الجمع والاعياد في مسجد الزوية ببغداد،والمقرب من حزب الدعوة الاسلامية بفصائلها المختلفة،كعادته ليستغلها مناسبة عبر مكبرات الصوت من منارة المسجد،محذرا الشيعة الاغلبية في العراق من مناورات والاعيب الاكراد والسنة كأقلية!وتهجم على قادة الكرد لموقفهم التمردي من نوري المالكي ومجالس الاسناد وسيرهم بعيدا في استخدام العلم الخاص والنشيد الوطني الخاص الى جانب اعادة تسمية الشوارع والاحياء في اربيل والسليمانية ودهوك بالاعلام والمسميات الكردية!واختتم عباس جنجلوتياته بالطلب من المصلين ترداد عبارة الله اكبر ثلاث مرات ولاكثر من مرة!ومعروف ان حجي عباس هو احد خطباء الجمع المتوزعين في بغداد على خانة حزب الدعوة الاسلامية،ضرير ومن انصاف المتعلمين،يصل الى الجامع ويعود الى داره السكنية بمرسيدس سوداء،مؤمن بشباك عباس وبقرب ظهور المهدي المنتظر،مؤمن وملتزم باللطم على الحسين وعبادة قبور اولياء المعصومين،ولابس المحابس الفضية المزينة بعين زرقاء دفعا للبلاء.
  الحدث ذو دلالتين:دلالة تخص حجي عباس وحزب الدعوة،ودلالة تخص نوري المالكي نفسه!فقد انتهك عباس مرة اخرى قداسة الجوامع والحسينيات لدواعي سياسية وبراغماتية محضة،وانتهك قرارات الدولة العراقية بعدم استغلال المراكز الدينية للاغراض الانتخابية!وقد عودنا عباس على جنجلوتياته التي تنطلق بحماية حرس المنشآت واحيانا بتواجد الشرطة وافراد من الحرس الوطني دون ان يتحركوا ساكنا وبعلم قادة الدعوة الاسلامية وانشراح حلفاءهم!كما يفتقد هذا العباس للاخلاق الدينية والسياسية التي تفرض عليه عندما يكون منزعجا ان لا يفرغ اضطراباته النفسية من على منابر الاماكن المقدسة!اما تمثله بالطاغية صدام حسين بترداد الله اكبر مرات ثلاث لشحذ همم المصلين والمستمعين فترجع الى جهله،وعندما تكون الجهالة نعيما فمن الصعب ان تكون حكيما،ولا عتب على جاهل اعتقله الطاغية يوما ما ويحيط نفسه اليوم باوساط مشبوهة ممن لفظهم التطور الحضاري!ولاتزال ترن في اذهاننا ثلاثية الدكتاتور في الله اكبر بخطبه الموجهة الى الرعاع في بلادنا العقود المنصرمة ابان الحرب العراقية- الايرانية وغزو الكويت.
   اما المالكي فقضيته ذات بعد آخر!فقد لقي طاغية العراق صدام حسين حكم وعقاب الشعب العراقي والتاريخ الذي لا يرحم بعد ان حصره في مزبلته التاسع من نيسان 2003،الا ان خمسة اعوام كاملة اثبتت خطل السياسات الطائفية المقيتة التي انتهجتها حكومات المحاصصة،خمس سنوات عجاف كانت ولا تزال مليئة بالدماء والدموع والاحزان المريرة التي عاش في ظلها وتحت وطأتها الشعب العراقي،كما لا تزال بعض مناطق العراق تعاني من بقايا هذه الفترة العصيبة والبالغة التعقيد.وتنوء بالعراقيين الايام من شكليات السياسة،وهم مصابون بالكدر ويعانون من سقم اليأس في حلهم وترحالهم،وهم كباقي خلق الكون،ملمون بواقعهم وكما في الريف والمدن يتداولون السياسة مع الشاي والخبز،لذلك فان مصير بلادنا يهمهم..المفارقة السياسية ان فحول الطائفية السياسية،ما كانوا يفعلون واحدا من المليون مما يفعلونه الآن،عندما كان يجرهم"الرئيس القائد"لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق مبايعاته المطبوعة بـالـ"نعم"الوحيدة!.ان اهم سبب في اخفاق نوري المالكي هو ان غالبية اقطاب التيارات الدينية السياسية،شاؤا ام ابوا،والذين خاضوا صراعا مريرا ضد المنحى الطائفي المتطرف العنفي المشين للعهد السابق،سرعان ما رضخوا لمنحى طائفي مقابل يتعارض بل ويضر بالمسعى النبيل لتكريس الهوية العراقية وطرد الثقافة الطائفية،وهو مأزق سياسي وقعت فيه كل الاحزاب الطائفية من كل لون.هذا المنحى يجبر قادة هذه الاحزاب لاتباع كل السبل النفعية غير النزيهة لجمع الاتباع والدعاية لاعلامها ان وجدت سياسات وبرامج لها!نهج فقدان بوصلة الوطن والتحالفات غير المتحالفة والمزيج التقسيمي الذي يقيم الولائم والمؤتمرات التحشيدية وهوسات النفاق،لتبادل المجاملات نهارا ويحيك الدسائس ليلا،والاحزاب التي تتحدث عن كل شيء وتتصارع من اجل كل شيء سوى العراق،وشعب تفصله الكتل والجدران الكونكريتية وعمائم حرب تبيع الوهم للبسطاء مع الرز والبطانيات وبطائق دخول الجنة!هل امتلك المالكي مشروعا سياسيا حين تسلم الحكم؟وهل يمتلك الآن مشروعا سياسيا وطنيا وديمقراطيا جديدا؟ام ان الرجل لا يزال يمارس سياسة ردود الفعل ويحوم حول مشروع سياسي مبهم وعائم؟
   نعم،فاز الائتلاف الشيعي في الانتخابات السابقة وحصد كل اصوات الشارع بملحمة فريدة تخللتها الانتهاكات السافرة وعبرت عن حجم المظلومية والارتباط العميق بالمرجعية الدينية والهالة المقدسة،ماذا كانت النتيجة؟اعضاء في القوائم السنية والشيعية لا يفقهون شيئا ووزراء لايملكون ادنى تحصيل علمي،فضيحة ولا اغلى منها في التاريخ السياسي المعاصر،اميون يقودون البلد ومجالس محافظات مرتبطة باجندة خارجية وسراق ومرتشين باسم الاسلام حتى قالت جماهير احدى المحافظات الجنوبية:(محافظنا حرامي والتعيين بعشر اوراق)اي ان التوظيف في سلك الشرطة يحتاج الى الف دولار كرشوة.الادهى من ذلك كله،في كل مقابلة او مواجهة او حوار،يرفع نوري المالكي اصبعه مهددا ولاعنا الطائفية والطائفيين والعمل على القضاء عليها!لماذا هذا اللف والدوران والمراوحة في نفس المكان؟هل التخندق وراء المرجعيات وفرض الثوابت الاسلامية ظاهرة ليست طائفية،وهل يؤدي هذا الطريق ويقودنا الى الديمقراطية وطريق الوحدة الوطنية الذي يتغنى بها المالكي؟من نفس هذا الباب،وليس من الشباك ولا عبر الاسلاك واللاسلكي!دخل ارهاب القاعدة عدو الشعب الاول مع البعث الصدامي ليكملوا جريمتهم الى جانب فرق الموت من الميليشيات الشيعية وقتلة الجريمة المنظمة.نعم،تستثمر دماء الحسين في التجارة وجمع الارباح.
   من اين تأتي الديمقراطية بين احزاب لم تمارسها حتى في حياتها الداخلية؟ كيف يجري اطلاق الوعود لبناء الجسور حيث لا توجد انهار؟ هل تأتي الديمقراطية من العدم او تهبط من السماء على طريقة حجي عباس ام ان هنالك تطور تأريخي اقتصادي واجتماعي لابد ان يأخذ مجراه الطبيعي؟احزابنا وحكامنا،لا تجربة ولا تراكم معرفي ولا اعتراف بالجدل والمعرفة العلمية،انها قبائل وطوائف اكثر منها احزابا وهم مشايخ اكثر منهم سياسيين وقادة.نعم،تغير السجان ونوع التهديد،لكن السجن باق وما زال السجناء يهربون،فما الفرق بان تقتلك الدكتاتورية ام يقتلك قاطع طريق او ميليشيا تعيش على غياب اي نظام،او تموت اعداما نهشا بالكلاب او تنهشك كلاب الشارع،وهل تكترث الشاة لشكل السكين اذا حضر الذبح؟!.
   حقق العراق وفق تقديرات المتابعين خلال الاشهر المنصرمة بعض المهمات الامنية والعسكرية الصعبة،نشأت عنها مهمات سياسية جديدة اكثر تعقيدا وصعوبة على المديين القريب والبعيد،كما برزت التزامات اكثر استحقاقا.ويشكل فهم القوانين الاجتماعية والحقائق واستيعابها والعمل بموجبها من قبل القوى الديمقراطية العراقية،نقطة الانطلاق في السير بالطريق السليم لحل مشاكل بلادنا وتحقيق التقدم الاجتماعي الذي يدور حوله كامل الصراع الطبقي الاجتماعي،وبالتالي السياسي.ان موقف الطبقات المختلفة وقواها السياسية من التغييرات الجارية هو وحده الذي يقرر طابعها التقدمي او الرجعي!وتصطف اليوم الرأسمالية العقارية والتجارية والبيروقراطية والطفيلية الكومبرادوية الى جانب الاقطاع العشائري لمواجهة تحديات التقدم الاجتماعي بالسير على طريق اقتصاد السوق المنفلت عبر ازالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة وفتح الاقتصاد العراقي على مصراعيه وتهيئة الاجواء للخصخصة الواسعة،وتريد الانفتاح بلا حدود،وتسعى لتقليص نفوذ القطاع الحكومي،والحد من تدخل الدولة واخراجها من الحقل الاقتصادي،والترويج لاقتصاد السوق باعتباره الدواء الوحيد لحل مشكلات الاقتصاد العراقي.ومع اشتداد ازمة القطاعات الانتاجية وانحسار دور الدولة الاقتصادي والتنظيمي،ينمو بدعم هذه البورجوازية،قطاع واسع من انشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات محددة وتتسم نشاطاته بضعف الانتاجية وقلة القيم التي يخلقها وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين.
   في عراقنا اليوم باتت جارية على قدم وساق مظاهر الميل نحو عدم الالتزام بمواد الدستور التي تم اقرارها وسعي كل طرف سياسي الى تطبيق ما ينسجم مع رغباته ويبتعد عن تلك التي لا تتناغم مع وجهات نظره!التصريح بشيء مقابل العمل بشيء آخر اي امتلاك الوجوه العدة والالسنة الاكثر الأمر الذي يسقط مصداقية الكثير من السياسيين العراقيين،اطلاق الوعود غير الصادقة لمواجهة ما ينتظر المجتمع من مشكلات وسبل معالجتها والعقبات التي تعترض سبل الحل،هيمنة الروح الفردية ونموها وتحولها الى استبداد فردي ينتشي في ذهنية ونشاط غالبية السياسيين العراقيين تدريجيا،الاهمال الجدي وغير المسؤول لارادة ومطالب ومشاعر المجتمع والتصرف باسمه وكأن هذا السياسي او ذاك هو الممثل الشرعي والوحيد لهذا المجتمع بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية.تخبط المالكي لا يولد الحيرة عند متتبعي خطبه وافعاله:
•   ازدراءه الانترنيت وكتابه ووصفه باوصاف غير لائقة مع العلم ان معظم كتاب الانترنيت وما كتبوه كان انطلاقا من مسؤوليتهم كمواطنين!
•   محاولة تعديل الدستور بالاتجاه اليميني والالتفاف على المادة 140 التي يتم المماطلة في تطبيقها لحد الآن!
•   الاسراف والمبالغة في تشجيع الاعياد الدينية واللطم والنحيب والزحف.
•   تشجيع مجالس الاسناد والصحوات العشائرية التي تقف امام قوى ميليشيات بدر،والاصرار عليها رغم افتضاح امرها كتشكيلات عفى عليها الزمن شبيهة بالجيش الشعبي والحرس القومي وجحوش افواج الدفاع الوطني.هل من رؤية عقلانية بين الدعوة للدولة المركزية وتشكيل مجالس الأسناد في المحافظات؟
•   التهجم على القيادة السياسية في كردستان العراق ووصفها انها خارجة عن الدستور،والتهجم على الفيدرالية.
•   صياغة مشروع قانون مجلس العشائر الوطنية في محاولة لاحياء قانون العشائر الذي يضمن الاعراف والتقاليد العشائرية سيئة الصيت والسطوة العشائرية ولاهانة اسس دولة القانون وبحجة ابراز دور العشائر في الانتخابات واستتباب الامن.ان التمثل بصدام حسين لتشكيل العشائر المسلحة واعطاء صلاحيات للشيوخ العلوج مشروع رجعي وخطير.
   لماذا يجازف المالكي بكرسي لم يكن يحلم يوما ان يعتليه؟الا اذا كان متقصدا في ذلك تهربا من المسؤولية.ومن اعطى المالكي الضوء الاخضر ليقف بالضد من مصالحه الشخصية،ومصالح الدعوة الاسلامية التي تناثرت شظاياها لتصبح عدة احزاب،لم يكن نصيب المالكي منها الا الفتات؟لقد اقام شعب كردستان العراق تجربته النوعية منذ عام 1991 والتي اسهمت بفاعلية في اسقاط الدكتاتورية،وينتظر ان تسهم في بناء وتشذيب التجربة الوليدة للدولة العراقية الاتحادية لمصلحة السلم الاهلي والسلم والاستقرار في العالم.

10/12/2008

164
المرأة العراقية تدفع الثمن مضاعفا

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   تحتل المرأة نسبة عالية في التعداد السكاني يتجاوز،بسبب الحروب وغيرها من مخلفات الدكتاتورية والاحتلال والتخلف،ال 50%،وتذهب بعض التقديرات الى انها تجاوزت ال 55% من السكان.لقد ضمن الدستور العراقي الدائم نسبة تمثيلية للنساء لا تقل عن 25% في عضوية مجلس النواب،واعترضت المنظمات النسوية على هذه النسبة اذ كن يطمحن الى نسبة لا تقل عن 40%.ان نسبة ربع عدد المقاعد اقتصرت على المجلس النيابي ولم تشمل الهيئات الرئاسية(مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء ورئاسة البرلمان)،في الوقت الذي لم تراع فيها اي نسبة للنساء في اللجان المنبثقة عن البرلمان المسؤولة عن تقديم تقارير حول اداء الجهاز التنفيذي في المؤسسات الحكومية والتي تطرح مشاريع ومقترحات حول تفعيل عمل هذا الجهاز.ان عدد الوزارات التي حصلت عليها المرأة شهد تراجعا عن عام(2005)،وانخفض عدد الوزيرات بينما اقترب عدد النساء في مواقع صنع القرار اعوام 2006و2007 من350 امرأة فقط ما بين درجة مديرة عامة ومعاونة ومديرة ومستشارة ومفتشة عامة ووكيلة وزير.ان الوزارات التي تديرها النساء ليس بينهن اي وزارة سيادية فضلا عن ان وزارة الدولة لشؤون المرأة لم تخصص لها اية ميزانية!
•   المرأة في القوانين العراقية
    لا تتمتع المرأة العراقية بحقوقها المنصوص عليها في الوثائق الدولية الخاصة بحقوق المرأة،لاسيما اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة،قرار(24/180)عام 1979.واغفلت المادة 41 من من الدستور الدائم حقوق المرأة المدنية والديمقراطية والاجتماعية،واشاعت الولاء دون الوطني عندما جردت القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لاشاعة الآراء الفقهية المختلفة"العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية،حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم،وينظم ذلك بقانون"،وهذه المادة تتعارض مع قانون الاحوال الشخصية رقم(188)لسنة 1959.
   لو تفحصنا القوانين العراقية سنراها تفتقر الى حماية حقوق المرأة لخلو اللجان التشريعية من العنصر النسوي وسيادة النزعة الذكورية لدى المشرعين،واولى هذه الانتهاكات هي التحرش الجنسي(Sexual harassment)والمضايقات الجنسية التي تلحق اضرارا بالمرأة اثناء العمل وتؤثر على ادائها وانتاجيتها،وتجعلها معرضة اكثر من غيرها للاضطرابات النفسية والمشاكل الصحية.وبالرغم من وجود المادة(402)من قانون العقوبات العراقي 111 لعام 1969،الا انه لم تتم الاشارة بشكل واضح الى مثل هذه التحرشات في العمل وبسبب العمل.ومن هذه الانتهاكات ايضا الاغتصاب الزوجي اي اجبار الزوجة على المعاشرة من دون رضاها كونه اعتداء على ارادة المرأة وجسدها،وهو مناف لابسط معاني الانسانية،ومناف لحقوق الانسان الاساسية.وكذلك الختان باعتباره انتهاكا بدنيا صارخا على جسم الانسان،وهو مخالف لحق من حقوق الانسان بالحفاظ على سلامة جسده من التشوهات والايذاء،بالاضافة الى ما ينجم عن هذه الظاهرة من مضاعفات.الى جانب حقوق الاجهاض والنفقة والعدة وحق العمل اي تقسيم اجازة الامومة ما بين الاب والام.
   تضفي القوانين الحماية القانونية للفرد للتمتع بحقوقه،الا ان هناك الكثير من المعوقات التي تحول دون تمتعه بهذه الحقوق،والعلاج لا يكمن فقط في ايجاد القوانين،بل في علاج تلك المعوقات التي تمنع الفرد من نيل حقوقه كاملة كانعدام القيم الديمقراطية وطبيعة النظام السياسي واسلوب التعليم ومنهجيته ومستواه والنظرة السيادية للرجل وتغييب المرأة عن التنمية المستدامة وتغييب القيادات النسوية المستقلة والتوجه الاعلامي السلبي والانعدام الامني والتشريعات العراقية.
  تفتقد المرأة العراقية لما يطلق عليه تعبير الامن الانسانى،ويقصد به ممارسة المرأة لحقوقها وحمايتها وتأمين حريتها.وعموما فهو يعنى حماية الناس من التهديدات الحادة وخلق الظروف التي تسمح لهم بالتحكم في حياتهم وادارتها.وحسب تعريف تقرير البرنامج الأنمائى للأمم المتحدة عام 1994 بانه يعنى التحرر من الخوف والحاجة.
     تحفز الشرعية الدولية لحقوق الإنسان النضال من اجل رفض التجاوز الشديد والمتواصل على حقوق المرأة الأساسية في العراق،وكذلك النضال من اجل تغيير المادة 41 من الدستور والتي تناقض مضمون المادة 14 منه،وضد العنف الذي يمارس على نطاق واسع ضد المرأة في العراق،وهي من بين الاكثر بشاعة في العالم،رغم الحديث عن حريتها النسبية في العراق.ان مطالبة المرأة بتغيير نص ومضمون هذه المادة ليس ضروريا فحسب،بل هو حاجة ماسة للشعب العراقي كله وليس للمرأة وحدها،وبالتالي فان العودة الى قانون الأحوال الشخصية الذي وضعه عبد الكريم قاسم وصادق عليه مجلس السيادة العراقية حينذاك هو الحل العملي والذي تطالب به اكثر الكتل النيابية العراقية.
•   الترمل والتيتم الكارثي
   الترمل في العراق مظهر اجتماعي كارثي خلفته سياسات العهد الدكتاتوري البائد العنفية وقادسياته والاعمال الارهابية في فترة ما بعد التاسع من نيسان 2003،وكذلك نهج الطائفية السياسية!والترمل احد اهم جوانب تردي الاوضاع الاجتماعية في العراق مأساوية الى جانب ارتفاع نسبة جرائم الطفولة والتشرد والشذوذ الجنسي وتفشي الأمراض النفسية،وافتقاد النساء العراقيات الى الرعاية الصحية بسبب الظروف السائدة والوضع الأمني المتدهور!وتولد حالة الترمل عوامل نفسية عديدة توثر على سلوك ومستقبل الارملة،ومن ابرز السمات النفسية كونها اشد توترا عن سواها من النساء،فالارملة تحمل هموما في داخلها ووجدانها ما يعادل اضعاف ما لدى الاخريات.وتنوء الارملة بعبء مسؤولية ابنائها من الناحيتين الاقتصادية والتربوية الاجتماعية.لقد رشحت خمس منظمات دولية العراق لتصدر نسبة الارامل والايتام في العالم،وحذرت في تقارير لها من ارتفاع نسبة جرائم الطفولة والتشرد والشذوذ الجنسي وتفشي الأمراض النفسية في المجتمع العراقي في غضون السنوات المقبلة.ويخشى متخصصون في علم الاجتماع من ان تؤدي اعمال القتل في العراق الى نشوء جيل ينزع الى"الجريمة والعنف والعدوانية"في غضون السنوات المقبلة.
  ان الارقام التي تنشرها المنظمات غير الحكومية حول تردي الاوضاع الاجتماعية في العراق مأساوية بحق،فما بين 90 الى 100 امرأة عراقية تترمل كل يوم،ووفق دراسة قامت بها جامعة بغداد تصبح(9)نساء على الأقل في كل يوم ارامل،فيما يرتفع هذا التقدير كثيرا في احصائية منظمة "عراقيات"لتصبح (100)امرأة في العراق ارملة كل يوم،وان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في جنيف ينقل عن سجلات وزارة شؤون المرأة العراقية بان(هناك 300 الف ارملة في بغداد وحدها و30000 ارملة في كربلاء الى جانب 3 ملايين ارملة في عموم العراق حسب السجلات الرسمية)،وتشكل نسبة الارامل نحو 35%من نفوس العراق،ونحو 65%من نساء العراق،ونحو 80%من النساء المتزوجات بين سن العشرين والاربعين،وهو سن الخصوبة والانجاب.تشير احصائيات منظمة الصحة العالمية WHO الصادرة في نيسان 2007 الى وجود 4-5 ملايين يتيم في العراق ومليوني أرملة وتسعمائة الف طفل معوق..كيف تكون الكارثة اذن؟!!
   كما بينت جمعية نهضة البؤساء الانسانية ان عدد العوائل المسجلة لديها فقط هو 6800 عائلة يسكن البعض منها تحت الجسور وفي دوائر الدولة الخالية ولديها(5000)طفل يتيم يبحث عن من يعيله وان هناك حالات مرضية لا شبيه لها تبحث عن من يقدم لها المعونة.اظهرت معلوماتية الجهاز المركزي الحكومي للاحصاء ودائرة تخطيط القوى العاملة التابعة لوزارة التخطيط ان 11%من الأسر العراقية تعيلها نساء وان 73%من الأسر تعليها ارامل.
    وفقا لجمعية حقوق المرأة التي اجرت مسحا للأسر النازحة والاشخاص الذين يعيشون في الشوارع في 12 محافظة(باستثناء اقليم كردستان)خلال الفترة من كانون الثاني الى آب 2007،هناك ارتفاع بنسبة 25%في عدد الامهات اللاتي يطعمن اطفالهن من فضلات الغير او بامتهان الجنس مقارنة بنتائج المسح المماثل الذي اجرته الجمعية في شهر كانون الأول 2005.ومن بين المشاركين في المسح والبالغ عددهم 3572 شخص،كان 72%منهم نساء،ومعظمهم ارامل.واقر 9%منهن بالتجائهن الى الدعارة في حين افاد 17%بانهن التجأن الى التنقيب في صناديق القمامة للحصول على الطعام.ان منظر الامهات اللواتي يبحثن في صناديق القمامة عن بعض الطعام لاطفالهن بات مألوفا،وخاصة في بغداد.
    وتشير احدى الدراسات التي اجرتها وزارة التخطيط الى ان اكثر من نصف الارامل في العراق فقدن ازواجهن خلال السنوات الخمس الماضية وغالبيتهن مسؤولات عن اعالة طفل واحد الى ثلاثة اطفال.وذكرت الدراسة ان المستوى التعليمي للنساء الارامل يتباين بين الابتدائي والمتوسط والجامعي،وان عدد الارامل اللاتي يحملن الشهادات العليا ضئيل جدا.ولدينا الآن مليون ارملة في العراق بحسب احصاءات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي،(83) الفا فقط منهن يتسلمن راتب الحماية الاجتماعية والبالغ(65) الف دينار فقط والذي لا يسد احتياجاتهن.
   وبالرغم من تشكيل رئاسة الوزراء لدائرة معنية بشؤون اعالة الارامل في العراق وتخصيص رواتب شهرية لهن او تشغيلهن،الا اننا لم نلمس حتى اللحظة اي اثر حقيقي واضح لهذه الدائرة التي سترتبط برئاسة الوزراء مباشرة،فضلا عن المبالغ الضئيلة التي خصصتها شبكة الرعاية الاجتماعية لهذا العدد الهائل من الارامل العراقيات،وما يعانينه من مراجعات وتعقيدات لاثبات حاجتهن لراتب شهري.
    النساء المشردات اللواتي يتجولن في الشوارع مع اطفالهن عرضة للعنف والاغتصاب والقتل اثناء تجولهن في الشوارع بحثا عن الطعام او عن مكان لقضاء الليل.انهن بحاجة الى مكان آمن للاحتماء فيه،لان الشوارع في العراق اصبحت خطرة جدا وتجولهن لوحدهن في الليل يجعلهن عرضة للهجوم من قبل المسلحين.ولغاية شباط 2002 كان يوجد في العراق أكثر من 5 ملايين و 200 الف طفل يتيم،يعيشون في كنف ارامل وثكالى،ومعظمهم يعاني من سوء التغذية والأمراض المزمنة والانتقالية،وقسم كبير منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
   صورة المرأة العراقية وهي تفترش قارعة السوق لتبيع شيئا ما تقيم به اود حياتها او ربما اود اخرين معها ينتظرونها تأتيهم برزق يومهم،يثير اشجان المخلصين من ابناء شعبنا العراقي!!ياترى كم ام عراقية آل الزمن بها الى هذا الحال؟او الى قارعة الطريق تبيع شيئا ما تقيم به اودها؟!هل هي تداعيات الالفية الثالثة المتعصرنة بثورة المعلومات والتكنولوجيا؟!هل هو صراع البشر بين الانسنة والتشييء؟فاصبحت حتى العواطف والقيم اشياء قابلة للمقايضة؟كيف يمكن للانسان ان يمارس يومياته بصمت ولا مبالاة وهناك دمعة لأم تحفر اخاديد اليأس على وجنتيها؟!لو كانت المرأة،في يوما ما متعلمة،وصاحبة وظيفة او مهنة،هل سيكون مصيرها كهذه الأم المسكينة؟!
    تواجه المرأة العراقية الكثير من المشكلات الاسرية والاجتماعية،فعلى المستوى الاسري تواجه الفقر وعدم وجود مصدر انفاق،اما على المستوى الاجتماعي فتشير التقارير الى ارتفاع متزايد في اعداد الارامل اللاتي ظللن من دون معيل يمكن الاعتماد عليه،ونتيجة لمقتل الكثير من ارباب الاسر من الرجال نتيجة اعمال العنف والانفجارات التي تشهدها البلاد اضطرت النساء الأرامل واغلبهن في العشرينات من اعمارهن الى الخروج والبحث عن فرصة عمل لاعالة اطفالهن..فعملن بالخدمة في المنازل في وقت لم يكن هذا الامر شائعا في العراق من قبل،نظرا لتكوين مجتمعنا العراقي العشائري يرفض في الغالب هذا النوع من الاعمال للمراة ولاسيما اذا كانت شابة صغيرة وارملة.
•   العنف والعنف ضد المرأة
    ادى انتشار النزاع المسلح وتصاعد موجه العنف في العراق الى زيادة عدد الارامل وزوجات المفقودين،وهو ما اثر كثيرا على حياتهن وتغيير ادوارهن الاجتماعية والاقتصادية والقيام باعمال شاقة بما فيها تحمل آثار التهجير بعد قتل معيل الأسرة والنيل من الامان الشخصي والهوية.اضطرت اعداد كبيرة من النساء للعمل في مهن صعبة وتحت ظروف عمل قاسية جدا،ونشأت ساحات في المناطق الفقيرة من المدن العراقية في مواسم الحصاد وجني التمور تتجمع فيها النساء الراغبات في الاعمال اليدوية الصعبة اي مساطر النساء.وكانت هذه المهن تقتصر على عدد معين من النساء في ايام الحصاد تسمى الطواشات اي النساء الاجيرات في المزارع في مواسم الحصاد،وحل محلهم اليوم نساء العوائل النازحة قسرا والمترملات اثر الاقتتالات الطائفية الدورية،وبعضهن نساء دون معيل اصلا.ان العراقية واحدة من اكثر السيدات المعنفات في العالم اعوام 2006–2007،واعاق العنف تمتع المرأة العراقية بالحقوق والحريات الاساسية بما يشكل خرقا واضحا لبعض مواد الدستور وخرقا اكبر واوضح للقانون الدولي العام واتفاقيات حقوق الانسان.تقول ناشطة نسائية من بلدة العدوانية الزراعية على بعد 25 كلم جنوب بغداد والتي كانت قبل اشهر معقلا لاسامة بن لادن"ترملت اكثر من 100 امرأة وفقد اكثر من 350 طفلا،اما آباءهم او امهاتهم،واصبح حوالي 50 طفلا ايتاما من ناحية الام والاب.نريد الآن بناء مزرعة جماعية للارامل ودار للايتام.يمكننا الاستمرار من دون شوارع نظيفة او طرقات سليمة،لكن لا يمكننا البقاء من دون دار للايتام.وعلى الامريكيين مساعدتنا اذا ارادوا ان يتركوا وراءهم انطباعا جيدا".
    اثار القرار الذي اتخذه مجلس الامن الدولي باعتبار العنف ضد المرأة جريمة ضد الانسانية،مثلها مثل الجرائم الاخرى المشابهة،تستوجب الملاحقة والعقاب، اثار ردود فعل مؤيدة واسعة.لقد اكتسبت ظاهرة العنف ضد المرأة بعدا امميا يعكس الوعي بخطورة هذه الممارسة القديمة الضاربة بعيدا في التاريخ.وتدلل التجربة التاريخية للعراق ان تراجع الديمقراطية في ممارسة الدولة ازاء المجتمع بأسره،وسيادة العنف في هذه العلاقة كما بلغ اوجه في ظل النظام الدكتاتوري المباد،تعاني منه قطاعات المجتمع بأسرها وخصوصا المرأة.وبالمقابل فان انهيار الدكتاتورية لا يعني بالضرورة،وبصورة اوتوماتيكية تقدم الوعي والممارسة الديمقراطيان المدنيان،فقد شهدنا في ميدان حقوق المرأة وحرياتها تراجعا خطيرا،نجمت عنه مأسي عديدة.
    على الرغم من ان العنف في مناطق العراق تراجع خلال الاشهر الماضية،الا ان اعداد النساء ممن تركن بلا معيل او سند في ازدياد،وعدد قليل منهن يحصلن على معونات مالية من الحكومة،ويخشى المسؤولون ان تكون عواقب الظروف الصعبة التي تعيشها هؤلاء النسوة مخيفة.وتقول سميرة الموسوي رئيسة لجنة الشؤون النسائية في مجلس النواب العراقي:"ماذا يمكن للارملة ان تفعل،والارهاب يستغل المحتاجين واليائسين؟"..بينما جاء في نداء لشبكة المستقبل الديمقراطية العراقية مؤخرا"ان التخصيصات المالية من شبكة الرعاية الاجتماعية للارامل لا تسد حاجاتهن الفعلية،ولهذا نؤكد على اهمية سماع اصواتهن،وزيادة التخصيصات المالية الشهرية وتحسين اوضاعهن المعيشية،والوقوف الى جانبهن في حل المشاكل التي يعانين منها.كما ندعو جميع الشخصيات والمنظمات وصناع القرار بالتضامن معهن،وتأييد مطالبتنا للحكومة،بزيادة التخصيصات المالية التي تقدمها شبكة الرعاية الاجتماعية لهن،والعمل من اجل تحسين وضعهن المعاشي".على الحكومة العراقية دراسة معضلة الأرامل،بالتعاون مع الأخصائيين والمنظمات ذات الصلة،وتحدد خططا وبرامج واجراءات.من الضروري سن قانون خاص برعاية الأرامل يوفر لهن امكانيات التأهيل وفرص العمل وضمانات العيش الكريم،ويحقق اندماجهن في المجتمع ويلبي حقوقهن وحقوق اطفالهن.
   الارامل واليتامى .. فئة ضعيفة وسط محنة عظيمة.الارامل في عهد صدام حسين منحن رواتب شهرية وسيارات وقطعة ارض وقرض عقاري لبناء بيت عليها،وهو ما ساعد في التخفيف من ازماتهن على الرغم من وحشية نظام صدام حسين،لكن تلك المساعدات توقفت منذ سقوط هذا النظام.ويقدر عدد الارامل اللواتي يحصلن على معونات حكومية بنحو 84000 ارملة،وبمعدل يتراوح بين 40 الى 95 دولارا شهريا.يبدو جليا ان هذا الوضع سوى مهدئ وليس علاجا فعالا.ومع اتساع نفوذ التيارات الاسلامية المحافظة في العراق خلال الاعوام الاخيرة،صارت فرص الارملة في لعب دور في المجتمع او الاقتصاد العراقي ضئيلة،ويجد العديد منهن انفسهن حبيسات البيوت وعاجزات عن اعالة انفسهن،وعلى الاخص في المناطق والاحياء الفقيرة،وخصوصا ان الكثير منهن ما زلن يافعات وشابات.وفي ظل سيادة ثقافة التخلف ليس من المستغرب ان تواجه الارملة النظرة الدونية ومواقف الشك والارتياب بتصرفاتها.ان هذه النظرة هي في اساس العواقب السايكولوجية لحالة الترمل.
       ان حوالي(5- 6)نساء يقتلن في العراق كل يوم،واذا تابعنا احصائيات وزارة الصحة والطب العدلي لشهري كانون الثاني وشباط من عام 2006  فقد قتلت(181)امرأة،(55)واحدة منهن قتلت عن طريق التصفية بالرصاص فيما كانت الأخريات ضحايا التفجيرات والعمليات العسكرية.تصاعد العدد في شهري(تموز وآب)الى(377)امرأة.لقد تعرضت للقتل من النساء شرائح مختلفة من المهنيات والناشطات والاعلاميات وقريبات المسؤولين السياسيين وزوجات الأساتذة وزوجات ضباط سابقين في الجيش العراقي وغيرهن مما اثر سلبا على مشاركة المرأة في الحياة السياسية والعامة،بينما اقر قائد شرطة البصرة بان المرأة في البصرة تتعرض لقمع شديد وارهاب من نوع جديد،لم تألفه المدينة المعروفة بحضاريتها وسماحتها عبر كل عصورها،اذ تقوم عصابات اجرامية بملاحقة المرأة البصرية وتهديدها وقتلها على الوشاية والظن،مؤكدا بان لدى اجهزة الشرطة احصائيات رسمية تشير الى ان هناك 15 امرأة في البصرة تقتل شهريا على الاقل من قبل عصابات اجرامية منظمة،بحجة مجافاتها للضوابط الأخلاقية والدينية،وان هناك عصابات تجوب الشوارع وتستقل السيارات والدراجات النارية،تلاحق النساء وتمارس التهديد والوعيد والقتل،بسبب ما ترتديه بعض النسوة من ملابس او وضعهن لمساحيق التجميل.
  وفقا لأرقام معهد الطب العدلي في محافظتي اربيل والسليمانية فان(248)امرأة قتلت فيهما في الاشهر الستة الاولى من عام 2006 وكان التعرض للحروق سببا في وفاة اغلب الحالات،وتفيد التقارير الصحفية الى ان حوادث متشابهة لوحظت كذلك في دهوك.وكشف وزير حقوق الانسان في حكومة اقليم كردستان العراق عن حرق 97 امرأة في الاقليم خلال اشهر(تموز،آب،ايلول،تشرين الاول 2007)فقط فضلا عن مقتل 27 من النساء للمدة نفسها،واكدت الاحصائيات التي اجريت عن العنف ضد المرأة في الاقليم لنفس الفترة وجود 60 حالة حرق للنساء في اربيل و21 حالة في محافظة دهوك و16 حالة في محافظة السليمانية تقابلها حالات قتل للنساء 10،11،6 على التوالي في المحافظات الثلاث.
    يذكر ان ظاهرة القتل على الشرف شكلت ظاهرة واضحة في كردستان العراق،وعزت احدى موظفات مكتب الأمم المتحدة في حوار مع مجموعة رصد الديمقراطية الى ان مثل هذه الجرائم تضيع في باقي مناطق العراق وسط صخب موجات العنف التي تطغى فيها،في الوقت الذي تحظى فيه مناطق كردستان بأمان نسبي.وبحسب مسح قامت به منظمة"تمكين المرأة"في كردستان العراق فانه في كل يومين يوجد(3)نساء يحاولن الانتحار،وفي كل أسبوع تموت(3)منهن حرقا،كما اشار المسح الى ان معهد الطب العدلي في السليمانية فقط استلم 250 ملف فحص غشاء البكارة وكانت 11 فقط من المفحوصات فاقدات لغشاء البكارة(4)منهن صغيرات في السن كان فقدهن لغشاء البكارة بسبب اللعب او السقوط عن مرتفع او بسبب حادث سيارة.تجدر الاشارة الى ان قانون العقوبات العراقي يعد قتل النساء دفاعا عن الشرف ظرفا مخففا وفق المادة(409)التي تنص على معاقبة من تثبت ادانته بمثل هذه الجرائم بالسجن لمده أقصاها ثلاث سنوات بينما تم التعديل على هذا القانون في اقليم كردستان بحيث عد جرائم الشرف جرائم عادية.
   يشكل اختطاف النساء في العراق من اكبر القضايا التي تبث الرعب في نفوس الأسر وتعوق مشاركة المرأة في مناحي الحياة المختلفة،وقد ظهرت عصابات متخصصة في خطف النساء في اماكن مختلفة من العراق كما تقف بعض الجماعات المتشددة وراء الخطف لسبب او لآخر يختلف بحسب الجماعة التي تقوم بالعملية،وتقف الدوافع السياسية احيانا وراء بعض عمليات الخطف.وفي احصائية نشرتها منظمة"حرية المرأة"تشير الى ان عدد النساء المختطفات في الاعوام الثلاثة الاخيرة بعد سقوط النظام في 9/4/2003 يزيد على الالفي امرأة موضحة ان بعضهن تم بيعهن كسلع داخل العراق وخارجه.
   يؤكد اتحاد المساجين والمعتقلين العراقيين ان ادارة الاحتلال الامريكي في العراق تعتمد سياسة منتظمة لممارسة الاغتصاب،التعذيب والمعاملة السادية ضد المرأة المعتقلة في سجون معسكراتها،وان جرائم كثيرة ارتكبت ولا زالت ضد المرأة في هذه السجون بدعم ومباركة القوات الأمريكية لكون هذه الجرائم،من وجهة نظر الاحتلال،تخدم اغراضه في تشديد الضغط النفسي على المرأة العراقية،محاولة لكسر معنوياتها وتحطيم ارادتها.
     مع التهديد والخطف وانتهاك الحريات التي تتعرض لها المرأة في العراق ينشط  تجار الرقيق الابيض في استغلال حالات البؤس والبطالة في العراق تحت غطاء عروض وهمية للعمل كمدبرات منازل لغير المتعلمات او متوسطات التعليم او موظفات في الشركات الاهلية لصاحبات التعليم الجامعي.ويطالب هؤلاء التجار المتقدمات بدفع مبالغ كبيرة نسبيا بالدولار مقابل استحصالهم لهن على عقود العمل في دول الخليج حيث يتم اجبارهن على بيع اجسادهن في الفنادق والملاهي.
    وبحسب تقرير للشبكة الاتحادية الإقليمية للأنباء"أيرين"الذي تتبع حركة تهريب آلاف الفتيات العراقيات بينهن(1500)سجلن كمفقودات في العراق،فان الوجهة الأساسية لتلك النسوة كانت دولة الامارات العربية المتحدة وتحديدا دبي حيث يتم استغلالهن مع نساء من اصول متعددة في تجارة الجنس المنظم.ولفت التقرير الى تحول سوريا الى مقصد آخر لتهريب النساء العراقيات فيما اكد جماعة رصد الديمقراطية في البصرة ان الكويت تضاف الى تلك المنافذ.ان الوضع الأمني في العراق يجعل وقف عمليات تجارة الرقيق الأبيض شبه مستحيلة وان حرية العمل و الحركة لتجارها مازالت متوفرة.
  تدفع المرأة العراقية الثمن مضاعفا بسبب ما يجري في العراق اليوم فطوق الاضطهاد يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل،بسبب الظروف الاجتماعية والعادات المتخلفة من جانب وتسلط القوى المتطرفة والارهابية باسم الدين من جانب آخر والتي أخذت فتاويها تكثر في تجريم النساء اللواتي لم يلبسن  الحجاب والعباءة واحداها فتوى اصدرتها احدى الميليشيات الارهابية الممثلة في الحكومة والبرلمان بمنع المتقدمات اللواتي لم يلبسن ذلك الزى من الدخول الى معهد المعلمات او التسجيل  فيه،هذا الامر يمارس بصمت ايضا في دوائر الدولة دون اي رادع وتشمل تلك القرارات النساء من الديانات الأخرى ايضا.المنشورات توزع في الجامعات تدعو الطالبات لارتداء الحجاب وعدم التبرج الامر الذي اثار موجة من الخوف والسخط بين طالبات جامعة بغداد وبقية الجامعات العراقية.عثر على منشورات في باحات الكليات،لم تذيل باسم اي جهة،تحذر الطالبات من ارتداء البنطلون داخل الحرم الجامعي وتمنعهن من وضع مساحيق التجميل بشكل مبالغ فيه ودعتهن الى ارتداء العباءة الاسلامية السوداء.تعرضت بعض الطالبات في البصرة الى الاهانة من قبل ما يطلق عليه هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت تجوب المدينة بكامل اسلحتها قبل اشهر.وتظهر بين الحين والآخر مع بدء المواسم الدراسية الجديدة تقارير عن خطف طالبات المدارس والمعاهد والكليات ويتم التكتم على الخبر دائما.


   في بعض احياء بغداد يحظر على النساء الذهاب الى الاسواق بمفردهن،كما تتعرض اخريات للتهديد المباشر او الضرب او عبر القاء رسائل مكتوبة او القاء البيانات في المناطق او عبر رسائل الهواتف النقالة.ان ارهاب النساء بتهديدهن لاجبارهن على التحجب يطال حتى الموظفات الرفيعات المستوى في بعض الوزارات،وقد طالت التهديدات بشكل تعسفي حتى نساء الأقليات الدينية وازدادت بشكل لافت ظاهرة ارتداء المسيحيات والصابئيات الحجاب في البصرة،وفي بعض المؤسسات التابعة للدولة يتم تخصيص مصعد خاص للرجال وآخر للنساء!.
   تؤكد شميران مروكل عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ان تعريف العنف ضد المرأة هو اي عمل عدائي مهين او مؤذ للمرأة في العمل او في اللفظة اذ يسبب ذلك اذى نفسيا او جنسيا او بدنيا،هذه المعاناة،اكراه المرأة او الحرمان الذي تعاني منه وحرمانها من الحرية العامة والخاصة.وبشأن اشكال العنف تؤكد:العنف الاسري،القانوني الذي نعانيه في العراق،اذ لا تنصف المرأة في قوانين الجنسية او قوانين العقوبات او قانون الاحوال الشخصية،العنف العام الذي يحدث في اطار المجتمع العام.ولمواجهة العنف لابد من ايجاد برامج تربوية وتدريبية تمنع حالات العنف،تأهيل المرأة واعطائها الثقة بالنفس،العمل على تعزيز ثقافة الحوار وادخال مفاهيم لتبادل الادوار داخل الاسرة،اجراء دراسات وبحوث لظاهرة العنف،تأمين مراكز للنساء المعنفات،العمل على اصدار نصوص قانونية تحرم العنف الاسري ووضع اجراءات تكفل وصول البلاغات جراء ذلك...فضلا عن تحصينها ضد العادات والتقاليد التي لا تسمح لها بالشكوى ضد زوجها في حالة تعرضها للعنف.وتلخص المهندسة ليلى التميمي رئيسة مؤسسة دعم وتطوير المهندس العراقي قضية المرأة بالعراق بالقول انها تعرضت لانواع العنف كافة"ان جميع انواع العنف ضد المرأة في العراق نفذت مثل العنف الاسري والمجتمعي والسياسي وعنف الدولة،والعنف الذي يرتبط بالاعراف والتقاليد وان المرأة مقيدة ومكبلة بقيود كبيرة".وكانت العديد من المنظمات الدولة قد دعت الشرطة الى التعامل بجدية مع انباء العنف في محيط الاسرة والتحقيق فيها،وتوفير الحماية للشاكيات والشهود،وتسهيل عمل المنظمات النسائية،واتخاذ اجراءات تأديبية ضد ضباط الشرطة الذين يهملون الشكاوى المتعلقة بالعنف ضد المرأة او يتعاملون معها بنوع من اللامبالاة.
•   الواقع الصحي المتدهور للمرأة العراقية
   اكدت المنظمة العراقية للمتابعة والرصد(معمر)ان فتاة عراقية قاصر واحدة يتراوح عمرها بين 14و18 عاما يتم بيعها في كل يوم بعد اختطافها،وانه تم تسجيل حالات بيع للاطفال بعد خطفهم او من خلال شراءهم من ذويهم.لغاية شباط 2002 كان يوجد في العراق اكثر من 5 ملايين و 200 الف طفل يتيم،يعيشون في كنف ارامل وثكالى،ومعظمهم يعاني من سوء التغذية والأمراض المزمنة والانتقالية،وقسم كبير منهم من ذوي الإحتياجات الخاصة.وتفتقد النساء العراقيات الى الرعاية الصحية بسبب الظروف السائدة والوضع الأمني المتدهور الذي يمنع النساء في الغالب من الوصول الى المراكز الصحية فضلا عن ان الخدمات في المراكز متدنية كما ان العديد من الطبيبات قمن باغلاق عياداتهن الخاصة والهجرة خارج العراق بسبب تعرضهن لخطر القتل او الاختطاف.
    يزداد الوضع الصحي لاسيما ما يتعلق بالصحة الانجابية تعقيدا عند نساء العوائل المهجرة التي ظلت بلا مأوى.اذا كان 57%من النساء العراقيات يفتقدن الى الرعاية الصحية حسب مسوحات عامي 2004- 2005 فان هذا العدد قد ازداد اعوام 2006 و2007 مع ازدياد التدهور في عموم مفاصل الحياة.لقد راح ضحية الاعراف والتقاليد والاوهام والافكار المشوّهة العديد من المرضى،وخصوصا الأطفال منهم والنساء(حالة الصرع ـ يقولون إن جنيا دخل رأس المريض،حالة الحمى السوداءـيعالجونها بارضاع الصغير المصاب من حليب انثى الحمار او الماعز،التهاب العين وانسداد الانف لدى الرضّع يعالجونها بوضع قطرات من حليب الام في عين او انف الرضيع،حالة الاسقاطات المتكررة لدى بعض المتزوجات يعدونها عمل سحر للمصابة فيبدأون بأخذ الوصفات من بعض المشعوذين والذين قسما منهم يتخذون من الدين ستارا يوارون به افعالهم الشنيعة،حالة التهاب عرق النسا يعمدون مباشرة الى طريقة الكي في العلاج،في حين وكما هو معروف وشائع ان آخر الدواء هو الكي،وحالة المغص المعوي الشديد ولاي سبب تجدهم يطلقون عليه مصطلح عجيب غريب الا وهوـ صرته مشلوعةـ فما المقصود؟لا نعرف!وحالات اسهال الاطفال المنتشرة بالارياف يسمونه ـ الطفل كارف ـ وهذا مصطلح آخر عجيب غريب،أما حالات تعسر الولادة والتي اسبابها عديدة جدا فهي الاخرى عديدة وسببت الكثير من المآسي،هذا عدا حالات الطوارئ التي يتعرض لها اهالي الارياف كالسقوط من علو،عظة كلب،شدة خارجية من احدى الدواب، لسعات الحشرات..الخ).
   ان الدوالي وآلام الظهر والمفاصل رغم قسوتها الا انها من الامور الشائعة جدا بين النساء بشكل عام وبين نساء الريف بشكل خاص وذلك لمجمل الاسباب الواردة فيما تقدم.اما الالتهابات والحالات الخاصة كهبوط الرحم،النزوفات بانواعها،الاورام السرطانية..فهي عديدة ومتنوعة،وتشمل كل اجزاء الجهاز التناسلي وكل اجزاء الجهاز البولي.ان غالبية الالتهابات سببها غياب او تخلف الوعي الصحي بين نساء الريف اضافة الى الظروف البيئية والصحية السائدة،وما يثير الحسرة هو ان الغالبية من هذه الأمراض سببها عدم اتباع الوسائل الصحية الخاصة بحياة المرأة والتي مردّها الجهل والبعد عن الحضارة وتقدمها.وتدل الاحصائيات على انتشار العديد من الامراض التي تسببها الجراثيم والطفيليات في البيئة الريفية مقارنة مع انتشارها في المدينة،الامر الذي يؤكد تواجد عوامل معينة تساعد على انتشار مثل هذه الامراض ومسبباتها في المجتمع الريفي،مما يحفز ضرورة الاهتمام الخاص بالواقع الصحي للريف.وتسبب هذه الامراض تفاقم الازمة الصحية للمرأة بشكل عام،التأثيرات النفسية المؤلمة حقا لدى المرأة،انتشار الامراض بطرق العدوى المختلفة،تعطيل الطاقة الانتاجية والقابلية العملية للمرأة الريفية،اضافة الى عدم الانجاب او تأخر الحمل او حصول الاسقاطات المتكررة.
  ان وضع الاطفال الصحي في الريف هو امتداد لواقع امهاتهم بل هو جزء من الصورة نفسها،الا ان الفئة العمرية تتحكم بطبيعة امراضهم،اي بمعنى ان هناك امراضا خاصة بالاطفال بسبب الطبيعة الَمرضية لمسببات الأمراض،الصورة المناعية في اجسام الاطفال،البناء التشريحي والفسلجي لاجهزة اجسام الاطفال.
•   الطلاق والتفريق في العراق بات ظاهرة
   في البصرة،شهدت محكمة شرعية البصرة وحدها عام 2006(1119)حالة طلاق،اغلبها طلاقات تعسفية واهمها الزواج باخرى تحت ذريعة الاقتدار المادي اضافة الى مشاكل لا تحصى عن الحضانة.ولوحظ في كردستان العراق ان نسب الزواج في تنازل،وان نسب الطلاق في تصاعد،واصبح الطلاق في العراق يشكل ظاهرة،امتدت حتى للمتزوجين حديثا من الشباب،بفعل عوامل متعددة،يتداخل فيها الجانب المالي،تضخما او عوزا،مع مؤثرات الاوضاع الامنية على الجانب الاسري،اضافة لدور القيم الاجتماعية التي تعلي من مكانة الرجل وتمنحه حرية اكبر من المرأة في الطلاق والزواج.وترسم ظاهرة الطلاق صورة للحياة الاسرية التي لم تعد تحظى بعمر طويل خاصة عند الازواج الشباب.
    ويعتبر تعدد الزوجات سببا آخر للطلاق بفعل سكن اكثر من زوجة داخل بيت واحد،حيث تحولت حياة كثير من الزوجات والازواج بعد ان رزقوا خلالها باطفال الى مشكلة انتهت بالطلاق.وتشغل دعاوى الطلاق والتفريق حيزا كبيرا من قضايا المحاكم بل تتصدر احيانا جميع الدعاوى،وهذا يشكل خطرا على المجتمع مع ارتفاع حالات الطلاق بشكل ملفت.ويؤكد  القاضي السابق مهدي الحاكم ان دعاوى الطلاق تبلغ نسبتها اليوم 80 % بسبب الزواج باخرى،خاصة في الارياف،مما يؤدي بالزوجة الاولى الى طلب الطلاق.ان الكثير من حالات الطلاق سببها تحسن الوضع المادي للزوج.
    وتتحمل الحكومة العراقية مسؤولية تجاهل حل المشكلة،بسبب عدم ايجاد الوظائف للشباب وانعدام مساعدة المتزوجين حديثا،لان تردي الوضع الاقتصادي لغالبية الشباب اثر سلبا على حياة المواطنين الاجتماعية.وتشير التقارير الصادرة مؤخرا الى ان الرجال بدأوا يحركون قضايا الطلاق بشكل متزايد في اعقاب سقوط النظام الدكتاتوري،واشار تقرير صدر في حزيران 2005 عن معهد الحرب والسلام الى ان المحاكم الشرعية في العراق ايضا تمنح الرجال الطلاق دون تواجد او حتى علم الزوجات.وتبقى قدرة المرأة العراقية على الحصول على الطلاق او الابطال محدودة جدا،فالعوائق الاجتماعية والثقافية المتغلغلة وانتشار الجهل بقوانين الطلاق تمنع الكثير من النساء من ممارسة الحقوق الممنوحة لهن،بموجب القانون.ان العديد من النساء ببساطة يجهلن حقهن في انهاء الزواج.
    لقد وصل بنا الحال في العراق اليوم وكأننا نعيش في غابر الأزمان،حيث لا تستطيع المرأة العراقية حتى الحصول على جواز السفر الا بموافقة ولي امرها!،وعليها ان ترتدي الحجاب قسرا وبالقوة،وان تقتل بطريقة الرجم بالحجارة حتى الموت مثلما حصل للفتاة العراقية(دعاء)في السابع من نيسان عام 2007 في منطقة بحزاني،وان تتحول الى سلعة تباع وتشترى بيد الرجل لاشباع رغباته كزواج المسيار وزواج المتعة عند الجهلة.

    تبلغ نسبة الامية في الاوساط النسائية الريفية معدلات عالية وذلك مؤشر خطر لأوضاع المرأة الريفية تظهر آثاره واضحة في جميع المجالات.ان العمل الزراعي للمرأة الريفية هو جزء لا يتجزأ من عملها اليومي كربة منزل،لكن هناك 82.19% من النساء الريفيات ليس لديهن اي اطلاع على الوسائل الصحية والخدماتية والمعلوماتية.
    الأمية ظاهرة خطرة اخذت تتسع بين صفوف النساء في بلاد قامت عليها اعرق واعظم الحضارات.وما يزيدها خطورة،تهميشها وعدم الاهتمام بها على الصعيد الحكومي والاعلامي،فلا مؤسسات الدولة ولا الاحزاب السياسية وضعت خطة للقضاء على هذه الظاهرة،عدا مساع محدودة لبعض منظمات المجتمع المدني في اقامة دورات لمحو الامية.وتشير السيدة ماجدة الجبوري عن رابطة المرأة العراقية الى ان اوضاع المرأة الريفية في العراق مهملة،وهي لا تتمتع باية حقوق،فالورش والانشطة النسائية والندوات التثقيفية والتوعوية تقام في المدن الكبيرة وتحرم منها المرأة الريفية التي تتعرض للكثير من الاهمال والمهانة والحرمان من ابسط الحقوق.منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية بشكل خاص مدعوة للتوجه الى الريف والاطلاع على اوضاع المرأة الريفية.
   لازال الزواج في الريف العراقي والكردستاني يتميز بظاهرتين اساسيتين:الزواج المبكر حيث ان 3% من المتزوجات تتراوح اعمارهن بين 10- 14 سنة،غلاء المهور حيث ان 81% من الفتيات بين العمر 15- 19 سنة و37% من الفتيات بين العمر 20-22 سنة غير متزوجات بسبب غلاء المهور.ومن اللافت للانتباه شيوع سوق الاعراف العشائرية والطائفية بحق المرأة العراقية في الالفية الثالثة:النهوة،كصه بكصه،الزواج بالاكراه،القتل غسلا للعار،النهيبة،تعدد الزوجات،الفصلية،عند بعض السادة الزواج من السادة فقط!!لقد اخذت ظاهرة قتل النساء بدافع الشرف واقدام بعضهن على الانتحار تثير القلق في اوساط منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية باقليم كردستان العراق،اذ تشير التقارير الى ان حالات القتل والانتحار بين النساء في الاقليم اصبحت شبه يومية.
    يؤكد القاضي عبد الرحمن سليمان ان برلمان اقليم كردستان العراق كان قد اصدر قانونا مفاده ان من يقتل امرأة غسلا للعار يحاكم بعقوبة جريمة القتل،وان الاعراف والتقاليد العشائرية التي تحكم المجتمع تتسبب احيانا في عدم وصول بعض القضايا لى المحاكم،اضافة الى عدم تعاون الاهالي مع القضاء،خصوصا في حالات مثل القتل بدافع الشرف،خوفا من الفضيحة.يذكر ان دوائر متابعة العنف ضد النساء في اقليم كردستان سجلت 364 حالة قتل وانتحار للنساء في محافظات الاقليم خلال الفترة الممتدة من شهر تموز 2007 ولغاية شهر تموز 2008،وشهد العام الماضي 2007 26 حالة انتحار بين النساء في دهوك.بحسب مصادر وزارة حقوق الانسان في اقليم كردستان العراق.
    لماذا يتربع القتلة الحقيقيون في جرائم قتل النساء بذريعة جرائم الشرف،ممن اسموا انفسهم فقهاء بالدين،على صدور الناس وتركوا حبل العباد على الغارب وتفننوا باللهو بمصائرهم بحجة قربهم من نسب نبي المسلمين تارة وبالرفعة في المنزلة بحكم المعرفة باصول الفقه الكاذب تارة اخرى؟وان كان هناك حقا يوم للحساب والعقاب فاين يمكن ان يكون مصير هؤلاء الفجرة من مدعي حمل لواء الدين بعد ان حملوا جريرة مليء عقول القراء بتعاليم هي من صنع خيالهم وافكارهم المريضة وليس للرب فيها من دخل ولا علاقة؟انها ذمم سيتوقف عندها التاريخ يوما ما،ويضع بيده اليمنى شارة الحكم بالعار على هؤلاء ممن رسخوا في دواخل البشر ضلالات الدين وليس تعاليمه السمحاء.
  تنتشر حالات العنف في الأسر العراقية كالشجار،خصوصا بين الذكور،نتيجة حتمية من نتائج حالات القتل العشوائي اليومي وانعدام الأمن وتفكك الأسر وتفشي الجريمة وارتفاع جرائم السرقة والسطو المسلح والاختطاف والاغتصاب وجنوح الاحداث الامر الذي يحتم على الدولة ان تتبع نهجا خاصا للحد من الظواهر السلبية الناجمة عن الانفلات الامني وغيـاب سلطة القانون في البلاد،فضلا عن اصدار قرار حكومي يمنع بموجبه حيازة الاسلحة الشخصية.
•   تراجع حقيقي للمرأة عن المشاركة في التأثير الايجابي على المجتمع
   التحدي الأكبر الذي يواجه آلاف الشابات اليوم هو العنوسة،ذلك الخطر الذي يداهم هؤلاء اللاتي تعرضن لضغوط الحياة المختلفة،وبقين وحيدات يصارعن الاقدار على امل ان يجدن ضالتهن في رجل او شاب يتزوجن منه.غير ان الآمال تتبدد وتتلاشى وسط ركام الموت والعنف والحروب والتهديدات المختلفة التي أحالت حياة الكثير من العراقيين الى جحيم.ويحذر علماء النفس والاجتماع من مخاطر تفشي هذه ظاهرة العنوسة،لما لها من آثار سلبية خطيرة على حياة شباب وشابات يصارعون الاقدار ويكابدون مشكلات لا حصر لها،وتتلاشى امنياتهم بان يجدوا ضالتهم وظروف مناسبة تهيأ لهم مستلزمات الزواج،ومع هذا فان فرص زواج الشابات من اي شاب يتقدم لهن يبقى هو الحلم الاكبر الذي تنتظره شابات العراق في هذا الزمن الصعب.
   في العراق هناك تراجع حقيقي للمرأة عن المشاركة في الحياة الوظيفية والخدمة العامة وفي النشاط الاقتصادي،في الحياة الاجتماعية والثقافية وفي التأثير الايجابي على المجتمع وفي حياة الاندية الفكرية والرياضية والمحافل الثقافية رغم ان المرأة تشكل 50% من مجموع سكان العراق في المناطق الحضرية والريفية.ويمكن تلمس الانتشار الواسع للبطالة في صفوق الاناث والتراجع الشديد في عدد الطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات،مع التأثير الصارخ للمرجعيات الدينية ذات التأثير الرجعي وشيوع حالات الشعوذة والسحر وقراءة الطالع.ورغم تفوق عدد المنظمات النسوية العاملة في العراق،والذي يناهز ال(1000)منظمة وفق معلوماتية وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني،على عدد نظيراتها في كثير من دول الشرق الاوسط،فان النساء العراقيات لم يشعرن بدورها ولازال التراجع الحقيقي للمرأة عن المشاركة في كامل الحياة الاجتماعية جاري على قدم وساق.تقدم بعض المنظمات الانسانية المساعدات للارامل والايتام،ومنها منظمة المصباح التي تأخذ على عاتقها مسؤولية طفل واحد من كل اسرة وتقدم علاوات صغيرة بالاضافة الى الكساء والكتب بشرط ان يواصل الأطفال تعليمهم،وكذلك منظمة الأرامل العراقية التي تأسست في 9/1/2004 ومركزها الرئيسي في مدينة الديوانية و لها فروع في بغداد!
    مع كل تفجير او اشتباكات او حوادث عنف مختلفة في العراق يزداد يوما بعد يوم عدد الارامل.وفي ظل عدم وجود مؤسسات حكومية تعنى بشؤون  الارامل تسعى بعض المراكز والجمعيات على تدريبهن وتطويرهن من اجل التعايش مع وضعهن الجديد.مراكز تدريب وتطوير الارامل تقوم بالتدريب التقني الذي يتضمن الخياطة والتمريض والكمبيوتر وتقديم دورات التوعية عن حقوق الانسان،بينما تقيم وزارة الشؤون الاجتماعية دورات تدريبية تدفع خلالها اجور للمشاركات،وتشتري الدولة منتوجات هذه المراكز التي ساهمت بتأهيل مئات الارامل في بغداد.حكايات الارامل مختلفة اما النتيجة فواحدة،نساء عراقيات فقدن ازواجهن ولم يبقى لهن الا التأقلم مع وضع جديد واعالة من لم تحصده اعمال العنف من عائلاتهن.
   يعيش الشارع في بلادنا مدا رجعيا للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،وهي تريد فرض ارادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على جميع افراد المجتمع،والى رفض الآخر وفكره واتجاهاته.كما ان حكومات المحاصصة الطائفية لا تتصدى لمثل هذه التيارات الفكرية والاتجاهات السياسية غير السليمة والعدوانية،التي تسلب المرأة حقوقها المشروعة وتحصر واجباتها في البيت والمطبخ وتربية الأطفال وتمنع مشاركتها الفعلية في الحياة العامة والعمل وممارسة ارادتها الحرة وتمتعها باستقلالها الاقتصادي وحريتها الاجتماعية فحسب،بل وتشارك تلك القوى في فرض تلك التقاليد والأعراف البالية عليها وتسمح بتكفير المزيد من الناس ونشر الكثير من الكتب الدينية التي لا تنشر سوى الخرافة والتخلف والعبثية.
   يؤدي انخفاض نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة الى انخفاض ملحوظ في مستوى دخل الأسرة العراقية،وستؤدي برامج التعديلات الهيكلية التي يفترض اجراءها والمتمثلة في بيع القطاع العام وخصخصة جميع مشاريع الحكومة الى طرد الالاف من العمال،وبالتأكيد سيكون نصيب المرأة العراقية من العاطلين عن العمل كبيرا هذه المرة...بينما ادى انحسار دور النقابات العمالية سواء ما قبل الاحتلال بقرارات حكومية منعت التنظيم النقابي في القطاع العام في حينه(القرار 150 واشقاءه)او تشظي الحركة النقابية الحالية لغياب التشريع ومحاولة جهات سياسية تجيير الحركة النقابية لمصلحتها الطائفية والحزبية الضيقة الى تشرذم هذه الحركة وعدم نهوضها،وكذا منظمات المجتمع المدني والجمعيات النسائية،وضعف دور الاعلام بكل وسائله في العراق وغياب سياسات واضحة لمكافحة التمييز في العمل،مما شكل عبأ اضافيا جعل المرأة تفقد مساندة هذه النقابات وحماية حقوقها ومكافحة التمييز ضدها،والضغط من اجل قوانين عمل عادلة للجميع.
   في سياق مفهوم التنمية الانسانية والتنمية المستدامة فان نهوض المرأة يستلزم المساواة التامة في فرص اكتساب القدرات البشرية وتوظيفها بين النساء والرجال،ضمان حقوق المواطنة لجميع النساء على قدم المساواة مع الرجال،الاقرار بوجوه الاختلاف بين الجنسين واحترام هذا الاختلاف لكن لا ينبغي على الاطلاق استخدام هذا الاختلاف لمساندة النظريات الداعية الى عدم المساواة بين النوعين او الى اي شكل من اشكال التمييز بينهما،المشاركة بان يكون لكافة الرجال والنساء صوت في صنع القرار مباشرة او من خلال مؤسسات وسيطة شرعية تمثل مصالحهم،وجوب ان تكون هناك كوتا نسائية للمراكز القيادية في الادارات ولكن يجب ان يكون اساسها الكفاءة وليس الانتماء الحزبي او العائلي لشخص ما او حزب ما او ظائفة ما،النهوض بتغيير القيم والمعايير المؤسسية لهيئات العمل والهيئات العامة والمنظمات الاهلية لتعكس انماط حياة النساء والرجال ومساندة ليس فقط الخيار الفردي فحسب ولكن ايضا العدالة الاقتصادية،ترسيخ التوجه الحقوقي في دعم مشاركة النساء في قوة العمل لتشمل المساواة التامة بين المرأة والرجل في حق العمل وفى الاجر المتساوي للعمل المتساوي وفى كافة الحقوق الاقتصادية التي يقدمها المجتمع لأفراده او يطالبهم بها كالضرائب،تطوير نظم مساندة اسرية مستدامة وفعالة وفتح مجال الاختيار للنساء وتثمين مساهماتهم الايجابية في الاسرة،زيادة قدرة النساء على الجمع بين العمل والمسؤوليات الأسرية.وكذلك مكافحة الفقر من خلال تأسيس مظل

166
الشبيبة العراقية..الواقع والتحديات!

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

"ان احوال العالم والامم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر،انما هي على اختلاف
الايام والازمنة،انتقال من حال الى حال"
يمشي الفقير وكل شئ ضده..
حتى الكلاب اذا رأته عابرا
نبحت عليه وكشرت انيابها
وان رأت يوما غنيا ماشيا
هرعت اليه وحركت اذنابها
!
   لم تـأت الطائفية السياسية من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي بل من سلوك الحكام وطبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقولهم،وهي معادلات تقوم على فكرة التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين.العبث الطائفي والعشائري نابع من المعادلات الصبيانية المدمرة الساعية الى تمزيق النسيج المنطقي للاحداث كي لا يجري الامساك بالاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في غموض الصدفة والوعي.وتتسم الطائفية السياسية اليوم في بلادنا باصطناع المثل السياسية على قدر حجمها وامتلاك الباع الطويل من القرارات والاجراءات غير المدروسة الغرض منها هو الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني والتغني بهما،لكنه لم يقدم شيئا اذ لم يخرج ذلك عن ممارسة التكتيك السياسي والمناورة الوهمية في اطار الوقاحة الانتخابية والدعاية الرخيصة واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل!،والايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية شعارا لاغراض التنفيس والاستهلاكية،ولغوا وسفسطة كأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيب الاسلام الطائفي السياسي وروزخونيته او في مدرسة واشنطن التأديبية.قرارات واجراءات لا تدل سوى على التزمت والجهل المطبق والقصور في فهم ماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني،وقرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل ابناء الشعب الى قطيع من الارقاء مغسولي الادمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق المهلل لها.
   منذ قرابة السنوات الاربعة عودنا الثنائي السيخورمي(نسبة الى الصحيفة الكاريكاتيرية الكردستانية سيخورمة)او ما شاكل- الجعفري والمالكي ومن وراءهما الاديب والحكيم وبطانة الائتلاف العراقي الموحد على عقد المؤتمرات الموسعة لمختلف الشرائح الاجتماعية المؤلفة للشعب العراقي بداعي المصالحة الوطنية وتلمس المشكلات عن كثب والتفاهم لحل المشكلات في البلاد،ومن اجل الوصول الى حلول عديدة توفر خيارات متعددة لصناع القرار لمعالجة الازمات التي تفرض نفسها في الواقع السياسي والاجتماعي العراقي..مؤتمرات للقوى السياسية،وللمؤسسة العشائرية،ولمنظمات المجتمع المدني،وللمجالس البلدية،وللطلاب والشبيبة..الخ....آخرها ملتقى الشباب الثاني الذي اقامته مؤسسة الشباب العراقي يوم السبت 15/11/2008 تحت شعار(الشباب نهر عطاء دائم يصب في زهو العراق) والذي جرى برعاية ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء الاسبق المعروف بتلعثمه بين كل جملة واخرى بالعبارة المحبذة له(او ما شاكل)وذو الخطاب الضبابي والنفعي والمتخبط واللاهوتي المتسم بطغيان الخجل البورجوازي.
   كما توقع الجميع،الذين حضروا المؤتمرات والذين قاطعوها،كان مضاعفة اسماء الشخصيات التي تحضر المؤتمرات للايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية يدل برسوخ ان الديمقراطية مغيبة،والمجتمع المدني في خبر كان!للافتقاد الى النماذج السياسية المجربة بعد افتضاح امر التدخلات الاقليمية في الشأن العراقي،وخطل شعوذة حكام طهران ودمشق وبقية الجوقة الشرق اوسطية! 
   تعكس الشبيبة فسيفساء التنوع الآيديولوجي والفلسفي والسياسي والطبقي للشعب العراقي وهي تشق طريقها وسط عماء الفوضى الفكرية والمستقبل الغامض،والدخان السياسي الزائف الذي خلقته مخلفات دكتاتورية(صدام حسين)وحروبها الكارثية وآثار الاحتلال الاميركي،والشبيبة هي الشريحة الاكثر ديناميكية وفعالية في المجتمع،حيث يمثل الشباب دون سن الرابعة والعشرين حوالي نصف المجتمع العراقي..وتسهم الشبيبة العراقية اليوم في اعادة اعمار العراق وتأسيس الدولة العراقية الجديدة والهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية ذات العلاقة،والاسهام الجاد في تأسيس المؤسساتية المدنية،والتطلع الى عراق حر مستقل وشعب سعيد.لقد بذلت القوى المعادية للتقدم الاجتماعي في بلادنا الجهد لتغييب مكتسبات الشبيبة الديمقراطية طيلة العقود المنصرمة عبر اغراق الوطن بدخان كوارثها واشاعة الاوضاع الاستثنائية،وكبح النشاطات الاحتجاجية،والحط بالدولة الى مستوى العشيرة والطائفة والعائلة،وتشجيع الفوضى وتجاوز القانون،وتصديع القيم الاخلاقية والاجتماعية وادخال البلاد في المتاهات المتجددة،آخرها متاهات الشعوذة الروزخونية.   
   يمكن تأشير اهم ملامح  واقع الشبيبة في بلادنا وصعوباته في المرحلة الراهنة:
•   تواجه الشبيبة مشاكل السكن والبطالة والفقر والعنف والهجرة والاخطار البيئية وفجوات توزيع الدخل والركود الاقتصادي،ونتائج هوس الحروب والعسكرة والتعريب والتبعيث والطائفية وحمل السلاح(الهوس الميليشياتي)،وتفاقم السخط ازاء افتضاح اساليب الليبرالية الجديدة والعولمة الرأسمالية،الى جانب البراغماتية والانانية التي تستهلك قادة حركتها وعموم الحركات الاجتماعية!كما تعاني من تنوع الاتحادات و المنظمات الشبابية،وارتباط بعضها بالاحزاب السياسية ذات الطابع الطائفي والقومي،واعتمادها اسلوب الاغراء(المادي و المعنوي)لكسب الاعضاء.
•   من المخاطر المتوقعة ان منظمات الشبيبة،حالها حال المنظمات غير الحكومية،تتحول الى جزء من الآلة السياسية،همها ليس الدفاع عن حقوق الشباب،ولكن دعم السلطات الحاكمة وموالاتها،بل ان هذه المنظمات قد تنقسم الى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة،كل منها يناور من اجل الحصول عل المزيد من المنافع!.ويتجسد التدخل الحكومي في الشأن الشبابي بدوام فعل القرار المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة،والقرارات اللاحقة الخاصة بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير ولوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية،وحل كافة الادارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات.
•   الشبيبة العمالية اكثر فئات الشعب تضررا،ولازالت القوانين والمراسيم التي شرعها العهد الكتاتوري السابق الخاصة بارباب العمل والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة سارية المفعول،الى جانب عشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة أعوام  1968 -  2003 وقانون نظم ادارة الشركات المرقم 22 لعام 1997!
•   الشبيبة الفلاحية تعاني من التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية.
•   تحصر ادلجة المنظمات الشبيبية مشاركة الشباب في الحياة السياسية على حساب المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والاهتمام بقضايا اساسية مثل التمييز القومي والطائفي والمذهبي والاثني وحماية البيئة والسلم الاهلي والعالمي،وهي مهمة الشبيبة على اختلاف مواقعها الاجتماعية وبالاخص المعدمة منها!
•   تلعب الاسرة والبيئة الاجتماعية ادوارها المشهودة في صقل وتشذيب وعي الشبيبة العراقية.
•   ظهور اجيال من الشبيبة ذي اهتمامات سطحية وكثيرة الانفعال وحدية المزاج والتوتر والقلق النفسي والتأثر بالاشاعات وعديمة الشعور بالمسؤولية،تبريرية واتكالية وضائعة،مستهترة ولاابالية،متقاعسة وخاملة،محبطة وفاقدة الامل وتتسم بالروح العدمية،ضعيفة الانتماء الوطني،متأثرة بعض مجاميعها بالاطروحات الطائفية والعشائرية الجديدة،تلهث للسفر الى الخارج وراء مغريات الحضارة الغربية وهربا من جحيم الكوارث ومستعدة لاجتراح المغامرات والسير نحو المجهول!وتزيد الجناسة وتوسع حرية الاختيار للنساء وتفاقم المعضلات الاسرية من استقلالية الشباب والانفصال عن الاسر في اعمار مبكرة لتكوين الدخول الخاصة بهم،وتجعلهم اكثر اشتياقا لهويات جديدة!
•   ليس المستقبل متعلق فقط بالمنظمات الشبابية بل ايضا بمنظمات الاطفال،لان الاطفال ليسوا هم الذين يختارون بل آباؤهم!ووجب النضال من اجل حقوق الاطفال التي تنتهك يوميا دون رادع،وتنمية ادب الاطفال الذي خطا قدما الى الامام بعيد ثورة 14 تموز 1958 ثم خبى نجمه!والغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم 368 الصادر بتاريخ 9/9/1990 الذي نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني.كما وجب عدم اقحام الدين في حياة الاطفال في كل الظروف والاحوال،وحظر ضرب ومعاقبة الاطفال جسديا وفرض اشد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم بحقهم،منع فرض الحجاب الاسلامي وتزويج الفتيات باعمار الطفولة واعتبار مرتكبي هذه الافعال مجرمين يجب تقديمهم الى المحاكمة لتلقي العقوبات دون رحمة.كما وجب اصلاح واعادة تأهيل الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والتغذية والمياه وصحة البيئة وحماية الطفل.
•   وقوع المرأة الشابة ضحية التطرف والأفكار المتخلفة وتدهور الامن والوضع الأقتصادي مما ادى الى غياب شبه كامل لدورها المؤثر الى جانب قلة الزيجات وارتفاع نسب الطلاق في صفوف الشبيبة ارتباطا بالأوضاع الأقتصادية والأمنية،وهو ما اضاف بعدا آخر للازمة التي تعيشها المرأة،خصوصا الشابة،والامر الذي بات يهدد العائلة العراقية.من المهم ترسيم الحقوق المتساوية للمرأة العراقية في تشريعات دستورية واضحة على هدى اللائحة الدولية لحقوق الانسان ووضع اتفاقية تحريم التمييز ضد النساء موضع التطبيق الحي وتأمين مشاركتها الواسعة غير المشروطة  في عملية اعادة البناء والمسيرة الديمقراطية ولتذليل الكابوس المخيف الذي تعيشه المرأة في عراق اليوم!
•   تعاني الشبيبة العراقية من الثقافة الاستهلاكية وسلعها دون حصانة ذاتية،فاتحة باب الهلاك نحو الاستهلاك غير الواعي والكماليات،انها ظاهرة مرادفة للقمع والتبعية وانعدام المؤسسات الديمقراطية.
•   تتفق المعلوماتية والتدفق المعرفي- التكنولوجي الهائل مع روح الشبيبة التي تحمل اعماق المستقبل والجديد ورؤية العصر،ويحفز الكمبيوتر والانترنيت التفكير الانساني نحو الافضل ويعطيه دفعة نحو الامام!
•   ولدت بطالة الشباب فيالق التسول التي تزدحم بها ازقة المدن العراقية لانها مهنة رابحة!
•   لا يلقي ايتام العراق رعاية خاصة،بل ان عددا كبيرا منهم لم يذهب الى المدرسة بسبب سوء اوضاع عائلاتهم المادية ما يدفع بعضهم الى العمل في مهن مختلفة،ويقدر عدد الايتام في العراق ممن تقل اعمارهم عن 18 عاما بقرابة مليون طفل،ثلث هذا الرقم اصبحوا ايتاما بعد الاحتلال الامريكي للعراق بسبب الهجمات المسلحة التي نفذها الجيش الأمريكي واعمال العنف المستمرة في العراق فيما كان الباقون قد فقدوا آباءهم في حروب سابقة او خلال الحصار.
•   تعاني الشبيبة العراقية من تردي الاوضاع الصحية في البلاد ارتباطا ببقاء قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي سارية المفعول.
•   ادت الازمات الاجتمااقتصادية المستفحلة بالشباب الى التسرب من الخدمات والواجبات الالزامية بل والفشل قي الحياة الدراسية والاحباطات العلمية وعرقلة الابداع وانتعاش الامية والافكار الدينية المحافظة والسلفية وانتشار الزيف والتزييف ليشمل ذلك حتى الوعي الديني!
•   انحسار المنتديات الشبابية والرياضية والترفيهية والمكتبات العامة بسبب ضعف الدعم المادي والارهاب.
•   الميل للابتعاد عن الثقافة بسبب الازمات الاجتمااقتصادية المستفحلة الامر الذي احل التنافر وحتى الازدراء بين الاجيال بدل الاحترام وجعل التقصير في توجيه الجيل الحاضر ذنبا في ذمة الاجيال السابقة،وتوسع الهوة بين الثقافة السلطوية وثقافة المجتمع المدني،وتفاقم ازمة التعليم،وسيادة الازدواجية التربوية اي شيوع النصوص التعليمية المكتوبة دون السعي الى مراعاة معدلات الاستيعاب والمزاج الطلابي. 
•   شيوع الفكر اللاعقلاني الغيبي والمعتقدات الوهمية الخرافية وظاهرة الاولياء والتنجيم والخرافة والدروشة والسحر وقراءة الفنجان والشعوذة والموقف من الماضي والتاريخ،وكون الارزاق مقسمة من عند الله وموضوعات(تفاءلوا بالخير تجدوه)و(الكسل واللاابالية سبب الفقر).
•   لكل فئات الشبيبة الواعية والسلفية والحيادية مشاكلها وهمومها،الحياديون ايجابيون وسلبيون حسب البيئة الاجتماعية ومنحى التطور الاجتمااقتصادي وميزان القوى السياسية والطبقية.
•   الشبيبة الجامعية اكثر من غيرها تحسسا لمشاكل الاوضاع الاكاديمية والمناهج التعليمية والتدريسية وانتقادا لها"طالما يدير الجامعات الملاكون ورجال الاعمال والدين سيبقى الجيل الفتي اعمى وجاهل!"،واكثر اندفاعا الى الحركة والعمل والاثارة!
•   العمل الديمقراطي الحق يعارض فكرة اطراء الشباب وتملقهم والسكوت عن اخطاءهم،ويؤكد على التحلي بالصبر ازاء اخطاء الشبيبة ونواقصها ومعالجة مشاكلهم بالاقناع لا الصراخ والتهريج والخطب الانشائية الفارغة!
•   التقاليد الثورية تحنك الناس وبالاخص الشباب،الامر الذي يؤكد حاجة الشبيبة لتجربة المناضلين المحنكين ضد الاضطهاد والاستغلال للتغلب على مظاهر قلة النضوج السياسي!وحاجتها كي تربط تثقيفها ودراستها وتدريبها بعمل العمال والفلاحين.     
   لا تحل القضية الشبابية الا باشاعة ثقافة الأمل والتنوير والاسهام الفعال في اعادة اعمار العراق الجديد،لا عراق الظلام والتخلف والشلل والخنوع.وتسعى الشبيبة الديمقراطية العراقية الى غرس مبادئ الوطن للجميع والدين لله،العمل باخلاص لخير المجتمع،الاهتمام بحماية الثروة العامة وتنميتها،عدم التسامح حيال الاخلال بالمصالح العامة،الروح الجماعية،العلاقات الانسانية والاحترام المتبادل،الاستقامة والصدق والصفاء الاخلاقي والبساطة والتواضع قي الحياة العامة والشخصية،احترام العائلة وتربية الاطفال،مكافحة الفساد،الصداقة والاخوة والتضامن بين الشعوب،ثقافة السلام!

18/11/2008


168
المجالس البلدية والمجتمع المدني في العراق


المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   المجتمع المدني هوية مدنية يتمتع بها المواطن الذي يجمع بين حريته ومسؤوليته وتتيح له مراقبة الحكومة والسوق معا،وهو ذو طبيعة تطوعية غير قابلة للخصخصة والدخول في آليات السوق ولا ينافس الحكومة في امتلاك وسائل القمع الشرعية،وموقعه ليس في المراكز الانتخابية واماكن التسوق فحسب بل حيث يتكلم ابناء الحي الواحد والجيران عن الطرق المناسبة لسلامة المرور وعبور الشوارع واستخدام الجوامع لايواء المهجرين والمشردين وحفظ فوائد مدارس الحي ..الخ.المجتمع المدني هو مجموعة مؤسسات غير حكومية متنوعة قوية لموازنة الدولة وقادرة على منعها من الهيمنة على المجتمع وتفتيته دون ان يعيقها كمحافظ على الامن والسلام وحكم بين المصالح الرئيسية.
    يبدأ المجتمع المدني من جماعات اللعب والاصدقاء خارج الاسرة ويمر بالفرق الرياضية في الحي وجماعات الهوايات في المدرسة والعضوية في النوادي الرياضية والثقافية ومراكز الشباب والجمعيات التطوعية الى الاتحادات المهنية والنقابات فالاحزاب السياسية والمؤسسات الدينية.والمجالس المحلية والبلدية والاقليمية جزء من هذا المجتمع المدني الذي يتولى دور الوسيط بين الدولة والشعب اي جزء من شبكة التفاعلات والتنظيمات التي توحد بين الاسرة والدولة.فالمجتمع المدني هو فضاء الحرية للفرد يدخله ويخرج منه بملء ارادته وحريته الا ان عضويته في الاسرة والدولة غير تطوعية،وهو لا رأي له فيما تورثه له الاسرة من ديانة ولغة وطبقة وتعليم،وهذا الحال مع المواطنية والرعوية لمجتمع ما!وعليه المجالس المحلية والبلدية والاقليمية حالها حال البرلمان جزء اساسي من المجتمع المدني الرديف والشريك للدولة في بناء المجتمع وتوفير الخدمات الضرورية له والاستزادة من التدفقات المعلوماتية ومرونتها،وكل ذلك اساس العلاقات والقواعد الاجتماعية والرأسمال الاجتماعي للامة واقامة مجتمع التكافل،عبر توفير قنوات  المشاركة الاجتماعية وضبط السلطات الحكومية ورصد الاساءات الاجتماعية والفكرية والثقافية بهدف دراستها،وتطوير القدرات المعيشية ومراقبة البنى التحتية والخدمات الحكومية والاهلية وخدمات القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية.وتبقى الانتخابات هي آلية ايجاد المجالس المحلية والبلدية والاقليمية ومجالس المحافظات والبرلمان والحكومات الديمقراطية معا،وتتضمن القوانين الانتخابية الحرة والعادلة القواعد التالية:
•   تمتع جميع المواطنين دون استثناء بحق الانتخاب والترشيح.
•   الانتخابات دورية.
•   تمتع الناخب بحرية الاختيار والسرية في التصويت،وصحة فرز بطاقات التصويت.
•   وجود هيئة مستقلة تنظم الانتخابات وتشرف عليها وتراقب عملياتها ابتداءا من قبول المرشحين وانتهاءا باعلان النتائج.
•   رصد وحصر مظاهر الانفاق الباذخ على الحملات الانتخابية وشراء الذمم لتأمين النفوذ والهيمنة والذي يخل بمبدأ تكافؤ الفرص.

•   المجالس البلدية(مجلس بلدية الكرادة نموذجا)
   في عهد الوالي مدحت باشا تشكلت بلدية بغداد وعين اول رئيس بلدية لها عام 1868 رغم عدم وجود قانون لتنظيم شؤونها،وصدر اول قانون للبلديات في 5/10/1877.وتشكل اول مجلس بلدي في بغداد كانون الثاني 1919،وتشكلت المجالس البلدية في المناطق والاقضية بعد ذلك.استبدل منصب"رئيس مجلس بلدية بغداد"ب"امين العاصمة"عام 1923 في عهد الملك فيصل الاول،بينما صدر اول قانون لادارة البلديات بعد العهد العثماني عام 1931 وهو قانون رقم( 84)الذي استبدل في مادته رقم 8 بلدية بغداد بأمانة العاصمة وسمى رئيسها بأمين العاصمة،الا ان دور المجالس البلدية كمؤسسات مهمة في المجتمع المدني قد غمط منذ تشكيلها،وفي العهدين الملكي والجمهوري،وكان في خبر كان ابان العهد الدكتاتوري الصدامي.بعد 9/4/2003 حدث تحولا جذريا في مكانة ودور المجالس البلدية في الحياة العامة،وتم تشكيل(88)مجلسا محليا لعموم بغداد باشرت عملها بالتنسيق مع السلطة المدنية للائتلاف،وتشكلت(المجالس المحلية،المجالس البلدية،مجلس بغداد الاستشاري/امين لبغداد،مجالس اقضية بغداد(التاجي،ابو غريب،المدائن،الاستقلال،الطارمية،المحمودية)،المجلس الاقليمي،وكيل محافظ بغداد،مجلس محافظة بغداد)،ومن تشكيلات المجالس البلدية ومجلس مدينة بغداد والمجلس الاقليمي جرى انتخاب ممثلين لمجلس محافظة بغداد في 29/1/2004 الذي تقع على عاتقه انتخاب المحافظ والاشراف على عمل المحافظة..يذكر ان محافظ بغداد هو المسؤول عن التنسيق بين اعمال وفعاليات الوزارات ويعمل عن كثب مع مجلس المحافظة ومع امين بغداد ومع المدراء التنفيذيين في كل من الأقضية الستة والتي تقع خارج العاصمة بغداد.
   بلدية الكرادة واحدة من 15 بلدية رئيسية تضمها بغداد.وتضم دائرة بلدية الكرادة 8 احياء رئيسية تشمل 36 محلة،تبلغ مساحتها الاجمالية 43 كيلو متر مربع/19 كيلو متر مربع لمنطقة الكرادة و24 كيلو متر مربع لمنطقة الزعفرانية،تمتد من ساحة كهرمانة لتشمل منطقتي الكرادة خارج والكرادة داخل الى جسر الجادرية،ومن ساحة الاندلس باتجاه جسر ملعب الشعب امتدادا الى منطقة الزعفرانية ولغاية جسر ديالى.ودوائر بلدية الكرادة هي:دائرة المشاريع،دائرة ماء بغداد،دائرة المجاري،دائرة التصاميم،قسم النظافة،قسم المجاري،قسم المتنزهات والمشاتل(القسم الزراعي)،قسم الطرق....مهمتها بالاساس تبليط الشوارع وصبغ الارصفة وتشجير المناطق وتأهيل وصيانة المدارس وتشغيل الشباب العاطل حسب الامكانية!يؤكد رئيس المجلس البلدي لقاطع الكرادة المنتهية ولايته محمد الربيعي"ان الروتين الاداري وعدم التنسيق بين الدوائر البلدية التابعة لامانة بغداد سبب رئيسي في ضعف الخدمات البلدية في منطقة الكرادة الشرقية،وان المشاريع التي تم تنفيذها في المنطقة لم تتعدى نسبتها الـ 20% بالرغم من استتباب الأمن في بغداد،وان هناك عمليات اكساء لشوارع الكرادة تقوم بها دائرة المشاريع التابعة لأمانة بغداد في الوقت الذي لم تخدم هذه المنطقة بالماء ولم تعالج مشكلة الصرف الصحي فيها بعد،وان المؤتمرات التي تحمل عنوان تحسين الخدمات في بغداد والكرادة بشكل خاص،ما هي الا مجرد كلام ولا يوجد تطبيق عملي لها على ارض الواقع".ويتهم محمد الربيعي بعض المقاولين بالارتباط بجماعات مسلحة الامر الذي ادى الى تعرض الكثير من مسؤولي المجالس البلدية في بغداد الى عمليات القتل والاختطاف بسبب رفضهم نتائج المشاريع التي توكل الى هؤلاء المقاولين.في الوقت الذي يؤكد فيه المدير المفوض للشركة العامة للمقاولات ان المقاول يتعرض بدوره للتهديد من قبل جهات متنوعة،ومنها جهات حكومية وتكفيرية تطلب منه ان لا ينفذ مشاريع حكومية!ووفق محمد الربيعي فان المسوؤلين الساكنين في المنطقة(بحدود 7.%)يستولون على كل الكهرباء المتوفر بالأستثناءات الذهبية!
   من المعضلات التي تواجهها المجالس البلدية الاشكالية حول دور المجالس البلدية في بناء العراق الجديد،الترابط بين مجلس المحافظة والمجلس البلدي والمجلس المحلي وعلاقة المواطن مع هذه المجالس،عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المجالس ويمنحها الصلاحيات لعملها،التداخل ما بين عمل هذه المجالس ووزارات الدولة والمؤسسات الحكومية وهذه المشلكة ترتبط ايضا بالمشكلة الاولى اي عدم وجود قانون ينظم عمل هذه المجالس.

•   المهام الملحة الآنية للمجالس البلدية
•   الالتزام بمواد الدستور والتعامل الواعي والمتساوي معها،لا التعامل معها بمكيالين وحسب الاهواء والامزجة.
•   الالتزام بالمشاريع الوطنية المدنية الديمقراطية الفيدرالية الحديثة في العراق الجديد،اي السلة المتكاملة من المشروعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنويرية والعسكرية والبيئية لاستراتيجية التنمية الوطنية على المستويين المادي والبشري.
•   جعل الأمن الغذائي بكل ما يحويه من امور اقتصادية وسياسية واجتماعية في مقدمة سلم الأولويات في سياسة المجالس البلدية الامر الذي يستلزم المطالبة بتطوير آلية توزيع الحصص التموينية الدورية وفق برنامج النفط مقابل الغذاء والتمسك بالبطاقة التموينية لصالح منفعة الشعب العراقي،ووقف تدخل جهات مختلفة غير حكومية وتحكمها بالبطاقة ومفرداتها،عدم توزيع النفط والغاز ضمن موادها في جميع المناطق رغم وجود قرار بذلك،زيادة  ثمنها الى ثلاثة اضعاف،رداءة نوعية المواد الداخلة فيها،التفاوت في تجهيز مفرداتها ولا تستلم كاملة،عدم انتظام توزيع مواد البطاقة،المخالفات(التكرار)وتسلم الحصص التموينية من اكثر من منطقة،وجود اعداد كبيرة من المتوفين مسجلين لدى وكلاء المواد الغذائية ويتقاضون الحصة التموينية كل شهر.
•   حماية الثروة الحيوانية مصدرا اساسيا لتوفير الاحتياجات الغذائية للمواطن العراقي من خلال توفير العناصر الغذائية واهمها البروتين اضافة الى الطاقة والمعادن والفيتامينات،ووضع حدا لتهريب الثروة الحيوانية العراقية الى الخارج والتي تقوم بها شبكات منظمة عبر الحدود المفتوحة،ورفع كفاءة ادارة مشاريع الثروة السمكية ووضع حد للممارسات الخاطئة التي يستخدمها بعض الصيادين كالسموم والمتفجرات والتي تقتل اعداد كبيرة من الاسماك،وايضا عدم التزام الصيادين بمنع الصيد خلال مواسم التكاثر.
•   معالجة معاناة غالبية اعضاء المجالس البلدية والمحلية من انفصام الشخصية والتصريح بشيء في مقابل العمل بشيء آخر،وامتلاك الوجوه العدة والألسنة الأكثر مما يُسقِطُ مصداقية الكثير منهم،ورصد استغلال عدد من اعضاء المجالس لمواقعهم لتحقيق منافع شخصية مثل تسجيل اسماء وهمية لعمال التنظيف في الشوارع وجني الارباح من استغلال ازمة النفط والغاز في الشتاء وغيرها،ومعالجة هيمنة الروح الفردية ونموها وتحولها إلى استبداد فردي قاهر ينتشي في ذهنية ونشاط غالبية اعضاء المجالس البلدية والمحلية.
•   معالجة الاهمال الجدي وغير المسؤول لارادة ومطالب ومشاعر المجتمع والتصرف باسمه وكأن اعضاء المجالس البلدية والمحلية هم الممثلون الشرعيون والوحيدون للمجتمع بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية.
•   معالجة الروتين الاداري وعدم التنسيق بين الدوائر البلدية التابعة لامانة بغداد لتحسين الخدمات البلدية المقدمة الى الناس،ومن الضروري اكساء الشوارع بعد ان يجر خدمة المنطقة ذات العلاقة بالماء الصالح للشرب وخدمات الصرف الصحي.
•   الوقف بحزم ازاء الطائفية السياسية في عمل المجالس البلدية والمحلية.
•   الوقف بحزم ازاء ضغوطات الليبرالية الجديدة المتطرفة التي تريد ان تطلق الخصخصة بدون دراسة وبدون حساب خصوصيات الاقتصاد العراقي،وتداعيات هذه العملية الفوضوية.
•   منع نشوء الميليشيات تحت اي اسم كان،واتخاذ الاجراءات الفعالة لحل الميليشيات القائمة ومجالس الصحوة ومعالجة تعقيدات هذه الظاهرة سواء بتفعيل الامر (91)لسنة 2004 وبتطويره او بغير ذلك من الاجراءات الفعالة التي تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما،والعمل على اقامة المجتمع الديمقراطي وضمان التنافس السلمي الحر وتداول السلطة،واحترام حقوق الإنسان. 
•   رصد ومراقبة مظاهر توزع قوى فيلق بدر والتيار الصدري على الحمايات الخاصة للائتلاف العراقي الموحد ووزراء وكبار موظفي هذا الائتلاف وحمايات دوائر حكومية تعود لذلك الائتلاف لان ذلك يعني امكانية تشكيل الجيوش الجرارة منها في سويعات لا غير،وهي مالكة لمختلف انواع الأسلحة،قوى مسلحة كبيرة داخل القوات الحكومية العراقية المسلحة لا تأتمر باوامر الحكومة بل باوامر مسؤولي فيلق بدر وجيش المهدي.
•   رصد ومحاصرة المظاهر البراغماتية pragmatisme كمنهجية شرعية لعرض الخيارات والافكار والتنافس على المواقع والامتيازات،والمحاصصة و"اسكت عليّ اسكت عليك" و"شيلني واشيلك" و"اللعب على الحبال"و "النتائج هي الاهم"و"الغاية تبرر الوسيلة"و"اخبطها واشرب صافيها"،ورصد الالاعيب والمسرحيات والصفقات التي يعلن اصحابها "المهم هي النتائج،وجميع الاساليب مشروعة".
•   حماية خصوصية المواطن والشغيل في بلادنا وحقه في صيانة حياته الخاصة وحجبها عن الآخرين(جاء في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"لا يجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة او في شؤون اسرته او مسكنه او مراسلاته،ولا لحملات تمس شرفه وسمعته.ولكل شخص حق في ان يحميه القانون من مثل ذلك التدخل او تلك الحملات..")وحقه في معرفة كل ضروب المعلومات المؤثرة على مستقبل العراق والمؤثرة على المصائر الإنسانية والدفاع عن حق الشعب في استخدام المعلومات بسعر رخيص في كل مكان وفي اي وقت والاشتراك المباشر في ادارة البيئة التحتية للأعلام.ديمقراطية المعلومات تعني ضمان حرية التعبير والنشر عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية،حرية الحصول على المعلومات وتداولها بما ينسجم مع نصوص الدستور ومواثيق حقوق الانسان،تحريم ما يحرض على التعصب والتطرف عرقيا او دينيا او طائفيا اوعلى العنف،احترام استقلالية وسائل الاعلام وبضمنها منابر النشر والبث العامة الممولة من ميزانية الدولة.
•   المشاركة الفاعلة غير الربحية مع القطاع الخاص في عمليات الاعمار واعادة الاعمار الجارية،اذا علمنا ان الحكومة قد خصصت اكثر من 15 مليار دولار من موازنتها لعام 2008 لمشاريع استثمارية كبيرة،معظمها يخص البنى التحتية في العراق.
•   معالجة ظاهرة تكسرات الطرق وتآكلها وتدني خدمات الطرق واستهتار الدوريات العسكرية المدرعة الامر الذي أثر على صلاحية وسلامة المركبات والسيارات،ومعالجة النصب العشوائي للحواجز والعوارض الكونكريتية امام مداخل المؤسسات الحيوية و مقرات الاحزاب،وكذلك افتراش الاهالي طرق رئيسية اخرى لتغلق!
•   المساهمة الفعالة في تنمية الثقافة المرورية الاحصائية وتحشيد الوعي المروري الوطني.
•   ازالة عدد كبير من التجاوزات الحاصلة على ارصفة شوارع المدن من قبل اصحاب البسطيات ومحلات بيع الأجهزة الكهربائية.
•   استئناف العمل بقسائم النفط والغاز بعد محاصرة مظاهر الفساد الاداري.
•   المشاركة في وضع خارطة التوزيع الاقليمي للمؤسسات الصناعية والزراعية واماكن التوسع السكني بما يكفل ابعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة السكان عن المدن وبما يمنع تلوث الأنهار.
•   مد يد العون للايتام والارامل واعطائهم دورا حقيقيا ضمن حقوق المواطنة الطبيعية،واقامة مشاريع تأهيلهم وتشغيلهم تحت اشراف المنظمات غير الحكومية المختلفة ذات الشأن والتي تهتم بقضايا حقوق المرأة والاطفال واشاعة الافكار الديمقراطية ومكافحة الفساد الاداري.
•   مد يد العون للعاطلين عن العمل،ومعالجة البطالة التي تزداد وطأتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كلما تركزت في المتعلمين وفي الفئات العمرية التي تندرج تحت تصنيف الشباب،حينها يكون استعداد هذه الفئات للعنف السياسي والجنائي اعلى بحكم السن الصغيرة والخبرة الحياتية المحدودة والاحباط الشديد الذي تولده حالة التعطل.
•   شمول العوائل المهجرة قسرا برواتب شبكة الحماية الاجتماعية،واذا كانت الحكومة لا تستطيع ان توقف عمليات التهجير وتعيد المهجرين الى ديارهم فعلى المجالس البلدية والمحلية ان تضمن كرامة المهجرين من خلال توفير السكن والعيش الكريم لهم،والمطالبة بادراج التهجير القسري ضمن الجرائم الكبرى التي  يحاسب عليها القانون.
•   متابعة تجهيز التيار الكهربائي واسباب انقطاعه لساعات طويلة،واستحداث مكتب استشاري هندسي وقانوني لدعم تنفيذ المشاريع الكهربائية وانجازها،وشراء المولدات الكهربائية ذات الطاقات الانتاجية الكبيرة لتوزيعها بين الاحياء تجهز المواطنين بالتيار الكهربائي باسعار مناسبة بالتنسيق مع وزارة النفط لتزويدها بالوقود اللازم لتشغيله،والمعاقبة القانونية لمجالس البلدية والمحلية ومجلس محافظة بغداد اذا جرى الاستمرار في التساهل مع اصحاب المولدات الاهلية وعدم تطبيقهم قرارات مجلس محافظة بغداد بشأن ضوابط عمل تلك المولدات،ومن الضروري وضع حد للاستثناءات الذهبية.
•   متابعة امدادات المياه الصالحة للشرب،وامكانية نصب المحطات الصغيرة لمعالجة المياه(روبو)كوحدات احتياطية لتنقية المياه يتم وضعها في العديد من المراكز الأمنية المشتركة الرئيسة،ومن تلك الأماكن يمكن للمياه ان تنساب بسهولة الى الأحياء السكنية!والمضي قدما في اعادة تأهيل شبكات المياه في بغداد وبقية المدن العراقية.
•   متابعة التعليم المتردي وارتفاع اعداد المتسربين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية للأسر العراقية واضطرار كثير من طلاب المدارس الى ترك الدراسة والتوجه الى سوق العمل،سوء الابنية وازدحامها وفقرها،قلة الكتب المنهجية والوسائل التعليمية،قدم المناهج،وهبوط مستوى الدعم المادي لقطاع التربية والتعليم اضف الى ضعف مستوى تدريب المعلمين،الى جانب التردي الحاد بالخدمات العامة وتراجع الثقافة الانسانية وسيادة نفس الآليات التربوية التي كانت شائعة ابان العهد الدكتاتوري.مئات المدارس اليوم مازالت مبنية من الطين ولا تمتلك وسائل الدراسة الطبيعية،وهناك مدارس تضطر الى استقبال وجبتين او ثلاث واجبات من التلاميذ يوميا.
•   المشاركة في مشاريع مكافحة الامية.
•   متابعة الرعاية الصحية وتعزيز الرقابة الدوائية،والمشاركة في زيارة فرق التفتيش الصحية الى المعامل الاهلية والورش الحرفية والمطاعم ومحال صناعة المرطبات،ودعم العيادات الطبية الشعبية،والمساهمة في انشاء معامل انتاج القطن الطبي والحقن الطبية وعبوات المغذي.
•   عزل الحرف والورش داخل الاحياء السكنية في ابنية وعمارات خدمية وحرفية خاصة بها لتوفير البيئة السكنية المناسبة لمعيشة المواطنين.
•   تطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الاساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي كشرط اساسي يستطيع فيه المواطن من ان يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة،والمشاركة في حماية وتحسين البيئة عبر اعداد البحوث والمشاريع التنموية المستدامة التي تعنى بشؤون حماية البيئة والطبيعة والتثقيف البيئي التوعوي و الاغاثة الانسانية،ومضاعفة الجهد في التخلص من النفايات والانقاض،والمطالبة بتخصيص ميزانيات سنوية لمعالجة النفايات السكانية الصلبة ونفايات المستشفيات والنفايات الصناعية بطرق عصرية،وتطوير ادارة المخلفات الانشائية- مخلفات البناء والهدم،وادارة ومعالجة النفايات الصلبة  Municipal Solid waste!باعتماد التقنيات الهندسية الحديثة،والمشاركة في وضع ضوابط ومواصفات فنية ومراقبة دورية لمحلات بيع المواد الانشائية!لان بيع المواد الانشائية في المناطق السكنية يسبب اضرارا بالبيئة وصحة المواطن كونها  ظاهرة غير صحية وتخل بالجانب الجمالي للمدن،والمساهمة في وضع الاستراتيجيات الاسكانية التي تعالج التقادم الانشائي وتآكل المواد الانشائية مع تقدم الزمن وبغياب الادامة والصيانة والتحديث،فوضى التوسع العمراني وظاهرة البناء على السطوح والتقادم العمراني،النمو السكاني الكبير في بلادنا،آثار القادسيات الكارثية والتغييرات الديموغرافية،التغير الديموغرافي نتيجة الاعمال الارهابية والتهجير القسري،تواصل الهجرة التقليدية من الريف الى المدن طلبا للرزق نتيجة تدهور الزراعة المستمر.
•   مراقبة تحول الشوارع والابنية والارض من سكنية الى تجارية واهمية توفر الشروط الضرورية اللازمة لذلك،منها تواجد الاماكن الكافية لوقوف السيارات كي لا تتسبب في الضغط على الازقة والشوارع الضيقة وفقدان الخصوصية التي يجب توفرها في المناطق السكنية والتلوث البصري والضرورة الهندسية للحصول على اكبر النسب من الاشعة الشمسية الساقطة،ومعالجة مشاكل الضجيج بالتشجير والحواجز.
•   اقامة الدورات التدريبية لاعداد قادة المجتمع المدني.
•   دعم اللجان الامنية في المجالس البلدية للاشراف على التغيير الدائم الضروري لاختام المجالس البلدية والمحلية تحسبا من استيلاء العصابات الاجرامية وقراصنة السوق السوداء عليها،ورفد الاجهزة الامنية التنفيذية بالمعلومات والتقارير الوافية والمؤكدة حول اماكن تواجد المجاميع والعناصر الارهابية،ومتابعة تصرفات قوات الجيش والشرطة تجاه المواطنين،وايصال صوت المواطنين الى الجهات ذات العلاقة .
•   المشاركة الجادة العملية في تفعيل دور القضاء العراقي الحر المستقل الوطني ودور الهيئة العامة المستقلة للعقود والمبيعات التي لم تر النور حتى هذه اللحظة!ودور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية،لمحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين باتوا يشكلون خطرا على الشعب موازي لخطر الاحتلال او خطر تنفس عصابات البعث والارهاب الاصولي الصعداء!
•   استحصال الموافقات الاصولية لاعادة انشاء مراكز الشرطة والاطفاء والحريق ومديريات الجنسية وشهادة الجنسية ومديريات الجوازات في احياء بغداد المختلفة لتوفير هذه الخدمات الى المواطنين باسرع السبل الممكنة.
•   اعادة تخطيط المدن وتخطيط الشوارع وتوزيع استعمالات الارض... يذكر ان الطرق الحالية تخترق المناطق السكنية والحضرية والتجارية المكتظة بالسكان.
•   الفصل بين عضوية المجالس البلدية والمحلية والعمل في مؤسسات الدولة.
•   التنسيق مع مكتب الادعاء العام الشعبي والعمل بالوسائل الديمقراطية لتعبئة اوساط الرأي العام بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام لتبنى قضايا المواطنين الذين يتعرضون الى الاعتداء من قبل الاجهزة الامنية(الشركات)والقوات متعددة الجنسية في البلاد وفضح الانتهاكات التي تستهدفهم والعمل على وضع حد لها ورفع اية حصانة عنها سوى ما توفره القوانين العراقية،ومتابعة قضايا متضرري العمليات الارهابية والنظام السابق والترافع عنهم والسعي الى ازالة الحيف عنهم واعادة الاعتبار اليهم وتعويضهم عن ما لحق بهم من ضرر مادي ومعنوي،فيما عدا المساهمة في مكافحة الفساد المالي والاداري في جميع مؤسسات البلاد باتخاذ جميع الوسائل والاجراءات المشروعة والسعي الى تمكين الافراد والمنظمات غير الحكومية كافة من قواعد شفافية في مراقبة اعمال الادارات عبر استخدام كافة الوسائل والاجراءات،وفي مقدمتها اللجوء الى القضاء لتأصيل هذه القواعد في مؤسسات الدولة.
•   على المجالس البلدية والمحلية تقديم المشورة والنصائح لمعالجة الفجوة الهائلة بين الحد الادنى للراتب في دوائر الدولة، الذي يبلغ على وجه التقريب (120 الف دينار)وبين الحد الاعلى له الذي يبلغ ما يقارب (24 مليون دينار)،والضغط على الدولة للاسراع في تطبيق قانون الذمم المالية للذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة!
•   على المجالس البلدية والمحلية مراقبة السلوكيات التي لا تتناسب واخلاقيات الشعب العراقي كالحرمنة واللصوصية المستشرية اليوم،وتهريب النفط الى ايران وبلدان الخليج واستلام العمولات،وتعيين اولاد وبنات ومعارف ونسائب واقارب المسؤولين في الدولة العراقية،والتغاضي عن الفساد والمفسدين والراشين والمرتشين،وغمط حقوق مكونات الشعب العراقي الصغيرة،وشراء الذمم وتأسيس المجالس العشائرية لاغراض انتخابية ممولة من الدولة العراقية،وبناء مدارس تحفيظ القرآن بهذا العدد الهائل،وتحويل العراق الى بلد للطم والتطبير والمشي العبثي مئات الكيلومترات،وحرمان الشعب من الماء والكهرباء والنفط والغاز واهماله صحيا وماديا وعلميا وتركه عرضة للامراض والاوبئة والفقر والعوز.
•   ضرورة توسيع امكانيات الاشراف الدولي،واشراف الامم المتحدة على نزاهة انتخابات مجالس المحافظات.فالتحضير المبكر للانتخابات واختيار ممثلي المفوضية في المحافظات وحسن اختيار الموظفين المسؤولين عن الدوائر الانتخابية سيكون له دور كبير في ضمان تطبيق القانون ونزاهة الانتخابات ووصول الاجدر والاكفأ الى مجالس المحافظات.

17/10/2008


  يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية   :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm
4.   http://yanabeealiraq.com/writers_folder/salam-kabaa_folder.htm
5.   http://www.babil-nl.org/aasikubbah.html

170
السياسة البيئية الوطنية قاعدة التنمية البشرية المستدامة

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   من الطبيعي ان تأخذ التنمية الاقتصادية،وما يتصل بها من تنمية الموارد البشرية والتنمية المستدامة،الحيز الأهم ضمن استراتيجيات سلطات ما بعد التاسع من نيسان حيث تتحمل هذه السلطات مسؤولية تحديث مؤسساتها وتأهيلها وتنشيط القطاعات الخاصة ومساعدتها على مواجهة موجات العولمة..فقد بات جليا للعيان ضرورة تعزيز قدرات الاقتصاد العراقي بكافة الوسائل التي تضمن ديمومته فضلا عن تحقيق التنمية المستدامة بكافة نواحيها التجارية والصناعية والاجتماعية والبيئية!


   التدهور البيئي في العراق
   يشهد النظام البيئي العام في العراق التحولات الخطيرة بسبب التدهور المتسارع لجميع مكوناته:الموارد المائية،الزراعية،التنوع الاحيائي،الغطاء الشجري والنباتي،التصحر،انتشار السموم،امراض نقص الغذاء،تدهور الخدمات..وغيرها.تواجه البيئة العراقية جملة عراقيل تتركز اخطرها في:
•   الجفاف والعجز في حل القضية المائية والاروائية
   كشفت عوامل الجفاف العجز الفاضح للحكام القدامى والجدد في حل القضية المائية والاروائية،والعجز المتزايد عن تأمين الكفاية من مياه الشرب للمواطنين،وسلطت الاضواء على مجمل سياساتهم الفاشلة في الميدان الزراعي وعموم الاقتصاد الوطني!وتقدر المساحات المتصحرة والمهددة بالتصحر حوالي(364)الف كيلومتر مكعب اي نسبة 83%من اجمالي مساحة العراق.مع تردي الوقاية الزراعية والارشاد الزراعي تجتاح الآفات الزراعية حقول وبساتين الفلاحين والمزارعين،منها آفات لم تكن معروفة قبل عام 1991.وتسبب الآفات الزراعية خسارة 1/3 الانتاج الزراعي الوطني في  العراق،بالرغم من تسجيل(200)مبيد زراعي والتعامل مع مئات المعاهد والباحثين المتخصصين.الطائرات الزراعية مفقودة ووزارة الصحة مهملة!وتؤرق الادغال التقليدية والحديثة الفلاحين وتعطل اعمال السقي وهي تعمل على تناقص كميات المياه ومكافحتها يتطلب استخدام مبيدات آمنة!ماتت الاشجار..ومات النخيل وهو واقف عاري من يشاهده تنهمر دموعه حزنا عليه..الاشجار والنخيل تقف شامخة ثابتة بالارض بالرغم مما الحقته حروب وشرور الحاكمين بها!.هبط الانتاج الزراعي في السنوات الخمسة عشر الاخيرة بمعدل( 1.1%)سنويا وهبط انتاج محاصيل الحبوب كالشعير والقمح والرز هبوطا شديدا وتقلص انتاج الخشب بنسبة(20%)اضف الى ان الزراعة تعتمد اعتمادا كليا على موارد المياه ذات المنابع الخارجية،وقد تسببت شحة تدفق المياه وتدهور نوعيتها في الحاق اضرار بليغة بالقطاع الزراعي.
•   فوضى انهيار الخدمات الاساسية
   يكمن ضعف مستويات المعيشة في ضعف الأداء الحكومي في تقديم الخدمات العامة ووجود تفاوت ملحوظ في مستوى الاكتفاء من الحاجات الأساسية بين المحافظات والأقاليم،ما يتطلب اخذه في الاعتبار عند توزيع الموارد.الغلاء هو التهديد الآخر الذي يواجهه الكادحون،اسعار السلع والخدمات على حد سواء.ارتفاع اسعار المواد الغذائية والملابس،خاصة في المناسبات والاعياد،يستنزف دخل المواطن.مفردات البطاقة التموينية تسد بعض حاجيات المواطن الغذائية والمعيشية وتخفف من اعباء مصاريفه،الا ان اجراءات وزارة التجارة العراقية بحذف وتنقيص بعض المواد يدفع المواطن لأقتناءها من السوق!.ارتفاع اسعار المواد الغذائية والوقودية في بلادنا مستمر،ويبدو ان المواطن العراقي لا يتحمل المزيد.
   من تجليات التدهور البيئي  سحب المياه من داخل الارض دون تنظيم،حفر الاراضي وتركها،البناء ومد الطرق وشبكات المجاري دون تخطيط،تقلص الغطاء الاخضر والغابات وارتفاع نسب الملوثات في الهواء بسبب القطع العشوائي.يتلقى اليوم  85%من مجموع الشعب العراقي البالغ عدده 27 مليونا الطاقة الكهربائية بشكل متقطع وان 83 % ليس لها مصدر موثوق للمياه النقية،37 % فقط ترتبط بشبكة الصرف الصحي(المجاري)....
    تتجسد ازمة الطاقة والخدمات الاساسية في معاناة المواطنين من سوء توزيع المحروقات وبالاخص البنزين،والانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي.ومثلما  علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة،تعلق الحكومة العراقية اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب.باتت الانقطاعات في التيار الكهربائي ظاهرة تكرست بعد حرب الخليج الثانية وآثار الدمار الكبير الذي اصاب محطات الكهرباء في العراق والحصار الاقتصادي وفقدان السوق الوطنية للموارد الأولية وقطع الغيار الضرورية للصيانة والخدمات واعمال الحماية،واستمرت هذه الظاهرة على حالها بعد مرور نصف عقد على سقوط الدكتاتورية.وتعتصر رحى النفط والكهرباء مواطني بلادنا باستثناء المسؤولين الكبار ومن يحيط بهم فهولاء من طينة سماوية صانهم الله وحفظهم من مخالب ازمات متواضعة كهذه وجعلهم فوق الازمات!.ادى الاستخدام الواسع للمولدات التجارية والاهلية الى التلوث العالي بالمواد السمية الناتجة من عوادم المولدات وبالاخص زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكاربون واول اوكسيد الكاربون والرصاص الذي تتجاوز اقطار دقائقه ال(4)مايكروميتر مما تسبب في زيادة حالات الصداع والضعف العام والغيبوبة والتشنجات وحالات اجهاض الحوامل،التقليل من الهيموغلوبين في الدم،تآكل الكالسيوم في عظام الجسم،التخلف العقلي لدى الاطفال.
   شهد العقدين الاخيرين تدهورا كبيرا في قطاع الخدمات الصحية وفي صحة المواطنين!وتناقص المعدل التقريبي لمتوسط عمر الفرد الذي يقل عن ستين عاما(بالنسبة الى النساء والرجال)بحدود 6 سنوات منذ حرب الخليج الثانية.ارتفعت اجور الاطباء في العيادات الخاصة ولمختلف الاختصاصات في عموم بغداد والمحافظات،ويلجأ اليوم عدد غير قليل من الاهالي الى طب الاعشاب او المضمدين او الحجامة بينما افتقدت العيادات الطبية الشعبية لشعبيتها بسبب ارتفاع اسعار خدماتها المقدمة الى ذوي الدخل المحدود،ويلجأ الميسورون الى المستشفيات الاهلية هربا من سوء الرعاية في المستشفيات الحكومية كونها تعليمية وتسودها الفوضى بسبب الزخم.قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي لازالت سارية المفعول،تستخدمها الرأسمالية الجديدة لخدمة مآربها!.تفتقر اغلب المؤسسات الصحية للتعقيم والتعفير.الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة.في غياب الصحة تنتشر في المدن العراقية دكاكين اللاصحة التي تبيع الدواء ويمارس اصحابها المداواة وزرق الابر،وانتشارها يفوق انتشار محلات بيع الكماليات.كما تتسع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية!وتعاني صيدلة العراق من المسخ المهني الحاد وترويج الثقافة الصحية بالمقلوب عبر البيع المباشر للادوية الى المرضى والمتمارضين دون وصفات طبية،بسبب الكشفيات المرتفعة للاطباء والاتفاقيات الجانبية مع مختبرات التحليل والاشعة والسونار.لم تزر فرق التفتيش الصحية المعامل الاهلية والورش الحرفية والمطاعم ومحال صناعة المرطبات منذ سقوط الدكتاتورية!ارتفعت اسعار الادوية واختفى الكثير منها وانحسر تواجدها في العيادات الشعبية،خاصة تلك المتعلقة بالامراض المزمنة.العراق هو صاحب اعلى معدل في وفيات الاطفال بين الدول!تقف ثلاث عوامل وراء تفاقم خطر موت الاطفال في العراق هي:نقص التغذية ونقص الرعاية الطبية والادوية،الاضطرابات الامنية والاعمال الارهابية،عواقب استخدام الاسلحة المشعة والاسلحة الكيمياوية والجرثومية!تعد مياه المجازر وفضلات معامل الدباغة والجلود ومياه غسل الاصواف وفضلات المستشفيات من اهم مصادر التلوث المائي البكتريولوجي.
    من اسباب انحدار وتردي نوعية المياه في العراق تعطل وضعف صيانة معدات ضخ المياه الصالحة للشرب وازدياد تخسفات وتصدعات انابيب نقل الماء الصافي،وانخفاض حصة المواطن من الماء الصافي الى نسب متدنية،ولجوء الناس الى مضخات المياه الصغيرة وما يرافقها من اضطراب في التوزيع وازدياد في احتمالات التلوث،وانخفاض الكفاءة التشغيلية لمشاريع اسالة الماء الى اقل من 5% وتدني نوعية مياه الشرب وانخفاض تركيز مادة الكلور من 5 الى(1)ملغم/لتر،ولا يستخدم اليوم 70%من العراقيين المياه النقية الصالحة للشرب.
    مع الحروب الكارثية والعقوبات الاقتصادية والاحتلال تعطلت وتقادمت وحدات معالجة المياه الصناعية الكاملة والجزئية،وارتفعت تراكيز الاملاح الكلسية الذائبة المصرفة من المصانع.كما تعطلت وتقادمت شبكات المجاري والصرف الصحي.وسبب توقف وتقادم محطات ضخ مياه المجاري وتصريف المياه القذرة الى الانهر دون معالجات بايولوجية تردي صحة المواطنين وازدياد نسبة الاعراض المرضية.كما ادى تردي الوحدات البلدية في جمع ومعالجة النفايات اليومية بسبب الاداء الاداري الهش والتقصير المتعمد طلبا للارتزاق والاكراميات الى تراكم النفايات في الازقة والاحياء السكنية وانتشار الحشرات والقوارض والامراض.
•   اتساع دائرة العنف بانواعه المختلفة
مثل اتساع دائرة العنف بانواعه المختلفة الظاهرة الاكثر تدميرا للبيئة العراقية،الطبيعية والاجتماعية.وانعكس ذلك في الهجرات واعمال التهجير القسرية والبطالة والفقر والتشوهات في التركيب  الديمغرافي للسكان بين المدينة والريف وتدهور نوعية الحياة.لا يملك 65% من العوائل النازحة(يقرب عددها من ربع مليون عائلة) دورا سكنية،وان 15% دمِرت منازلها او اغتصِبت على ايدي عصابات وميليشيات وفقا لما اكده  وزير الهجرة والمهجرين يوم 24/7/2008.
    يعاني المهجرون من العوز والفاقة والبطالة والمرض وتشرد الأطفال وضياع فرص التعليم وضعف في اللغة الام ومن الاحباطات النفسية والصحية.ويعاني المهجرون من بيوتهم داخل بلدهم من قساوة الوضع الراهن الذي عصف بهم بلا رحمة فراحوا يلعنون حظهم العاثر بعدما اجبروا على ترك اماكن سكناهم ربما الى غير رجعة،واستغل بعضهم واقع التهجير القسري لاغراض الفائدة المالية عن طريق استثمار معاناة الاخرين،فقد استثمر بعض اصحاب مكاتب بيع وشراء العقارات او ما يسمى لدى العراقيين بالدلالين قضية التهجير والمهجرين لصالحهم من اجل المتاجرة بهذه البيوت التي هجرها اهلها،حيث تنتشر هذه المكاتب في جميع المدن العراقية.التهجير القسري والاحترازي في العراق:مصائب قوم عند قوم فوائد.
•   فوضى استثمار الموارد الطبيعية
ادت فوضى استثمار الموارد الطبيعية الى اهدار مئات الملايين من العملة الصعبة/سنة.التلوث الهوائي والدخان الاسود ينتشران بسرعة وتفقد جدران المباني لونها وتصدأ بفعل طبقات الغبار المتراكمة والمطر الحامضي!ويرافق توسيع ورشات تصليح السيارات ومناطق الصناعة زيادة في نسب المعادن الثقيلة والرصاص في الجو(الايروسويل)لتتجاوز تراكيز الملوثات حدود معايير الصحة العالمية المسموح بها!بالأخص قرب معامل الاسمنت ومحطات الكهرباء والمولدات الاهلية ومعامل البلاستيك!.كما يؤدي حرق المازوت الذي يحوي على نسب كبريت عالية الى انتشار الجزيئات واكاسيد الكبريت والكاربون والاضرار بالجهاز التنفسي،ورفع درجة حرارة الغلاف الجوي،والاضرار بالزراعة!بينما يسبب البنزين المخلوط بالكيروسين والبنزين المرصص السمومية الحادة المؤثرة على الجهاز العصبي والقدرة على التفكير!وتسبب تفجير انابيب النفط  تلويثا  للبيئة  بسموم إضافية،وخرابا للاقتصاد الوطني وخسائر بمليارات الدولارات،العراق بأمس الحاجة اليها.
   من المؤسف ان القوانين التي جرى ويجري طبخها اليوم تغيب بشكل مرسوم ومتعمد مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى عادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته،قجاءت القوانين ومشاريع القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها...قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية...قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006...مشروع قانون النفط والغاز الجديد...مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام.نفطنا، رصيدنا الكبير،ام مسمار نعشنا الأخير؟!.
•   الاسلحة واليورانيوم المستنفذ  
   عدد الالغام في بلادنا من الكثافات الاعلى في العالم!وخلفت الحروب الكارثية مئات الآلاف من القنابل والقذائف غير المنفجرة،والتلوث الإشعاعي الناجم عن ذخائر اليورانيوم المشعة،ونهب حاويات المواد المشعة وسكب موادها عشوائيا،ونهب الفضلات النووية والمواد الكيمياوية في جبال حمرين،ووجود آَلاف المواقع الملوثة في العراق- بتأكيد برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP.وتؤكد الوثائق الارشيفية ان الولايات المتحدة اطلقت حوالي  1.5 مليون  قذيفة من اسلحة اليورانيوم على العراق والكويت معا!اي مئات اضعاف القذائف ضد يوغسلافيا وفي حرب البوسنة.اليورانيوم المنضب(Depleted Uranium)مادة سامة جدا ومسرطنة،وقد تم تقدير مختلف انواع الاعتدة التي صنعت من اليورانيوم المنضب(DU)التي القيت على العراق عام 2003 ب(1750)طنا اي ما يعادل 400000 قنبلة نووية مشابهة للقنبلة التي القيت على ناكازاكي اليابانية وما يعادل 5.5 مرة بقدر الكمية التي القيت عام 1991 في حرب الخليج الاولى.وقد اصيب اكثر من 60 الف جندي اميركي بالسرطان بعد مشاركتهم في تحرير الكويت فقط!ويبلغ معدل الوفيات بسبب انفجار قنابل والغام مخلفات الحروب الكارثية في العراق حوالي 22 مواطن/شهر.هناك ما يقدر بـ 800 موقع خطر في بغداد وحدها اليوم،تتعلق غالبيتها بالقنابل العنقودية ومصايد الذخيرة المدفونة!ويبقى الغبار السام والمشع لسنوات طويلة في الجسم البشري!تضاعفت الاصابات بامراض السرطان والامراض الجرثومية الاخرى نتيجة المواد المشعة المستخدة في الحروب الاخيرة،وهي امراض غريبة لم يشهدها العراق من قبل ولم يعرفها ابناءه الا مع مجئ نظام صدام والاحتلال.
   سبب استخدام الدكتاتورية اطنان الصواريخ والقنابل والالغام والاسلحة الكيمياوية،واستخدام التحالف اطنان اخرى!وتسبب التفجيرات الارهابية!والاهتزازات بفعل الانفجارات!تزايد المخاطر الطبيعية الناتجة من النشاط الجيولوجي لاسيما الانهيار الكتلي للصخور وانهيار السدود والجسور والاكتاف الترابية للانهر والحرائق المختلفة وانكسار الانابيب النفطية والغازية والمائية،وسقوط ابراج الطاقة الكهربائية،والتغيرات في مستوى سطح الارض ومستويات المياه الجوفية.وكذلك الهبوط الارضي والتهدم الكتلي،الفيضانات،الزحف الكتكوني والزلازل والهزات الارضية،التعرية والترسيب ومختلف الفعاليات الجيومورفولوجية !.
    سببت الاسلحة الكيمياوية والنفايات الصناعية الخطرة تفاقم معدلات التدهور البيئي وانقراض انواع اساسية في السلسلة الحيوية.في العراق وكردستان انقرضت حيوانات ويهدد خطر الانقراض حيوانات اخرى.تقلصت الثروة السمكية وارتفعت اثمانها الى درجة ان السمكة اليوم في عراق الخير تعد من الاغذية الكمالية.
•   الردة الحضارية
    لوثت المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية الشارع العراقي وسممت اجواءه الثقافية معتمدة على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع الحلفاء من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام.ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر البشري الذاتي،وهذا ما  تقوم  به ثقافة الطائفية السياسية وتمادي الحكام في الاستخفاف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان،واسترسال المؤسساتية الدينية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة–عقلية ثقافة القطيع!يمتد التلوث الى اعماق الارض والانسان ويصبح علاجه صعبا ونتائجه وخيمة مع الزمن!ان نوايا التآمر وشن الحروب والارهاب والاقتتال والانتقام هو امر في منتهى الانحطاط الاخلاقي!.
•   الفساد وسوء استغلال النفوذ والسلطة
   الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق الحد الادنى من قوانين مكافحة الفساد لأن بعض الجهات المسؤولة العليا تعرقل اي تحقيق في قضايا الفساد.ويزدهر الفساد مع انتعاش"بيزنس الحرب"والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية،يزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط ولا فحص ولا كفاءة او جودة منتوج.من عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية،غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف!
•   الفقر والبطالة والعطالة
    تزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الأنشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الأنشـــطة الإنتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.وانعكس ذلك بدوره على مستوى توزيع الدخول والثروات ليزداد الفقراء فقرا نتيجة ضعف فرص التوظيف المنتج وخفض مستويات الدخل والادخار للغالبية العـظمى من السكان وليزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والأنشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالاحياء الكاملة خارج اطار المدن.تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.احزمة الفقر تطوق مدن العراق،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة.
   معدلات البطالة في العراق تواصل الارتفاع والبيانات ما زالت مضطربة،ويعتبر التكوين العلمي والمهاري لقوة العمل العراقية متدنيا الى حد كبير ويحتاج لتطوير حقيقي في التعليم والتدريب سواء لرفع انتاجية قوة العمل في الوحدات الاقتصادية القائمة فعلا او لتأهيلها للتعامل مع تقنيات اكثر حداثة في المجالات عالية التقنية.ان قضية الفقر ترتبط ارتباطا وثيقا وواضحا بازدياد مستويات البطالة!


•   السياسة البيئية والثقافة البيئية
   تسعى السياسة البيئية الوطنية الى حل المشاكل البيئية باستخدام الاجراءات التقنية والادارية وتسعى الثقافة البيئية هي ايضا لاحداث التغيير اللازم في طرق التفكير و السلوك البيئي عند المواطن وتطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الأساسية بغية بلورة السلوك البيئي الايجابي بمثابة الشرط الأساسي كي يستطيع الفرد في المجتمع ان يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة.ان الثقافة البيئية مفهوم مرادف للتعلم الايكولوجي والتربية البيئية وعملية تطوير وجهات النظر والمواقف القيميّة وجملة المعارف و الكفاءات والقدرات و التوجهات السلوكية من اجل صيانة وحماية البيئة.ويقصد بالتلوث البيئي كل تغيير كمي او نوعي في مكونات البيئة الحية وغير الحية لا تستطيع الأنظمة البيئية استيعابه من دون ان يختل توازنها.والتلوث البيئي هو هوة سحيقة حاصلة بين التكنوسفير- Technosphere(طراز معيشة الانسان وانماط الحياة الحضرية ومستحدثاتها في العلم والتكنولوجيا)وبين البيوسفير - Biosphere(انظمة التوازن البيئي وعناصر مقومات المحيط الحيوي).المحافظة على التوازن الطبيعي للبيئة يتطلب تكييف الجانب التكنيكي وفقا للجانب الطبيعي للحياة.ان تأمين الأسس الطبيعية للحياة الانسانية عبر صيانة البيئة والوقاية ضد الأخطار البيئية في الميادين الايكولوجية والايكونومية والاجتماعية يعتبر اليوم اساس ضمان الوطن الحر والمستقبل السعيد.
  وفر النظام الدكتاتوري البائد بقادسياته الكارثية وشموليته وارهابه اجواء الموت والدمار المخيمة على العراق لتجد الولايات المتحدة امامها الحجج الجاهزة للقيام بالعدوان وتشغيل ماكنتها التدميرية على ارض العراق،وتطلق العنان لقراراتها السياسيــة المعادية لمصالح الشعب العراقي،ولتتحول القضية العراقية الى مشروع دائم للحرب والعدوان والدمار ولتبقى ابواب العراق مفتوحة امام السلاح والجزمة الاميركية تأخذ طريقها حيثما تريد وكيفما تريد!ولتصبح مدن العراق اهدافا لذلك السلاح!.وقد ادى الخلل في ديناميكية التخطيط المركزي واقحام البلاد في المغامرات الاقتصادية التي جسدت منهج التجريبية والتطور الرأسمالي المنفلت والنشاط الطفيلي للبورجوازية واجهزتها المهيمنة الى تلوث البيئة العراقية والكردستانية،ووسعت دكتاتورية صدام حسين من تخريب البيئة العراقية ركضا وراء الأرباح السريعة المنال.ولم يسعف النظام تبريراته ربط التلوث البيئي بالنمو السكاني والتقدم التقني محاولا اعفاء التطور الرأسمالي الجاري من المسؤولية،كما كانت لحملات الحكومة المركزية في بغداد وانفالياتها سيئة الصيت على مدن وقصبات كردستان طيلة العقود الماضية الآثار البيئية السيئة حيث تضررت البيئة السكانية وتلوثت المياه في النهيرات والعيون والآبار وزرعت جبال وهضاب كردستان بالالغام والربايا العسكرية بالاضافة الى محو آلاف القرى من الخارطة الكردستانية.
    تلوثت البيئة العراقية بالحروب الكارثية وباحتراق او تسرب المواد الملوثة من المنشآت الصناعية،منها ملايين الالتار من الوقود والزيوت والكبريت السائل والحوامض المركزة والمبيدات الكيمياوية واحتراق اطر السيارات وتعطل مصادر الطاقة الكهربائية والدمار الذي اصاب مصافي النفط وتوقف العمل في وحدات معالجة المياه الصناعية وارتفاع مناسيب المياه في المبازل وتدمير مرسبات الغبار في معامل الأسمنت وتوقف العمل في وحدات تصفية مياه الشرب ومحطات معالجة المياه الثقيلة وتدمير اكثر من(35%)من آليات البلديات وترك النفايات من دون طمر صحي،وبسبب المواد المشعة من الانفجارات وصناعة اسلحة الدمار الشامل العراقية.وشمل التلوث البيئي تلوث المياه وتلوث الهواء،تلوث التربة والتلوث الضوضائي والتلوث البصري والتلوث الشمي والتلوث الاشعاعي والتلوث الكهرومغناطيسي.
    سبب الحصار الاقتصادي والحظر النفطي اكبر الضرر بالكساء الأخضر والحيوانات البرية وعموم الثروة الحيوانية وزاد من عدد الاصابات بالأمراض الانتقالية.وتسببت حملات حكومة بغداد الدموية ضد الشعب الكردي وانفالياتها والغزوات البرية التركية واعمال القصف المدفعي والجوي في شمال العراق زعزعة التوازن البيئي في كردستان،بينما شكلت اعمال التهريب المتفاقم للثروة الحيوانية والاخشاب خطرا اضافيا هدد البيئة العراقية.بلغ عدد القرى الكردستانية المدمرة في العقود المتأخرة فقط حوالي(4500)قرية و( 35 )بلدة بسبب شوفينية الدكتاتورية،وقامت الدكتاتورية بتصفية الشريط الحدودي الطويل على امتداد كردستان العراق من مندلي الى سنجار وبعرض تجاوز في بعض المناطق ال(30)كيلومتر داخل العمق في ظل اتفاقية الجزائر لسنة 1975،اعقبتها الحملات الانفالية الكيمياوية في الثمانينات!
    اخلت الحروب قي بلادنا بالتوازن الاجتماعي والبيئي،وكانت بحق سوقا خصبة لاسلحة الدول المتقدمة ومختبرا لتجريب آخر المبتكرات في مجال التسلح.في حلبجة استخدم النظام العراقي الغازات السامة ليبيد 5000 مواطن برئ مسالم بينهم الاطفال والنساء،وسبق له ان استخدم النابالم المحرم دوليا في قصف كردستان العراق،كما استخدم الثاليوم لتسميم معارضيه دون ضجة وبهدوء.واستعملت في حرب الخليج الثانية اخطر المبيدات والملوثات وبالاخص اليورانيوم المستنفذ(DU)الذي يدوم نشاطه الاشعاعي 4.5 مليار سنة اي دوامه الى الابد،ومع احتراقه ينبعث اوكسيد اليورانيوم السام المشع وينتقل في الهواء عدة كيلومترات لتستقر دقائقه في الاعضاء الحيوية بالاستنشاق والهضم، وليسبب آلام الرأس والامراض الخبيثة.   
  التلوث البيئي طاعون العصر وصناعة الموت الهادئ،والذي يتقدم بتفوق على  طاعون موت الحروب والارهاب،ولينتصر على احصائيات ضحايا الطرق!فيدخل من كل اتجاه:مياه الشرب،هواء بالكربون،الأمطار الحامضية والسوداء والعواصف الترابية،اتربة في الرئة،سموم في عضلة القلب،الضوضاء الحادة والضغط العالي جدا،الروائح الكريهة والضغط الفيزيقي،اليورانيوم المستنفذ(DU)،حقول الالغام واكداس الاسلحة المتروكة والسيارات المفخخة،الامراض والاوبئة والفايروسات..التلوث ماكنة جبارة تعمل بلا هوادة!..ارتفعت نسب التلوث الهوائي بالرصاص والكاربون والغازات المتسربة الى الجو الصادرة عن المواد الكيماوية وكميات من العناصر المشعة كالكادميوم واليورانيوم المنضب (DU) والزنك الصادر عن القنابل والصواريخ الموجهة وكذلك بسبب الأمطار الحامضية والسوداء والعواصف الترابية وكثافة الدقائق العالقة.. الامر الذي يتسبب في وفاة الآلاف سنويا لاسيما بين الشيوخ والاطفال!والآلاف من ضحايا التسمم!والاصابة بالتضخم الكبدي عند مالايقل عن 30% من العاملين في بلادنا!والاصابة بحساسيات الجهاز التنفسي واحتقان الرئتين وضيق التنفس والتليف الرئوي والتهاب الشعب الهوائية والسرطان والفشل الكلوي والعجز الجنسي والاجهاض والتشوهات الجنينية وانخفاض نسب الذكاء،الخ.وتسبب الغازات السامة عماء العيون واضطرابات التنفس.تتركز الملوثات في دخان المعامل وابخرتها وعوادم السيارات!ودخان التفجيرات الارهابية والحربية!وزيادة استهلاك المحروقات!والتلوث بأتربة الشوارع،والاغذية الفاسدة التي تغزو العراق(اثبتت الفحوصات ضررها البالغ المسبب للسرطان والامراض الاخرى)والتلوث المنزلي من المواد الطيارة في الماكياج والغاز المنزلي NO2 والعطور والتدخين ودهان الاريكة ... الخ.
  يتوزع التلوث البيئي في عراقنا الى :
•   الكهرومغناطيسي- افران المايكرويف وخطوط الضغط العالي والمحولات الكهربائية والقابلوات والمولدات الامر الذي ادى الى التعرض لمخاطر الاصابة بسرطان الدم(اللوكيميا)وسرطانات الاطفال بسبب الدقائق الكهرومغناطيسية!.
•   الكيميائي- المركبات العضوية والاملاح– الايونات والمعادن السامة التي تسببت في تلوث السلاسل الغذائية والمياه والهواء!.
•   الفيزيائي- الضوضائية والروائح والتلوث البصري.المواد العضوية وغير العضوية ومياه الامطار الحامضية والمخلفات الصناعية المسببة للتغير في اللون والحرارة والعكورة والشد السطحي  والطعم.
•   الاشعاعي - اليورانيوم المستنفذ(DU).
•   المروري- تزداد الاختناقات المرورية في شوارع بغداد والمدن العراقية بسبب ازدياد عدد المركبات المرورية،والتخلف في شبكات الطرق والنقل وتدني الثقافة المرورية!ينفث الاختناق المروري الكميات الهائلة من غازات عوادم السيارات السامة وهي ملوثات غازية تفوق خطورتها ما تنفثه الصناعات المدينية.وتسبب الاكاسيد الكبريتية و النيتروجينية الامطار الحامضية المضرة للبيئة الزراعية والثروة السمكية،تلف جدران الابنية والارصفة والشوارع والسيارات،تعتيم الوان النصب التذكارية والغطاء النباتي والطلاء،وتساعد على التآكل المعدني.وتؤثر الاختناقات المرورية على كفاءة فاعلية اداء المركبات والاستهلاك الاقتصادي للوقود معا وعلى صحة الانسان! 
   المؤسف ان حكام العراق الجدد واصلوا طيلة الاعوام الخمسة المنصرمة تجاهل الواقع البيئي الكسيح وتداعياته الصحية والاجتماعية،وحتى الجمعية الوطنية ومجلس النواب تقاعسوا في ذلك.ولم يتضمن الدستور الدائم الا الجمل الفضفاضة التي لا تلزم احدا،بعد الغاء المادة 44 من مسودة الدستور الدائم التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.ولليوم لم ينضم العراق للإتفاقيات البيئية الدولية.الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية تجاهلت الواقع البيئي الراهن،مستثنية اياه في اهتماماتها الأساسية – بعكس ما يفترض،مع ان معالمه الكارثية تعشي العيون.وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث،حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الكوارث الاجتماعية كالطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث!.الانكى من ذلك لا تزال الهوة سحيقة بين النخب الحاكمة وحقوق شغيلة صيانة البيئة العراقية،وهي شغيلة توزعت في كل مكان وتجدها داخل كل المؤسسات،في ادارة المحافظات والبلديات والقوات المسلحة ووزارة البيئة والتعليم العالي والصناعة،المنظمات غير الحكومية والنقابات،الخ.
   ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة،يرتبط بشكل كبير،بالتصدي الجدي غير الانتقائي وغير المسيس لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.لقد تراجعت مؤشرات المحاسبة،الإستقرار السياسي،فعالية الحكومة،الجودة النظامية،سيادة القانون والسيطرة على الفساد في العراق خلال الفترة 1996-2007 لتصل الى المعدلات الدنيا في السلم العالمي،وتكشف الاحصائيات عن ترد خطير وتراجع أخطر في فعالية أداء الحكومات المتعاقبة رغم انهيار الدكتاتورية البعثية في 9/4/2003.


•   التنمية المستدامة ومواجهة التدهور البيئي
  التنمية المستدامة(Sustainable Development)هي توسيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال تكوين الرأسمال الاجتماعي لتلبية حاجات الاجيال الحالية(بأعدل)طريقة ممكنة دون الاضرار بحاجات الاجيال القادمة،واعادة توجيه النشاط الاقتصادى بغية تلبية الحاجات التنموية الماسة للدول والافراد والاجيال القادمة،تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها،واختيار الأنماط الاقتصادية والاجتماعية التنموية التي تتناسب مع الاهتمام البيئى الملائم،ومنع حدوث أضرار سلبية تنعكس على البيئة العالمية.يواجه العالم خطورة التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع عدم التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي.
   تكشف التنمية البشرية المستدامة واقع التباينات الاجتمااقتصادية والطبقية الحادة في المجتمعات وحجم الاهمال والحرمان والفقر،وهي مكملة لمنهج التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى والقصير والتنمية.لقد قام قادة أكثر من مائتين وسبعين دولة بالتصديق على فكرة التنمية المستدامة تصديقا رسميا فى مؤتمر قمة الأرض في ريودوجانيرو عام 1992،بعد الاطلاع على التقرير الذى رفعته اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية فى عام 1987.وسعت اللجنة المعنية بالبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها لوضع تعريف للتنمية المستدامة يتلخص في الارتقاء برفاهية الإنسان والوفاء بالاحتياجات الأساسية للفقراء وحماية رفاهية الأجيال القادمة والحفاظ على الموارد البيئية ودعم انظمة الحياة على المستوى العالمى وفى الحدود المسموح بها،والعمل على ادخال الأطر الاقتصادية والبيئية عند وضع القرار.ومع اصدار تقرير التنمية البشرية لعام 1994 فان مفهوم الأمن البشري لم يقتصر على امن الدولة بل شمل امن الانسان وامن المجتمع بشكل يضمن حقوق المواطنين اضافة الى انه اخذ ابعادا متعددة.
   التنمية البشرية مفهوم مركب ينطوي على مجموعة من المضامين التي تتداخل وتتفاعل مع جملة من العوامل المجتمعة واهمها:الانتاج،السياسة الاقتصادية والمالية،مقومات التنظيم السياسي ومجالاته،علاقات التركيب المجتمعي بين مختلف شرائحه،مصادر السلطة والثروة ومعايير تملكها وتوزيعها،القيم الثقافية المرتبطة بالفكر الديني والاقتصادي،القيم الحافزة للعمل والانماء والهوية والوعي بضرورة التطوير والتجديد اداة للتقدم والتنمية.تعتبر التنمية البشرية منقوصة اذا تمكنت من تعزيز قدرات الانسان دون التمكن من ايجاد الفرص الكافية في البيئة الاقتصادية والاجتماعية لاستخدام هذه القدرات بشكل فعال،فالتعليم يتحول الى بطالة عند اصحاب الشهادات اذا لم يترافق مع مشروع تنموي متكامل،وهو الامر الذي يؤكد على اهمية البعد الاقتصادي في التنمية البشرية.
    التنمية البشرية ضمان لتحقيق السلام الاجتماعي وتحقيق حماية البيئة والحياة وضمان استمرار النمو للاجيال القادمة وتحقيق الديمقراطية الحقيقية وحقوق الانسان،وتعرقل المظاهر الرأسمالية هذه التنمية بسبب الفقر والبطالة وسوء التوزيع والعصبوية والطائفية والعسكرة والاضطهاد المركب.وتستهدف التنمية البشرية الاستراتيجيات التنموية الناس قبل الانتاج،والتجارة،واسعار الصرف،واسعار الفائدة،واسواق الأوراق المالية.وتشترط التنمية المستدامة صراحة والزاما ديمومة العملية التنموية وتوزيع الموارد والمنافع الاقتصادية اجمالا بين الاجيال الحاضرة والاجيال المقبلة،ووضع البعد البيئي للاستدامة كأحد الأبعاد الأساسية مع البعد السياسي.هل يتيح النمط الرأسمالي المتجسد في نظام السوق نموا مستداما واستغلالا رشيدا للموارد اقتصاديا ومستداما بيئيا؟خاصة وان طبيعة السوق ونظام السوق الرأسمالية تنفي حكما امكانية ثبات النمو وتواصله دون انكفاء وتحتمل ظهور الأزمات الاقتصادية بشكل متكرر.ان اعطاء دورا اساسيا للدولة يخفف التناقض بين التنمية المستدامة ونظام السوق شريطة الالتزام بالديمقراطية السياسية والمؤسساتية المدنية والشفافية كي لا تقع هذه الدولة في فخ البرقرطة والكومبرادورية والطفيلية.
   من اولويات التنمية المستدامة الديمقراطية البيئية،ادارة الموارد الطبيعية،الادارة المستدامة للمسطحات المائية،الادارة المستدامة للغابات والبساتين،مكافحة عمليات التجارة غير القانونية والتهريب والسوق السوداء،احتواء الاخطار البيئية ونتائج هوس الحروب والعسكرة،التنوع البيئي،السياحة المستدامة....الى جانب الشفافية والاعلام والعدالة وضمان المواطنة،حرية التعبير عن الرأي،حكم القانون،المجتمع المدني،السلم الأهلي،واطلاق البدائل الديمقراطية في مجالات الادارة والتعليم وصياغة القرارات المصيرية...حقوق الانسان،حقوق الاطفال والحقوق المتساوية للمرأة،مكافحة التعذيب ونبذ عقوبة الاعدام،مكافحة الارهاب والفساد.وتشمل الابعاد البيئية للتنمية المستدامة صيانة التربة من التلف والتقليل من استخدام المبيدات والحفاظ على الغطاء النباتي،حماية الموارد الطبيعية،صيانة المياه،حماية المناخ من الاحتباس الحراري،الخ.
   الموازنة الدقيقة في مشاريع اعمار العراق تتطلب الاهتمام بالاقتصاديات البيئية والسياسة البيئية الوطنية عبر الاجراءات التقنية والادارية وشحذ الوعي البيئي لدى عامة الناس لدفع عجلة التقدم الاجتماعي وخدمة الشعب العراقي.الاقتصاديات البيئية والسياسة البيئية الوطنية حدا مقص،لا يستطيع احدهما ان يقطع بصورة صحيحة اذا فصل عن الآخر.
    السياسة البيئية الوطنية هي حزمة(Package)الاجراءات التقنية والادارية التي ينبغي اتخاذها لمعالجة مظاهر التلوث البيئي ومنها:
•   حماية خصوصية المواطن والشغيل في بلادنا وحقه في صيانة حياته الخاصة وحجبها عن الآخرين(جاء في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"لا يجوز تعريض احد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة او في شؤون اسرته او مسكنه او مراسلاته،ولا لحملات تمس شرفه وسمعته.ولكل شخص حق في ان يحميه القانون من مثل ذلك التدخل او تلك الحملات..")وحقه في معرفة كل ضروب المعلومات المؤثرة على مستقبل العراق والمؤثرة على المصائر الإنسانية والدفاع عن حق الشعب في استخدام المعلومات بسعر رخيص في كل مكان وفي اي وقت والاشتراك المباشر في ادارة البيئة التحتية للأعلام.ديمقراطية المعلومات تعني ضمان حرية التعبير والنشر عبر وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية،حرية الحصول على المعلومات وتداولها بما ينسجم مع نصوص الدستور ومواثيق حقوق الانسان،تحريم ما يحرض على التعصب والتطرف عرقيا او دينيا او طائفيا اوعلى العنف،احترام استقلالية وسائل الاعلام وبضمنها منابر النشر والبث العامة الممولة من ميزانية الدولة.
•   تطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الاساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي كشرط اساسي يستطيع فيه المواطن من ان يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة.كل ذلك يستلزم توفير الكادر الضروري للمؤسسات البيئية وجعل علم صيانة البيئة من العلوم الاساسية في المناهج الاكاديمية التدريسية في الجامعات العراقية.
•   انهاء الاحتلال الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور والمضي في طريق اعادة الاعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية السيادية.اعتماد المهنية واحترام حقوق الانسان والحريات التي ينص عليها الدستور في بناء القوات المسلحة،وتأكيد ولائها للوطن وابعادها عن الصراعات والمحاصصات الطائفية والقومية والأثنية، وتكريس مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته والحفاظ على النظام الدستوري.
•   معالجة تردي الخدمات العامة الاساسية وخاصة الكهرباء والماء النقي... من الاهمية بمكان تفعيل دور قطاع الطاقة الكهربائية في عملية الأنتاج الأجتماعي عبر الحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي في مختلف مجالات الأقتصاد الوطني في البلاد،والسعي لاستبدال المصادر الاحفورية بمصادر الطاقة البديلة.
•   اهمية اجراء التعديلات الضرورية على القوانين البيئية السارية وتشذيبها من الاغراض النفعية الضيقة ونخص بالذكر القوانين التالية :
1.   قانون حماية و تحسين البيئة رقم 3 لسنة 1997.
2.   نظام تشكيلات دائرة حماية و تحسين البيئة رقم 1 لسنة 1998.
3.   نظام الحوافز والاجور لدائرة حماية و تحسين البيئة  واقسام حماية و تحسين البيئة في المحافظات رقم 2 لسنة 1998.
4.   تشكيلات مجالس المحافظات لحماية و تحسين البيئة  رقم 4 لسنة 1997.
5.   تعليمات مهام واقسام حماية و تحسين البيئة في المحافظات وتشكيلاتها رقم 1 لسنة 1998.
6.   قانون تنظيم مناطق تجميع الانقاض رقم 67 لسنة 1986.
7.   تعليمات الاضاءة في بيئة العمل الصادرة عن وزارة الصحة رقم 7 لسنة 1993.
8.   تعليمات مخاطر البنزين العطري ومنتجاته الصادرة عن وزارة الصحة رقم 6 لسنة 1996.
9.   تعليمات نقل وتجهيز مياه الشرب بالسيارات الحوضية الصادرة عن وزارة الصحة رقم 5 لسنة 1993.
10.   تعليمات رقم 4 لسنة 1993 الصادرة عن وزارة الصحة حول حماية العاملين من الاهتزازات.
   من الضروري تشريع قانون تحديد منسوب الضوضاء المنبعثة من مكبرات الصوت فوق المراكز الدينية والسياحية والالتزام  بتعليمات رقم 2 لسنة 1993 الصادرة عن هيئة السياحة مثلا.ما سبق يؤكد اهمية استكمال تأسيس وتطوير الهيئات الحكومية الخاصة بالبيئة وحمايتها ورفدها بالصلاحيات،ووضع استراتيجية بيئية تتناسب وحجم المخاطر المرتبطة بتدهور الوضع البيئي.
•   اعادة تخطيط المدن وتخطيط الشوارع وتوزيع استعمالات الارض... يذكر ان الطرق الحالية تخترق المناطق السكنية والحضرية والتجارية المكتظة بالسكان.
•   عزل الحرف والورش داخل الاحياء السكنية في ابنية وعمارات خدمية وحرفية خاصة بها لتوفير البيئة السكنية المناسبة لمعيشة المواطنين.
•   لا يجر تحويل الشوارع والابنية والارض من سكنية الى تجارية الا بعد توفر شروط ضرورية منها تواجد الاماكن الكافية لوقوف السيارات كي لا تتسبب في الضغط على الازقة والشوارع الضيقة وفقدان الخصوصية التي يجب توفرها في المناطق السكنية والتلوث البصري والضرورة الهندسية للحصول على اكبر النسب من الاشعة الشمسية الساقطة،ومعالجة مشاكل الضجيج بالتشجير والحواجز.
•    الاهتمام بالتشجير لأن الحراج والمناطق المكسوة بالاشجار والحدائق تمتص الضجيج المروري.وتطلق المساحات الخضراء الرطوبة النسبية بمقدار 11% لتبلغ الطاقة التبريدية لمساحة 1012 متر مربع ما يعادل عمل 20 مكيف هواء حجم كبير.
•   معالجة قطع الطرق وغلق الجسور المفاجئ الذي تقوم به  القوات الاميركية والحرس الوطني والشرطة اثناء تأديتها الواجبات الموكلة لها،خاصة في فترات انعقاد جلسات مجلسي النواب والوزراء الامر الذي ولد ويولد الاستياء الشعبي والازدحام المروري غير المبرر.ومعالجة النصب العشوائي للحواجز امام مداخل المؤسسات الحيوية و مقرات الاحزاب،وكذلك افتراش الاهالي طرق رئيسية اخرى لتغلق!من الضروري معالجة ظاهرة تكسرات الطرق وتآكلها وتدني خدمات الطرق واستهتار الدوريات العسكرية المدرعة الامر الذي أثر على صلاحية وسلامة المركبات والسيارات.
•   تنمية الثقافة المرورية الاحصائية وتحشيد الوعي المروري الوطني!
•   وضع خارطة التوزيع الاقليمي للمؤسسات الصناعية والزراعية واماكن التوسع السكني بما يكفل ابعاد الصناعات الملوثة للبيئة والمضرة بصحة السكان عن المدن وبما يمنع تلوث الأنهار.
•   العمل على تشريع قوانين وضوابط السلامة المهنية في المؤسسات والمواقع الانتاجية.
•   معالجة التغيرات البنيوية الناجمة عن اهمال مستلزمات حماية الطبيعة ومواردها وعن الحروب الداخلية والخارجية للنظام الدكتاتوري المقبور.
•   حماية المياه والأجواء من التلوث بالنفايات الكيمياوية ومياه المجاري وغيرها،وتوفير الدعم اللازم للاسراع في تنفيذ برامج حصر المناطق التي تعرضت للتلوث وتنظيفها.
•   وضع وتنفيذ برامج وطنية عاجلة  للتخلص من نفايات الحرب السامة والألغام المزروعة في مختلف مناطق البلاد،ومن بقايا وآثار الأسلحة الكيمياوية والجرثومية،وتنظيف البيئة من نفايات المواد المشعة والكيمياوية والبيولوجية واليورانيوم المنضب،والافادة في ذلك من دعم المجتمع الدولي.
•   ادراج التهجير القسري ضمن الجرائم الكبرى التي  يحاسب عليها القانون.
•   الحد من التصحر وحماية التربة من التعرية الريحية بالاعتماد على انشاء واحات صحراوية ومحطات مراع طبيعية،وزراعة اشجار الغابات ذات المردود الاقتصادي والمتحملة للعطش والمعروفة بمقاومتها للجفاف والملوحة مثل النخيل والسدر والزيتون،وزيادة المساحات الخضراء في المناطق الصحراوية.تسهم الأحزمة الخضراء في درء خطر العواصف بينما يقلل التشجير والحفاظ على المراعي الطبيعية من نسب التصحر.
•   تخصيص ميزانيات سنوية لمعالجة النفايات السكانية الصلبة ونفايات المستشفيات والنفايات الصناعية بطرق عصرية،وتطوير ادارة المخلفات الانشائية- مخلفات البناء والهدم،وادارة ومعالجة النفايات الصلبة  Municipal Solid waste!باعتماد التقنيات الهندسية الحديثة.اختيار المعالجة المثلى بما يتلاءم مع البيئة الاجتماعية وتحقيق افضل عائد مالي ومعنوي.
•   اعتماد الاستراتيجيات الاسكانية التي تعالج التقادم الانشائي وتآكل المواد الانشائية مع تقدم الزمن وبغياب الادامة والصيانة والتحديث،فوضى التوسع العمراني وظاهرة البناء على السطوح والتقادم العمراني،النمو السكاني الكبير في بلادنا،آثار القادسيات الكارثية والانفاليات الكردستانية والتغييرات الديموغرافية،التغير الديموغرافي نتيجة الاعمال الارهابية والتهجير القسري،تواصل الهجرة التقليدية من الريف الى المدن طلبا للرزق نتيجة تدهور

171
أبهذه الذهنية وهذا السلوك تريدون ديمومة العملية التعليمية في وطننا؟!
   
المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
   
   تتعرض مؤسسات التربية والتعليم والتعليم العالي في العراق للتدمير والتخريب والنهب والتأكل وتتواصل هجرة الأساتذة والمعلمين والطلبة الى المناطق الأخرى منذ الحرب العراقية – الايرانية حتى يومنا هذا.وجاءت عملية الاخلاء القسرية لبناية الاقسام الداخلية في كلية الهندسة الثانية/الخوارزمي التابعة لجامعة بغداد في الجادرية صباح الخميس 18/9/2008 امتدادا لنهج القدوة السيئة التي يضربها الحكام والمسؤولين واصحاب الجاه والنعيم ورجال الدين في اجواء اهتزاز نظم القيم ونقص مستويات الوعي والمعرفة،والفقر والحاجة والبطالة،والجشع والجهل والامية الى جانب فساد القوانين وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها.هذه العملية التي عكست دون لبس اوغموض محاولة البعض من المتنفذين استخدام قوات الحرس الوطني لتحويل ابناء الشعب العراقي مجددا الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!
   كان قيام قوات عسكرية تابعة للجيش العراقي بمصاحبة قوات التحالف الدولية باقتحام الاقسام الداخلية في جامعة بغداد والمواجهات المؤسفة مع الطلبة سابقة خطيرة،وترسيخ للعقلية العسكرية التي كانت سائدة في عهد صدام حسين التي اتسمت بالحماقة والجهل،وتعكس الحنين والميل الى التجليات التقليدية للتسلط وترك هامش امكانية ظهور السلطات الاستبدادية لممارسة القمع ضمن الشرعية. من اعطى الاوامر للحرس الوطني؟في الوقت الذي كان طلبة الاقسام الداخلية يؤدون امتحاناتهم!اما كان الاجدى ان تتم عملية الاخلاء في وقت سابق او ان تؤجل الى ما بعد انتهاء موسم الامتحانات مع الحرص على توفير البديل الملائم للطلبة؟!.من يتحمل مسؤولية ترويع الطلبة في وضح النهار وامام الملأ؟! اما كان الاجدى بادارة جامعة بغداد التدخل لدى الجهات المسؤولة للأحتجاج على ماجرى والحصول على الضمانات اللازمة لعدم تكرار مثل هذه التجاوزات وايجاد الحلول المناسبة لمشاكل طلبة الأقسام الداخلية؟!الا يكفي ما عانته العملية التربوية التعليمية في بلادنا من تأثيرات القادسيات الكارثية منذ عام 1980 والحصار الاقتصادي لتعاني اليوم الاوضاع المأساوية بسبب سياسات الاحتلال وارهاب الظلاميين وصراع السياسيين على السلطة.الهجمات الارهابية طالت المؤسسات التعليمية،الا ان حرص الجميع تركز على عدم الرضوخ للعصابات البعثية والظلامية والعمل باصرار في سبيل  ضمان ديمومة العملية التعليمية في بلادنا.
    ليس مستغربا ان يقف الائتلاف– المهزلة صامتا صمت ابي الهول امام الاعتداءات الاجرامية للميليشيات بالضرب على طلاب هندسة البصرة والكلية التقنية في الزعفرانية بالعصي واطلاق النار وتمزيق الملابس قبل اعوام..ليس مستغربا ان يحول الائتلاف– المهزلة الكليات الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية.ليس مستغربا ان يطلق الائتلاف– المهزلة عبر حماية خضير الخزاعي وزير التربية النار على الطلاب في قاعات كلية التربية الأساسية في حي سبع أبكار بعدما احتج  الطلاب على تأخر موعد الامتحان اواخر حزيران 2008 فيما عدا خلو القاعات من المقاعد.بالتالي ليس مستغربا ان يصمت الائتلاف– المهزلة صمت القبور عن اقتحام 18/9 !
   لم تتخلص جامعة بغداد من مخلفات الدكتاتورية البائدة،ولازال رئيسها وهيئة رئاستها وعمدائها ونوابهم ومعاونيهم لشؤون الطلبة يسبحون في المياه الآسنة للخجل البورجوازي ويحاولون تسيير الشؤون الاكاديمية اعتباطيا وفق الهوى السياسي القائم والولاءات المتنفذة بعيدا عن العقلية المؤسساتية العصرية،في الوقت الذي يعاني فيه الاساتذة الجامعيون والطلاب سواسية من الذهنية السائدة!ومحاولات كبح جماح الثقافة الوطنية والديمقراطية والحريات الاكاديمية،فقدان العمل الاكاديمي الاستقلالية لصالح بيروقراطية الدولة.
   تتحمل الحكومة العراقية كامل المسؤولية عن تردي العملية التربوية التعليمية في بلادنا عبر مواصلة السياسات النفعية والروزخونية(السفسطة الدينية).


22/9/2008

172
العملية السياسية في العراق والعودة القهقرى
المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
احببت كردستان احببت الجبال والوديان وهي
 تزهو باشجار الجوز والبلوط
احببت الصبايا الفاتنات وهن يرقصن الدبكة الجميلة
 وينشدن لكاوه الحداد ولنوروز وللحرية

   ان تزامن الحملة الاعلامية والسياسية ضد الكرد وحركة التحرر الوطنية الكردستانية في العراق مع الحملة المنظمة ضد الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية والمؤسساتية المدنية في بلادنا لهو خير دليل على ارتباط القضية الكردية والكردستانية عضويا بالقضية الديمقراطية ومستقبل تطور الحركة الوطنية العراقية ودور هذه الحركة في حركة التحرر الوطني العربية، وعلى مستقبل حركة التحرر الوطني الكردستانية ومستقبل مصير العراق، لأن محنة الشعب الكردي كانت طيلة العقود المنصرمة ولا تزال جزء من محنة الشعب العراقي.
   لقد خاض الشعب الكردي المعارك المتتالية للخروج من دائرة الاستعمار والتبعية والتخلف والظلم الاجتماعي ومواجهة الاستبداد والدكتاتوريات والحكم الفردي والعشائرية والعسكريتارية منذ اكثر من قرن.ولم تكن مكتسبات شعب كردستان وقضيته العادلة خلال العقدين الأخيرين ملكا لأي حزب او طرف بمفرده،بل كانت ملك لجميع ابناء كردستان،ولعموم الشعب العراقي.
   في عام 1991 قامت منطقة الملاذ الآمن والأمر الواقع de facto،ونهضت السلطات الاقليمية وهي تواجه ارثا قبليا ثقيلا الى جانب تشتت الاقليم الجبلي والوصاية الدولية بالعقوبات والاشتراطات المتعاقبة،وفي 19/5/1992 توجه شعب كردستان العراق لأول مرة في تاريخه وبأسلوب نضالي آخر ضد الدكتاتورية الشوفينية وفي عملية تاريخية قليلة المثال الى صناديق الاقتراع لانتخاب مندوبيهم الى اول برلمان كردستاني،ومنذ 4/6 من العام نفسه شرع البرلمان في تشريع القوانين اللازمة لملء الفراغ الاداري الذي اوجده النظام بسحب اداراته من المنطقة والانتقال الى الشرعية البرلمانية القانونية،وظهرت حكومة اقليم كردستان الأداة التنفيذية للبرلمان.اعتبرت هذه الاجراءات رفضا قاطعا للسياسة الشوفينية والتآمرية للدكتاتورية وشروعا جادا في بناء المجتمع المدني في كردستان وترسيخ التعددية كمفهوم سياسي اجتماعي وممارسة حضارية في ادارة الحكم والصراع،واقر البرلمان الفيدرالية كتعبير حضاري متقدم للكيان السياسي المناسب في اطار النظام الديمقراطي الفيدرالي العراقي.حدث كل ذلك عقد من الزمن قبل الاحتلال الاميركي وقبل شروع سلطات مابعد التاسع من نيسان في بناء مؤسساتها الدستورية!
   الحملة الاعلامية والسياسية ضد الكرد تتمحور في انتهاك مضمون المادة(140) من الدستور العراقي واستصغار البيشمركة!واذ تتجدد محاولات انتهاك مضمون المادة(140)من الدستور العراقي الفيدرالي التي تضمن حل الخلافات القائمة حول كركوك وتلكيف وسنجار وخانقين وشهربان وجلولاء ومندلي... وفق الاستحقاقات والآليات الواردة في الدستور،فان هذه المحاولات الخبيثة يغذيها زعيق القوى الطبقية المتضررة من التقدم الاجتماعي في كردستان العراق على تلاوينها القومية والطائفية والقبلية، ومواقف بعض دول الجوار... الى جانب القوى التي تعز على العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن.تعرقل الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد تنفيذ المادة(140)،ورغم الجهود المشكورة للجنة ذات العلاقة في سبيل تنفيذ المهام الموكلة لها فقد كانت العقبات كثيرة باتجاه تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار. لم يعن الاستخفاف بالمادة(140) والالتفاف على قواعد التصويت العلني للنواب على مشاريع القوانين الا اقصاء الكرد عن الترتيبات الدستورية العراقية وضرب التوافق الوطني.لم يعن الاستخفاف بالمادة(140) سوى تراجع الطائفية السياسية الحاكمة في بغداد عن العهد الذي اعطته للتحالف الكردستاني وبنيت على اساسه كامل العملية السياسية الجارية في العراق اليوم!والتوافق الذي جرى منذ المادة(58) من قانون ادارة الدولة،والتوافق حول مجمل مواد الدستور الفيدرالي.
    بالطبع لقوى الاسلام السياسي العراقية والقوميين اليمينيين العرب وبعض التركمان المواقف الضارة ازاء القضية الكردستانية والشعب الكردي،ولهم اجندتهم ومواقفهم التي تنطلق من التصورات القومية الشوفينية والدينية والتي تناهض من حيث المبدأ المشروع الفيدرالي.وليس مستغربا ان تترافق محاولاتهم المنظمة مع حملة اعلامية ضد الحزب الشيوعي العراقي لما يتمتع به الحزب من تاريخ وطني مشرف وبرنامج وطني يدعو الى وحدة العراق وجعل لغة الحوار هي المحور والأساس بعيدا عن التصريحات والمهاترات السياسية التي لا جدوى منها سوى شق الصف الوطني،وليس مستغربا ان تترافق محاولاتهم المنظمة ايضا مع مراهنات فلول البعث والصداميين والظلاميين لافشال العملية السياسية الجارية في بلادنا وارجاعها الى المربع الاول.
   ان محاولات ارغام القيادة الكردية على الموافقة لتمرير المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات،على حساب اجهاض اقتراحات الأمم المتحدة تبوء بالفشل،واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الامم المتحدة مؤسسة دولية براغماتية الطابع والمضمون لأدركنا اسباب تجاهل ممثلها السيد "ديمستورا" هو الآخر،في تقريره التحليلي الاول في 5/6/2008 وفق قرار مجلس الامن الدولي المرقم 1770 لسنة 2007،تجاهله"ان التشكيلات الادارية في بلادنا لم تؤسس وفق المعايير التاريخية والجغرافية، بل وفق التوجهات الشوفينية لانظمة الحكم المركزية"وهل يعقل ان تعتمد الامم المتحدة مشروعية سياسات التعريب القسرية سيئة الصيت ابان العهد الصدامي؟!ان محاولات فرض وانتهاز الفرص لتمرير قرارات متسرعة غير متفق عليها وبعيدا عن النهج التوافقي مصيرها الفشل!   
   هل تواجدت قوات البيشمركة في خانقين ومندلي وقرتبه نتيجة الفراغ الأمني؟وهل ستنسحب قوات البيشمركة من خانقين؟!قلة الطالع والمعرفة تحل بالاستنهال المعلوماتي.هل تمتلك القوات الاتحادية الصلاحية الدستورية في دخول اربيل او السليمانية متى شاءت؟هل يمكن ان توجه قوات الحرس الوطني اسلحتها الى صدور الكرد؟.الانفراد باتخاذ القرارات وعدم الشراكة والتهميش ليس من مصلحة العراق،وان عدم التشاور المسبق قبل الاقدام على اتخاذ اية خطوة، من شأنها ان تثير الشك والريبة عند الطرف الآخر،ولا تساعد في الوقت ذاته على تعزيز العمل المشترك وتحمل المسؤوليات.لقد توالت التصريحات المتزامنة غير المسؤولة للروزخونية في هذا الموضوع والتي لا تدل سوى عن الجهل والعماء الفكري والسياسي اذا ازحنا جانبا الميول الشوفينية(تصريحات علي الاديب وحيدر العبادي وسامي العسكري وهمام حمودي...)ومحاولة الاقتداء بشوفينية الدول الاقليمية وخاصة ايران.شوفينية تعكس محاولة الطبقات البورجوازية وبالاخص الكومبرادورية والطفيلية والبورجوازية الصغيرة(الديمقراطيـة الليبراليـة...)،وهي طبقات انانية الطابع مبتذلة مشبعة بالقسوة الاستفزازية والاغتراب والانعزال،التمسك بالمسرح السياسي ومواقع اتخاذ القرارعبر شتى الوسائل ومنها قهر واستعباد الشعب الكردستاني واشعال العداء القومي والحقد بين الشعب العربي والشعب الكردستاني وانتهاج سياسة الاستعلاء القومي باسم الدين والطائفة هذه المرة،طبقات تعتمد عليها قوى الاحتلال في تنفيذ مآربه ومصالحه.
    البيشمركة هي قوات الحركة التحررية الوطنية الكردستانية،المحاربون الاشداء الذين لا يهابون الموت،وشعارهم ـ كردستان يانمان ـ اي كردستان او المـوت والفناء.البيشمركة - قوات تحررية وطنية ناضلت لعقود من الزمن ولها جذورها المرتبطة بجذور الأرض وصولا الى الصخـور والمياه الجوفية واعمق على حد قول الكاتب الكردي احمد رجب.وهم متواجدون على ساحة المعارك الفعلية قبل اكثر من 42 عاما،ومنها خانقين،ولحد اليوم!!.ياترى من هو هـذا الذي يستطيع بـ (شخطة قلم) ان يمحوا التأريخ والجغرافية في آن واحـد؟؟؟.يقول الاستاذ مسعود البرزاني ـ رئيس أقليم كردستان:"نريد الحفاظ على قوات البيشمركة لأنها رمز المقاومة وهي قضية ليست مطروحة للنقاش ولا التفاوض!!"و"لا يمكن حل البيشمركة بقرار من اي دولة او حزب او شخص،سيستمر وجودهم مع تغير واجباتهم!!".. بمعنى آخر ليس لأي كان ان يتحدث عن(رمز)من اكبر رموز الشعب الكردي الا  البرلمان الكردستاني  المنتخب والذي يمثل الشعب الكردي كافة.
    من حق الجيش العراقي رفع قدراته العسكرية ومستويات تسليحه الا انه يبقى جيش العراق كله، واجبه الدفاع عن الوطن ومحاربة الارهابيين،ولا ينبغي استخدامه في الاختلافات الداخلية كورقة سياسية، بل الواجب ابقائه محايدا يحتفظ بمسافات متساوية بين الجميع، والتأكيد على مهنيته.من هذا المنطلق وجب طمأنة الكرد لا بالخطابات الانشائية بل بالقانون والتشريع ان هذا السلاح لن يستخدم بالمرة ضدهم.القضية الأمنية والعسكرية تعني الجميع ولا تعني فردا أو جزء من الحكومة،وعلى الولايات المتحدة الأميركية والدول التي تزود العراق بالسلاح،ان تشترط صفقاتها بمنع الحكومة العراقية من استخدامها ضد شعب كردستان وعموم الشعب العراقي!لقد ترك نهج دكتاتورية البعث وقمع الحكومات المتعاقبة آثار الاستبداد والتكتم في المجتمع العراقي،وما زالت سلطات ما بعد التاسع من نيسان 2003 تعاني الأمرين من ذلك.وانعكس استبداد قطاع الطرق والعسكر في بغداد باعلى درجاته في كردستان العراق بسبب عامل خطير رئيسي هو استخدام اسلحة الدمار الشامل الكيماوية ضد الشعب الكردي نهاية الثمانينيات،فكان رد هذا الشعب حازما لا هوادة فيه في اول فرصة سنحت له بعد انتفاضة آذارالمجيدة عام 1991.وعلى هذا الشعب ومن اجل الحفاظ على مكتسباته الوطنية والقومية خوض غمار كل السبل الممكنة المؤدية الى قيام مجتمع مدني حضاري في كردستان العراق بعيدا عن مخططات النظم الدكتاتورية والتدخلات الاقليمية،وبذلك يكون شعبنا الكردي قد ادى قسطه الموضوعي في انقاذ العراق من التردي المستمر.
    لنعود الى الديمقراطية الحقة واحترام المشتركات السياسية واتخاذ العبرة من دروس التاريخ لان التهديد باستخدام القوة العسكرية واتباع الاساليب اللاديمقراطية لا يعالج الازمات والقضايا الشائكة!ونضال شعبنا الكردستاني هو نضال عادل من اجل حقوقه المشروعة،وكل القوى الديمقراطية داخل وخارج العراق تقف الى جانبه.ويشكل التحالف الكردستاني عامل التوازن السياسي الحقيقي في عملية بناء الدولة الديمقراطية في بلادنا!     

10/9/2008

173
اغتيال كامل شياع..كيف؟..لماذا؟..من المستفيد؟..ولمصلحة من؟!

                                                  المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   فقد الشعب العراقي والحزب الشيوعي العراقي والثقافة الوطنية الديمقراطية قبل ايام الرفيق والكادر الحزبي الديمقراطي الشجاع كامل شياع المستشار في وزارة الثقافة العراقية.جرت عملية الاغتيال باحكام:
1.   بين سيطرتين لقوات الحرس الوطني تبعدان عن بعضهما البعض 200 متر في طريق مزدحم بالسيارات ونقاط السيطرة.
2.   في وضح النهار.
3.   كان الاوباش يمتطون سيارتين اعترضتا وحاصرتا سيارة الشهيد باحكام وامطرتها برصاص الاسلحة الاوتوماتيكية.اخترقت جسد الشهيد 7 رصاصات ولازال المرافقون في المستشفى.سيارة الشهيد خرمت بالرصاص!وفق اول اعلان للناطق العسكري العراقي الرسمي!ثم جرى الاعلان لاحقا باستخدام الاوباش مسدس كاتم للصوت تفاديا للاحراج!
4.   الاوباش على دراية كاملة بحركة وتنقل الشهيد.
5.   لم تتشكل اية لجنة تحقيقية ولم تكن الدولة مبالية باغتيال الرفيق ولم يكن للحكومة أو مجلس النواب اي موقف من حادثة اغتياله، في حين نعت الرفيق الراحل الاحزاب الشيوعية في المعمورة ومؤسسات دولية كبيرة!
6.   حادثة الاغتيال مماثلة لحادثة محاولة اغتيال الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم عام 1959،الا انهم كانوا في المرة الاولى راجلة،واليوم يمتطون العربات!
7.   الاغتيال جرى قبل ايام من ذكرى رمضان الاسود في 1963،وبعد ايام من ذكرى ثورة 14 تموز الخالدة!

   القوى الطبقية التي تضررت من ثورة 14 تموز هي الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور واشد القوى عشائرية وطائفية في البلاد اضافة الى الحرس الملكي السعيدي القديم واجهزة الدولة المرتبطة مصالحها بالطبقات الرجعية!وقد اثارت الثورة غضب الاسطبل الاستعماري وافقدتهم صوابهم سياسيا وعسكريا!بينما اشر انقلاب 14 رمضان استحواذ الفاشية على السلطة،وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن وخدمة للولايات المتحدة الذي رأت ان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة!وما اشبه اليوم بالبارحة- فالمستفيد من اغتيال الرفيق كامل شياع ليست عصابات مسلحة وكفى لأن ذلك تبسيطا وتسطيحا للامور!تتوجه اصابع الاتهام الى:
1.   المنطلقات والممارسات الخاطئة التي يبتلي بها العراق اليوم!السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي المتخلف والتوجهات الديمقراطية المبتسرة، سياسات خداع الشعب!ومحاولة  سرقة الديمقراطية النسبية التي يتمتع بها الشعب العراقي .
2.   نشر الانحطاط المادي والمعنوي والفساد والسياسات  اللصوصية المليئة بالنفاق،والورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بعبارات مميزة لأنصاف المتعلمين،والخطب الانشائية الفضفاضة.
3.   شيوع ثقافة الولاءات دون الوطنية/الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظم تعود جذورها الى قرون طويلة من القمع والاجرام وتدمير المجتمعات والتي اظلت بظلها الكالح السواد،فدخلت ثقافتها الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاتها مقدسات بمرور الايام،ثقافة الانتقام و القمع!الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل!ثقافة الحرامية والاغتصاب!ثقافة الخنوع ونعم سيدي والغيبية والشعوذة والروزخونية(السوفيستك الديني)والبراغماتية والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر التقاليد والطقوس الدينية وتاثيرها على الفكر السياسي.
4.   تقوية عود الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية لان هؤلاء يريدون ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين.
5.   التستر على بالوعات الفساد التي تنخر اجهزة الدولة العراقية من القمة الى القاع!بالقدوة السيئة التي يضربها الحكام والمسؤولين واصحاب الجاه والنعيم ورجال الدين التي اتسعت عقاراتهم واقطاعياتهم وعماراتهم وشققهم الفاخرة داخل وخارج العراق(خاصة في لندن والضاحية الجنوبية لبيروت   والامارات العربية والاردن والقاهرة..)،واهتزاز نظم القيم،ونقص مستويات الوعي والمعرفة، والفقر والحاجة والبطالة، والجشع والجهل والامية الى جانب فساد الانظمة وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها.شيوع الشبكات المترابطة للفساد من القمم المتربعة على رأس الهرم المجتمعي والحكومي، والنهب الواسع للمال العام عن طريق الصفقات الوهمية وتحويل الممتلكات العامة الى مصالح خاصة وبحجم كبير!شبكات منظمة فيها مسؤولين حكوميين وافراد عصابات ومهربون ومعدات تنفيذ من وثائق مزورة واسلحة ووسائط نقل وصلات مع شبكات وتجار خارج الحدود.شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن".استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها مهندس المقابر الجماعية،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال وصراع السياسيين على السلطة.شكلت الحكومة العراقية في الاعوام المنصرمة عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها،ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها حتى يومنا هذا في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها!.
6.   ابعاد الاضواء عن التصدع الجاري في التحالف الرباعي مع محاولة الطائفية السياسية فصل القضية الكردية عن الديمقراطية لعموم العراق وسط خارطة الظروف الموضوعية المعقدة التي تحيط بالقضية الكردية بشكل عام،والامل في احتواء وعرقلة تنفيذ المادة(140) من الدستور الدائم،وتأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك وتجاهل الحقوق المشروعة للكرد تحت ستار مراعاة مصالح دول الجوار.
7.   اطالة عمر الاحتلال الاميركي وابقاء العراق منقوص السيادة لا حول له ولا قوة بالمعاهدات والاتفاقيات العسكرية الامنية والاحلاف الجائرة وابقاء القواعد العسكرية الاجنبية.
8.   رهن مستقبل العراق الاقتصادي بالخضوع لوصفات البنك الدولي والمؤسسات الرديفة وباعادة توزيع الموارد والأفراد عبر ابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة واتباع سياسة الباب المفتوح للاستيراد.

   لقد اطلق عدد من رموز الثقافة العراقية قبل ايام مبادرة لتشكيل مرصد للدفاع عن مثقفي العراق حملت عنوان(نداء للدفاع عن مثقفي العراق)،ووقع على البيان نحو مئتي مثقف وناشط عراقي...ورغم التقدير العالي للمبادرة الا ان الملاحظ عليها فضفاضيتها وخلوها من الاشارة الى مضمون الثقافة الوطنية الديمقراطية الحقة، وضمن الموقعين المؤسسين رموز لثقافة رجال الاعمال(البيزنس) ومن مناهضي الفكر العلمي والموضوعي وثورة 14 تموز!
  كتبت مئات الدراسات والمقالات عن اغتيال الرفيق كامل شياع،وحاول البعض من المنتفعين استغلال المناسبة للتشهير برموز الثقافة العراقية والادب العراقي الذين لم يسقطوا في مفخخات الانتهازية والتوفيقية وثقافة هز ياوز...عذرا للرفاق مفيد الجزائري وسعاد خيري وسعدي يوسف!قد نختلف في الرأي،نبقى تلامذتكم وتبقون وستبقون مثل عليا لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي وحركة شعبنا الوطنية التحررية!         
     
3/9/2008

174
كامل شياع..من الد مناهضي ثقافة الخنوع!

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
لا تحزني
واعلمي ان في تلك الساعة
من ظلمات الليل
نداء البحر كان يعلو بين الجموع
الامواج كانت تجرف كل الدموع
لن يموت الكادحون الشرد الجياع
والقادمون من اقاصي البحار ينشدون
سنبلغ شاطئ الحرية السعيد
    تعرف كامل شياع على الثقافة منذ خطواته الاولى في صفوف الحزب الشيوعي العراقي،وتعلم الميل اليها- ادبا وفنا ومعرفة عامة بمرور السنين،وفقا لمناهج ثابتة ومتنامية،وبحكم كون الفكر العلمي والمنهج المادي الجدلي عميق في موضوعيته وانسانيته ووليد شرعي اصيل للثقافة،كما تعلم تذوق الثمار الثقافية المتنوعة،وتشرب بحبها حتى غدت بالنسبة اليه حاجة حقيقية،لا يستطيع تصور الحياة من دونها.نعم،صارت الثقافة الهواء الذي يتنفسه الشيوعيون وصار الوسط الثقافي بيئتهم التي ينشدون اليها ويتفاعلون معها،وصار الفعل الثقافي تقليدهم الجميل،الذي لا يستطيعون منه فكاكا.كان كامل شياع تلميذا ومعلما للفكر العلمي الذي يؤكد ان اي تقدم في ايّ مجتمع،لا يتحقق الا بحضور الثقافة ومشاركتها الفاعلة،الا بانتشار المعارف بشتى صنوفها،والاقبال على العلوم وابحاثها،وعلى الآداب والفنون،وفتح الابواب امام تطور الوعي،وارتقاء الفكر.
  التواضع الجم لكامل شياع اخجل مثقفي بلادي،كان متحديا مصرا على التطوير والابداع،واسع المدارك،لم يقع فريسة العزلة الثقافية والتعالي والتكبر والتفلسف وهو يحتل مركزه الحكومي الحساس كمستشار في وزارة الثقافة،ولم تغب البشاشة والبسمة عنه في اعقد واحلك المواقف وهو يشغل عضوية هيئة تحرير مجلة الثقافة الجديدة،لانه ادرك ان هدف الثقافة هو نشر الفكر الخلاق والوعي المتيقظ وزرع الثقة لدى الآخرين لاستيعاب التجدد وايجاد قاعدة ثقافية تستوعب المجتمع بأسره،اي جعل الثقافة زادا خفيفا يهضمه ابناء الشعب.من موقعه كمستشار في وزارة الثقافة لم يطلق كامل شياع الوعود ويفبرك الادعاءات ولم يلجأ الى اساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية،وبقت غايته دقة التحليل للقضايا وصرامة النقد للطروحات وكشف العيوب الاجتماعية وفضح الانحرافات السياسية والفساد!لم تغريه مغانم وتغويه لذة السلطة،ولم يتخلى عن حماسته المعهودة في مقارعة الاستبداد ومناهضة الفساد،او يتنصل من التزاماته الادبية او يستسلم بلا شروط لمظاهر التعجرف والتكبر والانانية!من هذا المنطلق كان شياع،في عمله بالثقافة الجديدة،من الد مناهضي سياسة تأييد الراهن واشاعة ثقافة الخنوع وشل روح المقاومة والاحتجاج والمطالبة بالحقوق،سياسة تركيع الارادات واشاعة الخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي،والتهميش والاقصاء ومحاولات اسكات الاصوات واستغلال عوز الملايين ومعاناتهم ولهاثهم وراء لقمة العيش لتيئيسهم،وبالتالي خلق استعداد لتنازلهم عن حقوقهم.ادرك شياع ان الاحتجاج والمقاومة والمطالبة بالحقوق جزء لا يتجزأ من قضية الصراع الاجتماعي على السلطة،الذي يتجلى جوهره في تحديد وجهة تطور البلاد ومستقبلها السياسي.
   تشبث كامل شياع بالثقافة،وازداد تشبثه بها مع التجاهل والاهمال و الاستهانة،في ظل غياب ادراك النخب السياسية الممسكة بمقدرات البلاد لاهمية الثقافة واهمية دورها وحضورها في حياتنا وفي اعادة بناء الانسان والمجتمع والبلاد والنهوض به وبهما،خاصة ان الوطن يخوض معاركه القاسية المتزامنة،ضد العنف والارهاب والتطرف والتعصب والفساد والاحتلال،ومن اجل رص قوى المجتمع الحية في مواجهة قوى الظلام والخراب والانهيار.لقد ادرك كامل شياع مبكرا لا اعمار للوطن من دون اعمار الثقافة – مؤسسات وبنى تحتية ومنابر ومرافق وموروثا عمرانيا وثقافيا،ومن دون صيانتها وتطوير فاعليتها وتأثيرها في المجتمع،ونشر المزيد منها في عموم البلاد،وتحويلها الى جزء اساسي لا يتجزأ من حياة المواطنين اليومية،ووضع حد للأهمال المحيط بمنتجي الثقافة،ومطوري ومكثري انجازها ونشطائها،من المثقفين الذين يضعون ابداعهم ومواهبهم وجهودهم وانفسهم في خدمة شعبهم ووطنهم.
  آمن كامل شياع بمخاطر الترهب في صوامع الثقافة ومحراب الفكر،وبأهمية توثيق العلاقات بين اتحاد الأدباء ووزارة الثقافة للاسهام المشترك في تفعيل الحياة الثقافية وبناء العراق الديمقراطي الجديد،اتحاد الادباء كمنظمة غير حكومية واحدى اهم لبنات الحركة الاجتماعية في العراق وممثل مهني للأدباء والكتاب العراقيين،ووزارة الثقافة كمؤسسة ثقافية رسمية يقع عليها العبء الأكبر في رسم استراتيجية ثقافية وطنية شاملة للنهوض بمستوى النشاط الثقافي في البلاد،وكان من الاوائل الذين طالبوا باستمرار بدعم وضع وزارة الثقافة ماديا ومعنويا والتعامل معها بوصفها وزارة سيادية مهمة واخراجها من المحاصصة الثقافية،على ان لا تنفرد وزارة الثقافة لوحدها بانجاز الأهداف الثقافية الاساسية الكبرى بمعزل عن جماهير الادباء والكتاب والفنانين والاعلاميين والمثقفين العراقيين المعنيين اصلا بالهم الثقافي.
   آمن كامل شياع بالسياسة الثقافية الوطنية الديمقراطية التي تخدم السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في بلادنا،وتضمن حرية التعبير وتأكيد الذات(على المستويين الجمعي والفردي)والمساواة،واحترام الخصوصيات الثقافية وفتح مسالك التفاعل في ما بينها،والتي تؤمن الحق في المعرفة والاختيار،وتجعل من التمايز والاختلاف أساسا للتلاحم الاجتماعي الطوعي،ومصدرا لادراك ابعاد وثنايا التجربة الانسانية في العراق وفي العالم عبر التاريخ،والتي تنشر قيم التسامح والفضول المعرفي والذوقي تجاه الآخر منذ المراحل الأولى للتعليم،وتواكب تطور الحياة في عصرنا.
   كان كامل شياع من رواد المشروع الوطني الديمقراطي والثقافة الوطنية الديمقراطية لانهما لا ينكران وجود الهويات الفرعية(العرقية او الطائفية)،لكنهما بالمقابل لا يكرسان هذه الهويات  بديلا تتماهى في كنفه الهوية الوطنية والتضامن الجمعي والرغبة في العيش المشترك.ثقافة كامل شياع الوطنية الديمقراطية قامت في مقامها الاول على قاعدة هدم النظام التراتيي(التفاضلي)الموروث ليحل محله نظام يحترم حق المواطنة والانتماء للوطن،وحق الفرد في اختيار وجوده،اشاعة وتكريس ثقافة الحوار والتسامح ونبذ ثقافة الاقصاء والتعصب والعنف،تحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في الفعاليات والانشطة المختلفة للمجتمع سبيلا لتوسيع مساحة المشاركة السياسية كرافد حيوي للمشروع الوطني الديمقراطي،تعريف المواطنين بحقوقهم وحرياتهم وواجباتهم وحثهم على التمسك بها والدفاع عنها وتكريسها في سلوكهم اليومي اي توفير الوقود المجتمعي للمشروع الوطني الديمقراطي،ترسيخ مبدأ المساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والطائفية او الطبقية والسعي الى نبذ ثقافة التعصب والاستعلاء،غرس روح المواطنة واعلاء شأن الهوية الوطنية على حساب كل الانتماءات الفرعية والتشجيع على التمسك بالوحدة الوطنية.ثقافة كامل شياع الوطنية الديمقراطية حفزت الصحوة"المدنية"وعودة الوعي"المدني"واستيقاظ الضمير"المدني"،وتراجع الافكار والمواقف الدينية المتشددة في عراق المحبة والخير والسلام.
  العراقيون بتاريخهم الزاخر بالثقافة والفن والادب نبراس لكل حضارات العالم رغم كل حقبات الموت والدمار،والفن والادب مدعوان اليوم لأستئناف كل عناصر قوتهما واستكمال مسيرتهما.قبل اشهر اغتال الاوباش الرفيق حسن كاظم المستشار في وزارة الكهرباء واليوم يغتالوك ياشياع في مسلسل محكم لتطهير الدولة العراقية من كوادر الحزب الشيوعي النشيطة.الشيوعيون العراقيون لم تقهرهم السجون واعمال الاختطاف والاغتيالات بل قهروها!.الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يناهضون الطائفية السياسية واصحاب الخطاب الانشائي الفضفاض لأن هؤلاء يريدون ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين وبما ينسجم مع رغبات التيارات الدينية – الطائفية السائدة اليوم..يحكم مخطط  قوى الارهاب في العراق الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس،واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل،والوهم والوحشية وعقدة عنف كل خاسر حرب غير شريف.وتستمد قوى الارهاب مصادر سطوتها من الصدامية والطائفية السياسية والاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم!
    بفقدانك ياشياع خسر الشعب العراقي كادرا حزبيا وديمقراطيا تميز بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي.ستبقى ذكراك تعبيرا عن عظمة حزبنا الشيوعي العراقي في علمانيته وعقلانيته وتحضره.باغتيالك يحاولون اسكات صوتنا وارباكنا وتحويلك الى رقم ثقافي ليس الا ضمن قائمة ضحايا الارهاب(وفق كشوفات وزارة حقوق الإنسان ان قرابة 400 اكاديميا ورجل قانون قتلوا في عموم العراق خلال اربع سنوات(2005-2008)).نعم،اوجعوا قلوبنا لأنها خسارة للحزب والوطن والثقافة الديمقراطية.رحلت صمتا،بكيناك،وندعو باعلى اصواتنا الكشف عن القتلة الاوباش.نم قرير العين ايها الرفيق الشهيد فحزبك بخير..وقتلتك في مزبلة التاريخ عاجلا ام آجلا.

    كامل شياع..ذكراك شوكة في عيون الغدر.
    نم رفيقنا البطل كامل شياع..نم مطمأن ومرتاح البال..الشيوعية اقوى من الأرهاب والتكفير والاغتيالات والموت واعلى من اعواد المشانق.
    المجد والخلود للرفيق كامل شياع،وطوبى لكل شهداء الوطن.


26/8/2008

175

الفساد - سوء استغلال النفوذ والسلطة

                                                    المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

كانت رمزا للمعنويات والمقاومة
في الادغال
كانت رمزا للوجود والكرامة
في الجبال
واأسفاه يا بندقية الكلاشينكوف
اضحيت الآن
شعارا لباعة الاوطان واللصوص
    الفساد ظاهرة تعم دوائر الدولة وشركات القطاع الخاص والمؤسساتية المدنية والمجتمعية، وأهم آلية له هي الرشوة التي تتعدد انواعها واهمها الرشوة التي تدفع من اجل الحصول على منفعة ما، وبالاخص المنافع الحكومية، وكذلك لتحقيق المآرب والمصالح الخاصة.ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد. ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.الفساد مؤسسة لها ادواتها التي تستقطب ضعاف النفوس والباحثين عن الثراء في مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني. والفساد جريمة لا تضبط بسهولة لأنها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالأخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر، وعندما تسود فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ونهوض الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية والجهوية بديلا عن القانون. لم تتخل الادارات الحكومية في العراق عن اساليبها القديمة التي اكتسبتها في ظل اوضاع شاذة كان كل هم الموظف هو ان يحمي نفسه من المساءلة وهو يطبق القانون ولو ادى ذلك الى هدر حقوق الناس وامالهم وتطلعاتهم. الادارات العامة في بلادنا بقت على حالها، رغم تشريع دستور دائم، يقودها في مرافق متعددة ممن ابدعوا في التفسيرات الرجعية للقوانين النافذة، ينتظرون ويحسبون الايام لنفاذ قانون التقاعد الجديد!
    وتبدو الالاعيب الادارية، واختلاق المبررات، والاختلاسات والرشاوي، والابتزاز، وممارسة التجارة غير المشروعة، وغسيل الاموال، سرقة وتهريب الآثار ونهب كنوز المتاحف، واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات...تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم. تعددت اشكال الفساد فمن الروتين القاتل الذي لا يتحرك الا بالرشوة،الى الغش وتزوير العلامات التجارية الوطنية والعالمية على الأغذية والصناعات التجميلية والأدوية، وتزوير الوصولات والمعاملات، الشهادات العلمية المزورة،الى تجارة الاعضاء البشرية، تهريب النفط وتجارة السلاح والمخدرات والادوية، تزوير العملات والوثائق والمستندات الحكومية، المتاجرة بالنساء، تجارة الاختطاف لقاء الفدية او تأجير القتلة لتنفيذ التصفيات وبينها تصفيات بحق المعترضين على اللصوصية والفساد، مرورا بتجارة النفايات واستخدام الاساليب العصرية  في عمليات الاحتيال والنصب الالكتروني المنظم التي لا تترك اثرا او دليل ادانة للجاني.الطفيلية تلهث وراء الربح الحرام والمتضرر هو المواطن العراقي، مستغلة غياب الرقابة وضعف الأجهزة الأمنية والتقييس والسيطرة النوعية.الفساد موشور هندسي تراه من كل جانب بوجه ولون! يرتبط الفساد في العراق بالمعضلات الأخرى من غياب الأمن والخدمات، وتفاقم البطالة، وتدهور الوضع الاقتصادي والمعاشي، حتى الاحتراب الطائفي، وانتهاك حقوق الانسان والصراع على النفوذ!
    يتقوى عود الفساد بالقدوة السيئة التي يضربها الحكام والمسؤولين واصحاب الجاه والنعيم ورجال الدين، واهتزاز نظم القيم، ونقص مستويات الوعي والمعرفة، والفقر والحاجة والبطالة، والجشع والجهل والامية الى جانب فساد الانظمة وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها. يتجلى الفساد هنا في الابتزاز اليومي بالمساومة على امن وكرامة واعراض وراحة وارواح المواطنين بالترهيب والترغيب ليتحول في نهاية المطاف الى سمة ملازمة للترهل البيروقراطي، والكسب غير المشروع، والغش التجاري والصناعي، والتهريب، وشيوع مفهوم السلطات – المزرعة! الفساد يخفض من مستوى الاستثمار، ويحد من المنافسة ويزيد الانفاق الحكومي، ويخفض الانتاجية ومعدل النمو، ويخفض التوظيف في القطاع العام، ويقوض حكم القانون ويزيد عدم الاستقرار السياسي ويساهم في ارتفاع معدلات الجريمة.الفساد المنظم والشامل يبشر بشيوع الشبكات المترابطة للفساد من القمم المتربعة على رأس الهرم المجتمعي والحكومي، والنهب الواسع للمال العام عن طريق الصفقات الوهمية وتحويل الممتلكات العامة الى مصالح خاصة وبحجم كبير! شبكات منظمة فيها مسؤولين حكوميين وافراد عصابات ومهربون ومعدات تنفيذ من وثائق مزورة واسلحة ووسائط نقل وصلات مع شبكات وتجار خارج الحدود. شبكات مافيا تحدد كل منها سعر سلعها وخدماتها المقدمة الى"الزبائن".استشراء الفساد امتداد لتقاليد رسخها مهندس المقابر الجماعية،غير ان من اوصل الفساد الى مدياته الخطيرة الراهنة هو سياسات الاحتلال وصراع السياسيين على السلطة.
    شرعت الحكومة العراقية اثر تدهور الاوضاع الامنية في البلاد بتشكيل عشرات لجان التحقيق لمعرفة الاسباب الحقيقية لأعمال التخريب والنشاط الارهابي والتدقيق في هوية مرتكبيها، ولم تصدر هذه اللجان كشوفاتها حتى يومنا هذا في مسعى لأسدال الستار على فضائح تورط كبار المسؤولين بها! حالها حال محاولات اسدال الستار على فضائح فساد برنامج النفط مقابل الغذاء كأكبر فضيحة مالية في تاريخ الأمم المتحدة، وفساد مسؤولين رفيعي المستوى في المنظمة الدولية، ومحاولات طمس الحقائق عن نهب المليارات من اموال شعب يعيش اكثر من خمس سكانه تحت خط الفقر، على الرغم من ان ميزانيته وصلت حوالي 70 مليار دولار..ان 23 مليار دولار اما قد سرقت او اُهدِرت او ضاع اثرها في العراق الامر الذي دفع برئيس لجنة النزاهة والاصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي(هنري واكسمان)التصريح من انه ربما نكتشف ان الاموال التي اهدِرت او ذهبت في فساد ضمن العقود هي اكبر عملية تربح من حرب في التاريخ.ما في حد احسن من حد!
    يعود ملف الفساد في بلادنا، بين حين وحين، بحقائق جديدة مريرة تكشف عن جوانب من الأزمة التي تعصف بالبلاد! لقد ورد في تقرير اميركي مؤخرا ان الحكومة العراقية غير قادرة على تطبيق الحد الادنى من قوانين مكافحة الفساد لأن بعض الجهات المسؤولة العليا تعرقل اي تحقيق في قضايا الفساد، كما لا يمكن الوثوق بقدرة محققي هيئة النزاهة الذين لا يحمي احد حياتهم، على الكشف عن النشاط الاجرامي لاي شخص يتمتع بحماية الأقوياء والمتنفذين، رغم ان هيئة النزاهة جاء تشكيلها ادراكا مبكرا  لضرورات التصدي للفساد، وتحديد الضوابط والآليات والوسائل الكفيلة بذلك، كما عكس توجها سليما في تصنيف هذه المهمة ضمن ترتيب الاولويات السياسية.
   يعكس الفساد عدم الآهلية والشعور بالمسؤولية، وتدني مستوى الكفاءات الادارية والتقنية، وانعدام المبادرات الذاتية ونظام الحوافز والأمتيازات والمكافآت،عدم احترام اوقات العمل،التواني والتراخي،التسيب وافشاء اسرار العمل،الغش،احتقار الوظيفة العامة،الجمع بين وظيفتين في نفس الوقت، سوء استخدام السلطة،اللهاث وراء الامتيازات،التعالي على ابناء الشعب،اشاعة ثقافة التسقيط بفبركـة الاشاعات وصناعـة الاتهامات واثارة الشكوك بطريقـة ذكيـة متقنـة بهدف خلق جو من الانهيار الاجتماعي او الاستسلامي الخانع والانكماش، محاصرة وتضييع الذاكرة العراقية، اشاعة ثقافة شراء السكوت المتبادل بين أصحاب النفوذ،ازدهار تجارة السياسة والثقافة في كرنفالات الاستعراض وشراء الذمم وولائم الصفقات خلف الكواليس والمغانم،اشاعة ثقافة الغش والخداع والتمويه والاحتيال والنصب والفهلوة،اهدار المال العام،الخروقات الجنائية.الفساد الاداري جزء لا يتجزأ من الفساد العام الى جانب الفساد السياسي،الفساد الاقتصادي والمالي،الفساد الاجتماعي،الفساد الانتخابي،الفساد القضائي والقانوني،الفساد الاعلامي،الفساد الصحي،الفساد العسكري،الفساد العابر للحدود..الخ.
   من غرائب الامور انه لا يمر يوم دون ان تعثر قوات الحرس الوطني والشرطة والقوات متعددة الجنسية على مخابئ الاسلحة والذخيرة العسكرية في ارجاء بغداد وباقي المدن العراقية( الصواريخ وقذائف ال"ار بي جي" و قذائف وصواعق الهاون والمدفعية والاسلحة الاوتوماتيكية الخفيفة والمتوسطة والالغام والقنابل اليدوية والعبوات الناسفة واسلاك التفجير..)،اسلحة وذخيرة من صنع وتجميع ايران، بينما لازال العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية، واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها! ويستغل مهربوالاسلحة عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية. ومن غرائب الامور ايضا ان الحكومة العراقية لم تقدم اية معلومات واحصائيات مفيدة عن اعداد المعتقلين والمفقودين، ولازال الآلاف من الموتى يدفنون دون ان يتعرف ذووهم عليهم! حيث يتم جمع الموتى عندما يصلوا الى عدد معين في ثلاجات دائرة الطب العدلي ثم يتم نقلهم الى النجف وكربلاء لدفنهم من قبل متطوعين. في ظل ايادي تدمر... من قال اننا نبني ونعمر!
    لثقافة الفساد ابعد الآثار السلبية على عملية الاعمار واعادة الاعمار والبناء، وتزدهر مع انتعاش" بيزنس الحرب" والارهاب والتخريب وتغييب الديمقراطية والمؤسساتية المدنية والرقابة الاعلامية والشعبية، تزدهر مع سياسة الاستيراد مفتوح الأبواب دون ضوابط ولا فحص ولا كفاءة او جودة منتوج. من عوامل تعاظم الفساد الذي يعوق الاعمار ويفاقم المعاناة ويدمر القيم الروحية، غياب مقومات الشفافية في ظل تنامي دور ونشاط الفئات الطفيلية، الذي يعكس حقيقة ان الفساد ظاهرة اقتصادية سياسية مركبة تستند الى بنية اجتماعية ونمط ثقافة يرتبطان بالتخلف! ماذا حصـد ويحصـد الملايين مـن فقراء بلادنا وابناء شعبنا؟لا شيء غير البؤس الموروث،لا شي غير دموع الأحباط وخيبـة الأمـل وحسرة اوجاع الانتكاسات والدمار والموت اليومي، واستمرارية وراثة الجوع والجهل والأوبئة والعبودية المركبة،غير آلاف المهجرين والمهاجرين وآلاف الأرامل والعوانس وآلاف الآلاف مـن الأيتام والآلاف من بنات وابناء هذا الشعب المقدام الذي ابتلعته العصابات المنظمة.لا يملك 65% من العوائل النازحة(يقرب عددها من ربع مليون عائلة) دورا سكنية، وان 15% دمِرت منازلها او اغتصِبت على ايدي عصابات وميليشيات، وفقا لما اكده  وزير الهجرة والمهجرين يوم 24/7/2008.
   لثقافة الفساد الآثار السلبية على ذوي الدخول المحدودة والكادحين وفي تلبية احتياجات المواطنين الضرورية من الخدمات العامة كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الطبية وحق العمل لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وغيرها من القضايا التي تشكل عائقا امام تطور المجتمع العراقي اقتصاديا واجتماعيا. لثقافة الفساد اكبر الضرر على البطاقة التموينية ليجر استقطاع النسبة الكبرى من اموال البطاقة للعمولات والرشى والمتبقي يذهب الى مواد رديئة قليلة الكمية لا تغني ولا تسمن، مواد تالفة وغير صالحة للمستهلك ومواد فاسدة تضر باوراحنا وصحتنا، الى جانب عدم انتظام توزيعها على المواطنين، والفساد هنا يستهدف الغاء البطاقة التموينية تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي!
   وفق تقارير هيئة النزاهة فقد بلغت خسائر العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى يومنا هذا(250) مليار دولار بسبب تفشي ظاهرة الفساد المالي، وخسر العراق خلال هذه الفترة(45) مليار دولار من تهريب النفط الخام و(45) مليون دولار من تهريب المشتقات النفطية، وجرى حرق(600) مليون متر مكعب من الغاز سنويا دون ان ترف لها جفون قادة عراق اليوم.. وتم انفاق(17) مليار دولار على قطاع الكهرباء خلال نفس الفترة، والكهرباء تسير من سئ الى أسوء! رغم تحسن الوضع الامني بشكل كبير في كثير من مناطق العراق وانخفاض العمليات العسكرية.
   يعكس الفساد الوشائج البنيوية الطبقية في المجتمعات الاستغلالية، ويمتلك المحتوى الطبقي عبر الترويج لأفكار الطبقات البورجوازية وبالاخص الكومبرادورية والطفيلية والبورجوازية الصغيرة(الديمقراطيـة الليبراليـة...)، وهي طبقات انانية الطابع مبتذلة مشبعة بالقسوة الاستفزازية والاغتراب والانعزال، تتمسك بالمسرح السياسي ومواقع اتخاذ القرارعبر شتى الوسائل ومنها الفساد والافساد، طبقات تعتمد عليها قوى الاحتلال في تنفيذ مآربه ومصالحه.عندما تنتشر الرشوة والفساد في بلد ما فهذا لا يدل على فساد الضمائر فحسب وانما يدل على سوء توزيع الثروة! ويؤدي انخفاض القدرات الشرائية وحجم الطلب على السلع بسبب تدني الاجور والرواتب الى الركود والكساد الاقتصادي وانحسار العرض ونقص الانتاج، بينما يخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية.
    يتحول الفساد في نهاية المطاف الى اخطبوط يلتف حول المجتمع، ويتحول الابتزاز الى طقس حياتي  يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العماء العارم ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة واتكالية المجتمع واستمرائه للفساد وكأنه اصبح حقيقة من حقائق الحياة لا يمكن العيش بدونها! ويصبح الفساد اسلوبا ونمط حياة في المجتمع ويحاصر من يقف بوجهه.. بات الفساد يبني لنفسه منظومة متكاملة من العلاقات التي تضمن ديمومته، ولا تفيد الاجراءات الهامشية لمكافحته، انما يتطلب الامر تأسيس منظومة متكاملة من العلاقات المضادة الرادعة لتفتيته والقضاء عليه او الحد منه على الاقل.وهنا يظهر دور الرقابة الشعبية والحكومية والاعلامية والصحية والبيئية، ودور الرقابة الجماهيرية عبر لجان مجلس النواب، ودور المنظمات المهنية والنقابات والمنظمات الديمقراطية والمنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والمجتمعية، ودور هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية! ودور الهيئة العامة المستقلة للعقود والمبيعات التي لم تر النور حتى هذه اللحظة! ودور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، ودور القضاء كاستحقاق وطني بعيدا عن الحسابات والتخوف من فتح الباب على مصراعيه لمحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين باتوا يشكلون خطرا على الشعب موازي لخطر الاحتلال او خطر تنفس عصابات البعث والارهاب الاصولي الصعداء، فما الفرق بين الاحتلال والارهاب وبين الذين يستغلون ظروفنا المعيشية والامنية للسطو على حقوقنا؟
   من المسؤول عن تسويق البضائع الفاسدة التي تستهدفنا وتستهدف اطفالنا والمطروحة في اسواقنا بمئات الأطنان؟ ومتى نرى تجار الموت يخضعون لمحاكمات منصفة لنا ولاطفالنا؟ لماذا لا يرفع شعار من اين لك هذا؟ متى يطبق قانون الذمم المالية للذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة؟من حقنا ان نقف على فوضى الاراضي وامتلاكها بغير حق تحت مسميات ما انزل الله بها سلطان، ونريد ان يرفع الفيتو عن الحسابات الخاصة بهؤلاء في البنوك وان يكشف النقاب عن املاكهم المنقولة وغير المنقولة. كيف نضع حدا لمؤسسات تدعي انها تقدم خدمات صحية للمواطنين، وهي عبارة عن دكاكين تتسول الدواء من كل من هب ودب وتعبث بصحة المواطنين بنشر الادوية الفاسدة؟
    من دون تشريعات قانونية واجراءات حازمة في اطار خطط وبرامج ملموسة ومن دون اعتماد الدولة سياسة اقتصادية وبرامج وخططا للنهوض بالاقتصاد العراقي وتحقيق التنمية الاقتصادية الاجتماعية لا يمكن ايقاف ماكنة الفساد، الفساد الظاهري المعلن وفساد خلف الكواليس، ومن  دون ذلك لا يمكن استعادة الذاكرة الوطنية العراقية، اهم مقومات الهوية الثقافية! من دون تصفية جرائم الفساد في اطار خطة متكاملة  سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية،لا يمكن اقامة دولة قانون تحقق للجميع الامن وتحمي حياة الانسان وحقوقه، وتستند الى المواطنة، وتوفر فرص العمل المتكافئة وشروط العيش الكريم.
     لا مفر من القدر والمواجهة مع امبراطورية الفساد، ولا سبيل غير اجتثاث هذا المرض الذي استوطن فينا، ولا مهرب من استخدام الجراحة بهدف استئصالهم من الجذور مهما كانت منزلتهم..سياسيين..وزراء..مستشارين..ضباط..مدراء دوائر حكومية..قادة ميليشيات..مقاولين..رجال اعمال..اصحاب مؤسسات اهلية..اصحاب مهن حرة..رجال دين..اطباء..صيادلة..تجار..محامين..هذا هو قدر القضاء العراقي الحر المستقل الوطني المتحيز لمصالح شعبه، القضاء الذي يفترض به الامساك بالحلقة المفقودة للوضع الداخلي، القضاء الذي يحمل تخليصنا من اعدائنا الجدد الذين يعيثون فسادا في العراق.المطلوب هو تحطيم اغلال العقل القومي المتعصب والطائفي المقيت ليلتئم الجميع وتلتحم الهمم في خندق الوطن الواحد،لان حركة الطبيعة وقوانين التطور الاجتماعي لا ترحم المغفلين ولا تترك العابثين من دون جزاء وعقاب .
   الفساد بات غولا يدمر بيد الضعفاء والفقراء مع المؤسسات الوطنية بكل تجلياتها، ويوسع بيد كل مباذل وموبقات وجرائم بعض اصحاب القرار، حتى اوصل بلادنا والعباد الى ثنائية القاتل والقتيل. المشروع الوطني الديمقراطي وحده والثقافة الوطنية الديمقراطية وحدها كفيلان دون سقوط الوطن على يد القاتل القتيل!


يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :


7/8/2008


176
المنبر السياسي / حملة تضامن
« في: 22:17 24/07/2008  »
السيد رئيس جمهورية العراق الأستاذ جلال الطالباني المحترم
السيد رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي المحترم
السيد رئيس مجلس النواب الأستاذ محمود المشهداني المحترم
السيد وزير الخارجية الأستاذ هوشيار زيباري المحترم
السيدة وزيرة حقوق الأنسان وجدان ميخائيل سالم المحترمة
السيد رئيس لجنة حقوق الأنسان في مجلس النواب المحترم
السيد نقيب المحامين العراقيين المحترم



   نحن مجموعة من المثقفين والأختصاصيين العراقيين ممن أُتيحت لهم فرصة التعرف على المحامي حسن عبد الحسين ومعايشته ومرافقته وتقدير عمق تفكيره واستقامته ووطنيته وانسانيته، صُعقنا بنبأ اعتقاله والحكم عليه بالأعدام في ظروف من الكتمان والغموض في الجمهورية الأسلامية الأيرانية. ويبدو أنه يقضي الآن حكما بالسجن لمدة 15 سنة طبقا لـ " القوانين الفقهية "، بعد أن استُبدل قرار حكم الأعدام بـ "الإبعاد" لأسباب صحية، وبسبب انعدام مبدأ "الإبعاد" في القانون الأسلامي المطبّق حالياً، حسب ما جاء في تفاصيل الحكم.
   ومن الجدير بالذكر أن السيد حسن عبد الحسين قد تجاوز الثمانين من عمره، وهو يعاني من أمراض عديدة وكسور في أجزاء مختلفة من جسده لم يتم شفاؤها لحد الآن نتيجة لحادث دهس بسيارة في العام الماضي. ويضاف الى كل ذلك ما تعرّض له خلال عشرات السنين من حياته من سجن وتعذيب وإبعاد وتشريد بسبب أفكاره التحررية التقدمية ونشاطاته الوطنية منذ العهد الملكي، ثم خلال حكم البعث وشركائه بعد انقلاب شباط 1963 الدموي، وبشكل خاص خلال الحكم البعثي الصدامي بعد انقلاب تموز 1968 .
   ولقد غمرت الأفراحُ حسن عبد الحسين وعائلته عند انهيار النظام الصدّامي البعثي في نيسان 2003 ، آملين أن يفتح هذا التغيير آفاق الحرية والأستقرار والأمن والرفاه الأقتصادي. ولم يخطر ببالهم أو ببال أي من أصدقائه ومعارفه أبداً أن يكون ضحية ظروف غامضة ليُحكم عليه بالأعدام، وليُستبدل بالسجن حيث ينبغي أن يقضي ما تبقى من حياته الطبيعية، وفق قوانين غامضة وفي بلد أجنبي.
   وفي الوقت الذي نحمّل فيه السلطات الأيرانية تبعة المعاملة القاسية غير الأنسانية خلال اعتقاله ومحاكمته، ثم إيداعه السجن وهو بهذا العمر ويعاني من حالة صحية متدهورة، نرى أن واجب الدفاع عنه وانقاذ حياته من الموت المؤكد في السجون الأيرانية يقع بالدرجة الرئيسية على عاتق الحكومة العراقية التي يحمل جنسيتها منذ ولادته في البصرة من عائلة عراقية عام 1927 . ومن     هذا المنطلق فاننا نوجه دعوتنا هذه الى سيادتكم لتحمّل هذه المسؤولية وفقاً للمتطلبات والمبادئ الوطنية والأنسانية، بالتدخل الفوري لدى السلطات الأيرانية لضمان سلامته وأطلاق سراحهً.
    كما اننا ندعو المنظمات الدولية ومنظمات الدفاع عن حقوق الأنسان أن ترفع صوتها للدفاع عن حياته والمطالبة باطلاق سراحه فورا وإعادته الى عائلته.


راجع الرابط :
http://madnion.com/hassan1.htm

177
عقلية الوصاية على العقل والعلم والرياضة في العراق

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

   اتخذ مجلس الوزراء العراقي في اجتماعه مساء الثلاثاء 20/5/2008 قرارا بوقف عمل المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية العراقية واتحاداتها كافة وتشكيل لجنة مؤقتة برئاسة وزير الشباب والرياضة،لها كافة الصلاحيات لمدة 3 اشهر،لاجل اقامة الانتخابات وفق الآليات والضوابط المقرة والمعلنة،واعداد مشروع قانون جديد للجنة الاولمبية العراقية..في الوقت الذي اعتبرت فيه اللجنة الاولمبية الدولية والاتحادات الرياضية الدولية هذا القرار منافيا للوائحها التي تؤكد استقلالية اللجان الاولمبية الوطنية في مختلف البلدان وعدم شرعية التدخلات الحكومية في شؤونها،كما هددت بعض الاتحادات الدولية ومنها الاتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا)بحرمان الفرق والمنتخبات العراقية دون استثناء من المشاركة في البطولات والمسابقات الدولية ما لم تتراجع الحكومة العراقية عن قراراتها!
•   جاء قرار الحكومة العراقية بوقف عمل المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية العراقية واتحاداتها دون سابق اعلام وانذار،وفوجئ الوسط الرياضي بالقرار عبر الاعلام المرئي والمسموع الامر الذي جعله قرارا تعسفيا،يدرج في سلة الاجراءات الحكومية المبهمة ذات الطابع البيروقراطي،وانقلابا ثانيا على آليات عمل اللجنة الاولمبية العراقية بعد الانقلاب الاول الذي اختطفت به الميليشيات الحكومية رئيس اللجنة الاولمبية العراقية احمد الحجية قبل عامين،ولازال مصيره مجهولا!الاجراءات التعسفية هي اعادة انتاج للحكم التسلطي وحجر عقبة امام اعادة بناء الانسان وخوض معركة التنمية،ولا يمكن فرض الديمقراطية بقوة الاجراءات الحكومية الاعتباطية والغبية!.
•   كان من الممكن اتخاذ قرارا من هذا القبيل بعد التشاور الواسع مع اعضاء المكتب التنفيذي للجنة الاولمبية العراقية واتحاداتها،واختيار التاريخ المناسب لذلك،كأن يصدر القرار بعد اختتام الدورة الاولمبية في بكين.
•   جاء القرار تتويجا لقرارات حكومية مماثلة منها القرار 8750 الذي حرمت به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة،وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية،وقرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات،وقرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004،القرار المرقم (110)الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية!..
•   جوهر القرارات- التدخلات الحكومية هذه هو استخدام سلاح التشريع لفرض الوصاية الحكومية على المؤسساتية المدنية،وتعثر المؤسساتية المدنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية،او حتى تحت سيطرة الاتجاهات السياسية والطائفية والمافيوية من الولاءات اللاوطنية.
•   امتدت الاجراءات الحكومية التعسفية باستخدام القوة اكثر من مرة،وعلى مرأى ومسمع الجميع،الى تنظيمات ومؤسسات الحركة الاجتماعية العراقية التي يهمها اكثر من غيرها سلامة العراق ومستقبله،لم يكن آخرها وبالتسلسل:
1.   اقتحام مقر نقابة الصحفيين العراقيين يوم 19/2/2007 من قبل القوات الامريكية وأمام انظار القوات الامنية العراقية بذرائع لاتمت الى الواقع بصلة.
2.   تمادي القوات الأمريكية وتصحبها قوات الحرس الوطني باقدامها صباح 23/2/2007 على اقتحام مبنى مقر الاتحاد العام لعمال العراق في شارع الرشيد ببغداد دون اي مبرر او مسوغ قانوني او أي شعور بالمسؤولية المهنية  والإعتبارات الأخلاقية .
3.   واعادت هذه القوات استعراض عضلاتها وهمجيتها يوم 25/2/2007 شاهرة عدائها لصناع الحياة كاشفة عن وجهها القبيح ضد تطلعات العمال ومؤسساته.
4.   مداهمة القوات الاميركية لمقر الاتحاد العام للتعاون!.
5.   مداهمة مكاتب جريدة المدى المستقلة ذات النفس الديمقراطي والليبرالي ايام 2/10/2007 و4/10/2007.
6.   احتلال مكاتب وساحات بعض النوادي الرياضية بدواعي امنية.
•   تعيد هذه الاجراءات اللامسؤولة انتاج السلوكيات والوعي الشمولي والبراغماتي الذي ساد العهد الدكتاتوري البائد.قبل التاسع من نيسان 2003 ازدهر التعامل البيروقراطي غير الودي للحكومات العراقية مع الرياضة والرياضيين.ومنذ انقلاب رمضان الاسود 1963 تسلط المجرمون والقتلة وكاولية عدي صدام وباقي زمرة هز الوسط البعثية!،تسلطوا على التربية الرياضية عندما لم توفر سياسات النظام الدكتاتوري السابق فرصا حقيقية لنمو ثقافة رياضية حرة ومنفتحة.كان عالم الرياضة والشباب فرصة للتشويه والالزام والتسفيه طيلة العقود الماضية مما اورث مجتمعنا تقاليد مريضة وغير صحية طغت على التقاليد الانسانية والاصيلة في عراقنا.وتحملت الشبيبة العراقية الوزر الاوفر جراء نهج عسكرة الثقافة الرياضية وازدرائها،فالرياضي في عرف صدام حسين هو خريج الجيش الشعبي(تأسس عام 1970)،وخريج الاتحاد الوطني لطلبة العراق والاتحاد العام لشباب العراق(مرتزقة كريم الملا ومحمد دبدب وفهد الشكرة وعبد الواحد الحصونة..ومن لف لفهم)وخريج هيئة الرياضة والشباب(بديل وزارة الشباب تأسست عام 1999)واللجنة الاولمبية ومنظمة فدائيي صدام(تأسست عام 1996)وجيش تحرير القدس..الخ من الكتائب الفاشية ومن تلامذة الماجدة العراقية(كاولية هدى صالح عماش ورحاب طه وساجدة زوجة الريس).
•   بعد التاسع من نيسان بذل الائتلاف الموحد الجهد لاضفاء الاطار الوظيفي على مؤسسات المجتمع المدني والاشراف عليها ورقابتها والترحيب الحكومي بالدور الخدمي- التنموي لا السياسي والثقافي لها سواء كان ذلك من خلال الجمعيات الدينية والخيرية او بعض المؤسسات المدنية العاملة فى مجال حقوق الانسان.ويمكن فهم قرارات الائتلاف الموحد،اي القرارات الحكومية،في هذا الاطار..الامر الذي اسس للأزمات التى تمر بها العديد من هذه المنظمات من ناحية القدرة على الدفاع عن مصالح اعضائها وحماية المهن وتطويرها او نتيجة ضعف الممارسة الديمقراطية داخلها وتحولها الى حلبة للصراعات السياسية والطائفية.
•   التربية الرياضية عالم فسيح ومعرفة كبيرة وخطط وبرامج وتسويق وتدريب متواصل ونشاط انساني متطور مرتبط بعلوم كثيرة ومناهج واسعة يتطلب معها العمل بقناعة وجدية واخلاص،لكنها تعرضت بفعل سياسات التبعيث والعسكرة والطائفية الى ضربات موجعة تراجعت معها وخسرت انجازاتها.ولازال مصير رئيس اللجنة الاولمبية مجهولا منذ ان اختطفته فرق الموت بينما تأكد تعرض عشرات الرياضيين الى الاعتداءات واحكام الاعدام من المحاكم التابعة للجماعات المتطرفة وفق ما تؤكده المنظمة العراقية للتنمية الرياضية!التربية الرياضية عالم النشاطات الرياضية المبدعة وتأهيل الملاعب الشعبية،دعم الفرق الرياضية في المناطق السكنية ورفدها بالتجهيزات الرياضية،استخدام الاساليب العلمية في التدريب والتأهيل،اعادة فتح الاندية الرياضية وتأهيلها!.التربية الرياضية عالم ارساء القاعدة المادية من ملاعب ومنشآت ضرورية اخرى للنشاطات الرياضية في البلاد،بعث النشاط والحيوية في مراكز الشباب والرياضة وتطويرها واعتماد الكفاءة والمهنية في اختيار كوادرها،تنفيذ برامج لتطوير النشاط الرياضي في المحافظات،تحفيز وتشجيع الأندية الرياضية والنشاط الاهلي في ميدان الرياضة،تنشيط الرياضة النسوية وتوسيع امكاناتها لاستيعاب اعداد كبيرة ومتزايدة من النساء،اعادة الحياة الى الرياضة المدرسية والجامعية واعتماد صيغ مناسبة للتنسيق بين المدارس من جهة والأندية الرياضية ومراكز الشباب من جهة اخرى،العناية برياضات الفئات العمرية المختلفة ورياضة ذوي الاحتياجات الخاصة،الاهتمام بتطوير كفاءة الكادر الرياضي باشراكه في دورات ونشاطات تسهم في رفع قدراته الفنية والادارية بما يخدم قطاع الرياضة وحركة الشباب،العمل على توسيع ممارسة الرياضة وتحويل شعار"الرياضة للجميع"الى واقع حي،الاهتمام بالرياضيين الرواد والاحتفاء بانجازاتهم وضمان الحياة الكريمة لهم،معالجة بطالة خريجي كليات التربية الرياضية في بلادنا!
   يعيش الائتلاف العراقي الموحد تناقضاته.وفي مضمار مؤسسات المجتمع المدني يسبح سعيدا في هذه التناقضات،غير مصدقا انه قد اوكلت له هو خصيصا الاولوية لحل هذه التناقضات باعتباره القائمة الفائزة الرئيسية في الانتخابات النيابية الاخيرة!وهو يتخبط ،تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى مؤتمر خاص بمنظمات المجتمع المدني..هكذا دواليك..ويقول المثل"وين شايفها؟لا في عرس امه ولا في عرس ابوه".لم يستطع  الائتلاف العراقي الموحد من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية والديمقراطية فكيف الحال وهو ينشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن.ولم يستطع الائتلاف العراقي الموحد التمييز بين المجتمع المدني،المؤسساتية المدنية،المنظمات غير الحكومية،الجمعيات الاهلية،الاتحادات والمنظمات النقابية والمهنية،الجمعيات الخيرية،جمعيات حقوق الانسان،النوادي السياسية والاجتماعية،الاحزاب السياسية..الخ!لقد وجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة وسط الدمقرطة والمقرطة والمؤسساتية المدنية في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والاكتساح المعلوماتي المعاصر وما رافقه من انتعاش استهلاكي طفيلي براغماتي جرف معه حتى النخب الاجتماعية وقيادات الاحزاب السياسية في بلاد ما بعد التاسع من نيسان،كما وجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة وسط الارهاب والخراب والتخريب،ووجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة امام تاريخ غني للشعب العراقي وحركته الوطنية وراسخة جذوره عميقا في الارض والتربة العراقية ولا يستطيع تجاهله وشطبه بجرة قلم او قرار ارعن!!ووجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة امام صرح هائل من المؤسساتية المدنية التي اتقنت ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير،والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية!
  ان"معركة الحقوق المدنية والنقابية والمهنية والاجتماعية"هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل.ان تراجع الحكومة عن بعض من قراراتها لا يعني البتة انتهاء سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت!لكنه اسهاما جادا في قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات.ولازالت مهمة دعم"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005  قائمة لمواجهة اي طارئ محتمل بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات..الخ..وهي مدعوة لتوسيع طيفها ليشمل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
   تتخذ الحكومات احيانا اجراءات غير مدروسة واعتباطية تتضرر منها قطاعات واسعة من شعوبها،الغرض منها ديماغوجي تهريجي ولاحتواء ازماتها،ثم تتراجع عنها،..الا ان اتخاذ هذه الاجراءات على طول الخط لا ينم سوى عن عقلية تبريرية مريضة عودتنا بمطالباتها الرعية السير خلفها قطعانا غوغائية لتمجيدها وللضحك على الذقون.متى وكيف تفهم هذه العقلية انها ليست وصية على العقل والعلم والرياضة؟!ان اعادة النظر في التشريعات والانظمة الخاصة بالرياضة والمؤسسات الرياضية،بما يتناسب مع الاوضاع الجديدة في البلاد بعد الخلاص من الدكتاتورية،وبما يرسي اعتماد مبدأ الانتخاب في اختيار قيادات المؤسسات الرياضية والرسمية والشعبية يتطلب قبل كل شئ تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات!وفي الاعادة افادة يا سادة ياكرام!
   
20/5/2008
يمكن مراجعة دراساتنا –
1.   سلام ابراهيم عطوف كبة/عراق التنمية البشرية المستدامة.
2.   سلام ابراهيم عطوف كبة/حقوق الإنسان في العراق و كردستان.
3.   سلام ابراهيم عطوف كبة/الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان.
4.   سلام ابراهيم عطوف كبة/الانفراج السياسي والتعديلات الدستورية في العراق.
5.   سلام ابراهيم عطوف كبة/الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية.
6.   سلام ابراهيم عطوف كبة/العمل الطلابي المهني ركيزة من ركائز العمل التربوي.
7.   سلام ابراهيم عطوف كبة/منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء.
8.   سلام ابراهيم عطوف كبة/الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية.
9.   سلام ابراهيم عطوف كبة/القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق.

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

178
عراق الميليشيات المنضبطة والميليشيات السائبة!

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

  هبطت القيمة السياسية والمعنوية للطائفية السياسية في العراق الى الحضيض،مع الاجراءات الحكومية العراقية لتفعيل القرار السياسي الوطني العراقي المستقل وتأكيد الهوية الوطنية العراقية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية والوقوف بقوة ضد الطائفية وتوظيفها سياسيا ومحاولات ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية الى البلاد عبر بناء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية على اسس مهنية والولاء للوطن وللدستور والنظام الديمقراطي الاتحادي،وعبر بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية.وبقدر ما انطوت عليه التطورات الاخيرة من دلالات عملية في التوجه الجدي لحصر السلاح بيد الدولة،والتصدي للميليشيات المسلحة تخطيا للاصطفافات الطائفية والاصطفافات الاجتماعية،بقرار ومبادرة من الحكومة العراقية نفسها،فانه اسهم في اشاعة الاجواء السياسية السليمة لصالح تخفيف الاستقطابات السياسية القائمة على المصالح الفئوية الضيقة،وخلق انعطافا ايجابيا في العلاقات بين الكتل السياسية.كسرت هذه التطورات حالة الركود السياسي،وبات ضروريا الاسراع في التحرك الجاد لتوسيع مشاركة القوى المساهمة في العملية السياسية في عملية اتخاذ القرارات ورسم السياسة العامة للبلاد.
   لا يستكمل اي توجه جدي لحصر السلاح بيد الدولة العراقية مردوداته الايجابية الكاملة الا اذا جردت الفصائل الميليشياتية بالفعل من كمون قوتها المنفلتة المتمثلة في السلاح وتجار السلاح!يبدو جليا دور الدولة والمؤسساتية المدنية في تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات!
1.   الميليشياتية في العراق هي من آثار الصدامية والنظم الشمولية لتحويل المجتمع العراقي الى ثكنة عسكرية بمعنى الكلمة ابتداءا من تكديس السلاح الى تجنيد المواطنين واحكام القبضة عليهم بغية تطويعهم وسهولة اخضاعهم وصولا الى تحقيق طموحاتها واشباع رغباتها المريضة.
2.   تعكس الميليشياتية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة بهدف تعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ومقاومة الاحتلال!ليتحول ابناء الشعب العراقي الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا!،والميليشياتية هي امتداد لميل السلاح وتجار السلاح المتنامي للتدخل في العمليات السياسية الجارية في العراق!
3.   اختارت الامبريالية الامريكية الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم لقدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة وقاوم خططها مع ثورة 14 تموز 1958 المجيدة ...
4.   يحتل العراق اليوم المرتبة الثانية في قائمة الدول الاقل استقرارا في العالم،ويأتي بذلك حتى قبل الدول التي خربتها الحروب وضربتها المجاعات مثل الصومال،زيمبابوى،ساحل العاج،الكونغو،أفغانستان،هاييتي،وكوريا الشمالية،وفقا لما جاء في مؤشر الدول الفاشلة لعام 2007 الذي أصدره"صندوق السلام"و"مجلةالسياسة الخارجية".
5.   تنامي واتساع قوة المعارضة الوطنية المسلحة،كما ونوعا،وبالاخص البيشمركة وحركة الانصار الشيوعية في ثمانينيات القرن العشرين جاءت بسبب عنف وارهاب دكتاتورية الطاغية الارعن.لقد تحولت حركة الانصار الشيوعية من منظمة حزبية عسكرية الى حركة جماهيرية في المدن الكردستانية،ولولاها لما جرى استخدام الاذاعة لايصال صوت الشعب العراقي يوميا الى الجماهير الواسعة في بلادنا.
6.   ان تجار ومهربي الاسلحة يستغلون عدم وجود معاهدة دولية لتنظيم تجارة الأسلحة في الشرق الاوسط لانتزاع اقصى الارباح من توريد الاسلحة الى العراق وعرضها في السوق السوداء التي باتت تعج بالاسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت مرأى وسمع الحكومة العراقية والدول الاقليمية.وبات العراق البلد الوحيد من بين دول العالم يمتلك الكثير من الاسلحة المتنوعة وغير المرخصة خارج الثكنات العسكرية،واكثرها بيد الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة وبعض البالغين مما هدد وتهدد هذه الاسلحة امن المواطنين بسبب عدم شرعيتها وقانونيتها معا!
   تواجه الدولة العراقية اليوم الميليشيات المسلحة في المدن العراقية وهي دولة داخل دولة،لأنها تفرض قراراتها ومراسيمها والمد الرجعي للقوى الدينية غير المتنورة دينيا واجتماعيا،وهي تفرض ارادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على الجميع،وتدعو الى رفض الآخر وفكره واتجاهاته!
   عجيب امر الميليشيات المسلحة التي ترفض سيادة الدولة والقانون والديمقراطية وتعتمدها في افضل الاحوال لغايات تكتيكية،لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة والمطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي ومنظمة بدر وفيلق القدس وميليشيات ابراهيم الجعفري والبعث الفاشي وجيش عمر والقاعدة الى شرطة الاداب والجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين،والى النبي الجديد في لبنان حسن نصر الله والشائن الفلسطيني الارعن خالد المشعل.ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.هل الميليشيات المسلحة موضة العصر!؟ 
   الى جانب الميليشيات السائبة اعلاه تتواجد في بلادنا الميليشيات المسلحة المنضبطة المتمثلة بالشركات الأمنية،الميليشيات العصرية،والتي تحاول القوى السياسية العراقية المغفلة تقليدها في الهيكلة والاعداد والجاهزية!وتعمل في العراق حوالي 200 شركة من الشركات الأمنية متعددة الاغراض بموافقة واشراف قوات التحالف والحكومة الامريكية!وقد ازداد الطلب على خدمات الشركات الأمنية هذه رغم المحاذير العديدة على نشاطها وخصوصا تلك المتعلقة بغياب القوانين التي تلزم منتسبيها،وغياب القواعد التي تحدد شروط تعيين افراد هذه الشركات.في العراق زاولت هذه الشركات مهام امنية كانت الى وقت قريب تقع في مهام القوات المسلحة النظامية للولايات المتحدة،تبعا لازدياد المهام من جهة والى الخسائر البشرية والمالية نتيجة الأعمال الحربية من جهة اخرى.ان جميع العاملين في هذه الشركات هم من الجنسيات غير العراقية ويملكون المعلومات الرسمية والدقيقة عن بنى الدولة العراقية بجميع هياكلها ومفاصلها نتيجة عملهم في بناء المفصل الاستخباراتي للدولة،وهم مرتزقة بمعنى الكلمة،ولهم قدرة الاطلاع على  تحركات المسؤولين في الدولة العراقية ورسم اكثر التحركات لهم والتعدي اللامحدود على الأنظمة والقوانين العراقية وعدم الاهتمام بأي مظهر احترامي للقانون او المواطن.ان بقاء هذه الشركات وبتلك الصلاحيات يعد اساءة واضحة للدولة العراقية والاستقلال الوطني..
    الميليشيات وبعيدا عن حجمها واسمائها وتصنيفها ومرجعيتها وأجندتها السياسية،وأساليب العنف التي تستخدمها،ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية،او حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع العراقي،فانها ظاهرة غير صحية بل ظاهرة كارثية لا يمكن ان تستقيم الامور وتسير العملية السياسية وتترسخ الممارسة الديمقراطية بوجودها،اذ ان هذا الوجود يؤشر ايضا الى ضعف الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!
    ان تعاظم دور الميليشيات،ادى ويؤدي الى المزيد من التمترس ومفاقمة الأوضاع،فضلا عما يجري الحديث عنه من خروج مجاميع متطرفة منها على السيطرة،امتهنت الإجرام والقتل والخطف"والعلس"..الخ.ان الميليشيات كذراع عسكري لمنظمات واحزاب سياسية او كادوات مسلحة لتنفيذ اهداف سياسية محددة،جرى ويجري توظيفها في الصراع التنافسي على السلطة،وفي التصفيات واعمال التطهير الطائفي.هذا سمم الاجواء السياسية العامة وعقد العلاقات بين القوى وكرس العنف طريقا لحل الخلافات.يزداد عدد الضحايا الابرياء يوميا بسبب ابتداع الميليشيات اسلوبا جديدا الا وهو القصف العشوائي باسلحة الهاون  اضافة لما سبقه من اساليب تفخيخ للسيارات واحزمة ناسفة وزرع عبوات ناسفة على جوانب الطرق او في الاسواق او تجمع العمال الى جانب اعمال الخطف والاغتيال الجبانة.تشيع الميليشيات المسلحة من خلال الاعمال الاستفزازية والارهابية انها تستطيع ان تتحكم في الشارع العراقي وانها تستطيع ان تقتل وتذبح الجميع،وانه لايمكن تجاهلها،وان المطلوب من ذلك كله هو اظهار الحكومة بانها عاجزة عن مواجهتها وانها غير قادرة على بسط الامن والاستقرار.ان الهدف من هذه الاعمال تعطيل الحياة وخلق الارتباك والهلع بين المواطنين.
  لا هيبة للدولة واجهزتها مع انفلات واتساع نشاط الميليشيات المنضبطة والسائبة،بل ان قوة السلطة وتمكنها من توفير الأمن يمر عبر اجراءات فعالة لحل الميليشيات ومعالجة تعقيدات هذه الظاهرة سواء بتفعيل الأمر(91)لسنة 2004 وبتطويره وفق القانون رقم 13 لسنة 2005 او بغير ذلك من الاجراءات الفعالة التي تؤدي،في النهاية،الى حصر السلاح والعمليات المسلحة بيد الدولة واجهزتها المخولة وفقا للقانون والدستور واحكامهما،والعمل على اقامة المجتمع الديمقراطي وضمان التنافس السلمي الحر وتداول السلطة،واحترام حقوق الانسان. 
   لا هيبة للدولة واجهزتها ايضا مع تحول العشائر المسلحة ومجاميع"الصحوة" الى ميليشيات واعادة تأجيج الاحتقانات الطائفية،ما لم يتم اخضاعها لضوابط محددة وان يتم تنظيمها وتسليحها بعلم الحكومة ومؤسساتها المعنية!ان من أهم واشد المصائب التي تهدد الأمن الداخلي هي كثرة وانتشار السلاح بيد خارجة عن سلطة الدولة،فهل من المعقول زيادة تلك الرقعة وانشاء مشاكل جديدة للحكومة؟تسليح الشارع العراقي بانواع الأسلحة هو في حقيقة الأمر خطوة ذات ابعاد خطرة قد تقلب الطاولة على الجميع بمن فيهم القوات الأمريكية التي اثبتت التحقيقات الأخيرة بان بعض الأسلحة التي جهزت الجيش العراقي بها،وهو جهة نظامية،قد تسرب الكثير منها الى جهات مجهولة،وصلت تلك الأسلحة الى جهات غير نظامية او غير مركزية،والى فلول البعث المرتبط بعناصره المضادة للعملية السياسية والى تنظيمات القاعدة.
  الميليشيات المنضبطة والسائبة المسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية الارهابية في بلادنا والشديدة الرعب والبشاعة والتي اثرت على عمق المجتمع عموديا وافقيا،وبآيديولوجيات متنوعة سياسية ودينية كانت آثارها مدمرة حيث استهدفت مؤسسات الدولة واجهزة الخدمات الاساسية وكذلك الوجوه الاجتماعية.الميليشيات المنضبطة والسائبة المسؤولة الاولى عن العنف المتعمد بدوافع سياسية ومذهبية وانتخابية ضد الاهداف المدنية لأغراض التأثير على ابناء الشعب العراقي،المسؤولة الاولى عن الاعمال الاجرامية التي من شأنها اثارة الرعب في نفوس العامة مهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية او الآيديولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اية اعتبارات اخرى تستغل لتبريرها!

14/5/2008

يمكن مراجعة دراساتنا –
1.   حسن نصر الله والصهيونية ومزبلة التاريخ!ايحتاج نهجٌ مغامر ارعن بهذا الوضوح الى معجم لكي نفهمه؟!
2.   لا تستر على حماقات الاصوليات السياسية بعد اليوم!
3.   عراق آذار 2008 مفعول به منصوب..وعلامة نصبه النفط!
4.   العسكر والميليشياتية والارهاب في عراق التنمية البشرية المستدامة.
5.   إرهاب الدولة والإرهاب الدولي.
6.   الجدل العسكري في العراق الحديث.
7.   المؤسسة العسكرية في العراق الجديد.
8.   الاعداد الطائفي للقوات المسلحة العراقية مهمة وطنية ام جريمة كبرى لا تغتفر.
9.   اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي.
10.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية.

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

179
الارهاب والفاشية شرك وفخ الرأسمال الكبير والاجنبي للتحولات الديمقراطية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
WE SHALL OVERCOME SOMEDAY
FOR DEEP IN MY HEART
I DO BELIEVE
   تمر على البشرية هذه الأيام الذكرى 63 لانتصار شعوب الاتحاد السوفييتي والعالم على الفاشية،الانتصار الذي غير مجرى الحرب العالمية الثانية لتضع اوزارها وغير التاريخ العالمي في ظل توازنات وأوضاع سياسية واجتماعية داخلية وخارجية بغاية التعقيد والصعوبة.وعزز هذا الانتصار من ثمار ثورة اكتوبر العظمى في روسيا،كما اسهم في قيام منظومة البلدان الاشتراكية.ومثلما مهدت اكتوبر لبناء اكبر دولة اشتراكية في التاريخ- الاتحاد السوفيتي- فقد اقام الانتصار الباهر على الفاشية المعسكر الاشتراكي وساعد على نشر الافكار الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان في شتى انحاء المعمورة.في التاسع من ايار 1945 الحقت هزيمة تاريخية مذلة بالنازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية،ليجر صيانة السلم العالمي ومنع الامبريالية من تنفيذ الكثير من مشاريعها العدوانية،كما خلقت تناسب قوى عالمي جديد وظروفا مؤاتية ايضا لشعوب البلدان الرأسمالية المتطورة ونضالات شغيلتها كي تحقق المزيد من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية.كان التاسع من ايار 1945 والانتصار على الفاشية الى جانب ثورة اكتوبر من اهم احداث القرن العشرين،وترك الانتصار على الفاشية بصماته على الاتجاهات الاساسية لتطور عالمنا خلال القرن العشرين الذي انقضى معظمه في ظل القطبية الثنائية للاشتراكية والراسمالية.
   نبه التاسع من ايار 1945 الى تعطش الشعوب للديمقراطية وصحوة احترام الرأي الآخر ونقد الفكرة بالفكرة لا طعنها بحربة غادرة او خنجر مسموم،كما نبه الى ضرورة اعادة النظر في الممارسات الخاطئة التي ابتلت بها الحياة السياسية في بلداننا العربية وكردستان،ومنها بلادنا.الحرية ليست هبة تهبط من الاعلى بضربة ساحر،والحديث عنها هو الحديث عن الديمقراطية وعملة واحدة.نبه التاسع من ايار 1945 الى تعطش الشعوب الى ثقافة السلام الحقة اي بناء النماذج الوطنية والاقليمية للديمقراطية وتعني التعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية والانتخابية والبرلمانية!تعني المؤسساتية المدنية والحذر من السقوط في شرك الكلانية،وهي نقيض ثقافة الخوف والشك بالمواطن!وتعني ان تراجع الاحزاب السياسية آليات عملها وتقديم كادرها باستمرار للتخلص من قيم ما قبل المؤسساتية المدنية،وتعني ان يتاح للجميع التعبير عن رأيه في امور السياسة والمجتمع واتساع الصدور لسماع آراء الآخرين واحترامها!فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات! 
  ينبه مرور 63 عاما على التاسع من ايار 1945 ان ثقافة السلام او قيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الانسانية.وشرط بناء ثقافة السلم وجوب التعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني،وهذا يتطلب ارساء المؤسساتية المدنية والاعتراف بالآخر هوية وطنية مستقلة وكيانا ثقافيا متميزا ووجودا كاملا.ولا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية قسرا ومع الغاء الأخر الخالق للابداع.فالابداع هو الشيء الوحيد الذي يمكن ان يمارسه الانسان بجدارة ليؤسس وجوده في افق البحث ولا يعيد تاريخ الابداع نفسه.الحداثة الحقيقية هي في الابداع لا في المنجزات بذاتها!وتبقى التعددية الثقافية صمام امان الكون لانها الموروث البشري كله وحصيلة الابداع الانساني منذ الازل.ينبه مرور 63 عاما على التاسع من ايار 1945 ان السلام لا يتحقق في ظل اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والامية والتشرد وتزايد الثراء،وتسرع العولمة الرأسمالية هذه الاستقطابات لانفجارات لا محالة عبر حروب المستقبل لأنها تعرقل التطور الاقتصادي المستقل والتنمية المستديمة وتعمق التبعية.لا سلام للبشرية في مستقبل تتحكم به الشركات الرأسمالية الكبرى.
   ينبه مرور 63 عاما على التاسع من ايار 1945 ان الرأسمالية ليست الافق النهائي للبشرية،ولا يعني سقوط مشروع بناء الاشتراكية في عدد من الدول موت الفكرة الاشتراكية ذاتها.ويتسع نطاق النضالات الاجتماعية وحركات السلام والتحركات المناهضة للعولمة الرأسمالية بعد التراجع المؤقت لقوى اليسار والتقدم الاجتماعي،وبعد تكشف النتائج السلبية والآثار المدمرة لسياسات"الليبرالية الجديدة"واقتصاد السوق المنفلت،ويقترن ذلك بالبحث عن البديل والخيار الانساني الذي يلبي الطموح الى الديمقراطية الحقيقية والحرية والعدالة والمساواة والتقدم،وهي القيم الاساسية للاشتراكية.لا يتجرأ حتى الد اعداء الاشتراكية على نكران تأثير ثورة اكتوبر الاشتراكية الكبير وتأثير الانتصار على الفاشية عام 1945،على مصير الانسانية،فقد استيقظ الملايين من الناس والشعوب في العالم لخوض النضال النشيط في سبيل التقدم والعدالة الاجتماعية!.ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى والانتصار على الفاشية عام 1945 وجهان لعملة واحدة!
   اثبت التاسع من ايار 1945 ان الشيوعيين اعداء الارهاب،لا يعرفون التردد وانصار ثابتون للمجتمعات المدنية!الشيوعيون بارعون زمن السلم والحرب.الارهاب والفاشية شرك وفخ الرأسمال الكبير والاجنبي للتحولات الديمقراطية.لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عن ثورة اكتوبر الاشتراكية عام 1917 ويوم النصر على الفاشية عام 1945 بسبب دكتاتورية صدام حسين وظلامية عهد ما بعد التاسع من نيسان وبحكم انتشار الثقافات الرجعية كالطائفية ومن لف لفها!وعندما تتحطم الاحلام وتتمزق عظمة الامم وهيبتها يرتد الناس الى ولاءاتهم وهوياتهم الصغيرة كنوع من الاحتماء الذي لا يجدي.يرتد الناس الى الطائفية مثلا،لتتحول الطوائف الى ملاذ والاحزاب الى طوائف،وعلى هالمنوال،حمل جمال.
 


7/5/2008


    يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

180
للتاريخ/تشيخوفا 1993 – 1994،تجربة مريرة وعوائل منكوبة

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
 
   واخيرا استقر بي الحال 1993 – 1994،مع عراقيين ينتظرون مصيرهم من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR في العاصمة الروسية..عوائلا وافرادا،في منتجع تشيخوفا على بعد قرابة 60 كم من موسكو.لقد دخلت قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق.ان ازمة اللاجئين العراقيين من اسرع ازمات اللاجئين تصاعدا في العالم كما وصفتها المنظمة الدولية للهجرة مؤخرا....لم يكل جهد عاملي وموظفي تشيخوفا عن تقديم كل المساعدات والرعاية الممكنة للعراقيين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر قبول دول اللجوء الاوربية منحهم حقوق اللجوء والاقامة في الوقت الذي امتنعت به موسكو عن منح حق اللجوء السياسي او الانساني لأي كان حينها.لم اطلب حق اللجوء،وفي هذه الفترة حاولت استعادة الاتصال بالهيئة التدريسية في مينسك/بيلوروسيا لمتابعة التحصيل العلمي العالي الذي انقطع عام 1990 بداعي انتهاء فترة الاقامة وبتحريض من الاجهزة المخابراتية العراقية الناشطة والمعادية للحزب الشيوعي العراقي في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق آنذاك دون جدوى.دراسة متوقفة وفعاليات لجوء شبه معطلة وانباء الوطن تتسم بالطابع الكارثي بسبب سياسات العهد الدكتاتوري البائد العنفية وقادسياته المتكررة بينما ازدادت الفجوة بين حزبنا والسلطات السوفييتية التي ارتبطت بعلاقات حسنة نفعية مع حكومة صدام حسين،وتعيش مخاض البيرسترويكا بسبب تصاعد تذمر الشعوب السوفييتية من السياسات الاجتمااقتصادية لحكومة موسكو.لم استجب لقبول بلدان اوربية عدة منحي اللجوء السياسي والانساني ومنها السويد والدانمارك وهولندة،والتحقت بمنظمة الحزب الشيوعي العراقي في دمشق مرة اخرى اواسط  1996.
    شهدت مآسي المهاجرين وطالبي اللجوء اعوام 1993 – 1996 عن كثب،تجربة مريرة وعوائل منكوبة،وواصلت التنقل داخل اراضي الاتحاد السوفييتي السابق بهوية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين،وضعت لي برنامج زيارة ومطالعة يومية لابرز المنتديات العلمية بالعاصمتين الروسية والبيلوروسية ومكتباتهما!مكتبات الاكاديمية العلمية الروسية ومنها مكتبة العلوم الطبيعية،مكتبة لينين التي جرى تغيير عنوانها الى المكتبة الروسية الحكومية،المكتبة العلمية التقنية الشعبية،مكتبة الآداب العالمية،مكتبة الاطروحات الدراسية لخيرة علماء وخبراء الاتحاد السوفييتي،مكتبة العلوم الاجتماعية والاقتصادية،المتحف التاريخي المركزي،معرض غاغارين الفضائي،مكتبة الاكاديمية العلمية البيلوروسية...الخ.
   الغرض من هذه المقالة ذات الاستعراض الاعلامي هو تقديم الشكر الجزيل للعوائل العراقية في تشيخوفا التي قدمت الغالي والنفيس الممكن لدعمي شخصيا في سبيل مواصلة البحث العلمي الجاد والتحصيل العلمي،في ظروف كانت في غاية التعقيد والدراماتيكية،اذا اخذنا بنظر الاعتبار:
•   وجوب مغادرة تشيخوفا فجرا والعودة لها ليلا  يوميا بقاطرات السكك الحديدية.
•   مشاكسات الاجهزة الامنية والمخابراتية للدولة السوفييتية.
•   ضغوطات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ومنظمات الاغاثة الانسانية ذات العلاقة.
•   الاجواء والظروف المعيشية الصعبة التي كان يعاني منها الشعب الروسي وشعوب الاتحاد السوفييتي ارتباطا بالتدخلات اللامسؤولة للاجهزة المخابراتية الدولية.
•   مشاكل وهموم العوائل العراقية في تشيخوفا وهي جزء من قضية المهاجرين والمهجرين في العالم.
•   الهجرة والتهجير في العراق،بكل اصنافه لم يعد حوادث متفرقة تروى بل حالة مقرفة وظاهرة عينية مشفوعة بالادلة تؤيدها الاحصائيات والارقام.
  عاملتنا العوائل العراقية والتي قدرت بالآلاف،وبالاخص الكردية منها كابناءها،وكنا في تماس مباشر مع همومها.احتضنتني عائلة البيشمركة البطل الشهيد علي كلاشينكوف 4 اعوام كاملة دون ان تبدر منها شكوى او ملامة،وقد توفيت الداية الكبيرة للعائلة وجرى دفنها هناك!
  منظمة الحزب الشيوعي العراقي في روسيا لم تكن بعيدة عن مآسينا،وقد جالت فرقها تشيخوفا ومعسكرات اللجوء الاخرى في روسيا،كما حضرنا بعض من فعالياتها،وبالاخص الاحتفاليات،وكلها كانت تجري في قاعات متواضعة مقارنة مع حفاوة وترحيب السلطات السوفييتية سابقا!     
           

7/5/2008


    يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

181
اتحاد الطلبة العام..مؤتمر سابع وذكرى ستينية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   تزامنا مع الذكرى الستينية لانعقاد المؤتمر الطلابي الاول في العراق(السباع)،ومع بقاء 14 نيسان مضيئا في عقول ووجدان طلبة العراق ومبعث فخر الشعب العراقي،انعقد في بغداد يوم 25 نيسان 2008 المؤتمر السابع لاتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية تحت شعار(في سبيل وحدة الحركة الطلابية وتعزيز روح المواطنة والنهوض بالعملية التربوية والتعليمية).كان محور جدول عمل المؤتمر دراسة عن الواقع الطلابي والتعليمي في العراق تناولت واقع وتوجهات الحركة الطلابية الديمقراطية في بلادنا وتوجهات الأتحاد سابقا ولاحقا!
    ركزت ورقة العمل – الدراسة على تدهور الاوضاع الامنية في العاصمة العراقية وتفاقم التوترات الطائفية اذ لم يرافق انهيار دكتاتورية البعث ظهور البديل الديمقراطي الذي كان شعبنا يتطلع اليه،وانما نشأ على انقاضه فراغ سياسي وامني خطير،مازالت جماهير الشعب تعاني الامرين منه ومن تفاقمه.ونهضت امام البلاد مجموعة مهام ملحة متداخلة،يكمن جوهرها في خلق شروط انهاء الاحتلال ووضع العراق على طريق التطور الوطني الديمقراطي.كما تعاظم دور الميليشيات،حتى  حلت في احيان وحالات كثيرة محل مؤسسات الدولة،مما ادى الى تغييب لدورالدولة واضعاف لهيبتها وعرقلة لتأسيس دولة القانون والمؤسسات وتخريب للديمقراطية.وارتدى النشاط الميليشياتي الطابع الطائفي،عبر ارتكاب جرائم  الخطف والتعذيب والتهجير القسري والقتل تبعا للهوية المذهبية.ووجد  البعض في العمل لدى الميليشيات مهنة تؤمن له القوت،في وقت تستشري فيه البطالة،وتعزّ فرص العمل،فيما تشير معطيات اخرى الى  تحول قسم من تلك  الميليشيات الى مافيا جريمة منظمة.
    استهدف الارهاب الطائفي والاعمى العقول العلمية العراقية والمؤسسات التعليمية،الاعتداءات الاجرامية والاختطافات والاغتيالات طالت الاكاديميين،والتفجيرات الارهابية طالت الجميع!الطلبة والطالبات واجهوا الاعتداءات الارهابية والميليشياتية ببطولة متناهية،وركزت قوى الظلام مثلما ركز البعث بالامس على الاستاذ الجامعي العراقي كونه قائدا اجتماعيا وسياسيا ورائدا في التنوير الفكري الفلسفي،وكونه رمزا للعقل الجمعي لمجتمعنا،فكان الاحتفال بالاستاذ العراقي علما محفورا في الذاكرة الشعبية العراقية مثلما تحتفظ تلك الذاكرة بالزعماء والقادة والأبطال.
    يهاجر الاكاديمي بحثا عن مكان آمن ومستقر يستطيع ممارسة حياته فيه بشكل طبيعي ومتابعة ابحاثه في ظل الامن والاستقرار غير الموجود في عراق اليوم،وتحتضن كردستان العراق عدد غير قليل من الاكاديميين الذين هاجروا اليها.لقد فتحت الفوضى التي يشهدها العراق شهية الجماعات المسلحة للافصاح عن مطالب جديدة تتجاوز رحيل القوات الاميركية من البلاد،ووزعت مجموعات مسلحة رسائل التهديد في الجامعات العراقية تطالب فيها الطلبة والاساتذة على حد سواء بترك الدراسة.لم تقتصر عمليات التصفية الجسدية والعنف على طلبة الجامعات واساتذتهم بل امتدت لتطال المدرسين في المدارس الابتدائية والثانوية وطلبتهم الذين غالبا ما شهدوا عمليات ذبح معلميهم وسط مشاعر الذعر والخوف الكبيرين!باتت الكثير من المدارس خاوية بسبب الهجمات الطائفية والاجرامية،وصار الآباء قلقون على سلامة أبناءهم وبصفة خاصة البنات اللاتي يتعرضن الى التحرشات الجنسية والخطف.
    ركزت ورقة العمل – الدراسة ايضا في فقرة مستقلة على ملامح تردي العملية التربوية التعليمية في العراق من محاولات كبح جماح الثقافة الوطنية والديمقراطية والحريات الاكاديمية،فقدان العمل الاكاديمي الاستقلالية لصالح بيروقراطية الدولة،اختلال التوازن بين اعداد الطلبة في الدراسات الاجتماعية والانسانية والدراسات العلمية والتكنولوجية والعلوم التطبيقية واللغة الانكليزية،المخصصات المالية المتواضعة للمؤسسة الاكاديمية، ضعف العلاقة بين التعليم العالي وخريجيه وسوق العمل،نزيف العقول العلمية العراقية والمؤسسات التعليمية لأسباب سياسية واقتصادية،عدم تفرغ الاستاذ لتطوير معارفه بسبب ضرورات تطوير المستلزمات المعيشية،مخلفات الدكتاتورية البائدة من الثقافة التربوية المتهافتة بعد ان جهدت لحصر طاقات الشبيبة العراقية وجعلها حبيسة ارهاصاتها وازماتها،تخفيض الدعم الحكومي للطلبة،الضغوط التي يعيشها المجتمع وتؤثر في تطوره العلمي،سوء انظمة الادارة في التعليم العالي بما في ذلك المناهج ومحتويات الفصول الدراسية،ازدياد معدلات تفشي الامية بسبب عامل الفقر وانصراف الاطفال الى العمل بشكل غير مشروع لمواجهة متطلبات العيش وضعف الوعي الثقافي والدور السلبي للآباء  بتوجيه ابنائهم للعمل دون الالتحاق بالدراسة وتردي الوضع التعليمي وتنامي الشعور بلا جدوى الحصول على الشهادة الدراسية.
    عكست فقرة اخرى من ورقة العمل – الدراسة ملامح واقع الطلبة وصعوباته اليوم كالشعور العام بالاحباط وفقدان الامل وضعف الانتماء الوطني وتأثر بعض المجموعات بالاطروحات الطائفية،التكاثر اللامنطقي واللاموضوعي للمنظمات الطلابية وارتباط بعضها بالاحزاب السياسية ذات الطابع الطائفي و القومي واعتمادها اسلوب الاغراء(المادي و المعنوي)لكسب الاعضاء وموسمية العمل النضالي لديها،هشاشة تأثير التيار الديمقراطي في الحياة السياسية الامر الذي اضعف من انتشار الافكار الديمقراطية في الوسط الطلابي وتشرذم قوى الطلبة المؤمنة بالديمقراطية والتقدم الاجتماعي وضعف التنسيق بينها الى جانب تواضع القدرات التمويلية والتأثير الجماهيري الفعال،الهجرة الواسعة خارج الوطن بحثا عن فرص عمل افضل او عن الامان او عن كليهما،تدهور واقع الخدمات والامن والمستوى الاقتصادي وما ادى اليه من انكفاء الشبيبة والطلبة واثقالهم بهموم الحياة اليومية وتفاصيلها المعقدة على حساب الهم العام والنضال المطلبي اليومي،تدهور مستوى التعليم وتخلف المناهج الدراسية وطرق التدريس وعدم وجود افق واضح ومشجع للخريجين...
   وحددت ورقة العمل – الدراسة جملة اجراءات وتدابير لمعالجة الواقع المهني الطلابي،يرتبط تأثيرها بحل القضية الاجتمااقتصادية العامة في البلاد،ومنها:تعميم ثقافة حقوق الانسان والتسامح والديمقراطية وصحوة احترام الرأي الآخر ونقد الفكرة بالفكرة ومسائلة مروجي الفكر الطائفي والعنف قضائيا،ازالة آثار سياسية التبعيث في مناهج المنظومة التربوية – التعليمية،الارتقاء بالمناهج التعليمية وطرق التدريس لتطوير القدرات العلمية للطلبة،اعادة تأهيل المنتديات الثقافية والتثقيفية والفنية والمكتبات وتوفير الامن لها،ربط العملية التربوية التعليمية بالاحتياجات التنموية،تحرير المنظمات الطلابية والشبابية من الوصاية والهيمنة ومساعدتها في تشكيل النوادي ومراكز الشباب والفرق الثقافية والفنية والرياضية،ضمان التعليم المجاني للطلبة وتوفير وتحسين الأقسام الداخلية المناسبة وكل متطلبات العيش الكريم لهم وتمكينهم من انجاز مهماتهم الدراسية والأكاديمية  في اجواء آمنة،ضمان فرص العمل للخريجين وتشجيع المتميزين منهم ورعايتهم،تحرير الطلبة من آثار المفاهيم الفاشية الشوفينية وضيق الأفق القومي والطائفية ونشر الوعي الوطني وروح المواطنة والقيم الانسانية والتقاليد الديمقراطية والثقافة التقدمية والتآخي بين القوميات والوحدة الوطنية في صفوفهم،وضع خطط علمية وعملية لاستكمال عملية مكافحة الأمية،احترام الهيئات التدريسية وضمان الأجواء السليمة لاشاعة العلم وحب العمل والممارسة الديمقراطية في الحياة الدراسية،توكيد مبدأ صيانة الأستقلالية الاكاديمية بما يعيد السمعة العلمية للجامعة العراقية،ضمان تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المتقدمين للجامعات والمؤسسات التربوية بشكل عام على اسس طائفية او قومية او مذهبية او غيره،تعزيز التعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية وتنمية الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية.
    انتخب المؤتمر في اختتام اعماله لجنة تنفيذية جديدة ومكتب سكرتارية ضم حارث الخضري سكرتيرا للاتحاد،وهو طالب وصحفي وناشط سياسي،الى جانب زياد علي نائب السكرتير،وضمت السكرتارية ناشطات في العمل المهني،في مقدمتهن اقبال جبار و حوراء محمد.
   نقف اجلالا واكبارا امام التضحيات الجسام التي قدمها الطلبة في طريق الحرية والانعتاق والخلاص من الانظمة الدكتاتورية على مدى تاريخ عراقنا الحديث.

28/4/2008
يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

182
مجدا لذكرى بريت صديق الشعب العراقي وقضيته الأساسية النفط
المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
- ليست الديمقراطية هبة تمنح بل تنتزع بالنضال الدائب المثابر -
   دنيس نوئيل بريت DENIS NOEL PRITT علم من اعلام الفكر القانوني التقدمي في العالم،استخدم حنكته وخبرته القانونية للدفاع عن السلام وحق الشعوب في تقرير مصيرها،شارك بفاعلية في كفاح العراق ضد الاحتكارات النفطية كمحام ومستشار قانوني للحكومة العراقية!ولد بريت عام 1887 في انكلترة،وتخرج في العلوم القانونية من جامعة لندن عام 1906،نال درجة مستشارية الملك عام 1927 تقديرا لكفاءته في المحاججات القانونية،كانت مؤهلاته المهنية تلاقي الطلب الشديد عليها لدى المؤسسات التجارية في بلدان الكومنولث البريطاني بالرغم من شفافية اتجاهاته اليسارية،ترافع مجانا في القضايا ذات الطابع السياسي وقدم المشورة المجانية للعديد من المؤسسات!تصفه موسوعات التراجم الاوربية بانه محام وسياسي بريطاني فقط متجاهلة مكانته البارزة في الحركة التقدمية الاوربية المناهضة للفاشية والمناضلة في سبيل التعايش السلمي والانفراج الدولي ونصرة حركات التحرر الوطني في العالم،حركة اليسار الاوربي والطبقة العاملة في انحاء المعمورة.
   فارق بريت الحياة في 23/5/1972 في لندن بصمت بعيدا عن الصخب والضجيج،الا ان مأثرته في دعم الشعب العراقي تكمن في التأكيد ان استراتيجية صناعة النفط الوطنية لا تفهم بمجرد كونها منهاج استثماري يخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية،حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية،بل هي قبل كل شئ مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع البرامج متوسطة المدى في ضوئها.انها تعني تبني الحلول الجذرية لمعضلات القطاع العام وليس الحلول المسكنة المهدئة الآنية للمشاكل والمعوقات القائمة،والسيطرة على الاستثمار والتكاليف الادارية ومساعدة قطاع الدولة على تنفيذ مشاريعه في سبيل تحقيق الفائض الاقتصادي وتحويل التراكم لصالحه!.جاء تأكيد بريت هذا في 3 مراحل:
1.   اواخر عام 1950،عندما اختير مع محامي آخر للاعداد لرفع دعوى ضد شركة نفط العراق في المحاكم البريطانية وطالبتها بدفع عوائد الحكومة العراقية من النفط على اساس السعر الحر للذهب بدلا من السعر الرسمي الذي كانت العوائد تدفع بموجبه،وتفسير كلمة الذهب الواردة في الامتياز على هذا الاساس.هذه الدعوى شجعت لأول مرة نواب العراق المطالبة بتأميم النفط عام 1951 مع اندلاع لهيب التأميم في ايران.
2.   بعد ثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة عندما فتحت الحكومة العراقية ملف الامتيازات النفطية بالكامل،وشارك بريت لجنة من الخبراء العراقيين في دراسة هذه العلاقات دراسة تفصيلية معمقة ووضع جدول اعمال المفاوضات الطويلة بين الشركات والحكومة العراقية 1959 – 1961،وعين استشاريا في الوفد العراقي للمفاوضات بموجب قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 13/8/1960.
3.   اواسط عام 1962 لأغراض التقييم القانوني للقانون رقم 80 لسنة 1961 لتعيين مناطق الامتياز وتحديد مساحتها بالاراضي المنتجة فعلا والغاء الحقوق الامتيازية فيما جاوز ذلك.     
   تحقق نجاح تأميم النفط العراقي في سبعينات القرن العشرين،كما تحقق نجاح شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في ادارة قطاع النفط العراقي،بعد ان قدمت مثالا رائدا على قدرة الشعوب في السيطرة على موارداها الوطنية واستغلالها بنجاح وانهاء دور الشركات الاحتكارية.هذا يفسر لماذا اقدمت سلطات الاحتلال الاميركي كخطوة اولى في توجهها نحو اعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية تصفية ممتلكات شركة النفط الوطنية العراقية- رمز الاستقلال الوطني العراقي.لقد شجع الدستور الدائم بصيغته الحالية وتخبط البرامج الحكومية والخطط الدورية للقطاعات الاقتصادية على اعداد القوانين التي تغيب بشكل مرسوم ومتعمد،كل مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.وجاءت القوانين التالية تباعا لتعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها.
1.   قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية
2.   قانون الاستثمار رقم(13)لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 تشرين الثاني 2006
3.   مشروع قانون النفط والغاز الجديد
4.   مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام
    لسان حال بريت اليوم لو كان حيا"ان عدم الكفاءة والفساد المالي والاداري في القطاع العام في العراق لم تحدث بسبب عدم السير"بالإقتصاد الحر"،وانما العكس هو الصحيح،اذ بدأت واستشرت بعد تعزيز دكتاتورية صدام حسين وقيامها بقمع الشعب العراقي وافتعالها الحروب الكارثية،وعملها جاهدة اصلا لتطوير الاقتصاد نحو"الإقتصاد الحر"".تفشى الفساد المالي والرشوة والعمولة بدرجة كبيرة في التسعينيات واستفحلت هذه المظاهر اليوم لانها ملازمة للاقتصاد العراقي الحر!.ماذا يتوقع من معامل مدمرة ومهملة ولا تستطيع الانتاج الا بحدود 10% من طاقاتها،ولا تتوفر لديها المواد التشغيلية المستوردة او الادوات الإحتياطية؟،وكيف يتوقع من معامل ان تنجح وان تربح مع الاصرار على ان يكون السوق حرا تماما؟.ان نجاح الاقتصاد يعتمد على القيادات الموجودة ومدى كفاءتها وفعاليتها ونزاهتها واعتمادها على الشعب،وكذلك في الاستفادة من تجارب الآخرين.
    تضم قائمة مؤلفات بريت عشرات الدراسات عن التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي الى جانب دراساته المعروفة ومنها:
•   ضوء على موسكو
•   هل لابد ان تنتشر الحرب
•   سقوط الجمهورية الفرنسية
•   مجرمو الحرب
•   الخارجية الاميركية والحرب الباردة
•   القانون بمواجهة نقابات العمال
•   حكومة العمال 1945 – 1951
•   من اليمين الى اليسار
•   المتسلطون والبيروقراطيون
•   الدفاع يتهم
•   معتدو الامم المتحدة التائبون
    وكانت آخر اعماله الفكرية انه نشر في العدد الخاص بذكرى ديمتروف في مجلة الماركسية المعاصرة(المجلة النظرية للحزب الشيوعي البريطاني)عدد تموز 1972 مقالا عن محاكمة لايبزغ وحرق الرايخشتاغ.
   ظل بريت وفيا لمبادئه في الفكر المادي الاصيل- الاشتراكي العلمي والماركسي والديمقراطي،وتعيد ذكرى رحيل بريت،المناضل العنيد في سبيل الحرية والديمقراطية والسلام،جوهر تعليماته الصارمة الى الاذهان،ان القضية النفطية ليست مجرد عمليات تجارية كما تحاول الشركات الغربية تصويرها،انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي.باتت معالجة القضية النفطية الحلقة المركزية في مطالب واهداف الحركة الوطنية وعموم الحركة الديمقراطية،كافحت الشعوب من اجلها في مختلف مراحل تطورها السياسي حتى يومنا هذا!ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال،وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي اكثر مما تحددها الخطابات والشعارات البراقة والتهريجية او الاجراءات الميكافيلية المبتسرة التي تؤدي شئنا ام ابينا الى تفريق وحدة الشعب الوطنية واضعافها امام المعالم الزاحفة للعولمة الرأسمالية.ان وحدة الرأي والعمل في الموضوعة النفطية هي نقطة البدء والانطلاقة في الوحدة الوطنية التي تسير بالعراق نحو شاطئ الامان والتقدم بثبات راسخ وتنهي عهود التمزقات السياسية والارهاب والقمع والقسوة والبلبلة والخوف والتأخر!."
   نعم،تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من ارجاع العراق القهقرى وضرب كل تعليمات ومشورات الاصدقاء عرض الحائط عبر استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار!.لابد من الاهتمام بملف النفط  في العراق لما له من اهمية على مستقبل العراق وعلى مستقبل شعبنا وعلى طموحاته المشروعة.هذا يستوجب وضع الملف النفطي  في اولويات الاجندة الوطنية لكي يكون الجميع على دراية تامية عن كل ما جرى ويجرى من الامور المتعلقة بالنفط في العراق.

المصادر:
1.   عبد اللطيف الشواف/د.ن.برايت وقضية النفط  في العراق.
2.   د. محمد سلمان حسن/نحو تأميم النفط العراقي/بيروت/1967.
3.   سلام ابراهيم عطوف كبة/النفط العراقي اليوم.
4.   سلام ابراهيم عطوف كبة/لعبة السيطرة على نفط العراق من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة.
5.   سلام ابراهيم عطوف كبة/حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا!!.
6.   سلام ابراهيم عطوف كبة/زيادة أسعار الوقود..حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي.
7.   رسالة مفتوحة إلى رئاسة مجلس النواب/108 من خبراء النفط العراقيين يطالبون عدم التسرع باقرار قانون النفط والغاز.
8.   فؤاد قاسم الأمير/ثلاثية النفط والغاز.
9.   د. صبري زاير السعدي/النفط والاستراتيجية الاقتصادية العراقية.
10.   طريق الشعب/في ضوء زيادة اسعار البانزين،واجب الحكومة التخفيف من معاناة المواطنين.
11.   د. مهند البراك/النفط وصناعة الفوضى والقطيع!.
12.   د. صالح ياسر/نحو حوار هادئ حول قضايا ساخنة..ملاحظات اولية حول مسودة قانون النفط والغاز لعام ‏2007.

يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


31/3/2008

183
الروزخونية والمؤسسة الدينية المسيحية في العراق

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   فجع الشعب العراقي باعمال الاغتيال الاخيرة التي طالت بعض الرموز المسيحية في بلادنا ونخص بالذكر:
1.   اختطاف واغتيال رئيس اساقفة الكلدان في الموصل المطران بولص فرج رحو 29/2/2008.
2.   اغتيال القس يوسف عادل عبودي راعي كنيسة مار بطرس وبولص امام منزله في الكرادة ببغداد 5/4/2008.
   لا يمكن فصل اعمال الاغتيال هذه عن الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية المدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة للسخط ،وانما استندت الى اعتقاد متعصب غير قابل للاعتدال او العلاج ويجب مقاومته.ومن غرائب الامور ان لا تتمكن القوات الاميركية والحرس الوطني والذي يستنزف ميزانية الدولة من السيطرة على مناطق في قلب مراكز المحافظات بعد مرور 5 اعوام على سقوط الدكتاتورية وقرابة العام على المباشرة بخطة فرض او حفظ القانون!ان اعمال الاغتيال هذه هي امتداد للعوامل التالية:
•   مشكلة التمييز الطائفي التي تحولت الى جزء من النظام القائم في العراق اثر تشكيل الدولة العراقية الحديثة اوائل العشرينات والثغرات الشوفينية والتمييزية التي احتوتها صيغ اول قانون للجنسية العراقية رقم(42)لسنة 1924 وقانون الجنسية رقم(243) لسنة 1963.تضررت الاقلية الآشورية باجراءات السلطات الحاكمة عبر القرارات الكيفية ومصادرة الأموال والممتلكات،وذهب ضحية التهجير القسري مئات العوائل الآشورية العراقية.كسب الانكليز الآثوريين في سياستهم بالتوطين والترحيل القسري للكرد،وما لبثوا ان تنكروا للقضية الآثورية القومية بعد ان طالبت القيادة الآثورية بالحد الأدنى من حقوقها القومية في العمادية عام 1932،وافتعلوا مذبحة(سميل)عام 1933 بحجة حماية الوطن.وبلغ عدد المهاجرين العراقيين من أصحاب الكفاءات خلال ثلاثة أعوام فقط بين(1966 – 1969)4192 شخصا الى الولايات المتحدة و254 شخصا الى كندا،وان عدد الذين نالوا الجنسية الأمريكية من هؤلاء خلال الفترة المذكورة 975 عراقيا(كانت نسبة المسيحيين هي الغالبة).
•   اتساع انتهاكات حقوق الانسان والحريات الديمقراطية في عهد نظام صدام حسين الذي بات زاخرا بالجريمة والارهاب.وتحول التهجير القسري الشامل للقرى والمدن،واسقاط الجنسية عن عشرات الألوف من العوائل العراقية،وارغام البقية المتبقية الى عبور الحدود هربا من آثار استخدام الأسلحة الكيماوية والقصف الوحشي ومن بطش النظام،تحول كل ذلك الى حجر زاوية في سياسة غدر الطغمة الحاكمة واجراءاتها الانتقامية العقابية ضد خيرة ابناء الشعب العراقي.اصدرت السلطات العراقية في حينها قرارات عنصرية – تعسفية جائرة ضد مسيحيي وكلدان العراق ومعادية للدين المسيحي،باشراف مباشر من صدام حسين،لاذلال وتقليص نشاط الكنائس المسيحية في العراق ودعم سياسة التعريب التعسفي.ومن هذه القرارات:
1.   مرسوم اجبار جميع ادارات وقساوسة الكنائس العراقية الارتباط مباشرة بوزارة الاوقاف.ويشمل المرسوم كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والآثوري،الكنيسة السريانية بفرعيها الارثوذكسي والكاثوليكي،والكنيسة الارمنية،وغيرها من المنابر الكنسية.واستهدف المرسوم القضاء على استقلالية كنيسة المشرق التي تتولى مسؤولية 90% من مسيحيي العراق،والسيطرة على جميع الاموال والممتلكات التابعة للكنائس.وردت السلطات العراقية على مطالب المطارنة بالغاء المرسوم"خيروا ما بين المصادرة الكاملة للاموال او ان توضع تحت تصرف ورعاية وزارة الاوقاف مباشرة".
2.   مرسوم وزاري يرفض ان يتم بموجبه تدريس الديانة المسيحية اذا لم يكن المدرس حاصلا على درجة الماجستير فما فوق،وهذا يشمل المدارس ذات الغالبية المسيحية،بمعنى آخر الغاء الدروس بالكامل لأن هناك عدد قليل جدا من المدرسين تتوفر فيهم هذه المؤهلات.
3.   قرار يجبر الابناء على اعتناق الاسلام حال زواج احد الوالدين من الديانة الاسلامية.
4.   قرار رئاسي منع بموجبه الآباء من تسمية اطفالهم الجدد باية اسماء غير عربية او اسلامية.
5.   اغلاق الاذاعة الناطقة بالسريانية في بغداد والتي كانت تبث برامجها مدة 2 ساعة / يوم فقط!
6.   اجبار البطرياركية الكلدانية وبقية الكنائس على اضافة مقتطفات من اقوال صدام حسين بجانب اقوال المسيح يسوع(ع)في التقاويم الكنسية لعام 2002.
7.   تهجم صحيفة بابل في مقالات خالية من التوقيع على الديانة المسيحية واظهار افضلية الاسلام على المسيحية!
•   الطائفية السياسية وعصاباتها الميليشياتية المسلحة والاعمال الارهابية المستمرة ضد المؤسسة الدينية المسيحية السمحاء.ليس غريبا اليوم ان تجد شعارا سياسيا لجيش المهدي ويتوعد بظهور المهدي المنتظر مثلا معلقا على جدران احدى الكنائس!تعاني المنظمات غير الحكومية والمؤسساتية المدنية والدوائر الحكومية من اللغو الخطاباتي للمسؤولين والتدخلات الحكومية والميليشياتية بكافة اشكالها،وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الاستبداد الحكومي عليها.
    تقود ديمقراطية الطوائف والاعراق الى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وابقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة،واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وابقاء المشاركة الاجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق.لم تتبع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية!كل ذلك عطل ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية التي تقتضي(المحاسبة والمراقبة والمساءلة).
   يعيش الشعب العراقي،وتعيش المؤسسة الدينية المسيحية في جحيم حرب طاحنة،بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة،وقتل وخطف الابرياء واغتيال المثقفين والتهجير القسري،في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو،وبين الانقسامات التي استشرت في اعضاء الجسد العراقي المتعب.علت الاصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد الواحد،منادين ومتوعدين باسم الاسلام والتمذهب الطائفي،محتضنين الموت بدل الحياة،محاولين اعادة عجلة التاريخ الى العصر البدائي،والضحية هو المواطن العراقي الذي اختلطت عليه الأوراق والمسميات.ان الطائفية والتخلف والجهل هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي،وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج السياسة الروزخونية"الغاية تبرر الوسيلة"لان هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب.
  ان غالبية الشعب العراقي من المسحوقين ماديا والمطحونين معنويا والمكمومي الأفواه،وهم من المسلمين وغير المسلمين،كما ان النخب القامعة والناهبة والقاهرة هي ايضا من المسلمين وغير المسلمين،والجميع بحاجة فعلا الى التغيير الديمقراطي والدولة الحديثة التي يحكمها القانون المدني وليس الديني(كان ما كان)،وهذه الدولة الشرط الأول والأساسي لوجودها هو فصل الاديان قاطبة عن السياسة فصلا تاما وحاسما،ووضع الاديان جميعا ومعا في الإطار الفردي والشخصي،ورفعها كليا عن الأرض وحصرها كليا بالسماء،اي جعلها بين الانسان وربه،لتحل محلها ثقافة المواطنة،ولا يمكن ان تقوم توليفة بين دين ودولة الا لصالح القمع والاغتراب وبعيدا جدا من الديمقراطية.لسنا ضد اي دين في العالم مادام في اطار الحرية الشخصية،وضد جميع الاديان في العالم حين يتم اقحامها في السياسة والمدرسة والتهريج والضوضائية وبالتالي نشر المظاهر الروزخونية.
   ثقافة السلام او قيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الانسانية.وشرط بناء ثقافة السلم وجوب التعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني وهذا يتطلب ارساء المؤسساتية المدنية والاعتراف بالآخر هوية وطنية مستقلة وكيانا ثقافيا متميزا ووجودا كاملا.الحرية فهم الضرورة وتقوم الحياة على روح التعايش والخضوع لمبدأ الضرورة،وتنتصر الانسانية في النهاية بالتسامح والغفران والقدرة على النسيان.ينبه تعطش الشعوب الى الديمقراطية وصحوة احترام الرأي الآخر ونقد الفكرة بالفكرة لا طعنها بحربة غادرة او خنجر مسموم،ينبه الى ضرورة اعادة النظر في الممارسات الخاطئة التي ابتلت بها الحياة السياسية في بلادنا.والحرية ليست هبة تهبط من الاعلى بضربة ساحر،والحديث عن الحرية هو الحديث عن الديمقراطية وعملة واحدة.الحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء،وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات!
  الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بتقديم كل اشكال الدعم والمساعدة والرعاية لضمان الحقوق القومية والادارية والثقافية للتركمان والكلدان – الآشوريين- السريان والارمن وتطويرها وتوسيعها،واحترام المعتقدات والشعائر الدينية للايزيديين والصابئة المندائيين،والغاء جميع مظاهر التمييز والاضطهاد ضدهم،وازالة كل ما يسمم اجواء التنوع القومي والديني والفكري لشعبنا،ومعالجة مظاهر التقوقع والانعزال القومي ومحاولات دق اسفين في العلاقات بين القوميات المتآخية في العراق،وان تستمع الى اراء ومقترحات حركاتهم وممثليهم،وتعمل على اشراكهم في صنع القرارات التي تمس بشكل مباشر حقوقهم ومصالحهم،ودورهم في بناء حاضر العراق ومستقبله.الحكومة العراقية والمؤسسات الرسمية،مطالبة بالتشديد على احترام حقوق الانسان والمتابعة الجادة لمشكلة المهاجرين والمهجرين وتداعياتها الانسانية والاجتماعية الجسيمة،واعادة اعمار ما خلفه النظام الدكتاتوري البائد في مختلف الميادين،والنهوض بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع انحاء البلاد واعادة التوزيع الجغرافي للمؤسسات الصناعية والخدمية بما يقلص التفاوتات في هذه المجالات!

راجع للكاتب:

•   الهجرة والتهجير في عراق التنمية البشرية المستدامة.
•   مراسيم محاربة المسيحية في العراق.
•   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة.
•   الروزخونية في العراق.
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية.
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية.
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟
•   اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق.
•   القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق.
•   المهندسون العراقيون والأزمة الروزخونية.

يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

184
القائمة العراقية الوطنية من الحلم الى الروزخونية دون خجل او وجل
النجيفي والشابندر نموذجان!

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

صه يارقيع فمن شفيعك في غد
فلقد صدئت وبان معدنك الردي


من حقي ان الوح
بمنديل الامنيات
لتل الاسى
الجاثم..
 على صدر
بلادي
من حقي
وحقك
ان
نعري
كهف الظلمة
ولو..
بعود ثقاب

   عقد الشعب العراقي الآمال على القائمة العراقية الوطنية – 731 – بمكوناتها السياسية كصمام امان للشعب العراقي في سبيل الخروج من المأزق السياسي الاجتمااقتصادي الذي يعصف بالبلاد ومن الاعصار الدائم والتصاعد القياسي في النفقات والضحايا،وكان هدفها تحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع!وقد عبرت القائمة العراقية الوطنية بحق عن الايمان بالديمقراطية السياسية واقامة دولة العدالة،والمواطنة،والضمانات،والتعددية،وحقوق الانسان وفقا لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتأكيد استقلال القضاء وادانة المحاكم القروسطية للجاهلية المتأسلمة والمتشيعة وفتاوي التكفير والحسبة و هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،التداول السلمي للسلطة،الدستور الحضاري الديمقراطي الذي يضع حدودا واضحة لعمل السلطات وواجباتها ويلزم الحكومات بحماية الاديان والطوائف وعدم التدخل في شؤونها أو التحزب لدين او طائفة منها،ويعني تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز!.وبدلا من ان تعزز القائمة العراقية الوطنية ثقة الشعب العراقي بها راحت تناور يمينا ويسارا في مكانها دون ان تتحرك لتتقدم خطوة واحدة الى الامام في سبيل دفع العملية السياسية والديمقراطية بحرص كبير على الحرية والديمقراطية الحقة وحقوق الانسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية بمعزل عن اجواء المناورات التي تخلق المشكلات المتجددة وتساعد قوى الارهاب على تحويل العراق الى جحيم لا يطاق!
   وبدلا من ان تكون هذه القائمة خطوة جادة على طريق رص صف التيار الديمقراطي في العراق والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية و تحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات وفي سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه،والحذر من راهنية الخطاب السياسي السائد الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة بعد ان باتت الادارة الاميركية قاب قوسين او ادنى من نقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضدها الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية لتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية،وبمرور الزمن سقطت هذه القائمة في الفخ الروزخوني الذي نصب لها عبر الخطابات الانشائية الفضفاضة الفارغة وادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط والتنمية والاعمار،في حقيقة الامر كشفت عن تمثيلها لمصالح البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والكومبرادورية في بلادنا عبر الاصرار على الابقاء على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ القرارات المصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!والاستيراد التجاري المشوه او سياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت أن يلتحق أطفالها بمعسكرات أشبال صدام وترفض اليوم الانصياع للولاءات الرجعية والقرقوشية الطائفية فحسب بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.دهورت الروزخونية من اوضاع الفلاحين والطبقة العاملة العراقية وليتحول الفساد اليوم الى وباء مستشري ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها الى جانب القطاع الخاص!اما أحوال التعليم فتكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد. وتدفع المرأة العراقية الثمن مضاعفا بسبب ما يجري في العراق اليوم فطوق الاضطهاد يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل!ودخلت قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق!العراق،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة!
     وبدلا من ان تكون القائمة العراقية الوطنية صرخة ادانة صريحة للاستعلاء ولاستمراء  نصر"الفوز الساحق" والاستمرار في تجاوز القوى الأخرى ومحاولات الهيمنة على العراق"العربي"مجازا،ومن ثم البدء بضرب فيدرالية كردستان العراق اي ذات المشروع الايراني والتركي في احتواء القضية الكردية وكامل القضية الوطنية والديمقراطية العراقية،انضم بعض اقطاب القائمة امثال اسامة النجيفي الى طبالي الفكر الرجعي والروزخوني في تهجماته على الحزب الشيوعي العراقي مع تولي قياديين من الحزب مسؤولية لجنة تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي،وقد سبقه في ذلك مايطلق عليه بالمجلس الشيعي التركماني ورئيس الوزراء الاسبق ابراهيم الجعفري احد اقطاب الروزخونية في العراق.الأرث الحضاري والثقافي الذي يخص العراق لا يسمح له بالصمت الطويل حيال التشويه الذي يتعرض له وجهه الجميل على يد أناس لهم من الادعاءات العريضة والطويلة ما يجعل بلاد الرافدين  مدهوشة ازاء التناقض المر الذي ستقول كلمتها فيه في زمن ليس بعيدا لأنها قصيدة خضراء ترفض القراصنة.
     وبدلا من ان تكون القائمة العراقية الوطنية ادانة صريحة لتكريس نهج المحاصصة الطائفية،الوباء الخطير الذي يسمم الحياة السياسية ويتناقض مع الديمقراطية ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها  ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين  ويضر ببناء الوحدة الوطنية،يفصح بعض اقطابها امثال عزت الشابندر عن التخلف السياسي بجدارة تستحق التأمل عندما يطلب من القوى السياسية المنضوية في القائمة الالتزام بقراراتها على الطريقة البعثية غاضا النظر بالاستقلالية السياسية والتنظيمية والفكرية لهذه القوى!الديمقراطية المعاصرة ترفض روزخونية النجيفي والشابندر ومن لف لفهم!الديمقراطية المعاصرة لا تعني التلوث الطائفي والديني والقومي والعشائري واستنشاق البارود  بدل الورود،بل هي في المقام الاول نظام حكم ومنهج سلمي لأدارة اوجه الاختلاف في الرأي والتعارض في المصالح!يتم ذلك من خلال ممارسة حق المشاركة السياسية الفعالة في عملية اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة للجماعة السياسية بما في ذلك تداول السلطة عن طريق الانتخاب.ولم تعد الديمقراطية مجرد ممارسات واجراءات سياسية فحسب بل منظومة من القيم وانماط التفكير والسلوكيات والاتجاهات والاحاسيس.والتربية هي مفتاح اكتساب المواطن هذه المنظومة!.ليس الأحزاب العائلية والطائفية العراقية فقط بل والقوى السياسية القومية البائسة والتجمعات العشائرية الساذجة ايضا هي كوموفلاجية الطابع،حاملة سيف ديموقليس،وراية الثقافة الروزخونية العدوانية الممهدة للآيديولوجيات الارهابية والتكفيرية،وهي بيوت سياسية من زجاج!ونظامها السياسي ينتج الفساد ويعممه،فسادا سياسيا،يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه،لأنه يستشعر في عمليتي الانتاج والرعاية المصلحة الخاصة الاكيدة!.وبأي حال من الاحوال لا تنفعها الصعلكة السياسية لأنها فقط ترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي والتلذذ بلمس احلى الكلام..ياسلام!..فيما تسيل دماء الوطن والشعب وتتضخم ملفات الارهاب والفساد.الثقافتان القومية البائسة والطائفية اليائسة اسهمتا معا في اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش،وإحتقار المثقف،ثقافة الفساد وآليات إنتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة،ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع،ثقافة وديمقراطية الولاءات دون الوطنية،ثقافة وديمقراطية"حاضر سيدي ومولاي"،ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة،الثقافة التوتاليتارية الشمولية،الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية والممهدة للثقافة الفاشية!ثقافة الموت والقبور،ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظم تعود بجذورها الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات،فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام.انها ثقافة عقدة الفرق الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان،ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والتآمر والاغتيال والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام،ثقافة الانتقام والقمع!.ومهما اختلفت اسماء الاحزاب والجماعات والميليشيات القومية والطائفية وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم!
   وبدلا من ان تسحب القائمة العراقية الوطنية البساط من تحت البعثيين الذين ساهموا في التجسس علينا داخل عوائلنا وفي محلاتنا وفي غربتنا وفي اقصى منافينا بالتقارير وبالملاحقة وبالمعلومات،والذين لم يزلوا يكتبون المقالات بصلافة ضدنا ويرتكبون المجازر بحق ابناء شعبنا ومحرضين مرة اخرى على قتلنا ومحاربتنا!يريدوننا الوقود لنارهم والزيت الذي يحترق به مرجلهم،نراها توفر الغطاء القانوني للبعض من هؤلاء وتتستر على عوراتهم السياسية الفاسدة.انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم،ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين.انهم يعودون بصلافة ويخربون بيوتنا ويفجرون انابيب النفط،ويضعون المتفجرات والسيارات المفخخة بيننا ووسط اسواقنا الشعبية،وامام مراكز تطوع اولادنا للجيش والشرطة،وامام مدارس اطفالنا !!!
    لقد الف الحزب الشيوعي حملات الفكر الرجعي منذ تأسيسه في 31/3/1934 واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات ووثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة العقود الثلاث الاخيرة.ومن خلال تفحص طبيعة المواضيع التي تركز عليها تخرصات وتهجمات وتطاولات النجيفي وحثالاته على سياسة الحزب الشيوعي العراقي يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المذكور،كانعكاس وأداة للطائفية السياسية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب،الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي،تحالف ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية،ولطوطمها القابع في قم معا،وكجزء من الصراع الطبقي الكبير المشتد حول الموقف من القضية الوطنية والثورة الاجتماعية.
   يتحامق هذا النجيفي عندما يخلط  بالمفاهيم،وهو يدرك قبل غيره ان الفيدرالية الطائفية-على سبيل المثال-هي تفريغ لمطلب الفيدرالية بالنسبة لكردستان العراق،وتعكس الجهل والشعوذة والتخلف،وهي الانصياع الاعمى  للسنهدرين الاصغر في طهران.ترى أي ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية او عشائرية تورث قياداتها وتعيد انتاج أفكارها القديمة،ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها؟قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها.يتحامق هذا النجيفي عندما يدعو لتحالفات روزخونية بينما اثبتت نتائج الأنتخابات الأخيرة بأن ليس للحزب الشيوعي العراقي ما يميزه عن الأحزاب والتنظيمات العراقية الجديدة غير تاريخه النضالي الطويل وسمعته الوطنية الطيبة التي تحققت بفضل المثابرة والنضال الصلب لأجيال وأجيال،مما جعل الشيوعيين قدوة حسنة في الحكمة والشجاعة والثورية والثبات في مقارعة الأنظمة الأستبدادية.وتركزت تجربة الحزب في التحالفات على: 
   ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة. 
   التحالف ليس نتاج رغبة بل هو حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد. 
   التحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه. 
   اذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فإنه لا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. 
   ان الحزب الشيوعي العراقي فصيل وطني حي،حتمت وجوده الظروف الموضوعية والذاتية،وليس رغبة هذا وذاك.وهو يمتلك رؤية وطنية واضحة للمشروع الوطني الديمقراطي،ويشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية،سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة،ينتقد ويقترح ويحاورعلنا من خلال ممثليه بالبرلمان او من خلال صحافته والصحف الاخرى،صوته مسموع وتاريخه مشرف.
   يتمحور جوهر الفكر الرجعي في معاداة الشيوعية،معاداة الاشتراكية العلمية،الدعاية للرأسمالية،تشويه مفاهيم الاشتراكية والديمقراطية،مسخ كل ما يتصل بثورة 14 تموز،تشويه تاريخ العراق الحديث،كل ذلك من الدعائم الثابتة للمدرسة التاريخية البورجوازية في العهد الإمبريالي.الديمقراطية والتعددية والفيدرالية والبرلمانية والتأسيس المدني،كلها ثقافة الاقرار بالوحدة الوطنية في مواجهة المستقبل والاعتراف بالخصوصيات المتبادلة،وإقرار الجميع بالانتماء الأول للوطن الحر والشعب السعيد.وهي ثقافة  لا يستغرب ان يلفظها الجهلة من خريجي الكتاتيب القروسطية ودور ايتام الصدامية وشاربي كؤوس نتانات الاقتصاديات المريضة للبلدان المجاورة.وتوظف الطائفية السياسية بطبيعتها الطبقية وثرواتها اللصوصية والدعم اللوجستي المخابراتي القذر لسلاطين الطوائف في طهران ودمشق،توظف العقول الاكاديمية والقانونية والاعلامية والصحفية للدفاع عن معتقداتها،وتتزود بالسلاح وتمتلكه في مقارها ومبانيها وجوامعها وحسينياتها،وتمتلك اجهزتها الامنية الاستخباراتية والقضائية الخاصة بها  في اجواء يسودها التوتر والعنف،وخطر استخدام العنف قابل للانفجار في اية لحظة.
   العلمانية،العقلانية،الليبرالية مفاهيم متقدمة حضاريا،هي والروزخونية على طرفي نقيض،وحركات سياسية فكرية قائمة على عدة آيدويولجيات تاريخية وحاضرة،تدور حول محور الفرد الحر والدفاع عنه دون أي تمييز،كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين،والأفراد جميعهم أحرار متساوين في الكرامة والحقوق الانسانية.وتكفل هذه المفاهيم للفرد حرية التفكير والتعبير وابداء الرأي،وتؤيد حق الفرد في الاختلاف مع الفكر المقابل له أو السلطات في المواضيع التي ترسم حياته الخاصة عن أن لا تتعدى حرية الآخرين.ولتحقيقها أتت ضرورة فصل الدين عن السياسة والدولة،احتراما لحرية الفرد الشخصية،واحتراما لسائر الأديان والعقائد،وللتخلص من سلطة رجال الدين على المجتمع لبناء المجتمع المدني الحر،ولاعادة توزيع المهام والأعمال.ويؤمن فصل الدين عن الدولة والسياسة بناء مجتمع عصري قائم على احترام حقوق الانسان والمساواة والتسامح بين البشر مهما اختلفت أجناسهم،فلا رجال دين يفرضون آرائهم مستغلين سلطاتهم السياسية ولا دولة تضطهد الأقليات الدينية فيها لأنها لا تتبع دين الدولة، فالدين لله والوطن للجميع.
  لقد فشلت القائمة العراقية الوطنية في بودقة العمل الدؤوب من جانب جميع قوى المجتمع المدني الديمقراطي العلماني،والقوى السياسية غير الطائفية التي تسعى الى اقامة عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي وحضاري قادر على الاستفادة مما توصل اليه العالم من تقدم في جميع المجالات لتحقيق التقدم الاجتمااقتصادي المنشود للعراق والتحسن في مستوى حياة وظروف عمل ونشاط جميع فئات المجتمع.كما فشلت القائمة العراقية الوطنية في ادانة الهرطقة الطائفية اللاعلمية التي تشيع عبادة الطغاة وتمجدهم بالصور والاناشيد والاعلام،وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين،وتلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل.
  ناضل الشعب العراقي منذ بواكير الحركة الوطنية في الربع الأول من القرن العشرين من اجل الديمقراطية والحرية والسعادة وبذل في سبيل ذلك الكثير من الجهد والعطاء وعبد طريق الشعب بدماء زكية وعطرة وغالية.ولأن انتظرالشعب طويلا بعناد منقطع النظير في سبيل بناء مجتمع متآخ قوميا  و متسامح دينيا فلسوف لا يسمح باستنساخ نماذج لا تجلب الا الويل والثبور ومنها تحديدا الديمقراطية الطائفية او عفوا الدكتاتورية الطائفية،تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق!وتبا لصعاليكه!وتبا لأسامة النجيفي وحثالاته!

يمكن مراجعة دراساتنا -
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟
•   اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق
•   القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق
•   المهندس والقائمة العراقية الوطنية
•   تصاعد وتيرة الحركة المطلبية في عراق الخير والمحبة والسلام!
•   ما يكتبه قلم المثقف الديمقراطي لا تكسره هراوة الشرطة الطائفية
•   امكانيات  التيار الديمقراطي في العراق مشتتة
•   حملة  حوار من أجل الشروع بعمل مشترك

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


7/3/2008

185
استخدام الكيمياوي جريمة مشتركة للنظامين العراقي والايراني 

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

لا يصدقون ، واين الصدق من ملأ
طغوا بما نعموا فيه ، وقد فسقوا
وهم رؤوس بسخف الرأي قد ملئت
ساموا الذرى ، خسف ما عاثوا وما نطقوا

  الكيماوي سلاح دمار شامل استخدمته كلتا الدولتين المتحاربتين،العراق وايران،بالعقد الثامن من القرن المنصرم في الحرب العبثية التي طالت ثماني سنوات،وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي والمنظمة الدولية – الامم المتحدة دون ان يتحركا ساكنا.ودشن استخدام الكيمياوي في حينه مرحلة تاريخية في الشرق الاوسط اتسمت بفوضى السوق والإيرادات الاقتصادية والعسكرية المتنامية من كل حدب وصوب.الكارثة الاخطر ان صدام حسين استخدم الكيماوي ايضا في حرب ابادة شاملة ضد الشعب الكردي لتحطيم ارادته،وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها.
   من البديهي النظر الى موضوعة التسلح التدميري الشامل لا بمعيار توازن القوى العسكرية فقط بل من زاوية التحدي الحضاري،لأنها رمز لنتائج عملية تراكمية متعددة الأبعاد والمستويات تضع البشرية أمام خيارات صعبة ومفترق طرق خطير.أحدث استخدام الكيماوي تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية عميقة وتحولات جيوسياسية - استراتيجية في بلادنا وايران والمنطقة مع ادخال صدام حسين الشعب العراقي في اتون حرب مهلكة كارثية ثانية اثر احتلاله الكويت،نقل بها الازمة الداخلية العامة الشاملة الى خارج الحدود ليحكم قبضته الشمولية على السلطات بالانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان،وتصاعد انتهاكات حقوق الانسان والاضطهاد القومي وحدة نفس الجبروت الروزخوني والارهابي في ايران.هذه التحولات الجيواستراتيجية هشمت سياسة الأمن الاستراتيجي في الشرق الاوسط وانعكست آثار ذلك بحدة على شعوبه.
   بلغ عدد الهجمات الكيميائية للنظام العراقي في الحرب مع إيران(232)هجوما معظمها داخل الأراضي العراقية.وفي خريف 1986 وحده بلغ عدد ضحايا القصف الكيماوي(118)الف بعد ان بلغ(10273)اصابة عام 1984 فقط.واستخدم النظام في هجماته الشتوية غازات الخردل،وسيانيدالهايدروجين، والتابون،والسارين،والأعصاب.لا تتوفر لدينا المعلوماتية الاحصائية عن عدد الهجمات الكيميائية للنظام الايراني في هذه الحرب!اضافة الى الخسائر البشرية الكبيرة سببت المواد الكيماوية خللا ايكولوجيا وبيئيا خطيرا فتآكلت الطبقة الخصبة من التربة،وأبيدت بيولوجيات كاملة،ودمرت المساحات الخضراء.
    اواسط نيسان 1987،تعرضت قرية(شيخ وسان)في وادي باليسان في اربيل للقصف الكيماوي وجمع الجرحى وكانوا قرابة(400) شخص في مراكز الحجز في اربيل،ثم اختفت آثارهم بعد نقلهم الى خارج المدينة!قبل ذلك التاريخ باسابيع قصفت مناطق سركلر،هلدن،قرةداغ،كاني تو واغجلر بالكيماوي.في 5/6/1987،تعرضت قاعدة(زيوة)الأنصارية للحزب الشيوعي العراقي في بهدينان إلى غارة كيماوية استشهد فيها رفيقان وأصيب(150)رفيق ورفيقة وطفل عانوا جميعا من فقدان الرؤية المؤقت والحروق الجلدية وصعوبة التنفس وآلام المعدة والحروق وشلل الأرجل.جاء قصف حلبجة وإعدام الناجين في تانجرو بمثابة شرارة التفاتة الإعلام الغربي الى الكارثة المحدقة حيث انتشر الغاز في المدينة مسافات بعيدة في لحظات!شرع النظام العراقي بحلقته الانفالية الخطيرة اثر موافقة ايران واعلان قبولها بوقف الحرب وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (598) فهاجم زاخو والعمادية وبامرني وسرسنك والشيخان وسيدكان وباليسان وارتوش.في 29/8/1988،هاجم وادي(بازي)فقتل(3000)مواطن كردي.شملت الحملات الانفالية(33)قرية في دهوك.وتعرضت مناطق تابعة لمحافظتي السليمانية وكركوك مثل شيخ بزيني  وشميران الى الهجمات الكيماوية في تشرين الأول عام 1988.
   كان استخدام الكيماوي من أسوأ الكوارث العسكرية التي افتعلتها دكتاتوريات حمقاء في القرن العشرين،لم تتجرأ حتى اسرائيل من استخدامه ضد البلدان العربية.بينما كان استخدام الكيمياوي ضد الكرد شرخا كبيرا في العقيدة الأمنية والعسكرية العراقية والأمن الاستراتيجي العالمي،فنصبت للنظام العراقي المصيدة - الفخ ليغزو الكويت!كان استخدام الكيمياوي كارثة فريدة النمط ارتقت الى الجرائم الدولية ضد الانسانية،حوكم طغاة بغداد عليها وسيلقي علي كيمياوي مصيره المحتوم،متى يحاكم طغاة طهران على جرائمهم في هذا المضمار والتي لا تقل كارثية عن جرائم صدام حسين؟استخدام الكيماوي ضد الكرد - الأنفال واستخدام الكيمياوي ضد الشعوب أي في الحروب الأهلية سابقة تاريخية خطيرة رسخت من مبدأ ربط التطهير العرقي بالدكتاتوريات،جريمة بحق ضد الإنسانية لم يألفها التاريخ المعاصر.
    في ايران ومنذ مجئ الخمينية الى السلطة والحرب المجنونة مع العراق،تبذل الدولة الايرانية الجهود الاستثنائية للتحول الى دولة عظمى على طرازها الخاص،تلازمها عادة النزعة الفوقانية والموقف اللاهوتي الدفاعي الذي يعتبر نفسه دوما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل!ولكن دون جدوى بسبب خطل المطلقية الموروثة عن القرون الوسطى،وبقاء عموم الوضع مشحون بالنزاعات غير القابلة للحل بين الاثنيات المختلفة.
   شوه استخدام الكيمياوي وفرض العنف المنظم بالحرب والاغتصاب كامل الوجود الاجتماعي في المنطقة والتوازن الاجتماعي العراقي.وأعطت الارجحية للعقلية والمغامرة الانتقامية الانقلابية وفتحت لها أبواب الانطلاق،مثلما عرضت العراق وعموم المنطقة لعربدة واستهتار الولاءات دون الوطنية.وحفز هذا النزوع لعبة العربدة الأمريكية التي تحافظ اليوم على النظام الايراني مثلما حافظت بالامس على صدام الالعوبة احتياطيا لها لتنفيذ مآربها في احتلال العراق ونهب ثرواته والانتقام من البشرية.

يمكن مراجعة دراساتنا –
•   الاوهام الاقليمية ومحاولات تدجين العقل الكردي
•   الحكومة التركية وعقلية القرن التاسع عشر
•   وهم استعادة حكام تركيا المجد المفقود
•   الانفاليات وتحديات إنقاذ كوكب الأرض
•   الهجرة والتهجير واللجوء سياسة غدر الطغم-  النخب الحاكمة في العراق
•   جرائم البعث ضد الانسانية - تهجير الأكراد اجراء منسي ! وجريمة لا تغتفر
•   الامبريالية الدينية في ايران ومضلع الموت الاسود
•   سعي أمريكا إلى إنتاج أسلحة عِرقية
•   ثقافة السلام في العراق وكردستان
•   القضاة  وحرية اصدار الاحكام في العراق
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟
•   اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق
•   القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


7/3/2008

186
المهندسون العراقيون والأزمة الروزخونية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

لا يعصم المجد الرجال وانما
كان العظيم المجد والاخطاء

   مع اوائل 2008 لاحت تباشير تصاعد الحركة المطلبية لتحريك البرك الراكدة وتنشيط الوعي بخطورة استمرار الأوضاع النقابية والمؤسساتية المدنية على ما هي عليه وتجميد مصالح مئات الآلاف من الاعضاء بهذا الشكل السلبي،بعد استنفاذ كل وسائل التخاطب السلمي ليجر الانتقال الى مرحلة جديدة من النضال السلمي المعمد بالاضرابات والاعتصامات والتظاهرات لتحقيق ذات الاهداف التي اكدت عليها مختلف الاتحادات النقابية والمهنية والمؤسساتية المدنية طيلة نصف عقد من الزمن اي منذ سقوط دكتاتورية صدام حسين حتى يومنا هذا!وجهت نقابة المهندسين مذكرة الى رئيس الوزراء تتضمن مطالب المهندسين مصحوبة بسلسلة من الاعتصامات والتظاهرات السلمية.تكللت الاعتصامات والتظاهرات النقابية وسلسلة المفاوضات والمشاورات مع مسؤولي الحكومة العراقية باجراء تطميني روتيني بداية شباط 2008 هو لقاء تنسيقي بين نقابة المهندسين والاستاذ زهير الجلبي مستشار رئيس الوزراء لغرض عرض المطالب على رئيس الوزراء!!.ومنذ هذا اللقاء التطميني تكللت الجهود الحكومية ببعثرة الجهد الهندسي المطلبي وشرذمته بسبب انتهازية القيادات النقابية والمهنية وتصاعد حدة الخطاب الروزخوني ونشاط كتائبه السوداء الفاشية التي تكللت باغتيال نقيب الصحفيين الشهيد شهاب التميمي!
    يتوزع الجهد الهندسي المدني اليوم على(حسب الاقدمية):
•   جمعية المهندسين IES- اقدم منظمة هندسية اهلية.
•   نقابة المهندسين العراقية IEU التي لم تر النور الا بعد ثورة 14 تموز المجيدة سنة 1958.
•   نقابة المهندسين الزراعيين.
•   نقابة ذوي المهن الهندسية.
•   جمعية المعماريين العراقيين.
•   الجمعية العراقية للحاسبات.
•   نقابة مهندسي كردستان KEU التي تأسست بقرار من المجلس الوطني الكردستاني وقانون الجمعيات رقم(18)الصادر في 31/ 10/1993 وكان نافذا منذ 6/11/1993 حسب جريدة البرلمان رقم(15).
•   التجمع الهندسي لدعم الإعمار EGSC الذي تأسس كمنظمة هندسية غير حكومية وغير ربحية باجازة حملت رقم  1Z2281.
   اضافة الى عدد غير قليل من التجمعات والنقابات الهندسية الاقل شأنا!يذكر ان المجتمع المدني الهندسي العراقي يدين بالفخر والاعتزاز لرموز وشخصيات ديمقراطية تركت بصماتها المؤثرة على العمل النقابي والمهني والاجتماعي والاكاديمي الهندسي ومنهم لا على سبيل الحصر:جميل الملائكة،عبد الرزاق مطر،عفيف عيسى الراوي،نزار ناجي يوسف،حكمت فرحان،فراس الحمداني،نوزاد هادي،بيان ده زئي،عبد الرحمن كورده،فالح كاظم المقدادي،سلام الزوبعي،..وأخرين!
   ورغم اخطاء ونواقص ائتلاف المهندسين العراقيين(انظر:حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين/http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=37260) بقي الائتلاف ولازال الاساس الوطني والديمقراطي الحق لا لخوض الانتخابات الموعودة لنقابة المهندسين في بغداد بل لبلورة وقيادة النشاطات المطلبية الهندسية في عموم العراق.لقد تركز نكوص الائتلاف في تجاهل مواثيقه الائتلافية التشريعات الجديدة الضرورية للأنظمة الداخلية للمؤسسات المدنية الهندسية،اغفال دمقرطة الحياة الهندسية،التستر على الدور الطبقي النفعي  للتكنوقراط ،النواقص الالتزاماتية في المواثيق الائتلافية بالمضمار المهني،التستر على تصاعد النهج الروزخوني والقمعي للسلطات القائمة والتهيب من نقد المدرسة الصدامية،الوقوف صمت ابي الهول امام الاعتداءات الاجرامية للعصابات الروزخونية على المؤسسات النقابية والاكاديمية الهندسية.كان على ائتلاف المهندسين العراقيين ان يحدد المسلمات الاساسية التي قام على اساسها علنا وامام الملأ وتضمينها مواثيقه وهي:
•   المجتمع المدني الهندسي جزء فعال من المجتمع المدني الكبير يشغل المهندسون موقعهم الطبيعي فيه بالإسهام الجاد في تاريخ العراق المعاصر عبر المؤسساتية الهندسية وباقي المؤسسات المدنية،سواء كان ذلك عن طريق مهنة الهندسة ذاتها كمهندسين محترفين أو من خلال أدوارهم السياسية كمواطنين مشاركين في الشأن العام او عبر نشاطهم في الحركة الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية.المهندسون جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية والاجتماعية في بلادنا ومناضلون في سبيل الإسراع في تهيئة مستلزمات إنهاء الوجود العسكري الأجنبي واستعادة السيادة الوطنية الكاملة والعمل على التخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة!
دار .. دار ..دار
يا بابا واحنا صغار
حبينا هاي الدار
بلدنا نحبهه بكدك
ونعادي الاستعمار
    المؤسساتية المدنية الهندسية مفاعل اساسي في المقاومة السياسية والعمل السياسي لاعادة السيادة والاستقلال،وترسيخ امكانيات المؤسسات الوطنية العراقية للنهوض بها،وتوفير كل مستلزمات اجلاء القوات الأجنبية من الأراضي العراقية.ترتبط اليوم القضية الاجتماعية،كما هو الحال بالامس،بالقضية الوطنية ارتباطا وثيقا لا ينفصم!
دال الزمان فليس الشرق مزرعة
فيها غلال والبان وابقار
•   التأكيد على مبدأ التفاوض السلمي وحل المشاكل والمعضلات الوطنية بالحوار والإقناع والاقتناع ونصرة الحلول السلمية ايا كان مصدرها لدعم المصالح الوطنية للشعب العراقي،واعتبار بناء المجتمع المدني والمؤسساتية المدنية هدفا اساسيا لضمان الأمن والاستقرار،وهذا يشمل بالطبع الجمعيات والنقابات الهندسية!والتأكيد على مبدأ التصرف وفق السياسات الواقعية التي تنسجم مع اعمق مصالح شعبنا،بعيدا عن الجمل الثورية والنداءات المتطرفة التي لا تجدي نفعا.يقف المهندسون مع القوى الوطنية التي ساهمت في النضال طوال ايام المعارضة ضد الدكتاتورية،والتي لا شك في اخلاصها الوطني،يعملون كل من موقعه ووفقا لخلفيته الفكرية وامكانياته السياسية والمادية،لتقريب يوم عودة العراق الى الوضع السياسي الطبيعي والى مكانته الدولية اللائقة.المهندسون امام جولات في الصراع الاجتماعي والسياسي السلمي،وعلى اساس مصالح الناس ومن يمثلها،جولات تعيد الأمور الى نصابها وتوازناتها الصحيحة!
ليت التاريخ يستحيل نورا
يبدد غمرات الظلام
ليحمل عناكب الجهل الى بعيد
     ان مشاريع المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية تبقى تسبح في بحر الاحلام والاوهام والطوباوية مادامت تجلس فوق خازوق الطائفية السياسية والاسلام السياسي!
•   اخطر ما يواجه المؤسساتية المدنية الهندسية كحركة اجتماعية ومنظمات غير حكومية،حالها حال المؤسساتية في المجتمع المدني الكبير،هو تشبث النخب والشلل بمواقعها ومراكز نفوذها وعملها على  تخليد هذه المراكز وتحويل المؤسساتية الى مكسب أو ملك شخصي،اي تحويلها الى مؤسسات شخصية لتجميع الأتباع والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات،او محاولة تأجيل الانتخابات بحجة الاوضاع الامنية المعقدة والتذرع بالانفلات الامني!،أو إجراء الانتخابات الشكلية لتجديد الثقة في ظل الأوضاع الاستثنائية،وغياب الشفافية وضعفها..وبالتالي اعادة انتاج البيروقراطية الادارية- الحرس القديم لتبوء مقاليد ادارتها الامر الذي يهدد جاهزيتها الفكرية والتعبوية بالمنافسات غير الشريفة بين الأفراد الذين يتربعون على قمتها،والمنظمات والقيادات الأخرى التي تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالبا ما يكون طابعها شخصيا!
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يبدل الله من حال الى حال
•   من المخاطر المتوقعة أن المؤسساتية المدنية الهندسية تتحول الى جزء من الآلة السياسية،همها ليس الدفاع عن حقوق المهندسين أو العمل التنموي واغاثة المهجرين وعوائل الشهداء،ولكن دعم السلطات الحاكمة وموالاتها،بل أن المؤسساتية المدنية الهندسية قد تنقسم إلى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة،كل منها يناور من أجل الحصول عل المزيد من المنافع،والأسوأ من ذلك أن تصبح هذه المنظمات بمثابة دمى في أيدي الدول والمؤسسات المانحة،لتحقيق أهداف تتعارض وتتناقض مع مهامها وأهدافها.من الانتقادات أيضا الموجهة للمؤسساتية المدنية الهندسية،هي اتخاذها من المنظمات غطاء ووسيلة لجمع المال!
•   ليس العمل النقابي الهندسي مجرد حق ديمقراطي يتيح للمهندسين ادارة شؤونهم وأموالهم،لكنه ضمانة ضرورية ايضا لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الشعب العراقي ودعم التنمية البشرية المستدامة الموعودة،وأداة المهندسين في لعب هذه الدور هي نقاباتهم المستقلة الديمقراطية والحرة.تعتبر منظمات المجتمع المدني مكون أساس للديمقراطية وضمانة هامة للحريات الأساسية تسهم في تفعيل مشاركة الناس في تقرير شؤونهم وإشاعة وترسيخ ثقافة وقيم المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان وفي توحيد وتمتين الوحدة الوطنية،وممارسة دورها في رقابة عمل الدولة والكشف عن مظاهر الخلل والفساد في الإدارة العامة وترشيد عملها، كما انها شريك أساس في عملية التنمية المستدامة!
•   تؤكد التجربة أن الحكومات لا تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات،والضغوط الخارجية وحدها لا تدفع السلطات الا لتقديم التنازلات الشكلية،والمشاريع التي جرى ويجري دراستها وطبخها اليوم في بلادنا هي في أحسن الأحوال محاولات ترقيعية!
•   يسهم التعمد في وضع المنظمات الهندسية غير الحكومية في مواجهة الحركة الهندسية النقابية والاجتماعية والفصل المصطنع بين الأنشطة السياسية والثقافية والهندسية في تذليل الدرب لإذابة المهندس في الجسم السياسي الحاكم أو دمجه بالنشاط الإنتاجي اليدوي ليبتذل ويفقد استقلاليته او لتدني الثقافة الهندسية العلمية كونها سلطة معرفية وفقدان الاستقلالية الهندسية والتبسيط الجامد لإشكاليات الوسط الهندسي،وحتى للسباحة في احلام الرأسمالية الجديدة والتستر على الدور الطبقي النفعي  للتكنوقراط والتعمد في اطالة عمر القوانين والانظمة الداخلية النقابية والمهنية والعلمية الهندسية القائمة منذ العهد الدكتاتوري،ولأشاعة ثقافة الجماعات الضاغطة – اللوبيات التي تنتشر كالعفن في كل الوزارات الحكومية لتؤدي دور المفاتيح في الدولة العراقية والمجتمع تسرق الأموال وتسلب بطرق شتى وتنشر الفساد وتعشعش في مقرات الاحزاب السياسية واتحادات رجال الاعمال والصناعيين والغرف التجارية لتوزع بركاتها وصدقاتها السرطانية!وكأنها تسترجع خيوط ذكرياتها المرة وتحن لعهود كانت هذه الجماعات تنعم فيها ببركات واكراميات بطل الحواسم،والبعض الآخر يغازله بعد توقيع صكوك الغفران (البراءات)!.
انظر عبر الشعب تدرك الحقيقة
•   الروزخونية تعني التبريرية والسفسطائية والخطابات الانشائية الفضفاضة الفارغة وادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط التنموي،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن التحريم والتكفير والاتهام بالهرطقة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشاريع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول!والالحاح على الولاء لولاية الفقيه واشاعة المحافظة في الحياة السياسية ورفع شعار اصمت وكن مع مشروعي والا(فستكون من الكافرين)سيئة الصيت!نشاط الاصوليات الرجعية المتطرفة التي تؤمن بالقتل والتدمير تحت حجة الجهاد في سبيل الله،ولا تتورع في قتل الادباء والاطباء والمهندسين والمفكرين والضباط والصحفيين،الاطفال والشيوخ والنساء ورجال الدين والابرياء قرابينا،وتستخدم التكنولوجيا المتقدمة والسلاح وتمتلك المصادر التمويلية الغنية والانفاق السخي والخبرة الاعلانية،وتهيمن عرفيا في مناطقها الجغرافية!فالروزخونية تعني الارتقاء المستمر للعشائرية الاجتماعية الطائفية مع انهيار نظام الخدمات الاجتماعية للدولة بسبب الحروب الكارثية والعقوبات الدولية ونهوض الولاءات العصبوية واحياء الدواوين العشائرية- الطائفية واعادة الأراضي لاقطاعيي رجال الدين وآيات الله والاغوات والشيوخ القدامى- الجدد،للمتعاونين ذوي العشائر الكبيرة والصغيرة.وتجري قنونة القيم العشائرية الطائفية الجديدة لتتحول الى براغماتية الطابع والمضمون منافية للعقل واكثر اثارة للدولة العراقية والقطاع العام لأنها حملت وتحمل جنين التدمير الشامل للدولة.الروزخونية نهج يضر بالقيم الوطنية ويستهدف تمزيق لحمة النسيج الاجتماعي العراقي.وتتحول العشائر الطائفية الى مجموعات ضغط قرابية على طريقة العرابية واللوبية أي العصابات والمافيات امتزجت بالتقاليد والاعراف القديمة لخلق البلبلة العشائرية بديلا لتوازن القوى العشائري التقليدي والبلبلة الطائفية.وتتقاطع التقاليد العشائرية الطائفية مع الاعراف العشائرية التقليدية،وتزرع الأولى الفاشية الجديدة والثانية- عبارة عن تشاورية ديمقراطية ومصالح مشتركة رغم كونها ديمقراطية هرطقة بدائية و ساذجة،وتبقى نقطة التقاطع براغماتية!العمل الهندسي المدني والروزخونية على طرفي نقيض بالكامل.الصدامية و الروزخونية وجهان لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية.الروزخونية تفرضها الطبقات الرجعية على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات المتوقعة والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب او الشعوب ثمنها من دماءها الغالية وتتحمل اعباءها المادية الغالية.الروزخونية ثقافة مسالمة المظهر عدوانية الجوهر وحمقاء تستخف بالثقافات الانسانية والمؤسساتية المدنية والمشاريع الديمقراطية الحقة للانتقال من مفهوم الانتماء الى العشيرة،الطائفة،الدين،العرق،الى الانتماء الى الوطن!لا تنسجم مصالح المهندسين مع الروزخونية!
Those who live in glass houses shoud not throw stones
•   الثقافتان القومية البائسة والطائفية اليائسة اسهمتا معا في اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش،وإحتقار المثقف،ثقافة الفساد وآليات إنتاجه،ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة،ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع،ثقافة وديمقراطية الولاءات دون الوطنية،ثقافة وديمقراطية"حاضر سيدي ومولاي"،ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة،الثقافة التوتاليتارية الشمولية،الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية والممهدة للثقافة الفاشية!ثقافة الموت والقبور،ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظم تعود بجذورها الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات،فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام.انها ثقافة عقدة الفرق الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان،ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والتآمر والاغتيال والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام،ثقافة الانتقام والقمع!.ومهما اختلفت اسماء الاحزاب والجماعات والميليشيات القومية والطائفية وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم!لا تنسجم مصالح المهندسين مع الثقافتين القومية البائسة والطائفية اليائسة!
•   الربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي يعني توظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير،والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية!
•   لا تنسجم مصالح المهندسين مع سمسرة الفئات البورجوازية الطفيلية التي نمت بعد سقوط النظام السابق والتي هي امتداد لتلك التي كانت قد ترعرت في كنفه،وتقوم بعض شرائحها بدور حلقة الوصل بين أقسام من الرأسمال الدولي في الخارج وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الانتاجية وانتشار الفساد الاقتصادي الواسع واعمال السلب والنهب في الداخل.والطفيلية لم تقتصر على القطاع الخاص أو النشاط الخاص،بل امتدت الى قطاع الدولة،لأنها مرتبطة بالشرائح المختلفة للبورجوازية!
قلت: املك من القوة ما تكفي
ولكن الأفكار اختفت كالسحر
عمت الرشوة
كل أرجاء الوطن
قل لي من أين لك الذهب والفضة؟
من أين أتيت بها؟
---------------------------------
ولكن سيأتي يوم تتحول السجون لكم
لتتعفن أجسادكم فيها !
•   لا تنسجم مصالح المهندسين مع الابقاء على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ القرارات المصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!وتبرير الاستيراد التجاري المشوه وسياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة واستخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته،تدهور اوضاع الفلاحين والطبقة العاملة العراقية ليتحول الفساد الى وباء مستشري ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها الى جانب القطاع الخاص!أحوال التعليم السيئة والتي تكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد،التفاف طوق الاضطهاد على عنق المرأة من المنزل الى الشارع والمدرسة ومكان العمل،دخول قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق،احزمة الفقر تطوق مدن العراق،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة!.لا تنسجم مصالح المهندسين كونهم كفاءات علمية انتاجية مثقفة واعية ومعالم في الثورة العلمية التكنولوجية والانبعاث ألمعلوماتي المتدفق مع سياسة زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين،واطلاق حرية السوق ودعوات الخصخصة،واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد،وافقار الشعب،والغاء دور الطبقة الوسطى،وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور.لا تنسجم مصالح المهندسين مع الاستثمار المفرط في القطاع الخدمي بحكم دافع الربح السريع والعائد الاكبر والانغماس في عمليات النهب والفساد لأن الخدمات لا تخلق الثروات بل تدمرها.ولا يحقق القطاع الخدمي سوى اقل القليل من خلق فرص العمل في بلادنا التي تعاني من البطالة الحادة،خاصة بين الشباب.
•   لا تنسجم مصالح المهندسين مع اشاعة مفهوم"اعادة الاعمار"الذي روجت له سلطة الاحتلال كمفهوم هندسي خال من اية مضامين اجتماعية- اقتصادية،بدلا عن مفهوم التنمية الاقتصادية.ويحاول الاقتصاد الليبرالي تجريد مفاهيم التنمية البشرية والتنمية المستدامة من مضامينها التقدمية والديمقراطية الحقة،مثلما حاول الفكر البورجوازي في الحقبة السابقة طرح مفاهيم التخطيط والبرمجة والاعمار واعادة الاعمار والتنمية خارج السياق الاجتمااقتصادي والخارطة الطبقية.وكعادتهم يحاول دهاقنة الرأسمالية القديمة والجديدة اكساب هذه المفاهيم،بما فيها التنميتين المستدامة والبشرية،الطابع المثالي والارادوي لخدمة قيم المشروع الحر والمنافسة في سبيل اقصى الارباح،القيم المتسترة بستار الحضارة الغربية كانعكاس للانهيار الاخلاقي التام بسبب الازمات البنيوية المستمرة وقبول الاخلاق الرأسمالية على علاتها ووحشيتها وقسوتها واستبدادها!
تتركز مطالب المهندسين العراقيين اليوم على :
   تعديل سلم الرواتب وصرف المخصصات الهندسية واحياء برامج التعليم المستديم وتدريب وتأهيل المهندسين!وتشريع مراسيم احتساب تعويض الاختصاص وتعويض طبيعة العمل والتعويضات الأخرى على أساس آخر راتب!
   ضمان مستقبل المهندس اجتماعيا والتأمين الصحي له ولعائلته.
   الموازنة العادلة بين أجور المهندسين العاملين باجر لدى الشركات الأهلية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية وأجور المهندسين العاملين في المؤسسات الحكومية واجور المهندسين العاملين في هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية الرديفة!
   تأهيل المكاتب الهندسية الحكومية وتنمية قدراتها لمنافسة المكاتب الهندسية الاهلية الوطنية والاجنبية والتابعة للامم المتحدة!
   تقوية عرى التنسيق بين اللجان النقابية الهندسية والوحدات الهندسية في مواقع العمل،فالعمل الهندسي له خصوصية من حيث نوعية الأعمال والجهود الذهنية المبذولة،الا إن ذلك لا يعني عدم التأثر بالواقع العام وإيقاع الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد!
   اعادة النظر بشركات التمويل الذاتي او نظم ادارة الشركات على أسس تجارية وفق  قانون رقم 22 لسنة 1997 - الاجراء الطوباوي الذي سعى لتجسيد اللامركزية واستحصال القدر الأكبر من الأستقلالية المالية والإدارية وسط الفوضى العارمة وتفاقم الأزمة العامة للاقتصاد العراقي الا انه تحول الى آلية للتهريب المنظم القانوني نحو الخارج ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق ولأن النظم الوليدة احتاجت أصلا الى التكامل المرن والتنظيم والدقة دليلها القطاع العام نفسه لمحاصرة وتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الضيق!
   اعادة العمل بالتعيين المركزي عبر الجهاز المركزي للأحصاء لأمتصاص الاعداد المتزايدة من البطالة!
   صرف المخصصات التقاعدية لمهندسي الانصار- البيشمركة والمعارضة الوطنية ابان العهد الدكتاتوري،ودعم المهندسين الأكفاء والمخلصين والوطنيين وأصحاب السمعة الجيدة!
   معالجة فوضى عمل المكاتب الاستشارية ومكاتب الخبرة الهندسية وفوضى تصنيف الخدمات الاستشارية!
   مناهضة شبكات الدراسات الاستشارية التي تروج لبرامج المؤسسات الدولية في الخصخصة والتحول الى الاقتصاد الحر واقتصاد السوق وتحرير التجارة ودمج الاقتصاديات الوطنية بالاقتصاد العالمي وشبكة المعاملات المالية الدولية من دون اعتبار للمصلحة الوطنية!
   ضمان حقوق المرأة المهندسة ومساواتها بأخيها المهندس في الأجر وأوقات العمل وحقوق العمل وتبوء المراكز القيادية النقابية!
   المعالجة السريعة لتقادم تشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996!
   المعالجة السريعة لتقادم تشريعات نقابة المهندسين العراقية!
   المعالجة السريعة لتقادم قوانين وتشريعات المركز القومي للاستشارات الهندسية رقم 6 لسنة 1990 ومركز الادريسي رقم 7 لسنة 1990 ومركز الاستشارات الهندسية رقم 63 لسنة 1987 وقانون المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم 64 لسنة 1979!
   المعالجة السريعة لتقادم التشريعات والأنظمة الداخلية لقطاع المقاولات العراقية،ومنها لا على سبيل الحصر قوانين شركات المقاولات رقم 66 لسنة 1987  واتحاد المقاولين العراقيين رقم 59 لسنة 1984 والأنظمة الداخلية للعشرات من شركات المقاولات وقانون تسجيل المقاولين العراقيين لسنة 1992 وتعديلاتها والتشريعات ذات العلاقة مثل قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم 34 لسنة 2002 وأنظمة اتحاد الغرف التجارية وما يسمى باتحادات رجال الأعمال!
   المطالبة بتضمين الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 لأن المواد 36 و 43 اقترنت باشتراطات قابلة للتأويل وتسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل،وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية!
   المطالبة بتضمين الدستور العراقي الجديد اقرارا لا لبس فيه للشرعية الدولية لحقوق الانسان اي احياء المادة 44 الملغاة من مسودة الدستور قبل اقراره!
   الغاء مفعول قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين ووزارة التعليم العالي ذات العلاقة،التي لا تميز بين المهندس(engineer)والتقني( technologistأو technical)!والغاء مفعول قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين التي تنظم انتقال المهندسين بين منشأت القطاعات الاقتصادية ولصالح تقوية الانتقال من القطاع العام الى القطاعات الاقتصادية الاخرى!
   معالجة فوضى العمل الهندسي في القطاعات العامة والمختلطة والخاصة والتعاونية وقطاع الأعمال الخيرية والمنظمات غير الحكوميـةN.G.O.s  وكذلك ميادين الهندسة الزراعية والمهن الهندسية الفنية والتعليم الهندسي الجامعي والهندسة العسكرية والفنية العسكرية!
   تفعيل دور المؤسسة المدنية الهندسية في وضع برامج البحث العلمي!
   الغاء القرارات الاستبدادية التالية:
1.   قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية...
2.   قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات...
3.   القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية..
4.   قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..
5.   قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية..
حيثما تكون الجهالة نعيما
من الحماقة ان تكون حكيما
Where   ignorance is bliss,”tis folly to be wise
   التمسك ب"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية"المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات..الخ.
انني لا اغضب من هؤلاء
لأن بركان جوفي
يأتي من الأعماق
   وخلال الشعر يمر
للجياع يتحول الى الخبز
وللبكاء ضحكا
وللأعداء بكاءا


يمكن مراجعة دراساتنا -
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟
•   اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق
•   القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق
•   العمل الاستشاري الهندسي ودعم الاعمار في العراق
•   نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان
•   الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
•   المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية
•   المجتمع المدني في كردستان العراق
•   آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية
•   منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء
•   تأجيل الأنتخابات النقابية الهندسية في العراق .. من المستفيد ولمصلحة من ؟
•   جمعية المهندسين العراقية  ... مرآة صادقة للنخبوية الضيقة والشلل المهني
•   حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين
•   نقابة المهندسين العراقية...الى اين ؟
•   العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان
•   المهندس الديمقراطي العراقي  وحق العمل النقابي الحر
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق 1-2-3
•   المهندس العراقي والطائفية السياسية
•   ثقافات الجوهر المتماثل والمظهر المختلف
•   اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف
•   المؤسسة المدنية الهندسية في العراق
•   شهداء مهندسون ابطال
•   عميد الهندسة العراقية الدكتور المهندس جميل الملائكة – وداعا
•   المهندس والقائمة العراقية الوطنية
•   تصاعد وتيرة الحركة المطلبية في عراق الخير والمحبة والسلام!

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


28/2/2008

187
القاعدة الروزخونية للعملية التربوية والتعليمية في العراق

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
خفف النهب ما أظن ثراء البعض
الا  من جهد  باقي  العباد
لطف  النقد  يافؤادي  رويدا
وبرفق على رجال الفساد
فرجال   الفساد  كانوا رفاقا
في نضال واخوة  في  جهاد
سوف يبقى  جني  الحرام دفينا
في الصناديق أو بنوك الأعادي
  الروزخونية تعني التبريرية والسفسطائية والخطابات الانشائية الفضفاضة الفارغة وادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط التربوي،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن التحريم والتكفير والاتهام بالهرطقة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشاريع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول!والالحاح على الولاء لولاية الفقيه واشاعة المحافظة في الحياة السياسية ورفع شعار اصمت وكن مع مشروعي والا(فستكون من الكافرين)سيئة الصيت!نشاط الاصوليات الرجعية المتطرفة التي تؤمن بالقتل والتدمير تحت حجة الجهاد في سبيل الله،ولا تتورع في قتل الادباء والاطباء والمهندسين والمفكرين والضباط والصحفيين،الاطفال والشيوخ والنساء ورجال الدين والابرياء قرابينا،وتستخدم التكنولوجيا المتقدمة والسلاح وتمتلك المصادر التمويلية الغنية والانفاق السخي والخبرة الاعلانية،وتهيمن عرفيا في مناطقها الجغرافية!فالروزخونية تعني الارتقاء المستمر للعشائرية الاجتماعية الطائفية مع انهيار نظام الخدمات الاجتماعية للدولة بسبب الحروب الكارثية والعقوبات الدولية ونهوض الولاءات العصبوية واحياء الدواوين العشائرية- الطائفية واعادة الأراضي لاقطاعيي رجال الدين وآيات الله والاغوات والشيوخ القدامى- الجدد،للمتعاونين ذوي العشائر الكبيرة والصغيرة.وراكمت وتراكم المشايخ الطائفية المقاطعات الواسعة لتبني جيوشها الخاصة وتحفظ الامن في أريافها ومدنها وحاراتها وضيعاتها..وتجري قنونة القيم العشائرية الطائفية الجديدة لتتحول الى براغماتية الطابع والمضمون منافية للعقل واكثر اثارة للدولة العراقية والقطاع العام لأنها حملت وتحمل جنين التدمير الشامل للدولة.الروزخونية نهج يضر بالقيم الوطنية ويستهدف تمزيق لحمة النسيج الاجتماعي العراقي..وتتحول العشائر الطائفية الى مجموعات ضغط قرابية على طريقة العرابية واللوبية أي العصابات والمافيات امتزجت بالتقاليد والاعراف القديمة لخلق البلبلة العشائرية بديلا لتوازن القوى العشائري التقليدي والبلبلة الطائفية..وتتقاطع التقاليد العشائرية الطائفية مع الاعراف العشائرية التقليدية،وتزرع الأولى الفاشية الجديدة والثانية- عبارة عن تشاورية ديمقراطية ومصالح مشتركة رغم كونها ديمقراطية هرطقة بدائية و ساذجة،وتبقى نقطة التقاطع براغماتية!
   النتيجة كانت تحول الفساد اليوم الى وباء مستشري ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها الى جانب القطاع الخاص!وأحوال التعليم تكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد.وتدفع المرأة العراقية الثمن مضاعفا بسبب ما يجري في العراق اليوم فطوق الاضطهاد يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل!ودخلت قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق!العراق،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة!
   تعبر التربية عن التنشئة الاجتماعية للفتوة والشبيبة واشاعة قيم تهذيب التفكير ورسم انماط سلوكيات التوازن الاجتماعي لمزيد من التفاعل البناء بين المواطن ومضمون التنمية والتخطيط والاعمار.وتستمد الاصول الاجتماعية للتربية من المعتقدات السائدة من قيم ومثل عليا واعراف موروثة ومن التفاعل الحضاري،وتستهدف اشاعة السلام الاجتماعي والتآلف والاستقلالية الشخصية وزرع الثقة في النفس لأكتساب الخبرات الاجتماعية نحو النمو المضطرد السليم والتنمية المستدامة.الثقافة دون وعاء تربوي وموجهات تربوية مضمون راكد وقيم لا معنى لها،وتبقى التربية دون مشروع ثقافي مفهوم فارغ!..العمل التربوي والروزخونية على طرفي نقيض لأن الشعب العراقي يعيش مرحلة صعبة ومعقدة للغاية في تاريخه الحديث،مرحلة تتميز بغيبوبة العقل المديدة وتراجع الوعي الاجتماعي الفردي والمجتمعي وتخلف الوعي الديني وسلب الإرادة الحرة والواعية لدى نسبة عالية من أفراد المجتمع العراقي،وبخاصة بين أتباع الأحزاب السياسية الإسلامية ذات الوجهة المذهبية المتزمتة والطائفية والتي تتعامل مع الواقع العراقي على أساس طائفي سياسي وتمارس التمييز في المواطنة،وبالتالي تساهم هذه القوى في دعم فعلي لقوى الإرهاب الناشطة في العراق،شاءت ذلك أم أبت.
   عانت العملية التربوية التعليمية في بلادنا من تأثيرات القادسيات الكارثية منذ عام 1980 والحصار الاقتصادي والنهج الروزخوني،المناهج التدريسية التي تركز على النصوصية لا تنمية القدرات التفكيرية،سوء الأوضاع الأمنية والخدماتية بحيث لا تصلح بعض المدارس أن تكون حتى سكنا للبهائم،النقص الحاد بالكتب والقرطاسية،بقاء المناهج الصدامية محافظة على جوهرها المخادع التضليلي بعد ان خلعت رداءها القومي ولبست الرداء الطائفي النتن،مواصلة التعليم في بلادنا العمل على قاعدة الربحية بعد ان بات التعليم المجاني الحر في خبر كان عبر الرسوم التعجيزية على كل المستويات،وتشكل المصاريف الجديدة عبئا ثقيلا على أكتاف الفقراء والمعدمين!.الوضع التربوي الدراسي مشوب بالمخاطر والانفلات الامني والمزايدات والطائفيات والعنصريات والجهويات الفئوية الضيقة والمناهج الدراسية الروزخونية المشوشة والمغلقة غبر القابلة للتطور والعطاء والموضوعية وقبول الافكار العلمية والجدل العلمي.الوضع الدراسي مشوب بالمؤسسات والمعلمين والمدرسين والاساتذة والطلاب الذين يصفقون و يهرجون للمشروع الطائفي واساليب العنف والتهديد والابتزاز والفكر الرجعي.تعاني العملية التربوية والتعليمية في بلادنا من شعور قطاعات واسعة من الشبيبة بالاحباط وفقدان الامل وضعف الانتماء الوطني وتأثر بعض المجموعات بالاطروحات الطائفية،انتشار البطالة بشكل واسع،تنوع الاتحادات و المنظمات الشبابية والطلابية وارتباط بعضها بالاحزاب السياسية ذات الطابع الطائفي و القومي واعتمادها اسلوب الاغراء(المادي و المعنوي)لكسب الاعضاء،الهجرة الواسعة خارج الوطن بحثا عن فرص عمل أفضل أو عن الامان او عن كليهما،تدهور واقع الخدمات والامن والمستوى الاقتصادي وما ادى اليه من انكفاء الشبيبة والطلبة واثقالهم بهموم الحياة اليومية وتفاصيلها المعقدة على حساب الهم العام والنضال المطلبي اليومي،تدهور مستوى التعليم وتخلف المناهج الدراسية وطرق التدريس وعدم وجود أفق واضح ومشجع للخريجين،استفحال ازمة المرأة العراقية.
   ان اسباب صعود نجم الروزخونية كالطائفية السياسية والثقافة الطائفية هي:ضعف الدولة في ادارة مؤسساتها مع غياب القانون،ضعف قوى اليسار والعلمانية في الساحة السياسية كونهم هم المحور الأساس لمجابهة الروزخونية والمؤسسات الطائفية ويمتلكون الحس الوطني والثقافي في توعية أبناء الشعب،ضعف المؤسسات الديمقراطية في توعية المواطن ثقافيا وأجتماعيا،اصطفاف اليمين القومي مع قادة الطائفية من أجل ترسيخ مصالحهم،دعم قوى المصالح الدولية الكبرى محاربة القوى الديمقراطية التي تمثل صراع الكادحين في سبيل حقوقهم،تحويل الصراع الطبقي في المجتمع الى صراع طائفي،تهميش وتحويل حقوق الانسان في بلادنا الى حقوق للطائفيات والاثنيات،تقوية ودعم دول المنطقة في التدخل بشؤون البلاد الداخلية.ومنذ سقوط نظام البعث ولحد يومنا هذا كانت لاحزاب الطائفية الاسلامية اليد الطولى على الدولة وعلى الشارع،وهي تسيطر على اهم الوزارات وعلى الامور المالية والادارية والعسكرية،وتقترح القوانين وتشرعها وتجيزها،وبدون الاغلبية البرلمانية الاسلامية لا يمكن لقانون ان يمر ويأخذ طريقه الى التنفيذ.
    تتمحور الروزخونية اليوم في محاولات كبح جماح الثقافة الوطنية والديمقراطية- الحاضنة لكل التيارات القادرة على بلورة الهوية العراقية الوطنية،وتهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى،والرهان المستمر على المرجعيات الطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني لا على قدرات النخب الثقافية الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية في مجال صياغة الأفكار وانتاج التصورات لاثراء الحوار حول كبريات القضايا التي تواجه بلادنا،والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل والتصدي لمحاولات تأطير المجتمع دينيا..تتمحور الروزخونية اليوم في الحط من السمعة العلمية والأكاديمية للجامعة العراقية والمؤسسات الاكاديمية ومؤسسات البحث العلمي كونها مؤسسات حضارية مفتوحة لا يجوز تقييدها بانتماء عقائدي أو آيديولوجي أو أي غطاء آخر.تتمحور الروزخونية اليوم في محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية التي ابتدأت بالجريمة الأساس في حرق المكتبة الوطنية- الذاكرة العلمية للشعب ومصدره في البحث العلمي ومثلها كل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث ليباع العراق الانسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي،وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية،وليجر تجاهل الصيغ والتشريعات القانونية التي تكفل حرية الثقافة والابداع في محاولات اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده- العمل الخطيرالذي ينذر بالكارثة المحدقة لصالح تسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم،وفي السعي للابتلاع الحكومي لوسائل الأعلام.تجد الروزخونية المرتع الخصب والحاضن الاساسي لها في مخلفات البعث والدكتاتورية البائدة وعصابات الاجرام المنظم والميليشيات الطائفية،وليس غريبا ان نجد وزارات الثقافة والتربية والتعليم العالي اليوم تعج بالموتورين من الحثالات الثقافية - القطاعات الثقاقية المنبوذة او المتساقطة في معمعانة الصراع الثقافي حامي الوطيس.الروزخونية هي ثقافة الخداع الدائم والشقاوة الابدية وثقافة الرايات السوداء والملابس السوداء والبكاء على الأموات والاطلال واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات واسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات.الروزخونية هي اشاعة مشاريع الجهاد(احتراف القتل)الى مالا نهاية.الروزخونية – شعوذة المخصيين!
    يعكس الوضع الطبقي والاجتماعي في بلادنا والأوضاع الاستثنائية التي مرت بها طيلة العقود المنصرمة الطابع الهش للتمايز الطبقي والتشوه الاجتماعي العام في الوقت الذي تحاول فيه البورجوازية الصغيرة استعادة دورها الأساسي كقوة محركة للمرحلة الوطنية الديمقراطية نحو التطور الرأسمالي الوطني والتشبث بأذيال الشرائح البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي رهنت مصيرها بالاستثمارات الأجنبية والمصالح الغربية.ولازالت الطبقة الوسطى الحديثة تراوح في مكانها بسبب محدودية الرواتب الحكومية،وضعف وزن الدولة لأنها تفتقر اصلا الى المصادر المستقلة للدخل،وتبقى البنى الاجتماعية في بلادنا متخلفة ومتداخلة وجنينية..ان الفئات البورجوازية الطفيلية التي نمت بعد سقوط النظام السابق هي امتداد لتلك التي كانت قد ترعرت في كنفه،وتقوم بعض شرائحها بدور حلقة الوصل بين أقسام من الرأسمال الدولي في الخارج وبين عمليات تفكيك وتصفية ركائز العمليات الانتاجية وانتشار الفساد الاقتصادي الواسع واعمال السلب والنهب في الداخل.والطفيلية لم تقتصر على القطاع الخاص أو النشاط الخاص،بل امتدت الى قطاع الدولة،لأنها مرتبطة بالشرائح المختلفة للبورجوازية.
    لازالت البنى  السياسية السائدة تحت ضغط متواصل من التكوينات الاجتماعية التقليدية الروزخونية الطابع أي المؤسستين العشائرية والطائفية التي وسمت الادارات الحكومية بالعصبية والنظرة الاجتماعية التي لا تعطي وزنا للمعرفة والتحضر والتمدن والعاملين في المهن الصناعية..وامتلكت الكيانات التقليدية قدرات الانبعاث والتكيف وتحويل الادارات الحكومية والتأسيس الأهلي- المدني الى حاضنة لتفريخ القيم الروزخونية البالية وتكريسها لتنتعش صنوف السلوك العصبوي في المنعطفات السياسية الارتدادية وليجر نفخ بوق الموروثات العتيقة التي تحابي الركود من باب الاستقواء على الخصوم وتوفير الأمان النسبي وإيجاد الأطر الاجتماعية للحماية وصيانة المصالح وسط فوضى القيم وانعدام القيم البديلة الأمر الذي شجع على توسع الميل نحو الكسب الضيق الفردي والانتهازية المقيتة والنزعات الاستهلاكية والميكافيلية والانحرافات الاجتماعية.كما انتعشت مظاهر التبعيث الطائفي والتطييف البعثي مع مظاهر فوضى القيم السياسية – الاجتماعية ليجر تحفيز الزمر البعثية الشيعية والزمر الشيعية ذات الممارسات البعثية مثلا كي تشغل شواغر وفتوقات العملية السياسية الجارية اليوم!هكذا تتسع الفجوة بين مشروع غربنة العشائرياتية الطوائفية وحقيقة ظهور العشائر الطائفية الجديدة..وتشهد بلادنا الالتهام العشائري الطائفي القذر والنهم للمؤسساتية المدنية والحكومية..وانتشرت ظاهرة(الحزب- العشيرة- الطائفة)الموحدة وظاهرة(العشيرة- الطائفة- القومية).ومع الزمن يقوى عود الرديف الذي يدعم الزعامات القبلية والطائفية برفضها الانصياع للقانون وهو الشرائح الطفيلية التي تثرى بسرعة كبيرة عن طريق استغلال السلطة وممارسة النشاطات الاقتصادية غير المشروعة كالتهريب ونهب المال العام وتعاطي الرشوة والصفقات غير القانونية،والانبطاح امام شراهة الأجنبي  ورساميله،وممارسة اللعب القديمة- الجديدة.وفي كل الأحوال تستأثر البورجوازية الكومبرادورية والاقطاعية والطفيلية العراقية،بحصيلة الموروثات القديمة للمناورة وتكريس الهيمنة وتفعيل العلاقات التجارية…..ان مصلحة المرجعيات والاحزاب المتاسلمة – المتشيعة،لا تلتقي مع المثل الشيعية،ولا مع مصلحة الطائفة او مصلحة المسلمين عامة،فهي اكثر التصاقا بمصلحة المحتل واهدافه العلنية والمكشوفة والمستورة.
     تحت خيمة الروزخونية يسرق مسؤولو ومفاتيح الدولة العراقية ووجهاء المجتمع ونخبه السياسية الأموال ويسلبون بطرق شتى:الرشوة وسرقة الموارد مثل النفط وتهريبه وعقد الصفقات الغريبة العجيبة المريبة بمبالغ خيالية لمواد مستهلكة،الأعلان عن أنجاز مشاريع كبيرة لأبناء العراق لنكتشف بعدها أنها كانت وهمية ذهبت أموالها أدراج الرياح،المزيد من تعميم الفساد،المزيد من الارهاب.الفساد الإداري والفساد عموما  يشكل الوجه الآخر للإرهاب من تفجير وقتل وخطف،لأنه ينهش إقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الإنسان ويخرب حياته.وتحاول الروزخونية الهيمنة على الحركة الانتخابية داخل المؤسسات الحكومية والاهلية وعموم المؤسسات المدنية والاحزاب السياسية والعمل البرلماني عبر الانفاق الباذخ على الحملات الانتخابية والشعائر الحسينية في عاشوراء وبدعم مكشوف من الحكام الطغاة في قم وطهران مما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص،كما تسعى الروزخونية عبر الولاءات دون الوطنية الى شراء الذمم والمقاعد لتأمين النفوذ مما يوسع من وهن الاحزاب والمجتمع المدني والطبقة الوسطى.الولاءات دون الوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية اي الوشائج الاصطفائية العصبوية هي الوسيلة والاداة والاسلوب الاكثر شيوعا وامنا اليوم لرفد الروزخونية بمصادر قوتها عبر نشر الاموال القذرة وغسيلها،وبالاخص المال السياسي القذر!انها تنشط كأخطبوط وسرطان قاتل تحت حماية الاحزاب – الميليشيات ومفاتبح السلطات الطائفية ولخدمة الانظمة الاقليمية في المنطقة وفي سبيل الكوسموسوقية السلعية(السوق الكونية)لأبتلاع الدولة والمجتمع المدني معا!.يقتح مسؤولو ومفاتيح الدولة العراقية ووجهاء المجتمع حساباتهم في البنوك الاجنبية وينمون ارصدتهم ويشيدون قصورهم الفارهة في العواصم الغربية بتشجيع من الادارة الاميركية وكوكتيل المخابرات الاجنبية والعربية والفارسية،انهم يسرقون اموال الشعب العراقي على طريقة صدام حسين وخميني واسامة بن لاذن.   
   الروزخونية تربية وثقافة مسالمة المظهر عدوانية الجوهر وحمقاء شمطاء تستخف بالثقافات الانسانية والمؤسساتية المدنية والمشاريع الديمقراطية الحقة للانتقال من مفهوم الانتماء الى العشيرة،الطائفة،الدين،العرق،الى الانتماء الى الوطن.وتبقى النغمات الطائفية كوباء الطاعون سرطانية الرؤى لأنها هدم للتقليد.وتستمد  الطائفية السياسية عزيمتها من هزال الاداء الحكومي والتخبط السياسي،والفساد والولاءات الاجتماعية دون الوطنية القروسطية،والجهل والامية وانتشار مظاهر الشعوذة والبدع اللااسلامية واللاحضارية والطقوس ذات الطبيعة السادية،وارهاب وتخريب القوى الظلامية والبعثية الذي ولد ويولد اللااستقرارية والتطرف في المجتمع العراقي،وفتح الفخذين للدعم المخابراتي اللوجستي الايراني – السوري والمتخذ الابعاد الكارثية والقذرة،والاحتلال الاميركي.تدافع الروزخونية عن الطائفية والمحاصصات الطائفية والعصابات الطائقية،كأي طبل فارغ يتعامل مع جسد ميت!والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية العراقية اليوم هي مثل المومياءات القادمة من عصور ما قبل التاريخ مالئة الحواضر بالعفن الذي ينز من كل مسامها!
    ان عودة الوعي الى المعلم والمربي والتربوي والمثقف الذي سلبته السلطات القائمة من حرياته واستسلم لها بداعي عدم تيسر منافذ اخرى له لا تكمن في الخروج من قوقعة الهموم الذاتية الرومانسية فحسب بل في الانضمام الى فيالق المناضلين في سبيل فضح ومقاومة البدع والمزاعم والاكاذيب والدجل الروزخوني والعودة الى عالم الحياة والواقع الموضوعي.ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر الانساني والبشري الذاتي!الصدامية والروزخونية وجهان لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية.
    لا يكمن الخلاص في اتباع النظام الحازم القائم على اسس موضوعية ونفسية سليمة لدفع العملية التربوية والتعليمية في بلادنا الى الامام ولا في طمأنة التدريسيين المجتمع انهم قادرون على تنمية شخصية طلابهم وتوافقهم المدرسي بل في اصلاح النظام السياسي الراهن!الانظمة الطائفية الروزخونية القائمة جمدت شعار"قف للمعلم وفه التبجيلا   كاد المعلم ان يكون رسولا"الى اجل غير مسمى وسخرت منه لأنها اصلا  ترفض الديمقراطية أو تعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية وبراغماتية،فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.على الصعيد السياسي يؤدي ذلك الى استحالة تحقيق اجماع وطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع،وتقوض كل محاولة لتشكيل كتلة تاريخية حول المشروع البديل.ان مشاريع المصالحة الوطنية والوحدة الوطنية تبقى تسبح في بحر الاحلام والاوهام والطوباوية مادامت تجلس فوق خازوق الطائفية السياسية والاسلام السياسي.
   لا يسمح شعبنا العراقي مطلقا باستنساخ نماذج لا تجلب الا الويل والثبور ومنها تحديدا الروزخونية اي الديمقراطية الطائفية او ديمقراطية المحاصصات الطائفية او عفوا الدكتاتورية الطائفية،تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق!وتبا لصعاليكه!.لنعمل على توحيد قوى الشعب الوطنية لاحلال الأمن والاستقرار واستكمال السيادة الوطنية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد! لنعمل في سبيل اقامة  مشروع ثقافي تربوي تعليمي وطني انساني النزعة وديمقراطي المحتوى يكون حاضنة لكل التيارات الداعية الى تكوين هوية وطنية منفتحة متجددة تحترم التعددية الثقافية والفكرية والتنوع القومي وتتفاعل مع سائر روافد الفكر العالمي وتياراته،لنعمل في سبيل تحرير الثقافة والعملية التربوية والتعليمية من قيود الفكر الواحد والرأي الواحد ومن الجمود والانغلاق وكل سمات الفكر الشمولي وضمان عدم تسييس المؤسسات الحكومية ذات العلاقة او تسخيرها لمصالح حزبية او مذهبية ورفض تهميش حملة الفكر العلمي النير واحترام استقلاليتهم.


يمكن مراجعة دراساتنا -
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟
•   اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


24/2/2008

188
اقتصاد السوق والمزاعم الروزخونية في العراق

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة
انهم يمنعـون الناس من ممارسة الفرح!
انهم يطمحون لتفصيل ادب على
مقاس العتمة وادباء من ظلام
انهم يمنعـون الرجال من ارتداء ربطات العنق!
انهم يمنعـون الأطباء من معاينة النساء!
انهم يهددون حتى الحلاقين بالقتل ان
لم يتبعوا الشريعة في قص الشــعـر!
انهم ينهبون نفط العراق وموانئه!
انهم يطلقون حمامات بيضاء أحتفاء بماذا؟
انهم يحتفون باتساع رقعة الظلام اذن؟
بينما يشحذ البعـثيون مداهم ويقدحون
نارهم لاحراق العراق...العراق الذي
لم يكتفوا باحراقه واغراقه بالدماء!

   تحفيز الهويات الجزيئية القومية والاثنية بالمغريات المادية والوعود الطنانة الكاذبة اسلوب تقليدي للقوى الاستعمارية والامبريالية لاحكام سيطرتها على الدول الوطنية وجعلها دائما تحت السيطرة(Under Control)ولتوجيهها وفق السياسات المرسومة ومصالح اقتصاد السوق.وحكومة او دولة ما بعد التاسع من نيسان 2003 في العراق هي احدى حكومات عصر العولمة،ظاهرة ازاحة الدول الوطنية ودفعها الى الخلف والتي تسود عصرنا.بمعنى أخرى نجم عن سقوط دكتاتورية صدام حسين والاحتلال الاميركي تأسيس حكومات تسير في الفلك العولمياتي على المكشوف،تتهافت على استجداء المؤسسات والشركات الاحتكارية متعدية الجنسية،الاخطبوط الذي يلف باذرعه على رقبة العالم،دولة حالها حال دول المركز الرأسمالي ومحيطه،اي اخطبوط القوة الضاربة لليد الخفية"السوق"وصاحبة الكلمة النافذة في الصناعة والمال والاعلام،والآمر الناهي في التشريع،البديل للعمل البرلماني وكل اشكال التأسيس الديمقراطي الحق!وتستغل القوى الاستعمارية والامبريالية الوضع الخاص المتميز القومي والاثني في العراق ومظاهر التخلف وشيوع الولاءات العصبوية دون الوطنية ليجر تحفيزها لفرض الطاعة والولاءات وللتمرد والعصيان في المنعطفات السياسية الانتقالية!ان حكومات الهويات الجزيئية كالطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية مرادفة دائما للدولة التسلطية القمعية وتنسجم مع متطلبات السوق والقيم السوقية والسوق الحر وتحرير الاسواق واقتصاد السوق وكل المزاعم الروزخونية التي تبرر العنف والقسوة والعدوان في كل مجتمعات عهود المد الديني والطائفي الصاعد دون استثناء،خاصة بعد ان برزت الملكية الخاصة وعمليات تقسيم العمل الاجتماعي وتسخير الاديان للاغراض السياسية والعسكرية والحروب والارهاب والحاجة الى الوجاهة والزعامة وفرض السيطرة في فترات الاضطرابات الامنية والكارثية وشيوع الخوف والولاءات دون الوطنية.الصدامية والروزخونية وجهان لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية.
   السوق يسيطر عليه الاقوى!صراع الجبابرة الديناصورات،بالوعات العملة الصعبة،عبر حركة التمركز والتركز والاندماجات المتسارعة غير المسبوقة..السوق يخلق كلابه الناهشة(Love me,love my dog)التي تقبض بيد من حديد على السلطات الاقتصادية المتزايدة الاتساع والقوة واحتكار مزيدا ومزيدا من الاسواق،وليس في سبيل حرية التجارة والتبادلات التجارية.وتفتقر الروزخونية الى المبادئ الفقهية المناصرة للطبقات المسحوقة بعد ان فشلت في تمثيل مصالح البازار بسبب المحظورات والتحريمات ومثبطات الوازع الديني،فالفعاليات الاقتصادية الفردية تفقد حريتها واطمئنانها مع حق سيادة دولة الهويات الجزيئية دون الوطنية!وفي الروزخونية تتحكم العقيدة في المصلحة الاقتصادية لتتفاوت المبادئ الاقتصادية تبعا للدين والتمذهب!وتلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه والشريعة في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي!وتتضمن الاحكام الفقهية المختصة بأصول الاتجار والكسب قيودا لا تتلائم مع مطلب النشاط التجاري الحر والمتساوق مع نزعة الربح المتأصلة في التجار.وتسهم المضاربات التجارية الدولية في نمو الروح الرأسمالية لدى الانظمة الروزخونية ونخبها الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع!وتواجه النخب البورجوازية هنا قضية صياغة المؤسسة الدينية بالشكل الذي يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية!لكن الاصولية تغذي دوما العناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية وحتى معارضة التحولات الأجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية،وتغذي المحافظة ومقاومة التجديد،وتعتقد هذه الاصوليات انها وحدها تمتلك الحقيقة فترى العالم بمنظوري الملائكة والشيطان او الابيض والاسود.كما تخدم البنوك في العهد الروزخوني التطور الطفيلي(ماهية الفرق بين سعر الفائدة (Rate of interest) والربا(usury) ) لأنها مؤسسات مالية تعمل من اجل الربح،فهي تجمع الاموال غير المستثمرة وتحولها الى اموال يمكن ان تستثمر، ليحصل صاحب المال غير المستثمر على فائدة،ويحصل صاحب المال المستثمر على فائدة،ومن خلال تنسيق العمليتين يحصل البنك ايضا على فائدة.والمرابحة والمشاركة والمضاربة،في النهاية،هي ارباح يتم الحصول عليها من تداول المال في السوق.
تسعى مراتب الهويات الجزيئية دون الوطنية الى الربح السريع باية وسيلة،فتعمل في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار،وتعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة،وتستغل المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية.وتخلق الرأسمالية في العهد الروزخوني مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية،حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها،لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة.ومجتمع الروزخونية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي  ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته.ولا تطيق الروزخونية العمل التنموي الصبور البناء،فهي تدرك أن دورة حياتها محدودة،لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر(Stolen water are sweetest).ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة،فهي تحتاج دوما الى أداة تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة.
    لا غرابة ان يكون الاداء الحكومي في بلادنا اليوم مثبطا للهمم..فالروزخونية تبرر دوما الابقاء على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ القرارات المصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!وتبرير الاستيراد التجاري المشوه وسياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة واستخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته،تدهور اوضاع الفلاحين والطبقة العاملة العراقية ليتحول الفساد الى وباء مستشري ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها الى جانب القطاع الخاص!أحوال التعليم السيئة والتي تكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد،التفاف طوق الاضطهاد على عنق المرأة من المنزل الى الشارع والمدرسة ومكان العمل،دخول قضية المهجرين العراقيين الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق،احزمة الفقر تطوق مدن العراق،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة!.
   تلجأ الديناصورات الاحتكارية متعدية الجنسية دوما الى خفض التكلفة ومضاعفة الارباح والتلويح بالتهديدات المتلاحقة من قبيل نقل مواقع العمل واغلاق المصانع وخفض الاجور وتغيير عقود العمل وشروطه لصالح الرأسمال ومحاربة الحركة النقابية والمطلبية ومناهضة المؤسساتية المدنية وشل اسلحة الاضرابات والاعتصامات والتظاهرات وتلجأ الى الفصل والتسريح بالجملة والى اعمال المضاربة والسيطرة على البورصات وخلق مصارفها الخاصة داخل نطاق شبكاتها ذات الهويات الجزيئية بالطبع!وما استثارة العواطف الجياشة نحو الشباب وزجه في المتاهات الروزخونية الا احد المظاهر التي تفوح منها رائحة الارباح العفنة التي تتمثل في الفروقات الشاسعة بين اجور العاملين القدامى والجدد!وتركز الديناصورات الروزخونية على الاستثمار في القطاع الخدمي بحكم دافع الربح السريع والعائد الاكبر والانغماس في عمليات النهب والفساد لأن الخدمات لا تخلق الثروات بل تدمرها.ولا يحقق القطاع الخدمي سوى اقل القليل من خلق فرص العمل في بلادنا التي تعاني من البطالة الحادة،خاصة بين الشباب.
     تغيب الروزخونية بشكل مرسوم ومتعمد،كل مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي"و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.روزخونية العهد الحالي تكريس للاطار القانوني الذي وضعه بريمر والذي يضمن بقاء الهيمنة الاقتصادية الامريكية على الاقتصاد العراقي حتى بعد مغادرة القوات الامريكية في يوم من الايام.
    حدد بول بريمر ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا:
   إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة
   تعزيز التجارة الخارجية
   تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي
    تبدو جليا خطة بريمر في تشجيع القطاع الخاص على اعادة توزيع الموارد وتقليص وحتى الغاء الدعم للقطاع العام والسلع الأستهلاكية والضرورية للمواطنين بهدف زيادة الضرائب ورفع الأسعار وخفض القدرة الشرائية للمواطنين،واطلاق حرية السوق،واقحام اختراق الرأسمال الأجنبي لزيادة أرباحه وبالتالي خلق الخلل في الميزان التجاري لصالح الاستيراد على حساب التصدير والغاء دور السلطة في توجيه الاقتصاد،وافقار الشعب،والغاء دور الطبقة الوسطى،وارساء أسس سيطرة حفنة من الأثرياء وحرامية القطط السمان على مقاليد الأمور.السياسات المتبعة لتحويل الاقتصاد العراقي الى سوق حرة كرفع الدعم وتفكيك اجهزة الدولة،فاقمت من مستويات الحرمان في بلادنا.القوانين الروزخونية من قبيل قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية،قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006،مشروع قانون النفط والغاز الجديد،مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام تعكس الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية ودور الوشائج الاصطفائية دون الوطنية في تمريرها.يريدون بيع العراق والعراقيين في سوق النخاسة.
ان نمطا جديدا لتوزيع الدخل يفرض نفسه الآن لمصلحة الرأسمال وبالضد من مصالح العمل في محوره الرئيسي.وادت هذه السياسات الى تحسن واضح في دخول واستهلاك الشرائح التي تعمل في أنشطة المشاريع التي نفذتها سلطات الاحتلال والمشاريع المرتبطة بقطاع التجارة الخارجية الرسمي او المضاربات او التهريب وغيرها من الأنشطة.كما انتعشت"الحواسم"اي الجماعات التي تغيرت أوضاعها الاقتصادية بسرعة قياسية بفضل ما نهبت من موارد الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية وما انتزعت من المواطنين عن طريق الابتزاز والتهديد والخطف.ويتجلى الفساد الروزخوني في اشاعة مفهوم"اعادة الاعمار"الذي روجت له سلطة الاحتلال كمفهوم هندسي خال من اية مضامين اجتماعية- اقتصادية،بدلا عن مفهوم التنمية الاقتصادية.
بغداد قد رحل الشذى مذ اقبلت
زمر بالحان الفناء تردد
تجتر ما فعل المغول كأنما
نهج المغول هو الاغر الارشد
لا يضمر الشعب العراقي  فساد العهد الروزخوني في النفوس انما يتحدث به جهارا في الشوارع والازقة،في المقاهي والمنتديات،في الدهاليز الحكومية،بين افراد العائلة.يتحدث عن الوزير او نائبه او المدير العام او الموظف وحتى التاجر والمرابي والاسطة والمهربجي والشيخ ومولانا وامام الجامع وآية الله وزعيم العصابة الذين ماأنفكوا يسرقون ويسرقون ويشترون العقارات داخل المدن العراقية،او خارج العراق،في لندن ودبي وعمان وطهران وبيروت ودمشق او يفتحون المكاتب التجارية(النشيطة)هنا وهناك او يودعون المبالغ الخيالية في مختلف المصارف!وهناك من المسؤولين الكبار من يعمل في جريمة تهريب المشتقات النفطية والآثار العراقية والمخدرات بتآزر أطراف مختلفة وتعاون اجرامي من دول الجوار العراقي.


يمكن مراجعة دراساتنا -
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
•   روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟

في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm


15/2/2008

189
تصاعد وتيرة الحركة المطلبية في عراق الخير والمحبة والسلام

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

يا ريس الحى خفف عن ضميرك.. مات
خلق الجمال والشرف جوه البشر اخوات
طفحت معاك العيوب على الوجوه مسخرة
والجهل صار مفخرة والسمسرة درجات
من الحسرة صبح الفقير يبكى على الخواجات

  الوصاية على المنظمات المدنية الاجتماعية سمة اشتركت فيها جميع الانظمة الشمولية والدكتاتورية والاستبدادية التي تعاقبت على حكم العراق منذ تأسيس دولة العراق الحديثة اوائل القرن العشرين،وقد وفر سقوط دكتاتورية صدام حسين في 9/4/2003 حرية التعبير والتنظيم ليعاد تشكيل المشهد المؤسساتي المدني والنقابي والمهني وظهرت الى الوجود الاتحادات النقابية الجديدة بمبادرة من المعارضة النقابية التي عادت الى العراق او التي ناضلت سرا وممن اطلق سراح قيادييها.ويرتبط النشاط المطلبي والنقابي ارتباطا لا ينفصم بنضال الحركة الوطنية لشعبنا والدور المؤثر للاحزاب السياسية الفاعلة،وخاصة الحزب الشيوعي العراقي،بعدما نجحت التنظيمات المهنية والنقابية في تغليب البعد الاجتمااقتصادي لأبناء الشعب العراقي على اختلاف مكوناتهم الجزيئية..الا ان توقف عجلة الانتاج وارتفاع معدلات البطالة واستمرار مفعول قوانين النظام السابق وبطء عودة الحياة الطبيعية للعمل الى جانب الاحتلال عرقلت وتعرقل نمو وتطور العمل المهني والنقابي والمؤسساتي المدني.
   كانت اولى المبادرات المذكرات والنداءات النقابية الموجهة الى المواقع السيادية واعضاء المؤسسات التشريعية والجهات ذات الشأن وصاحبة اتخاذ القرارات للمطالبة السلمية بالغاء القوانين ارقام 71و52و..150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل والغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة،والمطالبة بالغاء القوانين ارقام 71 و 91 لعام 1977 و 190 و 543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم(150) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي،المطالبة بالغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم 368 الصادر بتاريخ 9/9/1990 الذي نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني،المطالبة بالتراجع عن التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية(Chaotic Agricultural Relations Market)وخاصة القوانين المرقمة(35) لسنة 1983 و(32) لسنة 1986 والقرار(364) لسنة 1990(ملحق بالقانون 35).تلى ذلك المطالبة السلمية بالغاء قرار مجلس الحكم المرقم(27)في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية والغاء قرار مجلس الحكم رقم(3)في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الادارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات وقرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004 والقرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية!والغاء القرار سئ الصيت المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..واقامت النقابات العمالية في مختلف المحافظات الندوات والفعاليات الجماهيرية المناهضة للخصخصة والمطالبة بالغاء عشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة أعوام  1968- 2003،ومعالجة مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستئصال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها..كما تصاعدت الحركة المطلبية في سبيل تفعيل المادة(140)من الدستور الجديد التي تنص على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور،وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد،مع احياء المادة 44 الملغاة من مسودة الدستور قبل اقراره التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.وكانت الخطوة الحاسمة هي في تشكيل"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية"في 12/9/2005 للمساهمة الفاعلة في النشاطات والفعاليات الجماهيرية بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ.
   ترتبط اليوم القضية الاجتماعية،كما هو الحال بالامس،بالقضية الوطنية ارتباطا وثيقا لا ينفصم...ومع اوائل 2008 لاحت تباشير تصاعد الحركة المطلبية لتحريك البرك الراكدة وتنشيط الوعي بخطورة استمرار الأوضاع النقابية والمؤسساتية المدنية على ما هي عليه وتجميد مصالح مئات الآلاف من الاعضاء بهذا الشكل السلبي،بعد استنفاذ كل وسائل التخاطب السلمي ليجر الانتقال الى مرحلة جديدة من النضال السلمي المعمد بالاضرابات والاعتصامات والتظاهرات لتحقيق ذات الاهداف التي اكدت عليها مختلف الاتحادات النقابية والمهنية والمؤسساتية المدنية طيلة نصف عقد من الزمن اي منذ سقوط دكتاتورية صدام حسين حتى يومنا هذا!
    تركزت اعتصامات العاملين في دوائر وزارة الكهرباء في بغداد وبقية المحافظات على المطالبة بتحسين اداء المنظومة الكهربائية والاسراع في تنفيذ المشاريع الكهربائية المعلنة ومكافحة الفساد الذي طال كبار مسؤولي الوزارة وفي مقدمتهم سيادة الوزير نفسه والتي تدور الشبهات حول تورطه مع وكيله الاقدم في فرق الموت واعمال التخريب التي تطال منظومة الكهرباء الوطنية...بينما توزعت مطالب المهندسين مثلا والتي تقودها الادارة المؤقتة لنقابة المهندسين على تعديل سلم الرواتب وصرف المخصصات الهندسية واعادة النظر بشركات التمويل الذاتي واعادة العمل بالتعيين المركزي لأمتصاص الاعداد المتزايدة من البطالة.ووجهت نقابة المهندسين مذكرة الى رئيس الوزراء تتضمن مطالب المهندسين مصحوبة بسلسلة من الاعتصامات والتظاهرات السلمية،شملت محافظة كربلاء ايضا.تكللت الاعتصامات والتظاهرات النقابية وسلسلة المفاوضات والمشاورات مع مسؤولي الحكومة العراقية حتى هذه اللحظة باجراء تطميني روتيني هو لقاء تنسيقي بين نقابة المهندسين والاستاذ زهير الجلبي مستشار رئيس الوزراء لغرض عرض المطالب على رئيس الوزراء!!.بينما غض وزير الكهرباء النظر عن اعتصامات العاملين في وزارته والتي يشارك فيها مدراء عامون ومسؤولو قطاعات ودوائر فنية كاملة!
   لقد دعى الحزب الشيوعي العراقي في مؤتمره الثامن المنعقد في ايار 2007 على:
1.  احترام شرعية وحرية واستقلالية منظمات المجتمع المدني بما يحقق أهدافها في تنشيط الحياة العامة،على ان تعتمد هذه المنظمات مبادئ وآليات المساءلة والمحاسبة والشفافية في أنشطتها ومصادر تمويلها وفي التصرف بمواردها.
2.  اشتراك منظمات المجتمع المدني في بلورة واعداد المشاريع والقوانين التي من شانها ان تساهم في عملية البناء الديمقراطي،وخصوصا تلك التي تنظم علاقتها بمؤسسات الدولة والمجتمع.
3.  توفير الدعم الضروري لبرامج تعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني وتأهيلها لتصبح شريكا فعليا في عملية التنمية والديمقراطية.
   ويؤكد الرفيق حميد مجيد موسى سكرتير الحزب الشيوعي"نحن اخترنا طريق المقاومة السياسية والعمل السياسي لاعادة السيادة والاستقلال،وترسيخ امكانيات المؤسسات الوطنية العراقية للنهوض بها،وتوفير كل مستلزمات اجلاء القوات الأجنبية من الأراضي العراقية...نحن نتصرف بسياسة واقعية تنسجم مع اعمق مصالح شعبنا،بعيدا عن الجمل الثورية والنداءات المتطرفة التي لا تجدي نفعا.نحن مع الآخرين من القوى الوطنية التي شاركتنا النضال طوال ايام المعارضة ضد الدكتاتورية،والتي لا شك في اخلاصها الوطني،نعمل كل من موقعه ووفقا لخلفيته الفكرية وامكانياته السياسية والمادية،لتقريب يوم عودة العراق الى الوضع السياسي الطبيعي والى مكانته الدولية اللائقة..نحن امام جولات في الصراع الاجتماعي والسياسي السلمي،وعلى اساس مصالح الناس ومن يمثلها،جولات تعيد الأمور الى نصابها وتوازناتها الصحيحة".نعم،يسهم التمسك بالاستقلالية والمهنية والمعايير الحقوقية في ايجاد الطريق الى الأجواء السليمة الصحية الواعدة.
   ان عودة الحياة في العراق الى طبيعتها مرهونة بعودة الكهرباء الى حالة الاستقرار كونها تشكل عصب الحياة لجميع المشروعات والمنشآت،ولا يمكن تحسين مستوى اداء قطاع الكهرباء الا باعتباره قطاعا استراتيجيا وينبغي أن يظل ملكية عامة،كما يتحدد جوهر صناعة الطاقة الكهربائية بمضمون كامل التصنيع الوطني وعمليتي الاصلاح الاقتصادي والتنمية..وليس بمجرد النمو الكمي لمنشآت الطاقة وللمتغيرات الاقتصادية لأنه يشمل الابعاد الاجتمااقتصادية والسياسية والحضارية الامر الذي يحتم ضرورة التخطيط الشامل لهذه الصناعة الارتكازية،والتخطيط الشامل للاقتصاد الوطني!ولابد من تفعيل دور قطاع الطاقة الكهربائية في عملية الانتاج الأجتماعي للحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي في مختلف مجالات الأقتصاد الوطني وقنونة مناهضة استخدام الكهرباء سلاحا سياسيا واجراءا عقابيا  للضغط على ابناء الشعب.من الضروري تفعيل دور المحطات الكهرومائية بعد ضمان حقوق العراق المائية في اتفاقات متوازنة مع تركيا وايران وسوريا،التوزيع الامثل في بناء محطات الكهرباء التقليدية ونصب الوحدات التوليدية على عموم البلاد بمعدل نمو سنوي لا يقل عن 10% لمعادلة الطلب المتنامي،التأكيد على اعتماد الغاز الطبيعي وقودا لتشغيل المحطات الحرارية لأقتصاديته ونقاوته البيئية ومعالجة الموائمة المتواضعة بين تقنيات التوليد وانواع الوقود المتوفرة في العراق،تحديث الوحدات الكهروحرارية والكهرومائية المتقادمة،التصدي الجاد غير الانتقائي وغير المسيس لمظاهر الفساد الاداري والمالي واعمال التخريب الابيض والاسود والتي باتت عقبة كأداء تلقي بثقلها على الحياة العامة في بلادنا،نبذ السياسة الروزخونية لتبرير الانقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية،معالجة الضياعات في الطاقة الكهربائية والسيطرة على الطاقة المنتجة وايصالها الى المستهلك وتهرؤ وتذرر شبكات التوزيع والتجاوزات الخطيرة عليها وسرقة الطاقة الكهربائية بالطرق والوسائل غير المشروعة،التصدي الحازم لظاهرة سيطرة الميليشيات على مراكز التوزيع الوطني وتحول القطع المبرمج الى محاصصة كهربائية.من اخطر مظاهر ازمة الطاقة الكهربائية في بلادنا ان يتحول التوليد التجاري والاهلي الى البديل الدائم عن الشبكة الوطنية!
   تتحمل الحكومة العراقية كامل المسؤولية عن تردي خدمات تجهيز المواطنين بالتيار الكهربائي عبر مواصلة السياسات الأقتصادية النفعية في بلادنا وايصال ازمة الطاقة الكهربائية الى مدياتها الحرجة باحلام الخصخصة وتوسيع ميادين التوليد التجاري ونهج ايراد الكهرباء من الدول المجاورة، وشجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على ادارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.
     المهندس العراقي من جهته يدرك ان مطالبته تعديل سلم الرواتب وصرف المخصصات الهندسية واعادة النظر بشركات التمويل الذاتي واعادة العمل بالتعيين المركزي لأمتصاص الاعداد المتزايدة من البطالة والاسراع في صرف المخصصات التقاعدية لمهندسي الانصار- البيشمركة والمعارضة الوطنية ابان العهد الدكتاتوري هي صقل موضوعي للثقافة النقابية في مرحلتها الراهنة لا تغنيه بالطبع عن المطالبة بالتوافق بين مخرجات العمل الهندسي واحتياجات سوق العمل،ممارسة العمل الهندسي بحرفية،تبني المشاريع الهندسية التي تعتمد على خلق المناخ الهندسي لكل الاختصاصات الهندسية بهدف زيادة دخل المهندس وايجاد فرص العمل الجديدة،معالجة ضياع حقوق المرأة المهندسة ومساواتها بأخيها المهندس في الأجر وأوقات العمل وحقوق العمل وتبوء المراكز القيادية النقابية،معالجة فوضى عمل المكاتب الاستشارية ومكاتب الخبرة الهندسية وفوضى تصنيف الخدمات الاستشارية،مناهضة شبكات الدراسات الاستشارية التي تروج لبرامج المؤسسات الدولية في الخصخصة والتحول الى الاقتصاد الحر واقتصاد السوق وتحرير التجارة ودمج الاقتصاديات الوطنية بالاقتصاد العالمي وشبكة المعاملات المالية الدولية من دون اعتبار للمصلحة الوطنية.وفي سبيل اكتساب مطالب المهندسين الزخم اللازم لابد من مناهضة محاولات تهميش دور نقابة المهندسين العراقية IEU بعد ان بات نشاطها شبه مجمد،حصر وتحديد وتهميش فاعلية جمعية المهندسين العراقية IES،فتور العلائق بين نقابة مهندسي كردستان KEU ونقابة المهندسين في بغداد.المهندسون مجموعة انتاجية وفئة اجتماعية ربطت نضالها المهني بالنضال الوطني العام للشعب العراقي...
    الوطنية وحدها دون ديمقراطية تؤدي الى الدكتاتورية والاستبداد،اما الديمقراطية دون الوطنية فتقود الى التبعية.الربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي يعني توظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير،والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية.ان"معركة الحقوق النقابية والمهنية والاجتماعية"هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل.ونجاحنا في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع الديمقراطي في العراق"والعكس صحيح ايضا!"،والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابات والمنظمات غير الحكومية من قيودها.ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابات من جديد نناشد الجميع،بصرف النظر عن انتماءاتهم الضيقة بالانضمام الى طابور المناضلين في سبيل فرض الأجواء الديمقراطية وكسب الحقوق المهنية والنقابية،ودعم"لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية"المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات..الخ.


يمكن مراجعة دراساتنا في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

12/2/2008

190
14 شباط - يوم الشهيد الشيوعي

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق
     
   اشتق الشهيد من الشاهد،وقرينة الاشتقاق مختلف عليها.وقد عدد(الفيروز أبادي)لها ستة وجوه،منها"لأنه حي عند ربه حاضر"،والحضور من مصطلحات الصوفية!لقد قدم الحزب الشيوعي العراقي التضحيات الجسام على طريق الحرية والانعتاق والخلاص من الانظمة الدكتاتورية والفاسدة وعلى مدى تاريخ عراقنا الحديث وفي سبيل الوطن الحر والشعب السعيد وبناء عالم الغد،عالم الحرية والاشتراكية والسلام.وساهم الحزب الشيوعي العراقي بشكل كبير وفعال في دعم الحركة الوطنية العراقية واعمار البلاد وارساء اسس العمل المهني والمؤسساتي  المدني،وانغمر في التظاهرات التي ما انفكت تنادي بعراق حر مستقل يعيش ابنائه بأمان ورخاء،وزج بمناضليه في السجون والمعتقلات،كما قدم في سبيل ذلك الشهداء قرابين لهذا الوطن.
  يقف شعبنا العراقي في 14 شباط من كل عام بكل اجلال واحترام امام ذكرى العديد من رفاق واصدقاء الحزب الشيوعي العراقي،الذين سقطوا شهداء وغذت دماؤهم روح العطاء والمواصلة واعطت لحركة شعبنا الوطنية التحررية معان في البطولة ستبقى خالدة ابد الدهر،بعد ان قدمت هذه الحركة الشهيد تلو الشهيد اثناء تأدية مهماتها الكفاحية والنضالية!في 14 شباط 1949 اعدمت السلطات الملكية سكرتير الحزب"يوسف سلمان يوسف"بعد محاكمة صورية.شهداء الحزب الشيوعي العراقي غيض من فيض الصور الصادقة للمناضلين البواسل  الذين انجبهم العراق،وقفوا شامخين كجبال كردستان ونخيل البصرة لم ينحنوا يوما،عرفتهم مدن العراق وازقتها الشعبية ومدارسها وساحاتها النضالية،عرفتهم قمم الجبال والوديان والعيون والروبارات مناضلون اشداء جسورين مؤمنين بعدالة القضية التي نذروا أرواحهم من اجلها.لم يعرفوا الخوف طريقا  لقلوبهم،وفي فقدانهم خسر الشعب العراقي كوادر وطنية ديمقراطية تميزت بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي،لذلك جرى استهدافهم بالطرق الجبانة الغادرة.
    في تأريخ شعبنا العراقي،أعطى الحزب الشيوعي آلاف الشهداء.صحيح ان الشهداء جميعا يبقون في الذاكرة ويبقون خالدين مدى الدهر،لكن هنالك من سطر البطولات وحفر في الذاكرة الشىء الكثير،ومنهم من أصبح أسطورة عصره كالرفيق الخالد فهد والرفيق الخالد سلام عادل(حسين الرضي)سكرتير الحزب الذي اعدمه البعث الفاشي مطية الاستعمار اثر انقلاب شباط الاسود 1963.قدم الحزب الشيوعي العراقي الشهداء الانصار- البيشمركة الذين يسبقون الموت الى الهدف ويرددون بصوت واحد الأناشيد الوطنيـة ومنها"سنمضي،سنمضي الى ما نريد    وطن حر وشعب سعيد" يسمعهم الجميع وتنصت الطبيعة لهم اجلالا،الكل تنحني تقديرا لهذا الصوت الهادر وللأبطال الذين لا يعرفون الليل من النهار ولا البرد من الحـر!!قدم الحزب الشيوعي العراقي الشهداء في الاعتداءات الجبانة على مقرات الحزب في المدن العراقية اعوام 2003 - 2008،واستهداف مقر اللجنة المركزية في بغداد بقذائف الهاون والمفخخات اكثر من مرة.هنالك العشرات لا بل المئات من الشهداء الشجعان جديرون بذكر أسمائهم،ولكن عندها سنحتاج الى المئات من الأسطـر،فمعذرة لهم!.
   شهداء الحزب الشيوعي العراقي صورة صادقة للمناضلين البواسل ابناء بغداد الازل ومدن العراق واريافه وباديته وجباله حيث الحضن الدافىء الاصيل،والحليب النقي،والمروءة الطافحة،والنخوة والشيمة والكرامة والوفاء والمبادىء العراقية الاصيلة التي تربوا عليها،صقلتهم الشيوعية وزادتهم ارتباطا بالارض والعمل والناس للدفاع عن قضاياهم العادلة المشروعة.أبى الشهداء ان يتحولوا الى بيادق لتنفيذ سياسات تحويل أبناء الشعب الى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة والى بوق في الفيالق الميكافيلية الاعلامية المهللة لها.كان الشهداء شجعان وجسورين،قادة ميدانيين،مناضلين شيوعيين حازمين،عصاميين آثروا العمل والكدح في بلادنا وعواصم المنفى على حياة الترف والزيف واروقة الفساد.ستبقى ذكرى الشهداء ملهما لمواصلة النضال من اجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وضد الارهاب وثقافته السادية.ستبقى ذكراهم تعبيرا عن عظمة حزبنا الشيوعي العراقي في علمانيته وتحضره وايمانه بمساواة المرأة بالرجل وحق القوميات في تقرير مصيرها بنفسها وغيرها من الأهداف النبيلة التي قدم في سبيل تحقيقها التضحيات الجسيمة.
   امتلك الحزب الشيوعي العراقي،هذا الحزب الطبقي الجسور الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي الراهن في العراق ليشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية،صوته مسموع وتاريخه مشرف.وليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة،احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس،محاولات التمشدق بالدين والتمويه والمخاتلة،وتكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والارهاب وتغذية مصالح الاحتلال الاميركي.طوال سني الكفاح،منذ لحظة الانطلاق وسنوات البناء الاولى،وراية الحزب الشيوعي العراقي خفاقة من جيل الى جيل،تخضبت بدماء الشهداء،وبقت شامخة ظافرة بتفان وكفاح وتضحيات العشرات من المناضلين الاشداء،سائرين على ذات الدرب من اجل غد مشرق،غد المثل الشيوعية السامية.رفاق وضعوا مصلحة وطنهم وشعبهم وطبقتهم العاملة فوق مصلحتهم الشخصية،مثالا اقتدينا وسنقتدي به لمقارعة كل من يضمر الشر لشعبنا الطيب،بكل مكوناته،التي نفخر بها جميعا،ولمواصلة المسيرة مهما غلت التضحيات.رفاق سطروا الدرب المجيد والمشرف الذي بدأناه به قبل اكثر من نصف قرن ولازلنا عليه سائرون وفاء لوطننا وشعبنا وشهداء حزبنا والحركة الوطنية والديمقراطية.

طوبى لمن قدم نفسه شهيدا للشعب وللوطن وللحزب الشيوعي العراقي
مجدا  لشهداء الحزب الشيوعي العراقي
مجدا  لشهداء الشعب العراقي والحركة الوطنية


يمكن مراجعة دراساتنا - في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm





 





191
روزخونية نصف عقد من الزمن..الى اين تقود العراق؟

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

وطني
يا وطن الجلادين
ياليل" عراق" مسكين
يا انت العالق كالغصة
في حنجرتي
كالدمعة في عيني
يا انت القاتل والمقتول
وانت الجرح وانت السكين

  في 9 نيسان 2008 يكون قد مضى على سقوط دكتاتورية صدام حسين نصف عقد من الزمن اي فترة زمنية تجاوزت عمر حكم ثورة 14 تموز 1958 المجيدة بقليل.لقد فتح الانقلاب الاسود في 8 شباط 1963 الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية،وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن في محاولة لتصفية مكتسبات ثورة تموز 1958 ولتكريس الهيمنة الشمولية.
     بالرغم من العيوب الكبرى في السلطة السياسية الا ان الزخم الثوري والضغط الشعبي افضيا خلال الاشهر الاولى لثورة 1958 بمجلس الوزراء الى ممارسة شئ من المناقشات الحرة داخله،والى هذه الفترة ترجع اهم الانجازات التي قامت بها ثورة 14 تموز في بداية عهدها:في الحقل الخارجي – اعادة العلاقات مع الدول الاشتراكية،استرجاع قاعدة الحبانية،الانسحاب من الاتحاد الهاشمي والتمهيد للانسحاب من حلف بغداد.على الصعيد الداخلي – اعلان الدستور المؤقت والغاء اغلب المراسيم السعيدية واطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين،الغاء قرارات نزع الجنسية عن العراقيين والسماح للمبعدين السياسيين بالعودة للوطن،اطلاق الحريات العامة والنشاطات الحزبية،الغاء سيطرة الامن على سياسة التوظيف،اصدار البيان المشهور عن السياسة النفطية وقانون رقم 80،الاصلاح الزراعي،عقد الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة،اتباع سياسة التخطيط والاعمار بعد الغاء مجلس الاعمار،طرد الشركات الاجنبية المسيئة ومقاطعة فرنسا اقتصاديا،التحرر من الكتلة الاسترلينية.لكن الشمولية الصدامية ولدت اثر الاحتلال الاميركي شمولية انسجمت مع متطلبات الاحتلال روزخونية المظهر و سفسطائية الجوهر تحاول تجسيد شعار الدين للجميع والوطن للطائفية السياسية.وبعد نصف عقد من الزمن اين يقف العراق اليوم؟
   لم تكن الروزخونية حكرا على بلادنا فقط فهي ظاهرة تبرر العنف والقسوة والعدوان وكانت وماتزال موجودة في كل مجتمعات عهود المد الديني والطائفي الصاعد دون استثناء،خاصة بعد ان برزت الملكية الخاصة وعمليات تقسيم العمل الاجتماعي وتسخير الاديان للاغراض السياسية والعسكرية والحروب والارهاب والحاجة الى الوجاهة والزعامة وفرض السيطرة في فترات الاضطرابات الامنية والكارثية وشيوع الخوف والولاءات دون الوطنية.و تتكأ الروزخونية في التاريخ الحديث على السفسطة ووسائل التمويه للسياسيين ورجال الدين ووجهاء المجتمع الذين يضعون انفسهم في خدمة ماكنة العولمة الرأسمالية لزج الشعب في المتاهات الاجتماعية،فالاسلوب السفسطائي خطير وخبيث باعتباره سلاح بأيدي مثيري الفتنة والاعمال الارهابية.
     الروزخونية هي استعمال الطبقات الرجعية في عهود المد الديني والطائفي اسلوب السفسطة – السوفيستك(Sophistication) لتبرير التفكير الطائفي والعنصري الخرافي البالي عبر العنف واساليب القسوة وارتكاب الجرائم والتصرفات العدوانية وافتعال الكوارث الحربية والارهابية،وعبر انكار الحقائق الموضوعية والتشبث بنسبية معارفنا كنسبية ذاتية تموه فيها عن الحقائق التاريخية!وعبر المبالغة والاطلاق والنظرة الميتافيزيقية المقلوبة اي تقديس الحركة والتغير الدائمين واختلاقهما!بدل السكون المطلق،للتمويه والتضليل ولمسخ الجدل المادي والغاء جميع الحدود في الظواهر الموضوعية وبين المفاهيم،وافساح المجال لكل انواع البهلوانية في تحديد المفاهيم ولتخلط بلامعقولية العلائق الجوهرية بغير الجوهرية وليجر الخلط الذاتي اللامنطقي لجميع المفاهيم.وتحول الروزخونية الاسود الى ابيض وبالعكس وتشيع ثقافة القطيع عبر البهلوانية المفاهيمية ومحاولة تدجين الشعب.تختار الروزخونية اللحظات والجوانب والمراحل المنعزلة من المراحل السياسية لفصلها عن السياق التاريخي الحسي،وتأتي بالبراهين التي اساسها الفصل الكيفي للجوانب المنعزلة من المسيرة السياسية عن السياق المركب،ثم تتحفنا بالمقارنات الشكلية بين النماذج باسلوب تعسفي!وتقوم بالخلط بين المفاهيم ومسخها الى اضدادها او مجرد اللعب الكيفي بالمفاهيم الفارغة وتطبيق القياسات الشكلية على قضايا غير قابلة للمقايسة!وتبرر الروزخونية جدوى الشمولية بالنفاق دون جدوى،مسخرة لتحقيق اغراضها المؤسسة الدينية والدولة والميليشيات اي القوة المسلحة المقرونة بالترهيب والترغيب الديني والمادي.الصدامية و الروزخونية وجهان لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية.
    ان الفرق بين السفسطائية والذاتية – الشكوكية وبين التفكير العلمي والعلماني يكمن في ان الفرق بين المطلق والنسبي عند الاخير هو نفسه نسبي ايضا!وبينما يتشبث السفسطائي باحد البراهين فقط وفق القدرة على ايجاد البراهين لكل شئ في المعمورة فان التفكير العلمي يبحث في الظاهرة الاجتماعية المعينة في تطورها من كل جوانبها ويعني بالآثار والانعكاسات على القوى الدافعة الرئيسية وتطور قوى الانتاج والكفاح الطبقي.وتستغل الروزخونية الشفافية والمرونة الموضوعية في المفاهيم من قبيل السلم الاهلي ومحاربة الارهاب وحل الميليشيات ومشاريع المصالحة الوطنية وبناء دولة القانون والمؤسسات واحترام حقوق الانسان ليجر تحويلها الى لعب ذاتي بالمفاهيم بمعاني مختلفة ولتحويل الحق الى باطل والباطل الى حق.القداسة في عمقها مطلقة وأبدية أما المجتمع والسياسة فهما ظرفيان ومتغيران ويحتاجان الى فضاء محايد ومتغير لتسييرهما ومواكبتهما،وهذا ما توفره العلمانية التي تولد من رحم التغير الاجتماعي.ان خلط الدين بالسياسة يؤدي اما الى تقديس السياسي وانتاج نظام شمولي مطلق،أو الى تسييس المقدس وابتذاله.
     تبرر الروزخونية في بلادنا اليوم الابقاء على  التركيب وحيد الجانب للاقتصاد الوطني والاستعجال غير المبرر في اتخاذ القرارات المصيرية دون التفكير بمستقبل الأجيال القادمة كاللهاث وراء العودة السريعة للاحتكارات النفطية العالمية العملاقة للسيطرة على النفط العراقي!وتبرير الاستيراد التجاري المشوه وسياسة الباب المفتوح للاستيراد،تردي الخدمات العامة واستخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت أن يلتحق أطفالها بمعسكرات أشبال صدام وابناءها بمعسكرات الجيش الشعبي وفدائيي صدام،وترفض اليوم الانصياع للولاءات الرجعية والقرقوشية الطائفية فحسب بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي.تبرر الروزخونية تدهور اوضاع الفلاحين والطبقة العاملة العراقية ليتحول الفساد الى وباء مستشري ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها الى جانب القطاع الخاص!كما تبرر الروزخونية أحوال التعليم السيئة والتي تكاد تكون من أسوأ الأحوال في البلاد.وتدفع المرأة العراقية الثمن مضاعفا بسبب الروزخونية فطوق الاضطهاد يلتف على عنقها من المنزل ويمتد الى الشارع والمدرسة ومكان العمل!هذا هو حال قضية المهجرين العراقيين التي دخلت الأدب السياسي كواحدة من ابرز قضايا الاضطهاد والتمييز في العراق!العراق،احزمة الفقر تطوق مدنه،انقاض وخرائب ووجوه كالحة ذائبة!
    الروزخونية تعني الخطابات الانشائية الفضفاضة الفارغة وادعاء التمسك بمفاهيم التخطيط والتنمية والاعمار،وفي حقيقة الامر تكشف بوقاحة عن التحريم والتكفير والاتهام بالهرطقة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشاريع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول!والالحاح على الولاء لولاية الفقيه واشاعة المحافظة في الحياة السياسية ورفع شعار اصمت وكن مع مشروعي والا(فستكون من الكافرين)سيئة الصيت!نشاط الاصوليات الرجعية المتطرفة التي تؤمن بالقتل والتدمير تحت حجة الجهاد في سبيل الله،ولا تتورع في قتل الادباء والاطباء والمهندسين والمفكرين والضباط والصحفيين،الاطفال والشيوخ والنساء ورجال الدين والابرياء،وتستخدم التكنولوجيا المتقدمة والسلاح وتمتلك المصادر التمويلية الغنية والانفاق السخي والخبرة الاعلانية،وتهيمن عرفيا في مناطقها الجغرافية!الروزخونية تعني العصبية الطائفية،كالعصبية القرابية،التي تقوم على منطق ذوبان الفرد في الجماعة التسلطية عبر تقوية المفهوم البعلي للأسرة،دعم الروابط والقيم الابوية،العائلية والعشائرية،وربط السلطة الداخلية أيضا بوسائل انتاج الحياة وليس فقط القرابة والمصاهرة والتحالفات.وتعتمد الروزخونية باستمرار على ترسيمات وأحكام مسبقة متبادلة المواقع،كل واحد منها يعلن تفوقه الذاتي ودونية الآخر.المنطق الروزخوني والثقافة الروزخونية منهج مغلق منتج لايديولوجية مغلقة وصانع لسقف محدود،الا أنه يعطي طمأنينة خاصة لأصحابه تذكرنا بمواصفات الجماعة التسلطية التي يتحدث عنها طبيب الأمراض النفسية لوسيان اسرائيل بالقول:" في الداخل، يشعر المرء بأنه في بيته،وهذا ما يطمئن في هوية الطباع هذه.اخوة فيما بينهم،يتفهمون بعضهم، يفهمون على بعضهم بالإشارة. يفهمون على بعضهم لدرجة أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الكلام".
    الروزخونية تعني تدجين الناس وجعل الطائفية حاوية ترمى فيها خيبات الاداء الحكومي تملصا من الاحباط في الحصول على ولاء الشعب وارضاءا  لشعور العظمة الذي يمتلكه الحكام والمتنفذون،وتغطي المؤسسات الدينية على الجذور الطبقية والسياسية للحكام،لأن التحليل الثوري للواقع السياسي يتناقض مع روزخونية المؤسسات الدينية المرتبطة بجهات دولية اقليمية ودولية والممولة لنشاطها.الروزخونية ملاذ الحاكمين،والمؤسسات والأحزاب الدينية والطائفية،والمحتل والدول الاقليمية،والفرد المغلوب المستضعف.الروزخونية وهم البؤساء.
    روزخونية الحكم الديني في ايران مثلا انتحارية نتيجة الجنون الذي لا حدود له من الانفاق العسكري والاعلامي والمخابراتي للنظام وعملياته في الشرق الاوسط.سيجني على ايران رجالات الدين فيها،كما سيجنون على مصير كل منطقتنا باساليب تدخلاتهم واختراقات جماعاتهم.انهم يعيشون اوهاما لن تتحقق ابدا،ولم يستفيدوا من تجربة صدام حسين في مناطحته الفارغة للعالم؟عرفت الحكومة الايرانية كيف تقمع الاضطرابات،كما أنها عرفت كيف تتراجع عن قرارات غير شعبية او علي الاقل تخفيف حدتها،والمداخيل الهائلة من النفط توفر للحكومة أدوات هامة لتخفيف حدة الغضب.الروزخونية تعني محاولات اطفاء الحرائق خلف الحدود!
   تحاول الروزخونية زج الشعب في متاهات المناسبات الاسلامية والشيعية الاجتماعية طيلة ايام السنة واجباره على حمل الخناجر وجرح الرؤوس بالامواس لتسيل منها الدماء،وعلى التطبير(ضرب الرؤوس بالسيف)والضرب على الظهر بالزناجيل الحديدية التي تطورت الى تركيب بعض السكاكين الصغيرة على الزنجيل لجرح الظهر ايضا!،في مشاهد سادية وطوابير طويلة بحجة تأدية  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها ارضاءا لآيات الله ورجال الدين وقادة الحكومة العراقية.وتستغل الجوامع والحسينيات بالردات – من الترداد او التكرار وبالقراءات على النمط الكلاسيكي المعتاد للاشعار المقروءة في فعاليات صاخبة وضوضائية ملوثة للبيئة الاجتماعية لا تعير اية اهمية لأهالي الاحياء السكنية التي تحولت الى قرى طائفية اقطاعية جديدة تتحكم بها النخب الاقطاعية- الطائفية التي تتمتع باسباب القوة والحيلة والمكر والخديعة لتنعم بخيراتها وسياساتها العامة وتحت شتى المسميات كمجالس البلدية والمحافظة والصحوة..الخ،اقطاعيات لا تقوم على ملكية الارض بل على احتكار القوة الحديثة – المال والتقنيات واماكن العبادة والعسكر والامتيازات والهبات..الخ.اندفعت جموع العراقيين بمسيرات مليونيـة وعادت بأخـرى"لطمت وطبرت وزنجلت"مهيأة الروزخونية لهـا ما لا يحصى من مناسبات الحزن والكآبـة سواء ان كانت ذكـرى مولدا ام وفـاة،وتخلت كليا عن مظاهـر الفرح والبهجـة ونوبات التفكير والأحساس بالخلل الذاتـي،مخـدرة تنتظـر الأشارة فقط جاهـزة للشهادة بالمئآت من فوق الجسور او تخطف وتذبح وتغتصب وتسلخ جلودهـا وتفخـخ اجسادهـا،وتتجمـع بالعشرات والمئآت داخل الحسينيات والأسواق والمدارس والساحات والطرق والزيارات بأنتظار المفخخات والعبوات الناسفـة والأنتحاريين ليحصدوا منهـم ما يشاءوون.ماذا حصـد ويحصـد الملايين مـن فقراء الجنوب والوسط العراقي؟لا شيء غير البؤس الموروث،لا شي غير دموع الأحباط وخيبـة الأمـل وحسرة اوجاع الأنتكاسـات والدمار والموت اليومـي واستمراريـة وراثـة الجوع والجهـل والأوبئـة والعبوديـة المركبـة،غير الاف المهجرين والمهاجرين بلا امل للعـودة وآلاف الأرامل والعوانس وآلاف الآلاف مـن الأيتام والآلاف من بنات وابناء الجنوب والوسط الذين ابتلعتهـم عصابات المخدرات والرذيلـة والسقوط الأجتماعـي.
    الروزخونية تعني اشاعة التشيع لأغراض استثمار المذهب لتحقيق المآرب والمصالح الخاصة سواء اكانوا فرسا او عرب،الروزخونية هنا اقرب في سلوكها الى النهج الاموي الذي يبرر كل شئ حتى الدين من اجل تحقيق المصلحة الخاصة.الروزخونية هي المتاجرة بمآسي الشعب  والصعود على سلم معاناته والصراع والقتال والتراشق بالدم من اجـل حصـة الشفط مـن ارزاقه!
   الروزخونية تعني اشاعة كذبة الاسلامفوبيا(Islamophobia)من أجل دفع المسلمين الى التطرف الديني وبالتالي تأجيج الصراع مع الغرب.الروزخونية هي التطوع لدعم الارهاب الاصولي عن طريق ايجاد التبريرات والاعذار له،تحريض الشباب المسلم وغسل ادمغته وتحويله الى قنابل بشرية لقتل الأبرياء وتنفيذ الاعمال الارهابية،وهي تقوم في نفس الوقت بالارهاب الفكري ضد كل من يخالفها في الرأي ويعارضها.الروزخونية تعني تحفيز سفهاء القوم لاختطاف الاسلام وجعله سلما للوصول الى السلطة واعادة ما يسمى بدولة الخلافة الاسلامية التي لا يمكن تحقيقها الا في عقولهم المريضة،واشاعة آيات السيف والقتال القرآنية واهمال الآيات القرآنية التي تدعو للتسامح والمحبة بين الشعوب.الاسلام السياسي انتج الارهاب الاسلامي،وخطره على المسلمين أكثر منه على الغرب.
   الديمقراطية المعاصرة ترفض الروزخونية.الديمقراطية المعاصرة لا تعني التلوث الطائفي واستنشاق البارود  بدل الورود،بل هي في المقام الاول نظام حكم ومنهج سلمي لأدارة اوجه الاختلاف في الرأي والتعارض في المصالح!يتم ذلك من خلال ممارسة حق المشاركة السياسية الفعالة في عملية اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة للجماعة السياسية بما في ذلك تداول السلطة عن طريق الانتخاب.ولم تعد الديمقراطية مجرد ممارسات واجراءات سياسية فحسب بل منظومة من القيم وانماط التفكير والسلوكيات والاتجاهات والاحاسيس.والتربية هي مفتاح اكتساب المواطن هذه المنظومة!.ان مصلحة المرجعية والاحزاب المتاسلمة – المتشيعة مثلا،لا تلتقي مع المثل الشيعية ولا مع مصلحة الطائفة او مصلحة المسلمين عامة،فهي اكثر التصاقا بمصلحة المحتل واهدافه العلنية المكشوفة والمستورة ايضا.الأحزاب العائلية والطائفية العراقية كوموفلاجية الطابع،حاملة سيف ديموقليس،وراية الثقافة الروزخونية العدوانية الممهدة للآيديولوجيات الارهابية والتكفيرية بيوت سياسية من زجاج!ونظامها السياسي ينتج الفساد ويعممه،فسادا سياسيا،يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه،لأنه يستشعر في عمليتي الانتاج والرعاية المصلحة الخاصة الاكيدة!.وبأي حال من الاحوال لا تنفعها الصعلكة السياسية بالمحافل والندوات والمناسف الدينية لأنها فقط ترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي والتلذذ بلمس احلى الكلام..ياسلام!..فيما تسيل دماء الوطن والشعب وتتضخم ملفات الارهاب والفساد ...

يمكن مراجعة دراساتنا -
•   الروزخونية في العراق
•   انقلاب 8 شباط الاسود وشق الطرق الى الكوارث الصدامية والروزخونية
•   جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية
في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

31/1/2008

192
جامعة بغداد والتأرجح الاكاديمي بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية

المهندس الاستشاري/ سلام إبراهيم عطوف كبــة
مـزقي يا ابنة العراق الحجابا
وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه واحرقيه بلا ريث
فقد كان حارسا كذابا
    المؤسسة الاكاديمية روح المجتمع المدني الحديث وقلبه النابض يشغل الاكاديميون موقعهم الطبيعي فيه بالإسهام الجاد في تاريخ العراق المعاصر عبر المؤسساتية الاكاديمية وباقي المؤسسات المدنية،سواء كان ذلك عن طريق المهنة – الاختصاص أو من خلال  أدوارهم السياسية كمواطنين مشاركين في الشأن العام او عبر نشاطهم في الحركة الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية.المؤسسة الاكاديمية وطنية ديمقراطية الطابع وحرة ذات شخصية متميزة،وهي جزء من حركة شعبنا الوطنية لا تنفصل عنها وتناضل من اجل سلامة العمل الاكاديمي في بلادنا.
   مع انقلابات اعوام 1963 و 1968 نضحت بلادنا بمراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والدينية،المستترة غالبا بستار الفكر القومي والديني والمتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار السياسي والمنجرة عمليا(بالرغم من حسن نية غالبية قواعدها)الى مواقع الرجعية،اليمينية والوسطية،المعادية للديمقراطية.وهذه البورجوازية الصغيرة تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني،بسبب اصرارها على القيادة الانفرادية والتزامها ثقافة القطيع الاقصائية ومعاداتها الهستيرية للديمقراطية وتمشدقها بالروزخونية والتحاصص الطائفي.الارتداد الفكري لنصف قرن من الزمن،بقدر ما هو أداة من أدوات المعركة الاجتماعية،يعكس بنفس الوقت هذه المعركة وينطوي على نفس منابعها وجذورها الطبقية والاجتماعية.وجامعة بغداد – اول مؤسسة اكاديمية في بلادنا واكثر مؤسسات التعليم العالي عراقة مرآة خالصة لهذا الارتداد الفكري الذي بدأت طلائعه مع رحيل الدكتور عبد الجبار عبد الله ومحاولات التصفية الجسدية لخيرة اساتذتها من حملة الفكر العلمي ومحاربتهم،وجهود الطغمة التكريتية الحاكمة لتحويل أبناء الشعب الى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة والى بوق إعلامي تهريجي،ومن ثم تسلط العقل الطائفي السياسي الذي لازال يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي  في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس،الامر الذي اسهم كل ذلك في تآكل جامعة بغداد وبقية المراكز الأكاديمية وتحولها الى ميدان للنشاط المخابراتي ارتبطت قياداتها بالأجهزة الأمنية والحزبية الحكومية.وتأرجحت الاستقلالية الاكاديمية مع اجترار الفكر البورجوازي الرجعي وتدنت الثقافة الاكاديمية وباتت أسيرة التبسيط الجامد لإشكاليات الوسط الاكاديمي .
الصدامية و الروزخونية وجهان لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية،ليجر الانتقال من حصص ودروس الثقافة القومية الفاشية في العهد الصدامي الى العبر الروزخونية الاستسلامية الانبطاحية في العهود التالية.لقد تحولت كليات جامعة بغداد حالها حال بقية الجامعات العراقية باستثناء الكردستانية الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية،ليجر تحميل لوحات الاعلانات فيها والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية اكاديمية ومهنية،وتحوي أسماء الاساتذة والتبليغات الجامعية،تحميلها  بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب والفتاوي البليدة.وبدل صور اسحق بن حنين والفارابي وابن سينا والفراهيدي وابن خلدون ونيوتن وغاليلو وآينشتاين ومندليف ومدام كوري يجري تعليق صور خميني وآل الحكيم والصدر.الاعتداءات الاجرامية والاختطافات والاغتيالات تطال الاكاديميين،والتفجيرات الارهابية تطال الجميع!أبهذه الذهنية والعقلية المسيطرة على بعضهم والوضع الامني الاكاديمي المتردي تريدون ان يقف التعليم العالي شامخا؟.
      تتكون مؤسسات التعليم العالي في العراق من 19 جامعة(منها 3 في الشمال)و9 كليات فنية(في الوسط والجنوب)و38 معهدا تقنيا(منها 11 في كردستان العراق). وفسح المجال لفتح الجامعات الأهلية بعد صدور القرار المرقم 814 في 14/10/1987 لتدريس مجموعة من التخصصات العلمية والتقنية التي يتطلبها السوق التجاري العراقي وفرصة لا تعوض أمام العوائل الثرية لقبول أبنائها من ذوي المعدلات المتدنية مقابل أجور دراسية كبيرة كرسوم،ثم انفتح الباب على مصراعيه نهاية التسعينيات بعد أن تجاوز عدد الجامعات الأهلية العشرين شملت التخصصات كافة،كما عملت جميع الجامعات العراقية وكلياتها على فتح القبول للدراسة المسائية وبأجور دراسية بدأت بسيطة وانتهت باهظة جدا كي تستطيع هذه الجامعات من تسيير عملها وشراء المستلزمات الضرورية لدوامها واستمرارها،بعد أن رفعت الحكومات يدها عن دعم التعليم بحجة الحصار والاحتلال وماشابه ذلك من ذرائع عفى عليها الزمن.لم تتخلص المؤسسة الاكاديمية العراقية ومؤسسات التعليم العالي في العراق من مخلفات الدكتاتورية البائدة،ولازال رؤساء الجامعات وهيئات رئاستها وعمداء الكليات ونوابهم ومعاونيهم لشؤون الطلبة يحاولون تسيير الشؤون الاكاديمية اعتباطا وفق الهوى السياسي القائم والولاءات المتنفذة بعيدا عن العقلية المؤسساتية العصرية،في الوقت الذي يعاني فيه الاساتذة الجامعيون من الذهنية التي كانت سائدة في نصف القرن الاخير- العقدة المستعصية في مقاومة الاشتراكية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض أصحابها الى الاهانة المعنوية والايذاء المادي.أبهذه الذهنية والعقلية المسيطرة على بعضهم والوضع الامني الاكاديمي المتردي تريدون ان يقف التعليم العالي شامخا؟.ان 80% من مؤسسات التعليم العالي في العراق تعرضت للتدمير والتخريب والنهب منذ بدء الاحتلال الاميركي عام 2003،ومن ضحايا ارهاب العهد الجديد اكثر من 230 استاذا جامعيا.واعترفت وزارة التعليم العالي العراقية باغتيال 182 استاذا جامعيا حسب معلوماتية اللجنة الدولية لحماية اساتذة الجامعات العراقية،ووفق معلوماتية رابطة التدريسيين الجامعيين في العراق ان عدد الذين تم اغتيالهم من التدريسيين الجامعيين حتى اواسط 2006 بلغ 172،وبلغ من هاجر منهم ال(3000)،واذا شملنا الاستشاريين والمحاضرين فان ضحايا الارهاب من التدريسيين الجامعيين يتجاوز 300 ضحية. ووفق تقارير المؤتمر الدولي حول اغتيال الاكاديميين العراقيين/نيسان 2006 في مدريد فان 80% من عمليات الاغتيال المعلنة استهدفت العاملين في الجامعات،ويحمل اكثر من نصف القتلى القاب الاستاذية والاستاذية المساعدة،واكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد وتلتها البصرة فالموصل والجامعة المستنصرية،و62% من العلماء الذين جرى اغتيالهم يحملون شهادات الدكتوراه،وقد قتل 75% من العلماء الذين تعرضوا لمحاولات الاغتيال.ارقام مروعة،أبهذه الذهنية والعقلية المسيطرة على بعضهم والوضع الامني الاكاديمي المتردي تريدون ان يقف التعليم العالي شامخا؟
    المؤسسة الاكاديمية روح المجتمع المدني الحديث،والمجتمع المدني بوجه عام ضرورة تاريخية اجتماعية لا يمكن اعتراضه الا اذا أردنا الإطاحة بالدولة في صيرورة تكوينها الى دولة رعوية بين أحضان الفساد والطفيلية والولاءات العصبوية دون الوطنية كالطائفية والعشائرية،وهو نقيض الشمولية ونظم القطيع والحزب الواحد التي تجرد مواطنيها من الحريات الاساسية وحقوق الانسان التي تشكل جوهر أي مجتمع ديمقراطي حقيقي او مجتمع مدني حديث.يعني ذلك ان حق المواطنة هو الف باء المجتمع المدني،ويتمتع فيه المواطن بالشخصية المستقلة للرأي والعقيدة والموقف.وتتموضع الديمقراطية في البؤرة التحكمية(Control Focus)للمجتمع المدني ومنهجية عمل الدولة الحديثة معا وتعمل على أساسها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والنقابات ومجالس إدارات الشركات والهيئات السياسية والأحزاب والمنظمات غير الحكومية N.G.O.s ...الخ،وهي تتطور في منظومة العمل المؤسساتي والجمعياتي الحقوقي الحديث وتعني بالاحتكام الى البشر والعقل البشري في شوؤن الحكم وتداول السلطات لأنها التفكير السياسي الذي يعني بحكم الشعب.الديمقراطية تعاكس الغربنة لأنها هدم للتقليد وبناه بينما الغربنة توفر محاولات التكيف والتعايش بين أشكال مختلفة للسلطة دون تغيير جذري.الديمقراطية شرط قيام المجتمع المدني والضمانة الفعلية للأمن والرخاء فيه والإطار المستوعب للتعددية الاجتماعية ومدخلها الأساس الى تداول الحكم عبر الانتخابات والبرلمانية.وتلزم الثقافة السياسية الديمقراطية الحقة المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية معا بمواقعهما في المؤسساتية المدنية وضبط دورهما بالاطوار التعبوية والتعبيرية والمطلبية والتنموية وحق المشاركة في القرارات العامة!
    تتضمن المشكلات والقضايا الكبرى لمؤسسات التعليم العالي في عدم كفاية البنية التحتية والتسهيلات كالمختبرات والمكتبات،عدم كفاية المعدات في كليات الهندسة والعلوم والمعاهد الفنية،الحاجة الى انشاء قنوات اتصال بين الكليات في العراق والجامعات الأجنبية،ضعف العلاقة بين التعليم العالي وخريجيه وسوق العمل،الحاجة الى مراجعة شاملة لأنظمة الادارة في التعليم العالي بما في ذلك تكييف المناهج ومحتويات الفصول الدراسية لمواكبة تغيرات الحالة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد(من الضروري وضع خطة استراتيجية للتأكد من أن الجامعات تؤدي دور الوسيط في عملية التحول الديمقراطي وضمان وصول الجميع الى مواقعهم حسب جدارتهم ووفق أسس مهنية وليس أسس سياسية)،تخفيض الدعم الحكومي للطلبة وتشجيع القطاعين العام والخاص على الاضطلاع بدورهم في دعم التعليم العالي،والتعجيل بإجراء مشروعات وإصلاحيات اقتصادية لتخفيف الضغوط التي يعيشها المجتمع وتؤثر في تطوره العلمي.ومن المشكلات الكبرى لمؤسسات التعليم العالي ما خلفه النظام العراقي البائد من الثقافة التربوية المتهافتة عبر منظمته السلطوية الفاسدة"الاتحاد العام لطلبة وشباب العراق"بعد أن جهدت الطغمة التكريتية لحصر طاقات الشبيبة العراقية وجعلها حبيسة إرهاصات وأزمات الطغمة الحاكمة نفسها!وما اشبه اليوم بالبارحة اذ ان نشر الثقافة الروزخونية التي ترفض الديمقراطية وتعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية وتهريجية لا يقل خطرا عن نشر الثقافة القومية بل تفوقها احيانا في سلم التهافت التربوي!
    منذ 14 رمضان الاسود وحتى يومنا هذا تفرض الطبقات الرجعية كلمتها القذرة النتنة على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بالارتدادات والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب العراقي ثمنها من دماءه الغالية ويتحمل اعباءها المادية!وروزخونية عهد ما بعد التاسع من نيسان 2003 امتداد لحركات الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز ومواصلة نهج خداع الشعب العراقي بالنفعية والانتهازية وموالاة احضان مراكز العولمة الراسمالية!المؤسسة الاكاديمية وجامعة بغداد تتأرجحان بين العمل الحر المستقل والظاهرة الروزخونية نصف قرن من الزمن،ولا توجد اية بارقة امل في الافق!


يمكن مراجعة دراساتنا في الروابط الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

20/1/2008

193
العمل الاستشاري الهندسي ودعم الاعمار في العراق

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

    ليس المقصود بالعمل الاستشاري الهندسي ما تقوم به مجموعة كبيرة من المكاتب الهندسية المنتشرة في أرجاء بلادنا والتي تتشكل عادة من فرد واحد هو صاحب المكتب .العمل الذي تقوم به هذه المكاتب هو وضع التصاميم المعمارية والمدنية والكهربائية والميكانيكية للمباني والعمارات والدور السكنية ، مشاريع لا يزيد فيها مستوى الخبرة الهندسية عن خبرة طالب هندسة متخرج حديثا . نقصد بالعمل الاستشاري الهندسي هو العمل الاستشاري في مشاريع الاعمار واعادة الاعمار ، المشاريع التنموية والتي هي غالبا مشاريع تنموية في البنى التحتية تقوم بها الدولة وتشكل في الواقع المجموع الاستثماري السنوي للموازنة الحكومية ... قبل التاسع من نيسان انفردت الشركات العامة بإنجاز العمل الاستشاري لهذه الكتلة النقدية الكبيرة ومنها : الشركة العامة للمقاولات الانشائية وبعض المكاتب الصغيرة التابعة للشركات الإنشائية والمركز القومي للاستشارات الهندسية ومركز الادريسي. وهناك أيضا المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي – وبعض المكاتب الاستشارية الأجنبية والعربية ولكن بشكل محدود جدا... لم يتجاوز عدد الاستشاريين لدى الجهات المذكورة ال 5000 استشاري من جميع الاختصاصات (مدني – معماري - كهربائي – ميكانيكي – جيولوجي –مائي) والسؤال المطروح كيف قام هؤلاء بإنجاز هذه الأعمال ؟
     من المعروف عالميا في بأن نسبة العمل الاستشاري الهندسي في المشاريع الكبرى تشكل ما بين 10%- 15% من كلفة المشروع وإذا أخذنا النسبة الأدنى أي 10% تكون الكلفة المتوقعة للعمل الهندسي في العام الواحد قرابة 33.3 مليون دولار... وفي حال فرضنا أن كلفة رجل / سنة للاستشاري هي بمعدل 1000 دولار شهريا ( وهو المعدل الذي تحسب به الشركات العامة كلفة الاستشاري المحلي ) سيكون عدد الاستشاريين اللازم في عام واحد لهذه الخطة الاستثمارية بحدود 33000 استشاري أي أن هناك نقصا في عدد الاستشاريين المتوفر بحدود ثلاثون ألف استشاري !! .هذا من ناحية لغة الأرقام . فهل يمكن أن نطرح الآن سؤالا مشروعا من الذي قام بعمل هؤلاء الاستشاريين الغائبين ؟ وهذا يشكل حوالي 90% من العمل المفترض . أي بلغة الأرقام هناك 90% من العمل الهندسي لم ينجز! . هل يفسر هذا الخلل النوعي الكبير الذي حصل ويحصل في المشاريع الكبرى التي حسبت ضمن مشاريع التنمية الكبرى والتنمية الانفجارية والبناء الجاهز وتسليم المفتاح ؟!  . وهل يفسر هذا نسب الإنجاز المنخفضة والملاحق الكبيرة للعقود بالإضافة إلى الغموض الكبير في المواصفات الذي تسبب في الإرباكات الكبيرة في الإنجاز ناهيك عن المشاريع التي دخلت مرحلة الفشل الحقيقي ، أو بعض المشاريع التي لا تؤدي الغرض المطلوب منها وهناك أمثلة كثيرة لا حصر لها على ذلك ؟!.
    ماهو مستوى عمل شركات القطاع العام الاستشارية ؟! لم تعترف صناديق التمويل العربية والأجنبية بالشركات العامة على أنها شركات مؤهلة لديها للقيام بالأعمال الاستشارية في العراق ، وعادة ما تم إجبار الحكومة العراقية على التعاقد مع شركات عربية أو أجنبية مؤهلة ..... كل ذلك بسبب ان هذه الشركات العامة تستفيد من احتكارها للمشاريع ولم تتنبه إلى ضرورة رفع نوعية عملها لكي تقف إلى جانب الشركات العربية أو حتى الأجنبية على مستوى منافس واحد . ولعل مستوى الرواتب والأجور شكل عاملا حاسما في هذا الأمر.
    من المفيد ان تدرس وتقر الشركات الاستشارية العامة استراتيجية مستقبلية واضحة المعالم ذات سياسات وخطط وأوّليات تنجز من خلال برامج تنفيذية مرحلية ، وان تمد جسور الثقة مع جميع الجهات المعنية لاستعادة الدور الريادي للشركات المعنية والحفاظ عليها صرحا وطنيا ساهم في تشييده نخبة من الكفاءات المهنية عبر سنوات طويلة ، وان تضع الآليات الناجعة لمعالجة جميع الاختلالات التي أصابت نشاط الشركات المعنية  خلال السنوات الماضية بل واجتثاث بؤر الفساد دون هوادة ، وان  تفعل العلاقة ما بين مكوني العمل الاستشاري (الإداري والمشرف) لتفادي القصور الحاصل في إعداد بعض الأضابير التنفيذية وتحسين أداء أجهزة الإشراف وذلك بهدف تجنيب منظومة العمل الهندسي العديد من الإشكالات الفنية والعقدية ، وان تعمل على  التحصين الفني والأخلاقي للعاملين من خلال:
1.   ترسيخ ثقافة العمل المؤسساتي والنجاح الجماعي عوضا عن منطق الاستحواذ والخلاص الفردي.
2.   مقاربة آليات ممارسة العمل الاستشاري إقليميا وعالميا.
3.   تحسين شروط المنافسة من خلال التدريب والتأهيل المستمر للكوادر في ظل تعاظم حاجة السوق المحلي والإقليمي للخدمات الاستشارية.
4.   إنجاز دراسة نظام حوافز مجزى وحقيقي.
     مرت سنوات طويلة للآن دون أن يتم السماح للقطاع الخاص بالدخول مضمار العمل الاستشاري الهندسي مما حرم البلد من توطين هذه الصناعة ( من المألوف عالميا اعتبار العمل الاستشاري فرعا صناعيا رافدا للدخل القومي ) . في حين أننا نعرف جيدا بان هناك الكثير من المهندسين العراقيين في الخارج يعملون أو حتى أحيانا يملكون شركات استشارية عربية وأجنبية .
     يصرف سنويا قرابة المليار دولار على العمل الاستشاري في المنطقة العربية نصيب الشركات الاستشارية العربية منها حوالي الـ 17% ونصيب العراق من ذلك لاشيء . إلى متى ستستمر هذه الحالة من الغياب الكامل لمهنة تعتبر من أهم المهن في العملية التنموية . وألا يحق أن نسأل عن الأسباب الكامنة وراء عدم السماح بنشوء عمل استشاري هندسي في بلادنا ؟!
    ان النقص الهندسي في الدراسات للمشاريع واختفاء مراحل كاملة عنه مثل دراسات الجدوى الاقتصادية ودراسات الهندسة القيمية ودراسات الأثر البيئي . واختصار مراحل العمل التصميمي إلى مرحلة واحدة فقط ، كل ذلك هيأ للفساد بكافة أشكاله جوا خصبا للنمو والتوسع. فعندما تكون المواصفات عائمة وغير محددة بشكل جيد ، وعندما يغيب التحديد يكون من السهل التلاعب بالكميات والمواصفات ... وهنا يمكن أن نطرح السؤال التالي : ألا يبدو بأن غياب مهنة الاستشاري تستفيد منها الشرائح الفاسدة بشكل أساسي ؟!. لقد امتلكت هذه الشرائح الفاسدة الدور الاساسي في تغييب مهنة الاستشاري .. وهذا بعينه جوهر الكارثة !! حرصت الحكومات العراقية على إعطاء القطاع الخاص دورا كبيرا في الصناعات المختلفة .. من الأولى ربما كان أن يدخل القطاع الخاص هذا المجال الهام والحيوي والذي يرفع من المستوى الاقتصادي والعلمي للوطن .ما هو العائق اليوم من تشجيع القطاعين الخاص والمختلط لبناء شركات استشارية وطنية تقوم بتطوير المهنة داخل بلادنا ودخول السوق في البلاد العربية وبلدان الجوار؟! .
   ان مستوى المهندس العراقي هو ليس بأقل من أخيه اللبناني والمصري والأردني وحتى من المهندسين في تركيا وايران وهي بلدان تملك شركات استشارية ضخمة وكبيرة معروفة عالميا لدرجة أن احدى الشركات الاستشارية اللبنانية كان لها ترتيب عالمي مع العشرة الكبار عالميا.الخطوة الأولى يجب أن تبدأ من التشريعات فهناك حاجة إلى تشريع يوضح آليات ومراحل العمل الهندسي وآخر يوضح الأسس التي يجب أن تقوم عليها هذه الشركات الاستشارية.
   اما آن الأوان لمعالجة فوضى عمل المكاتب الاستشارية ومكاتب الخبرة الهندسية وتداخل احكامها مع  إحكام قوانين تنظيم الوكالات التجارية .. وفوضى تصنيف الخدمات الاستشارية ؟! . اما آن الأوان لأعادة النظر في قوانين المركز القومي للاستشارات الهندسية رقم 6 لسنة 1990 ومركز الادريسي رقم 7 لسنة 1990 ومركز الاستشارات الهندسية رقم 63 لسنة 1987 وقانون المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم 64 لسنة 1979 ؟!.
    اما آن الأوان لاكمال تصنيف المكاتب الهندسية وتعميم الزامية تدقيق المشاريع الهندسية، ودراسة اسباب الممارسات المهنية غير الصحيحية والظواهر السلبية في مجال الاعمال الهندسية الاستشارية سواء في دراسة الجدوى الاقتصادية او الدراسات الاولية والتفصيلية والاشراف على التنفيذ وفي صيانة واستثمار المشاريع لوضع الحلول اللازمة لها بما يجنب تحمل الاستشاريين لمسؤولية الاخطاء، وبما يؤمن رفع مستوى المهنة وتقديم الخدمات الاستشارية التي تحقق الغايات المنشودة وضمن الكلفة الاقتصادية للمشاريع؟!.
    اما آن الأوان لان يكون للمكاتب الهندسية الأستشارية القرار المستقل لتمكينها من العمل وفق قوانين وانظمة عصرية قادرة على مواكبة المتغيرات العالمية واخذ دورها كاملا في تنظيم مزاولة مهنة الهندسة الاستشارية باستقلالية وفق القوانين والانظمة المرعية، وان يكون بامكانها الدفاع عن مصالح وحقوق العاملين بمهنة العمل الهندسي الاستشاري؟!.
    اما آن الأوان لوضع حد لتفاقم معضلات مكاتب الاستشارات الهندسية بسبب تفرد مكاتب محددة بالحصص الكبرى من إجمالي حجم العمل الاستشاري الهندسي في بلادنا؟!. عندما يصبح حجم العمل صغيرا وعدد المنافسين كبيرا إضافة إلى عدم وجود إجراءات تحد من هذه الظاهرة فإن ذلك يؤدي إلى قيام بعض المكاتب بسلوك طرق غير شرعية لإيجاد مصادر دخل لها!!.
     من الضروري ان ينشأ سجل خاص بنقابة المهندسين وجمعية المهندسين لتسجيل المهندسين الاستشاريين وتخصصاتهم من بين المهندسين الذين ينطبق عليهم شروط ممارسة الهندسة الاستشارية على أن يتضمن السجل البيانات الأساسية عن تخصصاتهم. ويعتبر مهندسا استشاريا كل من المهندسين أعضاء نقابة المهندسين وجمعية المهندسين ممن يكونون قد مارسوا العمل الهندسي بعد حصولهم على بكلوريوس هندسة جامعي أو ما يعادله مدة 15 عاما على الأقل وبشرط أن يكون قد أمضى كل منهم خمس سنوات على الأقل من هذه المدة فى ممارسة نفس الفرع الذي يتخصص فيه على مستوى المسؤولية القيادية، وعلى أن يكون قد تحمل مسئوليات بارزة فى تصميم  وتنفيذ مشروعات هندسية ويعتبرها مجلس نقابة المهندسين مشروعات كبيرة.لا يجوز لمكاتب الهندسة الاستشارية وللمهندسين الاستشاريين أن يبرءوا عقود أعمال هندسية تخالف العقود التي تعدها النقابة والجمعية و لا يجوز لهم مخالفة ما ورد بها إلا بموافقة النقابة.
     ان تطوير ورفع كفاءة المكاتب الهندسية في بلادنا مطلب ملح ويلقي عليها مسؤوليات فريدة حيال التطورات المتسارعة للتكنولوجيا والاكتظاظ السكاني للمدن ووسائل الاتصال والمواصلات والزحف العمراني على الاراضي الزراعية ومشاكل المياه والبيئة. ان العمل الهندسي الاستشاري يخطو خطوات واسعة على طريق التميز والابداع حتى يغدو مثالا يحتذى ... وان المشاريع الهندسية العراقية غدت متميزة ولابد من التأكيد على اهمية منح الاولوية للمهندس العراقي والمكاتب الهندسية العراقية المؤهلة وحقها في العطاءات الحكومية الكبرى .ان الاستشارات الهندسية تشكل احد المحاور الرئيسة في قطاع الانشاءات الوطني وكامل القطاعات الاقتصادية الاخرى.


بغداد
30/6/2007

194


 الأنصار الشيوعيون العراقيون ... الريادة والمعالم التاريخية

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

    يكتسب انعقاد المؤتمر الرابع لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين تموز 2007 في العراق الاهمية المتميزة في ظل الاوضاع السياسية الغاية في التعقيد والارتباك التي تستهدف تأطير المجتمع دينيا وطائفيا اي تبعيث المجتمع العراقي مجددا ، والذي لا يستوي والديمقراطية الحقة !  . ويأتي انعقاد المؤتمر الرابع كأول مؤتمر للانصار الشيوعيين بعد نجاح اعمال المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي ايار 2007 وتتويجا واستكمالا لآلية تقليد عقد المؤتمرات السنوية للرابطة التي التزمت بها بعد انهيار الدكتاتورية التاسع من نيسان 2003 ،  ولتنسيق جهود الأنصار الشيوعيين العراقيين القدامى . لقد تكللت تلك الجهود بالنجاح بالفعل لينعقد المؤتمر الأول لرابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين في آب 2004 في جنوب السويد، والذي أعلن فيه عن تشكيل الرابطة. ولحقه المؤتمر الثاني في شهر تشرين الاول 2005  الذي كرس تحويل الرابطة الى منظمة مجتمع مدني، تدافع عن حقوق أعضائها، وتتواصل مع نضالهم المشرف في الدفاع عن مصالح الشعب العراقي، بجميع مكوناته... وعقد المؤتمر الثالث للرابطة  بداية تموز 2006  اثر مهرجان ثقافي وفني في أربيل / العراق . وأتخذ المؤتمر الثالث قرارات عديدة ، أهمها التأكيد على دور الأنصار في تعزيز التيار الديمقراطي، ودعم التجربة الكردستانية ، والمطالبة باعتبار نضالات الأنصار الشيوعيين العراقيين جزءا من نضالات شعبنا ضد الدكتاتورية، واعتبار شهداء الحركة الأنصارية شهداء للوطن والشعب.  يذكر ان رابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين  توازي في مهماتها جمعية البيشمركة القدامى في الحزب الشيوعي الكردستاني ، وهي جمعية تأسست في النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين لتنسيق جهود بيشمركة الحزب القدامى .
    شكلت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين احدى اهم الصفحات المشرقة في مسيرة الحزب الشيوعي العراقي ونضاله المستميت في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد ، اعادت للحزب هيبته في اوساط الحركة الوطنية العراقية والقوى التقدمية والعالمية في المنعطفات التاريخية الحاسمة للشعب العراقي ، وعززت ارتباط الحزب بالشعب والوطن ! وحركة الانصار الشيوعيين العراقيين تجسيد عملي للمعارضة السياسية – العسكرية للنهج القمعي الدكتاتوري المعادي لمصالح الشعب ولمجابهة العنف الرجعي الشامل للسلطات الدكتاتورية في بلادنا ! وتسعى حركة الانصار الشيوعيين العراقيين اليوم الى المساهمة الفعالة في العملية السياسية والأجتماعية الجارية في العراق من اجل بناء وطن ديمقراطي فيدرالي موحد، حر ومستقل!.. لقد ارتبطت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين أساسا  بالقرارات السياسية للحزب الشيوعي العراقي  لمواجهة حملات السلطات الدكتاتورية ضد الحزب وكامل الحركة الوطنية العراقية في الاعتقالات التعسفية والمحاولات الفاشية لتصفية وانهاء جذور الشيوعية  في بلادنا !.
   كانت حركة الانصار المسلحة في كردستان تجسيدا للكفاح المسلح، خضعت لستراتيجية الحزب ونهجه العام ، لاهدافه وتحالفاته.كانت ظروف كردستان الجغرافية والقومية ملائمة الى جانب تواجد القوى المسلحة- البشمركة (ب – م) التابعة للقوى الكردستانية وقواعدها في الشريط الحدودي. كما كانت للحزب الشيوعي العراقي تجارب لا بأس بها في مجال العمل الانصاري في كردستان. لم يتم اللجوء الى مواقع البيشمركة في الجبال تموز 1978 بمعزل عن مفاتحة مسبقة لبعض العناصر القيادية المجربة في الحركة الانصارية وتشخيص بعض العناصر المؤهلة في هذا المجال وابعادها عن خطر الوقوع في قبضة السلطة وتحديد بعض المواقع الملائمة للعمل الانصاري في الاقليم وتوفير بعض المستلزمات الاولية البسيطة لهذا العمل. وقد ساهمت التغيرات السياسية الجذرية في الوضع في ايران عام 1978، وسقوط نظام الشاه - حليف بغداد اوائل عام 1979، وتحرر مناطق واسعة من كردستان ايران وسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني الصديق عليها ، في خلق ظهير جيد للحركة الانصارية. هكذا توجهت المجموعات الاولى من الانصار الى الجبل اواخر عام 1978 و اوائل عام 1979، ولكن في اوائل تشرين الثاني عام 1981 فقط تقرر رسميا تبني الكفاح المسلح كأسلوب رئيسي في النضال من اجل الاطاحة بالنظام الدكتاتوري واحلال البديل الديمقراطي (وثيقة تقييم حركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي في الفترة ما بين 1979 – 1988 )(1). لقد شكل وجود الحركة الانصارية المسلحة وفعالياتها قوة معنوية للحزب الشيوعي العراقي في مختلف ارجاء العراق ودافعاً لمواصلة النضال واعادة بناء التنظيم!.
     ظل التخطيط لتعريق الكفاح المسلح ضعيفا ، وتعرضت محاولات الاتصال بما نشأ في الاهوار وارياف الفرات الاوسط من تجمعات ومقاومة مسلحة للفشل بفعل اسباب عدة، منها استشهاد بعض الكوادر العاملة في تلك المناطق وضعف تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي وتبعثرها واستمرار الضربات الارهابية لها من قبل اجهزة السلطة الامنية.
•   ثورة 14 تموز 1958 المجيدة
    ثورة 14 تموز 1958 المجيدة – حجر الاساس في العقيدة الانصارية للشيوعيين العراقيين لأنها فجرت تناقضات النظام الاقتصادي الاجتماعي في بلادنا ودكت اداته القمعية السياسية المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي.... وعبرت الثورة عن عجز النظام السياسي و الاجتماعي المباد في حل تناقضاته الاساسية والاستجابة لمصالح الجماهير في الحرية و الحياة الكريمة. لقد اكتملت ونضجت القيادة السياسية و العسكرية التي اخذت على عاتقها اسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد  قبيل تاريخ الثورة عندما نجحت القوى السياسية الوطنية في تأليف جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 ، بعد مخاض طويل و عسير ، عندما تم الاتصال بين عناصر الجبهة ومنظمات الضباط الاحرار في سبيل تفجير الثورة العظيمة ! .
 ترسخت في العقلية السياسية العراقية مشروعية الاستعانة بالجيش ، ولم تعد مؤسسات النظام وبرلمانه موضع حرص من أحد !. حينها رأت المؤسسة العسكرية ان الوقت مؤاتي لدخول المعركة الى جانب الشعب وحسمها لصالحه في ثورة 14 تموز 1958!... قادت حركة الضباط الاحرار الوطنية الثورة الى بحر الامان ، وكانت مؤلفة من المراتب العسكرية ذات الميول الوطنية العامة ، وامتلكت تنظيماتها النشيطة .. وبعد الثورة ازدادت الشخصيات العسكرية المستوزرة لتستلم حقائب رئاسة الحكومة والدفاع والداخلية ، وعلى حساب الشخصيات العشائرية والدينية التي أثبتت خلفياتها غير الكفوءة والاحادية الجانب !. تعود تنظيمات الشيوعيين في الجيش الى ما قبل ثورة 14 تموز وكان تنظيمهم يعمل تحت اسم ( الاتحاد الوطني للضباط والجنود) . وبعد الثورة شكلت اول لجنة مركزية للتنظيم العسكري للحزب الشيوعي العراقي في 18 تموز 1958 . بعد فشل حركة الشواف في الموصل 1959  بلغ عدد الضباط  الشيوعيين وحدهم 235 ضابطا بينهم 3 عمداء و 18 عقيد و 37 مقدم ! .. وضمت القوة الجوية 70 طيارا شيوعيا من أصل 330 ! . لقد شكلت القوة المنظمة للحزب الشيوعي العراقي داخل الجيش 2.5% من تعداده البالغ 110 الف جندي وضابط صف عشية  8 شباط 1963  حيث تحمل الشيوعيون العسكريون القسط الاكبر من ضريبة التصدي للانقلابيين! . كانت  المؤسسة العسكرية العراقية الرافد الرئيسي لحركة الانصار الشيوعيين العراقيين التي اغتنت بالمراتب العسكرية الكفوءة منذ ولادتها .. 
    أشر انقلاب 14 رمضان الاسود استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية الشيعية والسنية رجعية ..... وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية . وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن لتتكرس الهيمنة الشمولية .
•   هندرين
    هندرين من جبال كردستان التي تحيط بحوض راوندوز ... شهد عام 1966 معركة تعتبر في السجل الانصاري للشيوعيين العراقيين باكورة مفاخرهم المسلحة النضالية ..  فإثر الجرائم البشعة التي ارتكبها انقلابيو 8 شباط 1963 الأسود  ضد أبناء الشعب العراقي، بادر أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي الى الالتحاق بحركة التحرر الوطني الكردستانية، وحملوا السلاح تصديا للنهج الفاشي للسلطة، معتمدين على امكانياتهم الذاتية بالتعاون مع بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني . سجل الرواد الاوائل ملاحم من البطولة والبسالة والخبرة العسكرية اثناء قتالهم في صفوف الحركة الكردية ضد اعتداءات السلطات الدكتاتورية المتعاقبة على حكم العراق. لقد قلبت هزيمة الجيش العراقي المريرة في معركة حوض رواندوز وفي جبل هندرين تحديدا ميزان القوى لصالح الكرد. في 2/5/1966 شهد جبل زوزك المواجه لجبل هندرين معارك الكر والفر، ثم احتل الجيش العراقي جبل هندرين بالكامل، بعد ان زج بسبع الوية وحوالي 15 الف مرتزق وخمس كتائب مدفعية من مختلف الصنوف وسربين من الطائرات المقاتلة وعدد من قاذفات القنابل. وفي 12/6/1966 الحق انصار الحزب الشيوعي العراقي بدعم من البيشمركة هزيمة نكراء بالجيش العراقي دونت تفاصيلها في اكثر من مكان في الانسكلوبيديا العسكرية العراقية حيث تدرس خبرة المكائد الانصارية .. نتائج معركة هندرين، وضعت حدا لغرور العسكر وتبجحهم، ومهدت امام حكومة البزاز خوض الحوار مع قيادة الحركة التحررية الكردية وعقد اتفاق سمي ببيان 29حزيران باتجاه تطبيع الاوضاع وابعاد شبح الحرب.. 
•   البيشمركة
     البيشمركة- قوات  الحركة التحررية الوطنية الكردستانية .. محاربون أشداء أقوياء ، لايهابون الموت.. شعارهم ـ كردستان يانمان ـ أي ـ كردستان أو المـوت والفناء ـ ... و تتكون البيشمركة من : بيش ، وتعني ـ قبـل ـ بالكردية . ومركة ، وتعني ـ الموت أو التضحية ـ . و البيشمركة تعني ( قبل الموت والتضحية )،أي أنهم يسبقون الموت الى الهدف!!... بمعنى آخر .. فدائيون. في تاريخ حركة التحرر الكردستاني ، أعطى الكرد الآلاف من الشهداء ، جميعهم لهم مكانة خاصة لدى أبناء الشعب الكردي . واليوم أصبح للشهداء وعوائلهم ـ دائرة خاصة ـ تهتم بعوائلهم وترعـى شؤونهم وشؤون أولادهم ولهم الأفضلية في كافة مجالات الحياة. وبعـد أنتفاضة آذار 1991 وتشكيل حكومة أقليم كردستان تشكلت وزارة تعني بشؤون البيشمركة ، تحت أسم ( وزارة شؤون البيشمركة ) . البيشمركة اليوم جيش منظم ومدرب وتعدادهم بحدود 120000 مقاتل .
    البيشمركة - قوات تحررية وطنية ناضلت لعقود من الزمن للوصول الى يوم كهذا اليوم ، لها جذورها مرتبطة بجذور الأرض وصولا الى الصخـور والمياه الجوفية وأعمق على حد قول الكاتب الكردي احمد رجب . وهم  متواجدون على ساحة المعركة الفعلية قبل أكثر من 42 عاما ولحد اليوم!!.ياترى من هو هـذا الذي يستطيع بـ ( شخطة قلم ) أن يمحوا التأريخ والجغرافية في آن واحـد؟؟؟.
    يقول الاستاذ مسعود البرزاني ـ رئيس أقليم كردستان : " نريد الحفاظ على قوات البيشمركة لأنها رمز المقاومة وهي قضية ليست مطروحة للنقاش ولا التفاوض!!"... وفي مكان آخر يقــول : " لايمكن حل البيشمركة بقرار من أي دولة أو حزب أو شخص ، سيستمر وجودهم مع تغير واجباتهم!!".. بمعنى آخر ليس لأي كان أن يتحدث عن ( رمز ) من أكبر رموز الشعب الكردي الا ـ البرلمان الكردستاني ـ المنتخب والذي يمثل الشعب الكردي كافة... في ضوء هذا المفهوم ليس البيشمركة بالضرورة نصير شيوعي لأن الاخير يعني الالتزام من بعيد او قريب بمواثيق الحزب الشيوعي وامتلاك سجايا وخصائل الرفيق الشيوعي بينما توزع البيشمركة على مختلف الفصائل السياسية الكردستانية .. لكن النصير الشيوعي هو  بالضرورة بيشمركة.
•   العمل الديمقراطي
     كان العمل الديمقراطي اساس وجوهر ومسعى عمل حركة الانصار الشيوعيين العراقيين طيلة تاريخها المشرف .. لأنها ارتبطت أساسا  بالقرارات السياسية للحزب الشيوعي العراقي  لمواجهة سياسات الارهاب الحكومية  !... اي انها اصلا حركة معارضة للنهج الحكومي الاستبدادي .. ورابطة الأنصار الشيوعيين العراقيين اليوم منظمة غير حكومية (NGO) ومنظمة مجتمع مدني تدافع عن حقوق أعضائها، ونضالهم المشرف في الدفاع عن مصالح الشعب العراقي بجميع مكوناته... لم تكن حركة الانصار الشيوعيين العراقيين حركة عسكرية احترافية اي ذات عقلية وعقيدة عسكرية بحتة ومنغلقة ولا هي ميليشيا مسلحة طارئة او عصابة مافيوية من المرتزقة المأجورين بل ضمت رفاق واصدقاء للحزب الشيوعي العراقي من مختلف المشارب المهنية الديمقراطية والمتخصصة  .. عمالا اعضاء في اللجان النقابية داخل المصانع والمؤسسات الحكومية ومنشآت القطاعين الخاص والمختلط ، فلاحين اعضاء في الجمعيات الفلاحية والتعاونية ، طلبة وناشطين في اتحاد الطلبة العام واتحاد الشبيبة الديمقراطي ، نساءا من ناشطات رابطة المرأة ، اساتذة جامعة ومعلمين ومحامين وقضاة ومهندسين واطباء وصيادلة واقتصاديين وعلماء اتسموا بنشاطاتهم المهنية الديمقراطية والنقابية ! الى جانب المراتب العسكرية من الجيش العراقي الباسل ! ..الخ .. جمعتهم الرغبة الجامحة في التصدي الفاعل للنهج الدكتاتوري وتجسيد الحاجة الموضوعية للمواجهة الحازمة للارهاب الحكومي الاستبدادي ! وقبل ان يكتسبوا عضوية الحركة – الرابطة عرفتهم شوارع وساحات المدن العراقية والارياف وجبال كردستان مناضلين اشاوس في التظاهرات الجماهيرية وساحات وبيوت العمل السري والسجون وجبال كردستان والمحتشدات الجماهيرية والنشرات والصحف الحزبية والقاعات الاكاديمية .كانت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين منذ البداية تجمعا ديمقراطيا شبه مستقلا آمنت بالعمل الديمقراطي لبناء تشكيلاتها وهدفا نبيلا تسعى اليه لبناء الوطن الديمقراطي الفيدرالي الموحد، الحر والمستقل.       
•   السلام العالمي والسلم الاهلي
    اكتنزت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين بثقافة السلام او قيم السلام كفعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات والتطور الإنساني. وحملت ثقافة حركة الانصار الشيوعيين او ثقافة الانصار ( صحافة ، شعر وقصة ، فن تشكيلي وكاريكاتير ، مسرح ، التدوين التاريخي للحياة الانصارية ، النشاطات الابداعية الاخرى ) قيم التسامح والعدل والسلام والدفاع عن النفس .   ثقافة حركة الانصار الشيوعيين العراقيين تعني النموذج الوطني للديمقراطية وتعني التعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية ! تعني المؤسساتية المدنية والحذر من السقوط في شرك الكلانية. وهي نقيض ثقافة الخوف والشك بالمواطن! .. وتعني أن يتاح للجميع التعبير عن رأيه في أمور السياسة والمجتمع واتساع الصدور لسماع آراء الآخرين واحترامها! فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات...! ثقافة حركة الانصار الشيوعيين العراقيين تعني فصل الدين عن الدولة ، والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية ، وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات ، ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي ، والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ...!  عاضدت قيم السلام التي اختبرتها حركة الانصار الشيوعيين العراقيين النضال الوطني التحرري الديمقراطي للشعوب والذي يخدم السلام العالمي ، وامكانية تعايش الانظمة الاجتماعية المختلفة في علائق التعاون السلمي لأمد طويل ! ، وتأييد الحكومات في سياساتها التي تخدم السلام واجراءاتها في حل النزاعات بالطرق السلمية !، ودرء خطر الحروب..
    الحزب الشيوعي العراقي كان من أوائل من طالب بالحقوق المشروعة العادلة للشعب الكردي، انطلاقاً من مبدأ حق الشعوب بتقرير مصيرها. وكان المبادر لرفع شعار "السلم في كردستان" في عام 1961، إثر انفجار العنف، آنذاك. وقبلها طالب بالحكم الذاتي لكردستان في كونفرنسه الثاني عام 1956. وكان أيضاً أول قوة سياسية عراقية تطرح، عام 1989، فكرة الفيدرالية لكردستان العراق.
    شهدت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين النتائج الكارثية للحربين العالميتين البربريتين.. الهلوسة النازية... سباق التسلح النووي ... الدكتاتوريات الفاشية والشمولية... جنون حربي الخليج ... هيروشيما والرعب النووي ... الخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم ... الانفاليات الصدامية ... المقابر الجماعية ... الحروب الأهلية في أوربا ... حروب الابادة الاميركية ضد شعوب فييتنام وكمبوديا ولاوس ... الاحتلال الاميركي للعراق ... الارهاب والارهاب الدولي ... الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة كالحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة في المحطات النووية وآثار استخدامات اليورانيوم المنضب DU ... الخ. وحركة الانصار الشيوعيين العراقيين جزء لا يتجزأ من  حركة السلم العراقية والعالمية لأنها حركة جميع الناس الذين يريدون السلام وصفوف الشعب المتراصة التي يجمعها هدف واحد مشترك هو العمل من اجل السلام والسلم الاهلي ... ليس بالسلاح وحده يبنى الامن، كما انه ليس بالتهديد تستقر النفوس، والشعب العراقي ضجر من قعقعة السلاح ويتطلع الى السلم والاستقرار، وكل ما يحتاجه هو دولة آمنة وفرص عمل وتوفير الخدمات وتأمين الارزاق...
•   دركلة
   دركلة – قرية كردية في حوض راوندوز شهدت انعقاد المؤتمر الوطني الثاني للحزب الشيوعي العراقي وبحراسة الانصار الشيوعيين ... لقد توافد على مكان الاجتماع مندوبي الحزب للمؤتمر من كل مناطق العراق وسط  اجواء سياسية وامنية محفوفة بالمخاطر ، ولم يمض على انقلاب 17 تموز 1968 واستيلاء التكارتة على السلطة في بغداد سوى عامين ! .. كان نجاح المؤتمر ضربة سياسية لا يستهان بها للبعث العراقي .. لتبقى  دركلة خالدة في ذاكرة الشعب العراقي الى الابد ومقترنة دوما ببسالة حركة الانصار الشيوعيين العراقيين .
•   القضية الفلسطينية والتضامن العربي
   ارتباطا بموقف الحزب الشيوعي العراقي من القضية الفلسطينية وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في وجه سياسات الاستيطان العنصري والاعمال الارهابية والحروب العدوانية الاسرائيلية، ودعمه لمواصلة الشعب الفلسطيني نضاله من اجل ضمان حقوقه الوطنية المشروعة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ... وبقرار من قيادة الحزب الشيوعي العراقي تواجد عدد غير قليل من الانصار الشيوعيين العراقيين في الاردن عام 1970 ضمن معسكر دعت له الاحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان العربية الى جانب الشيوعيين الاردنيين والسوريين واللبنانيين .. ومع اشتداد حملة السلطة الدكتاتورية المقبورة عام 1978  ضد الحزب الشيوعي وكوادره وأعضائه ومؤازريه، بادرت أعداد غير قليلة منهم للالتحاق، بشكل فردي وجماعي، بقواعد الثورة الفلسطينية في لبنان وعملت على تذليل العقبات التي تقف امام التحاقهم بقواعد بيشمركَه الحركة التحررية الكردستانية ، وتشكيل نواتات لحركة أنصار الحزب ابتدأت في تموز من العام نفسه في ناوزنك، وهي قرية في اقصى شرق السليمانية على الحدود العراقية – الايرانية. وعلى نفس الدرب  بادرت كوادر الحزب الشيوعي العراقي في اليمن الديمقراطية للتدرب على العمل الانصاري في معسكرات اعدتها لهم حكومة اليمن الديمقراطية في عدن وللالتحاق  بحركة الانصار الشيوعيين العراقيين في كردستان العراق لاحقا . سرعان ما التحق بالحركة المئات من الشيوعيين وأصدقائهم، ومن كل بقاع الوطن، ومن خارجه أيضا ... بعد ان تحدوا الصعوبات الجمة، ناشرين قواعدهم في كل ربوع كردستان. فتأسست قواعد حلبجة وبهدينان وهيركي وكوسته عام 1979، وأرتبط ذلك بتحول الحزب الشيوعي العراقي الى معارضة النظام الدكتاتوري المقبور، بعد تنصل الدكتاتورية من ميثاق الجبهة الوطنية الذي وقّع في 16 تموز 1973، وشنها الحملة الفاشية لتصفية الحزب الشيوعي منذ عام 1977 ، وربما أبكر حسب الوثائق المكتشفة بعد انهيار النظام.
•   قزلر
    سطر الشيوعيون العراقيون ملحمة في معركة قزلر البطولية، ففي يوم 24/3/1980 وقبل 27 سنة تصدى أنصار الحزب الشيوعي العراقي ( البيشمركة ) لقوات نظام صدام حسين الدكتاتوري... كانت (معركة قزلر) اول معركة يخوضها الأنصار الشيوعيون ضد دكتاتورية صدام الدموية رغم ان تأريخ نشاط اول مفرزة شيوعية انصارية في هذه الفترة يعود الى نيسان 1979 . وادت معركة قزلر بسبب استبسال الأنصار الى زيادة تعاطف قوى البيشمركة الأخرى مع انصار الحزب الشيوعي العراقي ، واخذوا يبدون استعدادات اكثر جدية للدعم بالعتاد والسلاح والمساعدة في ايصال الملتحقين الجدد، في تلك الظروف الغاية بالصعوبة والوحشية. افادت الانباء حينها وقوع المفرزة في كمين كبير مؤلف من مئات المرتزقة (الجاش) العائدين الى رئيس الجاش ـ قاله فرج ـ  في قرية قزلر ، حيث دارت معركة عنيفة استشهد فيها اكثر من اربعة انصار ... واستطاع من تبقى من المفرزة، العودة الى المقرات متخطين الكمائن والقصف الجوي والمدفعي . لقد خرجت مفرزة الحزب الشيوعي العراقي المؤلفة من 16 نصيراً في الفجر من قرية زيوي في الجهة المواجهة لمدينة السليمانية، وصعدت جبل بيره مكرون الأشم بعد السير لساعات طوال في البرد وعلى الثلوج، ومن ثمّ نزلت الى قرية قزلر الجميلة المقابلة لجبل بيره مكرون والواقعة في وادي ميركبان وعباسان والتابعة لناحية سرجنار ، حيث وصلوها منتصف النهار إذ كانوا متعبين، ولتناول وجبة الظهر... وبعد ساعة واحدة فقط بدأت السمتيات الحكومية بعملية إنزال الجنود والجحوش لتندلع المعارك فورا بين القوات الحكومية الغازية وقوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي . لقد دفع العدو الجبان بأعداد كبيرة من القوات بما فيها القوات الخاصة والجحوش المرتزقة و19 طائرة هليكوبتر ومنها السمتيات التي جرّبها النظام ضد الأنصار قبل القيام بإستخدامها في الحرب ضد إيران. وفي الساعة 6 مساءً بدأت القوات الحكومية من جمع خسائرها وفلولها وترك أرض المعركة والعودة إلى إسطبلاتها ومقراتها. كانت أسلحة الأنصار عادية ورديئة وقديمة. شهدت معركة قزلر إستشهاد الأنصار البواسل :
1. عمر حمه بجكول ( الملا حسين ) عامل في معمل تنقيح السليمانية.
2. شفيق كريم ( شاهو ) مدرس اللغة الأنكليزية في ثانوية روشنبير في السليمانية.
3. معتصم عبدالكريم ( أبو زهرة ) فنّان تشكيلي من بغداد وكان يحمل البرنو.
4. حسن رشيد كادر حزبي من السليمانية ومسؤول قوة حماية مقر اللجنة المركزية في بغداد.
5. كمال مام همزة ( هه زار ) عامل بناء في السليمانية.
•   اذاعة صوت الشعب العراقي
    قامت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين بنقل الاجهزة الاذاعية للحزب الشيوعي العراقي الى كردستان واشرفت على تشغيلها ! ارتفع صوت الشعب العراقي مدويا في الثمانينات في الربع الأول من عام 1981 حيث نهضت إذاعة الحزب الشيوعي العراقي بمهام التصدي للفاشية والدكتاتورية وآثار الحرب العراقية – الإيرانية ودعم حركة الأنصار – البيشمركة . واستمر البث حتى أواسط 1988 دون انقطاعات ما عدا تلك الفترات الحرجة الاستثنائية بسبب من العمليات القتالية. واجه العاملون في الإذاعة المركزية آنذاك معضلات جمة مثل الحصار العسكري والاقتصادي بسبب الأعمال القتالية، والطبيعية القاسية لجبال كردستان ومناخها. لقد انطلقت الإذاعة من منطقة ( بيتوش - ناوزنك ) الحدودية مع إيران وسط منطقة لا ماء فيها ولا أخشاب ، وانتقلت فيما بعد الى عدة مواقع بسبب من القصف العراقي بالمدفعية والطيران وقصف القوات الإيرانية والتركية. وهي المرة الاولى التي يملك فيها الحزب محطة اذاعة خاصة به . جرى نقل اجهزة الاذاعة بعد عيد نوروز عام 1985 مباشرة من لولان الى خواكورك في صناديق محكمة للحفاظ عليها من التعرض لأمطار الربيع او السقوط في النهيرات الحبلى بالمياه سريعة الجريان !وقد تحرك المهندسون والفنيون الاذاعيون لأعداد مواقع البث الجديدة ، واقامة المرسلات الهوائية بصحبة المحررين والمذيعين بعد نقل الاثقال على ظهور البغال... كل ذلك للابتعاد من التماس مع المواقع الايرانية اثر عسكرة القوات الايرانية داخل الاراضي العراقية قرب مواقع البيشمركة .  جرى إيقاف بث الإذاعة سنة 1988 بعد ازدياد ضغط النظام وحملاته في الأنفال سيئة الصيت.
   لا يخفى الدور الذي لعبته اذاعة (صوت الشعب العراقي ) في نشر سياسة الحزب الشيوعي العراقي المجيد كونها جهاز دعائي وتحريضي اعلامي رئيسي في الحزب. وتلهفت الجماهير الى سماع الاخبار والتحليلات والبرامج من الاذاعة المكافحة بلا هوادة ضد الدكتاتورية والفاشية وفي سبيل الحقوق والحريات الديمقراطية واقامة البديل الديمقراطي الذي يرتضيه شعبنا....ومن اجل ترسيخ نهج الديمقراطية والتجديد في الحزب ، ونشر تجارب الحركة الوطنية و الحزب الشيوعي العراقي في كسب وتعبئة جماهير الشعب على اختلاف فئاتها الاجتماعية وتجارب العمل الجبهوي وفضح جرائم النظام وحملات الابادة والتهجير والترحيل من كردستان... ومن اجل المصالحة الوطنية في كردستان والدفاع عن حرمة اراضي وسيادة واستقلال العراق.
     بعد انتفاضة آذار المجيدة لسنة 1991 شرعت الإذاعة بالبث من جديد وانطلق الصوت مدويا عاليا ( صوت الشعب العراقي ، صوت الديمقراطية والتقدم، إذاعة الحزب الشيوعي العراقي ).  كانت البداية في مجمع"باسرمة" او "بيسرم" في دشت حرير. وكان البث تجريبيا لمدة (15-20) دقيقة استمر لما يقرب من شهرين وانتقل تحرير الاذاعة بعد ذلك الى شقلاوة ومن ثم المعدات. وهنا تعتبر البداية الحقيقية بعد ان تكاملت عناصر ومستلزمات العمل. توقف بث إذاعة صوت الشعب العراقي مرة أخرى أواخر آب عام 2003 بقرار من اللجنة المركزية  للحزب الشيوعي العراقي!.
•   روستي
   روستي – قرية كردستانية على سفح جبل "حصار روست" الذي يمتلك اعلى قمة جبلية في العراق تدعى "هلكَورد " .. و يقع حصار روست خلف جبل حسن بيك في ناحية سديكان بمحافظة اربيل باتجاه الحدود الايرانية . وتتميز روستي بطبيعتها الوعرة القاسية وبدروبها الشائكة وبعيونها المائية العذبة وباشجار الجوز الكثيفة وببساتينها المثمرة ، وبموقعها العسكري الاستراتيجي الذي لا يبعد سوى 6 ساعات (سيرا على الاقدام )عن كلالة – الموقع التاريخي للحركة الكردية ! و 3 ساعات فقط ( سيرا على الاقدام )عن معسكرات الجيش العراقي وراجماته الصارروخية وصواريخ الارض – ارض التي نصبها على  حسن بيك. لقد اتخذ الانصار الشيوعيون وباقي القوى الكردستانية من روستي قاعدة خلفية لمفارزهم المتحركة في دشت اربيل وحوض راوندوز ومنطقة ميركسور!... وامتازت سرية الانصار الشيوعيين في روستي ببسالتها التي ابهرت سكان القرى الكردية المحيطة عبر الفعاليات العسكرية الجسورة واقتحام الربايا العسكرية العصية وكمائنها المحكمة واسرها اعداد المراتب العسكرية والجاش ، وصدها الناجح لتقدمات الجيش العراقي وانزالاته الجوية المتكررة ! مع تقديمها اقل ما يمكن من التضحيات .. دخلت سرية الانصار في روستي تاريخ حركة الانصار الشيوعيين العراقيين من اوسع ابوابها لأحتفاظها بقاعدة روستي من عام 1981 ، وهو عام تأسيس القاعدة ، حتى عام 1988 والانسحاب الشامل للانصار الشيوعيين من كردستان العراق... دون ان تدنسها القدم الهمجية للدكتاتورية وجاشها الجبان ! 
•   بشت آشان
    عام 1981 فرضت على  حركة الانصار الشيوعية  معارك جانبية من الأطراف " المتحالفة " في الصراع ضد النظام الدكتاتوري ، في مناطق وورته ومليكان ضمن محافظة اربيل ، من جانب الاتحاد الوطني الكردستاني ، استنزفت الكثير من الطاقات والجهد ، كان يمكن استثمارها وتوجيهها ضد الطغمة الدموية في بغداد آنذاك ... كانت قيادة الحركة الكردية في غفلة من مصالح وطموحات الشعب الكردي وبالتالي الشعب العراقي عامة .. كان بالإمكان حقن دماء المناضلين وتوجيه فوهة البندقية صوب النظام . المصالح الذاتية وحالة الاستئثار بالنفوذ والاستحواذ على المناطق ، هي العقلية السائدة آنذاك  لدى القادة في الحركة القومية الكردية . التأريخ لا يرحم أحدا وسفك دماء الأبرياء والمناضلين سواء في الحركة الكردية أم الحركة الوطنية العراقية المعارضة للدكتاتورية والفاشية جريمة لايغتفر عنها . تكررت المأساة ثانية وبصورة أكثر بشاعة في ايار 1983 ، عندما وقعت أحداث "بشت آشان" ، راحت ضحيتها أكثر من 65  شهيدا من خيرة المناضلين الشيوعيين من الكوادر الحزبية والسياسية والعلمية .
    مجزرة بشت آشان لم تكن نتيجة لهوة الخلاف والصراع ما بين ( جوقد ) و ( جود ) ، وإنما نتيجة منطقية وعربون لحسن النوايا لإتمام صفقة جرت التباحث حولها بين النظام الدكتاتوري الدموي المقبور في حينها واحد إطراف الحركة الكردية ... وكان زج حركة الانصار في معارك كبيرة غير مبررة "رغم بطولة الانصار واستبسالهم في هذه المعارك" الا انه كان يمكن تجنبها وتفادي الخسائر الجسيمة التي تحملها الحزب... كان ذلك احيانا بسبب اخطاء في تقدير الموقف السياسي من قبل قيادة الحزب، كما حصل بشكل واضح عند دخول الحزب كطرف في الصراع بين القوى الكردية وما نتج عنه في انتكاسة بشت آشان عام 1983 (وثيقة تقييم حركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي في الفترة ما بين 1979 – 1988). الصراع الكردي - الكردي لم يلحق الضرر بالحركة القومية الكردية وطموحاتها المشروعة في تمتع الشعب الكردي بحياة حرة كريمة ضمن عراق ديمقراطي فيدرالي حر  فحسب وإنما شوه مصداقية الحـركة الكـردية خاصة والمعارضة الوطنية العراقيـة المناهضة لحكم الدكتاتورية والإرهـاب في بغداد عامة ، وخـلق أرضية خصبة لتدخلات خارجية سافرة للقوى الإقليمية لتمرير مخططات الدول الكبرى وبالذات الإمبريالية الأمريكية لإبقاء حالة اللا حرب واللا سلم سائدة في كردسـتان وبما يخدم الأهداف الإستراتيجية لهذه القوى في المنطقة. ناهيك عن المحاولات الدكتـاتوريـة في تأجيج الصراعات وتحويل كردستان لبؤرة توتر دائم نظـرا لتواجـد المعارضة الوطنية العراقية فيها .
•   الفعاليات الانصارية المسلحة
    تطورت امكانيات حركة الانصار الشيوعية  من حيث المال والسلاح ومن الناحية النوعية والتكتيكات الانصارية، وخاضت المعارك بمعنويات ومستويات جيدة وبروح جهادية عالية وحققت بعض الانتصارات في مجال العمل الانصاري. وتوسع نطاق الفعاليات الانصارية التي وصلت حتى الى داخل بعض المدن الكردستانية... اقترن ذلك بنشاطات لمفارز انصارية داخل المدن نفسها (مدينة اربيل، بعض مراكز الاقضية، المجمعات السكنية القسرية).. واصبحت حركة الانصار قوة اعادت هيبة الحزب ليس فقط عند الاصدقاء والاشقاء، بل ايضا لدى الاحزاب والقوى المعارضة الاخرى التي تتعامل مع الحزب الى حد بعيد من خلال تلمس قوة حركته الانصارية المسلحة، كما عززت هيبة الحزب لدى جماهير الشعب، ورفعت من معنويات الرفاق والجماهير وبددت مشاعر خيبة الامل والاحباط ومخاطرهما. ومن الامثلة العديدة على الفعاليات المذكورة عملية الطريق الدولي في منطقة بهدينان عام 1981.كما لعبت حركة الانصار دوراً بارزاً في استهاض الجماهير في المنطقة وفي انتفاضاتها اعوام 1982 و1984 و1987.
    سطرت حركة الانصار الشيوعية  صفحات بطولية مجيدة في معارك شهرزور وقرداغ وكرميان وقلعة دزة ودربنديخان وكفري وطوزخرماتو والعمادية عام 1984- 1985 وساهموا في تحرير مانكيش  وسيطروا على مطار بامرلي ثلاث مرات وضربوا مواقع السلطة في القوش. كما ساهموا في معارك نريكين عام 1986 وقاموا بتحرير ناحية نوجول واقتحام فوج سوتكي وقائمقامية شقلاوة ودخول جامعة صلاح الدين وخاضوا عشرات المواجهات والمعارك الاخرى، وتوجوا هذه المعارك بالالتحام بالانتفاضات والهبات الجماهيرية في مدن وقصبات كردستان ربيع عام 1987. وشهدت مناطق اربيل معارك بطولية واسعة مع قوات النظام من ابرزها معارك: حسن بك في دشت اربيل ، وقرجوغ، وهيلوه، وبستانه، وهنارة، و....الخ، واستطاعت فيها المفارز الانصارية احتلال العديد من الربايا والسرايا والحصول على كميات من السلاح والعتاد واجهزة الاتصالات والسيارات. ووصل الامر حد خوض معارك جبهوية ضد قوات النظام، كما حصل في معارك ( بناوي ودول سماقولي) التي استمرت 11 يوما. حدث ذلك بعد رجوع اوك الى خندق المعارضة، والذي ترك اثرا ايجابيا على مجمل الوضع والنضال الذي تخوضه الحركة الانصارية.
     واجهت حركة الانصار الالة العسكرية الجهنمية للنظام الدكتاتوري قبل فترة ايقاف الحرب العراقية – الايرانية وبعدها في مواجهات باسلة وفي معارك مختلفة شملت كافة اجزاء كردستان في مناطق سوران وبهدينان رغم عدم التكافؤ في ميزان القوى واستخدام النظام الاسلحة الفتاكة الكيمياوية والجرثومية والفسفورية ضد الجماهير والحركة الانصارية.
     لم يتوان أنصار الحزب الشيوعي في دعم انتفاضات شعب كردستان ضد الحكم الشوفيني، كما حصل في انتفاضات اعوام 1982 و1984 و1987 وغيرها. وكانوا،أحيانا، المبادرين لتلك الانتفاضات المجيدة. لقد جعل الارهاب الدكتاتوري اليسار العراقي والحزب الشيوعي متخندقا في الجرح الكردستاني ، بينما كانت المصالح الاقتصادية والولاءات العشائرية وراء بقاء بعض الكرد من الخونة ضمن جيش الأنفال والجراد ؟
•   المرأة النصيرة
    لاول مرة في تأريخ حركة الانصار الشيوعية  شاركت المراة في الكفاح المسلح، فقد التحقت عشرات من الرفيقات في صفوف الانصار، ومنهن من زاول العمل العسكري ضمن مفارز قتالية وعملت اخريات في مجالات المخابرة والتمريض والاعلام.. الخ ومنهن من استشهدن في طريق الكفاح فجسدن التضحية والفداء امثال الشهيدتين احلام وانسام.
•   زيوه
     اقترنت منطقة زيوه القريبة من "كاني ماسي" بالضربة الكيمياوية التي وجهت الى احد مقرات حركة الانصار الشيوعية فيها . في ذلك اليوم المشؤوم 5/6/1987 ، أغار سرب من الطائرات الروسية الصنع والعراقية الملكية نوع سوخوي على المقر، حيث أفرغت سبع طائرات حمولتها من القذائف ( 35  قذيفة ) زنة نصف طن في تمام الساعة 18.50 مساء مطعمة بغاز الخردل ... أدت هذه الغارة إلى استشهاد بعض الكوادر الحزبية بالإضافة إلى العوائل والأطفال المتواجدين في المقر، وأصيب ( 150) رفيق ورفيقة وطفل عانوا جميعا من فقدان الرؤية المؤقت والحروق الجلدية وصعوبة التنفس وآلام المعدة والحروق وشلل الأرجل. كما يبدو من تاريخ الغارة الكيمياوية انها جاءت قبل قصف حلبجة وفي باكورة الانفاليات الكردستانية...   
•   الانفاليات الكردستانية
      دشنت الانفاليات الكردستانية واستخدام الكيمياوي في الحرب العراقية الإيرانية ذات النمط التقليدي بالثمانينات مرحلة اتسمت بفوضى السوق العراقية والإيرادات الاقتصادية والعسكرية المتنامية من الغرب والولايات المتحدة. استخدم الكيمياوي في حرب ابادة شاملة ضد الشعب الكردي لتحطيم إرادته، وفي سياق سياسة تطهير عرقي فريدة من نوعها .. أواسط نيسان 1987، تعرضت قرية ( شيخ وسان) في وادي باليسان في اربيل للقصف الكيمياوي وجمع الجرحى وكانوا قرابة (400) شخص في مراكز الحجز في اربيل ، ثم اختفت آثارهم بعد نقلهم إلى خارج المدينة ! وقبل ذلك التاريخ بأسابيع قصفت مناطق سركلر، هلدن، قرةداغ، كاني تو واغجلر بالكيمياوي... ثم جاء قصف حلبجة وإعدام الناجين في تانجرو بمثابة شرارة التفاتة الإعلام الغربي إلى الكارثة المحدقة حيث انتشر الغاز في المدينة مسافات بعيدة في لحظات !.  شرع النظام العراقي بحلقته الانفالية الخطيرة اثر موافقة إيران وإعلان قبولها بوقف الحرب وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (598) فهاجم زاخو والعمادية وبامرني وسرسنك والشيخان وسيدكان وباليسان وارتوش...  وفي 29/8/1988، هاجم وادي(بازي)فقتل(3000) مواطن كردي. وشملت الحملات الانفالية (33) قرية في دهوك فقط . بينما تعرضت مناطق تابعة لمحافظتي السليمانية وكركوك مثل شيخ بزيني  وشميران الى الهجمات الكيمياوية في تشرين الأول عام 1988.
    بلغ عدد الهجمات الكيميائية العراقية في الحرب مع إيران فقط (232) هجوما معظمها داخل الأراضي العراقية. وفي خريف 1986 وحده بلغ عدد ضحايا القصف الكيماوي(118)ألف بعد أن بلغ (10273) إصابة عام 1984 فقط. واستخدم النظام في هجماته الشتوية غازات الخردل، وسيانيدالهايدروجين، والتابون، والسارين، والأعصاب. إضافة إلى الخسائر البشرية الكبيرة سببت المواد الكيماوية خللا ايكولوجيا وبيئيا خطيرا فتآكلت الطبقة الخصبة من التربة، وأبيدت بيولوجيات كاملة، ودمرت المساحات الخضراء.
    تجمع فيلقان من الجيش العراقي بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية مباشرة في مناطق كاني ماسي ، بيكوفه  وزاخو لمحاصرة ليس فقط الأنصار والبيشمركة فحسب  وإنما سكنة المنطقة بأكملها .. وبدأت الضربات بالأسلحة المختلفة ومن ضمنها الكيمياوي ، واشتدت الضربات بحلول أيلول عام  1988 ، لم يـكن بالإمكان مقاومة تلك الأسلحة مـن قبـل الحركة الأنصارية وقوات البيشمركة مما اضطررها إلى مغادرة المنطقة إلى داخل الأراضي التركية . ما حصل في بهدينان ، حصل ايضا في مناطق سوران لتنتكس الحركة الانصارية مؤقتا ..  لقد انتكست الحركة الانصارية عام 1988 لاسباب ذاتية وموضوعية بعد ان تركت دروسا غنية للحزب ومسيرته، ولعموم الحركة الوطنية في بلادنا. ومع ذلك لم تستنفد الحركة الانصارية في كردستان طاقاتها رغم ما اصابها من ضعف وانتكاس.
    واجهت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين ليس فقط الآلة العسكرية العراقية فحسب وإنما القصف الإيراني والتركي في ذات الوقت سواء بالمدفعية أو الطائرات الحربية ، بمعنى آخر كانت محاصرة من قبل ثلاثة أنظمة متناحرة فيما بينها ومتفاهمة على تحطيم حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين وان كان هذا التفاهم بشكل غير مباشر كحالة النظامين العراقي والإيراني اللذين كانا في حالة الحرب ، رغم كل الجهود ، فان محاولاتهم باءت بالفشل وبقيت هذه الحركة تمارس نشاطاتها حتى ما بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية واستخدام النظام العراقي البائد للأسلحة المحرمة دوليا ليس فقط ضد الحركة وقوات البيشمركة وإنما شملت مجمل الشعب الكردي بحملاتها المشؤومة والتي سميت بعمليات الأنفال السيئة الصيت .
   ان دور الأنصار الشيوعيين سرعان ما عاد بارزاً بمشاركتهم فصائل بيشمركَه القوى الكردستانية، في تحرير أراضي كردستان العراق من رجس النظام المنهار إبان انتفاضة ربيع 1991 الشجاعة، بل ووصلوا الى مشارف محافظة ديالى. وبرز في هذا الجانب الدور القيادي للجبهة الكردستانية، التي تأسست في عام 1988 من جميع القوى السياسية الكردستانية، اضافة الى الحزب الشيوعي العراقي، عبر منظمة أقليم كردستان، قبل تشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني – العراق في عام 1992، والتي وقع ميثاقها في مقر الحزب الشيوعي العراقي في خواكورك، في الأراضي العراقية قرب المثلث العراقي – التركي – الايراني. ومما له دلالة كبيرة، اليوم، ان تلك الجبهة الكردستانية اختارت أول منسق لنشاطها الفقيد الدكتور رحيم عجينة، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، حينها، وهو العربي القومية.
•   شقلاوة
   حصلت مدينة شقلاوة الكردستانية في اربيل على شرف عقد الحزب الشيوعي العراقي 3 مؤتمرات وطنية له فيها " الخامس 1993، السادس 1997، السابع 2001 ".. وبحماية الانصار الشيوعيين في ظل المنطقة المحررة والملاذ الآمن!.. ومن شقلاوة كانت تبث اذاعة (صوت الشعب العراقي ) اعوام 1993 – 2003 .. توقف بث إذاعة صوت الشعب العراقي أواخر آب عام 2003 بقرار من اللجنة المركزية  للحزب الشيوعي العراقي على امل مواصلة البث في ظروف افضل... وفي شقلاوة كانت تحرر طريق الشعب لتطبع في اربيل في نفس الفترة!
•   الحياة الريفية
    شقت حركة الانصار الشيوعيين العراقيين طريقها في كردستان العراق وسط غابة من الاجراءات الحكومية العدائية (سياسة الارض المحروقة، تشكيل الافواج الخفيفة، وقرارات العفو، الاجراءات الامنية، تسليح سكان العديد من القرى، ملاحقة عوائل الانصار..)... وحياة ريفية قاسية ومتخلفة . كان على التصير الشيوعي اتقان الاعمال الريفية البسيطة لا لأغراض الاكتفاء الذاتي للحركة بل لمساعدة الفلاحين الكرد عند المحن ! وتوزعت الاعمال الريفية على جمع الحطب والتحطيب ، بناء القاعات الانصارية من الحجر والطين والجلو ، الزراعة ، جمع الثمار البرية " الجوز والبلوط والكستناء.. الخ" و الريواس و الكيلاس والكعوب والفطر، الصيد البدائي للاسماك والطيور والحيوانات البرية " القبج الجبلي والارانب .. الخ "، العناية بحيوانات النقل كالبغال والاحصنة ، ... الخ .
    لقد اتسمت البنية التحتية لاقتصاد كردستان العراق بهشاشة الإنتاج وفقره وضعفه والتدني الشديد لمستواه كما وكيفا ، وببدائية وسائل الإنتاج والتخلف التكنولوجي . والاقتصاد الكردستاني رعوي زراعي خدمي تتعدد وتتداخل أنماطه  .... بينما لم تسهم الصناعة فيه الا بنسبة ضئيلة من الناتج الإجمالي لا تتجاوز حدود (10%) فقط. وبقي الوضع الطبقي في الإقليم يتسم بضعف وخضوع وجهل وتشتت الفلاحين الكرد وجنينية الطبقة العاملة حيث الانتشار الواسع لطابع العمل الموسمي . وأستغلت السلطات والمؤسسات في المناطق الخاضعة للحكومة المركزية التهجير القسري للكرد وتنقلهم المستمر في عمليات تنظيف صفوف العمال ! عن طريق تبديل القدماء بالمهاجرين الجدد مستغلة هشاشة التشريعات القانونية والرقابة الحكومية والأوضاع الاستثنائية والاحتراب الكردي- الكردي والهجمات الوحشية للدكتاتورية على مناطق كردستان .
     اقتصاد كردستان العراق مغلق ( عائلي ) يقوم على إعادة الإنتاج البسيط والإنتاج الأسري أولا ومن اجل المقايضة ثانيا . وتنتظم العلاقات الاجتماعية فيه على أساس القربى وصلة الدم وتتجدد مفاهيم " الزعامة، الأيديولوجيا ، التشريع" على أساس عشائري وبدائي في التعاقدات. وقد حدت أوضاع عدم الاستقرار منذ عام 1961 من عمليات التغيير الاجتماعي الشاملة التي كان يفترض ان تترافق مع الإصلاحات الزراعية وقوانين تنظيم الملكية الزراعية بسبب من احتكار المراكز والمسؤوليات السياسية ، وولاء التشكيلات المسلحة في الحركة الكردية من قبل نفس المتنفذين المتضررين من الإصلاحات ، والسياسة الشوفينية للسلطات المركزية في جميع الميادين ، ونهج التعريب سيئ الصيت ، والتهجير القسري للقرى والمجمعات الاستيطانية ، ونواقص نصوص القوانين والإصلاحات وثغراتها. وقد سببت الحملات الأنفالية اضطرابا كبيرا في بنية الملكية الزراعية وأدت الى تدمير 80% من الريف والقرى الكردية واغتصاب الملكيات الزراعية وعموم حقوق الملكية . كما استحوذ نفر من المتنفذين ( الأفواج الخفيفة – الحجوش) على المساحات المحرمة الحدودية .
     منذ أيلول 1980 طبع الريف العراقي بآثار دمار حروب النظام العراقي . وتعرض الريف الكردستاني عموما إلى الإهمال المتعمد وخراب سياسة التهجير ألقسري سيئة الصيت ودمار حروب النظام وحربه ضد الشعب الكردي والى الغزوات التركية ، فكان منحى تطور ريف كردستان استثنائيا يعاكس تطور عموم الريف العراقي فدمرت قراه وسبي أهله . وحتى عام  1992 جرى محو أكثر من ( 3500 )  قرية كردستانية كحد أدنى ، بينما تذهب بعض المصادر إلى ابعد من ذلك ليصل عدد القرى المدمرة إلى (4573) قرية ومدينة كردستانية كما جاء في نشرة منظمة حقوق الإنسان في كردستان لعام 1992 . وفي حين تتباين القرى الكردستانية في حجومها ويتراوح عدد الوحدات السكنية فيها بين (20) وحدة سكنية إلى أكثر من (300) وحدة حسب الإحصاء السنوي لعام 1971..... يتضح انه جرى تدمير قرابة (280) ألف وحدة سكنية ريفية كردستانية مع خدماتها الفنية والاجتماعية ... فيما عدا القصبات والمدن ! وتضم هذه الوحدات المدمرة أكثر من مليونين وربع المليون شخص تشغل أكثر من (80) أل

195
المؤسسة العسكرية في العراق الجديد

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

    شهدت بغداد التاسع من نيسان عام 2003 دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية والشروع بالاحتلال المباشر لتمر البلاد بالمرحلة الاستثنائية -  الانتقالية او الكارثة الوطنية بعينها. لم يسقط النظام ولكن ايضا سقطت الدولة وانهارت، وادى فقدان الحكم الى اعطاء سلطات كبيرة الى المحتلين رغم تأسيس مجلس الحكم وتشكيل الحكومة المؤقتة ورفع العقوبات الأقتصادية . ومجد القرار 1483  للأمم المتحدة سلطات الاحتلال وأكد على الدور الاستشاري فقط للعراقيين والسلطات الكاملة للمحتلين. واقرت قرارات الأمم المتحدة  1500 ،1511  بمجلس الحكم العراقي، وبسلطات الاحتلال الأميركي التي هي فوق كل اعتبار . اتخذ بول بريمر، المندوب السامي الامريكي في بغداد،في 23 /4/2003، قرارا بحل الجيش العراقي نهائيا وحل كل القوي العسكرية وشبه العسكرية المرتبطة به... انهار الجيش العراقي كمؤسسة عسكرية، وكوحدات وافراد...انهار الجيش العراقي كأحد اهم ادوات الدولة في العراق الحديث ، وقد تلت الانهيار عملية تدمير منظمة وشاملة لمعسكراته ومراكز تدريبه ومبانيه الادارية ومراكز تحكمه، بما في ذلك بنايات وزارة الدفاع في العاصمة بغداد.   
     اختزن الجيش العراقي تجربة عسكرية طويلة عبر سلسلة من الحروب والمعارك خلال ثمانين عاما من تاريخه. وهو جيش حديث لأنه اتبع وسائل وانماطا عسكرية حديثة واستهلك نسبا عالية من ميزانيات الدولة العراقية في سبيل تجهيزه بما هو متاح سياسيا من عتاد عسكري حديث... كما ضمت صفوفه ضباطا تلقوا مستويات تعليم رفيعة ومتميزة، علي الأقل خلال السنوات الثلاثين الاخيرة.لكن ازمة المؤسسة العسكرية العراقية جزء من الازمة العامة للمؤسسات العسكرية في البلاد العربية وهي استهدافها ان يبقى الجندي مجرد آلة قتل فائقة التدريب، لا تلعب شجاعته او حنكته او ايمانه بقضية ما اي عامل رئيسي في موقعه او دوره العسكري، يخوض المعارك كجزء من آلة اكبر وأعظم من المعدات وادوات السيطرة وطاقة النيران... الامر الذي تسبب في التكديس المستمر للعتاد العسكري الحديث! هكذا نمت المؤسسة العسكرية العراقية بافراط – حوالي 14 مرة بين 1950 و 1980 فقط ... في الوقت الذي نما حجم السكان 3 مرات والجهاز الاداري للدولة 10 مرات فقط. وفي عهد البعث بلغ التناسب بين القوات المسلحة والسكان نسبة 33 فردا لكل 1000 نسمة واحيانا 60 فرد لكل 1000نسمة وهي اعلى معدلات في العالم لان المعدل العالمي هو 7 لكل 1000 نسمة زمن السلم ! (فالح عبد الجبار / الثقافة الجديدة / عدد 295) . وبلغ الانفاق العسكري العراقي عام 1994 ما يعادل 14.6% من الناتج الاجمالي الوطني  اي الانفاق الاعلى بمستوياته في جميع البلدان العربية . ويبلغ هذا المعدل 3.2% عالميا و 3.6% في البلدان النامية .ومع افول العهد الصدامي هبطت القدرات العسكرية العراقية الا ان الماكنة العسكرية احتفظت بقدرتها على توجيه اللكمات لضمان بقاء صدام حسين في السلطة ! وامتلك العراق قبيل سقوط الطاغوت : 2000 دبابة ، و 200 – 300 طائرة اعتراضية وهجومية ، 1000 عربة مصفحة مدرعة ، 2000 ناقلة جنود ، 800 دبابة خفيفة للمشاة ،200 مدفع ذاتي الاطلاق و 1500 مدفع آخر متطور ! ، 100 طائرة هليكوبتر ، 6000 مدفع مضاد للطائرات ، 1000 صاروخ ارض – جو ! وصواريخ سكود ... كان الجيش العراقي كبيرا وفاعلا ، 350 – 400 الف جندي وترسانة فتاكة من الاسلحة ! ...حرص صدام حسين على اعادة تشكيل المؤسسة العسكرية لضمان الهيمنة عليها ، وتسهيل مراقبتها وادارتها وضمان ولائها ، وحمايتها للنظام القائم ورموزه وولائها للدكتاتورية الشمولية . وأدرك صدام اكثر من غيره مدى خطورة المؤسسة العسكرية على نظامه وعرف حقد ابناء القوات المسلحة على الحكم ورغبتهم بالخلاص منه فاستحدث الحرس الجمهوري خارج اطار المؤسسة التقليدية بعد ان اسس تشكيلات الجيش الشعبي غير النظامية وادخل البلاد في اتون كارثة حربية مع ايران اعقبها حربا مجنونة مع العالم ! في غزوه للكويت .استحدثت اجهزة الحرس الجمهوري الخاص والامن الخاص وتوسعت التشكيلات المسلحة غير النظامية... ولا يكاد يمر شهر دون ان تكون هناك كوكبة من العناصر الوطنية من ابناء القوات المسلحة تحال الى غياهب المصير في المعتقلات وساحات الاعدام . كان الحديث عن المؤسساتية المدنية في العهد الصدامي ترفا فكريا وميكافيلية بينما تحولت المؤسسات التمثيلية كالمجلس الوطني في سياق عسكرة المجتمع الى ادوات لاحتواء الحركات الجماهيرية والاجتماعية .
   الغزو الاميركي المبيت للعراق
    قبل انتخاب جورج و. بوش كرئيس للولايات المتحدة قام ديك تشيني و دونالد رامسفيلد و پول ولفويتس بكتابة مذكرة تحت عنوان "اعادة بناء القدرات الدفاعية للولايات المتحدة" في ايلول 2000  اي قبل عام من احداث ايلول 2001 .. وورد في هذه المذكرة ما معناه انه بالرغم من الخلافات مع نظام صدام حسين والذي يستدعي تواجدا امريكيا في منطقة الخليج العربي الا ان اهمية واسباب التواجد الأمريكي في المنطقة تفوق سبب وجود صدام حسين في السلطة و يمكن قراءة النص الكامل للمذكرة في (Rebuilding America’s Defences Strategies , Forces & Resources For A New Century).
    كانت الحملة العسكرية مخالفة للبند الرابع من المادة الثانية لقوانين المنظمة الدولية و التي نصت على انه " لا يحق لدولة عضو في الأمم المتحدة من تهديد او استعمال القوة ضد دولة ذات سيادة لاغراض غير اغراض الدفاع عن النفس" .. من الجدير بالذكر ان السكرتير العام للامم المتحدة كوفي عنان صرح بعد سقوط بغداد ان الغزو كان منافيا لدستور الأمم المتحدة .. وكان هذا مطابقا لرأي السكرتير السابق للامم المتحدة بطرس بطرس غالي . وفي 28/4/2005 اصدر وزير العدل البريطاني مذكرة نصت على ان اي حملة عسكرية هدفها تغيير نظام سياسي هو عمل غير مشروع .
     كان الغزو سريعا بالفعل فبعد حوالي ثلاثة اسابيع سقطت الحكومة العراقية وخوفا من تكرار ماحدث في حرب الخليج الثانية من اشعال للنيران في حقول النفط قامت القوات البريطانية باحكام سيطرتها على حقول نفط الرميلة و ام قصر و الفاو بمساعدة القوات الأسترالية. في 9 /4/2003 اعلنت القوات الأمريكية بسط سيطرتها على معظم مناطق العاصمة العراقية.. بعد 9 /4/2003 بدأت عمليات سلب و نهب واسعة النطاق في بغداد وبعض المدن الأخرى حيث قام الجيش الأمريكي فقط بحماية مباني وزارتي النفط و الداخلية ومن ضمنها المخابرات العراقية وبقيت المؤسسات الأخرى كالبنوك و مشاجب الأسلحة و المنشآت النووية و المستشفيات دون اية حماية بحجة عدم توفر العدد الكافي للجنود لحماية المواقع الأخرى. من السرقات التي حصلت وكان لها دورا بارزا في الأوضاع السياسية في العراق بعد 9 /4/2003 كانت سرقة الاف الأطنان من الذخيرة الحربية من معسكرات الجيش العراقي و سرقة مركز الأبحاث النووية في التويثة والذي كان يحتوي على 100 طن من اليورانيوم حيث قامت شاحنات بنقل محتويات هذا المركز إلى جهات مجهولة .كانت جريمة قيام قوات الاحتلال بتدمير أكثر من 8000 دبابة ومدرعة عراقية صالحة رغم انتهاء الحرب عام 2003 والسماح لعصابات التهريب ببيع الكثير منها الي دول الجوار أو تصديرها كخردة عبر الأردن، هي جزء من المخطط الامريكي لنزع كل أسلحة الجيش العراقي السابق . أمر مؤلم أن يصبح مصير مئات الالاف من ابناء الجيش العراقي بكل خبراتهم وأمكانياتهم وتاريخهم في الشوارع بلا عمل أو مصدر رزق.اشارت دراسة اجرتها مجلة لانسيت الطبية البريطانية المرموقة الى ان 655000 عراقي قتلوا منذ بداية الغزو الامريكي في 19/3/ 2003 وحتى 11/11/2006 .. بينما قالت الامم المتحدة ان نحو 34000 عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط !
   الحرس الوطني
    ومع اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية ، والاعلان عن البرامج السياسية لحكومات العهد الجديد - "حكومات ما بعد التحرير" - حكومات ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 ، وطائفة الأهداف والالتزامات التي تعهدت بتنفيذها في المستقبل الموعود .. اثبتت الوقائع العملية الملموسة الفشل الذريع لقوات الحرس الوطني والشرطة في مجال تحقيق الامن ومكافحة الارهاب وحماية الحدود الخارجية ،  مكافحة الفساد  ، الاسهام في الاعمار واعادة الاعمار وحل مشكلة الخدمات الاساسية كالكهرباء ، حل مشكلة البطالة ، الثبات الاستراتيجي على الجدول الزمني لانسحاب القوات المتعددة الجنسية . قوى أساسية مارست سيادتها ودورها في تأسيس قوات الحرس الوطني وهي : الطائفية السياسية  ... المخابرات والعصابات الدينية الإيرانية... المخابرات السورية.... بقايا البعث العراقي المنهار ... العشائر العراقية التي تقترب إلى الجماعات الإسلامية بسبب قربها من المرجعيات الدينية ولكنها تحاول الدفاع عن أبناء عشائرها عندما يتعرضون للاضطهاد من جانب القوى السياسية والمخابراتية...القوات المتعددة الجنسية التي كانت وما تزال تنسق مع الجميع وعلى الجميع .
    باتت الطائفية السياسية تنخر الجيش والداخلية العراقية ، ومستوى الاداء الإداري في الوزارات ذات العلاقة ينحدر الى مستوى الفوضى الممزوجة بالسرقات والرشوة حيث كل مدير ومستشار هو عبارة عن اقطاعي صغير في مكانه والدائرة الحكومية هي اقطاعيته وإقطاعية حزبه الخاصة ،يوظف فقط الأقرباء وأصدقاءه( ومعظمهم من منتسبي حزبه )...إما إذا دخلت إلى مقرات الوزارات ستجدها مليئة بشعارات حزب الوزير(كأنها جامع أو حسينية ) وكأن هذه الوزارة ملك خاص لحزب الوزير.انتشار الصور الشخصية لعائلتي الحكيم والصدر مثلا والتي تحتل نفس أماكن صور صدام حسين يمثل نوع جديد من بناء عبودية الفرد التي عانى منها العراق الويلات ، بل تعدت إلى القيام بتسمية المعسكرات والفرق والالوية والافواج والسرايا والدوائر الامنية ومراكز الشرطة، والأحياء السكنية والأماكن والشوارع والساحات العامة والمستشفيات القريبة منها ، والجسور بأسماء هاتين  العائلتين( بالضبط كما فعل صدام سابقا الذي اختصر تضحيات العراقيين على مدى أجيال بشخصه وأطلق أسمه على كل شئ في العراق ). الحكومة التي يدين وزراؤها بالولاء للطائفة أكثر من ولاءهم  للقسَم الذي أقسمه كل منهم  بالعمل للوطن والشعب لم تعد لديها القدرة في السيطرة على وزراءها حينما " يزعلون " على الحكومة ويعلقون عضويتهم فيها إلى أجل ما ، لا لخلافهم مع حكومتهم هذه على إجراء أو قرار يتعلق بمصير الوطن والشعب ، بل لأن إحدى ميليشيات بعض القادة الحكوميين تحرشت بميليشيات أخرى من قادة حكوميين آخرين ، والكل يردد مع نفسه مقولة الدكتاتور الساقط  " أنا القانون " .  لا يزال معظم قادة هذه التنظيمات يبرأ نفسه من الممارسة الطائفية في سبيل الضحك على الذقون، لأن هذا الادعاء لا يبرهنه الواقع بل يفنده و لا يؤكده، وها هو الشعب العراقي المدمى يختنق بالنفس الطائفي الأسود، بعد أن تحول على أيدي بعض العراقيين والعرب من تجار الدين والمذهب والشعارات القومية والطائفية بدعوى مقارعة المحتل، وبدعم هائل من بعض الدول العربية والاسلامية والإقليمية كل حسب أجندتها، تحول إلى مرتع سهل للحرامية و السفاحين. والملفت أن كل ذلك وغيره يتم في خضم أساليب التجهيل الحكومي للمواطن عما يجري في البلد بأساليب إعلامية بالية واللجوء إلى التبريرات الجاهزة للتنصل عن المسؤولية.
    ان اساس تركيبة القوات المسلحة العراقية الجديدة ( الحرس الوطني ) حمل في ذاته ومنذ الولادة خطأ سياسيا بنيويا يعتمد المحاصصة الطائفية - القومية و يبتعد عن نهج البناء المؤسساتي على اساس الوحدة الوطنية.  ومثلما وقف صرح الأمة العربية وباني مجدها صدام حسين وراء الهزيمة المنكرة للجيش العراقي ابان كارثياته ، تتحمل اليوم الحكومة الحالية المسؤولية الكاملة عن الفشل الذريع للقوات المسلحة العراقية  في تأدية مهامها لأنها حكومة تتسم بالضعف والخذلان وعدم إمكانية المواجهة الحقيقية ، والتخفي خلف الشعارات والإستعارات والعواطف الإعلامية الفارغة، دون مقدرة حقيقية على حماية أرواح الناس ومممتلكاتهم ولا القدرة الفاعلة على مواجهة الأطراف المجرمة التي هي وحدها باتت تختار الطريقة والكيفية والأسلوب المتخذ في تنفيذ المجازر الجماعية. والاخطر ان يجر تحول الجيش في عراقنا كمعظم الدول العربية الى العنصر الحاسم في ضمان استمرار الحكم ولتضحي مهمته الرئيسية أمنية داخلية كرديف قوي للأجهزة الأمنية الداخلية الأخرى ولتتزايد الحالات التي يتم فيها الاعتماد على الجيش في مهمات الأمن الداخلي لدرجة ان طبيعة تدريبه واختيار ثكناته وتمركز تشكيلاته مرهون بالهواجس الأمنية الداخلية والطائفية وليس لهواجس المخاطر الخارجية .
    حال النزاهة في القوات المسلحة العراقية حالها في بقية مؤسسات الدولة والمجتمع بضياع ملايين الدولارات العراقية في عقود وزارتي الدفاع والداخلية وفضائح الاسلحة الفاسدة ! وبسيادة الولاءات العصبوية دون الوطنية و(فايروس) العصابات الطائفية والمفاهيم الميكافيلية وبالاصابة بداء " الغيبة " الذي تفشى مؤخرا في كل الوزارات ... وبحصر التعيينات لأغراض توسيع الحاشية ! وبالعشعشة واستخدام السيارات الحكومية للاغراض الشخصية والعائلية.. وباستغلال المسؤولين لمناصبهم وعلاقاتهم وصلاحياتهم المالية والإدارية وما موجود تحت تصرفهم من اموال الدولة لتحقيق المنافع الشخصية بحيث يتحول الضابط من شخص متواضع الامكانيات الى صاحب ثروة ومالك للعقارات والمكائن والسيارات بفضل ما يحصل عليه من اتباع طرق ملتوية وحيل قانونية.... وبالمكافآت الى  المنتسبين او غير المنتسبين بحجة الجهود المبذولة لانجاز عمل ما والتي تحولت الى وسائل لاستعباد الحرس والمرؤوسين ولشراء ذمم المسؤولين في الدولة . 
    يجري تنفيذ الكثير من عمليات الخطف والقتل والتصفيات   بملابس الجيش والشرطة وباسلحتهما وسياراتهما، الامر الذي يعزز الشعور بالقلق وعدم الثقة لدى المواطنين ، بينما ازدادت  عمليات العنف والخطف والقتل على اساس الهوية  لتزيد من تعقيد الوضع ، خاصة منذ تفجير مرقد الامامين في سامراء ، وهي تأخذ  في بعض المناطق طابعا منظما. وبعد احداث سامراء اخذ نشاط الميليشيات يرتدي  بصورة متزايدة   طابعا طائفيا ، وتجلى ذلك في ارتكاب جرائم  الخطف والتعذيب والتهجير القسري وحتى القتل  تبعا للهوية المذهبية . ووجد  البعض في العمل لدى الميليشيات  مهنة تؤمن له القوت  في وقت تستشري فيه البطالة وتعزّ فرص العمل . فيما تشير معطيات اخرى الى  تحول قسم من تلك  الميليشيات الى مافيا جريمة منظمة.... لقد تعاظم دور الميليشيات ، حتى  حلت في احيان وحالات كثيرة محل مؤسسات الدولة . ويعني هذا ما يعنيه من تغييب لدورالدولة واضعاف لهيبتها وعرقلة لتاسيس دولة القانون والمؤسسات وتخريب للديمقراطية.
   تؤكد شهادة الجنرال مارتن دمبسي ، المسؤول عن ملف تدريب القوات العراقية المسلحة ، امام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الاميركي ان القوات العراقية تتحسن لكنها لازالت مبتلية بالطائفية والفساد وتعاني من افتقار القيادات وانسحاب عشرات الالاف من العناصر ، ومنهم لا على سبيل الحصر 32000 شرطي بين تموز وكانون الثاني 2005 . ويضيف دمبسي ان الشرطة الوطنية هي الاكثر اشكالية بالمشاكل الطائفية ، وتصله اسبوعيا التقارير بان مراتب الشرطة الوطنية يتم اقصائها لاسباب طائفية ، وفي بعض الحلات تغير الحكومة بعض القيادات الناجحة لانها تشعر انها بحاجة الى موالين لها!.. ويؤكد دمبسي " ان المسؤولين العراقيين يقدمون رشاوى في بعض الاحيان لرجال الشرطة سواء بمنحهم العمل او كنتيجة للفساد ... على سبيل المثال فان المسؤولين في كربلاء والنجف قد زوروا وثائق اعداد من الشرطة بين 60000 – 75000 في قوائم الرواتب ومن هذا العدد فان 10% – 20 % هم مجرد اشباح ومسجلين فقط للحصول على رواتبهم ".
   توصلت التحقيقات الحكومية في فساد الشرطة العراقية الى أن الضباط يكسبون المال عن طريق اختطاف الأفراد والتزوير ونقل المعلومات الى المسلحين.... وإن قائد لواء أعفي من منصبه مؤخرا لقيامه ببيع أسلحة ووقود في السوق السوداء... وان 14 ألف بندقية دفع ثمنها الأمريكيون أصبحت مفقودة. ويضيع حوالي 4 مليار دولار سنويا بسبب الفساد في العراق، حسبما يقول مدققو الحسابات، بينها 100 مليون دولار من تهريب النفط ، وهو مبلغ يذهب لمساعدة المسلحين. وتؤكد التحقيقات أن رئيسا سابقا للشرطة كان يدير ميليشيا خاصة مكونة من 1400 جندي.
    وفي محاولتها استعادة ضباط ومراتب الجيش السابق والحاقهم بالجيش الجديد لوحظ مع الاسف أختيار الحكومة العراقية عدد محدود منهم من رتبة نقيب فما دون وأهملت اصحاب الرتب الأعلي ذوي المشاعر الوطنية والكفاءة والخبرة العالية ... ثم جاء قرار لجنة حقوق الجيش والكيانات المنحلة بمنح راتب تقاعدي فوري لجميع الضباط في الجيش السابق من رتبة مقدم فما فوق ممن لا يرغبون في العودة إلى الجيش ... بالتأكيد لابد من اليقظة الشديدة لعودة الجزم العسكرية ( المعتقة ) بمراتبها وأوسمتها ونياشينها العسكرية وما أغدق عليها الطاغية من إمتيازات خيالية في حروبه  المجنونة ، تعود لتستعيد بريقها من جديد !عبر الفوضى السياسية والتزكيات المشبوهة التي أوصلتها الى مناصبها الجديدة ، كي تقول كلمتها و سطوتها على أرض الواقع من جديد وبزي مدني تفوح منه رائحة نفس الثقافة التي إبتلى بها الوطن في سنوات الدكتاتورية المنهارة ! المهانة والإذلال ومظاهر الإستغلال والإستعباد والتصفيات الجسدية للجنود العراقيين الأبرياء الذين سيقوا عنوة لحروب الطاغية ، وعذابات الأمهات والزوجات والآيتام والآرامل .. يراد لها الآن تطمس وتنسى شيئاً فشيئا عبر تهيئة الساحة والأجواء من جديد في ظل سياسة ما يجري الآن ، وتجاوز كل المصائب والآلام عبر غسل الأيادي الملطخة بالدماء وإلباس أصحابها ثيابا جديدة أكثر عصرية ، غير تلك التي خدشت أنظار الإنسان العراقي على مرّ عقود طويلة ! لكن الملفت للانتباه والاسف الشديد أن الضباط الذين راجعوا وزارة الدفاع استجابة للدعوة بعودة الضباط الي الجيش الجديد فوجئوا بمن يخبرهم أن الضباط الذين تزكيهم الأحزاب الشيعية يعودون كضباط أما الذين يزكيهم الحزب الاسلامي أو المستقلين فيعودوا كجنود ومراتب وبغض النظر عن رتبهم السابقة...
    يؤكد انتوني  كوردسمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية ، خيبة البنتاغون ولجنة القوات المسلحة في الكونغرس الاميركي بجدوى تدريب القوات المسلحة العراقية والتي انعكست في توقف البنتاغون عن اصدار تقييمه الدوري لمستوى تدريب الجيش العراقي ، ودرجة استعداد القوات  المسلحة في الميدان والاكتفاء بتحديد  " جاهزية " هذه القوات من خلال  قياس  الاستقرار والامن في العراق. كان اختلاف الثقافات العسكرية  ابرز عوائق التدريب الى جانب متطلبات القدرة القتالية في ظل تواجد عدد غير قليل من الوحدات العسكرية غير الجاهزة. لقد ازدادت المعونات الأمريكية للقطاع الأمني بالعراق من 3.24 مليار دولار في كانون الاول 2004 إلى 13.7 مليار في حزيران 2006. يذكر ان الخطة السنوية لعام 2007 تطالب بزيادة اكثر من 50000 جندي وشرطي عراقي الى الحجم الحالي ليصل الى قرابة 325000 فرد بداية عام 2008 بغية قيادة الدوريات اليومية ونقاط التفتيش وحراسة القواعد والدور السكنية والمهمات الحاسمة الخطيرة الاخرى. وبالرغم من أن 277600 عراقي أكملوا التدريبات الأولية للالتحاق بالأجهزة الأمنية، نجد أن العديد من الجنود المدربين يتركون اعمالهم دون تسليم اسلحتهم ومعداتهم، خصوصا في قوات الشرطة. لقد ازداد  حجم الجيش العراقي من أربعة الوية  و23 كتيبة في تشرين الثاني 2005 إلى 25 لواء  و85 كتيبة في شهر آب 2006، بما يشمل 115 ألف جندي إضافي مجهز ومدرب. لكن القوات العراقية لازالت غير مؤهلة للعمل مستقلة من الإشراف والدعم الخارجي ولن تستطيع العمل وحدها دون مساعدة خارجية حتى  2010 وفق كوردسمان في تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية المعنون"القوات العراقية غير مؤهلة للعمل بدون قوات التحالف حتى 2008"في الموقع الالكتروني" http://www.csis.org/ ". وتعاني القوات العراقية من معدلات عالية لهروب الجنود ومن مشكلة الطائفية داخل صفوف القوات. فشلت وزارة الدفاع العراقية في كسب ثقة الشعب العراقي مع  ازدياد عدد الهجمات الارهابية على قوات التحالف والقوات العراقية والمدنيين العراقيين  بمعدل 15% بين شهري ايار وايلول 2006 فقط .
ان الارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر لكن الارهاب ايضا" هو كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"  والأضرار بالمصلحة العامة . الشرطة تبتز الاموال، والحرس الوطني يستعرض عضلاته على ابناء المدن وهو يضع نقاط  تفتيش ليس فيها غير الحجارة وعرقلة الطريق. ليس من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين العصابات العشائرية وعصابات الاجرام التي اطلقها  القائد البعرورة من السجون التي كانوا يقبعون فيها بسبب جرائمهم كعمليات السلب والسرقات والتهريب كالشقاوات .... المدن العراقية حزينة وشوارعها مظلمة .. جسورها مقفلة .. شوارعها مقفلة ..الخراب عارم في كل العراق .. أين النظافة وأين الاعمار؟ الشوارع حبلى بالقوات و الحمايات التي لا تعرف سوى أزعاج الناس و التزمير على الصفارات!! و رمي الطلقات لترهيب المواطنين!
   الجيش العراقي لن يكون محايدا
     الفواصل كبيرة بين مقاومة الاحتلال بالموقف الموحد المعبر عن الأمل الوطني المأخوذة شرعيتها من الشعب نفسه وصولا الى التحرر والسيادة والاستقلال ، ولو بقوة السلاح ، و بين ارتكاب المجازر ضد المؤسسات الدولية و ارتكاب عمليات القتل ضد جموع المواطنين البسطاء من العراقيين المعوزين وفاقدي الأمان. إن ما يقع على الأرض العراقية كل يوم من قتل وبالرصاص وذبح بالسكاكين والسواطير وقطع الرؤوس ومن تفخيخ للسيارات مما يؤدي الى قتل العشرات وجرح المئات لهو جريمة كبرى بكل المعايير بل هو أفظع من جريمة . ان عشرات آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ . . من عمال فقراء وشرطة طيبين ، وموظفين ومصلين – فإن قاتليهم هم ذلك الجمع المسخ من تكفيريين وظلاميين ، ومن خريجي دورات جمهوريات الأمن والمخابرات الصدامية والخمينية والاسدية والطالبانية.. من يريد رؤية عراق حر كامل الاستقلال ، عليه دعم القوات العراقية المسلحة وشد أزرها ، وليس اغتيال أفرادها والتمثيل بأجسادهم ، مثلما عليه إتاحة الفرصة للسلطة ومساعدتها في إنجاز مشروعها المؤسساتي وجهدها السلمي. كما ان عمليات القتل التي تمارسها العصابات الاجرامية ضد مراتب القوات المسلحة وخاصة الطيارين والخبراء ، فاقت الحدود واخذت بعدا عشوائياً خطيراً يهدد بزعزعة الاستقرار العام وعدم انتظام العمل، لعدم وجود أي حق يجيز لاي شخص انهاء حياة انسان دون محاكمة عادلة.. إن الفوضى والإستهتار قد أضحت من سمات الحياة السياسية، وإذا لم تتحرك الدولة وتقوم بإغلاق مراكز تلك العصابات الطائفية الاجرامية وطردها من مقرات ومراكز الدولة ومؤسسات القوات المسلحة التي تحتلها وتنزع أسلحتها بالكامل وتفرض هيبتها، فقولوا على العراق السلام !... إنها الحقيقة دون رتوش تجميلية أو مجاملات خيالية. إن تلك الجماعات الطائفية المريضة تستهدف علنا البنية العامة للدولة العراقية ومؤسساتها وتعمل بحرية و تمارس ابتزازها وإرهابها بصورة علنية مرعبة ... يبدو ان العقلية العسكرية العراقية تحمل اليوم مثلما حملتها بالامس بذرة فناءها بحكم الحنين والميل الى التجليات التقليدية للسلطة كالزعامة والوجاهة والاولوية وترك هامش امكانية ظهور السلطات الاستبدادية لممارسة القمع ضمن الشرعية ...
   ان استعادة المؤسسة العسكرية لهيبتها يتجلى في إعادة بناء القوات المسلحة (جيش، شرطة، امن، مخابرات وغيرها) على أساس المهنية واحترام حقوق الانسان والحريات التي ينص عليها الدستور وتأكيد ولائها للوطن وإبعادها عن الصراعات والمحاصصات الطائفية والقومية والأثنية  وتكريس مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته والحفاظ على النظام الدستوري ، تربية منتسبي القوات المسلحة على احترام المؤسسات الدستورية والديمقراطية الممثلة لإرادة الشعب والالتزام بقراراتها  وإخضاع الميزانية العسكرية  وإعلان حالة الطوارئ والحرب إلى قرار ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطياً ، تأمين التدريب والتجهيز بمستوى عال للقوات المسلحة والتسليح بالمعدات والمنظومات الحديثة لصنوفها كافة لتتمكن من القيام بمهماتها في الدفاع عن الوطن ، إعادة هيكلة مؤسسات التصنيع العسكري وتحويلها لتلبية حاجات الإنتاج المدني  والامتناع عن إنتاج أسلحة الدمارالشامل  الكيمياوية والبيولوجية والنووية واحترام العراق لالتزاماته الدولية في هذا المجال ، رعاية شؤون العسكريين المسرحين وتأمين عودتهم إلى الحياة السلمية الطبيعية وتأهيلهم ، ضمان الحقوق السياسية لمنتسبي القوات المسلحة وحقهم في الانتخاب كما ينص عليها الدستور ، إعادة الخدمة العسكرية الالزامية على ألا تزيد على سنة واحدة.
      ترسخ الطائفية السياسية اليوم من العقلية العسكرية العراقية التي كانت سائدة في عهد صدام والتي اتسمت بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض البهلواني العدواني لأنها نزعة نخب عصبوية رجعية . وحولت الطائفية السياسية تقاليد القوات المسلحة العراقية التي انبثقت هي من اجلها في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب ، وهي تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية، حولتها الى مهازل يجري التندر بها !والبديل هو ارجاع العسكر الى الثكنات ، والتصفية الفورية للميليشيات – العصابات ، واحياء التقاليد الثورية  والارتباط المصيري  بحركة الشعب الوطنية التحررية فالجيش لا يمكن ولم يكن في يوم من الايام ولن يكون محايدا .  ان أهمية وضرورة دحر قوى الإرهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار في العراق اليوم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بانهاء الوجود الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور ووضع حد للتسلح الميليشياتي والمضي في طريق إعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية ، وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة السيادية: الحرس الوطني، الجيش، الأمن وغيرها وضم العناصر الوطنية الكفوءة الى صفوفها وتخليصها من العناصر الفاسدة والمتقاعسة، وتزويدها بالمستلزمات الضرورية لأداء واجبها الوطني في حفظ الأمن والاستقرار وترسيخه.


بغداد
30/6/2007

196
القضية الفلاحية في العراق المعاصر – القسم الثالث

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة



•   التعاون الزراعي
    التعاون – وسيلة لحماية مداخيل العامة من النهب ولتحسين احوالهم الاقتصادية .. ويتوزع الى التعاون الاستهلاكي ، الانتاجي ، الخدمي ... التسليفي ... التسويقي .. الاسكاني .. ويعتبر التعاون الزراعي اهم انواع التعاون واكثرها حساسية !. ان الثقل الاكبر في الحركة التعاونية يقع في الزراعة !.ويهدف التعاون الحد من الاستغلال وحماية الاعضاء من سطوة الاحتكار الكبير وزيادة الرفاهية !.. وتنظم المؤسسة التعاونية النشاط التمويني والتسويقي للفلاحين وتستخدم الارباح المتحققة من نشاطاتها الخاصة لتأسيس النوادي والمطاعم ورياض الاطفال في مناطق العمل ولمصلحة اهالي المناطق السكنية واعضاء التعاونيات . وعن طريق الجمعيات التعاونية يمكن الوصول الى أفضل الطرق الى تعزيز عملية الانتاج بزيادته وتحسين جودته .... وعليه التعاونية -  شكل انتقالي لدمج الملكيات الصغيرة في الريف وتجميع الحرف الصغيرة في المدن في ظل الملكية العامة لوسائل الانتاج والتوزيع التي تسود المجتمع ! وبهذا المعنى تمتلك الوظيفة الاجتمااقتصادية والسياسية في الدفاع بوجه شرور الرأسمالية وتوطيد تحالف العمال والفلاحين ان لم تتمكن من التصدي لمهمة منع انبثاق الرأسمالية كنمط انتاج  ! .الحركة التعاونية في ميدان الصناعات الريفية – اداة تنمية مجربة قادرة على تنفيذ السياسات الحكومية في تطوير الريف اقتصاديا واجتماعيا ، ولابد من اقامة هذه الصناعات على اسس تعاونية ! ومنها جمعيات الصناعات الغذائية ، تصنيع الفواكه والخضر ، تصنيع منتجات الحبوب ، النسيج والحياكة التعاونية ، الصناعات الطينية ، تصنيع القصب ، صناعة الزوارق والمشاحيف ، صناعة الشباك المنسوجة من النايلون او القطن لصيادي الاسماك ، تربية النحل ، ... الخ . التعاون الزراعي – هو الحركة الواعية المنظمة الموجهة للفلاحين وابناء الريف في حركة جماهيرية واسعة واختيارية وفق اسس يقررونها معا ويلتزمون بها واهداف مشتركة يحددونها ويسعون جميعا الى تحقيقها في مجرى نشاطهم الاقتصادي اليومي .... القطاع التعاوني (Cooperative) تنظيم اجتماعي – اقتصادي له خاصيته التي تتميز عن التشكيلات المساهمة والمختلطة والمتجمعة والمشتركة لأغراض اقتصادية . وقد وفر تطور علاقات السوق الرأسمالية الشروط الملائمة للنمو السريع للتعاون الذي يحمي الاستثمارة الصغيرة وللاقتصاد التعاوني القائم على المساعدة الذاتية .الاقتصاد التعاوني – اقتصاد انتاج سلعي صغير يسعى لتحويل الاستثمار الضعيق المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة الى الاستثمار الكبير القادر على المنافسة وزيادة الانتاجية ... التعاونية مؤسسة اقتصادية تعمل وفق مبادئ الربح والخسارة ضمن اقتصاد السوق ، وتجمع المزايا الايجابية للملكية الخاصة وملكية الدولة ومؤهلة للعمل بكفاءة وجدارة . لكن لا يمكن اطلاق النعوت العامة على التعاونيات كقوة تقدمية بصورة مطلقة تارة او كعامل محافظ  تارة أخرى ! لأنها تبقى في الرأسمالية سواء اكانت انتاجية ام تسويقية زراعية ام حرفية ام سكنية مجرد رأسمال جماعي .. فالغول الرأسمالي مرشح لأفتراسها في اية لحظة ... آنذاك تكتسب  التعاونية طابع المؤسسة الرأسمالية او تحد قدر الامكان من سعة الاستثمار الرأسمالي !.كما لا يمكن تحقيق الحركة التعاونية بالمراسيم !واشاعة التعاون الزراعي بالقوة لأن ذلك يقترن عادة بالانتهاكات الفظة والارهاب والتهجير القسري والازمات الاجتماعية الخطيرة !.
   ترجع فكرة العمل التعاوني الزراعي في العراق الى عهد حمورابي وتشريعاته ، وأخذ شكله الحديث اوائل العشرينات بمبادرات فشلت بسبب عوامل مختلفة . وحتى ثورة تموز 1958 بلغ عدد التعاونيات الزراعية (Collective Farms)(16) جمعية تعاونية ارتفع الى (436) جمعية حتى تموز 1968... ، وارتفع في هذه الفترة عدد التعاونيات الاستهلاكية. عموما ساد التعاون ضعف اداء الاتحادات المركزية  والترابط بين الاصناف التعاونية  وعمليات التسويق التعاوني ، وضعف دور الدولة ومديرية التعاون العامة . وكانت  "فرق العونة الموسمية لفقراء الفلاحين" هي أبسط اشكال التعاون في الانتاج خلال مواسم الحراثة والشتال والحصاد !. ومع ازدياد التنظيمات الفلاحية حصافة ووعيا وتخطيطا تتحول الى البديل الموضوعي للروابط العشائرية ... ويعني التأسيس الآلي السريع للجمعيات الفلاحية على اسس عشائرية تثبيت العشائرية ، وعليه لابد من انتاج العلاقات الاجتماعية التي تتجاوز الانعزال العشائري ! ومأساة ان يكون رئيس الجمعية هو شيخ العشيرة !.. يلي اعادة توزيع الملكية الزراعية ، عادة ، تشجيع الفلاحين على الاتحاد في الجمعيات التعاونية الزراعية ، اي المزارع التعاونية . وتسبب الملكية الزراعية الصغيرة الخسارة في الارض الزراعية وفي الزمن والعمل والزيادة في التكاليف العامة ، وحتى في اضطراب الامن العام والفوضى في نظم الري والصرف ، وفي القيود التي تعوق تحسين الارض واستخدام الآلات الحديثة !.
    الزراعة الفردية – طريقة رديئة في استعمال الارض للاغراض الزراعية اذ تحرم الاراضي من التنظيم الزراعي العقلاني .  المزرعة الجماعية - تعاونية زراعية تعتمد اسلوب التجميع الزراعي على اساس الملكية الجماعية لوسائل الانتاج .  وينظم العمل فيها الفرق الانتاجية التي تنقسم هي الاخرى الى مجاميع انتاجية . لكن تأسيس المجاميع الانتاجية من ابناء السلف يعني الارضية الخصبة للارتداد باتجاه العلاقات الاستغلالية ! ويخفي الخوف على التعاون الزراعي احيانا الارتزاق ليقع الريف ضحية السراكيل القدامى الجدد بسبب التكوينات العشائرية !. الفرقة الانتاجية النموذجية – قائمة على التآلف الاجتماعي واحتياجات المزرعة وتجانس المهارات والاختصاصات ، واحتياجات تقسيم العمل الاجتماعي ( سلام كبة / التعاون في عراق ما بعد التاسع من نيسان). 
   كانت الجمعيات الفلاحية التعاونية قد تأسست بموجب قانون رقم (117) لسنة 1970 ليتم تأسيس الجمعيات داخل أراضي الاصلاح الزراعي ، رافقها تأسيس مزارع الدولة والمزارع الجماعية والجمعيات المتخصصة الاخرى بهدف تقليص الاستغلال الطبقي المسلط على كادحي الريف وتحسين الخدمات المقدمة للفلاحين وتعبئتهم وتوجيههم وتنظيمهم... جاء قانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم (43) لعام 1977 الخطوة المتقدمة على اكتساب هذه الجمعيات الشخصية المعنوية بعد 20 عاما من خبرة العمل التعاوني الزراعي ... ازداد عدد التعاونيات الزراعية من عام 1971 حتى عام 1979  من (831) تعاونية الى (1933) تعاونية ، وعدد الاعضاء من (129588) الى (357063) فلاحا ومساحة منطقة عمل التعاونيات بمقدار (6) أضعاف خلال نفس الفترة ! .. وفي نفس الفترة ازداد عدد المزارع الجماعية من (6) الى (77) وعدد اعضاءها من (490) الى (7592) والمساحة الكلية من ( 24160) الى (714176) دونم ...
    اصطدمت الحركة التعاونية بالقيم والتقاليد العشائرية البالية ودسائس الاقطاع والملاكين والعقلية البيروقراطية للجهاز الاداري ،وبانعدام الخط الطبقي السليم في الريف ..ونادرا ما وجد الفلاحون الفقراء والمعدمون في قيادة التعاونيات والمزارع ! التي احتل قياداتها الفلاحون الاغنياء والسراكيل والملاكون الصغار !.ان برامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة باتجاه أقتصاد السوق دون ضوابط منهجية وتخطيط مركزي ، وتتويج سياسات النظام العراقي السابق بحل  التعاونيات الزراعية عام 1981 ، ارضاء للقطاع الخاص والخصخصة ! ... قد اجهض تجربة التعاون الزراعي في بلادنا .
       انكبت الدكتاتورية طيلة الثمانينات على هدم الريف وتخريب العلاقات الاجتماعية الاقتصادية فيه ، وتصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام ، وجرت تصفية التعاونيات وتحويل الجمعيات الفلاحية التعاونية الى واجهات ميكافيلية فقط ! ..واوقفت وسائل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري والغيت المستوطفات البيطرية وفرق المكافحة البيطرية السيارة !وتمت تصفية العديد من المضخات وتحويلها الى من يستطيع استئجارها وتدهور الانتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية الى جبهات الحرب ... وظلت مشكلة التسويق خاضعة الى عملية العرض والطلب في السوق وتقلص حجم العلاوي الشعبية ... ويجر قدما العودة الى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف .  وتأرجح الفلاحون بين مطرقة الضرائب ، وسندان الارهاب الصدامي ... اما حملات الحصاد فكانت لترويع الفلاحين وتجويعهم لا غير ! ... لقد انحسر الطابع الشعبي الذي ميز الحركة التعاونية في العراق في بداياتها بعد ان صارت تحت المظلة الحكومية .ومنذ عام 1981 جرى بيع وتأجير الاراضي الزراعية والحقول والدواجن واسواق الخضر وعلاوي الاسماك والخضروات وغيرها من موجودات القطاعين العام والتعاوني.  انخفض عدد التعاونيات من (1635) تعاونية اعضاؤها (23109) عام 1975 الى (713) نهاية عام 1988 .. وهبط عدد المزارع الجماعية من (79) الى (7) والتعاونيات المتخصصة من (173) الى (52) وتهاوي الاقراض للتعاونيات التي يقدمها المصرف الزراعي من (21.5) مليون دينار عام 1985 الى (91) الف دينار عام 1988 . الغت اصلاحات عام 1983 الربط بين منح الاراضي والانضمام للتعاونيات ... وتوجهت السلطات الى تشجيع الرأسمال الخاص ورؤوس الاموال العربية لاستثمارها في العراق عبر سن قوانين ارتدادية بارقام (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 . ولجأ النظام الدكتاتوري الى النقل التعسفي للاسر الفلاحية من منطقة الى أخرى لأسباب امنية اقتصادية وسياسية مزعومة تعكس التهجير القسري للعشائر والعوائل ذات الاصول القومية والاثنية غير المرغوب فيها ! ليتعثر التعاون في العمل الزراعي وتطوير تربية الماشية والابقار .. وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام.
  يسهم المدخل التعاوني في ترسيخ القواعد الديمقراطية في التسيير الذاتي للمؤسسات ويعلم اعضاء التعاونيات مناقشة امورهم وانتخاب ممثليهم في ادارة شؤونهم والنشر العلني للبيانات والمعلومات التي تمكنهم من تقييم الاداء ومكافأة المجدين ومحاسبة المقصرين... وقد انبثقت التعاونيات الانتاجية واللاانتاجية ، الحرفية والزراعية ، التسليفية والتسويقية والسكنية والاستهلاكية ..  في العراق كمنظمات دفاعية لمواجهة الرأسمال المستغل والحد من تدهور المستوى المعيشي للكادحين ، واعتمدت الاسس التعاونية لتشكيلاتها ! .. ومنها بالطبع الجمعيات الاستهلاكية التي تؤمن السلع ذات الاستهلاك الدائم التي يصعب على الاعضاء شراؤها من السوق مباشرة .. واعضاءها في الغالب موظفون ومستخدمون وعمال وشغيلة تعمل في الوزارات والقطاع العام ! . كانت التعاونيات في بلادنا اداة دفاعية لاصحاب الملكية الصغيرة امام هجمات الملكية الكبيرة في السوق المفتوحة ، واداة دفاعية عن المستهلكين ضد استغلال التجار والوسطاء، واداة دفاعية للمحتاجين للمال ضد جشع المرابين ... لكن التعاون في العراق اخفق في رفع مستوى الخدمات المقدمة وتوفير المخازن الخاصة المستقلة عن القطاع الخاص !او توفير الحوانيت السيارة داخل القطاعات السكنية ، وتوفير السلع للاعضاء بانتظام وبالاسعار المخفضة والنوعية الجيدة ، وتنظيم التبادل السلعي بينها ، وتقوية المركز المالي التسويقي عبر خدمة المواطنين من غير الاعضاء ! ، واستحصال السلع من مصادر انتاجها الاصلية بعقد الصفقات والعقود التجارية لتأمين التدفق السلعي المنتظم ! ، ... وكذلك ابرام العقود التجارية مع القطاع العام والخاص لفتح الحوانيت داخل الدوائر والمؤسسات والمنشآت نفسها وفق شروط تعاقدية تخدم العضو من ناحية السعر والنوعية البضاعية !..... في الوقت الذي تنشغل فيه التعاونيات السكنية بالكساد وارهاصات تجارة العقارات .وتعمدت الدولة التكريتية التقاعس باجراء الاحصاءات التجارية العامة ، وعرقلة تقديم التسهيلات المصرفية لتجنيب التعاون التورط  في العقود المجحفة وبالفوائد العالية مع القطاع الخاص !  ، والامتناع عن منحه الافضلية في الحصول على السلع التي ينتجها القطاع العام او حصة من الاستيراد المخصص له وحتى السماح له بالاستيراد اسوة بتجار القطاع الخاص ! .... لقد تعرض القطاع التعاوني العراقي للمضايقات ، وجرى تهميش الديمقراطية التعاونية ،وتصفية الجمعيات التعاونية بعد حجب القروض عنها بحجة تراكم الديون عليها ،والتقييد الاقتصادي والاداري للاستثمارات المساعدة لسكان الريف .... تحت حجة التسليف القانوني ظهر تجار شراء الصوف من الفلاحين .. ولم يبذل نشاط جدي لتنويع العمل التعاوني تبعا للاحتياجات الاجتمااقتصادية ومستوى الوعي الاجتماعي السائد والثقافة الرائجة الا في حالات قليلة ... واستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين وتجار ورجال دين على التعاونيات والمشاريع ذات العلاقة ، وهبط  دور اتحادات التعاون المركزية ودور التعاون الاستهلاكي في المؤسسات العمالية ومجمل العمل التسويقي والانتاجي والتمويلي والتسليفي التعاوني ... الامر الذي حرم السوق من منافسة القطاع الفردي – التعاوني للقطاع العام واجبار مؤسسات الدولة على تحسين خدماتها وانتاجها ونوعية سلعها !
 وفرت حكومات البعث للملاكين الكبار واغنياء الريف في بلادنا الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم (3) الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص كما اسلفنا…. لتتركز  في أيديهم أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء سيارات النقل والمكائن والمعدات الزراعية وآلات السقي واقامة مشاريع الماشية والدواجن وعلاوي الثروة السمكية والخضروات... الخ . وقام النظام العراقي المقبور ببيع ممتلكات الدولة من المكائن والمعدات ، والغاء التعاونيات الزراعية بحجة تدخل الدولة في ميادين الإنتاج الزراعية التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها. واستحوذت المجاميع القرابية في حزب السلطة على قروض المصرف الزراعي . ولم يبتل التعاون الزراعي وحده بالتسلط والنفعية وانعدام النزاهة بسبب من جانب القيادات التي اختارها حزب السلطة ، بل امتدت هذه المظاهر الى مجالات التعاون الأخرى لتستأثر هذه القيادات نفسها بالمنافع وتحرم جماهير الشعب من الاستفادة من هذه التعاونيات... وعليه بدأت حملة البعث العراقي ضد التعاون الزراعي بألغاء حق الاختيار الديمقراطي لقيادة الحركة التعاونية (مجلس الادارة)،واستعيض عنه بمجلس ادارة معين من قبل المكتب الفلاحي لحزب السلطة ...الامر الذي اسهم في تكريس دور اغنياء الريف والبورجوازية الريفية في قيادة التعاون الزراعي .. واستغلت هوية حزب السلطة للانتفاع الشخصي والاثراء وفرض السيطرة والتحكم البيروقراطي ... كما اتبع مبدأ الالزام والترغيب والترهيب في الانضمام الى الجمعيات التعاونية بدلا من الطوعية والاقناع وقوة المثل لتفقد الجمعيات الطابع التعاوني المبني اساسا على التطوعية ... وجرى التركيز على التوسع الافقي للجمعيات دون التخصصي ، واستغلال قروض المصرف الزراعي لتنمية الرأسمال الخاص في الزراعة ، وتمليك رؤوس الاموال العربية وبالاخص المصرية والاردنية والخليجية افضل الاراضي الزراعية والمعدات والابنية وحقول الدواجن واعفاءها من الرسوم الكمركية ... مع تسهيلات أخرى . وانتهت حملة البعث العراقي بتصفية التعاون الزراعي !.
في بغداد اعلن عن حل الجمعيات الفلاحية التعاونية المشتركة اثر اجتماع درامي مثير تحدث فيه صدام حسين عن دوافع ذلك باعتبار التعاون الزراعي الانتاجي بدعة ! والانظمة التعاونية دخيلة على المجتمع العراقي ! .حقيقة الامر كان البعث العراقي اسير ( النظريات اللاتعاونية ) التي دعت الى الحرية الاقتصادية والملاكين الاحرار والى ان التقدم في التعاون لا يتحقق الا بمبادرة اصحاب الملكيات الفردية الخاصة انفسهم . لقت هذه الشعارات الرواج في امريكا اللاتينية بدعم من الرأسمالية المحلية . كما استمد البعث العراقي من التعاون الصهيوني سياسة العسكرة الاجتماعية والاستيطان البشري... وعليه كانت العفلقية تؤمن بالتعاون ، ولكن على طريقتها الخاصة ايضا  ... فتعاونها انتقائي من النظريات اللاتعاونية والتعاون الاشتراكي الصهيوني .يلاحظ ان غالبية النظريات التعاونية تقف معارضة لنمط التعاون الزراعي الانتاجي والملكية المشتركة الجماعية لوسائل الانتاج والاستخدام الزراعي الجماعي للارض .. وهذا ما تشبث به التعاون على الطريقة البعثية التهريجية  .عززت سياسة البعث الزراعية من ابقاء نظم المحاصصة في التوزيع اي العلاقات شبه الاقطاعية وشيوع الانتاج السلعي الصغير ، وارجحية الاساليب البدائية في الزراعة والانتاجين الزراعي والحيواني وصيد الاسماك ، ارتفاع نسبة الامية في الريف ، بطء وانعدام الكهربة الريفية !، ضعف الخدمات الصحية الريفية وتواضع النقل والمواصلات ، تهافت دور المرأة الريفية !..
هدد تفكيك التعاونيات والاشكال الجماعية الاخرى لعلاقات العمل في العراق  بتفاقم التبعية واللامساواة في صفوف الكادحين ، واستعادة الفردية التي تعيد للشغيل المسؤولية الكاملة بتحمل مخاطر المسار المهني خاصة ان الطبقات الفقيرة تفتقر اكثر من غيرها الى الرأسمال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ! .. واليوم لا تظهر في الافق القريب على الاقل أشكال تنظيم جديدة تعبر التعاون القديم التقليدي في العمل ، والضبط التعاوني لحق العمل والحماية الاجتماعية .... اي جمعنة الاوضاع المتغيرة بسرعة بأشكال غير منتظمة وغير منضبطة تنطبق عليها مفاهيم السينرجيا(Synergos) وديناميكية الفوضى (Chaos). لقد استجابت سياسة البعث الزراعية مثلا للديناميكية الاقوى للرأسمالية المعاصرة التي انابت عنها آيديولوجية الليبرالية الجديدة على تدمير التنظيم الجماعي التعاوني للكادحين والفلاحين وسحق الجامع للعوامل الفردية السلبية المضطهدة والمتذمرة من السلطات ! فاتسعت البطالة المكشوفة والمقنعة ( العطالة الجماعية) وازدادت حراجة وعرضية وانعدام الثبات المتنامي لشروط العمل ، وتفاقمت المنافسة في سوق العمل وعوامل الضغط على معدلات المرونة لتتوسع فرص التزاوج المؤدلج مع التعهدات والمقاولات والتجارة التي تمجد المرونة وروح المبادرة ... لتسقط التوتاليتارية الصدامية في شرك المنافسة القاتل واللعب على الخلافات اكثر من الاستناد الى ما هو مشترك في صفوف الشعب العراقي !         
     فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان لا في توفير الحد الممكن من الامن  السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب العراقي والضغط على سلطات الاحتلال الاميركي  لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحقة ، لا الدولة الدينية الكومبرادورية التابعة فحسب بل في وضع القوانين والتشريعات المساعدة على التعاون وزيادة مساهمته في الاعمار والتنمية وفي المقدمة قوانين الاصلاح الزراعي الجذرية لصالح الفلاحين، وفي وضع خطط التنمية الريفية لتتوزع على برامج محو الامية / الصحة الريفية / الكهربة الريفية / الاسكان الريفي / تنظيم الاسرة الريفية / الارشاد الزراعي / تصنيع الريف / توطين البدو / الهجرة المعاكسة للريف / التأمين الاجتماعي الريفي / حماية الثروة الحيوانية / احياء الفولكلور الريفي / ...... والاهم تأسيس المجالس المحلية للتنمية الريفية (Community Development Committees)من ابناء القرى الذين عرفوا بالصدق والتفاني للصالح العام والاستعداد للعمل الطوعي بايثار بدل الشخصيات التقليدية المتنفذة /واتباع اسلوب التسيير الذاتي (Self Management)! . كما فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في التراجع عن التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية ( Chaotic Agricultural Relations Market ) وخاصة القوانين المرقمة  (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 والقرار(364) لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ، وفي تحجيم الفساد الحكومي ذو العلاقة بالتلاعب والغش وضعف المراقبة والاشراف انسجاما مع مصالح كبار الملاكين والاثرياء الجدد  وبورجوازية الدولة الكومبرادورية وبالاخص الشرائح القرابية والحزبية والطائفية والعشائرية ، وفي تحجيم الفساد التعاوني وفرسانه من الدخلاء الغرباء على الوسط التعاوني والمتهافتين للهيمنة على قيادة الحركة التعاونية ومن اللاهثين وراء المغانم والامتيازات ضمن المافيات التعاونية .
     فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في ضمان تشجيع المنظمات الأجنبية غير الحكومية (NGOs) ووكالات الأمم المتحدة للتعاون الزراعي والكف عن دعمها اللامحدود للأستثمارة الفلاحية الصغيرة .واخضاع آلية عمل منظمة (الفاو) وخدماتها الزراعية المشروطة للمراقبة ومعالجة مظاهر البرقرطة والفوضى التي تسودها  ومنح الفلاحين الآلات والمستلزمات الزراعية في الوقت المناسب لتلافي تلف ودمار النسبة الكبيرة من المزروعات والبذور الزراعية. 
    فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في اعداد المواثيق التعاونية الضرورية ومقترحات وحدات العمل النمطية لاغراض حساب دخل العضو التعاوني القائم على كم ونوع العمل المنجز واهميته الاجتماعية ! وفي توزيع جزء من الدخل حسب الملكية التي يساهم بها العضو في التعاونية، ومناقشة واقرار القواعد الاساسية للتعاون وفقا لظروف كل تعاونية وقناعة الاعضاء بها وخاصة قواعد المساواة والتربية التعاونية والعون الذاتي ،واعتماد الضمان الاجتماعي في التعاونية ورفع مستوى معيشة اعضاء التعاونية وتأمين مصالحهم الاقتصادية المباشرة (الانحياز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ) ،وفي اسناد التعاون بالمعدات اللازمة لتطويره وتدريب اعضاءه على استخدامها وصيانتها وعمل حساباتها وادارتها  ، وفي  ضمان سلامة الممتلكات التعاونية وتنمية المصادر الذاتية واعتماد مبدأ الاستقلالية الاقتصادية..
     لقد فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في تأسيس التعاونيات الزراعية على اسس اقتصادية وافكار ادارية جديدة لأقامة المشاريع الزراعية الكبرى واعتماد مبدأ التخصصية لضمان :
1.   الاستغلال الاكبر للاراضي الزراعية المستصلحة المتروكة .
2.   ربط الكوادر المتخصصة بالعملية الانتاجية وتطوير قابليتها .
3.   التنويع في المشاريع ... نباتية ، حيوانية ، أسماك ..الخ.
4.   المكننة الحديثة في العمل الزراعي .
    فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في تسخير الاسعار والقروض والضرائب بمرونة لصالح تطوير العمل التعاوني وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ مقاييس العدالة ... واعتماد مبدأ تحقيق الفعالية الاقتصادية والاجتماعية الملموسة !.... وفي الغاء استيفاء القروض القديمة المتراكمة على الفلاحين ،والغاء ضريبة " العقد" السنوية عليهم !... وفي رعاية جمعيات حماية المستهلك لمراقبة السلع الغذائية والاستهلاكية في الاسواق المحلية  ورصد ظواهر الغش والتجاوزات والابتزاز والتلاعب بالاوزان والتحديد الكيفي للاسعار وتسرب السلع الرديئة ! ... وفي تنظيم جني المحاصيل الزراعية في التعاون الزراعي كي لا يستأثر الملاكون بقوة العمل  ولتجنب المضار الزراعية التي يتسببها تأخر الفلاحين الصغار عن الجني ! وتنظيم التعاقد مع اصحاب الجرارات الزراعية من القطاع الخاص الذي يتحكم باسعار الفلاحة !.... وفي اهتمام  الجمعيات التعاونية الزراعية بالفلاحين المحاصصين في اراضي الجمعية لا بفلاحي الانتفاع والملاكين فقط !...
   فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في خفض تكاليف الانتاج عبر زيادة التنظيم والتنسيق بين الجمعيات التعاونية والمؤسسات التسويقية وفي تحديد مجالات النشاط التعاوني في حقول الانتاج والخدمات الريفية والمدينية وربطه بالخطط الانمائية فيما يتعلق بالاتجاهات العامة للتطور الاجتمااقتصادي في بلادنا دون الغرق في التفاصيل ! و الارتقاء بالعمل التعاوني لتعميمه ونشر العمل التعاوني الانتاجي .. والعمل على رفع الانتاجية كما ونوعا ورفع مستوى الاستفادة من الابحاث الزراعية وفي تقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية في مجالات الحصول على المحروقات والبذور والمبيدات والخدمات الاساسية الاخرى ...وتقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية الزراعية للمساعدة على تنظيف الحقول الزراعية والمراعي والبساتين من الالغام وصيانة العيون والجداول والآبار والكهاريز ، وتنظيم عودة سكان القرى المهجرة الى قراهم وتأمين الخدمات الاساسية لهم ، وفتح الطرق في المناطق الريفية لتسهيل عمليات التنقل والتسويق ، تأمين الخدمات البيطرية ومكافحة الآفات الزراعية .....  وتقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية الزراعية – الصناعية لتنظيم العمل التعاوني في المعامل التي تعتمد على المنتجات الزراعية .
    نعم ، فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان في الانسجام مع حاجة الاسواق الحديثة بولوج الميادين المكملة للانتاج الزراعي مثل الفرز والتعبئة والتغليف للخضار والفواكه وفي تفهم واقع الحركة التعاونية ومشكلاتها وآفاقها مدخلا مهما لحل القضية التعاونية واصلاح الواقع التعاوني وتطويره والاستفادة القصوى من النشاط التعاوني لخير المواطن والمجتمع ولأعادة بناء العراق على قاعدة اقتصادية واجتماعية متينة ، وفي اتباع آلية مرنة شفافة للاعداد لأجراء انتخابات تعاونية شاملة ابتداءا بالجمعيات التعاونية وانتهاءا بانتخاب مجلس ادارة الاتحاد العام للتعاون ومن خلال المؤتمر الموسع للحركة التعاونية .
 التعاون هو الاطار المناسب للمشاركة الشعبية الواسعة في تحديد اتجاهات التنمية والاعمار واولوياتهما المعبرة عن مصالحه بالتوازن مع مصلحة التقدم الاجتماعي ! والتعاون ضروري مع حرفية وتبعثر الانتاج وبطء وتائر التمركز ونسبه في مختلف فروعه !وخاصة في الزراعة .     
•   السياسة الزراعية والتنمية الريفية
    ترتبط السياسة الزراعية بالدولة اذ هي مجموعة الفعاليات المدروسة والمنظمة التي تقوم بها الدولة لأجل زيادة الانتاج الزراعي وتحسينه وضمان عدالة توزيعه على المشتغلين فيه والمحافظة على استمرار تطوره! وتهدف السياسة الزراعية الى توفير اكبر قسط ممكن من الرفاهية المادية والمعنوية للفلاحين بزيادة الدخل الحقيقي واستقراره واستمراره ... بعبارة اخرى تسعى السياسة الزراعية الى معالجة التخلف الاقتصادي وعنوانه الاساس في ابقاء البلاد على مستوى منخفض وسئ من التعبئة المادية والبشرية للثروات لا يناسب المستوى الذي بلغته الحضارة البشرية في حقول العلوم والتكنيك ! .
   لا يمكن تفسير تخلف العراق الاقتصادي الا بمحاولات ادماجه باقتصاديات العالم الرأسمالي وضمان تبعيته لها .. من هذا المنطلق تستند القوى الاستعمارية لأبقاء البلدان التابعة اسيرة تخلفها الاقتصادي والعلاقات الانتاجية البالية ومنها العلاقات شبه الاقطاعية . وتصيغ السياسة الزراعية الجهات المعنية بالقطاع الزراعي ابتداءً من وزارة الزراعة- وزارة الموارد المائية والاتحاد العام للجمعيات الفلاحية بهدف وضع الخطط لمعالجة الخلل على ضوء الواقع الجديد والمتمثل باقتصاد السوق وقانون الاستثمار ولحماية مصالح الفلاحين واقتصاد البلد.... وترتكز السياسة الزراعية للدولة عادة على معالجة عناصر التنمية الريفية والتي تتلخص في المضي قدما في مشاريع الاصلاح الزراعي واستصلاح الاراضي والمشاريع الاروائية ، مشاريع تطوير القوى المنتجة في الريف عن طريق تشجيع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة ( الخاصة والمختلطة والحكومية) وحماية العمال الزراعيين عن طريق التشريع والتنظيم النقابي والضمان الاجتماعي والصحي ، ومشاريع تنمية البحوث الزراعية ونظم الحيازة والاسعار والحوافز الانتاجية والتسليف ، ومشاريع تسويق المنتجات الزراعية وتجهيز او توريد اللوازم الزراعية ، ومشاريع الطرق الريفية ، وخدمات الارشاد الزراعي والكهربة الريفية وتوفير الماء الصالح للشرب والخدمات الصحية ، إتباع الأساليب الزراعية العلمية الحديثة واستعمال المكننة المتطورة والبذور والأسمدة الكيماوية والمبيدات وغيرها ، مشاريع تعزيز دور المصارف الزراعية التعاونية ،  مشاريع الثروة الحيوانية والسمكية وتربية الدواجن والنحل والحشرات المفيدة ، مشاريع اعادة تأهيل الاهوار ، مشاريع مكافحة التصحر ، مشاريع الاهتمام بالمحميات والمراعي الطبيعية..، اعمال ردم البرك والمستنقعات الريفية ، اعمال تطهير الريف من الالغام المتروكة ومخلفات الحروب والاعمال العسكرية ، مشاريع التعاون الزراعي والصناعات اليدوية الصغيرة والاشغال الريفية العامة وتشكيل هيئات مختصة بالتعاون الزراعي في وزارة الزراعة لمتابعة المراحل التي قطعها هذا القطاع وسبل النهوض به ، الخدمات الارشادية لتحسين الحياة الريفية السكنية وبرامج تخطيط الاسرة ، رعاية المرأة الريفية ، الخدمات التعليمية ومكافحة الامية ، برامج الحكم المحلي والمجالس المحلية للتنمية الريفية ، التأمينات الاجتماعية الريفية ، العناية بالمعوقين والعجزة في الريف ، برامج الارشاد الثقافي والاعلامي والديني ، احياء الفولكلور الريفي ، برامج تشجيع الادخار والاستثمار الريفية ، برامج التشجير والبستنة والزراعة النسيجية للنخيل ، صيانة البيئة الريفية وتجميلها ، برامج تاهيل وتدريب سكان الريف ، برامج معالجة الهجرة والتهجير    .. الخ.  اما المجالس المحلية للتنمية الريفية فيتم تشكيلها عادة من السلطات المحلية من ابناء القرى المؤهلين الذين يحضون باحترام وثقة الفلاحين والمعروفة بصدقهم وتفانيهم للصالح العام واستعدادهم للعمل الطوعي بايثار !
      لا يمكن عزل السياسة الزراعية وخطط التنمية الريفية عن مجمل خطط التنمية والاعمار واستراتيجيات معالجة الفقر والبطالة وكامل التخطيط الحكومي .. ومن الضروري ربط كل ذلك بفرص احترام حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية الحقة للشعب في بلورة السياسات ، وعملية اتخاذ القرارات ... ولسوء الحظ لم تكن هذه وليست هي اليوم جزء من النهج الحكومي . في العراق كان الافتقار الى الحكمة السياسية والمضي قدما في القمع والاضطهاد والسياسة اللاديمقراطية واللاانسانية من قبل الدكتاتورية البائدة  من جهة ، والحظر الاقتصادي المنهك المستمر من جهة أخرى .. قد حجما الجهد المبذول لتقليص المعاناة الإنسانية ودفعا بالوضع الاجتما- اقتصادي من سيء الى اسوأ! . وتسببت السياسة الاقتصادية التي أنتهجها النظام الدكتاتوري على تعميق معاناة الشعب... وفشلت السلطات العراقية - كما أكد مسؤولو الامم المتحدة - مرارا في تلبية الاحتياجات الأساسية في جميع الميادين الاجتمااقتصادية ، وكان الاستثناء الوحيد الإيرادات الغذائية . هذا يثبت بوضوح ان انظمة الحكم المتعاقبة في بغداد لم تتصرف بمسؤولية فحسب ، بل وظفت معاناة الشعب وتدني مستوياته المعيشية للأغراض السياسية. لقد تراجعت مؤشرات المحاسبة،الإستقرار السياسي ، فعالية الحكومة ، الجودة النظامية ، سيادة القانون والسيطرة على الفساد في العراق خلال الفترة 1996- 2007 لتصل الى المعدلات الدنيا في السلم العالمي ، وتكشف الاحصائيات عن تردٍ خطير وتراجع أخطر في فعالية أداء الحكومات المتعاقبة رغم انهيار الدكتاتورية البعثية في 9/4/2003.
      مستويات الفقر في بلادنا  لم يطرأ عليها أي تغيير رغم سقوط الطاغية . واستنادا الى تقارير الامم المتحدة فان ما يقارب (4) ملايين مواطن يعيشون دون المستوى المحدد عالميا. ويتواجد (70- 80) % من ابناء الشعب دون مستوى الفقر المحدد عالميا، بينما يمتلك العراق احد اكبر معدلات النمو السكاني 3.2% رغم الوضع الاقتصادي المتدهور للشعب ومعدلات التضخم الخيالية وعرقلة وتخريب الدورة الإنتاجية الاقتصادية السلمية.... واكدت وكالة الامم المتحدة للاجئين UNHCR ان اكثر من(4) ملايين عراقي هربوا تاركين بيوتهم بحثا عن ملجأ، اما في داخل العراق او خارجه ( اكثر من مليوني شخص شردوا في الداخل و2.2 مليون آخرين اصبحوا لاجئين في دول الجوار) . لقد انخفض الإنتاج الزراعي وترك الفلاحون أراضيهم..  وارتباطا بالمعدلات العالية للبطالة، والأسعار المرتفعة، والتضخم الواسع ( أكثر من 7000%) وانعدام السياسة الحكومية اللازمة لمعالجة الفقر بلغت معدلات الفقر في بلادنا مستويات كارثية لقطاعات عريضة من ابناء الشعب العراقي. وتعتمد الغالبية العظمى من أبناء الشعب على الحصة التموينية الشهرية لبرنامج النفط مقابل الغذاء. كما يلاحظ المساهمة المتزايدة للنساء في قوة العمل بسبب من الصعوبات الاقتصادية التي عانت منها معظم العوائل والحاجة الماسة لمزيد من الدخل. رواتب النساء هي الأقل ويفتقرن لعقود العمل المماثلة والضمان الاجتماعي... بالنتيجة تخضع المرأة للاستغلال المزدوج في المجتمع والمنزل بيمنا تتقدم ببطأ مساهمة النساء في الحياة السياسية والاجتماعية. وانعدمت سياسات وبرامج رعاية النساء وإكسابهم الدور اللائق في عملية التقدم الاجتماعي او الاهتمام بهم على قاعدة من المساواة العامة... يعاني الشعب العراقي من الارتفاع في الأسعار والهبوط في القيمة التبادلية للعملة العراقية والانخفاض في الدخل والرواتب وتدني القوة الشرائية، وسبب التدهور الاقتصادي والفقر في الغذاء والرعاية الطبية مزيدا من الوفيات بين المسنين والأطفال.
    امام كل هذه المأسي الكارثية ، القوى السياسية العراقية مطالبة بالجرأة لأقتحام التقاليد السائدة في سبيل تحريك الوضع السياسي الراكد والتعامل مع قكر جديد للبناء يرتقي على الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية ويستهدف  مقاومة تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية ، ومواجهة اللغو والسفسطة والخطب الانشائية .ان الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية ، وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا ،  لا يستلزم فقط العمل على اشاعة روح التآخي والتآزر والمحبة  والتحلي بالحكمة والتروي وترجيح العقل والتعامل الواقعي ... بل يستلزم العمل الجاد لوأد النعرات الطائفية المقيتة التي تبث الفرقة بين ابناء الشعب والوطن الواحد ، والقيام  بكل ما من شانه تبديد حالة التوتر والاحتقان ، التي ينطوي  استمرارها على خطر داهم لن ينجو من عواقبه احد ، واتخاذ التدابير ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والثقافية التي تؤمن للمواطنين القناعة والثقة بان مسيرة بلادهم بايدي امينة تمتلك الفكر النير الوطني التحرري .. فبدون ذلك لا يمكن السير  نحوالبناء واعادة اعمار الوطن واستكمال السيادة  بانهاء الوجود العسكري الاجنبي.ومن الضروري اعتماد الكفاءة  والنزاهة اساسا في اسناد المسؤوليات واشغال الوظائف العامة... حينها يجر الالتفات الى القضية الفلاحية لحل معضلاتها كجزء اساسي من القضية الوطنية  العراقية .



الهوامش :
(1)   ثبت اعتراف حكومات الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة بالنظام القبلي .. ثبت العلاقات الاقطاعية العشائرية عبر سلسلة من القوانين الوضعية :
   نظام دعاوي العشائر لسنة 1918 وتعديلاته .
   قانون تحديد وتسجيل الاراضي رقم 24 لسنة 1920.
   قانون الجمعيات رقم 27 لسنة 1922.
   قانون تمليك وتحديد الاراضي الاميرية في القرى والقصبات رقم 84  لسنة 1926.
   قانون تمليك الاراضي الاميرية المغروسة رقم 15 لسنة 1927 .
   قانون اللزمة رقم 51 لسنة 1932.
   قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 50 لسنة 1932.
   قانون حقوق العقر رقم 55 لسنة 1932 .
   قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 28 لسنة 1933.
   قانون تشييد القرى الحديثة رقم 70 لسنة 1936 .
   قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 29 لسنة 1938.
   قانون اطفاء ضريبة الارض رقم 20 لسنة 1939.
   قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1940 .
   قانون تفويض الاراضي الاميرية لسنة 1941.
   قانون الجمعيات التعاونية رقم 27 لسنة 1944.
   قانون اعمار واستثمار الاراضي الاميرية رقم 43 لسنة 1951.
   قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1954 .

(2) زخرت مكتبة تاريخ الشعب العراقي بمئات الكتب والكراريس والمقالات والقصص والروايات التي دونت تاريخ الاقطاع والعشيرة في العراق وتعرضت لسماته الاساسية .. ومن اهم الكتاب والباحثين في هذا المضمار : سليم علي الوردي ، ل.ن.كوتلوف، طلعت الشيباني ، صالح مهدي حيدر، محمد علي الصوري ، ابراهيم كبة ، عبد الرزاق الظاهر ، شاكر مصطفى سليم ، يوسف المعمار ، خزعل البيرماني ،  حسن الخطيب ، صلاح الدين ناهي ، زكي خيري ، محمد حسين ابو العيس ، محمد توفيق حسين ، محمد سلمان حسن ، عبد الصاحب العلوان ، عبد الزهرة العيفاري ، خزعل الجاسم ، حسن ثامر ، شاكر ناصر حيدر ، فؤاد جميل ، عبد الرزاق الهلالي ، رشاد محمد بالطة ، عبد الوهاب مطر الداهري ، مكرم الطالباني ، سامي جواد النوفل ، كاظم حبيب ، عبد الواحد كرم ، جميل يلدا بوداغ ، سامال مجيد فرج ، علي محمد النوري ، حمدي التكمجي ، فالح عبد الجبار ، منيب السكوتي ، كمال محمد سعيد الخياط ، كاظم السماك ، سعيد عبد الخالق ، فوزية العطية ، عبد الجليل الحديثي ، عبد الجليل الطاهر ، عزيز القطيفي ، عبد الله ياسين ، دورين وورنر ، نصير سعيد الكاظمي ، عصام الخفاجي ، وآخرون ... 

(3)    تؤكد "الجيوسياسية المعاصرة" وفق الكسندر دوفاي (الجيوسياسة / باريس / 2005 )على أن السياسة هي التي أصبحت تصيغ الوسط الجغرافي وإطار حياة البشر أكثر مما هو العكس، كما كان سائداً القول في المقولات الجيوسياسية التقليدية. والنظرة الجديدة تعود إلى واقع أن التقدم التكنولوجي المنجز يحرر السياسة من مستلزمات الوسط الجغرافي وإطار حياة البشر. ويضيف الكسندر دوفاي  انه مع تعاظم الفارق بين القوة الهائلة للولايات المتحدة وضعف الآخرين كلهم فإن « كل شيء يمكن أن يقع » كما تقول الكلمات الأخيرة من كتابه. إن نقطة ضعف المقاربة الجيوسياسية عموما تتمثل في عدم طرحها للتساؤل شرعية وتمثيلية انظمة الحكم القائمة أي في عماها الديمقراطي، بينما يتمثل ضعف المقاربات الديمقراطية في ارتباكها أمام وقائع الهيمنة الإقليمية والدولية أي في عماها الجيوسياسي على حد تعبير الكاتب السوري ياسين الحاج صالح. الولايات المتحدة يواجهها تحديان كبيران من قوتين فاعلتين وإن كانتا متناقضتين، الإرهاب و المجتمع المدني كما يؤكد الكاتب المصري صلاح سالم ‏.‏



بغداد
22/6/2007

197
القضية الفلاحية في العراق المعاصر- القسم الثاني

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة


•   البنية الاجتمااقتصادية الهجينية
    خلقت العلاقات الراسمالية في بلادنا مع الاحتلال الاميركي وآثار خراب اقتصاد حافة الهاوية ابان العهد الدكتاتوري ... خلقت البنية الاجتمااقتصادية الهجينية في اقتصاد وحيد الجانب اساسه الاعتماد على النفط ، وهي خليط من العلاقات الاقطاعية المغلفة برداء عشائري مع تحفيز لبعض عناصر التطور الرأسمالي في حدود ضيقة وبما يخدم المصالح الرأسمالية فحسب .. اي دون تقديم البدائل الرأسمالية المتقدمة . وبذلك يجر ضمن الازمة البنيوية الراهنة تكريس العلاقات الاقطاعية وشبه الاقطاعية والرأسمالية الطفيلية والكومبرادورية  في خليط هجيني متعايش لأنماط انتاجية مختلفة متصارعة بالسر والعلن في سبيل الهيمنة والتحكم بالفوائض الاقتصادية ، وفي المقدمة الاستحواذ على الريع النفطي . ومن المفيد ملاحظة تراجع الإنتاج الزراعي الذي لا تتجاوز حصته في الناتج المحلي الاجمالي اليوم حوالي الـ 7% وركود القطاع الصناعي التحويلي المقرون  بتحول جلّ طاقات المشاريع الصناعية الكبرى في النظام السابق لأغراض التصنيع العسكري ولخدمة آلة الحرب على حساب إشباع الحاجات المدنية السلمية للمواطنين بينما عانت الصناعات الوطنية للمواد الاستهلاكية من مصاعب حقيقية، وما نجا منها من الدمار والتخريب سحقها الانفتاح التجاري وإطلاق حرية الاستيراد اضافة الى الفساد.
    وتسهم المؤسسة العشائرية بفعالية في نمو قطاع واسع من أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات واستيعاب قسماً من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصادياً وبالاخص الفلاحين الفقراء والكسبة  . وتتسم هذه النشاطات التي يغلب عليها الطابع الخدمي البدائي، بضعف الإنتاجية وقلة القيم التي تخلقها وتردي ظروف العمل وكثافة استغلال العاملين... كل ذلك اسهم في تنامي دور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي. وتمارس الراسمالية التجارية الطفيلية الكومبرادورية وبيروقراطية الدولة التجارة غير المشروعة وتهريب المحروقات واعمال المضاربة واقتصاد الصفقات والعمولات وغيرها !. وتواجه بلادنا حاليا الطموح الجامح لزحف الرأسمال الأجنبي في إطار العولمة الرأسمالية المتوحشة بهدف التحكم في المقدرات الاقتصادية للبلاد تحت أغطية مختلفة.. يبدو ان التناقض بين البنية الاجتماعية والاقتصادية المتخلفة من جانب والعلاقات السلعية الرأسمالية الجنينية المتنامية من جانب آخر هو الذي وسم ولا يزال تطور الشعب العراقي بسمة الازدواجية في كافة نواحي الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السايكولوجية و الاخلاقية ..  ولهذا فإن النضال في سبيل إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني الاقتصادي والسياسي والثقافي يمثل مهمة راهنة تستقطب أوسع الفئات الاجتماعية وفي المقدمة العمال والفلاحين والكادحين من شغيلة اليد والفكر...
•   العامل الجيوسياسي
   الطبقة العاملة والفلاحون وعامة الكادحين من شغيلة الفكر واليد هم اصحاب المصلحة الحقيقية في عودة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية في البلاد ، والإسراع في تهيئة مستلزمات إنهاء الوجود العسكري الأجنبي واستعادة السيادة الوطنية الكاملة والعمل على التخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة. لقد تأثرت القضية الفلاحية بالاضطرابات والمخاطر الجيوسياسية في عراقنا طيلة القرن العشرين بعد ان شكل الفلاحون اعلى النسب السكانية ، وبعد التخلص من الدكتاتورية التاسع من نيسان 2003 وتدشين عهد الاحتلال الاميركي والطائفية السياسية باتت القضية الفلاحية وكامل القضية الاجتمااقتصادية والقضية الوطنية على أبواب مرحلة جديدة  حاسمة  في تاريخ شعبنا المعاصر  عبر الصفحات الجيوسياسية المتغيرة والمتقلبة على الدوام ...  نعم ، الوضع الجيوسياسي في بلادنا تمحور بالدرجة الاساسية حول عوامل النفط  والاضطرابات السياسية الداخلية ، واضيفت للتيه الجيوسياسي اليوم عوامل العولمة الرأسمالية والاحتلال الاجنبي والثقافة الشمولية وانعدام الامن والخدمات والارهاب والمياه والتصحر والتدخلات الاقليمية وعوامل أخرى منها لا على سبيل الحصر الاضطراب الجيوسياسي في الشرق الأوسط والخليج العربي!... واذا استثنينا العولمة التي تحاول إعادة هيكلة العالم رأسماليا في بودقة أحادية الجانب غايتها اشاعة العلاقات الاستهلاكية الطفيلية واعادة ترتيب المناخ الجيوسياسي وفق مجموعة من المفاهيم والشعارات من قبيل التنمية المستدامة ، النظام العالمي الجديد ، النظام الشرق أوسطي ، المنظمات غير الحكومية ،  تصنيف المجتمعات إلى" متحضرة وغير متحضرة" ... الخ ... فان كافة  العوامل الاخرى تدخل في الهم الجيوسياسي (الجيوبوليتيكي) المحض غير المجتزأ(3). إن عودة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية في بلادنا مرهون بالتوازنات السياسية الداخلية المستندة هي نفسها إلى التوازنات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية....
    وسط صناعة الفوضى البارعة منذ عقدين من الزمن باتت القضية الفلاحية في مهبّ التحوّلات الجيوسياسية ... وادى التخطيط المرتبك والتشريعات الزراعية المرتجلة وسياسة الخصخصة سيئة الصيت ، واحياء المؤسسة العشائرية بطرفيها : الاجتماعية التقليدية وعشائرية الدولة، وفرض سياسة الحزب الشمولي الواحد ، وفساد وبرقرطة الأجهزة الحكومية ودورها في التلاعب والغش وضعف المراقبة والأشراف ، والحروب الكارثية التي افتعلها صدام حسين ، وتجفيف الاهوار ، والعقوبات الاقتصادية الدولية ،  وفشل الحكومة العراقية الحالية في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي  يضمن حقوق الانسان وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع الفلاحين والمزارعين .. وانبطاحها امام النفوذ والتدخل الايراني في مناطق جنوب العراق والفرات الاوسط ، والضغط التركي بالتقليص الكبير اللامعقول في نصيب بلادنا من مياه نهري دجلة و الفرات ، والاحتلال الاميركي ...  ادى كل ذلك الى نشوء العلاقات الانتاجية الاستغلالية مجددا وعودة العلاقات شبه الاقطاعية من جديد وانتعاش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح أغنياء الريف الجدد الامر الذي ادى بدوره الى خراب الريف وقواه المنتجة  والانخفاض الحاد بالانتاج الزراعي والتردي المريع بالأمن الغذائي مع الاجهاض الملفت للانتباه للتعاون الزراعي في سياق سياسة تشجيع سيادة الأستثمارة  الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة. لقد هبط الانتاج الزراعي في السنوات الخمسة عشر الاخيرة بمعدل 1.1%  سنويا ، وكذلك هبط انتاج محاصيل الحبوب كالشعير والقمح والرز هبوطا شديدا اضف الى ان الزراعة تعتمد اعتماداً كليا على موارد المياه ذات المنابع الخارجية وقد تسببت شحة تدفق المياه وتدهور نوعيتها في الحاق اضرار بليغة بالقطاع الزراعي.
     كانت تصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام والسلطات الحاكمة من أخطر حلقات سياسة النظام الدكتاتوري في هدم الريف وتخريب العلاقات الأجتماعية الأقتصادية فيه وجرى ايقاف سبل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري وألغيت المستوصفات البيطرية وفرق المكافحة البيطرية السيارة، وتمت تصفية العديد من المضخات وتحويلها الى من يستطيع أستئجارها وتدهور الأنتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية إلى جبهات الحرب.. وظلت مشكلة التسويق خاضعة إلى عملية العرض والطلب في السوق وتقلص حجم العلاوى الشعبية وبددت الثروتان الحيوانية والسمكية واهملت المحميات والمراعي الطبيعية ومظاهر التصحر الجارفة ووجهت ضربات ماحقة لبساتين النخيل والغابات وشبكات الري والبزل وجرت قدما العودة إلى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف. كما طرد الاحتقان الطائفي والسياسي والانتشار الميليشياتي الفلاحين من أراضيهم ودفعهم للهجرة قسرا طلبا للامان والحد الادنى من العيش الكريم بعيدا عن قرقعة السلاح واوامر المتنفذين . ويؤلف الفلاحون اليوم نسبة 20%  من الأيدي العاملة في العراق، لكن حصتهم من الناتج الوطني حاليا هي 10%  فقط ، والزراعة هي مصدر العيش الرئيسي لسكان الريف البالغ عددهم 7 ملايين  نسمة.
•   الثورات الفلاحية
    ضمن اطار الدولة العثمانية سادت الطبيعة الاصلاحية الثورات والانتفاضات الفلاحية العشائرية واقترنت بالفوضى العارمة بسبب تردي وارتباك الاوضاع الاجتمااقتصادية في الامبراطورية وجهل السلاطين بادارة دفة الحكم وركونهم الى البذخ المفرط وازدواجية الحكام بين السياسات الوطنية الوافدة من اوربا والسياسات المستمدة من الشريعة والحضارة الاسلامية !. ولم تبحث الثورات العشائرية عن اب جديد من خارج الاطار العثماني في يده اليسرى برامج الاصلاح وفي يده اليمنى عقيدة تتعارض مع عقيدتهم . وقد اجهدت نفسها في البحث عن اب يرضي ولاءها الروحي ويحقق رغباتها المعبر عنها في تحقيق النظام وسيادة الامن ورفع الضرائب الغير مشروعة وازالة ما علق في اذهان الولاة الاتراك من نظرات استعلائية . .. الا ان سلطات الاحتلال البريطاني والنظام الملكي عملا على المحافظة على مصالح الاقطاعيين ، وعموما كان الفلاحون العشائريون الاشد بؤسا والافقر والاقل استفادة من المرافق العامة الميسورة وامتازوا بتفه الدخل لدرجات متسعة بحيث لا يكفي الدخل الا للمحافظة على الكيان المادي ! وعلى الفلاح ان يؤدي للشيخ نسبة من حاصلاته عن الحراسة والسركلة والديوان والكاتب ( الملا ) فضلا عن العمل المجاني الذي يقوم به الفلاح للملاك وبناء دوره وجمع الحطب له ومداراة زرعه الخاص ( شكارة ) والكرى.. الخ ... وامتاز الفلاح العشائري ايضا بضعف القابلية الانتاجية ، والبطالة الكلية او الجزئية او الفصلية ، وبضعف المناورة والمساومة في تحديد الاجر والحصة من الغلة السنوية فالفلاح هو عبد للعادة والعرف والتقليد ... واضفت المؤسسة العشائرية على الريف العراقي العلاقات شبه الاقطاعية فكان الريف يعيش في نظام شبه اقطاعي اهم مقوماته التفاوت الشنيع بين ثروة الشيخ العريضة وفقر الفلاح المدقع ، واعتراف سلطات الاحتلال البريطاني وحكومات النظام الملكي بهذا النظام الاقطاعي العشائري ، العقلية العشائرية السائدة وعصبية التعلق بالشرف ومجد العشيرة واستغلال الفلاح ، الجهود غير المشروعة التي يبذلها الشيوخ والملاك الكبار للحيلولة دون تطوير الفلاح وتثقيفه والعمل على عزله عن كل مايمكن ان يبعث امكانيات الانطلاق من عقال الاقطاع ، سلبية التشريع المالي تجاه الشيوخ وعدم فرض اية ضريبة على الارض . كل ذلك افقد الفلاحون قوة المساومة في التحكم في تقدير حصتهم في الغلة وافقدهم حقهم في ترك الارض والحرية في التنقل .. فالرابطة بين الشيخ وفلاحه رابطة اقتصادية عرفية املتها طبيعة النظام الاقتصادي للاقطاع العشائري وايدها النظام القانوني والسياسي .
    شدد الانكليز من قبضتهم على بلادنا اثر التصديق على معاهدة 1930 وجابهوا بالقوة الوثبات والانتفاضات الفلاحية الأمر الذي أسهم في تجذير الجوهر الديمقراطي للحركة الفلاحية في العراق وكردستان وتكريس المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية للحكم. لا ينسى شعبنا بطولات فلاحي الفرات الأوســـــط وفي مقدمتهم عشائر آل فتلة البطلة بقيادة الزعيم الوطني الكبير الحاج عبد الواحد الحاج سكر والقائد العشائري الشيخ فريق آل مزهر وعشائر الظوالم و بنـــي حجيم والمنتفك وال ازيرج السواعد والبوسلطان وغيرهم . ومن الأسماء المعروفة في كافة أنحاء العراق وفي تاريخ ثورة العشرين اسم الثائر الشيخ شعلان أبو الجون …وغيره الكثيرون من شخصيات وزعماء الرميثة والديوانية والفيصلية. ويفتخر تاريخ العراق أيضا بدور المرجعيات الدينية في مدينة النجف الاشرف التي ساهمت مساهمة فاعلة في الثورات الشعبية وفي حل الأزمات السياسية التي حدثت في البلاد . فلا تزال ذاكـــــرة الناس تحتفظ بإجلال واحترام باسم حجة الإسلام السيد محمد سعيد الحبوبي الذي وافاه الأجــــــل وهو على رأس الجيوش الفلاحية في جنوب العراق إبان ثورة العشرين. وكذلك اســــــــــم السيد الشيرازي وآية الله الشيخ مهدي الخالصي وغيرهم.
    في خضم الاحتقان الشعبي الحضري والريفي اكتشفت الملكية والعشائرية مصلحتهما المشتركة فالتحم الطرفان للصمود بوجه التهديد لمواقعهما وامتيازاتهما .. حتى ثورة 14 تموز التي دمرت الملكية ودونت مصير العشائرية.... بينما كانت المعاناة القاسية للفلاحين واغتصابهم الى جانب النهوض العام للافكار الديمقراطية وراء الثورات الفلاحية بداية الخمسينيات من القرن العشرين ، واستهدفت تحديد علاقة الفلاح بالارض بالرغم من اختلاف ملكية رقعة الارض في المناطق المنتفضة . لم تكن القضية الفلاحية تثبيت ملكية الارض فحسب بل مشكلة العلاقة بين الشيخ او الاغا والفلاح اي العلاقة بين الفلاح والارض التي يزرعها ويعيش عليها ويموت فيها ! .. ومن هذه الانتفاضات :   
   الانتفاضة الفلاحية في القرنة بالبصرة عام 1952.
   اصطدام الفلاحين بالشرطة في الازيرج بالعمارة عام 1951.
   اصطدام الفلاحين بالشرطة في منطقة الاوقاف بديالى عام 1953.
   الانتفاضة الفلاحية في دزه ئي باربيل عام  1953 ، وشملت اكثر من 300 قرية.
   انتفاضة فلاحي هورين – شيخان بديالى عام 1953.
   انتفاضة فلاحي دارماوه في حلبجة / السايمانية عام 1953.
       أدى التراجع الذي حصل في مسيرة العهد الجمهوري منذ النصف الثاني لعام 1959 الى التلكؤ الكبير في تنفيذ القانون رقم 30 لعام 1958 والى الهجوم الرجعي الواسع على مكاسب الفلاحين والذي وصل حد التصفيات الجسدية لنشطاء الفلاحين وحركتهم الثورية. لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الأرض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته …كما مارست الطغمة الحاكمة في بغداد عمليا منذ انقلاب 17/7/1968 سياسة الهيمنة المطلقة على كامل الحركة الاجتماعية وفق أساليب الإرهاب الدموي الموجهة ضد الشعب العراقي  بفرض ازلامها على قيادات المنظمات والجمعيات المهنية والنقابية والتعاونية وقامت بتزوير وتزييف إرادتها والتدخل المباشر وغير المباشر في النتائج الانتخابية واعتماد سبل الاعتقال والتعذيب والتصفيات الجسدية والإعدامات . ولم تستثن الجمعيات الفلاحية من هذا الواقع المرير .. لتتحول الى أوكار أمنية لمطاردة خيرة الكوادر الفلاحية ومجسات استخباراتية صفراء فقدت الحدود الدنيا من الاستقلالية لتنفيذ أهداف الدكتاتورية الصدامية... باختصار كان العهد الجمهوري الاول 1958 – 2003 مرحلة سبات قسرية للحركة الفلاحية الناشطة لتبقى القضية الفلاحية العادلة وتاريخ الثورات الفلاحية في قاموس الانظمة السياسية العراقية في طي النسيان !... وليبقى الفلاح المنتج الاعظم والمتصرف المباشر في الارض واداة استغلال الارض ونبش التربة ومزجها بالماء بعد ان يضيف الى هذا المزيج دوائه وعرقه وقوته .. فهو الضحية الصامتة للشيخ والاقطاعي اذ لم يظفر بحقوقه الشرعية في الحياة كبشر ومنذ القدم.
    لقد حارب الفلاحون طيلة النصف الثاني من القرن التاسع عشر والربع الاول من القرن العشرين بقيادة شيوخهم الدولة الاجنبية للتخلص من الجزية الاقطاعية او الريع ! واصبحوا في الربع الثاني من القرن العشرين وجها لوجه ضد كبار ارباب الاراضي من مشايخ واغوات وتجار وكبار رجال الدولة ، وهم اشد ظلما واكثر استغلالا حتى من الجندرمة التركية والشرطة الريفية ( الشبانة ) البريطانية .. وبعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة واجه الفلاحون الهجوم الرجعي الواسع على مكاسب الفلاحين المنتزعة بقانون رقم 30 .. بينما كانوا عرضة لشتى أساليب الإرهاب الدموي الموجهة ضد الشعب العراقي  عموما في العهد الدكتاتوري البائد ! واليوم مع انتعاش العشائرية مجددا في احضان الطائفية السياسية واضطراب الاوضاع الامنية وتردي الخدمات وبقاء الاحتلال الاجنبي يجد الفلاحون انفسهم اقرب من اي وقت مضى للطبقة العاملة وسائر كادحي بلادنا وباقي الفئات الاجتماعية ذات المصلحة في مواجهة الاحتقانات السياسية والطائفية والتسلح الميليشياتي الاعمى ...     
•   حركات الاصلاح الزراعي
   تعني فلسفة الإصلاح الزراعي بمعالجة سوء توزيع الثروة في الريف بما في ذلك الأرض الزراعية التي تعتبر من عناصر الإنتاج الرئيسية ومصدر المعيشة والرزق ، ومعالجة بقاء التوترات  الاجتماعية والسياسية بسبب الفروقات الطبقية وانتشار الفقر والتخلف..ان جذور حركات الاصلاح الزراعي في العالم قديمة وتمتد الى ماوراء القرون الوسطى بل والى فجر التاريخ . وشهد القرنان الاخيران الكثير من محاولات الاصلاح الزراعي المستمرة والتي اصبحت فيما بعد جزء من برامج هيئة الامم المتحدة UN ... وفي العراق يمكن تقسيم تطور الاصلاح الزراعي الى مرحلتين :
الاولى – الجذور القديمة التي اتبعت مفهوم الاصلاح الزراعي القديم الذي يتضمن اعادة توزيع حقوق التصرف في الاراضي الزراعية .. وتبدأ من العهد الاسلامي الى صدور قانون رقم 30 لسنة 1958 .
الثانية – عمليات الاصلاح الزراعي على اساس مفهوم الاصلاح الزراعي الحديث الذي يتضمن اعادة بناء اقتصاد المجتمع الريفي بكامله لتحسين وضع الفلاحين ورفع مستواهم المعيشي وتغيير العلاقات الانتاجية ..
     اختص اول تشريع زراعي صدر في الاسلام بموارد الثروة العامة الاساسية المحتكرة من قبل ذوي النفوذ في الجزيرة العربية كمياه الآبار والعيون والينابيع والمراعي العامة . وجاء هذا التشريع في عهد الرسول محمد (ص) " لا حمى الا حمى الله ورسوله ". .. ثم واجهت الدولة الاسلامية الثورات الراديكالية في مقدمتها ثورة الزنج في البصرة وثورة القرامطة في سواد الكوفة .. والاخيرة كانت متنفسا للفلاحين الذين اخذوا يطالبون بالاصلاحات الزراعية وفرض الضرائب التصاعدية ، وانتهوا بالغاء الملكية الفردية واقامة الاشتراكية المطلقة في الاموال .. وكانت حركتهم اوسع حركة اجتماعية شهدها المجتمع الاسلامي .
     ساد الاقطاع العسكري في العراق العهود البويهية والسلجوقية والزنكوية والايوبية والايلخانية .. وتطور الاقطاع العسكري الى اقطاع وراثي للارض ! وفي العهد العثماني توزع التقسيم الاقطاعي الى خاص وزعامت وتيمار الى ان الغته الدولة العثمانية عام 1839 ليحل محله قانون الاراضي العثماني عام 1858 .. الا ان القانون لم يطبق في العراق الا في زمن مدحت باشا ( 1869-1871) ، واشتريت السندات من قبل التجار والموظفين وبعض الشيوخ المتنفذين .. وفي عهد الاحتلال البريطاني استقدمت الحكومة الخبير البريطاني بالارض آرنست داوسن الذي قدم تقريرا عام 1931 اعتبرته السلطة اساس الاصلاحات الزراعية ، وتضمن التقرير تقسيم الاراضي بين افراد العشائر حسب تصرفهم الفعلي فيها وحسب العرف القبلي اي ان يعطى للشيخ الخمس والباقي توزع على افراد العشيرة .. بعدها شرعت الحكومات الملكية جملة قوانين مستندة على تقرير داوسن ( راجع الهامش 1 ).
     جاءت الضربة التي تلقتها العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية  في أعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الإقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين وصدور قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 والبدء بتوزيع الأراضي على فقراء وصغار الفلاحين. لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي !.وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى  الرأسمال " النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة .. وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!.. كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى .. لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712 ) ساحبة و( 1056 ) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية .
    لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 بداية جيدة لمسيرة الإصلاح الزراعي... إلا ان السنوات التي أعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته، او تجاوزا عليها في كثير من الأحيان مما أعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وإفراغه من محتواه. وأسهمت أجهزة الزراعة والإصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالإقطاع من تحقيق تلك الأغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه أيام العهود السابقة. واصطدم تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1958 بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات . ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا . لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الأرض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته … ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية  المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا  تنفيذ القانون رقم 30 . اضافة لذلك لم يقدم القانون رقم 30 العلاج لحل مشاكل الفلاح المنتج كالتقاليد البالية والمفاهيم المخطوءة والقيم العشائرية ، ومشاكل السلوك وضعف القدرات والنشاط وسوء التنظيم وتخلف المستوى التكنولوجي .
    في عام 1960 اعتبرت عائلتا الجاف والشيخ محمود البرزنجي من العوائل ال(13) الاقطاعية الاكبر في العراق الى جانب عائلة الملك المزاح وعوائل اخرى منها (آل ياسر ، الفرحان ، الامير ، الجلبي ، القصاب ، الياور ، الخضيري ، آل مرجان ، آل جريان ، السهيل .. ).
   في عام 1961 شرعت القوانين 17 ،  61 أعطيت بموجبها للسراكيل حقوق خاصة وللملتزمين حقوق خاصة أيضا وفي عهد الأخوين عارف اتخذت جملة إجراءات لصالح الإقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية لكنها لم ترتق بدور الشيوخ وكبار ملاكي الأراضي الزراعية إلى مستوى الفترة التي كان عليها نفوذهم في العهد الملكي. من إجراءات العهد الجمهوري الاول في دعم الاقطاع والعشائرية كانت قوانين .. اتحاد الجمعيات الفلاحية المرقم 139 لسنة 1959 ...الإقرار بحقوق خاصة للسراكيل والملتزمين المرقم 17،61 لسنة 1961 .... تحويل الأراضي الأميرية الى ملك صرف المرقم 199 لسنة 1964 و المرقم 16 لسنة 1965 .
     لقد أخذ القانون رقم 30 بحد الألف دونم في الأراضي المروية وألفي دونم في الأراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الأعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين...لكن القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان اقرا مبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار، ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ (الارض لمن يزرعها) وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام. كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة، الشعير، الذرة الصفراء، الشلب، القطن والصوف) وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة.
     قنون  القانون 117 لسنة 1970 جملة اسس بالغة الاهمية في مقدمتها (صبري شمعون/ الإصلاح الزراعي/طريق الشعب):
1-   خفض الحد الأعلى للملكية الزراعية الذي يتحدد على أساس مواصفات الأرض ونوع الزراعة وطريقة الري وغيرها. 
2-   إلغاء حق اختيار المالكين السابقين لمواقع المساحات التي تجنب لهم، وان يكون التجنيب بمالا يتعارض مع المصلحة العامة. 
3-   استثناء مساحات البساتين من أحكام تحديد الملكية. 
4-   توحيد تسجيل صنف أراضي الإصلاح الزراعي بأميرية صرفة بدلا من التعدد في التسجيل . 
5-   إلغاء التسوية ، وأناطه مهمة تثبيت الحقوق في الأراضي التي لم تتم تسويتها بعد بلجان الإصلاح الزراعي حيث تقوم بتثبيتها ضمن الحدود التي عينها القانون لحدود الملكية الزراعية بشكل موحد، وكذلك إلغاء قرارات التسوية غير المكتسبة للدرجة النهائية. 
6-   إلغاء التعويض عن الأراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأعلى للملكية الزراعية. 
7-   للمغارس والتعاب حصة في الأرض والشجر لاتقل عن النصف، وأجاز إثبات الحق فيها بالبينة الشخصية وبكافة طرق الإثبات القانونية.
8-   الأخذ بمبدأ التوزيع الجماعي على الفلاحين بالإضافة إلى التوزيع الفردي حسب ظروف المنطقة. 
9-   شمول حالات متعددة من أشكال التوزيع (فيما يخص الوحدات الاستثمارية والمستأجرين في مشروع ري أبي غريب والمتصرفين في الأراضي الأميرية في مشروع الحويجة والسراكيل في الناصرية والملتزمين الأوليين والثانويين وأصحاب المحرمات في العمارة).
10-   شمول المغارسين وفلاحي البساتين بالعلاقات الزراعية في أن تكون حصتهم من الثمر النصف، وفي المزروعات التي تزرع تحت الأشجار وفق نسب قسمة الناتج للمحاصيل الحقلية... مقابل ذلك اوجب على المغارس الاستمرار في عمله بالعناية بالأرض والشجر بعد انتهاء مدة المغارسة في البستان المشتركة بينه وبين صاحبها السابق وعدم جواز الإفراز في البساتين إذا كانت النتيجة أن تقل المساحة عن 5 دونمات. 
11-   الأخذ بأسلوب المزارع الجماعية التعاونية، والأخذ بقواعد جديدة في تبسيط إجراءات التنفيذ وتوفير إمكانية الانجاز السليم والسريع.   
    تمكن النظام الصدامي البائد من إيصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين، وهم الاكثرية، يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان. وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية.واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي ألغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة أو اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية، و ليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة أو أجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين (الأجير والمؤجر). كما اصدر، ما يسمى مجلس قيادة الثورة، تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات على وفق معدلات محددة . وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام .
      جهدت دكتاتورية صدام لتسويق بضاعة العشائرية ومشايخها القدامى والجدد وعصابات قطاع الطرق لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة العشائرية والأواصر العرفية وبروح الاثنية المنغلقة،وكبح تطلعات جماهير الريف....  وساعدت الخصخصة (Privatization)على بعث الهويات دون الوطنية الجزئية كي تلعب دور الوسيط للتواصل بين الشعب والسلطة ولكن هذه المرة ليست تكرار لهويات الاربعينات ... وتركزت بأيدي الملاكين الكبار في بلادنا أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء المكائن والمعدات الزراعية.وقد وفرت لهم حكومات البعث في حينها الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم 3 الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص ….
    اعادت الطائفية السياسية مابعد التاسع من نيسان 2003 الخطاب السياسي الذي ينتج السياسات العاجزة والانفاق المظلمة والطرق المسدودة لتنقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضد الاحتلال الاميركي الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية ولتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية . ولتنهض مجددا العلاقات الانتاجية الاستغلالية ولتعود العلاقات شبه الاقطاعية ولتنتعش مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح أغنياء الريف الجدد ودور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي، وتنامي دور الفئات الطفيلية ... الامر الذي اجهض مشاريع الاصلاح الزراعي والتعاون الزراعي وشجع سيادة الأستثمارة  الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة.... وافتقرت السلطات الحاكمة الطائفية الى السياسات الزراعية السليمة والتعاونية بحكم الموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وتهميش دور المؤسساتية المدنية وسياسات الاضطهاد الشوفيني والتغيرات الجيوسياسية القسرية (سلام كبة / الزراعة في العراق والطائفية السياسية).
     شهد القطاع الزراعي خلال العقود الاخيرة تراجعا كبيرا  كان لها الاثر البالغ في تراجع الانتاج الزراعي في البلاد .  ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى  الانتاج الزراعي  صعوبة حصول صغار الفلاحين على القروض ، وشحة  ما يحصلون عليه  من البذور والاسمدة والمبيدات والادوات الزراعية ، فضلا عن ارتفاع اسعارها ، وارتفاع تكاليف الخدمات الزراعية . ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى  الانتاج الزراعي  ايضا والتي لا تتهدد مستقبل الزراعة  وحسب  وإنما مستقبل التطور الاقتصادي – الاجتماعي بأسره في العراق ، فشل مشاريع البزل وشبكاته في وقف زحف الملوحة  في التربة ومنع تردي خصوبتها.
    الاخطر في الامر تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق  التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي  التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص، من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة بدءاً من  "سلطة التحالف المؤقتة" بقيادة بريمر وانتهاءً بالحكومات التي تلتها. وشهدت الفترة هذه احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي، تحت ذرائع مختلفة، للاستحواذ على اراضيهم بالقوة، وقد نهب بعضها فعلا . وشهدت مناطق عديدة نشوء تحالفات ميدانية بين الفلاحين والجمعيات التعاونية والمهندسين الزراعيين وغيرهم، في مسعى يستهدف التصدي لهذه المحاولات.

198
القضية الفلاحية في العراق المعاصر – القسم الاول

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   يعاني المجتمع العراقي في ظل السياسة الاميركية الخاطئة والارهاب والمحاصصة وتردي الاوضاع الامنية والسياسية من مظاهر الاحباط والتمزق ومحاولات اخضاع كامل البلاد لصناعة الفوضى البارعة واسباغ المغانم والاهمية على المؤسسة العشائرية وزعماء العشائر ، وتصاعد سيطرة رجال الدين مع انتعاش للآمال العروبية والبدع الطائفية ومشاعر التمرد والضياع ! ... ورغم ما تتميز به العشائر العراقية من سمات الشجاعة والجسارة والاقدام والتي افصحت عنها ابان ثورة العشرين الا انها كانت ولازالت مرتعا للبؤس الطبقي والفقر والقذارة والظلام على حد تعبير الروائي الراحل محمود السيد " قصة ( في سبيل الزواج )/1921" حين يقول :"الفلاح العراقي احقر من الدواب شأنا". لا تملك الحكومة العراقية العصا السحرية لحل الازمات العامة المستعصية والمستفحلة التي تعصف بالوطن لكنها تتحمل الجزء الكبير من المسؤولية ، عن الوضع الامني والخدمي بالاخص .. لقد ساندت اجهزة دولة ما بعد التاسع من نيسان العشائر بهدف احتواء الارهاب وعصابات الاجرام المنظم والميليشيات المتعددة الارتباطات المتنوعة الخفايا لأن العشيرة وفق تقاليدها تبقى مسؤولة عن تصرفات افرادها واخطاءهم وحمايتهم حتى لو كانوا مخطئين ضد اي اعتداء عليهم  ... الا انها اي الحكومة العراقية بدل ذلك عمقت الاستغلال الطبقي في الريف ليستمر الصراع على الارض وليبقى العراق بلدا زراعيا متخلفا كما عمقته داخل المدن لتشيع أخلاقيات المجتمع الأستهلاكي - الطفيلي الصاعد.
    تحت تهديد البطالة يتعمق عناء الفلاح العراقي العامل بأجر زهيد لساعات طويلة قاسية بينما يكون مصيره في حالة التمرد والعصيان ورفض الانخراط في فعاليات السوق السوداء والتهريب والاعمال اللصوصية والاجرامية اللعنة العشائرية التي تحول بيوت الفلاحين الى رماد ليجر صلم الآذان وتشويهها واجبار اصحابها على اكلها .. ولا تجد المرأة في الريف العراقي سبيلا للخلاص من المظالم العشائرية الا بالموت . كما توسعت قداسة المضايف العشائرية وصلاحيات السادة لتتحول من مجالس حل للمنازعات وفق الاعراف العشائرية الى محاكم تفتيش قروسطية تفوح منها رائحة الموت والدمار !. هكذا ينتشر الارهاب والفساد الاداري والرشوة واعمال النهب وتتوسع قسوة الطبيعة والآفات والاوبئة والأمية ويزداد تآمر كبار الملاك على المشاريع الزراعية ومظاهر العلم وعلى المتعلمين وخريجي الجامعات. ويبرز رجل الدين مجددا معينا لكبار الملاك ضد الاجراء المعدمين ومعاديا للتطور وللعلم ناشرا للخرافة معمقا للشعوذة .. لا غرابة ان تقف الطبقات في الريف العراقي اليوم وجها لوجه امام الحياة في كفاحها اليومي المرير في سبيل البقاء وسط حمى طبقية حامية الوطيس . سنتناول في هذه الدراسة القضية الفلاحية العراقية من زوايا :
•   التوازنات العشائرية القلقة .
•   البنية الاجتمااقتصادية الهجينية .
•   العامل الجيوسياسي .
•   الثورات الفلاحية .
•   حركات الاصلاح الزراعي .
•   التعاون الزراعي .
•   السياسة الزراعية والتنمية الريفية .
    كان تشجيع الاستعمار للولاءات دون الوطنية وتحفيزه حراك المجتمع الاهلي هو سياسة ثابتة متعمدة لبناء المؤسسات السياسية التي أقامها وفق مظلة الأفكار الأبوية والطائفية ، والإبقاء على البنية التقليدية بكل هياكلها الأساسية، واسناد الثقافات الخرافية السحرية الغيبية والظلامية ، والطائفية والأمية والذكورية سائدة بين الشعوب. وحتى حين نشأت الحركات التحررية الوطنية والقومية و الدينية المختلفة، فإن هذه الحركات واصلت إعادة إنتاج الثقافات دون الوطنية و العابرة للوطنية والتخلف والجهل ، حين أضفت على العرب والكرد والاسلام طابعا سحريا كأمم غير مقسمة طبقيا، ومتحدة في جوهر غيبي خارج تحليل التاريخ.
•   التوازنات العشائرية القلقة
    إن العشائرية مؤسسة مراتبية طبقية سياسية لمؤسسة فكرية ثقافية اقتصادية هي الأبوية (البطريركية) ، وكلتاهما تشترط الاخرى وتستدعيه بالضرورة ، وهي جزء من المجتمع الاهلي الذي لم يرتق بعد الى مصاف المؤسساتية المدنية او المجتمع المدني . إذا حفرنا تحت المستوى الاجتماعي للبناء العتيق والولاء للقوى التقليدية السياسية والمذهبية في عراقنا  لوجدنا خصائص الكمون الأبوي ، والذكوري المتسيد ، والعشائري ، والطائفي ، وتمجيد التجارة ، وكراهية العمل الصناعي التقني ... وغيرها من الخصائص التي  تتحكم في نشاطه الاجتماعي الخفي.... وهذه الخصائص هي سمات المجتمع الأهلي اي الولاءات القديمة وريثة العلاقات ما قبل الرأسمالية حيث بقي محافظا على كيانه و مقومات وجوده .... اما المجتمع المدني فيعني الولاءات الجديدة المنسجمة مع التقدم الاجتماعي وقد بقي في عموم العراق مهيض الجناح تهزه زلازل أعماق المخزون السلطاني والمملوكي الانكشاري وتتقاذفه حمم براكين العشائرية والطائفية......! ( سلام كبة / الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !)
    لا يمكن لشيخ العشيرة وزعيمها الا إن يكون الأغنى ، ولذلك ينافسه على الزعامة من هم اقرب إلى قامته في الثروة ... ولا يمكن للفقير إن يحلم بهذه المنافسة . كان يمكن للفقير ان ينافس الغني في العصور القديمة وربما البدائية على الزعامة اذا كان الأقوى جسديا، لكن هذا العصر انتهى عندما حلت الملكية الخاصة محل المشاعية وحلت الثروة محل هبات الطبيعة . بمعنى اكثر وضوحا ترتكز هذه المؤسسة المراتبية السياسية بالضرورة على مؤسسة الملكية الخاصة ، على قوة الثروة . في العشائرية والمجتمع العشائري يصبح "تنصيب" الغني او الثري ( وليس شرطا الرأسمالي ) زعيما أمرا مقبولا وأساسيا بغض النظر عن مصدر الثروة . لا يسال الغني في العشيرة عن مصدر ثروته ولا تهتم العشيرة بذلك ولا تحاسبه حتى لو كان المصدر هو اللصوصية والنهب والتجارة غير المشروعة والقتل والاغتصاب وحتى الاحتلال الاجنبي على حد تعبير الكاتب الفلسطيني عادل سمارة .... كل ذلك بسبب انخفاض مستوى الخلفية الثقافية والسياسية لدى أكثرية المجتمع العشائري على حساب القضية الوطنية. وحينما تنخفض مستوى القيم الوطنية ، لا يعود هناك تساؤل عن نظافة ومصدر الثروات .. اما السلطات الاجتماعية والاقتصادية التي تستجمعها البيوتات والأفخاذ عبر الصلات العشائرية فتمكنها من البروز المستقل ، وخاصة لحظات تعرض الدولة إلى الوهن. مع ذلك تبقى العشائر العراقية وحدة اجتماعية وسياسية عريقة ذات تاريخ مشرف امتلكت الادوار السياسية الهامة في تاريخ العراق السياسي الحديث . وقد لحق بالفعل العسف الكبير بمكانة العشيرة الاجتماعي في بلادنا بفعل امعان الحكام في توظيف العامل العشائري في الاعمال الحربية والعسكرية والميليشياتية ودور بعض المشايخ والرموز المتنفذة في تكريس السطوة الاستبدادية واذلال الشعب . 
   اسهم تغلغل علاقات الانتاج الرأسمالي في العراق بداية القرن العشرين في تقويض العلاقات العشائرية الابوية القائمة على الاقتصاد الطبيعي والاستثمار المشاعي للارض ، ونشوء العلاقات شبه الاقطاعية وتنامي وزنها في الانتاج الزراعي . لقد تحول ابناء العشائر من مشاركين فعليين وفق العرف في ديرة العشيرة الى مجرد اجراء عند زعماء العشائر – اصحاب الاراضي الجدد ... مع ذلك لم تختف القيم العشائرية التي جرى توظيفها لخدمة العلائق الاقتصادية الجديدة!
     حاولت العلاقات الاقتصادية شبه الاقطاعية والرأسمالية تضمين القيم العشائرية المحتوى الجديد لصالح ترسيخ انظمتها من جهة وتعزيز السيطرة الاقتصادية على ابناء العشائر من جهة أخرى! وبحجة الوحدة العشائرية استثمرت التقاليد العشائرية في الغزو والحروب واعمال النهب واللصوصية والتجارة غير المشروعة لمواجهة التضامن الفلاحي في الريف ويقظة ابناء المدن معا الامر الذي تسبب في زج الفلاحين والكادحين البسطاء في معارك لا مصلحة لهم فيها كالاقتتال والصراع بين اصحاب الاراضي وكبار التجار انفسهم ! كما استغلت الراسمالية الجديدة  التقاليد العشائرية في استفحال مظاهر الوساطة والارتشاء والتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات ، وممارسة الفساد والافساد واعمال المضاربة، واقتصاد الصفقات والعمولات، واقامة مجتمعات الارتزاق، وتدمير منظومة القيم الاجتماعية ، والاستيلاء غير المشروع على اموال كان الواجب تخصيصها للاعمار والتنمية. الى جانب التقاليد العشائرية كان تأثير البيروقراطيات الادارية عبر الروتين العقيم والسلوك المتعالي المتعجرف للموظفين وتعقيد الاجراءات والفساد في الادارات الرسمية والمؤسسات الخاصة الامر الذي الغى كل ذلك المنافسات المشروعة، وزاد من  اسعار كلف المـــشاريع والتجهيزات، وأبعد الكفاءات المهنية والاختصاصية من سوق العمل والتنافس.. وعرقل خلق المجتمع المتكامل، الذي لمواطنيه حقوق في العمل وفرص متكافئة للابداع في مناخ ديموقراطي حر، وعليهم واجبات يمليها عليهم شرف الانتماء والمواطنة.
     لقد اذكى النظام السائب في الدولة العثمانية نيران الاحترابات العشائرية عكس ما تمثل من ضبط للدولة عهود مدحت باشا و داود باشا حيث ركنت اكثر العشائر الى الهدوء ، ولم يشهد العراق في هذا العهد اية معركة اشترك فيها أهل المدن مع عشائر الريف ، ومع ذلك لم تعترف الدولة العثمانية بالنظام القبلي ولم تحاول ان تخلق منه كيانا قانونيا . وفي فترة الاحتلال البريطاني شهدت العشائر نظاما غير مستساغا لأنهم وجدوا فيه الصرامة والتشدد في تطبيق القوانين والانظمة . وكانت ثورة العشرين مخاض الفرق بين نظامين .. الأول : الحكم العثماني الذي ترك الحرية للعشائر في العيش وفق نمط حياتها وتقاليدها العشائرية .. الثاني : نظام الاحتلال الانكليزي الصارم الذي يتناقض مع نمط الحياة العشائرية ويحاول تطبيق نظم عدالته الاجتماعية بالاكراه والقسر حسب تعبير الدكتور سليم علي الوردي . ثبت اعتراف حكومات الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة بالنظام القبلي .. ثبت العلاقات الاقطاعية العشائرية عبر سلسلة من القوانين الوضعية في مقدمتها نظام دعاوي العشائر لسنة 1918 وتعديلاته (1). واستخدمت سلطات الاحتلال والانتداب البريطاني قانون العشائر وسيلة للتأثير على ابناء العشائر وللتلاعب واختلاق الفتن والمشاغبات بين العشائر والافخاذ والبطون والبيوتات والافراد .
     في الاحتلال الاول أقام الإنكليز توازنهم للقوى السياسية الداخلية في سبيل أحكام السيطرة على العراق وتمرير المشاريع والخطط وقد ادخلوا المؤسسة العشائرية في اللعبة. واختلفت سياسة حيازة الاراضي بين الاتراك والإنكليز ، فالأتراك عمدوا الى اضعاف العشائرية وأصر الانكليز على احياءها. آمن الإنكليز بالمقولة " من يسيطر على شيوخ العشائر يسيطر عليها وليحكم العراق بسهولة "، وقد تركوا الفلاحين العراقيين في ظروف معاشية قاسية .. نهبتهم وامتصت قوتهم السلطات البريطانية والاغوات والمشيخات والسركلة .
    ساندت اجهزة الدولة العراقية في العهد الملكي الاستغلال الاقطاعي بدعمها الملاكين الجدد وتكبيلها الفلاحين بسن التشريعات التي تسحقهم . لقد نزعت العلاقات الاقطاعية عن البداوة رداءها وتلفحت به بعد ان تركتها عارية في الصحاري ولتمارس الاستغلال والاستبداد الاقطاعي على ابناء العشائر ، ولتتكرس ازدواجية الفرد العراقي في الريف حاله حال اخيه في المدينة !. وقد فتحت الثغرة في المؤسسة العشائرية مع تدخل النقد ، وشروع التجار باستثمار الرساميل الفائضة في الزراعة والبدء بشراء الاقطاعيات الكبيرة . كانت سيطرة الاغوات والبيكوات على الفلاحين طبقيا  نتيجة منطقية للعوامل التالية:
   ازدراءهم واحتقارهم للفلاحين غير العشائريين واحتقار التزاوج معهم.
   خدمتهم الجليلة للعثمانيين والإنكليز والسلطات المركزية  بتحولهم من زعماء وآباء يأخذون الضرائب أو وكلاء للزعماء الى جباة ضرائب للدولة .
   تحولهم الى ملاك أراضي بعد الطابو واللزمة لما يتضمناه من نظام ملكية شبه خاصة وبالتالي اغتصاب الأراضي العشائرية المشاعية.
     ملأ الملك فيصل  -   السيد المطلق في البلاد بعد المعتمد البريطاني  - البرلمان بزعماء الإقطاع وتجار السياسة في اتفاق غير معلن ترعى بموجبه الحكومة الاستغلال الإقطاعي للفلاحين ويوافق به الاقطاعيون على سياستها المستمدة من مصالح الاستعمار البريطاني ،وقد حصل 34 شيخ وزعيم اقطاعي عام 1924 من مجموع 99 نائبا على شرف عضوية الجمعية التأسيسية. مع ذلك امتنعت سلطات الاحتلال عن منح زعماء القبائل والعشائر الحقوق القانونية الكاملة لامتلاك الأراضي الزراعية بصورة نهائية وقانونية للأسباب التالية :
   سيطرة سلطات الاحتلال على مصائر الشيوخ والاغوات مع إبقاء حق الرقبة في يدها وليبقى هؤلاء مدينين لفضل السلطات طيلة بقاءها .
   إن انتزاع أراضي الفلاحين قانونيا يؤدي الى تشديد التناقضات الطبقية في الريف وخلق المحاذير للنظام الحاكم.
   لا يتفق اعطاء حقوق تملك الاراضي بصورة مطلقة للنخب مع أهداف سلطات الانتداب في الكشف عن حقول النفط واستغلالها في البلاد.
      لقد سعى الإنكليز الى تمكين الإقطاع عبر استحداث كيان خاص للعشائر يحميه نظام مستمد من العرف العشائري ، وتطوير الزراعة في العراق من خلال نظام شبه إقطاعي ، وتعزيز نفوذ طبقة ملاك الأراضي عبر الإدارة بواسطة زعماء القبائل واصحاب الأراضي المتنفذين . ودعمت الحكومة العراقية مركز الشيوخ والاغوات ومنحتهم الملكية القانونية الخاصة على أراضي عشائرهم وجعلت البرلمان العراقي ندوة لممثليهم دون أن يلتزموا بأي التزام.وكان دورهم قد اقتصر على مجرد الاحتفاظ بمراكزهم في المجالس النيابية وعلى مقاومة التغيير.وتعاون الاقطاع المؤلف من المشايخ والافندية من محترفي السياسة باستمرار مع نظام الحكم الملكي على اساس واحد هو التأييد المطلق لسياسات الحكم القائم مهما كان ضررها بالمصالح الاساسية للشعب. وسنت لهذا الغرض التشريعات المتلاحقة : نظام دعاوي العشائر سنة 1916 ، قانون تسوية الأراضي رقم 50 لسنة 1932 ، قانون حقوق وواجبات الزراع رقم 38 لسنة 1933 .. في أجواء خانقة سادتها القيم العشائرية البالية.وقد أجاز نظام دعاوي العشائر تشكيل المجالس ( المحاكم القبلية) واحالة المتخاصمين من أبناء العشائر بأمر الحاكم السياسي اليها، والعرف العشائري قواعد تبنى عليها الأحكام وتسمى ( سواني ).. والمتخصص بعادات العشيرة يدعى العارفة ، وكان هذا القانون خطر على وحدة المجتمع لأنه يقسمه الى قسمين يخضع كل منهما لأحكام قانون خاص يختلف عن الآخر.
     ساهم اعتماد سلطات الاحتلال البريطاني على شيوخ العشائر عملياً في إعاقة تطور العلاقات الرأسمالية والاتجاهات الديمقراطية في المجتمع. وأصرت السلطات البريطانية، ومعها المجموعة الحاكمة من الضباط الشريفيين التي اصطف أغلب أفرادها مع سلطات الاحتلال البريطاني، على تنفيذ المخطط الذي جاءت به ورسمته لها وزارة المستعمرات البريطانية في الهند وتلك التي في مصر على سلب المزيد من أراضي الفلاحين وتسجيلها باسم كبار الملاكين وشيوخ العشائر، إضافة إلى منح الأراضي الزراعية التابعة للدولة إلى ذات الفئات الاجتماعية لتوطيد دورها ومكانتها الاقتصادية وبالتالي السياسية والاجتماعية في الريف والمجتمع عموماً، خاصة وأن الفئة الحاكمة في العهد الملكي أصبحت ممثلة أساسية لسلطات الاحتلال البريطاني ومن ثم للمصالح البريطانية في العراق من جهة، ومصالح فئة كبار الملاكين والإقطاعيين وفئة الكومبرادور التجاري اللتين استحوذتا على نسبة عالية جداً من الأراضي الزراعية ومن الدخل القومي. واكتسب ملاكو الأرض في العراق سماتهم الطبقية المشتركة بعد أن رفدوا من مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية  لتمتزج روابط العراق الجديدة نسبيا مع السوق العالمية بالصيغ الاجتماعية التقليدية التي تربط قيمة الإنسان بعراقة النسب وبالدين وبالورع والبسالة القتالية في الغزوات العشائرية  وسيطرة الحرف اليدوية الصغيرة وانتاج زراعة الكفاف وحتى خارج المدن بالملكية العشائرية المشاعة.
        لقد فعلت مبادئ التراتب الاجتماعي التقليدي فعلها عشائريا الى جانب الهرميات الدينية والاثنية والطائفية وهرميات الثروة والمنزلة والانتماء التي كانت تتطابق الى درجة كبيرة .. فمن يقف في قمة السلطات العشائرية يميل الى أن يقف في القمة فيما يتعلق بالثروة والنواحي الدينية والطائفية والانتماء والمنزلة الاجتماعية .. وارتبط التحول الى الملكية كقاعدة للتراتب الاجتماعي وفي سلم السلطة وهبوط عوامل القربى والنسب والموقع الديني واعتبارات المولد بالدور الأكبر للمال واغتصاب الاغوات للأراضي المشاعية العشائرية وبروز المضاربة بالعقارات والدعم القانوني للملكية لاسيما قوانين الأراضي العثمانية والقوانين التي اخذت بها سلطات الانتداب البريطاني . وكان التحول من مجموعة عشائرية ذات منزلة اجتماعية الى طبقة ملاك الأراضي بطيئا وهادئا … واصبحت الملكية عامل تحديد للموقع الاجتماعي أهم بكثير من المنزلة الاجتماعية التقليدية مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين ! هكذا تحول ملاك الأراضي من طبقة بذاتها الى طبقة لذاتها بعد أن رص الجميع مصالحهم المشتركة (2).
     ومع تعمق الوعي الطبقي كانت دائرة الازدواجية تضيق باستمرار بينما اسهم تعثر قوانين الاصلاح الزراعي المتعاقبة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة في كبح حركة الجماهير الفلاحية . ولايزال قانونا رقم (30) لسنة 1958 ورقم (117) لسنة 1970 ورقم (90) لسنة 1975 عرضة لانتفاع العناصر الاستغلالية من ملاكين وسراكيل وشيوخ عشائر ومتحايلين وغيرهم حيث اقر التوزيع بمساحات واسعة نسبيا على الملتزمين والسراكيل الرسميين والعناصر غير الفلاحية . لم تنه قوانين الاصلاح الزراعي الارتباطات العشائرية للفلاحين رغم انشاء الجمعيات الفلاحية والتعاونية لأن الاخيرة قد ظهرت ضمن الاطار العشائري مما خلد المؤسسة العشائرية في الريف العراقي .
   وقف عدد من زعماء العشائر العراقية الى جانب الشعب العراقي وقارعوا دكتاتورية صدام حسين وحضوا على اسقاطه .. من امثال سامي المعجون وحسين الشعلان وضاري علي الدليمي وآخرين من انصار العدالة واقامة الحكم المدني وتعزيز خيار التسامح في المجتمع .. لكن ذلك ليس تزكية للاعراف العشائرية او تأشير لخطر عودة الحياة للقيم العشائرية او حتى التحذير من تسييس الانتماء العشائري وتعشير السياسة ومن اختزال الازمة العراقية الى مكرمات وامتيازات والقاب توزع في غياب او تغييب التأسيس المدني بل هو تعبير عن القلق من اعادة انتاج النسخة الصدامية للاستقطاب العشائري ومحاولة اغواء العشائر وتحويلها الى كيانات متقابلة متقاتلة متكارهة وتحت الطلب .. وفق تعبير الاستاذ عبد المنعم الاعسم ( تعشير السياسة في العراق / الزمان / العدد 1524 )..   
   بذل النظام العراقي البائد حتى وهو يضخ شبكات القرابة في القوات المسلحة والإدارة الحكومية الجهد  للتخلص من قوة العشائر خارج الدولة بطمأنة شيوخها على حسن النوايا وباللقاءات المباشرة معهم والثناء على ادوارهم التي يمكن ان يلعبوها في صيانة الثورة باعتبارهم ابناءها المخلصين حينا ومن بين هؤلاء الشيخ عبد الكريم الفالح رئيس عشيرة البزون والشيخ حربي المزعل رئيس عشيرة بني ركاب ،  وبالاساليب الترغيبية الارهابية كاستدراج العشائر الى فخ خدمة النظام الجديد وضم الفلاحين الى جمعيات فلاحية وتعاونية هي اطر تنظيمية للحزب الحاكم مما احدث الخلخلة الحقيقية في البنية العشائرية واشاع الريبة والخوف داخل المؤسسة العشائرية حينا أخرى . وأذكى الفراغ الذي  خلقته عملية احتواء الدولة للمجتمع المدني الناهض بمختلف مؤسساته شبكات القرابة بوصفها دريئة حماية و أمن و طمأنينة لتنمو الحاجات لشبكات القرابة بازدياد مع ضعف خدمات الدولة تحت تأثير الحروب والعقوبات. لم تقض عشائرية الدولة ( نموذج دولة البعث في العراق ) على جميع علاقات الالتحام العشائرية (فالح عبد الجبار / الشيخ والآيديولوجية / تقرير الشرق الأوسط /العدد 215 /2000) .....
   لقد شجع النظام المقبور تأسيس العشائر التي أطلق عليها تعبير العشائر الحرة أي التي تقبل من هب و دب مادام قادرا على دفع الودي والاشتراكات الشهرية حيث لا تشترط هذه العشائر الانتساب فيها الى نسب واحد ..   كما شجع شيوخ التسعينات وهم من اتباع النظام الذين لم يرثوا مواقعهم من الأجداد أو الآباء أو عبر الاستحقاق كما هو متعارف عليه بل أسسوا مكاتب الدلالية العشائرية تحت مختلف الواجهات كالعقارات مثلا لحسم النزاعات العشائرية وضمت الدواوين والصناديق العشائرية للإعانة في الأزمات المادية.  وكانت بالفعل جهاز بوليسي قمعي ارتبط ب (مكتب العشائر المركزي) في حزب البعث  حيث لا تقل الدرجات الحزبية للمرتزقة -  الشيوخ الجدد عن عضو فرقة في حزب السلطة، وهم يحظون بالإسناد والتسليح واعتمادهم كوكلاء. وفرضت عليهم إقامة السيطرات على الطرقات في مناطقهم ومنحتهم سيارات البيك آب والغواصة والصالون التي تحمل علم العراق و علم العشيرة الخاص معا . ولم تقصد السلطات تغليب القيم العشائرية الإيجابية من اباء واعتزاز بالكرامة ورفض الظلم وحماية المظلوم والتصدي للعدوان ونخوة وشجاعة وإيثار لأنها تتنافى مع القبول بشرعية هذه السلطات نفسها ..  لتسود قيم نكث الوعود والغدر واهدار دم الخصوم وإبادة العوائل وارتكاب الجرائم بأسم العشيرة. وقد وجدت هذه السلطات في تسعير الخلافات العشائرية ولو على جثث الضحايا وسيلة أخرى لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم العشيرة الواحدة والعائلة الواحدة من جهة واضعاف قوة كامل المؤسسة العشائرية من جهة ثانية . وصرعاتها هذه أضعفت العلاقات الاجتماعية وخلفت البلبلة والتوتر وعدم التوازن ودق الأسافين في العلائق الأسرية والإنسانية.... بعبارة أخرى كان نهج النظام غائي سياسي لتحويل المؤسسة العشائرية الى تابع للاعتبارات الأمنية بالترغيب واحياء امتيازات وامجاد الماضي وبالضغط واسترداد المكارم . لقد بذل النظام العراقي البائد الجهد لتهميش الدور العشائري في شتى المجالات كالاستيلاء على المساحات الشاسعة من الأراضي وشراء ذمم الأبناء لزجهم في الأعمال التجسسية على أبناء نفس العشيرة ، وذبح زعماء العشائر بغرض إرهاب جميع العشائر وكسر شوكتها ، والتهجير القسري للعشائر وتشريدها وزرع الفتن فيما بينها ، وإذلال الشيوخ والاغوات بتنحيتهم عن زعامة العشيرة وتنصيب آخرين موالين له ..ومنع أفراد العشائر من كتابة أسماء عشائرهم أي انتماءاتهم الأصلية.
      سار التعشير قدما الى الامام مع انهيار نظام الخدمات الاجتماعية للدولة بسبب الحروب الكارثية والعقوبات الدولية . وجرى أحياء الديوان العشائري وأعيدت الأراضي للشيوخ " (1000) دونم للمتعاونين ذوي العشائر الكبيرة ،(500) دونم للمتعاونين ذوي العشائر الصغيرة ، ( 100 ) دونم للفلاحين والعشائر الصغيرة.. " ومدت المياه ومنحت المكافآت للقبض على المطلوبين من النظام .. وراكمت المشيخات المقاطعات الواسعة وبنت جيوشها الخاصة وتولت حفظ الامن في الأرياف .. وجرت قنونة القيم العشائرية الجديدة لتتحول من رجعية الى تقدمية في ليلة وضحاها منافاة للعقل وإثارة للدولة العراقية نفسها وهي حملت جنين تدمير الدولة قبل سقوط النظام الدكتاتوري والاحتلال الأميركي.ولاحت في الأفق العشائرية الاجتماعية المدينية لدعم التكافل الحزبي المديني العشائري بموازاة بيروقراطية الدولة وبتداخل معها لأن البيروقراطية تحتمي بها عند المحن ! ..  والعشرنة أو السياسة العشائرية الجديدة للدكتاتورية البائدة عالم قلب رأسا على عقب ونهج أضر بالقيم الوطنية استهدف تمزيق لحمة النسيج الاجتماعي العراقي ..والعشائر الجديدة -  القديمة تحولت الى مجموعات ضغط قرابية على طريقة العرابية واللوبية أي عصابات امتزجت بالتقاليد والاعراف القديمة لخلق البلبلة العشائرية بديلا لتوازن القوى العشائري التقليدي ..وتتقاطع التقاليد العشائرية الجديدة مع العرف العشائري التقليدي ، ويزرع الأول الفاشية الجديدة والثاني -  عبارة عن تشاورية ديمقراطية ومصالح مشتركة رغم كونها ديمقراطية بدائية و ساذجة. ونقطة التقاطع براغماتية !( سلام كبة / المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية).
    أدى تداخل الدولة والعشيرة إلى إثارة صراعات مؤسساتية وعشائرية متبادلة. وكان هذا التداخل نتيجة طبيعية لتفاعل تأثيرات العشائرية الاجتماعية وعشائرية الدولة. وهكذا فان الأفراد والمجموعات التي فصلت عن عشائرها في المراحل الأولى من تطور عشائرية الدولة عادت لتندمج بعشائرها، ويعاد اعتبارها بعد نهوض العشائرية الاجتماعية . وولدت حركة إحياء العشائر او ما يطلق عليه العشائرياتية (  Retribalization  ) ما يلي : نزاعات بين الدولة والعشائر ، نزاعات بين العشائر والقطاعات اللا عشائرية في المجتمع، نزاعات بين العشائر نفسها، ونزاعات داخل الدولة.
       الواقع إن العشائر التي اعيد بناؤها ، سواء كانت تقليدية اصلية أم مزيفة ، لم تمتلك شيئا مشتركا مع العشائر التقليدية السابقة الا القليل ،  فالوحدة والتكافل الجديد قام في المدينة فقط. ولا تعرف العشيرة المعصرنة شيئا عن الزراعة ولا تمتلك صنيعة محددة . أما المشايخ فهم في اكثر الاحيان أصحاب مهن من الطبقة المتوسطة او موظفين وما شابه ذلك. وعوضا عن المضيف العشائري يؤجر الشيوخ الجدد الشقق والمكاتب الحديثة باعتبارها مراكز استقطاب للحياة الاجتماعية العشائرية العصرية، وتتولى العشائر الحديثة حفظ النظام والقانون وحل النزاعات العشائرية بين أفرادها او مع أفراد العشائر الأخرى.وتمتد الخلافات من المظالم التجارية حتى الجنائية وتشمل دفع الديات عن القتلى.ومع فساد المحاكم وأجهزة فرض القانون تطلب الدولة من العشائر القوية المتنفذة تسوية الخلافات الصعبة او توفير الحماية ، وهذه الخدمات تدر المداخيل . وبذلك تتحول العشائر الجديدة بوضوح إلى قاعدة للتمويل المستقل. وبينما يجري إحاطة شيوخ العشائر الاصلية باحترام عالي فان الصنائع الآخرين لا يحظون بالتقدير . وقد شاعت عبارة ( شيوخ من صنع تايوان) سخرية بالشيوخ المزيفين.
      يعيش حتى المتعلمين في البنية العشائرية حالة من الانفصام الذي يبدو في معظم الاحيان حتى على ملامح الوجه "السحنة" ، حيث يكون هذا المتعلم موزع بين وظيفته كمدرس او محاضر جامعي وبين ارتباطه بالعشيرة. هناك يجلس في ديوان شيخ العشيرة جلسة الولد المطيع لهيبة الزعيم الذي غالبا ما يلبس اللباس التقليدي المحلي كي يبدو بحجم كبير خاصة إذا كانت قامته صغيرة خلقا، ويتعمد مخاطبة حامل الدكتوراه بكلمة " يا ولد " او " يا حبيبي " او " ابو الشباب " وحتى " عفية بالسبع "  قاصدا إرهاب غير المتعلمين. أما الولد والحبيب و ابو الشباب والسبع فيقبل بذلك اللقب او تلك المرتبة! فما هو المكون الحقيقي لشخصية هذا المتعلم؟ انه المكون العشائري. و من بين سمات المؤسسة العشائرية الجديدة ولسخرية القدر توفير التكافل حتى بين أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعة والمثقفين والأطباء والمهندسين بحجة توفير الحماية الشخصية وليجري إخضاع هذه الإسطبلات العشائرية سياسيا أو تسييسها لتحقيق السيطرة الاجتماعية ..وكانت هذه التجمعات - الإسطبلات سند النظام الدكتاتوري  لفترة طويلة إلا أنها كانت ولا زالت أداة تفتيت المجتمع والعودة به القهقرى.. وهي لا تعرف شظف العيش وكل شئ متاح لها ..وتخلق أشكال الوعي الزائف لأن قوة النزعة العشائرية داخل الأحزاب السياسية تعرقل التأسيس المدني الديمقراطي وتسهم بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي .
     في العقود الاربعة الاخيرة من تاريخ العراق مرت العشيرة تاريخيا بالمراحل التالية : العشيرة داخل الحزب الواحد ، العشيرة إزاء الحزب الشمولي ، العشيرة بديل للدولة ، الدولة تكتشف العشائرية الاجتماعية  ومحاولات إحياء العشائر مجددا وفق ضوابط احتوائية ، العشيرة ضد الدولة  ......  وكان تحالف الدولة مع العشائر الجديدة قد قوى الدولة، الا إن العلاقة بينهما  بقيت حافلة بالتوتر . أما العناصر اللا عشائرية ( Detribalized ) في المجتمع فخشت الشيوخ الأقوياء الجدد الذين يمكن إن يفرضوا القانون العشائري على أبناء المدن. وتولدت خشية ايضا  من العصابات العشائرية في المناطق الريفية . على سبيل المثال أرهبت  قطاعات من الدليم الركاب على طريق بغداد- عمان في التسعينيات .... وسارت  مركبات النقل في قوافل وضح النهار لتتحاشى حملات قطاع الطرق والقرصنة الدليمية. كما ازداد معدلات جرائم العنف بسرعة لتصبح مصدر قلق وحرج العشائر الجديدة التي تطبق القانون. واندفعت قطاعات غير عشائرية إلى خلق عشائر جديدة خاصة بها بينما واجه الحزب الحاكم اعتراضات على إحياء العشائرية مجددا .... وكما هو الحال في البنية السابقة لتراتب العشائر التقليدية ، فان المخلوقات العشائرية الجديدة شكلت تراتبا جديدا تتغير فيه التحالفات باستمرار. وكان هناك توازن قلق ومؤقت، لكنه هش وضعيف لاعتى النزاعات. كان حل النزاعات بين العشائر وفق اعرافها يكشف عن ضعف الدولة . على سبيل المثال عقدت قطاعات عشائرية في العاصمة العراقية اتفاقات على طريق التعويض والتسويات من دون الرجوع إلى الدولة – في عملية كانت تبدو شبيهة بمهام المجتمع المدني في المناطق الأخرى. وأدى انعدام الحدود بين صلاحية موظفي الدولة وصلاحية شيوخ العشائر إلى نزاعات مباشرة ما بين مؤسسات الدولة وقوة العشائر . وجرت ملاحقة ممثلي الحكومة من الزعامات العشائرية بسبب خرق هؤلاء العرف العشائري ، مثل إصابة فرد عشائري بإطلاقة نارية أثناء مطاردته بسبب ارتكابه فعلا جنائيا او هرب من الخدمة. وشرعت العشائر برفع قضاياها ضد الدولة والحزب الحاكم مطالبة بالتعويض العشائري وحتى الديات، ووقعت بالفعل تهديدات باستخدام العنف حتى القتل المتعمد ضد ضباط امن الدولة والقوات المسلحة من جانب العشائر المطالبة بالثأر .
    لقد منح صدام حسين بعض اعضاء الجمعيات الفلاحية درجات حزبية عليا لم يكن بمقدور شيخ العشيرة كسر اوامرهم او الوقوف ضدهم والتمرد عليهم .. لكن الحرب العراقية – الايرانية ادخلت عوامل جديدة مؤثرة في التوازن العشائري القائم .. وسارع النظام الى كسب ود زعماء العشائر لمنع حالات التعاطف التي اظهرتها العشائر العراقية مع الثورة الايرانية فاغدقها بالمكرمات واتبع معها سياسة اللين وشراء الذمم .في هذا الوقت انحسر دور الجمعيات الفلاحية والتعاونية لتتحول الى سخرية بين العشائر بعد ان فشلت في مهماتها ! ... ولأغراض عسكرية صرفة اتسع اهتمام الدولة العراقية بالطوق العشائري والقبلي وتجنيد المقاتلين من العشائر الصديقة.. ومع غزو الكويت وحرب الخليج الثانية وتجفيف الاهوار والعقوبات الاقتصادية الدولية وقرار مجلس الأمن الدولي المرقم – 986- في 14/4/1995 واختزال القدرات القمعية للدولة وظهور الفراغ الأمني والسياسي  وتفكك حزب البعث كجهاز ضبط آيديولوجي و ظهور الفراغ الاجتماعي الناجم عن غياب منظمات المجتمع المدني ظهرت العشائرياتية أو العشرنة او التعشير أي محاولات ترميم الثقافة العشائرية واحيائها على أسس صنعية ( Artificial)واحياء العشائر وتمجيدها وإيقاف ابتعاد الريف عن العشائرية واصطناع العشائرية داخل المدن ومنع تمازج العشائر فيما بينها وتحاشي هروب الفلاحين من العمل في الاقطاعيات العشائرية … مما خلق التوترات وسبب الأضرار الكبيرة في المجتمع .. وعمد صدام حسين الى جانب السياسات الترغيبية اتباع الحرب النفسية ضد بعض العشائر بحجة تسريبها المعلومات العسكرية الى العدو واعتقال شيوخها لينالوا الجزاء العادل مثلما حصل مع شيوخ بعض عشائر محافظة العمارة .. أقرت إجراءات دكتاتورية البعث اواخر عهدها بسلطة شيوخ العشائر لحسم النزاعات وادارة الأمور ضمن إقطاعياتهم العشائرية ليتم استعادة شكل من أشكال الفضاء المنفصل لمناطق العشائر. ومنح صدام حسين العشائر المتعاونة حقوقا على الأراضي ، ورقى أبنائها في مختلف أقسام الدولة وسمح لهم بتسليح اتباعهم ، وناصر قيم العرف العشائري ليجري تمييز الهوية القبلية والعشائرية كإطار لشبكات الحماية التي تؤثر بشكل ملحوظ على فرص الأفراد في البقاء على قيد الحياة.
      سعت السياسة العشائرية الجديدة الى بسط نفوذها داخل المدن بلبوس حضاري يحتمي بها المواطن كملاذ له من الأخطار التي لم يعد قادرا على مواجهتها خصوصا في حال يمكن فيها شراء ذمم المسؤولين بالأموال لتنتشر مظاهر الفساد والابتزاز والسرقات والاختلاس..وبات الفصل العشائري يكلف الفرد عبءا يشغل كاهله مما أثار التساؤلات عن معنى دفع الدية عن أعمال ارتكبها خارجون عن القانون تراوحت بين القتل والاخلال بالامانة وجرائم الشرف والنكث بالعهود  الى جانب الفساد الإداري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقانوني..وتحمل الأفراد الضرائب الجديدة المفروضة على التجار والصناعيين عبر التعشير الجديد ومنها جبايات المهنة ، الأمانة ، الكمارك ، مراجعة دوائر الدولة ، حراسة السيارات ، تبرعات جيش القدس ، تبرعات ميلاد القائد ، تبرعات الحملة الوطنية لبناء المدارس ، تبليط الشوارع ، ترميم وبناء المعالم الدينية والتاريخية ..وهذه الضرائب كانت استعاضة (Compensation) لضرائب الدولة  على التجار ورجال الأعمال الذين يداورونها ويستغلون الفصل العشائري لتعديل الميزان.وباتت حياة الإنسان وصحته تقاس بالمال بعدما اعتادت المستشفيات والمراكز الصحية هي الاخرى على الابتزاز. بعد مضي قرن كامل استبدلت في بلادنا الشرعية السياسية والتحالفات المدينية مجددا بالتحالفات والمجالس العشائرية وخاصة مجلس العشيرة الحاكمة ، وذلك انعكاس لأعنف عملية تدميرية تعرض لها العراق في بناه الداخلية وقواعده الحضارية التي شكلت منه معلما تاريخيا متميزا منذ 4 عقود عبر مناهج مخططا لها سلفا لأيصال العراق وشعبه الى قعر الهاوية حتى وصل الامر الى تمزيق التاريخ بحجة إعادة صياغته. ولعب المرتزقة الدور الخبيث في تحريف الأنساب وإرجاع الناس الى غير أنسابهم والتشكيك بألقاب وانساب العراقيين عبر ضوابط وزارة داخلية النظام. ولم تجد الزمرة الحاكمة حيلة لإقحام الشعب في دوامة المتاعب إلا وصيرتها قانونا ملزما بهدف شل حركة هذا الشعب الأبي كي لا يقوى على التفكير بما يدور حوله.  ولعبت العشائر الدور المرسوم لها بالفعل في انتفاضة آذار 1991 ودفع ابناءها ثمن التضحية في سبيل حرية الوطن وامتلأت بهم القبور الجماعية .. وتقدمت الهويات الطائفية والعشائرية والإقليمية لملء الفراغ عبر تقديم العون والعلاج والتعليم أو المواساة في أسوء الحالات..  نعم ، الظاهرة الجديدة ذات وظائف اجتماعية براغماتية وليست استمرار للهويات القديمة.  ومع انسحاب الدولة ظهر الجميع عزلا دون ضمانات. في هذه الفترة امتلكت العشائر العراقية السياسة المزدوجة لممالأة الحكومة والدفاع عنها ولأيواء ابناء المعارضة العراقية ومدهم بالمواد التموينية الغذائية في أن واحد !.وارشادهم الى الطرق والدروب الآمنة فضلا عن حسن الضيافة .. واحتفظت  العشائر العراقية بالسياسة المزدوجة شبه المستقلة هذه حتى بعد سقوط الدكتاتورية ..
    كان انتعاش العشائرية في سنوات الصدامية بسبب  تراجع الأمان الاقتصادي والامان الاجتماعي ، وضعف المستوى الفكري والسياسي لمعظم التنظيمات ،  وتراجع الأمان السياسي أيضا للمواطن .... مما اخرج العشيرة من كمونها لتصبح المؤسسة التي تزعم توفير الأمان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي لأفرادها.وعليه، فان استدعاء الكثير من القوى السياسية العراقية  للعشائرية وتركيب قوائم مهجنة بين العشائري والحزبي يكشف لنا عن هشاشة الحركة السياسية وعن اختلال الانتماء او عن براغماتية من المستوى الأدنى. هذا يكشف إن القوى السياسية والنخب الثقافية تقوم عن قصد بإنعاش العشائرية بإخراجها من كمونها للاستفادة منها لتلبية مصلحة ضيقة ومحصورة في مرحلة معينة ، وهذا ليس سلوكا ثوريا . بسلوك كهذا يتم في الحقيقة او في النهاية توظيف السياسي لخدمة العشائري وليس العكس لان ارتكاز السياسي على العشائري هو ردة إلى الوراء في مجتمع تقليدي يستلطف ويستعذب الارتداد مما يجعل إعادة إنهاضه عالي الكلفة. 
    انطلقت العشائرية بقوة من عقالها بعد التاسع من نيسان 2003  وكان لها دورها الفاعل في حفظ النظام ضمن حدود مناطقها وجهودها في تعويض غياب السلطة والوقوف بوجه العناصر الوصولية والانتهازية التي اعتلت مناصب ليس اهلا لها بعد ان تسلقت على اكتاف ابناء الشعب العراقي وتضحياته . في السنة الاولى لسقوط الدكتاتورية كانت هذه العناصر من مرتزقة النظام المخلوع ثم انقلبت عليه لتعيش مرتزقة للاجنبي . هكذا وجدت العشائرية لها المبررات للقفز والبروز مقابل المجتمع المدني لتبيع الولاءات على قدر الوعود وتوزع الوعود على مقاس المكاسب وتجتاح السوق السياسي والحزبي وتطلق التهديدات بالنيابة محسوبة بالعائد السياسي .. وليصبح لها ناطقون اعلاميون وسفراء في الخارج وحاملو اختام وارقام هواتف الثريا والمواقع الالكترونية !... وبعد مضي اعوام اربعة كاملة لسقوط الدكتاتورية والانتشار الميليشياتي المسلح باتت العشائرية الاساس الراسخ لبنيان دائرة العنف والعنف الطائفي المضاد الذي يكاد من الصعوبة بمكان كسرها أو وقفها. وسرعان ما ترسخ الاعتقاد لدى عامة الناس بأن الشيء الوحيد الذي يستطيع حمايتهم من عنف الآخر وشره ، هو الميليشيا العشائرية العسكرية أو شبه العسكرية، التي تنتمي إلى العشيرة- الطائفة نفسها ....  وليس قوات الشرطة أو الجيش. فظهرت الاحلاف العشائرية الطائفية اي التي تنتمي إلى الطائفة نفسها .. واليوم ، رجعنا الى الايام الخوالي ، فكل عشيرة تعتبر نفسها سيدة ديرتها تقتل وتنهب لأجل ارساء مفاخرها وغير مبالية بالعواقب . وبالتالي فان ابن العشيرة هو رهن اشارة المشيخة والعرف العشائري الضيق .. وتكبر العشيرة في افرادها اعمال الفوضى لأنعدام الضوابط القانونية والدينية وتغرس في نفوسهم الولاء . وتعد الغارات على العشائر الاخرى وازهاق نفوسها لأتفه الاسباب مفخرة للعشيرة ونصر لا يدانى .. وتعددت السلطات مع تعدد العشائر .   
     ما أن تشكلت هذه الميليشيات التي تنشأ أصلاً لحماية العشيرة والأهل وأفراد الطائفة، حتى قويت شوكتها وعودها ، فكان لها وجودها المستقل عن الجميع. ثم ما لبث ريشها أن نمى وطال ، لتنتشي بمنعتها وقوتها ، وليصبح شغلها الشاغل الحؤول دون استعادة الحكومة لهيبتها وسيطرتها على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وصل هذا السيناريو إلى خواتيمه مع اعتقاد السياسيين بأن في مقدورهم التمتع بسلطات سياسية أكبر فيما لو عولوا على ولاءاتهم الطائفية ، مقارنة بما يكسبونه سياسيا من التشبث بشعار حكومة الوحدة الوطنية.. وبسبب الاضطراب والنزاع بين القوات الأميركية والجيش ووزارة الداخلية نشأ وضع أمني لم يعد فيه المواطنون قادرين على التمييز بين ما إذا كانت قوات الأمن المنتشرة في الشوارع ، أعداء أم أصدقاء ، وما إذا كانوا إرهابيين أم مجرد لصوص ومجرمين. فالكل يرتدي الزي الرسمي نفسه. بل تسقط قطاعات من مدن بكاملها في قبضة الميليشيات المسلحة - العصابات والإرهابيين ! ...
    حاولت الولايات المتحدة في بداية حربها على العراق تقريب وكسب وشراء ولاء شيوخ العشائر للتمرد على النظام لكنها فشلت في مسعاها ولم تقم هذه العشائر بأي تمرد إلا بعد أن دخل الأميركيون مدينة بغداد -  العاصمة وتأكدت بأن النظام قد تهاوى . وحافظت العشائر على قوتها ولجأت للتمرد في سبيل المغانم فحسب .. بمعنى آخر إن العشائر واصلت التعاون مع صدام حسين حتى آخر رمق دون الالتفات الى همجية الدكتاتورية التكريتية أو المخطط الأميركي  -  البريطاني والعملات الصعبة.. لكنها تمشدقت فيما بعد بالمكارم الأميركية من التقنيات الاستهلاكية والحرية على طريقة شيكاغو .. هكذا اعتقد الأميركيون  هذه المرة وليس الإنكليز أن العراق  مطلع القرن الحادي والعشرين مازال مجتمعا تسوده العشائرية التي تسعى  لركوب العربة الاجتماعية بموديلها الحديث. أدركت السياسة الأميركية أن المجالس   العشائرية والعشائر الحرة وعشائر التسعينيات موجودة  في بلادنا لأن سياسة دكتاتورية البعث كانت عشائرية الطابع ولأن حزب البعث نفسه قد تحول الى عشيرة جديدة لكن بأسم وأسلوب عمل آخر ليس بالضرورة أرقى من الأسلوب العشائري بل أسوء منه لأنه ولاء من النمط الفاشي الجديد -  الذراع المافيوي للنخب الرأسمالية الكومبرادورية الطفيلية. وانتجت الاسقاطات القسرية للنظام البائد المحصلات الكارثية التي طالت بأضرارها مشروع الدولة وتماسك المجتمع على حد سواء . وتمثلت هذه الاسقاطات في المرشحات -  المصاهر الجبارة لأنتاج السبيكة العشائرية المؤلفة من أرومة واحدة والمغلفة بالإطار العصري للحزب الواحد أو العشيرة الموحدة فكانت العملية القيصرية للولادة التي أدت بالحامل والمحمول . لقد تفاقمت الانقسامات العشائرية والعرقية والطائفية بفعل الاستعمار القديم والحديث وطبيعة النظم القمعية الانقلابية التآمرية الى جانب العقوبات الاقتصادية المدمرة وآثار الحروب الكارثية .وفرض صدام حسين بالقوة الطائفية السياسية والتأسيس القبلي بزعامته …  وضمن بالتالي بعد انهياره ان تعم الفوضى وان تسود روح الانتقام ولتتفشى الطائفية السياسية قطارا رجعيا ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !! وقد عقد تحطم الدولة العراقية والسلطات المركزية  محاولات اعادة بناء وحدة هذا البلد النفطي ذو الموقع الاستراتيجي مثلما تعقدت اعادة تركيب بيضة محطمه !.
    ليس خفيا القول أن الموقف السياسي لقوات الاحتلال لم يكن سليماً لمعالجة المظاهر الغريبة التي رافقت دخولها الأراضي العراقية بالأخص الفرهود . فبدلا من التوجه صوب القوى السياسية التي ناصبت النظام العراقي العداء وناضلت ضده ،  توجهت صوب شيوخ العشائر. وشرعت بالاعتماد ، كما فعل البريطانيون قبل ما يزيد على ثمانية عقود ، على شيوخ العشائر العراقية بدلا من الاعتماد الفعلي على القوى السياسية العراقية وعلى الفنيين والتكنوقراطيين العراقيين سواء الموجودين منهم في الداخل  أم الذين عادوا بعد إسقاط النظام إلى الوطن .  الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت ضمن المسؤولين المباشرين عن مجيء البعث وصدام حسين إلى السلطة، وهي التي قامت بالإطاحة به، وحكومات ما بعد التاسع من نيسان تلجأ اليوم كما فعل الانكليز قبل قرن إلى شيوخ العشائر للاستعانة بهم في الحكم في العراق أو إلى تهدئة الاوضاع ومعالجة حالات الفلتان الامني والخدماتي ... رغم المخاطر الكبيرة وراء العودة لترجيح كفة التعامل مع المؤسسة العشائرية وإهمال العمل المدني الجاد والمسؤول مع القوى السياسية العراقية ومنظمات المجتمع المدني على قلة وجودها وتواضعها حتى الآن . ان دعوة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لتسليح العشائر وتشكيل لجنة عليا تشرف على ذلك لا تستند على اية قاعدة قانونية وانما اجراء اخرق وخطير ينم عن هشاشة فكرية ونفس تسلطي .. فقرارات خطيرة من هذا النوع لا مشروعية في اتخاذها سوى مجلس النواب العراقي اي السلطة التشريعية التي لازالت عند موقفها بضرورة انهاء التسلح الميليشياتي . قرار المالكي هذا سابقة خطيرة لمزيد من الفلتان الامني والاحتقان الطائفي – العشائري ويصب الماء في طاحونة الموت والدمار اليومية للعراقيين ! ويبدو ان المالكي ذو النفس البورجوازي الصغير باجراءه هذا يغطي على نشاط الميليشيات الشيعية المسلحة و

199
ثقافات الجوهر المتماثل والمظهر المختلف

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   اسهمت الثقافتان القومية البائسة والطائفية اليائسة معا في اشاعة ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش، وإحتقار المثقف !...ثقافة الفساد وآليات إنتاجه.... ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطغاة .. ثقافة وديمقراطية القطيع والرعاع .. ثقافة وديمقراطية الولاءات دون الوطنية ... ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي ومولاي " ... ثقافة الامة الواحدة والرسالة الخالدة ...الثقافة التوتاليتارية الشمولية... الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية .. والممهدة للثقافة الفاشية ! .... ثقافة الموت والقبور .... ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظم تعود بجذورها الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرق الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والتآمر والاغتيال والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . ومهما اختلفت اسماء الاحزاب والجماعات والميليشيات القومية والطائفية وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
   الثقافتان القومية البائسة والطائفية اليائسة - ثقافتان تمتلكان نفس الجوهر وظهيرهما التخاريف الاجتماعية .. لأنهما الوليد المسخ غير الشرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... "حكم الجهالة المخيف يجعل الأمل تخاريف" .. وتخلق الثقافتان والسلطتان القومية البائسة والطائفية اليائسة التوترات في المجتمع العراقي ، وبينها وبين الدولة العراقية .. لتجد الجماهير اللاقومية واللاطائفية(Denationalized & Desectarianalized) نفسها امام القومية والطائفية المسلحة حقوقيا والمنافسة لأجهزة الدولة. الاستبداد في أبسط تعريفاته هو تفرد بالرأي في شؤون تخص الجماعة وبالتالي فهو احتكار أو اغتصاب لحق الجماعة في إبداء رأيها، وفي النهاية فهو طغيان واعتداء على الآخر. الأمن، الخبز، السلم، الحريات وحقوق الإنسان... أفكار في استحقاقات هذه الثقافات حبر على ورق وتهريج فارغ . المكاتب القومية والطائفية للاحزاب ، الجيش الشعبي ، فدائيي صدام ، جيش القدس ، الامن الخاص ، الحرس الثوري ، الباسدار ، اطلاعات ، القاعدة ، هيئة اركان شهداء النهضة الاسلامية العالمية ، جيش المهدي ، النخب الإسلامية ، بقيت الله ، فرق الموت ، منظمة ثار الله ، القواعد الإسلامية ، الجيش الاسلامي ، انصار السنة ، كتائب الحسين ، حركة حماس ، حزب حسن نصر الله ، فتح الاسلام ، الصهيونية ... الخ كلها أفكار ومفاهيم  في استحقاقات هذه الثقافات ادوات كفاحية لها القرار الفصل والقضاء القروسطي . ترى أية ثقافة يمكن أن تنتجها منظمات وعصابات ومافيات عائلية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة قانونا وتشريعا ونظم حياة ؟ وتستخدم الآليات الانتخابية لإعادة إنتاج ذاتها ، لا لمحوها وإزالتها ؟
    تغطي الثقافتان القومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة التي تنخر بمجتمعاتنا سرطانا وكابوسا وارهابا دمويا المسيرة الوطنية التحررية للشعوب ، وحاضر ومستقبل العراق بدخانها الاسود المقيت لتترنح الموضوعية تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية ولتمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا يجري الامساك بالاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في لجة غموض الصدفة والوعي  … وهاتان الثقافتان العدوانيتان تذكرنا بدرجة الوحشية والعنف التي يمكن أن يصلها عقل الإنسان متى كان معبأ بالأحقاد والجهل والتعصب والأطماع! لأنهما النقيض لثقافة السلام والثقافات المسالمة التي تحمل قيم التسامح والعدل والسلام لا العنصرية والعداء. ثقافة السلام او قيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الإنسانية. وشرط بناء ثقافة السلم وجوب التعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني وهذا يتطلب إرساء المؤسساتية المدنية والاعتراف بالآخر هوية وطنية مستقلة وكيانا ثقافيا متميزا ووجودا كاملا.
    لا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما- اقتصادية والثقافية ومع إلغاء الأخر الخالق للإبداع ومع اللغو والسفسطة والخطب الانشائية . فالإبداع هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمارسه الإنسان بجدارة ليؤسس وجوده في أفق البحث ولا يعيد تاريخ الإبداع نفسه. والحداثة الحقيقية هي في الإبداع لا في المنجزات ذاتها ! وتبقى التعددية الثقافية صمام أمان الكون لأنها الموروث البشري كله وحصيلة الإبداع الإنساني منذ الأزل. حقائق الواقع اليوم تدلل على استهداف الثقافتان القومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة ومسلسل الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة الكيان العراقي باكمله ومظاهر وجود الدولة الاساسية وتحطيم ارادة الافراد والحركات الاجتماعية بشقيها ، المنظمات غير الحكومية ، والمنظمات المهنية والنقابات ..... واحتقار  قيم الخير والتضامن الانساني.... لأنها تنطلق من عقد النقص والازدواجية الشخصية والوهم والوحشية والتهافت السياسي ..... وقوامها الاسلوب العنفي وعدم الصبر على خوض طريق السياسة السلمي لاقصاه ، واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس ، واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل . تزعق الثقافتان القومية البائسة والدينية الطائفية اليائسة ان الامل الوحيد في نيل الاستقرار والامن هو خلط الخبث والاجرام بالفوضى والقسوة وفق قاعدتي "اخبطها واشرب صافيها" "اقتل وسر في جنازة القتيل في المقدمة"... ولسان حالي يبقى " القدس عروس عروبتكم .. بغداد عروس شعوذتكم الطائفية .. اولاد الق .." مع الاعتذار للشاعر الكبير مظفر النواب. بيت القصيد ان تأطير المجتمع دينياً يطابق تبعيث المجتمع! والاحزاب الدينية والطائفية والقومية العروبية اليوم لا تستوي والديمقراطية الحقة . 

200
الطاقة الكهربائية على ضوء برنامج الحزب الشيوعي العراقي

المهندس الاستشاري/ سلام ابراهيم عطوف كبة

   اكد برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي اقره المؤتمر الثامن ايار 2007 على اعتماد استراتيجية جديدة لقطاع الكهرباء تهدف إلى تحسين مستوى أداء هذا القطاع، بإدخال طاقات جديدة في الإنتاج والاهتمام بتطوير مصادر إنتاجها المتنوعة، وتحسين أساليب التخطيط المستقبلي لتطور هذا القطاع بما يمكنه من تلبية حاجة البلاد ، و تشجيع المشاريع والبحوث الهادفة إلى تطوير مصادر الطاقة البديلة إلى جانب النفط ، كالمياه وأشعة الشمس والرياح وغيرها. وجاء تأكيد برنامج المؤتمر الثامن هذا لأن الطاقة الكهربائية عنصر أساسي لأية تنمية اقتصادية واجتماعية في بلادنا ، ولأن مستوى تطور الحياة المعيشية يعتمد على كمية ونوعية وكلفة الطاقة المستخدمة . لقد أدت محدودية مصادر الطاقة وتدني مستوى كفاءة الاستخدام الى هبوط  في المستلزمات المعيشية والحياتية عموما !. وغني عن الاشارة الى ان البرنامج بمهماته واهدافه ، كل شامل ومترابط ، والفقرة التي تخص الكهرباء جزء لا يتجزأ منها ولا يمكن تجريدها من مجمل الاهداف التي ينصب نضال الحزب عليها في المرحلة الراهنة . فالطاقة الكهربائية مرتبطة اساسا  ببناء الدولة والنظام السياسي والسياسة الاقتصادية – الاجتماعية والضمانات الاجتماعية والبنك المركزي والسياسة النقدية والمديونية الخارجية والتعويضات والاستثمار الأجنبي وعموم القطاعات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية و شؤون العمال والشغيلة والمرأة والشبيبة والطلبة وحقوق الانسان وحقوق القوميات  ومنظمات المجتمع المدني والوضع الامني والعلاقات الخارجية .
   ويدرك الحزب الشيوعي العراقي تماما ان الكهرباء تعني الحياة والحضارة ولا حضارة بلا كهرباء ! الكهرباء طاقة سلمية تصب في تعزيز السلم والاقتصاد الوطني وهي البنية التحتية الأساسية للنشاط الإنساني المعاصر. الطاقة الكهربائية بجوهرها السلمي التقدمي ابتلت منذ ولادتها في بلادنا بأنظمة الاستبداد الاجتمااقتصادي واعتلاء الدكتاتورية الصدامية عرش البلاد وتحكم البيروقراطيات والشلل الطفيلية والتجارية والدينية بها ليجر استخدامها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت أن يلتحق أطفالها بمعسكرات أشبال صدام وترفض اليوم الانصياع للولاءات الرجعية والقرقوشية الطائفية فحسب بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي . الكهرباء لعبة الدكتاتوريات والانظمة الشمولية وثقافات القطيع والرعاع الطائفية -  ثقافات الموت والقبور لتسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم طبقا لقواعدها وهواها غير آبهة بمواثيق أمم متحدة وحقوق إنسان عندما تحول الكهرباء من نعمة الى نقمة ولتشيع أخلاقيات المجتمع الأستهلاكي - الطفيلي الصاعد ! الكهرباء نعمة للشعوب الآمنة المسالمة المتطلعة لغد افضل .. لا نعمة فحسب بل ثمرة تكنولوجية للقرن العشرين وجب تسخيرها في خدمة السلام ودرء الكوارث لا في نشر الثقافة الطائفية وثقافة اللطميات . هذا هو حال الكهرباء والمياه  الصالحة للشرب والتلفونات الارضية وشبكات تصريف المياه والاتصالات والخدمات الاساسية الاخرى.
   يعي الحزب الشيوعي العراقي انه :
•   مضى على تأسيس منظومة الطاقة الكهربائية الوطنية في العراق اكثر من قرن ... ووصلت سعتها القصوى التوليدية  التصميمية مستوى 9496 ميكاواط  ، اي ضعف السعة التوليدية اليوم ،  قبيل غزو الكويت . في الوقت الذي تصل فيه السعة التصميمية اليوم قرابة 16000 ميكاواط .. وجاء التطور في المنظومة انسجاما مع تطور قوى الانتاج الوطنية في قرن من الزمان ... كان هذا التطور منسجما مع التطور الطبيعي لأقتصاديات بلادنا عجله  أرتفاع حصة الحكومة العراقية من عائدات النفط في خمسينيات و أواسط  سبعينيات  القرن العشرين ، وهمشته المتاهات الدكتاتورية والسياسات الأقتصادية النفعية التي أرجعت العراق الى عهود الفانوس - المنوار الامر الذي جعل العراق عام 2007 يشغل ادنى المراتب في التسلسل العالمي لا في انتاج الكهرباء  بل في معدلات استهلاك الفرد منه ايضا!. هكذا تعاني بلادنا الغنية بالنفط  والتي تحتل المركز الأكبر الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي ( ويضعها بعض الخبراء في المركز الأول إذا أخذت بنظر الاعتبار الاكتشافات النفطية الجديدة ) .. تعاني اليوم من الارتفاع  اللامعقول في معدلات البطالة ، سوء التغذية ، الفقر ، الاستعصاء في توفير الخدمات الاساسية  كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي والاتصالات الهاتفية الارضية وبقية الخدمات الصحية والاجتماعية ، الفساد.. تجاوزت هذه المستويات معدلاتها الكارثية ابان العهد الاغبر رغم مضي اربعة اعوام على اندحار الصدامية والفكر القومي البائس ... 
•   تجسدت السياسات الأقتصادية النفعية في بلادنا  في عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973 ، التنمية الأنفجارية ، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، العسكرة والقادسيات الكارثية ، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح ، تحجيم العمل التعاوني ، إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة،  ابرام العقود الاستراتيجية تحت إشراف مباشر من النخب الحاكمة والحكومة العراقية وبدعم البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا ، نظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على أسس تجارية وفق  قانون رقم 22 لسنة 1997.، التوليد التجاري ،.... الخ... قانون استيراد وبيع المشتقات النفطية الذي اقر في في 6 ايلول 2006 ، قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006، مشروع قانون النفط والغاز الجديد، مشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام .. وهذه السياسات لا ولم تضر قطاع الكهرباء الوطني وحده بل المصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق . لقد ضربت هذه السياسات عرض الحائط بمنهج البرمجة والتخطيط المستقبلي وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع. وشجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على إدارات الكهرباء ومجمل القطاعات الاقتصادية اليوم  في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.
•   اي حكم سياسي يمثل مصالح طبقية محددة قد يضمرها برنامجه السياسي المعلن .. ومنذ التاسع من نيسان انتعشت تجارة الجملة والمفرد في العراق واتسع التهريب وساد الفساد...  والأعمال التي تنتقل الى العراق اليوم  غير نزيهة، ويتطلع أصحابها الى السلب والنهب. في هذه الأثناء تظل صادرات البلاد من النفط متقطعة ولا يمكن التنبؤ بها نظراً الى سوء الإدارة وعمليات التخريب المتواصلة.  الأوضاع الاقتصادية تعيسة، والأرقام التي تبين النمو في اجمالي الناتج المحلي مضللة، وتستند الى مساعدات إعادة البناء التي تستقر في جيوب المقاولين الاجانب والمحليين. ومادام النظام القضائي عشوائي ومتقلب ومسلوب الارادة  ... تبقى البيئة العراقية الراهنة لا تجتذب أي استثمار رأسمالي منتج. لقد اتسمت البرامج الحكومية التي تعرض امام مجلس النواب بالضبابية والنفعية والتخبط واللاهوتية وطغيان الخجل البورجوازي الامر الذي يؤكد تمثيله المصالح الطبقية لتجار العراق بتفاني ... ويظهر جليا من تقارير المنظمات الدولية مدى سوء التخطيط الحكومي باهماله التركيز ( عن عمد و سبق الاصرار) على العقود الموقعة سابقاً لإنشاء الوحدات الحرارية بسعات كبيرة جدا مع الشركات الروسية والصينية والألمانية، والتركيز بدلا عن  ذلك على بعض الأنواع من الوحدات الغازية المصنفة بالمراجع الهندسية المعروفة على أنها (Retired and Obsolete ) . . الخطة المركزية للاعوام 2006- 2015 التي اصدرتها وزارة الكهرباء العراقية في حزيران 2006  مثلا ، والتي اشار لها اكثر من مرة التقرير الاميركي نصف السنوي للمفتش العام المنتدب لمشاريع العراق في تموز هي استمرار لذهنية التخطيط  ذاتها التي سيطرت على ادارات تجهيز الكهرباء في العراق منذ انقلاب شباط الاسود 1963 .وتصون هذه الخطة ، وهي خطة متوسطة المدى ، الفوضى وغياب القانون واعمال التخريب ونهب الكهرباء وممتلكات المنظومة العامة للزمن القريب القادم لأنها تفتقر الى ابسط المقومات التخطيطية ( الاحصائية ، التقديرية ، التحليلية ، التفسيرية ، التوضيحية ).. وتتميز جداولها ومؤشراتها البيانية بالضبابية والنقص و التشويه و الابهام والجهل .. انها اقرب الى تقرير مدرسي من خطة استراتيجية تنموية . وما اتسمت به الخطة المركزية للاعوام 2006- 2015 التي اصدرتها وزارة الكهرباء العراقية ينطبق على المنهاج الاستثماري للحكومة العراقية عام 2006 ، ولا غرابة ان تبلغ نسبة الإنجاز السنوية للمنهاج  (17)% بواقع محلي و(6.9)% اجنبي. اما وزارة النفط العراقية فتشارك هي الاخرى بجريمة إهمال التركيز على توفير الغاز الطبيعي.
•    مأساة الكهرباء هي من أعظم المآسي التي ألمّت بالعراقيين الى جانب الملف الأمني ، وتردى حالها منذ سقوط التاسع من نيسان . وظل المسؤولون يتفرجون على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي بقوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين! واذا كانت الكتل السياسية الفائزة تدعي بأنها وجدت لأنصاف المواطن الفقير والمعوز وأشاعة أجواء من الديمقراطية الشفافة فلماذا ازمات الوقود والكهرباء والاتصالات المستفحلة و السكوت عن فساد كهرباء القطاعين العام والاهلي والسرقات المفضوحة وعهر العمولات الذي يرقى الى حد الأرهاب بل يتفوق عليه؟! .
•   تتجسد أزمة الكهرباء عادة في معاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي أو ارتفاع رسومه ، وحتى من سوء التمديدات والتسليك ..هذا يرتبط  بأزمة الكهرباء كمفهوم علمي واجتما – اقتصادي اي البعد العمودي (Vertical) المحسوب وفق معيار الزمن والتاريخ القريب الذي أرجع العراق إلى عهود غابرة .. أما البعد الأفقي للازمة ( Horizontal ) فقد أخضع صناعة توليد ونقل وتوزيع الكهرباء لعواقب الخطط التنموية المدرسية الفاشلة وتقلبات مزاج القائمين على ادارة الكهرباء اليوم ومصالح حاشيتهم ليلحقوا الضرر البالغ بالبنى التحتية ويسببوا الهدر الواسع للثروات . وتتلخص الازمة العامة للبلاد في اشتداد اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط ، وانحسار مساهمة القطاعات الانتاجية الأخرى وبالاخص ركود القطاع الصناعي التحويلي ، والانفتاح التجاري اللامحدود وإطلاق حرية الاستيراد والفساد ، ونمو أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بالضوابط والتشريعات والذي يستوعب أقسام من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصاديا. وفي ظل عدم تبلور استراتيجية تنموية واضحة، تنامى دور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي. تحدد اليوم مافيات توزيع الكهرباء الوطنية وتوزيع البنزين والغاز ، تجهيز هذه المواد لمن تريد ، ولمن يدفع اكثر ...  وتمارس مافيات استيراد و شراء وبيع المولدات الكهربائية الخاصة بالبيوت او حسب المناطق نفس الاسلوب وترفع سعر الكيلوواط وفق مزاجية نادرة ! .. واشتداد الوضع الامني تأزما يخدم هؤلاء الذين لامصلحة لهم ابدا في استقرار الوضع الامني في العراق ، وبالتأكيد ستخسر وتبور بضاعتهم بعودة مؤسسة الكهرباء الوطنية الى سابق عهدها في سبعينيات القرن العشرين وقبلها كممول وحيد للكهرباء في العراق. ان اسعار الوحدات الكهربائية مهددة دائما بالارتفاع مع ارتفاع اسعار المحروقات ، وقد فاقت أزمتا الوقود  والانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي مثيلاتها من الازمات التي تؤجج معاناة المواطن العراقي الى جانب ازدياد وتيرة العنف اليومي بالارهاب والتقزز الطائفي . ومن يتمكن من شراء مولدة شخصية بيتية.. فسيعجز عن توفير البنزين لها وخاصة بعد تفاقم ازمة الوقود.
•   باتت التجاوزات على الشبكة الكهربائية العامة او الوطنية ترهق القائمين على وزارة الكهرباء لاسيما في المناطق التي تتجاوز على اراضي الدولة وممتلكاتها .. وادت الجطلات الى قطع التيار الكهربائي مرارا عن مناطق واسعة من احياء المدن العراقية وتخريب المحولات ومضاعفة معاناة المواطنين … ثم ظهرت الخطوط الذهبية اي سحب الكهرباء من مصادر شبه ثابتة تتوفر فيها الكهرباء 24 ساعة ( قصور عوائل مسؤولي دولة ما بعد التاسع من نيسان ، والنقاط المرورية – الترافك لايت- ) في ظل الفوضى العارمة السائدة في البلاد .. وتضاعف عدد الجوزات في الدور السكنية للمواطنين ( وطنية ، التوليد التجاري ، المولدات الخاصة بالدور السكنية ، الخطوط الذهبية ، خطوط السحب .. الخ). كل ذلك يترك آثاره السلبية الضارة على امن الكهرباء والامن الصناعي وامن المواطنين معا !  الازمة بالواقع هي اكبر من ايجاد حلول لمشكلة التجاوزات على الشبكة الكهربائية والسيطرة على هدر المال العام لأنها ازمة بنيوية تقترفها الحكومات المركزية المتعاقبة في بغداد وحتى مجالس المحافظات والمجالس البلدية في مراكز المدن والقصبات … ازمة اجتمااقتصادية تخدم مصالح الشرائح الطفيلية في المجتمع وبيروقراطية الدولة والولاءات الرجعية بهدف تصفية القطاع الحكومي وجعله خانعا ذليلا ! اي الانتقام من منجزات ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة واجراءات تعزيز هيبة وتأثير القطاع العام .
•   شركات الصناعة الكهربائية في القطاعين الحكومي والمختلط تعاني هي ايضا من غياب الضوابط الاقتصادية الذي تسبب في دخول الاجهزة الكهربائية ومن مختلف المناشئ العالمية الى البلاد وتميزها بالتكلفة المنافسة والنوعية الرديئة... هذا ليس بمعزل عن تواطؤ مجالس ادارتها مع ديناصورات التجارة الاهلية مقابل العمولات المغرية والتسهيلات الامنية ! كما تعاني هذه الشركات من حجوم المديونية الكبيرة والتأخر في تسديد ما ترتب بذمتها من ديون تتمثل باقساط التقاعد والتأمين وأجور الماء والكهرباء.. والتي جاوزت لوحدها مليارات الدنانير. ولازال توقيع  العقود مع الشركات العالمية والتي تصبح بموجبه شركات متعددة وكيلة معتمدة حصريا للشركات العالمية في العراق يسير وفق مزاجية مفرطة وخارج نطاق الرقابة الحكومية الامر الذي وسع من الاختراقات الطفيلية لها وجعلها لقمة سائغة لمن هب ودب !
•   السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ فوضى الكهرباء البناءة  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية ، كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات اللاوطنية ، وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر... فهذه السلطات غير بعيدة  عن غليان التجييش الطائفي في العراق.

ان اعتماد استراتيجية جديدة لقطاع الكهرباء وفق برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي اقره المؤتمر الثامن ايار 2007  تعني فيما تعني :
1.   إن عودة الحياة في العراق الى طبيعتها مرهونة بعودة الكهرباء الى حالة الاستقرار كونها تشكل عصب الحياة لجميع المشروعات والمنشآت.
2.   لا يمكن تحسين مستوى أداء قطاع الكهرباء الا باعتباره قطاعا استراتيجيا وينبغي أن يظل ملكية عامة . التخطيط الشامل يرفع من درجة أهمية قطاع الدولة او القطاع العام ويؤهله لقيادة العمليات التنموية الاجتمااقتصادية بالاستراتيجيات التصنيعية والاقتصادية وليس عبر سياسات الفوضى البناءة – الرأسمالية المخططة - .. تقضي الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد وتخلق البنى الارتكازية المتكاملة القادرة على تحقيق النمو الذاتي المتجانس والديناميكية اللازمة لفك التبعية الاقتصادية والتكنولوجية للغرب بانواعها المتجددة ، ولأتاحة امكانية التصرف بالفائض الاقتصادي ( الايرادات النفطية ) المتولد في القطاع النفطي .. وبالتالي تأهيل قدرات القطاع العام على اتخاذ القرارات الاقتصادية الفعالة والمؤثرة .وعليه لا تفهم استراتيجية صناعة الطاقة الكهربائية بمجرد كونها منهاج استثماري يخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية ، حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية ، بل هي قبل كل شئ مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع البرامج متوسطة المدى في ضوئها ... انها تعني تبني الحلول الجذرية لمعضلات القطاع العام وليس الحلول المسكنة المهدئة الآنية للمشاكل والمعوقات القائمة ، والسيطرة على الاستثمار والتكاليف الادارية ومساعدة قطاع الدولة على تنفيذ مشاريعه في سبيل تحقيق الفائض الاقتصادي وتحويل التراكم لصالحه !. من المعروف ان شبح الخصخصة يلوح منشآت ومشاريع الكهرباء بالأرتباط مع اخفاقات القطاع العام واخطاء القائمين على إدارة قطاع الكهرباء ..ويقوض احتكار السلطات دائما من أسس المؤسساتية المدنية وينمي التناقضات داخل القطاع العام ليحجم من فعاليته وليتحول الى أداة بيد الطفيلية والنخب الحاكمة التي تسن القوانين فاسحة المجال أمام الخصخصة ونظم إدارة الشركات ثم تعمل على أغتصاب حقوق الملكية الخاصة هي الاخرى ليجر تسييرها حسب الهوى ! كل ذلك يستلزم الاهتمام بالقطاع العام، باعتباره قاعدة رئيسية للاقتصاد الوطني ، وعامل التوازن الاقتصادي والاجتماعي . والعمل على إصلاحه اقتصادياً وإدارياً بإرساء معايير الشفافية والكفاءة والمساءلة ومحاربة الفساد والقضاء على جذوره. ومن الضروري تشجيع مبادرات القطاع الخاص ، واعتماد سياسة مالية وضريبية تمييزية لصالح المشاريع  التي تساهم في تنمية قدرات البلاد الإنتاجية  والارتقاء بالمستوى التنافسي لمنتجاته في الأسواق الخارجية... ومحاربة الفساد الإداري والمالي والاقتصادي، ودعم الهيئات المتخصصة بذلك وتفعيل وتطوير الإجراءات والقوانين التي تهدف إلى حماية الثروة العامة ومعاقبة التجاوز عليها.
3.   يتحدد جوهر صناعة الطاقة الكهربائية بمضمون كامل التصنيع الوطني وعمليتي الاصلاح الاقتصادي والتنمية .. وليس بمجرد النمو الكمي لمنشآت الطاقة وللمتغيرات الاقتصادية لأنه يشمل الابعاد الاجتمااقتصادية والسياسية والحضارية الامر الذي يحتم ضرورة التخطيط الشامل لهذه الصناعة الارتكازية ، والتخطيط الشامل للاقتصاد الوطني ، وافضلية اتباع مبدأ المركزية الديمقراطية في ثناياه مع التأكيد على اعتماد لامركزية التنفيذ !.
4.   تفعيل دور قطاع الطاقة الكهربائية في عملية الأنتاج الأجتماعي للحد من استخدام مصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي في مختلف مجالات الأقتصاد الوطني في البلاد وتقليص حجم القوى العاملة اللازمة لذلك ، وجعل الدخل القومي محسوبا بالأسعار الثابتة لأعوام قياسية خلت يتزايد مع ارتفاع رصيد الطاقة الكهربائية في الأنتاج الأجتماعي .
5.   قنونة مناهضة استخدام الكهرباء سلاحا سياسيا واجراءا عقابيا  للضغط على ابناء الشعب .
6.   تأكيد الالتزام الدولي لأعادة أعمار عراق ما بعد صدام لضمان سير الدورة الأقتصادية السلمية وتشغيل المعامل والمصانع المتوقفة عن العمل ومنها منشآت الكهرباء .
7.   توزيع بناء محطات الكهرباء التقليدية ونصب الوحدات التوليدية على عموم البلاد وبمعدل نمو سنوي لا يقل عن 10% لمعادلة الطلب المتنامي . ويستلزم التوزيع العادل للثروات الوطنية تخصيص حصة مناسبة من أجمالي السعة المؤسسة الوطنية للإقليم الجبلي . واعتماد المحطات المتنقلة لتلبية جزء من الطلب المتنامي الطارئ... وتجنب نصب الوحدات معادة التأهيل (Refurbished) وتشغيل الوحدات التوربينية الغازية على زيت الوقودالثقيل.
8.   تفعيل دور المحطات الكهرومائية بعد ضمان حقوق العراق المائية في اتفاقات متوازنة مع تركيا وايران وسوريا، وعلى الحكومة العراقية اتباع سياسة رشيدة سليمة توظف العلاقات العراقية – التركية لصيانة الأستقلال الوطني والسيادة الوطنية لبلادنا.
9.   حول التوليد الاهلي ... من الضروري تسجيل اصحاب المولدات الاهلية من لدن الجهات الحكومية ذات العلاقة والمجالس البلدية لمفاتحة وزارة النفط تزويد هذه المولدات بالوقود وبالاسعار المناسبة ، وتسعير الامبير الواحد وفق معادلة تنسجم مع الدخل السائد والمستوى المعيشي وجهد اصحاب المولدات ، والزام اصحاب المولدات بتشغيلها اليومي وفق جداول زمنية مناسبة للجميع ! على ان تقوم لجنة فنية متخصصة في وزارة الكهرباء بتقدير وتخمين اعطال وتوقفات المولدات الاهلية لأغراض تقديم المساعدات المالية والفنية الممكنة  لها ! كتقديم القروض لنصب المولدات الجديدة واستبدال غير الكفوءة منها وفق شروط مشجعة مثل المباشرة بتسديد القروض بعد فترة مناسبة وبموجب ضوابط ملائمة أيضا ، كما يمكن ربط عدادات التشغيل في المولدات للمراقبة !. ومعروف إن التوليد الصغير والمتوسط للكهرباء يتميز بارتفاع تكاليف الإنتاج ، وبالتشظي " لا يعمل ضمن شبكة موحدة " ، وسرعة التقادم بسبب الحمل العالي.وبمعدل 12 ساعة / يوم في الصيف تصل أسعار الكهرباء الى مبالغ خيالية للامبير الواحد. لقد استفحل التجار والمقاولون والمتعهدون في إدارة شوؤن هذا التوليد عبر استئجارهم المولدات من دوائر الكهرباء أو شراءها من السوق وتشغيلها بحماية من أجهزة الأمن والشرطة.
10.   تحديث الوحدات الكهروحرارية والكهرومائية المتقادمة. وتوسيع قاعدة التوليد غير التقليدي ( Abnormal - Renewable) ودعم البحوث العلمية ذات العلاقة في ميادين التوليد الشمسي والبايوغازي (Biomass) وطاقة الرياح، والكهروضوئي والتوليد الكهرومائي الصغير(Mini & Micro ).. في أطراف المدن والبراري والمناطق الجبلية . وتجديد مرتكزات الشبكة الوطنية بالتقنية الحديثة والحاسوبية ومعادلة تقادماتها شرط ان يجري توسيع تجهيزات الشبكة الوطنية بنسب تماثل الزيادة الحاصلة في الطلب على الكهرباء مع استبدال ما هو مطلوب تبديله تناسبا مع التوسع المضطرد في الأحمال وتطور أساليب الاستهلاك في الشبكات القائمة .
11.   مواصلة اعتماد الغاز الطبيعي وقودا لتشغيل المحطات الحرارية لأقتصاديته ونقاوته البيئية .
12.   اعتماد سياسة تنويع السلع الكهربائية المنتجة محليا واستخدام الخامات الوطنية أساسا للإنتاج وتقليص اعتماد السوق على ايراد قطع الغيار الضرورية من الغرب.
13.   تأمين المستلزمات الموضوعية لتنفيذ شبكات ضغط منخفض ومتوسط نظامية وتركيب عدادات وابرام عقود اشتراك في مناطق المخالفات الجماعية التي تقر البلديات العراقية تقديم الخدمات لها ، وضبط وتنظيم حالات سرقة الكهرباء والتلاعب به والاستجرار غير المشروع له وتشريع المراسيم الخاصة بذلك مع وضع الخطط الاستراتيجية لتخفيض الفاقد الإجمالي ( الفني -  التجاري ) تدريجيا لتصل الى المستويات المقبولة في الشبكات المماثلة على النطاق الإقليمي على الأقل. وتأمين استخدام التقنيات الحديثة لمتابعة التوزيع العادل للكهرباء على الأحياء السكنية كالخرائط الجوية التي تتضمن الصور الحرارية للأحياء السكنية التي تشهد تفاوتا في توزيع الكهرباء، وعلى المعنيين في مركز السيطرة الوطني وقطاع التوزيع ضرورة تجاوز حالات التفاوت والأستجرار غير المشروع معا من خلال إجراءات فنية وعملية في آن واحد.
14.   المباشرة باتخاذ الإجراءات الضرورية لتحويل وتبديل الشبكة الكهربائية الهوائية داخل المدن الى أرضية ( دفنها تحت الأرض) لمنع تعرضها لأية محاولة عبث أو تخريب أو سرقة وخاصة في المناطق الشعبية ولأن ذلك  سوف يسهم في استقرار نسبي في الطاقة الكهربائية.
15.   الزام الشركات الاجنبية العاملة في بلادنا بمراعاة مسودة معايير الأمم المتحدة الخاصة بمسؤوليات الشركات متعددة الجنسية والمؤسسات التجارية الأخرى فيما يخص حقوق الإنسان ورفض المشاركة في مشاريع تفرض التهجير القسري والتعسفي القائم على التمييز حيث لا تدفع التعويضات الكافية ، وتجنب التمييز في الوظائف أو مفاقمة الانتهاكات الماضية بشراء أو إشغال ممتلكات صودرت بصورة غير قانونية أو تعسفية في الماضي...
16.   تحقيق مستويات التنسيق المثلى بين الوزارات ذات العلاقة عند تناول مشاريع الكهرباء من التخطيط والتصميم حتى التنفيذ وتفادي ممجوجية الحجج في تحميل الوزارات بعضها البعض  مسؤولية تأخير تنفيذ مختلف العقود.
17.   المعالجة العقلانية لمعضلات المقاولات – الرأسمالية الوطنية في قطاع الكهرباء والتي تفكر بالربح الاكبر كمشاكل الاجازة والتصنيف حيث الاستئثار الطائفي والحزبي والفساد  .. ففوضى السوق تبقي المشاريع حكرا على نخبة من المقاولين الكبار الذين يحتكرون المشاريع الكبيرة ويتحكمون باسعار السوق ، وعادة يكون هؤلاء اليوم  تحت الخيم الطائفية والحزبية الضيقة المقيتة والميليشياتية بعد ان كانت  تحت الخيمة البعثية الكريهة ! .
18.   اهمية التمييز بين المهندس (engineer) والتقني ( technologistأو technical) والاسطة – الفورمان .... والغاء قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين ووزارة التعليم العالي ذات العلاقة .... وضرورة الغاء مفعول قرارات مجلس قيادة الثورة التي تعرقل انتقال المهندسين من والى  القطاع العام ولصالح تعزيز الدور الريادي للاخير.
19.   الربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي يعني توظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية .
20.   خوض معركة الحقوق النقابية والمهنية والاجتماعية في بلادنا عموما ومؤسسات كهرباء القطاعين العام والخاص وتجاوز كل الحسابات عبر بناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابات والمنظمات غير الحكومية من قيودها ولقطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابات من جديد ، اي العمل على فرض الأجواء الديمقراطية وكسب الحقوق المهنية والنقابية ، ودعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ ... والاصرار على الغاء القرارات المعادية للشعب العراقي وآليات دمقرطة المجتمع والدولة ! وبالاخص القوانين  ارقام 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة ، والقوانين ارقام  71 و 91 لعام 1977 و 190 و 543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم( 150 ) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي ، والتشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية ( Chaotic Agricultural Relations Market ) وخاصة القوانين المرقمة  (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 والقرار(364) لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ، وقرار الطائفية السياسية  المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..وقرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وقرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية !.
21.   سن تشريعات وأنظمة داخلية جديدة لقطاع المقاولات العراقية.. والغاء البالي منها كقوانين شركات المقاولات رقم 66 لسنة 1987  واتحاد المقاولين العراقيين رقم 59 لسنة 1984 والأنظمة الداخلية للعشرات من شركات المقاولات وقانون تسجيل المقاولين العراقيين لسنة 1992 وتعديلاتها والتشريعات ذات العلاقة مثل قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم 34 لسنة 2002 وأنظمة اتحاد الغرف التجارية وما يسمى باتحادات رجال الأعمال .
22.   معالجة فوضى عمل المكاتب الاستشارية ومكاتب الخبرة الهندسية وتداخل احكامها مع  إحكام قوانين تنظيم الوكالات التجارية .. وفوضى تصنيف الخدمات الاستشارية . ولازالت قوانين بالية فاعلة اليوم دون تغيير ، ومنها قوانين المركز القومي للاستشارات الهندسية رقم 6 لسنة 1990 ومركز الادريسي رقم 7 لسنة 1990 ومركز الاستشارات الهندسية رقم 63 لسنة 1987 وقانون المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم 64 لسنة 1979 .
23.   توفير الأجواء المناسبة المعيشية والمادية للكادر العلمي الكفؤ وايلاءه الاهتمام اللازم من قبل المؤسسات الحكومية ذات العلاقة وعلى ارفع المستويات ، وتمهيد الطريق لعودة الكفاءات العلمية ! يعني اتباع السياسة السليمة العقلانية في توفير الأجواء المعيشية المناسبة للكفاءات العلمية وتقليل مخاطر تسربها الى الخارج .. وهذا يشمل بالطبع الكوادر العلمية الهندسية بشكل عام والعاملة في قطاع صناعة الطاقة الكهربائية . بعبارة أخرى ايلاء العناية الخاصة بالبحث العلمي على الصعيدين الأكاديمي والرسمي والشعبي ، واعادة تأسيس البحث العلمي المرتبط مباشرة بأعلى الجهات في الدولة العراقية على اسس موضوعية . وتشجيع البحوث العلمية التطبيقية والموجهة والصرفة .
24.   اتباع سياسة إعلامية علمانية عقلانية على الصعيدين الرسمي والشعبي ، وتحشيد مؤسسات التعليم العالي والتربية باتجاه فهم وتفسير وهضم العلوم الحديثة والتكنولوجيا المعاصرة ، نهج كل السبل الممكنة الى سياسة ثقافية ديمقراطية علمانية تعتمد الحوار أساسا في حل المعضلات فهو بلسم العصر ومفتاحه .. على كل الأصعدة.كل ذلك يعني تنمية المفهوم الثوري التقدمي للثقافة التقنية وحماية التقنيات الحديثة لرفع إنتاجية العمل والإنتاجية المعلوماتية لإشباع حاجات المواطن في بلادنا وللمحافظة على التوازن المعلوماتي الديناميكي فيها … وكذلك للربط الحتمي الموضوعي بين اقتصاد وتنمية واعمار العراق… وهذا يتطلب الحماية القانونية الصريحة من قبل الحكومة العراقية بنصوص واضحة غير قابلة للتفسير لترفع من شأن التقنيات الحديثة وتحميها لأنها أمست ثروة وطنية  تسهم في خزن ومعالجة ونشر المعلومات وتحمي شعبنا  من كوارث الفقدان والنسيان الإعلامي والمعلوماتي .
25.   ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة، يرتبط بشكل كبير، بالتصدي الجدي، غير الانتقائي وغير المسيس، لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا. لقد تراجعت مؤشرات المحاسبة،الإستقرار السياسي ، فعالية الحكومة ، الجودة النظامية ، سيادة القانون والسيطرة على الفساد في العراق خلال الفترة 1996- 2007 لتصل الى المعدلات الدنيا في السلم العالمي ، وتكشف الاحصائيات عن تردٍ خطير وتراجع أخطر في فعالية أداء الحكومات المتعاقبة رغم انهيار الدكتاتورية البعثية في 9/4/2003 .اما محاربة الإرهاب والقضاء عليه، فلا يمكن أن يتم من خلال العمل العسكري والأمني فقط ، بل يتطلب النهوض بالعامل الأقتصادي وتحسين الظروف المعاشية والقضاء على البطالة بكل أشكالها وتوفير كل الخدمات الأساسية... كل هذه العوامل وغيرها تساعد في إضعاف النشاطات الإرهابية والإجرامية المختلفة.وينبغي على الحكومة العراقية والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التنسيق والتعاون والعمل ضمن العملية السياسية الجارية اليوم من أجل الوصول بالعراق الى شاطئ الأمان والعيش الكريم للمواطنين وعودة الإبتسامة على شفاه الأطفال والأمهات والآباء في ظل عراق الحرية والديمقراطية والمحبة والتآخي والسلام والدستور العلماني. مستقبل العراق لا يمكن ان يبقى رهينا بأيدي احزاب وميليشيات متعددة الارتباطات متنوعة الخفايا تفاقم من تناقضات المجتمع ومآسيه .. ولابد من المجابهة الحقيقية لميليشيات وعصابات وعلاسة صناعة الفوضى البارعة ومنها فوضى الكهرباء المأساوية .




11/6/2007

201

الانفراج السياسي والتعديلات الدستورية في العراق

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    غير خاف على احد اليوم ان ارساء الحريات الديمقراطية وكفالة الحقوق المدنية وحقوق المرأة والاقليات وضمان تفادي انبثاق الفيدراليات الجهوية والطائفية دستوريا في العراق هو ليس من باب التمنيات او منتوجا جاهز الصنع بل مسارا طويلا لا يترسخ الا بتوفر البيئة السياسية الملائمة التي تنحو الى الاستقرار وبتوطيد بناء مؤسسات القانون . فالدستور الدائم رغم ارتقاءه على جميع الدساتير المؤقتة التي سبقته ومع كل ايجابياته الا انه ينطوي على مواد متناقضة وفراغات تشريعية ومؤسساتية قضائية وقانونية واقتصادية تتعلق بنواظم الحريات السياسية والاقتصادية ودور الدين وحقوق المرأة ووضع الاقليات واستقلالية المجتمع المدني  ... قادرة على تهديد الحياة الهادئة الآمنة ومجمل الحريات السياسية والمدنية وحقوق الانسان وسط اجواء العنف اللامحدود والفوضى العارمة وقوة النفوذ الميليشياتي وضعف المؤسسة القضائية والامنية.ان التوافق على التعديلات الدستورية يحقق حالة من الانفراج السياسي ويخلق الاجواء السياسية المناسبة لنجاح اي مشروع للمصالحة الوطنية ويعبد الطريق للسير قدما في ميادين التقدم الاجتماعي والاقتصادي وانجاز مهمات استكمال الاستقلال الوطني الناجز .
    لقد عالجت المواد(122- 127)و(142) من الدستور الدائم آلية التعديلات الدستورية .. ان اقرار التعديلات المقترحة من لجنة تعديل الدستور في مجلس النواب يتم بموافقة الاغلبية المطلقة من النواب على ان تعرض هذه التعديلات على المجلس دفعة واحدة وفق المادة 142 التي نصت على ان " يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسية في المجتمع العراقي ، مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب ، خلال مدة لاتتجاوز اربعه اشهر، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور ، وتحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها"...الا ان القرار النهائي لتعديل الدستور يبقى للشعب العراقي عبر الاستفتاء على التعديلات الدستورية. واوقفت المادة 142 كل قيد او حظر موضوعي وزمني عند التعديل الدستوري كما اكدته المادة 126 .. اي ان جميع المواد الدستورية ستكون خاضعة لأعادة النظر وامكانية التعديل.
    من المفيد التأكيد وجوب استهداف التعديلات الدستورية عرقلة استخدام الدين في القضايا الدنيوية لأن ذلك يضر بالدين نفسه قبل غيره .. فحشر الدين في كل مكان ممكن داخل الدستور الدائم وبالنكهة الطائفية ذات الشأن لا يعني سوى محاولة أسلمة النظام السياسي والمجتمع ، والسعي لأقامة الدولة الدينية ، واعادة قانون الاسرة الى قواعد الشريعة حسب المذاهب والاديان ، والعمل على استغلال الدولة لفرض القواعد الاخلاقية المحافظة . ولابد ان تسهم التعديلات الدستورية في مقاومة اشتداد النزعة الاسلامية المحافظة وصعود الهويات الطائفية وتشظي مفهوم المواطنة وغياب الحماية المؤسساتية للحريات المدنية . ان مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الاساسية والشرعية الدولية لحقوق الانسان قد تتضمن ما يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام التي نصت عليها المادة (2) مثلا .. بينما تفتح المادة (89) الباب امام رجال الدين ( خبراء في الفقه الاسلامي) لأشغال عضوية المحكمة الاتحادية العليا !. وتشيع المادة (39) الولاء دون الوطني شئنا ام ابينا وتجرد القاضي من مهنيته في النصوص القانونية لتحوله الى اداة طائفية لأشاعة الآراء الفقهية المختلفة " العراقيون احرارٌ في الالتزام باحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون " وهذه المادة تنفي انجازات قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959. اما المادة (41) فتبرز الشعائر الحسينية على عموم الشعائر الدينية في سابقة طائفية خطيرة " ان اتباع كل دينٍ او مذهبٍ احرارٌ في ممارسة الشعائر الدينية، بما فيها الشعائر الحسينية".
    يحول الدستور الدائم بصيغته الراهنة المؤسسة الدينية العراقية الى مجموعة ضغط او لوبي مستقل في البنية السياسية تعين قواعد السلوك في المجتمع والدولة وفي اتخاذ القرارات عبر الشعارات الدينية السياسية لتغطية المصالح الشخصية للزعماء السياسيين والدينيين الذين يعتمدون على تقاليد الدعم العشائري او الديني ولتغدو الركيزة الآيديولوجية للرأسمال التجاري ... وتساعد العلاقات العشائرية على استمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي والمتخلف وتكريس رموز الاستفزاز الشيعي - السني المتبادل  بينما لم يعط الاسلام لا للخليفة ولا للقاضي ولا للمفتي ولا لشيخ الاسلام ولا لآيات الله اية سلطات في مجال العقيدة او سن التشريعات ومهما كانت الصلاحيات التي يمتلكونها تبقى سلطاتهم مدنية يحددها الشرع الاسلامي ! ... ولا يحق لأحد منهم القيام بالرقابة على العقيدة  او على ايمان الفرد او ان يطلب اليه ان يدافع عن شكل تفكيره . إن ابتعاد المرجعيات الدينية عن التدخل في الشؤون السياسية والقضايا العقدية الوطنية واوضاع الدولة العراقية يساعد المجتمع العراقي على إيجاد صيغ سياسية للتعاون والتنسيق والتكامل والتوافق بدلاً من الخلاف والصراع والنزاع الديني والمذهبي.وعلى المرجعيات الدينية الابتعاد عن إسناد هذا الطرف أو ذاك ، والطلب من رجال الدين عدم التدخل في الشؤون السياسية ما داموا يمارسون شؤون الدين وما داموا يقدمون الاستشارة الدينية والاجتماعية للناس ، وتقديم النصح كي لا تنشأ الأحزاب السياسية على أسس دينية بل على أسس مدنية بحتة بعيداً عن زج الأديان بمشكلات لا أول لها ولا آخر.... من الضروري اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الدين من التدخل السياسي في شؤونه وحماية الدولة من رجال الدين وأحزابها السياسية. الدين لله وحده والوطن للجميع، فلا منافسة على هذا الوطن، بل يفترض أن تكون المنافسة في خدمة الوطن.... وعكس ذلك يجر تحويل هذه المرجعيات الجليلة الى الإقطاع الديني وهو ربيب الدول والحكومات ، وصوت الكرنفال السياسي للحكام، هذا الذي يفصل الأحكام لبدلات الحكام، فإذا كانت ضيقة ضيقها، وإذا كانت واسعة وسعها، وأجره في آخر الشهر . ... كلما سكتَ عن الظلم اتسع رزقه، وحصل على الأراضي، وكثرت أموالهُ في البنوك ... وكلما نبه إلى ظروف (الرعية) السيئة، واظهر العين الحمراء بلع ألفاظه ولغته وضميره الديني .ان أكبر إساءة توجه للدين هو إستغلاله كواجهة للعمل السياسي والصراعات السياسية الذي قد يؤدي الى تناحرات خطرة يصعب السيطرة عليها وهو ما نشهده في الزمن الحالي البالغ الخطورة. 
    لم تشر مواد الدستور الدائم الى الشرعية الدولية لحقوق الانسان بل اقتصرت في فصلها الثاني على التأكيد على بعض الحقوق والحريات الاساسية .. ان الغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ، الغاءها على طريقة التمشدق الديمقراطي ... لا يعني سوى تغييب حاضر الوطن العراقي الحر والشعب السعيد بنبش الماضي راهنيا .. حلمنا العيش في عراق حر ديمقراطي يحترم أسس حقوق الانسان التي تدعم تعدد الثقافات والنظام السياسي الفيدرالي البرلماني الذي يقر بالشرعية الدولية لحقوق الانسان. كان الغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان في حقيقة الامر عودة الى مفاهيم مرحلة ما قبل حركة حقوق الانسان ودعوة مبطنة لفتح بوابة العنف والعنف المضاد في المجتمع !. شدد النص المحذوف (المادة 44) على حق العراقيين في التمتع بالضمانات وأشكال الحماية المكرسة في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها العراق. واكدت منظمة العفو الدولية ( AMNESTY ) إنه " بينما يتضمن الدستور العراقي الجديد المقترح العديد من النصوص الإيجابية لحقوق الإنسان ، إلا أن حذف هذا النص يشكل خطوة خطيرة إلى الوراء". وأضافت " إن هذه الواجبات المترتبة بموجب المعاهدات لاحترام حقوق الإنسان الأساسية لم تحترم في عهد صدام حسين، لكن إدراج المادة 44 في الدستور الجديد شكلت فرصة حقيقية أمام العراق لفتح صفحة جديدة في مجال حماية حقوق الإنسان .... وهي فرصة لا يجوز تفويتها" .الدستور الدائم فوتها ! ليكفل للدستور سابقة استبدادية خطيرة وهي امكانية التشريع الوضعي للحد من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور " لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها الا بقانون أو بناءً عليه، على ان لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية". من دون احترام حقوق الإنسان وإقرار مشروعيتها التي حددتها المواثيق واللوائح الدولية فان النظام السياسي القائم يفقد أسباب تواجده. وهي كالمجتمع المدني ليست أفكار دخيلة على العراقيين عربا وكردا وأقليات ، ولا هي بقصائد شعر موسمية.. وهي كالحرية ليست بمائدة تهبط من السماء على طالبيها .. بل تتطلب النيات الحسنة والتواضع والمصداقية والعمل الجدي وتضامن جميع القطاعات التي تنشد السلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمدنية... وتبقى القيم البالية لاسيما العشائرية او القبلية والطائفية منها معرقلة لتأسيس أرضية صالحة لقيام المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان. وهذه القيم البالية تعارض المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم وتشيع المحافظة في الحياة السياسية وترفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سئ الصيت ...
    يجيز الدستور الدائم اعتماد الفيدراليات الطائفية والجهوية مما يكرس النزعة الطائفية ويغذي الروح الانفصالية وذلك يعود إلى أن العراق تتقاذفه أمواج الصراعات الطائفية الناتجة عن التداخلات الدولية / الاقليمية.ويفضي اعتماد هذه الفيدراليات إلى تفكيك المشروع الوطني الديمقراطي عبر حصر الكفاح الوطني في كانتونات طائفية / عرقية، وما يعنيه ذلك من تغليب الروح الفئوية على الروح الوطنية. لا بأس من العودة الى قانون ادارة الدولة العراقية في المرحلة الانتقالية الذي نص على أن العراق لكل العراقيين، وعلى ضمان حق مواطني كردستان العراق في فيدرالية سياسية جغرافية وعلى أن جرائم التعريب في كردستان، في كركوك بالتحديد، التي ارتكبها نظام البعث المقبور لا تسقط بالتقادم الزمني.
    من جديد الدستور الدائم يتمتع بسمو واعلوية على جميع القوانين الاخرى في المجتمع لأنه اعلى وثيقة في الدولة تؤطر سلطاتها وتحدد اختصاصاتها وتضمن عدم المساس بحقوق المواطنة الامر الذي يلزم التعديلات الدستورية التأكيد على فصل الدين عن الدولة واحترام التعددية السياسية والدينية والقومية والمذهبية والفكرية...،واستقلالية القضاء، وضمان حرية الصحافة،ووضع الثروات الوطنية  كالنفط والكهرباء خارج حدود مخاطر الخصخصة.... الدستور الدائم هو ظهير الشعب العراقي وليس آلية لتفكيك المشروع الوطني الديمقراطي واشاعة الثقافات البالية .. قومية كانت ام طائفية !.

   

202



المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي... دلالات و دروس وعبر

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    انجز أقدم حزب سياسي وطني عراقي ما زال يعمل في الساحة السياسية العراقية عقد مؤتمره الثامن اواسط ايار 2007 بنجاح وسط اجواء من الشفافية والعلنية ... وهو اول مؤتمر للحزب الشيوعي العراقي بعد انهيار الدكتاتورية التاسع من نيسان 2003 واول مؤتمر لحزب شيوعي في المنطقة بلاده لازالت منتقصة السيادة وتجوبها القوات متعددة الجنسية طولا وعرضا !...ان انعقاد المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي لهو انجاز كبير بحق في هذا السفر التاريخي النضالي الطويل المعمد بالمآثر والتضحيات الجسام منذ بواكير ظهور الحلقات الماركسية اوائل القرن العشرين والتأسيس الفعلي للحزب 31 آذار 1934 وانعقاد مؤتمره الوطني الاول عام 1945 وانتخاب الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف (فهد) سكرتيرا اولا له وحتى يومنا هذا . لقد امتلك الحزب الشيوعي العراقي من الرصيد النضالي العنيد والمكافح في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد ما لم يمتلكه اي حزب سياسي آخر ، ولم يعن التجديد في كيان الحزب وآيديولوجيته وبرامجه باي حال من الاحوال التخلي عن بوصلته الفكرية الاشتراكية ونهجها البحثي العلمي .. ويرفدنا المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي بدروس غنية في مقدمتها :
•   امتلاك الحزب الشيوعي العراقي  التاريخ الناصع والصمود الجليل رغم تخرصات المسيئين والحملات الاعلامية والصحفية والخطب الجنجلوتية التي تصب في خانة الفكر الرجعي الراهن الذي تشيع هرطقته عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين ، وتلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  ....الحزب الشيوعي العراقي - فصيل سياسي تقدمي ، حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي .. وامتلك هذا الحزب الطبقي الجسور الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي الراهن في العراق ليشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية ... ، صوته مسموع وتاريخه مشرف. وليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة ... احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس.ماذا نفسر هذا الكم الجيبي ( من التموج الجيبي الصاعد النازل ) العجيب من المقالات التي تهاجمهم بين الحين والاخرى بحجج واهية كالاشارة الى ان المجتمع العراقي محافظ ومتدين والشيوعية لا تصلح في العراق وان الشيوعية انتهت باعدام الرفيق الخالد فهد .. وانتهت بانقلاب شباط الاسود 1963 ... وبضربة معلم من البعث العراقي عام 1979 .. ثم انتهت مرة أخرى بضربة اسطة بنهاية الاتحاد السوفياتي .. والحزب الشيوعي فشل في الانتخابات وبضربة عطار، ولم يحقق شئ يذكر ...  لماذا القلق اذن ولماذا هذا الهجوم المتواصل على الشيوعيين العراقيين الذي وصلت مدياته الى حرق المقرات واغتيال أعضائه ومحاربة ناشطيه؟ هنيئا لحزب لا تعكر مؤتمراته الوطنية واعياده مقالات الحاقدين ! سيبقى الحزب الشيوعي العراقي أمينا  لمبادئه الجليلة وهو على الطريق نفسه ولن تزحزحه قيد أنملة كل نفايات العالم الرأسمالي والرجعي والشوفيني العنصري والطائفي التشويهية وكل التخرصات  اللاأخلاقية التي تبث بأساليب وكأنها حضارية .. ناموا رفاقنا الابطال وضاح حسن عبد الامير ورفيقيك الشهيدين ،وابو فرات،وابو حازم، وابو محمد،وابو حارث،وابو زينب وابو ثابت  ... ناموا مطمأني ومرتاحي البال ... الشيوعية اقوى من الأرهاب والتكفير والطائفية والولاءات الرجعية والموت واعلى من اعواد المشانق .
•   همة العمل المتفاني بكل اخلاص وصدق على توحيد صفوف الحركتين الوطنية والديمقراطية في مسعى بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي التداولي الموحد باعتماد الحوار المتوازن الهادف البناء والاحترام المتبادل والابتعاد عن تأثيرات وضغوطات القوى الاقليمية . لازال الحزب يرى ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة ، وهي ليست نتاج رغبة بل حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد ،وهي لا ينبغي ان تشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان تعززه ، ولا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. 
•   مواصلة العمل الجاد لبناء القوات المسلحة العراقية وشد أزرها باحياء التقاليد الثورية والارتباط المصيري  بحركة الشعب الوطنية التحررية! .. وبناء المؤسساتية العسكرية الوطنية الكفوءة المخلصة لحماية القانون وحقوق الانسان ومحاربة الارهاب والدفاع عن السيادة الوطنية والاستقلال الوطني الناجز....اي اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لإنهاء الاحتلال والوجود العسكري الأجنبي  واستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية كاملة، الجدولة الزمنية  لانسحاب القوات الأجنبية ،استعادة السيطرة الكاملة على موارد البلاد والتحكم  بطريق استخدامها وفقا لحاجة البلاد وأولياتها وصولا إلى استعادة السيادة الوطنية الكاملة،مناهضة اية اتفاقيات عسكرية وامنية او معاهدات او احلاف تسهم في ابقاء القواعد العسكرية الاجنبية في بلادنا ،العمل على التخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة.
•   العهد الثابت في التصدي للارهاب والتخريب بكل اصنافهما العاملة على الارض والفكرية .. والتأكيد على مخاطر ارهاب الاصوليات التكفيرية والطائفية السياسية . ان الارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر لكن الارهاب ايضا" هو كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"  والأضرار بالمصلحة العامة . تستمد قوى الارهاب مصادر سطوتها من الصدامية والطائفية السياسية والاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم ! ان الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية  مدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط المسلمين، وانما استندت الى اعتقاد متعصب غير قابل للاعتدال او العلاج ويجب مقاومته. في هذا الاطار تندرج ضرورة اعادة النظر في قانون اجتثاث البعث  واهمية الاحتكام الى القضاء .
•   التوافق على التعديلات الدستورية لتحقيق الاتفراجات السياسية المطلوبة.
•   التعبير عن التماس المباشر مع معاناة الشعب العراقي المعاشية الملحة  جراء تدهور الخدمات العامة  واستفحال البطالة والغلاء والتضخم وتوقف عجلة الاقتصاد، والتأكيد على ان طروحات غلاة الليبرالية ووصفات الثالوث العولمياتي الرأسمالي بالخصخصة لن تمر وارادة الشعب العراقي ستنتصر !
•   الاصرار على بناء دولة المؤسسات والقانون ودعم القضاء النزيه المستقل وتحريم تجاوز الشرعية القانونية والتلاعب الكيفي بمصائر البلاد ، وتفعيل مؤسسات الشرعية ودورها التشريعي والرقابي والمؤسساتية المدنية ونبذ المحاصصات الطائفية والقومية واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة والمهنية في بناء مؤسسات الدولة ، والتأكيد على احترام حقوق الانسان.
•   السير قدما في فضح مظاهر الفساد المركب الذي ابتلت به الدولة الفتية والمجتمع معا .
     الشيوعيون العراقيون ... تاريخ مشرف وتحديات قديمة – جديدة! الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي للطائفية السياسية!. الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة التخرصات الرجعية والارهاب في العراق.لنعزز صفوف الحزب ونعمل على توحيد قوى الشعب الوطنية لاحلال الامن والاستقرار واستكمال السيادة الوطنية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي التعددي التداولي الموحد!.

203

تعدد السلطات المتنفذة و القيم دون الوطنية
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

     تتعمد الانظمة الشمولية والسياسات الاستعمارية ارساء العلاقات شبه الرأسمالية والرأسمالية مع الحفاظ على قيم المجتمع الاهلي (الولاءات دون الوطنية والوشائج الاصطفائية).. وبالاخص القيم العشائرية والطائفية..وتضمينها المحتوى الجديد لصالح ترسيخ انظمتها . وتحت راية التضامن العشائري والمظلومية الطائفية تعزز الاقطاب الاصطفائية سيطرتها الاقتصادية على مجاميعها محولة اياهم الى قطعان ترعاها ، ولتستثمر التقاليد العشائرية والطائفية في الاحتقانات الاهلية لمواجهة التضامنات الطبقية الامر الذي تسبب في زج العمال والفلاحين وسائر الكادحين في معارك لا مصلحة لهم فيها !. تسهم الوشائج الاصطفائية في استفحال الفساد ومظاهر الارتشاء والوساطة الى جانب تأثير البيروقراطية الادارية عبر الروتين العقيم والسلوك المتعالي للموظفين وتعقيد الاجراءات.
    خلقت الرأسمالية التجارية والطفيلية في عراق ما بعد التاسع من نيسان البنى الاقتصادية – الاجتماعية الهجينية سليلة بنى العهد الصدامي و المغلفة بعباءات الولاء دون الوطني لتحفز بعض عناصر التطور الرأسمالي المشوه وفي الحدود الضيقة بما يخدم مصالحها فحسب... وتمخضت سياسات الاحتلال الاميركي حتى يومنا هذا عن احياء كمون الولاءات دون الوطنية ، دون تقديم اية بدائل رأسمالية متقدمة .. بل تكريس الوشائج الاصطفائية والعلاقات الاقتصادية المتخلفة التابعة لها...(طفيلية- كومبرادورية...) وتحت يافطات وشعارات ديمقراطية براقة – مجلس وطني منتخب ودستور دائم وحكومة مصالحة وطنية.. الخ لينتشر الفساد المتعدد الاوجه ، ولتتوسع قسوة الارهاب والطبيعة والآفات ، ويزداد تآمر كبار الملاك ورجال الدين على حقوق ومصالح العمال والفلاحين وخريجي الجامعات والكفاءات العلمية والثقافية ، وليقف الكادحون وجها لوجه امام الحياة في كفاحها اليومي المرير في سبيل البقاء والوطن الحر والشعب السعيد وسط صراع طبقي حامي الوطيس .
    تعاضد الولاءات دون الوطنية الملاك والاقطاعيين الجدد وفحول الرأسمالية الطفيلية والكومبرادورية بالضد من متطلبات التقدم الاجتماعي وحاجات العلم ناشرة الخرافات معمقة الشعوذة والانقسام الطبقي .وتكبر الولاءات دون الوطنية في ابناءها اعمال الفوضى لأنعدام الضوابط القانونية والدينية ، ولتغرس في نفوسهم الولاء المطلق ، وليتحول ازهاق النفوس لأتفه الاسباب مفخرة لها ونصر لا يدانى . هكذا تتعدد السلطات المتنفذة مع القيم دون الوطنية.
   يقوم التأسيس الاصطفائي على اسس تصون افراده بطرق قانونية وغير قانونية لتعيد انتاج العلاقات شبه الاقطاعية والرأسمالية مع بقاء المقومات التالية التي تعرقل قوة مساومة ومناورة الكادحين لأنتزاع حقوقهم المشروعة :
•   التفاوت الشنيع بين الثروات العريضة للشيوخ والاغوات وكبار رجال الدين والائمة وآيات الله وبين فقر الفلاحين و عامة الكادحين المدقع.
•   ارتفاع ارصدة رجال الدين الاكثر تطرفا مع مرور الوقت وامتلاك اكثر العناصر الدينية المسلحة تشددا والتي تتبنى الخطاب الطائفي الموتور في لعب شد الحبل والتنافس حول الاصول المالية المحلية ذات العلاقة بالعقارات والنفط .
•   ازدواجية النخب السياسية الفاعلة بين الادانة الروتينية للطائفية السياسية والخطب الانشائية الفضفاضة الغامضة (محاولات الحفاظ على القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير )  وبين انتزاع اكبر المكاسب من التفاعلات والمعادلات الجارية على الارض .
•   الاعتراف المبطن للاحتلال الاميركي وحكومات ما بعد التاسع من نيسان بالولاءات دون الوطنية عبر الدستور الدائم وسلسلة من القوانين الوضعية.
•   العقليات التبريرية السائدة وعصبيات التعلق بالطائفية والعشائرية وامجادهما واستغلال الكادحين.
•   الجهود غير المشروعة التي تبذلها الطائفية السياسية للحيلولة دون نهوض المجتمع المدني وبالمراسيم سيئة الصيت المعروفة.
•   الجهود غير المشروعة التي تبذلها الطائفية السياسية للحيلولة دون تطوير العمال والفلاحين وتثقيفهم ، والعمل على عزلهم عن كل ما يمكن ان يبعث امكانيات الانطلاق من عقال الاقطاع والعمامة الطائفية .
•   محاولات الخصخصة والعودة بالعراق القهقرى واهمال قوانين الاصلاح الزراعي وتشريعات الحقوق النقابية العمالية .
•   بقاء الفراغ الامني والاداري والسياسي لم تستطع اربعة سنوات كاملة من اعادة الاعمار التغلب عليه.. وتم ملء الفراغ الامني بالميليشيات وشركات المقاولات الامنية الخاصة والمافيات الاجرامية . 
   يكرس عجز الجمعية الوطنية ومجلس النواب عن الايفاء بواجباتهما النيابية البرلمانية الاساسية  لجوء الناس الى الولاءات العصبوية المتخلفة غير الاصولية بسبب عدم حصول الشعب على حقوقه ( ان استراتيجيات النجاة قصيرة المدى حلت محل اجندات اعادة البناء بعيدة المدى)... اما المزج بين هذه الولاءات دون الوطنية وبين احدث النظريات في سيادة الدولة فهو تقليعة قذرة ودرس جديد في ديمقراطية الطائفية السياسية تسود بلادنا اليوم ليجر قطع الخدمات الاساسية تعمدا والتهجير القسري والارهاب اجراءا عقابيا واسلوبا في فهم واجبات الدولة وتوجيهها للأغراض الهدامة .
     لقد لحق بالفعل عسفا كبيرا بمكانة الطائفة الديني والعشيرة الاجتماعي بفعل الامعان في توظيف هذه العوامل الاهلية في الاضطرابات الامنية ودور بعض التنظيمات الطائفية والعشائرية ورموزها المتنفذة في تكريس السطوة الشمولية والدكتاتورية واذلال الشعب . وتحولت الطوطمية الى اجلال لأقطاب الطائفية السياسية والولاءات الاصطفائية وتقديس لها ، وتحول التابو الى كل ما يتعلق بالتحريم ، والمحرمات الى توكيد لعدم جواز المساس بشخصية الشيخ – الاغا – الملا – السيد – آية الله ...واملاكهم واقوالهم. ومارست الولاءات الاصطفائية ديمقراطيتها فطريا عبر الدواوين والروضات والحوزات والجوامع لتداول كل ما يهمها ويخص افرادها وحل مشكلاتها ... لكنها بقت ولاءات عصبوية ذات نفس دكتاتوري مطلق لتوارث المناصب وقمع الحريات وقتل الديمقراطية المدنية البرلمانية في المهد.
   يولد الجهل والامية والاضطرابات الامنية والانعزالية التربة الخصبة لترعرع تقاليد الوشائج الاصطفائية في ذاكرة الناس وعقولهم . عادت الانتماءات الاولية بالظهور في اسواق الولاء السياسي الرئيسية لتحل محل اي احساس بالانتماء الوطني او المصلحة الوطنية. والقوى السياسية لحركة شعبنا الوطنية ليست مجرد جمع جبري هندسي اداري ائتلافي توافقي تعشيقي بل هي بالاساس ضد تنظيمات الطائفية السياسية ومؤسسات الولاءات دون الوطنية المغروسة في سايكولوجية المواطن، وضد الاقطاع الطائفي السياسي داخل الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة والمحاصصة وفق الولاءات الاصطفائية ونهب خزائن الدولة وهبات اعادة الاعمار لتمويل الميليشيات وملء الجيوب . ان تجريد العراقيين من الاطر الاصطفائية المتعصبة مهمة دقيقة وشاقة فهذه النزعات ذات مضار .. وينبغي التأكيد على مضارها بتدرج وصبر طويل . ومادامت الديانات السماوية نفسها لم تتمكن من انجاز مهمة دحر الطائفية والعشائرية فلابد من وعي هذه الولاءات الضارة مجددا ووضع اسس طويلة الامد لرفعها الى درجات الانتماء الوطني .. الدين لله والوطن للجميع .. وذلك بحد ذاته نضال مرير لأن الذي يكتسب المناعة لعدة قرون ليس من الهين الغاؤه في بضع سنوات . من هنا تتأتى النظرة الموضوعية .

204

طائفية " من اين لك هذا ؟!" السياسية

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    تعيش الطائفية السياسية في عراقنا ازمة تناقض محاولات الحفاظ على القوة الانشائية في التعبير والنصية في التفسير وتكوين الوعي التبريري الزائف وبين الواقع الموضوعي المتغير سريعا والذي يصعب اللحاق به واخضاعه ! وتجسد هذه الطائفية السياسية محاولات استحواذ البورجوازية البيروقراطية والطفيلية على مشاريع التنمية والاعمار والخدمات بالخصخصة ، وبعقلية المافيا واسناد الميليشيات وعفونة بقايا الروتين الصدامي لتستغل مواقعها في السلطة لعقد الصفقات والعقود المريبة الكبرى والمقاولات والتهريب والسوق السوداء والخدمات الاستشارية والغش والاختلاس والتواطؤات واساليب الخداع مع الجميع وعلى الجميع ، وتوكيلات الشركات الاجنبية لتشيع الرشاوي والاعطيات والمكرمات ، ولتضع يدها على الملايين والمليارات .. ارصدة شخصية في البنوك الاجنبية .. ولتسعى الى اغراق المجتمع في حمى ( حمأة ) اخلاقياتها الاستهلاكية بعد بناء قصورها الفارهة لتعيش فيها حياة الترف والبطر في ذروة الكساد والركود والتضخم الاقتصادي والفقر العام والفساد ! . ولتخسر الدولة بذلك لا الاموال التي لا حصر لها بل والسمعة والاهلية !. وازمة الطائفية السياسية اليوم امتداد لأزمات الدكتاتورية الصدامية البائدة ومحاولة دفع التاريخ لأعادة انتاج نفسه مرة أخرى بثوب بائس مهلهل جديد .
الشمس تغيب والدمار لا يغيب

   زعزع الفساد والافساد جبهة الشعب العراقي الداخلية  لأنها مست امنه وامن الوطن وسيادته وقدراته الدفاعية ازاء الاختراقات والمؤامرات الخارجية والتدخلات الاجنبية والاحتلال الاميركي ! وعكست هذه المظاهر السرطانية الخلل الديمقراطي الصارخ اي الافتقار الى المناخ الديمقراطي السليم المتمثل بالمحاصصات الطائفية والقومية ، ونهوض الفكر الرجعي ، والتشوه الهائل في البنى الاجتماعية – الطبقية والنسيج الاجتماعي لتصعد النخب الاقلية باستغلال وشائجها الاصطفائية والولاءات دون الوطنية ويجري دفع الشعب الى القاع الاجتماعي ، وليتعمق التفاوت الاجتماعي الصارخ بقوة وسلطان وجبروت وجاه المال والسلاح وشبكة العلاقات التي يتحكم فيها اللص الكبير بالحرامي الصغير !. ومواصلة آلية انتاج الفساد هي انعكاس لسوء توزيع الثروة القومية توزيعا عادلا وبقاء تطبيق القرارات اسير البرقرطة قابعة في ادراج المكاتب .. ولينطبق حديث المؤرخ اليوناني هنا " كلما زادت الدولة فسادا .. زادت قوانينها غير المطبقة !".
لا يصدقون ، واين الصدق من ملأ
طغوا بما نعموا فيه ، وقد فسقوا
وهم رؤوس بسخف الرأي قد ملئت
ساموا الذرى ، خسف ما عاثوا وما نطقوا

    شجع فساد دولة المحاصصات الطائفية على التباطؤ في اتخاذ اجراءات الاصلاح الاداري والمالي وازدهار الفعاليات التهريجية الميكافيلية واللطميات الدينية والبكائيات ! لتنعم اساطين ورموز الفساد في جهاز الدولة والمجتمع المدني بالبحبوحة دون حسيب او رقيب .. لتعم المحاصصة الطائفية والقومية حتى محاولات تقديم هذه الكوارث البشرية الى القضاء النزيه العلني العادل دون رحمة !  .. وليجري اسناد المشاريع التنموية والمناصب الحكومية الى الجهلة والاميين وبقايا شرذمة البرقرطة البعثية ممن لا يتمتعوا بالكفاءة والمواقف الحازمة العقلانية .. ولتستغل مقولات " الرجل المناسب في المكان المناسب " و" من اين لك هذا ؟!" لأغراض التنفيس الاستهلاكي ليس الا..
   سببت مظاهر التردد وعدم الحزم واللجوء الى الفكر الغيبي والميل الى التسويات واساليب الاغراء والافساد ، لا افساد الافراد فحسب بل الاحزاب وقادة البورجوازية الصاعدة  ، لأخراجها من ميادين الكفاح الحقيقية.وباتت بلادنا اليوم اقرب الى جبهة نزال ملتهبة تتقاطع فيها وتتصادم المصالح والاستراتيجيات الاقليمية والدولية وتتشابك مع عناصر الصراع الداخلي التي تدفع عموم الاوضاع باتجاهات بعيدة عن مصالح الشعب وتطلعاته في الامن والاستقرار واستعادة السيادة الوطنية الكاملة وبناء الدولة الديمقراطية الحقة على اسس تبتعد عن التحاصص الطائفي .

205
وهم استعادة حكام تركيا المجد المفقود

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    سعت الحكومة التركية على إرسال الرسائل تلو الاخرى الى حكومة اقليم كردستان بعد التاسع من نيسان والتي لا يمكن تفسيرها إلا باستعراض القوة والعنجهية والعدائية في العلاقات بين تركيا وجيرانها.. قبل ذلك منح صدام حسين القادة الاتراك حق اجتياح الاراضي العراقية متى واين شاءوا طيلة حكمه الدكتاتوري بحجة ملاحقة متمردي اكراد كردستان الشمالية لتنتهك القوات التركية العمق العراقي متى ما اقتضت مصلحتها الأمنية..!. لقد اتخذت الولايات المتحدة من قواعدها العسكرية في تركيا وبالأخص ( انجرليك ) مراكز انطلاق لحماية الملاذ الأمن في شمال العراق والدوريات الجوية فوق العراق قبل احتلاله بالكامل الى جانب استغلالها السماء التركية وأجوائها لتحليق الطائرات الاميركية في أي وقت ودون استئذان مسبق!.كانت ولاتزال العلمنة على الطريقة التركية أي تحت حكم العسكر دستوريا وعلى الطريقة الصدامية اي بالانظمة الشمولية  السياسات التي أجلست وتجلس الفلاسفة الجدد على نفس الخازوق العلماني العبري القديم!.
   شئ من التاريخ الكردستاني
     استغلت السلطات العثمانية والتركية والفارسية مستوى الخلق الشخصي العالي والشجاعة والجسارة والميول العسكرية لدى الكرد لخدمة مآربها في العسكرة والمغامرة والعدوان ! وظل الكرد عصاة عن السلطات المركزية رغم توافق مصالح الاغوات معها احيانا في الحفاظ على التشتت القبلي ! . وساعدت الطوبوغرافيا الكردستانية الوعرة الطبيعة القبلية والتباين في اللهجات رغم صغر مساحة كردستان والتشتت الاجتماعي الكردي وضعف التماسك القومي . كما  تسترت الديمقراطية الحربية والانماط المتخلفة للبنيان البطريركي – الابوي على التمايز الطبقي عند الكرد.
    احتوى السلطان عبد الحميد السجايا الكردية بخدعة انشاء خيالة (الحميدية ) عام 1891 تحت قيادة زعماء القبائل ، ومنح كل الذين دخلوا هذا الجيش الامتيازات فاعفاهم من الجنح والاتاوات ومن احكام صدرت بحقهم جراء قيامهم باعمال النهب والاغتصاب في ارمينيا الغربية .. يذكر ان القضية الارمنية قد اكتسبت في السنوات الاخيرة من القرن التاسع عشر الاهمية المتزايدة في حياة شرق الدولة العثمانية ، وساعدت على تحول القضية الكردية الى قضية دولية ! .
    تحول الاغوات الكرد من قطاع طرق ومشعوذين ( هكذا كانوا ينعتون ) الى متبخترين بالرتب والاوسمة رغم انف ضباط الجيش النظامي ، واستخدمت الحميدية لأخماد حركة التحرر الارمنية واضعاف حركة التحرر الكردستانية . وادخل السلطان التركي ابناء الاسر البدرخانية والبابانية الى المدارس كي يجري تسخيرهم لخدمة الاجهزة البيروقراطية العسكرية لسلطاته .. الا ان انتشار الافكار القومية الكردية ومبدأ " كردستان حرة " المناهضة للسلطات الاستبدادية جعل هؤلاء يختاروا سبيل النضال التحرري بعد ان تلقوا تعليمهم .
    مثلت الحركة القومية للشعوب الواقعة تحت النير التركي قوة عظيمة القرن التاسع عشر ، ودافعت المنظمات البورجوازية القومية للارمن واليونان والبلغار والالبان والعرب والكرد عن المصالح القومية لشعوب الامبراطورية التركية ! . واتخذت الانتفاضات الكردية بادئ ذي بدء الطابع الديني المتصوف قبل التأثر بثورتي (1905- 1907) و ( اكتوبر 1917) الروسيتين واللتين اثرتا على انتعاش الحركة الثورية في تركيا والنهوض القومي لشعوب الامبراطورية العثمانية .
    لقد ترسخت ديمومة المشاعر الدينية وتقاليدها مع سياسات الاضطهاد الشوفيني للكرد في الحقب التاريخية الماضية والسياسات الاستعمارية وبطء وتيرة تشكل المجتمع المدني في الشرق . وبقت الاشكال القروسطية من الاحتجاجات راسخة في الوعي الاجتماعي حتى عقود متأخرة من القرن العشرين . وكانت اللاأخلاقية الاستعمارية العامل الاساسي في تكريس اشكاليات الواقع الكردي المعاصر والطبيعة العشائرية السائدة والنظرة القدرية وحالات الاستسلام للمصير مع انتشار الفقر وانعدام الفرص والاهمال.... في هذه الفترة شهد العراق تركيزا مميزا للنخب التركية التي هيمنت على النشاط الاقتصادي من اراضي وتجارة بعد تنامي سلالة (الكوله مند) اي المماليك الذين تم استقدامهم لدعم القوات العثمانية في بلدان الشرق ومنها العراق... مما جعل منها طبقة معزولة تتعامل مع عامة الشعب العراقي كأنه كم مهمل وبمنتهى الاحتقار والبغض والكراهية .
     مع الحركة المشروطية والانقلاب العثماني عام 1908 كشف الاتحاديون نسبة الى "جمعية الاتحاد والترقي"وفروعها في بلدان الشرق عن وجوههم الحقيقية من مغازلة التجربة والارادة الاوربية الى النزعة الطورانية لينفرط حبل المودة السياسي بين الغرب والاتراك.وتعرضت الجمعيات الكردية الى الغلق تباعا تحت الضغط الاتاتوركي ، كما تعرضت الانتفاضات الكردية الى القمع الوحشي وجرى اعدام قادتها وتهجير ملايين كردية الى الاناضول غرب الامبراطورية بعد تدمير قراهم بالجملة، وتعرض مثقفوا الكرد في تركيا الى الملاحقات والتصفية والاغتيالات.
    اصبح الكرد اكثر مرونة من قبل مع تغلغل العلاقات التجارية المالية وشبه الرأسمالية والرأسمالية الى كردستان لتبقى مقولة الشقاوة الكردية بالية لأنها خدمت وتخدم رجعية كردستان.ولم تتبلور القضية القومية الكردية في كردستان تركيا كما تبلورت في كردستان العراق رغم تعداد الكرد المضاعف في الاولى ! وتدخلت دكتاتورية البعث كما تدخل الانكليز والعثمانيون – الاتراك والفرس من قبل للاستفادة من الصراعات الاجتماعية على الارض ... كل ذلك لم يقلل من مشروعية القضية القومية الكردية !.
   ظهر حزب العمال الكردستاني بعد الإنقلاب العسكري التركي عام 1980 الذي القى بعشرة آلاف ناشط  كردي في غياهب السجون وهٌجر مئات الآلاف الى خارج البلاد.وقرر قادة الحزب الذين اعتقلوا في سجن دياربكر اضرام النار في اجسادهم في يوم عيد النوروز الكردي، وبذلك فقد استشهد القادة التاريخيون للحزب وهم كل من مظلوم دوغان وخيري درموش وكمال بير وعاكف يلماز. استطاع الزعيم الكردي عبدالله اوجلان اعادة ترتيب صفوف الثورة وشن الكفاح المسلح في 15 آب 1984 ضد الدولة التركية للمطالبة بحقوق الكرد. وجرى اختطاف اوجلان في كينيا عام 1999 بمساعدة اسرائيل والولايات المتحدة وتسليمه للدولة التركية.
    كان الجيش التركي وعلى طول خمسة وعشرين عاماً يقتل كل من يفكر بالتفاوض مع اوجلان وثورته. كما سقطت حوامة الجنرال اشرف بتليس احد كبار قادة الجيش التركي الذين نادوا بالحل السياسي للقضية الكردية. وزجت تركيا الآلاف في السجون لمجرد الظن في تعاطفهم مع حزب العمال الكردستاني وقتلت ثلاثين الف مدني كردي ودمرت اكثر من 4000 قرية وهجرت مليوني شخص من مناطقهم، كما سجنت كل من النواب الكرد ليلى زانا واورهان دوغان وخطيب دجلة وسليم ساداك لعشرة اعوام عقوبة لهم على ذكرهم لكلمة الكرد في البرلمان التركي.
   الطورانية
     الطورانية دعوة عنصرية رجعية توسعية لضم البلدان التي تتكلم شعوبها مجموعة اللغات التركية واتباع سياسة تتريك الشعوب غير التركية . وهي السياسة الاستعمارية التركية الرامية الى استبقاء كردستان كاملة ضمن الجغرافية التركية والاحتفاظ بها جزء لا يتجزأ من الأناضول وتبديل اسمها الى الأناضول الشرقي او شرق الاناضول وتبديل اسم كرد تركيا الى اتراك الجبال . ومضمون الطورانية السعي بالقوة الى تحطيم التحركات الثورية وتفتيت القوى الشعبية بالبطش والتنكيل والوعود والعهود الكاذبة ، وبتحريض ابناء الشعوب بعضهم ضد البعض الآخر . وقد وردت كلمة توران في الكتب القديمة ومنها الشاهنامة ، وعنت في حينها البلدان الواقعة خارج الامبراطورية الفارسية والتي تتكلم شعوبها المجموعة السالفة الذكر ، ثم أخذت الطابع السياسي مع نمو الحركة القومية التركية لتعبر عن الدكتاتورية السافرة للرأسمال المالي التركي الأكثر رجعية و شوفينية و امبريالية . ولا ينبغي الخلط بين الطورانية وتطلعات التركمان في نيل الحقوق الثقافية و القومية المشروعة ( يعبر كتاب " تاريخ المستقبل " لمؤلفه " جلال نوري " عن جوهر الطورانية)  .
   ان الطورانيين تحكم خطواتهم ومخططهم وهم استعادة مجد مفقود وجاه زائل وخدمة حكام انقرة واحذية  جندرمتها ... والطورانية حركة شوفينية عنصرية تعتبر الذراع التركي للتدخل الاقليمي في الشؤون الداخلية للبلدان المجاورة كالعراق . والطورانية نموذج صارخ للثقافات المعادية والنزعات الضيقة المتزمتة والمتعصبة والمنغلقة على نفسها والتي ترفض التسامح والتغيير وروح العصر.
     يتمتع التركمان في كردستان الجنوبية ، ولا سيما في مدينة كركوك الكردستانية  بكافة حقوقهم ، والدراسة بلغتهم التركمانية ، ولهم مؤسسات وإذاعات وقنوات تلفاز ومنظمات سياسية ومهنية . وميزت الحركة الوطنية في العراق بين التركمان كقومية وبين الأحزاب والتنظيمات السياسية.. وناضلت في سبيل حق الشعب التركماني التمتع بحقوقه القومية والثقافية والإدارية وتطوير الديمقراطية وحماية حقوق الأنسان وتكريس حكم القانون واقامة العراق الفيدرالي البرلماني التعددي التداولي، ومقاومة سياسات جعل الحقوق القومية منفذا للتدخلات الإقليمية او الدخول في لوحة الصراعات الإقليمية. ومع ذلك  تعرض ويتعرض الشعب الكردي الى الدعايات المغرضة من قبل بعض القوى التركمانية المرتبطة بالنظام التركي الإستبدادي الذي لا يعترف بوجود أية قومية في تركيا بما فيها كردستان الشمالية التي تحكمها العلاقات الإستعمارية تحت ظلال أسم الديمقراطية الفارغة من الممارسة الديمقراطية ، سوى شكلها وصورتها ...... لا يمكن تسمية دولة بالديمقراطية دون الإعتراف بالأسس الأساسية للديمقراطية وهي الإعتراف بحق الشعوب في الحرية ، والإعتراف بحقوق الإنسان بعيدا عن الطورانية والقومية الشوفينية والتفريس والتتريك والتعريب .
      القضية التركمانية في العراق ذات طابع مستقل لأنها انسانية الطابع وجزء من القضية الوطنية العراقية والرغبة في بناء وطن حر تسوده العدالة ويعمه الاستقرار ، وليس لأي طرف حق الوصاية على القضية التركمانية او التصرف بها او تحديد اطارها الحقوقي سوى حكومة العراق التعددي الفيدرالي البرلماني .
   القلق التركي المستمر
       ان جل القلق التركي المتعاظم اليوم هو في :
•   النهوض الديمقراطي وانتعاش حركات الاصلاح الديمقراطي وحقوق الانسان والمجتمع المدني والطبقة العاملة داخل تركيا نفسها الامر الذي يضغط كثيرا على القيادت التركية وينذر بمزيد من الازمات السياسية المتتابعة وتعدد سيناريوهات مرحلة ما بعد بولند اجويد! ..... لكن نظام القسر وإخضاع المجتمع والدولة لخياراته أدى ويؤدي الى تشابك العوامل السياسية والاقتصادية وتراتباتها وبقاء تركيا في قبضة المؤسسة العسكرية وانتعاش الاستقطابات الإسلامية والعلمانية والطائفية والقومية والاجتماعية، والاستقطاب بين التقدم الاجتماعي والنزوع الأوربي والنزوع الطوراني... لقد بقيت تركيا مدنية بالظاهر عسكرية بالجوهر. ويتدخل الجيش عندما يحس ان دوره في خطر وعند المنعطفات، والضوء الأخضر الاميركي والغربي! لقد استثمر الجيش القضية الكردية لإحكام قبضته على الأوضاع السياسية في البلاد وفرض مواقفه على المؤسسة السياسية اكثر من مرة. تركيا الدولة الخامسة في العالم في شراء الأسلحة والدولة الثانية بعد إسرائيل في التزود بالمعدات العسكرية الاميركية.. وتبلغ الاغتيالات السياسية فيها ارقاما مرتفعة . لقد امر وزير الدولة التركي لحقوق الإنسان قبل اعوام قلائل بقصف القرى والبساتين في جنوب شرق تركيا بالطائرات والمدفعية مما أدى الى هجرة حوالي مليون كردي الى محافظة ديار بكر.. لكن الرئيس الامريكي الأسبق ( بيل كلينتون) امتنع عن الاستجابة لمطالب جمعيات حقوق الإنسان بتعليق بيع الأسلحة الاميركية الى تركيا والتي تقوم بتوجيه 80% منها الى صدور الأكراد!.
•   حالة الاستقرار الامني النسبي في كردستان العراق وتنامي التجربة الديمقراطية فيها لحصول الكرد على حقوقهم الإنسانية والقومية بصيغة الفيدرالية ونجاحهم المعزز بالاستقرار والسلم وبالمسيرة الديمقراطية . تركزت مطالب الشعب الكردي في كردستان العراق في إقامة العراق الديمقراطي الدستوري الفيدرالي الموحد وضمان الحقوق القومية للتركمان والكلدو- آشوريين والقوميات الأخرى.. وهذا بحد ذاته قد سحب البساط من تحت أقدام العسكريتاريا التركية!.
•   مقترحات القيادات الكردية في تركيا بشأن الحل السلمي الديموقراطي العادل لحقوق الكرد القومية والإنسانية وازدياد التضامن الأممي الدولي وقطاعات واسعة من أبناء الشعب التركي مع هذه الحقوق العادلة تسحب البساط هي الاخرى من تحت مزاعم القيادة التركية التي تحاول مزيدا من التعنت والإفلات من الضغوط العالمية و الإقليمية...
•   تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق والذين يتواجدون بطريقة قانونية حيث هم بضيافة بلاد حرة ذات سيادة تحميهم حيث أقاموا بضوابط مشروعة.. وهم لا يمارسون من الأرض العراقية أية فعاليات مسلحة كما المزاعم التي لم تعد تنطلي على أحد... 
•   توكيد الموقف التركماني على الهوية العراقية وعلى وحدة تصوراته ومعالجاته لجميع القضايا الوطنية العراقية والاتحادية التي تخص حقوقه الراسخة الثابتة التي تمَّ تدوينها بدقة ووضوح في الدستور العراقي ويجري تفعيلها على أرض الواقع الجديد عبر وحدة المسار الوطني وتنوعه وتعددية الطيف المحترمة في العراق الفيدرالي الديمقراطي الجديد.. هذا التوكيد الذي يبطل المطامع الطورانية للقيادات التركية !
•   خيبة الأمل التركية في اكتساب عضوية الاتحاد الأوربي وتحميل الغرب تركيا مسؤولية المذابح بحق الأرمن مطلع القرن الماضي محاولة الاستعاضة بالأوهام العثمانية الجديدة والطورانية وأساطير الأحقية التاريخية في هذه المدينة او تلك وتشويه مواقف الكرد القومية..
•   تخوف الحكومة التركية من تغير الموقف الاميركي الاستراتيجي من " مغازلة كرد العراق وغض النظر عن سحق كرد تركيا " الى  " مغازلة الكرد في العراق وتركيا وايران معأ " .
      لا تزال النافذة العراقية هي المفضلة لدى تركيا في سبيل حماية مصالحها وامتيازاتها الاقتصادية بعلاقتها المستمرة مع النظام العراقي البائد سابقا والحكومة العراقية الحالية في بغداد ، وترسيخ مفهوم الحزام الأمني في شمال العراق ،  وكسب المواقع المتجددة دوما في سياق النظام الدولي الأحادي القطب عبر حروب المياه والتحالف مع إسرائيل.

206



النفط العراقي اليوم .. خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء
الفيلسوف الألماني جورج هاغل: "تفيد تجارب ودروس التاريخ بأن الأمم والحكومات لم تتعلم أبداً أي شيء من التاريخ ولم تتصرف بناء على أي دروس استقتها منه".
"الشعب العراقي يجب أن يسأل فيما إذا كان التخلّي عن الإيرادات المستقبلية وتسليم السيادة على موارد العراق الطبيعية، يعتبران ثمناً عادلاً يريد دفعه."

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
•   المدخل الى الدراسة
•   خصخصة القطاع النفطي
•   الشركات الاحتكارية العملاقة
•   قوانين النفط والغاز الجديدة
•   العقلية التبريرية المريضة واعادة تجربة دكتاتورية البعث بنسخة مجددة ملطفة
•   التوصيات


القسم الاخير

•   التوصيات
     لازال أمن الخليج العربي هو التحدي الإستراتيجي للاقتصاد العالمي. وسوف يتزايد الاعتماد على نفط المنطقة في العقود المقبلة. ويتزامن تنامي الاحتياجات الآسيوية من نفط الخليج، مع الاحتلال الأميركي للعراق بمباركة الأمم المتحدة والتهديد الإسرائيلي المتواصل وزيادة انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، ومع ظهور حوض قزوين كمنطقة للتنافس الجيوسياسي على ممرات عبور الطاقة…وبالرغم من أن الولايات المتحدة هي حارسة نفط الخليج، فإن الوجود العسكري الأمريكي يبقى السبب في الفوضى السياسية في العالم العربي والإسلامي… "سلام كبة / النفط والطاقة الكهربائية في العراق".
    يبقى النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه وشم بالإهدار وسوء إدارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية الصدامية ومشاريع التنمية الكبرى ومشاريع الأبهة والتسلح والكوارث ، وضعت بلادنا في صدارة البلدان النامية مديونية وتضخما واشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية وأشتراطات الثالوث العولمياتي الرأسمالي (البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF  ، منظمة التجارة العالمية  WTO ) والضغوطات الدولية الأخرى ، ووجهت اقتصادياتها وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الأسعار والأجور والرواتب لاعادة إنتاج أوضاع التخلف والتبعية من خلال الاقتصاد الحر وخلقت عماء السوق ، وبعد ان فرط النظام العراقي في مقومات السيادة الوطنية وأصر على تجويع الشعب والمتاجرة بمحنته ريثما تقتضي المصالح الأمريكية رفع العقوبات الدولية ، يستمر إنزال العقاب بالشعب العراقي عبرالاحتلال الاميركي ومحاولات بيع العراق والعراقيين في سوق النخاسة.
    تتأرجح الشدة الطاقية في بلادنا صعودا ونزولا بنسب ملحوظة مع وفرة النفط  في الأسواق والريع النفطي واسعار وأزمات النفط ... وهي تعبر عادة عن كميتها من الإنتاج الوطني اللازمة لانتاج ما قيمته دولار واحد في الوقت الذي  يتناسب فيه الطلب على الطاقة مع صافي الدخل القومي ، الا ان التغييرات الحادة في الشدة الطاقية والكثافة الطاقية ( ميكاجول/ دولار) تؤثر بحدية على هذه المعادلة . والكثافة الطاقية في العراق اليوم مرتفعة بسبب النمو السكاني والنشاط الاقتصادي والتجاري  . اما معامل استهلاك الطاقة في العراق(وهو حصيلة تناسب معدلات النمو في استهلاك الطاقة ومعدلات عموم النمو الاقتصادي في فترة زمنية قصيرة) فهو أعلى من (1) وأحيانا (2) بسبب العجز الاقتصادي والاحتلال مما ترك ويترك الآثار الضارة على التنمية الاقتصادية وعملية الاعمار في الوقت الذي تتجه فيه مؤشرات التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثورة المعلوماتية في العالم نحو تحسين معدلات الاكتفاء الطاقي وتطوير أعمال استخراج النفط والغاز الطبيعي والتصفية الوقودية ومعالجة تحويل المصادر الوطنية للطاقة الى أشكال وقودية جديدة مفيدة وتطوير مصادر الوقود غير الناضب وتحسين ميزان المدفوعات والتبادل التجاري الخارجي للبلدان الوطنية. وارتفاع معامل الاستهلاك الطاقي في العراق جاء بحكم ازدياد الشدة الطاقية باضطراد ، بحكم تذبذب التغذية الكهرومائية ، وعطل وتدني مستويات الصيانة في كهرباء الشبكة العامة ، وتوسع انتشار التوليد الحراري الصغير والأهلي والتجاري بالكازاويل والديزل والبنزين ، والارتفاع في عدد المركبات ،  وتذبذب مستوى وحجم الغابات الاصطناعية والطبيعية وحقول الطاقة وصناعة الأخشاب ، والجفاف وتدني مستوى المسطحات المائية ، الأزمات الوقودية جراء أعمال التخريب والتهريب ، تزويد سلطات الاحتلال بالنفط العراقي بسعر تفضيلي ضمن الاتفاقيات السرية التي فرضت على الحكومة العراقية لضمان الامدادات النفطية العراقية للولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة ، تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات ، الشركات النفطية العراقية الوهمية خارج العراق التي تذلل  حصول الشركات الأحتكارية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات.. ، الفساد الاداري وغياب الرقابة الشعبية على الاعمال الحكومية و النشاط غير الحكومي !
    تمر بلادنا في ازمة بنيوية سماتها اشتداد اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط رغم أنه مورد ناضب وسلعة يتحقق بيعها في الأسواق العالمية وتخضع  لتقلباتها ولتأثير القوى المهيمنة عليها، انحسار مساهمة القطاعات الانتاجية الأخرى من خلال تراجع الإنتاج الزراعي و ركود القطاع الصناعي التحويلي المقرون  بتحول جلّ طاقات المشاريع الصناعية الكبرى في النظام السابق لأغراض التصنيع العسكري ولخدمة آلة الحرب على حساب إشباع الحاجات المدنية السلمية للمواطنين ، نمو قطاع واسع من أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بضوابط وتشريعات استوعب قسماً من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصادياً ، وتوجه  الاقتصاد العراقي نحو التحول الى اقتصاد خدماتي بكل ما يحمله ذلك من مساوئ على وجهة التطور اللاحقة . وفي ظل عدم تبلور استراتيجية تنموية واضحة، تنامى دور الراسمالية الجديدة - الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي مع الاستشراء المريع للفساد. "صالح ياسر / ندوة منظمات المجتمع المدني.. "
     تقضي الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية على التركيب وحيد الجانب للاقتصاد وتخلق البنى الارتكازية المتكاملة القادرة على تحقيق النمو الذاتي المتجانس والديناميكية اللازمة لفك التبعية الاقتصادية والتكنولوجية للغرب بانواعها المتجددة ، ولأتاحة امكانية التصرف بالفائض الاقتصادي ( الايرادات النفطية ) المتولد في القطاع النفطي .. وبالتالي تأهيل قدرات القطاع العام على اتخاذ القرارات الاقتصادية الفعالة والمؤثرة .وعليه لا تفهم استراتيجية صناعة النفط الوطنية بمجرد كونها منهاج استثماري يخضع لأولويات ومطالب الشركات الاحتكارية متعددة الجنسية والحكومات الغربية والاقليمية ، حالها حال مجمل الاستراتيجيات الاقتصادية والتصنيعية الوطنية ، بل هي قبل كل شئ مهام محددة للمدى البعيد يتم وضع البرامج متوسطة المدى في ضوئها ... انها تعني تبني الحلول الجذرية لمعضلات القطاع العام وليس الحلول المسكنة المهدئة الآنية للمشاكل والمعوقات القائمة ، والسيطرة على الاستثمار والتكاليف الادارية ومساعدة قطاع الدولة على تنفيذ مشاريعه في سبيل تحقيق الفائض الاقتصادي وتحويل التراكم لصالحه !.وتتجسد أزمة الطاقة والخدمات الاساسية كالكهرباء في معاناة المواطنين من سوء توزيع المحروقات وبالاخص البنزين ، والانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي ..هذا يرتبط بأزمة الطاقة والكهرباء كمفهوم علمي واجتما - اقتصادي . وهذه الأزمة في عراق اليوم جزء من أزمة عامة اجتما - اقتصادية بنيوية تعصف بعموم البلاد بفعل نهج الصدامية الارعن والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في فترة ما بعد التاسع من نيسان ، وشيوع الفساد والارهاب  ،  ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع ، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization) ونبذ التخطيط المركزي ، وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين …واستيلاء الولاءات دون الوطنية على مؤسسات الدولة . ومثلما  علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة، تعلق الحكومة العراقية اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب .وبوصلة الاحتكارات الدولية والأميركية كانت ولا زالت نسبة القيمة الزائدة بتجلياتها والسيطرة المالية والسياسية والاقتصادية والفكرية والعسكرية على العالم. وتجدد السياسة الأميركية دوما التحديد أحادي الجانب والجامد لماهيات الفقر والجوع والمرض والأرهاب وتسخير المهارة والمعرفة في خدمة الاستغلال … وتستهدف تحويل الدول الوطنية الى وكالات حارسة سياسية مسلحة للمصالح الأميركية وتأكيد نظام ازدواجية الهيمنة الكولونيالي في الطور الجديد من الرأسمالية المعاصرة.
   أي حديث عن الطاقة والنفط  واستهلاك الكهرباء والإنتاجية بالعراق في ظل التهرؤ المتواصل للبنى التحتية ، يبدو ضربا من الهلوسة . من هنا تبرز مكانة ودور ونشاط المؤسسات المدنية كي لا يترك مصير الحكومات العراقية عرضة للنهب والاتجار وتحميلها المسؤوليات فوق طاقتها ، لا سيما أنها سلطات لا زالت ناشئة تواجه آثار ومخلفات الإدارات الحكومية المركزية للنظام البائد وجبروت وسلطة الإدارة الاميركية والشركات الأحتكارية..ويعتبر إرساء أسس المؤسساتية المدنية في العراق مهمة ملحة لأنها ظهير الدولة في سياستها الاقتصادية ،وباعتبارها مؤسسات مستقلة عن سلطة الدولة والسوق  معا .... قبل سقوط النظام السابق كان التشريع العراقي الذي ينظم المسائل الخاصة بالمنظمات هو قانون الجمعيات رقم 13 لسنة 2004، ولكن الانتفاخ في عدد المنظمات غير الحكومية دفع بول بريمر المدير الإداري لسلطة الائتلاف المؤقتة إلى إصدار الأمر رقم (45) لسنة 2004 الخاص بتسجيل المنظمات غير الحكومية وتعديله بالأمر رقم (61) ... وبموجب القرار رقم 100 تم نقل صلاحيته الى وزارة التخطيط لتنظيم عمل هذه المنظمات ومن ثم الى ديوان مجلس الوزراء وأخيراً وزارة المجتمع المدني .كل ذلك بهدف تنسيق أنشطةهذه المنظمات ومنع استغلالها لتحقيق أغراض غير قانونية أو أغراض تهدف الى الاحتيال، وما زال الأمر البريمري نافذاً. لقد عرّف أمر بريمر مصطلح "منظمة غير حكومية" أي منظمة أو مؤسسة جرى تأسيسها للقيام بنشاط واحد أو أكثر من الأنشطة الآتية التي تعد أنشطة رئيسة لها:1. تقديم المساعدات الإنسانية ومشاريع الإغاثة.2. مناصرة قضايا حقوق الإنسان والتوعية بها.3. عمليات تأهيل المناطق السكنية وإعادة توطين المجموعات البشرية فيها.4. الأعمال الخيرية.5. الأنشطة التعليمية والصحية والثقافية.6. عمليات المحافظة والصيانة.7. عمليات حماية البيئة.8. الأعمار الاقتصادي والتنمية.9. الترويج للممارسات الديمقراطية. 10. تطوير المجتمع المدني.11. الترويج للمساواة بين الجنسين.12. القيام بأي نشاط آخر غير ربحي يخدم المصلحة العامة.في البداية، كان يشرف على المنظمات غير الحكومية مركز المساعدات الإنسانية التابع لسلطة الائتلاف المؤقتة، وبعد تأسيس مجلس الحكم -الحكومة الانتقالية الأولى- سجلت هذه المنظمات في مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وفي زمن الحكومة الانتقالية الثانية برئاسة د. أياد علاوي تم فك ارتباط هذا المكتب من وزارة التخطيط وربطه بأمانة مجلس الوزراء تحت إشراف وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني .وبشكل يتيح التساؤل ويضع العديد من علامات الإستفهام جاء قرار ديوان مجلس الوزراء الرقم (8750) في  8/8/2005 الذي منح فيه سلطات واسعة لوزارة المجتمع المدني ولجنة حكومية من عدد من الوزارات بالتدخل في شؤون المنظمات غير الحكومية وصل الأمر بتجميد أموالها وإلغاء عمل بعضها بحجج واهية . تسعى المنظمات المهنية وغير الحكومية العراقية رغم ظروف العراق المعروفة لدينا جميعاً إلى أن تكون منظماتها نقاط تجمع ونشاط للفاعلين في مجال العمل المهني والمدني متمسكة بإستقلالية عملها ونشاطها بعيداً عن أي تدخل حكومي أو حزبي خلال تمتعها بالشخصية المعنوية القانونية التي ينظمها قانون خاص بها." نداء عاجل – من المنظمات المهنية وغير الحكومية حول القرار (8750) القاضي بتدخل الحكومة في نشاطها". إن الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وكل المواثيق والأعراف الدولية قد أقرت حق التجمع السلمي المدني في منظمات مهنية وغير حكومية وغير حزبية طوعية وغير ربحية حيث تشكل مراكز ثقل وضغط في موازاة الحكومة ومعها ومع القطاع الخاص تشكل ما إصطلح على تسميته دولياً بـ ( الحكم الراشد ) . إن نشاطات هذه المنظمات هو حق أساسي لا ينبغي تقييده بالقوانين والأنظمة ذات الطابع الشمولي أو بقرارات حكومية لاتتيح لها الحصول على قدر كاف من الإستقلالية في العمل وهو الأمر الذي يميزها عن المنظمات التي ترتبط بالحكومة ... وأن تكون العلاقة معها علاقة رقابية ووجود قانون مستقل خاص ينظم وجودها وعلاقاتها مع الحكومة وغيرها من خلال شخصية معنوية قانونية ومنفصلة ومميزة ذات طبيعة تسمح بممارسة سلطاتها على نحو مستقل بدون تدخل حكومي أو حزبي وإذا ما حدثت خلافات أو تقاطعات فإن حلها ينبغي أن يكون عن طريق القضاء وحده .وبدلا من ان يجر الفهم السليم لماهية المنظمات غير الحكومية (NGOs) وفي ظل إنفلات أمني عام يسود العراق وتحت ظل حراب الإحتلال الأمريكي وسيادة سلاح المليشيات الطائفية انتهكت حقوق البشر دون واعز أخلاقي في أكثر من مكان ، وتحت حجج واهية ، لتداهم المؤسساتية المدنية والنقابات اكثر من مرة ، لم يكن آخرها وبالتسلسل:
1.   اقتحام مقر نقابة الصحفيين العراقيين يوم 19/ 2 / 2007 من قبل القوات الامريكية وأمام انظار القوات الامنية العراقية بذرائع لاتمت الى الواقع بصلة.
2.   تمادي القوات الأمريكية وتصحبها قوات الحرس الوطني بإقدامها صباح 23 / 2 / 2007 على اقتحام مبنى مقر الاتحاد العام لعمال العراق في شارع الرشيد ببغداد دون اي مبرر او مسوغ قانوني او أي شعور بالمسؤولية المهنية  والإعتبارات الأخلاقية .
3.   واعادت هذه القوات إستعراض عضلاتها وهمجيتها يوم  25 / 2 / 2007 شاهرة عدائها لصناع الحياة كاشفة عن وجهها القبيح ضد تطلعات العمال ومؤسساته .
4.   مداهمة القوات الاميركية لمقر الاتحاد العام للتعاون !
      ان التحول نحو المجتمع المدني يشكل ضرورة موضوعية تستدعيها التغييرات والتحولات العالمية والإقليمية.. ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه التنمية في بلادنا ، وبالتالي المؤسساتية المدنية ، في ظل التغيرات والتحولات الدولية المعاصرة بالآتي :- تصاعد معدلات البطالة ، اتساع حجم الفجوة المعرفية ، محدودية الموارد وهدر الكثير منها ، تحديات الاندماج بالاقتصاد العالمي ، ضعف التجارة البينية وتدني الاستثمار البيني.
   اتخاذ الاجراءات في عدد من القضايا السياسية خاصة العمل على ايقاف التدهور الامني و قضية حل الميليشيات والتي هي جزء من اجراءات المصالحة الوطنية اضافة الى قضايا اقتصادية واجتماعية لها مساس باستقرار الوضع السياسي .ان التركيز على جانب معين دون الجوانب الاخرى لايخدم العملية السياسية ولايحقق التقدم الذي ينشده العراق، حيث ينبغي ان يكون السعي في تنفيذ الاجراءات بشكل مترابط.
   لقد شهد المركز المالي الدولي للعراق  انهياراً كاملاً في العقدين الماضيين، وتحول العراق من دولة ذات فائض احتياط من النقد الأجنبي والذهب يُقدر بحدود 40 مليار دولار عام 1980، إلى دولة مدينة بمقدار 130 مليار دولار وطلبات تعويضات عن أضرار ناجمة عن حرب الخليج الثانية مقدارها 320 مليار دولار، منها 50 مليار دولار تمت الموافقة عليها من قبل لجنة التعويضات. وتفرض مؤسسات التمويل الدولية شروطها في الحد من نفوذ القطاع العام وتأمين الخصخصة بينما تسرع الوصاية المالية من تدويل الوظيفة الاقتصادية الخدماتية للدولة العراقية وترحلها الى مؤسسات خارجية .من الضروري تواصل الجهد لمحاولة الحصول على اكبر قدر من الأموال من الدول المانحة لأعادة اعمار البنية التحتية للاقتصاد العراقي ،وحل مشكلة القروض والقروض الجديدة بالتي هي احسن !، ومراعاة الجدوى الاقتصادية للمشاريع الكبيرة قبل الشروع بإعادة اعمارها لتقرير الأسلوب المناسب للاستفادة منها ... كل ذلك يستلزم :
1.   دعم الجهود الرامية إلى الغاء أعلى نسبة ممكنة من الديون الخارجية والتعويضات المالية المترتبة على العراق نتيجة الحروب التي خاضها النظام البائد واعادة جدولة ما تبقى منها.
2.   مطالبة الدول والمؤسسات الدائنة بالتخلي عن مطالبتها بالمبالغ المقدمة لتمويل الحرب ضد ايران، وطرح مطلب اعادة استثمار اموال التعويضات في مشروعات داخل العراق.
3.   مقاومة ضغوط المؤسسات الدولية لربط ملف الديون بتنفيذ برنامج وشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية ونادي باريس لاعادة الهيكلة والاصلاحات الاقتصادية الليبرالية كرفع الدعم عن سلع أساسية وعن المشتقات النفطية  والغاء البطاقة التموينية وتحرير التجارة . وتجنب الصيغ الجاهزة التي تعتمد الحلول المقطوعة الجذور عن واقع اقتصادنا والمهمات الملموسة التي تواجهه، ومن بينها وصفات خبراء الثالوث العولمياتي .
   رفض آلية السوق كوصفة سحرية لحل كل المشكلات الاقتصادية التي يواجهها بلدنا التي تريد الاصلاح الاقتصادي. ان آلية السوق لوحدها لا تؤدي إلى التخصيص الأمثل للموارد، بل يقود منطق تعظيم الأرباح إلى نمو اقتصادي غير متكافيء، اجتماعياُ وإقليمياً وقطاعياً. السوق لا يرسي ذاته بنفسه ويستدعي تدخل الدولة لوضع القواعد والمؤسسات المنظِمة له،وتفعيل التعددية الاقتصادية عبر تحسين اداء الاقتصاد الوطني  بقطاعاته المختلفة، انطلاقا من حقيقة أن لكل قطاع دوره المرسوم، فالتنمية المطلوبة في هذه المرحلة تعني من بين ما تعنيه الاستفادة الصحيحة من كافة القطاعات. المطلوب في عراقنا الاشم ليس تصفية القطاع العام انما تصفية العقبات التي تحرفه عن اداء وظيفته التاريخية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية والاجتماعية المركبة.لا يوجد قانون يتحكم بأسعار خدمات القطاع الخاص بسبب فقدان الضوابط والمؤشرات وافتقار هذا القطاع الى تنظيم النشاط الاقتصادي في إطار تشريعي محدد ووفق ضوابط سعرية ، يعتبر امتلاك السياسة التسعيرية الوطنية والضوابط اللازمة التي تتفق مع مبدأ التوفير الاقتصادي الصارم وضبط أسعار السوق والقطاع الأهلي الخاص مهمة حيوية .
   الغاء قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 الذي أقره مجلس الرئاسة في 30 نوفمبر 2006 او تعديله ليجر تأكيد ارتباط دخول الاستثمارات الاجنبية ببلورة طائفة من الضوابط التي تحمي بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، وخصوصا الاستراتيجية منها، من الخضوع لسيطرة الرأسمال الأجنبي من جهة،  والعمل على ضمان توجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية وفق الحاجات التنموية ولاستمرار التحكم بالثروات الوطنية. وضرورة ابقاء البنى التحتية والخدمات (الطاقة الكهربائية، الماء، المجاري، الطرق، النقل، الخزن وغيرها) تحت سيطرة الدولة، وابعادها عن الاستثمار الاجنبي. وضرورة  وضع القيود على تدفقات الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمار المباشر الذي يخلق طاقات إنتاجية وفرص عمل وينقل خبرات تكنولوجية ومعارف ومهارات إدارية. لا بد من اخذ خصوصية الاقتصاد العراقي بنظر الاعتبار، حيث هو دولة ريعية، وان مشكلته لا تكمن في حاجته للاموال، ولا في كيفية اغراء المستثمرين الاجانب على جلب رؤوس اموالهم وانما تكمن في الوضع الامني المتدهور الذي منع البلاد من استعادة اموالها وقدرتها السابقة، وجعلها بحاجة الى الدعم الخارجي.
   ضرورة قيام الدولة بوضع السياسات التعدينية الاستراتيجية للبلاد والمراقبة والاشراف على حسن تنفيذها من قبل القطاعين العام والخاص.
   اعتبار القطاع النفطي قطاعا استراتيجيا وينبغي ان يظل تحت سيطرة الدولة، لا سيما المخزون النفطي.واعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام، والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر، وضمان حقوق الاجيال القادمة منها.وتحويل القطاع النفطي (الخام) من قطاع مهيمن ومصدر للعوائد المالية فقط (أي مصدر للتكاثر المالي وليس للتراكم) إلى قطاع منتج للثروات ويكون قطبا لقيام صناعات أمامية وخلفية تؤمن التشابك القطاعي المطلوب لتحقيق الإقلاع التنموي حقيقي.وتجاوز الاستخدام السيئ للريع النفطي، من خلال إعادة هيكلة القطاع النفطي ليكون أحد وسائل التنمية الاقتصادية وليس عبئا عليها. ويتطلب هذا توظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار والتنمية بالدرجة الأساسية وتأمين الرقابة والأشراف عليه من قبل المؤسسات التمثيلية للشعب.
   إعادة هيكلة صناعة النفط الوطنية بما يعزز ترسيخها في ظل حكومة وطنية ذات سيادة واحياء شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C. في قانون منفصل يسبق تشريعات النفط والغاز الجديدة . والعمل على تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز، محطات عزل الغاز، محطات الضخ، أنابيب إيصال النفط من أجل رفع إنتاجها  واستمرار تدفق النفط العراقي للأسواق الخارجية، وإعادة إعمار ما دُمرِّ أثناء الحرب ومحاصرة أزمات الوقود الخانقة… واعتماد استراتيجية للتعجيل في نقل استهلاك الطاقة محليا من النفط الى الغاز لتوسيع فائدته الاقتصادية والبيئية في ميادين لها الميزة النسبية الواضحة مثل الأسمنت والكهرباء والزجاج…الخ، واتخاذ موقف حازم ازاء الممارسات المضرة بالآفاق الاستخراجية من المكامن المنتجة التي تعرضت الى سوء الاستغلال ،ومحاورة الشركات العالمية حول المساعدة في أتمتة وحوسبة وروبتة وتأليل الصناعة النفطية وادخال التقنيات الحديثة فيها.
   الاستفادة من الاستثمارات الاجنبية في القطاع النفطي مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح يستلزم اعادة النظر بمسودتي مشروع قانون النفط والغاز الجديد ومشروع قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام المقدمتان الى مجلس النواب على اساس :ارساء الصناعة المؤممة بعقودها المتنوعة والرفض المطلق لعقود الامتياز والمشاركة .ومن الضروري عدم تجزئة مشاريع قوانين النفط ،والنظر لها  دفعة واحدة.... على الحكومة تقديم مشاريع قوانين موحدة تخص النفط الى مجلس النواب ،ولا تقوم بتجزئتها... لأن هذا ليس في مصلحة البلاد... وعليه نتوقع عاصفة برلمانية بانتظار مشاريع قوانين النفط والغاز التي تعتبر بحق مكافئة للشركات المتعددة الجنسية وصفعة للشعب العراقي !! انها عنوان التنكر لأنجازات ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية والتاريخ الوطني التحرري للشعب العراقي. من الضروري تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية (عدا الاستخراج) كاشتراط الحد الأدنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51 % وخاصة في النقل والتوزيع…
   تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة ، وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية . وتشريع قانون مناسب لضريبة الدخل على الانتاج النفطي والغازي يخضع له الإنتاج الهايدروكاربوني السائل والغازي ،الحكومي والأهلي والأجنبي،يؤمن حصص الجميع من منتجين ومجتمع ..
    ليس من الإنصاف استغلال إنشداد الشعب العراقي بالقضية الأمنية، التي تقلقه لتمرير سياسات وتشريعات تمس المستقبل الاقتصادي للبلد والمعيشي للمواطنين دون أن يكون لهم مشاركة ورأي في ذلك.فإذا كانت القضية الأمنية اليوم هي من أهم ما يشغل الشعب، فله أمانٍ وتطلعات أخرى، ستتقدم في سلم الأولويات بعد ان يشهد الوضع الأمني تحسنا ملموسا.أجواء الاضطرابات والأزمات الأجتماأقتصادية بيئة خصبة لاختلال الموازين وشيوع التجاوزات .. وتعمد البعث البائد اختلاقها بالقادسيات الكارثية وإشاعة الولاءات دون الوطنية وبالإرهاب والقمع السافر وبالنهج الأستهلاكي .. لينتج ويعيد إنتاج التخلف ويتعمد التجذير المستمر للعبث واللامعقولية وغموض الصدفة واللاوعي والغيبية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث ! وإشاعة السحر والشعوذة . وظللت هذه المظاهر الحقبة الجديدة لتتطابق أحيانا بعض النخب السياسية الطائفية مع البعث المنهار بالبنية الذهنية والنمطية السوسيولوجية المستندة على هيمنة العصبيات دون الوطنية وبالدور التعسفي للإعلام الدعائي الزائف التبريري لتمرير التشريعات بالضد من مصلحة الشعب العراقي.
   على الحكومة العراقية ومجلس النواب عدم التحول الى حملة لاختام الولايات المتحدة والشركات الاحتكارية والمنتديات العولمياتية الرأسمالية ...  وبالتالي لا اعتراض على قرارات الخصخصة وعقود المشاركة سيئة الصيت، خصوصا أن للكثير من أفراد النخب الحاكمة الجديدة مصالح كبيرة فيها .. ووجب المتابعة الدقيقة للعقود التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية ، وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات وفق برنامج النفط مقابل الغذاء .  والمطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة ، وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية.
   العمل على عدم تحويل البنزين الى مادة للاتجار وتهريبه في العاصمة العراقية وبقية  مناطق العراق والى خارج الحدود عبر الأسواق السوداء (Black Markets  )، وهذا هو حال المواد الوقودية الأخرى لأن ذلك يعزز من فوضى السوق ويشجع الفساد.
   تعزيز قطاع شرطة النفط وتفعيل دوره في حماية مرتكزات الصناعة النفطية وتجهيزه بالمعدات التقنية الضرورية كالطائرات والحواسيب.
   الاجدر بالحكومة العراقية ان تتأنى قليلا وتنتظر تنفيذ المادة ( 142 ) من الدستور الدائم اولا قبل الشروع بالموافقة على قوانين النفط والغاز المصيرية  لأجيال الشعب العراقي القادمة. من الجدير بالذكر ان الدستور الدائم كان خطوة تراجعية خطيرة عن "قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية" الذي ضمن مركزية الثروة الوطنية!.
   تعديل  قانون الشركات العامة رقم 21 لسنة 1997 والذي تأسست عليه مواد مسودات قوانين النفط والغاز الجديدة ... وهو قانون سنته الدكتاتورية البائدة اصلا ، وتضمن 45 مادة ... لا بقصد تجسيد لامركزية المنشآت العامة ومنحها القدر الأكبر من الأستقلالية المالية والإدارية أو تنظيم عمل الوحدات الأقتصادية الممولة ذاتيا والتي تمارس النشاط الأقتصادي في الدولة وحتى تحقيق الربحية عبر التحول الى شركات مساهمة وتوزيع الأرباح على العاملين حوافز لزيادة الإنتاج وتحويل الشركات الوليدة الى قوة إنتاجية _ خدماتية تحافظ على المصلحة العامة أو تعزيز فلسفة القيادة الجماعية وإنقاذ الأقتصاد الوطني من الأنهيار - حسب زعم السلطات الصدامية في حينه - …بل لتحويل نظم الملكية الجديدة الى آلية للتهريب القانوني المنظم نحو الخارج وخطوة متقدمة بأتجاه الخصخصة (Privatization) بينما استلزم هذه النظم الجديدة أصلا ميكانيزم التكامل المرن والدرجة الرفيعة من الدقة والتنظيم ..دليلها القطاع العام نفسه وتجاربه في التخطيط والتنمية والأعمار والأدارة ..لتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الشخصي والفردي والمصلحة الخاصة الضيقة !.
   ترسيخ الأعلام كونه سلطة رابعة تراقب سلوكيات الوحدات الإنتاجية والإدارية والنسغ الأجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع،وتتيح الفرص أمام قوى المجتمع ومدارسه الفكرية والسياسية للتفاعل بحرية لأدارة البنية التحتية للإعلام لاسيما عملية صنع القرار على كل المستويات!وعلى اعلام ما بعد التاسع من نيسان مواجهة جنون الدكتاتوريات والإرهاب والطائفية السياسية والاصوليات المتطرفة ومدرسة واشنطن التأديبية معا ليتمكن الشعب العراقي من النهوض ويتجرأ على رفع رأسه في حضرة السادة ، وتتمكن الطبقات الدنيا من أن تفهم مكانها في الاستقرار والمجتمع ! والنظام العالمي الجديد. على هذا الأعلام أن يتسم بالموضوعية ويعكس حياة الشعب بأمانة - من الشعب والى الشعب - .
   يتطلب اختيار الكادر الإداري في صناعة النفط الوطنية  على أسس المواطنة والولاء للعراق وعلى معايير الكفاءة . الولاء للوطن يعني احتقار الدكتاتورية البائدة التي قدمت الوطن على طبق ثمين من الذهب الاسود للاحتكارات الدولية . وإلغاء حزبية السلطات تعني إلغاء احتكار حزب بعينه للمؤسسات الحساسة فيها كمؤسسات الداخلية والإعلام والتربية والتعليم والمالية والدفاع ، وإلغاء احتكار حزب بعينه لكل الحقائب الإدارية في الوزارة المعنية . ولا يعني تولي وزير من الحزب الفلاني للوزارة المعنية ان تكون كل الحقائب الإدارية الحساسة من نفس الحزب .
   محاسبة عرابي إدارات النفط  المتورطين بالاختلاسات والرشاوي وتقاضي العمولات من الاجنبي والارهاب والاسهام في فرق الموت الفاشية..  يفترض أن يخضع  تعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع والوجوه الطائفية المقيتة وتوليهم المناصب الحكومية والحقائب الوزارية ! للرقابة والتدقيق الشديدين....  لأنه  يثير المجتمع ويدفعه باتجاه التطرف في أحكامه على الوضع القائم.
   نبذ منهج الذرائعية والتبريرية والنفعية الاقتصادية الذي يتيح للسلطات القائمة وفق مبدأ الفوضى النفطية البناءة  تبرير الازمات النفطية الخانقة ولتقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات دون الوطنية والطائفية والعشائرية . وهي نفس القوى التي تتجاوز على النفط وتسرقه وتهربه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي... هذا المنهج غير بعيد عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي يهدد بحرب اهلية.

•   الهوامش

1.   غني عن القول ان مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في البلدان المتطورة تعد السلطة الخامسة بعد السلطات الثلاثة ”التشريعية، التنفيذية، القضائية" وسلطة الصحافة الموسومة بالسلطة الرابعة." جميل عودة/دور مؤسسات المجتمـع المدني في التطور المجتمـعي في العراق." وعلى المؤسساتية المدنية كتابة وثيقة شرف لتفعيل دورها لدعم حكومات الوحدة الوطنية لا حكومات المحاصصة الطائفية في اعادة بناء البلاد." النزاهة تطالب منظمات المجتمع المدني بكتابة وثيقة شرف لدعم الحكومة". أهم سمات النظام الشمولي والثقافة القطيعية هو إفراغ منظمات المجتمع المدني من محتواها الأساسي المتمثل بالدفاع عن أعضائها، لتتحول إلى مؤسسات تدافع عن السلطات العليا حتى لو كان ذلك على حساب أعضائها، وذلك وفق "مفهوم النقابية" الذي ينافي مفهوم عمل النقابات الحرة التي تعمل من حيث الأساس على الدفاع عن مصالح أعضائها وليس السلطات أو الائتلافات او الاحزاب الحاكمة، ولا يتم ذلك إلا من خلال انصهار تام لكل مؤسسات المجتمع المدني بداخل القيادات السياسية الحاكمة التي تتحول هي الاخرى في مراحل متأخرة إلى مؤسسات وتخرج عن كونها تشكيلات سياسية او حزبية." حمزة الجواهري/ تفعيل دور القاعدة السياسية والاجتماعية للدولة المدنية". تنبع فلسفة عمل مؤسسات المجتمع المدني من فكرة المبادرات الذاتية للأفراد من منطلق تفاعلهم وأيمانهم بقدرتهم على الفعل والتأثير في الفضاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يعيشون فيه . وقد أخذت الدول تعترف بالقيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع الذي يسعى على ترسيخ الدور الذي تقوم به مع الاستقلالية والتميز عن القطاع الحكومي والقطاع الخاص ، ويطلق اليوم على نشاطات مؤسسات المجتمع المدني بالقطاع الثالث . " د. نوزاد عبد الرحمن الهيتي/مستقبل التنمية في الوطن العربي في ظل التغييرات العالمية المعاصرة."
2.   كانت صحيفة الاندبندنت أون صانداي البريطانية قد اكدت ان احتياطيات النفط الكبيرة في العراق ستطرح للاستغلال على نطاق واسع من جانب شركات النفط الغربية بموجب مشاريع قوانين مثيرة للجدل يتوقع ان تطرح على البرلمان العراقي خلال ايام.وقالت الصحيفة في موقعها الالكتروني على شبكة الانترنت ان الحكومة الاميركية ضالعة في سن هذه القوانين الذي اطلعت 'الاندبندنت اون صانداي' على مسودتها، ويقضي بإعطاء شركات النفط الكبيرة مثل 'بي بي' و'شل' و'إكسون' عقودا تستمر 30 عاما لاستخراج الخام والسماح لأول عمليات استغلال واسعة النطاق للمصالح النفطية الاجنبية في البلاد منذ تأميم هذه الصناعة في عام 1972.
3.   هنا وجب التركيز على انه منذ سقوط نظام البعث ولحد يومنا هذا كانت للاحزاب الاسلامية اليد الطولى على الدولة وعلى الشارع، فهي تسيطر على اهم الوزارات وعلى الامور المالية والادراية والعسكرية، هي التي تقترح القوانين وتشرعها وتجيزها، فبدون الاغلبية البرلمانية الاسلامية لا يمكن لقانون ان يمر ويأخذ طريقه الى التنفيذ. ومع ذلك وكما يؤكد ضياء الشكرجي " أسأل الله، أن يعيننا، ليكون العقل من يصوغ أفكارنا، والضمير من يرسم مسارنا. أن يكون العقل من يعلمنا الكتاب، والعقلانية من تعلمنا الحكمة، والإنسانية من تزكينا." ." ضياء الشكرجي/ الانترنيت."  يعيش الشارع في بلادنا مداً رجعياً للقوى الدينية غير المتنورة دينياً واجتماعياً ، وهي تريد فرض إرادتها ونفوذها وخيمتها الفكرية على جميع افراد المجتمع ، وإلى رفض الآخر وفكره واتجاهاته. كما أن حكومات المحاصصة الطائفية لا تتصدى لمثل هذه التيارات الفكرية والاتجاهات السياسية غير السليمة والعدوانية التي تشيع الخرافة والتخلف والعبثية ... لا عجب نفس الطاس والسفرطاس.  من المتعذر على المخلصين من ابناء الشعب الاستمرار طويلا في تحمل المسؤولية في الحكومة الحالية والسلطة التنفيذية والعمل بسبب الهيمنة الطائفية والممارسات ذات المصالح والمنطلقات الضيقة... فمراكز السلطة تتجسد اليوم في ممارسات وأداء المسؤولين الرئيسيين في السلطة التنفيذية الخاضعين الى تنظيمات سياسية وميليشيات مسلحة التي تمارس الوانا مختلفة من النفوذ والعنف والهيمنة تحت غطاء رسمي أو طائفي او حزبي....وتظافرت عوامل عديدة داخلية وخارجية اوصلت البلاد إلى هذا الدرك السحيق بحيث أصبحت الحياة شديدة الوطأة ومصير المواطنين يتأرجح في مجاهيل الفوضى والعنف والحرمان من أبسط الضمانات الكفيلة باستمرار الحياة الطبيعية. " القائمة العراقية تهدد بالانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية/الانترنيت."
4.   يمكن مراجعة دراسات الكاتب في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm




207
الشيوعيون العراقيون ... التاريخ المشرف والتحديات القديمة – الجديدة!

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

   
    في 14 شباط من كل عام يحتفل الشيوعيون العراقيون بيوم الشهيد الشيوعي(1)تمجيدا للرفيق فهد ( يوسف سلمان يوسف ) سكرتير الحزب الشيوعي ورفاقه الذين اعدمتهم سلطات الحكم الملكي البائد عام 1949 محاولة منها وبايعاز من اسيادها في الغرب كسر شوكة الشيوعية المتنامية في بلادنا وتحجيم الفكر الاشتراكي العلمي .. والحزب الشيوعي العراقي  فصيل سياسي تقدمي ، حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي .. وامتلك هذا الحزب الطبقي الجسور الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي الراهن في العراق ليشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية ... ، صوته مسموع وتاريخه مشرف. وليس مستغربا ان يرى الفكر الرجعي في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامه الشريرة ... احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ، محاولات التمشدق بالاستقلال والسيادة الوطنية وبالدين والأخلاق والتمويه والمخاتلة ، تكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية والارهاب وتغذية مصالح الاحتلال الاميركي . واذا كان  الحزب الشيوعي منذ تأسيسه في 31 / 3 / 1934 واعتلاء قادته المشانق وتقديمه آلاف الشهداء في انتفاضات و وثبات شعبنا الابي ومساهمته في تفجير ثورة الرابع عشر من تموز 1958 المجيدة وتصديه لأنقلاب رمضان الاسود ومقاومته الباسلة لدكتاتورية البعث طيلة العقود الثلاث الاخيرة ... قد الف هذه الحملات، فانه من خلال تفحص طبيعة المواضيع التي تركز عليها التخرصات و التهجمات والتطاولات على سياسة الحزب الشيوعي العراقي يتضح بجلاء الدور السياسي الرجعي الذي يقوم به الفكر المذكور ، كانعكاس وأداة للطبقات الرجعية وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وتحالفها اللامعلن مع قوى الارهاب ... الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي ... تحالف ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية  لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية ، ولطوطمها القابع في قم معا ... وكجزء من الصراع الطبقي الكبير المشتد حول الموقف من القضية الوطنية والثورة الاجتماعية . إن الهدف المركزي الذي يوجه الفكر الرجعي ضرباته اليه هو وحدة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية عبر تأجيج الأحقاد والضغائن بينها وتضخيم الخلافات الثانوية وطمس نقاط الالتقاء وتحقيق الاجماع الوطني حول انهاء الاحتلال الاميركي وتحديد جدول زمني لأنسحاب القوات المتعددة الجنسية ورفض المواثيق والمعاهدات الاسترقاقية واقامة القواعد العسكرية الاجنبية على الاراضي العراقية .نحن هنا ليس بصدد الاعتداءات التي يتعرض لها الكثير من اعضاء الحزب الشيوعي والمضايقات والتهديدات واعمال الخطف والتهجير والابتزاز في المدن العراقية(2).. بل الحملات الاعلامية والصحفية والخطب الجنجلوتية التي تصب في خانة الفكر الرجعي الراهن.
•   الموقف من الاحتلال الاميركي
   عن اية مقاومة مسلحة يتكلم المشككون بسياسة الحزب الشيوعي العراقي ؟ وهل توجد مقاومة شريفة وأخرى غير شريفة ؟ وهل من السجايا الثورية قتل الناس العزل والابرياء واقامة حمامات الدم اليومية تحت شعار مقاومة المحتل ؟ وهل استنفذ الحزب الشيوعي العراقي كل قدراته في الحزم والحكمة والتعقل والتحشيد التعبوي المقاوم الرافض السلمي سلاح رئيسي لمواجهة لا الاحتلال الاميركي فحسب بل كل التخرصات الرجعية والارهابية في بلادنا ..؟اكدت اللجنة المركزية للحزب في اجتماعها الاعتيادي المنعقد في 15/3/2006 على ضرورة "تصفية اثار الاحتلال، وانهاء الوجود العسكري الاجنبي وجدولة الانسحاب عبر تهيئة مستلزمات ذلك، وبما يؤمن استعادة الاستقلال والسيادة الكاملين.وبـينت ان هذا الوجود يشكل انتقاصا من السيادة الوطنية، التي يدعو الحزب ويعمل لاستعادتها كاملة. وكان قد سبق له ان طالب الحكومة العراقية بالعمل على السحب التدريجي للقوات الاجنبية من المدن، والعمل في الوقت ذاته على توفير المستلزمات المادية والسياسية والامنية المطلوبة لانهاء الوجود العسكري الاجنبي ووضع جدول زمني لانجاز ذلك". كما اكدت اللجنة المركزية للحزب في اجتماعها الاعتيادي المنعقد في 15/9/2006 على اهمية "اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لإنهاء الاحتلال والوجود العسكري الأجنبي  والسير قدما إلى أمام لاستعادة الاستقلال والسيادة كاملة ، والوصول إلى تحقيق ذلك عبر بناء مؤسسات الدولة وإعادة هيبتها وسلطتها ، ولاسيما الأمنية والعسكرية وتهيئة الظروف لإعداد جدول زمني  لانسحاب القوات الأجنبية ، واستعادة السيطرة الكاملة على موارد البلاد والتحكم  بطريق استخدامها وفقا لحاجة البلاد وأولياتها وصولا إلى استعادة السيادة الوطنية الكاملة." وحفزت اللجنة المركزية "لمزيد من الجهد لبناء القوات المسلحة العراقية، كما ونوعا ، وصولا الى  استلام الحكومة العراقية كامل الملف الامني وتهيئة الظروف والمستلزمات لانهاء الوجود العسكري الاجنبي واستعادة السيادة الوطنية كاملة .ورغم كل ما يمكن توقعه من عراقيل وصعوبات فان نضال شعبنا سيتوج بتحقيق الهدف النبيل: استعادة السيادة والاستقلال وإنهاء بقايا الاحتلال."واذ يجمع الحزب بثبات بين القضية الوطنية وقضية الديمقراطية، وينظر إليهما في إطار وحدة لا تنفصم... فانه وبجانب سعيه إلى استعادة السيادة والاستقلال الناجزين، يعمل من اجل إنضاج الشروط الضرورية للانطلاق نحو إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية، وإقامة النظام الديمقراطي الاتحادي في عراق متآلف موحد.
•   الموقف من استغلال التقاليد الدينية والطائفية
   بين رجال الدين وائمة المساجد والحسينيات وآيات الله وحجج الاسلام عدد غير قليل من المجرمين والقتلة، بالمعنى الفعلي والمجازي الامر الذي يدعو إلى إحترام ذاكرتنا العراقية الجريحة والمدمية والمليئة بالدم ودخان الحروب، وعلى حكومات التاسع من نيسان أن لا تثقل علينا بإعادة تقديم هؤلاء وكأنهم آلهة طردهم إبليس من جنته... الامر الذي يستوجب ترك مصيرهم الى القضاء والمحاكم العراقية النزيهة. لا زالت الأصنام الدينية الاسلامية قائمة كالأشباح، تهدد أرواحنا وعقولنا، وتلقي بظلالها على إبداعنا وطرائق تفكيرنا ، والمحاولات المحمومة المنظمة جارية على قدم وساق لتجديد بريقها المنطفئ وإعادة الحياة في بعض الطواطم الكريهة والمومياءات المتيبسة كي يواصل الكابوس هيمنته على حياتنا الروحية. الوضع الحقيقي والصحيح أن يحاسب هؤلاء بغض النظر عن مكانتهم الدينية ومرجعيتهم المقدسة ومواهبهم، رغم التشكيك بمقدرة بعضهم أصلا. الاديان السماوية في عراقنا الجريح لا زالت أسيرة اصنامها الحجرية ورؤاها النقدية، واسيرة لذائقتها التي ترتعش من الأقتراب من حدود المقدس، أو النظر بجرأة في التابو أو التحريم الاجتماعي، ويعتمد فطاحلها على ثقافة الإنشاء اللفظي والنقد الإخواني المدائحي، وتستمد الكثير من جذوتها من الروح العشائرية والطائفية . وورث الاسلام السياسي الذي تحكم بعض رموزه العراق اليوم هذه الثقافة الخائفة المرتجفة ، الثقافة الفجة التافهة والمقيتة ، ثقافة تزوير التاريخ والأحداث والوقائع والمواقف. الثقافة القطيعية الطائفية وجر "الرئيس القائد" و" الطائفة القائدة " الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!  .ثقافة الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات وقوة السلاح!ثقافة تحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب...في وقت تعجل  الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط من أجل القيام على عجل بإقرار القوانين الجديدة حول الاستثمار الأجنبي في اقتصاد النفط العراقي والموقف من الثروة النفطية....وإذا ما كان الأميركان قد اسقطوا الصنم الأكبر، فإن إسقاط الأصنام الاجتماعية العراقية هي مهمة عراقية قلبا وقالبا.لقد ورث الاسلام السياسي الذي تحكم بعض رموزه العراق اليوم هذه السياسات والثقافات الفضفاضة ، سياسات الفوضى والفوضى البناءة التي تخشى التخطيط المبرمج والتنمية والاعمار والبناء والتنظيم والتي تتسم باتساع نطاق الغموض في عدد من القضايا (المناطق الرمادية) وبالاخص قضايا الديموقراطية وحقوق الانسان والتأرجح بين دعم الديموقراطية الليبرالية او الدفاع عن الثيوقراطية (الحكم الدينى) وولاية الفقيه ،تطبيق الشريعة الاسلامية ومن الذى له الحق فى التشريع وتحت أى سلطة،استخدام العنف،التعددية السياسية،الحقوق المدنية والسياسية والمرجعيات الدينية،حقوق المرأة وقضايا الاحوال الشخصية من زواج وطلاق وحضانة الاطفال وميراث ونقل الجنسية منها الى اطفالها.
    اللجوء الى الدين والطائفية السياسية ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي ، ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا ! وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية . ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط معينة في ترسيخ الدور الايجابي في جذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال ، كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر انقسام القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي ... وجب عدم الخلط بين الدين ككيان آبستمولوجي ومؤسساتي في تاريخه المتطور والنزعات المادية فيه ولاسيما المسيحية والفلسفة العربية الاسلامية ، وبين الحركات السياسية الدينية التي هي احزاب سياسية صرفة ! والتمييز في العناصر الاعتقادية الايمانية في بنية الفكر الديني وبين العناصر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية في هذا الفكر اي المحتوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبرامج هذه الاحزاب الدينية .. ، وهي برامج تشجع على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية ، واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي ، وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي ، وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة.(3)
•   الالتزام بالآيديولوجيات الغريبة عن الجسم العراقي
    يحيي صعاليك الفكر الرجعي المعاصر طروحات اسلافهم في مهاجمة الحزب الشيوعي العراقي بحجة التزامه آيديولوجيات غريبة عن الجسم العراقي اجتماعيا و ثقافيا و تاريخيا ولمقاومته نظريات العلم!(4)ولحزمه في كشف الاعيب القوى المناهضة لحركة شعبنا الوطنية التحررية ، ولتحالفاته ...(5) ... واتهامه بالاحتفاظ بميليشياته .. (6). لا يدرك هؤلاء ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم  باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية ، وانما عبر المحاكم العراقية العادلة .... اما محاولة الاتكاء على  شماعة البعث كمبرر لوجود الانتهاكات والتجاوزات ، فليس الا جانب يعبر عن فشل الخطاب الطائفي والتبريري ، وسياسة تشكيل الميليشيات ، والفشل الحكومي في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي ، يضمن حقوق الانسان ، وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع المواطنين .. كيف اتفق أن من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين .. يمارس الان سفالتهم ؟.. ثم يأتي البعض الآخر ليشوه الحقائق التاريخية ، نابشا الماضي،  مطلقا  التصريحات التي لا تسر كل من احب العراق وضحى من أجله... متقصدا الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة والشيوعيين بالذات ... ولينسب احداث الموصل الدامية آذار 1959 مثلا الى افتعال الحزب الشيوعي  او استفزاز الأكراد والشعوبيين !(7).ويتعرض الحزب الشيوعي العراقي لحملة افتراءات ايضا لتشويه تاريخه من اليسار الطفولي واصحاب الجملة الثورية والانتهازية لا داخل بلادنا فحسب بل من رفاق الامس في الخارج اي من بعض الاحزاب الشيوعية والعمالية العربية والعالمية التي ارتبطت باوشج علائق الفساد مع النظام الدكتاتوري البائد ونظم دمشق وطهران التوتاليتارية ...ومن متطفلي العمل الثوري في شتى ارجاء المعمورة (8).الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يناهضون الطائفية السياسية لأنها تريد ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين وبما ينسجم مع رغبات التيارات الدينية – الطائفية السائدة اليوم .. أعداء الحزب الشيوعي العراقي  ......هل يستوعبون التاريخ؟
•   مواقف عملية مشرفة
     اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق آرائهم مع الفئات الاخرى ومنها الحاكمة الان في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام ، الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي ! مجتمع تحترم فيه الحريات العامة .... أم يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية الا المحاصصة الطائفية والقومية !.
   لم يصوت الحزب على الغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان الامر الذي يذلل العودة الى مفاهيم مرحلة ما قبل حركة حقوق الانسان والدعوة المبطنة لفتح بوابة العنف والعنف المضاد في المجتمع !.ان المادة 140الجديدة من الدستور المعدل تنص على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور، وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد.هل يجر الاقرار مجددا بالمادة 44 من مسودة الدستور الملغاة !؟.
   لم يصوت الحزب لميزانية 2007 في مجلس النواب لأنها تجاهلت عملية التطور والتنمية الاجتماأقتصادية وتلبية الاحتياجات الملحة لأبناء الشعب العراقي ارتباطا بكل ما يحيط به في الظروف الراهنة والقضايا الملتهبة كالبطالة والبطاقة التموينية والحماية الاجتماعية والحيلولة دون حدوث تضخم كبير وارتفاع في الاسعار ناجم عن رفع الدعم عن اسعار المشتقات النفطية . 
   يؤكد الحزب على اهمية معالجة الملف الامني وانهاء دور الميليشيات لأن الاحتقان الطائفي خطر داهم .
   دون كلل يدعم الحزب ويطور النضالات المطلبية الهادفة لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وفي مقدمتها الكهرباء والمشتقات النفطية والماء والنقل والخدمات الصحية والتعليمية، واستمرار العمل بتوفير الخدمات الأساسية مجانا للمواطنين، وتقديم الدعم في مجال توفير المشتقات النفطية.
   يواصل الحزب النضال وتحشيد القوى من أجل ايقاف عمليات الخصخصة في الظروف الراهنة، والكفاح ضد الوصفات المطروحة من طرف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشأن " اعادة تكييف " الاقتصاد العراقي والتثقيف بمخاطرها الفعلية.

الهوامش

1- اشتق الشهيد من الشاهد . وقرينة الاشتقاق مختلف عليها ... وقد عدد ( الفيروز أبادي ) لها ستة وجوه ... منها " لأنه حي عند ربه حاضر "..والحضور من مصطلحات الصوفية !. 
2- انظر :
•   الاعتداءات الجبانة على مقرات الحزب الشيوعي العراقي في مدن بغداد الجديدة والثورة والناصرية بنسفها وقتل الرفاق فيها اعوام 2003 - 2005 ، واستهداف مقر اللجنة المركزية في بغداد بقذائف الهاون والمفخخات اكثر من مرة.
•   اغتيال الرفيق البطل سعدون - رفيقنا وضاح حسن عبد الامير عضو المكتب السياسي  ورفيقيه الشهيد البطل نوزاد توفيق والشهيد البطل حسيب حسن ...  في 15 / 11 / 2004.
•   اغتيال  الرفيق البطل هادي الزبيدي / مسؤول العلاقات في  اتحاد نقابات عمال العراق IFTU اوائل عام 2005 .
•   اغتيال  الرفيق البطل فاضل الصراف مسؤول هيئة المهندسين في الحزب الشيوعي العراقي 31 / 10/ 2005 .
•   اغتيال العشرات من كوادر الحزب واصدقائه في بغداد وبقية المدن العراقية.
•   اختطاف الدكتور شاكر الدجيلي عضو اللجنة المركزية داخل مطار دمشق الدولي في  31/3/2005.
•   اختطاف الدكتور شاكر اللامي الكادر القيادي البارز في الحزب على طريق ديالى – كركوك اواخر عام 2006.
•   اختطاف وابتزاز العشرات من كوادر الحزب مقابل الفديات المالية.
3- الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي للطائفية السياسية/الكاتب/الحوار المتمدن.
4- انظر : جعفر نقدي في (هل سينتج التحالف البعثي الشيوعي الجديد صدام جديد ويسقط العراق؟/ الانترنيت) والذي يلتقي مع فؤاد الركابي  في كتابه عن ( القومية ، حركتها ومحتواها /1963) حين يعيب الاخير على الحزب الشيوعي التزامه بالأشتراكية العلمية لأنها آيديولوجيـة مستمدة في نظره ( من واقع غير الواقع العربي) ، ومعادية ( عداء حقيقيا لاهداف الأمة العربية) .... نفس المدرسة ونفس المستنقع.
     انظر: خالد البديري في (الكمين الشيوعي  - 20 -  هراء العلم البروليتاري/ الانترنيت ). وتتطابق اسس المدرسة البديرية مع تفسير حسين الشهرستاني لعلوية الدستور العراقي الدائم مبررا قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.. وتتيح هذه المدرسة الرجعية ( الشهرستانية – البديرية ) كمنهج وقالب واحكام مذهبية وفق النموذج الشمولي الجديد محاصرة الفكر وتقييد حريته وتضيق الخناق على الابداع والعقيدة لتتسمم الحياة الروحية للشعب وتتشوه نفسية المواطن وليشاع الاغتراب في المجتمع .
    وتشيع هرطقة الفكر الرجعي عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين ، وتلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  ... انظر : سيف الله علي في مقالاته المتتالية متعرضا للدكتور كاظم حبيب تارة والدكتور تيسير الآلوسي تارة ورزاق عبود .. وآخرين ...في تخبط وحنقبازيات مدفوعة الاجر مقدما من اطلاعات النتنة !
5- لانه لم يدخل في تحالفات قوية قبل انتخابات كانون الثاني 2005 حسب زعمها لتتهمه بالغرور، والانعزالية، وتضخيم قواه... الخ من قائمة الاتهامات الجاهزة وليشمتوا بالنتائج بعد حين ! ولانه اشترك بمجلس الحكم، وقبلها لاشتراكه في مؤتمري لندن ونيويورك رغم انه لم يشترك في اي منهما ، ولزيارة سكرتيره العام الرفيق حميد مجيد الولايات المتحدة ولقاءه مع ممثلي الادارة الاميركية !... ولتحالفه الانتخابي في القائمة العراقية الوطنية – 731 –  (انظر :  تحالف الشيوعيين مع وفاق البعث الأمريكي ....لماذا؟!/ سمير سالم داود / الانترنيت ).
6- انظر : مقابلة فضائية الجزيرة مع جبر صولاغ العضو البارز في المجلس الاعلى أحد اعمدة الائتلاف الشيعي الطائفي الموحد ، وزير الداخلية السابق ووزير المالية حاليا ، اوائل ايار 2006.
7- انظر : تصريحات ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق اواخر عهده تزامنا مع ،تعمده تجميد عمل لجنة كركوك  طيلة فترة ادارته لتولي السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي الرفيق حميد مجيد مسؤوليتها ،ومماطلته بتطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدولة ومحاولاته تأجيل تطبيع الأوضاع في كركوك. وكذلك بيانات وتصريحات ما يسمى المجلس الشيعي التركماني -  وتهجماته الوقحة على الحزب الشيوعي العراقي وسكرتيره العام بعيد الانتخابات البرلمانية الاولى متعمدا تشويه احداث كركوك تموز 1959.
    يؤكد موريس هراري في كتابه ( الحكومات والسياسة في الشرق الأوسط /1962 ) أن القوى الرئيسية التي قامت بحركة الموصل هي ( شيوخ العشائر ، تجار الموصل الأغنياء ، وبعض ضباط الجيش المتعاطفين مع عبد الناصر – ص 102/103 من النص الإنكليزي ، اما أنصار السلام فلم يشتركوا في المعركة إلا بعد (لا قبل ) احتدامها في الأيام القلائل اللاحقة لاندلاعها ...(
8- انظر تصريحات مدريسوف :
Comrade Mudarisov/ A History of the Iraqi Communist Party 1934 -1963/Parts(1-4)/www.soviet-empire.com/Moscow/2006.
  راجع الروابط الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

208


انقلاب 8 شباط الاسود واللجوء الى التقاليد الدينية والطائفية

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

" لا يعود نهوض الفكر الرجعي في العراق لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة ، بل هو يعود في الأساس إلى دوره القديم – الجديد كسلاح من أهم أسلحة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة، والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة للحكم القاسمي ، وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين 1963وانقلاب تموز 1968 ، والاحتلال الاميركي ، وانتعاش التقاليد والولاءات دون الوطنية ، وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي ....." (1)


      تنبه استعادة دروس وعبر ثورة 14 تموز المجيدة.... وينبه تعطش الشعب العراقي الى الديمقراطية وصحوة احترام الراي الآخر والتعددية الفكرية والسياسية والسلم الاهلي والاستقرار ..  ينبه الجميع الى ضرورة اعادة النظر المستمر في المنطلقات والممارسات الخاطئة التي ابتلى بها عراق الخير والمحبة والسلام .. عراق الثورات المرتقبة! .
    مع 8 شباط 1963 لاحت بشائر الاستعمار القديم والاستعمار المقنع الجديد تلوح من جديد مما حدا بالاحزاب السياسية التحول الى العمل السري مع محاولات الحكام الجهلة تزييف الحياة الحزبية بابتذال وتزوير العمل المهني والاجتماعي والشعبي ، وانتشار الفساد واللاابالية والانتهازية والوصولية في اجهزة الدولة ، واطلاق الصحافة المأجورة لفرض سياسة الفزع والتهديد بالويل والثبور . وأشر انقلاب 14 رمضان الاسود استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية الشيعية والسنية رجعية ..... وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية . وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن لتتكرس الهيمنة الشمولية . هكذا اختارت الامبريالية الامريكية الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم على قدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة وقاوم خططها مع ثورة 14 تموز ... كما قاوم هذا الشعب المقدام افظع دكتاتورية عرفها التاريخ وما اقترفته من جرائم وحروب وما نجم عنها من حصار اقتصادي وقصف باليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة، فضلا عن ان هيمنة الادارة الاميركية على ثروات العراق النفطية تمكنها من فرض هيمنتها على العالم عن طريق الهيمنة على مصادر الطاقة . فالعراق يمتلك ثاني احتياطيي العالم من النفط .(2)(3)
•   اللجوء الى الدين والطائفية السياسية
    استغل طراطير انقلاب رمضان الاسود وقطعان الحرس القومي ( العصابات – الميليشيات القديمة تمييزا عن العصابات – الميليشيات اللاحقة .. جيش شعبي ، جيش القدس ، فدائيي صدام ، قوات بدر ، جيش المهدي ، جيش عمر ، فرق الموت ، الجيش الاسلامي ، كتائب الحسين ، كتائب علي ، ..الخ. ) الدين والطائفية ونفوذ المرجعيات الدينية وقدسيتها اسوء استغلال ليعيثوا بالارض فسادا .. فاللجوء الى الدين والطائفية السياسية ليس مؤشرا على تخلف الفكر السياسي ، ولم يكن ملازما للمجموعات الاجتماعية التقليدية فحسب من مشايخ وفلاحين واقطاع ورجال دين بل ايضا لقادة البورجوازية والبورجوازية الصغيرة ايضا ! وبالاخص البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية التي ربطت مصالحها بالمصالح الاجنبية . ومثلما اسهم اللجوء الى التقاليد الدينية والشعائر الطائفية في ظل شروط معينة في ترسيخ الدور الايجابي في جذب الجماهير الى حركات التحرر الوطني في مراحل النضال من اجل الاستقلال ، كان اللجوء اليها احد اخطر الوسائل الطبقية لزرع مخاطر انقسام القوى الثورية والديمقراطية والتقدمية ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي ... وفرخت العولمة الرأسمالية والدولرة هي الاخرى القوى الجاهلية المتدينة والاصوليات الرجعية المتسترة بالدين وخاصة الدين الاسلامي فكان القتل والتدمير اسلوب نشاطها الرئيسي تحت حجة الجهاد في سبيل الله ( عصابات القاعدة ، جند الاسلام ، جند السماء .. الخ). وهنا وجب عدم الخلط بين الدين ككيان آبستمولوجي ومؤسساتي في تاريخه المتطور والنزعات المادية فيه ولاسيما المسيحية والفلسفة العربية الاسلامية ، وبين الحركات السياسية الدينية التي هي احزاب سياسية صرفة ! والتمييز في العناصر الاعتقادية الايمانية في بنية الفكر الديني وبين العناصر الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية في هذا الفكر اي المحتوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي لبرامج هذه الاحزاب الدينية .. ، وهي برامج تشجع على الحياة في احضان الولاءات دون الوطنية والعلاقات العشائرية والاقطاعية ، واستمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي ، وخضوع الانتاج المادي في الريف والحاضرة لتقلبات الطبيعة وقوانين السوق الرأسمالي ، وعرقلة مساعي البورجوازية الوطنية في العلمنة .(4)
   حطمت العقلانية اعاقة السلطات الدينية في القرن العشرين ولكن باتجاه تدجين الدين  ليكرس في مصلحة كل ما كان قائما  بما في ذلك الحروب الاستعمارية والاسترقاق واقامة الانظمة الاستبدادية والفاشية والارهاب .. واستخدم الاسلام مثلما استخدمت المسيحية من الطرفين حجة للقيام بالاعمال وتحقيق النوايا.وهكذا واجهت الرأسمالية قضية صياغة المؤسسة الدينية بشكل يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية.. وفي بلادنا لجأت الادارة الكولونيالية الى سلاح التأويل السلفي للدين واقامة تنظيمات الاخوان المسلمين السنة ( محمد محمود الصواف) وحض المرجعيات الدينية الشيعية على مواجهة الشيوعيين في الخمسينيات ، حيث صدرت مؤلفات محمد باقر الصدر في عام المد الديمقراطي – 1959....ولتجئ الفتوى السيئة الصيت لمحسن الحكيم بعد انقلاب رمضان الاسود مؤازرة للفاشست البعثيين بالضد من القوى الديمقراطية ولأخماد حمى مقاومة انقلابيي القطار الاميركي ... وكانت الحملة الايمانية لصدام حسين تتويجا لهذه التوجهات الرجعية في وقت التزمت فيه الطائفية السياسية الشيعية بانظمة ولاية الفقيه الدكتاتورية حسب المذهب الاثني عشري ! على غرار التقليعة الايرانية( تهدف انظمة ولاية الفقيه الى اقامة الامبريالية الشيعية كنزعة فوقانية وموقف لاهوتي دفاعي يعتبر نفسه دوما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحلها) .وما أشبه اليوم بالبارحة ان ينبز اليوم الى السطح وبعد مضي اربعة اعوام على سقوط الدكتاتورية الصدامية انتعاش سلطة المال السياسي الفضائحي..،وبقاء سلاح الميليشيات..،والمضي في الاستغلال الاخرق لسلطة المرجعيات الدينية [وقدسيتها]...(5)، والسير قدما في دهاليز الارهابين الحكومي وغير الحكومي ، واتباع منهج الانتهازية والتوافقية سبيلا لابتزاز الشعب العراقي .. ابتزاز تحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم والعزلة والعتمة المطبقة. ويتجلى الابتزاز اليومي في الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات وقوة السلاح!وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب...في وقت تعجل  الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط من أجل القيام على عجل بإقرار القوانين الجديدة حول الاستثمار الأجنبي في اقتصاد النفط العراقي والموقف من الثروة النفطية.... اتفاقيات استفزازية لمصالح الشعب العراقي وسيادته الوطنية الحقة تنتقم بها لقوانين النفط الوطنية التي اقرتها حكومات الرابع عشر من تموز 1958 لترجع بالعراق القهقرى الى عهود التخلف السياسي والاقتصادي (6). ويبدو ان مرحلة الهيمنة الاميركية واستراتيجية التدخل الدولي هي تتويج لمراحل سابقة (7):
•   مرحلة الامتيازات الاجنبية واستراتيجية الرعاية المذهبية
•   مرحلة الارساليات التبشيرية واستراتيجية الاقتناص والتفكيك
•   مرحلة الاحتلال البريطاني و استراتيجية حماية الاقليات
•   مرحلة غرس اسرائيل واستراتيجية التفتيت والغزو
•   الطائفية السياسية والفكر الرجعي
    التفاعل مع الاسلام التقدمي الذي يتبنى برامج سياسية واجتما اقتصادية واضحة للمشروع الوطني الديمقراطي والذي يشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية ... سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة ... وينتقد ويقترح ويحاور علنا من خلال ممثليه بالبرلمان او من خلال صحافته والصحف الاخرى ، وصوته مسموع وتاريخه مشرف.... هذا التفاعل مبدأ استراتيجي في سياسة التحالفات بين القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية العراقية والتي تعكس الحاجة الموضوعية التي تمليها التقاء مصالح الطبقات والفئات الاجتماعية ذات المصلحة في التفدم الاجتماعي في بلادنا وبما يعزز نشاط القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية بين الجماهير و يعززه ويكشف خطل السياسات الطائفية المقيتة التي انتهجتها حكومات المحاصصة ..... ويقضي على ظاهرة الثقافة القطيعية الطائفية وجر "الرئيس القائد" و" الطائفة القائدة " الجميع لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق المبايعات المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!  . ويلاحظ التشابه بين مواقف الاسلام السياسي المعاصر وافكار الزعماء المسيحيين الثوريين في اوربا القروسطية بالافكار المثالية والساذجة الامر الذي كرس من محدودية آيديولوجياتهم وجمودها العقائدي والنتائج العملية السلبية لدى تطبيق برامجهم ان وجدت! وولدت هذه المواقف الجماعات الدينية الضعيفة المشتتة والغوغائية وأعادت خلق التربة الملائمة لترسيخ الدكتاتوريات المطلقة .. ويبقى الحديث عن البرلمانية والتعددية والتداولية في ظل نفوذ المشايخ والسادة وآيات الله وشيوع الممارسات والارهاب الطائفي هو هراء في هراء.
     اعتمد انقلابيو رمضان الاسود في تنفيذ المخطط الاميركي عام 1963 على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و السياسة الاميركية ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتهم وفرض ديمقراطية البعث والفكر الرجعي بقوة السلاح والارهاب والقمع ! (8).. ولازالت لعنات الشعب العراقي تلاحق رموزهم وهم في مزبلة التاريخ !.. ويعيد التاريخ نفسه اذ تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على نفس هذه التخاريف الاجتماعية التي تأبى الاستفادة من دروس تاريخ الشعب العراقي القريب والبعيد .




1 - راجع : ثورة 14 تموز والفكر العلمي/ الكاتب /الحوار المتمدن.
2 – راجع : هذا هو طريق 14 تموز/الكاتب/الحوار المتمدن.
3 – راجع : ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني والعقلية العسكرية/الكاتب/ الحوار المتمدن.
4 – راجع : القومية ، الدين ، النظرية الثورية الجديدة / فالح عبد الجبار/ النهج / العدد 29 / ص( 73-109). 
5 – راجع :  هل توجد تحالفات سرية غير معلنة وراء كواليس المؤسسة الحكومية العراقية؟ هل تعلن القوى السياسية غير ما تخفي من برامج سياسية؟/ الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي /الحوار المتمدن.
6 -  راجع : لعبة السيطرة على نفط العراق من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة/ الكاتب /الحوار المتمدن.
7 – راجع : الحماية والعقاب : الغرب والمسألة الدينية في الشرق الاوسط : من قانون الرعاية المذهبية الى قانون الحرية الدينية / سمير مرقص/2000.
8 - Daring for victory: Iraq in revolution 1946 -1959\ ANNE ALEXANDER\ Issue 99 of INTERNATIONAL SOCIALISM JOURNAL Published Summer 2003.

 

  يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

209
لعبة السيطرة على نفط العراق من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة
"اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض"

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
   
   
     تقدر الاحتياطيات النفطية العراقية ب(112)مليار برميل والمحتملة ب(214)برميل .. والاحتياطي النفطي العراقي في تصاعد ، ويمتلك العراق حقول نفطية غير مستثمرة لأغراض الانتاج.في 14/4/1995 تبنى مجلس الامن الدولي القرار 986 الذي سمح للعراق ببيع نفطه بقيمة مليار دولار كل 3 اشهر لتمويل مشتريات بضائع انسانية وتمويل النشاطات المختلفة للامم المتحدة . وفي 20/5/1996 وقعت مذكرة التفاهم بين العراق والامم المتحدة لتنفيذ القرار على مراحل ، مرحلة كل 6 أشهر .
•   عقوبات دولية مجحفة
       مع الفوائد التي جناها الشعب العراقي من مذكرة التفاهم بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية فان واقع الحال اكد سرقة ثروات العراق باسم الامم المتحدة ووصاية دولية غير مسبوقة بعد ان تحول هذا البرنامج المنقطع النظير في تاريخ الامم المتحدة من النفط مقابل الغذاء الى مقابل كل شئ !( العقوبات المعدلة – المصالح الفيصل الحاسم/الكاتب / الحوار المتمدن، الاقتصاد العراقي : جرعات انتعاش ملحوظة نتيجة الصادرات النفطية / الاقتصاد والاعمال / العدد 254 /2001/ص(28- 30)،الاقتصاد العراقي مابعد الحصار والخيارات المتاحة/كاشاني الركابي/شؤون الشرق الاوسط/العدد 100/2000/ص(91- 103)).
•   توزيع غير منصف للعائدات النفطية.
•   تعليق والغاء العقود والتعامل معها انتقائيا من قبل لجنة العقوبات 661 وتأخير وصول المواد الانسانية الى العراق.
•   يمر العقد بسلسلة من المراجع من مرحلة ابرامه مع الشركات المجهزة ولغاية وصول البضائع الى العراق.
•   الاجراءات الطويلة المعقدة لفتح خطابات الاعتماد بشكل مقصود ، وتأخير تسديد مبالغ العقود للمجهزين بعد وصول البضائع.
•   تخصيص النسب المستقطعة لدفع التكاليف الادارية التي تتحملها الامم المتحدة ولجنة التفتيش الخاصة .
•   المبالغة في استقطاعات التعويضات ، واغلبها غير حقيقية وملفقة بشكل تعسفي على حساب تلبية الحاجات الانسانية للشعب العراقي.   
    وفي 14/5/2002 صادق مجلس الأمن بالإجماع على قرار – 1409- لإقامة نظام عقوبات معدلة يحافظ فيها على فرض العقوبات الدولية غير انه يخفف الإجراءات ليتيح للعراق استيراد منتجات الاستعمال المدني. كانت العقوبات المعدلة صيغة لفظية ثانية للعقوبات الذكية (Smart Sanctions ) التي كانت موضوع مناقشات مستفيضة في أروقة الأمم المتحدة قبل الاحتلال الاميركي ومركز ثقل المفاوضات الثنائية المكثفة بين الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين في مسعى عن سبل تخفيف المعاناة عن أبناء الشعب العراقي مع تشديد القيود المؤثرة المباشرة على الحكومة العراقية وقدراتها في صنع أسلحة الدمار الشامل!. واحتجزت نفقات الأمم المتحدة وحدها 30% تقريبا من حساب العراق بالأمم المتحدة ولم يستلم العراق من بضائع وتجهيزات سوى ما قيمته  25%من هذا الحساب.
     حولت قرارات الأمم المتحدة وبالأخص – 986-  و-1409- بيروقراطية الدولة العراقية إلى قوة تجارية نشيطة باتجاهين: الاتجاه الأول –  تجارة السوق السوداء والتهريب وتحول سلطة الدولة إلى مافيا منظمة في السوق الدولية. الاتجاه الثاني -  التجارة الخارجية بموجب القرارات الدولية والحصول على العملات والرشاوى عبر التعاقدات التجارية.. واكتسبت هذه البيروقراطية السمات الطفيلية وازدهرت إلى شريحة كومبرادورية قائدة تسير في ظلها فئات الكومبرادور في القطاعات غير الحكومية.تحولت السلطات العراقية إلى الوكيل التجاري الحارس المنسجم مع المصالح العولمياتية والرأسمالية وخلق الأنماط الطرفية التي تتشابك فيها الوظائف التجارية للدولة والسلطات المحلية مع الشركات والمؤسسات الدولية تنفيذا لتوصيات الثالوث الرأسمالي المقدس البنك الدولي (W.B) وصندوق النقد الدولي (I.M.F) ومنظمة التجارة العالمية (W.T.O)... وتواصل التهميش الطبقي والتطور المتفاوت الإقليمي في إطار الوحدة الجغرافية للدولة الوطنية. وانتهكت السيادة الوطنية وتهدد الاستقلال الوطني وضاعت القيم الحضارية العصرية لتنتعش الهويات ما تحت الوطنية، ولتستمر الوصاية الدولية بمباركة القانون الدولي دون جدول زمني.
•   ضمان بقاء ابواب الاقتصاد العراقي مشرعة امام الرساميل الاميركية
      سعت الولايات المتحدة إلى ضمان الهيمنة على النفط العراقي وفرض نظامها الأمني في الخليج العربي وان يكون العراق جزءا من عملية التسوية العربية- الإسرائيلية وان تجري السيطرة التامة على الأسواق العراقية وتأمين إسهام الاستثمارات والاحتكارات الأمريكية في عملية إعادة بناء الاقتصاد العراقي الذي تبقى أبوابه مشرعة أمام الرساميل الأمريكية وحتى الإسرائيلية!!.لقد بدأت لعبة السيطرة على نفط العراق .... وتتجسد في مشاريع القوانين الجديدة للهيدروكاربونات واستثمار النفط والتي يفترض للبرلمان العراقي المصادقة عليها حقيقة المناورات والاطماع الأمريكية لأنها توفر للاحتكارات الغربية ما حلمت به منذ شروعها استغلال النفط العراقي ابان تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 بالاتفاقات الطويلة الأمد المربحة جدا والتي تتجاوز ضعف الربح المعياري للاتفاقات النفطية المتاحة عموما ، وأيضا تمنع الحكومة العراقية مستقبلا من تأميم الصناعة النفطية ... اتفاقيات ذات طبيعة ابتزازية تستهدف بلادنا التي تعيش وضعا استثنائيا لتحقيق أقصى الأرباح وبصورة خيالية لها ،وتنزل في الوقت نفسه أكبر الخسائر بالاقتصاد العراقي طيلة النصف الأول من القرن الحادي والعشرين.وكأن الابتزاز بات قدر الشعب العراقي هذا القرن .. بعد ان تحول الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم والعزلة والعتمة المطبقة. ويتجلى الابتزاز اليومي في الضحك على الذقون والمساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين وقوى الارهاب وفرق الموت والعصابات- الميليشيات وقوة السلاح!وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطيات المترهلة والتجار الى جانب الكسب غير المشروع والتدني المرعب في تقديم الخدمات العامة واعمال الغش والتهريب.هكذا تقوم الولايات المتحدة الأمريكية وشركات النفط المتعددة الجنسية وبعض المسؤولين وكبار ومتوسطي الموظفين في وزارة النفط العراقية وفي مجلس الوزراء والنواب بالضغط من أجل القيام على عجل بإقرار القوانين الجديدة حول الاستثمار الأجنبي في اقتصاد النفط العراقي والموقف من الثروة النفطية.... اتفاقيات استفزازية لمصالح الشعب العراقي وسيادته الوطنية الحقة تنتقم بها لقوانين النفط الوطنية التي اقرتها حكومات الرابع عشر من تموز 1958 لترجع بالعراق القهقرى الى عهود التخلف السياسي والاقتصادي .
     تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار!.في هذا الاطار وهذه الظروف السياسية القلقة والمضطربة تناور حكومات الائتلاف العراقي الموحد لتمرير صفقاتها المشبوهة مع الغرب وايران والتي لا تدل على الغباء المفرط بتاريخ حركة شعبنا الوطنية  بل الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية .. في ذات الوقت الذي فيه تناور كبرى شركات النفط في العالم بحرص شديد للفوز بحصصها من كعكة حقول النفط التي تفضلها عندما يفتح العراق في نهاية الامر الباب أمام الاستثمارات بمليارات الدولارات.وتعكف الشركات العالمية من مسافة امنة على دراسة البيانات الواردة من حقول النفط العراقية الواعدة وبعض حقوله المنتجة الاقدم للتفوق على منافساتها عندما يبدأ تقديم العروض ( انظر : حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا!!/الكاتب/الحوار المتمدن).ستهيمن الشركات الأجنبية هيمنة كاملة على اقتصاد النفط العراقي بغض النظر عن التغيرات التي يمكن أن تحصل في هذا المجال الحيوي والمتغير باستمرار،ويفقد العراق الكثير من سيادته على النفط الخام وقدرته على التحكم باقتصاد النفط الخام أو حتى اتجاه تطوره الاقتصادي والسياسي .والعراق ليس قصة نفطية فقط فهو الجسر الضروري لإتصال شبكة القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في آسيا الوسطى مع تلك الموجودة في الخليج العربي.
     بدأت لعبة السيطرة على نفط العراق مع موقف الحكومة العراقية الهزيل في رفع اسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز ،بالقرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور " الدائم " اواخر 2005، استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الاغلبية التي سحقتها الدكتاتورية ولم ينصفها بعد عراق ما بعد التاسع من نيسان ، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للبورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم! (انظر: زيادة أسعار الوقود ... حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي/الكاتب/الحوار المتمدن). وبسلوكيتها الديماغوجية المتسترة بالعباءة الدينية  تقوم حكومات الائتلاف الحكومي الموحد عن عمد وسبق اصرار بتغطية الجوهر اللصوصي للعولمة الرأسمالية والتستر على عسكرة الاقتصاد العراقي وتعبئة الموارد للتسلح والاعداد للحروب الجديدة بحجة القضاء على الارهاب ! ولتتحول الغزوات والاعتداءات الاحتكارية الدولية في العرف العولمياتي الرأسمالي الى تمهيد لتنظيم السوق العالمية والرأسمالية المخططة !ولتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى إعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.لقد انخفض الدعم الحكومي المقدم لاستيراد المشتقات النفطية بصورة حادة خلال عام 2007 ليصل الى 300 مليون دولار فقط لدعم استيراد النفط الأبيض، بينما وصل عام 2005 الى 4.5 مليار دولار، وعام 2006 الى 2.5 مليار دولار. وتتوقع وزارة النفط الشهرستانية زيادة أسعار المشتقات النفطية، بحلول شهر آذار 2007، الى ما يصل الى 15 %. واعترف وزير النفط نفسه بحقيقة أن هذا الاجراء يأتي نتيجة لضغوط صندوق النقد الدولي.المالكي وعد وزير الطاقة الاميركي بفتح قطاع النفط للشركات الاجنبية مع استكمال مشروع قانون الاستثمار الجديد.. اي ان الامر خرج من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة !! كما جرى اقرار قانون استيراد المشتقات النفطية لمعالجة ظاهرة نقص المحروقات في السوق المحلية بتحريض سافر من وزير النفط  (حسين الشهرستاني ) الذي تعهد بإنهاء أزمة الوقود في حال شجعت الحكومة القطاع الخاص على استيراد المشتقات النفطية ... وينطلق من القناعة بأن قطاع الدولة عاجز عن ان يعالج مشكلة المحروقات، فلابد من اشراك القطاع الخاص .... بمعنى أخرى مزيدا من التحلل التدريجي من دعم المشتقات النفطية واطلاق العنان للسوق واحكام السوق وفوضى عفوية السوق (انظر: عام مضى وعام قادم .. انجازات الطائفية السياسية في العراق عام 2006 ؟/الكاتب/الحوار المتمدن)!.ومن المثير للقلق، بل والسخط ، أن تترافق الاجراءات المتعلقة بخفض دعم المشتقات النفطية مع خفض قيمة مخصصات البطاقة التموينية،وارتفاع سلطة المال السياسي الفضائحي..،وبقاء سلاح الميليشيات..،والمضي في الاستغلال الاخرق لسلطة المرجعيات الدينية [وقدسيتها]...(انظر:  هل توجد تحالفات سرية غير معلنة وراء كواليس المؤسسة الحكومية العراقية؟ هل تعلن القوى السياسية غير ما تخفي من برامج سياسية؟/ الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي /الحوار المتمدن).
•   من العقوبات الذكية الى الشراكة الذكية
    ومثلما اسهمت الولايات المتحدة وبريطانيا بفعالية في اصدار القرار 1409 عام 2002( العقوبات الذكية ) والذي وصفه( جون نيكروبونتي) السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة بالإنجاز فنيا وسياسيا بينما اعتبره (سيرغي لافروف) السفير الروسي لدى الأمم المتحدة آنذاك خطوة على تسهيل نظام استيراد المواد الإنسانية والمدنية ، فانهما يحاولان التملص من تبعية معاناة ومآسي الشعب العراقي هذه الايام باتفاقيات الشراكة الذكية في الإنتاج النفطي والتي تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم الشركات المتعددة الجنسية باستخراجه بموجب عقود وتبقى نشاطات الدولة، من ناحية عملية، مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود(عقود مشاركة الإنتاج Production sharing agreements (PSAs)- التنازل عن مصدر سيادة العراق / كريج موتيت/PLATFORM/www.crudedesigns.org/ نوفمبر 2005).وتعتبر عقود مشاركة الإنتاج إعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية، تنقلها من الملكية العامة إلى الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الأمر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق "أمن الطاقة" في سوق مضطرب ، وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية " لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل. ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد، يجري فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة. وتعتبر نظم المشاركة انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة (انظر : تحريم التطرق الى النفط / ديفيد ادواردز / ميديا لينس الالكتروني)!. بالشراكة في العائدات وسيطرة الدولة على الثروات تحت الأرض ، في الواقع ، لا يعني سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الانجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم. في اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية... ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى (نفط التكلفة). وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب (كنفط تكلفة). وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم (أرباح النفط) المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد تكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..

  يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/ARTICLE/SKuba/index.htm

210

الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي للطائفية السياسية
- ما أشبه اليوم بالبارحة -
   
      المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

  الحزب الشيوعي العراقي  فصيل سياسي وطني تقدمي حي ، حتمت وجوده الاستقطابات الاجتماعية في بلادنا اوائل القرن العشرين وتنامي دور الطبقة العاملة في الوحدات الانتاجية وتصاعد حدة الاضطهاد الاجتماعي .... وكانت طبقية الحزب حقيقة واقعة . وواقع الحال يؤكد انه لا يمكن لأي حزب ما أن يكابر ويدعي التحلل من السير ضمن المصالح الطبقية. ومن هنا نفهم تضليل جميع الأحزاب التي تدعي السمو فوق المصالح الطبقية والتعبير عن مصالح الأمة كمجموعة واحدة سواء كانت تلك الامة العربية او الاسلامية او الشيعية الخ من المصنفات اللغوية .وقد ثبت لدينا كما هو معلوم ان الأحزاب التي ادعت هذا الادعاء – ولا تزال تدعيه – سواء أكانت أحزاب اليمين ، أي الأحزاب التي تسمي نفسها القومية والطائفية على اختلاف اضرابها والوانها وصورها، أو احزاب اليسار التي تدعي انها تقف موقف الوسط بين اتجاهي التطرف لليمين أو لليسار، ثبت لدينا انها جميعا في حقيقة الأمر أحزاب طبقية صرفة : الأولى منها احزاب القوى الرجعية المباشرة ؛ والثانية منها احزاب القوى الرجعية غير المباشرة ، واحيانا احزاب البورجوازية الصغيرة المتعلقة بحكم مصالحها بأذيال الطبقات الحاكمة. ولكن لا يعني ذلك ان الحزب الطبقي لا يتبنى أحيانا كوسيلة من وسائله العملية أي من وسائله ( التكتيكية ) مصالح بعض الطبقات الأخرى.كما انه لا يعني ذلك ان الحزب يستبعد من أهدافه الرئيسية أحيانا ووسائله المهمة حماية مصالح الطبقات الأخرى في بعض المراحل الاجتماعية التي تتوحد فيها مصالح الطبقات المختلفة في بعض النقاط الهامة . ان لهذه النقطة أهمية خاصة في العمل الحزبي في العراق. ويمتلك الحزب الشيوعي العراقي  الرؤية الوطنية الواضحة للمشروع الوطني الديمقراطي ، وهو يشارك بمسؤولية وطنية عالية بالعملية السياسية ... سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة ... وينتقد ويقترح ويحاور علنا من خلال ممثليه بالبرلمان او من خلال صحافته والصحف الاخرى ، صوته مسموع وتاريخه مشرف. وليس مستغربا ان ترى الطائفية السياسية في بلادنا هذا الحزب العتيد عقبة كأداء في مسيرة احلامها الشريرة ... احلام طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ، محاولات التمشدق بالدين والأخلاق والتمويه والمخاتلة ، تكريس نهج الطائفية السياسية والمحاصصات الطائفية  .
•   خبايا الحياة الحزبية في العراق
      تأسست بعد تشكيل الدولة العراقية عدة أحزاب سياسية استمرت في نشاطها الحزبي بصورة متعثرة غير منتظمة.. وكانت اهم مميزات هذه الأحزاب مايلي: أ – إنها كانت أحزاب أفراد لا أحزاب مناهج ومبادئ عامة   ب – ضيق الأهداف. ج - انها كانت بعيدة كل البعد عن مصالح الناس والحياة اليومية .ويستثنى من ذلك ( الحزب الوطني )الذي كان برئاسة جعفر أبو التمن اذ كان الى حد كبير حزب البورجوازية الصغيرة من أبناء المدن الكبرى وخاصة في بغداد... على ان الحزب الوطني لم يختلف عن الأحزاب الأخرى من حيث الخصائص العامة التي سبق ذكرها ، من حيث ضيق الاهداف وعدم الاهتمام بالمشاكل الداخلية ، وعدم اتباع الوسائل العلمية في العمل الحزبي ، واتباعه الاصلاحية من حيث الأساس وعدم اهتمامه بالتعاون مع الأحزاب والهيئات المماثلة في البلاد الأخرى فضلا عن انه كان يجمع شتى التناقضات الفكرية في قيادته : من القومية المتطرفة الممثلة ب( احمد عزت الاعظمي و محمد مهدي كبة ) والروح الخيرية العامة الغامضة التي كان يمثلها زعيم الحزب ،الى الاتجاه القومي الاسلامي الضيق المعادي للاتجاهات القومية الديمقراطية الحديثة ( فهمي المدرس و عبد الغفور البدري وامثالهم).وكان هذا التناقض اهم عوامل انحلال الحزب في النتيجة والغائه رسميا بعد تصديق المعاهدة العراقية – البريطانية سنة 1930.
     وقد خلف الاستعمار طبقة جديدة من أبناء المدن من كبار رجال السياسة وابناء العائلات الكبرى فيها ،ترتبط مصالحها الاقتصادية مباشرة بمصالحه  عن طريق تكوين الشركات المالية الكبرى المرتبطة بروؤس الأموال الأجنبية ، والمعتمدة في نشاطها المالي على الأسواق و روؤس الأموال الاستعمارية ( عبد الهادي الجلبي وشركة أندووير ، السويدي وعلي ممتاز وتجارة العطاريات مع الشركات الإنكليزية في الهند ، المدفعي وعلي كمال وعبد الهادي الدامرجي وبتجارة الاراضي ، صباح نوري السعيد وطارق العسكري وبتجارة الحبوب والمواد الغذائية الأخرى …)الخ من مظاهر تردي الحياة العامة في العراق ادت الى اختفاء الحياة الحزبية وعدم تطبيق شروط النظام الديمقراطي.
     كما اسهم الاستعمار في ديمومة التقاليد الدينية والطائفية والعشائرية التي كان يقوى عودها مع بطء وتيرة تشكل المجتمع المدني في بلادنا .وتزعم قادة الانتماءات الاهلية البدائية المرحلة الاولى من حركات التحرر الوطني وافلحوا في الاحتفاظ بمواقع ظاهرة وكامنة مهمة حتى في المراحل التالية ... وشكلت المؤسستان الدينية الطائفية والعشائرية مجموعات ضغط لوبية مستقلة وقوية نسبيا ، وعينت في البنية السياسية العراقية قواعد السلوك التي يجب ان يتبعها المجتمع والدولة وفي اتخاذ القرارات ، في نفس الوقت الذي استخدمت فيه الشعارات والاعراف الدينية الطائفية العشائرية لتغطية المصالح الشخصية للزعماء والمرجعيات السياسية والدينية – الطائفية التي اعتمدت على تقاليد دعم مؤسسات الانتماءات البدائية .   
     ظهرت الحياة الحزبية من جديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية نتيجة الظروف الاجتماعية والسياسية الجديدة التي خلفتها الحرب المذكورة في العراق وسائر انحاء العالم . وبرزت الحزبية الحديثة مع نمو العلاقات شبه الرأسمالية اذ احلت التحزب بمحتوياته الجديدة محل التحزب العائلي او الطائفي او العشائري او المناطقي ، واسهمت في نقل المجتمع العراقي الى اوضاع اكثر تطورا من التجمعات الاهلية العفوية الى المؤسساتية المدنية انسجاما مع المصالح الرأسمالية في توحيد الاسواق والدوائر الاستهلاكية وبما يناقض اساسا ارتسامات التأطير الاهلي – الاقليمي . انسجم هذا التطور مع مصالح الكادحين والاوساط الشعبية التي لا تستطيع مقاومة الاستغلال والحد من ويلاته الا على اسس جديدة تتجاوز الاطر الضيقة والانتماءات البدائية !.وذلك استلزم تطوير البنى الداخلية للاحزاب الجديدة والتخلص قيود من جعل الانتماء ولاءا ، والاختيار الحر تعصبا ... واتسمت الأحزاب الجديدة الناشئة في العراق بخصائص جديدة ظهرت لأول مرة في تاريخ العراق السياسي . من هذه الخصائص :أ – ظهور الطابع الطبقي لحد ما في الأحزاب الجديدة …فهناك الأحزاب التقدمية وهي تمثل بمجموعها من الوجهة النظرية " الفلسفة الاشتراكية "على اختلاف درجاتها وصورها } الحزب الوطني الديمقراطي تبنى الاشتراكية الإصلاحية {،وحزب الشعب والاتحاد الوطني تبنيا الماركسية مع محاولة تكييفها لظروف العراق الاجتماعية.وتبنى حزب الاستقلال القومية البورجوازية مع محاولة فاشلة لمسايرة التيار التقدمي السائد بعد الحرب بوجه عام. ولم يتبلور هذا الطابع في حزب ما ، بشكل محدد ،نظرا لعدم ظهور الطبقات الاجتماعية المستقلة في العراق ونظرا لتداخل المصالح الاجتماعية في تلك الفترة. ب – ظهور الشمول والسعة والتفصيل في مناهج الأحزاب الجديدة والاهتمام النظري على الاقل بمعالجة المشاكل الاجتماعية وادراك واضح ( خاصة في الأحزاب اليسارية) لوحدة الجوانب المختلفة في الكفاح الحزبي ، والربط بشكل آلي بين الاصلاح الداخلي والعمل في سبيل الاستقلال الوطني.
    على ان هذه الاحزاب الجديدة لم تخل من نواقص جوهرية سواء أكان ذلك في مبادئها أو في تشكيلها أو في وسائلها في العمل مما كان ولا يزال من أهم أسباب فشلها الى جانب الأسباب الأخرى التي تتصل بحداثة الحياة الحزبية من جهة وبضعف الإمكانيات الاجتماعية الحزبية في العراق من جهة أخرى .  فحزب الاستقلال مثلا :  تعامى بشكل ساذج عن حقيقة التناقض الاجتماعي القائم في العراق وافترض وحدة الشعب العراقي وبنى مبادئه وحلوله على هذا الأساس الزائف ، ووقع بسبب ذلك في أخطاء فيما يتصل ببعض المشاكل الأساسية في البلاد ، والتزم بمنهاج سلبي في اكثر دوافعه وأهدافه . وقد مثل مصالح الطبقة الوسطى الناشئة التي تخشى الشعب وحركاته ووعيه بقدر ما تخشى الاستعمار.واتسم هذا الحزب بعدم الانسجام في قيادته وفي الاتجاهات الفكرية لمؤسسيه ، إذ انهم وان كانوا جميعا ينتمون الى الطبقة الوسطى ويمثلون مصالحها الأساسية الا انهم  أختلفوا في وسائل تبني هذه المصالح وبالتالي في الاتجاهات الفكرية التي تمثلها... تبنى بعضهم القومية الضيقة متأثرا تأثرا واضحا بالمبادئ الفاشية ( صديق شنشل – السامرائي ) وبعضهم ساير الاتجاهات الاصلاحية في اوربا الغربية ( محمد مهدي كبة ، عبد الرزاق الظاهر )وبعضهم لم يفرق بين الدين والقومية وحاول حشر الدين الاسلامي في السياسة الوطنية باعتبار الدين المذكور من المقومات الرئيسية للقومية العربية ،متأثرا في ذلك بالفاشية اليابانية (محسن الدوري ، عزيز الدوري ، ناجي معروف ، عبد الرحمن الجليلي).وتجلى التناقض من جهة ثانية بالشعور الواضح بلزوم مسايرة الاتجاه اليساري السائد في العالم بسبب الظروف الجديدة التي خلفتها الحرب والى عدم امكانية الوقوف في وجه هذا التيار بشكل محدد صريح ومحاولة مسايرته في بعض الحلول التفصيلية التي جاءت لا تتلائم بحال من الاحوال مع المقدمات والافتراضات الفلسفية التي تبناها الحزب. لم تجمع قيادة حزب الاستقلال جامعة فكرية إيجابية بل كل ما تجمعها الى جانب الصلات الشخصية الخاصة والاشتراك المؤقت الطارئ في المعتقلات والسجون أثناء الحرب الأخيرة ، الأهداف السلبية المذكورة وهي كراهيتها للانكليز من جهة وعدائها للتقدمية من جهة أخرى ، ويستطيع الانسان ان يلاحظ بضعة اتجاهات واضحة في القيادة المذكورة وفي عناصر الحزب بوجه عام…منها القومية بالمعنى الضيق مع سائر مستلزماتها الاجتماعية والاقتصادية (الوحدة العربية ، سياسة الحماية الكمركية ، اعتبار العمل واجبا مقدسا ، تحديد حرية النقابات ، تدخل الدولة الاقتصادي على الأساليب الفاشية المعروفة ،تفسير التأريخ العام والعربي تفسيرا قوميا محضا ، تشجيع الروح العسكرية …الخ)،  ومنها الروح الطائفية التي تسود الجانبين والجماعتين في القيادة .ومنها الروح الاسلامية التي اتضحت في بعض مبادئ الحزب وفي منهاجه …كتشجيع الدراسات الاسلامية ، وتقوية الروح الدينية في التعليم ، ووضع التشريع المدني على أساس الفقه الاسلامي ، الى غير ذلك من ظواهر هذه الروح. واخيرا ، الاتجاه الاشتراكي الاصلاحي الذي ظهر أثره في بعض مبادئ الحزب أيضا كموقفه من مشكلة الاقطاع وبعض الحلول التفصيلية المتصلة بالمسألة المالية كالضرائب التصاعدية وتشجيع التعاونيات الزراعية …الخ.
    وفي هذا المخاض الاجتماعي ظهر الحزب الشيوعي العراقي عام 1934 ، وتميزت شخصيته بالوطنية العالية المؤمنة بصياغة الوعي الوطني العراقي الذي يتجاوز الاطر العشائرية والطائفية .. لقد اكتشف الحزب الشيوعي العراقي ضرورة تجميع القوى والفئات الاجتماعية التي همشها التدخل الكولونيالي ، وهي كادحو الارض او الفلاحون الفقراء والعمال الزراعيون الذين ولدوا مع التمايزات الطبقية في الريف واتهيار المشاعية الفلاحية ومشاعة الارض وظهور طبقة مالكي الارض الاقطاعيين وما رافقها من انتهاكات بشعة لحقوق الكادحين بعد تجريدهم من ملكياتهم الزراعية ، القوى الخارجة عن الدورة الاقتصادية بسبب غزو السوق من قبل السلع الانكليزية وما رافقها من انهيار للصناعات الحرفية وتحول شغيلتها الى هذه القوى الخارجة ... وما افرزه ذلك من تصدع كبير في التماسك الاجتماعي في المدن والحواضر ، قوى العمل الجديدة في الصناعات الفتية والقطاعات الخدمية -  الانتاجية من استخراج نفط ، موانئ ، سكك حديد ... وهي قطاعات جذبت الفئات المهمشة ووفرت فرص اعادة بناءها الطبقي وتنظيمها وفق متطلبات الظروف الاجتمااقتصادية الجديدة !. وتجسدت في مواقف  الحزب الشيوعي العراقي الاممية الواضحة بالاعتراف بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في العراق ، والاعتراف بحق الامة الكردية في تقرير مصيرها بنفسها !. لقد تأثر ابناء السادة والشيوخ بالاخلاق الشيوعية واصبح العديد منهم كوادر داخل  الحزب الشيوعي العراقي بعد انتزاعهم من البيئة الدينية – الطائفية – العشائرية في بلاد سادتها عقلية الولاءات دون الوطنية ! .. وعمل الحزب الشيوعي العراقي على اعادة الاعتبار لترسيخ القيم التربوية الانسانية وتصفية مظاهر التملق والمسايرة والولاء الشخصي والديني والطائفي والعشائري والجهوي والابتعاد عن مظاهر الاستعلاء والتسلط والغطرسة وميول الانتقام والثأر وتصفية الحسابات .. واعتماد معايير الكفاءة والمعرفة والثقافة والتجربة السياسية والتكوين النظري والسجايا الثورية والخصائل الاخلاقية والانسانية والتوازن النفسي والعلاقة الحميمة اساسا في اصطفاء وتقديم الكوادر ...
•   التاريخ لايعيد نفسه بل يعيد دروسه
    من عادة العراقيين التعلم حتى بعد فوات الأوان... فالتاريخ لايعيد نفسه بل يعيد دروسه كما يقول علماء الاجتماع .... وهاهي الخلاصة السياسية والاجتمااقتصادية في بلادنا بعد اربع سنوات من حكم الطائفية السياسية التي لم تستفد من تجارب : 1- ارهاصات ايران الدولة الإسلامية - اسطع برهان على زيف الإعلام الديني الموجه عبر الفضائيات الجديدة والإعلام الديني للجوامع والحسينيات التي تمارس دورا يبتعد عن الواجب الديني ليصب في التخلف الديني ... لقد انتجت ايران الاسلامية الهرمية والتراتبية فعزلت نفسها عن الشعب .. انها حكم رجال الدين – السادة الجدد الذين الغوا سيادة الشعب والاحكام الاسلامية معا ! .. انها حكم آخوندسالاري اي حكم الكهنة واغتراب الحكام عن الدين .. انها الشعبوية ، والخميني فيها ابو الفقراء . وفي الدستور الايراني الاسلامي تنفي سيادة فقهاء الاسلام سيادة الشعب ، والمجتمع الاسلامي قائم ضد الامة الايرانية ، والتعاليم والمبادئ الطائفية تحد من حقوق الشعب ، ومجلس الصيانة يجرد البرلمان من السلطات ، ويقمع القائد رئيس الجمهورية ، ويجعل مفهوم ولاية الفقيه من فكرة الجمهورية عبثا ! ( انظر : فارزن سرابي / عهد ما بعد الخمينية في ايران / Middle East Journal / الجزء 48 / العدد 1 / ص(89- 107)/1994. وكذلك هوشنك شهابي / الدين والسياسة في ايران / مجلة الاكاديمية الاميركية للفنون والعلوم / القسم 120 / العدد 3/ ص(69- 91)/1991). 2- الواقع الكارثي الذي خلفه لنا  الدكتاتور كحمل ثقيل تنوء به الجبال من جهل وفقر وهدر لكرامة المواطنة والمواطن العراقي وفهم خاطئ لمعاني احترام حقوق الإنسان والديمقراطية ... وكذلك اقتصاد مدمر وضرر بالغ بالبنية التحتية وهدر سريع للثروات وهلاك لمئات الآلاف من العراقيين والقوى العاملة واستنزاف العقول والهجرة الجماعية للكفاءات العلمية والثقافية وهبوط حاد في مستوى المعيشة وتدني أنظمة الصحة والتعليم.3-  وليس اقل أهمية ما ينتجه ارهاب الاصولية الاسلامية والطائفية  من واقع صعب بالقتل لأغراض القتل الامر الذي اتاح الفرصة للمتسلقين من بعض السياسيين الجدد في ترسيخ المحاصصة الطائفية والفساد الإداري ... 4-  ولا ننسى الحاجة النابعة من انتشار البطالة التي تبقي العراقيات والعراقيين في دائرة العوز والحاجة.هكذا يقدم العراق تجربته الغنية في كيفية تلون الاحزاب الدينية والطائفية كي تصل الى السلطة ومن ثم تفعل ما يفوق أي دكتاتورية أخرى ! ان العودة الى الماضي والبدائل الاسلامية والطائفية ردود افعال على التخلف ودليل عمق ازمة المجتمع العراقي .. وهي نتاج المرحلة التي سببت التخلف . فالتخلف والبدائل الاسلامية – الطائفية يرتبطان بعلائق تاريخية !
     أعداء الحزب الشيوعي العراقي  ......هل يستوعبون التاريخ ( انظر : مقابلة فضائية الجزيرة مع جبر صولاغ العضو البارز في المجلس الاعلى أحد اعمدة الائتلاف الشيعي الطائفي الموحد اوائل ايار 2006 )؟ لو أن أحفاد هتلر وموسوليني وبينوشيت وخميني وملا عمر واسامة بن لاذن وابو درع ونوري السعيد وصدام الذين يريدون اليوم مواصلة رفع رايات العداء للشيوعية بالعراق هم جهلاء فقط ، لهان الأمر ولتدبرنا أمرهم بالتعليم والتثقيف وتكرار التعليم والتثقيف حتى يعوا من أمرهم شيئا .... الا أنهم جهلاء وأغبياء أيضا . لقد تكالبت قوى عاتية ، ولعشرات من السنين دون ملل أو هوادة ، تفوقكم عدة وعتادا بآلاف المرات على الحزب الشيوعي العراقي محاولة النيل منه ومن نضاله الوطني وتاريخه المعمد بدماء شهداءه وتضحيات مناضليه .. فماذا جنت هذه القوى الآثمة الشريرة....؟ اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق آرائهم مع الفئات الاخرى ومنها الحاكمة الان في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام ، الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي ! مجتمع تحترم فيه الحريات العامة .... أم يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية الا المحاصصة الطائفية والقومية ! ( انظر : ملفات امنستي AMNESTY ، منظمة مراقبة حقوق الأنسان، تقارير منظمات وبعثات الأمم المتحدة للاعوام الاربعة المنصرمة ).  لقد اشترك الحزب الشيوعي العراقي منذ سقوط الفاشية في العملية السياسية ، انطلاقا من مسؤوليته الوطنية تجاه شعبنا ، وليساهم في دفع العملية السياسية بالاتجاه الصحيح ، لبناء العراق الجديد ، عراق الديمقراطية والتعددية والفيدرالية ، من خلال المشروع الوطني الذي يحمله والذي يقف بالضد من المشاريع الطائفية والقومية الضيقة ، والدولية والاقليمية، واقامة حكومة الوحدة الوطنية التي تشترك فيها جميع القوى الوطنية على اساس المعيار الانتخابي والوطني لطبيعة المرحلة ومتطلباتها . لقد عاهد الشيوعيون أمام من يحبونهم أن يفرشوا طريق الناس بالورود لا بالأشواك وهم يدركون " لم يكن سبيل الحرية يوما ما مفروشا بالرياحين والازهار "  .. فما بالك بمن يتوعد بالمفخخات ونسف المقرات والقصف بالهاون والاغتيالات واعمال الاختطاف الجماعي وبفرق الموت وبمحاكم التفتيش القروسطية وقتل العقل والادب والفن وبنشر اللطميات !. الشيوعيون العراقيون لم تقهرهم السجون واعمال الاختطاف والاغتيالات بل قهروها!. الشيوعيون العراقيون مصدر قلق جدي لأعداء الديمقراطية والتعددية السياسية وهم يناهضون الطائفية السياسية لأنها تريد ان يقرأ العراقي تاريخه كما هو مقرر له ومن ورائه شارع مسلوب العقل والارادة كما فعل صدام حسين وبما ينسجم مع رغبات التيارات الدينية – الطائفية السائدة اليوم ..  ثمة صفتين يجب أن يتحلى بهما المرء عندما يتعاطى مع التاريخ ليضمن رأسه فوق كتفيه في عهود الطائفية السياسية ، وهما: النفاق والغباء. ان الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية ، وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا ،  لا يستلزم فقط العمل على اشاعة روح التآخي والتآزر والمحبة  والتحلي بالحكمة والتروي وترجيح العقل والتعامل الواقعي ، ووقف التراشق الاعلامي والكف عن توجيه الاتهامات دون تمحيص وتدقيق، مما يثير الحساسيات ويشدد حالة الاستقطاب ... بل يستلزم القول الفاصل الرافض لأحزاب الولاءات دون الوطنية والتخاريف الاجتماعية ، فذلك وحده الكفيل بوأد النعرات الطائفية المقيتة التي تبث الفرقة بين ابناء الشعب والوطن الواحد ، والقيام  بكل ما من شانه تبديد حالة التوتر والاحتقان ، التي ينطوي  استمرارها على خطر داهم لن ينجو من عواقبه احد  .. ان الاحزاب الطائفية والطائفية السياسية لا تقدم للبلاد سوى الفكر الاسود وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية ومشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..

راجع : الطائفية السياسية في العراق

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية
9.   لا يحتمل الشعب العراقي طغاة جدد يتحكمون بمصيره
10.   عام مضى وعام قادم .. انجازات الطائفية السياسية في العراق عام 2006 ؟



  في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm






 

211
عام مضى وعام قادم .. انجازات الطائفية السياسية في العراق عام 2006 ؟
  المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

     اعاد حسين الشهرستاني وهو يستعرض منجزات حكومته ووزارته على شاشات التلفزة العراقية 28/12/2006 في اجتماع لمجلس الوزراء .. اعاد الى الاذهان المسار الدعائي التهريجي الذي اتسمت به السياسات الحكومية المتعاقبة في بلادنا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 وحتى يومنا هذا . لقد اتسمت السياسات الحكومية بالعزلة عن الشعب وحبيسة انفاسها الافلاطونية وفرادتها كونها وحيدة الجانب – من الفوق الى الاسفل – وبميكافيليتها والابتعاد التدريجي عن الموضوعية والواقع السياسي … باختصار جرى تغييب الوعي السياسي والديمقراطي وتدنيه  .. وبوقاحة متناهية برر الشهرستاني في سابقة يتبرأ منها الوسط الاكاديمي والعلمي العراقي الاخفاقات الحكومية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة .. لقد عبر عن الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية وكون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق.
قبل ذلك تنكر الشهرستاني لدرجته ومكانته العلمية وتاريخه السياسي والمهني عندما كان يشغل موقع نيابة الجمعية الوطنية ... حينها اكد على علوية الدستور العراقي الوطني  على الاتفاقيات الدولية ، في اشارة الى قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان. لكن المادة ( 140 )الجديدة من الدستور المعدل غطت على تصريحاته اللامسؤولة بعد ان نصت على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور، وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد. كل ذلك لم يعف الشهرستاني من انه قد تنكر لوحدانية العلم وانسانيته باصراره العيش في عقلية القرون الوسطى وما يسمى بالقانون الاسلامي ، شريعة وفقه واجتهاد وخزعبلات . ونكاد نجزم ان حسين الشهرستاني لم يسمع يوما بعالم الذرة الشهير البروفيسور جوليو كوري الذي ساهم بفعالية في تأسيس  حركة السلم العالمية ، والعالم البروفيسور عبد الجبار عبد الله اول رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة تموز المجيدة 1958 .. ، والعالم البروفيسور محمد عبد اللطيف المطلب ..  ولم يعلق هذا الشهرستاني ببنت شفة وكلمة واحدة عندما اطلقت قوات الاحتلال الاميركي سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين ، والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  .... لا لشئ سوى ذكرياته المشتركة معهم وعلاقاته الحميمة بهم!... ثم جاءت سلطات المحاصصة الطائفية والقومية لتوكل له اخطر حقيبة وزارية يسيل لها لعاب الاجنبي منذ ان توجت الإعمال التنقيبية نهاية 1925 وعمليات الحفر 1927 باكتشاف النفط وشرع بالتصدير من حقول كركوك سنة 1934، وانشىء مصفى صغير في الوند بالقرب من خانقين بطاقة إنتاجية محددة سنة 1926.
     هاهو الشهرستاني يطل علينا مجددا وسط ازمة التناقضات المستفحلة لأئتلافه الموحد لغاية في نفس يعقوب ، وهي تكحيل اعين جماعته ، وليعدد مفاخر حكومته الطائفية في البناء والاعمار والتشييد عام 2006 وانجازات خططها وبرامجها الاستثمارية ... ويبدو انه  قصد النهوض العمراني للمنطقة الخضراء!..ماهو نصيب الشعب العراقي من ذلك؟تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار ! . شركات النفط الأميركية تخطط لسرقة القرن في العراق!!. إن نموذج التطوير الذي يجري الترويج له في العراق، والذي تدعمه شخصيات رئيسية في وزارة النفط ، يعتمد على عقود تعرف بأسم "عقود مشاركة الإنتاج" والمتبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات ، وهي بالنهاية تعني التنازل عن مصدر سيادة العراق  . ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الأول: فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة، في حين أنها عمليا تعطي شركات النفط ، النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها.فعقود مشاركة الإنتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ القانونية والمالية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عمليا محصنة من أي تدقيق عام، وهي تربط الحكومة بشروط اقتصادية لا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة. ( المالكي وعد وزير الطاقة الاميركي بفتح قطاع النفط للشركات الاجنبية مع استكمال مشروع قانون الاستثمار الجديد.. اي ان الامر خرج من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة !! )( جرى اقرار قانون استيراد المشتقات النفطية لمعالجة ظاهرة نقص المحروقات في السوق المحلية بتحريض سافر من وزير النفط  (حسين الشهرستاني ) الذي تعهد بإنهاء أزمة الوقود في حال شجعت الحكومة القطاع الخاص على استيراد المشتقات النفطية ... وينطلق من القناعة بأن قطاع الدولة عاجز عن ان يعالج مشكلة المحروقات، فلابد من اشراك القطاع الخاص .... بمعنى أخرى مزيدا من التحلل التدريجي من دعم المشتقات النفطية واطلاق العنان للسوق واحكام السوق وفوضى عفوية السوق !). خلص تقرير الشفافية الثالث الذي اصدره مكتب المفتش العام في وزارة النفط العراقية، الى ان مجموع ما أضاعه العراق منذ اوائل عام 2004 بلغ 24 مليار دولار.كان الانتاج المخطط لعام 2006 (2.665) مليون برميل يوميا والمتحقق( 1.950) مليون برميل يوميا، والفارق 715 ألف برميل يوميا لتبلغ الخسائر (40.66 )مليون دولار يوميا.  وبلغت نسبة الإنجاز السنوية للخطة الاستثمارية عام 2006 (17)% بواقع محلي و(6.9)% اجنبي.
     لا يتطرق الشهرستاني الى تعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية التي نحن بأمس الحاجة لها ، والمواطن يجد صعوبة بالغة جدا في الحصول عليها وتهدر ثروة بلد بالمجان مقابل صفقات لاخرين يجنون منها ارباحا فاحشة بالتواطؤ مع مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي ، وما خفي كان اعظم..! نعم ، لقد تورطت الطائفية السياسية في عمليات تهريب النفط والعقود غير الفاعلة التي تعيق الاستيراد ..حتى باتت فضائح سرقات النفط  تزكم الانوف الداخلية ، بعد ثبوت ضلوع السلطات الإيرانية في تهريب المشتقات النفطية !! نظام ولاية الفقيه يؤمن الحماية لسراق النفط العراقى! نعم ، ما أخطأته نيران الحرائق أصابته مخالب اللصوص !!. أفواج حماية أنابيب النفط تقود فرق الموت وتعمل بأيعاز من القوى الأرهابية.ان تهريب النفط هو أستنزاف للثروة ووأد لحق الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي !. تداعيات أزمة الوقود على مختلف مجالات الحياة تجلت في أغلاق عشرات المخابز والافران أبوابها بسبب عدم توفر النفط الابيض ورفع سيارات النقل الخاص أجورها كما ارتفعت أسعار الخضروات في الاسواق لارتفاع أسعار النقل في ظل وضع اقتصادي وأمني صعب. الانفـراجات المؤقتة لإزمـة الوقود لا تعني حل المشكلة بل تجميدها كأبر المورفين وحبوب الهلوسة فالاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي وعند مستويات تثير القلق في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الإنتاج. يتسم اقتصاد الطائفية السياسية بغياب المنهج والتخطيط والثقافة الاقتصادية و فوضى الاتفاقيات  الحكومية و بالعمليات الاقتصادية  التي تدور في الخفاء بعيدا عن انظار الدولة وسجلاتها الرسمية، كعمليات غسيل الاموال وتهريب العملة والآثار والوقود والمخدرات والاسلحة وغيرها، بالاضافة الى الأموال المستخدمة في دعم الحركات والأحزاب السياسية، وهو اقتصاد غير خاضع لاجراءات السياسات النقدية والاقتصادية للدولة، بل تكون أطرافه بالضرورة أحد عوامل هدم الاقتصاد العراقي.
    هذا على صعيد النفط العراقي وبعض جوانب الاقتصاديات العراقية، اما امنيا فالوضع حدث ولا حرج ! فالمالكي يتخبط في طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ، تارة تشكيل غرفة عمليات ، وتارة منع التجول ، وأخرى تشكيل لجان تحقيق وتعيين المخصصات لأعالة عوائل ضحايا التفجيرات ... بالطبع ابو اسراء لا يسمع ولا يرى العشرات من ضحايا الغدر يوميا ولم يأمر ولو مرة واحدة بالتحقيق في اغتيالات الجملة والاختطافات الجماعية الا فيما ندر... من المسؤول عن الأمن في العراق اليوم؟ مسؤولو الامن في عراق اليوم يخفون رؤوسهم في التراب كالنعامات .. اغتيالات بالجملة ، مفخخات وعبوات ناسفة ، سيطرات وهمية ، الاختطاف الجماعي ، لعلعة الرصاص، الميليشيات المنفلتة وفرق الموت، التهجير الطائفي ، التضخم الاقتصادي المرعب ، حرق اجساد العراقيين بعائدات النفط المسروق تهريبا ، الفساد والاهمال والعمل على تردي الخدمات العامة مع سبق الاصرار . هل يخجل ادعياء الطائفية السياسية ، في وقت يئن العراقيين من اعمال الارهاب ؟ ....
    يعيش الائتلاف العراقي الموحد تناقضاته ... وهو يتخبط ، تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى ... هكذا دواليك ... لم يستطع  الائتلاف العراقي الموحد من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية فكيف الحال وهو ينشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن ..ولم يستطع الائتلاف العراقي الموحد التمييز بين المجتمع المدني ، المؤسساتية المدنية ، المنظمات غير الحكومية ، الجمعيات الاهلية ، الاتحادات والمنظمات النقابية والمهنية ، الجمعيات الخيرية ، جمعيات حقوق الانسان ، النوادي السياسية والاجتماعية ، الاحزاب السياسية ... الخ!! . لقد عمل ائتلاف الشهرستاني على تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة ، ولو على حساب اشعال فتيل حرب أهلية مستمرة، تتغذى من إرادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة، أو الاستئثار بها بدله..دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة واللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية...دولة الدعوة والمجاهرة الشكلية بالوحدة الوطنية  والمشاركة الفعالة بقتلها فعليا ويوميا ،دولة الحديث عن حل المليشيات المسلحة والعمل الدؤوب لتقوية عودها، دولة قتل الناس  والنواح عليهم والسير وراء نعوشهم واتهام الآخرين بقتلهم.وعمل ائتلاف الشهرستاني على اشاعة ثقافة الرعاع والقطيع الطائفية -  ثقافة الموت والقبور ، والعمل على " طرد الدولة " من ميدان الاقتصاد، والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية ، وتضخيم مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستفحال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها ، وتوسيع التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب  السيطرة عليها.
    فات على الاكاديمي الميكافيلي حسين الشهرستاني ان الاحزاب الطائفية والطائفية السياسية لا تقدم للبلاد سوى الفكر الاسود وخزعبلات الفتاحفالجية وثقافة التخاريف الرجعية ومشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..


راجع : الطائفية السياسية في العراق

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية


  في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm

212
لقي طاغية العراق صدام حسين حكم وعقاب الشعب العراقي والتاريخ الذي لا يرحم بعد ان حصره في مزبلته التاسع من نيسان 2003 ... وكان يحلم شعبنا الابي ان تقترن نهاية الطاغية الارعن بالشروع الجدي في الوطن الحر والشعب السعيد ! الا ان اربعة اعوام كاملة اثبتت خطل السياسات الطائفية المقيتة التي انتهجتها حكومات المحاصصة . وتنوء بالعراقيين الايام من شكليات السياسة، وهم مصابون بالكدر ويعانون من سقم اليأس في حلهم وترحالهم، لكنهم كباقي خلق الكون، ملمون بواقعهم وكما في الريف والمدن، يتداولون السياسة مع الشاي والخبز، لذلك فان مصير بلادنا يهمهم .... والمفارقة السياسية ان فحول الطائفية السياسية الذين يهددون ويتوعدون ويعيثون بالارض فسادا ، ما كانوا يفعلون واحدا من المليون مما يفعلونه الآن، عندما كان يجرهم "الرئيس القائد" لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق مبايعاته المطبوعة بـالـ "نعم" الوحيدة!  .
    ان اهم سبب في اخفاق نوري المالكي وعبد العزيز الحكيم ومقتدى الصدر وحارث الضاري ، ومن لف لفهم ، هو ان غالبية اقطاب التيارات الدينية السياسية، شاؤا ام ابوا، والذين خاضوا صراعا مريرا ضد المنحى الطائفي المتطرف العنفي المشين للعهد السابق، سرعان ما رضخوا لمنحى طائفي متطرف مقابل يتعارض بل و يضر بالمسعى النبيل لتكريس الهوية العراقية وطرد ثقافة التطرف والعنف والغلو والتعطش للدم من حياة المجتمع، وهو مأزق سياسي وقعت فيه كل الاحزاب الطائفية من كل لون. هذا المنحى هو الذي سعى ويسعى الآن الى نقل الصراع السياسي الاجتماعي والاقتصادي والحزبي من اطاره المعروف الى صراع طائفي يغطي على الاسباب الحقيقة للصراع السياسي. اضافة الى انه يكرس  عقلية وثقافة الطائفة والعشيرة والقطيع في بناء الدولة والحركات السياسية في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة هذه الثقافة التي اعتمدتها الحكومات السابقة وبعض الحركات السياسية الموالية لها في عهود الظلم والى بناء دولة عراقية وليس دولة طوائف تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون.
    سارت هذه التيارات على نهج تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والعنف وممارسة المراسيم الدينية بشكل عنفي ونزف الدماء في الشوارع وشحن مشاعر العنف والانتقام بحيث تحولت حتى مناسبة الاحتفال بميلاد ائمة الشيعة مثلا الى مناسبات لطم وتطبير. ان عددا من الاحزاب الدينية وانصارها وضعوا انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين والبعثيين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة، فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي وجيش انصار السنة الى شرطة الاداب وفرق موت وزارة الداخلية وعصابات الاجرام المنظم والسوق السوداء والمافيات المناطقية وخدم البعث السوري ومرتزقة الموساد ... اغتيالات بالجملة ، مفخخات وعبوات ناسفة ، سيطرات وهمية ، الاختطاف الجماعي ، لعلعة الرصاص ، تضخم اقتصادي مرعب ، حرق اجساد العراقيين بعائدات النفط المسروق تهريبا ، الفساد والاهمال والعمل على تردي الخدمات العامة مع سبق الاصرار . ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم . سيكف الناس في العراق عن القول رمضان كريم وعيد سعيد ، ففيهما تنزل ميليشيات الله افواجا ليعيثوا بالارض رعبا وارهابا وفسادا. لم يفارق الشعب العراقي الحزن والالم والمرض لانه صدم بسياسة المحاصصة الطائفية التي انتجتها الانتخابات السابقة والتي جاءت كرد فعل طائفي وقومي على سياسة النظام الدكتاتوري المقبور ، وليس على اساس برامج سياسية واقتصادية واجتماعية طرحتها  قوائم الاحزاب الفائزة .لذلك لم تكن الحكومة الجديدة المنتخبة حكومة اجماع وطني تمثل مصدر قوة ومنعة يعتمد عليها في انجاز متطلبات المرحلة من القضايا الوطنية وايقاف الارهاب وشل حركته ودمويته ، بل تشكلت على اساس القوائم الفائزة ( حكومة فائزين) وعلينا احترام المبدأ الديمقراطي وصناديق الاقتراع – ولكن يبقى تشكيل الحكومات العراقية على اساس المحاصصة الطائفية والقومية السبب الرئيسي لضعفها .
    ان استشراء الفساد الاداري والمالي والرشوة والمحسوبية والتمييز على الاسس المذهبية والعقيدة والاعتداء على المواطنين من قبل الميليشيات الحكومية وغير الحكومية سمة مميزة لحكومات الطائفية السياسية التي فشلت في توفير ابسط اوليات المستلزمات المعيشية للمواطن العراقي . وسيخلق الحكم الديني والطائفي في العراق للبلاد مشاكل لا نهاية لها، وأن تلك المشاكل لن تقف عند حدود العراق بل ستنتشر وتعم المعارك والحركات السرية والفوضى المنطقة كلها. واذا لم تتحرك الحركات السياسية العراقية وكل الحريصين على العراق بإتجاه ردم هذا المطب فإن البلاد ستواجه نكبة أشد وطأة من نكبة انقلاب شباط الاسود في عام 1963 وسيمتد مسلسل الدمار الى كل شعوب المنطقة.
    الوضع في العراق يسير من سيء إلى أسوأ مع  قيام السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة الميليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة او حكم المحاصصات الطائفية والقومية.
جبهة الشعب وحدي
كادحيه ووطدي
لنضال قوى الجموع
في سبيل السلام
والارض والخبز والعمل
قد اكتفى الشعب ما احتمل
    ان الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية ، وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا ،  لا يستلزم فقط العمل على اشاعة روح التآخي والتآزر والمحبة  والتحلي بالحكمة والتروي وترجيح العقل والتعامل الواقعي ، ووقف التراشق الاعلامي والكف عن توجيه الاتهامات دون تمحيص وتدقيق، مما يثير الحساسيات ويشدد حالة الاستقطاب ... بل يستلزم القول الفاصل الرافض لأحزاب الولاءات دون الوطنية والتخاريف الاجتماعية ، فذلك وحده الكفيل بوأد النعرات الطائفية المقيتة التي تبث الفرقة بين ابناء الشعب والوطن الواحد ، والقيام  بكل ما من شانه تبديد حالة التوتر والاحتقان ، التي ينطوي  استمرارها على خطر داهم لن ينجو من عواقبه احد  ..
    نم رفيقنا فهد ( يوسف سلمان يوسف ) .. نم رفيقنا سلام عادل ( حسين احمد الرضي )... نم رفيقنا البطل وضاح حسن عبد الامير ... المجد لرفاقكم الشهداء الاماجد ...  ناموا مطمأني ومرتاحي البال ... وسوف لن يمر اختطاف عشرات الشيوعيين مر الكرام ( وفي مقدمتهم الرفاق الدكتور شاكر الدجيلي والدكتور شاكر اللامي ) وهم ليسوا آخر المطاف في الحملة المسعورة التي تقوم بها العصابات الصدامية وفلول النظام وقوى الإسلام السياسي المتطرفة والطائفية السياسية المتعاونة معها... الشيوعية اقوى من الأرهاب والتكفير والموت والطائفية ومهازل الاستخبارات الايرانية والسورية واعلى من اعواد المشانق . فرؤوسا عديدة للفتنة في العراق قد أينعت وحان قطافها!.


راجع : الطائفية السياسية في العراق

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية


  في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm

213

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية


القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية

   مر اكثر من عامين على اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية ،... لكن الوقائع العملية الملموسة اثبتت الفشل الذريع والمريع للقوات المسلحة العراقية  في مجال تحقيق الامن ومكافحة الارهاب وحماية الحدود الخارجية ،  مكافحة الفساد  ، الاسهام في الاعمار واعادة الاعمار وحل مشكلة الخدمات الاساسية كالكهرباء ، حل مشكلة البطالة ، الثبات الاستراتيجي على الجدول الزمني لانسحاب القوات المتعددة الجنسية . ويعود هذا الاخفاق بالدرجة الرئيسية الى الطائفية السياسية التي مارست سيادتها ودورها لا في تأسيس القوات المسلحة العراقية فحسب بل في فوضى الاداء الإداري في حكومات المحاصصة الطائفية ومنها الوزارات ذات العلاقة بالقوات المسلحة العراقية ..
  ان اهم سبب في اخفاق القوات المسلحة العراقية هو ان الطائفية السياسية قد رسخت المنحى الطائفي الذي يتعارض و يضر بالهوية العراقية والولاء الوطني لتشيع ثقافة التطرف والعنف والغلو والتعطش للدم ، وهو مأزق سياسي وقعت فيه كل الاحزاب الطائفية من كل لون. ذلك كرس من عقلية وثقافة الطائفة والعشيرة في بناء الدولة والحركات السياسية والقوات المسلحة العراقية في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة ثقافة القطيع التي اعتمدتها الطائفية السياسية في بناء الدولة العراقية الجديدة اي الدولة الطوائفية التي تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون.  ان اساس تركيبة القوات المسلحة العراقية حمل في ذاته ومنذ الولادة خطأ سياسيا بنيويا يعتمد المحاصصة الطائفية - القومية و يبتعد عن نهج البناء المؤسساتي على اساس الوحدة الوطنية. ان اجراءات الطائفية السياسية اعتمدت التطهير الطائفي في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية ذات العلاقة بالقوات المسلحة العراقية فاضعفت قدرتها وخلقت ردود فعل سلبية.وساهم اغفال قوات الاحتلال او تقديرها الخاطئ في زج افراد الميليشيات – العصابات وبنسبة تجاوزت ال 90% في الاجهزة الامنية التي تشكلت بعد سقوط النظام في منحها القاعدة اللوجستية والقانونية لممارسة اعمالها غير القانونية والتحكم الكامل في مفاصل القوات المسلحة الوليدة !.
   لم تحدد الطائفية السياسية او تشخص في برنامجها الاولويات الصحيحة وتصنع التدابير الملموسة السليمة فغرقت في العموميات المفرطة الفضفاضة التي يمكن القول بها في كل زمان ومكان. وفشلت الطائفية السياسية في معالجة الملفات الأمنية والمعيشية والاقتصادية للشعب العراقي مما عزز اخفاقاتها بانتشار وتفاقم الفساد الاداري ، الذي يعد الوجه الاخر للارهاب ، " الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة" ، اضافة الى انعدام الخدمات الضرورية بشكل لم يسبق له مثيل .. وفتح انهيار الدكتاتورية الصدامية الابواب لإقامة دكتاتوريات جديدة، بمسميات متنوعة، تتكلم بإسم هذه الطائفة وتثأر لها او تلك التي تدعي الدفاع والحماية لطائفة اخرى، بغمز ولمز وتحت مرأى ومسمع وتشجيع الاحتلال الاميركي الذي اكدت الوقائع مضيه في بناء القواعد العسكرية الضخمة في بلادنا ، وتعارض مصالحه مع اقامة  النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي الذي يبنى على فكرة المواطنة المتساوية واحترامها.
     لقد اخترقت فلول البعث العراقي المنهار وحملة وشم فدائيي صدام على ابدانهم القوات المسلحة العراقية عبر القوى السياسية الطائفية نفسها ! فلول البعث العراقي المنهار اخترقت القوات المسلحة العراقية بالمال والسلاح والسطوة التي امتدت عشرات السنين على المواطن العراقي ، وبالرهبة الممتدة على العقل العراقي المبتلي بالخوف منهم وخشيتهم ، وبالخسة والدناءة التي اتصفوا بها وبجبنهم المعهود في التلون كالحرباء وبفسادهم. فأي بناء عسكري هذا الذي تشكل من عناصر تربت في احضان صدام واكملت تربيتها في ظل دول الاستبداد الاقليمية . يصعب على المرء التفريق بين من هم الأكثر شرعية في القتل : عصابات الطائفية السياسية أم التحالف البعثسلفي ؟ فالجميع يسفك الدم لأجل السلطة وإرضاءا  لتنفيذ التعاليم حرفيا حتى يلجهم الفردوس ! المهزلة – المأساة – الملهاة !
     ومثلما وقف صرح الأمة العربية وباني مجدها صدام حسين وراء الهزيمة المنكرة للجيش العراقي ابان كارثياته ، تتحمل اليوم حكومات الطائفية السياسية المسؤولية الكاملة عن الفشل الذريع للقوات المسلحة العراقية  في تأدية مهامها لأنها تتسم بالضعف والخذلان وعدم إمكانية المواجهة الحقيقية والتخفي خلف الشعارات والإستعارات والعواطف الإعلامية الفارغة، دون مقدرة حقيقية على حماية أرواح الناس ومممتلكاتهم ولا القدرة الفاعلة على مواجهة الأطراف المجرمة التي هي وحدها باتت تختار الطريقة والكيفية والأسلوب المتخذ في تنفيذ المجازر الجماعية. والاخطر ان يجر تحول الجيش في عراقنا كمعظم الدول العربية الى العنصر الحاسم في ضمان استمرار الحكم ولتضحي مهمته الرئيسية أمنية داخلية كرديف قوي للأجهزة الأمنية الداخلية الأخرى ولتتزايد الحالات التي يتم فيها الاعتماد على الجيش في مهمات الأمن الداخلي لدرجة ان طبيعة تدريبه واختيار ثكناته وتمركز تشكيلاته مرهون بالهواجس الأمنية الداخلية والطائفية وليس لهواجس المخاطر الخارجية .
       حال النزاهة في القوات المسلحة العراقية حالها في بقية مؤسسات الدولة والمجتمع ضياع ملايين الدولارات العراقية في فضائح الاسلحة ! وبسيادة الولاءات العصبوية دون الوطنية و(فايروس) العصابات الطائفية والمفاهيم الميكافيلية والاصابة بداء " الغيبة " ... وبحصر التعيينات لأغراض توسيع الحاشية ! وبالعشعشة واستخدام السيارات العسكرية للاغراض الشخصية والعائلية.. وباستغلال المسؤولين لمناصبهم وعلاقاتهم وصلاحياتهم المالية والإدارية وما موجود تحت تصرفهم من اموال الدولة لتحقيق المنافع الشخصية بحيث يتحول الضابط من شخص متواضع الامكانيات الى صاحب ثروة ومالك للعقارات والمكائن والسيارات بفضل ما يحصل عليه من اتباع طرق ملتوية وحيل قانونية.... وبالمكافآت الى  المنتسبين او غير المنتسبين بحجة الجهود المبذولة لانجاز عمل ما والتي تحولت الى وسائل لاستعباد الحرس والمرؤوسين ولشراء ذمم المسؤولين في الدولة .
     الشرطة تبتز الاموال، والحرس الوطني يستعرض عضلاته على ابناء المدن وهو يضع نقاط  تفتيش ليس فيها غير الحجارة وعرقلة الطريق. ليس من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين عصابات الاجرام المنظم .... المدن العراقية حزينة وشوارعها مظلمة .. جسورها مقفلة .. شوارعها مقفلة ..الخراب عارم في كل العراق .. أين النظافة وأين الاعمار؟ الشوارع حبلى بالقوات و الحمايات التي لا تعرف سوى أزعاج الناس و التزمير على الصفارات!! و رمي الطلقات لترهيب المواطنين!
    وترسخ الطائفية السياسية اليوم من العقلية العسكرية العراقية التي كانت سائدة في عهد صدام والتي اتسمت بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض البهلواني العدواني لأنها نزعة نخب عصبوية رجعية . وحولت الطائفية السياسية تقاليد القوات المسلحة العراقية التي انبثقت هي من اجلها في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب ، وهي تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية، حولتها الى مهازل يجري التندر بها ! .ما هو المطلوب اليوم هو ارجاع العسكر الى الثكنات ، والتصفية الفورية للميليشيات – العصابات ، واحياء التقاليد الثورية  والارتباط المصيري  بحركة الشعب الوطنية التحررية فالجيش لا يمكن ولم يكن في يوم من الايام ولن يكون محايدا . لنرفع صوتنا عاليا ..  لا والف لا للأحزاب والتجمعات الطائفية .. لا والف لا للفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه .... لا والف لا لأشاعة مشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا.

ملاحظة :
   
 مقتطفات من هذه الدراسة جزء من دراسة سبق ونشرت في مواقع الانترنيت تحت عنوان " اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي". 

راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء
•   الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
•   المعلوماتية المعاصرة والحرب
•   ثقافة السلام في العراق وكردستان
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
•   ثورة 14 تموز والفكر العلمي
•   اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي
•   الجدل العسكري في العراق الحديث
•   المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
•   ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني والعقلية العسكرية
•   الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي
•   إرهاب الدولة والإرهاب الدولي


في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm






214

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية


الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة



         شهد العقدين الاخيرين تدهوراً كبيرا في قطاع الخدمات الصحية وفي صحة المواطنين . ومنذ عام 1990 تضاعفت نسبة الوفيات بين حديثي الولادة والاطفال والامهات، وزادت نسبة وفيات الكبار ايضا... وتناقص المعدل التقريبي لمتوسط عمر الفرد الى اقل من ستين سنة بالنسبة الى النساء والرجال... تناقص معدل عمر الفرد بحدود 6 سنوات منذ حرب الخليج الثانية . وتشكل الالتهابات التنفسية والحادة وامراض الاسهال لدى الاطفال نسبة 70% من اسباب حالات الوفاة للفترة بين 1996- 2000 ازدادت معدلات الاصابة بمرض التيفوئيد ثلاث اضعاف وذلك بسبب سوء نظام الصرف الصحي وخدمات المياه.وتعتبر الامراض القلبية والاوعية الدموية السبب الرئيسي لحدوث الوفيات في العراق ..كما تشكل امراض السرطان والسكري معضلة صحية مخيفة، ولا توجد برامج للوقاية من امراض القلب والاوعية ..ومازالت معالجة وتشخيص الامراض والعناية الثانوية غير كافية. يتم تشخيص معظم السرطانات في المراحل المتقدمة فقط وهناك نقص حاد في العلاج والوقاية. بالنسبة لمرض السكري، لا يعرف عدد المصابين لكن هذا المرض يمثل مشكلة جسيمة و متعددة الابعاد، فاقل من ربع حالات المرض تعالج باستخدام الانسولين .الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة منذ تجهيز الطبخات الدوائية في المعامل ومخابر تحليل الدواء حتى تسعيرها وبيعها في الصيدليات وتوزيعها عبر المستشفيات .وتتوفر في الاسواق الادوية المهربة مجهولة المنشأ وخاصة الامبولات التي تتميز بسعرها الرخيص وهامش الربح الكبير الذي يجنيه تجار الدواء من الدواء الاجنبي ! وتتسع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية ! وشهد العقدين الاخيرين اللجوء المتزايد للشبيبة الى المخدرات هروبا من الواقع الاجتماعي والاقتصادي السئ وحالات الاحباط واليأس وبسبب سهولة الحصول على المخدرات التي تاجرت  بها عصابات النظام البائد ومافياته والعصابات الايرانية ... وانتشرت العقاقير المهدئة وحبوب الهلوسة وحبوب ( اتيفان وفاليوم) وحقن البثدين واحراق القناني البلاستيكية والمواد اللاصقة كالسيكوتين التي تبعث الغازات المخدرة .. واستنشاق البنزين وشرب الكولونيا ! ... غسيل الاموال الناتجة عن المخدرات جريمة منظمة عابرة للحدود ومشكلة عالمية !
     تراجعت الثقافة الانسانية في العراق بفعل حروب النظام و عسكرة المجتمع ، وترك آلاف الطلبة والمدرسين الدراسة والبحث عن عمل يوفر العيش للعوائل التي فقدت معيلها الوحيد في حروب النظام المجنونة ... ومنها من تسربت الى الشارع حيث الامراض الاجتماعية الكثيرة التي انتجتها ثقافة النظام وتربيته ، كالسرقة والمخدرات والجريمة بانواعها المختلفة التي شجعها النظام وغذاها. وفي الوقت الذي  بلغ به معدل دخل الأسرة 144 دولاراً عام 2004 قياساً ب 255 دولار لعام 2003 ،فان 75%  من الدور يسكنها مالكوها لكن 25 % تعرضت للدمار  في العامين الاخيرين فقط ، لا سيما في المناطق الساخنة من البلاد . وانخفصت اجازات البناء من معدلات تجاوزت ال 100 الف عام 1987 الى آلاف قلائل اليوم ،حيث تظهر في شوارع المدن الاسر الكاملة المشردة بلا مأوى ... وساء الوضع  تأزما مع قوانين الايجار الصدامية الطفيلية والاثبات التي رفعت بدلات عقود الايجار الى مئات المرات وعمليات التهجير القسرية للدكتاتورية والحكم الجديد سواسية ! ،في الوقت الذي تزداد فيه نسب البناء غير الشرعي وما يرافقها من تجاوزات في توريد الخدمات. وساد المدينة العراقية الاغتراب المعماري وضياع الهوية المعمارية الوطنية والقومية ، وفوضى الفضاء الحضري الذي افرغه الحكام من القيم الجمالية وخصوصياتها المعمارية بسبب النمط الواحد في زرع الابنية وانعدام قيم التنوع ، ومحاولة اعادة تسمية الاحياء السكنية والساحات العامة والشوارع الرئيسية والجسور بالعناوين القومية والطائفية كيفما اتفق!
     بالنسبة لمعدل الوفيات الطبيعية يذكر أن من مجموع 100 ألف مواطن يتوفى اليوم 193  في حين تبلغ النسبة 23 حالة وفاة طبيعية مقارنة مع السعودية... ويعاني نحو 25 % من أطفال العراق من حالة النقص الغذائي طويلة الأمد. ان ما يقارب( 600 ) الف طفل تتراوح اعمارهم بين( 6 ـ 11 ) عام لا ينتظمون في المدارس الابتدائية اطلاقا. كما ان معدلات تفشي الامية في ازدياد، حيث يبدو من الواضح ان عامل الفقر هو من الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة.. تبلغ نسبة الفقر اليوم في العراق 20% من اجمالي عدد السكان ،وان حوالي مليوني عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد ! . ان حوالي ( 10% ) من الاطفال الذين تترواح اعمارهم بين( 5 - 14 ) هم من الايدي العاملة ، ويجري تشغيلهم وفق شروط مجحفة للعمل وبأجور زهيدة جدا ، وازدادات بينهم حالات الجنوح وممارسة الجريمة والتسول بما يتنافى واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (38) لعام 1973 واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (182) لعام 1998 للقضاء على اسوء اشكال عمل الاطفال ! . فيالق التسول تزدحم بها ازقة المدن لأنها مهنة رابحة ! في العقد الاخير انتشر الخجل عند الاطفال مفرملا للنشاط الاجتماعي والجماعي ومؤديا الى الخوف والانطواء والجبن العام ونمو مشاعر النقص عندهم ! ليس الاطفال هم الذين يختارون ذلك بل آبائهم ! .. وينتشر اليوم في بلادنا التنجيم والغيب وقراءة الطالع ،ومهنة العرافون والعرافات ،وقراءة الفنجان والكف والاحجار والمرايا ، والسحر والشعوذة !
     تدهور مستوى التعليم في العقدين الماضيين.... لاسباب عديدة منها : سوء الابنية وازدحامها وفقرها، قلة الكتب المنهجية والوسائل التعليمية، قدم المناهج، وهبوط مستوى الدعم المادي لقطاع التربية والتعليم اضف الى ضعف مستوى تدريب المعلمين اذ ان ما نسبته 5% من معلمي المدارس الابتدائية فقط هم من خريجي الجامعات. ان 84 % من مؤسسات التعليم العالي في العراق تعرضت " للتدمير والتخريب والنهب " منذ بدء الاحتلال الاميركي عام 2003، إضافة إلى اغتيال حوالى 50 أستاذا جامعيا و"التهديدات الموجهة إلى الآخرين" في هذا القطاع. لقد ركزت قوى الظلام بكل عناصرها والخلفيات التي تقف وراءها على الأستاذ الجامعي العراقي لما عرف به من دور أكبر من دور الأستاذ في قاعة الدرس والمحاضرة، فقد كان دوما قائدا اجتماعيا وسياسيا ومخطّطا لعمليات البناء وفعل التنوير الفكري الفلسفي فكان العقل الجمعي لمجتمعنا في سابقة هي أعمق معنى من دور التكنوقراط المحض على الرغم من الحجم النوعي المميز لهذا الدور.. فدور الأستاذ من الفاعلية، لم ينحصر في حدود أكاديمية بحتة ولكنه من الحيوية ما جعله لصيقا بحياة العراقي عامة وتفاصيل يومياته العادية.. ان عملية إعادة الإعمار الجارية " تشمل 40 % " فقط من مؤسسات التعليم العالي. وتتواصل هجرة الأساتذة المتفوقين إلى المناطق الأخرى بحيث غادر حوالى 40 % منهم منذ عام 1990 ، والعزلة الطويلة التي يعاني منها الجسم التعليمي غير المؤهل أصلا.ولازالت  نسبة الدوام الدراسي للطلبة المسجلين يبلغ 55 % حيث كان النظام الدراسي  من أفضل الأنظمة التعليمية والأكاديمية في الشرق الأوسط في عقد الثمانينات ، وان 74 % فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 24 قادرون على القراءة والكتابة . هل تدمير المدارس وقتل الطلبة والطالبات وترويعهم في أخف الأمور من الجهاد في سبيل الله والقدس والعراق في شئ؟! أم قتل علماء الدين واغتيال المراجع يعد الدين أو الاعتقاد الصحيح؟!! أم اختطاف الأطباء والمهندسين هو طريق البناء في بلادنا؟! أم تفجير سيارات الموت المفخخة أمام المستشفيات والمؤسسات الحكومية الخدمية هو طريق الحرية والاستقلال؟! أم مهاجمة قوى حفظ الأمن وشرطة تنظيم الحياة العامة والحفاظ على القانون هو طريق إخراج الأمريكان من البلاد؟!!.
    وتشهد الطائفية السياسية تمكن العشرات من كوادر النظام السابق أو حملة الفكر البعثي من التسلل الى مفاصل الدولة المهمة المدنية والعسكرية مما أتاح الفرصة لبعض هؤلاء مد الإرهاب بمعلومات هامة وخطيرة حققت له ضربات مؤثرة ألحقت خسائر مؤثرة جعلت حكومات المحاصصة الطائفية  تبدو مترنحة  ومهزوزة. حكومات البعث والطائفية السياسية عملة واحدة ووجهين متماثلين .
     قبل سقوط الدكتاتورية بلغ ما فقده العراق (4000) قطعة اثرية يعود تاريخها لفترات متباينة بدءا من الالف الثالث ق.م. حتى الادوار المتأخرة من الحضارة الاسلامية ... ونفائس من التراث بسبب سرقات عصابات بطانة النظام !  وبعد التاسع من نيسان تغلغل تجار الأزمات وأزمنة الحروب عبر منافذ عديدة إلى مختلف مواقع الدولة.. مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية..... وناهبة المليارات من أثمان الركائز الاقتصادية.... وتنوعت اصناف المرتشين ليصيب الغلاء الرشوة قبل ان يصيب الاسعار ،وانتشرت المفاتيح – المناصب السرية غير المدونة داخل المؤسساتية الحكومية والاهلية اي الوسطاء لكبار المرتشين الذين لا تسمح هيبتهم الوظيفية بالقبض مباشرة من الراشي ! وتنوعت اساليب غسيل الاموال " الايداع والتحويل ،الصفقات النقدية ،اعادة الاقراض ، الفواتير المزورة ، النقود البلاستيكية ، استبدال الاوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة او بصكوك مصرفية ،شراء الاصول الثابتة كالعقارات والاراضي الزراعية والذهب ،ايداع المبالغ في الحسابات السرية في البنوك عبر الوسطاء... التهرب الضريبي ... الفساد الاداري .. الفساد الانتخابي .. " .
      تركت ثلاثة عقود من الاستبداد والحروب والحصار والذل والمهانة التشوهات في البيئة الاجتماعية والمجتمع المفكك ، الشعب المنقسم على ذاته، والتدهور الإقتصادي والثقافي والسياسي والنكوص الحضاري .ولم تكتمل فرحة العراقيين بسقوط النظام الشمولي بسبب التركة الثقيلة والخانقة التي خلفها ورائه، وتخبط قوات الاحتلال، وعدم وجود القيادات السياسية الكفوءة التي تتخطى حدود المصالح الضيقة و" الردة الحضارية "... التي تظهر في  الفوضى والعنف والارهاب... والتي جعلت العراقيين ينخرطون في صراعات أثنية، ودينية، وطائفية، وحزبية ضيقة، اثرت بعمق على بنية المجتمع، وعلى العائلة والمرأة والطفولة ...
     ان المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية لوثت الشارع العراقي وسممت اجواءه الثقافية معتمدة على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع حلفائه من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام .ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر البشري الذاتي ... وهذا ما  تقوم  به ثقافة الطائفية السياسية في عراق التاسع من نيسان التي بقيت أسيرة ثقافة " نعم سيدي"  ......  ومظاهر انهيار السلطة البائدة ولم تنطلق لتتحمل مسؤولية العهد الجديد وكشف المظاهر الخطيرة السلبية المتغيرة السريعة .
      تقدر الاحصائيات عدد الوفيات الناتجة عن الارهاب والعمليات العسكرية خلال عام واحد فقط بحوالي 7000 حالة وفاة و30.000 حالة اصابة... وازدادت الاصابات التي هي بحاجة الى معالجة خارج العراق على نفقة الحكومة العراقية بسبب اعمال الارهاب لتصل الآلاف ! لأن استجابة المنظمات الانسانية بطيئة ومتعثرة ! وتقدر مراكز مجتمع مدني عراقي معنية بالقضايا الاجتماعية عدد الأيتام في العراق ممن تقل أعمارهم عن 18 عاما بقرابة مليون طفل. وتشير بعض الإحصائيات الي ان ثلث هذا الرقم اصبحوا أيتاما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق بسبب الهجمات المسلحة التي نفذها الجيش الأمريكي واعمال العنف المستمرة في العراق فيما كان الباقون قد فقدوا آباءهم في حروب سابقة او خلال الحصار. وغالبا ما ينتمي الأطفال الايتام الي عائلات فقيرة حيث ان آباءهم لم يكونوا موظفين في الدولة لذلك فليس بمقدورهم العيش برواتب أسرهم التقاعدية، وترك ارهاب الطائفية السياسية واعمال العنف الاخرى في العراق والتي غالبا ما يكون ضحاياها من المدنيين جيلا كبيرا من الأيتام لا يحصلون علي الرعاية الصحية او التعليمية او المعيشية لتتلقفهم العصابات الميليشياتية والاجرامية المنظمة والارهابية وليباعوا في سوق النخاسة امحلي والاجنبي .
    وبسبب تعدد الافكار والمصالح اخذت بعض العناصر تنضم الى الميليشيات الطائفية لتحقيق اهدافها، ومن هنا بدأت الانشقاقات عن افكار الاحزاب والميليشيات الطائفية المعلنة، وبدأت سرايا واشخاص يشكلون فيما بينهم فرقا لا تأتمر الا بأمر أصحابها وليس اوامر مرجعياتها. وبدأت المجموعات المنشقة تهيمن على المجتمع، من خلال السيطرة والاحتكام الى الفعل الشخصي في تحديد من يقتل ومن يبقى على قيد الحياة، وفق الرؤية الشخصية ، لتنتشر ظاهرة المحاكم القروسطية وفرق الموت وعصابات الابتزاز والخطف والاجرام والتعليس والتخريب.
     هكذا تتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال والافتقار الى الكهرباء والماء النقي والخدمات الاساسية وتفاقم مشاكل البطالة والنقل والامن وارتقاع نسب الوفيات من ضحايا الارهاب ، وبسبب الامراض وسوء التغذية وتمادي استخفاف الحكام بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة – عقلية ثقافة القطيع . سيمتد التلوث الى اعماق الارض والانسان ويصبح علاجه صعبا ونتائجه وخيمة ، وعلى من يتصدر المسؤولية الان في العراق ان يعي ذلك ويبادر الى تكوين الجبهة الثقافية السياسية المتنورة الاصيلة المعادية للفاشية والظلامية والتكفيرية والسلفية والدولة الدينية والارهاب والطائفية السياسية لمجابهة  ثقافة  الاعداء المجتمعين وخاصة ايتام النظام المقبور وصعاليك الحكام الجدد ! ان الحروب ونوايا شن الحروب والارهاب هو امر في منتهى الانحطاط الاخلاقي !. لنرفع صوتنا عاليا ..  لا والف لا للأحزاب والتجمعات الطائفية .. لا والف لا للفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه .... لا والف لا لأشاعة مشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا. كفى لمسلسل الجرائم الدموية والمهازل الظلامية  .. وكفى عبثا بمقدرات أبناء شعبنا.. من الضروري إشراك مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة ومنظمات حقوق الانسان في لجان التحقيق والمراقبة الرسمية للكشف عن المجرمين ولتقديمهم للعدالة بغية وقف حقيقي للجريمة ومنع استمرارها في حصد مزيد من أثمن ما نملك ، تلك هي أرواح أبناء شعبنا العراقي الأول في كل الاهتمامات الحاضرة لأية حكومة مستقبلية..
   

ملاحظة :
    مقتطفات من هذه الدراسة جزء من دراسة سبق ونشرت في مواقع الانترنيت تحت عنوان " التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق ". 

راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء
•   الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
•   المعلوماتية المعاصرة والحرب
•   ثقافة السلام في العراق وكردستان
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
•   ثورة 14 تموز والفكر العلمي
•   الدستور العراقي واعادة اعمار ثقافة وديمقراطية الطفل
•   نحو اكاديمية كردستانية


في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm





215

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات
5.   الزراعة في العراق والطائفية السياسية
6.   الثقافة في عراق التاسع من نيسان
7.   الطائفية السياسية والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة
8.   القوات المسلحة العراقية والطائفية السياسية

الثقافة في عراق التاسع من نيسان


      الثقافة وسيلة للتنوير والارتقاء الروحي وشرطا لتطوير المجتمع وأنسنته ، وهي لا تصنعها الدولة ذلك أن من يصنعها هم المثقفون أنفسهم، الدولة يمكنها أن تساهم سلبا أو إيجابا في انعاش طراز معين من الثقافة.. ان صناعة الثقافة يقوم بها المثقفون أنفسهم، بالتعاون مع المؤسساتية الحكومية والمدنية والأهلية لأنها نتاج التحولات الاجتماعية وشاهدة عليه.... ومع ان " الأدب والفن شكلان حيويان للوعي الإنساني، والوعي الاجتماعي انعكاس ناشط وحي للوجود الإجتماعي. اي أن وعي الإنسان الفرد يتشكل في إطار المجتمع بدءا من العائلة. وهو بالتالي حصيلة تفاعلات الذات الإنسانية مع مجمل محيطها الإجتماعي. ومن الضروري هنا التشديد على طابع الذات وطابع الهوية الشخصية في تحديد مستوى وأشكال الإنعكاس الحاصل والتفاعلات المستمرة مادام الإنسان على قيد الحياة " فقد ساد عند معظم المشتغلين بالعمل الثقافي في العراق ان الثقافة لا تستدعي سوى الشعر والقصة والمقالة، وأحياناً المسرح، فإذا كان المجال يتسع لأكثر من ذلك، دخلت الموسيقى والفنون التشكيلية. وإذا ذكرت مفاهيم (علوم ، تكنولوجيا ، هندسة ، اكاديمية ، تربية وتعليم ) في حديث عن الثقافة، كان التجاهل، وربما الامتعاض . ويرفض المسؤولون تكريم بعض المثقفين بحجة أنهم (علماء)!. لقد سارت الثقافة العراقية برجل واحدة، هي الثقافة الأدبية.
    لم توفر سياسات النظام الدكتاتوري السابق فرصا حقيقية لنمو ثقافة حرة ومنفتحة يعبر من خلالها المثقف عن عالمه الابداعي وينمي فرص تطوير المواهب والعقول الشابة الطامحة الى التعبير عن عالمها الفكري والاخلاقي والاجتماعي.وكانت عوالم الادب والفكر والفنون بشتى اشكالها فرصة للتشوه والالزام والتسفيه طيلة العقود الماضية مما اورث مجتمعنا تقاليد مريضة وغير صحية طغت على التقاليد الانسانية والاصيلة للثقافة والفنون والفكر والابداع والاصالة في عراقنا . ثقافة الدكتاتورية البائدة هي ثقافة الفكر الواحد والرأي الواحد والجمود والتهميش، وإحتقار المثقف !...ثقافة الفساد وآليات إنتاجه.... ثقافة سيادة عبادة الفرد وتأليه الطاغية .. وسعت السلطات الحاكمة لتحويل المؤسسات التعليمية  في مختلف المراحل إلى حامل لمشروعها السياسي ومعبرة عنه، من خلال برامج عمل وسياسات تقررها بمعزل عن المؤسسات التربوية والمجتمع عموما. وتعبر الحركة الوطنية العراقية والديمقراطية عن الشعور بالفخر والإجلال لمن حمل رايات الابداع والثقافة في العراق خاصة وأن العديد منهم سما، وبذل حياته ثمنا للمسيرة الوطنية التحررية للشعب العراقي ، وصاروا شهداء ضمن القافلة التي نعيش اليوم بعض مؤشرات الأهداف التي ذادت عنها وضحت من أجلها. الا ان طائفية سلطات ما بعد التاسع من نيسان السياسية التي باتت تنخر بالمجتمع العراقي سرطانا وكابوسا وارهابا دمويا قد غطت هذه القافلة وحاضر ومستقبل العراق بدخانها الاسود المقيت لتترنح الموضوعية تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية ولتمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا يجري الامساك بالاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في لجة غموض الصدفة والوعي  …
     ثقافة القطيع الاقصائية مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للطائفية السياسية وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب توتاليتارية القيادات الحاكمة ! ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . ومهما اختلفت اسماء الاحزاب والجماعات والميليشيات الطائفية وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي" اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا بها طائفية سلطات ما بعد التاسع من نيسان السياسية... الدين للجميع والوطن لفحول المرجعيات الطائفية !... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية ! ....  ترى أية ديمقراطية واية ثقافة يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقة في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها. ان الذي قاد ويقود الحياة السياسية أمس واليوم، هو الأحزاب الطائفية ، وهي التي تدفع إلى البرلمان بنواب الطوائف، فتعيد دورة الإنتاج الطائفي ، قانونا وتشريعا ونظام حياة . وبعبارة أخرى فإن العراق الجريح يستخدم الديمقراطية والآليات الانتخابية لإعادة إنتاج الطائفية، لا لمحوها وإزالتها .  لقد خلقت الثقافة الطائفية والحكم الطائفي التوترات في المجتمع العراقي ، وبينه وبين الدولة العراقية .. وتجد الجماهير اللاطائفية ( Desectarianalized ) نفسها امام الطائفية المسلحة حقوقيا والمنافسة لأجهزة الدولة العراقية في العراق الجديد . الاستبداد في أبسط تعريفاته هو تفرد بالرأي في شؤون تخص الجماعة وبالتالي فهو احتكار أو اغتصاب لحق الجماعة في إبداء رأيها، وفي النهاية فهو طغيان واعتداء على الآخر. الأمن، الخبز، السلم، الحريات وحقوق الإنسان... أفكار في استحقاقات الثقافة الطائفية حبر على ورق وتهريج فارغ .
   ينطلق التصدي الى الثقافة الطائفية وأستقطاباتها من القناعة باهمية اعلاء شان المواطنة بإعتبارها من أهم ضمانات  وحدة وطنية قائمة على اسس العدالة والديمقراطية الحقة.  فبدون ذلك لا يمكن السير  نحوالبناء واعادة اعمار الوطن واستكمال السيادة  بانهاء الوجود العسكري الاجنبي. ماذا قدمت لنا ثقافة طائفية سلطات ما بعد التاسع من نيسان السياسية بعد ثلاثة اعوام كأنها ثلاثة قرون ؟!
•   محاولات كبح جماح الثقافة الوطنية والديمقراطية - الحاضنة لكل التيارات القادرة على بلورة الهوية العراقية الوطنية. وتهميش دور المثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبرى، والرهان المستمر على المرجعيات الطائفية والقمع الطائفي والجهل والامية والولاءات الرجعية وتدني الوعي الوطني لا على قدرات النخب الثقافية الوطنية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية في مجال صياغة الأفكار وإنتاج التصورات لإثراء الحوار حول كبريات القضايا التي تواجه بلادنا،والمساهمة النشيطة في استشراف المستقبل.
•   حملات التصفية والاغتيالات والابتزاز والخطف ضد حملة الثقافة من مفكرين وعلماء وكتاب وشعراء وفنانين ومبدعين آخرين، ومحاولات تصفية النشاط الإبداعي وتأمين متطلبات نمائه وتعميق طابعه الديمقراطي واغناء جوهره الإنساني.
•   محاولات تأطير المجتمع دينيا في مدن الجنوب والوسط العراقي، وفي بعض مناطق بغداد، ومحاولتهم في الموصل حيث جرى فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي، ومحاولتهم الفصل بين طلبة الجامعة التي لاقت مقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية. أما غرب العراق (الرمادي) فهي مؤطرة أصلا من زمن صدام.
•    محاولات فرض الحجاب على النساء.
•   إشاعة ثقافة الرعاع والقطيع الطائفية -  ثقافة الموت والقبور،وروح التعصب الطائفي والمذهبي .... ومحاولات كبح جماح ثقافات النهوض والاعمار والتنمية وثقافة حقوق الإنسان وثقافة السلام!.
•   التنعم  ببركات ثقافة ( حاضر سيدي ) المثقف - الشرطي – التاجر وزراء للثقافة في حكومات الطائفية السياسية ، واستيلاء النخب الطائفية على مؤسسات الثقافة والاعلام والهيئة العليا المستقلة للإعلام ، ومحاولات الاستيلاء على ادارات المؤسساتية المدنية التي تعني بالثقافة والادب ترغيبا وترهيبا.
•   تغييب ثقافة الطفل ( أدب أطفال ، رسوم متحركة ، برامج أطفال تلفازية ، قصص خيال علمي ، سينما خيال علمي ، الخيال العلمي في قاعة الدرس... ) . واقحام الدين في حياة الاطفال في كل الظروف والاحوال.... لقد اتخذت حكومات ما بعد التاسع من نيسان موقف المتفرج الواعظ من الطفل العراقي فيما عدا شذرات من الجهد الجاد هنا وهناك . سقط الطاغية ولم تسقط الولاءات والأفكار الشريرة الخبيثة التي تؤرق عالم الطفولة البرئ لتنتعش الولاءات دون الوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية والشللية والمناطقية وليزدهر الفساد الذي يعيش اوج كرنفالاته اليوم ... وظلت مشاهد الرعب والأحلام الشريرة ترافق أطفال العراق واستمرت كوابيس مشاهد القتل والترهيب والانتهاكات ترعبهم مدى الحياة. تلاحق حالة الخوف اطفالنا ليل نهار ، وفي كوابيسهم من جراء الذبح وعمليات النحر البشري والدماء التي تسيل  في شوارع وبيوت العراق بسبب الارهاب الاصولي وحنقبازيات جرذان البعث ، وبسبب رعونة الصقور الاميركية ومقاولات الشركات الاجنبية الاستغلالية ، وبسبب جشع قطط العراق السمان الجدد  ، لتبقى حالات الفزع ولتتواصل الصدمات النفسية التي تؤرق حياة الطفل العراقي والتي ستنعكس على سيرة حياته ونفسيته حتى عند بلوغ سن الرشد بل وستلازمه لفترات طويلة.
•   سريان مفعول قرار مجلس قيادة الثورة اللعين رقم 368 الصادر بتاريخ 9/9/1990 الذي نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني .
•   تجاهل اهمية -   بلورة الصيغ والتشريعات القانونية التي تكفل حرية الثقافة والإبداع، وتستبعد كل ما يمكن أن يقيدهما، وتهدف إلى وضع ثمارهما في متناول سائر فئات المجتمع ، وتعتمد ميثاقا ينظم نشاط مهنة الاعلام ويلزم العاملين فيه باحترام قيم ومعايير الحوار والمصداقية والدقة والابتعاد عن التحريض وإثارة النعرات وكل ما يلحق الضرر بالوحدة الوطنية.
•   محاولات غسل ذاكرة الشعب الوطنية التي ابتدأت بالجريمة الأساس في حرق المكتبة الوطنية - الذاكرة العلمية للشعب ومصدره في البحث العلمي ومثلها كل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث... وتواصلت مع كنوزنا وأرصدتنا الموجودة في بنوك العراق المركزي والمصارف المهمة الأخرى.. ومع ذخيرة وأسلحة ثقيلة وأموال وكنوز في مؤسسات التصنيع العسكري هي بالمليارات...... المعامل والمصانع ومواقع الانتاج المدنية وركائزنا الكبرى من كهرباء وجسور وغيرهما....ومطابع الكتب المدرسية ودفاتر أطفالنا وقرطاسيتهم وقاعات العرض المسرحية والسينمائية وقاعات الموسيقى والباليه والفنون التشكيلية...وثروة المتاحف التي ليس لها ثمن يقابلها مطلقا.. ثروة الإنسانية وتراثها الأول الحافل بقراءة تاريخنا ونور حضارته.. ليُباع العراق الإنسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي....وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
•   محاولات اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده - العمل الخطيرالذي ينذر بالكارثة المحدقة لصالح الغيبية والشعوذة والسحر والبلادة عبر قمع التكنولوجية المعلوماتية والاتصالات والانترنيت والخدمات الاساسية كالكهرباء باتجاه تسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم طبقا لقواعدها وهواها غير آبهة بمواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.
•   السعي للابتلاع الحكومي لوسائل الأعلام.
•   اقرار دستورا لا يجسد ما يتطلع له الشعب العراقي من بنود اساسية تكرس الحياة الديمقراطية المدنية والتداول السلمي للسلطة، وترسخ الوحدة الوطنية، وتتصدى الى كل ما يمكن ان يشظي المجتمع الى ولاءات تنتقص من المواطنة. وثيقة دستورية تنهل مما توصلت اليه التجربة الانسانية ورسخته من قيم العدالة وحقوق الانسان. واقتران المواد 36 و 43 مثلا باشتراطات قابلة للتأويل وتسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل ، وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية. كما الغيت المادة 44 من مسودة الدستور قبل اقراره التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.
•   التجاهل المتعمد للجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية المشكلة في 12/9/2005.
•   الحط من السمعة العلمية والأكاديمية للجامعة العراقية ومؤسسات البحث العلمي كونها مؤسسات حضارية مفتوحة لا يجوز تقييدها بانتماء عقائدي أو آيديولوجي أو أي غطاء آخر. والصمت امام الاعتداءات الاجرامية البهلوانية للعصابات الحكومية والميليشياتية على الجامعات العراقية ومؤسسات التعليم العالي . والحملة الموجهة ضد الأساتذة العراقيين ومحاولات ضرب العراق في عقله العلمي... والعمل على إفراغه من أساتذة الجامعة بالمئات والآلاف، عبر عمليات التصفية الجسدية والتهجير القسري تحت كل أشكال الضغوط .
•   الانحطاط الكبير في مستوى قطاع التعليم بعد ان كانت المدرسة في الماضي من مفاخر وطننا، فالعراق كان دوما هو الافضل في المنطقة من حيث مستويات التعليم.
•   المضي قدما في التسييس الطائفي للمناهج المدرسية وحشوها بالافكار السياسية والدعايات الاعلامية ومفاهيم تأليه الفرد .
•   استمرار المساجد والحسينيات بالعمل والتثقيف والاستفادة من الحملة الإيمانية البائسة لصدام حسين.
•   جملة القرارات المناوئة للمؤسساتية المدنية :
1.   قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ...
2.   قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ...
3.   القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية !
4.   قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..
5.   قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! ..

•   اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء ، وتعاظم التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب السيطرة عليها.

    لنرفع صوتنا عاليا ..  لا والف لا للأحزاب والتجمعات الطائفية .. لا والف لا للفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه .... لا والف لا لأشاعة مشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية .... لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفيا بدلا من عراق موحد ديمقراطيا.

راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء
•   الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
•   المعلوماتية المعاصرة والحرب
•   ثقافة السلام في العراق وكردستان
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
•   ثورة 14 تموز والفكر العلمي
•   الدستور العراقي واعادة اعمار ثقافة وديمقراطية الطفل
•   نحو اكاديمية كردستانية


في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm





216
1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات

الطائفية السياسية والاتصالات
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
   

    ازمة الكهرباء في العراق هي ازمة المياه الصالحة للشرب والمجاري والاتصالات والحصة التموينية وبقية الخدمات الاساسية. والاتصالات هي من   لعب الدكتاتورية والانظمة الشمولية والطائفية السياسية لتسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم طبقا لقواعدها وهواها غير آبهة بمواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.
    المنطق الطائفي منطق مغلق منتج لإيديولوجية مغلقة وصانع لسقف محدود ، إلا أنه يعطي طمأنينة خاصة لأصحابه تذكرنا بمواصفات الجماعة التسلطية التي يتحدث عنها طبيب الأمراض النفسية لوسيان إسرائيل بالقول: " في الداخل، يشعر المرء بأنه في بيته، وهذا ما يطمئن في هوية الطباع هذه. إخوة فيما بينهم، يتفهمون بعضهم، يفهمون على بعضهم بالإشارة. يفهمون على بعضهم لدرجة أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الكلام ".
    الطائفية السياسية - نظام سياسي مقيت معرقل للتطور الاجتمااقتصادي لأنه نظام غير مواطني ( من المواطنة ) ولا يعتمد الأسس الحديثة لبناء الدولة والمجتمع (على أساس المواطنة والعلاقة السليمة بين الدولة والمواطنين وحقوقهم الطبيعية العامة والخاصة التي ينص عليها ويتبناها دستور دائم يصوغه و يقرره الناس) . والدولة الطائفية تعتمد الشروط والمكونات القديمة ، وتقدمها على شرط المواطنة الحديثة التي لا تسن الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الطائفة أو العرق أو الجنس . وتتصاعد النزعات الطائفية كلما أختلت الوظائف الطبيعية للدولة ، وفشلت في إنجاز مهامها الديمقراطية والوطنية ، وتهددت أو ضعفت الوحدة الوطنية ، وظهرت تشققات في النسيج الإجتماعي الواحد . ومع اكتساح الشبكة المعلوماتية العالمية "الانترنت" المجال الإعلامي في العالم الى جانب الهواتف النقالة والقنوات الفضائية، زاد استخدام الناس لها بشكل ملحوظ وظهرت مثلا العديد من المواقع الشخصية والمدونات ومجموعات وحلقات النقاش الجماعية، مما حول الفرد من مستقبل للمعلومة إلى مصدر لها. لكن هذا التطور لم يعجب بالطبع دكتاتوريات العالم  وانظمته الشمولية فما بالك بالطائفية السياسية ؟.  شعر هؤلاء بالضعف والعجز عن التحكم بالناس ومراقبتهم. وبينما تتفنن انظمة الحكم الشمولية في الممارسة القمعية لهذه التكنولوجيا و تشريع القوانين القاسية جدا التي تستهدف المعارضة السياسية و المحررين العاملين في الإعلام الالكتروني وعبر عمليات المراقبة والتحكم بالانترنت والهواتف الارضية والنقالة والبث الفضائي فان الطائفية السياسية تنهج اقصر السبل بغية بلوغ نفس الاهداف بالقطع  جهارا للاتصالات والانترنيت عن الشخصيات الديمقراطية وحاملي مشاعل التنوير متذرعة باسخف الحجج والذرائع ...  لنصل في النهاية الى نتيجة مفادها ان اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده عمل خطير ينذر بالكارثة المحدقة لصالح الغيبية والشعوذة والسحر والبلادة .
    في وزارة اتصالات العهد الجديد في العراق يعشعش اليوم موظفو البرقرطة الادارية وشلل الابتزاز وعصابات الولاءات اللاوطنية والتي سبق وزرعها الوزراء تباعا داخل الوزارة بالتواطؤ مع البعثيين والشلل الفاسدة الغوغائية .. لتقطع هذه الخدمات مراراً ..... لا لسبب سوى مواجهة مستهلكيها الحازمة للولاءات الفاسدة عبر الاعلام من صحف ومجلات وانترنيت . ان هذه الولاءات اللا مسؤولة تتخذ من العلاقات الشخصية منفذاً للضغط على القوى الديمقراطية بتشكيلها جماعات الضغط  الطائفية و المناطقية . وتواصل هذه الولاءات اللا مسؤولة بكادرها المسخ على استغلال كل مناسبة وفرصة لفرض وصايتها ولشراء الولاءات الطائفية ولأستجداء الرشاوي والاكراميات عبر :
1-   القطع المتعمد للاتصالات التلفونية على المستهلكين .
2-   تراشق التهم بين المركز والاطراف كتحميل وزارة الاتصالات مسؤولية القطع بحجة عدم تزويد المراكز بالكاز تارة ، وانقطاع الكيبل الضوئي تارة أخرى .. وعشرات الحجج القبيحة ! التي تدل على تواضع موظفيها وموظفاتها !***(الكيبل مقطوع ، ماكو كاز ، منع تجول ، الطرق مقطوعة ، ماكو خفر ، تخريب ، المولدة خربانة ، .... الخ!!!! وكأن العاملين لا يشتغلون في محطات اتصال وتلفونات وانترنيت بل في محطات كهرباء وتربية دواجن ).
3-   الاستهتار بالرد على شكاوي المواطنين والاستخفاف بهم .
4-   قطع اتصالات الانترنيت على السيرفير 170 .
5-   استغلال استبدال الوزراء والمسؤولين في الوزارة للبطش برافعي الشكاوي ضدها والانتقام بالقطع المتعمد للاتصالات الهاتفية !
6-   الارتباط بالمافيات القذرة..
     وزارة كهرباء صدءة ، وزارة اتصالات عفنة ... دكاكين فساد .... لم يكن سبيل الحرية يوما ما مفروشا بالرياحين والازهار !.  ان الارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر لكن الارهاب ايضا" هو كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"  والأضرار بالمصلحة العامة . لماذا يجر قطع الاتصالات الهاتفية والكهرباء والانترنيت عن دور سكنية اصحابها قارعوا الطاغية عقود ثلاث خلت  في احياء بغداد بمباركة بعض قطعان الطائفية والعشائرية ووقاحة وزراء ونخب تدعي انها متأسلمة ودعم مرتزقة البعث وسلبية مواقف الحرس الوطني والشرطة؟. المسؤول هنا هو عصابات  الشرطة التي تبتز الاموال، والحرس الوطني الذي يستعرض عضلاته على ابناء المدن وهو يضع نقاط  تفتيش ليس فيها غير الحجارة وعرقلة الطريق ، والخماطون والجهلة. فليس من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين العصابات العشائرية وعصابات الاجرام التي اطلقها  القائد البعرورة من السجون التي كانوا يقبعون فيها بسبب جرائمهم كعمليات السلب والسرقات والتهريب كالشقاوات ....
    لا تعي ثقافة الرعاع – القطيع الطائفية التكنولوجية المعلوماتية والاتصالات باعتبارها عناصر قوة وباستطاعتها فرض تغيير في أنماط العمل والإدارة في جميع المجالات وخاصة في الدوائر الحكومية، حيث تقوم برفع كفاءة الأداء وكسب الوقت والمال والجهد. ولا تعي ثقافة الرعاع – القطيع الطائفية الطفرة الإلكترونية الحديثة وإمكانية إشراك المواطنين والمجتمع المدني في مناقشة السياسات، من خلال الحوار المباشر، ودعم اتخاذ القرارات، وصياغة السياسات بشكل متفهم أكثر للمواطن واحتياجاته ، واشاعة مفهوم "الحكومة الإلكترونية" ‏.‏
    الدول مختلفة والأسلوب واحد .. ويسير طائفيوا التحاصص في العراق على هدى اساتذتهم في روسيا البيضاء وبورما وكوبا وإيران وليبيا وجزر المالديف ونيبال وكوريا الشمالية والسعودية وسوريا وتونس وأوزبكستان وفيتنام... وعلى منوال المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في لبنان وحركة حماس في الاراضي المحتلة . والوضع في العراق يسير من سيء إلى أسوأ مع  قيام السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة او حكم المحاصصات الطائفية والقومية.

*** - انظر التراشق القرقوشي بين بدالة تلفونات الجادرية ووزارة الاتصالات حول الكاز !! .


راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   الكهرباء والاتصالات والسياسة – الترهات في العراق
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد
•   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة


 في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm

217

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات

المهندس العراقي والطائفية السياسية

 المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    المهندسون كفاءات علمية إنتاجية مثقفة واعية ومعالم اساسية في التصنيع الوطني وعمليتي الاصلاح الاقتصادي والتنمية وفي الثورة العلمية التكنولوجية والثورة المعلوماتية يسهمون في قيادتها بالكوادر التخصصية لحل معضلات التطور الاجتمااقتصادي والنقل التكنولوجي والحيازة المثلى للتكنولوجيا ، والتعامل معهم يستلزم درجات عالية من الحرص والجدية والموثوقية ، فالمهنة الهندسية لها حساسيتها وضوابطها وقائمة على السلم والتعاون ونبذ الاحتراب والحروب. ويسهم المهندسون بابداع في رفد بلادنا بالكوادر المتخصصة القادرة على ترجمة التقدم العلمي التكنولوجي عمليا في العراق، وعلى هاماتهم يعاد بناء وأعمار البلاد على خلفية التناقضات التي عمقتها آثار القادسيات الكارثية والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في العقود الخمسة الأخيرة ، والطائفية السياسية ، وانعكاسات العولمة المعاصرة .
    يدرج المهندسون عادة ولا زالوا في الطبقة الوسطى بالمجتمع العراقي والتي تآكلت أصلا في العهد الدكتاتوري السابق لتشوه النسيج الاجتماعي العام في العراق . وهذه الطبقة بالتعبير العلمي والدقيق مؤلفة من البرجوازية الصغيرة والمتوسطة وتتميز بأنها أكثر الطبقات اتساما بعدم التجانس وعدم التماسك لا في المصلحة ولا في الهموم والمشكلات ولا في التفكير والتطلعات ، والطابع الغالب على النشاط الاجتماعي فيها هو طفيلي – خدماتي غير منتج ...الا إن المهندسين يشكلون الشرائح المنتجة فيها . ويعتبر مهندسو المؤسسات الحكومية الأكثر اقترابا من شغيلة العمل المنتج ويعانون معاناتهم .. حيث تتداخل وتتفاعل عضويا مطالب تحسين الوضع المعاشي والاجتماعي للمهندسين مع مطالب الطبقة العاملة وكافة الكادحين . وقد تعمدت الدكتاتورية الفصل المصطنع بين الأنشطة السياسية والثقافية والهندسية بهدف إذابة المهندس في الجسم السياسي الحاكم أو دمجه بالنشاط الإنتاجي اليدوي ليبتذل ويفقد استقلاليته . والناتج هو تدني الثقافة الهندسية العلمية كونها سلطة معرفية وفقدان الاستقلالية الهندسية والتبسيط الجامد لإشكاليات الوسط الهندسي .
     طيلة أعوام الدكتاتورية ومع تفاقم دور الدولة الكلانية العراقية في التحكم بالسوق العراقية ومختلف جوانب الحياة الاجتماعية في البلاد وتصاعد دور الطغمة الحاكمة في القمع والابتلاع التدريجي لحقوق الإنسان والمنظمات الاجتماعية والنقابية العراقية ، كان للمهندسين الديمقراطيين الشأن المتميز في تنظيم الحركة الهندسية النقابية ، ويخصهم النظام بكل الحسابات التي تحد من حركتهم لتحويل العمل النقابي إلى تنظيم يدافع عن حقوق مهنة الهندسة في العراق ....  ثم ابتلى مهندسو العراق بالطائفية السياسية في عهد ما بعد التاسع من نيسان ... وحالما تم عزل الإقطاع السياسي البعثي الحاكم في العراق، اندفع الإقطاع الديني بكل تلاوينه لكي يرث ملكية المسلمين المتاع المشاع الدائم لهذه القوى ، وفي سبيل ذلك قام ويقوم بالمغامرات المذهلة الدموية حتى ضد طوائفه !...  وكان تكريس نهج المحاصصات الطائفية وباء خطير سمم الحياة السياسية، وتناقض مع الديمقراطية، وقزم معنى العمليات الانتخابية ومدلولاتها، وحجم من مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، وأضر ببناء الوحدة الوطنية . الطائفية السياسية هي من أخطر المشاكل التي يغذيها الأحتلال الاميركي  ومن الد اعداء العمل النقابي والمؤسساتي المدني .
    لا يتوافق العمل الهندسي الحر مع سياسات الدفعات الكبيرة (الانفجارية) ، ومشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح ، والفوضى البناءة - الرأسمالية المخططة- .. وحتى النمو المتوازن ( Balanced Growth ) .. ، او مجرد انماء العلاقات النقدية في المعاملات التجارية وتوسيع العلاقات الائتمانية. كما لا ينسجم العمل الهندسي الوطني مع بقاء اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط ، وانحسار مساهمة القطاعات الانتاجية الأخرى وبالاخص ركود القطاع الصناعي التحويلي ، والانفتاح التجاري اللامحدود وإطلاق حرية الاستيراد والفساد ، ونمو أنشطة اقتصاد الظل غير المحكوم بالضوابط والتشريعات والذي يستوعب أقسام من العاطلين عن العمل والمهمشين اقتصاديا.
      ماذا جنى المهندس العراقي من الطائفية السياسية بعد ثلاثة اعوام بالتمام والكمال ؟
•   مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة..
•   تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة ، ولو على حساب اشعال فتيل حرب أهلية مستمرة، تتغذى من إرادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة، أو الاستئثار بها بدله.
•   دولة الفوضى السياسية الدائمة والمصالحة الوطنية الملثمة واللغو الفارغ والخطابات الانشائية ونهوض الخطابات السلفية والغيبية في مواجهة العلمانية والعقلانية.
•   ثقافة الرعاع والقطيع الطائفية -  ثقافة الموت والقبور.
•   تنامى دور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي، وتنامي دور الفئات المرتبطة بالمضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار ، او العمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة ، واستغلال المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية.
•    التهريب غير القانوني ونهب المال العام واغتناء حفنة من مهندسي الطائفية والطفيلية ليبقوا في خدمة مآرب الاحتلال مع التفاقم المريع للألاعيب والتداخلات القانونية التي تتيح لجماعات قليلة من المهندسين جمع الثروات الطائلة على حساب البقية المتبقية من المهندسين وقوت الشعب.
•   العمل على " طرد الدولة " من ميدان الاقتصاد، والتدمير التدريجي للطاقات الانتاجية المحلية.
•   بطء دوران العجلة الانتاجية وبقاء العديد من المصانع والمنشآت الصناعية والزراعية مغلقة الأبواب.
•   تردي وتدهور الخدمات الاساسية ، لاسيما الكهرباء والماء الصالح للشرب والوقود والاتصالات ... مع أزمة نقل خانقة بسبب شحة المشتقات النفطية والاضطراب الامني والفوضى المرورية.
•   بقاء عشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب خصخصة القطاع العام أعوام  1968 -  2003... سارية المفعول ،مما ترك الآثار والنتائج السلبية المباشرة على مستلزمات وشروط العمل وعرقلة وتخريب الدورة الإنتاجية الاقتصادية السلمية.
•   بلوغ الفساد الاداري والمالي في مؤسسات الدولة مستويات غير مسبوقة .
•   معدلات التضخم العالية مع ارتفاع الاسعار والتهام الزيادات في رواتب المهندسين.
•   رفع اسعار المشتقات النفطية استجابة لنصائح وضغوط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واعضاء نادي باريس وباسم الاصلاح الاقتصادي، في اتجاه رفع أي دعم حكومي للسلع، لا سيما الاساسية منها بالنسبة الى اوسع فئات السكان.
•   تعاظم التفاوتات الاجتماعية و التهميش الاجتماعي بشكل خطير بحيث  بات كل ذلك ينذر بتوترات اجتماعية قد يصعب  السيطرة عليها. 
•   قرارات الاستبداد الجديد القرقوشية :
1.   قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ...
2.   قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ...
3.   القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية !
4.   قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..
5.   قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! ..
•   استيلاء النخب الطائفية على ادارات النقابات والجمعيات الهندسية ، وتعدد المراكز النقابية والتنافس فيما بينها ( انظر : ادارة نقابة المهندسين / الحزب الاسلامي ، ائتلاف المهندسين العراقيين / جمع من المهندسين الديمقراطيين الذين يديرون جمعية المهندسين ، التجمع العراقي المهني / عبد الجبار الجزائري وجمع من مهندسي الائتلاف الموحد ، ائتلاف المهندسين الديمقراطيين / جمع آخر من المهندسين الديمقراطيين ، اتحاد المهندسين العراقيين في هولندا ، جمعية الكندي للمهندسين العراقيين في بريطانيا ، ...)  .
•   تجاهل مواثيق المراكز النقابية المتعددة  اهمية دمقرطة الحياة الهندسية وتسترها مع سبق الاصرار على الدور الطبقي النفعي  لكبار مهندسي المقاولات ، واهمال قنونة عدم تحويل المؤسسانية المدنية الهندسية الى أوكار قمعية مجددا .. وقفت هذه المراكز صامتة امام الاعتداءات الاجرامية للعصابات الحكومية والميليشياتية على الكليات الهندسية في الجامعات العراقية اكثر من مرة ! مثلما وقفت صامتة دون تعليق على تأجيل الانتخابات النقابية اكثر من مرة ايضا .. ولم تدعو مواثيقها الى السعي لاستئصال الكوادر الهندسية التي تبوأت المناصب القيادية في النقابات او مؤسسات الدولة من البعثيين الوصوليين والانتهازيين والحرامية وجهلة الطائفية السياسية بالوانهم  ! وبعضها لم يشر الى الاحتلال الاميركي ولو مرة واحدة ! . واحتوت مواثيقها على نواقص التزاماتية في المضمار المهني تجاهلتها لاغراض نفعية تكتيكية بهدف تسيير عملها كيفما اتفق الامر الذي يؤكد ما حذرنا منه من استبدال البيروقراطيات الادارية للمؤسسات النقابية باقرانها ....
•   تهميش دور نقابة المهندسين العراقيين بعد ان بات نشاطها شبه مجمد .
•   حصر وتحديد وتهميش فاعلية جمعية المهندسين العراقية .
•   فوضى العمل الهندسي في القطاعات العامة والمختلطة والخاصة والتعاونية وقطاع الأعمال الخيرية والمنظمات غير الحكوميـةN.G.O.s  وكذلك ميادين الهندسة الزراعية والمهن الهندسية الفنية والتعليم الهندسي الجامعي والهندسة العسكرية والفنية العسكرية … لقد شرع نظام نقابة المهندسين العراقيين عام 1959 حسب قانون رقم 62 وحل محله قانون رقم 28 لسنة 1967 فقانون رقم 51 لسنة 1979    وفي المؤتمر الهندسي الحادي عشر أقرت صيغة توصية بدراسة مقترح تأسيس نقابة ذوي المهن الهندسية الفنية ولاحقاً مقترحات تأسيس نقابة المهندسين الزراعيين حسب قانون رقم 74 لسنة 1977 وتنظيمات نقابية أخرى تداخلت في نشاطاتها مع نقابة المهندسين العراقيين . وبقاء الانظمة الداخلية للمؤسساتية المدنية الهندسية ، نقابات وجمعيات ومنتديات وروابط ، نفسها التي كان قد شرعها النظام السابق .   
•   فقدان أية آليات  تنسيقية مناسبة تربط  نقابة مهندسي كردستان المناضلة KEU   والنقابات الهندسية الكردستانية الأخرى مع التنظيمات النقابية المركزية في بغداد ...
•   ضياع الحقوق الأساسية الهندسية من قبيل الحق في الانتخاب الى الهيئات القيادية للنقابات والجمعيات الهندسية والمراكز الإدارية العليا في مؤسسات العمل والحق في الإضراب والمشاركة في الدورات والايفادات بعدل وإنصاف والعمل مع هيئات الأمم المتحدة والرأسمال الوطني والعربي والأجنبي والمنظمات غير الحكومية N.G.O.s لاعمارالعراق . والحق في الحصول على مخصصات المناوبة والعمل الإضافي والخطورة والعلاوات والترقيات والمكافآت وضمان المستقبل بالنسبة للحوادث أثناء مزاولة المهنة وفي حالات المرض والشيخوخة وسن تشريعات لصندوق تقاعد المهندسين وضمانهم الاجتماعي والتامين الصحي وحل مشكلة النقل ودعم نشاط جمعيات بناء المساكن للمهندسين واعطاء الأولوية لعوائل شهداء المهندسين في المعارضة الوطنية . وتوحيد نظام توزيع الرواتب والمخصصات وتطوير الحوافز المادية وتشريع مراسيم خدمة لتتناسب أجور المهندسين مع مؤشرات أهمية العمل الإنتاجي والشهادة العلمية والخبرة ودرجة المسؤولية والخطورة وتقوية عرى التنسيق بين اللجان النقابية الهندسية والوحدات الهندسية في مواقع العمل وتشريع مراسيم احتساب تعويض الاختصاص وتعويض طبيعة العمل والتعويضات الأخرى على أساس آخر راتب وربط أجور المهندسين بالأسعار مما يعزز أهمية تشريعات نظم توزيع الرواتب والمخصصات على المهندسين .
•   سريان مفعول قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين ووزارة التعليم العالي ذات العلاقة .... التي لا تميز بين المهندس (engineer) والتقني ( technologistأو technical)....
•   سريان مفعول قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين التي تنظم انتقال المهندسين بين منشأت القطاعات الاقتصادية ولصالح اضعاف الانتقال الى  القطاع العام .
•   اغفال الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 بينما اقترنت المواد 36 و 43 باشتراطات قابلة للتأويل وتسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل ، وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية.
•   الغاء المادة 44 من مسودة الدستور قبل اقراره التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.
•   بقاء التشريعات والأنظمة الداخلية لقطاع المقاولات العراقية على حالها دون تنظيم واعادة تشريع .. ومنها لا على سبيل الحصر قوانين شركات المقاولات رقم 66 لسنة 1987  واتحاد المقاولين العراقيين رقم 59 لسنة 1984 والأنظمة الداخلية للعشرات من شركات المقاولات وقانون تسجيل المقاولين العراقيين لسنة 1992 وتعديلاتها والتشريعات ذات العلاقة مثل قانون اتحاد الصناعات العراقي رقم 34 لسنة 2002 وأنظمة اتحاد الغرف التجارية وما يسمى باتحادات رجال الأعمال .
•   فوضى عمل المكاتب الاستشارية ومكاتب الخبرة الهندسية وتداخل احكامها مع  إحكام قوانين تنظيم الوكالات التجارية .. وفوضى تصنيف الخدمات الاستشارية . ولازالت قوانين بالية فاعلة اليوم دون تغيير ، ومنها قوانين المركز القومي للاستشارات الهندسية رقم 6 لسنة 1990 ومركز الادريسي رقم 7 لسنة 1990 ومركز الاستشارات الهندسية رقم 63 لسنة 1987 وقانون المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم 64 لسنة 1979 .
•   ضياع حقوق المرأة المهندسة ومساواتها بأخيها المهندس في الأجر وأوقات العمل وحقوق العمل وتبوء المراكز القيادية النقابية.
•   بطالة المهندسين ، وهجرتهم ولجوئهم السياسي والإنساني خارج العراق اي أستنزاف خيرة الطاقات الهندسية .
•   اتخاذ موقف المتفرج ازاء تقادم تشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996.
•   التجاهل المتعمد للجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية المشكلة في 12/9/2005.

     المهندسون مجموعة إنتاجية وفئة اجتماعية ربطت نضالها بالنضال الوطني العام للشعب العراقي... وبدلا من اتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية للنظام الاستبدادي البائد ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية التي ركبت موجة الارهاب والخراب والتخريب والدمار الشامل !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق ..هكذا يعيش المهندس العراقي مع كامل ابناء شعبنا في جحيم حرب طاحنة، بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة، وقتل وخطف الأبرياء واغتيال المثقفين، في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو، وبين الانقسامات التي استشرت في أعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته. لنرفع صوتنا عاليا ..  لا والف لا للأحزاب والتجمعات الطائفية لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفياً بدلاً من عراق موحد ديمقراطياً.
 

راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان
•   ورقة عمل للمساجلة والحوار الهندسي الديمقراطي
•   العمل النقابي الهندسي في العراق وكردستان
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   المهندس الديمقراطي العراقي  وحق العمل النقابي الحر
•   تأجيل الأنتخابات النقابية الهندسية في العراق .. من المستفيد ولمصلحة من ؟
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
•   حوار هادئ مع ائتلاف المهندسين العراقيين
•   نقابة المهندسين العراقية...الى اين ؟
•   نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق
•   منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء
•   الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية

في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm



218

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات


الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
 


     من اهم سمات الانظمة الشمولية والدكتاتورية حجب ومصادرة حرية واستقلالية المؤسساتية المدنية وفصائل كامل الحركة الاجتماعية ، وخاصة النقابات والمنظمات المهنية ، عن الدولة . والدولة العراقية منذ تأسيسها 1921 كانت دولة حرة علمانية ديمقراطية رغم النظام الاوتوقراطي الحاكم والمعاهدات الاسترقاقية مع الانكليز . ومع الجمعيات الاهلية الوليدة كانت النقابة المهنية بالفعل اللبنة الاولى للمؤسساتية المدنية العراقية لأنها حملت سمات القدرة على التعبئة والتحشيد والتنظيم والجمع بين النضالين المهني والاجتماعي التنويري ، وبالتالي رص النسيج الاجتماعي الوطني العراقي .
واليوم جاء دور المعمّمين وسماسرة الطائفية كي يمعنون ويوغلون لا في الإساءة لحقوق المواطنة فحسب بل لكامل الحقوق النقابية وحقوق الانسان ... يستعجلون انتخابات المجالس التشريعية تلو الاخرى ويفبركون دستورا لا يقر بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ويجمدون العمل النقابي والمؤسساتي المدني الى اشعار آخر .
   لقد ودع العراق العقد الثالث من القرن العشرين كما ودع إدارة الانتداب البريطاني دون ان يشهد سوى ثمانية مشروعات صناعية تمتعت بما ورد في قانون رقم 14 لسنة 1929 ( قانون تشجيع المشاريع الصناعية) . لكن اكبر التحشدات العمالية تركزت في تلك المؤسسات التي يديرها أو يملكها الرأسمال الأجنبي حيث اكتسبت النضالات العمالية في هذه الفترة أهمية وطنية ولعبت دورها في تحريك الجماهير وتحفيزها للنضال ضد الاستعمار. وشهد العقد الثاني من القرن العشرين باكورة النضالات الطبقية في إضراب عمال السفن (المسفن) – الدوكيارد – سنة 1918 الذي تصدت له السلطات الإنجليزية بالرغم من مطاليب العمال العادلة في زيادة الاجور وتحسين الأوضاع المعيشية. واقترن التحرك العمالي في العشرينات بتنامي الاستعداد لدى العمال والشغيلة الحرفيين الى التنظيم وتشكلت عدة جمعيات أبرزها جمعية أصحاب الصنائع سنة 1929 وجمعية عمال المطابع العراقية وهي جمعيات عمالية حرفية وليست نقابات عمالية خالصة.
      في 1932 فرض العمال تنظيمهم النقابي – اتحاد العمال في العراق – وفي 3/12/1933 دعا الاتحاد الى مقاطعة شركة كهرباء بغداد التي كان يملكها الرأسمال البريطاني بعد ان فشلت المفاوضات معها لتخفيض سعر الوحدة الكهربائية. صدر قانون العمل رقم (72) سنة 1936 وتضمن حقوق عمالية أهمها الحق في التنظيم النقابي والتعويض عن العطل الأسبوعية والسنوية والتمتع بالأجازات الاعتيادية المدفوعة الأجر.... الا ان أيا من الحقوق أعلاه لم يوضع موضع التطبيق.
    كانت الحرب العالمية الثانية شديدة الوطأة على الجماهير وكشفت كل عورات النظام الملكي وأنضجت سخطا جماهيريا واسعا. وقد شن العمال سلسلة من الاضرابات ابتداءا من خريف 1941 أولها إضراب عمال السكك وتلاهم عمال شركة كهرباء بغداد. تراكمت الخبرة النضالية للطبقة العاملة وتكونت ملاكاتها وازداد وعيها وشنت سلسلة من الاضرابات في اكبر المشاريع ذات التحشدات العمالية وأفلحت في انتزاع إجازة (16) نقابة عمالية في بلادنا. وتعتبر اضرابات عمال السكك سنة 1946 وكاورباغي في كركوك وكي ثري ملاحم نضالية مجيدة.....
   حدد القانون صراحة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة نقابة واحدة لكل مهنة وقد تحققت الوحدة العمالية لا بفضل تجسيدها في اتحاد نقابات العمال فحسب بل من خلال وجود الحريات الديمقراطية والانطلاقة العمالية الواسعة . وشاركت الجماهير العمالية بملأ إرادتها بالنقابات بعيدا عن مظاهر الإكراه والضغط وشاركت أيضا في الانتخابات النقابية. وقد صوت العمال في المؤسسات الكبيرة الكهربائية والناشطة في ميادين النفط والميناء والسكك بنسبة (93- 97%) للنقابيين المعروفين بتاريخهم النضالي وفي المؤسسات الصغيرة بنسبة (83- 92%) .انعقد المؤتمر التاسيسي لاتحاد نقابات العمال في 20/2/1959 في الوقت الذي لم تحصل فيه جميع النقابات على إجازاتها. وانعقد المؤتمر الأول للاتحاد العام للنقابات في 11/2/1960 وكان يضم آنذاك (52) نقابة مركزية عدد أعضاءها (308) ألف عامل . وفي (1) أيار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون إنسان في بغداد. في زمن الأخوين عارف لم تجر أية انتخابات نقابية حرة خشية إن ياتي العمال بممثليهم الحقيقيين لقيادتها .
    رغم تطور الإنتاج الصناعي وتوليد الكهرباء بالثمانينات بقي اتحاد نقابات العمال ضعيفا هزيلا يستند إلى السلطة ولتتحجم قدراته ولتزاح كل القيادات الوطنية والديمقراطية بالقوة والارهاب ( اعدامات وسجن وتغييب وتهجير قسري ) عن الاتحاد النقابي ويستعاض عنها برموز بعثية مفضوحة ، وليؤدي الاتحاد العام دوره كسمسار لسياسات البعث ومسمار في نعش الطبقة العاملة وشغيلة العراق وسفير للنظام دوليا. ومع القادسيات الكارثية تدنت اجور العمال بسبب من تدني قيمة الدينار وارتفاع الاسعار، ومعاناة عموم جماهير الشعب من الضائقة المعيشية الخانقة والغلاء الفاحش وتردي الخدمات على الاطلاق . وافلحت الطغمة الحاكمة في اغراق عمالنا بدخان كوارثها واثخنت بها جماهير الشعب . الطبقة العاملة اكثر فئات الشعب تضررا جراء سياسات النظام الهوجاء في عسكرة البلاد وحرمانها والشغيلة عموما من التشريعات التي تحمي حقوقها في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بما فيها مشاريع الدولة ، وتضمن تمثيلها في مجالس ادارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية ، وتحمي العمال الزراعيين بالتشريع والقانون ايضا.
    في عام 1980 تأسست الحركة النقابية العمالية الديمقراطية في العراق تنظيما نقابيا سريا لمواجهة الاتحاد النقابي الرسمي الذي احتكر العمل النقابي العلني .وبمبادرة من هذه الحركة تأسس في 16/5 / 2003 الاتحاد العام لنقابات العمال (IFTU) وفي اجتماع حضره 380 ناشطا نقابيا عماليا . واخذت اللجنة التحضيرية على عاتقها اعادة تشكيل النقابات على اسس ديمقراطية في معامل ومؤسسات توزعت على 12 قطاع اقتصادي في 10 محافظات والاعداد لأنتخابات حرة تحت اشراف قضائي... الا ان أحزاب وتجمعات اللاعبين بورقة (الأغلبية والمظلومية)،التي عمليا وبالدليل القاطع برهنت على فشلها الذريع وعجزها التام عن القيام بالمهمات السياسية في إعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار السياسي كمنطلق أساسي في إرساء أسس الديمقراطية وسيادة القانون وتنفيذ برامج التطور الاقتصادي والاجتماعي عملت لا على عرقلة العمل النقابي العمالي فحسب بل جمدت الحركة الاجتماعية والمؤسساتية المدنية لأنها أحزاب وتجمعات طائفية متدنية الوعي السياسي وعلاقتها سيئة للغاية بالمثل والاخلاق الديمقراطية وتعاني من نقص الولاء للعراق .. فكانت الاختراقات الطائفية العملة السياسية الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد، من حيث إنها تقوم على إلغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق أرباح غير مشروعة للطرف المتحكم بها.
      لقد افسدت الطائفية المنافسة السياسية النزيهة، بقدر ما عطلت العملية التمثيلية وعطلت آلية بناء عمومية الدولة وارتفاعها فوق جميع المصالح الخاصة والجزئية. ماذا كانت النتيجة ؟ .....  تمكين أصحاب المصالح الخاصة من التحكم بمواقع رئيسية في الدولة، وفرض أجندة خاصة عليها لا تهتم ببناء إطار السياسة الوطنية، ولا تخضع إلا لحسابات جزئية، وبالتالي تقويض أسس العملية السياسية، وقطع الطريق على وصول قيادات وطنية مجسدة لمفهوم الدولة وممثلة لعموم الشعب إلى مناصب السلطة والمسؤولية، وإخضاع الدولة والإمساك بمؤسساتها من الداخل وتفريغها جميعاً من محتواها العمومي. والمبتغى هو تحويل الدولة الى مزرعة خصوصية لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والعشائر والجماعات القومية المسيطرة... ولو على حساب اشعال فتيل حرب أهلية مستمرة، تتغذى من إرادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة، أو الاستئثار بها بدله.
     ويعاني العمل النقابي العمالي اليوم من ازمة بنيوية على الصعيدين العمودي والافقي .. عموديا – توقف عجلة الانتاج والدورة الاقتصادية السلمية بعد ان أغلقت العديد من المصانع والمنشآت الصناعية أبوابها قبل تاريخ التاسع من نيسان 2003 بحكم التدهور المريع المستمر في الأوضاع الصحية والاجتماعية وعموم الأوضاع المعيشية بسبب العقوبات الاقتصادية اللاانسانية وسياسات القمع والانتهاك الفظ  لحقوق الإنسان الأساسية ... ولازال العديد من هذه المنشآت مغلقا ، ارتفاع معدلات البطالة الى مستويات عالية خاصة بين الذكور وترك العديد من العراقيين أعمالهم الأصلية لينخرطوا في النشاط الواسع غير الإنتاجي ودفع المتخصصين والمتعلمين للهجرة... ولم يسع لا النظام الدكتاتوري البائد ولا حكومات ما بعد التاسع من نيسان إتباع سياسة تقليص معدلات البطالة ولا تنفيذ خطط التأهيل والتدريب اللازمة ، استمرار مفعول قوانين النظام السابق ومنها قوانين 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة وقوانين 71 و 91 لعام 1977 و 190 و 543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم( 150 ) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي وعشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة أعوام  1968 -  2003 ، ضعف الامكانيات المادية ، الاضطرابات الامنية واعمال الارهاب والاغتيالات والفساد والابتزاز ، الطائفية التي حولت الدولة الى إطار لتقاسم المغانم وتنمية المصالح الخاصة وتعظيمها وفوضى سياسية دائمة ، قوانين الطوارئ والاحتلال الاميركي .
    وافقيا – بتعدد المراكز النقابية والتنافس فيما بينها (الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق/ سابقا في العهد الصدامي  GFTU  وبقيادة جبار طارش ، الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق  IFTU/ بعد سقوط الطاغية ، الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية العراق/ جماعة خليل المشهداني ، اتحاد نقابات العراق المستقلة / التيارالصدري ، التجمع المهني المستقل / الدعوة الاسلامية ، اتحاد العاطلين عن العمل الذي تحول لاحقا الى اتحاد مجالس العمال والنقابات المحلية FWCTU ، الخ  .......)رغم التوقيع على اتفاقية دمشق آب 2005 لتنسيق العمل وفق آليات الديمقراطية الشرعية النقابية وتأسيس الاتحاد العام لعمال العراق( GFTW) ، تسمية اعضاء للمكتب التنفيذي ل(GFTW) وتوزيع المسؤوليات عليهم وتعيين عدد آخر في مواقع المسؤولية لنقابات بغداد بشكل لا يناسب وحجم وقدرة كل اتحاد مشارك في التاسيس وقد اغتصب وغنم البعثيون ما لم يكن يحلمون به وبالرعاية السورية ، انعدام العمل النقابي في الوحدات والورش الصغيرة ذات الطابع العائلي التي لا يمثل فيها العمل المأجور سوى نسبة محددة ، تجميد الحركة الانتخابية النقابية الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية وفق قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 ، ضعف التمثيل النسائي في اللجان والهيئات النقابية مع انخفاض معدل النشاط الاقتصادي بين النساء في المراكز الحضرية .
   لقد اغفل الدستور العراقي الجديد حق الاضراب في المادة 22 بينما اقترنت المواد 36 و 43 باشتراطات قابلة للتأويل وتسمح لمجلس النواب وللحكومة العراقية من الالتفاف على الكثير من الحقوق والحريات والضمانات التي نص عليها الدستور بالفعل ، وخاصة تلك التي تعني بالنقابات والمؤسساتية المدنية. وكانت الجمعية الوطنية قد الغت المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان لنسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين ، ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع ، وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والطائفي والظلامي المتخلف ... يذكر ان المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 217 آ (د- 3) المؤرخ في 10/12/1948 قد نصت على :
1.   لكل شخص حق العمل، وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية، وفى الحماية من البطالة.
2.   لجميع الأفراد، دون أي تمييز، الحق في أجر متساو على العمل المتساوي.
3.   لكل فرد يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، وتستكمل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
4.   لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
     وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الإنسان من:
1.   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة ، وهو محك مقياس درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان والتقيد بها .. لأنه تفاهم مشترك لجميع شعوب الارض.
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966. وفر العهد للبشرية حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية ، وحريات الفكر والرأي والتعبير والتنقل والاقامة وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي وتوفير الحماية !.
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة). وقد وفر هذا العهد الحق في العمل بشروط العمل العادلة ، والحق في تكوين المؤسساتية المدنية والجمعيات والحصول على الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وضمان العيش الكريم !.
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة .
5.   اعلان استوكهولم عن مسؤولية وحقوق الانسان تجاه البيئة عام 1972 عن الامم المتحدة . ويتضمن الاعلان 26 بندا ... كما تضمنت خطة العمل الصادرة عن المؤتمر (109) توصية ... وعن المؤتمر تأسست اليونيب (UNEP - منظمة الامم المتحدة لبرنامج البيئة ) لحماية البيئة وحل مشاكلها . 
6.   الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
7.   اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
8.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
9.   اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
10.   القرار 688 الصادر في 5/4/1991 عن مجلس الامن الدولي  -  يكفل حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع العراقيين .

     الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !  إن أولوية الأولويات في أجندة الطائفية السياسية في العراق هي تحقيق الغلبة السياسية من منظور طائفي ، أي من منظور التمايز والتفارق مع الآخر ...  وبالتالي فإنها تسعى من كل بد إلى تفعيل كل ما من شأنه إدامة هذا التمايز وذاك التفارق وإستحضار مستلزماتهما المادية والمعنوية على أكثر من صعيد. حالما تم عزل الإقطاع السياسي البعثي الحاكم في العراق، اندفع الإقطاع الديني بكل تلاوينه لكي يرث ملكية المسلمين المتاع المشاع الدائم لهذه القوى ، وفي سبيل ذلك يقوم بمغامرات مذهلة ودموية حتى ضد طائفته !...  ان تكريس نهج المحاصصات  الطائفية هو كشف للمستور ووباء خطير يسمم الحياة السياسية، ويتناقض مع الديمقراطية، ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها، ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، ويضر ببناء الوحدة الوطنية. إن الطائفية التي يتم تمريرها اليوم هي من أخطر المشاكل التي يغذيها الأحتلال ، و التي تهدد وطننا ومجتمعنا ، أضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة . الطائفية السياسية من الد اعداء العمل النقابي والمؤسساتي المدني . لقد جاء قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... جاء في وقت استبشر فيه الشعب العراقي خيرا بنهاية الحكم الدكتاتوري ونظام صدام حسين وعكس مجرى الاحداث السياسية آنذاك الامر الذي أثار الحذر من الكارثة الوطنية المحدقة لسقوط الدولة بمؤسساتها وشيوع فوضى الاحتلال والسوق معا ... اعقب ذلك صدور قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية ! الاخطر هو  قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. لم يكشف هذا الموقف قصور فهم الطائفية السياسية لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل قرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل أبناء الشعب إلى رعاع وقطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل لها  .....
    تعيش الطائفية السياسية تناقضاتها . وفي مضمار مؤسسات المجتمع المدني تسبح سعيدة في هذه التناقضات ، غير مصدقة انها قد اوكلت لها هي خصيصا الاولوية لحل هذه التناقضات باعتبارها القوائم الفائزة الرئيسية في الانتخابات النيابية الاخيرة !! .. وهي تتخبط ، تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى توحيد الخطاب السياسي ... هكذا دواليك ... ويقول المثل " لا حضت برجيلها ولا خذت سيد على " . لم تستطع  الطائفية السياسية من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية بالطبع فكيف الحال وهي تنشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن وحتى توحيد الخطاب السياسي . من يخدع من ؟ ..ولم تستطع الطائفية السياسية التمييز بين المجتمع المدني ، المؤسساتية المدنية ، المنظمات غير الحكومية ، الجمعيات الاهلية ، الاتحادات والمنظمات النقابية والمهنية ، الجمعيات الخيرية ، جمعيات حقوق الانسان ، النوادي السياسية والاجتماعية ، الاحزاب السياسية ... الخ.!! لقد وجدت الطائفية السياسية نفسها فجأة وسط الدمقرطة والمقرطة والمؤسساتية المدنية في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والاكتساح المعلوماتي المعاصر وما رافقه من انتعاش استهلاكي طفيلي براغماتي جرف معه حتى النخب الاجتماعية وقيادات الاحزاب السياسية في بلاد ما بعد التاسع من نيسان ، كما وجدت الطائفية السياسية نفسها فجأة وسط الارهاب والخراب والتخريب لتركب هي بالذات هذه الموجة  ... ووجدت الطائفية السياسية نفسها فجأة امام تاريخ غني للشعب العراقي وحركته الوطنية وراسخة جذوره عميقا في الارض والتربة العراقية ولا تستطيع تجاهله وشطبه بجرة قلم !! ... وجدت الطائفية السياسية نفسها فجأة امام صرح هائل من المؤسساتية المدنية التي اتقنت ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ... !
    تجمع النقابات العمالية في مطالباتها اليوم على :
•   الغاء القوانين  ارقام 71 و 52 و.. 150 لعام 1987 الخاصة بأرباب العمل و إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة.
•   الغاء القوانين ارقام  71 و 91 لعام 1977 و 190 و 543 لعام 1984 الخاصة بتعطيل العديد من بنود ومواد قانون العمل رقم( 150 ) لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي.
•   الغاء قرار الطائفية السياسية  المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة..
•   الغاء قرار مجلس الحكم المرقم (27) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ...
•   الغاء قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية !
•   تفعيل المادة ( 140 )الجديدة من الدستور المعدل التي تنص على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور، وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد.
•   احياء المادة 44 من مسودة الدستور قبل اقراره التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.
•   الغاء عشرات القوانين والاجراءات والقرارات التي اتخذها النظام السابق صوب الخصخصة أعوام  1968 -  2003...
•   معالجة مواقع الرأسمال الكبير في ميادين التجارة الخارجية والداخلية واستئصال المظاهر الطفيلية المصاحبة لها ..
•   الغاء قرار مجلس قيادة الثورة رقم 368 الصادر بتاريخ 9/9/1990 الذي نص على السماح بتشغيل الاحداث التي لا تقل اعمارهم عن الثانية عشرة في مشاريع القطاع الخاص والمختلط والتعاوني .



راجع للكاتب :

•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   لا تقسروا اولادكم على آدابكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم.
•   عمال الطاقة الكهربائية في العراق وكردستان
•   جدليات العمل النقابي العمالي في العراق
•   الديمقراطية الشرعية النقابية
•   الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان


 في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm

219

1.   الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟
2.   الطائفية السياسية والعمل النقابي في عراق التاسع من نيسان
3.   المهندس العراقي والطائفية السياسية
4.   الطائفية السياسية والاتصالات

الطائفية والمطالبة بتوحيد الخطاب السياسي ... من يخدع من؟

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    ابتلى شعبنا العراقي بطائفية ما بعد التاسع من نيسان السياسية حيث التقسيم الطائفي القومي الضيق في وزارتي الجعفري والمالكي والتي أصبح يضرب فيها المثل من حيث التقاعس والإهمال والفساد وتصاعد الأعمال الإرهابية من تفجيرات ومفخخات وعبوات واغتيالات واتساع الاضطراب الأمني وظاهرة الخطف والعصابات الإجرامية واستخدام الميليشيات المسلحة لبعض الأحزاب السياسية الدينية لتحل محل المؤسسات الأمنية الرسمية وظهور فرق الموت والقتل على الهوية تحت أنظار ومسؤولية وزارة داخلية بغداد الميمونة ، بل وبمساندتها ! .. ومع كل ذلك يحاول الائتلاف العراقي الموحد كونه الكتلة الرئيسية الفائزة بانتخابات المجلس الوطني العراقي طمس الحقائق ومحاولات تشويه وعي الناس ، تارة تشكيل غرفة عمليات ، وتارة منع التجول للمركبات والسابلة ، وأخرى مذكرات تحقيق بشأن الشيخ الفلاني ورجل الدين الفلاني ، ثم تعيين المخصصات لأعالة عوائل ضحايا تفجيرات مدينة الثورة ... بالطبع ابو اسراء لا يسمع ولا يرى العشرات من ضحايا الغدر يوميا والذين يتجاوز عددهم اضعاف مضاعفة ضحايا مدينة الثورة الباسلة شهريا ! لأنه قابع في صومعته الافلاطونية ... من المسؤول عن الأمن في العراق اليوم؟ وماهو مصير لجان التحقيق المشكلة اثر مجازر جسر الائمة ، ومعتقلات تعذيب الجادرية ، واختطاف موظفي دائرة البعثات في وزارة التعليم العراقية ، ... وانفجار العشرات من المفخخات الارهابية في الاحياء المدينية المكتظة.. ومن قبل اغتيال الخوئي  ؟ مسؤولو الامن في عراق اليوم يخفون رؤوسهم في التراب كالنعامات .. لأنهم يهابون وضع النقاط على الحروف .. لا ، والف لا للاحزاب الطائفية والميليشيات الطائفية . هاهو ابو اسراء يتمشدق بالالفاظ الانشائية ، حاله حال سلفه الجعيفري ، وحاله حال خلفه مادام هذا الخلف من الاحزاب الطائفية ايا كان تمذهبها ، لا حول له ولا قوة .     
     نعم،"الإرهاب الدولي"و"المسلحون الأجانب"المتطرفون و"دول الجوار" التي تسهل دخولهم وتدربهم وتموّلهم و"دول أخرى" "لها مصلحة" في زعزعة استقرار الأمن... وانجرت لهذه اللعبة القذرة الاحزاب الطائفية والميليشيات الطائفية الفائزة بالانتخابات لأنها قوى قطيع سياسي ورعاع جاهلية ارتبطت مصالحها بالرأسمال التجاري الكبير والرأسمال الاجنبي . حكومة المحاصصات الطائفية تطالب بتوحيد الخطاب السياسي للقوى المؤلفة للعملية السياسية الجارية اليوم .. من يخدع من ؟ احزاب طائفية وميليشيات طائفية جبانة تطالب الآخرين الألتفاف حولها وحول شعاراتها الطائفية . ماذا يريد التيار الصدري وقروسطية منظمة جيش المهدي ؟ ماذا يريد عبد العزيز الحكيم وخرابيطه في الفيدراليات الطائفية وارهاب منظمته البدرية وفرق موته الاسود ؟ ماذا يريد مسلحو الاحزاب الدينية الطائفية ؟ ماذا تريد الخلايا البعثية النائمة والفاعلة والمتواجدة في اكثر المواقع حساسية في الدولة العراقية ؟ان عار المحاصصة الطائفية بدأ يشمل اولئك الذين اخفوا وجوههم الطائفية وراء الشعارات اللا طائفية واللا محاصصة، فاصبحوا الوجه الثاني من المعادلة الطائفية القبيحة، بل والشركاء المتساويين في الفتنة الطائفية وممارساتها السياسية على ارض الواقع. ان الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية ، وتفويت الفرصة على من يريدون سوءا بوطننا وشعبنا ،  لا يستلزم فقط العمل على اشاعة روح التآخي والتآزر والمحبة  والتحلي بالحكمة والتروي وترجيح العقل والتعامل الواقعي ، ووقف التراشق الاعلامي والكف عن توجيه الاتهامات دون تمحيص وتدقيق، مما يثير الحساسيات ويشدد حالة الاستقطاب... بل يستلزم القول الفاصل الرافض لأحزاب الولاءات دون الوطنية والتخاريف الاجتماعية ، فذلك وحده الكفيل بوأد النعرات الطائفية المقيتة التي تبث الفرقة بين ابناء الشعب والوطن الواحد ، والقيام  بكل ما من شانه تبديد حالة التوتر والاحتقان ، التي ينطوي  استمرارها على خطر داهم لن ينجو من عواقبه احد  ..
    نكرر قولنا للاحزاب الطائفية التي تحكم العراق اليوم .. بدءا وفي سبيل المصلحة الوطنية العليا وامن الشعب العراقي الابي ، عليكم الاغتسال في مياه الرافدين متخلصين من ادران وقاذورات البعثنة القديمة والجديدة والطائفية والولاءات العصبوية... طائفيتكم تبقى العملة السياسية الفاسدة والسوق المغشوشة التي تمثل في حقل السياسة ما تمثله السوق السوداء في ميدان الاقتصاد، من حيث إنها تقوم على إلغاء المنافسة النزيهة والمعايير الواحدة واستخدام الاحتكار والتلاعب وسيلة لتحقيق أرباح غير مشروعة للطرف المتحكم بها. الدولة الطائفية هي فوضى سياسية دائمة ومصالحة وطنية ملثمة. العنف الطائفي والارهاب والفساد – مثلث رعب عراق التاسع من نيسان . ان حقوق الطائفة الدينية هي من حقوق الشعب وليس العكس.. ثقافة الرعاع القطيعية التي تحاول الاحزاب الطائفية اقرارها كامر واقع في الحياة الاجتماعية العراقية هي ثقافة شمولية متخلفة وخطرة تهدد تماسك البنية الاجتماعية ، موروثة من العهد البعثي الذي الغى انسانية الفرد واستقلالية شخصيته، وحوله الى كيان هلامي لا ملامح له، يضطر بفعل عوامل الخوف وانكسار الشخصية والشعور بالدونية والتبعية المطلقة للقائد، والشعور بالعجز عن مواجهة الاخطار، الى الاندماج بالكل والاصطفاف اللاواعي مع جموع الهتافين والمصفقين والمهرجين ، حتى لايمكن فرزه والانفراد به كعنصر خارج على المألوف والمقرر سلفا . الثقافة الطائفية هي ثقافة الرعاع القطيعية وثقافة المقابر التي تدعو إلى الموت وتمجده وتقتل من يرفض هذه الدعوة التي تسمى لغويا ((الجهاد))، انها الدعوة إلى التخلي عن هذه الحياة ومباهجها حيث لا يجوز التفكير ( عند القيام بأي عملية جهادية ) مجرد التفكير بمصير العراقيين الأبرياء الذين يتجولون في الشوارع والذين يتعرضون إلى الخطر الشديد نتيجة هذه العمليات القذرة ، فاصحابها يذهبون إلى الجنة شهداءا ويتخلصون من هذه الحياة المزعجة . الثقافة الطائفية هي ثقافة الموت والقبور والرايات السوداء والملابس السوداء وثقافة البكاء على الأموات واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وإسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب الذات ، انه الفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه . وتشيع الاحزاب الطائفية مشاريع الجهاد ( احتراف القتل ) الى مالا نهاية . لنرفع صوتنا عاليا ..  لا والف لا للأحزاب والتجمعات الطائفية لأنها في حقيقة الامر تهدف الى تحديد النسل الديمقراطي وتدعو الى التكاثر الطائفي في العراق وهي تعمل على تأسيس عراق منقسم طائفياً بدلاً من عراق موحد ديمقراطياً.


راجع للكاتب :


•   ارهاب ... ارهابان ...  ام كل يغني على ليلاه ! الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي.
•   الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة  التخرصات الرجعية والارهاب في العراق.
•   الديمقراطية واعادة انتاج الطائفية في العراق.
•   العراق لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي.
•   الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع !.
•   أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية.
•   ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة.
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق.
•   لا تقسروا اولادكم على آدابكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم.
•   محراب الطائفية ام محراب الماسونية.


في المواقع الالكترونية التالية :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm

220
منظمات المجتمع المدني في العراق .....  من سئ الى أسوء

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

   للوهلة الاولى يبدو عقد المؤتمرات الموسعة حول ما اطلق عليه المصالحة الوطنية "خطوة عقلانية باعتبار ذلك تعد مختبرات  للتشخيص والتفاهم ولحل المشاكل في البلاد... اي من اجل الوصول الى حلول عديدة توفر خيارات متعددة لصناع القرار لمعالجة الازمات التي تفرض نفسها في الواقع السياسي والاجتماعي العراقي " كما ادعى مرارا عادل الاسدي وزير الدولة لشؤون المجتمع المدني في حكومة المالكي  رئيس اللجنة العليا للمصالحة الوطنية وكالة مرارا للاعلام العربي والغربي !... ثم جاء المؤتمر الخاص بمنظمات المجتمع المدني ... كارثة ليس من وراءها كارثة ! .. لأنه اكد ان حكومة المالكي لم تسعى من وراء ذلك سوى التحشيد الاعلامي لسياسة التحاصص الطائفي لا مثلما أشيع عن مناقشة  سبعة محاور من اجل المصادقة عليها من قبل اللجنة العليا للمصالحة وهي دور الاعلام في مشروع المصالحة والحوار الوطني، ودور المرأة في مشروع المصالحة، والبعد الانساني والوطني في المشروع، واثر الترحيل القسري والعوائق الاجتماعية وآثارها، وممارسة العمليات الارهابية والعنف المسلح، وابعاد الحوار في مشروع المصالحة، ودور الشباب في الحوار الوطني والابتعاد عن سياسة العنف. ... ودلت اللقطات المتلفزة ان الحضور لم يتجاوز ال300 شخصية لا مثلما اشيع عن حضور اكثر من 1000 شخصية من الناشطين ورؤساء منظمات المجتمع المدني في العراق ضمن خطة المصالحة الوطنية في العراق !!. وكان الاسدي قد اشار قبل المؤتمر بايام عن ان هنالك احتمالية زيادة المشاركة من قبل منظمات المجتمع المدني الى اكثر من 1500 منظمة ، مبينا ان هنالك اربعة مؤتمرات ستعقد بعد هذا المؤتمر لرؤساء منظمات المجتمع المدني لعدم امكانية تأمين مكان واسع لمؤتمر شامل لها، اذ ستعقد تلك المؤتمرات في الموصل وبغداد والحلة والبصرة!!.... يا بلاش !!.
   كما توقع الجميع ، الذين حضروا المؤتمر والذين قاطعوه ، كان الغرض منه هو الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني او التغني بهما !! فلم يقدم شيئا اذ لم يخرج ذلك عن ممارسة تكتيك سياسي او مناورة وهمية ! ولا يعني اضافة المؤسسات الجديدة الهامشية الى المؤسسات المتواجدة اي مضاعفة اسماء الشخصيات التي حضرت المؤتمر للايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية سوى ان الديمقراطية مغيبة ، و المجتمع المدني في عرف الاصوليات الاسلامية المتحفظة والراديكالية هو شعار لاغراض التنفيس والاستهلاكية !
   لم يفاجأ الكثيرون بعدم وجود برنامج للمؤتمر .. وكانت جلساته اعتباطية وارتجالية .. مثلما لم يفاجأوا بالاختيار الانتقائي لأعضاء اللجان المشكلة ودون مناقشة !! ولم يجر الاستماع الى ملاحظات ووجهات نظر الحاضرين والذين طلبوا الحديث .. لأنه كان مؤتمرا تلقينيا تحت الاشراف الحكومي !... وليس مثلما ادعى القائمون عليه من ان منظمات المجتمع المدني هي " المساحة الحيادية التي تخدم شرائح المجتمع العراقي بغض النظر عن توجهاته السياسية او العرقية او القومية لانها مساحة بالكامل لبناء واعمار الوطن وتنمية قدرات المواطن في مشروع روح المحبة والسلام وخلق الاجواء الامنية للتعايش والتبادل الثقافي والفكري بين شرائح المجتمع العراقي المختلفة، سواء على الصعيد الطائفي او القومي او العرقي، او على مستوى النسيج الاجتماعي الذي عرفه العراق وهو البعد التاريخي الحضاري".. اراد منظموا المؤتمر من الحاضرين التعهد على الطريقة الصدامية الالتزام بالقانون ومبدأ النظام الصحيح الذي يحكم البلاد ويجتمع عليه ابناء الوطن، وتكون شرائح المجتمع وفق القانون في حوار وتعايش وتبادل معلومات وحل المشاكل التي تجابههم فيما بينهم او عن طريق الحوار!... وهو ما يتناقض مع اعلان الاسدي نفسه ان منظمات المجتمع المدني "اثبتت قدرتها الفاعلة بين قطاعات وشرائح واسعة في المجتمع العراقي وانها دعمت العملية السياسية في العراق وقدمت الشهداء من اجل سيادة الوطن وترسيخ مفهوم الحوار والمصالحة والمعايشة بالطرق السلمية وبناء العراق واعماره بالشكل الذي يوصل العراقيين الى مطاف الدول المتقدمة، وان اهتمامنا كبير في هذا المؤتمر لتحقيق النتائج المرضية على طريق الحوار والمصالحة الوطنية".
     لم يجر في المؤتمر التطرق الى مبادئ المصالحة الوطنية المنشودة في هذا المضمار وهي:
•   اقامة دولة العدالة، والمواطنة، والضمانات، والتعددية، وحقوق الانسان وفقا للشرعية الدولية لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان يعني تأكيد استقلال القضاء وادانة المحاكم القروسطية للجاهلية المتأسلمة والمتشيعة  وفتاوي التكفير والحسبة و هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والميليشيات المسلحة والعصابات الارهابية ..التداول السلمي للسلطة.. الدستور الحضاري الديمقراطي الذي يضع حدودا واضحة لعمل السلطات وواجباتها ويلزم الحكومات بحماية الاديان والطوائف وعدم التدخل في شؤونها أو التحزب لدين او طائفة منها.. ويعني تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز .... وإلغاء القوانين والقرارات الجائرة التي أصدرتها الدكتاتوريات المتعاقبة على المركز والمرتبطة بالجنسية والإقامة والأوقاف والمطبوعات والتجارة وتوزيع المشاريع الاقتصادية ... والقوانين النقابية العمالية مثل قوانين أرباب العمل - إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة / 52،71،…،150 لعام 1987 وتعطيل العمل بالعديد من بنود ومواد قانون العمل رقم( 150 ) لسنة 1970 إضافة إلى قانون التقاعد والضمان الاجتماعي/  190 ،543 لعام 1984....الخ، وإعادة المهجرين إلى مواطنهم الأصلية ، والوثائق والممتلكات المصادرة إليهم وتعويضهم حقوقا واعتبارات قانونية ... وإلغاء التمييز السياسي والديني والطائفي وسبر غور التعليم الديمقراطي الحر وإجازة ممارسة الشعائر الدينية وتأسيس الجامعات والجامعات الدينية ومراكز البحث العلمي واحترام المقدسات الدينية والمذهبية ورعاية عوائل الشهداء ضد الدكتاتورية في حروبها الكارثية ... والكف عن اللغو والسفسطة وكأن الشعب العراقي بات تلميذا اما في كتاتيب الطائفية السياسية والدينية او في مدرسة واشنطن التأديبية ( انظر اللغو التالي : من ان أحسن الاطاريح السياسية في عصر الغيبة هي "الديمقراطية الاخلاقية" لأنها لا تتقاطع طرديا مع اعتقادات الشيعة بل ومع اعتقادات اهل السنّة ولأن لها جذوراً في الأصول الإسلامية ويمكن جمع الأمة على  أختلاف طوائفها ومذاهبها عليها )  .
•   التراجع والغاء قرار مجلس الحكم المرقم (27   ) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وقرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... وقرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية ! وقرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. والتعويض بأثر رجعي جميع المنظمات المتضررة وتقديم الاعتذار الرسمي لها امام الملأ بالصورة والصوت ! .. .. لم يكشف تعنت حكومات العهد الجعفري هنا سوى التزمت والجهل المطبق ! ودل هذا الموقف على قصور فهم الائتلاف الموحد لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ، وقرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل أبناء الشعب إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل لها  .... ان سر نجاح المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني يعتمد على الخبرات التي اكتسبتها من جهة وتمكنها من الوصول الى الناس وتقديم المعونة لهم من جهة اخرى وعليه فالدرس المستنبط من هذه المنظمات يجب ان يكون بمثابة المحفز على دراسة وتقييم عمل المؤسسات الحكومية والحزبية معا لا سن القوانين التي تضع العوائق امام منظمات المجتمع المدني وبالتالي سد اخر المنافذ الخدمية امام المجتمع. 
•   بناء الأسس الثقافية والتأهيلية لمنظومة حماية الأشخاص والجماعات في الوعي الجماعي والدستور والقوانين لوضع ترسانة وقائية مزروعة في الثقافة العامة والحماية القانونية.... وتدشين مشروع وطني جديد على أسس جديدة تضع الأشياء بموضعها الصحيح على وفق اعتبار الأهلية العلمية والثقافية والولاء للوطن وتراثه وقيمه قبل أي اعتبار أخر. ... ( راجع : كبة / حقوق الإنسان في العراق و كردستان).
•   المسؤولية الاخلاقية حجر زاوية للفعل الديني والسياسي في ان واحد ، الامر الذي يستلزم ادانة صمت المرجعيات ، أيا كانت قدسيتها ، على الافعال التي تجبر الناس على اتباع اوامر رجال الدين وعن قتل الناس وعن انتهاك حرمات المنازل وعن ابداء الراي في تلك الجرائم التي ارتكبتها   العصابات الارهابية  ولازالت ، وعن اعلان بعض الاحزاب بانها تعمل تحت امرة المرجعية ( لا تملك المرجعية احزابها على الساحة ).   والزام الحكومات العراقية الراهنة  تقديم من ساهموا بارتكاب المجازر والانتهاكات ضد حقوق الانسان الى القضاء العادل ليقول كلمته النهائية بهم وامام اهالي الضحايا الذين لهم الحق باسقاط حقهم بعد اعتراف الطرف الاخر بجريمته! والتسامح لا يمر عبر اعادة هؤلاء للعمل من اجل الاستفادة من خبراتهم ؟ ولا باعلان التوبة !
•   التأكيد على أن أي إجراء تعسفي هو إعادة إنتاج للحكم التسلطي وهو بالتأكيد حجر عقبة أمام إعادة بناء الإنسان وخوض معركة التنمية ، ولا يمكن فرض الديمقراطية بقوة السلاح !.
•   الرد على الانتهاكات الواقعة من سلطات الاحتلال لأنها معيار مصداقية عمل المؤسساتية المدنية ومنظمات حقوق الانسان . وتخليص المجتمع من عقابيل الحقبة الصدامية بعقلانية وعدالة ، وفي المقدمة مسألة التعويض عن الضحايا ومحاسبة كل المجرمين وامتلاك الرؤية التي تسمح بإبصار انتهاكات اليوم وشجبها بالتعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية.
•   مكافحة الفساد الاداري والمالي .ان مواصلة آلية انتاج الفساد هي انعكاس لسوء توزيع الثروة القومية توزيعا عادلا ، وبقاء تطبيق القرارات أسير البيروقراطية ...
•   احتواء الاخطار البيئية ونتائج هوس الحروب والعسكرة والتعريب والتبعيث والطائفية وحمل السلاح ( الهوس الميليشياتي)!.
•   ترسيم الحقوق المتساوية للمرأة العراقية في تشريعات دستورية واضحة على هدى اللائحة الدولية لحقوق الانسان ووضع اتفاقية تحريم التمييز ضد النساء موضع التطبيق الحي وتأمين مشاركتها الواسعة، وغير المشروطة،  في عملية اعادة البناء والمسيرة الديمقراطية ولتذليل الكابوس المخيف الذي تعيشه المرأة في عراق اليوم !
•   عدم اقحام الدين في حياة الاطفال وفي كل الظروف والاحوال.... و حظر ضرب ومعاقبة الاطفال جسديا وفرض اشد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم بحقهم.... منع فرض الحجاب الاسلامي وتزويج الفتيات باعمار الطفولة واعتبار مرتكبي هذه الافعال مجرمين يجب تقديمهم الى المحاكمة لتلقي العقوبات دون رحمة،و العمل على منع عمل الاطفال وضمان أحسن سبل المعيشة المرفهة لهم. كما وجب إصلاح وإعادة تأهيل الخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والتغذية، والمياه وصحة البيئة، وحماية الطفل... (راجع : كبة / الدستور العراقي واعادة اعمار ثقافة وديمقراطية الطفل ).
•   تأصيل مدرسة العدل مكان مدرسة الثأر وعدم وضع حدود قومية أو إثنية أو دينية أو طائفية أو وطنية عراقية في الدفاع عن الضحايا.
•   الابداع في الربط  بين الماضي والحاضر والمستقبل... عدم قتل الذاكرة.. أو إلغاء مبدأ المحاسبة في الجرائم الجسيمة باسم فتح صفحة جديدة ... وعدم التقصير في التصدي للمهمات والتحديات المعاشة في ظل الاحتلال.ان الاخذ بقاعدة ( عفا الله عما سلف ) دون تقييم واقع الحال يقود الى ما لا تحمد عقباه ويدفع التاريخ ليعيد انتاج نفسه مرة اخرى بعباءة جديدة . 
•   الدفاع عن غير العراقيين الذين تنتهك حقوقهم وكرامتهم كالدفاع عن المستضعفين والمعدمين والمحرومين من أبناء العراق.ويعيش هؤلاء في بيئات مهملة غاية في القساوة سبق واستغفلها الطاغية نفسه .. المجاري والبشر والصفيح والقمامة تتراكم على بقعة أرض ملوثة. وهؤلاء مثلهم مثل معدمي مدينة الثورة ، لم يكن لهم أي حق في السفر أو التملك أو العمل الكريم أو العيش بشكل عادي.ولا تقدم لهم الخدمات الاساسية مما يضطرهم مثلا  لحرق قمامتهم بأنفسهم!.
•   مطالبة دول الجوار وخاصة ايران و سوريا بمنع جميع أشكال الدعم المالي المقدم للجماعات الإرهابية.
•   الغاء قرارات صدام حسين حول مبادئ السوق في المستشفيات العامة ووجوب تحول المراكز الصحية الى وحدات للتمويل الذاتي ... وقانون نظم ادارة الشركات المرقم 22 لعام 1997 ... وقرارات خصخصة النظام التعليمي في العراق.
•   الركون الى منطق القانون المدني الذي ياخذ بنظر الاعتبار حق الاغلبية ولا يتجاهل اطلاقا حقوق الاقليات وبالتالي التوصل الى مبدأ التوافق المدني بالرغم من المجال الواسع للاعتراض والرفض (المعارضة) سلميا ودون المّس بالحريات العامة واحترام الرأي والرأي الاخر وغيرها من المباديء الانسانية الصريحة.وتنمية ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية .
•   تحريك منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان لتبني قضايا الحقوق المدنية للمواطن العراقي ، وتحويلها الى  حركة أجتماعية حقيقية قادرة على التصدى لقوى للارهاب والدكتاتورية والاحتلال ،ولتكون الدعامة الاساسية لعراق المستقبل الديمقراطي.... وفي معالجة الانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان في العراق في ظل الانفلات الامني وغياب هيبة الدولة المثلومة السيادة والاستقلال ، وفي ظل قوات الاحتلال التي تتحكم في كافة الملفات( الامنية ، والاقتصادية ، والسياسية) . وعلى ناشط حقوق الانسان ان يتحلى بالشجاعة والجرأة على اختراق صنمية العلاقات الاجتماعية التقليدية وسطوة الولاءات اللاوطنية ومكابح الدولة معا ... وفي خلاف ذلك يعاد تأسيس قتل الحوامل الاجتماعية الديمقراطية وتفريغها من مضمونها إن وجدت وتحويلها الى يافطات وشكليات تخدم الأنظمة القائمة .
•   دعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 لمواجهة اي طارئ محتمل بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ ... وهي مدعوة لتوسيع طيفها ليشمل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية .... والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي!.

    يعيش الائتلاف العراقي الموحد تناقضاته . وفي مضمار مؤسسات المجتمع المدني يسبح سعيدا في هذه التناقضات ، غير مصدقا انه قد اوكلت له هو خصيصا الاولوية لحل هذه التناقضات باعتباره القائمة الفائزة الرئيسية في الانتخابات النيابية الاخيرة !! .. وهو يتخبط ، تارة مصالحة وطنية ومؤتمرات تحشيد تعبوية وتارة لقاءات تنسيقية بين القوى السياسية الممثلة للقوائم الفائزة وتارة أخرى ... هكذا دواليك ... ويقول المثل " وين شايفها ؟ لا في عرس امه ولا في عرس ابوه ." لم يستطع  الائتلاف العراقي الموحد من فرزنة المفاهيم الاساسية في معجم المؤسساتية المدنية فكيف الحال وهو ينشد المساجلة وحل الامور بالتي هي احسن ..ولم يستطع الائتلاف العراقي الموحد التمييز بين المجتمع المدني ، المؤسساتية المدنية ، المنظمات غير الحكومية ، الجمعيات الاهلية ، الاتحادات والمنظمات النقابية والمهنية ، الجمعيات الخيرية ، جمعيات حقوق الانسان ، النوادي السياسية والاجتماعية ، الاحزاب السياسية ... الخ.!! لقد وجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة وسط الدمقرطة والمقرطة والمؤسساتية المدنية في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والاكتساح المعلوماتي المعاصر وما رافقه من انتعاش استهلاكي طفيلي براغماتي جرف معه حتى النخب الاجتماعية وقيادات الاحزاب السياسية في بلاد ما بعد التاسع من نيسان ، كما وجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة وسط الارهاب والخراب والتخريب ... ووجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة امام تاريخ غني للشعب العراقي وحركته الوطنية وراسخة جذوره عميقا في الارض والتربة العراقية ولا يستطيع تجاهله وشطبه بجرة قلم !! ... وجد الائتلاف العراقي الموحد نفسه فجأة امام صرح هائل من المؤسساتية المدنية التي اتقنت ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ... ! في الوقت الذي تطلعت فيه المنظمات غير الحكومية الى القيام بدور الحركة الاجتماعية بين ابناء الشعب العراقي ، لكن فاتها انها تقلد نسق  المنظمات غير الحكومية في البلدان الرأسمالية والاميركية بشكل خاص اي المنظمات الوليدة نتاج الاحتكار الدولي والتطورات الداخلية البنيوية المتعددة المراحل ! .... اي ان المنظمات غير الحكومية تبقى منسجمة مع مرحلة محددة من تطور النظام الرأسمالي الراهن وتنظيماته ..
      ثمة قواسم مشتركة بين المنظمات غير الحكومية جميعا بعد التاسع من نيسان وهي :
1- عدم وجود الفهم الصحيح لطبيعة العمل العام وفلسفة المجتمع المدني ..
2- عدم توفر الامكانيات المادية واللوجستية للعمل ...
3- الافتقار الى المهارة والدراية والخبرة في العمل العام والتحرك وسط الجماهير ..
4- الانقطاع عن المجتمعات المدنية في العالم ومنتدياتها ...
5- السعي من وراء العمل العام الى الكسب المادي اوالمعنوي ...
6- الاحتواء من قبل الاحزاب السياسية التي تستخدم المنظمات واجهات للتحرك داخل المجتمع ، بغية كسب الاصوات والترويج لخطاباتها...
7- صعوبة العمل في ظل الظروف الامنية والاقتصادية وتعثر الاتصالات و صعوبة النقل المواصلات...
8- عدم القدرة على التنسيق للعمل الجماعي المشترك فيما بينها ، بما يضمن ايصال رسالة موحدة تعبر عن صوت المجتمع المدني العراقي...
9- عزوف الناس عن الانخراط او التعاون مع منظمات المجتمع المدني لاسباب مختلفة تتعلق بخيبة الامل من امكانية تحقيق مكسب حقيقي، والشك في نوايا المنظمات وانتماءاتها ومصادر تمويلها ، او عدم وجود قناعة كافية بان المجتمع المدني قادر على ان يشكل ضغطا على السلطات..
      فضلا على العديد من المعوقات اليومية الاخرى ... ولكن اهم معوق هو وجود الاحتلال الذي مارس القتل العشوائي والجماعي والاصابات التي لم توفر امراة او طفلا او مدنيا ، والاعتقالات الكيفية والاهانات والتعذيب دون ان تستطيع المنظمات ان تغيرأو تفعل شيئا بشأنها . واهم من ذلك في ما يتعلق بنشوء المجتمع المدني هو الموقف المنحاز الذي اتخذته سلطات الاحتلال وحكومات بغداد من بعض المنظمات دون غيرها.(انظر : ايمان خماس / المجتمع المدني في العراق بعد الاحتلال)..
    والحال هذه، ظهرت مئات المنظمات الصغيرة العاجزة ، الى جانب منظمات صغيرة اخرى بدورها ولكنها قادرة على الحصول علي التمويل ، اما من قبل الاحزاب السياسية التي تقف وراءها ، او من قبل منظمات دولية بعضها معروف الخلفيات وبعضها الاخر غير معروف. في الواقع رافق احتلال العراق غزو للمنظمات الدولية من مختلف الصنوف والاشكال والبرامج .... كثير منها لا يعرف طبيعة المجتمع العراقي او ثقافته وتقاليده واعرافه ، وكثير منها فضلا على ذلك، مرتبط بالمشروع الاميركي في الشرق الاوسط .
     يحيل الحديث عن المجتمع المدني تلقائيا إلى الحديث على حرية التجمع وتكوين الجمعيات، وقد اعتقد العراقيون أنهم استرجعوا هذا الحق الذي حرموا منه لعقود بسقوط نظام صدام، وعليه شرعوا في تكوين جمعيات وروابط ومؤسسات ومنظمات مستقلة في غياب قانون عراقي ينظم ممارسة هذا الحق.غلبة الهاجس الأمني والتخوف من أنشطة بعض المنظمات، جعل سلطات الاحتلال تصدر اجراءها المرقم  45 في شهر آب 2003 ليكون قانونا للجمعيات في العراق ومنحت المنظمات الموجودة أجل 90 يوما للامتثال لمقتضى هذا الأمر. يدخل إصدار قانون للجمعيات في باب التشريع الذي لا يحق لسلطة الاحتلال الخوض فيه ، كما صيغت الأسباب التي من أجلها يحق لسلطة الاحتلال رفض منح المنظمة شهادة تسجيل بصورة فضفاضة وغير محددة....مجلس الحكم الانتقالي بدوره أصدر القرار رقم 3 لسنة 2004 أنشأ بمقتضاه "لجنة شؤون المجتمع المدني" وتشرف على تشكيل المجالس المؤقتة للاتحادات والجمعيات والنقابات وغيرها من التنظيمات ، لكنه مس هيئات إدارية لجمعيات ونقابات انتخبت بصورة ديموقراطية بحضور ملاحظين دوليين مثل حالة نقابة المحامين ، ومست لجنة شؤون المجتمع المدني التي أنشأها القرار للإشراف على تشكيل المجالس المؤقتة للاتحادات والجمعيات والنقابات وغيرها من التنظيمات الأخرى بصورة مباشرة الحق في حرية عمل التنظيمات المدنية مما خالف نص المدة 8 فقرة ج من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع العلم وأن العراق انضم إلى هذا العهد سنة 1970. .. ( انظر :  المنظمة العربية لحقوق الإنسان / تقرير - العراق مآسي الحاضر، فظاعة الماضى ، ورهانات المستقبل ).

•   في الاعادة ..افادة ! لابد من تحديد المفاهيم ياسادة يا كرام !   

   المنظمات غير الحكومية سلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم ( راجع : كبة / الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية )..... ولكن إن شئنا أم أبينا ترتبط بوشائج وتشابكات مع الرساميل الاجنبية والغرب والقوى الخارجية لا يمكن تفسيرها على أي حال بحسن نية دائماً !.   وتحظى المنظمات غير الحكومية باهتمام متزايد من قبل الحكومات ووسائل الإعلام في البلدان المتقدمة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية،حيث تتصدر الاهتمامات العامة والسياسية والاقتصادية،وهي تشكل الإطار المؤسسي والوعاء التنظيمي للقطاع الثالث أو العمل الخيري والتطوعي في الاقتصاديات المعاصرة. وتتنوع الآراء وتختلف حول النشأة التاريخية للمنظمات غير الحكومية أو حول مضمونها وطبيعتها وارتباطاتها أو حول ضرورة توسيع نشاطاتها وصولاً إلى تصنيفها أحياناً القطاع الثالث بعد قطاع الدولة والقطاع الخاص كما اسلفنا.وقد ظهر مصطلح " المنظمات غير الحكومية " في سياق التطور الاجتماعي الجاري عالميا ! ومحاولات الاستقطاب تحت مظلة النظام الرأسمالي العالمي ليشير الى الجماعات النوعية او الطوعية او التضامنية التي تعمل على تعبئة اوسع عضوية ممكنة حول هدف عام تتطلب القدرة لتحقيقه ، وتتخذ شكل جمعيات او مراكز او روابط  في ظل بعض القوانين المحددة او بالالتفاف حولها مع فروق واضحة على مفهوم الجمعيات الاهلية ( الخدمية او الخيرية )! . لقد شهد القطاع الخيري في البلدان الغربية نموا متسارعا في القرنين الماضيين،حيث أصبح النشاط الخيري والتطوعي يحتل حيزا مهما من الثروة الوطنية في المجتمعات الغربية بما يملكه من أصول، وبما يوفره من خدمات اجتماعية كثيرة وبتمويله لشبكة واسعة من المؤسسات الخدمية، في مجالات حيوية عدة  كالتعليم والصحة والثقافة والفنون والبيئة والبحث العلمي وحقوق الإنسان والأسرة ورعاية الطفولة والمساعدات الدولية،وغيرها من الخدمات والمنافع العامة ...وقد دعي هذا القطاع الثالث في السنوات الأخيرة لدعم وتطوير سياسات الرفاهية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ، وللتغلب على عمليات إقصاء الفقراء في فرنسا ولدعم التعددية في السويد وتقوية المجتمع المدني والإسهام في التنمية في الدول النامية ودول شرق أوروبا.... اي المساهمة في الاصلاحات السياسية والاجتمااقتصادية المزعومة !.( راجع : كمال منصوري / المنظمات غير الحكومية و دورها في عولمة النشاط الخيري و التطوعي/ علوم انسانية)
       اكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي في هذا المجال " الحركات الاجتماعية " ، والتي تظهر تشكيلات القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها منظمة او منظمات ! ويكون هذا الوعي تاريخيا لتتخذ الحركات الاشكال الثابتة كالنقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية .. الخ. وفرض وجود المنظمات غير الحكومية على بنية العلاقات داخل الدول بدعم ومباركة من النظام الدولي مباشرة وهو يعتمدها اصلا طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية (المؤتمرات العالمية) بتأكيد مصداقيتها .. وبالتالي مصداقيته ! والنفي المتعمد لدور التنظيمات الجماهيرية او السياسية المنظمة  كالاحزاب .. الخ .. تحت شتى السبل والحجج الممجوجة !.ويصبح نمط  المنظمات غير الحكومية هو النموذج التحليلي الجدير بالاهتمام ، وبأسمه يجري قياس الموقف الشعبي وقيادة التحركات الشعبية لتؤكد مصداقيتها الدولية !  .وتتطلع المنظمات غير الحكومية الى القيام بدور  الحركات الاجتماعية بين شعوبها ،لكن يفوتها انها تقلد نسق  المنظمات غير الحكومية في البلدان الرأسمالية والاميركية بشكل خاص اي المنظمات الوليدة نتاج الاحتكار الدولي والتطورات الداخلية البنيوية المتعددة المراحل ! .... اي ان المنظمات غير الحكومية تبقى منسجمة مع مرحلة معينة من تطور النظام الرأسمالي الراهن وتنظيماته .. ماهو الدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمات التطوعية غير الحكومية في العالم المتقدم في عولمة العمل الخيري والتطوعي ؟ وما هو موقع المنظمات غير الحكومية والأهلية ضمن مفردات النظام العالمي الجديد ؟!
    القضية الاخطر هي ان الغرب يحاول نعت  الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية وبالتالي احتواء حركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة ، وحركة الشبيبة ضد الحروب ، وحركة السلم العالمية ، والحركات النسوية ، وحركات الرفض الاجتماعي الجارفة !...وصعود حركات الطلاب والشباب في اوربا بالاخص فرنسا !،وحركة المثقفين ضد مؤسسات الدولة في اوربا الشرقية ،وحركات التضامن العالمية ! والنقابات والمنظمات المهنية ! اي تقوية اسس الدولة الرأسمالية الاحتكارية بالتحرك وسط المجتمع المدني وكمنطقة صراع مع الحركات الاجتماعية المناضلة !. واكتسح التدفق المعلوماتي والاعلام المعاصر امكانيات الاختيار واخترقه ! لينفرد المركز الرأسمالي بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي فأكسب المنظمات غير الحكومية قوة تصدير اللاعقلنة الينا والى مناطق الاطراف ! ...
    الجميع يدرك ان المنظمات غير الحكومية لا تمثل العمل الطلائعي لتنشيط المجتمع المدني والحركات الاجتماعية ازاء المحاذير المفروضة عليها من جهة القوانين . وهي بالنخبوية الصارخة تبدو مشروعة من وجهة نظر تمثيلها الديمقراطي للجماهير الشعبية .وتتعمد الحكومات خلق المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية كقنوات ثابتة لها لتدفق المساعدات الدولية . فقط الثقافة السياسية الديمقراطية الحقة بامكانها ان تلزم  المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية عموما بمواقعها في المؤسساتية المدنية وضبط دورهما بالاطوار التعبوية والتعبيرية والمطلبية والتنموية وحق المشاركة في القرارات العامة ! فالنموذج الاميركي يعزل معيار المساهمة الديمقراطية عن بنية المجتمع الاهلي والمنظمات غير الحكومية لتتكشف مصادر التمويل الضخمة في اطار اقتصاد السوق والخصخصة !
    ان العلاقات الإنتاجية والاجتماعية السائدة اليوم في بلادنا هي نتاج لأنماط اجتمااقتصادية من رواسب قبلية وعشائرية وشبه إقطاعية وشبه رأسمالية وهويات جزئية وبالاخص الطائفية ....  تداخلت جميعها عضوياً وتشابكت بصورة غير طبيعية ، وأنتجت المجتمع الاهلي  . ان المجتمع وفق قانون التبعية البنيوية لا يمكنه أن ينتج الظاهرات الحديثة والمدنية والتي تنطلق من مفهوم المواطنة التي تفترض مجموعة من الواجبات والحقوق للأفراد وعليهم وإنما ينتج ظاهرات وإن ادعت بالحداثة والمدنية مرتبطة بالبنى العشائرية أو القبلية أو المناطقية او الطائفية حيث تستوعب الظاهرات الحديثة في طياتها وتكسبها صفاتها ومشكلاتها.. المجتمع الاهلي اي غير الحديث والذي لم يتجاوز الثورة الصناعية والثورات الفكرية المرتبطة بها والذي ليس به نظاماً ديمقراطياً ينتج ظاهرات تمتزج بالديني والمناطقي والمحلي والإقليمي مما ينعكس سلباً على أدوار المنظمات غير الحكومية وتكوينها وأهدافها وأهمية فعاليتها المستقبلية .. المجتمع المدني ليس بالمجتمع الاهلي فهو مجموع التنظيمات المجتمعية من مؤسسات وجمعيات وهيئات ومجالس ونقابات وأحزاب ووسائل أعلام وشرائح اجتماعية لها تعبير تنظيمي في المجتمع ... ولها مصلحة فعلية في التحول الديمقراطي للمجتمع ويضمن الحد من السلطة القسرية للدولة ! … ( انظر : كبة / المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية)... وتتجسد الديمقراطية الحقة في نهوض المجتمع المدني بأنظمته ومؤسساته التي تحترم المواطن وحرية القول والرأي له ، وفي توافق هذا المجتمع مع المجتمع السياسي عبر الدولة ومؤسساتها توافقاً لا يعني إدماجا للمجتمع المدني وتهميشاً له بقدر ما يعني وجود حالة حوار نقدي بينهما من اجل مصلحة المجتمع الواحد بشقيه المدني والسياسي . وهذا يستدعي مشروعية التعددية في المواقف والآراء وتكوين الأحزاب والجمعيات والمنار الإعلامية والصحفية والمؤسسات التمثيلية التي يشكل البرلمان ذروتها عبر الانتخاب الحر النزيه .... (  انظر : كبة / المجتمع المدني في كردستان العراق)..
     تشغل المنظمات غير الحكومية التي تعتمد معايير المواطنة والمشاركة الطوعية الدور المهم في تقليل معدلات الفقر وادماج المهمشين والفئات والشرائح الاكثر احتياجا وتوفير الخدمات الاجتماعية الاساسية ! لكنها منظمات لا تزال دون مستوى الطموح لأن العبئ الاكبر لضمان الامان الاجتماعي يقع على كاهل الدولة ! وتفتقر هذه المنظمات الى شبكة العلاقات الافقية والعمودية لأداء الادوار التنموية ودعم دور القطاع العام والقطاع الخاص والقدرات التنافسية  بدل التراجع والانكفاء .. والتعويل على الصدقات والقروض الاجنبية ! وعموما تنحسر المنظمات غير الحكومية في مجال تطبيق شبكات الامان الاجتماعي لقلة الخبرة وعدم القدرة على اعادة انتاج ذاتها اجتماعيا وانفصالها عن عملية الانتاج المحلية اقتصاديا وعدم تعبيرها عن حاجات حقيقية لشرائح وفئات تحف بها المخاطر من كل جانب !
       تعاني المنظمات غير الحكومية من قيود ادارية تقيد عملها وتضيق عليها ! لأنها الحاضنة الكبرى لتفريخ القيادات والتربية الديمقراطية ... بينما تمارس السلطات هيمنتها على الاحزاب السياسية وحرية تشكيلها مباشرة وغير مباشرة عبر القيود المفروضة على نشاطاتها  وتجديد الحركة الحزبية .. وهذا ما يعرقل اساسا الديمقراطية السياسية والحركة الانتخابية لاسيما البرلمانية ! ان مجال عمل هذه المنظمات – الجمعيات يتوزع على نشر الوعي الحقوقي والقانوني والديمقراطي والعمل على مراقبة الحركة الانتخابية ! وحقوق الانسان والعدالة والمرأة والاعمال الخيرية والاغاثة الانسانية ! بعضها اسلامي يعمل بالزكاة ويربط شرعيته طائفيا وصوفيا .. والآخر مسيحيا ... والجميع قائم على اساس التمويل الذاتي عبر النشاطات الخاصة وتبرعات المساهمين في التأسيس والعضوية واكتتاب الاسهم .. لكن العديد منها اتكأ على التمويل الاجنبي والغربي ومنها مساعدات ومعونات الادارة الاميركية تحت شتى المسميات ! ولا تقدم هذه المنظمات وجوه انفاق مالها الا ما ندر !   . يذكر ان قانون رقم (15) لعام 2001 الصادر عن المجلس الوطني الكردستاني في أربيل قد أجاز التمويل الأجنبي وفق المادة(10) والمادة(12) معاً.(انظر : الرافدين – 17/9/2006 /// المفوضية الاوروبية توقف دعم مشاريع منظمات المجتمع المدني في العراق).
      ليست المنظمات غير الحكومية امتدادا  لبعض الأحزاب والتيارات الدينية أو الطائفية أو الإثنية او واجهة  للحركات والتيارات السياسية والدينية والعقائدية والولاءات اللاوطنية كما يريدها البعض، وهي تضع مسافة بينها وبين الحكومات من جهة وبينها وبين المعارضات السياسية من جهة أخرى. .. انها مؤسسات غير ربحية، وتمتلك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، وتسهم في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،وتعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات -  الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتوريات ، وتدعو للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة  والثورة المعلوماتية والثورة العلمية والتكنولوجية  والمجتمع المدني العالمي  والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي .
      وتسهم المنظمات غير الحكومية في تذليل السياسات التنموية والتشخيص المبكر للاختناقات ومواقع الخلل لدعم التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة وفي تعزيز المصلحة العامة والنفع العام !  وهي تعاني حالها حال بقية منظمات المجتمع المدني من أهلية القيادات التي شاخت وهرمت أعداد غير قليلة منها ... لكنها ظلت متشبثة بمواقعها وعملت على  تخليدها باعتبارها مكسبا أو ملكاً شخصيا ، اي تحويلها الى مؤسسات شخصية لتجميع الأتباع  والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات، أو إجراء الانتخابات الشكلية لتجديد الثقة  وفي ظل الأوضاع الاستثنائية، وغياب الشفافية وضعفها. .. وبالتالي تبوء البيروقراطية الادارية- الحرس القديم مقاليد ادارتها الامر الذي يهدد جاهزيتها الفكرية بالمنافسات غير الشريفة بين الأفراد الذين يتربعون على قمتها ، والمنظمات والقيادات الأخرى التي  تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالبا ما يكون طابعها شخصياً. .. ( انظر : عمار ديوب / ملف المنظمات الأهلية- مشكلات وأدوار المنظمات الأهلية ) .

•   مكمن الخطر في العلائق بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية

    من المخاطر المتوقعة أن المنظمات غير الحكومية تتحول الى جزء من الآلة السياسية، همها ليس الدفاع عن حقوق المستضعفين أو العمل التنموي الخيري وإغاثة المنكوبين ، ولكن دعم السلطات الحاكمة وموالاتها، بل أن المنظمات غير الحكومية نفسها قد تنقسم إلى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة، كل منها يناور من أجل الحصول عل المزيد من المنافع، والأسوأ من ذلك أن تصبح هذه المنظمات بمثابة دمى في أيدي الدول والمؤسسات المانحة ، لتحقيق أهداف تتعارض وتتناقض مع مهامها وأهدافها.( انظر : كبة /آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية).
    وفي عراق ما بعد التاسع من نيسان صواريخ وعشائر ولطميات ومحاصصات طائفية - ارهاب فريد من نوعه ! المهزلة العراقية؟. ووجدت المنظمات غير الحكومية صعوبة في التعامل مع الحكومات، التي ترى فيها منافسا ومزاحما في سلطتها وسيادتها، وخوفا من القمع الحكومي تتحاشى بعض هذه المنظمات الظهور في مظهر التحدي للحكومة .... فمن أجل تخفيف حدة التوتر بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية، تلجأ هذه الأخيرة إلى تأييد المواقف الحكومية بشان قضايا سياسية وعالمية معينة خاصة بشأن ما اطلق عليه المصالحة الوطنية ، وموضوعات مثل التجارة الدولية، والقضية النفطية ، والخدمات ، والحملة الدولية لمكافحة الفقر، واستفحال كم هائل من الآفات الاجتماعية التي تلف عنق المواطن العراقي من سوء التغذية والرعاية الصحية الملائمة والبطالة والفقر وانعدام المستلزمات المعيشية اليومية الى النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب والكهرباء والتدهور المستمر للأوضاع الأمنية التي تحصد أرواح الآلاف من الأبرياء وتحت مسميات متنوعة دون وجود رادع جدي للحد من هذا النزيف الدموي للمواطن العراقي. و يشارك العديد من هذه المنظمات كجزء من الوفد الحكومي في الاجتماعات الدولية لصياغة الرؤى المشتركة وتوحيد المواقف!.عمليا تواجه هذه المنظمات في بلادنا اوضاعا مأساوية بحكم الانفلات الامني ، والقرارات الحكومية سيئة الصيت ، وحصر موارد التمويل !.... اوضاعا لا تبدو انها تشهد انفراجا ، بل تسير الامور من سئ الى أسوء !
    ومن الانتقادات أيضا الموجهة لهذه المنظمات ،هي اتخاذها من المنظمة غطاء ووسيلة لجمع المال ... فهذه المنظمات تعتمد في ممارسة نشاطها على ما تحصل عليه من دعم وتبرعات من جهات حكومية وخيرية وأفراد وشركات . وكثيرا ما تعتمد هذه المنظمات في جمع المال على الجانب الإعلامي و الدعائي لنشاطها ، ولا أدل على ذلك سعي بعض المنظمات غير الحكومية إلى القيام بحملات جديدة والحصول على تمويل جديد بعد انفراج الأزمة التي أنشأت من أجلها!.
    عانت جميع النقابات المهنية من التدخلات الحكومية بكافة أشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الحكومة على النقابات ، وتعثر النقابات المهنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية  أو حتى تحت سيطرة اتجاه سياسي او طائفي او مافيوي من الولاءات اللاوطنية  يخضعها لحساباته الخاصة....( انظر : كبة / نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق) كل ذلك يرجع أساسا لابتعاد أعضاء هذه النقابات عن المشاركة في العمل النقابي وبسبب قمع وإرهاب وبطش الدكتاتورية . وتحولت بعد التاسع من نيسان هذه التجمعات الى نقابات  تحفل بالتكافلات العصبوية الطائفية والعشائرية السياسية لتحقيق السيطرة الاجتماعية وخلق اشكال الوعي الزائف بحكم قوة النزعة الطائفية داخل الأحزاب السياسية  والتي  تعني فيما تعني  تشويه التأسيس المدني الديمقراطي والاسهام بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي والعودة بالمجتمع القهقرى.
      ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع و الدين لله والدولة للجميع ( انظر : سامر سليمان / من "الدين للـه والوطن للجميع" إلى "الدين للـه والدولة للجميع" )  ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !( انظر : كبة / الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع).
     يبذل الائتلاف الموحد الجهد لاضفاء الإطار الوظيفي على مؤسسات المجتمع المدني والإشراف عليها ورقابتها والترحيب الحكومي بالدور الخدمي - التنموي لا السياسي لها سواء كان ذلك من خلال الجمعيات الدينية الإسلامية والخيرية  أو بعض المؤسسات المدنية الدفاعية العاملة فى مجال حقوق الإنسان اي المنظمات غير الحكومية التي تنسجم مع سياساته واهدافه الطائفية . ويمكن فهم قرارات الائتلاف الموحد  القرقوشية حول المنظمات غير الحكومية في هذا الاطار ... الامر الذي خلق جملة القيود والمشكلات التى تحول دون تفعيل النقابات المهنية والجمعيات الاهلية العراقية ، واسس للأزمة التى تمر بها العديد من هذه المنظمات من ناحية القدرة على الدفاع عن مصالح أعضائها وحماية المهن وتطويرها  أو نتيجة ضعف الممارسة الديمقراطية داخلها وتحولها الى حلبة للصراعات السياسية والطائفية ... والقصور عن مواجهة تلك الأزمة من جانب الجهات الإدارية الحكومية والنخب النقابية والادارية للمنظمات  معا ،واستمرار ظاهرة التوقف الانتخابي رغم انتهاء الفترات القانونية لمجالسها منذ فترة . تتخوف حكومات الائتلاف الموحد  والتحاصص الطائفي من قوة منظمات المجتمع المدني ، وتعتمد على معيار حاجة احزابها وايديولوجياتها وكراسيها  اليها لا على  قياس مدى حاجة المجتمع الى تلك المنظمات فهي منظمات غير حزبية وغير حكومية ولا تسعى الى الوصول الى السلطة ولا حتى المنافسة عليها، وانما هي منظمات الشعب العراقي !!.
      لماذا يتخوف سياسيو المحاصصة الطائفية من المنظمات غير الحكومية؟! ان الحكومة العراقية تبدو من حيث الشكل والاطار القانوني متسقة مع المعايير الديموقراطية الاساسية لكنها، في جوهرها، تفتقد الى المحتوى الديموقراطي . واعتمدت الحكومة المحاصصة غير السياسية الديموغرافية اساسا لتشكيلها وليس المحاصصة السياسية التي ترتكز الى عدد المقاعد ، كما همشت مشاركة المرأة فيها قياسا الى التشكيلتين الوزارتين السابقتين ... كل ذلك عطل ثقافة المعارضة والثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية التي تقتضي (المحاسبة والمراقبة والمساءلة) وصولا الى سحب الثقة من هذه التشكيلة الوزارية اذا اقتضى الامر ذلك . التوافقية لم تكن سياسية مدنية بل كانت سياسية غير مدنية ( طائفية - عرقية). اعتمدت التوافقية على مبدأ المحاصصة بديلا عن التوافقية السياسية التي تنتج وتعيد انتاج التكتلات وفق البرامج السياسية المدنية وليس وفق البرامج السياسية الطائفية والعرقية. التوافقية التحاصصية تخشى المنظمات غير الحكومية لأنها تهيج ثقافة المعارضة .. وما على الرسول الا البلاغ المبين !!( انظر :كبة / ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة) .
     ان " معركة الحقوق المدنية والنقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ان تراجع الحكومة عن بعض من قراراتها لا يعني البتة انتهاء سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت ! ... لكنه اسهاما جادا في قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات ...

يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935
9.   http://www.ulum.nl/10.htm

221


حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا !!
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    كان استثمار النفط العراقي ولا يزال عنوانا لاستغلال تستنزف فيه الشركات الغربية بمختلف الوسائل المبتكرة في عصر الثورة العلمية التكنولوجية ( الامتيازات والمشاركة ... وغيرها ) وشروطها المجحفة الارباح الفاحشة الطائلة التي تخرج من اية مقاييس معروفة للربح في التجارة والاقتصاد . ليست القضية النفطية مجرد عمليات تجارية كما تحاول الشركات الغربية تصويرها ، انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق. وباتت معالجة القضية النفطية الحلقة المركزية في مطالب واهداف الحركة الوطنية العراقية والاحزاب السياسية التقدمية وعموم الحركة الديمقراطية في بلادنا ، كافح الشعب العراقي من اجلها في مختلف مراحل تطوره السياسي حتى يومنا هذا !. ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال ، وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي اكثر مما تحددها الخطابات والشعارات البراقة والتهريجية او الاجراءات الميكافيلية المبتسرة التي تؤدي شئنا ام ابينا الى تفريق وحدة الشعب الوطنية واضعافها امام المعالم الزاحفة للعولمة الرأسمالية . ان وحدة الرأي والعمل في الموضوعة النفطية هي نقطة البدء والانطلاقة في الوحدة الوطنية التي تسير بالبلاد نحو شاطئ الامان والتقدم بثبات راسخ وتنهي عهود التمزقات السياسية والارهاب والقمع والقسوة والبلبلة والخوف والتأخر!.
   بالامتيازات تنتزع الشركات الاحتكارية حقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، وبها تجمد العلاقات بين الطرفين لآماد طويلة تبلغ عشرات الاعوام ! ... لتقيم بموجب قدراتها التمويلية والقانونية نماذج اقتصادية رأسمالية تنمو في اطار الاحتكارات الدولية الكبرى ، وبشكل منعزل عن عناصر الاقتصاد الوطني المحلية ، ووفقا لمصلحة الاحتكارات او الدول التابعة لها ! اي خلق الدولة  داخل الدولة الوطنية.وبعض اتفاقيات الامتياز تصر على اعتبار النفط الخام بعد استخراجه ملكا لصاحب الامتياز لا يربطه الى البلد المنتج الا الضريبة المقننة له عن مرحلة الانتاج !.ويؤدي ذلك الى تذبذب وانخفاض اسعار النفط الخام . ونظم المشاركة هي الاخرى انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة ! بالشراكة في العائدات وسيطرة الدولة على الثروات تحت الأرض ، في الواقع ، لا يعني سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الانجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم. اتفاقية الشراكة في الإنتاج تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم شركة خاصة باستخراجه بموجب عقد ولكن تبقى نشاطات الدولة، من ناحية عملية، مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقد. وفي اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية... ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى (نفط التكلفة). وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب (كنفط تكلفة). وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم (أرباح النفط) المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد يكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..

•   قانون رقم 80 لسنة 1961 ... واستعادة حقوق العراق النفطية

   لقد استعادت ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ، بعد ثلاثة سنوات من المماطلة والتسويف ، وبالقانون رقم 80 سنة 1961 من الشركات حقوق الاستثمار في جميع الاراضي العراقية عدا مناطق الآبار المنتجة فاصبح للدولة العراقية حق التصرف ب 99.5 % من مساحة العراق تستطيع استغلالها بما يضمن للعراق كامل مصالحه المشروعة ! ** . ثم جاءت قرارات تأميم النفط العراقي 1972- 1975 الصورية لأنها كانت ثورية المظهر ومحافظة الجوهر ... فعجلت العائدات النفطية أواسط السبعينات من تنفيذ المشاريع التنموية وتبخترت الحكومة بعقودها السخية مع الاحتكارات الغربية لنصب الوحدات الانتاجية التي كلفت المليارات من العملة الصعبة . وفرغت السياسة الأقتصادية للدولة التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وتوزعت التوجهات الحكومية على عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973 ، التنمية الأنفجارية ، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح وتحجيم العمل التعاوني.... الخ. وقد ضربت التنمية الانفجارية  عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع.
    امتلكت عائدات النفط التأثير المباشر على ديناميكية الاقتصاد العراقي منذ خمسينيات القرن المنصرم .... وهي أساس التمويل الاستثماري والصرفيات الحكومية ، وتوفر العملة الصعبة اللازمة للإيرادات والبرامج الإنمائية والنقد الضروري لحيوية الاقتصاد الوطني ، في الوقت الذي يحتل فيه العراق المركز الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي ، وحتى الأول بفضل الاكتشافات النفطية الجديدة . ( يقدر الاحتياطي العراقي المؤكد بحوالي 120 مليار برميل، ممثلا 10% من الاحتياطي العالمي، ويأتي ثانيا بعد المملكة العربية السعودية التي تستحوذ على ما لا يقل عن 25 % من الاحتياطي العالمي قبل الاكتشافات الأخيرة). ويقدر احتياطي العراق من الغاز الطبيعي ب 110 تريليون قدم مكعب. و يصنف الاقتصاديون حقول النفط العراقية في المرتبة الأولى في العالم من حيث انخفاض تكلفة الإنتاج لوجود الخام على مقربة من السطح... ورغم تلك الإمكانيات النفطية الكبرى تبدو الطاقة النفطية في العراق معطلة وقاصرة على حقلين رئيسيين الأول:حقل الرميلة في الجنوب وبهذا الحقل 663 بئرًا منتجة. وحقل كركوك وبه نحو 337 بئرًا لكنه يعاني من مشكلة تعرضه للاستنزاف بسبب التركيز عليه منذ فترات طويلة (اكتشف في سنة 1927) وخاصة خلال فترة الحصار.
     وبالرغم من الحظر الذي كانت يتعرض له العراق منذ عام 1990، إلا أن العائدات الإجمالية للصادرات النفطية العراقية (أبيض + أسود)  قدرت في عام 2000 بأكثر من 20 مليار دولار، وأنتج العراق حتى قبل الغزو ما لا يقل عن مليوني برميل يوميا ،وطاقته التكريرية فاقت 500 ألف برميل / اليوم عن طريق اكبر عدد لمصافي النفط والتي بلغت ـ مقارنة بكل دول الوطن العربي ـ 12 مصفاة في عام 2000. وقد وصل إجمالي العائدات النفطية العراقية سنة 1989 الى 14,5 مليار دولار شكلت 99 بالمائة من دخل الصادرات.
     يذكر إحصاء صدر عام 1990 أن قيمة الصادرات العراقية بلغت 10.535 مليار دولار منها 99.5 % من النفط ومصادر طاقة ،بلغت حصة أستيرادات الولايات المتحــدة منها ( 28% ).  وفي عام 1996، شكلت صادرات النفط 269 مليون دولار فقط أي ثلث صادرات العراق البالغة 950 مليون دولار .لكنها عادت بحلول عام 2001 ووصلت قيمتها إلى 15,14 مليار دولار من أصل صادرات إجمالية تصل قيمتها إلى 15,94 مليار دولار . وبلغ احتياطي النفط العراقي الثابت حوالي 120 مليار برميل، مما يجعله ثاني أكبر خزان نفطي  معروف في العالم.وتجعل الأحتياطيات الثابتة والمحتملة ( يقدر المحتمل في العراق بحوالي 150 مليار دولار)، وتحسن نسب استخراج النفط في المكامن المكتشفة حاليا مع التقدم التكنولوجي…تجعل كميات النفط التي يمكن استخراجها في المستقبل تقدر بأكثر من 360 مليار برميل، وهذا يكفي للاستمرار بمعدل الإنتاج بالطاقة المتاحة حاليا لمدة ثلاث قرون ونصف.
     يتمتع العراق بطاقات نفطية هائلة، فمن أصل حقوله النفطية الأربعة والسبعين المكتشفة والقائمة، لم يتم استغلال إلا 15 حقلاً، بحسب محللي قطاع النفط. وتحتاج الحقول النفطية المُستغلة وحدها إلى مبالغ كبيرة من الاستثمارات والإصلاحات قبل أن  تستطيع استئناف الإنتاج الكامل.. ويقدر بعض الخبراء ان العراق يملك القدرة على العودة خلال عام 2006 الى مستوى انتاج  5.3 برميل يومياً. كما أن العراق يتمتع بإمكانية زيادة طاقته الإنتاجية بعد منتصف العقد الحالي إلى 6 ملايين برميل يوميا الأمر الذي يجعله اكبر منتج للنفط في منظمة أوبك. وتقدر منافذ التصدير الحالية ( الميناءان البحريان والأنبوب المار بالسعودية والأنبوب السوري والأنابيب المارة بتركيا )على تصدير حوالي ستة ملايين برميل /يوم ، ولن يكون هذا دون الحاجة الى الاستثمارات في الصيانة وتوسيع طاقات الخزن الحالية.إلا أن زيادة مستوى انتاج النفط العراقي والاستقرار السياسي سيكون له تأثير عكسي في سوق النفط العالمية ومن المتوقع ان تهبط الأسعار في أسواق النفط. وستبلغ تكاليف إصلاح وترميم المرافق المستخدمة سابقاً نحو 5 مليارات دولار ، إضافة الى قرابة 3 مليارات دولار لتغطية نفقات التشغيل السنوية. ويُتيح له الاحتياطي الثابت للبلاد الفرصة للعودة بسرعة إلى مصاف الدول متوسطة الدخل.

•   الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية

    لا يخفى على احد ان مسيرة العراق للسيطرة على موارده النفطية تقدمت في سياق سلسلة طويلة من الجهود الوطنية كما أسلفنا: القانون رقم 80/1961، إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية (1964) ، و تأميم شركة نفط العراق (1972) وتصفية الامتيازات النفطية الأجنبية..ان النجاح الذي حققته شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C.  في إدارة قطاع النفط العراقي، قدمت مثالاً رائداً على قدرة الشعوب في السيطرة على موارداها الوطنية واستغلالها بنجاح وإنهاء دور الشركات الاحتكارية. وهذا يمكن أن يفسر لماذا أقدمت سلطة الاحتلال كخطوة أولى في توجهها نحو إعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية إلغاء شركة النفط الوطنية العراقية- رمز الاستقلال الوطني العراقي..و بعد أكثر من ثلاثة عقود من القمع والفساد السياسي و الحروب و العقوبات الاقتصادية  يجد  العراق نفسه  اليوم في حالة خراب شامل  . وباتت بلاد الرافدين اليوم ، والتي كانت من أوائل البلدان المنتجة للنفط في العالم ولديها من الخبرات الوطنية العالية ما يفوق باقي دول المنطقة في مجال الصناعة النفطية، مستوردةً للمشتقات النفطية و لديها عجز فادح في تلك المشتقات. لقد توقفت المصافي النفطية عن العمل بكامل طاقتها او بنصف طاقتها أحياناً، وظهر العجز شبه الكامل للإمدادات النفطية من المشتقات، مما اضطر الحكومة الى الاعتماد على استيراد تلك المشتقات من دول الجوار.
    في هذا الاطار وهذه الظروف السياسية القلقة والمضطربة  تناور حكومات الائتلاف العراقي الموحد لتمرير صفقاتها المشبوهة مع الغرب وايران والتي لا تدل على الغباء المفرط بتاريخ حركة شعبنا الوطنية  بل الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية .. في ذات الوقت الذي فيه تناور كبرى شركات النفط في العالم بحرص شديد للفوز بحصصها من كعكة حقول النفط التي تفضلها عندما يفتح العراق في نهاية الامر الباب أمام الاستثمارات بمليارات الدولارات.وتعكف الشركات العالمية من مسافة امنة على دراسة البيانات الواردة من حقول النفط العراقية الواعدة وبعض حقوله المنتجة الاقدم للتفوق على منافساتها عندما يبدأ تقديم العروض. وخلال السنوات الثلاث الماضية تقدمت عشرات الشركات لتنفيذ الدراسات الفنية والبرامج التدريبية التي تمنحها اتصالا منتظما بمسوؤلي وزارة النفط خارج العراق.ويستغل المسؤولون العراقيون العهد السياسي الحالي لتحديد الشركاء المحتملين. كما تدقق شركات النفط الكبرى ببيانات بعض أكبر الحقول المتميزة في الجنوب الحيوي لمستقبل الثروة النفطية في العراق وكانت قد قدمت توصيات بشأن سياسة الانتاج لبعض الحقول.وبعض الشركات لديها ثروة من المعلومات جمعتها عندما كان العراق يرزح تحت عقد من عقوبات الامم المتحدة. وتساعد الشركات العالمية في تحديد وعلاج المشكلات في الشمال وحقول نفط جنوب الرميلة فضلا عن حقول أخرى توفر حاليا الانتاج والصادرات للبلاد.ان أولئك الذين يقطعون الكرة الارضية بحثا عن النفط  مستعدون للانتظار والتحلي بالصبر من أجل فرصة في العراق حيث 120 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة. وتعمل كل شركة لصالحها الخاص لكن من المتوقع ظهور التحالفات.
     جاءت زيادة اسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز ، اثر القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور "الدائم" ، ....  جاءت استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الاغلبية التي سحقتها الدكتاتورية ولم ينصفها بعد عراق ما بعد التاسع من نيسان ، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للأقلية القديمة - الجديدة من البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم!. وما اثار الاستغراب ان هذه الخطوة جاءت مع ارتفاع عائدات العراق النفطية في السنة الماضية بنسبة كبيرة مقارنة مع سنة 2004، فيما تواتر الحديث عن تنمية الاحتياطي الحكومي من العملة الأجنبية !.أخذت عملية تسويغ القرار منحى المخادعة المباشرة والمكشوفة عبر التمشدق بدعم الفقراء وذوي الدخل المحدود ومساعدتهم وتقديم المن والسلوى لهم (تعديل أجور الموظفين والعاملين وفق سلم محدد وواضح يتناسب والزيادات الحاصلة في اسعار الوقود ) تارة ! ودعم الرعاية الإجتماعية التي خصص لها 80 مليار دينار وتكوين صندوق خاص للمساعدة الإجتماعية تارة أخرى ! .. زيادة أسعار الوقود ... حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي !. نعم ، ان جماهير واسعة تحركت خلال الشهور الماضية ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية، وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقت من وعود، والسخط على بعض الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي اقدمت عليها. وتجلى التحرك في المظاهرات الواسعة التي غطت العراق محتجة على قرار رفع اسعار المشتقات النفطية.ثم جاء قانون استيراد المشتقات النفطية ولمعالجة ظاهرة نقص المحروقات في السوق المحلية بتحريض سافر من وزير النفط  (حسين الشهرستاني ) الذي تعهد بإنهاء أزمة الوقود في حال شجعت الحكومة القطاع الخاص على استيراد المشتقات النفطية ... وينطلق من القناعة بأن قطاع الدولة عاجز عن ان يعالج مشكلة المحروقات، فلابد من اشراك القطاع الخاص .... بمعنى أخرى مزيدا من التحلل التدريجي من دعم المشتقات النفطية واطلاق العنان للسوق واحكام السوق وفوضى عفوية السوق ! ... وتأتي السياسة المرتبكة التي تنفذها وزارة النفط والمتعلقة باستيراد المحروقات من الخارج واهمال الصناعة الوطنية ، وسط التدهور الحاصل في الانتاج النفطي بسبب اعمال التخريب المتصاعدة على المنشآت النفطية و سوء إدارة المكامن في الحقول المنتجة، وغياب عمليات صيانة النفط ( معاناة الصناعة النفطية من الحاجة الى إعادة التأهيل والتطوير التقني ) ، وهروب الكفاءات وعدم القدرة على إيجاد كفاءات جديدة ، وتفاقم عمليات التهريب ، وتفشي الفساد في دوائر وزارة النفط نفسها.. وفي ظل السياسة المتعمدة بمحاصرة القطاع الحكومي ! مما اضعف من الصناعات المحلية وهدر المال العام.

     تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار ! . شركات النفط الأميركية تخطط لسرقة القرن في العراق!!. ووفقاً لتقديرات محايدة، فإن العراق سيخسر ما بين 74 ـ 194 مليار دولار في هذه الاتفاقيات على مدى فترة العقود التي من المتوقع أن تبقى سارية المفعول لمدة 40 عاماً. فبدلاً من متوسط نسبة العائد البالغ 12% التي تحققها أغلب الاستثمارات في تطوير حقول النفط اليوم، فإن هذه الترتيبات ستحقق ربحاً صافياً تتراوح نسبته ما بين(42 - 162 )%. ولم تكن صناعة النفط مرشحة لكسب مثل هذا المبلغ الكبير من المال، منذ أن حظيت شركة ستاندرد أويل بامتياز لمدة ستين عاماً من السعودية في عام 1933 مقابل مبلغ 35000 دولار. إن نموذج التطوير الذي يجري الترويج له في العراق، والذي تدعمه شخصيات رئيسية في وزارة النفط ، يعتمد على عقود تعرف بأسم "عقود مشاركة الإنتاج" *** والمتبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات ، وهي بالنهاية تعني التنازل عن مصدر سيادة العراق  . ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الأول: فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة، في حين أنها عمليا تعطي شركات النفط ، النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها.فعقود مشاركة الإنتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ القانونية والمالية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عمليا محصنة من أي تدقيق عام، وهي تربط الحكومة بشروط اقتصادية لا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة.

•   النفط - جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق

    لابد من الاهتمام بملف النفط  في العراق لما له من اهمية على مستقبل العراق وعلى مستقبل شعبنا وعلى طموحاته المشروعة ... هذا يستوجب وضع الملف النفطي في اولويات الاجندة الوطنية لكي يكون الجميع على دراية تامة عن كل ما جرى ويجرى من الامور المتعلقة بالنفط في العراق عامة والتي غالبا ما تجري مداولاته خلف الابواب المغلقة . لكن المالكي وعد وزير الطاقة الاميركي بفتح قطاع النفط للشركات الاجنبية مع استكمال مشروع قانون الاستثمار الجديد.. اي ان الامر خرج من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة !! ... الى ذلك تتعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية التي نحن بأمس الحاجة لها ، والمواطن يجد صعوبة بالغة جدا في الحصول عليها وتهدر ثروة بلد بالمجان مقابل صفقات لاخرين يجنون منها ارباحا فاحشة بالتواطؤ مع مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي ، وما خفي كان اعظم..! حتى باتت فضائح سرقات النفط  تزكم الانوف الداخلية ، بعد ثبوت ضلوع السلطات الإيرانية في تهريب المشتقات النفطية !! نظام ولاية الفقيه يؤمن الحمايه لسراق النفط العراقى! نعم ، ما أخطأته نيران الحرائق أصابته مخالب اللصوص !!. ان تهريب النفط هو أستنزاف للثروة ووأد لحق الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي !. تداعيات أزمة الوقود على مختلف مجالات الحياة تجلت في أغلاق عشرات المخابز والافران أبوابها بسبب عدم توفر النفط الابيض ورفع سيارات النقل الخاص أجورها كما ارتفعت أسعار الخضروات في الاسواق لارتفاع أسعار النقل في ظل وضع اقتصادي وأمني صعب. الانفـراجات المؤقتة لإزمـة الوقود لا تعـــني حل المشــكلة بل تجميدها كأبر المورفين وحبوب الهلوسة فالاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي وعند مستويات تثير القلق في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الإنتاج.
     القطاع النفطي قطاع استراتيجي ينبغي أن يظل ملكية عامة، لاسيما المخزون النفطي. ولابد من  اعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام ، والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر ، وضمان حقوق الأجيال القادمة منها .والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح الوطنية. ومن الضروري   إعادة تأهيل المنشآت النفطية والاهتمام بتنويع منافذ التصدير،وتوفير المستلزمات الفنية والتمويلية لتوسيع القدرات الإنتاجية للارتفاع بمستوى الإنتاج النفطي والتفاوض مع منظمة اوبك لزيادة حصة العراق، و الاهتمام بالصناعات البتروكيمياوية والصناعات التكريرية والسعي إلى تحديث المصافي ومنشآت توزيع المنتجات النفطية والغاز، وإنشاء مصافي جديدة تلبي الحاجة المحلية والتصدير لهذه المنتجات.... اي تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز، محطات عزل الغاز، محطات الضخ، أنابيب إيصال النفط ، من أجل رفع إنتاجها  واستمرار تدفق النفط العراقي للأسواق الخارجية .ومن الضروري تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية (عدا الاستخراج) كاشتراط الحد الأدنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51 % وخاصة في النقل والتوزيع… وعدم السماح بالمشاركة والالتزامات الدائمة في الصناعة الاستخراجية للنفط والغاز مطلقا ! هذا لا يمنع من إصدار قانون للاستثمار الأجنبي يسمح للمشترين الأجانب الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد العراقي (عدا الصناعات الاستخراجية،والصناعة الكهربائية) ! وهنا لابد من قنونة رفض خصخصة صناعة النفط و الفعاليات الاقتصادية التابعة لها مثل التكرير والتخزين و النقل واعتبار ذلك خيانة للشعب العراقي في وضح النهار !.
     من الصعب التصور بأن الاقتصاد العراقي قادر على أداء التزاماته الخارجية ضمن المدى المنظور بكل المقاييس الإحصائية. وتفرض مؤسسات التمويل الدولية شروطها في الحد من نفوذ القطاع العام وتأمين الخصخصة ، وتسرع الوصاية المالية من تدويل الوظيفة الاقتصادية الخدماتية للدولة العراقية وترحلها الى مؤسسات خارجية . من هنا تبرز مكانة ودور ونشاط المؤسسات المدنية كي لا يترك مصير الحكومة العراقية عرضة للنهب والاتجار وتحميلها المسؤوليات فوق طاقتها ، لا سيما أنها سلطات ناشئة تواجه آثار ومخلفات الإدارات الحكومية المركزية للنظام البائد وجبروت وسلطات الشركات الأحتكارية! .. لكن حكومات الائتلاف العراقي الموحد باجراءاتها وتصرفاتها الصبيانية الغبية وقراراتها القرقوشية قد تجاوزت الحدود الحمراء في هذا المضمار  وبالاخص القرار المرقم 8750 وقرارات وزير المجتمع المدني في العهد الجعفري سئ الصيت !! والمعادية للشعب العراقي وآليات دمقرطة المجتمع والدولة !.اما اقحام "مطلب" فيدرالية الجنوب في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا فانه يحمل ضررا ًكبيرا جدا .... الا وهو اضعاف الدولة العراقية والحكومة العراقية معا ... واغتصاب الثروة النفطية بما ينسجم والاسياد القابعون في طهران ومراكز العولمة الرأسمالية . ان اسوأ صفة الصقت بالفيدرالية (هذا المشروع المتحضر الذي يسمو فوق التخاريف الاجتماعية ، ويقر بمبدأ قيام عراق فيدرالي يحق فيه للشعبين العربي والكردي إقامة فيدراليتين مع وجود حكومة اتحادية للدولة العراقية) هي الصفة الدينية والمذهبية لأن ذلك هو ذات المشروع المعادي لمصالح الـعـراق جملة وتفصيلا . ان اعادة بناء الاقتصاد وتنظيم استثمار الثروة النفطية وايقاف موجة السرقات لمنتجاتها وتصفية الفساد الاداري ثم توفير الخدمات الصحية والتعليمية و تأمين شروط الحياة اليومية الاعتيادية ، كل ذلك يتطلب وقتا ً وفيرا واختصاصيين في كافة المهن والاعمال . ً فهل وضعت الدولة والكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني برامج تفصيلية لكل هذا ؟!
   ان إعادة تأسيس شركة النفط الوطنية لتتولى الإدارة والإشراف على عمليات الاستكشاف والتطوير في حقول النفط والغاز هي من اولى المهام الملقاة على عاتق القوى الوطنية ... ولابد من   العناية بالكوادر النفطية وزيادة المعاهد المتخصصة والأقسام الهندسية التي تهتم بهذا الشأن، هذا إضافة إلى الاهتمام بالأبحاث العلمية في كافة مجالات الصناعة النفطية والاهتمام بعمليات التدريب والتطوير. ومن الضروري تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية.
    لا بديل عن  التشديد على مكافحة تهريب النفط والمنتجات النفطية وتأمين جميع المستلزمات الضرورية لذلك.... اي العمل على عدم تحويل البنزين الى مادة للاتجار وتهريبه في العاصمة العراقية وبقية  مناطق العراق والى خارج الحدود عبر الأسواق السوداء (Black Markets  )، وهذا هو حال المواد الوقودية الأخرى لأن ذلك يعزز من فوضى السوق ويشجع الفساد.
    العلاقة بين النفط والغاز  والطاقة الكهربائية  علاقة تناسب طردي ،ولا يتمكن العراق من تصدير نفطه مع نقص التغذية الكهربائية في حقوله  وتتوقف محطاته الحرارية عن العمل مع أعمال التخريب التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لها.يجب معالجة الأزمات الوقودية الناجمة عن الاعمال التخريبية التي تتعرض لها الأنابيب الرئيسية لإيصال النفط الخام الى مصافي التكرير في بغداد وصلاح الدين والبصرة وكركوك واهمال النظام السابق لهذه المصافي بتأني ونفاذ صبر ،وتجنب خلق الأزمات المتكررة في المحروقات أو السياسة المقصودة خصوصا أن البنية التحتية النفطية لم تتعرض للدمار مما يؤدي الى خلاصة مفادها الأزمات المتعمدة والمفتعلة والتي كان صدام حسين يحسن استخدامها لأن ذلك يثير نقمة الشعب في أجواء الشفافية والمعلوماتية الراهنة. أزمة الوقود الخانقة تزداد سوءاً كل يوم والناس يتساءلون عن سر الأزمة في بلد منتج ومصدر للنفط. كل ذلك يستوجب تطهير إدارات ومنشآت النفط والكهرباء من قطط العهد الجديد السمان التي باتت افواههم بالوعات العملة الصعبة ... عشرات الأسئلة هي مثارة حول عودة مافيات البعث والمافيات الطائفية الى السلطة ومن المستفيد من ذلك ... !.



       **-  تبين  محاضر الاجتماعات المنعقدة في ديوان وزارة الدفاع 1959- 1960 وبحضور سيادة اللواء الركن عبد الكريم قاسم ووزير النفط وكالة الدكتور ابراهيم كبة ومندوبي شركات النفط ، جزءا يسيرا من مماطلة وتسويف شركات النفط  الاحتكارية بعيد  ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
*** -  نورد الوثيقة التالية لتبيان ماهية عقود مشاركة الإنتاج التي تشغل بال وزراء نفط  عهد ما بعد التاسع من نيسان ..
عقود مشاركة الإنتاج
Production sharing agreements (PSAs)

التنازل عن مصدر سيادة العراق

نوفمبر 2005
ملخص الوثيقة

قام بالبحث والكتابة Greg Muttitt (كريج موتيت) من PLATFORM) "بلاتفورم"( بمساعدة من جاي هيوز وكاتي كرونين من "كرايسز آكشن". الترجمة من مركز Ubada .هذا ملخص الوثيقة الأصلية كاملة في العربية وإنجليزي على www.crudedesigns.org

PLATFORM (بلاتفورم) هي منظمة بريطانية خيرية تعني بتأثير شركات النفط  البريطانية على البيئة وحقوق العمال والتطور وحقوق الإنسان، يتم تمويل هذه المنظمة من خلال موارد خيرية وفيما يتعلق بالعمل على مواضيع خاصة بالعراق فإنها مدعومة ماليا من قبل منظمة جوزيف راونتري الخيرية، بلاتفورم منظمة مستقلة عن جميع الأحزاب السياسية والمنظمات التجارية.

 
ملخص الوثيقة

    في وقت يناضل فيه الشعب العراقي لتحديد مستقبله وسط حالة من الفوضى السياسية والعنف، فإن مصير النفط وهو أهم مورد اقتصادي لدى هذا الشعب يتقرر خلف أبواب مغلقة.
     يكشف هذا التقرير عن سياسة نفطية مصدرها وزارة الخارجية الأمريكية يجري الإعداد لتبنيها من قبل العراق بعد فترة وجيزة من انتخابات كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وذلك من دون نقاش عام وباحتمال خسارة اقتصادية عالية. وتعطي السياسة حق تطوير معظم حقول النفط العراقية(1) – ما لا يقل عن 64 بالمائة من حقول النفط العراقية-   إلى الشركات متعددة الجنسيات.
     ويعارض الرأي العام العراقي بقوة تسليم السيطرة على تطوير النفط إلى شركات أجنبية، لكن بمشاركة نشطة من الحكومتين البريطانية والأمريكية، فإن مجموعة من السياسيين والتكنوقراطيين العراقيين تسعى لاتباع نظام من العقود طويلة الأجل مع شركات النفط الأجنبية لن تخضع فيه الشركات للمحاكم العراقية، ولا للتدقيق العام، ولا للرقابة الديمقراطية.
التكلفة بالمليارات
     إن التقديرات الاقتصادية التي تنشر هنا لأول مرة تبين أن النمط السياسي المطروح لتطوير حقول النفط سيكلف العراق مئات مليارات الدولارات من الإيرادات الضائعة، في حين أنه سيمنح الشركات الأجنبية أرباحا هائلة.
النتائج الرئيسية التي توصلنا إليها هي:
•   بافتراض كون سعر برميل النفط 40 دولارا، فإن العراق سوف يخسر من الحقول الإثنا عشر الأولى وحدها المزمع تطويرها ما بين 74 مليارا و 194 مليار دولار خلال مدة سريان العقود (2). وتمثل هذه التقديرات المبينة على افتراضات متحفظة ما بين ضعفي وسبعة أضعاف ميزانية الحكومة العراقية الحالية.
•   بموجب الشروط التي يحتمل أن تنص عليه العقود، فأن معدل العائد السنوي لاستثمار شركات النفط في العراق يتراوح ما بين 42% إلى 162%، وهو يزيد كثيرا عن الهدف الأدنى المعتاد في هذه الصناعة والبالغ 12% كعوائد على الاستثمار.
تلاعب عن طريق العقود المجحفة
     إن النقاش حول "خصخصة" النفط في العراق يجري في معظم الأحيان بشكل مضلل ... وذلك من خلال الطبيعة التقنية للتعبير الذي يشير إلى الملكية القانونية لاحتياطيات النفط ، تلك الطبيعة التي تفسح المجال للحكومات والشركات كي تنكر حقيقة سير عملية الخصخصة . هذا ويجري إهمال أسئلة عملية مهمة حول معنى إدارة القطاع العام مقابل إدارة القطاع الخاص في مجال تطوير النفط وسياسة الإيرادات.
     إن نموذج التطوير الذي يجري الترويج له في العراق، والذي تدعمه شخصيات رئيسية في وزارة النفط ، يعتمد على عقود تعرف بأسم "عقود مشاركة الإنتاج" والمتبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات. ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الأول: فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة (3)، في حين أنها عمليا تعطي شركات النفط ، النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها.فعقود مشاركة الإنتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ القانونية والمالية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عمليا محصنة من أي تدقيق عام، وهي تربط الحكومة بشروط اقتصادية لا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة.
     في حالة العراق، من المحتمل أن يتم توقيع العقود والحكومة ما زالت جديدة وضعيفة، والوضع الأمني لا يزال كئيبا والبلد تحت الاحتلال العسكري. لذلك فالأرجح أن تكون الشروط مجحفة بحق العراق رغم أنها قد تدوم لحد 40 عاما. أضف إلى ذلك، أن عقود مشاركة الإنتاج هذه تستثني شركات النفط الأجنبية من أي قوانين جديدة قد تؤثر على أرباحها، وغالبا ما تنص على أن لا ينظر في النزاعات أمام محاكم البلد، بل في محاكم الاستثمار الدولية، والتي تتخذ قراراتها على أسس تجارية دون اعتبار للمصالح والقوانين الوطنية الأخرى، وهذا يعني أن العراق سيتخلى عن ديمقراطيته بمجرد أن يتبناها كنظام.
سياسة سلمتها أميركا للعراق
    لقد روجت الإدارة الأمريكية وشركات النفط بشدة لعقود مشاركة الإنتاج، فقد تم طرح هذا الشكل من الاتفاقيات في العراق ضمن مشروع "مستقبل العراق" الذي كان ضمن عملية التخطيط التي أقدمت عليها وزارة الخارجية الأمريكية قبل غزو عام 2003 . وقد طورت تلك الاقتراحات فيما بعد على يد سلطة التحالف المؤقتة، والحكومة العراقية المؤقتة، والحكومة الانتقالية الحالية. كما أن الدستور العراقي يفتح الباب أمام الشركات الأجنبية، رغم أن ذلك تم بتعابير قانونية غامضة.
    ما سيحدث في النهاية يعتمد بالطبع، على الوضع السياسي والأمني بشكل عام، وعلى المفاوضات مع شركات النفط. إلا أن ثمة ضغط كبير يتعرض له العراق لتبني عقود مشاركة الإنتاج. والحكومة الحالية تحث الخطى لإتمام العملية وتتفاوض حاليا على عقود مع شركات النفط بشكل مواز للعملية الدستورية والانتخابات ومن ثم تمرير قانون للنفط .
    ويقترح الدستور أيضا لا مركزية السلطة في مجال عقود النفط ، هابطا بالقرار من المستوى الوطني إلى المستوى الإقليمي العراقي ، وإذا ما طبق ذلك فسوف يؤدي إلى إضعاف قدرة العراق على التفاوض ويقود إلى شروط مجحفة بحق العراق في أي صفقة تعقد مع شركات النفط إذ أن مقدرة الإقليم على المساومة هي أضعف من مقدرة الحكومة الوطنية.
انعطافة راديكالية
    لدعم قضيتها، تجادل شركات النفط ومؤيديها بأن عقود مشاركة الإنتاج هي من الممارسات المعتادة في صناعة النفط وأنه ليس لدى العراق من خيار آخر لتمويل تطوير النفط ... إلا أن تلك التأكيدات ليست صحيحة. فحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية، نجد أن عقود مشاركة الإنتاج مستخدمة في حوالي 12% من الاحتياطي النفطي العالمي ، وفي دول تتواجد فيها حقول النفط الصغيرة (والبحرية بشكل غالب) حيث تكون تكاليف الإنتاج عالية، واحتمالات اكتشاف النفط مشكوك فيها، ولا ينطبق أي من هذه الأوضاع على العراق.
    ولا تستخدم أي من الدول الرئيسية في إنتاج النفط في الشرق الأوسط اتفاقيات تقاسم الإنتاج، كما أن بعض الحكومات التي وقعتها مثل روسيا حيث تبع الانقلاب السياسي في التسعينات انفتاحا سريعا نحو القطاع الخاص، ندمت فيما بعد على ما فعلته، وقد كلفت عقود مشاركة الإنتاج الدولة في روسيا مليارات الدولارات، وهناك مقارنة بديهية بالوضع الانتقالي العراقي الحالي.
     هذا ويدعي المدافعون عن عقود مشاركة الإنتاج أيضا أن الحصول على استثمارات من شركات أجنبية من خلال هذا النوع من العقود سيوفر على الدولة 2.5 مليار دولار سنويا، ويحرر أموالا لإنفاقها على أوجه عامة أخرى. ورغم صحة هذا القول، فإن ما تستثمره شركات النفط الآن ستقابله خسارة كبيرة في عوائد الدولة من النفط فيما بعد.
     وتبين حساباتنا أنه  إذا استخدمت الحكومة العراقية عقود مشاركة الإنتاج فإن التكلفة التي ستدفعها مقابل الرأسمال ستتراوح ما بين 75% و 119% .. وحسب هذه التكلفة فإن الميزات المشار إليها هي ببساطة غير ذات قيمة. ولدى العراق تشكيلة من الخيارات الأقل تكلفة وضررا لتغطية كلفة الاستثمارات في قطاعها النفطي، وتشمل: تمويل التطوير من خلال الإنفاق من ميزانية الحكومة (كما هو الحال حاليا)، أو استخدام تدفقات النفط المستقبلية كضمانة لاقتراض المال، أو استخدام شركات النفط العالمية  وإبرام عقود معها لفترات أقصر، وأقل تقييدا، وأقل سخاء من عقود مشاركة الإنتاج(4) .
لمصلحة من؟
     تعتبر عقود مشاركة الإنتاج إعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية، تنقلها من الملكية العامة إلى الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الأمر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق "أمن الطاقة" في سوق مضطرب ، وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية " لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل. ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد، يجري فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة.
    إن من حق شعب العراق أن يقرر تطوير مصادره النفطية، ونأمل أن يساعد هذا التقرير  في تفسير العواقب المحتملة للقرارات الذي يجري اتخاذها سرا نيابة عنه.
ملاحظات:
1.   ستبقى الحكومة العراقية مسيطرة على 17 حقلا منتجا فقط من أصل حوالي 80 حقلا نفطيا معروفا.
2.   من الواضح أن الشروط التفصيلية للعقود المقترحة ستخضع للتفاوض: وقد بنيت توقعاتنا على تشكيلة من الشروط استخدمت في الدول الأكثر شبها في العراق، بما في ذلك ليبيا التي ينظر إليها على أن لديها أشد الشروط صرامة في العالم. وتضغط الشركات متعددة الجنسيات من أجل الحصول على شروط مفرطة الأرباح قياسا بالمعيير الدولية وذلك بحجة المجازفة السياسية  والأمنية المرتفعة. وتضع هذه المجازفة الحكومة العراقية في وضع تفاوضي ضعيف للغاية . هذا ويعطي التقرير الأرقام التقديرية المتوقعة بأسعار عام 2006 دون حساب التضخم ودون الإيرادات والكلف بافتراض أن مدة العقد ستكون 30 عاما حيث أن الفترة المعتادة لمثل هذه العقود تتراوح ما بين 25 عاما و 40 عاما. هذا وأن القيمة الصافية الحالية  (2006) للخسائر التي قد يتحملها العراق تتراوح ما بين 16  مليار دولار و 43 مليار دولار بسعر خصم مقداره 12% .
3.   التعابير المستخدمة في عقود مشاركة الإنتاج تصف الشركات الخاصة بأنها متعاقدة ... ويبين هذا التقرير أن هذه التسمية مضللة لأن عقود مشاركة  الإنتاج   تعطي الشركات السيطرة على تطوير النفط ومدخل لجني أرباح طائلة.
4.   وقد يشمل ذلك عقودا إعادة الشراء، وعقود مخاطر الخدمة، أو عقود التطوير والإنتاج.




  يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935




222


حذار .. شركات النفط الغربية على الابواب مجددا !!
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

    كان استثمار النفط العراقي ولا يزال عنوانا لاستغلال تستنزف فيه الشركات الغربية بمختلف الوسائل المبتكرة في عصر الثورة العلمية التكنولوجية ( الامتيازات والمشاركة ... وغيرها ) وشروطها المجحفة الارباح الفاحشة الطائلة التي تخرج من اية مقاييس معروفة للربح في التجارة والاقتصاد . ليست القضية النفطية مجرد عمليات تجارية كما تحاول الشركات الغربية تصويرها ، انها جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق. وباتت معالجة القضية النفطية الحلقة المركزية في مطالب واهداف الحركة الوطنية العراقية والاحزاب السياسية التقدمية وعموم الحركة الديمقراطية في بلادنا ، كافح الشعب العراقي من اجلها في مختلف مراحل تطوره السياسي حتى يومنا هذا !. ان الموقف من  القضية النفطية هو الذي يحدد ماهية اية حكومة او مؤسسة سياسية ومنظمة مجتمع مدني ودرجة ارتباطها باهداف الشعب في التحرر الوطني الديمقراطي والتخلص من الاحتلال والهيمنة والتبعية والتخلف والاستغلال ، وفي المضي قدما في طريق التقدم الاجتماعي اكثر مما تحددها الخطابات والشعارات البراقة والتهريجية او الاجراءات الميكافيلية المبتسرة التي تؤدي شئنا ام ابينا الى تفريق وحدة الشعب الوطنية واضعافها امام المعالم الزاحفة للعولمة الرأسمالية . ان وحدة الرأي والعمل في الموضوعة النفطية هي نقطة البدء والانطلاقة في الوحدة الوطنية التي تسير بالبلاد نحو شاطئ الامان والتقدم بثبات راسخ وتنهي عهود التمزقات السياسية والارهاب والقمع والقسوة والبلبلة والخوف والتأخر!.
   بالامتيازات تنتزع الشركات الاحتكارية حقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، وبها تجمد العلاقات بين الطرفين لآماد طويلة تبلغ عشرات الاعوام ! ... لتقيم بموجب قدراتها التمويلية والقانونية نماذج اقتصادية رأسمالية تنمو في اطار الاحتكارات الدولية الكبرى ، وبشكل منعزل عن عناصر الاقتصاد الوطني المحلية ، ووفقا لمصلحة الاحتكارات او الدول التابعة لها ! اي خلق الدولة  داخل الدولة الوطنية.وبعض اتفاقيات الامتياز تصر على اعتبار النفط الخام بعد استخراجه ملكا لصاحب الامتياز لا يربطه الى البلد المنتج الا الضريبة المقننة له عن مرحلة الانتاج !.ويؤدي ذلك الى تذبذب وانخفاض اسعار النفط الخام . ونظم المشاركة هي الاخرى انتزاعا لحقوق حكومات البلدان المنتجة ووظائفها باعتبارها سلطة عامة تمتلك حقوق السيادة على اراضيها ، ولكن باسلوبا ملطفا هذه المرة ! بالشراكة في العائدات وسيطرة الدولة على الثروات تحت الأرض ، في الواقع ، لا يعني سوى أدوات حرفت لصالح الشركات النفطية الانجلو- أميركية لدرجة أنه ليس لها نظير في عالم النفط اليوم. اتفاقية الشراكة في الإنتاج تعني ان الدولة تسيطر نظريا على النفط بينما تقوم شركة خاصة باستخراجه بموجب عقد ولكن تبقى نشاطات الدولة، من ناحية عملية، مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقد. وفي اتفاقيات الشراكة في الإنتاج، تقوم الشركة الخاصة بتوفير الاستثمار، أولا في التنقيب ومن ثم الحفر وبناء البنية التحتية... ثم يتم تخصيص الحصة الأولى من النفط المستخرج إلى الشركة، التي تستخدم مبيعات النفط لاسترداد تكاليفها وقيمة الاستثمار الرأسمالي، والنفط الذي يستخدم لهذا الغرض يسمى (نفط التكلفة). وهنالك عادة قيود على الحصة من إنتاج النفط في كل عام التي ستحسب (كنفط تكلفة). وحالما يتم تحصيل التكاليف، تقسم (أرباح النفط) المتبقية بين الدولة والشركة في نسب متفق عليها. وعادة يتم تحصيل الضرائب من الشركة على أرباحها النفطية. وقد يكون رسوما معينة ترفع على كميات النفط المنتج. وفي جميع الاحوال تعتمد سياسات الاحتلال والشركات الغربية على التخاريف الاجتماعية من مشايخ اقطاعية ومدينية واصوليات دينية من اصحاب العمائم واللحى والبيوتات الكبيرة والتجار الكومبرادور والشرائح الطفيلية والبورجوازيات البيروقراطية في المؤسسات الحكومية على اساس ايجاد وحدة في المصالح بين هذه الطبقات و المحتل ، وتسخير الحثالات الطبقية الرثة لخدمتها وفرض ديمقراطيتها بقوة السلاح والارهاب والقمع !..

•   قانون رقم 80 لسنة 1961 ... واستعادة حقوق العراق النفطية

   لقد استعادت ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ، بعد ثلاثة سنوات من المماطلة والتسويف ، وبالقانون رقم 80 سنة 1961 من الشركات حقوق الاستثمار في جميع الاراضي العراقية عدا مناطق الآبار المنتجة فاصبح للدولة العراقية حق التصرف ب 99.5 % من مساحة العراق تستطيع استغلالها بما يضمن للعراق كامل مصالحه المشروعة ! ** . ثم جاءت قرارات تأميم النفط العراقي 1972- 1975 الصورية لأنها كانت ثورية المظهر ومحافظة الجوهر ... فعجلت العائدات النفطية أواسط السبعينات من تنفيذ المشاريع التنموية وتبخترت الحكومة بعقودها السخية مع الاحتكارات الغربية لنصب الوحدات الانتاجية التي كلفت المليارات من العملة الصعبة . وفرغت السياسة الأقتصادية للدولة التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وتوزعت التوجهات الحكومية على عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973 ، التنمية الأنفجارية ، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح وتحجيم العمل التعاوني.... الخ. وقد ضربت التنمية الانفجارية  عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع.
    امتلكت عائدات النفط التأثير المباشر على ديناميكية الاقتصاد العراقي منذ خمسينيات القرن المنصرم .... وهي أساس التمويل الاستثماري والصرفيات الحكومية ، وتوفر العملة الصعبة اللازمة للإيرادات والبرامج الإنمائية والنقد الضروري لحيوية الاقتصاد الوطني ، في الوقت الذي يحتل فيه العراق المركز الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي ، وحتى الأول بفضل الاكتشافات النفطية الجديدة . ( يقدر الاحتياطي العراقي المؤكد بحوالي 120 مليار برميل، ممثلا 10% من الاحتياطي العالمي، ويأتي ثانيا بعد المملكة العربية السعودية التي تستحوذ على ما لا يقل عن 25 % من الاحتياطي العالمي قبل الاكتشافات الأخيرة). ويقدر احتياطي العراق من الغاز الطبيعي ب 110 تريليون قدم مكعب. و يصنف الاقتصاديون حقول النفط العراقية في المرتبة الأولى في العالم من حيث انخفاض تكلفة الإنتاج لوجود الخام على مقربة من السطح... ورغم تلك الإمكانيات النفطية الكبرى تبدو الطاقة النفطية في العراق معطلة وقاصرة على حقلين رئيسيين الأول:حقل الرميلة في الجنوب وبهذا الحقل 663 بئرًا منتجة. وحقل كركوك وبه نحو 337 بئرًا لكنه يعاني من مشكلة تعرضه للاستنزاف بسبب التركيز عليه منذ فترات طويلة (اكتشف في سنة 1927) وخاصة خلال فترة الحصار.
     وبالرغم من الحظر الذي كانت يتعرض له العراق منذ عام 1990، إلا أن العائدات الإجمالية للصادرات النفطية العراقية (أبيض + أسود)  قدرت في عام 2000 بأكثر من 20 مليار دولار، وأنتج العراق حتى قبل الغزو ما لا يقل عن مليوني برميل يوميا ،وطاقته التكريرية فاقت 500 ألف برميل / اليوم عن طريق اكبر عدد لمصافي النفط والتي بلغت ـ مقارنة بكل دول الوطن العربي ـ 12 مصفاة في عام 2000. وقد وصل إجمالي العائدات النفطية العراقية سنة 1989 الى 14,5 مليار دولار شكلت 99 بالمائة من دخل الصادرات.
     يذكر إحصاء صدر عام 1990 أن قيمة الصادرات العراقية بلغت 10.535 مليار دولار منها 99.5 % من النفط ومصادر طاقة ،بلغت حصة أستيرادات الولايات المتحــدة منها ( 28% ).  وفي عام 1996، شكلت صادرات النفط 269 مليون دولار فقط أي ثلث صادرات العراق البالغة 950 مليون دولار .لكنها عادت بحلول عام 2001 ووصلت قيمتها إلى 15,14 مليار دولار من أصل صادرات إجمالية تصل قيمتها إلى 15,94 مليار دولار . وبلغ احتياطي النفط العراقي الثابت حوالي 120 مليار برميل، مما يجعله ثاني أكبر خزان نفطي  معروف في العالم.وتجعل الأحتياطيات الثابتة والمحتملة ( يقدر المحتمل في العراق بحوالي 150 مليار دولار)، وتحسن نسب استخراج النفط في المكامن المكتشفة حاليا مع التقدم التكنولوجي…تجعل كميات النفط التي يمكن استخراجها في المستقبل تقدر بأكثر من 360 مليار برميل، وهذا يكفي للاستمرار بمعدل الإنتاج بالطاقة المتاحة حاليا لمدة ثلاث قرون ونصف.
     يتمتع العراق بطاقات نفطية هائلة، فمن أصل حقوله النفطية الأربعة والسبعين المكتشفة والقائمة، لم يتم استغلال إلا 15 حقلاً، بحسب محللي قطاع النفط. وتحتاج الحقول النفطية المُستغلة وحدها إلى مبالغ كبيرة من الاستثمارات والإصلاحات قبل أن  تستطيع استئناف الإنتاج الكامل.. ويقدر بعض الخبراء ان العراق يملك القدرة على العودة خلال عام 2006 الى مستوى انتاج  5.3 برميل يومياً. كما أن العراق يتمتع بإمكانية زيادة طاقته الإنتاجية بعد منتصف العقد الحالي إلى 6 ملايين برميل يوميا الأمر الذي يجعله اكبر منتج للنفط في منظمة أوبك. وتقدر منافذ التصدير الحالية ( الميناءان البحريان والأنبوب المار بالسعودية والأنبوب السوري والأنابيب المارة بتركيا )على تصدير حوالي ستة ملايين برميل /يوم ، ولن يكون هذا دون الحاجة الى الاستثمارات في الصيانة وتوسيع طاقات الخزن الحالية.إلا أن زيادة مستوى انتاج النفط العراقي والاستقرار السياسي سيكون له تأثير عكسي في سوق النفط العالمية ومن المتوقع ان تهبط الأسعار في أسواق النفط. وستبلغ تكاليف إصلاح وترميم المرافق المستخدمة سابقاً نحو 5 مليارات دولار ، إضافة الى قرابة 3 مليارات دولار لتغطية نفقات التشغيل السنوية. ويُتيح له الاحتياطي الثابت للبلاد الفرصة للعودة بسرعة إلى مصاف الدول متوسطة الدخل.

•   الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية

    لا يخفى على احد ان مسيرة العراق للسيطرة على موارده النفطية تقدمت في سياق سلسلة طويلة من الجهود الوطنية كما أسلفنا: القانون رقم 80/1961، إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية (1964) ، و تأميم شركة نفط العراق (1972) وتصفية الامتيازات النفطية الأجنبية..ان النجاح الذي حققته شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C.  في إدارة قطاع النفط العراقي، قدمت مثالاً رائداً على قدرة الشعوب في السيطرة على موارداها الوطنية واستغلالها بنجاح وإنهاء دور الشركات الاحتكارية. وهذا يمكن أن يفسر لماذا أقدمت سلطة الاحتلال كخطوة أولى في توجهها نحو إعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية إلغاء شركة النفط الوطنية العراقية- رمز الاستقلال الوطني العراقي..و بعد أكثر من ثلاثة عقود من القمع والفساد السياسي و الحروب و العقوبات الاقتصادية  يجد  العراق نفسه  اليوم في حالة خراب شامل  . وباتت بلاد الرافدين اليوم ، والتي كانت من أوائل البلدان المنتجة للنفط في العالم ولديها من الخبرات الوطنية العالية ما يفوق باقي دول المنطقة في مجال الصناعة النفطية، مستوردةً للمشتقات النفطية و لديها عجز فادح في تلك المشتقات. لقد توقفت المصافي النفطية عن العمل بكامل طاقتها او بنصف طاقتها أحياناً، وظهر العجز شبه الكامل للإمدادات النفطية من المشتقات، مما اضطر الحكومة الى الاعتماد على استيراد تلك المشتقات من دول الجوار.
    في هذا الاطار وهذه الظروف السياسية القلقة والمضطربة  تناور حكومات الائتلاف العراقي الموحد لتمرير صفقاتها المشبوهة مع الغرب وايران والتي لا تدل على الغباء المفرط بتاريخ حركة شعبنا الوطنية  بل الجهل المطبق بالقضية النفطية العراقية .. في ذات الوقت الذي فيه تناور كبرى شركات النفط في العالم بحرص شديد للفوز بحصصها من كعكة حقول النفط التي تفضلها عندما يفتح العراق في نهاية الامر الباب أمام الاستثمارات بمليارات الدولارات.وتعكف الشركات العالمية من مسافة امنة على دراسة البيانات الواردة من حقول النفط العراقية الواعدة وبعض حقوله المنتجة الاقدم للتفوق على منافساتها عندما يبدأ تقديم العروض. وخلال السنوات الثلاث الماضية تقدمت عشرات الشركات لتنفيذ الدراسات الفنية والبرامج التدريبية التي تمنحها اتصالا منتظما بمسوؤلي وزارة النفط خارج العراق.ويستغل المسؤولون العراقيون العهد السياسي الحالي لتحديد الشركاء المحتملين. كما تدقق شركات النفط الكبرى ببيانات بعض أكبر الحقول المتميزة في الجنوب الحيوي لمستقبل الثروة النفطية في العراق وكانت قد قدمت توصيات بشأن سياسة الانتاج لبعض الحقول.وبعض الشركات لديها ثروة من المعلومات جمعتها عندما كان العراق يرزح تحت عقد من عقوبات الامم المتحدة. وتساعد الشركات العالمية في تحديد وعلاج المشكلات في الشمال وحقول نفط جنوب الرميلة فضلا عن حقول أخرى توفر حاليا الانتاج والصادرات للبلاد.ان أولئك الذين يقطعون الكرة الارضية بحثا عن النفط  مستعدون للانتظار والتحلي بالصبر من أجل فرصة في العراق حيث 120 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة. وتعمل كل شركة لصالحها الخاص لكن من المتوقع ظهور التحالفات.
     جاءت زيادة اسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز ، اثر القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور "الدائم" ، ....  جاءت استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الاغلبية التي سحقتها الدكتاتورية ولم ينصفها بعد عراق ما بعد التاسع من نيسان ، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للأقلية القديمة - الجديدة من البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم!. وما اثار الاستغراب ان هذه الخطوة جاءت مع ارتفاع عائدات العراق النفطية في السنة الماضية بنسبة كبيرة مقارنة مع سنة 2004، فيما تواتر الحديث عن تنمية الاحتياطي الحكومي من العملة الأجنبية !.أخذت عملية تسويغ القرار منحى المخادعة المباشرة والمكشوفة عبر التمشدق بدعم الفقراء وذوي الدخل المحدود ومساعدتهم وتقديم المن والسلوى لهم (تعديل أجور الموظفين والعاملين وفق سلم محدد وواضح يتناسب والزيادات الحاصلة في اسعار الوقود ) تارة ! ودعم الرعاية الإجتماعية التي خصص لها 80 مليار دينار وتكوين صندوق خاص للمساعدة الإجتماعية تارة أخرى ! .. زيادة أسعار الوقود ... حماية دخل الكادحين ام افلاس حكومي !. نعم ، ان جماهير واسعة تحركت خلال الشهور الماضية ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية، وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقت من وعود، والسخط على بعض الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي اقدمت عليها. وتجلى التحرك في المظاهرات الواسعة التي غطت العراق محتجة على قرار رفع اسعار المشتقات النفطية.ثم جاء قانون استيراد المشتقات النفطية ولمعالجة ظاهرة نقص المحروقات في السوق المحلية بتحريض سافر من وزير النفط  (حسين الشهرستاني ) الذي تعهد بإنهاء أزمة الوقود في حال شجعت الحكومة القطاع الخاص على استيراد المشتقات النفطية ... وينطلق من القناعة بأن قطاع الدولة عاجز عن ان يعالج مشكلة المحروقات، فلابد من اشراك القطاع الخاص .... بمعنى أخرى مزيدا من التحلل التدريجي من دعم المشتقات النفطية واطلاق العنان للسوق واحكام السوق وفوضى عفوية السوق ! ... وتأتي السياسة المرتبكة التي تنفذها وزارة النفط والمتعلقة باستيراد المحروقات من الخارج واهمال الصناعة الوطنية ، وسط التدهور الحاصل في الانتاج النفطي بسبب اعمال التخريب المتصاعدة على المنشآت النفطية و سوء إدارة المكامن في الحقول المنتجة، وغياب عمليات صيانة النفط ( معاناة الصناعة النفطية من الحاجة الى إعادة التأهيل والتطوير التقني ) ، وهروب الكفاءات وعدم القدرة على إيجاد كفاءات جديدة ، وتفاقم عمليات التهريب ، وتفشي الفساد في دوائر وزارة النفط نفسها.. وفي ظل السياسة المتعمدة بمحاصرة القطاع الحكومي ! مما اضعف من الصناعات المحلية وهدر المال العام.
جدول معدلات أنتاج النفط العراق للفترة 1950- 2006

انتاج النفط ( مليون برميل)   متوسط الفترة الزمنية
0.71   - 19631950
1.5   - 19761964
3.2   - 19811976
1.36   - 19871982
2.7   - 19901988
0.57   - 19961991
2.4   - 20021997
1.5   - 20062003

     تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار ! . شركات النفط الأميركية تخطط لسرقة القرن في العراق!!. ووفقاً لتقديرات محايدة، فإن العراق سيخسر ما بين 74 ـ 194 مليار دولار في هذه الاتفاقيات على مدى فترة العقود التي من المتوقع أن تبقى سارية المفعول لمدة 40 عاماً. فبدلاً من متوسط نسبة العائد البالغ 12% التي تحققها أغلب الاستثمارات في تطوير حقول النفط اليوم، فإن هذه الترتيبات ستحقق ربحاً صافياً تتراوح نسبته ما بين(42 - 162 )%. ولم تكن صناعة النفط مرشحة لكسب مثل هذا المبلغ الكبير من المال، منذ أن حظيت شركة ستاندرد أويل بامتياز لمدة ستين عاماً من السعودية في عام 1933 مقابل مبلغ 35000 دولار. إن نموذج التطوير الذي يجري الترويج له في العراق، والذي تدعمه شخصيات رئيسية في وزارة النفط ، يعتمد على عقود تعرف بأسم "عقود مشاركة الإنتاج" *** والمتبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات ، وهي بالنهاية تعني التنازل عن مصدر سيادة العراق  . ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الأول: فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة، في حين أنها عمليا تعطي شركات النفط ، النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها.فعقود مشاركة الإنتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ القانونية والمالية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عمليا محصنة من أي تدقيق عام، وهي تربط الحكومة بشروط اقتصادية لا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة.

•   النفط - جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق

    لابد من الاهتمام بملف النفط  في العراق لما له من اهمية على مستقبل العراق وعلى مستقبل شعبنا وعلى طموحاته المشروعة ... هذا يستوجب وضع الملف النفطي في اولويات الاجندة الوطنية لكي يكون الجميع على دراية تامة عن كل ما جرى ويجرى من الامور المتعلقة بالنفط في العراق عامة والتي غالبا ما تجري مداولاته خلف الابواب المغلقة . لكن المالكي وعد وزير الطاقة الاميركي بفتح قطاع النفط للشركات الاجنبية مع استكمال مشروع قانون الاستثمار الجديد.. اي ان الامر خرج من الابواب المغلقة الى الباحات المكشوفة !! ... الى ذلك تتعدد صنوف الاحتيال والسرقة والنهب للثروة النفطية التي نحن بأمس الحاجة لها ، والمواطن يجد صعوبة بالغة جدا في الحصول عليها وتهدر ثروة بلد بالمجان مقابل صفقات لاخرين يجنون منها ارباحا فاحشة بالتواطؤ مع مسؤولين في الدولة ومشرفين على القطاع النفطي ، وما خفي كان اعظم..! حتى باتت فضائح سرقات النفط  تزكم الانوف الداخلية ، بعد ثبوت ضلوع السلطات الإيرانية في تهريب المشتقات النفطية !! نظام ولاية الفقيه يؤمن الحمايه لسراق النفط العراقى! نعم ، ما أخطأته نيران الحرائق أصابته مخالب اللصوص !!. ان تهريب النفط هو أستنزاف للثروة ووأد لحق الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي !. تداعيات أزمة الوقود على مختلف مجالات الحياة تجلت في أغلاق عشرات المخابز والافران أبوابها بسبب عدم توفر النفط الابيض ورفع سيارات النقل الخاص أجورها كما ارتفعت أسعار الخضروات في الاسواق لارتفاع أسعار النقل في ظل وضع اقتصادي وأمني صعب. الانفـراجات المؤقتة لإزمـة الوقود لا تعـــني حل المشــكلة بل تجميدها كأبر المورفين وحبوب الهلوسة فالاقتصاد العراقي بشكل عام يغرق في ما يطلق عليه الركود التضخمي وعند مستويات تثير القلق في وقت ما زال قطاع النفط يعاني تدهورا في مستويات الإنتاج.
     القطاع النفطي قطاع استراتيجي ينبغي أن يظل ملكية عامة، لاسيما المخزون النفطي. ولابد من  اعتماد سياسة نفطية عقلانية بما يقلل تدريجيا من اعتماد الاقتصاد العراقي على عوائد تصدير النفط الخام ، والحفاظ على الثروة الوطنية من الهدر ، وضمان حقوق الأجيال القادمة منها .والاستفادة من الاستثمارات الأجنبية مع ضرورة تحديد المجالات التي تدخل فيها على صعيد الاستخراج شرط عدم المساس بالمصالح الوطنية. ومن الضروري   إعادة تأهيل المنشآت النفطية والاهتمام بتنويع منافذ التصدير،وتوفير المستلزمات الفنية والتمويلية لتوسيع القدرات الإنتاجية للارتفاع بمستوى الإنتاج النفطي والتفاوض مع منظمة اوبك لزيادة حصة العراق، و الاهتمام بالصناعات البتروكيمياوية والصناعات التكريرية والسعي إلى تحديث المصافي ومنشآت توزيع المنتجات النفطية والغاز، وإنشاء مصافي جديدة تلبي الحاجة المحلية والتصدير لهذه المنتجات.... اي تحديث البنية التحتية للمنشآت النفطية العراقية وخاصة محطات كبس الغاز، محطات عزل الغاز، محطات الضخ، أنابيب إيصال النفط ، من أجل رفع إنتاجها  واستمرار تدفق النفط العراقي للأسواق الخارجية .ومن الضروري تأطير مشاركة القطاع الخاص والأجنبي في صناعة النفط التحويلية والتوزيعية (عدا الاستخراج) كاشتراط الحد الأدنى للجانب العراقي بما لا يقل عن 51 % وخاصة في النقل والتوزيع… وعدم السماح بالمشاركة والالتزامات الدائمة في الصناعة الاستخراجية للنفط والغاز مطلقا ! هذا لا يمنع من إصدار قانون للاستثمار الأجنبي يسمح للمشترين الأجانب الاستثمار في مختلف قطاعات الاقتصاد العراقي (عدا الصناعات الاستخراجية،والصناعة الكهربائية) ! وهنا لابد من قنونة رفض خصخصة صناعة النفط و الفعاليات الاقتصادية التابعة لها مثل التكرير والتخزين و النقل واعتبار ذلك خيانة للشعب العراقي في وضح النهار !.
     من الصعب التصور بأن الاقتصاد العراقي قادر على أداء التزاماته الخارجية ضمن المدى المنظور بكل المقاييس الإحصائية. وتفرض مؤسسات التمويل الدولية شروطها في الحد من نفوذ القطاع العام وتأمين الخصخصة ، وتسرع الوصاية المالية من تدويل الوظيفة الاقتصادية الخدماتية للدولة العراقية وترحلها الى مؤسسات خارجية . من هنا تبرز مكانة ودور ونشاط المؤسسات المدنية كي لا يترك مصير الحكومة العراقية عرضة للنهب والاتجار وتحميلها المسؤوليات فوق طاقتها ، لا سيما أنها سلطات ناشئة تواجه آثار ومخلفات الإدارات الحكومية المركزية للنظام البائد وجبروت وسلطات الشركات الأحتكارية! .. لكن حكومات الائتلاف العراقي الموحد باجراءاتها وتصرفاتها الصبيانية الغبية وقراراتها القرقوشية قد تجاوزت الحدود الحمراء في هذا المضمار  وبالاخص القرار المرقم 8750 وقرارات وزير المجتمع المدني في العهد الجعفري سئ الصيت !! والمعادية للشعب العراقي وآليات دمقرطة المجتمع والدولة !.اما اقحام "مطلب" فيدرالية الجنوب في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا فانه يحمل ضررا ًكبيرا جدا .... الا وهو اضعاف الدولة العراقية والحكومة العراقية معا ... واغتصاب الثروة النفطية بما ينسجم والاسياد القابعون في طهران ومراكز العولمة الرأسمالية . ان اسوأ صفة الصقت بالفيدرالية (هذا المشروع المتحضر الذي يسمو فوق التخاريف الاجتماعية ، ويقر بمبدأ قيام عراق فيدرالي يحق فيه للشعبين العربي والكردي إقامة فيدراليتين مع وجود حكومة اتحادية للدولة العراقية) هي الصفة الدينية والمذهبية لأن ذلك هو ذات المشروع المعادي لمصالح الـعـراق جملة وتفصيلا . ان اعادة بناء الاقتصاد وتنظيم استثمار الثروة النفطية وايقاف موجة السرقات لمنتجاتها وتصفية الفساد الاداري ثم توفير الخدمات الصحية والتعليمية و تأمين شروط الحياة اليومية الاعتيادية ، كل ذلك يتطلب وقتا ً وفيرا واختصاصيين في كافة المهن والاعمال . ً فهل وضعت الدولة والكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني برامج تفصيلية لكل هذا ؟!
   ان إعادة تأسيس شركة النفط الوطنية لتتولى الإدارة والإشراف على عمليات الاستكشاف والتطوير في حقول النفط والغاز هي من اولى المهام الملقاة على عاتق القوى الوطنية ... ولابد من   العناية بالكوادر النفطية وزيادة المعاهد المتخصصة والأقسام الهندسية التي تهتم بهذا الشأن، هذا إضافة إلى الاهتمام بالأبحاث العلمية في كافة مجالات الصناعة النفطية والاهتمام بعمليات التدريب والتطوير. ومن الضروري تفعيل قانون صيانة الثروة النفطية وتطويره للحد من الممارسات غير السليمة فنيا وبيئيا بالتطبيق عبر الإدارة المستقلة وشموليته جميع الوحدات العاملة في الصناعة النفطية والغازية.
    لا بديل عن  التشديد على مكافحة تهريب النفط والمنتجات النفطية وتأمين جميع المستلزمات الضرورية لذلك.... اي العمل على عدم تحويل البنزين الى مادة للاتجار وتهريبه في العاصمة العراقية وبقية  مناطق العراق والى خارج الحدود عبر الأسواق السوداء (Black Markets  )، وهذا هو حال المواد الوقودية الأخرى لأن ذلك يعزز من فوضى السوق ويشجع الفساد.
    العلاقة بين النفط والغاز  والطاقة الكهربائية  علاقة تناسب طردي ،ولا يتمكن العراق من تصدير نفطه مع نقص التغذية الكهربائية في حقوله  وتتوقف محطاته الحرارية عن العمل مع أعمال التخريب التي تطال أنابيب النفط والغاز المجهزة لها.يجب معالجة الأزمات الوقودية الناجمة عن الاعمال التخريبية التي تتعرض لها الأنابيب الرئيسية لإيصال النفط الخام الى مصافي التكرير في بغداد وصلاح الدين والبصرة وكركوك واهمال النظام السابق لهذه المصافي بتأني ونفاذ صبر ،وتجنب خلق الأزمات المتكررة في المحروقات أو السياسة المقصودة خصوصا أن البنية التحتية النفطية لم تتعرض للدمار مما يؤدي الى خلاصة مفادها الأزمات المتعمدة والمفتعلة والتي كان صدام حسين يحسن استخدامها لأن ذلك يثير نقمة الشعب في أجواء الشفافية والمعلوماتية الراهنة. أزمة الوقود الخانقة تزداد سوءاً كل يوم والناس يتساءلون عن سر الأزمة في بلد منتج ومصدر للنفط. كل ذلك يستوجب تطهير إدارات ومنشآت النفط والكهرباء من قطط العهد الجديد السمان التي باتت افواههم بالوعات العملة الصعبة ... عشرات الأسئلة هي مثارة حول عودة مافيات البعث والمافيات الطائفية الى السلطة ومن المستفيد من ذلك ... !.



       **-  تبين  محاضر الاجتماعات المنعقدة في ديوان وزارة الدفاع 1959- 1960 وبحضور سيادة اللواء الركن عبد الكريم قاسم ووزير النفط وكالة الدكتور ابراهيم كبة ومندوبي شركات النفط ، جزءا يسيرا من مماطلة وتسويف شركات النفط  الاحتكارية بعيد  ثورة الرابع عشر من تموز 1958.
*** -  نورد الوثيقة التالية لتبيان ماهية عقود مشاركة الإنتاج التي تشغل بال وزراء نفط  عهد ما بعد التاسع من نيسان ..
عقود مشاركة الإنتاج
Production sharing agreements (PSAs)

التنازل عن مصدر سيادة العراق

نوفمبر 2005
ملخص الوثيقة

قام بالبحث والكتابة Greg Muttitt (كريج موتيت) من PLATFORM) "بلاتفورم"( بمساعدة من جاي هيوز وكاتي كرونين من "كرايسز آكشن". الترجمة من مركز Ubada .هذا ملخص الوثيقة الأصلية كاملة في العربية وإنجليزي على www.crudedesigns.org

PLATFORM (بلاتفورم) هي منظمة بريطانية خيرية تعني بتأثير شركات النفط  البريطانية على البيئة وحقوق العمال والتطور وحقوق الإنسان، يتم تمويل هذه المنظمة من خلال موارد خيرية وفيما يتعلق بالعمل على مواضيع خاصة بالعراق فإنها مدعومة ماليا من قبل منظمة جوزيف راونتري الخيرية، بلاتفورم منظمة مستقلة عن جميع الأحزاب السياسية والمنظمات التجارية.

 
ملخص الوثيقة

    في وقت يناضل فيه الشعب العراقي لتحديد مستقبله وسط حالة من الفوضى السياسية والعنف، فإن مصير النفط وهو أهم مورد اقتصادي لدى هذا الشعب يتقرر خلف أبواب مغلقة.
     يكشف هذا التقرير عن سياسة نفطية مصدرها وزارة الخارجية الأمريكية يجري الإعداد لتبنيها من قبل العراق بعد فترة وجيزة من انتخابات كانون الأول/ ديسمبر المقبل، وذلك من دون نقاش عام وباحتمال خسارة اقتصادية عالية. وتعطي السياسة حق تطوير معظم حقول النفط العراقية(1) – ما لا يقل عن 64 بالمائة من حقول النفط العراقية-   إلى الشركات متعددة الجنسيات.
     ويعارض الرأي العام العراقي بقوة تسليم السيطرة على تطوير النفط إلى شركات أجنبية، لكن بمشاركة نشطة من الحكومتين البريطانية والأمريكية، فإن مجموعة من السياسيين والتكنوقراطيين العراقيين تسعى لاتباع نظام من العقود طويلة الأجل مع شركات النفط الأجنبية لن تخضع فيه الشركات للمحاكم العراقية، ولا للتدقيق العام، ولا للرقابة الديمقراطية.
التكلفة بالمليارات
     إن التقديرات الاقتصادية التي تنشر هنا لأول مرة تبين أن النمط السياسي المطروح لتطوير حقول النفط سيكلف العراق مئات مليارات الدولارات من الإيرادات الضائعة، في حين أنه سيمنح الشركات الأجنبية أرباحا هائلة.
النتائج الرئيسية التي توصلنا إليها هي:
•   بافتراض كون سعر برميل النفط 40 دولارا، فإن العراق سوف يخسر من الحقول الإثنا عشر الأولى وحدها المزمع تطويرها ما بين 74 مليارا و 194 مليار دولار خلال مدة سريان العقود (2). وتمثل هذه التقديرات المبينة على افتراضات متحفظة ما بين ضعفي وسبعة أضعاف ميزانية الحكومة العراقية الحالية.
•   بموجب الشروط التي يحتمل أن تنص عليه العقود، فأن معدل العائد السنوي لاستثمار شركات النفط في العراق يتراوح ما بين 42% إلى 162%، وهو يزيد كثيرا عن الهدف الأدنى المعتاد في هذه الصناعة والبالغ 12% كعوائد على الاستثمار.
تلاعب عن طريق العقود المجحفة
     إن النقاش حول "خصخصة" النفط في العراق يجري في معظم الأحيان بشكل مضلل ... وذلك من خلال الطبيعة التقنية للتعبير الذي يشير إلى الملكية القانونية لاحتياطيات النفط ، تلك الطبيعة التي تفسح المجال للحكومات والشركات كي تنكر حقيقة سير عملية الخصخصة . هذا ويجري إهمال أسئلة عملية مهمة حول معنى إدارة القطاع العام مقابل إدارة القطاع الخاص في مجال تطوير النفط وسياسة الإيرادات.
     إن نموذج التطوير الذي يجري الترويج له في العراق، والذي تدعمه شخصيات رئيسية في وزارة النفط ، يعتمد على عقود تعرف بأسم "عقود مشاركة الإنتاج" والمتبعة في وزارة النفط منذ عقد الستينات. ويتفق خبراء النفط ان غرضها سياسي في المقام الأول: فهي من الناحية الشكلية تبقي ملكية احتياطيات النفط في يد الدولة (3)، في حين أنها عمليا تعطي شركات النفط ، النتائج ذاتها مثل اتفاقيات الامتياز التي كانت قد حلت محلها.فعقود مشاركة الإنتاج المكونة من مئات الصفحات من الصيغ القانونية والمالية المعقدة تخضع عادة للشروط السرية التجارية وتكون عمليا محصنة من أي تدقيق عام، وهي تربط الحكومة بشروط اقتصادية لا يمكن تغييرها طيلة عقود مقبلة.
     في حالة العراق، من المحتمل أن يتم توقيع العقود والحكومة ما زالت جديدة وضعيفة، والوضع الأمني لا يزال كئيبا والبلد تحت الاحتلال العسكري. لذلك فالأرجح أن تكون الشروط مجحفة بحق العراق رغم أنها قد تدوم لحد 40 عاما. أضف إلى ذلك، أن عقود مشاركة الإنتاج هذه تستثني شركات النفط الأجنبية من أي قوانين جديدة قد تؤثر على أرباحها، وغالبا ما تنص على أن لا ينظر في النزاعات أمام محاكم البلد، بل في محاكم الاستثمار الدولية، والتي تتخذ قراراتها على أسس تجارية دون اعتبار للمصالح والقوانين الوطنية الأخرى، وهذا يعني أن العراق سيتخلى عن ديمقراطيته بمجرد أن يتبناها كنظام.
سياسة سلمتها أميركا للعراق
    لقد روجت الإدارة الأمريكية وشركات النفط بشدة لعقود مشاركة الإنتاج، فقد تم طرح هذا الشكل من الاتفاقيات في العراق ضمن مشروع "مستقبل العراق" الذي كان ضمن عملية التخطيط التي أقدمت عليها وزارة الخارجية الأمريكية قبل غزو عام 2003 . وقد طورت تلك الاقتراحات فيما بعد على يد سلطة التحالف المؤقتة، والحكومة العراقية المؤقتة، والحكومة الانتقالية الحالية. كما أن الدستور العراقي يفتح الباب أمام الشركات الأجنبية، رغم أن ذلك تم بتعابير قانونية غامضة.
    ما سيحدث في النهاية يعتمد بالطبع، على الوضع السياسي والأمني بشكل عام، وعلى المفاوضات مع شركات النفط. إلا أن ثمة ضغط كبير يتعرض له العراق لتبني عقود مشاركة الإنتاج. والحكومة الحالية تحث الخطى لإتمام العملية وتتفاوض حاليا على عقود مع شركات النفط بشكل مواز للعملية الدستورية والانتخابات ومن ثم تمرير قانون للنفط .
    ويقترح الدستور أيضا لا مركزية السلطة في مجال عقود النفط ، هابطا بالقرار من المستوى الوطني إلى المستوى الإقليمي العراقي ، وإذا ما طبق ذلك فسوف يؤدي إلى إضعاف قدرة العراق على التفاوض ويقود إلى شروط مجحفة بحق العراق في أي صفقة تعقد مع شركات النفط إذ أن مقدرة الإقليم على المساومة هي أضعف من مقدرة الحكومة الوطنية.
انعطافة راديكالية
    لدعم قضيتها، تجادل شركات النفط ومؤيديها بأن عقود مشاركة الإنتاج هي من الممارسات المعتادة في صناعة النفط وأنه ليس لدى العراق من خيار آخر لتمويل تطوير النفط ... إلا أن تلك التأكيدات ليست صحيحة. فحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية، نجد أن عقود مشاركة الإنتاج مستخدمة في حوالي 12% من الاحتياطي النفطي العالمي ، وفي دول تتواجد فيها حقول النفط الصغيرة (والبحرية بشكل غالب) حيث تكون تكاليف الإنتاج عالية، واحتمالات اكتشاف النفط مشكوك فيها، ولا ينطبق أي من هذه الأوضاع على العراق.
    ولا تستخدم أي من الدول الرئيسية في إنتاج النفط في الشرق الأوسط اتفاقيات تقاسم الإنتاج، كما أن بعض الحكومات التي وقعتها مثل روسيا حيث تبع الانقلاب السياسي في التسعينات انفتاحا سريعا نحو القطاع الخاص، ندمت فيما بعد على ما فعلته، وقد كلفت عقود مشاركة الإنتاج الدولة في روسيا مليارات الدولارات، وهناك مقارنة بديهية بالوضع الانتقالي العراقي الحالي.
     هذا ويدعي المدافعون عن عقود مشاركة الإنتاج أيضا أن الحصول على استثمارات من شركات أجنبية من خلال هذا النوع من العقود سيوفر على الدولة 2.5 مليار دولار سنويا، ويحرر أموالا لإنفاقها على أوجه عامة أخرى. ورغم صحة هذا القول، فإن ما تستثمره شركات النفط الآن ستقابله خسارة كبيرة في عوائد الدولة من النفط فيما بعد.
     وتبين حساباتنا أنه  إذا استخدمت الحكومة العراقية عقود مشاركة الإنتاج فإن التكلفة التي ستدفعها مقابل الرأسمال ستتراوح ما بين 75% و 119% .. وحسب هذه التكلفة فإن الميزات المشار إليها هي ببساطة غير ذات قيمة. ولدى العراق تشكيلة من الخيارات الأقل تكلفة وضررا لتغطية كلفة الاستثمارات في قطاعها النفطي، وتشمل: تمويل التطوير من خلال الإنفاق من ميزانية الحكومة (كما هو الحال حاليا)، أو استخدام تدفقات النفط المستقبلية كضمانة لاقتراض المال، أو استخدام شركات النفط العالمية  وإبرام عقود معها لفترات أقصر، وأقل تقييدا، وأقل سخاء من عقود مشاركة الإنتاج(4) .
لمصلحة من؟
     تعتبر عقود مشاركة الإنتاج إعادة تصميم جذرية لصناعة النفط العراقية، تنقلها من الملكية العامة إلى الخاصة، والدافع الاستراتيجي لهذا الأمر هو سعي الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق "أمن الطاقة" في سوق مضطرب ، وحاجة شركات النفط متعددة الجنسية " لحجز" احتياطيات جديدة تؤمن لها النمو في المستقبل. ورغم ما فيها من عيوب بالنسبة للاقتصاد العراقي والديمقراطية في البلاد، يجري فرضها في العراق دون طروحات ومناقشات عامة وصريحة.
    إن من حق شعب العراق أن يقرر تطوير مصادره النفطية، ونأمل أن يساعد هذا التقرير  في تفسير العواقب المحتملة للقرارات الذي يجري اتخاذها سرا نيابة عنه.
ملاحظات:
1.   ستبقى الحكومة العراقية مسيطرة على 17 حقلا منتجا فقط من أصل حوالي 80 حقلا نفطيا معروفا.
2.   من الواضح أن الشروط التفصيلية للعقود المقترحة ستخضع للتفاوض: وقد بنيت توقعاتنا على تشكيلة من الشروط استخدمت في الدول الأكثر شبها في العراق، بما في ذلك ليبيا التي ينظر إليها على أن لديها أشد الشروط صرامة في العالم. وتضغط الشركات متعددة الجنسيات من أجل الحصول على شروط مفرطة الأرباح قياسا بالمعيير الدولية وذلك بحجة المجازفة السياسية  والأمنية المرتفعة. وتضع هذه المجازفة الحكومة العراقية في وضع تفاوضي ضعيف للغاية . هذا ويعطي التقرير الأرقام التقديرية المتوقعة بأسعار عام 2006 دون حساب التضخم ودون الإيرادات والكلف بافتراض أن مدة العقد ستكون 30 عاما حيث أن الفترة المعتادة لمثل هذه العقود تتراوح ما بين 25 عاما و 40 عاما. هذا وأن القيمة الصافية الحالية  (2006) للخسائر التي قد يتحملها العراق تتراوح ما بين 16  مليار دولار و 43 مليار دولار بسعر خصم مقداره 12% .
3.   التعابير المستخدمة في عقود مشاركة الإنتاج تصف الشركات الخاصة بأنها متعاقدة ... ويبين هذا التقرير أن هذه التسمية مضللة لأن عقود مشاركة  الإنتاج   تعطي الشركات السيطرة على تطوير النفط ومدخل لجني أرباح طائلة.
4.   وقد يشمل ذلك عقودا إعادة الشراء، وعقود مخاطر الخدمة، أو عقود التطوير والإنتاج.




  يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

223

مساهمة جادة في دراسة وثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي

    المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
   
     في الفترة ما بين 31 آذار 1934 وانعقاد المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي 1993 ، اي في مدة 70 عاما من النضال العنيد للحزب في سبيل وطن حر وشعب سعيد ، خاض الحزب فترة أقل من عشرة سنوات فقط معتركات النضالين العلني وشبه العلني وعقد الحزب 4 مؤتمرات وطنية ، لكنه امتلك من الرصيد النضالي ما لم يمتلكه اي حزب سياسي آخر  .. وفي الفترة من 1993 الى 2006 اي فترة انطلاقة التجديد واعادة بناء الحزب عقد الحزب 3 مؤتمرات وطنية !! وهو يوشك على عقد مؤتمره الثامن ! في اجواء تؤكد اصرار قيادة الحزب الشيوعي العراقي على المضي قدما في العمل العلني والنشاطات الانتخابية على طريقة الاحزاب الشيوعية في الولايات المتحدة واوربا الغربية واليابان... كل ذلك لا يعني بالضرورة اهمال الالتفات الى اساليب النضال السرية التي برع فيها الحزب وأجاد طيلة اعوام خلت لأنه لم يكن نضال عصبة متآمرين كما اراد العدو الطبقي فربكتها ! وبالتالي الشطب بجرة قلم على مبادئ أساسية في الحياة الداخلية التي تميزه ، شئنا ام ابينا عن الاحزاب البورجوازية والبتيبورجوازية !، وتعريض كامل تاريخه الى الصدع اي تقديمه على صحن شهي الى المخلوقات الرأسمالية المتوحشة والمتنامية في بلادنا ، وهو ما لم تستطع اعتى الانظمة الدكتاتورية في بلاد الرافدين من تنفيذه ... الحزب الشيوعي العراقي أقدم حزب سياسي وطني عراقي ما يزال يعمل في الساحة السياسية العراقية وإن التجديد في كيان الحزب وآيديولوجيته وبرامجه ، لا تعني باي حال من الاحوال التخلي عن بوصلته الفكرية الاشتراكية ونهجها البحثي العلمي ..
     يستند الحزب الشيوعي العراقي في طرح وثائقه للحوار العلني والمساجلات الشفافة على ان الجماهير هي صانعة التاريخ ، والأنفتاح على الأفق الديمقراطي الأوسع وتحقيق العدالة بكل ابعادها لأبناء الشعب العراقي .وبالتالي لابد من الازاحة الهادئة لعناصر الدوغمائية التي لاتزال تعشعش في بعض مفاصل الحزب او زعزعة الآلية الدوغمائية التي يجر تفسيرها وفق المزاجية والاهواء والمصالح الشخصية  وحتى اللاابالية التي تسود الحياة الحزبية بسبب من الارهاق الداخلي الذي ولده قمع كلانية السلطات القائمة !. ويبقى الحزب الشيوعي العراقي يستلهم من شيوعيي عراق القرن العشرين استقراؤنا للواقع الراهن وكخيط نور هو في الظروف الحالكة أكثر سطوعاً من نار عفوية غامضة أوقدت في صحراء البدو في شتاء قارس. إنها شعلة نار مقصودة واعية تعرف الصحراء وتعرف قبائلها و ليلها البهيم الطويل،وتبشرنا بكل صدق بأن فجر الإنسان العراقي الحقيقي قادم رغم كل النكسات والظلمات !.
    الشيوعيون العراقيون لا يزالوا مصدر قلق جدي لاعداء الديمقراطية والتعددية والا ماذا نفسر هذا الكم العجيب من المقالات التي تهاجمهم علما ان الكثير من المقالات كانت تشير الى ان المجتمع العراقي محافظ ومتدين والشيوعية لا تصلح في العراق وان الشيوعية انتهت باعدام الرفيق الخالد فهد .. وانتهت بانقلاب شباط الاسود 1963 ... وبضربة معلم من البعث العراقي عام 1979 .. ثم انتهت مرة أخرى بضربة اسطة بنهاية الاتحاد السوفياتي .. والحزب الشيوعي فشل في الانتخابات وبضربة عطار، ولم يحقق شئ يذكر ...  لماذا القلق اذن ولماذا هذا الهجوم المتواصل على الشيوعيين العراقيين الذي وصلت مدياته الى حرق المقرات واغتيال أعضائه ومحاربة ناشطيه؟ اذا كنا نريد للشيوعيين ان تتطابق ارائهم مع الفئات الحاكمة في العراق فما الفائدة من اسقاط نظام صدام ... الم يكن احدى اهداف القوى الحاكمة الان في العراق هو اقامة مجتمع عراقي تعددي ديمقراطي ! مجتمع تحترم فيه الحريات العامة .... أم يا ترى حكامنا اليوم لا يعرفون معنى التعددية ؟
•   كلمة تمهيدية
     الحزبية عمل اجتماعي خالص هدفه تحقيق حاجات اجتماعية معينة لمجموعات اجتماعية معينة بالوسائل الاجتماعية المتوفرة .. وهذا يتطلب دراسة الظروف الداخلية والخارجية المتصلة بالأمكانيات المذكورة. ان مستلزمات الحزبية في العراق كانت وما تزال : النظرية العلمية الشاملة ، طبقية الحزب (استبعاد الآيديولوجية التوفيقية)، جماهيرية  الحزب ، وسائل العمل ( التكتيكية ) .. وتضمن النظرية العلمية الشاملة دوام منهاج الحزب، وشمول حلوله الملائمة ! وإيجابية أهدافه والانسجام في قيادته والانسجام وعدم التناقض في مناهجه ! ان الحزب الذي لا يستند لنظرية اجتماعية  شاملة سرعان ما يظهر التناقض واضحا في حلوله العملية وفي نفس مبادئه النظرية ...
•   الاشتراكية العلمية – نظرية علمية شاملة
     اكدت تجربة عقدين من السنين الضرورة التاريخية للتنظيم الشيوعي كعمود فقري للحركات الجماهيرية الوطنية والعالمية الامر الذي طرح امام الحركة الشيوعية تطوير احزابها وخلق احزاب جديدة بالشكل الذي يلائم العصر فالاشتراكية العلمية ترفض الفوضى والعفوية. وسابذل الجهد لتناول الوثائق البرامجية كلا واحدا .. فالحزب الشيوعي العراقي حزبا طبقيا اولا  يعبر عن إرادة أبناء الشعب من الكادحين – عمالا وفلاحين وغيرهم، ومن المثقفين، في النضال ضد الاضطهاد السياسي والقومي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، ومن اجل التحرر والاستقلال وبناء المجتمع الديمقراطي وتحقيق التقدم الاجتماعي والاشتراكية ( كما ورد في مشروع البرنامج ) .. وكان منذ نشأته، ولم يزل، مدافعا أمينا عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وعامة شغيلة اليد والفكر... هذا التحديد يحصر العدو الطبقي في زاوية ضيقة ... وهو عدو تمثل بالفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضاربة ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي ( البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية ) . ان هذه الرأسمالية التي تحاول ان تظهر نفسها  كراسمالية جديدة ، وهي بنت البارحة .. كومبرادور وطفيلية العهد الصدامي ، تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وغيرها، وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد، وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة، تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات، وتشجع  الرشاوي والارتزاق، وتدمر منظومة القيم الاجتماعية. .. هنا لابد من تحديد الاعداء الطبقيين بوضوح لا في بلاغات اللجنة المركزية للحزب فقط بل في وثائقه البرامجية .
      تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 تعبيرا عن إرادة أبناء الشعب من الكادحين، عمالا وفلاحين، ومن المثقفين شغيلة اليد والفكر. و يناضل الحزب ضد الاضطهاد السياسي والقومي والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي، من اجل التحرر والاستقلال والتقدم الاجتماعي ، وبناء مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة الأجتماعية صوب الاشتراكية. فالاشتراكية بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي هدف وليس حلم طوباوي ، انه مطلب جماهيري. .. وهنا تبدو الموضوعة التالية الاكثر تعبيرا عن واقع الحال " يسترشد الحزب الشيوعي العراقي في سياسته وتنظيمه ونشاطه و نضاله من اجل تحقيق أهدافه المتمثلة في تحقيق التحررالإنساني والقضاء على استغلال الإنسان للإنسان، بالفكر الاشتراكي العلمي وسائر التراث الاشتراكي التقدمي. ...ساعيا إلى تطبيق ذلك بصورة مبدعة في ظروف العراق، بالاستناد إلى دراسة الواقع الطبقي والقومي والديني والسياسي للمجتمع العراقي المعاصر وللتطورات الجارية فيه." الاشتراكية العلمية – نظرية علمية شاملة تشمل الماركسية وكل التراث الاشتراكي التقدمي ولا تضع الحزب الشيوعي على سكة قطار الأحزاب الأشتراكية الديمقراطية اي الغاء الصفة الطبقية للحزب ليكون بدون لون ولا رائحة كما قال الرفيق الخالد فهد (كراس القائد الشيوعي الفذ فهد  الموسوم بـ " حزب شيوعي لا اشتراكية ديمقراطية "  5 كانون الأول 1943 ).
     الاشتراكية العلمية وحدها تضمن ان يبقى الحزب الشيوعي حزبا واقعيا ، عصريا ، متجددا بأستمرار ورافضا للجمود الفكري والتكلس التنظيمي ، حزبا ديمقراطيا في بنائه الداخلي ، جماعيا في قيادته ، منظما في علاقة هيئاته المنتخبة بأرادة رفاقه ، حيويا في نشاطه وعلاقاته ، امينا في مبادئه ، صادقا في تعامله ، وان يكون التجديد  كضرورة ترتبط بهويته الفكرية والطبقية ، وكحاجة ماسة لتواصل نشاطه الحالي والمستقبلي .. في الإشتركية قيم وأخلاق ومبادئ تلهم سلوكنا السياسي وإلإجتماعي اليومي ... وفيها يجر القضاء على إستغلال الإنسان للإنسان كظاهرة إجتماعية مؤقتة في حياة المجتمع البشري، ظهرت مع ظهور الملكية الخاصة للإنتاج وستزول يوما ما مهما طال الزمن ... وتتجلى بها الحس المرهف للمساواة والعدالة والحرية وإحترام حقوق الإنسان والتضامن الإجتماعي والتضامن الأممي والإخلاص العميق للديمقراطية والتعددية والتبادلية وإحترام الرأي الأخر، ونبذ العنف. الاشتراكية العلمية وحدها تضمن أن لا يتحول الحزب نوعيا الى حزب آخر ، الى حزب ديمقراطي ليبرالي. ان عملية تحويل الحزب الى حزب ديمقراطي ثوري او اشتراكي ديمقراطي او ديمقراطي ليبرالي سيؤدي مع مرور الزمن الى تخليه عن الموقف الطبقي وان اي تغير للموقف الطبقي يعني المساومة مع الرأسمالية ... ان هذه الدعوات ما هي الا احد اساليب معاداة الشيوعية صاحبة النظرية العلمية المدافعة عن مصالح الكادحين ضد الاستغلال والاضطهاد الطبقي والاجتماعي ... ان الهدف الاستراتيجي للقوى الطبقية المعادية هو ازالة شئ اسمه حزب شيوعي عراقي من الساحة السياسية ... نعم انه صراع طبقي وايديولوجي ...
    سيبقى حزب فهد ، الحزب الشيوعي العراقي ، وساما لبلاد الرافدين ! .. كنت وطنيا قبل ان اكون شيوعيا ، وبعد انضمامي للحزب الشيوعي ، أحببت وطني أكثر ! .. قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية ..هكذا بأقدام واثقة وعزم لا يلين ، يتوجه الشيوعيون العراقيون نحو مؤتمرهم الثامن..! إن الحزب الشيوعي العراقي حزب ناضل على مدى ثلاثة ارباع القرن في سبيل استقلال وسيادة العراق ومن أجل أن ينعم الشعب بالحرية والديمقراطية والحداثة والتقدم والعدالة الاجتماعية والسلام ، وامتلك السياسات الصائبة والمبادرة في الحقول الوطنية والقومية.وشارك بفعالية كبيرة في عمليات التنوير الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي لعقود عدة وحقق نتائج إيجابية وقدم للمجتمع كوادر متخصصة في مختلف العلوم والآداب والفنون... وقدم الحزب الشيوعي العراقي خلال مسيرته النضالية الكثير من التضحيات وتحمل الكثير من المحن والاضطهاد والقسوة البالغة من أجل تحقيق أهداف الشعب. ويصعب تصور عدد السنين التي حكم بها الشيوعيات والشيوعيون العراقيون من قبل المحاكم العراقية السياسية غير المستقلة وغير العادلة والظالمة على امتداد الفترة المنصرمة منذ تأسيسه.
•   الدين لله والوطن للجميع .. الدين لله والدولة للجميع
    الحزب الشيوعي العراقي – حزب علماني يستنهل من  فنار الاشتراكية العلمية مرشداً له لتكثيف جهوده في تشييد صرح الديمقراطية الناشئة على أرض العراق . وهو يسعى إلى تكريس مبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور والقوانين المرعية والى احترام جميع الأديان والمذاهب وحقها في ممارسة طقوسها وتقاليدها الدينية الإنسانية،إضافة إلى احترام كل الاتجاهات الفكرية والسياسية التي لا تخل بمبادئ الديمقراطية أو تدعو إلى العنصرية والشوفينية والطائفية السياسية والتمييز بمختلف أشكاله.
     ان أكبر إساءة توجه للدين هو إستغلاله كواجهة للعمل السياسي والصراعات السياسة الذي قد يؤدي الى تناحرات خطرة يصعب السيطرة عليها وهو ما نشهده في الزمن الحالي البالغ الخطورة. كما عمل الحزب بجدية ضد من يحاول تحويل المعتقد الديني الى مجموعة من الخرافات والجهل والممارسات العنفية التي تسئ الى تراثنا الديني ورموزه وملاحمه بهدف فرض قيم التجهيل والاستبداد والتكفير وثقافة قطع الاعناق وضرب الهامات بالقامات واللطم والبكائيات وتسويد الجباه التي لا علاقة لها بالايمان الديني. لقد حاولت التيارات الاستبدادية والظلامية التشكيك في دعوات الحزب لاحترام المعتقدات الدينية وبثوا الافتراءات تلو الافتراءات ضد الشيوعيين العراقيين في محاولة لتصوير الشيوعيين وكأنهم أعداء للايمان والمعتقدات الدينية متجاهلين كون العديد من رجال الدين الافاضل ساهموا الى جانب الحزب الشيوعي في نضاله الوطني والاجتماعي ومنهم الشيخ عبد الكريم الماشطة والطيب الذكر الشيخ محمد الشبيبي والد الشهيد حسين الشبيبي وسادة افاضل آخرون ... وضمت القائمة العراقية الوطنية رجال دين متنورين من مختلف الاتجاهات .. ومنهم لا على سبيل الحصر العلامة الفاضل اياد جمال الدين ... واحتفظ الحزب بعلاقاته المتميزة بالسيد حسين الصدر والسيد محمد بحر العلوم . نحترم الدين  ولكننا نعارض توظيفه في أغراض سياسية . " نحن نحترم قناعات الناس، كل الناس. لكننا لا نقبل ولا نرتضي ان يجري أتخاذ الدين غطاء لمصالح اقتصادية واجتماعية او لاغراض سياسية لمصلحة هذه الفئة او تلك الطبقة، او ذلك الاتجاه السياسي. لهذا فنحن لا نعتقد اننا نقف موقفاً سلبياً من الدين حين نطرح ضرورة فصل الدين عن الدولة، على العكس، فنحن نعتقد، اننا بذلك نقدم احتراماً اكبر للدين وللمؤسسات الدينية، لذلك فنحن لا نتردد في الاعلان عن احترامنا للدين ولقناعات الناس وتقاليدهم الدينية. نحن الشيوعيون العراقيون نحترم التنوع الديني في البلد فالعراق يحتوي على اديان مختلفة. صحيح ان الاغلبية مسلمة، وهذا ما سجله الدستور، لكن هذا لا يمنع الاعتراف بوجود عقائد وأديان اخرى، كالمسيحية والصابئية او الايزيدية، او غيرها.حزبنا حزب وطني، انه ليس حزباً دينياً، فهو يحتوي في أطاره مناضلين من كل الاديان والقوميات، هو حزب العراقيين من كل شكل قومي، أثني، ديني او مذهبي ". ان برنامجنا سجل موقفاً واضحا من الدين.
       تمسك الحزب بالمجتمع المدني الديمقراطي واحترامه الكامل لحقوق الإنسان وحقوق المواطنة والحرية الفردية وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية والتعددية الفكرية والسياسية والتداول الديمقراطي البرلماني للسلطة ورفض العنف والحركات الانقلابية واستخدام السلاح للوصول إلى السلطة.وهو يعمل من أجل إقامة جبهة واسع باسم "جبهة الديمقراطية والتقدم" في العراق تجمع فيها وحولها كل القوى التي تسعى إلى ذلك لتناضل من أجل تكريس النظام الديمقراطي الدستوري المدني والفيدرالي ومن أجل تعديل الدستور الجديد باتجاه أكثر إنسانية وديمقراطية وأكثر احتراماً للقوميات والأديان والمذاهب والأفكار وحقوق المرأة والمثقفات والمثقفين والتعدد الثقافي في العراق، وبعيداً عن الطائفية السياسية ورفض الدمج بين الدين والدولة.
  يرفض الحزب الشيوعي العراقي  تكريس الطائفية السياسية ونهج المحاصصات  الطائفية الوباء الخطير الذي يسمم الحياة السياسية، ويتناقض مع الديمقراطية، ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها، ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، ويضر ببناء الوحدة الوطنية. إن الطائفية التي يتم تمريرها اليوم هي من أخطر المشاكل التي يغذيها الأحتلال ، والتي تهدد وطننا ومجتمعنا ، أضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة . وتسفر الطائفية عن وجهها القبيح عندما تفرض نفسها وآيديولوجيتها في المناطق التي تشكل فيها الاغلبية دون خوف من اي جهة كون الاحزاب السياسية النشطة هنا لها نفوذ لا يستهان به على الحكومة المركزية في بغداد ، اضافة الى انها تحظى بدعم كبار رجال الدين. ترى أيّ ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها وليجر الاستقواء والاتكاء على الطائفة بدل الاستقواء بالديمقراطية و بالمواطنة .... ان العراق يحتاج الى تعزيز الهوية الوطنية للامة العراقية وروح المواطنة لها والتي بدونها لا يمكننا الحديث عن الاستقرار والمساواة في الفرص وتعزيز رابطة الاخوة بين العراقيين وحماية وحدة العراق بغض النظر عن كل الهويات الدينية والطائفية والعرقية فالعراق ينبغي ان يكون وطن الجميع والدولة العراقية هي دولة الجميع والدين لله.
     من الضروري تثبيت خلاصة ما سبق في الوثائق البرامجية للحزب الشيوعي العراقي ... فالمواطنة هي كل من امتلك الجنسية العراقية حصراً ، له الحقوق الكاملة، في أن يسكن في اي بقعة من العراق، وأن يتملك في اي مكان، وأن يعمل في اي مؤسسة أو منشأة، وان يكون له حق كامل في كل ما تعنيه مفردة المواطنة من حقوق وواجبات. " تكريس مفهوم المواطنة ومبدأ المساواة بين المواطنين، واستبعاد التمييز بينهم على أي أساس كان: الجنس أو العرق أو اللون أو الدين أو المذهب أو الانتماء السياسي والفكري أو المنبت الاجتماعي او الفارق الأقتصادي ."
    يتجاهل مشروع برنامج الحزب المطروح ، في باب ( بناء الدولة والنظام السياسي ) تثبيت فقرة ( ضرورة فصل الدين عن الدولة ) وذلك يشكل خطوة وجب تصحيحها  كي لا نغض الطرف عنما يجري امام اعيننا من أخطاء مبدئية لا يمكن اصلاحها بسهولة في العملية السياسية الجارية الان في بناء الدولة العراقية .ان من شأن وضع برنامج عمل الحزب بأسلوب التوافق مع الاخر، ان يبقي الحزب على الهامش في صنع الاحداث ، وان يبقى يركض لاهثا وراء ماتنجزه الاحزاب الاخرى ، يقبل بما يتفق معها ، ولاحتى ان يعترض ، غاضا الطرف عن مالا يرضيه !.
•   الفيدرالية
   " ويرى الحزب الشيوعي العراقي في الفيدرالية، أي نظام الحكم الاتحادي، شكل الحكم المناسب للعراق ، ويدعو إلى تعزيزها في إقليم كردستان، واعتمادها في مناطق العراق الأخرى وفقاً لأحكام الدستور، وحيثما تنضج الشروط الضرورية لذلك،وفي المقدمة منها تطمين المصالح والحاجات الحقيقية لأبناء المناطق المعنية وكتعبير عن إرادتها الحرة ". هذه الفقرة لا ترفض قيام فيدراليات على أساس طائفي تحاول أن تعزل مناطق العراق عن بعضها وتجري تغييراً سكانياً طائفياً مقيتاً في العراق... وهو منزلق خطير يعيه مشرعو البرنامج قبل غيرهم ! وصياغتها هكذا يكرس من استبدال ايدولوجية البعث القومجية، بآيدولوجية شمولية اخرى هي الاسلاموية السلفية المتشددة ... الفيدراليات الطائفية تفريغ لمطلب الفيدرالية بالنسبة لكردستان العراق من محتواها التقدمي ، وتعكس الجهل والشعوذة والتخلف ، وهي الانصياع الاعمى  للسنهدرين الاصغر في الدول الاقليمية .
   كيف يفكر البعض وهو يرى ونحن ما زلنا في بداية السلم ان بعض المدن والمحافظات انقلبت الى جمهوريات منفصلة عن المركز يعيث بها البعض وبالقوة تجاوزاً على حقوق الآخرين الذين يختلفون معه ؟ . ومن ثم كيف يكون الامر عندما نرى المليشيات المسلحة بالملابس الخاصة او المدنية وهم يتابعون ويعاقبون الناس لمجرد الاختلاف في طريقة التفكير والرؤيا، فيمنعون السينما وكاسيتات الاغاني والسفور ومحلات بيع المشروبات الروحية وغيرها ، لا غناء لا موسيقى ؟ . فقط اللطم على الصدور وشق الرؤوس بالقامات الحادة التي تثير استغراب العالم المتمدن وكأننا نعيش زمن العصور القديمة وبذات الرؤيا بدلاً من رؤيا جديدة مملوءة بالامل والتفاؤل والبناء والوقوف امام تيارات الارهاب الدموية التي لا تعرف الا القتل والدمار كلغة واضحة للجميع وبخاصة اولئك الذين يرون في العهد القديم مسلخ بشري وخراب كخراب سدوم وعمورة وقد انتهى ، ويجب ان يعاد بناء العراق على اساس المفهوم الحضري والتقدم الذي سيكفل بنقله ونقل شعبه الى درجات اعلى من الرقي لكي يتخلص من آفات الماضي المزمنة .... كتم الانفس والغاء الآخر وخرق حقوق الانسان ، التفرقة والشوفينية والعنصرية والظلم والتسلط والفقر والعوز والفاقة والجوع والامراض والبطالة والحياة المعيشية المزرية.
ـــ إن اعتماد فيدرالية المحافظات يكرس النزعة الطائفية ويغذي الروح الانفصالية وذلك يعود إلى أن العراق تتقاذفه أمواج الصراعات الطائفية الناتجة عن التداخلات الدولية / الاقليمية.
ــ اعتماد فيدرالية المحافظات يفضي إلى تفكيك المشروع الوطني الديمقراطي الذي يدعو له اليسار الديمقراطي وذلك من خلال حصر الكفاح الوطني في كانتونات طائفية / عرقية. وما يعنيه من تغليب الروح الفئوية على الروح الوطنية.
    تتجدد احلام الامبريالية الامريكية بانهاء وجود بلد اسمه العراق طالما اقض مضاجعها وشعب اسمه الشعب العراقي لايمكن تركيعه بل لا تجد مفرا من ذلك لتحقيق مخططاتها للمنطقة والعالم ، وذلك عن طريق تجزئته الى دويلات طائفية واثنية متحاربة ينخرها الجهل والتخلف وقيادات مطيعة همها التمتع بالثروة والجاه الخادع،لا تدرك بان مخطط الامبريالية الامريكية هذا لا يمكن ان يحقق أي من اهدافها ولها من صدام وامثاله الذي قدم للامبريالية ما لم تكن تحلم به،  فليس للامبريالية من اصدقاء دائميين، بل مصالح دائمة.
•   تسمية الحزب وجماهيريته
     اسم الحزب الشيوعي العراقي كان ولا يزال منارة للحركة التقدمية والديمقراطية وصماما اساسيا للتحالفات الوطنية الجادة ، والمطلوب ليس اعادة النظر في اسم الحزب الشيوعي العراقي ، بل المطلوب هو اعادة النظر بالمفاهيم التي تجاوزتها الحياة وتعميق الممارسة الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية ، وتدقيق سياسة التحالفات الوطنية ، وايجاد خطاب سياسي يتلائم والواقع الجديد الذي يعيشه شعبنا بعد زوال النظام الدكتاتوري وبعد كل المتغيرات والكوارث التي مر بها ويعيشها وطننا ويعاني منها ابناء شعبنا . الاحزاب السياسية الرصينة لا تغير أسماءها كما يغير الرجل زوجاته وفق قاعدة تعدد الزوجات سيئة الصيت ! ومع كل تغيير في الواقع السياسي ! بل من الضروري واللازم أن تغير في سياستها وبرامجها ، وتستجيب من خلال ذلك لمتغيرات الواقع .... إن الحزب الجماهيري يقاس بواقعية برنامجه وسلامة شعاراته ، وبعدد الملتفين حول ذلك البرنامج وتلك الشعارات .
   إرتبط إسم الحزب الشيوعي العراقي بضمير شعبنا العراقي من خلال نضالاته خلال اكثر من نصف قرن وقيادته لمعظم انتفاضات ووثبات جماهيرنا وتقديمه الوف الشهداء في معارك الشعب الوطنية، وليس لحزبنا الشيوعي العراقي نقاط سوداء يخجل منها تجاه جميع القضايا الوطنية والقومية . وكان الحزب ضحية مباشرة وأساسية للسلطات ، وهو بذلك لا يتحمل أوزار السلطات  في مختلف عهودها .ولا زال الشيوعيون العراقيون قادة جماهيريين امام أنظار شعبهم ولا زالوا نموذجاً يحتذى به باعتبارهم مضحين أساسيين في معارك الشعب وإنتفاضاته . الشيوعيون العراقيون لم تقهرهم السجون بل قهروها ..
    البعض يريد للحزب الشيوعي ان يحل نفسه وينظم الى احدى التنظيمات الحاكمة فذلك أسلم وأفضل وكفى الله المؤمنين شر القتال ... أعداء الشيوعية..هل يستوعبون التاريخ ؟...ان جماهيرية الحزب تصعب حله رسميا لمخافة الجماهير من جهة .. كما ان حله رسميا لا يستتبع موت الحزب وشل فعاليته في ميدان العمل ..اذ ما ينتج عن هذا الحل هو انتقال الحزب من ميدان العمل والتنظيم العلني الى ميدان العمل السري. وتضمن جماهيرية الحزب مراقبة القيادة وعدم امكانية انحرافها عن اتجاهات الحزب العامة ، أو الأضرار بالمصالح الطبقية التي تمثلها ، والتخفيف من دوغماضوية النخب المتنفذة بربطهم بالواقع وضمان خط الرجعة ضد تأرجحهم واحتمال تحولهم وتقلبهم الفكري . ان الحزب الجماهيري ، ليس بعدد أعضائه فحسب، فقد ضم حزبا البعث في سوريا والعراق وحزب شاه إيران ( راستاخيز ) والحزب الاشتراكي الالماني ( حزب هتلر ) والائتلاف العراقي الموحد الملايين... ولكنهم لم يكونوا أحزاب جماهيرية.... وأثبتت نتائج الأنتخابات الأخيرة بأن ليس للحزب الشيوعي العراقي ما يميزه عن الأحزاب والتنظيمات العراقية الجديدة غير تاريخه النضالي الطويل وسمعته الوطنية الطيبة التي تحققت بفضل المثابرة والنضال الصلب لأجيال وأجيال، مما جعل الشيوعيين قدوة حسنة في الحكمة والشجاعة والثورية والثبات في مقارعة الأنظمة الأستبدادية، لذا ينبغي عدم التفريط بهذا الرصيد الطيب الذي لن يستطيع أي بناء جديد أن يحققه بسرعة وسهولة.
    وعند استخلاص تجربة الحزب في التحالفات نخلص الى الاستنتاجات التالية : 
*ان التحالفات ليست مقدسة بل هي معطى سياسي لنشاط الحزب والقوى المتحالفة معه في فترة محددة. 
*التحالف ليس نتاج رغبة بل هو حاجة موضوعية تمليها التقاء مصالح طبقات وفئات اجتماعية حول اهداف محددة في وقت محدد. 
*التحالف لا ينبغي ان يشل نشاط الحزب بين الجماهير بل ينبغي ان يعززه. 
*اذا كان التحالف هو التقاء مصالح مختلفة حول برنامج محدد قصير او طويل الامد فإنه لا يمكن المشاركة في أي تحالف على حساب مبادىء الحزب واهدافه العامة او هويته. 
     ان الحزب الشيوعي العراقي فصيل وطني حي ، حتمت وجوده الظروف الموضوعية والذاتية ، وليس رغبة هذا وذاك . وهو يمتلك رؤية وطنية واضحة للمشروع الوطني الديمقراطي ، ويشارك بمسؤولية وطنية عالية ، بالعملية السياسية، سلاحه الكلمة الصادقة المخلصة ، ينتقد ويقترح ويحاورعلنا من خلال ممثليه بالبرلمان او من خلال صحافته والصحف الاخرى ، صوته مسموع وتاريخه مشرف .
•   الحياة الداخلية للحزب الشيوعي العراقي
      ليس جديدا القول ان النظام الداخلي لأي حزب هو الدستور الذي ينظم ويقنن الحياة الداخلية له ، ويبين حقوق وواجبات العضو الحزبي وهيئاته التنظيمية بأختلاف تدرجها التنظيمي ووصولا الى اللجنة القيادية للحزب وسكرتيرها .... وكذلك من النظام الداخلي يمكن الأستدلال على الهوية الطبقية والفكرية للحزب والفئات الأجتماعية التي يمثلها ويدافع عن مصالحها . إن النظام الداخلي لأي حزب هو عبارة عن قواعد وأدوات لعمل الحزب وتنظيم العلاقة بين أعضائه وترتيب حياته الداخلية، ناهيك عن كونه صورة مصغرة لما يراد ان يكون عليه نمط العمل السياسي في المجتمع.
     ان أستبعاد المركزية الديمقراطية في التنظيم تسمح بالفجوة التي من الممكن أن تربك عمل الحزب ضمن هذهِ الظروف المعقدة رغم  أن المبدأ قد تعرض دوماً إلى الإنتهاك بفرض المركزية وعدم إشاعة الديمقراطية .... وذلك بحكم قسوة وقمع السلطات الكلانية ، وليس بسبب المبدأ نفسه.. المركزية والديمقراطية وجهان لعملة واحدة .
     إن الحزب في بنيته الداخلية ونشاطه الداخلي وإزاء رفاقه لم يكن ديمقراطيا بأي حال وساهم عمليا  بفعل ممارسته الصارمة لقواعد "وحدة الإرادة والعمل" و"الطاعة الواعية" و"الضبط الحديدي" و"نفذ ثم ناقش"  إلى ازدواجية في شخصية عضو الحزب شئنا ام ابينا. ومارس الحزب على امتداد الفترات المنصرمة ، نهج عبادة الفرد والتصدي لمن ينتقد السياسات الحزبية – التطبيق الاعمى احيانا لنماذج احزاب الاشتراكية القائمة في اوربا الشرقية رغم اعتزازنا الكبير بتضحيات شعوبها الفذة في سبيل الاشتراكية والتقدم الاجتماعي والسلام العالمي ودرء خطر الفاشية ، والتطبيق الاعمى ايضا لتجارب الاحزاب الشيوعية في الولايات المتحدة واوربا الغربية واليابان -   (الامر الذي كاد ان يجعل من سكرتير الحزب فوق الجميع وسيد زمانه وحتى اقطاعي سياسي .. وعضو اللجنة المركزية مؤله والولي المنتظر). هذا يعني أن على الحزب أن يتخلى عن هذا النهج الضار وتأثيره السلبي على العمل الجماعي في الحزب. كانت الشللية ممنوعة في الحزب ، لكنها تواجدت دوما في المكتب السياسي واللجنة المركزية ( ساهم العوز المادي والارتياحات الشخصية والعلائق الاسرية والولاءات الرجعية والتجارة بشهداء الحزب في شللية النخب المتنفذة ) والتي يفترض أن تنتهي لأنها لا تؤذي الحزب وتخل بعمله وبقواعد العمل الديمقراطي وتفسد الحزب وتعرقل مسيرته وتقدمه فحسب بل وتسهم في خداع اعضاء الحزب تحت شتى الحجج والذرائع الواهية تقليدا للاحزاب البورجوازية والدينية وحتى الفاشية ( هنا وجب التوضيح .. طيلة سني نضال الحزب الشيوعي العراقي قدم آلاف الشهداء ، وبفقدانهم خسر الشعب العراقي كوادر حزبية وعلمية ديمقراطية تميزت بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي .. ستبقى ذكراهم تعبيرا عن عظمة حزبنا الشيوعي العراقي في علمانيته وتحضره وإيمانه بمساواة المرأة بالرجل وبحق القوميات في تقرير مصيرها بنفسها وغيرها من الأهداف النبيلة التي قدم في سبيل تحقيقها التضحيات الجسيمة .... ان العمل الجاد لتعويض عوائل شهداء الحزب الشيوعي العراقي عن حقوقهم المهدورة ، لا يعني بأي حال من الاحوال اقتسام الحصص والمغانم والتجارة بالشهداء فذلك لا علاقة له بمبادئ السياسة أوالأديان أو الأخلاق... بل المهم هو اعادة الاعتبار إلى الشهداء انفسهم).
    في سلة اليسار الجديد وأستبعاد المركزية الديمقراطية تنتعش الفوضوية والتروتسكية والليسنكوية والبافلية . الفوضوية التي تنكر دور الجماهير في صنع التاريخ وتؤمن بالنشاط المسلح الفردي والاغتيالات و التروتسكية برفضها إمكانية انتصار الاشتراكية في بلد معين وبنهجها الغادر التآمري ، والليسنكوية كمنهج عنصري ، والبافلية عبر نموذجها ـ البطل الخارق للزمان والمكان . في الليسنكوية يحاصر الفكر وتقيد حريته ويضيق الخناق على الابداع والعقيدة فتتسم الحياة الروحية للشعب وتتشوه نفسية المواطن ويشاع الاغتراب في المجتمع . والتسمية نسبة الى العالم البيولوجي الروسي ( ليسنكو) الذي بالغ في تبني العلوم الروسية الصرفة بمواجهة العلوم الاجنبية ومجد العامل الذاتي ورفعه الى مصاف الرب . فالعلم برأيه يخضع دائما وابدا لارادة الانسان! وتسبب الهرطقة الليسنكوية اعادة كتابة التاريخ والمناهج الاكاديمية والدراسية وتشيع عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين.وتتوقف المسيرة الابداعية للفن والادب بالصاق تهمة معاداة الحزب بحق كل من لا ينخرط في الميكافيلية ومن لا ينتج ادبا شعاراتيا .  وتقذف الهرطقة الليسنكوية بالكثيرين لساحات الاعدام او يجري دفعهم للانتحار والجنون والهجرة واجبارهم على الخنوع والاستسلام .. وبذلك تلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  .
     تعني  البافلية حق السلطات والحزب المطلق في التدخل بالحياة الشخصية للناس وصياغة عقل وضمير المواطن والزامه بالطاعة والولاء . وجاءت التسمية من بافل بطل رواية اوستروفسكي ( والفولاذ سقيناه) . ويقول فيها بافل ( الحزب هو اغلى شيء في حياتي لانه يوحد في نفسي الوطن والشعب والشرف والضمير ). ولما كان بافل يعلم ويتصرف وفق اوامر الحزب بقناعة واختيار فهو مستعد لاجتراح اكبر المآثر بشجاعة ، والا فالموت هو الخيار المفضل ! وعليه لا قيمة للمرء ان يعيش في اجواء السلم والامان الفردي والاحلام الشخصية بل عليه ان يقتدي بالبطل النموذج المثال اثناء الحرب او ان ينضم لفيالق الفدائيين وميليشيات حماية وحرس زعيم الحزب  او الانتماء لجمعيات ومنظمات الحزب . وينبغي اقتحام الصعوبات بشجاعة وتصميم والتحول من صبي يافع الى جندي من فولاذ بالايمان بافكار الحزب والثورة والعمل باوامرهما ! وبمعنى آخر يجري قلب الفكر والثقافة والاخلاق والعادات القديمة راسا على عقب . اما عضوية الفرد في الحزب فهي معيار اخلاقية المواطن لا الجدارة والمعرفة والقدرة والتكوين النظري والنضج السياسي والكفاءة والسجايا الاخلاقية والصدق والنزاهة والتضحية والبطولة .
      السماح الشكلي للرأي الآخر وقمعه في الواقع العملي من خلال أساليب وأدوات العمل وممارسة الشللية وهيمنة قلة على القرار السياسي والتنظيمي في الحزب (تريد أرنب ... أخذ أرنب، تريد غزال ... أخذ أرنب) ، الاعتماد على التراث والتاريخ والحنين للماضي ( الدوغماضوية ) وعدم رؤية الجديد كلها عوامل ومؤشرات تقود الحزب إلى الجمود والهامشية الفعلية في السياسة وفي التأثير الفكري والاجتماعي ..... ان هذه الظاهرة يمكن أن تسقط الحزب في دوامة السلفية أو الأصولية الفكرية والسياسية التي عانينا منها الكثير والتي لا يمكن أن تقتل أي حزب أو تنهيه.... لكنها تجعل منه حزباً هامشياً ضعيفاً وغير مؤثر في الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية عملياً وفي تراجع قدراته الراهنة على إنجاز المهمات التي يطرحها على نفسه.
     ينبذ المنهج العلمي التقطيع والتبسيط والاعتباطية واعتماد منطق الصدفة والجمود العقائدي ونزعة الاستعلاء في التخاطب مع الجمهور . ويؤمن بالتعامل الواقعي مع الظاهرات المترابطة المتفاعلة المتماسكة المتداخلة الموحدة المتناسقة المتناقضة كمدخل لتحليل جوهر الموضوع . هكذا  يلتقي فرسان التطرف والأصالة والتمرد من اليمين واليسار والوسط في حركة عفوية آنية دون أسس موحدة .. لكنها تتشبث بالاعتقاد إن النظرية الثورية تخلقها الحركة والبندقية فقط ! ولا تستند على أرضية اجتماعية .
      ان الحزب الشيوعي ملزمٌ بتغيير الواقع البائس لجماهير الشعب وعليه أن يكون حزباً ثورياً اي حزباً مسلحاً بنظرية ثورية وتنظيماً جماهيرياً قوياً وحده القادر على تحقيق أهدافه في ظل ظروف كالتي يمر بها وطننا، فما أحوجنا في هذه الزمن إلى ذلك في العراق.
    ان تأكيد وثائق الحزب على الأساليب الديمقراطية ورح الشراكة في صنع القرار الحزبي العام هي العجلات التي ستدفع بالحزب الى امام في تحقيق ما يصبو اليه. ورد في الفقره هـ من الفقره السادسة في المادة الأولى " ...... كما يتعين الأخذ بمبدأ التجديد لهذه الهيئات في كل دورة....." . وهذه قضية جوهرية لتطوير العمل الحزبي والأبتعاد عن المظاهر غير الصحية التي تترتب على بقاء المسؤول الحزبي في موقعة لأكثر من دورة.... يستلزم ذلك ان ينسحب هذا الأمر اولا و قبل الجميع على موقع سكرتير اللجنة المركزية ليضاف الى النص ما يلي ( بما في ذلك سكرتير اللجنة المركزية للحزب الذي يحق له ان يبقى في موقعه الذي كلفته به اللجنة المركزية مدة اقصاها ثلاثة دورات فقط ). ودواعي هذا الأمر ان يكون رفاق اللجنة المركزية مهيأين لأخذ زمام قيادة الحزب في الظروف والمنعطفات العصيبة وايضا لتعميق وجهة التجديد والديمقراطية التي اقرها المؤتمر الخامس للحزب.
   " يتعين الأخذ بمبدأ تجنب أشغال عضو اللجنة المركزية عضوية مجلس النواب والمقاعد الرئاسية والوزارية او ما يوازيها ، في كل الاحوال والظروف ، لضمان التفرغ اللازم والضروري للنشاط الحزبي ومعاوقة ولادة النخبوية الجديدة التي تسود الحزب الشيوعي هذه الايام ، وتشجيع وتأهيل الكوادر الحزبية واصدقاء الحزب من ذوي الاختصاصات لتمثيل الحزب في المؤسسات التنفيذية والتشريعية ذات الشأن !. " 
    الرقابة المركزية هيئة قيادية مهمة. واذا كانت الظروف السياسية غير متوفرة في السابق بسبب من العمل السري وتشتت المنظمات في المنافي ، فنحن بحاجة إليها اليوم . الحزب يدعو الى تعزيز الرقابة في المجتمع والدولة، والأولى ان تتم الرقابة الداخلية فيه أيضا. من المفيد ان تعاد البنود المتعلقة بالرقابة المركزية الواردة في النظام الداخلي السابق، وان ينتخب المؤتمر هيئة للرقابة. وجودها أفضل بكثير من حذفها نهائياً ...
    رغم الاهمية القصوى في توسيع القاعدة الحزبية في حياة أي حزب او منظمة سياسية... إلا ان ذلك يجب أن لا يتم على حساب النوعية والوعي الطبقي والسياسي لطالب العضوية رغم توفر نوع من الحرية النسبية..لذا فإن "بقاء فترة الترشيح (يمكن تقليصها إلى ثلاثة أشهر) ضمن فقرات النظام الداخلي للحزب" تكتسب اهمية في الظرف الراهن ..
    الا يحتاج الرفيق الحزبي توصية توصيه بصيانة لقب الرفيق ' الشيوعي ' من كل شائبة ودنس يدنسه ، لخدمة شعبه ووطنه ، كما فعل الرفيق فهد ، أيها الرفيق صن لقب الرفيق ..، عند إقراره لأول نظام داخلي للحزب ، أم سننحدر إلى الجانب المتوحش من عالم العولمة ، بحيث نطلق العنان للرفيق الشيوعي أن يمارس ' التقية ' أسوة بأقرانه من التنظيمات الطائفية والعنصرية ، التي جسدت النهب والسرقة في شعارها ' الحزبي أول من يستفيد وآخر من يضحي ..!'
     يحتاج الرفيق الحزبي الى " ( الألتزام الواعي القائم على اساس الأنضمام الطوعي للحزب ، والقناعة بأهدافه وسياسته ومنطلقاته ومبادئه التنظيمية وقيمه الأجتماعية والخلقية ومثله الأنسانية )  " الامر الذي يؤكد اهمية اعادة هذه الفقرة الى مسودة مشروع النظام الداخلي المقترح.
     ضمن المادة 20 الخاصة بمالية الحزب من المفيد ان تتضمن مايلي :
1- وضع مادة في النظام الداخلي تحدد سقفاً لرواتب الرفاق محترفي العمل الحزبي .
2- وضع مادة لسن قانون تقاعد سياسي للرفاق من ممتهني العمل الحزبي.
3- ضمان الحقوق التقاعدية للرفاق المتقاعدين في سبيل ضمان عيشهم الكريم .
4- عرض سلم نسب بدلات الاشتراكات الحزبية على المؤتمر لاقرارها بدلا من اقرارها في اللجنه المركزية .
    من الضروري منح نسب جيدة للمرأة في الهيئات القيادية ( مثلاً ان تكون رفيقة واحدة مقابل كل ثلاثة أو أربعة رفاق في كل هيئة قيادية من لجنة متفرعة فما فوق ).
        في المادة (2) الفقرة ج أرى أن يضاف مايلي : "يعامل بشكل خاص كل من كان عضوا في حزب البعث، كأن تكون فترة ترشيحه طويلة نسبيا ومنحه العضوية يتم من قبل اللجنة المركزية. وهذا ينطبق على كل من بقي بعيدا عن الحزب لفترة اكثر من عشرة اعوام ولأي سبب كان! " ... هذا يضمن تحمل اللجنة المركزية وحدها مسؤولية اي اختراق محتمل !.
      البند الثالث من المادة 1 وفي البند ج لابد من حذف كلمة الاقلية والاستعاضة عنها بكلمة المعارضة! هذه الاستعاضة ليست لفظية شكلية، بل تعبير عن احترام الهيئات الاخرى وأصحاب الرأي الآخر. ولربما ينطبق نفس الامر على الفقرة 5 حيث من المفيد استخدام "وحق الهيئات القيادية..الخ بدلاً عن الهيئات العليا".
    في المادة الرابعة الفقرة الخامسة جاء ما يلي : " يحافظ على وحدة وسلامة الحزب ويتقيد بالتدابير المتخذة لصيانته، وان لا يشوه الحقائق ولا يخفيها عن الحزب، وان لا يقيم العلاقات مع الاجهزة الامنية المختلفة ولا يعمل في السفارات والهيئات الاجنبية دون علم وموافقة الحزب ". ارى ان تجري صياغتها كالتالي :"يحافظ على وحدة وسلامة الحزب ويتقيد بالتدابير المتخذة لصيانته، وان لا يشوه الحقائق ولا يخفيها عن الحزب، وان لا يقيم العلاقات مع الاجهزة الامنية المختلفة ولا يعمل في السفارات والهيئات الاجنبية والمنظمات ذات الطابع الصهيوني والماسوني او ما يماثلها دون علم وموافقة اللجنة المركزية للحزب "... ودواعي هذا الامر ان يتحمل اعضاء اللجنة المركزية دون غيرهم مسؤولية اي اختراق محتمل في هذا المضمار مع استمرار الاحتلال الاجنبي  للاراضي العراقية والتواجد الكثيف للشيوعيين العراقيين في بلدان المنفى ..
          في المادة 15 الفقرة 3 جاء ما يلي :" قواعد الانتخاب ونسب التمثيل تحددها اللجنة المركزية، مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة تناسب التمثيل في المؤتمر مع مجموع عدد اعضاء الحزب في كل منظمة. ويشترط ان لا يقل العمر الحزبي للمندوب الى المؤتمر عن سنتين ".. ... يبدو ان هذه الفقرة جاءت لضخ مجموعة من المندوبين المؤتمنين اي ضمان التأييد المطلق لانتخابات اللجنة المركزية وتمرير بعض القرارات دون الرجوع الى الاصول الديمقراطية وتقاليد الحياة الداخلية للحزب .. هذا بدوره يلقي بظلال الشك على المؤتمرات الوطنية للحزب  المتسارعة الاخيرة ، وصعود بعض الرفاق الى عضوية اللجنة المركزية بعيدا عن معايير الكفاءة والنزاهة ! .. وهنا وجب صياغة السيناريوهات الانتخابية لعضوية اللجنة المركزية بدقة متناهية ، لأننا نلتزم بالنظام الداخلى ولا نريد ان نكون ضحايا جدد لرفاق لا يستحقون شرف عضوية قيادة حزب  الطبقة العاملة العراقية ! .الرفيق الشيوعي العراقي مكافح عنيد ضد ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي" اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية للنخب الطائفية الحاكمة في عراق اليوم ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية ! ... فكيف الحال اذا استيقظ هذا الرفيق العنيد على اعتاب  ثقافة وديمقراطية قطيع يجر تنفيذها ببراعة داخل حزبه !؟ ارى من الضروري تغيير صياغة هذه الفقرة الى التالي :" قواعد الانتخاب ونسب التمثيل يحددها اجماع اللجنة المركزية وهيئات الاختصاص المركزية والهيئة الاستشارية ،مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة تناسب التمثيل في المؤتمر مع مجموع عدد اعضاء الحزب في كل منظمة. ويشترط ان لا يقل العمر الحزبي للمندوب الى المؤتمر عن سني ما بعد التاسع من نيسان 2003 !... ويمكن للمؤتمر العام الطعن بالقواعد الانتخابية والتمثيلية بنسبة 25% من اعضاءه " وحتى الاشتراط ان لا يقل العمر الحزبي للمندوب الى المؤتمر عن 5 سنوات ...
•   الحزب الشيوعي الكردستاني
     إن النظام الداخلي يبيح للحزب الشيوعي الكردستاني ويعطيه حقوقاً واسعة في مناقشة كل الامور المتعلقة بالحزب الشيوعي العراقي والوضع في العراق دون ان يتيح ذلك للحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين العراقيين في مناقشة امور تتعلق بالحزب الشيوعي الكردستاني والوضع في كردستان العراق، وهو خلل ينبغي معالجته.
      في المادة 15 حول المؤتمر الوطني وفي الفقرة الثانية يشار الى ان :"اعضاء اللجنة المركزية للحزب، واعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني"، هم اعضاء بدون انتخاب في المؤتمر العام. هذا يعني ان مجموعة كبيرة من اعضاء المؤتمر تشكل نسبة مؤثرة هي عملياً غير منتخبة بل معينة من قبل اللجنة المركزية. هذا خلل جدي في تركيبة المؤتمر من شأنه خدش القواعد الديمقراطية التي يعتمدها النظام الداخلي والحزب في هذه المرحلة بالذات!!.
•   تاريخ الحزب الشيوعي العراقي
    من واجبات العضو الحزبي السعي إلى تطوير مداركه بالمعارف الماركسية والحرص على الارتقاء بثقافته العامة، واغناء معرفته بتاريخ الحزب والطبقة العاملة والحركات الوطنية والديمقراطية في العراق والعالم... كما ورد في مشروع النظام الداخلي !..لقد خرجت مؤتمرات الحزب الوطنية المتتالية بقرارات تدوين وكتابة تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، وبالاخص منذ المؤتمر الرابع للحزب ...كما شكلت لهذا الغرض هيئات مركزية متخصصة . ولم ينجز من هذه المهمة الا القليل وبما لا يتناسب وحجم زخم مطالبة الاكثرية من الرفاق ، والامكانيات التي تم توفيرها لأصحاب الشأن !.. وفي غضون عقدين من الزمن لم ترى النور الا بضع كتابات قيمة في هذا المضمار . أرى من الضروري قنونة كتابة  تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في وثائق المؤتمر الثامن للحزب ، وليس في بلاغات اللجنة المركزية فقط ، كي تصار الى مهمة واجبة المنال ولتجر المساءلة عنها في مؤتمرات الحزب اللاحقة ... والف الف باقة ورد للرفاق عبد الرزاق الصافي وعزيز سباهي وحسن طه و بابا علي جباري وعادل حبه وكاظم حبيب وسعاد خيري وجميع الرفاق الذين زخرت اقلامهم بالجود في هذه المهمة الشاقة .   
 يناضل حزبنا في سبيل:
1- اعادة طباعة ونشر كتابات ورسائل الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف ( فهد ) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي .
2- الارشفة الالكترونية لكتابات ورسائل الرفيق الخالد يوسف سلمان يوسف ( فهد ) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ، والنتاجات المبدعة للرفيق الشهيد حسين احمد الرضي ( سلام عادل ) ، ووثائق الاجتماع التأسيسي 1934، ووثائق المؤتمرات الوطنية ( النظام الداخلي والبرنامج ) منذ المؤتمر الوطني الاول عام 1945 حتى آخر مؤتمر للحز

224
ديمقراطية عبد العزيز الحكيم والشعب العراقي – بدالة تلفونات الجادرية نموذجا

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
     
     يطل علينا عبد العزيز الحكيم في التحشدات الشعبية ومن على شاشات التلفزة وفي اللقاءات الصحفية ، بمناسبة وبدونها ودون حياء او وجل ، ليؤكد لنا انه يتكلم باسم الشعب !! ... نعم ، الشعب العراقي ! .. مستندا في شعوذته هذه انه زعيم الكتلة السياسية الفائزة  في الانتخابات البرلمانية الاخيرة . يالها من محنة ومأساة وكارثة تفوق في سخريتها للقدر مزاعم بطل الحواسم ومعلمه الهمام صدام حسين !... بذلك يحاول فكر عبد العزيز الحكيم الطائفي واعوانه ملء الفراغ الذي خلفه انهيار الفكر الشمولي الصدامي ولتقدم هوياته الحماية والعون والعلاج والتعليم او المواساة في اسوء الاحوال .. هويات تقدم نفسها كظاهرة جديدة ذات وظائف اجتماعية مختلفة وليست مجرد استمرار للهويات السابقة . وتتجسد ازمة الفكر الطائفي العراقي في اللغة الطائفية المطلقة والمقنعة ، والمتعالية في عصر يرفض اعتبارها المرجعية السائدة والوحيدة بل ينفيها وينفي حتى دور الدين في التشريع  المدني ، وتحديده بالبعد الشخصاني للانسان فقط ...
     ويتفرج زعماء الطائفية في العراق على الوضع المأساوي للشعب العراقي في الوقت الذي ظلوا هم ينعمون بالأمتيازات المادية المغرية ومواكب الحراسات الجرارة ( لا لشخوصهم وحدهم ، بل وحتى لزوجاتهم .. فالجميع متعدد الزوجات ، والله كريم ) والسفر الدائم الى خارج القطر مع السعي الحثيث لمليء الجيوب بالأموال الحرام المسروقة من أفواه الجياع والمحتاجين! وهم يسخرون الميليشيات المسلحة القذرة – فرق الموت وجماعات إرهاب ذوي الثياب السُود وكتائب عزرائيل والمحاكم القروسطية – ومافيات توزيع الكهرباء الوطنية و البنزين والغاز والمواد الغذائية لأبادة هذا الشعب البطل الذي عانى الامرين من كيد الشياطين القدامى والجدد .
    إن سيادة روح التحضر والتكلم باسم الشعب ليست كلاما ولغوا فارغا فحسب وإنما نهوض للمجتمع المدني الحقيقي الخالي من التعصب الطائفي والقومي والعشائري ، الخالي من  مظاهر العسكرياتية والميليشياتية والرعب . عندما يشعر الإنسان بانه محمي من قبل الدولة ، وليست الدولة الطائفية ، نستطيع القول باننا وضعنا خطواتنا على طريق إعادة الحياة لقوانين الدولة، وأن الطائفية  في العراق باتت في خبر كان .  من جديد ، أية ديمقراطية يمكن أن تنتجها الأحزاب الطائفية ؟! انها ديمقراطية ديمومة الفوضى في مؤسسات الدولة وعدم الاستقرار الامني وتفاقم اعمال الارهاب والقرصنة والجريمة المنظمة ... انها ديمقراطية تفتيت المجتمع والعودة به إلى العصور الغابرة ! انها ديمقراطية خلط الأوراق مع أوراق البعض، لتسيّد الشارع السياسي والقرار السياسي العراقي فيما يجر سحب البساط من تحت أقدام المواطن العراقي بمهارة عالية.... انها ديمقراطية ذهنية التحريم والممنوعات والفساد المستشري في دوائر الدولة ومفاصل المجتمع وإستخدام الرشاوى(الخاوات) والاكراميات والعيديات وغيرها من الأساليب للتخلص من التهم!... انها ديمقراطية تضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا لطوطم قم واخواتها ... ديمقراطية ارهاب خفافيش الظلام التي خرجت من الاكواخ  وبنت العمارات ولا تتعامل الا بالذهب والدولارات وارهاب النهب واللصوصية ! ارهاب مشروعية الاستباحة الايرانية المكثفة والرمزية والسرية للهوية العراقية ،ارهاب فرض النفس بقوة الميليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، ارهاب تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطوائف ... انها ديمقراطية القنادر واللسان الطويل .. ديمقراطية شيلني واشيلك ! انها ديمقراطية السجون السرية التي تمارس فيها التعذيب (الحكيم  يعارض نشر التقرير الخاص بقبو الجادرية خوفا من الفضيحة ) و ديمقراطية قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي أو إلصاق التهم ، وديمقراطية حملات الاغتيالات التي يقوم بها ملثمون مجهولون عادة.... انها ديمقراطية محاولة تأطير المجتمع دينيا وفصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي ، ومحاولو الفصل بين طلبة الجامعة ، وفرض الحجاب على النساء... انها ديمقراطية إشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي... نعم ، انها ديمقراطية الاعتداء على اطباء وطبيبات مستشفيات اليرموك والكاظمية ومدينة الطب في بغداد... وديمقراطية الاختطافات التي تطول الابرياء امام الملأ وبالزي الرسمي .. ياللوقاحة ! .. عن اية ديمقراطية يتحدثون هؤلاء الجهلة ؟ انها ديمقراطية " اشكه الحلكك .. انت عامل مكسورة ! ".
  ديمقراطية عبد العزيز الحكيم تعني استخدام الدين على أوسع نطاق ممكن للتأليب على قوى المجتمع المدني والإساءة لهم ونشر الأكاذيب عنهم، واستخدام منابر الجوامع والمساجد والمدارس الدينية والحوزة العلمية لهذا الغرض والتأليب ضد قوائم المجتمع المدني والشخصيات الوطنية العلمانية العراقية... انها ديمقراطية التحري عن لغة المساومة المؤقتة مع قوى الطائفية السنية وديمقراطية ممارسة التهديد والوعيد والقتل الفعلي لمن تصل له أيديهم للتخلص منهم باعتبارهم  يقيمون حكم الله على الأرض وائمة العصر وممثليهم على الأرض... انها  ديمقراطية الروزخونات الحرامية او ما شاكل والذي يلطمون بالساطور الديمقراطي -  فتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين التي تذكرنا بصدام حسين الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة !... انها ديمقراطية نهج الخيانة الوطنية بالأتفاقيات الأمنية والأستراتيجية مع حكم الملالي في طهران والغوص عميقا في المستنقع الطائفي ... وديمقراطية التجار – الديناصورات لتمرير الصفقات التجارية !.
     ان التصعيد الطائفي لم يكن مصدره التصعيد الطائفي الاصولي الاسلامي السياسي فقط ، وعملياته الإرهابية المدانة ، إنما هناك تصعيد آخر خططت  له التنظيمات الطائفية الشيعية البعثية وتنفذه بتسارع واستفزاز عبر تنسيق وزارتي الدفاع والداخلية مع قيادات الكتل الشيعية لإضفاء الطابع الرسمي على التنظيمات السكانية الطائفية المسلحة ( جيش شعبي بحلة جديدة ) ، وبتعليمات من رئيس الوزراء حفظه الله ، وعبر ممارسة نشاط ميليشيات " جيش المهدي وقوات بدر " في مناطق مختلفة من العراق بعلم وتجاهل الحكومة بالرغم من أن الحكومة وقيادات المليشيات قد أعلنوا، في وقت سابق ، نزع الأسلحة والدخول في العمل السياسي ، كما أن الكثير من منتسبي هاتين المنظمتين قد تم استيعابهم في قوات الأمن ، من شرطة وجيش . فلول البعث العراقي المنهار اخترقت مؤسسات الدولة العراقية الجديدة والقوات المسلحة العراقية بالمال والسلاح والسطوة التي امتدت عشرات السنين على المواطن العراقي ، وبالرهبة الممتدة على العقل العراقي المبتلي بالخوف منهم وخشيتهم ، وبالخسة والدناءة التي اتصفوا بها وبجبنهم المعهود في التلون كالحرباء وبفسادهم. ان 60% من عناصر ما يدعى بجيش المهدي هم من "شيعة" اجهزة المخابرات والامن الصدامي وهم معروفون لاهالي النجف المقدسة والثورة . ولا تخرج منظمة بدر المسلحة غريمة جيش المهدي عن هذا السياق المحير حيث انها تشكلت بالاساس من "التوابين" من اسرى الحرب العراقيين في ايران من "صناديد صدام" و "جيشه الشعبي" وبمباركة وتمويل وتدريب من قبل المخابرات الايرانية. فأي بناء عسكري هذا الذي تشكل من عناصر تربت في احضان صدام واكملت تربيتها في ظل دولة الاستبداد الدينية الايرانية. يصعب على المرء التفريق بين من هم الأكثر شرعية في القتل : عصابات الحكيم والصدر أم التحالف البعثسلفي ؟ تكفيريون ، صدريون ، حكيميون يسفكون الدم لأجل السلطة وإرضاءا لتنفيذ التعاليم حرفيا حتى يلجهم الفردوس ! المهزلة – المأساة – الملهاة ! . هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذان البعث المنهار وتنقذهم من مصيرهم المحتوم ؟
       ديمقراطية عبد العزيز الحكيم تعني احتضان البعثيين الذين ساهموا في التجسس علينا داخل عوائلنا وفي محلاتنا وفي غربتنا وفي اقصى منافينا بالتقارير وبالملاحقة وبالمعلومات ، ولم يزلوا يكتبون المقالات بصلافة ضدنا ويرتكبون المجازر بحق ابناء شعبنا ومحرضين مرة اخرى على قتلنا ومحاربتنا! لا ، وبتسليمهم الحقائب الوزارية .. وزراء الحكيم ووزراء البعث في مجلس وزراء واحد وتحت سقف واحد يقوده احد تلاميذ الاشيقر الجعيفري. يريدوننا الوقود لنارهم والزيت الذي يحترق به مرجلهم. انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ، ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين . انهم يعودون بصلافة ويخربون بيوتنا ويفجرون انابيب النفط ، ويضعون المتفجرات والسيارات المفخخة بيننا ووسط اسواقنا الشعبية ، وامام مراكز تطوع اولادنا للجيش والشرطة ، وامام مدارس اطفالنا !!! انهم يقطعون الاتصالات الهاتفية علينا ويقطعون التيار الكهربائي والماء الصافي ( منطقة الجادرية والكرادة مثلا التي تعج بالبعث الشيعي وتحت حماية جرابيع الحكيم نفسه !) .
      ديمقراطية عبد العزيز الحكيم تعني التشويه المتعمد للفيدرالية تنفيذا لأسياده المخصيين في قم وطهران ودمشق ورهبة من الشعب الكردي وحركة التحرر الوطنية الكردستانية.. وتحويل العراق الى مقاطعات طائفية مذهبية وقومية ومناطقية ، وليس ذاك العراق الواحد المتعدد المتآخي منذ أن وجد قبل آلاف السنين  .
      ديمقراطية عبد العزيز الحكيم تعني اسدال الستار عن نصف مليون شهيد ضحية وبرئ بعد التاسع من نيسان 2003 وقص الشريط لأضعاف مضاعفة من ضحايا الارهاب الطائفي – العفلقي – التكفيري والذين يذبحون على الهوية !.
       نقول لك يا حكيم ... الشعب العراقي اكبر من حيلك الشيطانية والاعيب اسيادك ... ما انت سوى قزم صغير امام هذا الشعب الابي وحضاراته !... الشعب العراقي لا يحترمك فاحترم نفسك وانزوي الى صومعتك الدينية وبئس المصير .
    نعم ، حكومة نوري المالكي والائتلاف العراقي الموحد ومجلس النواب في قفص الاتهام .. باسم الشعب العراقي ، نعلنها محكمة !!


يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

225
تأجيل الأنتخابات النقابية الهندسية في العراق .. من المستفيد ولمصلحة من ؟

المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة
     
     تأجلت الانتخابات النقابية لنقابة المهندسين العراقيين (IEU) مرة أخرى ، والى اواسط الشهر الحادي عشر من عام 2006، بحجة الاوضاع الامنية المعقدة في البلاد . .. الازمة النقابية الهندسية العراقية متعددة الاوجه لا يحلها التذرع بالانفلات الامني فقط !! . وسبق ان اكدنا مجددا مناشدة كل المهندسين في بلادنا ، بصرف النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي بالانضمام إلى طابور المناضلين في سبيل خوض الانتخابات القادمة بكل أبعادها ومراحلها في بغداد وفروع المحافظات آملين مؤازرة الجميع، والترشيح لعضوية المؤتمر العام وانتخاب من يمثلنا ، وفرض الأجواء الديمقراطية على عمليات الترشيح والانتخاب أصولياً والتحضير لها والإشراف عليها. في هذا الاطار لابد من استبيان ما يلي :
1.   رغم مرور ثلاثة اعوام على قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) في 25/8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين والقاضي بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية .. فان اجواء القرار لازالت تخيم على سياسة الحركة الاجتماعية في بلادنا وكامل المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات المهنية والجمعيات الاهلية ... نقابة المهندسين العراقية ليست استثناءا .. وقرار تأجيل الانتخابات النقابية لنقابة المهندسين والتي كان يفترض ان تجر اواخر تموز .. بداية آب 2006 يصب في هذا الاطار مع الاسف ! . انه التأجيل الثاني للانتخابات النقابية ، وكل المؤشرات تدل على فقدان آلية العمل النقابية الراهنة في نقابة المهندسين امكانيات تحقيق الانتخابات في موعدها المقرر القادم ايضا ... مأساة حقة !.
2.   ان اسس تشكيل اللجنة التحضيرية للانتخابات الموعودة وآلية عملها لا تستند على الشرعية النقابية  بموجب قانون النقابة المرقم (51) لسنة 1979 والالتزام بأمر مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة برئاسة الاستاذ نصير الجادرجي لغرض تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء... وقد تعاملت اللجنة المذكورة مع جموع المهندسين من منطلقات استعلائية .. الامر الذي حدا بائتلاف المهندسين العراقيين مثلا والذي يمثل شريحة واسعة من المهندسين العراقيين من مختلف القوى الوطنية من الأحزاب والحركات السياسية وجماهير واسعة من المهندسين المستقلين والمنظمات والتجمعات الهندسية العاملة ، ان ينبه اللجنة المذكورة اكثر من مرة على استغفالها الجموع الهندسية منذ الترشيح لعضوية المؤتمر العام للنقابة  الفترة 30/4/2006 لغاية 29/5/2006 في بغداد والمحافظات ، وتمديد الترشيح فيما بعد ، وتأجيل الانتخابات ... على الاقل تبليغ المهندسين باجراءاتها في الاوقات المناسبة .. الامر الذي عكس سوء ادارة العمل بأجلى صوره الى جانب التقوقع في الزوايا المكتبية والأنشغال بالشواغر البيروقراطية ! . واستنكفت هذه اللجنة حتى استعمال وسائل الاتصالات الحديثة كالانترنيت والهواتف النقالة والقنوات الفضائية لتوضيح قراراتها وايصالها الى جموع مهندسي بلادنا ، لتؤكد انها اسيرة عقلية ثقافة الاستعلاء والقطيع التي لا تمت الى العمل الديمقراطي بشئ وتزدري الشفافية المطلوبة في ايامنا هذه ! .. الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان تعني التأسيس الاجتماعي المدني غير الربحي ، وامتلاك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، والاسهام في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،والعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن !   
3.   ان عزوف المهندسين في بلادنا على مواكبة النشاطات النقابية والمهنية لا يرجع بطبيعة الحال الى اوضاع ما بعد التاسع من نيسان المعقدة ...  الامنية والمعاشية والثقافية والمهنية ، واحوال النقل والاتصالات في بلادنا ، ومخلفات الدكتاتورية الصدامية الغاشمة فحسب ... بل الى سطوة حفنة من مهندسي المصالح الطفيلية والفساد على نقابة المهندسين في بغداد  انسجاما مع قرار مجلس الحكم المرقم (27 )  ، وسوء ادارة العمل النقابي ، وآثار الاحتلال الاميركي ، واستنهاض الولاءات دون الوطنية ، وصعود نغمة الاسلام السياسي ... وما رافق ذلك من انفراد الكابتن الاميركي بمقدرات اللعبة والثروة في بلادنا ونمو النشاطات الاقتصادية الاستغلالية ونفوذ القوى السياسية والنخب الاقتصادية ذات المصلحة ، وتفشي الفساد !..
       في هذا الاطار لابد من الدولة العراقية الاسراع بإصدار تشريعات محاربة الفساد ، وتنفيذ هذه التشريعات و احترامها وتطبيقها من قبل الجميع ، التأكيد على استقلالية القضاء العراقي ، محاربة البيروقراطية والتخفيف منها ، مكننة وحوسبة الجهاز الإداري وربطه وربط نشاطه بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة لضمان الرقابة المركزية في العمل من أجل الشفافية في الأداء ... ومن ثم تكون المسؤولية ، الديمقراطية وحقوق الانسان لمحاصرة الفساد ... ومن الضروري تفعيل مكانة نقابة المهندسين داخل الحركة الاجتماعية في مؤشرات التنافسية وقياس الفساد والشفافية وقياس الإداء والإمكانيات للإستثمارات الوطنية !... ذلك يسهم في فضح الألاعيب والتداخلات القانونية التي تتيح لجماعات قليلة من المهندسين جمع الثروات الطائلة على حساب البقية المتبقية من المهندسين وقوت الشعب .
4.   يخوض ائتلاف المهندسين العراقيين  الانتخابات النقابية لغرض تمثيل الجموع الهندسية في نقابة مهنية حرة تدافع عن حقوق المهندسين المشروعة وتساهم في رفع مستواهم المهني وتنظيم وتفعيل دورهم في عملية بناء العراق الجديد بعيدا عن أي تسلط سياسي وتعصب قومي أو طائفي أو مذهبي من خلال إيصال الممثلين الحقيقيين إلى إدارة النقابة. ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابة من جديد لا بديل عن الحضور المكثف والترشيح لعضوية المؤتمر العام للنقابة  ... ذلك لا يعني ان الائتلاف قد تخلص تماما من عيوبه وسلبياته ، والتي يمكن ايجازها بتجاهل المواثيق الائتلافية اهمية اصدار التشريعات الجديدة للانظمة الداخلية ولوائح العمل واغفال عمل الائتلاف لدمقرطة الحياة الهندسية والتستر مع سبق الاصرار على الدور الطبقي النفعي  للتكنوقراط واهمال قنونة عدم تحويل النقابة الى وكر قمعي مجددا .. كما وقف الائتلاف صامتا امام الاعتداءات الاجرامية للعصابات الحكومية والميليشياتية على الكليات الهندسية في الجامعات العراقية اكثر من مرة ! مثلما وقف صامتا دون تعليق على تأجيل الانتخابات النقابية اكثر من مرة ايضا .. ولم تدعو المواثيق الائتلافية الى السعي لاستئصال الكوادر الهندسية التي تبوأت المناصب القيادية في النقابات او مؤسسات الدولة من البعثيين الوصوليين والانتهازيين والحرامية بألوانهم ! ولم تشر الى الاحتلال الاميركي ولو مرة واحدة ! . واحتوت المواثيق الائتلافية على نواقص التزاماتية في المضمار المهني تجاهلتها لاغراض نفعية تكتيكية بهدف تسيير عمل الائتلاف كيفما اتفق الامر الذي يؤكد ما حذرنا منه من استبدال البيروقراطيات الادارية للمؤسسات النقابية باقرانها ....
      في هذه الفترة تأسست نقابات هندسية أخرى ( كما كان متوقعا ، ومخططا له من لدن الاسلام السياسي ) وعقدت مؤتمراتها الاحتفالية برعاية الائتلاف الموحد ! ( انظر : التجمع العراقي المهني / عبد الجبار الجزائري)... وفي هذه الفترة أيضا خرج عن اجماع ائتلاف المهندسين العراقيين جماعة اطلقت على نفسها ائتلاف المهندسين الديمقراطيين ضمت بعض الشخصيات المهنية الهندسية من بعض القوى السياسية العراقية العلمانية ، ويبدو ان تصرفها هذا نابع من ضيق الافق السياسي والمهني معا ، ولا تحمل من السمة الديمقراطية شيئا ما يؤهلها لحمل هذه التسمية ... كما تشير المعلومات الى تنسيقا واضحا بين ائتلاف المهندسين الديمقراطيين و مجموعة الجزائري ... رغم تباين الجماعتين من المشاركة في انتخابات نقابة المهندسين القادمة !... وفي خارج العراق بادر مهندسو العراق الى تأسيس منظماتهم الهندسية ، ولكن بدعم السفارات العراقية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والاجنبية ( انظر : مبادرة نخبة من المهندسين العراقيين المقيمين في هولندا وبدعم من السفارة العراقية في لاهاي اواسط عام 2006  بتأسيس اتحاد المهندسين العراقيين في هولندا ! ) .. وتعتبر جمعية الكندي للمهندسين العراقيين في بريطانيا أقدم مؤسسة مهنية هندسية عراقية تأسست في الخارج وساهمت بهمة وابداع في فضح دكتاتورية صدام حسين .
      ان " معركة تحرير نقابة المهندسين " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ونجاح المهندسين العراقيين في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع للديمقراطية في بلادنا ، والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابة من قيودها .
5.   شكل ائتلاف المهندسين العراقيين احد اهم اعمدة " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 ومن المساهمين الفاعلين في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ ... بهدف  فضح خبايا قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) و قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 في  8/8 / 2005 الذي حرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة !، وقرارات وزارة المجتمع المدني في العهد الجعفري سئ الصيت بغلق المنظمات غير الحكومية بالجملة !. وائتلاف المهندسين العراقيين  بصدد تفعيل دور هذه اللجنة المكافحة بالضد من هشاشة مؤسسات الدولة الوطنية ، وتفشي الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي ، وتقليعة كسب المال بيسر ، وبيزنس الرشوة  ... والتردد الحكومي  .. وجاهلية المحاصصة الطائفية ... وتزمت وضيق افق النخب السياسية الفاعلة ... وبقاء الاحتلال الاميركي وتخبطه جاثما على صدور ابناء شعبنا الابي الى جانب  نشاط  الزمر التدميرية العدمية وعصابات محاكم التفتيش وجهابذة الذهنية العنصرية الصدّامية والانتهازية والوصولية المعادية للمسيرة التحررية الوطنية للشعب العراقي ...
6.   نظم ائتلاف المهندسين العراقيين  العديد من الفعاليات النقابية والتضامنية واهمها الاجتماع على قاعة جمعية المهندسين العراقية في بغداد حيث اقر برنامج عمل الائتلاف وجرت مناقشة السبل الكفيلة باستعادة نقابة المهندسين الشرعية بعد ان استولت على ادارتها حفنة من مهندسي الطفيلية الجديدة  في "انتخابات صورية". واكد المجتمعون على مواصلة الجهود من اجل استعادة نقابة المهندسين لتنهض بعملها الطبيعي في خدمة اعضائها والمساهمة في بناء عراق ديمقراطي تعددي موحد. كما اصدر ائتلاف المهندسين العراقيين بيانا استغرب فيه قرار الادارة الامريكية التي تتزعم محاربة الارهاب بجعل بطل جرائم الابادة الجماعية في حلبجة والانفال، ومدن الفرات والجنوب، المنتفضين ضد نظامه، وبطل المقابر الجماعية،اسير حرب . وطالب البيان باسم المهندسين العراقيين، اعتبار الطاغية مجرم حرب، ومحاكمته علنا داخل العراق عن جرائمه البشعة بحق ابناء شعبنا.
7.   العمل النقابي الحر ليس حكرا على أحد .. لكن وحدة المهندسين الديمقراطيين تقع في اولوية مهام كسب المعركة الانتخابية . !!
8.   لابد من تفعيل نقابة مهندسي كردستان التي تاسست بقرار من المجلس الوطني الكردستاني وقانون الجمعيات رقم (18) الصادر في 31/ 10/ 1993 وكان نافذا منذ 6/11/ 1993 حسب جريدة البرلمان رقم (15) وتحفيز فعلها الجماهيري الضاغط ، والتنسيق الامثل بينها وبين ائتلاف المهندسين العراقيين ، ودعمها للتخلص من النشاطات الطفيلية الضارة المنفلتة المرتبطة بالعوز للموارد المالية ودور القوى الإقليمية والدولية في التدخل بالشؤون الداخلية ، وظهور واقع ازدواجية السلطة في اربيل والسليمانية ... وبسبب فوضى الهيمنة على المجالس المنتخبة وتهميش الوعي الديمقراطي السليم....الامر الذي أبقى هذه المنظمة المناضلة شكلية دون مضمون فعلي مؤثر على الحركة الجماهيرية.
     ولغرض خوض المعركة الانتخابية القادمة بفاعلية ونشاط ، ولتوفير الاجواء الانتخابية الداعمة يطالب المهندس الديمقراطي العراقي  اللجنة المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم 3 لسنة 2004 باعادة تشكيل الهيئة التحضيرية لإجراء الانتخابات لإدارة شؤون نقابة المهندسين العراقية مدة  ثلاثة أشهر بعد ان فشلت اللجنة الحالية في اداء مهماتها لأنها ناقصة الشرعية أصلا .... ولتجري الانتخابات لمجلس النقابة المؤقت ورؤساء الأقسام ولجنة الضبط المؤقتين لمرحلة واحدة وبالتصويت المباشر في بغداد فقط ، ثم في المحافظات... وهنا وجب ان يزاول مجلس النقابة المؤقت ورؤساء الأقسام ولجنة الضبط المؤقتين المهام فترة سنة واحدة.وعلى المجلس المؤقت المنتخب الإعداد إلى الانتخابات العامة بموجب القانون والنظام الداخلي النافذ في حينه. ويحتفظ المهندس الديمقراطي العراقي  بحقه في سبيل العمل النقابي الحر بعيدا عن التدخل من قبل الحكومات الرجعية المتعاقبة ، والسفارات العراقية ، والاسلام السياسي والولاءات اللاوطنية  ... ويدعو حتى الى تشذيب  ائتلاف المهندسين العراقيين وصقل وحبك مواثيقه وتفعيله ليكون ظهيره وسنده داخل المؤسسات والهيئات النقابية الهندسية العراقية والكردستانية.
     وعلى كل حال ، وفي جميع الاحوال تؤكد التجربة أن الحكومة لن تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات، والضغوط الخارجية وحدها لن تدفع الحكم إلا لتقديم تنازلات شكلية ، والمشاريع التي يجري طبخها اليوم عند النخب الحاكمة في بلادنا هي في أحسن أحوالها محاولة لترقيع قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) بينما المطلوب إلغاؤه. إن الضمانة الوحيدة لتحقيق مطالب المهندسين في استعادة نقابتهم والحفاظ على استقلاليتها هي نبذ السلبية ، والتضامن فيما بينهم بما يحقق مصالحهم المشتركة. انها معركة انتخابية ونقابية حقا ! النجاح في هذه المعركة يتوقف على قدرتنا على توسيع المعركة لتجذب إلى صفوفها  قطاعات واسعة من الجموع الهندسية والرأي العام. وسبحان مغير الاحوال من حال الى حال !.


               يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

226
حقوق الانسان في البلاد العربية – سوريا نموذجا
شاكر الدجيلي .... تحية وسلاما
المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

     تعاني البلدان العربية وبسبب من التخلف الاجتماعي والموروث الاستبدادي من هدر الحريات الفردية بذرائع بالية !! وتبدي قوى الاستبداد والتخلف والمحافظة او ما نطلق عليها " التخاريف الاجتماعية " في بلدان العالم العربي مقاومة مستميتة  لجهود المجتمع الدولي نحو استكمال كل القواعد والضوابط لتأمين الحقوق والحريات الفردية وضمان تطبيقها على نطاق العالم  بأجمعه ! وبذلك تواجه الشرعية الدولية لحقوق الانسان كوابح عرقلة كل قوى الاستبداد بالوانها الدينية و العلمانية والتي لها جذور في مجتمعاتنا وتلقى دعماً من قبل حتى من يدعي التنوير بحجة "مقاومة الغزو الثقافي" او "دعم المقاومة والجهاد".
     جاء في الاعلان النهائي لمؤتمر فيينا لحقوق الانسان المنعقد في حزيران 1993 " جميع حقوق الانسان عالمية وغير قابلة للتجزئة . ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به ."
     ان  مفهوم " حقوق الانسان " في الفكر الانساني الحديث هو انتقال مهم في الموقف من العالم وزاوية النظر اليه ...  انتقال وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب والدين والطماطم المقدسة والجمود العقائدي  .. فانتقل مركز التفكير البشري من السماء الى الارض والواقع . ولسنا هنا بصدد سرد التطور التاريخي لمواثيق حقوق الانسان والمواطن ... ولكن لابد من الاشارة الى انه  في عام 1948 صدرت عن هيئة الامم المتحدة  ديباجة " الاعلان العالمي لحقوق الانسان " . وضم  الاعلان العالمي حريات وحقوق الانسان في علاقته مع الدولة ، والحريات والحقوق الاجتما اقتصادية  ... مع واجبات الفرد تجاه المجتمع ! .. وتألف من (30) مادة . لا تعني حقوق الانسان تحريره من الاضطهاد السياسي والاجتماعي والديني والعرقي وغيره فقط  بل منحه الحق في حرية التعبير والانتماء السياسي والفكري والآيديولوجي والديني والمذهبي ، وتحريره من الفقر والفاقة والجهل والمرض ... فمصطلح " حقوق الانسان " واسع له مدلولاته السياسية والانسانية ، وهو ملازم للديمقراطية كوجهان لعملة واحدة ! . حقوق الانسان – حقوق يحددها النظام الاجتمااقتصادي والسياسي للمجتمع ، وتكفلها الضمانات السياسية والاقتصادية والحقوقية – القانونية ... ولا يتمتع بكامل الحقوق في الرأسمالية الا من يملك الرأسمال !.ان حقوق الانسان مبدأ عام هو ثمرة النضالات التاريخية للبشرية رغم تعدد الصياغات والمفاهيم عن مضمونها . وثقافة حقوق الانسان تعني بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية شرعية حقوق الانسان.وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الانسان من :
1.   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة ، وهو محك مقياس درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان والتقيد بها .. لأنه تفاهم مشترك لجميع شعوب الارض.
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966. وفر العهد للبشرية حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية ، وحريات الفكر والرأي والتعبير والتنقل والاقامة وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي وتوفير الحماية !.
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة). وقد وفر هذا العهد الحق في العمل بشروط العمل العادلة ، والحق في تكوين المؤسساتية المدنية والجمعيات والحصول على الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وضمان العيش الكريم !.
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة .
5.   اعلان استوكهولم عن مسؤولية وحقوق الانسان تجاه البيئة عام 1972 عن الامم المتحدة . ويتضمن الاعلان 26 بندا ... كما تضمنت خطة العمل الصادرة عن المؤتمر (109) توصية ... وعن المؤتمر تأسست اليونيب (UNEP - منظمة الامم المتحدة لبرنامج البيئة ) لحماية البيئة وحل مشاكلها . 
6.   الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
7.   اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
8.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
9.   اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
10.   القرار 688 الصادر في 5/4/1991 عن مجلس الامن الدولي  -  يكفل حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع العراقيين .

    لم ينل نشر ثقافة حقوق الانسان في البلاد العربية الاهتمام اللازم بسبب المخلفات الثقيلة للنظم الاستبدادية والشمولية القائمة ، وزيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية و حقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية لتحقيق مصالحه ومطامعه في بلداننا !. ولا تعارض العولمة الرأسمالية والادارة الامريكية سياسة القمع الدموية للانظمة العربية والاقليمية الا في حال احساسها بعدم امتثال هذه الانظمة بالقدر الكافي لسياستها. ان مصالح كلا الطرفين اي امريكا والانظمة العربية والاقليمية تتفق على البطش والدكتاتورية في هذه البلدان لان ذلك يشكل ضرورة من ضرورات بقاء الانظمة نفسها وادامة النفوذ والهيمنة الامريكية في المنطقة. وما يجري في السجون وخارجها في هذه البلدان هو امتداد وجزء لما حدث ويحدث في العراق وسوريا ..... القمع والبطش وامتهان الكرامة الانسانية..... وتتفنن اجهزة القمع في سحق مواطنيها وتستعمل احدث ما توصلت اليه التكنولوجيا من وسائل التعذيب والبطش الفردية والجماعية . ويتم تخصيص الامكانيات المالية الطائلة في حين تعاني الملايين من البطالة والبؤس ....ويتميز تعامل هذه الانظمة مع السجناء السياسين بشكل عام في عدم الاعتراف بوجود معارضة سياسية ولذلك فان كل معارض هو بنظرها خائن وعميل للاجنبي او معاد لمصالح الشعب والثورة ....عمليات تلفيق التهم واختلاقها وممارسة التعذيب على السجناء واجبارهم على الاعتراف بتلك التهم ، انتزاع البراءات واجبار المتهم على التعهد بعدم ممارسة العمل السياسي من التقاليد الراسخة للانظمة الشمولية في البلاد العربية .
 
•   حقوق الانسان في سوريا

    وصل البعث السوري الى الحكم في الثامن من آذار 1963 اي بعد شهر من الانقلاب الدموي في العراق !... جلادون  اسقطت الوثائق والأعترافات ورقة التوت عن عوراتهم وبينت للعيان عمالتهم وصلاتهم المباشرة بالمخابرات الأمريكية بعدما عثر على مكتب الشهيد عبدالكريم قاسم اضبارة للدكتور ( إيليا زغيب ) والذي كان منتدبا للتدريس في جامعة بغداد وقتذاك ، وكان عميلا للمخابرات الأمريكية ، وظل لسنوات عديدة يقوم بنقل المراسلات بين القيادة القطرية في العراق والقيادة القومية لبعث عفلق ...كما لعب ( وليم ليكلاند ) وهو مسؤول مركز المخابرات الأمريكية في العراق والذي كان يعمل في السفارة الأمريكية بوظيفة مساعد الملحق العسكري دوره المكلف به من تخطيط وتدبير للأنقلابات البعثية ، وبالاخص الانقلاب العراقي ، بما فيه إذاعة اسماء وعناوين الشيوعيين والقوى التقدمية من اذاعة تبث من الكويت . ولا ينسى احد مقولة امينهم القطري وقتذاك علي صالح السعدي ( جئنا بقطار امريكي ) ولا تزال الأيام السود لأنقلاب شباط راسخة في ذاكرة الناس ، وبيانهم المشؤوم رقم (13) . ويقدر ضحايا انقلاب شباط البعثي في العراق ( 5000 ـ 12000) قتيل ، وعشرات الآلاف من المعتقلين ... ثم عاد بعث ( البكر ـ صدام ) ، مرة ثانية للسلطة في 17 تموز 1968 وهذه المرة بتخطيط ودعم المخابرات الأمريكية والبريطانية ايضا ودعم بعض دول الجوار. كان استلام البعث الفاشي في العراق للسلطة مرتين واستلام البعث السوري السلطة في دمشق بمساعدة الأدارة الأمريكية.
   اقتطع البعث السوري جزءا من اراضيه واهداها الى اسرائيل في هزيمة الخامس من حزيران 1967 ..وستبقى هضبة الجولان السورية وشعبها الابي شوكة في اعين البعث السوري الفاشي ورمز للتحالف الصهيوني الفاشي ... وصدق الرفبق فهد حين اكد ان الفاشية والصهيونية توأمان لبغي واحد هي العنصرية ربيبة الاستعمار ! .. ثم قام الاسد الاب بحركته التهريجية والتي اطلق عليها "التصحيحية" لأعادة بعثه الضال الى رشده .. وشهدت علائق الاخوين العاقين البعثيين السوري والعراقي فترات من التوتر والاحتقان السياسي ركضا وراء سطوة ونفوذ قوة الهيمنة على الجناحين معا ! وانجرت الاحزاب الشيوعية في هذين البلدين الى الكمين والخدعة الراديكالية لبعض اوساط البعث لتعش عمى الالوان السياسي في جبهات قائدها البعث الذي جهد لأذلال وتركيع الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين بعد ان حول الهدف النبيل في الاشتراكية الى مجرد عمليات حسابية تجارية (1+1=2) والوحدة الى عزلة اقليمية افلاطونية والحرية الى فاشية مع سبق الاصرار ! اما امة عربية واحدة وذات رسالة خالدة فكانت لغوا فارغا من المبتكرات العفلقية رغم انها سجلت له براءة اختراع !. الجبهة الوطنية في سوريا يجلس فيها أناس فقدوا الصلة بشعبهم وقضية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وهمهم الحفاظ على مراكزهم ودفء مقاعدهم الوزارية أو الحزبية حيث يستلمون رواتبهم من الدولة، إنهم جماعة من المصفقين للرئيس أياً كان هذا الرئيس ما دام أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي ، قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً ، ومن المؤسف أنهم يحملون راية الحرية والديمقراطية بصورة عبثية ومذلة.
      بحجة البعبع الاسرائيلي عسكر البعث بلدانهما بحماقة ، تارة مع الشرق وتارة مع الغرب ، لتتخلص المراكز الرأسمالية من اسلحتها الفاسدة .. وفاقمت عسكرة المجتمع وزج الجيش في معارك ضد الشعبين السوري والعراقي ، والطبيعة الدكتاتورية والشمولية للانظمة الحاكمة ..... فاقمت الانقسامات الاثنية والطائفية والعشائرية  بشكل واضح ليطمس اي دور حقيقي للوحدة الوطنية . سيطر حزب البعث السوري على الحكم ومنع النشاط السياسي داخل القوات المسلحة، وانفرد بالنشاطين السياسي والنقابي  في ميادين الشباب والطلاب  ، ونشر أجهزة الامن في أركان الدولة والمجتمع ، وامسك البعث بالسلطة عبر مافيات الفساد وتعشيره البلاد .... 
    فرغت السياسة الأقتصادية لدولة البعث في دمشق الابية التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وابرمت العقود الاستراتيجية تحت إشراف مباشر من الاسد الاب ( اليوم من الاسد الابن ) أعلى سلطة سياسية في البلاد ، والحكومة السورية وبدعم جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا . وقد ضربت التنمية السورية عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع. واليوم يعيش المواطن السوري ليأكل ويشرب ويعمل مضاعفة ويتاجر ولينام ! هذه تربية البعث الفاشي في سوريا !
    وليست سجون حكام دمشق مدارس وجامعات تراعي حقوق المساجين الذين تغص بهم هذه السجون - واكثرهم دخلها دون محاكمة - واكثرهم لن يخرج منها الا جثة هامدة تلقى في مزبلة السجن ولا تسلم لاهلها. وليس غريبا ان حكومة البعث السوري التي امتد سلطانها قرابة 45 عاما  تمارس حتى الان الاحكام العرفية وحالة الطوارئ رغم ان آخر مواجهة مع اسرائيل مضى عليها اكثر من ربع قرن !. ليس هناك دستور دائم حتى الان في سوريا بذريعة البعصة الصهيونية ، والاستفتاءات والانتخابات فيها صورية على الطريقة الصدامية ( 99.9%). هناك تعذيب ممنهج ومعتاد ويومي يقوم به رجال الأمن ضد مواطنيهم ...فبالإضافة إلى التعذيب والقتل هناك ظاهرة الاختفاء القسري وظاهرة العزل حتى أن السجين لا يعرف شيئا عما يحدث في خارج السجن لسنوات طويلة. السجون السورية تدرج تحت بند الأمن القومي ممنوع الإقتراب أو التصوير حتى أسوارها الخارجية لأنها مناطق عسكرية وأمنية محرمة قد يدفع حياته من يقترب بكاميرا من أسوارها. إذ ان النظام السوري والذي كان يسمى وطنيا يوما ما  قد ترك بصماته فيكل مكان وخلق المناخ الكئيب من التعذيب والقمع والبؤس والخراب.... ولم يسلم من القمع حتى  نشطاء ومنظمات وقوى المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان وسط تراجع حاد لحالة الديمقراطية وحقوق الإنسان .
    عمق البعث السوري ، وخاصة عند جيل الشباب الذين ولدوا وترعرعوا في ظل نظام الاسدين ،  ذهنية "الأنا" العربي المتعالية على "الأخر" والرافضة له ، فهي الأرقى والأفضل والأكثر قدرة على القيادة ..... أما الآخر فهو الأدنى والأضعف والأسوأ والذي ينبغي له أن يخضع للعربي الأنقى دماً والأوسع دماغاً والأكثر ذكاءً وإبداعاً! .. ولا يقر حكام سوريا بالحقوق القومية للشعب الكردي في منطقة الجزيرة فداسوا بالأقدام على حقوق الإنسان وحقوق القوميات وعلى أسس العلاقات الدولية بسياساتهم المدمرة !.  التوتر في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا  بلغ نقطة الغليان بعد مقتل العشرات من الابرياء وإلقاء اللوم على السلطات السورية في مقتلهم. الأكراد يشعرون بالغضب الشديد، كما هو واضح من البيانات الصادرة عن أحزابهم السياسية المحظورة.
      لقد بقي حزب البعث السوري في الحكم أضعاف الفترة التي كان الحكم الهتلري في الحكم تقريباً وضعف فترة بقاء شقيقه اللح في بغداد  . واستطاع خلال هذه الفترة ذات الأجيال الستة  أن يترك تأثيره المباشر والشديد عليها بعد ان أجبرت على الارتباط بفكر البعث وممارساته ، والتي لم تتعرف على القوى السياسية الأخرى التي ناضلت طويلاً في سوريا قبل وأثناء وجود البعث في السلطة بسبب محاربته لها وسعيه لاستئصالها وتقزيمها وشقها ( مثلما فعل مع الشيوعيين الذين تشرذموا اليوم الى خمسة او ستة احزاب ) ، وأن التربية التي اعتمدها بعث سوريا تميزت بوجهتها الاستئصالية للفكر الآخر والشخص الآخر وغرس الفكر الاستبدادي والعنصري والقمعي المشوه في أدمغة الأطفال والشباب خاصة في المناطق العربية من سوريا (البعثنة) .
   المخابرات السورية تعج بالضباط  وشركائهم من زعماء عصابات مافيا النهب وتبييض الأموال لتشكل العصابة القذرة التي يستند عليها الاسد الابن الذي يلعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته .  محمد سعيد بخيتان ،  غازي كنعان ، آصف شوكت ، هشام بختيار ، بهجت سليمان ، ماهر الأسد ، ذو الهمّة شاليش ، أحمد درغام ، فوزي الراوي ... وأخرون اسماء معروفة لا يستطيع الشعب العراقي محوها من ذاكرته  بعد ان تورطت في الأنشطة التجارية غير المشروعة مع نظام صدّام حسين خلال الفترة 1997 ـ 2003، و تأمين وصول الدعم اللوجستي للإرهاب البعثي الفاشي في العراق  ، وأرسال المتطوعين لصالح الأرهاب الاصولي الإسلامي بتجنيد الشبان من الأوساط الشبابية التي تؤم المساجد وتأمين وصولهم  العراق ، والاشراف على  تهريب الأموال العراقية إلى سورية ولبنان ، وإدارة تمويل الجماعات الإرهابية في العراق ، مقاولات ـ الشراكة لعمليات الإرهاب في العراق ، التعاون مع الحرس الثوري الإيراني وجماعة المرشد علي خامنئي وعصابة الرئيس احمدي نجاد  لتأمين التسلل عبر الحدود العراقية – الايرانية و الحدود العراقية – السورية .  إن العراقيات والعراقيين الذين يرفضون الاحتلال الأمريكي للعراق بشكل تام، والذي كان النظام البعثي المماثل للنظام السوري سبباً له ، ويعملون من أجل التعجيل بإنهائه العملي وليس القانوني فحسب ، يعجبون للوقاحة التي تتميز بها القيادة السورية واعلامها الساقط الذي يتحدث عن احتلال العراق، وهي تعيش يومياً ومنذ ما يزيد عن ثلاثة عقود قرب مرتفعات الجولان السورية المحتلة من قبل إسرائيل.
    ويسهم بعث دمشق اليوم على عودة الفكر القومي المندحر والصدامية الى العراق بأنسلال الحية الرقطاء دون أن نشعر بضجة أو ضوضاء .انهم بيننا في بغداد يملكون المال الذي اقتطعه القائد الضرورة من افواه الجياع ومن حياة المرضى ، ويمتلكون السلاح وقطع الغيار ومعدات التفخيخ .. بعد ان أمنوا العقاب والملجأ الآمن في قصور الاسد ...  فعادوا الى الشارع يرقصون ويهللون لجزارنا ويرفعون صوره البشعة والرديئة تحدياً لنا ، بعد ان شعروا أن احاسيسنا في طريقها للموت ، واننا اختلط حابلنا بنابلنا فلم نعد نتعرف على وجوههم ولانتذكر سكاكين الذبح المعمية التي كانوا بها يذبحوننا ، ولانتذكر أسماؤهم وشكل وجوههم . انهم بيننا أنسلوا بصمت بعد ان كانوا يرتجفون هلعاً في الأيام الأولى من سقوط طاغيتنا . وزعوا ادوارهم بدقة بين كاتب ومحلل سياسي وصحفي ومتخصص في الموت والتفخيخ ومن يجيد اللطم على الوطن ومتخصص في خطابات الرثاء وعاهرة لاتجيد سوى الردح والشتائم واتهام الجميع سواها ومثلومين وأشباه رجال وشلة غادرة عدتهم وعددهم وحتى رواد لحركة حقوق الانسان مع الاسف  . لكنهم بدأوا يظهرون في الشوارع والمقاهي وفي التظاهرات السلمية يلبسون غير ملابسهم ويلتحون ويغيرون ملامحهم ويكثرون من ذكر الله في العلن وقائدهم الجرذ في الخفاء بصوت منخفض ... ويعلقون صورته تعويذة وتذكار لعل زمانهم يعود مادام الناس في غفوة ثانية . انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ، ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين. عشرات الأسئلة هي مثارة حول عودة مافيات البعث والمافيات الطائفية الى السلطة ومن المستفيد من ذلك ... !. إن الدولة السورية وأجهزة الأمن السياسي فيها مسؤولةٌ مسؤوليةً كاملة ًعن قتلى العراق الذين سقطوا بسبب التفجيرات والانتحاريين بسبب سماحها لهم بالعبور والمشاركة ودعم تلك الجهود بهدف إشغال "العدو الأمريكي!" بمشاكل العراق لكي لا يتقدم صوب سوريا... هذا هو حال نظام الملالي في قم وطهران ( حقوق الانسان مغيبة في ايران ، ولا زال دم ابناء الشعب الايراني الابرار لم يجف ، وخاصة ابناء الاقليات القومية ، وسيقدم الشعب الايراني من قرر واقدم على تغييب الرفيق العزيز كيان الدين نوري واعضاء المكتب السياسي لحزب تودة المناضل وكوادره السياسية المتقدمة الى المحاكم .. وفي مقدمة هؤلاء مشعوذي ولاية الفقيه الخمينية )! ..
     في ظل عالم جديد استطاع تحطيم القيود والعوائق والحواجز التي كانت تحول دون انتشار الأفكار والآراء المسموعة والمقروءة والمرئية والمكتوبة التي أصبحت تجري من كل حدب وصوب. وفي ظل عالم الفضاءات المفتوحة لتبادل المعلومات التي ازدحمت فيها قبة السماء بالأقمار الصناعية التي تبث آلاف الساعات يومياً من مختلف المواد ولجميع الشرائح. وفي ظل ثورة شاملة للاتصالات والمواصلات والتي أصبح من الممكن فيها تبادل الأحاديث ووجهات النظر والتخاطب بين الناس بالصوت والصورة وعبر القارات والمحيطات دون أن يعرف بعضهم بعضاً.وفي ظل هلامية القوانين الإعلامية في سوريا تحجب الحكومة السورية المواقع الالكترونية وبالاخص تلك الصادرة عن جمعيات حقوق الانسان مثل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان ، لجنة التنسيق من أجل التغيير الديمقراطي في سورية ، المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية ) ، المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية ، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ( FIDH )، المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)..الخ. لا عجب ذلك في بلاد  تشهد التنكيل بالمناضلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والتصعيد  في الأساليب البوليسية والقضائية التي تَكشف مرة أخرى عن مضي النظام الشمولي قدما في قمع القوى الحية في المجتمع كي ينفرد بتقرير مصير الوطن، ونهب ثرواته، واستغلال قوة عمل الأكثرية المعوزة والمفقرة من الشعب السوري. وتأتي هذه الممارسات في الوقت الذي تَستكمل فيه الولايات المتحدة مخطَّطَها لإعادة تنظيم المشرق العربي من أجل نهبه واستباحة هويته القومية وثرواته الاقتصادية بصورة وحشية.... ما يؤكد مجددا أن النظام الحاكم الذي تعايش طوال العقود الماضية مع سياسات الأمبريالية الأمريكية يَعتبر أن خصمه الرئيس هو الشعب في سورية، وليس الآلة العسكرية والاقتصادية الأمريكية، وذراعها إسرائيل.وكانت السلطات درجت في الآونة الأخيرة على استخدام أزلامها في "المنظمات الشعبية" التابعة لها للاعتداء على المتظاهرين بالضرب بالهراوات والقضبان الحديدية.
      تمنع السلطات السورية وإدارة المخابرات العامة في مخالفة واضحة للدستور السوري وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان رموز ودعاة حقوق الانسان في دمشق من مغادرة البلاد حتى وان كانت لتلبية دعوة حضور مؤتمرات حقوق الإنسان الدولية ( انظر: الدكتور رضوان زيادة ومؤتمر "في إطار العدالة الجنائية – التحديات المعاصرة والإستراتيجيات المطلوبة في العالم العربي"....والذي كان من المقرر أن يعقد في عمان بدعوة من مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان وبرعاية شخصية من أمين جامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى).وتصرف من الخدمة دون بيان الأسباب لمن تشاء وبحجة الاستناد الى المادة 137 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 وتعديلاته !. (سبق لرئيس مجلس الوزراء السوري وأن استعمل صلاحياته بموجب القانون المذكور وأصدر عام 1998 قراراً بصرف الدكتور عارف دليلة من الخدمة العميد السابق لكلية الاقتصاد في جامعتي حلب ودمشق  والمعتقل حالياً في السجن السياسي المدني منذ تاريخ 9/9/2001)( كما جرى اوائل حزيران 2006 فصل سبعة عشر مواطنا من نشطاء المجتمع المدني كانوا وقََّّعوا وأيَّدوا "إعلان دمشق بيروت"، وبصورة انتقامية جائرة من عملهم . ونفذت حملة الاعتقالات أجهزة أمن الدولة دون مذكرة توقيف أو استدعاء قضائي صادر عن السلطات القضائية المدنية، وجرى أحالة الضحايا إلى القضاء المدني الذي كان قد لحق به الفساد منذ سنوات واستشرى بعدما تحول إلى أُلعوبة لتلبية أهواء الراشين الفاسدين وتوجيهات الأجهزة)* . العار للاستخبارت وقضاءها في سورية . وتحاكم محكمة الجنايات الأولى  المعارضة السورية بتهمة الاتصال بدول أجنبية بقصد العدوان على سوريا  ... وحقيقة الامر رفض المعارضة السورية جهاراً نهاراً طبيعة النظام السوري الفاشية مثلما رفضت الضغط العسكري أو الاقتصادي على سوريا و استنكارها ازدواجية الخطاب السياسي الرسمي ومطالبتها بالعلانية والشفافية  وبمزيد من الحريات الديمقراطية والحقوق المدنية والسياسية ( انظر : الدكتور كمال اللبواني مؤسـس التجمع الليبرالي الديمقراطي في سوريا الذي اعتقل في 7/11/2005  بمجرد وصوله لمطار دمشق الدولي بعد مقابلة أجراها مع قناة الحرة )( أقدام السلطات السورية صباح 22/5/2005 على اعتقال المحامي  محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية ، إذ داهم الأمن السياسي مكتبه في مدينة اللاذقية واعتقله مخفوراً ،ومن ثم تم نقله إلى العاصمة دمشق )!!.ومنذ شهر آذار 2006، تقوم السلطات السورية بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الشخصيات السياسية والمدنية للمعارضة من مثقفين ومناضلي المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان..... موجة جديدة من الاعتقالات تأتي ضمن السياسة الشمولية والدكتاتورية للحكم: انتهاكات منهجية للحريات وحقوق الإنسان، توقيفات خارج إطار القضاء واعتقالات تعسفية، تعذيب وترهيب مع محاكمات جائرة ( من ابرز المعتقلين : ميشيل كيلو ، محمد مرعي ، غالب عامر ، نضال درويش ، كمال شيخو ، محمد محفوظ ، خالد خليفة .. ) .
    لقد فشلت سوريا البعث بتحرير النخبة السياسية من تماهياتها الجزئية لتتمكن من تجسيد مثال الوطنية وأن تحرر معها الدولة ومؤسساتها من احتمال ارتهانها للعصبيات الخاصة، حتى تتحول بفضل سياساتها الوطنية إلى دولة امة، أي دولة مواطنيها. وتجاوزت ارادوية البعث السوري حدود الموضوعية لتخلق لها اوهام نضالية وكفاحية تصحو عليها ليل نهار ( انقلاب 8 آذار 1963 ، الحركة التصحيحية ، هزيمة 1967 ، حرب 1973 ، دخول القوات السورية الاراضي اللبنانية ، حرب حسن نصر الله مع اسرائيل .. ... كل ذلك بالارشفة التاريخية للبعث السوري انتصارات ومنجزات عظمى ) وسلطات دكتاتورية شمولية باسناد من قوى متذبذبة فقدت الثقة بنفسها قبل ان تفقدها بالآخرين ( جبهة وطنية شكلية ) واستبداد بالغ اساسه قمع حقوق الانسان . وقد اثبتت سوريا للملء  موضوعة الفكر القومي المندحر الذي فشل في شحذ الوعي الوطني للأفراد، بصرف النظر عن مذاهبهم الدينية، والتطلع المشترك والشامل لنهضة حضارية عربية كبرى، تنقل المجتمع إلى مصاف المجتمعات الحديثة المتمدنة الديمقراطية، وتساعده على تجاوز انقسامات المجتمعات التقليدية الموروثة، وتحرر الفرد من التبعية لعصبية العشيرة والقبيلة والطائفة الدينية اي من التخاريف الاجتماعية والولاءات دون الوطنية !!... في سوريا اليوم دولة علمانية صورية استبدادية ، ويستعد الاسد الابن لأعداد ابنه البكر لوراثته هو ايضا .. وعلى الشعب السوري السلام !.
   إن ما يجري في سوريا اليوم يعتبر تجاوزاً فظاً على حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وحقوق القوميات ، ويضع هذا الواقع على عاتق العالم كله مهمة التحرك لمنع ما يجري هناك ومساندة قوى المجتمع المدني السورية وكل المناضلين في سبيل الديمقراطية ومن أجل إزاحة الدكتاتورية عن السلطة. إن مهمة السوريين النضال لتأمين الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات والعدالة الاجتماعية للشعب السوري وإنقاذه من سياسات البعث الراهنة، ومن واجبنا تقديم الدعم السياسي والمعنوي الكامل له.

•   التدخل في شؤون منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية

    من منطلقات القومانية الاستئثارية المندحرة يبذل البعث السوري الجهد لعرقلة مسيرة منظمات المجتمع المدني في البلدان العربية بل وكامل الحركات السياسية الديمقراطية والوطنية فيها .. ويحول زقها بالاموال والمقدرات المادية لتدجينها وتسييرها على هواه بناء على اوهام ان البعث هو قائد الأمة وحامي حمى الأحزاب المدجنة قومياً وفكرياً وسياسياً وأخلاقياً  .. وتعشعش اليوم في سوريا عشرات المكاتب – الدكاكين السياسية والمهنية ، واجهة للديمقراطية البعثية المخصية ، وتأوي الحكومة السورية بقايا قيادات البعث العراقي الى جانب قيادة قطر العراق في سوريا ( قيادة تبادل مسؤوليها الادوار في بغداد ودمشق قبل سقوط صدام حسين ، هذا القيادي يهرب الى بغداد .. ويعود بعد اعوام .. تسلية وضحك على الذقون!! وجلهم من الحثالات الطبقية والتجارية ..).. وفي دمشق مكتب المنظمات الشعبية العراقية ومكتب شؤون العراق في القيادة القومية ومهمتهما مخابراتية بحتة !! .. وفيها بقايا بعض المنظمات الفلسطينية والعربية .. وتأوي سوريا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لعصابة حماس الأرهابية الذي القى خطبته النارية في الجامع الكويتي في دمشق اثناء صلاة الجمعة ليوم 12/8/2005 والتي حث فيها المصلين ومن سمع خطبته على دعم العمليات الأرهابية في العراق بالتطوع لها تحت مسمية " الجهاد بالنفس " ، أو دعمها بالمال . فدعم العمليات الأرهابية في العراق " اهم من دعم المقاومة في فلسطين " في نظر هذا الروزخون ، ولقد نشرت ذلك جريدة اللواء السورية .
   ومثلما اختفت آثار جريمة اغتيال القائد الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو في سوريا عام 1959، اختفت آثار القائد الشيوعي العراقي شاكر الدجيلي في سوريا.والدجيلي ناشط سياسي له صفة إستشارية في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان)! وعضو في الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الإنسان / السويد ! اختطف شاكرالدجيلي بتاريخ 31/3/2005 ومن صالة ترانزيت دمشق في وضح النهار وامام مرأى ومسمع من الحكومة العراقية من قبل المخابرات السورية وليس من هناك من حرك ساكنا ! اختطف النظام السوري الدجيلي بذات الطريقة إثناء "الضيافة العربية"، ولا نعرف مصيره على أيدي زبانية الجحيم البعثي السوري الآن.... والجميع يتفرج ! يالها من محنة . 
   وفي سوريا ايضا وبدفع من زبانية البعث والاصوليات الاسلامية الصديقة رفض اتحاد الكتاب العرب شرعية الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق وليشغل الكرسي الذي كان يشغله المجرمون والقتلة وكاولية ثقافة حميد سعيد ومحمد سعيد الصحاف وهاني وهيب وسامي مهدي وعبد المنعم حمندي وجواد الحطاب ورعد بندر وامل الجبوري ونصيف الناصري وخالد علي مصطفى وعبد المطلب محمود ولؤي حقي وأديب ناصر وباقي زمرة هز الوسط البعثية! رفض اتحاد الكتاب العرب عضوية منظمة الجواهري والبياتي ورشدي العامل وكوران وشيركو بيكس والتي يقودها اليوم ادباء عراقيون نار على علم لأنها لا تنسجم مع اخلاقيات البعث في ضرورة مديح الاسد الاب والابن ومتطلبات الامن القومي ! مجدا للمثقف العراقي شهيدا وسجينا وملاحقا عصيا على التدجين ...!! . الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق الذي رفضت عضويته في اتحاد الكتاب العرب رفض هو الآخر مسايرة ضغوطات الابتزاز على سياسته المعلنة واكد مرارا انه لا يقبل في عضويته المتملقون واشباه الادباء والكتاب والمتطفلون والاوصياء على الادب والثقافة ، ومن الذين سجلوا مواقفهم على صفحات مجلات وصحف النظام المسحوق ونشروا القصائد والقصص والمقالات والتهاني والأحاسيس والمشاعر في اوسع عملية استخفاف بعواطف الناس المغلوبين على امرهم ، وكتبوا عن بطولات صدام المهزوم الموهومة وحولوا هزائمه الى نصر مؤزر وسموه بطل التحرير القومي ، وكتبوا عن ايام حكمه باعتزاز وعدوها بانها فخر العرب والعراقيين وانه نعمة من الله تعالى ... وذهب البعض الى وصفه بانه النبي والاله وانه حلم باسرائه ومعراجه وانه الغالب لا المغلوب والزاهي الاسعد والحاكم الامثل الاوحد والمتحضر الاول وحامي المقدسات وموحد الشعب غير المفرق والقوي الامين والزاهد والمتصوف المتدين الذي لا مثيل له ومخترع الوصايا . وقال عنه البعض بانه الكرامة والخبز والنعمة..... اكد الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق الذي رفضت عضويته في اتحاد الكتاب العرب انه لا يقبل في عضويته اولئك الشحاذون والمنافقون وقتلة العراقيين الذين سجلت لهم شرف سرقة خبز الجياع وعزهم باستلامهم دنانير الطاغوت الاخرق عن كلمات تافهة ذليلة كسيحة لا تنتمي الى الادب ولا الى أي جنس ثقافي اخر ، والذين كتبوا ممجدين الحرب والقتل والقنابل وازيز الرصاص باسلوب رخيص ومبتذل ، والذين تجردوا من كل التزام اخلاقي فاصدروا عشرات بل مئات من روايات ( قادسية صدام ) وقصص تحت لهيب النار ودواوين القادسية التي تحتفي وتشجع وتمارس نزعة القتل والموت وتستهين بمشاعر واحاسيس المواطن العراقي والذي قال عنها الناقد الدعي سليم السامرائي إنه (أدب ضرورة) !. واصل ادباء (بالروح بالدم ) اصرارهم على عدم الاعتذار العلني للعراقيين عنما اقترفوه من آثام وتبرئة صفحاتهم الملطخة .
     الجماهير صانعة التاريخ . وتاريخ الشعوب لا يصنعه غير الابناء النجباء الشرفاء الذين يسطرون ملاحم الاباء والشهامة ،لا الذين يساهمون بافعالهم النكراء في تشويه التاريخ وتجييره باسم وأفعال شخص واحد هو الدكتاتور او الطاغية او الرئيس القائد او الولي الفقيه ... الخ  .
  وفي سوريا ايضا جرى التوقيع  على اتفاقية دمشق ثمرة جهود  المنظمات النقابية العمالية في العراق ( قرابة 6 اتحادات عمالية نقابية - الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق/ سابقا في العهد الصدامي وبقيادة جبار طارش ، الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق  IFTU/ بعد سقوط الطاغية ، الاتحاد العام لنقابات العمال في جمهورية العراق/ جماعة خليل المشهداني ، اتحاد نقابات العراق المستقلة / التيارالصدري ، التجمع المهني المستقل / الدعوة الاسلامية ،  .......) لتنسيق العمل وفق آليات الديمقراطية الشرعية النقابية . وكما كان متوقعا  فوجئ الجميع بالهيئة القيادية في الاتحاد العام لعمال العراق( GFTW)**  وقرارها  رقم 12 في 20/2/2006 بتسمية اعضاء للمكتب التنفيذي وتوزيع المسؤوليات عليهم وتعيين عدد آخر في مواقع المسؤولية لنقابات بغداد بشكل لا يناسب وحجم وقدرة كل اتحاد .... ويبدو جليا للعيان ان مرتزقة بقايا البعث العراقي قد اغتصبوا وغنموا ما لم يكن يحلمون به هذه المرة ايضا اي وبالرعاية السورية ( انظر: سلمان محمد هادي المشهداني /عضو فرع في البعث العراقي وامين سر شعبة الشعلة ، كريم عبد الله حمزة / عضو قيادة فرقة ، خليل ابراهيم المشهداني / ضابط مخابرات في عهد صدام حسين وعضو شعبة ، محسن علي عفريت / عضو فرقة ، مهدي حسيب علي / عضو قيادة فرقة )! واكد المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق IFTU  ان هذا القرار غير شرعي ومخالف للاتفاق الموقع في دمشق 9/9/2005 بين الاتحادات العمالية والذي تم تحت المظلة السورية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، وخرقا للفقرة ب من المادة الاولى التي تؤكد " ان تقوم  الهيئة القيادية باجراء المسح الميداني للمنظمات النقابية على أرض الواقع ..."  . لم تلتزم الاطراف الاخرى بجوهر الاتفاق ولم يجر المسح وصولا الى تنظيم الانتخابات النقابية العمالية العامة بشكل ديمقراطي وحر ومستقل !.. ويسهم هذا التخبط  والتعمد والتخريب في ابعاد  الحركة النقابية اكثر عن الاوضاع المعيشية للعاملين والشغيلة ومتوارية متوانية عن مطالبهم العادلة .... ‮ ‬انها مصيبة جديدة اذا ما قدر لهذا التخبط ان يجد طريقه الى أوصال مؤسسات المجتمع المدني،‮ ‬انها محنة تستهدف تمزيق هذا المجتمع اكثر مما هو ممزق،‮ ‬وتشويه منظماته الجماهيرية اكثر مما هي‮ ‬مشوهة‮.
     وبتحريض سوري جرى نقل مقر اتحاد المهندسين العرب من بغداد الى بيروت اواخر عام 2004 وليبقى عادل الحديثي المسؤول الاول المباشر له، وهو من قياديي البعث العراقي / قسم الامن القومي !.... ( قسم الاراذل الياس فرح ، عبد المجيد الرافعي ، قاسم سلام ، بدر الدين مدثر  وممن كانوا يتقاضون من ثروة العراق آلاف الدولارات شهريا رواتبا لخدماتهم في تمزيق الأمة وبعثرة الشرف العزيز !) ... انه درس لمؤسسات المجتمع المدني ان تتجنب العاصمتين ....  السورية مؤقتا لحين إنقاذها من سياسات البعث الراهنة ! والايرانية مؤقتا لحين إنقاذها من سياسات الملالي الراهنة !
   كان تدخل سوريا في الشؤون الداخلية اللبنانية هو الاوسع والاكثر وضوحا للعالم أجمع! وبذلت الدولة السورية قصارى همتها لوأد الحركة الوطنية اللبنانية التي انطلقت اواسط سبعينيات القرن العشرين وتبلورت اهدافها لمقاومة الطائفية المتنامية على اراضيها ولمواجهة الاطماع الصهيونية ومخاطر التقسيم ولدعم فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي ... وتراث الحركة الوطنية اللبنانية تعمد بالشهداء كمال جنبلاط ، حسين مروة ، مهدي العامل ، جورج حاوي ، ... والرئيس رفيق الحريري . اغتالت المخابرات السورية رموز الحركة الوطنية اللبنانية بدم بارد وصلافة وقحة ، لم يكن آخرهم الرئيس رفيق الحريري !! انعكست التطورات الحاصلة على صعيد العلاقة السورية – اللبنانية، بعد صدور القرار الدولي 1559، واغتيال رفيق الحريري والتداعيات التي اعقبته، على الاوضاع في البلدين والتفاعلات الجارية فيهما، وارتباط ذلك بمساعي اطراف عدة لتوظيف تلك التطورات لصالحها. لقد دعى حسن نصر الله إلى حرق العراق وذلك استجابة لتعليمات ولي نعمته، مرشد جمهورية الملالي الإسلامية في إيران ونكاية بأمريكا... وبدعم لوجستي سوري قذر ! ثم أدخل  حسن نصر الله لبنان  إلى محرقة المغامرات الصهيونية  ثانية وبدعم لوجستي سوري أقذر وضوء أخضر من أحمدي نجاد ! أيحتاج نهجٌ مغامر أرعن بهذا الوضوح الى معجم لكي نفهمه ؟!!
    تقول وصال فرحة بكداش الامينة العامة للحزب الشيوعي السوري ( جماعة بكداش) وزوجة القائد الوطني السوري المناضل خالد بكداش :" نحن نسأل البابا هل شاهد جثث الشهداء الأطفال في قانا الأولى وقانا الثانية وأطفال الجنوب الذين طارت أشلاؤهم الطاهرة مع شظايا القنابل الإسرائيلية الملقاة من قطعاتها الحربية في لبنان؟! " .. ترد السيدة وصال على ما ذكره البابا عن الفاشية الاسلامية !... ونستدرك نحن اليوم في بغداد "  هل شاهدت وصال فرحة بكداش جثث عشرات الشهداء الأطفال والشيوخ والنساء العزل في كل أحياء بغداد والمدن العراقية الذين تطير أشلاؤهم الطاهرة يوميا مع شظايا السيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي صنعتها الايادي القذرة لمخلوقات دربت في اقبية المخابرات السورية والايرانية وداخل الاراضي السورية والايرانية ؟! ... كل شهداء لبنان في حرب نصر الله الاخيرة مع اسرائيل لم يتجاوز عددهم شهداء العراق الابي ضد الارهاب في شهر آب 2006 وحده .. ان الله لفي خلقه شؤون وانا لله وانا اليه راجعون !"... ولولا اجلالنا للرفيق العزيز الراحل بكداش ، لأستخدمنا كلمات اقسى على السيدة بكداش !! .. لقد حول البعث السوري احزاب الجبهة الوطنية في سوريا الى مؤسسات تدار على هيئة شركات مساهمة ، ومن ثم قزم الاحزاب – الشركات ولا ضرورة للعمال والفلاحين والجماهير الواسعة ... ويكفي لها وجود تمويل المخابرات السورية  والكادر الضيق من الموظفين الذين يطلق عليهم مجازا اسم الكادر الحزبي ... احزاب -  كلاب صالونات تعوي ولا تعض !! وتتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بعبارات مميزة لأنصاف المتعلمين على شاكلة الصبي بشار الاسد ، وتغليب مصالحها الضيقة ، والجهل الفاضح بالواقع السوري وآفاق حركته الوطنية والاجتماعية والسياسية والقومية اللاحقة.... احزاب تمثل اليوم المصالح الرأسمالية المالية الاميركية والصهيونية المستترة ، وهي امتداد لجهل الطاغية صدام حسين وتوتاليتارية نظامه الارعن في بغداد ... ويبدو ان الاسد الابن ، هو الآخر ، بدأ مؤخرا  يزعج اسياده في الادارة الاميركية !!. 
     حزب الله وحركة حماس تكشفا بوضوح   عن أوجهها الخبيثة القبيحة مثلما تفعل قوى الاسلام السياسي في العراق اليوم وفعلت الصهيونية العالمية و يفعل ملالي قم وطهران ويفعل أسد زمانه في دمشق ... والتاريخ لا يرحم ! فالى مزبلته وبئس المصير .


* -  الموظفون المطرودون هم : سهيل أبو فخر وعصام محمود وفؤاد البني وكمال الدبس ومروان حمزة ونبيل أبو سعد وهيثم صعب وفضل حجاز ولينا وسلمى كركوتلي وناظر نصر وكمال بلعوص وغالب طربيه وعصام أبو سعيد ومنير شحود والدكتور نيقولا غنوم وسليمان شمر.

** -  الاتحاد العام لعمال العراق( GFTW) هو المنظمة النقابية العمالية التي خرج بها اتفاق دمشق !.


               يمكن مراجعة دراساتنا في المواقع الالكترونية التالية  :
1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

227
الطرق الصوفية والمدارس الدينية في كردستان*
(التصوف الكردي رد فعل للاضطهاد الشوفيني للحكومات المركزية في بغداد)

    المهندس الاستشاري / سلام إبراهيم عطوف كبة

     ازدهر التصوف في كردستان بسرعة مع انتشار الدين الاسلامي وصعوبة الارتباط بالمدارس العلمية والدينية لأن لغتها كانت العربية.. وبسبب توالي الكوارث الطبيعية والبشرية ووعورة المنطقة.. وساعد على إيجاد التنظيمات الشعبية في عصر اتسم بانهيار المؤسسات الرسمية أو ضعفها.. وظهر التصوف في كردستان في القرن الرابع الهجري على يد محمد نور بخش وعرفت طريقته بـ (النوربه خشية) أي مانحة النور!.. وتأسست النقشبندية للمرة الأولى في كردستان العراق مطلع القرن التاسع عشر عبر جهود مولانا خالد المتوفى عام 1826 (وهو من عشيرة الجاف) في نفس الوقت الذي وصلت فيه تقريبا القادرية الى ذروة قوتها. وتتبع النقشبندية تعاليم محمد بهاء الدين البخاري (1317 - 1389) بينما تتبع القادرية الشيخ عبد القادر الكيلاني (1077 - 1166).. ثم عرفت طريقة العلويين (الخلوتية) على يد محمد بابه رسول.. وانتشرت الطريقتان القادرية والنقشبندية على حساب الجشتية والسهروردية والكوبراوية والخالدية وسادة النهري والارفاس والطرق الصوفية الأخرى.. وتعتبر الطالبانية (ترجع الى العالم الديني ملا محمود زنكنة المتأثر بالشيخ احمد الهندي اللاهوري) والبرزنجية فروع من القادرية.. والخالصية (نسبة الى الشيخ عبد الرحمن خالص) فرع من الطالبانية.. ومن رموز الشيوخ النقشبندية المشاهير الشيخ (احمد سردار سه ركه لويي)، أما الطريقة القادرية الوليانية فشيخها سعيد البرزنجي المتوفي سنة 2000 ومرشدها الشيخ معتصم البرزنجي، والشيخ محمد الحسيني هو رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنازية،… والتكايا والخانقاهات من أهم دور العبادة الصوفية، بينما يقوم على رأس الطريقة الشيخ أو البير وهو الدليل أو المرشد والزعيم الروحي للمريدين والتلامذة -  انظر: تكية بر يفكان القادرية.. تكية بامرني النقشبندية.. تكية بارزان النقشبندية…}اتباع القادرية -  دراويش، اتباع النقشبندية -  صوفية{ والتصوف الإسلامي عموما تعاليم باطنية دينية في الاسلام انتشرت في أراضي الخلافة العربية الإسلامية هدفها  الأسمى الاندماج مع الله من خلال تعذيب النفس.. وهو نظرة دينية مثالية الى العالم وربوبية من طراز خاص تدين بأصولها الى الطقوس السرية وتعيد انتاج التصورات الرائجة عن الدين، وسمتها الأساسية الصلة بين الإنسان والآلهة والاعتقاد بالخوارق! وهو ممارسات طقوسية -  اعتقادية هيمنت على الوعي الديني للبدو والعشائر والقبائل البعيدة والمنعزلة الى جوار العبادات الخرافية الطوطمية الاولى.. ومن اشهر المتصوفة السهروردي والغزالي وابن العربي والحسن البصري وابي يزيد البسطامي ورابعة العدوية والحلاج والحاج ولي بكتاش وعفيف الدين التلمساني ومعروف الكرخي وصدر الدين الشيرازي. لقد تجلى النزوع الى الاستقلال عن المركز العثماني أو المواجهة مع الكولونيالية الغربية الزاحفة في ظهور الفرق الدينية العديدة: القادرية، المهدية، الرحمانية، النقشبندية، السنوسية.. والتصوف نزعة تميزت بها الفلسفات المثالية وبخاصة الوجودية. لكن أصول نشأة التصوف الإسلامي لا ترد الى الأفلاطونية والمذاهب الهندية بل الى الأصول الإسلامية الخالصة المستمدة من الشريعة.
     لقد تعددت الطرق الصوفية في كردستان العراق واستخدم أصحابها مريديهم أو دراويشهم لأغراض سياسية، ولاقت الصوفية الرواج بين الكرد لتحمسهم الشديد للدين وسرعة انقيادهم لما يلقى عليهم من دعايات لها صبغة دينية. وقد بدا العالم الكردي مهما بلغ من المعرفة والعلم والقوة في الإقناع لا يستطيع ان يستولي على المشاعر الشخصية بقدر ما يستولي عليها صاحب الطريقة الصوفية بالاشارات الخفية... يذكر ان المدارس الدينية لعبت دورا هاما في نشر العلوم والثقافة في كردستان وتخرج منها العلماء، وكانت الكثير منها مساجد في آن واحد. وانتشرت المساجد الاسلامية في كردستان العراق وكان يؤمها المسلمون كردا وتركمانا وعربا. الى ذلك لم تلق المذاهب الشيعية الصدر الرحب عند الكرد وقبائل إقليم الجبال الذي تميزت ولاياته بالاستقلال الذاتي والسيطرة العثمانية الضعيفة عليه،عكس الجنوب العشائري العراقي والعشائر التركمانية المتوطنة والكرد الفيلية والكاكائية. أما السيد فهو من نسل علي أو فاطمة.. والشيوخ الذين لم يكونوا سادة فيعرفون بشيوخ السجادة (شيخي به رمال)..
     لقد تغلغل المذهب الشيعي داخل العشائر مع زيادة الإنتاج الزراعي والتوسع التجاري والاحتكاك مع التجار الشيعة، ومع توطن واستقرار العشائر العراقية الرحل التي امتهنت ممارسة الزراعة في القرن التاسع عشر، وتفتت الاتحادات القبلية القديمة وتغير التوازن بين الجماعات الرحل والمتوطنة. ورسخ التشيع (السائد عند التجار العرب) من تراتبية ونفوذ وسلطات المؤسسة الهرمية الحاكمة ضمن العشائر، وظهرت الشخصيات الاجتماعية الاقتصادية الدينية بين العشائر. وسيطرت النخب المتشيعة على الموارد بالرغم من أن تشيع العشائر المتوطنة جرى بالطرق السلمية وتحقق التوسع التنظيمي السياسي الشيعي سلميا.. وعلى النقيض من التفاعل الوثيق بين تجار البازار والعلماء الشيعة في إيران فان التجار الشيعة في العراق لم يكونوا على استعداد لضخ الموارد المالية لدعم المؤسسة والمرجعية الدينية. ولم يحصل التمايز الواضح بين الرحل والمتوطنة من القبائل الكردية ولم يدفع امتهانها التجارة أحيانا للاحتكاك المباشر مع التجار الشيعة.. وكان الإقليم الجبلي بعيدا عن المرجعيات الشيعية العراقية والإيرانية وامتاز بوعورة تضاريسه وبقائه الفترات الأطول نسبيا قبل تأثره بالمعتقدات السائدة آنذاك.. الا ان الطرق الصوفية والباطنية الإسلامية امتلكت جذورها عند الكرد الجبليين.
    شهدت كردستان ولاء رجال الدين الكرد لحركة التحرر الوطني الكردستانية والانخراط فيها وفي صفوف الحركة الديمقراطية العراقية والمساهمة في الكفاح الوطني للشعب العراقي  أعوام 1920 و1941 و1958، مثلما شهدت استخدام الدين للدفاع عن مصالح الحاكمين والاقطاع.. وتسخير الدراويش وبعض الفرق الدينية للتجوال في الريف لأخماد المد الثوري بين الفلاحين (انتفاضة فلاحي ده زه ئي سنة 1952) والفتوى ضد قانون رقم 30 لسنة 1958 للاصلاح الزراعي.
     وعرقل انتشار المسيحية أسلوب الحياة القبلية وساعد على الانتقال صوب الإقطاعية. رافق ذلك انبثاق الإسلام واقامة الدولة الاستغلالية في الشرق في خضم صراع ضار ضد بقايا النظام القبلي والعبادات الدينية المنسجمة معه… بينما ساعد انتشار الأشكال البورجوازية للمسيحية والإسلام معا على دعم البورجوازية واقامة الأنظمة الاجتماعية على قواعد المجتمعات البورجوازية وقوانينها، وتميل الرأسمالية الى الكنيسة الوطنية غير السياسية وصياغة المؤسسة الدينية بشكل يلائم الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية رغم فشل محاولات التوفيق مع الكاثوليكية القديمة والمعاصرة، لكن يبدو ان البروتستانتية والشيع المسيحية المتجددة تتكيف مع الحاجات المجتمعية الرأسمالية. لقد لعب الدين الإسلامي باعتباره دين الأكثرية ودين الدولة دور عامل الضبط داخل المجتمع بشكل لم يخل من استغلال النخب والطغم الحاكمة للأيديولوجية الدينية لتبرير وتشريع نظام مجتمعي وسياسي معينين لا يقلان سلبية وضررا عنما حاولت الرأسمالية فعله من خلال إشاعة تعاليم المسيحية. واستغلت الحملات التبشيرية الغربية المسيحية لاستعمار العالم الثالث وكسر القوة الروحية عند الشعوب المقاومة له وتكريس تخلفها عبر التدخل القسري في شؤون المسيحيين العرب والكرد والآثوريين في سبيل تقويض الأسس المدنية للدولة العثمانية وتشجيع النزعات القبلية والطائفية والاثنية، ودعم حراك التغريب الثقافي والروحي للمواطن وسلخه عن هويته وتأريخه.. في هذا الاطار تفهم الأصولية المسيحية التي تدافع عنما تسميه "حقيقة المسيحية" ولا تعترف بالتراث النقدي التنويري للدين والتي تنسق مع باقي الاصوليات الدينية لتحقيق الاصطفائية للنخب الأرستقراطية، وتلتقي خاصة مع الأصولية الاسلامية في نقض مظاهر الحداثة الغربية.. انه الرباط المقدس بين النزعات القبلية والطائفية..
     لم تنبعث الاصوليات الدينية الكردستانية كمنظمات طارئة الا في العقد الأخير من القرن المنصرم بتأثير خارجي مع انتشار الموضة الأصولية والإرهاب في المنطقة. كما لم تكن الجبال الوعرة والبوادي مشمولة بالأرثوذكسية لأنها اقتصرت على المدن الكبرى والطبقات العليا والوسطى. وتزيد الضغوط الخارجية من قوة الأرثوذكسية لتبقى هي الملاذ والملجأ في أوقات الشدة والضيق… وتعني الأرثوذكسية هنا الخط المستقيم وبالمعنى الاصطلاحي الجمود والانغلاق وفرض الخط الواحد بالقوة والقسر بدعم من السلطات السياسية.. الخط الواحد من خطوط التأويل.   
     لقد تمتعت فئات قليلة من الطغمة الحاكمة والجماعات المؤيدة للنظام المقبور بالترف ونعمة الدكتاتور التي قامت على سرقة قوت الشعب وخزينة الدولة، إضافة إلى مجموعة من شيوخ العشائر التي ساندت وجوده وكذلك مجموعة من رجال الدين التي سبحت بحمد الدكتاتور وباركت سياساته… وتكرست المشاعر الطائفية والولاءات العشائرية في المجال السياسي العراقي بقوة في ربع القرن الأخير، وأدت في نهاية المطاف إلى هيمنة زمرة تستند إلى عوائل معينة من المدن «الريفية» للشمال الغربي العراقي على حزب البعث والحكومة العراقية.. هيمنة أساسها السياسة التآمرية والعصبية لتصفية المنافسين، وبدل أن تتطور الدولة لتتوسع في دائرة المحاصصة لجماعات وقطاعات أوسع، تحولت من تحالف جماعات إلى جماعة واحدة. وعلى كل حال فقد  استغلت الحكومات المركزية المتعاقبة في العقود الأخيرة وكذلك الإنكليز المشاعر الفلاحية الكردية البسيطة بتقديس الاولياء وفي التصوف وعملوا على تقديم العون لكبار الإقطاعيين من الاغوات والامراء والبيكوات والشيوخ لتذليل إقامة الشعائر الدينية وتحمل نفقاتها، وحرف النضالات الفلاحية عن مساراتها الوطنية التحررية، وتحقيق أزمة الفكر الاسلامي المعاصر باللغة الدينية الشمولية المطلقة والمتعالية المتطرفة في عصر العولمة الذي يرفض اعتبار هذه اللغة الدينية المرجعية السائدة والوحيدة والتي تذكر فتاويها في القتل بكهنة العصور الوسطى وإجراءات محاكم التفتيش وفتاوي السلاطين والحكام المستبدين..، وتحقيق الأزمة العامة للسلفية التي تناقض بين محاولات الحفاظ على القوة النصية في التفسير وتكوين الوعي وبين الواقع المتغير سريعا الى الأمام والذي يصعب اللحاق به واخضاعه.
    وليس خفيا اليوم التمايز بين المؤسسات الدينية التي تنظم إنتاج واعادة إنتاج الفكر اللاهوتي وبين الجماهير الشعبية المؤمنة! فالمؤسسة الدينية ـ مؤسسة إنتاج فكري تخضع للطبقة المهيمنة على الإنتاج المادي ولها المصالح المادية المغايرة لمصالح الشعب وهي تنخرط في علاقات الملكية القائمة كإقطاعية تارة (أوقاف وحبوس) أو في العلاقات الرأسمالية (كبار التجار ومالكو الأرض) وغدت الركيزة الآيديولوجية للرأسمال التجاري.. وتحدد سبل حصول هذه المؤسسة على أسباب العيش الدور المهم في تأطير سلوكها السياسي والاجتماعي، بينما يساعد بقاء العلاقات القبلية والإقطاعية على استمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي، وخضوع الإنتاج المادي في الريف لتقلبات الطبيعة، وقوانين السوق الرأسمالي، وتعنت البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية في عدم القيام بأي مسعى للعلمنة.. والوعي الفلاحي غيبي محدود الأفق يضرب جذوره عميقا في المجاهيل ويطغي بحدة في فترات الفراغ السياسي بينما ينقض التمدين بسرعة على دعة الحياة الريفية البليدة الراكدة ليقذف بها في لجة التغيرات العاصفة مولدة براكين السخط، وهو رغم ذلك يصطدم بالرجعية النشيطة علة بقاء واستمرار تأثيرات الفكر الغيبي. وتعني المؤسسة الدينية هنا ـ المرجعيات، الحوزات، التأسيس الاقتصادي "أملاك الوقف، الثروات الشخصي ،…"، التأسيس الفكري "الاجتهاد الفقهي، الآراء السياسية والاقتصادية التي تدرس في الحوزات، المؤسسة الجماهيرية، المقلدون والاتباع وبقية الناس". وعليه ذللت العقلية القبلية الكردية ازدهار التصوف الإسلامي بوظائفه المتعددة وتراتبه الخاص من القطب الى المريد، وديمومة تقسيم العمل القديم المغلق في أصناف الى جانب العمل المفتوح… ويرتبط الفرد بنظام المراجع في عشيرته وهو لا يقرر الا تبعا لها..
ليس التصوف لبس الصوف والخرق
إن التصوف حسن الدين والخلق
      يعتبر الهلال الجبلي الكردي المنطقة الدينية الثالثة في العراق بعد الجنوب الشيعي وشمال بغداد السني.. وهو منطقة سنية مخترقة كانت ولا زالت بقوة المذاهب الباطنية والصوفية النشيطة ونفوذها الكبير، وبتواجد اليزيدية بديانتهم المركبة والشبك الذين يجمعون بين اليزيدية والشيعية ويتكلمون اللهجة الباجلانية، وتواجد التركمان والآشوريين. والتصوف الكردي رد فعل للاضطهاد الشوفيني للحكومات المركزية في بغداد لأنه يحمل السمات التمردية السلمية. وتسيطر الطرق الصوفية الباطنية على الحياة الدينية الكردية وتتناسب نفوذا وتأثيرا مع قوة ودور الدين وعلماء الدين في كردستان.

* جزء من بحث طويل بعنوان المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية .

     نشرت الدراسة كاملة في المواقع الالكترونية التالية :

1.   http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
2.   http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
3.   http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
4.   http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
5.   http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
6.   http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
7.   http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
8.   http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935
9.   http://www.ulum.nl/10.htm

228

     ان تضامن الشعب العراقي  مع الشعب اللبناني والحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الوطنية اللبنانية لا يعني التستر على عورات الاسلام السياسي والأصولية الشيعية المتمثلة في حزب الله اللبناني الذي  أدخل لبنان  إلى محرقة المغامرات الصهيونية  ثانية، ولا يعلم أحد كيف ستنتهي هذه الحماقة ! .. الم يدرك النبي الجديد حسن نصر الله  عنجهية اسرائيل عندما اقدم على مغامرته الحمقاء الاخيرة ! هل يتغابى نصر الله عن مجازر اسرائيل داخل لبنان ربع قرن من الزمان ! .... اسرائيل اليوم هي نفس اسرائيل الامس ... هل نعود الى الف باء العمل الوطني من جديد ! ونستذكر مقولات الفكر العلمي عن الصهيونية !!!؟ .. هل تعامل  حسن نصر الله  بخطوته المغامرة الحمقاء مع دولة اسرائيل أم مع الصهيونية ! ؟
       لم يأبه حسن نصر الله لنشاطه المتفاقم في تكريس وترسيخ الطائفية والعداء الطائفي السياسي لا في صفوف حزبه ومليشياته المسلحة فحسب ، بل وفي صفوف الشعب اللبناني ... وهذا ديدن الاصولية الإسلامية والشيعية في العراق ايضا ، والميليشيات المسلحة التابعة لمقتدى الصدر(ميليشيا جيش المهدي) وعبد العزيز الحكيم (فيلق بدر) وهيئة علماء المسلمين (جيش الإسلام وغيره من الميليشيات المسلحة غير المعلن عنها رسمياً).. طناطل الاصوليات الاسلامية تشارك في تأجيج الصراع الطائفي في الشرق العربي ... وتتلطخ وتغوص ايادي إيران وسوريا بشكل غير مباشر بدماء الشعب العراقي .. كل ذلك جهز جماعات البعث الصدامي والإسلام السياسي الإرهابي المتطرف، وخاصة أتباع بن لادن والظواهري وأبو أيوب المصري وأنصار الإسلام السنة ، ويجهز الصهيونية يوميا بالترياق الضروري لأدامتها وهو مزيدا من نزيف الدم الجاري في العراق ولبنان وفلسطين ، ولإحراز المكاسب السياسية والمالية على حساب الشعوب العربية بأي صورة كانت !
    هل يعي حزب الله اللبناني ماذا يفعل اليوم ليسدل الستار عن استبسال مقاتلي "حزب الله" نفسه وباقي الأحزاب اللبنانية.... في معركة تحرير الجنوب اللبناني  تسعينيات القرن المنصرم ؟! لا يدرك نصر الله التناقضات الاساسية في عصرنا الراهن ! ويسطح جوهر تناقضات العولمة ويضيع في متاهات فوضى الامة الشيعية الواحدة واصوليات الاسلام السياسي والممارسات السياسية المعادية فعلا للحركات الثورية والديمقراطية والوطنية !. وتعارض الأصولية الشيعية لنصر الله المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم وتلح على الولاء لولاية الفقيه وجهابذة المرجعيات الشيعية وحوزاتها وتشيع المحافظة في الحياة السياسية وترفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت ، لا بل تتعداه لأنها لا تطيق اي رأي مخالف ولا تتقبل الرأي المعارض ، وانها مستعدة لأستخدام أقذر الوسائل واخسها ضد خصومها السياسيين بما في ذلك التكفير والتحريض على القتل والأرهاب ضد الابرياء وفق منهجية مبرمجة جبانة وخبيثة مصاغة في اروقة قم وطهران .
•   ماذا جنت براقش ؟
     نعم ، لبنان في قمة الخطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي .الرزمة الشاملة من 7 مراحل لوقف الحرب في لبنان ... وتبدأ من انتشار 20 ألف جندي أطلسي على الحدود الإسرائيلية والسورية ، وانتشار الجيش ولتنتهي بسحب سلاح حزب الله في غضون 6 أشهر . ولبنان اليوم هو الضحية ... وسوف يتم اقتطاع جزء من اراضيها بحجة انشاء حزام او شريط امني تتخندق فيها القوات الدولية ، وتكون قوة مساعدة للحفاظ على امن وسلامة اسرائيل من الهجمات المستقبلية ....  ويبقى الشأن اللبناني شائكا في الداخل بعدما كانت قد استقرت نوعا ما بعد خروج القوات السورية منها ... هل هذا ما رغبت به يا نصر الله ؟!  وسيتجمهر الالاف من المتطوعين للقتال من بلدان اخرى في لبنان ، وستبقى الحكومة والشعب في مأزق لا خروج منه ، الا اذا تحققت اهداف الدول الاخرى على ارض لبنان ، لانه لا يوجد احد الان يهتم بالمصلحة اللبنانية .... بفعلتك الشنعاء يا نصر الله  هل المنقذ (ع) قادم... ام الشرق الاوسط الجديد ؟ ان شئت ام ابيت فقد ساهمت بعماك السياسي في تمرير المشاريع الصهيونية . ايران استفادت وستحاول الاكثر من اجل طي ملفها النووي ، وسوريا تحاول استعمال اقوى الاوراق في يديها من اجل لجم جماح التغير والديمقراطية في سوريا ، وهذين القوتين ربحوا المعركة تكتيكيا ويتطلعون الى النصر استراتيجيا ، ويبقى الشعب اللبناني يدفع الثمن تكتيكيا واستراتيجيا معا. الضربات المتلاحقة تنزل فوق لبنان واللبنانيين ، وكأن القيامة قامت والشعب اللبناني في يوم المحشر الى حين يلاقي ربه في ساعة الحساب ، زلازل تضرب الارض من فوق وبأوزان مختلفة من المتفجرات ، وبنايات وجسور وطرق تتهدم الواحدة بعد الاخرى ، كسيل جارف يبدأ من الجنوب ويتجه امواجه الى الشمال والوسط ، وليجري احياء المجازر والمقابر الجماعية ، والسبب هو خطف اسيرين اثنين من الجيش الاسرائيلي .
    ماذا اراد حسن نصر الله من افعاله الشنيعة هذه ؟!! .. تحريك الاجواء السياسية على الطريقة الساداتية وتحويل الانظار عن ايران وسوريا اي تخفيف الضغط السياسي على هدهد دمشق وملالي قم وطهران ! .. ان حسن نصر الله  زعيم حزب الله جعل من الله جندي ايراني وفي خدمة طهران ! يعيد حسن نصر الله بصولته الصدامية الجديدة مع اسرائيل امجاد خيبة قادسية القادسيات ليدخل الشرق الاوسط برمته الى مخاطر الحروب الاقليمية والاهلية وليفتح شهية الصهيونية مجددا لتحقيق احلامها الطوباوية ، وليؤكد ان الاصوليات السياسية على اختلاف تنوعها تمتلك الجوهر الواحد والمعدن الردي المشترك !.لقد راوغ حزب الله الشعب اللبناني  منذ أكثر من خمس سنوات (بعد تحرير الأرض) للاحتفاظ بسلاحه، وبالتأكيد ليس لتحرير فلسطين أو الجولان؛ بل ليبقى حاجزاً للاستخدام في المشروع الاستراتيجي الإيراني. مسؤولية إيران إذن هي في هذا الاستخدام اللامبالي للشيعة في لبنان بعد العراق، بدون أن تحسب حساباً لجرائر ذلك على أمن الشيعة واللبنانيين والعرب والمسلمين الآخرين.
    يعتقد نصر الله انه يكفي ان يرفع شعار معاداة امريكا والصهيونية ليصبح وطنيا حتى لو كان السبب بتدمير وطنه . نعم ،  ان اصل المشكلة... عند الصهيونية وحسن نصر الله وتيسير خالد والاصوليات الاسلامية في العراق هي ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع .... وتحويل السلطات القائمة  الى مراكز عصبوية جديدة استبدادية طائفية بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني .... يحاول هؤلاء جميعا مخاطبة الانسان باللاهوت و الآخرة ، واقناع المجتمعات بان هذه الدنيا صنعها الله من اجل عذاباتنا ، وعلينا التوجه الى لقاء ربنا ونحن مضرجون بالدم من اجل ان يسامحنا الرب ويدخلنا فسيح جناته .... وهم يهدفون الى انشاء عالم خالي من التعددية والراي الاخر ، ولايمكن نشر العدالة والمساواة بوجود قوة او انسان واحد لا يتبع دياناتهم ووفق شروط هذه الحركات وليس بشروط الاديان السماوية الحقة .... انهم يحاولون ادلجة الاديان ، وبين هذه الادلجة والاديان مسافات من التضليل .
     أنها الثقافة السوداء ...ثقافة الموت والقبور . مطلوب منا أن نعيش وسط الرايات السوداء والملابس السوداء لجيش المهدي والجيش الزرقاوي وثقافة البكاء على الأموات واللطم على الصدور وضرب الرأس بالقامات وإسالة الدماء منها ولبس الأكفان البيضاء والتباهي بها وضرب السلاسل وتعذيب ألذات .انه الفكر الأسود الذي تريد هذه الأحزاب سحب الناس إليه . يطلب الاسلام السياسي ان نكون مشاريع شهادة ( أي مشاريع موت ) إلى مالا نهاية ومشاريع جهاد ( أي قتلة محترفين ) أيضا إلى مالا نهاية ... فمن خلال التهديد بجهنم وبئس المصير وبالعقاب الإلهي وأيضا من خلال الأغراء بالجنة التي في السماء وحور العين يتم نشر الثقافات السوداء خصوصا في وسط الفقراء.اما الجنة التي يفترض إن نبنيها هنا على هذه الأرض فهو حرام مجرد التفكير بذلك .
    وحسب الرواية الرسمية لاصوليات نصر الله مثلا فان الدرجال سيظهر في العراق ومقابل ذلك سيظهر المنقذ (ع) - المهدي ( مخلص الانسانية من الظلم والاضطهاد ) من الشام وسيقضي على الدرجال على مشارف دمشق ، وكأن ظروف هذه الحادثة اصبحت قريبة وعلينا الاسراع الى ملاقات ربنا ، فامريكا في العراق الان وتحولت الحرب الى لبنان وقد تمتد الى سوريا عن طريق اسرائيل ، والسيد نصرالله يحاول بسط نفوذه الى ابعد من لبنان عن طريق ايران وسوريا ، من اجل ان تتحقق هذه الرواية .وهذا بحد ذاته احتضار سياسي  ومسخرة كاريكاتيرية تعري محاولات تكوين طائفة جديدة او قبيلة جديدة هي عصابة اصحاب الحكم واتباعهم !.. انتم يا نصر الله تعتاشون على دعم ومساعدة الأنظمة المتربعة على كراسي الحكم بالقوة والعنف منذ سنين ، والتي ترفع الشعارات التحررية وتتحدث بالديمقراطية والرفاهية والتنمية ولا زالت شعوبها تعاني من الفقر والجوع وإنعدام الحرية وكثرة السجون القديمة والجديدة !... حزب الله اصبح يشكل دولة مستقلة داخل لبنان... ولابد من تغيير هذا الواقع الذي يهدد الكيان الصهيوني .. بسيطة ، ضربة على قفاه لينبز وليعربد ..وهذا ما حصل ولتحصد الحركة الوطنية اللبنانية جريرة أخطاء حزب الله اللبناني ، صنيعة قم وطهران ودمشق ! وبات اليوم ايضا صنيعة الصهيونية نفسها مع الاسف !... مثلما فعل استاذه الفاضل صدام حسين في مغامرة احتلال الكويت 1990 . 
•   تسويق المشاريع الاميركية والصهيونية
    ان اتخاذ المدنيين دروعا بشرية مهما كانت الذرائع عمل جبان. من اين يطلق هذا الحزب المسخ صواريخه .. من اراضي حزب الله ومعسكراته .. ما شاء الله ! .. ومن اين تطلق عصابات الاسلام السياسي الصواريخ والقذائف على الاحياء الآمنة في بغداد والمدن العراقية ... من اراضيهما ومزارعهما .. ما شاء الله ! .. الميليشيات واللجان الشعبية المزعومة ( العصابات المناطقية ) في بغداد والمدن العراقية سلطة داخل سلطة ... ماذا ارادت المظاهرات الصدرية في مدينة الثورة يوم 5/5/2006 ؟ محتجة على  قيام الشرطة بتفتيش مكتب مقتدى الصدر في هذه المدينة الكادحة ومطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق. وبدلاً من أن يتظاهر الفقراء ضد الجوع والبطالة والحرمان والإرهاب ،يتظاهرون لأن الشرطة العراقية دخلت مكتب الصدر وفتشت بعض غرفه.. وكأنه البيت المقدس الذي لا يجوز ولوجه. هم يعيقون عمليات الإجهاز على الإرهاب الدموي في العراق ويساهمون شاءوا ذلك أم أبوا،  بإطالة عمر وجود القوات الأمريكية في العراق، كما يسعون إلى مساعدة إيران في  الصراع الجاري مع الولايات المتحدة. ماذا اراد  المجلس الاعلى عندما أستعرض ميليشياته في بغداد يوم 2/8/2006 في منطقة الكرادة ؟ تأجيج المشاعر الطائفية وتسويق المشاريع الحمقاء كفيدرالية الوسط والجنوب او عفوا الفيدرالية الشيعية والمنطق الاهوج للجان الشعبية .
          في عراق ما بعد التاسع من نيسان ، واليوم تحديدا ، تعود ممارسات النظام الصدامي الدكتاتوري وتتكرر بكل تفاصيلها على أرض الواقع مع
إضافة لمسات خاصة يقوم بها أعداء وطننا و شعبنا .. يموت في وطننا العراق اليوم كل خمس و عشرين ساعة ما يقارب ثمانين إلى سبعين عراقي على أقل تقدير ، وتجاوز عدد المهجرين بسبب تهديدات الإرهابيين من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل وطننا العشرين ألف عائلة ... بغداد.. من فرق الموت ليلا لفرق الخطف نهارا..!!. أفواج حماية أنابيب النفط تقود فرق الموت وتعمل بأيعاز من القوى الأرهابية ! تفسد الطائفية المنافسة السياسية النزيهة، بقدر ما تعطل العملية التمثيلية وتحرم الجماعات الأخرى من احتلال مناصب المسؤولية والمشاركة في القرارات السياسية وتعطل آلية بناء الصعيد العمومي أو المعبر عن عمومية الدولة وارتفاعها فوق جميع المصالح الخاصة والجزئية. ليست هناك دولة مع الطائفية وليست الدولة الطائفية دولة بالمعنى الحقيقي للكلمة بقدر ما هي فوضى سياسية دائمة. لا يوجد ارهاب اكثر همجية من الآخر .. الارهاب الطائفي وارهاب الازارقة ! ان حسن نصر الله واخوانه العراقيين يسوقون المشاريع الاميركية والصهيونية مع سابق اصرار ..
     الفكر العلمي لا يقبل التأويل والبراغماتية والمجاملة في امور سياسية حساسة كهذه ...  واصولية  نصر الله وأخوانه العراقيين تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني ، بسبب إصرارها على القيادة الانفرادية والتزامها المعاداة  الهستيرية للديمقراطية  وخدمة الاجنبي أيا كان ، ايرانيا وصهيونيا وأميركيا ، انها تلهث وراء مصالحها الاقتصادية من اوقاف واملاك عقارية وتجارية ...
    إن أنظار اللبنانيين تتجه اليوم إلى المجتمع الدولي، إلى أوروبا وإلى شعوب العالم  وأممه في الشرق والغرب، إلى الشرعية الدولية الممثلة بالأمم المتحدة وبمجلس الأمن الدولي. إنها تتجه إليهم جميعاَ من أجل العمل لإنقاذ لبنان وشعبه مما هما فيه من محنة ومن عدوان.

229
    بعد مرور الاعوام الثلاث من استيلاء حفنة من مهندسي المصالح الطفيلية والفساد على نقابة المهندسين في بغداد  كان لابد من فعل إيجابي لتحريرها من مصيرها المؤلم والضار جدا ً بأعضائها وبالعراق أيضا ( تحريك البركة الراكدة وتنشيط الوعي بخطورة استمرار أوضاع النقابة على ما هي عليه وتجميد مصالح أكثر من مائة ألف مهندس عراقي بهذا الشكل السلبي ) ... قبلها  كنا قد تحركنا  لكشف خبايا قرار مجلس الحكم المبجل المرقم (27 ) في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وتحرك ائتلاف المهندسين العراقيين ( تحركات قانونية وإعلامية ومؤتمرات وندوات . . الخ) ايضا في هذا الاتجاه ، ودعى الجميع  لرفع الأمور إلى القضاء العراقي  .. وأثمرت ضغوط وتحركات ائتلاف المهندسين العراقيين على اصدار أمر من مجلس الوزراء قاضي بتشكيل لجنة تتابع  تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء. في هذه الفترة تأسست النقابات الكارتونية ( كما كان متوقعا ، ومخططا له من لدن جهلة الاسلام السياسي ) وعقدت مؤتمراتها الاحتفالية برعاية الائتلاف الموحد ! ( انظر : التجمع العراقي المهني / عبد الجبار الجزائري الذي يعد احد الرموز القمعية في الساحة الهندسية العراقية اليوم )... وفي هذه الفترة أيضا خرج عن اجماع ائتلاف المهندسين العراقيين جماعة اطلقت على نفسها ائتلاف المهندسين الديمقراطيين ضمت بعض الشخصيات المهنية الهندسية من بعض القوى السياسية العراقية العلمانية ، ويبدو ان تصرفها هذا نابع من ضيق الافق السياسي والمهني معا ، ولا تحمل من السمة الديمقراطية شيئا ما يؤهلها لحمل هذه التسمية ... كما تشير المعلومات الى تنسيقا واضحا بين ائتلاف المهندسين الديمقراطيين و مجموعة الجزائري ... رغم تباين الجماعتين من المشاركة في انتخابات نقابة المهندسين القادمة !.
     ان " معركة تحرير نقابة المهندسين " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ونجاح المهندسين العراقيين في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع للديمقراطية في بلادنا ، والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابة من قيودها . ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابة من جديد نناشد كل المهندسين العراقيين ، بصرف النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي بالانضمام إلى طابور المناضلين في سبيل تحرير نقابتهم وخوض الانتخابات القادمة بكل أبعادها ومراحلها في بغداد وفروع المحافظات آملين مؤازرتكم والترشيح لعضوية المؤتمر العام وانتخاب من يمثلكم وفرض الأجواء الديمقراطية على عمليات الترشيح والانتخاب أصولياً والتحضير لها والإشراف عليها. ويحتفظ المهندس الديمقراطي العراقي  بحقه في سبيل العمل النقابي الحر بعيدا عن التدخل من قبل الحكومات الرجعية المتعاقبة ، والسفارات العراقية ، والاسلام السياسي والولاءات اللاوطنية  ... ويدعو حتى الى تشذيب  ائتلاف المهندسين العراقيين وصقل وحبك مواثيقه وتفعيله ليكون ظهيره وسنده داخل المؤسسات والهيئات النقابية الهندسية العراقية والكردستانية . العمل النقابي الحر ليس حكرا على أحد .. لكن وحدة المهندسين الديمقراطيين تقع في اولوية مهام كسب المعركة الانتخابية . !!

الوثيقة رقم (1)
الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع

المهندس الاستشاري/ سلام إبراهيم عطوف كبــة

   في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين العراقية أصدر مجلس الحكم قراره المبجل المرقم (27 ) بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... الامر الذي انذر الحركة الاجتماعية والمهنية النقابية وعموم المنظمات غير الحكومية بالعواقب الوخيمة لهذا الاجراء التعسفي الذي لم يلق الاهتمام الكافي من لدن اصحاب الشأن بل قابله البعض باللاابالية لأعتقاده انه شأن يخص المهندسين وحدهم ! ... في حين كان القرار واضح المعالم والمقاصد ودق جرس الانذار المبكر لحرمان الشعب من حرية تأسيس مؤسساته النقابية وفق ارادته الحرة ودون التدخل في شؤونهم الداخلية عن طريق السلطات او الاحزاب او المرجعيات الطائفية والولاءات اللاوطنية ... وبالتالي تعرضه المجدد  للارهاب والاضطهاد والملاحقات !. ولم يواجه القرار المرقم (27 ) المعارضة القوية داخل مجلس الحكم وخارجه .. المعارضة التي افلحت في  الغاء القرار المرقم (137) بعد تصويت الأكثرية في مجلس الحكم ضده والذي  استهدف إلغاء قانون الأحوال الشخصية (188) لعام 1959 على خلفية الخلاف بين الدولة والمرجعية الدينية، بشخص آية الله محسن الحكيم، وبسعى نجله السيد عبد العزيز الحكيم، إثناء رئاسته لمجلس الحكم لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2003 . بعدها أتت المناسبة مجددا ليزال القانون 188 لسنة 1959 بالمادة (39) من مسودة الدستور الدائم، وهي عودة إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية، وتعدد الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية.
لم يرم المهندسون السلاح جانبا وشمروا عن سواعدهم، وقاموا بتشكيل لجنة تحضيرية للنقابة (ائتلاف المهندسين العراقيين ) ، بهدف التحضير لعقد المؤتمر العام، الذي كان يفترض ان يعقد في وقت لاحق، لتضم ممثلين عن الاحزاب والحركات السياسية والمستقلين. كما وجه ائتلاف المهندسين العراقيين كتابا الى السيد وزير الاعمار والاسكان، طالب فيه بالغاء الكتاب الذي اصدره السيد الوزير في وقت لاحق كونه لا يستند الى الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون النقابة المرقم (51) لسنة 1979 وذلك لعدم الاعتراف بدور ائتلاف المهندسين الذي يعد الان القوة الرئيسية التي تمثل جموع المهندسين في العراق، الامر الذي يعني عدم خوض انتخابات نقابة المهندسين. وطالبوا ايضا بالالتزام بأمر مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة برئاسة الاستاذ نصير الجادرجي لغرض تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء. وعقدت قائمة ائتلاف المهندسين العراقيين التي تمثل اكثر من 30 حزبا وتجمعا هندسيا، وعددا كبيرا من المستقلين، عدة اجتماعات على قاعة جمعية المهندسين العراقية في بغداد لمناقشة السبل الكفيلة باستعادة نقابتهم الشرعية بعد ان استولت على ادارتها مجموعة من المهندسين في  "انتخابات ايار 2003 الصورية " ومحاولاتها اقتناص الفرص واستغفال الجموع الهندسية ... واكد المجتمعون على مواصلة الجهود من اجل استعادة نقابة المهندسين لتنهض بعملها الطبيعي في خدمة اعضائها والمساهمة في بناء عراق ديمقراطي تعددي موحد... وجرى اقرار برامج ولوائح عمل الائتلاف.
   في 8/8 / 2005 اصدر مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة ، ويعتبر توجهاً يضر بمسار الديمقراطية ويعرقل خطوتها... وبين قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) و قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 عامان اتسما بضعف وهشاشة مؤسسات الدولة الوطنية ، وتفشي الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي ، وتقليعة كسب المال بيسر ، وبيزنس الرشوة  ... وتردد مجلس الحكم والحكومة التالية .. وجاهلية تشيع وطائفية الحكومة المنتخبة ... وتزمت وضيق افق النخب السياسية الفاعلة ... وبقاء الاحتلال الاميركي وتخبطه جاثما على صدور ابناء شعبنا الابي الى جانب  نشاط  الزمر التدميرية العدمية وعصابات محاكم التفتيش وجهابذة الذهنية العنصرية الصدّامية والانتهازية والوصولية المعادية للمسيرة التحررية الوطنية للشعب العراقي ... مما اسهم في تعثر النهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني .  وتعد تجربة المؤسسات النقابية والعلمية الهندسية وبالاخص  نقابة المهندسين العراقية ونظيرتها الكردستانية أسطع برهان على الواقع المأزوم هذا .
ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر في  8/8 / 2005 مع اصدار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 بل لاحت تباشيرها  في  قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) .. وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !
   بلغ عدد الجمعيات والنوادي الملغاة عام 1954 ) 465 ( مؤسسة في بغداد وبقية المدن العراقية . وقد حل (نوري السعيد ) بجرة قلم البرلمان والأحزاب وألغى امتياز الصحف والمجلات وحل النقابات والتنظيمات الاجتماعية والمهنية . واصدر مراسيم تحرم العمل من اجل السلم "وما شاكل ذلك " . وأسس تراجع حركات المد الوطني التحرري غداة نكسة 1967 مع بداية الفورة النفطية وتغيب الحراك السياسي الديمقراطي لارتدادات قبلية طائفية في قاع المجتمعات المعنية ومنها مجتمعنا العراقي.وتتحمل البنى الاجتماعية المتخلفة مسؤولية التداعيات اللاحقة كالحروب الكارثية التي افتعلها النظام العراقي وكلانيته . ولم تسمح شمولية النظام العراقي لأي تنظيم اجتماعي لا ينسجم مع توجهات الحزب الحاكم ويأتمر بأوامره التمتع بحرية البقاء والمواصلة العلنية. وعلى التنظيمات غير الحكومية على الإطلاق أن تتحول إلى حكومية تحت ذرائعية مكشوفة وبراغماتية وفي مسعى لضرب الوعي الديمقراطي الناهض ! وبالقمع الفاضح .
    كانت مرحلة حكم حزب البعث الارهابية من اشد المراحل قسوة وهمجية ضد جميع الفئات الاجتماعية التي كانت الدكتاتورية تشك بولائها وضد تجمعاتها المهنية والاجتماعية والثقافية ... وقد بدأت هذه المرحلة بالسمات الاكثر عدائية ضد العمال ونقاباتهم ، واتسمت بالهيمنة على عموم الحركة النقابية وتجييرها ، والغاء استقلاليتها الحرة ، محرفة توجهاتها الديمقراطية وابدالها بتوجهات حزبية ضيقة لعبادة الفكرة الشمولية في الفرد القائد والحزب القائد والعشيرة القائدة والعرق القائد في الدولة الكومبرادورية مستهدفة افراغ مضامينها التقدمية بالقمع والارهاب . وفي هذا الاطار توالت القرارات القرقوشية (72) ، (91) لعام 1977... (190) ، (543) لعام 1984.... لتجريد العمال من التنظيم النقابي وتعطيل بنود و مواد قانون العمل رقم (150) وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي ، وقرارات أرباب العمل - إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة(52،71،...،150) لعام 1987 ، وأفراغ قوانين الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 ورقم 117 لسنة 1970 من محتواها لصالح بقايا الإقطاع وكبار الملاكين. وحولت  الدكتاتورية عموم النقابات الى ثكنات عسكرية تجبر الجميع للأنتماء اليها.. وخشيت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي من انبثاق مؤسسات نقابية ذات طابع جماهيري ضاغط تضم كوادر من انحدارات عمالية وفلاحية .
    لقد اغفل ائتلاف المهندسين العراقيين في مواثيقه ضرورة أن ترى النور تشريعات جديدة للأنظمة الداخلية للنقابات المتواجدة في الساحة الهندسية بما يخدم جمهرة المهندسين كمجموعة إنتاجية وفئة اجتماعية تربط نضالها بالنضال العام للشعب العراقي وإلغاء الأنظمة الداخلية السابقة وخاصة رقم 1 لسنة 1980 المتعلق بنقابة المهندسين العراقية .... واعادة النظر بتشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين واتحاد الصناعات العراقي ومؤسسات البيزنيس ( رجال الاعمال ) والغرف التجارية العراقية والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وبقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 باتجاه تحقيق شعار (كل التعليم للشعب ) ، ودعم التعليم التقني العالي (البوليتكنيكي) ... كما اغفل ائتلاف المهندسين العراقيين في مواثيقه دون قصد موضوعة دمقرطة الحياة الهندسية وهي موضوعة عقلانية عصرية لها آلياتها ومستلزماتها مثلما اغفل تضمين مواثيقه الربط الخلاق الواعي بين نضال المهندسين ونضال الحركة الوطنية العراقية. وغصت أهداف وبرنامج وميثاق عمل  ائتلاف المهندسين العراقيين بنواقص و التزامات تنافی مواصفات تأسيس الجمعیات المهنیة التي تعنی بشریحة اکادیمیة مثقفة بل تنافي حتى مواصفات المنظمات غير الحكومية (NGOs)... وكانت متهيبة من تضمينها عبارات دمقرطة المؤسسة الهندسية ،وحقوق الانسان،والعقلانية ،والشفافية المعلوماتية، ومكافحة وملاحقة الفساد الهندسي . ... والادهى من ذلك كله خلت المواثيق الائتلافية من عبارة ( الاحتلال الاميركي ) . ولم تتطرق مواثيق ائتلاف المهندسين العراقيين الى ضمانات عدم تحويل النقابات الهندسية إلى منتديات سياسية ومنابر لقوى سياسية أو دينية او قومية وحتى طائفية او عشائرية  والى مساجد وحسينيات وكنائس وحتى مطاعم وبارات شرب ومقاهي وجلسات سمر . لقد غطى الصراع السياسي الحاد على الأهداف المهنية والاكاديمية منذ تأسيس النقابات والجمعيات الهندسية وسخفها فتضررت مصالح المهندسين وذوي المهن الفنية الهندسية ، وتحاول اليوم القوى الطائفية أسلمتها وتشييعها وتبذل البيروقراطية الادارية جهدها لأبقاءها اسيرة السفسطة الاجتماعية .
الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع التمردات المسلحة والارهاب ، ومع العصابات ، ومع جهلة البعث  . الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع اعتداءات عصابات مقتدى الصدر الاجرامية  بالضرب على طلبة وطالبات كلية الهندسة في البصرة والكلية التقنية في الزعفرانية باغلظ العصي والكيبلات واللكمات واطلاق النار وتمزيق الملابس .. وبتحويل بعض الكليات الهندسية الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية، وتحميل لوحات الاعلانات فيها والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية اكاديمية ومهنية ... وتحوي أسماء الاساتذة والتبليغات الجامعية .... تحميلها  بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب .. وهذا شمل المعاهد التقنية واعداديات الصناعة ... وكافة الدوائر الحكومية .  الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع ثقافة وديمقراطية قطيع الائتلاف العراقي الموحد ورفع شعار ( امة شيعية واحدة ... ذات رسالة خالدة )! ... الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان تعني التعامل العقلاني مع الاحتلال الاميركي لأنهائه بأسرع ما يمكن ، وليس العمى السياسي باعتباره امبريالية النمور الورقية ، ولا شرقية .. لا غربية ، والشيطان الاكبر ! الف لعنة على الخمينية والقومجية واحفاد الماوية ! .
الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان تعني التأسيس الاجتماعي المدني غير الربحي ، وامتلاك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، والاسهام في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،والعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات -  الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتورية ، والدعوة  للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة ، والثورة المعلوماتية ،والثورة العلمية والتكنولوجية ، والمجتمع المدني العالمي ، والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي .
 يسهم التمسك بالاستقلالية والمهنية والمعايير الحقوقية في إيجاد الطريق إلى الأجواء السليمة الصحية الواعدة. الوطنية وحدها دون ديمقراطية  تؤدي إلى الديكتاتورية والاستبداد، أما الديمقراطية دون الوطنية فتقود إلى التبعية .
    ان " معركة الحقوق النقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ونجاحنا في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع الديمقراطي في العراق " والعكس صحيح أيضا ! " ،  والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابات والمنظمات غير الحكومية من قيودها . ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابات من جديد نناشد الجميع  ، بصرف النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي بالانضمام إلى طابور المناضلين في سبيل فرض الأجواء الديمقراطية وكسب الحقوق المهنية والنقابية ، ودعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ .
    هل تتراجع الحكومة عن قراراتها القرقوشية وبالاخص القرار المرقم 8750 وقرارات وزير المجتمع المدني ؟... أم ان حكومة الائتلاف العراقي الموحد  قد قررت الانتقال النهائي الى صف اعداء الشعب والمضي قدما في سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت ! .

الوثيقة رقم (2)

بسم الله الرحمن الرحيم
التجمع العراقي المهني
محضر اجتماع أعضاء التجمع مع عضو اللجنة السداسية

       تم عقد لقاء مع عضو اللجنة السداسية المهندس عبد الكريم العنزي وزير الأمن الوطني وذلك في الساعة السادسة من مساء يوم السبت الموافق 17/12/2005 وذلك في مقر إقامته وحضر اللقاء كل من:
السيد إبراهيم الكوفي/النائب الأول لأمين عام التجمع.
المهندس عبد الجبار الجزائري/ أمين عام التجمع.
السيد علي الناجي/ ر. المكتب التنفيذي.
المهندس طعمه الربيعي/ المكتب التنفيذي.
السيد عبد العزيز البندر/ المكتب الاستشاري.
الست خديجة محي/ المكتب التنفيذي.
السيد محمد علي حسين/ المكتب التنفيذي.
    وبدأ اللقاء بتهنئة الوزير المذكور وعضو قائمة الائتلاف العراقي الموحد بالفوز الساحق للقائمة في الانتخابات النيابية التي جرت يو الخميس 15/12/2005 بعدها تحدث أمين عام التجمع المهندس عبد الجبار الجزائري كيفية تفعيل دور التجمع في خدمة القطاعات المهنية والإشراف على اللجان التحضيرية للانتخابات النقابية القادمة، كما تحدث عن دور النقابات في محافظات الوسط والجنوب والتواصل معها بحيث لا تكون مهمشة وتابعة للمركز في بغداد مما يقلل من فعاليتها ودورها في خدمة المهنيين في تلك المناطق كما أكد على دور التجمع في تحشيد الجماهير المهنية في قطاعاتهم للمشاركة في دعم المرشح للنقابة أثناء الانتخابات كما أشار إلى ضرورة الدعم المعنوي والمادي للتجمع أما حديث السيد علي الناجي رئيس المكتب التنفيذي للتجمع فكان محوره حول إعطاء صلاحيات رسمية لإدارة التجمع في الإعداد للانتخابات النقابية القادمة والأشراف المباشر على اللجان التحضيرية بالتنسيق مع اللجنة السداسية كما طالب في حديثه على ضرورة إصدار كتب رسمية بإمضاء التجمع إلى النقابات وإلغاءها وهذا بدوره يجعل من التجمع أكثر قوة وبروز في الساحة المهنية العراقية، في حين تحدث المهندس طعمه الربيعي عضو المكتب التنفيذي للتجمع حول مسيرة التأسيس لهذا التجمع ولماذا أسس ودور التجمع في أنصاف واستعادة حقوق المهنيين، وكيف كان شعار التجمع الأول هو خدمة هؤلاء والتفاعل معهم، كما أشار إلى الجهود والإمكانات الفردية في إظهار هذا التجمع رغم عدم وجود الدعم المادي والمعنوي الواضح له، كما تمت الإشارة إلى المؤتمر السنوي الأول الذي عقد على قاعة السيد الحكيم يوم السبت 10/12/2005 وكان ناجحا بل ونقطة تحول في إظهار التجمع إلى الساحة العراقية المهنية بشكل واضح وجلي، إضافة إلى ذلك أكد على ضرورة الدعم المعنوي والمادي من القوى والتيارات الإسلامية الفاعلة في الساحة العراقية.
    أما السيد إبراهيم الكوفي النائب الأول لأمين عام التجمع فكان حديثه أجمالا حول التأسيس ودور الكادر الموجود في إظهار التجمع وتقويته بجهود فردية كما أشار إلى تشكيل اللجان التحضيرية ودور أعضاء التجمع في ذلك.
أما حديث السيد الوزير(عضو اللجنة السداسية) فتناول المحاور التالية :
1.   تشكيل اللجان التحضيرية الخاصة بانتخابات النقابات القادمة وتناط بهذه اللجان المهام التالية:
i.   إدارة النقابات بصورة مؤقتة لحين أعداد المؤتمر العام.
ii.   أن لا يتعدى عمل هذه اللجان المؤقتة أكثر من ثلاثة أشهر.
iii.   اعتماد قانون النقابة (النظام الداخلي) أثناء الانتخابات والترشيح.
iv.   للجنة التحضيرية المرشحة حق في إصدار بعض القرارات وكذلك إطلاق جزء من الأموال المجمدة بالتنسيق مع اللجنة السداسية لتسيير أعمالها وصولا إلى مرحلة الانتخابات.
v.   لا يحق لأعضاء اللجان التحضيرية ترشيح أنفسهم إلى انتخابات النقابات.
vi.   تحل اللجان التحضيرية نفسها في لحظة إجراء الانتخابات.
vii.   ضرورة تطبيق قانون اجتثاث البعث كونه بند اقر في الدستور الدائم على من يرشح نفسه لانتخابات النقابات القادمة.
viii.   تعتبر اللجان التحضيرية لإعداد الانتخابات مستقلة وحيادية ولها دور كبير ومهم في الإعداد وصولا إلى انتخابات نقابية حرة ونزيهة.
2.   أكد على ضرورة الدعم المادي والمعنوي للتجمع وضرورة التحشد والتعبئة الجماهيرية للقواعد المهنية من خلال التجمع وعدم إضاعة الفرصة والتأكيد على كسب الجولة القادمة في الانتخابات وخاصة نقابة المهندسين والأطباء والمحامين وكذلك نقابات العمال.
3.   كما أشار إلى أن هنالك أسماء من المرشحين للعمل كلجان تحضيرية وكل حسب تصنيفه المهني.
    أما الست خديجة محي عضو المكتب التنفيذي فأشارت إلى دور المرأة المسلمة في القطاع المهني والنقابي، كما أكدت على عدم وجود تمثيل نسوي فاعل في النقابات وأشارت إلى ضرورة  تفعيل دور المرأة في الساحة المهنية والنقابية ودور التيارات الإسلامية  الفاعلة في رفد النقابات بالوجود النسوية المهنية ودعمها بصورة واضحة.
    وهكذا انتهى هذا الاجتماع في الساعة السابعة والنصف مساءا والحمد لله رب العامين.


                                           المكتب التنفيذي
                                            مسؤول المتابعة والتنسيق
المهندس طعمه جاسم الربيعي
                                            20/12/2005
نسخة منه
      إلى الأمانة العامة للتجمع.
الوثيقة رقم (3)

إئتلاف المهندسين الديمقراطيين يقاطع إنتخابات نقابة المهندسين


بغداد / الصباح :-
أعلن إئتلاف المهندسين الديمقراطيين مقاطعته إنتخابات نقابة المهندسين المزمع إجراؤها في الأيام القادمة إحتجاجاً على تدخل وزارة المجتمع المدني بالإعداد لهذه الإنتخابات .
وقال بيان لإئتلاف المهندسين الديمقراطيين وتلقت "الصباح" نسخة منه أمس : إن ما نشهده الآن من تدخل الحكومة من خلال وزارة المجتمع المدني هو خطوة بعيدة عن الديمقراطية بحسب تعبير البيان .
وأكد البيان مقاطعة إئتلاف المهندسين لإنتخابات نقابة المهندسين مبيناً إن هذه المقاطعة تهدف الى دفع الأمور في مسارها الصحيح.

الوثيقة رقم (4)


تصريح


    نشرت بعض الصحف ومنها جريدة الصباح في عددها 890 الصادر يوم الأربعاء الموافق 19 تموز 2006 ملخصاً لبيان صادر عن جهة تسمي نفسها ائتلاف المهندسين الديمقراطيين تعلن فيه مقاطعتها لانتخابات نقابة المهندسين العراقية.
إن ائتلاف المهندسين العراقيين يوضح أنه مستمر في العمل لدخول الانتخابات وأن هذه المجموعة لا علاقة لها بائتلافنا.
نحث كافة المهندسات والمهندسين لممارسة حقهم الانتخابي والحضور والتصويت في الموعد والمكان المحددين.

                                                                                    ائتلاف المهندسين العراقيين
                                                                                          19/7/2006


يمكن مراجعة المواقع التالية للاستنهال من الدراسات الهندسية ذات الشأن :


http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.alhalem.net/halmoon.htm
http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

230

أيحتاج نهجٌ مغامر أرعن بهذا الوضوح الى معجم لكي نفهمه ؟!!

     أدخل حسن نصر الله لبنان  إلى محرقة المغامرات الصهيونية  ثانية، ولا يعلم أحد كيف ستنتهي هذه الحماقة إلا الله !... ولا عجب انه زعيم حزب الله ، ما شاء الله !. عجيب أمر الاصولية الشيعية واصولية الاسلام السياسي التي ترفض الديمقراطية أو تعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة، فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب ، الى النبي الجديد حسن نصر الله والشائن الارعن خالد المشعل ... .ومهما اختلفت الاسماء وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .

•   شعب .. جيش .. مقاومة وأحزاب ثورية
          لبنان قوة صامدة .. ..  ..موتوا يارجعية
     انطلقت الحركة الوطنية اللبنانية اواسط سبعينيات القرن العشرين وتبلورت اهدافها لمقاومة الطائفية المتنامية على اراضيها ولمواجهة الاطماع الصهيونية ومخاطر التقسيم ولدعم فصائل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي ... وتراث الحركة الوطنية اللبنانية تعمد بالشهداء كمال جنبلاط ، حسين مروة ، مهدي العامل ، جورج حاوي ، ... والرئيس رفيق الحريري . في بغداد تضامن الشعب العراقي  مع الشعب اللبناني في مهرجاناته الحاشدة على ملعب الشعب الدولي هاتفا بصمود الحركة الوطنية اللبنانية 1975 – 1976 .. في هذه الاثناء انشق حزب الله عن حركة أمل عام 1982 ليتخذ المواقف الاكثر راديكالية داخل الاصولية الشيعية اللبنانية . حزب الله – حزب بورجوازي صغير  مستتر  بستار الفكر القومي - الديني ومتشبث عبثا بأسطورة الاحتكار السياسي ومنجر عمليا ( بالرغم من حسن نية غالبية قواعده ) الى مواقع الرجعية ، اليمينية والوسطية ، المعادية للديمقراطية ... وهذه البورجوازية الصغيرة تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني ، بسبب إصراره على القيادة الانفرادية والتزامه المعاداة  الهستيرية للديمقراطية  . واليوم يقدم هذا الحزب على الخطوات اللامسؤولة بعد ان اتخم وسط جملة متغيرات على الساحة العربية أهمها :

• المستجدات في القضية الفلسطينية والانقلاب الانتخابي المتمثل بفوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني والذي فاجأ الجميع، على ما يبدو، بمن فيهم الفائزون .
• التطورات الحاصلة على صعيد العلاقة السورية – اللبنانية، بعد صدور القرار الدولي 1559، واغتيال رفيق الحريري والتداعيات التي اعقبته، وانعكاس ذلك على الاوضاع في البلدين والتفاعلات الجارية فيهما، وارتباط ذلك بمساعي اطراف عدة لتوظيف تلك التطورات لصالحها.
• الانتخابات التي جرت في عدة دول ومنها العراق، فلسطين، مصر وما افرزته من نتائج وتركيبة للبرلمانات ومجالس الشعب، وموازين قوى جديدة فيها، وما ترتب على ذلك من تاثيرات على الحياة السياسية.
• الصراع الدائر حول الملف النووي الايراني، والتداخلات الحاصلة فيه وابعاده التي تتعدى حدود ايران الى الدول الاخرى ، والمسارات التي ستتخذها مختلف الاطراف في التعامل مع هذا الملف الشائك ومنها ما سيتركه نقل هذا الملف الى مجلس الامن الدولي.
    الأصولية الشيعية هي موقف سياسي واجتماعي وفكري وديني وثقافي متخلف وطوباوي وعاجز يدعو الى التمسك بالاصول رغبة في الخلاص ! ، وتعبير عن الممجوجية الفكرية في وضع الحلول المقنعة  للمعضلات القائمة بالبحث عنها في الماضي وصيغه التقليدية وشعاراته البراقة . وتجليات هذه الأصولية متنوعة لكن منفصمة عن الواقع وقاصرة عن اصلاحه وتطويره ! لأتها ذات الموقف الآيديولوجي الجامد والرجعي المنسلخ عن الواقع الحي المتبدل والذي لا يستنبط الاصلاح من قلب المشكلات الواقعية ! والذي ينحسر مع اطلاق عنان الفكر وتحريره من اسر الآيديولوجية وانغماسه في الواقع دون التقيد بتصورات مسبقة .....  وتعارض الأصولية الشيعية المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم وتلح على الولاء لولاية الفقيه وجهابذة المرجعيات الشيعية وحوزاتها وتشيع المحافظة في الحياة السياسية وترفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت ، لا بل تتعداه لأنها لا تطيق اي رأي مخالف ولا تتقبل الرأي المعارض ، وانها مستعدة لأستخدام أقذر الوسائل واخسها ضد خصومها السياسيين بما في ذلك التكفير والتحريض على القتل والأرهاب ضد الابرياء وفق منهجية مبرمجة جبانة وخبيثة مصاغة في اروقة قم وطهران .

•   حسن نصر الله والعمى السياسي

    تقوم السلطات الطائفية عادة بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة .  "حزب الله" اللبناني يتهم الغالبية النيابية، بالتحريض على الفتنة الطائفية، بعد أن نددت بالتظاهرات ضد برنامج تلفزيوني ساخر تناول "الشيخ حسن نصر الله " الأمين العام للحزب. حسن نصر الله.. نبيٌ جديد!! لما لا ، وشر البلية ما يضحك ! حسن نصر الله وولي نعمته، علي خامنئي، يلهجون ليل نهار باسم علي بن أبي طالب، ويدَّعون أنهم من شيعته ... في الحقيقة هم يسيرون على نهج معاوية وعمر بن العاص بميكافيلية وتهريج ،ومهما كانت الوسيلة في تعارض مع الأخلاق وتعاليم دينهم ومذهبهم. لقد دعى حسن نصر الله إلى حرق العراق وذلك استجابة لتعليمات ولي نعمته، مرشد جمهورية الملالي الإسلامية في إيران ونكاية بأمريكا... وهذا ما فعله خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لعصابة حماس الأرهابية عندما القى خطبته النارية في الجامع الكويتي في دمشق اثناء صلاة الجمعة ليوم 12/8/2005 والتي حث فيها المصلين ومن سمع خطبته على دعم العمليات الأرهابية في العراق بالتطوع لها تحت مسمية " الجهاد بالنفس " ، أو دعمها بالمال . فدعم العمليات الأرهابية في العراق " اهم من دعم المقاومة في فلسطين " في نظر هذا الروزخون ، ولقد نشرت ذلك جريدة اللواء السورية . ثم كرر حسن نصر الله دعوته هذه في صولته الصدامية الجديدة مع اسرائيل ليعيد امجاد خيبة قادسية القادسيات ويدخل الشرق الاوسط برمته الى مخاطر الحروب الاقليمية والاهلية وليفتح شهية الصهيونية مجددا لتحقيق احلامها الطوباوية ، وليؤكد ان الاصوليات السياسية على اختلاف تنوعها تمتلك الجوهر الواحد والمعدن الردي المشترك !.
     يصم نصر الله اذنيه ويغلق فاه .. كما يفعل صاحبه خالد مشعل عن الاعمال الارهابية في العراق ، ويطالب الشعب العراقي مناهضة الاحتلال الاميركي على طريقته القرقوشية .. وطريقة شهيده اللح الزرقاوي .. حسن نصر الله ! انتم عار لا على الشعب العراقي بل على جميع الشعوب العربية وشعوب منطقة الشرق الاوسط وعلى الانسانية . والشعب اللبناني براء من اعمالكم الدنيئة الخبيثة المتلبسة بالاقنعة الدينية – القومية . اين انت يا نصر الله مما يجري في العراق ... ؟  برلمانيو الحسيّنيات والجوامع يقاضون ادباءنا ومثقفينا ! ويروّجون لقصائد اللطم والندم والدروشة والدفوف ... يكرهون ويخافون من القصيدة المتوهجة بعد ان عينّوا تجارا وزراء للثقافة ممن يكرهون ويجهلون الفن والموسيقى..... ، بالدعاء والآيات القرآنية سنقضي على الارهاب...، ظلاميون – مودرن - وغير معممين أطباع ضباع وأنياب أفاعي سامة...، مختل عقليا هى التهمة الجاهزة للمؤسسات القمعية في الحكومات الجعفرية ..، دول الجوار تسهل دخول وتدريب وتموّيل المسلحين الأجانب المتطرفين ودول أخرى لها مصلحة في زعزعة استقرار الأمن ورجال دين متطرفين عراقيين وأجانب .. وانت واحد منهم ... يبررون أعمال الإرهاب دينيا و يحثون الشباب العربي على الانخراط في أعمال الجهاد  ضد الكفار المحتلين لبلد إسلامي وضد المتعاونين مع الاحتلال من العراقيين من (الروافض) و(أحفاد ابن العلقمي) أو من الأكراد العلمانيين (المعادين للعروبة التابعين للأجنبي) أو السنة (النائمين غير العارفين بالأخطار المحدقة بهم)، والتي يبدو أن الإرهابيين الأجانب كالزرقاوي وابن لادن والظواهري أعرف منهم بها... !
     يعلم نصر الله علم اليقين ان كوشة لاغر الإيرانية هي معسكر تدريب القاعدة للعمل في العراق الى جانب المعسكرات التي فتحها هو على الاراضي اللبنانية والمعسكرات القائمة على الاراضي السورية .. ان عناصر (كتائب الثأر وكتائب الحسين) التي تنفذ الاغتيالات في البصرة ضد قطاعات واسعة من أهاليها وتهددهم بالقتل اذا لم يغادروا المدينة قد جري تدريبهم في لبنان بعلم الاستخبارات الايرانية....  وان خمس اذاعات غير مرخصة تديرها ايران انطلاقا من بغداد... ويعلم نصر الله ان البغداديين وابناء المحافظات يتجنبون الأسواق المكتظة وباصات النقل تجنبا لمفخخاته وقنابله الجبانة ! ...، وان أفواج حماية أنابيب النفط تقود فرق الموت وتعمل بأيعاز من القوى الأرهابية ! ..، البطة السحرية سيارة تويوتا بيضاء تحمل ارقام زرقاء تتواجد في مقرات قوات بدر بالبصرة مسؤولة عن اغتيال 90% من المواطنين ..، القتل العمد باسم مغاوير الداخلية.. و«سيارات الدولة» تحت تصرف المسلحين ..،..وان السجون العراقية خاضعة لسيطرة «ميليشيات الشيعة» ...، وان (البحارة).. ميليشيات جديدة تسطو على محطات وقود السيارات...مواطنون قالوا: أغلب أفرادها من القوات الأمنية العراقية المستحدثة ..، شرطة النجف تعتدي على طلبة الاقسام الداخلية ..، مجلس محافظة النجف يتخذ القرارات من دون عودة الى الحكومة المركزية ...بتوزيع أراضي الدولة في النجف ليعزز الدعوة إلى الفيديرالية الشيعية الحكيمية سيئة الصيت ،.... البصريون يحرقون القنصلية الإيرانية ويرفعون فوقها العلم العراقي ــ مغلفات ملطخة بالدم وبداخلها رصاصة لاجبار أحياء سكنية بصرية علي النزوح.. اعمال الاختطاف جارية على قدم وساق من لدن ميليشيات وزارة الداخلية والامن العراقي المستحدث  .. والضحايا هم ابناء الشعب العراقي !.. العنف المتبادل يلاحق عبد الحسين وعمر.. والمذاهب تتحول لأحزاب ! ... زَيِّنْ شعرَكْ بدون تحديد..آخر فتاوى طالبان الشيعية في الناصرية!! ... البصرة: بين مطرقة العصابات وسندان الميليشيات..!..، البصرة تسقط اقنعة دعاة - المظلومية الشيعية-: انهم - مافيوية تهريبية- والجماهير تطالب بتغيير اسم وزارة النفط الى وزارة اللفط .
      نصر الله يتغابى ولا يرى سياسة شيلني واشيلك وزعل ورضا واغاضة وبوس لحى وهات وخذ .. اي التحاصص الطائفي في بلادنا اي الاتجاهات الخطيرة التي تؤسس للحرب الاهلية الطائفية وتنهي طابع الدولة المدنية التي ينبغي ان تحترم عقل الانسان لا انتمائه الطائفي والعنصري... لا تفرغ استعصاءك يا حسن الله في بغداد بل فرغها في الحمامات الداخلية لأصوليتك المقيتة ! لا تفرغ طائفيتك في العراق ! . يقول برهان غليون في كتابه المنشور عام 1990 بعنوان "نظام الطائفية: من الدولة إلى القبيلة"، طرحت نظرية تقول إن الطائفية تنتمي إلى مجال السياسة لا إلى مجال الدين والعقيدة، وإنها تشكل سوقاً موازية، أي سوداء للسياسة، أكثر مما تعكس دفاعاً متعصباً عن دين أو مذهب. وفكرة السوق السوداء أو الموازية في السياسة تتنافى مع الاعتقاد السائد بأن الطائفية تقليد عربي قديم ومستمر، وتجعل منها ظاهرة مرتبطة بحقبة الحداثة الجديدة وطابعها المفارق معاً. الطائفية تقوض المشاريع الوطنية في بلادنا العربية . أية قيم اسلامية يبشر بها الظلاميون والاصوليون ؟ أية قيم اسلامية تبشر بها يا نصر الله ؟
     لا يريد الشعب العراقي مقاومة ولا دعم ولا جهاد مشوه يترصد ابناء العراق او الابرياء ممن يحاولون مساعدة الشعب العراقي من دبلوماسيين او صحفيين او غيرهم من عمال مساكين. واذا كان بن لادن يسعى للجنة حقا فليكفر عن جرائمه ويعلن توبته ويبعث بكل مريديه وفصائله لمصحات عقلية تشفيهم قبل ارتكاب جرائم اخرى. لا نريد جهاد من هكذا برابرة متخلفين، فالعراقيين قادرين على بناء بلدهم وقادرين على دحر الاحتلال وكل الظالمين بطرق متحضرة بعيدا عن البربرية. هكذا تصدر الفتاوي وتقال الكلمات عبر بعض الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعات ، حيث تجعل من المجرمين شهداء ! ، ومن الشهداء العراقيين الأبرياء الذين يقتلون بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة  والخطف والذبح والإغتيال كل يوم بأنهم عملاء للأجنبي . تعتقد يا نصر الله انه يكفي ان ترفع شعار معاداة امريكا والصهيونية لتصبح وطنيا حتى لو كنت السبب بتدمير وطنك . نعم ،  ان اصل المشكلة... عند الصهيونية وحسن نصر الله وتيسير خالد هي ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع .... وتحويل السلطات القائمة  الى مراكز عصبوية جديدة استبدادية طائفية بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني .... وهذا بحد ذاته احتضار سياسي  ومسخرة كاريكاتيرية تعري محاولات تكوين طائفة جديدة او قبيلة جديدة هي عصابة اصحاب الحكم واتباعهم !.. انتم يا نصر الله تعتاشون على دعم ومساعدة الأنظمة المتربعة على كراسي الحكم بالقوة والعنف منذ سنين ، والتي ترفع الشعارات التحررية وتتحدث بالديمقراطية والرفاهية والتنمية ولا زالت شعوبها تعاني من الفقر والجوع وإنعدام الحرية وكثرة السجون القديمة والجديدة !...
    يحاول نصرالله أن يظهر نفسه كحمامة سلام، يدعو أتباعه إلى الهدوء والسكينة حينا ، ويمتطي فرس مقاومة الاحتلال الصهيوني حينا أخرى . فعلى من تعبر هذه اللعبة؟ يأمر نصر الله حزبه بالقيام بالأعمال الغوغائية والتهديد والوعيد، ويعطي لنفسه الحق في الشروع بالاعمال العسكرية ضد اسرائيل ومن جهة أخرى يظهر في الإعلام يدعو أتباعه إلى الهدوء والسكينة، ليظهر نفسه للعالم أنه داعية للسلام. وهاهو نصر الله يلقي بخطبه الجنجلوتية من القنوات الفضائية مثلما يفعل اسامة بن لاذن .إلى أين يريد حزب الله أخذ لبنان والشرق الاوسط ؟ نعم ، المقاومة انطلقت من بيروت ضد الاحتلال الإسرائيلي وعلى يد الحزب الشيوعي اللبناني  والمناضل محسن ابراهيم ونجحت بدحر إسرائيل عن الجنوب اللبناني على يد استبسال مقاتلي "حزب الله" وباقي الأحزاب اللبنانية.... لكن تصرف نصر الله الارعن الاخير اغتال الشهيد الرئيس رفيق الحريري مرة ثانية كما عبر عنه المناضل وليد جنبلاط ! المدارس والجامعات والمختبرات والاختراعات ... المجتمع المدني .. كل ذلك هو زينة المجتمعات وليس الميليشيات والتهريج واستعراض العضلات .. العلم والفكر العلمي زينة الإنسان وليس السلاح والفكر الرجعي . الاصولية الشيعية – الوليد المسخ لثقافة اليانكي . المجتمعات التي تعشق السلاح تقديسا كالمجتمع الأمريكي والصهيوني هي أكثر المجتمعات عرضة للجرائم المروعة، التي نسمع عنها بين الحين والآخر، حيث رجال الشرطة والقانون في صراع مستمر مع الجريمة وآفات اقتناء السلاح. القتل كعقيدة عسكرية... لن يعتاده العراقيون! ولن يعتاد العراقيون على جرائم بلا عقاب ودماء اراقها المجهول !! ... ياليت نصر الله يزور هذه الايام مشرحة الطب العدلي في بغداد ليرى جسامة المأساة العراقية !

•   مزبلة التاريخ بانتظار حسن نصر الله

     حزب الله اصبح يشكل دولة مستقلة داخل لبنان... ولابد من تغيير هذا الواقع الذي يهدد الكيان الصهيوني .. بسيطة ، ضربة على قفاه لينبز وليعربد ..وهذا ما حصل ولتحصد الحركة الوطنية اللبنانية جريرة أخطاء حزب الله اللبناني ، صنيعة قم وطهران ودمشق ! وبات اليوم ايضا صنيعة الصهيونية نفسها مع الاسف !... مثلما فعل استاذه الفاضل صدام حسين في مغامرة احتلال الكويت 1990 . 
    حزب الله وحركة حماس تكشفا بوضوح   عن أوجهها الخبيثة القبيحة مثلما تفعل قوى الاسلام السياسي في العراق اليوم وفعلت الصهيونية العالمية و يفعل ملالي قم وطهران ويفعل أسد زمانه في دمشق ... والتاريخ لا يرحم ! فالى مزبلته وبئس المصير .

231
    لا يعود نهوض الفكر الرجعي في العراق لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة ، بل هو يعود في الأساس إلى دوره القديم – الجديد كسلاح من أهم أسلحة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة، والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة للحكم القاسمي ، وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين وانقلاب تموز 1968 ، والاحتلال الاميركي ، وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي ..... وذلك لاسباب موضوعية كثيرة أهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز، قيادة البورجوازية وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة لحركة الردة ، وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم ( الإقطاع ، البورجوازية العقارية الكبيرة ، البورجوازية الكومبرادورية، البورجوازية الطفيلية ) والوسط الرجعي الجديد ( البورجوازية الوسطى او الوطنية ) وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والدينية. والاخيرة مستترة غالبا بستار الفكر القومي والديني ومتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار السياسي ومنجرة عمليا ( بالرغم من حسن نية غالبية قواعدها ) الى مواقع الرجعية ، اليمينية والوسطية ، المعادية للديمقراطية ... وهذه البورجوازية الصغيرة تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني ، بسبب إصرارها على القيادة الانفرادية والتزامها ثقافة القطيع الاقصائية ومعاداتها الهستيرية للديمقراطية وتمشدقها بالتحاصص الطائفي .
السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة اليوم وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية ، وانتهاج سياسة خداع الشعب ! ...  والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ... ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الطائفي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة، فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب . ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
نيرانهم ماتزال                            ذكريات ترود الخيال
يا عزة الشهداء                       يا شباب النضال العنيد
انتم على الارض نور                           لكل شعب يثور
كونوا شبابا ... والووا الصعاب ...  وأبهجوا الأيام...
     تعزيز الفكر العلمي يعني فيما يعني  وضع الحد لتقاليد كنه والجمالي ، صدام حسين وزبانيته ، جهلة الاسلام السياسي على تعدد أوجهه القبيحة ، التقاليد سيئة الصيت التي تعاني العقدة المستعصية .... عقدة مقاومة الاشتراكية العلمية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض أصحابها إلى الإهانة المعنوية والإيذاء المادي .  تعزيز الفكر العلمي  يعني مناهضة العمى السياسي بخزعبلاته من امبريالية النمور الورقية، التحريفية والانتهازية ، ولا شرقية .. لا غربية ، والشيطان الاكبر ! الف لعنة على الخمينية والقومجية واحفاد الماوية ! .. تعزيز الفكر العلمي  يعني احياء فكر عبد الجبارعبد الله ، ومحمد عبد اللطيف مطلب ، سلمان جبو، نزار ناجي يوسف ،محمد سلمان حسن ... وألآخرون !.. لا المتاجرة بهم واتخاذهم مطية لأغراض ميكافيلية وتهريجية . آن الأوان لاستفاقة الاحزاب الديمقراطية ، قبل غيرها ، على أسس معافاة  سليمة بالاغتسال في مياه الرافدين متخلصة من ادران وقاذورات البعثنة والتشيع والولاءات العصبوية ... وهذا يتطلب العمل مع الجماهير وتوعيتها بالمهام التي تواجه الشعب وخاصة جهود استتباب الأمن والاستقرار واستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية للبلاد والأخراج المنظم والمتفق عليه مع الأمم المتحدة لقوات الاحتلال.


المصادر :
رسالة مفتوحة إلى مجلس قيادة الثورة من الاستاذ إبراهيم كبه /حول الترقية والعزل السياسي
الفكـر الرجعـي في العـراق/ إبراهيم كبــة  - 5/5/1967
هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذان البعث المنهار وتنقذهم من مصيرهم المحتوم ؟
الدكتاتورية الشيعية – الوليد المسخ لثقافة اليانكي
   
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.alhalem.net/halmoon.htm
http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

232

    لا يعود نهوض الفكر الرجعي في العراق لأسباب فكرية خالصة تتصل بتشبثه بحجج جديدة مقنعة تستحق المناقشة ، بل هو يعود في الأساس إلى دوره القديم – الجديد كسلاح من أهم أسلحة الارتداد عن مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة، والتي بدأت طلائعها في الواقع منذ السنوات الأخيرة للحكم القاسمي ، وبلغت ذروتها عبر انقلابي شباط وتشرين وانقلاب تموز 1968 ، والاحتلال الاميركي ، وتزاوج الارهابين الحكومي والتقليدي ..... وذلك لاسباب موضوعية كثيرة أهمها تغير المواقع الطبقية بعد تموز، قيادة البورجوازية وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة لحركة الردة ، وتطلعها للسيطرة السياسية المطلقة في ظل الاستعمار الجديد واعتمادها على جبهة رجعية واسعة تضم اليمين الرجعي القديم ( الإقطاع ، البورجوازية العقارية الكبيرة ، البورجوازية الكومبرادورية، البورجوازية الطفيلية ) والوسط الرجعي الجديد ( البورجوازية الوسطى او الوطنية ) وبعض مراتب البورجوازية الصغيرة المتخلفة المتقنعة بالأقنعة القومية والدينية. والاخيرة مستترة غالبا بستار الفكر القومي والديني ومتشبثة عبثا بأسطورة الاحتكار السياسي ومنجرة عمليا ( بالرغم من حسن نية غالبية قواعدها ) الى مواقع الرجعية ، اليمينية والوسطية ، المعادية للديمقراطية ... وهذه البورجوازية الصغيرة تعاني من ازدواجية رهيبة بين شعاراتها الشكلية وبين سلوكها الحقيقي المعرقل لأي تطوير فعلي للتقدم الاجتماعي والنهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني ، بسبب إصرارها على القيادة الانفرادية والتزامها ثقافة القطيع الاقصائية ومعاداتها الهستيرية للديمقراطية وتمشدقها بالتحاصص الطائفي .
السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة اليوم وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية ، وانتهاج سياسة خداع الشعب ! ...  والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ... ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الطائفي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة، فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب . ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
نيرانهم ماتزال                            ذكريات ترود الخيال
يا عزة الشهداء                       يا شباب النضال العنيد
انتم على الارض نور                           لكل شعب يثور
كونوا شبابا ... والووا الصعاب ...  وأبهجوا الأيام...
     تعزيز الفكر العلمي يعني فيما يعني  وضع الحد لتقاليد كنه والجمالي ، صدام حسين وزبانيته ، جهلة الاسلام السياسي على تعدد أوجهه القبيحة ، التقاليد سيئة الصيت التي تعاني العقدة المستعصية .... عقدة مقاومة الاشتراكية العلمية لا بالعلم والجدل العلمي بل بتعريض أصحابها إلى الإهانة المعنوية والإيذاء المادي .  تعزيز الفكر العلمي  يعني مناهضة العمى السياسي بخزعبلاته من امبريالية النمور الورقية، التحريفية والانتهازية ، ولا شرقية .. لا غربية ، والشيطان الاكبر ! الف لعنة على الخمينية والقومجية واحفاد الماوية ! .. تعزيز الفكر العلمي  يعني احياء فكر عبد الجبارعبد الله ، ومحمد عبد اللطيف مطلب ، سلمان جبو، نزار ناجي يوسف ،محمد سلمان حسن ... وألآخرون !.. لا المتاجرة بهم واتخاذهم مطية لأغراض ميكافيلية وتهريجية . آن الأوان لاستفاقة الاحزاب الديمقراطية ، قبل غيرها ، على أسس معافاة  سليمة بالاغتسال في مياه الرافدين متخلصة من ادران وقاذورات البعثنة والتشيع والولاءات العصبوية ... وهذا يتطلب العمل مع الجماهير وتوعيتها بالمهام التي تواجه الشعب وخاصة جهود استتباب الأمن والاستقرار واستعادة الاستقلال والسيادة الوطنية للبلاد والأخراج المنظم والمتفق عليه مع الأمم المتحدة لقوات الاحتلال.


المصادر :
رسالة مفتوحة إلى مجلس قيادة الثورة من الاستاذ إبراهيم كبه /حول الترقية والعزل السياسي
الفكـر الرجعـي في العـراق/ إبراهيم كبــة  - 5/5/1967
هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذان البعث المنهار وتنقذهم من مصيرهم المحتوم ؟
الدكتاتورية الشيعية – الوليد المسخ لثقافة اليانكي
   
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.alhalem.net/halmoon.htm
http://www.alhalem.net/halooon2/salamabrahimatofkoba.htm
http://www.iraqiwriter.com/Iraqi_Writers/Site_writers/salam_kubba/salam_kubba.htm
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://forum.althakafaaljadeda.com/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=9b32310cb2410ddfb3b6a770a8705de4
http://iraqidewan.net/forum/search.php?search_author=%D3%E1%C7%E3+%C7%C8%D1%C7%E5%ED%E3+%DF%C8%C9&sid=3b72c2fe8f4bb57cb4d8f8fb848b9403
http://nashwan1974.homepage.t-online.de/bu7uthwdirasat/04.html?foo=0.09082389756556935

233

      انطلقت الطائفية من عقالها كباقي المؤسسات التقليدية والولاءات دون الوطنية  كالعشائرية والقومية بعد التاسع من نيسان 2003 بسبب الفراغ الامني والسياسي الذي ولده انهيار الدولة العراقية الاولى التي تأسست بعيد الحرب العالمية الاولى ، والشروع باستنهاض قيام  الدولة العراقية الثانية برعاية الاحتلال الاميركي . وجاء النشاط والتشظي الطائفي موازيا لضعف مؤسسات المجتمع المدني العراقية  ، رغم ماشهده العراق من  التطورات السياسية والاجتماعية التي أعقبت سقوط الدكتاتورية ، وعودة الكثير من الأحزاب والقوى السياسية التاريخية لممارسة نشاطها العلني الى جانب منظمات حقوق الانسان والمنظمات النقابية والمهنية وغير الحكومية ،  ونهوض مجلس الحكم وتشريع الدستور الدائم  والعمل بالانتخابات النيابية !
      ساهمت  السياسة الاستبدادية لطغمة صدام حسين في تعميق النتائج السلبية للعقوبات الاقتصادية على البنى السياسية والاجتماعية في بلادنا ليتوسع الاستقطاب الطبقي . وعملت الدكتاتورية على أحياء المؤسسات الاجتماعية التقليدية ، كالمؤسسات العشائرية والطائفية،  لتكون سندا لها في صراعها ضد الأحزاب والقوى الوطنية المعارضة لنهجها الاستبدادي. يؤشر تنامي العصبية الطائفية اليوم إلى عمق الأزمة الشاملة التي يعيشها المجتمع العراقي بكل مؤسساته نتيجة الدمار الشامل الذي خلفته حروب الدكتاتورية والعقوبات الاقتصادية والاحتلال الاميركي . تعزز الدور الطائفي بسياسة المناورة  التي انتهجتها سلطات الاحتلال لاضعاف وحدة القوى الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة وتهميش دورها السياسي ومنح المؤسسة الطائفية الدور الكبير في مؤسسات السلطة التي كونتها بعد سقوط الدكتاتورية. وبعد ان استفادت المؤسسة الطائفية من الامكانيات التي توفرت لها في ظل الدكتاتورية البائدة ونهوض الطائفية الاجتماعية الجديدة  " التي تناغمت لا مع النزعة العشائرية التقليدية فحسب بل الاخطر في الامر هو تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة  وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لخدمتها " ، فانها تستغل اليوم بقاء حالة الفوضى في مؤسسات الدولة وعدم الاستقرار الامني وتفاقم اعمال الارهاب والقرصنة والجريمة المنظمة ، لتظهر النشاط السياسي حيث استطاعت تنظيم نفسها عبر العديد من التجمعات .... ولتضطر القوى السياسية الجديدة التي لا تملك التاريخ السياسي و القاعدة الاجتماعية الواسعة الى عقد التحالفات السياسية معها ومع أطراف الولاءات اللاوطنية الاخرى كالمؤسسة العشائرية.
العصبية الطائفية، كالعصبية القرابية ، تقوم على منطق ذوبان الفرد في الجماعة التسلطية عبر تقوية المفهوم البعلي للأسرة، دعم الروابط والقيم الابوية ، العائلية والعشائرية، وربط السلطة الداخلية أيضا بوسائل إنتاج الحياة وليس فقط القرابة والمصاهرة والتحالفات. وتعتمد الإيديولوجيات الطائفية باستمرار على ترسيمات وأحكام مسبقة متبادلة المواقع، كل واحد منها يعلن تفوقه الذاتي ودونية الآخر. المنطق الطائفي منطق مغلق منتج لإيديولوجية مغلقة وصانع لسقف محدود ، إلا أنه يعطي طمأنينة خاصة لأصحابه تذكرنا بمواصفات الجماعة التسلطية التي يتحدث عنها طبيب الأمراض النفسية لوسيان إسرائيل بالقول: " في الداخل، يشعر المرء بأنه في بيته، وهذا ما يطمئن في هوية الطباع هذه. إخوة فيما بينهم، يتفهمون بعضهم، يفهمون على بعضهم بالإشارة. يفهمون على بعضهم لدرجة أنهم لم يعودوا بحاجة إلى الكلام ".
الطائفية -  أداة لتفتيت المجتمع والعودة به إلى العصور الغابرة ، والعقل الطائفي السياسي يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي ،  في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس ... ولأن النهج الطائفي من شأنه تمزيق الوحدة الاجتماعية ، بل تمزيق الهوية الثقافية للشعب العراقي .. ولا يجوز الإيغال في وهم إعتبار الطائفية شكلا مرحليا للتعبير عن الوطنية العراقية ، واوهام إمكانية الاسـتـفـادة من بـعـض أشكال الوعي الاجتماعي التي فات أوانها والتي تجاوزها تطور البنية الاجتماعية والتقدم الحضاري فإنها وأن ساهمت في النضال المعادي للدكتاتورية، فإنها تحول الصراع في المجتمع إلى صراع فئوي والمزيد من التفتت والويلات.
تعيق الطائفية تأسيس مؤسسات المجتمع المدني ـ الأحزاب السياسية والمنظمات المهنية والاجتماعية ، وتشوه العمل السياسي عبر تطييفه مثلما حاصل في التعشير ، وتعرقل إعادة تكوين الوعي الوطني المستند على مفهوم المواطنة الواحدة من خلال السعي إلى تجزئة الوعي الوطني الى وعي فئوي يعبر عن مصالح ضيقة ، وتميل إلى عقد المساومات مع سلطات الاحتلال الأمر الذي يعرقل مساعي القوى والأحزاب الوطنية الهادفة للتخلص من الاحتلال وعودة السيادة الوطنية بأسرع وقت ممكن. ومثلما يستغل الاحتلال الطائفية يقوم البعض باستغلال الحركات الطائفية من أجل مصالحهم الشخصية وليس من أجل مصالح الحركتين السياسية والاجتماعية ومسيرة العملية الديمقراطية الحقة ليجر تسليم القيادات للقوى الاستغلالية المتخلفة، وليتذابح البسطاء من العاملين ... وبذلك يعجز النظام الإقطاعي/ الطائفي الذي يشكله الاحتلال عن إنتاج الحداثة وفهم الإسلام معا .
كمنت الجذور التاريخية للطائفية السياسية في نظام الملة العثماني الذي قضى بان ينظم جميع الرعايا العثمانيين من غير المسلمين في طوائف مستقلة يرعى شؤونها رجال الدين وتخضع لسلطتهم القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية . في الحقيقة لم  تـأت الطائفية السياسية من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي بل من سلوك السلطات الحاكمة ، والقوى السياسية المتنفذة ،  ومن طبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقول الحكام.. وهي معادلات تقوم على فكرة التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين … وشجع الاستعمار الولاءات دون الوطنية وحفز حراك المجتمع الاهلي كسياسة ثابتة متعمدة لبناء المؤسسات السياسية التي أقامها وفق مظلة الأفكار الأبوية والطائفية للإبقاء على البنى التقليدية بكل هياكلها الأساسية ! ولم تلق الطائفية الآذان الصاغية في الفـتـرة التي تـلـت ثورة 14 تموز 1958 لأنهماك الشعب بخلق المجـتـمع القـائـم على المؤسسات السياسية والاجتماعية البعيدة عن نفوذ الولاءات الرجعية ، خاصة بعد تشريع قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 عام 1958 وإلغاء قانون دعاوى الـعـشـائـر، و نزوح أعداد كبـيـرة من سكـان الريف إلى بغداد ومراكـز الالوية والمدن الكبيرة لتتغـيـر التركيـبة الاجتماعـيـة لصالح الطـبـقـات المديـنـيـة. لكن الظروف التي رافقت مسيرة الثورة، خاصة الصراعات الاجتماعية والسـيـاسية الحـادة، ساهـمت في انبعاث تحالفات قائـمة على الولاءات دون الوطنية الأمر الذي أدى إلى انتعـاش الطائفية خلال الفـتـرة التي تلت انقلاب شباط 1963. جاهر عبد السلام عارف بعدائه للتشيع بحجة انتساب بعض قيادات الحزب الشيوعي العراقي الى المذهب الشيعي ، وبهدف كسر شوكة المرجعيات الدينية الشيعية وتهميش دور الشيعة في الاحداث السياسية بالعراق واشغالهم المناصب الحكومية العليا في الدولة .. وسار صدام حسين على هدى الطائفية العارفية ، وهي سياسة انتفض الشعب العراقي عليها مرات عديدة . كان غياب أية مشاركة فعلية للشيعة في العملية السياسية عاقبة من عواقب دكتاتورية صدام حسين المطلقة !... والامر الذي فتح الباب على مصراعيه لأنتعاش الحركات السياسية الشيعية اي الطائفية.
      الطفيلية – سمة أساسية للولاءات دون الوطنية وليتطفل بعضها على بعض ..  تتجسد الطائفية الاجتماعية في محاولة تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة  وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لأعمال القمع البوليسية وخلق البلبلة وتجذير التطرف الاصولي ومغازلة الاصوليات الوافدة مثلما استخدمها النظام الدكتاتوري لدق الاسافين في العلائق الاسرية واللاانسانية .العلاقة بين العشائر التقليدية والحرة وبين المرجعيات الدينية قائمة على أساس طاعة تلك العشائر لكل ما يصدر من فتاوى عن المرجعيات تلك . العشائر استخدمت من قبل رجال الدين سيفا ضاربا تشهره كلما اقتضت الضرورة ذلك ، وكانت على الدوام المصدر المالي الذي تعتمد عليه المرجعيات الدينية في الأعم الأغلب ، وذلك عن طريق ما تقدمه تلك العشائر من غلة الأراضي التي تزرعها في الريف ومن الضرائب التي تستحصلها من دافعي  الودي والاشتراكات الشهرية عبر مكاتب الدلالية العشائرية داخل المدن لهم!. ومثلما استخدمت المرجعيات الدينية العشائر العراقية كمصدر من مصادرها المالية ، فقد سخرتها كذلك في الدفاع عنها في كل الظروف الحرجة التي كانت تستهدف وجودها ، تلك الظروف التي طالما تسببت في خلقها  الحكومات العراقية المتعاقبة . وبعد ان كانت ترتبط العشائر الحرة بمكتب العشائر المركزي في البعث باتت اليوم على اتصال وثيق بالاسلام السياسي الحاكم والمتنفذ ! في عراق اليوم استبدال للشرعية الحزبية والتحالفات المدنية بالتحالفات الطائفية ومجلس الطائفة الحاكمة امتدادا للتحالفات العشائرية . وتنتمي الطائفية الاجتماعية الجديدة في عراقنا  الى ما نطلق عليه  مجتمع القرابيات حيث اختراقات العقل الايماني المفرمل والتزمت والدوغمائية . وتتربع الطائفية كعقل كابح مفرمل للثقافة العقلانية وسط هذا المجتمع الاهلي . وينشط الإسلام السياسي في العراق لتجنيد المريدين لمشروعه الطائفي ، ليتصدر في فترة وجيزة الواجهة السياسية وليسير بالبلاد نحو هاوية الفتنة الداخلية ، وهو يراهن في نجاح مشروعه الطائفي على رجال الدين واشباههم في الدرجات الأدنى ، الإقطاعيون السابقون وكبار الملاكين والنافذون في المؤسسة العشائرية ، التجار والوسطاء والسماسرة ومافيات التهريب والحائزون على المال العام بالمصادرة أو التدليس أو التزوير ، الفئات الإجتماعية الرثة والهامشية والطفيلية والمتساقطة من الطبقات الإجتماعية .....
     يضم الالتحام الطائفي الجديد إضافة إلى حملة راية الجهل السياسي والثقافي .... يضم المحامين، الأطباء، أصحاب الشهادات العليا وأساتذة الجامعة، ضباط الجيش، ومثقفين ذوي مهن مختلفة  ... كل ذلك في سبيل توفير الحماية الشخصية والسمعة ، إلا أنه في الوقت نفسه تبرز فئات معينة تعمل على إخضاع هذه التجمعات لأهداف خاصة ومصالح سياسية في الغالب. والخطورة هي في تسيس الشكل الطائفي الجديد واستخدامه وسيلة لتحقيق السيطرة الاجتماعية . لا تحرك هذه المجموعات دوافع تتعلق بإدراكها  ضرورات التقدم الاجتماعي بل تحركها الطموحات الذاتية ! فرخت وتفرخ  القوى السياسية العراقية التقليدية قياداتها الطائفية وتعيد إنتاج ديمقراطياتها ذات الأبعاد الطائفية والمناطقية وتتحالف مع بعضها البعض، وتخلط أوراقها مع أوراق بعضها، لتتسيّد الشارع السياسي والقرار السياسي العراقي فيما المواطن العراقي يتفرج بعد أن تم سحب البساط من تحت أقدامه بمهارة عالية. وتساهم في الديمقراطية التحالفات والتكتيكات، الشعارات والقيادات أو من يرث هذه القيادات من أبناء عائلاتها والاعمام والأقارب..
     منذ سقوط النظام البعثي ولحد هذا اليوم لازال الوضع الاقتصادي سيء للغاية والمؤسسات الاقتصادية معطلة ! ...  ولم نلمس الخطط الجادة لتطويرالمؤسساتية المدنية ، وإطلاق طاقاتها بما يضمن مساهمتها الفاعلة في تطوير المجتمع وزعزعة سيادة ذهنية التحريم والممنوعات وتحجيم دائرة الفساد المستشري في دوائر الدولة وإستخدام الرشاوى(الخاوات) والاكراميات وغيرها من الأساليب للتخلص من التهم وتحويل القضايا للحل طائفيا وعشائريا وبالمحاكم القروسطية .... وتقليص نفوذ الولاء الرجعي . إن سيادة روح التحضر ليست كلاما فحسب وإنما نهوض للمجتمع المدني الحقيقي الخالي من التعصب الطائفي والقومي والعشائري ، الخالي من  مظاهر العسكرياتية والميليشياتية والرعب . عندما يشعر الإنسان بانه محمي من قبل الدولة نستطيع القول باننا وضعنا خطواتنا على طريق إعادة الحياة لقوانين الدولة، وأن الطائفية  في العراق باتت في خبر كان . 
    يحاول الفكر الطائفي العراقي ملء الفراغ الذي خلفه انهيار الفكر الشمولي الصدامي وتقدم هوياته العون والعلاج والتعليم او المواساة في اسوء الاحوال .. وهي هويات تقدم نفسها كظاهرة جديدة ذات وظائف اجتماعية مختلفة وليست مجرد استمرار للهويات السابقة . وتتجسد ازمة الفكر الطائفي العراقي في اللغة الطائفية المطلقة والمقنعة ، والمتعالية في عصر العولمة الذي يرفض اعتبارها المرجعية السائدة والوحيدة بل ينفيها وينفي دور الدين في التشريع  المدني ، وتحديده بالبعد الشخصاني للانسان فقط ... لا تملك الطائفية الرصيد الكافي في آفاق التطور السياسي والاجتمااقتصادي في بلادنا بحكم التقدم المعلوماتي – التكنولوجي الكبير في المعمورة مما جعل العالم قرية صغيرة بالفعل ! ولمواجهة  الكثير من المشاكل الكارثية التي لايستطيع بلد واحد لوحده ولا مجتمع لوحده ولا طائفة لوحدها من مواجهتها فلا غنى عن الجهد الانساني الجماعي لذلك ! ولمواجهة الإرهاب الدولي ! وللنهوض بمستلزمات الاعمار والتنمية  بكل أنواعها ! وبحكم  العولمة السياسية وإتساع مشاركة المنظمات غير الحكومية في نشاطاتها ! ولإتساع الرغبة في الديمقراطية والحكم الصالح وتحولها الى هدف سام للمنظمات غير الحكومية .
     تقوم السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة . وتجسدت الطائفية في قرار الحكومة المرقم 8750 الصادر في 8/8/2005، والذي منحت نفسها بموجبه حق التدخل في شؤون المنظمات غير الحكومية، والسيطرة على نشاطاتها وتجميد ارصدتها وحل البعض منها وبما ينسجم مع توجهاتها الطائفية وتكريس نهج المحاصصات  الطائفية ، ورغم اضطرار الحكومة وامام ضغط منظمات المجتمع المدني الى التراجع عن بعض مفردات قرارها غير المدروس، والذي لا يعبر الا عن نية السيطرة على تلك المنظمات ....  ترى أي ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها. العراق قادر كما يبدو على إنتاج المواطن الطائفي أكثر من قدرته على إنتاج المواطن الديمقراطي ، ذلك لأن الذي قاد ويقود الحياة السياسية أمس واليوم، هو الأحزاب الطوائفية ، وهي التي تدفع إلى البرلمان بنواب الطوائف، فتعيد دورة الإنتاج الطائفي ، قانونا وتشريعا ونظام حياة . وبعبارة أخرى فإن العراق الجريح يستخدم الديمقراطية لإعادة إنتاج الطائفية، لا لمحوها وإزالتها .  لقد خلقت الثقافة الطائفية والحكم الطائفي التوترات في المجتمع العراقي ، وبينه وبين الدولة العراقية .. وتجد الجماهير اللاطائفية نفسها امام الطائفية المسلحة حقوقيا والمنافسة لأجهزة الدولة العراقية في العراق الجديد .
     الطائفية تتعارض عكسيا مع الشفافية والمحاسبة ... وهما شرطان مترابطان إذ لا يمكن إجراء المحاسبة دون الشفافية ولا تمارس الشفافية دون المحاسبة . الشفافية والمحاسبة يقوضان اسس الولاءات الرجعية و يعززان من قدرة المجتمع المدني على التفاعل التام مع الحكومة التي تطرح برامجها واوجه صرف الأموال العامة والتوظيف أمام الرأي العام في البلاد من خلال وسائل الإعلام والبرلمان . الشفافية والمحاسبة تقوض الولاء الطائفي لأنه لا يقيم  وزنا للمجتمع ومنظماته  المدنية ولا لأحزابه السياسية .... لذلك لابد من دولة القانون والمؤسسات و من النظام الديمقراطي التداولي الذي يخضع فيه الكل لمحاسبة الكل وتزدهر فيه منظمات المجتمع المدني وتمارس دورها الذي أقرته المواثيق والشرعيات الدولية ، وحقوقها المنصوص عليها فيها ، وبالاخص الشرعية الدولية لحقوق الانسان !.

234
جاءت زيادة اسعار وقود السيارات ووقود الدور السكنية من نفط وغاز ، اثر القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور " الدائم " ، ....  جاءت استجابة للضغوط الدولية المتعلقة بموضوعة الديون التي يراد لها الشطب وموضوعة الخصخصة الموعودة التي ستحرق بنارها الاغلبية التي سحقتها الدكتاتورية ولم ينصفها بعد عراق ما بعد التاسع من نيسان ، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير غير المعقول للأقلية القديمة - الجديدة من البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والنخب المتنفذة السياسية الحاكمة في بلادنا اليوم!. وما اثار الاستغراب ان هذه الخطوة جاءت مع ارتفاع عائدات العراق النفطية في السنة الماضية بنسبة كبيرة مقارنة مع سنة 2004، فيما تواتر الحديث عن تنمية الاحتياطي الحكومي من العملة الأجنبية !.أخذت عملية تسويغ القرار منحى المخادعة المباشرة والمكشوفة عبر التمشدق بدعم الفقراء وذوي الدخل المحدود ومساعدتهم وتقديم المن والسلوى لهم (تعديل أجور الموظفين والعاملين وفق سلم محدد وواضح يتناسب والزيادات الحاصلة في اسعار الوقود ) تارة ! ودعم الرعاية الإجتماعية التي خصص لها 80 مليار دينار وتكوين صندوق خاص للمساعدة الإجتماعية تارة أخرى ! ..
      جعلت موضوعة الديون وضرورة إلغائها عبر المفاوضات مع البنك الدولي أو أعضاء نادي باريس المالي ، وبالشكل المخادع الصارخ الذي نفذته  حكومة الجعفري ببراعة ، من مصلحة الشعب العراقي و قدراته الحالية موضع إستخفاف ولأغراض استغفال أواستغباء ابناء شعبنا الابي الذي اختبر بحنكته وتجاربه الاعيب شركات النفط الاحتكارية والثالوث الرأسمالي العولمياتي ( البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF  ، منظمة التجارة العالمية  WTO ) طيلة سني القرن العشرين . وبسلوكيتها الديماغوجية المتسترة بالعباءة الدينية  تقوم حكومة الجعفري عن عمد وسبق اصرار بتغطية الجوهر اللصوصي للعولمة الرأسمالية والتستر على عسكرة الاقتصاد العراقي وتعبئة الموارد للتسلح والاعداد للحروب الجديدة بحجة القضاء على الارهاب ! ولتتحول الغزوات والاعتداءات الاحتكارية الدولية في العرف العولمياتي الرأسمالي الى تمهيد لتنظيم السوق العالمية والرأسمالية المخططة !  و لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى إعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.
      على مدى أربعة أشهر اي منذ صدور القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود ...  والأسعار تشهد ارتفاعات متواصلة لم تشهد البلاد مثلها من قبل فيما عدا الفترة التي تلت فرض العقوبات الاقتصادية الدولية على العراق والحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن المنصرم !....  عدوى ارتفاع الأسعار التي أطلقها الدكتور أحمد الجلبي  رئيس لجنة الطاقة ونائب رئيس مجلس الوزراء في  حكومة الجعفري صارت كالمارد الخارج من القمقم لا يستطيع أحد ايقافه. تراوحت نسب ارتفاع الأسعار مابين 200% الى 250% إلا أن غالبية المستهلكين يرون أن نسب الارتفاعات تتجاوز ذلك بكثير. ارتفعت أسعار جميع السلع الغذائية والاستهلاكية الأساسية ، والسلع الزراعية ، واسعار الملابس ، وأسعار الخدمات.
    ينهك هذا الوضع مستوى معيشة الملايين من الفقراء، الذين ظلت القوى الشرائية لدخولهم تتراجع طوال السنوات الماضية... رغم التضليل الاعلامي الحكومي والوعود المخملية ، وهو ما انعكس في عودة عدد غير قليل من الموظفين الى ممارسة مهنهم الحرة ( سواق تاكسي ... تصليح المعدات الكهربائية ... الخ )  بعد الدوام الرسمي واثناءه  لعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجات أسرهم ، وتفاقم عطالة الشبيبة العراقية التي  تملأ (جنابرهم) شوارع الوطن ولا تتعلم سواعدهم غير دفع عربات الحمل الحديدية والخشبية .
     السبب الأول الذي قدمته الحكومة العراقية لتفسير ما يحدث هو موضوعة الديون التي يراد لها الشطب وارتفاع الأسعار العالمية . السوق العالمي الذي شهد لفترة طويلة للغاية تراجعا في أسعار المواد الخام والسلع الأساسية، بدأ يشهد موجة من الارتفاع بعد انهيار فقاعة الأسهم في البورصات العالمية . ويشير مؤشر الايكونوميست لأسعار السلع الى ارتفاع يزيد على 25% منذ مطلع عام 2002 بالنسبة للقمح والزيت والسكر مثلا .... .ولم يؤد هذا الوضع مباشرة إلى موجات الارتفاع السعري .. بل ان ما ضاعف تأثير ارتفاع الأسعار العالمية على الاقتصاد العراقي هو خرابه وعجز ميزانه التجاري ودنو معدلات الاستثمار وعموم النشاط الاقتصادي بفعل العقوبات الاقتصادية والاحتلال ، لدرجة انه يستورد تقريبا كل شيء من الخارج.
     لقد فرض الاحتلال وضعا غريبا استثنائيا لم يشهده العراق من قبل ، وهو سياسة ربط الدينار العراقي بالدولار الأمريكي وبالتالي تأثره بتذبذبات الأخضر عالميا، والوقوع تحت رحمة السياسة النقدية الأمريكية. ويدعم هذا الارتباط بالتأكيد مراكز اتخاذ القرار السياسي في بلادنا اي الرأسمالية الطفيلية والكومبرادورية المرتبطة عضويا بالولايات المتحدة الأمريكية. وفاقمت الأزمة تصاعد الطلب المحلي على الدولار بسبب تراجع الثقة في السياسات الحكومية وأثرها على قيمة الدينار العراقي ، فيما يسمى بظاهرة الدولرة...اي الاحتفاظ بالنقد الأجنبي كمخزن للقيمة...لقد تصاعدت معدلات الدولرة في الاقتصاد العراقي لتصل الى معدلات مرتفعة للغاية وتزيد من حساسية الاقتصاد لسعر الصرف أكثر فأكثر.... الى جانب ظاهرتي المضاربة وغسيل الاموال .  ووضع الدولار الأمريكي وأثره على الأسعار ينبعان بالأساس من أوضاع الاقتصاد العراقي الهيكلية وفساد برجوازيتنا وحكومتنا وسياستها الاقتصادية. فالاحتلال وسلحفة معدلات النمو الحقيقي ، بالقياس لطاقات المجتمع من ناحية، والاحتياجات المتصاعدة للسكان من ناحية أخرى، هي الأساس في فقدان المناعة تجاه أي تطور اقتصادي ولو طفيف الأثر.
     في هذا الوضع الاقتصادي السيء للغاية وبدلا من زيادة الدعم المقدم لأسعار السلع الأساسية كاجراء مسكن لتحجيم ارتفاع الأسعار ، وخوض معركة السلعة الوطنية التي تعني خلق الالاف والملايين من فرص العمل الجديدة والمنتجة للعاطلين ... يأتي القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود لتهشيم دخول الفقراء لا لحمايتها كما ادعت الحكومة العراقية . ارتفاع الأسعار الحادث اليوم يكشف عن عمق أزمة نظام ما بعد التاسع من نيسان  .. وإفلاس البورجوازية العراقية ، وعن انحيازه الشديد ضد جماهير الفقراء في بلادنا بما يؤدي إلى مزيد من التردي في أحوالهم. ومع استمرار الأزمة، وعجز النظام عن تجاوزها، لنا أن نتوقع تصاعد جديد في النضالات الجماهيرية، فارتفاع الأسعار دائما ما كان القشة التي تقصم ظهر البعير.
     يعيش اكثر من 20 % من العوائل العراقية  تحت مستوى خط الفقر ، وتبقى البطالة (التي تتراوح معدلاتها بين 30 و50 في المئة من القادرين على العمل) مستشرية بين الشباب بشكل خاص، رغم اعادة المفصولين وتوظيف الكثيرين في الشرطة والجيش. يرتفع التضخم وترتفع الاسعار ملتهمة الزيادات في الرواتب. ويتدهور توزيع مواد البطاقة التموينية على المواطنين، ولن ينفع ما يقدم من تعويض نقدي عن البطاقة ... فكل ما يدفع في اطار هذا او ذاك سيلتهم التضخم الجزء الاعظم منه قبل ان يصل الى المواطن!. ان جماهير واسعة تحركت خلال الشهور الماضية ضد تفاقم صعوبات العيش واشتداد الازمات في شتى ميادين الحياة اليومية، وتحت تأثير الشعور بالاحباط ازاء مجمل اداء الحكومة وعدم وفائها بما اطلقت من وعود، والسخط على بعض الاجراءات المستعجلة وغير المدروسة التي اقدمت عليها. وتجلى التحرك في المظاهرات الواسعة التي غطت العراق محتجة على قرار رفع اسعار المشتقات النفطية.
   تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار ! . لابد من الاهتمام بملف النفط  في العراق لما له من اهمية على مستقبل العراق وعلى مستقبل شعبنا وعلى طموحاته المشروعة ... هذا يستوجب وضع الملف النفطي  في اولويات الاجندة الوطنية لكي يكون الجميع على دراية تامية عن كل ما جرى ويجرى من الامور المتعلقة بالنفط في العراق عامة والتي غالبا ما تجري مداولاته خلف الابواب المغلقة .

235
         أينما تذهـب في ربوع كردستان العراق ، أسأل الشجر والصخـر ، الوديان والجبال ، العيون والروبارات .....  كلها تجيبك عـن تضحيات وبطولات وسجايا بيشمركة حركة التحرر الوطني الكردستانية   ... المحاربون الأشداء الأقوياء الذين لا يهابون الموت بل يفتشون عـنه ! ....  حملوا أكفانهم على أكتافهم  ووضعـوا أرواحم عى راحة أيديهم  ......  وشعارهم دائما وأبدا ـ كردستان يان نه مان - ....   أي ـ  كوردستان أو المـوت والفناء ـ  .... واول من أطلق ـ مصطلح البيشمركة ـ هو الأخ / مام جلال ، الذي كان أحد أبرز قياديي الحركة الوطنية التحررية الكردستانية اثناء تواجده  في منطقة / جم ريزان ـ القريبة من ناحية سورداش / محافظة السليمانية آنذاك - بداية الستينيات . وتتكون البيشمركة من :
بيش ، وتعني ـ قبـل ـ بالكردية .
مركة ، وتعني ـ الموت أو التضحية ـ .
     حينما نجمعهـا تعني ( قبل الموت والتضحية ) ، أي أنهم يسبقون الموت الى الهدف!!.
     عندمـا يتوجهون  الى ساحات القتال ، يرددون وبصوت واحد الأناشيد الوطنيـة ومنها :
نحـن البيشمركة لنـا صولاتنــا
ان لم تعـرف أسأل عـدونــا
شعارنا وهدفنـا : كردستان أم الفناء
لاحياة من دون حرية وكـرامـة !!!.
يرددون الأناشيد الوطنية الثورية .... يسمعهم الجميع وتنصت الطبيعة لهم اجلالا ... الكل تنحني تقديرا  لهذا الصوت الهادر و للأبطال الذين لا يعرفون الليل من النهار ولا البرد من الحـر!!. واجه البيشمركة في كردستان العراق عدو من النوع الخاص … حكومة غنية تقوم بصناعة العديد من الأسلحة بنفسها عن طريق منشآت التصنيع العسكري المختلفة … الدعم اللامحدود من قبل الدول الكبرى المنتجة للأسلحة ….. الاسلحة التقليدية والاسلحة غير التقليدية .. النابالم والكيمياوي .. القوات غير النظامية من العشائر الكردية الموالية للسلطة ... سياسة التهجير القسري وحرق الاراضي ... التعاون المتبادل مع دول الجوار وأهمها الأتفاقيات المبرمة مع الحكومة التركية والتي سمحت بموجبها بتغلغل القوات التركية مسافة 15 كيلومتر داخل الاراضي العراقية  لمطاردة الثوار الكرد ! … الأمكانيات المادية الكافية لديمومة المعارك والمطاردة .
      في تأريخ حركة التحرر الوطني  الكردستاني ، أعطى الكرد آلاف الشهداء ... صحيح أن الشهداء جميعاٌ يبقون في الذاكرة ويبقون خالدين مدى الدهر …. لكن هنالك من سطر البطولات وحفر في الذاكرة الشىء الكثير …منهم من أصبح  أسطورة عصره كالقـائد الراحـل / ملا مصطفى البرزاني .. هنالك العشرات لا بل المئات من الشهداء الشجعان جديرون بذكر أسمائهم ...  ولكن عندها سنحتاج الى المئات من الأسطـر ، فمعذرة لهـم !. وبعـد الأنتفاضة 1991  أصبح للشهداء ـ دائرة حكومية أقليمية خاصة ـ تهتم بعوائلهم وترعـى شؤونهم وشؤون أولادهم ولهم الأفضلية في كافة مجالات الحياة.... الا حان الوقت لهذه الدائرة النضالية ان تلتفت  لعوائل  شهداء انصار الحزب الشيوعي العراقي الابطال ! ...
     من كل بقاع العالم ، من مختلف العوالم والمدن ، توافد الانصار الشيوعيون واصدقائهم ، الى كردستان العراق اثر قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي مقاومة الدكتاتورية التكريتية الربع الاخير من القرن العشرين !. رفاق أحبة ... افنوا سنوات طويلة من عمرهم في النضال والعمل من اجل قضية شعبنا ووطننا ، ومبادئ الحزب الشيوعي العراقي وشعاره العتيد في النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد ... رفاق وضعوا مصلحة وطنهم وشعبهم وطبقتهم العاملة فوق مصلحتهم الشخصية، مثالاً اقتدينا وسنقتدي به لمقارعة كل من يضمر الشر لشعبنا الطيب، بكل مكوناته، التي نفخر بها جميعاً، ولمواصلة المسيرة مهما غلت التضحيات . رفاق سطروا الدرب المجيد والمشرف الذي بدأناه به قبل اكثر من نصف قرن ولازلنا عليه سائرون وفاء لوطننا وشعبنا وشهداء حزبنا والحركة الوطنية والديمقراطية.
   وطوال سني الكفاح ، منذ لحظة الانطلاق وسنوات البناء الاولى ، وراية الحزب الشيوعي العراقي خفاقة من جيل الى جيل ، تخضبت بدماء الشهداء ، وبقت شامخة ظافرة بتفان وكفاح وتضحيات العشرات من المناضلين الاشداء ، سائرين على ذات الدرب من اجل غد مشرق ، غد المثل الشيوعية السامية .
لم تكن معركة بشت آشان حدثا عاديا بل صدمة صعقت الشعب العراقي والكرد والبيشمركة وهللت لها الدكتاتورية ... قدم فيها  الحزب الشيوعي العراقي قرابة ال 70 شهيدا جلهم من الانصار غير الكرد والكفاءات العلمية .. 10 مهندسين ، كوادر فلاحية وعمالية ، معلمين وموظفي صحة ، طلاب !  .. والجميع جاء الى كردستان لمقارعة الدكتاتورية لا لتتلقي صدورهم الرصاص من القوى السياسية الحليفة ! .. وعلى كل حال ، في المعارك ضد دكتاتورية صدام حسين تعمد دم شهداء  الحزب الشيوعي العراقي وأوك وحدك ... أحزاب جود وجوقد والجبهة الكردستانية !.
      في بشت آشان 1983 سقط  شهداء للحزب الشيوعي ، وبفقدانهم خسر الشعب العراقي كوادر حزبية وعلمية ديمقراطية تميزت بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي .. ستبقى ذكراهم تعبيرا عن عظمة حزبنا الشيوعي العراقي في علمانيته وتحضره وإيمانه بمساواة المرأة بالرجل وبحق القوميات في تقرير مصيرها بنفسها وغيرها من الأهداف النبيلة التي قدم في سبيل تحقيقها التضحيات الجسيمة .... ان العمل الجاد لتعويض عوائل شهداء  الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان عن حقوقهم المهدورة ، وهو عمل تجاهلته الحكومات الجديدة لأنغماسها بالطائفية عارضا مرضيا لا علاقة لها بمبادئ الأديان أو الأخلاق... بل باقتسام الحصص والمغانم، لا يستعيض عن التاكيد اولا على اعادة الاعتبار إلى الشهداء انفسهم الذين سقطوا في معركة اقتتال القوى الوطنية فيما بينها ( دعوة رئيس الجمهورية العراقية الاستاذ جلال الطالباني لأعتبار شهداء الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان وبينهم  عشرات المهندسين على الملأ  شهداء الشعب العراقي والوطن ... مثلا )  .
مجدا للشهداء ....
 عميدة عذبي حالوب / أحلام .....   منير رمزي يونس .... بهاء الدين أحمد   ....  مجيد رسن / حميد .... محمد فؤاد هادي /أبو طارق  .... عبد الوهاب عبد الرحمن سالم / أبو هندرين ..... سلام شهاب أحمد /أبو عادل   .....  باسم محمد غانم الساعدي / أبو صلاح .... شهيد عبد الرضا / أبو يحيى   ....  علي جبر / عادل بهديني .... سمير يوسف كامل / عمار  ....   سمير عبد الحسن / أبو صابرين .... ثائر عبد الرزاق أحمد / سعد   ...  وهاب عبد الرزاق / ملازم حامد .... يحيى حسن مرتضى / رشدي ..... صلاح حميدي / أبو مهدي .... الدكتور بهاء....... / طارق   .....  د . سلمان جبو .... سيدو خلو اليزيدي / أبو مكسيم  ....  سمير مهدي شلال / أبو تيسير .... هيوا نائب عبد الله  ......  نصير محمد حسن الصباغ / أبو نادية .....نعمة فاضل / أبو سليم   ....  رسول صوفي / مام رسول .... سرباز أحمد ملا قادر   ......... رعد يوسف عبد المجيد / أبو بسيم   ......  حسين محسن سعيد العباس / أبو خليل ..... عبد الأمير عباس علي / سمير  ....    عبد الحسين أحمد / أبو سمير .... كاظم طوفان / أبو ليلى    .....   ناصر عواد / أبو سحر ... طارق عودة / رعد   ....  نزار ناجي يوسف / أبو ليلى ... قيس عبد الستار القيسي / أبو ظفار   ..... مؤيد عبد الكريم / حامد .....جعفر عبد الأئمة / أبو ظفر   .....   جبار شهد / ملازم حسان .... صامد أحمد الزنبوري / أبو خلود   ..... أنور حاج عمر / رستم ....أحمد عبد الأمير مرتضى / أبو سلام   ......  غسان عاكف حمودي / الدكتور عادل ....حسن أحمد فتاح /ماموستا دارا   .... رشاد عباس حسين / أبو توفيق ....  هيوا مقديد عمر / بختيار   ..... علي حسين بدر / أبو حاتم .... هاشم كاظم محمد / أبو محمد   ..... محمد صالح الساعدي / أبو وطفاء ....علي عبد الكريم النعيمي / عبير   ...  عيسى عبد الجبار / سلمان....حامد الخطيب / أبو ماجد  ...  سعد علوان هادي / أبو صوفيا ....شهيد فؤاد سربست محمد صالح  ..... ئازاد ئاغوك نادر / له زكين .....إبراهيم عبد الله شمسه / أبو يوسف  .... حسان عباس الهاشمي ....دارا حسين شريف / قاره مان  ..... خالد كريم علي / هيمن ....محمد أمين عبد الله / دهشتي  ....  أحمد بكر إبراهيم / هاور .....عطوان حسين عطية / أبو علي  ....  مازن محي الدين كمال الدين ...زهير عمران موسى .... سليم إحسان عباس الهاشمي ....عماد شهيد هجول / أبو معالي  ... دارا حسين شريف / قاره مان....خالد كريم علي ...هيمن محمود قادر محمد .... أزاد عزيز صالح ... خليل رضا كبابجي / بيستون...فاخر محمد حسن  ... أزاد رضا أغجله ري / آرام....ماموستا قادر شهيد   ...فؤاد سربست محمد صالح ...باسل كاظم الطائي / ابو تغريد ..... والآخرين !.
مجدا  لشهداء الحزب الشيوعي العراقي
مجدا  لشهداء الاتحاد الوطني الكردستاني
مجدا  لشهداء الحزب الديمقراطي الكردستاني
مجدا  لشهداء الشعب العراقي والحركة الوطنية .


 

236
  تعيد مرجعيات اقتصاد التساقط (TRICKLE – DOWN ECONOMY    )  انتاج العقل الطائفي لتتفتح حدود العقل الايماني الغيبي واشاعة الخرافة والسحر والخديعة والدجل وتوظيف الخوارق والمعجزات ، وتنتعش الاصوليات المتطرفة التي تستمد قوتها من عدم شعبوية الاجراءات والتغيرات الاجتمااقتصادية السياسية الحديثة والسريعة ومن دعم مرتزقة البعث وطهران  في فترات بطء وتيرة تشكل المجتمع المدني .... وينفلت الرأسمال التجاري من عقاله وتستعيد العقلية الصدامية ،عقلية ثقافة القطيع ، حيويتها في مجال الابتزاز المعيشي للمواطنين  ويزدهر الفساد . ما نوع الفايروس الذي يشل عقول العراقيين اليوم ؟ هل مستقبل العراق وادامته ضمن مصطلح الأستقرار  يجري تكريسه وصونه بالمحاصصة القومية والطائفية / ضمان نهج الدكتاتورية الطائفية  / فتح الفخذين لدولة ولاية الفقيه المستقبلية / اتقان فن تزوير ارادة خلق الله بإسم الله/ تعميم ثقافة الجهل وصناعة الخصومات / خدمة السنهدرين الاصغر القابع في طهران ، والاعظم في واشنطن وبروكسل؟ .... انه فايروس ..قم وطهران.. – النسخة المطورة لفايروس الصدامية ... والعهدة على المستشار الذي شرب الطلا !
       ستشمل زيادة الضرائب والرسوم على المؤسسات الخدمية في حقبة الائتلاف العراقي الموحد مرافق الكهرباء الوطنية عبر اضافة المبالغ الجديدة الى قوائم اجور الكهرباء مثلما فعل صدام حسين ونوري السعيد من قبيل غرامات البث التلفزيوني وزيادة ساعات قطع التيار الكهربائي ... ومحاولة تعطيل اعادة تشغيل المنشآت الصناعية الكهربائية المتوقفة عن العمل وتشغيل مئات العمال الذين جرى تسريحهم من العمل ( انظر : منشأة القادسية للصناعات الكهربائية في ديالى ،الشركة العراقية الكويتية للمقاولات الميكانيكية والكهربائية المحدودة ، الشركة المحدودة لأنتاج الغسالات الكهربائية ،الشركة العربية لأنتاج المفاتيح الكهربائية المحدودة !،الشركة العامة لصناعة البطاريات .. الخ. ) ... يذكر ان عدد المعامل الصناعية في العراق عشية غزو الكويت 1990 قد بلغ ( 27818 ) من ضمنها (1472 ) صناعة كبيرة يعمل فيها (10 ) أشخاص فأكثر ..كما بلغت قيم الانتاج الصناعي (4.5) مليار دينار بأسعار 1990. ويؤكد اتحاد الصناعات العراقي ان نسبة المنشآت الصناعية المتوقفة عن الانتاج في العراق بلغت 80 % بداية عام 2002 . ان توسيع الهجوم الضرائبي ومواصلة التقليص في الانفاق العام باسم الاصلاح الاقتصادي في العراق هو الاخلاص بعينه ل :
1.   وصفة صندوق النقد الدولي IMF   سيئة الصيت ،وصفة الفاقة والبؤس والجوع .
2.   سياسة تقشف صدام حسين المعنونة الاصلاح الاقتصادي في رسالته اواخر 1995 .
     الى ذلك تكشف عوامل الجفاف العجز الفاضح لسلطات  حقبة الائتلاف العراقي الموحد في ميدان استغلال المياه وحل مشكلاتها واقامة المشاريع الاروائية وصيانة السدود وتوفير الطاقة الكهرومائية وايقاف القرصنة التركية الايرانية لمياهنا وحتى تأمين الكفاية من مياه الشرب للمواطنين .. وتسلط عوامل الجفاف الاضواء مجددا على سياسة الائتلاف العراقي الموحد الفاشلة في القطاع الزراعي . لقد خفضت تركية من مناسيب المياه المتدفقة في نهري دجلة والفرات الى العراق ، وتقوم بتشييد منشآتها المائية الضخمة على أحواض الرافدين دون التحاور مع دول الحوض والالتزام بقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية المعقودة بين هذه الدول  القرن المنصرم . هكذا تنخفض حصة العراق من نهر الفرات بنسبة(80% ) ومن نهر دجلة بنسبة (50% ) بسبب الجهد التركي الكهرومائي وسدوده جنوب شرق الأناضول،وبحكم نصب إيران الاسلامية لمنشآت مائية أخرى على روافد دجلة (عملت إيران على بناء سدين على الزاب الصغير لتوليد الكهرباء . وبنيت سدود على ديالى مما أدى إلى حرمان خانقين من حصتها الطبيعية من المياه العذبة الجارية فاضطر العراق لفتح قناة خاصة . هذا هو حال السدود على انهر الكرخة، كنجان ، دويرج أيضا ).وإذا أخذنا بنظر الاعتبار الجفاف الذي يضرب الشرق الأوسط والعراق منذ سنوات أي قلة الأمطار وانحسار هطول الثلوج على قمم الجبال نصل إلى حصيلة غير إيجابية تؤكد انخفاض مناسيب الأحواض المائية العراقية.
       يسبب تذبذب التيار الكهربائي الوارد اليوم من القطاعين العام والخاص ( المولدات الاهلية )عطب الاجهزة المنزلية والمكتبية الكهربائية في الوقت الذي تتغابى فيه الاجهزة الحكومية عن القطع خارج برنامج القطع المبرمج والذي يستغرق الوقت غير المحدد اي الانقطاعات المكثفة حتى خلال الساعة الواحدة ! وبالاخص في مناطق الاطراف .. لكنه لا يشمل الاحياء والبيوتات المخملية ودور العبادة الارستقراطية التي تتمتع بالاستقرارية العالية والحمولات المتينة والمغذيات المعافاة والشبكات العصية !.. الانقطاع المطري – نوع جديد ومبتكر حيث تنفجر المغذيات والمحولات في مدينة الثورة – الصدر ومناطق عديدة من بغداد والمدن الاخرى عند اول زخة مطر ! ولازال العمل يسير بوتائر سلحفاتية لتنفيذ مشاريع منظومات وحدات السيطرة عن بعد ( Remote ) لربط محطات التوزيع الفرعية بالسيطرة المركزية لتحجيم التلاعب بالقطع المبرمج و القطع خارج البرنامج ، والاسراع في معالجة الانقطاعات دون الحاجة الى اتصال المواطنين للابلاغ عنها ، وتحويل مناطق الحمل العالي الى  مناطق حمل واطئة . .. ويقوم المتعهد الخاص بتوفير المواد والتجهيزات اللازمة حسب المواصفات الضرورية بسعر اقل وبزمن مناسب بدل الفترات الطويلة لأستيراد هذه المواد وما يرافق ذلك من اجراءات بيروقراطية .. هذا ليس بمعزل عن توفير السلطات الحاكمة الغطاء المالي والقانوني لهم وتشجيع الاحتلال !.اما المحطات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي نصبتها الامم المتحدة وبعض الشركات العالمية في بلادنا لأنتاج الطاقة في نصف العقد الاخير فاتصفت كونها غير عملية ومحدودة الفائدة بسبب كمية الوقود الكبيرة المستهلكة ومحدودية طاقتها وكثرة عطلاتها ... في كردستان العراق 2002 مثلا ، تواجدت في مخازن ال ( UNDP ) (5000 )عمود كهرباء و( 6000 ) كيلومتر من القابلوات و (42 ) محولة كهرباء ، ومع ذلك عانت كردستان من انقطاعات الكهرباء المستمرة والتي لا تشمل بالتأكيد قصور القيادات الكردية في اربيل والسليمانية ! وأخرت ال  ( UNDP ) ايراد مولدات ال (29 ) ميكاواط المتواضعة لأحكام ارباحها الاقتصادية وارباح عرابيها من مسؤولي ادارات الكهرباء الكردستانية في ظل نظام السقف المشترك ( Common Roof ). ان التقصير المتعمد ل ( UNDP ) في وضع الخطط العملية لمعالجة مشكلة الكهرباء ليس بمعزل عن السياسات العامة للمنظمات التابعة للامم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية (NGOs ) في الترويج لما يسمى الليبرالية الجديدة والخصخصة ..  " في كردستان العراق اسهم الاقتتال الكردي – الكردي في استخدام الكهرباء كسلاح سياسي فاقم من تدهور اوضاع المواطنين ،وحجب مناطق واسعة من حصصها المتفق عليها من الطاقة الكهربائية .ففي عام 2000 بلغ انتاج محطتي دوكان( 400 ميكاواط )ودربندخان( 270  ميكاواط ) .. بلغ 120  ميكاواط صباحا و 180 ميكاواط ليلا .. الا ان حصة اربيل بلغت 17 ميكاواط فقط بدل ال 58   ميكاواط صباحا وال 85 ميكاواط ليلا حسب حصة ال 48% المتفق عليها ."
بلغ عدد العقود المعرقلة في لجنة ( 661 ) لتلبية الطلب على المشاريع الاستراتيجية ومحطات توليد الكهرباء (155) عقدا بكلفة اجمالية (1.7 ) مليار دولار حتى بداية عام 2002 ، وهذه القيمة في قطاع الكهرباء هي الاعلى في كل القطاعات الاقتصادية ..يليه القطاع النفطي  .وجرت الموافقة على 3 عقود فقط من مجموع ( 15 ) عقدا متصلة بمحطة الشمال الحرارية في الكيارة .. وعموما لم تجر الموافقة سوى على ( 24% ) من مجموع العقود التي ابرمتها هيئة الكهرباء ضمن لجنة ( 661 ) على مدى المراحل الدورية . ومن المصاعب التي واجهها ويواجهها قطاع الكهرباء العراقي الانسحاب غير المبرر لبعض الشركات العالمية المنفذة للعمل في مشاريع الكهرباء تحت شتى الحجج ، وباتخاذ الحكومة العراقية موقف المتفرج الواعظ الذي لا حول له ولا قوة . 
ان اسباب ارتفاع اسعار الاجهزة الكهربائية التي تغزو السوق العراقية والكردستانية رغم رداءة النوعية وكون معظمها مغشوشة وتحمل ماركات عالمية متعددة هي :
1.   الرسوم الكمركية والضرائب التي تصل احيانا الى ( 200% ) من قيمة البضاعة .
2.   الضرائب على محال تجارة الاجهزة والمعدات الكهربائية التي تبلغ ملايين الدنانير / سنة .
     تستخدم  وزارة الكهرباء اليوم  الهدر في الطاقة اي الطاقة المدفوعة الثمن المستخدمة على نحو غير عقلاني في الاستهلاك ، وفاقد الطاقة اي الطاقة المستهلكة و المدفوعة الثمن لأغراض الابتزاز اليومي للمواطن في بلادنا ! وبالتنسيق مع ابتزاز الولاءات الرجعية من طائفية وعشائرية وعصابات .  وتسبب التجاوزات على التيار الكهربائي الانقطاعات وتذبذب الفولتية وتعطيل قواطع الحماية وعطب المحولات وتضرر القابلوات والاسلاك ،بينما تسهم عوامل اطوال الخطوط وتقادمها وزيادة تحميلها وسوء اختيار توترات التوزيع في ارتفاع نسبة الفاقد الفني للكهرباء في العراق الى( 20 % ) من الطاقة المنتجة مقارنة مع( 10 % )على المستوى العالمي ، ويساعد اسلوب الربط الكهربائي للشبكة على تأجيل الاستثمارات المطلوبة لمواكبة الزيادة في الاحمال ..  بلغت نسبة الضياعات( 11.5 % )في عموم الشبكة ! .
    تحدد طبيعة قطاع الدولة طبيعة القوى الطبقية التي تسيطر عليه وكيفية التصرف بفائضه الاقتصادي ولمصلحة من ؟ للتنمية ام للسوق الخارجية والجانب الخدمي والطفيلية وتسريب الفائض الاقتصادي الى الخارج ؟!.. المطلوب في عراقنا الاشم ليس تصفية القطاع العام انما تصفية العقبات التي تحرفه عن اداء وظيفته التاريخية لمعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية والاجتماعية المركبة ،ومحاسبة عرابي إدارات الكهرباء المتورطين بالاختلاسات والرشاوي وتقاضي العمولات من الاجنبي ومن شراذمة صلاح يوسف كزير ..  يفترض أن يخضع  تعيين البعثيين القدامى الذين كانوا جزء من النظام المخلوع والوجوه الطائفية المقيتة وتوليهم المناصب الحكومية والحقائب الوزارية ! للرقابة والتدقيق الشديدين....  لأنه  يثير المجتمع ويدفعه باتجاه التطرف في أحكامه على الوضع القائم. ولا بديل عن تطهير إدارات ومنشآت الكهرباء من مرتزقة البعث المنهار وجرذان الاستخبارات البائدة وقطط العهد الجديد السمان والنخب السياسية الطائفية التي باتت افواههم بالوعات العملة الصعبة ... والتي باتت بؤر صارخة للفساد والافساد  واتباع نهجا عقلانيا موضوعيا لمعالجة أزمة الوقود ، نفطا وبنزينا وغازا ،  وانقطاعات التيار الكهربائي . 
    ويفترض ان يتضمن الاصلاح الاقتصادي الموعود للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006  نشر محطات توليد الطاقة الكهربائية في جميع مناطق العراق بمعدل نمو نسبي سنوي لا يقل عن (10%) ، والعمل على الامد المتوسط لتطبيق نظام معتمد وكفوء يوفر طاقة توليد تصل الى 7000 ميكاواط اي بزيادة مقدارها حوالي 80% ، أعادة تشكيل وزارة الكهرباء وتطوير شبكة الطاقة الكهربائية مع زيادة توليد الطاقة وتحديث شبكات توزيع الكهرباء من اجل ضمان تجهيز مستمر للتيار لتلبية حاجات المستهلكين مع الحد الادنى من الانقطاعات،وتوزيع الكهرباء بأسعار مخفضة اي اتباع السياسة التسعيرية المناسبة التي تسهم في تقليل تكاليف المعيشة للسكان وتكاليف الانتاج على ان يترافق ذلك مع الادارة السليمة لقطاع الكهرباء وتحقيقه الارباح المناسبة ! ، واعتماد الانتاج والاستهلاك الواسع الذي يذلل من اعمال النقل بالمترو والسكك الحديد وباصات نقل الركاب كونها اقل كلفة كوسائل نقل جماعي واكثر حماية للبيئة من التلوث الغازي ،وتجديد محطات توليد الطاقة الكهربائية بالتكنولوجيا الحديثة ومعادلة تقادمها ، والحفاظ على تفوق معدلات نمو الانتاج على متوسط نمو الاستهلاك وعلى البنى الهيكلية للانتاج والاستهلاك التي تنسجم مع المصلحة الوطنية والمنافع الاقتصادية ، ضمان تجهيز وقود كافٍ لقطاع الطاقة وتحقيق استقرار التيار الكهربائي للمواطنين واعتماد استخدام الغاز الطبيعي لتشغيل المحطات الحرارية ،وايقاف ايراد مولدات الكهرباء ذات السعة الاقل من ( 50 ) كيلوواط اقتصادا في الوقود وحفاظا على البيئة ضمن سياسة تنظيم عمل التوليد الاهلي وتحديد سعر الامبير الواحد والمواصفات الفنية لأسلاك التوصيل، ضبط وتنظيم التجارة الداخلية والخارجية للسلع ومواد التأسيسات الكهربائية والانارة .. وتنظيم منح تجارها اجازات وتراخيص الاستيراد .. وقنونة أسعار خدمات هذا القطاع ! ،تشجيع التدفق الاستثماري في قطاع الطاقة الكهربائية وتأسيس مؤسسة عامة لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع اي المجلس الاعلى للاستثمار ومكتب موحد لمتابعة التراخيص ،استكمال كهربة الريف العراقي ، اعادة تشغيل المنشآت الصناعية الكهربائية المتوقفة عن العمل ، مواصلة البحث لأيجاد المصادر البديلة للطاقة والاستخدام الامثل لها والعمل الجاد لتنويع واكثار مصادر الحصول على الطاقة الكهربائية..... ويفترض ان يتضمن الاصلاح الاقتصادي الموعود استخدام  الغاز الطبيعي في الاغراض المنزلية كطاقة .. ومادة اولية في الاغراض الصناعية ولأغراض التصدير لاحقا ! ،وضع الخطط لتوزيع الغاز الطبيعي على الدور المنزلية والمصانع حاله حال الكهرباء والماء ،اعتماد استخدام الغاز الطبيعي بدلا من النفط ومشتقاته  لتشغيل المحطات الحرارية ، استخدام الغاز الطبيعي في الصناعات البتروكيمياوية وانتاج الاسمدة ،تصدير الغاز المسيل (L.N.G. ) بالاسطوانات لدول الجوار وبالانابيب الى اوربا. يذكر ان العراق يحرق حاليا اكثر من ( 50% ) من غازه الطبيعي المستخرج مع النفط او بمفرده دون الاستفادة منه لأغراض صناعية !.. بينما يعتمد الفلاحون على سعف النخيل والكرب واغصان الاشجار والجلو وفضلات الحيوانات (المطال) لأغراض الطبخ .  كما يفترض ان يتضمن الاصلاح الاقتصادي الموعود ان تتولى الحكومة العراقية  تنفيذ مشروعات المياه الصالحة للشرب حماية للصحة العامة وتوفير البيئة الخالية من التلوث ، والتوسع في مشروعات المياه لأغراض سقي الحدائق اي مشاريع الماء الخابط بأسعار مخفضة !
     يفترض ان يتضمن الاصلاح الاقتصادي الموعود الاقرار بخطل قرار مجلس الحكم المرقم (27   ) الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... وسخافة قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. ورجعية قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. وخطورة قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية ! واهمية منح الشعب حرية تأسيس مؤسساته النقابية وفق ارادته الحرة ودون التدخل في شؤونها الداخلية عن طريق السلطات او الاحزاب او المرجعيات الطائفية والولاءات اللاوطنية ... وضرورة اعادة النظر بتشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين وجمعية الاكاديميين العراقيين واتحاد الصناعات العراقي ومؤسسات البيزنس ( رجال الاعمال ) والغرف التجارية العراقية والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وبقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 باتجاه تحقيق شعار (كل التعليم للشعب ) ، ودعم التعليم التقني العالي (البوليتكنيكي) ... وضرورة اعادة النظر بتشريعات المكاتب الاستشارية الهندسية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي رقم (64) لسنة 1979 و المكاتب الاستشارية الهندسية غير الحكومية رقم (16) لسنة 2000 .. وتأسيس المكاتب الاستشارية الهندسية الضرورية لمشاريع وبحوث البيئة! .. وطالما بقيت المعاهد والمدارس والكليات تحت اشراف رجال الدين والاعمال  ستبقى الاجيال العراقية عمياء وجاهلة !
إن حالة التحول من نظام حكم يعتمد على القسوة إلى نظام حكم منفلت، مثلما حدث في العراق ، جعلت المواطن العراقي في حالة من التخبط  وأصبح في حالة قلق مستمر مما أفسح المجال لمفردات شعبية تشيع على لسانه تناسب مرحلة الاحتلال الاميركي  من قبيل " كهرباء ، مولدة ، خط اول وخط ثاني ، جوزتنا ، طفت .. اشتغلت ، لالة.. فانوس.. لوكس ، جطل ، احتلال، ماكو ماي، ازدحام ، سيطرة ، شرطة .. حرس .. رمي عامي شامي ، ميليشيات ، الجسر مقطوع .. الشوارع مسدودة ، مفخخة، انتخابات، موبايل .. ماكو شبكة ،تلفون ارضي .. ماكو خط ،انترنيت .. ماكو سيرفير ،ستلايت .. فضائية ، مصرف .. صراف .. دولار .. بورصة .. توزيع رواتب ، حرامي ... سلابة ،عصابة ، مجاري ، 20 لتراً ، 20 دفتراً ، حصة.. غلاء ،البطاقة التموينية .. الوقود والدواء ، صف البنزين ، سوق سودة (سوداء) ، مهربجية ، تجارة .. وتجار ، قنينة الغاز .. صفيحة النفط .. العربة الجوالة ،  شلش ، عركة، مات، انخطف ، هاون ، همر ، أميركان ، الغام ، تحشيش .. حبوب هلوسة ، دستور ، بطالة .. مسطر ، جمعية وطنية .. كهرباء وطنية .. فساد ، من جماعتنا ... من جماعتهم ، آية الله .. تكفير ... بسملة ، مولانا .. آغاتي .. الو حبيبي ، انخمط .. خمطوه، علاس .. علسوه " بالرغم من أنها بسيطة وتظهر كوسيلة لإنهاء حالة القلق هذه ... في الوقت الذي تؤدي فيه فوضى السوق المنفلتة الى التقادم السريع للمعدات والمكائن الرأسمالية للقطاعين العام والخاص والقطاع المختلط  لتتحول السوق العراقية على المديين القصير والمتوسط المكان الاكثر استيعابا للصناعات الايرانية التي تغزو السوق دون منافسة بسبب الاعفاءات الكمركية والتهريب وسياسة قرصنة الائتلاف الموحد .
تركت الكوارث الحربية والاجتماعية التي تفتعلها السلطات الحاكمة في بلادنا بصماتها على المجتمع وتعطلت العائلة العراقية ،وتتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال والافتقار الى الكهرباء والماء النقي والخدمات الاساسية وتفاقم مشاكل البطالة والنقل والامن وارتقاع نسب الوفيات من ضحايا الارهاب ، وبسبب الامراض وسوء التغذية وتمادي استخفاف الحكام بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في التحجر والانزواء والاستنفاذ وفقدان الرونق واحلام تقمص الدور العنفي واللاعنفي معا ونزعتها الفوقانية وموقفها اللاهوتي الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة – عقلية ثقافة القطيع . والمعالجة الوقتية والاستراتيجية لأزمة الكهرباء لا تأتي بفتاوي ترشيد استهلاك الكهرباء والحفاظ على شبكات الطاقة ومصادر التوليد  انصياعا للطلبات الحكومية والرساميل الكومبرادورية والاجنبية كما كان يفعل صدام حسين ويفعلها اليوم الائتلاف الموحد ورعد الحارس !! ..يؤيد آيات الله السلطات الدينية وسلطات ولي الفقيه المرتقبة وحقوق الطبقات المهيمنة والمعايير الاجتماعية السائدة ليفرض واجب الطاعة للقوانين ومعاييرها الاخلاقية وباضافة الجزاءات الدينية وترجمة الفروض الرأسمالية الى الاخلاقيات الدينية ونصرة التراكم الرأسمالي !. وتستغل النخب الحاكمة في العراق الآيديولوجية الدينية لتبرير تشريع النظم والقوانين السلبية التفكيكية الرأسمالية وتبرير التدخلات الاجنبية في الشأن العراقي !
تجد السلطات والقوى المتنفذة في تسعير خلافات الولاء دون الوطنية ولو على جثث العشرات من الضحايا وسيلة أخرى لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة .. الزمرة .. العشيرة .. العصابة الواحدة ! وتسعى الفئات الطفيلية من " تجار الحرب " لجني المكاسب من الخلافات والتوترات والشكوكية ونهج الكسب الطائفي الضيق والنظرة المنغلقة وتحشيد الاتباع وركل المثل والمبادئ الاخلاقية في المنعطفات السياسية ! بعد ان تحول الانتماء الطائفي الى معيار للتوظيف وانتزاع فرص العمل واشغال المراكز الادارية ومواقع اتخاذ القرار ..وساعد ذلك على انتشار الفساد والعصبيات النفعية والاجرامية واغتصابها الامتيازات والمكاسب وخلق البيئة المناسبة للارهاب في سبيل الضغط على العامة وبث روح القنوط واللامبالاة وضعف الثقة في التغيير !ويتجلى الابتزاز اليومي في المساومة على امن وكرامة واعراض وارواح المواطنين من قبل المتنفذين والعصابات – الميليشيات وقوة السلاح ! وتحول الفساد الى سمة ملازمة للبيروقراطية المترهلة الى جانب الكسب غير المشروع والغش الصناعي والتجاري وغسيل الاموال .. والتهريب العلني . وذللت فوضى اقتصاد السوق في بلادنا للكثير من اغنياء البلاد والنخب الطائفية المتنفذة ان يهربوا اموالهم الى خارج الوطن ، وبالاخص الى الولايات المتحدة واوربا ومصر والاردن وايران ، لتتزايد جنايات تهريب النقد  اضعاف مضاعفة !
    بعد سنوات ثلاث عجاف منذ التاسع من نيسان 2003 لازالت الشبيبة العراقية تقرأ وتكتب في الظلام ، واغلبها تعمل سائقي تاكسيات . .. وتعيش وسط نهج الحكام القدامى والجدد في الخداع والتضليل ، وتزييف وعي وارادة الناس . ولا يثير انتباه الشعب العراقي اليوم الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي بل مجيئه وتوفره هو مايثير انتباهه ونحن نعيش في مطلع القرن الحادي والعشرين ! فأزمات الكهرباء والماء والوقود تحاصر مواطني بلادنا بعد ان اكسبها الائتلاف الموحد الابعاد الكارثية !الاعمال التخريبية والعقود الوهمية لأعمار المحطات والنقص الحاصل في الغاز الطبيعي  هي من اسباب ازمة الكهرباء المستفحلة . اعمال التقنين الواسعة للتيار الكهربائي والمحروقات ، والنقص الحاد في سوق المحروقات والارتفاع الحاد لأسعارها تذكرنا بالتدابير الاحترازية للسلطات الصدامية المرتبطة باحتمالات التعرض الى ضربة عسكرية اميركية ولاحكام ولاء الناس للسلطات ومحاصرتهم عبر مضاعفة معاناتهم المعيشية . في عراق 2006 من يقتل من .. ومن يقاوم من ؟! اي حديث عن الديمقراطية والبرلمانية والانتخابية والتعددية والتداولية في ظل نفوذ الولاءات دون الوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية  وشيوع الامية والفساد هو هراء في هراء .
     ان الصراع الدائر اليوم هو حول التوجه اللاحق للبلاد في كافة الميادين السياسية .. الاقتصادية .. الاجتماعية والثقافية الا ان ذلك لا يعني على الاطلاق السماح لهذا الصراع بتجاوز الطبيعة السلمية ، وإلا تحول الى نمط  جديد من الفوضى والترهيب والاستفزاز والابتزاز والاستبداد. ويزخر التاريخ الحديث للحركة السياسية في بلادنا بالامثلة الناصعة لانتصار الحكمة والمنطق، وهو ما تسعى اليه وتدعو له القوى الخيرة  درءاً للمخاطر المحدقة بالوطن، وتوجهاً نحو الآمال التي قدم الشعب في سبيلها الغالي من التضحيات... وفي سبيل ايقاف منهجية الانتهاكات ، وحل الأزمات وإنهاء المعاناة ،وإقامة دولة المؤسسات والقانون التي تحقق الخلاص من إرث الطغاة والمستبدين وتنشر الأمن وتحمي جميع المواطنين وتضمن لهم المستقبل الذي ينشدون.

               يمكن مراجعة دراساتنا التالية في موقع الحوار المتمدن :
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

•   الفساد والافساد في العراق : من يدفع الثمن ؟!
•   النفط والطاقة الكهربائية في العراق
•   الخصخصة ونظم الشركات والسلطة الرابعة في عراق صدام حسين _ الطاقة الكهربائية نموذجا _
•   تداعيات الربط الكهربائي العراقي - التركي
•   الطاقة الكهربائية في عراق القرن العشرين
•   التشيع البعثي وقرصنة التوليد  التجاري
•   الخصخصة والبحث عن الحل البلسمي لمعضلات قطاع الكهرباء الوطني -  العراقي والكردستاني
•   التنمية والكهربة الريفية في العراق 
•   طيف الطاقة الكهربائية في العراق ... بين الشعوذة والسياسة- الترهات
•   عمال الطاقة الكهربائية في العراق وكردستان
•   ازمة الطاقة الكهربائية بين الشعب العراقي والوعود الحكومية
•   الكهرباء والاتصالات والسياسة – الترهات في العراق
•   ائتلاف عرس الواوية  والخيانة العظمى
•   النفط والكهرباء والمرجعيات الدينية في العراق
•   عصابات السياسة القذرة في طهران
•   فوضى الكهرباء البناءة في العراق
•   الاصولية الشيعية في العراق والأحتضار السياسي
•   الجمعية الوطنية والجمعية اللاوطنية
•   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
•   الشيعية الطائفية وشفافية الديكور المقنع في العراق
•   تسويق بضاعة الطائفية في العراق
•   الدولة التسلطية والاقتصاديات الشيعية
•   جرائم الفساد في العراق
•   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه
•   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
•   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
•   معركة الكهرباء مع الارهاب والفساد والفرهود والميكافيلية في العراق الجديد
•   المهندسون وخصخصة كهرباء العراق - 1

237
لا تبدأ وتنتهي العملية الديمقراطية بصناديق الاقتراع لأنها قضية ثقافة وتقاليد ولا تنجز الا عبر توفر اسسها المادية والفكرية والسياسية . ودلت تجربة بلادنا الفشل الذريع لسياسة التقاسم الطائفي والاثني وحكومات المحاصصات ومحاولات تحميل الديمقراطية تهم خلق الحكام المستبدين الجدد .. والمعضلة ان الوعود بمختلف انماطها ماتزال وعودا .. ومنها وعود مسؤولي الكهرباء ... ولم يتحقق منها الشئ الهام حتى الآن ! بل يجر التنكر السريع لها والتصرف بعيدا عن الشفافية وبما يثير سخرية الناس وغضبهم .. ويصعب وسط اجواء المآسي والاحباطات وبعد عقود الاستبداد الصدامي والحرمانات والمعاناة المستمرة وفي ظل اشتداد ازمات البلاد وثقل الاحتلال والخطاب الحكومي الانشائي الذي يفتقر الى الدقة والموضوعية والكفاءة المهنية والنزاهة الوطنية والشخصية والتوافقية الوطنية الحقة ،على العراقي ،ان يحكم خطواته بلغة وتوقعات المحللين لا بلغة حاجاته اليومية الملحة !
  تتجسد أزمة الكهرباء عادة في معاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي أو ارتفاع رسومه ، وحتى من سوء التمديدات والتسليك .. وأزمة الطاقة الكهربائية في العراق جزء من أزمة عامة اجتما - اقتصادية تعصف بعموم البلاد بفعل السياسات الاقتصادية الخاطئة المرتكبة والتنكر لمسيرة إصلاحات ثورة 14 تموز المجيدة ، ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع ، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization) ونبذ التخطيط المركزي … وتؤدي انتقال المبالغ الضخمة من موقع الى آخر تحت اشراف متنفذي قطاع الكهرباء في ظل ارتفاع مستويات الفقر في البلاد الى كوارث الفساد والاحتيال والابتزاز لتداخل هذا القطاع مع القطاع النفطي اي اكثر القطاعات التي يسيل لها لعاب الكومبرادور والطفيلية العراقية والرأسمال الاجنبي .     
 يؤكد مسؤولو الكهرباء في بلادنا ان سبب زيادة ساعات القطع المبرمج يعود الى تصاعد حاجة وطلب المواطنين للتيار الكهربائي نتيجة شحة الوقود المستخدم في المدافئ شتاءا واستخدام المكيفات صيفا وارتفاع معدلات الاستهلاك السنوي للكهرباء .. وان انتاج الطاقة الكهربائية قد انخفض نسبيا بسبب عمليات التخريب التي تستهدف خطوط نقل الطاقة وبعض المنظومات الكهربائية الاخرى ،فضلا عن اعمال الصيانة الدورية لبعض الوحدات التوربينية ... في حين يشكك المواطن بالخطاب الحكومي لأن الطاقة الكهربائية تنتظم بدون انقطاع ايام الانتخابات واجتماعات الجمعية الوطنية وفي اروقة المنطقة الخضراء . ومما يزيد الشك التشجيع الحكومي للقطاع الخاص بأن يؤسس المولدات الكهربائية التي تمد الاحياء السكنية والمعامل بالطاقة ... بالتأكيد انها الوسيلة التي لا مفر منها للمواطن لضمان الطاقة الكهربائية ، لكن ما يرهق ذهنه ان التحول الى القطاع الخاص يعني الخصخصة في الخدمات ليدفع المواطن فوق طاقته اجورا للكهرباء بينما البلاد لازالت هي بلاد الرافدين وتمتلك سدود للطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي لأنشاء المحطات الكهروحرارية ! لقد أدخلت الشركات الاحتكارية الى بلادنا حوالي 3 / 4 مليون مولدة كهرباء منذ سقوط الطاغية الامر الذي تسبب في الارتفاع الفعلى بالطلب على  المشتقات النفطية ومعدلات استهلاكها وعمليات تهريبها ،وفاقم ذلك من ازمة المشتقات النفطية في بلادنا.... (جنت شركة سدمو(SDMO) الفرنسية الارباح الخيالية في هذا المضمار قبل وبعد التاسع من نيسان .. واليوم تستحوذ الشركات الاميركية على حصة الاسد الى جانب سلاح المهندسين الاميركي ). 
      يذكر ان المتتبع لأعلام النظام الصدامي  يتلمس ايضا المقابلات المتكررة مع المسؤولين عن إدارات الكهرباء ومؤتمراتهم الصحفية الرنانة التي تتناول أزمة الكهرباء وانقطاعاته وترشيده وتسعيره ،والعقود التي علقتها لجنة العقوبات،نظم الشركات ، ..السرقات الشائعة وحتى السوق السوداء …مع الوعود المتلاحقة بالمعالجة السريعة الآنية وعلى المدى الإستراتيجي.ولم يحجب هذا التطبيل الفساد الذي نخر الدولة التكريتية من القمة الى القاع ومغازلتها الأحتكارات الدولية والذي خلق الأسس لولادة الدولة الكومبرادورية عشيقة الرساميل الأجنبية. وكان سحبان فيصل المحجوب المدير العام السابق لهيئة الكهرباء في الحقبة الصدامية قد اكد في آخر مقابلة له  "ان انقطاعات التيار الكهربائي والعمل بما يسمى جداول القطع المبرمج سيستمر الى عام 2005 ".. يابلاش ! وقد قدم النظام الصدامي العمولات المالية والنفطية الكبيرة لغالبية الشركات لقاء ابرام العقود وترتيب الصفقات بغض النظر عن كفاءتها !. ان تصريحات وزراء ومسؤولي كهرباء ما بعد التاسع من نيسان الاستعلائية باستقرار الكهرباء في السنوات القادمة، تذكرنا بمسؤولي كهرباء الحقبة الصدامية وبمكارم بطل الحواسم، الذي كان يهب ما لا يملك ، ويقول لنا تحملوا ، بعد بيكم حيل، ويكيل مديحنا كرها وغدرا وتسلطا، قائلا انتم شعب العجب ، يعقبها ب "عفية ". .. وهم جميعا وجوه لعملة واحدة صدءة والبعض  كان ولايزال من أقطاب المافيا العفلقية او العصابات الطائفية  وأعضاء في شركات عديدة حقيقية ووهمية في خارج العراق وبالذات في الأردن وايران ، استطاعت أن تجمع الأموال الطائلة لحسابها الشخصي من خلال الحصول على قومسيونات ومضاربات بين الشركات المنفذة للمشاريع في العراق وأيضا بيع المواد والآليات العائدة للدولة بأثمان بخسة لمقاولين وتجار من أقاربهم وأقارب الدكتاتور صدام ومرتزقة نظام خميني .  تتحقق الزيادة المتوقعة الى مستوى ستة آلاف ميجاوات في آب 2005 بحسب الوزير   "محسن شلش" ، من مضاعفة الواردات من ايران الى(200)ميجاوات وزيادة مماثلة في الواردات التركية الى نحو( 300 )ميجاوات . كالعادة .. يابلاش !. ويذكر شلش ان " صفقات جديدة وقعت في طهران ستجعل ايران المصدر الرئيسي للكهرباء الى العراق بحلول صيف 2006  ، وان محادثات على مستوى عال تجري مع الكويت لتزويد العراق بالكهرباء بما يصل الى(500)ميجاوات". الوعود الشلشية كاريكاتيرية... لأن (جيوب) الناس ستكون خلال فترة الثلاث سنوات القادمة على الاقل مخصصة للمولدات و(اللالات) وبهذا تكون الحكومة قد رفعت الراية البيضاء في معركتها ضد الكهرباء. والتعويل على الدول الأقليمية في مضمار الكهرباء حديث فارغ  يؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من استقلالية السياسة الطاقوية العراقية لأن من غير المعروف كيف ستتطور العلاقات العراقية مع دول الجوار مستقبلاً مع بقاء الأضطراب السياسي في بلادنا  ، واتفاقيات من هذا النوع تضع القيود على حرية واستقلالية السياسة الوطنية العراقية . السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ فوضى الكهرباء البناءة  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وهي نفس السلطات التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر.
      وإذا كان تعرض الفرد في بلادنا بالنقد لأحدى مظاهر الدكتاتورية يعني تعرضه للسجن والأعتقال والتحقيق فأن الأعلام الحالي أو إعلام ما بعد التاسع من نيسان وحتى ما نطلق عليه أعلام الحقبة الليبرالية الجديدة او اعلام ثقافة القطيع  لازال أسير مظاهر انهيار السلطة البائدة ولم ينطلق بعد ليتحمل مسوؤلية العهد الجديد وكشف المظاهر المتغيرة السريعة وسبر غور الأحياء الأرستقراطية وحتى المكاتب والكراسي الأرستقراطية التي تحولت جميعها الى ثكنات متميزة تتعاظم أرباحها وأرباح مالكيها من كبار الساسة والموظفين والتجار ورجال الدين وآيات الله وخطباء الجوامع والعسكريين السابقين ومن أرباب الحكم المقبور والاغوات بحكم المصالح الأقتصادية والإدارية والحزبية والطائفية والقبلية المشتركة ! هكذا تتأرجح الطاقة الكهربائية بين الشعب العراقي والوعود الحكومية التبريرية والبراغماتية والميكافيلية للائتلاف العراقي الموحد ومن لف لفهم !.
     تراجعت إدارة بوش عن طموحاتها فى إعادة إعمار العراق من جراء الدمار الذى سببته الحروب والدكتاتورية ويبدو انها لا تنوى طلب أموال جديدة لإعادة البناء ... وبناءاً على قرار جورج بوش الذى تراجع فيه عن وعوده للعراق بمنحه أفضل بنية أساسية فى المنطقة فقد اكد موظفو الإدارة بأنهم لن يطالبوا بأموال لإعادة البناء عند تقديم طلب الميزانية للكونغرس ! إن القرار بعدم تجديد برامج إعادة البناء سوف يزيد العبء على العراق بما يقدر بعشرات المليارات  من الدولارات فى مشاريع لم تنته بعد بالإضافة إلى صناعة نفطية وشبكة كهرباء يجب إعادتهما إلى مستوى إنتاجية ما قبل التاسع من نيسان ،ولا يفترض إعادتهما إلى مستوى إنتاجية ما قبل غزو الكويت (9600 ) ميكاواط .. المهزلة بعينها !! .  ويعتبر هذا القرار اعترافاً ضمنياً بفشل الجهود الأمريكية فى مواجهة التمردات القاسية  والعديمة الشفقة والارهاب اللقيط ...  فحوالي نصف الأموال المخصصة لإعادة البناء يتم تحويلها لمحاربة الارهاب ومحاكمة صدام حسين.
     لقد تم جدولة حصة العراق التى تقدر بـ ( 18 )مليار دولار (10.6 ) مليار استرلينى لتستنفذ بحلول حزيران  2007 .... الامر الذي يعكس الدليل الجديد على فشل إدارة بوش فى التخطيط  لازالة  آثار غزوها العراق. يبقى الإنتاج الوطني لشبكة الكهرباء العراقية (4000 ) ميكاواط أي (400) ميكاواط أقل من مستويات ما قبل التاسع من نيسان و( 5500 ) ميكاواط أقل من مستويات ما قبل غزو الكويت ... حيث يحصل المواطن العراقي على متوسط أقل من(12) ساعة من الكهرباء يوميا. يذكر ان السعة الانتاجية للكهرباء صيف 2001 في العراق بلغت(4750) ميكاواط والطلب( 5683 ) ميكاواط وحمل الذروة الصيفي( 6500 ) ميكاواط ... من المعدلات السالفة الذكر يبدو ان العجز في الطاقة الكهربائية في بلادنا بات مرتفعا  بسبب خضوع صناعة توليد ونقل وتوزيع الكهرباء والإصلاحات فيها لعواقب الحروب المدمرة والحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وتقلبات مزاج الدكتاتور ومصالح حاشيته ، وهي تخضع اليوم لمصالح الرأسمال الأميركي والأحتكارات الدولية ومزاج النخب الطائفية الحاكمة الجديدة.
       لقد ألحقت سياسات صدام حسين الضرر البالغ بالبنية التحتية وسببت الهدر السريع للثروات والهلاك لمئات الآلاف من العراقيين والقوى العاملة واستنزاف العقول والهجرة الجماعية للكفاءات العلمية والثقافية والهبوط الحاد في مستوى المعيشة وتدني أنظمة الصحة والتعليم. علما  إن:

العجز = السعة الأحتياطية – السعة الأجمالية المؤسسة.
السعة الأحتياطية =الحمل الأقصى + الاحتياطي الساكن +  الاحتياطي الدوار ( Running ) .
الاحتياطي الدوار = سعة أكبر وحدة عاملة في الشبكة.
الاحتياطي الساكن= (20% ) من الحمل الأقصى .
 
  إن إنتاج النفط الذي كان من المفترض أن يوفر الأموال اللازمة لإعادة بناء العراق وفقا لمخططات ما قبل التاسع من نيسان للبنتاجون يبقى أيضا تحت معدلات ما قبل الغزو  ...  و يرجع هذا أساسا إلى ما يقوم به الارهاب من تخريب. تنتج معامل التكرير العراقية ( 1.1 ) مليون برميلا من النفط  يوميا مقارنة ب (2.6 ) مليون برميل عشية الغزو.
( 2.5 ) مليار دولار على الأقل من الأموال التى خصصت للبنية الأساسية المخربة للعراق وللمدارس تم تحويلها لبناء قوة أمنية. والأموال المخصصة أصلا لتصليح شبكة الكهرباء والصرف الصحي و نظام تعزيز الصحة العامة تم استخدامها لتدريب فرق خاصة للمفرقعات وقوات انقاذ الأسرى. قامت الولايات المتحدة أيضا بتحويل جزء من الأموال لبناء عشر سجون جديدة لتستطيع مواجهة الارهاب و لبناء بيوت آمنة و سيارات مدرعة للقضاة العراقيين . لقد تم استقطاع مئات الملايين من الدولارات من الاموال المخصصة لإعادة البناء لعقد الإنتخابات. وساعدت الأموال أيضا على دفع عشرات الملايين اللازمة لإرساء نظام عدالة جنائى يتضمن ذلك( 128 )مليون دولارا للكشف عن العديد من القبور الجماعية لضحايا صدام.
تقدر تكلفة الأمن بحوالي( 25% )من تكلفة كل مشروع من مجموع ال ( 3600 ) مشروع التي يفترض انتهاء اقامتها نهاية عام 2005 وفقا لما صرح به مكتب المفتش العام المسؤول عن إعادة بناء العراق. ويتنبأ تقرير خاص بالكونغرس و الصادر في تشرين الاول 2005 أن العديد من مشاريع إعادة البناء لن يتم البدء فيها بسبب تكلفة الأمن المرتفعة.
الى ذلك اثار قرار حكومة الائتلاف العراقي الموحد برفع اسعار الوقود بنسب تتراوح ما بين( 500 – 600 % )غضب واستياء المواطنين بجميع شرائحهم الاجتماعية ، لما سيخلفه من آثار سلبية على مجمل الوضع المعيشي العام لغالبية ابناء الشعب. انه في الوقت الذي تقدم فيه الحكومة حجج واهية لتبرير مشروعية قرارها وضرورة تطبيقه حيث ادعت ان (80 %) من عائدات الزيادة على اسعار مشتقات النفط  ستذهب الى وزارة المالية لتوزيع جزء كبير منها على العوائل التي تعيش دون مستوى الفقر ! متناسية ان ما سيعطونه لهذه العوائل  باليمين سيأخذونه منها بالشمال بفعل الطفرات العشوائية التي ستطول اسعار الخضروات والسلع الضرورية الاخرى ناهيك عن تأثيره السيئ على اجور النقل العام .
  لا يمكن فهم الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 بمعزل عن "فرادة" العمليات السياسية والاقتصادية / الاجتماعية الجارية في بلادنا وطبيعة القوى المتنفذة ومجمل التداعيات التالية ! .. اي صدقية السياسات المالية والاقتصادية المتبعة وقدرتها على تقليص الفوارق الاجتماعية . وتشترط املاءات الثالوث الرأسمالي الدولي " البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF  ، منظمة التجارة العالمية  WTO " الاصلاح الاقتصادي وتعديل اسعار المشتقات النفطية ،التخلص من اي شكل من اشكال الدعم الذي يشكل خطرا على التوازنات الاقتصادية ومنها دعم البطاقة التموينية مثلا .. ،زيادة الضرائب والرسوم على المؤسسات الخدمية والتحكم في السوق النقدية عبر تحديد الائتمان ورفع سعر الفائدة وتسوية اسعار الصرف وحتى تخفيض قيمة العملة ..، وتنفيذ مشروع تعديل قانون المصالح النفطية ليصبح بامكان القطاع الخاص ان يدخل الصناعة النفطية .. اي خدمة مصالح البورجوازية الكومبرادورية والحضور القوي للشركات متعددة الجنسية والاستثمارات الاجنبية في ظل الاقتصاد الضعيف والسوق المفككة ! وتخلو السياسات المالية والاقتصادية المتبعة اليوم من الاستراتيجيات التنموية الشاملة واحكام الرقابة على النقد الاجنبي .. واقع الحال يؤكد قلة حيلة السلطات الطائفية وتواضع اجراءاتها امام عماء السوق ( Chaotic ) لأنها تتجاهل فوضى وانفلات الاستيراد غير المنظم والاستهلاك وقصور القدرة الشرائية ، وانتشار الفقر ..واتساع نطاق عمليات غسل الاموال والعقول ، والفساد ... وهي تتجاهل تلاعب رجال الاعمال الجدد بالنظم المصرفية وسوق العملة وبالمال العام ! كما تلهث وراء الاقتصاديات التجارية بهدف الربحية والريع لا القيمة المضافة الا نادرا اي وراء الالاعيب الممجوجة ! الامر الذي وسم مستويات الاداء الحكومي الاقتصادي والاداري والخدمي بالضعف .. هذا الاداء الذي لم ينل رضا شعبنا العراقي وقواه الديمقراطية الحقة ... والامر الذي احكم من تحويل الدولة العراقية الى الوكيل التجاري الحارس للمصالح الرأسمالية في المنطقة ، ومن تقوية عود الكومبرادورية – الحامل الاجتماعي لهذه الدولة / الشراكة  ،وتعميق التطور المتفاوت المناطقي ، والسير قدما في تمتين التحالفات الطائفية- العشائرية ومجالسها القرقوشية اي السلطات فوق الاقتصادية التي تحبك تشابك الوظائف التجارية للدولة العراقية مع الشركات والمؤسسات الدولية والثالوث الرأسمالي !. من المتوقع ان ينخفض العجز في الموازنة الفيدرالية بنسبة (20.7% ) مقارنة بما كان عليه في عام 2005 ... هل سيتمخض عن ذلك تحسن في الوضعية الاجتماعية والاقتصادية ... التوزيع العادل للدخل القومي والاعباء الضريبية .. تحفيز وتطوير وتنويع وتجويد القطاعات الانتاجية ، التقليدية منها والحديثة ، لتمكينها من المنافسة مع الخارج  .. تراجع معدلات البطالة وتقليص التهميش الاجتماعي .. مشاركة القطاع الاهلي – الخاص في حركة الدبلوماسية الاقتصادية للدولة .. التدفق الاستثماري ومعالجة التصحيح البنيوي للاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني ... سن تشريع يحمي المنافسة ويمنع الاحتكار ... تحسن في جودة وكفاءة الخدمات العامة ومنها الكهرباء الموقرة !؟ ام سيؤدي ذلك في ظل رهانات الاستراتيجية  الاقتصادية الجديدة على آليات السوق ومنطقه الى انطلاق موجة جديدة من التضخم وارتفاع الاسعار واحتكار السوق بهدف المضاربة وتهريب الاموال الى خارج الحدود والتهرب من الالتزامات وانحسار الطبقة المتوسطة وانخفاض الدخول الحقيقية لقطاعات واسعة من الناس يشكلون الطبقات والفئات الاجتماعية المتضررة ! اي تعميق الازمة البنيوية الراهنة وانتقالها الى مديات جديدة .
     الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 تدفع بالعيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتثها .. حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتثها ! والاصلاح الاقتصادي الموعود لا يغير شيئا من الطبيعة المتناقضة اللاشعبية للرأسمالية الوطنية لأنها تحافظ على اللامساواة الاجتماعية – الطبقية وتشدد الاستقطابات الداخلية وتكرس الفقر والعوز والتمييز الاجتماعي ، وتوسع جيل المنسيين المنبوذين بينما يعيش رجال الاعمال على حساب صحة وحياة المواطنين . ويفتقر النظام الاقتصادي الشيعي الحاكم في العراق ، حاله حال الانظمة الاسلامية والشيعية الحاكمة في المنطقة ، الى المبادئ الفقهية المناصرة للطبقات المسحوقة وفشل في تمثيل مصالح البازار بسبب المحظورات والتحريمات ومثبطات الوازع الديني ، فالفعاليات الاقتصادية الفردية تفقد حريتها واطمئنانها مع حق سيادة الدولة الشيعية او الاسلامية ! ... نعم ، سيشكل القطاع الخاص المساحة الكبيرة في عموم النشاط الاقتصادي القادم في بلادنا .. الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 تعين المراتب الطائفية الطفيلية على الربح السريع بأية وسيلة، لتعمل في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار ، ولتعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة ، ولتستغل المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية. (.....)
يدعي اقتصاديو الائتلاف الموحد ان قطاعهم الخاص لا يتحرك وفق آلية الاسعار والربح والاقتصاديات الرأسمالية بل وفق الاحكام والقيم التي تنظم عمل الاقتصاد الشيعي والسوق الشيعية وعبر ضوابط  تشريعية وقيمية أخلاقية دون اغفال آلية السعر والربح !وأهم ضوابط منظومة قيمهم الاخلاقية العقيدة التي تدعو الى الفلاح وتحريم الربا والنهي عن المنكر والاذى والغدر !في الاقتصاد الشيعي الذي يدعو اليه الائتلاف الموحد "ما شاء الله " تتحكم العقيدة في المصلحة الاقتصادية لتتفاوت المبادئ الاقتصادية تبعا للدين والتمذهب ! وتلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه الشيعي والشريعة الاسلامية في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي ! وتتضمن الاحكام الفقهية المختصة بأصول الاتجار والكسب قيودا لا تتلائم مع مطلب النشاط التجاري الحر والمتساوق مع نزعة الربح المتأصلة في التجار ... ومن هذه القيود : تحريم بيع الغرر اي المخاطرة ، منع بيع ما لم يقبض اي ان تباع البضاعة ويؤجل استلمها الى اجل ، كراهة بيع الصك ، النهي عن صفقات الكالئ بالكالئ ، عدم جواز الايجار لأجل الاستئجار ،  عدم جواز دفع المال لشخص يتاجر به لقاء ربح مقطوع لصاحب المال ،النهي عن "بيع وسلف"،النهي عن "تلقي الركبان"، عدم جواز الانتاج بالمقاولة الا اذا اشترك صاحب المال بالعمل مع المنتجين ،منع الدعاية للبضاعة ، النهي عن الغش والتلاعب والاحتيال ...الخ.. وعليه تقوم منظومة القيم الاخلاقية الشيعية بتغيير سلم الاولويات في حياة الناس بما يتلائم واهداف الدخل والثروة والاستقرار الاقتصادي وترفع من شأن الضمير ! ويوكل للقطاع الخاص وفق ذلك مهمة طوباوية تحقيق التوازن الاجتمااقتصادي والاخلاقي كما حددتها ضوابط الشريعة والفقه الشيعي . في الاقتصاديات الشيعية عناصر اقتصادية منها :
1.   قطاع الدولة -------  حصيلة الخراج ، الخمس ، الزكاة ، الجزية ، العشور ، الاموال التي لا وارث لها .
2.   الملكية العامة ------  قيعان الخراج المملوكة رقبتها للدولة ، قمم الجبال وبطون الوديان والغابات ومصادر المياه الطبيعية ،المعادن الظاهرة ، المعادن الباطنة .
3.   الحمى .
4.   الفقه الاقتصادي الشيعي واحكامه .
5.   الزكاة .
6.   عدم تبلور الملكية الصرفة .
     ويغفل اقتصاديو الائتلاف المضاربات التجارية الدولية التي تسرع من نمو الروح الرأسمالية لدى الانظمة الاقتصادية الشيعية الحاكمة ونخبها الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع ! وتخدم البنوك الاسلامية والشيعية التطور الطفيلي – "ماهية الفرق بين سعر الفائدة (Rate of interest) والربا" (Usury) -  لأنها مؤسسات مالية تعمل من اجل الربح، فهي تجمع الاموال غير المستثمرة وتحولها الى اموال يمكن ان تستثمر، ليحصل صاحب المال غير المستثمر على فائدة، ويحصل صاحب المال المستثمر على فائدة، ومن خلال تنسيق العمليتين يحصل البنك ايضا على فائدة. والمرابحة والمشاركة والمضاربة، في النهاية ، هي ارباح يتم الحصول عليها من تداول المال في السوق وليس في محراب التشيع .
     يؤدي التطور المشوه لنمو القطاع الخاص الى تحوله الى ميدان للشطارة والفهلوة والفساد والإفساد بالشراكات والتعاقدات المعلنة والخفية المباشرة وغير المباشرة مع المتنفذين والأرستقراطية وكبار الموظفين والسلطات الحاكمة. وجب التمييز بين القطاع الخاص المنتج وبين الشرائح الطفيلية العاملة في ميادين المقاولات والتجارة والخدمات والتي تتعاون وتتحالف مع البيروقراطية الإدارية وتتعاطى حماية مصالح الرأسمال الأجنبي وتتجاوز القوانين بالتهريب والغش وخلق السوق السوداء وإشاعة مظاهر الفساد وغسيل الأموال .هل وجود القطاع الخاص ضرورة ام مجرد صيغة تكميلية للتعددية الاقتصادية ( للزينة ) فقط ؟ . المهم هو برنامج وطني للاصلاح الاقتصادي تراعى فيه مصلحة الاقتصاد الوطني في عالم متغير تهيمن عليه مصالح الدول الرأسمالية الكبرى ، وعقلية القوة ، والعلاقات الدولية المعولمة ... والمهم هو عنصر الكفاءة في اطار العلاقات التكاملية بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد الوطني . وعموما يتسم القطاع الخاص بالخصائص التالية :
•    الطبيعة الأستغلالية والمواقف السلبية التراجعية الأرتدادية.
•   ضعف التزامات المساهمة في الميزانية الحكومية والمحافظة على الثروة القومية والبيئية.
•    النزوع لتحقيق الربح الأعظمي ( Maximum Profit  ).
•    ضعف الضمانات الأجتماعية وضمانات حقوق العاملين من تدريب وتأهيل ..الخ.
  ليس القطاع العام مسؤولا عن تردي الاوضاع الاقتصادية في بلادنا بل المسؤول الاول هم صناع القرار السياسي الذي وضع القطاع العام في حالة يرثى لها ! والخصخصة تضع الشعب العراقي تحت مطرقة الاستغلال والحرمان والفاقة والتشرذم والفقر .. ان اتباع مبدأ الربح والخسارة لتحديد أجور الكهرباء مثلا ... وهذا نتاج اية خصخصة لمشاريع الكهرباء ... فسيؤدي الى عجز الأعداد الواسعة من المواطنين ليقعوا فريسة القطاعات غير الحكومية التي يتقوى عودها في العهد الجديد مع استمرار الأحتلال الأميركي وتطبيق سياسات الثالوث الرأسمالي الدولي . ويعني تحويل مؤسسات القطاع العام الى نظام الشركات واعادة تقويم موجوداتها .. يعني ادخالها سوق الاسهم " البورصة " ،فالخصخصة ونظام الشركات يسهما في حصار القطاع العام وتفكيكه واضعاف دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وارباك قاعدتها الاجتماعية ... الا ان نظم الشركات ضرورة اقتصادية للبورجوازية الصاعدة لتوسيع مجالات عملها وترتيب الاستقطاب الاحتكاري المناسب لها على حساب المصالح الوطنية . الخصخصة تنهب القطاع العام وتفقده سمته الاساسية في الدولة الوطنية باعتباره الاداة الرئيسية في التنمية المستقلة والتراكم الرأسمالي الوطني ... وتوقعه في فخ المديونية الخارجية اي ابعاد الدولة عن وظيفتها كمنظم للاقتصاد . في الخصخصة يتآمر الرأسمال الدولي بالسطو النادر والفريد على اموال الدولة والاستيلاء على دخولها ! لتكون مؤسسات التمويل الدولية صمام امان توسعه ! تتجلى المفارقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالخصخصة " البارادوكس ( Paradox ) الخصخصياتي "في انها لا تسعى الى التغلب على الازمة الهيكلية للرأسمالية بل نصرة سياسة ادارة الازمة لا غير ... او تحسين اسلوب الادارة من خلال ما تتضمنه تشريعات قطاع الاعمال من حرية و مرونة ! ويدعم الذرائعيون وانصار ايجاد الحلول المثلى الممكنة للازمات معا الخصخصة لأنها نافعة ومناسبة وترضى عنها الآلة القمعية للسلطات .. الذرائعية النفعية البراغماتية التي ترى الحياة وفق مبدأ ادارة الازمات وفرز العالم الى لونين والتي تسخر الفلسفة لخدمة الانتاج والاستهلاك ! ، ومدرسة ايجاد الحلول المثلى والممكنة للازمات (Optimumization ) بدلا من ادارتها فقط .
 في الخصخصة  تتسارع عملية بعث الهويات الجزئية دون الوطنية لتلعب دور وسيط التواصل بين السلطات والشعب اي ليس تكرارا لهويات الاربعينات ولكن استمرارا لهويات التسعينات . ولا تستطيع لا المقاولات ولا القطاع الخاص الجديد من استيعاب الجميع ليتوسع جيل المنسيين المنبوذين والعزل من دون ضمانات ! وتفتش الخصخصة عادة عن قوة العمل الرخيصة واحلال من هم من دون المواطنية العراقية ذوي الاجور المنخفضة بدلا من العراقيين ذوي الاجور المرتفعة نسبيا وبالتالي تقليص فرص العمل المجزي . وتسهم الخصخصة في انعاش الديناميكية الرأسمالية وتمكينها من تدوير التنظيم التعاوني الجماعي لأوضاع المأجورين والجامع للعوامل الفردية السلبية المتذمرة من السلطات لتتفاقم المنافسة في سوق العمل وتزداد عوامل الضغط على معدلات الحركة والتكيف والمرونة .. ولتتوسع فرص التزاوج الآيديولوجي مع التعهدات والمقاولات التي تمجد المرونة والمبادرة والسقوط في شرك المنافسة القاتل واللعب على الخلافات اكثر من الاستناد الى ما هو مشترك !!.وفي اجواء  الخصخصة تخلق الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية، حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها، لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة. ومجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي  ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته. ولا تطيق الطائفية الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء، فهي تدرك أن دورة حياتها محدودة، لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر. ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة، فهي تحتاج دوماً الى أداة تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة. ومن دون حماية الميليشيات – العصابات يبدو حتى التهريب متعذرا .. وهذه نتيجة من نتائج السلطات الريعية ونظم المحاصصة الطائفية والاثنية !  هل يعيد نظام إدارة الشركات وتسترجع الخصخصة التيار الكهربائي المنقطع وتريح المواطنين من بعض الأعباء الثقيلة ، وهل يقضي هذا النظام على تذبذب السياسة الضرائبية الكهربائية ..؟  علمتنا التجربة التاريخية جدل التفاعل البناء بين المصلحة الوطنية العامة والمصالح الخاصة لمواجهة جدل التخلف . والدولة هي الضمانة الأساسية للمصالح الاقتصادية الوطنية . أما الخصخصة فإلغاء لهذه المصالح وحمايتها . وعموما فان المؤسسات الحكومية تواجه معضلات ليست من طبيعتها . وتساهم سياسة التقاسم الطائفي والاثني وحكومات المحاصصات في انتعاش النفعية والطفيلية برعاية جهات متعددة يأتي في صدارتها الميل التقليدي لهيئات الأمم المتحدة نحو تشجيع الخصخصة ووصفات صندوق النقد الدولي.
في الخصخصة ، كما في المؤسسات الحكومية المبقرطة ، يجري اهدار الجهد الهندسي بتقليص الكادر الفني الى نسب دون(1/10) مما يضطر المهندس للتعامل مع العامل المنفذ مباشرة ،وانشغاله بالامور الادارية والحساباتية الصرفة ....الامر الذي يسهم في ضياع ضوابط واسس توزيع المهندسين على المؤسسات والمشاريع حسب اولوياتها واهميتها النسبية ! وتدني كفاءة العمل الهندسي والتعليم المستديم ، والانحسار في تهيئة واعداد الكوادر الفنية الوسيطة .. عبر التدرج من العمالة الماهرة الى توسيع المدارس الصناعية ومراكز التدريب المهني والمعاهد الفنية والكليات التكنولوجية ، واهمال المجمعات الهندسية التي ترتبط بمجالس المحافظات وتتوزع على اسس الهيئات الفنية النوعية .. مهمتها متابعة المشاريع واعداد المقترحات والدراسات المطلوبة والعمل الاستشاري ،واغفال ضرورة اعادة النظر المستمر في الهياكل التنظيمية وتوزيع المهندسين بما يضمن افضل انتاجية وتخصصية هندسية اي قيادة المهندس للانتاج ! .   
    حددت البريمرية  ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا :
•   إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة
•   تعزيز التجارة الخارجية
•   تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي
   بجلاء البريمرية تعني  تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا ( إعادة البناء ) بل نقض بناء .الخصخصة البريمرية هي قوننة الاوضاع الفعلية المستمرة منذ سنوات في بلادنا لتكريس وتأصيل البرقرطة في الظروف التاريخية الجديدة ولتتقاسم البورجوازية البيروقراطية والطفيلية والكومبرادورية الكعكة – كعكة الامتيازات والهيمنة والنفوذ – وعلق فتات الرأسمال الاجنبي ولجم سخط الشعب وجماهير الشغيلة .وتفسر الغوغاء الخصخصة على انها استعادة املاك اوقاف مفقودة والحقيقة ان المخاض الخصخصياتي هو اغتصاب في وضح النهار لأملاك الشعب العراقي وتثبيت لمواقع المرجعيات الدينية والرأسمالية للهيمنة في الحياة الاجتماعية ! فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي و مستقبل العراق للشركات الأمريكية أو لعراقيين يعملون كواجهة لشركات أمريكية.وحقول ومصافي النفط ومحطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الكهرباء هي من الممتلكات و الموارد العامة المخطط بيعها بالتدريج و المرغوبة من قبل الشركات الأمريكية و الغربية .وتسمح البريمرية بامتلاك الشركات الأمريكية ل( 100% )من قيمة المشروع وحق الشركات الأمريكية في تحويل( 100% )من أرباح المشروع خارج العراق . و تستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية و جني الأرباح و الفوائد.

238
    لم تفلح السلطات الحاكمة الجديدة بعد انهيار الدكتاتورية الصدامية في ضبط السوق الوطنية التي سادتها الفوضى الشاملة المنسجمة مع السياسة الأقتصادية للإدارة المدنية الأميركية في تشجيع  القطاع الخاص والتجاري دون قيد أو شرط وإغراق هذا السوق بالسلع الاستهلاكية ومنها المعدات والأجهزة الكهربائية والمولدات.وبذل كل من مجلس الحكم المعين والحكومة المؤقتة وحكومة الائتلاف العراقي الموحد الجهد لأستيعاب الآثار التدميرية التي خلفها النظام المقبور وبالأخص انهيار الدولة لكن واقع الحال اكد ان الجهد الحقيقي انصب على تهميش القطاع العام وتشجيع انطلاقة العنان اللامحدودة للقطاع الأهلي . كل ذلك وسط تواصل أزمة أنقطاعات  الكهرباء وتربع شراذمة البعث المنهار والنخب السياسية الطائفية على المفاصل الرئيسية في منظومة الكهرباء الوطنية وكامل الاجهزة الحكومية الأمر الذي ولد الأستياء عند العراقيين وأثار الشكوك حول التواطؤ السافر للإجهاض على تجربة القطاع العام في مضمار الطاقة الكهربائية وبقية القطاعات الاقتصادية الوطنية الارتكازية.
السلطات العراقية تبيح لنفسها  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية ، كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات الرجعية وبالاخص الطائفية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية ، وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر... فهذه السلطات غير بعيدة  عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي يهدد بحرب اهلية. ويستمر الائتلاف الموحد بالتكتم على صلب الموضوع، وهو حل جميع المليشيات ومواجهة الارهاب الطائفي وإعادة جميع الأموال المنهوبة من المتنفذين في السلطة حاليا والذين هم خارجها، والقضاء على رؤوس الفساد والتهريب في العراق، وحل مشكلة تهريب النفط والمشتقات . إن الذريعة التي تتذرع بها الحكومة بأن شروط البنك الدولي لشطب الديون هو رفع الدعم عن المشتقات كاذبة ، لذا كان على الحكومة أن تصارح الشعب بالحقيقة كاملة وليس بعض الحقيقة متسترة بذلك على المليشيات والعصابات المسلحة ومن يدعمهم في المنطقة الخضراء.
 يضع البنك الدولي شروطه المعروفة على الحكومات التي تقترض منه ويلزمها بقواعد دفع لخدمة الدين ( الأقساط + الفوائد) وبأوقاتها المحددة . وهو يزعم تولي مسوؤلية الجوانب الهيكلية الأجتماعية للتنمية الى جانب صندوق النقد الدولي واسندت اليه مهمة مراقبة الأوضاع الأقتصادية في البلدان الأعضاء وفرض السياسات الأنكماشية عليها مثل تعويم العملات الوطنية ، وزيادة الرسوم والضرائب على ذوي الدخل المحدود ، وتقليص الأنفاق العام على الخدمات الأساسية للمواطنين.أما منظمة التجارة العالمية فتنظم إجراءات ترتيب التجارة الدولية …وبذلك يضمن الثالوث الرأسمالي الدولي " البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF  ، منظمة التجارة العالمية  WTO " باعتباره قاعدة العولمة الرأسمالية تسرب الفائض الأقتصادي من الدول المسحوقة والفقيرة الى الغنية وترسم به الأحتكارات العالمية سياستها في تعميم النموذج الأميركي كنظام اجتماأقتصادي ديمقراطي للسير بأتجاه الأقتصاديات الأستهلاكية والتحلل من الألتزامات والأخلاقيات الوطنية وصوب تحجيم القطاع العام مما يلحق أفدح الأضرار بإعادة توزيع الثروة لصالح الشعب ويسهم في تفعيل تأطير التناقضات الداخلية. في ظل هذه الأجواء المكهربة  انتقلت دوائر الكهرباء العراقية مثلا الى نظم إدارة الشركات وفق قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 في محاولة ديماغوجية وبراغماتية مفضوحة لأنقاذ الصناعة الكهربائية من الأنهيار ومعالجة أزمة أنقطاعات التيار الكهربائي حسب زعمها.وهاهي سلطات الائتلاف الموحد تنتهج نفس الطريق الاخرق الذي انتهجه صدام حسين وهو جوهر سياسة نوري السعيد الاستعمارية !
     عندما يتولى القطاع الخاص ادارة مؤسسات الكهرباء  يجري التنافس عادة على أسعار الكهرباء عبر بورصة الكهرباء واطلاق الأسعار حسب العرض والطلب ..ويتاح عادة للمستهلك الكبير حرية التعامل مع أي شركة كهرباء تتيح له بالنهاية السعر الأرخص ! وفي الخصخصة تحاول الشركة المنتجة للكهرباء بما لديها من تكنولوجيا ان تنتج الكهرباء بأساليب اقتصادية تتيح لها تخفيض السعر كي تمتلك الأولوية في بيع الإنتاج للشركة القابضة - النقل - التي تقوم هي أيضا ببيعه لشركات التوزيع كل على حدة.وتختلف الأرباح حسب المواقع الجغرافية والبيئية. وفي الخصخصة تقيم أصول شركات الكهرباء العاملة عبر( المكتب الأستشاري الخبير المركزي) ليجري أختيار المستثمر الرئيسي لشراء النسبة التي يتم طرحها للأكتتاب العام على هيئة أسهم حيث تظهر أهمية البورصة في تحديد الأسعار للكهرباء المنتج والمباع !..ويمتلك القطاع الخاص في الولايات المتحدة - النموذج الرأسمالي المتقدم -  وبقية البلدان الرأسمالية أسهما في شركات الكهرباء  بنسبة لا تزيد عن 49% بينما تبقى شبكات الضغط الفائق والعالي بيد الدولة لأغراض الأمن القومي .... والمعروف ان يجري طرح الشركات للبيع بنسب تتناسب مع قيمها الحقيقية لتجنب الاضرار بالشركات والمشترين معا ! ومن الضروري ان تجري مراقبة كفاءة واسعار الكهرباء في فوضى السوق الوطنية ، وان تسير ميادين توليد ونقل وتوزيع الكهرباء في اطار الالتزام بالقوانين الوطنية لاسيما تلك المتعلقة بحماية البيئة ووضع الضوابط التي تكفل المنافسة المشروعة في هذه الميادين ضمانا للنفع العام  ، ويجري تنظيم منح تراخيص انشاء وتشغيل وصيانة مشاريع الكهرباء ... ولا تولي الانظمة الرأسمالية اية اهمية لهذه المعايير بل تتجاوزها جشعا بالربح السريع واغتصاب فائض القيمة الاجمالي .ويسبب السكن والتواجد لفترات طويلة بالقرب من المحولات الكهربائية والقابلوات والمولدات ناهيك عن المحطات الكهربائية نفسها التعرض لمخاطر الاصابة بسرطان الدم ( اللوكيميا ) وسرطانات الاطفال بسبب الدقائق الكهرومغناطيسية !
    يقبع المهندسون في مقدمة الجهاز المخطط والتنفيذي لمشاريع الخطط الانمائية والاعمار ويقع على عاتقهم العبئ الاكبر من مهمة التنفيذ ... ويتوزع عمل المهندسين في مختلف القطاعات الاقتصادية وفي عمل المنظمات غير الحكومية ، والعقود مع الامم المتحدة والشركات الاجنبية . ولا يستطيع المقاولون تنفيذ المشاريع المتعاقد عليها دون مهندسين .. لذا يقوم المقاولون باغراء  المهندسين العاملين في اجهزة الدولة لحملهم على ترك وظائفهم والعمل لديهم .. وتلعب  الشركات الاجنبية  والامم المتحدة والمنظمات الاهلية والقطاع الخاص دور المقاول ! وحتما تثمر خطط المقاولات الى حد ما نظرا للتباين الكبير في الرواتب بين القطاع العام وبقية القطاعات . ويشجع ذلك على تهرب المهندسين من العمل في القطاع العام .. ولم تنفع اساليب  دوائر الدولة للحيلولة دون ذلك ! وستبقى هذه الاشكالية مادام الفارق في الرواتب وخدمات السكن والنقل مستمر . اما المهندسون الاجانب والخبراء والمرتبطون بعقود تكفل لهم الاجور المرتفعة فتخلق لدى  المهندس العراقي ردود الفعل السلبية لأن كفاءته لا تقل عن المهندس الاجنبي ان لم تتفوق عليها ! ويواجه المقاول – الرأسمالي الوطني في العراق والذي يفكر بالربح الاكبر مشاكل الاجازة والتصنيف حيث الاستئثار الطائفي والحزبي والفساد  .. الا ان فوضى السوق تبقي المشاريع حكرا على نخبة من المقاولين الكبار الذين يحتكرون المشاريع الكبيرة ويتحكمون باسعار السوق ، وعادة يكون هؤلاء اليوم  تحت الخيم الطائفية الضيقة المقيتة بعد ان كانت  تحت الخيمة البعثية الكريهة ! . أما الكادر الوسيط بين المهندس والشغيل فان النقص له اجبر المهندسين على القيام بدوره واغفال واجباتهم الرئيسية لضرورات تمليها عليهم طبيعة العمل .. ولا توكل لخريجي الكليات التكنولوجية والتقنية والمعاهد الفنية المشاريع والاعمال التي تتناسب مع اختصاصاتهم باتصال مع فقر الاجور والمخصصات الامر الذي أوجد ظاهرة الورش والمحلات التجارية . تراكمت المشاكل وتعقدت قضايا المهندسين والتي من  أبرز ملامحها .. قضايا البطالة ، الدخل الملائم ، الخدمات المقدمة للمهندسين ، الحقوق الديمقراطية ، اهمية التمييز بين المهندس (engineer) والتقني ( technologistأو technical) والغاء قرارات مجلس قيادة الثورة اللعين ووزارة التعليم العالي ذات العلاقة ....
     الكهرباء صناعة ارتكازية أولا وخدمة أساسية ثانيا .. وجب حمايتها من ضروب المنافسة والأحتكار أي أن لا تكون بيد فرد او حفنة في مواجهة الآخرين.ولابد للحكومة أن تلعب الدور الفاعل في تقديمها وتذليل التمتع بها في سبيل الحفاظ على كيان المجتمع وسلامة أمنه الأجتماعي على نحو يضمن المنافسة المشروعة والعدل والمساواة في الحصول عليها.أما اتباع مبدأ الربح والخسارة لتحديد أجور الكهرباء ... وهذا نتاج اية خصخصة لمشاريع الكهرباء ... فيؤدي الى عجز الأعداد الواسعة من المواطنين ليقعوا فريسة القطاعات غير الحكومية التي يتقوى عودها في العهد الجديد مع استمرار الأحتلال الأميركي وتطبيق سياسات الثالوث الرأسمالي الدولي ... وهذه السياسة استمرار لنهج صدام حسين و نوري السعيد الاستعماري والتابع ولبناء الاقتصاد الوطني المشوه جملة وتفصيلا !  وتؤدي الخصخصة عموما  الى تمتين عرى الزواج الكاثوليكي اللامقدس بين البورجوازية الطفيلية العراقية والأحتكارات الرأسمالية لتواجه الدولة العراقية الأقتصاديات الأستهلاكية ، والأختلالات الهيكلية ، والعجز في الموازنة الحكومية العامة . كما تؤدي الخصخصة الى شرذمة المهندسين العراقيين والانتعاش المقاولاتي الكومبرادوري .. ولا يمكن ان تكسب مواقعها لأعلاء شأن القطط السمان في عراق اليوم الا بنصرة الطائفية السياسية والدينية ولاءا عصبويا دون وطنيا ...... اي عرقلة الديمقراطية كمشروع للعقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع ! وهنا مكمن المفارقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية اي البارادوكس ( Paradox ) الخصخصياتي ... لا عجب ان تروج الطائفية وثقافة القطيع كذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد ... وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية - الاقتصادية والخضوع لمشيئة الثالوث الرأسمالي الدولي اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء الدولة الديمقراطية المستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق ..


ملاحظة :
راجع –
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

239

      الطائفية الدينية لا يمكن مضاهاتها بالطائفية السياسية ... والعقل الطائفي السياسي لازال يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق أسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي ،  في سبيل تهيئة فرص البقاء والتحكم في رقاب الناس ... ولأن النهج الطائفي من شأنه تمزيق الوحدة الاجتماعية ، بل تمزيق الهوية الثقافية للشعب العراقي .. والطائفية كتعدد ديني تتداخل فيها إضافة الى الدين العصبية القبلية أو الجهوية ، اي عدم قبول الحق لأغراض الانحياز الى جهة محددة ، وبذلك تتحول الى عصبية اجتماعية موجودة في لعبة الولاء والسلطة… تتعدى طائفية الإسلام السياسي  في العراق عصبيته ، لتلج دهاليز اللا وطنية، فكرا وممارسة. فالطائفية لا تقيم وزنا للوطن والمواطن والمواطنة. وتنفي الطائفية الوطنية بمقدار يساوي نفي الوطنية للطائفية، ولا يجوز الإيغال في وهم إعتبار الطائفية شكلا مرحليا للتعبير عن الوطنية العراقية. الطائفية السياسية عائق معرقل مانع لتطور الوعي الطبقي لجماهير الشعب التي هي بحاجة الى مثل هذا الوعي لوحدتها ودفاعها عن مصالحها وايصال الرموز السياسية الوطنية الى النقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والبرلمان والذين يعبرون عن هذا الوعي ويجسدون تلك المصالح ! الطائفية السياسية – العدو اللدود للفقراء والكادحين ... الطبقة العاملة والفلاحين وشغيلة الفكر والعمل معا ! بالانتهازية السياسية والفكرية واقتناص الفرص السياسية يقوم البعض باستغلال الحركات الطائفية من أجل مصالحهم الشخصية وليس من أجل مصالح الحركتين السياسية والاجتماعية ومسيرة العملية الديمقراطية  الحقة ، ولتتحول مفاهيم السنة والشيعة والمسيحية والكرد والعرب إلى مفاهيم كاريكاتيرية ليجر خداع فقراء وعمال الطوائف والقوميات المختلفة بها ، وتسليم القيادات للقوى الاستغلالية المتخلفة، وليتذابح البسطاء من العاملين ... وبذلك يعجز النظام الإقطاعي/ الطائفي الذي تشكله القوى الحاكمة،  عن إنتاج الحداثة وفهم الإسلام معا .
    كمنت الجذور التاريخية للطائفية السياسية في نظام الملة العثماني الذي قضى بان ينظم جميع الرعايا العثمانيين من غير المسلمين في طوائف مستقلة يرعى شؤونها رجال الدين وتخضع لسلطتهم القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية . في الحقيقة لم  تـأت الطائفية السياسية من التعدد الاثني والعرقي والمذهبي بل من سلوك السلطات الحاكمة ، والقوى السياسية المتنفذة ،  ومن طبيعة المعادلات السياسية التي تتحكم في عقول الحكام.. وهي معادلات تقوم على فكرة التفرد في السلطة وتحويل الناس الى خول وعبيد وتابعين … والعبث الطائفي نابع من هذه المعادلات الصبيانية المدمرة في مسعى لتمزيق النسيج المنطقي للأحداث كي لا يجري الامساك بالاسباب والمبررات فتهوي وتضيع في غموض الصدفة والوعي  … وبتزاوج ظاهرتي التعصب والتطرف بالمغالاة السياسية والفكرية والمذهبية والدينية يفتح  العبث الطائفي الأبواب مشرعة للإرهاب الطائفي . التطرف الطائفي -  مرحلة سيئة و ضارة للتعصب المركب ، الآيديولوجي والقومي والديني والطائفي ، والتربة الصالحة لأنبات الإرهاب والفاشية والمظاهر الاجتماعية المعادية للتقدم الإنساني!.ويترافق العبث الطائفي عادة مع الأصولية اي النهج الذي يبرر النكوص الى الماضي وتقديسه ونفيه وتفريغه من محتواه بدعوى تجاوزه والانتقال من أصولية مقنعة الى أصولية سافرة او  الموقف الجامد الآيديولوجي الرجعي الذي يتحجم مع إطلاق العنان للفكر وتحريره من اسر الادلجة والسير الواقعي بعيدا عن التصورات السابقة  ..إن الطائفية علاقة تاريخية للتراتب الاجتماعي المركب وانتظامه المتجدد على الصعيدين السياسي والآيديولوجي وفق الآلية الداخلية الخاصة بالنظم المركزية القائمة .
       إذا حفرنا تحت المستوى الاجتماعي للبناء العتيق والولاء للقوى التقليدية السياسية والمذهبية في عراقنا  لوجدنا خصائص الكمون الأبوي ، والذكوري المتسيد ، والعشائري ، والطائفي ، وتمجيد التجارة ، وكراهية العمل الصناعي التقني ... وغيرها من الخصائص التي  تتحكم في نشاطه الاجتماعي الخفي.... وهذه الخصائص هي سمات المجتمع الأهلي اي الولاءات القديمة وريثة العلاقات ما قبل الرأسمالية حيث بقي محافظا على كيانه و مقومات وجوده .... اما المجتمع المدني فيعني الولاءات الجديدة المنسجمة مع التقدم الاجتماعي وقد بقي في عموم العراق مهيض الجناح تهزه زلازل أعماق المخزون السلطاني والمملوكي الانكشاري وتتقاذفه حمم براكين العشائرية والطائفية......! إن قيام ابناء الفئات الوسطى بتكريس النظام التقليدي يتمظهر في دور التجار والصناعيين الباهت في دعم الأحزاب الليبرالية والديمقراطية وتكريسهم للقوى المذهبية الطائفية ، ولمراكز العبادة القائمة على الوعي العتيق المضاد للتحديث الإسلامي. وفي تداعيات قل نظيرها اواخر القرن العشرين على المستويين الإقتصادي والإجتماعي ، نشط الإسلام السياسي في العراق لتجنيد المريدين لمشروعه الطائفي ، وتمكن في فترة وجيزة من تصدر الواجهة السياسية، والسير بالبلاد نحو هاوية الفتنة الداخلية. وهو يراهن في نجاح مشروعه الطائفي على رجال الدين واشباههم في الدرجات الأدنى ، الإقطاعيون السابقون وكبار الملاكين والنافذون في المؤسسة العشائرية ، التجار والوسطاء والسماسرة ومافيات التهريب والحائزون على المال العام بالمصادرة أو التدليس أو التزوير ، الفئات الإجتماعية الرثة والهامشية والطفيلية والمتساقطة من الطبقات الإجتماعية ..... ان ما يحدث للطبقة العاملة العراقية اليوم ليس تحجيما وتهميشا وبالتالي اندثارا، بل إعادة هيكلة لها مرتبطة بإعادة هيكلية الرأسمالية العراقية وبالاخص الرأسمال الكومبرادوري الطفيلي .
       تؤكد فحوى التقارير الدولية على نوايا شركات النفط الامريكية والبريطانية من استغلال العنف الدائر في ظل الاوضاع السائدة في العراق لكسب المفاوضات السرية التي تجري خلف الأبواب المغلقة حول تقسيم الانتاج النفطي من خلال فرض عقود طويلة الامد لا تقل مدتها عن( 25- 40 سنة) مع الحكومة العراقية وربط العراق بها بالشروط المجحفة المعروفة سلفا مع سبق الاصرار ! .الإحتلال لا يدوم إلا بالطائفية، وهذه الأخيرة لا تحقق غاياتها إلا بوجود الإحتلال. إن الذي يترتب على طائفية  الإسلام السياسي في العراق، ليس تناغمه مع الإحتلال فحسب وإنما إقتران طائفيته بالنزعة العشائرية والقبلية أيضا. والتناغم هنا ، لا مع النزعة العشائرية التقليدية فحسب بل الاخطر في الامر هو تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة  وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لخدمة الطائفية الاجتماعية  . والطائفية الاجتماعية تتجسد في تسخير هذه العشائر الحرة لأعمال القمع البوليسية وخلق البلبلة مثلما استخدمها النظام الدكتاتوري لدق الاسافين في العلائق الاسرية واللاانسانية . وبعد ان كانت ترتبط العشائر الحرة بمكتب العشائر المركزي في البعث باتت اليوم على اتصال وثيق بالاسلام السياسي الحاكم والمتنفذ ! في عراق اليوم استبدال للشرعية الحزبية والتحالفات المدنية بالتحالفات الطائفية ومجلس الطائفة الحاكمة امتدادا للتحالفات العشائرية . الطائفية لا تطلب شيئا سوى الالتزام النفسي بها والاحتماء في ظلها وتحت خيمتها ، الايمان بها ، اعتبارها شعب الله المختار ! لتكون الحماية ذات شقين : الروحية  والمادية ، وبسبب فقدان الامان والحياة القاسية والخوف من الغد . الطائفية الاجتماعية اصولية متطرفة تغازل وتداعب الاصوليات الوافدة وتتعاون معها لتكريس ثقافة القمع، بجميع مفرداتها وتفصيلاتها ! تعبيرا عن العجز وعدم القدرة على الإقناع لأنها لا تستطيع أن تقدم البرامج المقبولة .... وبالتالي فلا سبيل إلى منافسة الآخر سلميا وعنفيا ، بكل ما يعبر عنه ذلك من ميول إقصائية واستئصالية وتهميشية ضد الآخر باعتماد العنف القمعي. . ثقافة القمع .. ميراث كريه، لا احد يعترف بشرعيته !
    كان تشجيع الاستعمار للولاءات دون الوطنية وتحفيزه حراك المجتمع الاهلي هو سياسة ثابتة متعمدة لبناء المؤسسات السياسية التي أقامها وفق مظلة الأفكار الأبوية والطائفية ، والإبقاء على البنية التقليدية بكل هياكلها الأساسية، واسناد الثقافات الخرافية السحرية الغيبية والظلامية ، والطائفية والأمية والذكورية سائدة بين الشعوب. وحتى حين نشأت الحركات التحررية الوطنية والقومية و الدينية المختلفة، فإن هذه الحركات واصلت إعادة إنتاج الثقافة الطوائفية والتخلف والجهل ، حين أضفت على العرب والكرد والاسلام طابعا سحريا كأمم غير مقسمة طبقيا، ومتحدة في جوهر غيبي خارج تحليل التاريخ. بهذه الطريقة  تأسس القوميون والبعثيون والاسلام السياسي والجماعات المذهبية المختلفة على أساس إنكار الصراع الطبقي داخل الأمم والطوائف المختلفة والعشائر.... تعبيرا عن الشمولية الفكرية والطابع الدكتاتوري العميق داخل هذه الحركات الذي يتجسد عمليا في القمع العنيف المتنوع لكل من يطرح موضوعية الانقسام الاجتماعي ....  وحتى في دراسة التاريخ اعتبرت الإشارات إلى انقسام الأمة العربية والأمة الإسلامية والامة الكردية كارثة فكرية وخطرا يهدد سلامة الفكر السائد!. يتعامل الإسلام السياسي مع الإسلام بجعله إياه حيازة طائفية، وهو بذلك  يسعى لجعل الوطن حيازة أخرى في خدمة مشروعه الطائفي المتضاد مع المشروع الوطني. فالوطن وفق الإسلام السياسي  في العراق  غنيمة طائفية  وحالما يستعصي الوطن على التحول إلى غنيمة، يعود الإسلام السياسي لإشهار بدائل معهودة...  تبدأ بالدعوة لتشكيل أقاليم تتسم بالنقاء الطائفي، ولا تنتهي بالحرب الأهلية المدمرة. ولما كانت مبتغيات  الإسلام السياسي  في العراق طائفية وغير وطنية، فهو لا يعبأ بأية آلية وطنية للعمل السياسي، وجل إهتمامه يتمحور في إقتحام المنافذ المؤدية إلى الفردوس الطائفي. 
     العقلية المؤسساتية العصرية عقلانية الطابع تحكم العقل في التفكير والسلوك وتنبذ الفردية في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وتقوم على صرحها العلمانية أي التفكير الاجتماعي القائم على فصل الدين عن الدولة ، والحماية الحقة لحرية الدين والعقيدة والفكر والإبداع..وبالتالي المجتمع المدني..وتقطع العقلانية الطريق على العقل الإيماني الذي يعيد إنتاج الدوغما والفئوية والخطاب الطائفي والديني الذي ينادي بصرامة بالدولة الدينية المستبدة المؤسسة على الحاكمية وولاية الأمر وفقه الغلبة وولاية الفقيه ولو بصيغ جديدة !،  وتحويل الدين الى مجرد وقود سياسي…وينبذ المنهج العلماني التوفيقية ليؤكد ثورية العلم .. وعموما كان العلمانيون والمتدينون معا ضحية استبداد الحكام الذين احتاجوا التدين كأمامة ومستشارية تمتدحهم ،والعلمانية لمواجهة الظلامية ، ومشروعية العنف ضد الأصولية. مرجعية آية الله السيد علي السيستاني ، من جهتها ، تؤكد إن السيد المرجع لايتبنى فكرة ولاية الفقيه في صيغتها الخمينية المطبقة في إيران منذ ما يزيد على ربع قرن، والتي جعلت رجال دين غير منتخبين يتحكمون بأمور الحكم في البلاد، عن طريق الفقيه الولي  ومجلس صيانة مصلحة النظام....  الامر الذي أدّى الى عرقلة بناء دولة ديموقراطية حقيقية كان الشعب الايراني يطمح الى قيامها، ويناضل من أجلها طوال عقود من الزمن مليئة بالتضحيات ضد حكم الشاه.... ان بعض ساسة الاحزاب الدينية  وبعض الدعاة من انصارهم ممن تصرفوا كما لو انهم قريبون للمرجعية، بدلا من ان يحتسبوا للمسافة بينها وبين ملفات السياسة اليومية وبدلا من الحفاظ على تلك المسافة وحماية موقف المرجعية المتوازن، تفننوا في كسر ذلك الحياد وتجيير موقف المرجعية في مشروعهم توظيفا للمكاسب السياسية الآنية التي  حصلوا عليها في نهاية المطاف بعد ان تركوا في ساحة المعركة سؤالا كبيرا عما اذا كانوا متحمسين وموالين فعلا للمرجعية ام للرصيد السياسي الذي دخل في حسابهم !!. مما يؤسف له ان هناك من يستخدم الدين والتشيع والتسنن للاحتفاظ  بتيار انعزالي معين يحاول الاستحواذ على تأييد اكثر ما يمكن من سكان اهلنا في وسط وجنوب وغرب البلاد ....  كل ذلك يجري بذرائع محبوكة وكأنها تتصل " بالسيادة الوطنية" دون الاخذ بدقة وحساسية وضع البلاد بعد سقوط الطغيان !. ان تجربة العراق تقدم نصيحة ثمينة تقول: ان ابقاء المراجع الدينية بعيدة عن السياسة وخلافاتها، من شأنه ان يعزز مكانة تلك المراجع، ويسهّل ترشيد المواقف إزاء تلك الخلافات.
    الإقطاع الديني والطائفي هو ربيب الدول، وصوت الكرنفال السياسي للحكام والذي يفصل الأحكام لبدلات الحكام .... فإذا كانت ضيقة ضيقها، وإذا كانت واسعة وسعها، وأجره في آخر الشهر... كلما سكت عن الظلم اتسع رزقه، وحصل على الأراضي، وكثرت أمواله في البنوك.... وكلما نبه إلى ظروف (الرعية) السيئة، ورأى العين الحمراء بلع ألفاظه ولغته وضميره الديني وهلوسته الطائفية . وكل الخطر أن يزف أمثال هؤلاء أنفسهم في الركب الماضي النير، بلا تضحية قدموها ولا جليل أعمال خلقوه، وإنما دجل وكذب على الذقون ! . إن صراع الإقطاع السياسي والديني أصبح ظاهرة يومية ودموية يتم تمويهها بالقول أنه صراع بين الدولة والتطرف والارهاب ، لكن ما هي طبيعة هذه الدولة الاجتماعية وجذورها الطبقية ؟ ... ليتم التمويه والانتقال إلى مسائل مجردة كالحديث عن الدولة الإسلامية أو الدولة الوطنية أو الدولة الشيعية .... وكل هذه التسميات كلمات تمويه فاضحة  لجوهر اجتماعي واحد ! لنلاحظ  كيف أن الإقطاع السياسي البعثي الحاكم في العراق، حالما تم عزله اندفع الإقطاع الديني بكل تلاوينه لكي يرث ملكية المسلمين المتاع المشاع الدائم لهذه القوى ، وفي سبيل ذلك يقوم بمغامرات مذهلة ودموية حتى ضد طائفته !...  لا تختلف تكتيكات صراع الإقطاعيات السياسية والدينية والطائفية  ، فالسياسي يتظاهر بتلبية حقوق الإنسان وإنه أقرب للحداثة وحكم القانون، غير أنه يرفض الحداثة حقيقة بإصراره على التفرد في السلطة وبقاء الدولة المذهبية والدينية والطائفية !.... وهو يحول الدولة إلى مزرعة خاصة به، وإذا كان قد تخلى عن الحق الإلهي في الحكم إلا أن المواثيق والدساتير تظل مذهبية إقطاعية تمثل سيطرة الأرستقراطية وحقها في الحكم الأبدي ،ويغدو مذهبها المشكل على مقاس الأشراف وليس عامة المسلمين هو المسيطر على الأحكام الفقهية. إن أولوية الأولويات في أجندة الإسلام السياسي في العراق هي تحقيق الغلبة السياسية من منظور طائفي، أي من منظور التمايز والتفارق مع الآخر...  وبالتالي فإنه يسعى من كل بد إلى تفعيل كل ما من شأنه إدامة هذا التمايز وذاك التفارق وإستحضار مستلزماتهما المادية والمعنوية على أكثر من صعيد.
     يتعنتر الإقطاع الديني والطائفي ، من جهته ، يتعنتر بأن الدولة المعنية لا تمثل الإسلام  وأنه هو وحده يمثل ذلك، في حين انه بممارساته الدموية يمثل تخليا عن أية ممارسة إنسانية ...  وهو يعمم ويوسع من قمع الدول لأنه ارهاب متوسع في الكم وليس مختلفا في النوع ! .... ويستند إلى نفس المظلة الفكرية ويستشهد بنفس الآيات القرآنية ويحلل الذبح بنصوص شرعية ! ...  وهو يلوح للمستضعفين والفقراء بأنه يمثل حلما اجتماعيا تخليصيا لهم من الاستغلال والبؤس ليمثل مشنقة جديدة موسعة لهم ومقبرة داخل المدن والبيوت وعلى صدور الأمهات وجثث الأطفال ! أي أن المظلة الفكرية والاجتماعية اللتي يستند إليها الإقطاع السياسي أو الديني او الطائفي هي مظلة واحدة .... وحين يحكم الإقطاع الديني يتحول الى إقطاع سياسي يلتهم بالإضافة إلى أموال المؤمنين أموال الدولة، وبدلا من ميليشياته التي كونها في الحارات يستعين بالشرطة النظامية وبالجيش، ويغدو نظاما أكثر عسفا وأشد عسكرة ودموية.... وبدلا من التدخل السياسي العام يدخل في أعصاب وخلايا وبيوت الناس، لكن الدول من جهة أخرى تقوم بالإبقاء عليهم من أجل أن تبرر وزارات الداخلية والقمع وبقاء الدولة الطائفية. إقطاعيات تتعارك على جثث المسلمين والمواطنين. الطائفية المقيتة تهيمن على لغة المليشيات المسلحة في العراق! وتسهم في إذكاء وإشاعة المزيد من الفوضى في العراق الذي يعاني من الفوضى أصلا . قنابل وارهاب  تحت .. عباءة آيات الله وعمامات الامراء ؟ ... إنهيار الأمن ..  إنتعاش المحاصصات ..  تغييب الملايين ! لتصحو البلاد المنكوبة، كل يوم، على جثث الأبرياء والتفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة وعمليات الاختطاف. ويجري هذا تحت خيمة الحكومات العاجزة لا عن حل أزمة الأمن فحسب، بل وعن مخاطبة الملايين ممن تغيّبهم وسط محن يواجهونها وحدهم... بينما المتنعمون يواصلون،  وسط  شلل البرلمان المنتخب  "اجتماعات المحاصصات" في الغرف المغلقة، وبعقول تجيد الصراع على الكراسي  وقلوب تخلو من الحرقة على الضحايا  ومشاعر تتجاهل أصحاب القضية الحقيقية من الساخطين والمحبطين الذين تطحنهم مآسٍ لا مثيل لها.
       ما أن تبدأ دائرة العنف والعنف الطائفي المضاد ، حتى يستحيل كسرها أو وقفها. وسرعان ما يترسخ الاعتقاد لدى عامة الناس بأن الشيء الوحيد الذي يستطيع حمايتهم من عنف الآخر وشره ، هو ميليشيا عسكرية أو شبه عسكرية، تنتمي إلى الطائفة نفسها ....  وليس قوات الشرطة أو الجيش.وما أن تتشكل هذه الميليشيات التي تنشأ أصلاً لحماية العشيرة والأهل وأفراد الطائفة، حتى تقوى شوكتها وعودها ، فيكون لها وجودها المستقل عن الجميع. ثم ما يلبث ريشها أن ينمو ويطول ، فتنتشي بمنعتها وقوتها ، ويصبح شغلها الشاغل الحؤول دون استعادة الحكومة لهيبتها وسيطرتها على الوضع الأمني والسياسي في البلاد. ويصل هذا السيناريو إلى خواتيمه مع اعتقاد السياسيين بأن في مقدورهم التمتع بسلطات سياسية أكبر فيما لو عولوا على ولاءاتهم الطائفية ، مقارنة بما يكسبونه سياسيا من التشبث بشعار حكومة الوحدة الوطنية. وفي اللحظة التي يستند فيها ساسة بلد ما على حائط الخوف لا الأمل ، فيا لسراب الوفاق الوطني .... وعلى المصالحة السلام! . وبسبب الاضطراب والنزاع بين القوات الأميركية والجيش ووزارة الداخلية ينشأ وضع أمني لم يعد فيه المواطنون قادرين على التمييز بين ما إذا كانت قوات الأمن المنتشرة في الشوارع ، أعداء أم أصدقاء ، وما إذا كانوا إرهابيين أم مجرد لصوص ومجرمين. فالكل يرتدي الزي الرسمي نفسه. بل تسقط قطاعات من مدن بكاملها في قبضة العصابات والإرهابيين! الطائفية السياسية – قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع ! . لا تتوقف الطائفية السياسية عند استثمار الشعائر الدينية وتقاليدها بل باتت تقيم محاكمها الشرعية التي أصبحت فوق القانون في محافظات وسط العراق وجنوبه والتي اصبح في إمكانها ان توقع أحكاما على المواطنين، وتصادر ممتلكات الدوائر الرسمية (السيارات والعقارات بخاصة). ولم تكن حال المدن في المناطق الغربية افضل من حال مدن الوسط والجنوب، فالمد الاصولي امسك بتلابيب الحياة الاجتماعية في مدنها !. تهيمن الطائفية السياسية على الموازنات المالية للمحافظات وتتصرف بالموارد المالية التي تخصص لها ... بعد ان ألغت الحياة الثقافية والفنية وحولت حياة الشعب الى عزاء دائم ، وبذلت الجهد المكثف من اجل القضاء على الأرث الثقافى العراقى الدخيل على الأسلام  مثل النصب والتماثيل ومحاربة كل اشكال الثقافة العراقية والأجنبية المعاصرة المستوردة. ما تزال رهبة الأمن والحزب والاستخبارات موجودة في العراق بعد مضي ثلاثة أعوام من سقوط  الطاغية ، واستبدل اللون الزيتوني - البدلة العسكرية -  بالعمامة البيضاء او السوداء، و استبدلت صور صدام بصور سلسلة الائمة والامراء ، واستبدل جيش القدس الذي أسسه صدام من اتباع حزبه بـالجيوش الميليشياتية للاسلام السياسي التي تفرعت عنها مجموعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الاسلاميون المتشددون يحاربون العلم والنشاط الاكاديمي والبحث العلمي في الجامعات، يمنعون النشاطات الترفيهية والاجتماعية وصولا الى اغتيال الاساتذة والاطباء والمهندسين . هل يسير العراق على نهج طالبان او النهج الخميني الارعن ؟ وهل سنستبدل سياسة قطع الألسن والآذان التي انتهجها النظام البائد، بسياسة القتل والارهاب والتعذيب وتكسير الأيدي والأرجل لتطبيق الشريعة فنجعل الناس ينفرون من الاسلام؟ ونتساءل هنا ما الذي استفاد منه الشعب أصلا من التغيير؟ وما الذي تحقق له بعد اسقاط الصنم والنظام البائد؟
    يغدو تفكيك الإقطاع الديني و الإقطاع الطائفي والإقطاع السياسي والإقطاع الاصولي والشمولية الفكرية ، وتكوين الطبقات والوعي الطبقي الحديث عمليات متداخلة... لأن الوعي الطائفي مثلا يعجز بشكل مستمر عن استيعاب واحتواء تطور العملية الاجتماعية والسياسية الديمقراطية ... ولتفتقد آليات السيطرة الحكومية الشاملة مبرراتها وتتشكل حالات الاستقطاب الطائفي  بين المجموعات المتحدة المصالح.... في هذا المخاض الديمقراطي يواجه واقع الحال التطرف والتعصب والارهاب من كل الطوائف التي ترفض التزحزح عن الأشكال الطائفية السياسية باعتبارها الممثلة للطائفة  وتعبيرا عن الاحتكار السلطوي داخل الطوائف والدول، وزعامات تجاوزها التاريخ تقيم سيطرتها على سلطات تجاوزها التطور السياسي !. والاحتكار السلطوي الاقتصادي هو العقبة الأساسية أمام الديمقراطية الحقيقية، وأمام أن تكون الدولة والمجتمع في صراع اجتماعي وليس في صراع طائفي .... من هنا تترافق الإصلاحات السياسية مع الإصلاحات الاقتصادية ....
     لابد من اتخاذ الاجراءات الاقتصادية الراديكالية في سبيل ضمان إطلاق العملية الديمقراطية الحقة في البلاد لا السياسات التكييفية التي تستبعد أي تغيير حقيقي في النظام المؤسساتي المفرط  بتسلطه وقمعه وشموليته بالصيغ القديمة – الجديدة ، والاكتفاء بإدخال التعديلات المحدودة على السياسات  الاقتصادية للدولة اي اعادة انتاج الأزمات العامة الخطيرة والمالية لاقتصاد الدولة الريعية الكومبرادورية في العهد التكريتي . ولابد من الاهتمام بملف النفط في العراق لما له من اهمية على مستقبل العراق وعلى مستقبل شعبنا وعلى طموحاته المشروعة ... وهذا يستوجب وضع الملف النفطي  في اولويات الاجندة الوطنية لكي يكون الجميع على دراية تامية عن كل ما جرى ويجرى من الامور المتعلقة بالنفط في العراق عامة والتي غالبا ما تجري مداولاته خلف الابواب المغلقة .
     لا يمكن ان تكون هناك دولة مؤسسات في العراق مع إستمرار الميليشيات المسلحة التي تنتهك القانون ، ويجب ان تحل جميع الميليشيات التي تتعارض مع مؤسسات السلطة اي حل الميليشيات المتشكلة في الفترات المختلفة والتابعة لقوى الإسلام السياسي المشاركة في العملية السياسية العراقية سواء أكانت هذه الميليشيات معلن عنها أم غير معلن..
     لابد من اتخاذ الاجراءات العاجلة الكفيلة بالقضاء على الارهاب وحل الميليشيات وتحويل الملف الأمني الى أيادٍ عراقية كفوءة ونزيهة، تتمسك بمبدأ المواطنة لا مبدأ الطائفة أو القومية أو الحزب أو العشيرة.  وبدون إشراك الملايين في العملية السياسية واحترام مشاعرهم وعدم الانعزال عنهم والتعالي عليهم، والاحساس بالحاجة الى تلبية مطامحهم الملحة والعادلة، لا يمكن الحديث عن تقدم في هذه العملية، ناهيكم عن الأمل بعراق ديمقراطي. ولابد من النشاط الحيوي‮ ‬على الصعيد الفكري‮ ‬الهادف الى تعرية اضرار التعصب الطائفي‮ ‬واللجوء الى العنف.‬وذلك من اجل استعادة الامن والاستقرار ومعالجة القضية الامنية بالارتباط بجذورها الاقتصادية،‮ ‬والاجتماعية والسياسية‮.‬  ولابد من العمل وفق الدستور والالتزام به وان تجري أية تعديلات لاحقة وفق المادة 142 من الدستور ،  تشكيل حكومة وحدة وطنية والأخذ بمبدأ المشاركة وتمثيل المكونات العراقية اعتمادا على أساس الاستحقاق الانتخابي ومقتضيات المصلحة الوطنية ، تطبيق قانون 91 المتعلق بالميليشيات، منع التفرد والدكتاتورية والقمع والطائفية والعنصرية بكل أشكالها وتجسيد ذلك في سياسات الدولة وممارساتها ، إبعاد وزارتي الدفاع والداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات عن أحزاب الإسلام السياسي  .... ليست فرق الموت سوى صورة مصغرة لهذا التدخل ! ، حظر اي نشاط استخباراتي غير خاضع للدولة .. وبالاخص مايسمى بالجهاز المركزي ... وهو أكبر تنظيم امني – عسكري موجود في العراق يخطط و ينفذ يوميا عشرات المهمات العسكرية والامنية ضد المناوئين لايران في مختلف المدن العراقية ويعمل مباشرة بأمرة قيادات الاسلام السياسي المتنفذ شخصيا ويتلقى فتواه لعمليات الاغتيال من مكتب خامنئي ويتم تحديد الاهداف بالتنسيق مع قيادة مقر رمضان الايراني ،المكافحة الجادة لقوى الإرهاب بمختلف مكوناتها العراقية والعربية والإقليمية ونزع السلاح المنتشر في العراق على نطاق واسع والابتعاد عن سياسة التمييز بين المواطنات والمواطنين على أي أساس كان، الابتعاد كلية ورفض أسلوب القوة والعنف والقتل كطريق لفرض الرأي أو الرأي الآخر... فليس هناك من لا يستطيع ممارسة القوة لأنها ليست طريقا باتجاه واحد ...  خاصة وأن الدكتاتور صدام حسين ترك من الأسلحة في العراق ما يفوق التصور .. كما أن بعض دول الجوار ما تزال تساهم في تصدير السلاح المجاني بالطرق السوداء إلى العراق، كسر شوكة الحزبية الضيقة في دوائر الدولة، مواصلة عملية إعادة إعمار العراق والاسراع في تأهيل الخدمات العامة وخاصة قطاع الطاقة الكهربائية ! ، توفير العمل للعاطلين والسير حثيثا للبدء بعملية تنمية وطنية وإقليمية عراقية واسعة ، ضمان استقلالية شبكة الاعلام العراقية والهيئة الوطنية للاتصالات ومنع التدخل الحكومي في شؤونها والالتزام بالقوانين المنظمة لعملها .
    ولابد من التصدي للمخطط الإيراني الجديد - القديم في آن واحد والخطير والمناهض لمصالح الشعب العراقي والشعوب الإيرانية معا ، والخطر على منطقة الشرق الأوسط و الذي يسمح باشتعال الصراعات والنزاعات والحروب فيها ان لم  يتم التصدي العقلاني والواعي والمسؤول والهادف لها . استمرار الفوضى والإرهاب والقتل يؤجل خروج القوات الأجنبية من العراق !.
 

240

التعاون – وسيلة لحماية مداخيل العامة من النهب ولتحسين احوالهم الاقتصادية .. ويتوزع الى التعاون الاستهلاكي ، الانتاجي ، الخدمي ... التسليفي ... التسويقي .. الاسكاني .. ويعتبر التعاون الزراعي اهم انواع التعاون واكثرها حساسية !. ان الثقل الاكبر في الحركة التعاونية يقع في الزراعة !.ويهدف التعاون الحد من الاستغلال وحماية الاعضاء من سطوة الاحتكار الكبير وزيادة الرفاهية !.. وتنظم المؤسسة التعاونية النشاط التمويني والتسويقي للفلاحين وتستخدم الارباح المتحققة من نشاطاتها الخاصة لتأسيس النوادي والمطاعم ورياض الاطفال في مناطق العمل ولمصلحة اهالي المناطق السكنية واعضاء التعاونيات . وعن طريق الجمعيات التعاونية يمكن الوصول الى أفضل الطرق الى تعزيز عملية الانتاج بزيادته وتحسين جودته .... وعليه التعاونية -  شكل انتقالي لدمج الملكيات الصغيرة في الريف وتجميع الحرف الصغيرة في المدن .... في ظل الملكية العامة لوسائل الانتاج والتوزيع التي تسود المجتمع ! وبهذا المعنى تمتلك الوظيفة الاجتمااقتصادية والسياسية في الدفاع بوجه شرور الرأسمالية وتوطيد تحالف العمال والفلاحين ان لم تتمكن من التصدي لمهمة منع انبثاق الرأسمالية كنمط انتاج  ! .الحركة التعاونية في ميدان الصناعات الريفية – اداة تنمية مجربة قادرة على تنفيذ السياسات الحكومية في تطوير الريف اقتصاديا واجتماعيا ، ولابد من اقامة هذه الصناعات على اسس تعاونية ! ومنها جمعيات الصناعات الغذائية ، تصنيع الفواكه والخضر ، تصنيع منتجات الحبوب ، النسيج والحياكة التعاونية ، الصناعات الطينية ، تصنيع القصب ، صناعة الزوارق والمشاحيف ، صناعة الشباك المنسوجة من النايلون او القطن لصيادي الاسماك ، تربية النحل ، ... الخ . التعاون الزراعي – هو الحركة الواعية المنظمة الموجهة للفلاحين وابناء الريف في حركة جماهيرية واسعة واختيارية وفق اسس يقررونها معا ويلتزمون بها واهداف مشتركة يحددونها ويسعون جميعا الى تحقيقها في مجرى نشاطهم الاقتصادي اليومي .... القطاع التعاوني (Cooperative) تنظيم اجتماعي – اقتصادي له خاصيته التي تتميز عن التشكيلات المساهمة والمختلطة والمتجمعة والمشتركة لأغراض اقتصادية . وقد وفر تطور علاقات السوق الرأسمالية الشروط الملائمة للنمو السريع للتعاون  الذي يحمي الاستثمارة الصغيرة وللاقتصاد التعاوني القائم على المساعدة الذاتية .الاقتصاد التعاوني – اقتصاد انتاج سلعي صغير يسعى لتحويل الاستثمار الضعيق المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة الى الاستثمار الكبير القادر على المنافسة وزيادة الانتاجية ... التعاونية مؤسسة اقتصادية تعمل وفق مبادئ الربح والخسارة ضمن اقتصاد السوق ، وتجمع المزايا الايجابية للملكية الخاصة وملكية الدولة ومؤهلة للعمل بكفاءة وجدارة . لكن لا يمكن اطلاق النعوت العامة على التعاونيات كقوة تقدمية بصورة مطلقة تارة او كعامل محافظ  تارة أخرى ! لأنها تبقى في الرأسمالية سواء اكانت انتاجية ام تسويقية زراعية ام حرفية ام سكنية مجرد رأسمال جماعي .. فالغول الرأسمالي مرشح لأفتراسها في اية لحظة ... آنذاك تكتسب  التعاونية طابع المؤسسة الرأسمالية او تحد قدر الامكان من سعة الاستثمار الرأسمالي !.كما لا يمكن تحقيق الحركة التعاونية بالمراسيم !واشاعة التعاون الزراعي بالقوة لأن ذلك يقترن عادة بالانتهاكات الفظة والارهاب والتهجير القسري والازمات الاجتماعية الخطيرة !.
   ترجع فكرة العمل التعاوني الزراعي في العراق الى عهد حمورابي وتشريعاته ، وأخذ شكله الحديث اوائل العشرينات بمبادرات فشلت بسبب عوامل مختلفة . حافظت النقابات الاسلامية المراقبة من الدولة والعاملة تحت اشراف الامناء ... حافظت على حرمة وحماية المهن الحرة .وكانت تسهر على اقرار السعر العادل والتعاون لصالح الزبائن كما لصالح رفاق العمل ! بأسم الاخلاقيات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين المؤمنين كان الامناء يتصرفون بنوع من التضامنية والجماعية رافضين الامتيازات الوراثية والتفاوتات الطبقية ! . وعملت عصور الانحطاط على تجميد وتحجير تنظيم المهن وعرقلت خلق وابداع التقنيات الجديدة ! وفي الحضارة العباسية ظهر المزارعون والرعاة والبساتنة . لكن فكرة التعاونيات لم تكن اقتصادية اسلامية او شكلت حجر اساس في الفقه الاسلامي والشيعي بل انطلقت كنتاج لمشاريع "روبرت اوين " الاشتراكية الطوباوية ( 1771 – 1858 ) في انكلترة وثمرة التطور الرأسمالي في اوربا !. ويعتبر  اوين الاب الحقيقي للتعاونيات لكن تجاربه انتهت الى الافلاس لأنها قامت كجزيرة صغيرة وسط بحر الرأسمال المضطرب  اي كالحمل العاري بين الذئاب ! .. كما انتهت مشاريعه اللاحقة في  تعاونيات تجارة المفرق والجملة بالفشل ايضا !. واول تجربة تعاونية ناجحة كانت في عام 1844 في روتشديل – انكلترة اذ كانت تعاونية استهلاكية وبمبادرة عمالية صرفة اعقبتها تعاونيات انتاجية للحرفيين في فرنسا عقب ثورة 1848 ! ... تظهر التعاونية في رأسمالية المنافسة الحرة وفي الرأسمالية الاحتكارية .  لقد وضع رواد جمعية " روتشديل " الاستهلاكية عام 1844 مجموعة مبادئ اصطلح عليها تعبير المبادئ الحديثة للتعاون ... وهي :
1.   مبدأ العضوية المفتوحة وحرية الانضمام الى الجمعيات التعاونية .
2.   مبدأ الادارة الديمقراطية ، ولكل عضو صوت واحد .
3.   مبدأ العائد على المعاملات ، اي ان الفائض السنوي يوزع على الاعضاء بنسبة معاملاتهم مع الجمعية .
4.   مبدأ الفائدة المحدودة على الرأسمال اي ان الاسهم تنال نسبة ضئيلة ومحددة من الفوائد .
5.   الحياد السياسي والديني ونشر الثقافة والتعليم والتعامل الديمقراطي الانتقادي .
    يقول فيلسوف التعاون الاكبر (فوكيه) الفرنسي بانه يترتب في القطاع التعاوني ان يميز بين عنصرين ، الاجتماعي والاقتصادي .. وتؤلف هذه الميزة المزدوجة التي تتسم بها الجمعية التعاونية نقطة الانطلاق نحو وضع نظام الجمعية بشموله أسس العلاقات الاقتصادية في المشروع التعاوني .وعموم المشاريع التعاونية لا تسعى من اجل الربح او مؤسسات تخدم الرأسمال لأنها كما يقول (جورج لاسير) تقوم على اساس بناء المشروعات التي بفضلها يستطيع التعاونيون الافلات من قبضة الاستغلال الذي كانوا ضحيته من قبل المشروعات الخاصة سواء كانوا عمالا او فلاحينا او موردين وحتى وكلاء تجارة ....
     حتى ثورة تموز 1958 بلغ عدد التعاونيات الزراعية (Collective Farms)(16) جمعية تعاونية ارتفع الى (436) جمعية حتى تموز 1968... ، وارتفع في هذه الفترة عدد التعاونيات الاستهلاكية. عموما ساد التعاون ضعف اداء الاتحادات المركزية  والترابط بين الاصناف التعاونية  وعمليات التسويق التعاوني ، وضعف دور الدولة ومديرية التعاون العامة . سجل القانون رقم 30 لعام 1958 بداية جيدة لمسيرة الإصلاح الزراعي ، إلا ان السنوات التي أعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته او تجاوزا عليها في كثير من الأحيان مما أعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وإفراغه من محتواه.اصطدم تطبيق القانون رقم 30 لعام 1958  بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين وبالاخص الملاكين الاقطاعيين العشائريين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات ! ..ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها ، بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا !.. وكانت  "فرق العونة الموسمية لفقراء الفلاحين" هي أبسط اشكال التعاون في الانتاج خلال مواسم الحراثة والشتال والحصاد !.
  مع سقوط  ونهوض الاقطاعية  تنتعش العشائرية باعتبارها علاقة اجتماعية منظمة نشأت في مرحلة تطور فيها نوعا من التقسيم الاجتماعي للعمل ... والعشائرية تلبية للانسجام والتوافق مع اسلوب الانتاج السائد ، وقد التصقت بالاقطاع سببا ونتيجة !... ان جهل الفلاح ولد التربة الخصبة لترعرع التقاليد العشائرية وروابطها الثقيلة في ذاكرته وعقله ! .. ومع ازدياد التنظيمات الفلاحية حصافة ووعيا وتخطيطا تتحول الى البديل الموضوعي للروابط العشائرية ... ويعني التأسيس الآلي السريع للجمعيات الفلاحية على اسس عشائرية تثبيت العشائرية ، وعليه لابد من انتاج العلاقات الاجتماعية التي تتجاوز الانعزال العشائري ! ومأساة ان يكون رئيس الجمعية هو شيخ العشيرة !.. ليست التنظيمات الفلاحية التعاونية مجرد جمع وادارة بل صراع ضد تنظيمات أخرى سائدة تتمحور في المؤسسة العشائرية التقليدية المغروسة في السايكولوجية الفلاحية . وتتخذ الديمقراطية في التنظيمات الفلاحية الطابع البدائي الموسوم بفردية الفلاح او ولائه للعشيرة او بالمفاخرة والاستبسالات المتحمسة دونما ضرورة !.يلي اعادة توزيع الملكية الزراعية ، عادة ، تشجيع الفلاحين على الاتحاد في الجمعيات التعاونية الزراعية ، اي المزارع التعاونية . وتسبب الملكية الزراعية الصغيرة الخسارة في الارض الزراعية وفي الزمن والعمل والزيادة في التكاليف العامة ، وحتى في اضطراب الامن العام والفوضى في نظم الري والصرف ، وفي القيود التي تعوق تحسين الارض واستخدام الآلات الحديثة !. والزراعة الفردية – طريقة رديئة في استعمال الارض للاغراض الزراعية اذ تحرم الاراضي من التنظيم الزراعي العقلاني . 
المزرعة الجماعية - تعاونية زراعية تعتمد اسلوب التجميع الزراعي على اساس الملكية الجماعية لوسائل الانتاج .  وينظم العمل فيها الفرق الانتاجية التي تنقسم هي الاخرى الى مجاميع انتاجية . لكن تأسيس المجاميع الانتاجية من ابناء السلف يعني الارضية الخصبة للارتداد باتجاه العلاقات الاستغلالية ! ويخفي الخوف على التعاون الزراعي احيانا الارتزاق ليقع الريف ضحية السراكيل القدامى الجدد بسبب التكوينات العشائرية !. الفرقة الانتاجية النموذجية – قائمة على التآلف الاجتماعي واحتياجات المزرعة وتجانس المهارات والاختصاصات ، واحتياجات تقسيم العمل الاجتماعي . 
     كانت الجمعيات الفلاحية التعاونية قد تأسست بموجب قانون رقم (117) لسنة 1970 ليتم تأسيس الجمعيات داخل أراضي الاصلاح الزراعي ، رافقها تأسيس مزارع الدولة والمزارع الجماعية والجمعيات المتخصصة الاخرى بهدف تقليص الاستغلال الطبقي المسلط على كادحي الريف وتحسين الخدمات المقدمة للفلاحين وتعبئتهم وتوجيههم وتنظيمهم ! اقر القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم  90  لعام  1975  الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان .... اقرا مبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار، ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ (الارض لمن يزرعها) وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية ( الحنطة، الشعير، الذرة الصفراء، الشلب، القطن والصوف) وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة. وجاء قانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم (43) لعام 1977 الخطوة المتقدمة على اكتساب هذه الجمعيات الشخصية المعنوية بعد 20 عاما من خبرة العمل التعاوني الزراعي ... ازداد عدد التعاونيات الزراعية من عام 1971 حتى عام 1979  من (831) تعاونية الى (1933) تعاونية ، وعدد الاعضاء من (129588) الى (357063) فلاحا ومساحة منطقة عمل التعاونيات بمقدار (6) أضعاف خلال نفس الفترة ! .. وفي نفس الفترة ازداد عدد المزارع الجماعية من (6) الى (77) وعدد اعضاءها من (490) الى (7592) والمساحة الكلية من ( 24160) الى (714176) دونم ...
     بقي قانونا رقم (30) ورقم (117) عرضة لأنتفاع العناصر الاستغلالية من الملاكين والسراكيل وشيوخ العشائر والمتحايلين ... وغيرهم !... حيث أقر التوزيع بمساحات واسعة نسبيا على الملتزمين والسراكيل الرسميين والعناصر غير الفلاحية !...كما تواجدت العناصر المتنفذة في الهيئات الادارية للتعاونيات الزراعية ، استغلت الفلاحين بامتلاكها مساحات الاراضي الواسعة مما ادى الى بروز حالات التباين في اختلاف الدخل ... ولا ينسى الاقطاع والسركلة ضربات الاصلاح الزراعي لهم ، واذ هم قد تعاطفوا مع الحركة التعاونية فبهدف استرجاع قوة كلمتهم في الريف وتخريب مسيرة الاصلاح .اصطدمت الحركة التعاونية بالقيم والتقاليد العشائرية البالية ودسائس الاقطاع والملاكين والعقلية البيروقراطية للجهاز الاداري ،وبانعدام الخط الطبقي السليم في الريف ..ونادرا ما وجد الفلاحون الفقراء والمعدمون في قيادة التعاونيات والمزارع ! التي احتل قياداتها الفلاحون الاغنياء والسراكيل والملاكون الصغار !.ان برامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة باتجاه أقتصاد السوق دون ضوابط منهجية وتخطيط مركزي ، وتتويج سياسات النظام العراقي السابق بحل  التعاونيات الزراعية عام 1981 ، ارضاء للقطاع الخاص والخصخصة ! ... قد اجهض تجربة التعاون الزراعي في بلادنا .
       انكبت الدكتاتورية طيلة الثمانينات على هدم الريف وتخريب العلاقات الاجتماعية الاقتصادية فيه ، وتصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام ، وجرت تصفية التعاونيات وتحويل الجمعيات الفلاحية التعاونية الى واجهات ميكافيلية فقط ! ..واوقفت وسائل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري والغيت المستوطفات البيطرية وفرق المكافحة البيطرية السيارة !وتمت تصفية العديد من المضخات وتحويلها الى من يستطيع استئجارها وتدهور الانتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية الى جبهات الحرب ... وظلت مشكلة التسويق خاضعة الى عملية العرض والطلب في السوق وتقلص حجم العلاوي الشعبية ... ويجر قدما العودة الى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف .  وتأرجح الفلاحون بين مطرقة الضرائب ، وسندان الارهاب الصدامي ... اما حملات الحصاد فكانت لترويع الفلاحين وتجويعهم لا غير ! ... 
       الغى قانون اتحاد فلاحي كردستان الصادر من برلمان كردستان العراق  في 22/ 11 / 2001 هذه الجمعيات ...  واوقف قانون رقم (18) لسنة 2001 الصادر  من برلمان كردستان العراق في 30/11/2001 العمل بقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية رقم (43) لعام 1977  في اقليم كردستان العراق وجرى تحويل كل الممتلكات المنقولة وغير المنقولة للجمعيات الفلاحية الى وزارة الزراعة والري . وتقوم منظمة (الفاو) ببيع الآلات والمكائن للفلاحين بأسعار السوق.... أي أن الفلاح يدفع أجور الأرض أيضاً في هذه الحالة، وعليه يكون الحمل على الفلاح الفقير مزدوجاً – أستغلال مضاعف - .وتدفع (الفاو) مبالغ خيالية لسحب الموظفين الأكفاء الأختصاصيين من دوائرهم ليتحولوا إلى مرتزقة لأن نسبة الفرق في الراتب كبير جداً ... وتقوم (الفاو) بتنفيذ مشاريع مؤقتة وآنية مثل توزيع المياه بسيارات خاصة على القرى بدل توفير معدات حفر الآبار، وجلب كميات كبيرة من العلف ليؤثر على أسعار الشعير، وتوريد معدات زراعية لا تصلح والطبيعة الكردستانية وقديمة مستهلكة! .ويظهر بوضوح أن الفاو طليقة اليد غير خاضعة للمراقبة الحكومية وقد أستفادت كثيراً من إلغاء التعاون الزراعي.
       انحسر الطابع الشعبي الذي ميز الحركة التعاونية في العراق في بداياتها بعد ان صارت تحت المظلة الحكومية .ومنذ عام 1981 جرى بيع وتأجير الاراضي الزراعية والحقول والدواجن واسواق الخضر وعلاوي الاسماك والخضروات وغيرها من موجودات القطاعين العام والتعاوني.  انخفض عدد التعاونيات من (1635) تعاونية اعضاؤها (23109) عام 1975 الى (713) نهاية عام 1988 .. وهبط عدد المزارع الجماعية من (79) الى (7) والتعاونيات المتخصصة من (173) الى (52) وتهاوي الاقراض للتعاونيات التي يقدمها المصرف الزراعي من (21.5) مليون دينار عام 1985 الى (91) الف دينار عام 1988 . الغت اصلاحات عام 1983 الربط بين منح الاراضي والانضمام للتعاونيات ... وتوجهت السلطات الى تشجيع الرأسمال الخاص ورؤوس الاموال العربية لاستثمارها في العراق عبر سن قوانين ارتدادية بارقام (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 .
تمكن النظام الصدامي البائد من إيصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين، وهم الاكثرية، يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان. وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية.واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي ألغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة أو اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية، و ليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة أو أجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين (الأجير والمؤجر). ولجأ النظام الدكتاتوري الى النقل التعسفي للاسر الفلاحية من منطقة الى أخرى لأسباب امنية اقتصادية وسياسية مزعومة تعكس التهجير القسري للعشائر والعوائل ذات الاصول القومية والاثنية غير المرغوب فيها ! ليتعثر التعاون في العمل الزراعي وتطوير تربية الماشية والابقار .. كما اصدر، ما يسمى مجلس قيادة الثورة، تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات وفق معدلات محددة . وبعد إلغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع ، وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والالات الزراعية ... ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام.
  يسهم المدخل التعاوني في ترسيخ القواعد الديمقراطية في التسيير الذاتي للمؤسسات ويعلم اعضاء التعاونيات مناقشة امورهم وانتخاب ممثليهم في ادارة شؤونهم والنشر العلني للبيانات والمعلومات التي تمكنهم من تقييم الاداء ومكافأة المجدين ومحاسبة المقصرين... وقد انبثقت التعاونيات الانتاجية واللاانتاجية ، الحرفية والزراعية ، التسليفية والتسويقية والسكنية والاستهلاكية ..  في العراق كمنظمات دفاعية لمواجهة الرأسمال المستغل والحد من تدهور المستوى المعيشي للكادحين ، واعتمدت الاسس التعاونية لتشكيلاتها ! .. ومنها بالطبع الجمعيات الاستهلاكية التي تؤمن السلع ذات الاستهلاك الدائم التي يصعب على الاعضاء شراؤها من السوق مباشرة .. واعضاءها في الغالب موظفون ومستخدمون وعمال وشغيلة تعمل في الوزارات والقطاع العام ! . كانت التعاونيات في بلادنا اداة دفاعية لاصحاب الملكية الصغيرة امام هجمات الملكية الكبيرة في السوق المفتوحة ، واداة دفاعية عن المستهلكين ضد استغلال التجار والوسطاء، واداة دفاعية للمحتاجين للمال ضد جشع المرابين ... لكن التعاون في العراق اخفق في رفع مستوى الخدمات المقدمة وتوفير المخازن الخاصة المستقلة عن القطاع الخاص !او توفير الحوانيت السيارة داخل القطاعات السكنية ، وتوفير السلع للاعضاء بانتظام وبالاسعار المخفضة والنوعية الجيدة ، وتنظيم التبادل السلعي بينها ، وتقوية المركز المالي التسويقي عبر خدمة المواطنين من غير الاعضاء ! ، واستحصال السلع من مصادر انتاجها الاصلية بعقد الصفقات والعقود التجارية لتأمين التدفق السلعي المنتظم ! ، ... وكذلك ابرام العقود التجارية مع القطاع العام والخاص لفتح الحوانيت داخل الدوائر والمؤسسات والمنشآت نفسها وفق شروط تعاقدية تخدم العضو من ناحية السعر والنوعية البضاعية !..... في الوقت الذي تنشغل فيه التعاونيات السكنية بالكساد وارهاصات تجارة العقارات .وتعمدت الدولة التكريتية التقاعس باجراء الاحصاءات التجارية العامة ، وعرقلة تقديم التسهيلات المصرفية لتجنيب التعاون التورط  في العقود المجحفة وبالفوائد العالية مع القطاع الخاص !  ، والامتناع عن منحه الافضلية في الحصول على السلع التي ينتجها القطاع العام او حصة من الاستيراد المخصص له وحتى السماح له بالاستيراد اسوة بتجار القطاع الخاص ! .... لقد تعرض القطاع التعاوني العراقي للمضايقات ، وجرى تهميش الديمقراطية التعاونية ،وتصفية الجمعيات التعاونية بعد حجب القروض عنها بحجة تراكم الديون عليها ،والتقييد الاقتصادي والاداري للاستثمارات المساعدة لسكان الريف .... تحت حجة التسليف القانوني ظهر تجار شراء الصوف من الفلاحين .. ولم يبذل نشاط جدي لتنويع العمل التعاوني تبعا للاحتياجات الاجتمااقتصادية ومستوى الوعي الاجتماعي السائد والثقافة الرائجة الا في حالات قليلة ... واستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين وتجار ورجال دين على التعاونيات والمشاريع ذات العلاقة ، وهبط  دور اتحادات التعاون المركزية ودور التعاون الاستهلاكي في المؤسسات العمالية ومجمل العمل التسويقي والانتاجي والتمويلي والتسليفي التعاوني ... الامر الذي حرم السوق من منافسة القطاع الفردي – التعاوني للقطاع العام واجبار مؤسسات الدولة على تحسين خدماتها وانتاجها ونوعية سلعها !
 وفرت حكومات البعث للملاكين الكبار واغنياء الريف في بلادنا الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم (3) الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص …. لتتركز  في أيديهم أخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الإنتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء سيارات النقل والمكائن والمعدات الزراعية وآلات السقي واقامة مشاريع الماشية والدواجن وعلاوي الثروة السمكية والخضروات... الخ " انظر : كردستان العراق ". وقام النظام العراقي المقبور ببيع ممتلكات الدولة من المكائن والمعدات ، والغاء التعاونيات الزراعية بحجة تدخل الدولة في ميادين الإنتاج الزراعية التي يمكن للقطاع الخاص القيام بها. واستحوذت المجاميع القرابية في حزب السلطة على قروض المصرف الزراعي . ولم يبتل التعاون الزراعي وحده بالتسلط والنفعية وانعدام النزاهة بسبب من جانب القيادات التي اختارها حزب السلطة ، بل امتدت هذه المظاهر الى مجالات التعاون الأخرى لتستأثر هذه القيادات نفسها بالمنافع وتحرم جماهير الشعب من الاستفادة من هذه التعاونيات... وعليه بدأت حملة البعث العراقي ضد التعاون الزراعي بألغاء حق الاختيار الديمقراطي لقيادة الحركة التعاونية (مجلس الادارة)،واستعيض عنه بمجلس ادارة معين من قبل المكتب الفلاحي لحزب السلطة ...الامر الذي اسهم في تكريس دور اغنياء الريف والبورجوازية الريفية في قيادة التعاون الزراعي .. واستغلت هوية حزب السلطة للانتفاع الشخصي والاثراء وفرض السيطرة والتحكم البيروقراطي ... كما اتبع مبدأ الالزام والترغيب والترهيب في الانضمام الى الجمعيات التعاونية بدلا من الطوعية والاقناع وقوة المثل لتفقد الجمعيات الطابع التعاوني المبني اساسا على التطوعية ... وجرى التركيز على التوسع الافقي للجمعيات دون التخصصي ، واستغلال قروض المصرف الزراعي لتنمية الرأسمال الخاص في الزراعة ، وتمليك رؤوس الاموال العربية وبالاخص المصرية والاردنية والخليجية افضل الاراضي الزراعية والمعدات والابنية وحقول الدواجن واعفاءها من الرسوم الكمركية ... مع تسهيلات أخرى . وانتهت حملة البعث العراقي بتصفية التعاون الزراعي !.
في بغداد اعلن عن حل الجمعيات الفلاحية التعاونية المشتركة اثر اجتماع درامي مثير تحدث فيه صدام حسين عن دوافع ذلك باعتبار التعاون الزراعي الانتاجي بدعة ! والانظمة التعاونية دخيلة على المجتمع العراقي ! .حقيقة الامر كان البعث العراقي اسير ( النظريات اللاتعاونية ) التي دعت الى الحرية الاقتصادية والملاكين الاحرار والى ان التقدم في التعاون لا يتحقق الا بمبادرة اصحاب الملكيات الفردية الخاصة انفسهم . لقت هذه الشعارات الرواج في امريكا اللاتينية بدعم من الرأسمالية المحلية . كما استمد البعث العراقي من التعاون الصهيوني سياسة العسكرة الاجتماعية والاستيطان البشري... وعليه كانت العفلقية تؤمن بالتعاون ، ولكن على طريقتها الخاصة ايضا  ... فتعاونها انتقائي من النظريات اللاتعاونية والتعاون الاشتراكي الصهيوني .يلاحظ ان غالبية النظريات التعاونية تقف معارضة لنمط التعاون الزراعي الانتاجي والملكية المشتركة الجماعية لوسائل الانتاج والاستخدام الزراعي الجماعي للارض .. وهذا ما تشبث به التعاون على الطريقة البعثية التهريجية  .عززت سياسة البعث الزراعية من ابقاء نظم المحاصصة في التوزيع اي العلاقات شبه الاقطاعية وشيوع الانتاج السلعي الصغير ، وارجحية الاساليب البدائية في الزراعة والانتاجين الزراعي والحيواني وصيد الاسماك ، ارتفاع نسبة الامية في الريف ، بطء وانعدام الكهربة الريفية !، ضعف الخدمات الصحية الريفية وتواضع النقل والمواصلات ، تهافت دور المرأة الريفية !..
هدد تفكيك التعاونيات والاشكال الجماعية الاخرى لعلاقات العمل في العراق  بتفاقم التبعية واللامساواة في صفوف الكادحين ، واستعادة الفردية التي تعيد للشغيل المسؤولية الكاملة بتحمل مخاطر المسار المهني خاصة ان الطبقات الفقيرة تفتقر اكثر من غيرها الى الرأسمال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ! .. واليوم لا تظهر في الافق القريب على الاقل أشكال تنظيم جديدة تعبر التعاون القديم التقليدي في العمل ، والضبط التعاوني لحق العمل والحماية الاجتماعية .... اي جمعنة الاوضاع المتغيرة بسرعة بأشكال غير منتظمة وغير منضبطة تنطبق عليها مفاهيم السينرجيا(Synergos) وديناميكية الفوضى (Chaos). لقد استجابت سياسة البعث الزراعية مثلا للديناميكية الاقوى للرأسمالية المعاصرة التي انابت عنها آيديولوجية الليبرالية الجديدة على تدمير التنظيم الجماعي التعاوني للكادحين والفلاحين وسحق الجامع للعوامل الفردية السلبية المضطهدة والمتذمرة من السلطات ! فاتسعت البطالة المكشوفة والمقنعة ( العطالة الجماعية) وازدادت حراجة وعرضية وانعدام الثبات المتنامي لشروط العمل ، وتفاقمت المنافسة في سوق العمل وعوامل الضغط على معدلات المرونة لتتوسع فرص التزاوج المؤدلج مع التعهدات والمقاولات والتجارة التي تمجد المرونة وروح المبادرة ... لتسقط التوتاليتارية الصدامية في شرك المنافسة القاتل واللعب على الخلافات اكثر من الاستناد الى ما هو مشترك في صفوف الشعب العراقي !         
       لقد ناضلت الحركة الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي طيلة عقود الدولة العراقية الحديثة على تطبيق قوانين الاصلاح الزراعي الاكثر جذرية  وطرح الحلول للقضايا العقدية مثل البستنة ، فلاحة التبغ ، مشاريع الارواء والبزل ، الديون المتراكمة على الفلاحين ، بدل الارض ، التعويض ، حق الاختيار للملاكين ، التعاون الزراعي ... واكدت على ان التعاون هو الشكل الجديد لتنظيم العمل اقتصاديا واجتماعيا المقترن بمبادرة الناس ذو الشأن وتطوعيتهم ، وبدعم وتوجيه ومراقبة اجهزة الدولة المختصة الممثلة لمصالحهم ! وان بمقدور التجميع التعاوني غير المشوه  ان يزيد من انتاجية العمل الاجتماعي ويسمح بعدالة توزيع اعباءه وثمراته بين اعضاءه اعتمادا على تقدم العلوم والتقنيات والادارة .. ليصبح هذا التعاون واتحاداته النوعية الاداة التخطيطية لربط المنتجين الصغار وشغيلة الخدمات والمستهلكين بالخطط الانمائية .... وهذا يستوجب التعامل التخطيطي الملزم للقطاع العام وشبه الملزم للقطاع المختلط والارشادي غير الملزم لكل من القطاع الخاص والقطاع التعاوني . فالعقلانية الاقتصادية تعني فيما تعني توجه الدولة نحو منهجية مرنة للتخطيط في اطار آلية السوق الموجهة ! واحترام عنصر الزمن وتجنب الفوضى والمتاهات والعشوائية في مختلف القطاعات الاقتصادية ، واحلال عملية اتخاذ القرارات ضمن مجمل العملية التخطيطية المتكاملة !..
     فشلت سلطات مابعد التاسع من نيسان لا في توفير الحد الممكن من الامن  السياسي والاقتصادي والاجتماعي للشعب العراقي والضغط على سلطات الاحتلال الاميركي  لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحقة ، لا الدولة الدينية الكومبرادورية التابعة فحسب بل في :
•   وضع القوانين والتشريعات المساعدة على التعاون وزيادة مساهمته في الاعمار والتنمية وفي المقدمة قوانين الاصلاح الزراعي الجذرية لصالح الفلاحين. ...
•   وضع خطط التنمية الريفية لتتوزع على برامج محو الامية ، الصحة الريفية ، الكهربة الريفية ، الاسكان الريفي ، تنظيم الاسرة الريفية ، الارشاد الزراعي ، تصنيع الريف ، توطين البدو ، الهجرة المعاكسة للريف ، التأمين الاجتماعي الريفي ، حماية الثروة الحيوانية ، احياء الفولكلور الريفي ، ...... والاهم تأسيس المجالس المحلية للتنمية الريفية (Community Development Committees)من ابناء القرى الذين عرفوا بالصدق والتفاني للصالح العام والاستعداد للعمل الطوعي بايثار بدل الشخصيات التقليدية المتنفذة ، واتباع اسلوب التسيير الذاتي (Self Management)! .
•   التراجع عن التشريعات الصدامية الارتدادية التي شرعنت لتشجيع الرأسمال الخاص والاجهاز على المكتسبات الفلاحية وتعميم فوضى العلاقات والسوق الزراعية ( Chaotic Agricultural Relations Market ) وخاصة القوانين المرقمة  (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 والقرار(364) لسنة 1990( ملحق بالقانون 35).
•   تحجيم الفساد الحكومي ذات العلاقة في التلاعب والغش وضعف المراقبة والاشراف انسجاما مع مصالح كبار الملاكين والاثرياء الجدد  وبورجوازية الدولة الكومبرادورية وبالاخص الشرائح القرابية والحزبية والطائفية والعشائرية.
•   تحجيم الفساد التعاوني وفرسانه من الدخلاء الغرباء على الوسط التعاوني والمتهافتين للهيمنة على قيادة الحركة التعاونية ومن اللاهثين وراء المغانم والامتيازات ضمن المافيات التعاونية .
•   ضمان تشجيع المنظمات الأجنبية غير الحكومية (NGOs) ووكالات الأمم المتحدة للتعاون الزراعي ،والكف عن دعمها اللامحدود للأستثمارة الفلاحية الصغيرة .واخضاع آلية عمل منظمة (الفاو) وخدماتها الزراعية المشروطة للمراقبة ومعالجة مظاهر البرقرطة والفوضى التي تسودها ، ومنح الفلاحين الآلات والمستلزمات الزراعية في الوقت المناسب لتلافي تلف ودمار النسبة الكبيرة من المزروعات والبذور الزراعية.
•   اعداد المواثيق التعاونية الضرورية ومقترحات وحدات العمل النمطية لاغراض حساب دخل العضو التعاوني القائم على كم ونوع العمل المنجز واهميته الاجتماعية ! .
•   توزيع جزء من الدخل حسب الملكية التي يساهم بها العضو في التعاونية.
•   مناقشة واقرار القواعد الاساسية للتعاون وفقا لظروف كل تعاونية وقناعة الاعضاء بها وخاصة قواعد المساواة والتربية التعاونية والعون الذاتي.
•   اعتماد الضمان الاجتماعي في التعاونية ورفع مستوى معيشة اعضاء التعاونية وتأمين مصالحهم الاقتصادية المباشرة (الانحياز للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ).
•   اسناد التعاون بالمعدات اللازمة لتطويره وتدريب اعضاءه على استخدامها وصيانتها وعمل حساباتها وادارتها  .
•   تأسيس التعاونيات الزراعية على اسس اقتصادية وافكار ادارية جديدة لأقامة المشاريع الزراعية الكبرى واعتماد مبدأ التخصصية لضمان :
1.   الاستغلال الاكبر للاراضي الزراعية المستصلحة المتروكة .
2.   ربط الكوادر المتخصصة بالعملية الانتاجية وتطوير قابليتها .
3.   التنويع في المشاريع ... نباتية ، حيوانية ، أسماك ..الخ.
4.   المكننة الحديثة في العمل الزراعي .
•   ضمان سلامة الممتلكات التعاونية وتنمية المصادر الذاتية واعتماد مبدأ الاستقلالية الاقتصادية .
•   تسخير الاسعار والقروض والضرائب بمرونة لصالح تطوير العمل التعاوني وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ مقاييس العدالة ... واعتماد مبدأ تحقيق الفعالية الاقتصادية والاجتماعية الملموسة !....
•   الغاء استيفاء القروض القديمة المتراكمة على الفلاحين ،والغاء ضريبة " العقد" السنوية عليهم !.
•   رعاية جمعيات حماية المستهلك لمراقبة السلع الغذائية والاستهلاكية في الاسواق المحلية ، ورصد ظواهر الغش والتجاوزات والابتزاز والتلاعب بالاوزان والتحديد الكيفي للاسعار وتسرب السلع الرديئة ! 
•   تنظيم جني المحاصيل الزراعية في التعاون الزراعي كي لا يستأثر الملاكون بقوة العمل ، ولتجنب المضار الزراعية التي يتسببها تأخر الفلاحين الصغار عن الجني ! وتنظيم التعاقد مع اصحاب الجرارات الزراعية من القطاع الخاص الذي يتحكم باسعار الفلاحة !.
•   اهتمام  الجمعيات التعاونية الزراعية بالفلاحين المحاصصين في اراضي الجمعية لا بفلاحي الانتفاع والملاكين فقط !
•   خفض تكاليف الانتاج عبر زيادة التنظيم والتنسيق بين الجمعيات التعاونية والمؤسسات التسويقية.
•   تحديد مجالات النشاط التعاوني في حقول الانتاج والخدمات الريفية والمدينية وربطه بالخطط الانمائية فيما يتعلق بالاتجاهات العامة للتطور الاجتمااقتصادي في بلادنا دون الغرق في التفاصيل ! و الارتقاء بالعمل التعاوني لتعميمه ونشر العمل التعاوني الانتاجي .. والعمل على رفع الانتاجية كما ونوعا ورفع مستوى الاستفادة من الابحاث الزراعية .
•   تقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية في مجالات الحصول على المحروقات والبذور والمبيدات والخدمات الاساسية الاخرى ...وتقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية الزراعية للمساعدة على تنظيف الحقول الزراعية والمراعي والبساتين من الالغام وصيانة العيون والجداول والآبار والكهاريز ، وتنظيم عودة سكان القرى المهجرة الى قراهم وتأمين الخدمات الاساسية لهم ، وفتح الطرق في المناطق الريفية لتسهيل عمليات التنقل والتسويق ، تأمين الخدمات البيطرية ومكافحة الآفات الزراعية .....  وتقديم التسهيلات للجمعيات التعاونية الزراعية – الصناعية لتنظيم العمل التعاوني في المعامل التي تعتمد على المنتجات الزراعية .
•   الانسجام مع حاجة الاسواق الحديثة بولوج الميادين المكملة للانتاج الزراعي مثل الفرز والتعبئة والتغليف للخضار والفواكه .
•   تفهم واقع الحركة التعاونية ومشكلاتها وآفاقها مدخلا مهما لحل القضية التعاونية واصلاح الواقع التعاوني وتطويره والاستفادة القصوى من النشاط التعاوني لخير المواطن والمجتمع ولأعادة بناء العراق على قاعدة اقتصادية واجتماعية متينة .
•   اتباع آلية مرنة شفافة للاعداد لأجراء انتخابات تعاونية شاملة ابتداءا بالجمعيات التعاونية وانتهاءا بانتخاب مجلس ادارة الاتحاد العام للتعاون ومن خلال المؤتمر الموسع للحركة التعاونية .
•   دعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005  لمواجهة عواقب قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية .. وقرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية !.والدعوة لتوسيع طيف اللجنة  ليشمل مؤسسات المجتمع المدني  والمنظمات غير الحكومية والتنظيمات التعاونية .
     انحاز عدد غير قليل من شيوخ العشائر الى جانب الشعب والقيم الديمقراطية وقارعوا الدكتاتورية الصدامية وحضوا على اسقاطها ! وناصروا العدالة واقامة الحكم المدني وتعزيز خيار التسامح في المجتمع ! ... كل ذلك ليس تزكية للاعراف العشائرية او تأشير خطر اطلاقها وحتى التحذير من تسييس الانتماء العشائري او تعشير السياسة والتعشير التعاوني ... بل هو تعبير عن القلق من اعادة انتاج النسخة الصدامية للاستقطاب العشائري والطائفي ومحاولات اغوائها وتحويلها الى كيانات متقابلة ومتقاتلة ومتكارهة تحت الطلب " غالي ، والطلب رخيص ! "، وتعبير عن القلق من تحول الكيانات العشائرية في ظل الفلتان الامني والارهاب الشامل الى سلطات موازية للدولة لتبيع الولاءات على قدر الوعود وتوزع الوعود على مقاس المكاسب ولتطلق التهديدات بالنيابة محسوبة بالعائد السياسي .   لقد لحق العسف الكبير بالمكانة الاجتماعية للعشيرة بفعل الامعان الحكومي في توظيف العوامل العشائرية والطائفية في القمع وتكريس السطوة واذلال الشعب ... وبالطبع في تخريب العمل التعاوني ، جملة وتفصيلا !.
التعاون هو الاطار المناسب للمشاركة الشعبية الواسعة في تحديد اتجاهات التنمية والاعمار واولوياتهما المعبرة عن مصالحه بالتوازن مع مصلحة التقدم الاجتماعي ! والتعاون ضروري مع حرفية وتبعثر الانتاج وبطء وتائر التمركز ونسبه في مختلف فروعه !وخاصة في الزراعة .     



راجع :

•   الغاء التعاون الزراعي في كردستان
•   الفلاحون وثقافة القطيع الشيعية
•   الدولة التسلطية والاقتصاديات الشيعية
•   البطالة في العراق
•   المجتمع المدني والمؤسسة العشائرية


http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm

241

     المذهبية الطائفية في الاسلام هي آيديولوجية التمايز الديني والقومي كانقسام الاسلام الى سنة وشيعة وخوارج ... والسنة الى حنفية ، شافعية ، مالكية ، حنبلية  ( الوهابية – تجديد للحنبلية ) ... الخ .. والشيعة الى جعفرية ، اثني عشرية ، زيدية ، اسماعيلية ، كيسانية ... الخ .  وتحددت الاصول الاولى المشتركة  للنظرية الشيعية بعد انقسامها الى عدة فرق وطوائف في  : كون السلطة في الاسلام حقا آلهيا ... اي السلطة لله ... ولا سلطة للامة ، ومادامت السلطة بيد الله فليس للامة الحق والاذن ان تختار صاحب هذه السلطة ، وان الله اختار عليا بن ابي طالب وصيا واماما وخليفة بعد محمد على المسلمين ثم اولاده من بعده ( اما ترتيب تسلسل الاولاد فيختلف باختلاف الفرق الشيعية ) ، والامامة ... هي ركن اساسي في العقيدة الشيعية . ومؤسسو التشيع الذين سماهم الشيعة الاركان الاربعة هم : عمار بن ياسر ، ابو ذر الغفاري ، سلمان الفارسي ، حذيفة بن اليمان او المقداد . الايمان الشيعي يجعل الاخلاص للخمسة " محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( أهل البيت) " بندا اساسيا فيه بينما يجمع الايمان السني بين عائشة وفاطمة وزينب ، ويعتز الشيعة بباطنيتهم  المنسوبة الى الامام السادس جعفر الصادق . ويشكل الشيعة 10% من تعداد المسلمين في العالم .
     اقامت الحركة الشيعية دولا لم تخرج من اطر واسر العلاقات الاقطاعية – العبودية والرأسمالية كطبرستان الزيدية ، البويهية ، الفاطمية الاسماعيلية ، الحمدانية الاثني عشرية ، النزارية ، الجلائرية ، الصفوية ، الافشارية ، الزندية ، الخمينية .... الخ.... في المقابل ومن الحركة الشيعية ظهر العيارون والشطار لمعارضة ومقاومة قمع السلطات الاسلامية والذين انخرطوا فيما بعد بمنظمة الفتوة التي أدارتها الدولة في عهد الناصر لدين الله ، محاولة لأحتوائهم واسترداد السلطة على الاقاليم ! . وارجع الفتيان تنظيمهم الى علي بن ابي طالب مستندين الى حديث ( لا فتى الا علي ) ! واشاعت عقائدهم الاخاء والتودد والتسامح واسداء الخير عملا بالآية الكريمة ( انما المؤمنون اخوة ). وكان سلمان الفارسي الشيخ الاكبر للنقابات الاسلامية – جماعة اصحاب الحرف المسلمين في الشرق – ورابع مشدود ، شد من 17 الى 57 من الاسطوات (مؤسسي النقابات ) وهم من مساندي الطرق الدينية المختلفة ونظرات الغنوصية الشيعية !.
     تعتبر معركة صفين 37 هجرية او 657 ميلادية تأريخ ظهور الفرق في الاسلام ! ..  الشيعة هم اول تنظيم سري في الاسلام لأن الخوارج لم يأخذوا بالنشاط السري ! .. وقد استعصوا في الكوفة واعتمدوا على الخلايا السرية التي لعبت فيها النساء الدور الملحوظ .. لم تكم الكوفة شيعية خالصة بل مسرح معظم الفرق والحركات السياسية والفكرية في غضون العصرين الاموي والعباسي الاول ، وفيها ظهر المذهب الحنفي في الفقه السني . ومن الكوفة انطلقت الثورة التي قادها محمد بن طباطبا (شيعي) زمن المأمون الا انها لم تكن ثورة شيعية  ، وايد الامام ابو حنيفة النعمان صاحب المذهب السني ( كان الشاعر على بن الجهم اول من استعمل مصطلح سني في شعره )  ثورة زيد بن علي زين العابدين الشيعي وبايعه ...  واسهم الشيعة مباشرة في قيادة العديد من الثورات الاجتماعية  والانتفاضات الجماهيرية والتي شاركت فيها الفئات الواسعة من الكادحين والمستضعفين وبالاخص الفلاحين ... كثورة الزنج في جنوب العراق والثورة القرمطية في البحرين ..
اعلن الشاه اسماعيل الاول مؤسس الدولة الصفوية سنة 1501 في تبريز المذهب الشيعي الامامي هو المذهب الرسمي للدولة ! .. وكلف موظفا اسماه ( الصدر ) للسهر على نقاوة العقيدة ..  وظلت الامامية الدين الرسمي لايران .. واضرحة الائمة في قم و مشهد مزارة كثيرا .. وبقي التمجيد لفارس الملوك العظام ! ... يذكر ان الحركة الصفوية ( من صوفي ) قد ترسخت في القبائل التركمانية وادت الى تأسيس السلالة الصفوية ( 1501 – 1732 ) .  وبعد ان ساء وضع الشيعة الاثني عشرية تحت الحكم العثماني للعراق بدءا من سنة 941 هجرية ، جعل الصفويون من هذا الوضع ذريعة لمصادمة العثمانيين والنزاع على العراق ! ثم تكرست رموز الاستفزاز السني – الشيعي المتبادل .... 
تكمن الجذور التاريخية للطائفية السياسية في نظام الملة العثماني الذي قضى بان ينضم جميع الرعايا العثمانيين من غير المسلمين في طوائف مستقلة يرعى شؤونها رجال الدين وتخضع لسلطاتهم القضايا المتعلقة بالاحوال الشخصية ! وعمد الانكليز على تأسيس النظام الطائفي في العراق بالضد من الشيعة ، وحرم الدستور العراقي في حينه قسم كبير من الشيعة من تقلد منصب رئيس الدولة بحصر ان يكون اصله ومنشأه من اسرة عراقية تحمل الجنسية العثمانية عام 1900 . وقدست الجنسية العثمانية لأسباب طائفية محضة !. واندفعت القيادات الحاكمة للاحتماء بالمؤسسة العسكرية العربية السنية تكريسا للطائفية بسبب تحديات تنامي نفوذ العشائر الشيعية المسلحة والمعارضة السياسية .... واسهم تشيع العشائر بسبب الاحتكاك مع التجار الشيعة في تنامي تراتبية الهرمية الحاكمة ضمن العشائر ، وظهرت الشخصيات الاجتمااقتصادية والدينية بين العشائر ، وهي سمات انفرد بها الجنوب العراقي والفرات الاوسط والقبائل التركمانية المتوطنة والكرد الفيلية ... وعلى النقيض من التفاعل الوثيق بين تجار البازار والعلماء الشيعة في ايران فان التجار الشيعة في العراق لم يكونوا على استعداد لضخ الموارد المالية لدعم المرجعيات الدينية .... لكن فصول التكامل السياسي الاجتماعي على طريق الوحدة الوطنية العراقية سارت قدما منذ ثورة العشرين ، ولعب التاجر الشيعي جعفر ابو التمن دوره البارز في هذا المضمار ! .وبعد 1941 حصل الانحياز الكامل للنظام الملكي الى صف الانكليز وفقد سمة كونه رمز للامة والشعب الواحد !. وصعد التجار الشيعة الى المرتبة الاولى في التجارة ببغداد بعد تسفير اليهود عام 1949 غير ان دورهم لم يحسم في المناصب الحكومية ( حكومة سنة ، واقتصاد شيعة ) .. وتصاعد جرس الانذار الطبقي في المجتمع ولم يعد بمقدور السلطات الاحتفاظ  بالموازنة الطائفية والطبقية في أن واحد . ومع ثورة 14 تموز 1958 بات الشيعة يشكلون الغالبية في بغداد بسبب هجرة الفلاحين من الريف .. جاهر عبد السلام عارف بعدائه للتشيع بحجة انتساب بعض قيادات الحزب الشيوعي العراقي الى المذهب الشيعي ، وبهدف كسر شوكة المرجعيات الدينية الشيعية وتهميش دور الشيعة في الاحداث السياسية بالعراق واشغالهم المناصب الحكومية العليا في الدولة .. وسار صدام حسين على هدى الطائفية العارفية ، وهي سياسة انتفض الشعب العراقي عليها مرات عديدة . كان غياب أية مشاركة فعلية للشيعة في العملية السياسية عاقبة من عواقب دكتاتورية صدام حسين المطلقة !... والامر الذي فتح الباب على مصراعيه لأنتعاش الحركات السياسية الشيعية اي الطائفية وتمأسسها على غرار الاحزاب المسيحية الديمقراطية في اوربا ، ولكن بتزمت هذه المرة !. 
       الحركات الدينية الشيعية السياسية عموما انبثقت من الفئات الاجتماعية الوسيطة والتقليدية من التجار وكبار ملاك الارض والاقطاعيين بمضمون احتجاجي ليس معاديا للرأسمالية بل لشرورها فقط !  .. ودعت معظمها الى نظام الفقيه – الولي واخضاع الدستور والحياة السياسية لأحكام الشريعة حسب المذهب الاثني عشري والنموذج الخميني الايراني  .. واقتصاديا يمكن التمييز بين الشيرازية التي تدافع عن العلاقات العبودية والاقطاعية والرأسمالية ، والصدرية التي تتستر على المحاصصات الاقطاعية في اطار الدعوات الاصلاحية الجزئية التي تقيد سوء استخدام الملكية الرأسمالية فقط ، والمدرسية التي تدعم العمل التعاوني في المجتمع والنزعات الاصلاحية البورجوازية الصغيرة !. وتخضع المرجعيات الشيعية كمؤسسة انتاج فكري للطبقات المهيمنة على الانتاج المادي، ومصالحها تبقى مغايرة لمصالح جماهير الشعب رغم تمشدقها بالدفاع عن الشعب على طريقة ادولف هتلر اي التهريج الميكافيلي الممهد للنظم الشمولية ، ومحاولة قولبة الوعي الفلاحي والبورجوازي الصغير الغيبي المحدود الافق وملء الفراغ السياسي ... لنجدها اما مالكا اقطاعيا ( اوقاف وحبوس ) ، او طرفا منخرطا في العلاقات الرأسمالية ... ويتحدد سلوكها السياسي والاجتماعي على سبل حصولها على اسباب العيش !. وعادة تلجأ الادارات الاستعمارية الى سلاح التأويل السلفي للدين كتحديد امامة الاخوان المسلمين ( محمد محمود الصواف ) وحض المرجعيات الشيعية على التطرف والتعصب والتحزب لمواجهة المد الديمقراطي !  ... وتغفل هذه الادارات ان الشيعة انشقت عن المعسكر السلفي مبكرا .. في الوقت الذي يؤكد التراث الهرطقي للشيعة ان الزعامة الشيعية التي اطاحت بالشاه لا تستند في علاقتها بمشروع الحكم الديني الى اساس تاريخي  ، اما النجاح في اسقاط الشاه فيرجع أصلا الى التراث الكربلائي الذي دخل تاريخ الثورات الاجتماعية وليس تاريخ الاديان ! ..
      التطرف الشيعي اعتبر علي اماما معصوما من الخطأ كالرسول من حيث العصمة ، واعتباره افضل أهل زمانه واعلمهم .. وهذا ينطبق على الائمة بعده من اولاده ، فالجميع معصوم  وافضل اهل زمانه واعلمهم  .. ودخل التطرف الطائفي الى النظرية الشيعية عن طريق الحركة الكلامية والفلسفية لصياغة التفكير المذهبي وادارة الصراعات السياسية الحزبية .. وتعتبر الكيسانية من الفرق الشيعية  المتطرفة والتي ارتبطت اساسا بجماعة من الموالي وتآلفت مع المرجئة  ( من مناصري الحياد والانتهازية ومن اتباع السلاطين والسلف البعيد لأهل السنة )! .. كما كان محمد بن عبد الكريم الشهرستاني من مؤرخي فلسفة التطرف الشيعي ... كما أسهم الطابع العنصري الفارسي في تأجيج التطرف الشيعي وتشويه الروحانية الشرقية للشيعة ، المتناغمة مع الهرمسية السحرية الاغريقية واستفهام الافلاطونية المحدثة ، والتي أغنت الاسلام الفكري واشبعت النوازع الروحية للناس وغذت ظاهرة الزهد والتصوف لمعارضة الاوضاع الاجتماعية والسياسية القائمة في ظل عهود الاستبداد وفي ظروف ازدياد التمايز الاجتماعي الفاحش بين اثراء الحكام المفرط  وافقار وتهميش الفئات الاجتماعية العريضة ، وخلق الصيغ الجامدة الضيقة للتشيع وفرض الخط الواحد من التأويل بالقوة والقسر والعنف والارهاب ، واشاعة الطائفية السياسية التي ولدت الارثوذكسيات المتصلبة المتنافسة اي الصيغ الجامدة الضيقة للدين وسموه ! والتي اكتسبت الاهتمام المتزايد مع الثورة الايرانية 1979. التطرف الشيعي يتجسد في استغلال العلاقات العصبوية والباطنية لتكريس الهيمنة السياسية بالتجسس والمخابراتية واشاعة الشمولية وبميكافيلية التقاريع العزائية كاللطم وشج الجبين حتى تسييل الدم ! وبالتهريج والارهاب الاسود لفرق الموت والاجراءات العقابية بالتهديد والوعيد والابتزاز والاقصائية والمحاصصاتية والاعمال الانتقامية والاعدامات الجماعية باحياء الاستبداد الصدامي بقوس قزح مجدد مثلما يحصل اليوم في العراق برعاية عصابات اللوبي الشيعي ، وبحجة الرد  على الارهاب الاصولي ضد الشيعة ، واستجابة لمخططات الاستراتيجيات الفائزة لتحويل الارض العراقية  الى ميدان استقطاب للارهاب والتطرف العالمي  . 
اصوليات التطرف الطائفي تعبير عن عجز الحركات السياسية والفكرية في وضع الحلول المقنعة للمعضلات القائمة ، و المغالاة في رفع شعارات الماضي البراقة ! .. وبرامجها قصاصات من نصوص وتراثات مبهمة اي برامج منفصمة عن الواقع وقاصرة عن اصلاحه وتطويره !. والعقل الطائفي - عقل ايماني متمترس برؤياه ورؤيته وبفهمه المغرض للنص ليخلق العقل الديني الواحد والعقول الايمانية المتعددة بتعدد الطوائف والمذاهب وحتى الافراد ، وهو عقل يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق اسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي . والطائفية مرادفة دائما للسلطات التسلطية . وتتداخل في الطائفية اضافة الى الدين العصبيات الجهوية والعشائرية اي الطائفية –  هي عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة . 
لم يعط الاسلام لا للخليفة ولا للقاضي ولا للمفتي ولا لشيخ الاسلام ولا لآية الله ولا للولي الفقيه ولا للسادة أية سلطات في مجال العقيدة او سن التشريعات . ومهما كانت الصلاحيات التي يمتلكونها تبقى سلطاتهم مدنية يحددها الشرع الاسلامي والشرعية الدولية لحقوق الانسان ! . ولا يحق لأحد منهم القيام بالرقابة على العقيدة او على ايمان الفرد او ان يطلب اليه ان يدافع عن شكل تفكيره !. ولم يحكم تاريخ الاسلام الصراع الطائفي بل الصراع بين السلطة والمعارضة اي الصراع الطبقي الاجتماعي ، الصراع بين الدين والثقافة  اي بين السلفية الخالصة والفكر الاسلامي التنويري في مدارسه واجتهاداته المتنوعة !..  ان انتشار الفكر الديمقراطي وقيم الحداثة والحضارة والتعليم الحديث وتراجع الولاءات القديمة وخاصة العشائرية ... يضعف التمسك بالمعتقدات الشيعية القديمة والمعايير والممارسات التقليدية ويحجم الميول الطائفية واصولياتها ... ولكن تبقى الشركات الاحتكارية متعدية الجنسية التي تسعى دائما وأبدا الى تحويل الامم الى اسواق والشعوب الى زبائن ناشطة في مجال أنعاش التعصب المذهبي والطائفي والعرقي والديني ... وهي شركات باقية مادام الاحتلال باق ... فاللاأخلاقية الاستعمارية هي العامل الاساسي في تكريس تعقيدات الواقع العراقي الراهن وأشكالياته ، وطابع الولاءات اللاوطنية السائد والصبغة الطائفية !. وتقوم الادارة الاميركية بابتكار آليات العمل الجديدة واستحداث الممارسات التي تنحصر مهمتها في تطويق حركة المجتمع العراقي وقمع عوامل التململ والرفض فيها ! وتحويل أجزاء واسعة منها الى جبهة مراقبين والتخويف بهم ! .. فبعد ان عجز مجلس الحكم والحكومات العراقية في احتواء وتقييد حركة الشعب العراقي لجأت الادارة الاميركية الى احياء الطائفية وزقها بالمال والجاه والوقار والفتنة والسلاح .. طائفية اليوم تتولى مهمة الحجاب الامامي الذي يقوم بالاخطار عن التحركات خارج الاطر السلطوية ، والحاجلة التي تسحق الرافضين من عامة الشعب وملاحقة ناشطيهم ! .وعليه علاقة الادارة الاميركية والنظام الايراني معا بالطائفية في العراق هي لعبة سلطوية لتوسيع الاختراقات ومناطق النفوذ !...
الاخطر في الامر هو تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة  وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لخدمة الطائفية الاجتماعية  . وهي عشائر شجعت الدكتاتورية على تأسيسها  حيث تقبل من هب ودب مادام قادرا على دفع الودي والاشتراكات الشهرية ، ولا يشترط فيها الانتساب الى نسب واحد ! ، وتقوم مكاتب الدلالية العشائرية بحسم الخلافات داخل العشائر دون اللجوء الى الدولة ، وفيها حديث الديوان للوجهاء من العشيرة !. والطائفية الشيعية تتجسد في تسخير هذه العشائر الشيعية الحرة لأعمال القمع البوليسية وخلق البلبلة مثلما استخدمها النظام الدكتاتوري لدق الاسافين في العلائق الاسرية واللاانسانية . وبعد ان كانت ترتبط بمكتب العشائر المركزي في البعث باتت اليوم على اتصال وثيق بالائتلاف الشيعي الحاكم ( الطيور على أشكالها تقع ! ... انظر مكاتب الدلالية في الثورة والشعلة والكرادة في بغداد ). في عراق اليوم  استبدال للشرعية الحزبية والتحالفات المدنية بالتحالفات الطائفية ومجلس الطائفة الحاكمة امتدادا للتحالفات العشائرية . الطائفية لا تطلب شيئا سوى الالتزام النفسي بها والاحتماء في ظلها وتحت خيمتها ، الايمان بها ، اعتبارها شعب الله المختار ! لتكون الحماية ذات شقين : الروحية  والمادية ، وبسبب فقدان الامان والحياة القاسية والخوف من الغد . هكذا أعدنا انتاج العائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة والملة والمذهب ، والعمامات والقلانس ، واصحاب الغبطة والسيادة والنيافة ، وساداتنا وموالينا وملالينا وشيوخنا ومامواتنا واسطواتنا ، ومنافقينا ومشعوذينا وقارئي الكف ، ... داخل الاحزاب والتنظيمات ليصبح الولاء للوطن تاليا بالدرجة للولاء لها ثم ليصبح الولاء للانقسامات والتشرذمات داخلها قبل الولاء لها ! وأصبح الولاء لقيادات الشراذم قبل كل ولاء ... وتنتمي الولاءات الجديدة الى ما نطلق عليه  مجتمع القرابيات حيث اختراقات العقل الايماني المفرمل والتزمت والدوغمائية . وتتربع الطائفية كعقل كابح مفرمل للثقافة العقلانية وسط هذا المجتمع الاهلي . 
     تجد السلطات في تسعير الخلافات الطائفية والعشائرية ولو على جثث الآلاف من الضحايا وسيلة لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة او التوافق الطائفي الشكلي ! وتهتم السلطات اليوم بالطوق الطائفي وتجنيد المقاتلين الطائفيين وتأسيس الطائفية الاجتماعية المنافسة لأجهزة الدولة ( انظر : مقترحات وزير الداخلية بيان جبر حول تأسيس اللجان الشعبية المسلحة ، وكذلك الفيدراليات الشيعية المقترحة من قبل عبد العزيز الحكيم ، ضعف اداء حكومة ابراهيم الجعفري وخنوعه للوشائج الاصطفائية الطائفية ، سوء ادارة وزارتي الدفاع والداخلية وتحول مؤسساتهما الى أقطاعيات طائفية ، "فرق الموت": آليات العمل الدقيقة ... والإمكانيات الاستخباراتية المتفوقة ، الأحزاب الدينية العراقية أحكمت سيطرتها على البصرة فحوّلت جامعاتها حسينيات وإداراتها مراكز تعبئة ومدن الرافدين في قبضة المتشددين الشيعة والسنة .. ) وترميم الثقافة الطائفية واحياؤها الامر الذي ولد التوترات في المجتمع ، وبينه وبين الدولة ! ويجد الجزء اللاطائفي نفسه امام الطائفية المسلحة حقوقيا التي تحاول العمل كجهاز ضبط آيديولوجي وتعبئة جماهيرية لملء الفراغ الامني والسياسي والفراغ الاجتماعي الناجم عن ضعف منظمات المجتمع المدني ..  ولا تريد السلطات تغليب القيم الطائفية الايجابية من اباء واعتزاز بالكرامة ورفض الظلم وحماية المظلوم والتصدي للعدوان واشاعة التراث الكربلائي لأنها تغذي المعارضة والتلبس بالهرطقة بالضد من السلطات السياسية المتمسكة بالاصول السلفية وتتنافى مع الاستسلامية والقبول بشرعية النتائج الانتخابية التي ترافق عادة ثقافات القطيع والسياسات الاقصائية والشمولية . وتغلب اليوم القيم الطائفية السلبية كالغدر واهدار دم الخصوم وابادة العوائل وارتكاب الجرائم واشاعة مراسيم العزاء الميكافيلية  باسم الطائفية .
     تقع على عاتق الشعب العراقي وحكومة الوحدة الوطنية القادمة العمل بالاتجاهات التي رغم تكرار طرحها لا بد من إقناع الناس بأهميتها والتي تتلخص ب: تعلم القدرة على المساومة السياسية بين أطراف الحركة الوطنية العراقية للوصول إلى قواسم مشتركة فيما بينها ، نبذ السياسة الإقصائية والشمولية ، نبذ السياسات الطائفية ، رفض أسلوب القوة والعنف والقتل كطريق لفرض الرأي أو الرأي الآخر ، حل الميليشيات التي تشكلت في فترات مختلفة وتابعة لقوى الإسلام السياسي المشاركة في العملية السياسية العراقية سواء أكانت هذه المليشيات معلن عنها أم غير معلن ، ضرورة إبعاد وزارتي الدفاع والداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات عن أحزاب الإسلام السياسي ، المكافحة الجادة لقوى الإرهاب ، إقامة النظام المدني الديمقراطي الاتحادي تعددي الفكر والممارسة السياسية .....  إن وجود القوات الأجنبية ليس نهاية التاريخ وستخرج قطعا أو نخرجها شريطة أن يكون العراق على استعداد تام لمواجهة كل الاحتمالات بعد خروجها. ومن الضروري احترام الموروث الديني والثقافي للأسلام  وعدم التطاول عليه بأي عذر كان، الاعتراف بان الموروث التاريخي والتطبيقي غير مقدس ويجوز النقاش العلمي فيه بعيدا عن الترهيب واحترام حرية الرأي، القبول بما أنتجه العقل البشري من نظم إدارية قضت على استبداد رأس السلطة وانفراده بالحكم وأنتجت مجتمعات مستقرة آمنة وبعيدة عن مظاهر إلغاء الآخر، الاعتراف بأن نظام الخلافة وما يمثله من فردية في الحكم لم يكن نظاما مثاليا أو نظاما دعا له الإسلام ويدعو إلى تطبيقه بل هو محض اجتهاد غير ملزم ، التوافق على إن الاستبداد باسم الدين والأيديولوجية هو شر أنواع الاستبداد لانه ينظًر للاستبداد ويعتبره نوعا من أشكال حماية الناس من الخطر الداهم ، مراجعة نظرية ولاية الفقيه وتدارك موارد الخلل الذي نشأ من تطبيقها وفرز آلية تمنع من التفرد باسم الولي الفقيه ، التنبيه إلى إن التطرف الديني الذي يفرض قوة إلغائية ترهب الآخر هو خطر داهم يهدد سلامة المجتمعات ولا يمكن معالجته بالقوة العمياء وحدها لانه فكر ولا يقارعه إلا فكر وحجة قوية . ولا يحق لأي بشر أن يحتكر الحقيقة ويدعيها، ويعتبر نفسه بسبب موقع ديني أو سياسي وصل إليه إنه يقرر عن الآخرين أسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم.الديمقراطية ، لا حرق البرلمانات بأسم التشيع ... هو ما ينتظره الشعب العراقي من القوائم الفائزة في الانتخابات .
دخل نيرون التاريخ ببساطة من بوابة حرق روما ، ودخل التاريخ صدام حسين لتدميره العراق وافقار شعبه وقضاءه على نتائج عمل أجيال كاملة ! وسيدخل التاريخ من يتمادى في التلذذ بالطائفية وحرق أهل العراق ، بالفتنة الطائفية والحرب الاهلية لعرقلة كفاح الشعب العراقي في الوطن الحر والتقدم الاجتماعي !.التقاليد الديمقراطية وحدها أساس كبح الطائفية وشرورها ، ولابد من تحمل التكاليف لترسيخها !.   




     

 

242
الديمقراطية الشرعية النقابية أساس وحدة الحركة النقابية العمالية العراقية

  بالعهد الملكي تركزت اكبر التحشدات العمالية في المؤسسات التي أدارها الرأسمال الأجنبي ، واكتسبت النضالات العمالية في هذه الفترة الأهمية الوطنية المتميزة ولعبت دورها في تحريك الجماهير وتحفيزها للنضال ضد الاستعمار. وشهد العقد الثاني من القرن العشرين باكورة النضالات الطبقية في إضراب عمال السفن (المسفن) – الدوكيارد – سنة 1918 الذي تصدت له السلطات الإنجليزية بالرغم من مطاليب العمال العادلة في زيادة الاجور وتحسين الأوضاع المعيشية. واقترن التحرك العمالي في العشرينات بتنامي الاستعداد لدى العمال والشغيلة الحرفيين الى التنظيم وتشكلت عدة جمعيات أبرزها جمعية أصحاب الصنائع ورئيسها محمد صالح القزاز سنة 1929 وجمعية عمال المطابع العراقية وهي جمعيات عمالية حرفية وليست نقابات عمالية خالصة.
      في 1932 فرض العمال تنظيمهم النقابي – اتحاد العمال في العراق –  . وأضرت مواد رسوم قانون البلديات الجديد لسنة 1931 بمختلف فئات الشعب العراقي فاضطرت المعامل التي تستخدم المكائن الى خفض أسعار منتجاتها رغم بقاء أسعار ورسوم المحروقات من نفط وكهرباء باهضة. وفي إضراب بغداد 1931 استخدمت القوات الإمبراطورية البريطانية لحماية أهم المنشآت لعراقية من شركات نفط  ومراكز توليد كهرباء. ثم صدر قانون العمل رقم (72) سنة 1936 ، وتضمن حقوق عمالية أهمها الحق في التنظيم النقابي والتعويض عن العطل الأسبوعية والسنوية والتمتع بالأجازات الاعتيادية المدفوعة الأجر.... الا ان أيا من الحقوق أعلاه لم يوضع موضع التطبيق.
     كشفت الحرب العالمية الثانية كل عورات النظام الملكي وأنضجت سخطا جماهيريا واسعا. وقد شن العمال سلسلة من الاضرابات ابتداءا من خريف 1941 أولها إضراب عمال السكك وتلاهم عمال شركة كهرباء بغداد . تراكمت الخبرة النضالية للطبقة العاملة وتكونت ملاكاتها وازداد وعيها وشنت سلسلة من الاضرابات في اكبر المشاريع ذات التحشدات العمالية وأفلحت في انتزاع إجازة (16) نقابة عمالية في بلادنا. وتعتبر اضرابات عمال السكك سنة 1946 وكاورباغي في كركوك وكي ثري ملاحم نضالية مجيدة.....
حدد القانون صراحة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة نقابة واحدة لكل مهنة وقد تحققت الوحدة العمالية لا بفضل تجسيدها في اتحاد نقابات العمال GFTU فحسب بل من خلال وجود الحريات الديمقراطية والانطلاقة العمالية الواسعة . وشاركت الجماهير العمالية بملأ إرادتها بالنقابات بعيدا عن مظاهر الإكراه والضغط وشاركت أيضا في الانتخابات النقابية. صوت العمال في المؤسسات الصناعية الكبيرة بنسبة (93- 97%) للنقابيين المعروفين بتاريخهم النضالي وفي المؤسسات الصغيرة بنسبة (83- 92%) ...ثم انعقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد نقابات العمال في 20/2/1959 في الوقت الذي لم تحصل فيه جميع النقابات على إجازاتها. وانعقد المؤتمر الأول للاتحاد العام للنقابات في 11/2/1960 وضم (52) نقابة مركزية عدد أعضاءها (308) ألف عامل . وفي (1) أيار 1959 جرت اضخم مظاهرة في تاريخ العراق الحديث بمناسبة عيد العمال العالمي شارك فيها مليون إنسان في بغداد. وفي زمن الأخوين عارف لم تجر أية انتخابات نقابية حرة خشية إن ياتي العمال بممثليهم الحقيقيين لقيادتها .
       بعد 1968 واصل الاتحاد العام للنقابات GFTU نشاطه  لكن ضعيفا هزيلا يستند إلى السلطة ، ولتتحجم قدراته ولتزاح كل القيادات الشيوعية والديمقراطية بالقوة والارهاب ( اعدامات وسجن وتغييب وتهجير قسري ) عن الاتحاد النقابي ويستعاض عنها برموز بعثية مفضوحة ، وليؤدي الاتحاد العام دوره كسمسار لسياسات البعث ومسمار في نعش الطبقة العاملة وشغيلة العراق وسفير للنظام دوليا. في تقريره المعنون ( العراق : النقابات والقانون ) كتب اوين تيودر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس النقابي بالاتحاد الاوربي وعضو سكرتارية الاتحاد الدولي للنقابات الحرة ICFTU  : " كان الحزب الشيوعي العراقي فصيل اساسي ضمن القوى المناوئة للبعث وساهم في ازاحة الدكتاتورية . ان شمولية النظام العراقي وفرض حكم الحزب الواحد منذ 1968 قد حجم من قدرات GFTU واضعفه ، ومنذ  1979 وانفراد صدام حسين بالسلطة  ازيحت كل القيادات الديمقراطية عن ال GFTU بالقوة والارهاب ". إن الكارثة الحقيقية كانت في حل الاتحاد العام لنقابات العمال حسب قانون رقم (150) لسنة 1987 وقانون رقم (1) لنفس العام وجعل عمال الدولة موظفين خاضعين لقانون الخدمة المدنية. فهبطت عضوية الاتحاد من (1.75) مليون في 1988 إلى (7794) عضوا فقط سنة 1989 . واستهدفت الحكومة في هذا الأجراء نسف قدرة العمال التفاوضية بعدما الغت الحد الادنى للأجر وفتحت سوق العمل المحلي على مصراعيه أمام العمال العرب وسرحت (200) ألف عسكري لينظموا إلى قوة العمل المدنية. وشكلت قوانين العمل الصدامية خرقا لمواثيق منظمة العمل الدولية.
كان عمال العراق اكثر فئات الشعب تضررا جراء سياسات النظام الهوجاء في عسكرة البلاد وحرمان الطبقة العاملة والشغيلة عموما من التشريعات التي تحمي حقوقها في التنظيم النقابي في جميع المشاريع الانتاجية والخدمية بما فيها مشاريع الدولة ، وتضمن تمثيلها في مجالس ادارة المشاريع والمؤسسات الاقتصادية ، وتحمي العمال الزراعيين بالتشريع والقانون ايضا.
    اقر مجلس الحكم العراقي  في كانون الثاني 2004 بأحقية وشرعية  اتحاد نقابات عمال العراق  ال( IFTU )، ودوره الفعال بحكم تاريخه المناهض لحكم البعث... وبطلان   الاتحاد العام للنقابات GFTU  الذي تحول الى اتحاد نقابي تعشعش فيه  الكوادر البعثية  " المرتبطة سابقا بنظام صدام حسين " في قيادته ... لكن السكرتارية العامة ل GFTU   تركت مواقعها وشرعت لتأسيس اتحاد نقابي يرتبط بالمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق SCIRI  الامر الذي كان أحبط كل مساعي عقد مؤتمر نقابي موحد ل GFTU ، وعجلت من جهود  المنظمات النقابية العمالية ( قرابة 6 اتحادات عمالية نقابية ) لتنسيق العمل وفق آليات الديمقراطية الشرعية النقابية والتي تكللت باتفاق دمشق . اصدرت الهيئة القيادية في الاتحاد العام لعمال العراق قرار رقم 12 في 20/2/2006 بتسمية اعضاء للمكتب التنفيذي وتوزيع المسؤوليات عليهم وتعيين عدد آخر في مواقع المسؤولية لنقابات بغداد بشكل لا يناسب وحجم وقدرة كل اتحاد ....    واكد المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال في العراق IFTU  ان هذا القرار غير شرعي ومخالف للاتفاق الموقع في دمشق 9/9/2005 بين الاتحادات العمالية والذي تم تحت المظلة السورية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ، وخرقا للفقرة ب من المادة الاولى التي تؤكد " ان تقوم  الهيئة القيادية باجراء المسح الميداني للمنظمات النقابية على أرض الواقع ..."  . لم تلتزم الاطراف الاخرى بجوهر الاتفاق ولم يجر المسح وصولا الى تنظيم الانتخابات النقابية العمالية العامة بشكل ديمقراطي وحر ومستقل ! اي تشكيل الاتحادات المحلية بالطرق الديمقراطية وعقد المؤتمر العام لفروع الاتحاد في بغداد – المؤتمر العام المركزي .... وكانت الهيئة القيادية للاتحاد العام لعمال العراق قد تشكلت وفق الآليات الخاطئة المتسرعة البعيدة عن استقرار العمل النقابي العمالي وتوحيد الحركة النقابية العمالية ! والمنافية لأدارة العمال ...
     وعلى الرغم من ان التضامن النقابي العمالي في العراق يستلزم نهوضه على قاعدة تعدد المنظمات النقابية على الارض لا على اساس اهداء حق التمثيل الى واحدة من المنظمات الوطنية المتنافسة فان وحدة الحركة النقابية العمالية هدف نضالي تسعى اليه الطبقة العاملة العراقية وتعتبره مصدر قوتها وسندها ...  وقد عمل  الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق IFTU وفق هذا المبدأ منذ تأسيسه الا ان الاطراف الاخرى تصرفت بشكل انفرادي وبما يتنافى واتفاق دمشق بعد ان عجزت على اثبات وجودها .. وهذه الاطراف المخالفة تستند على مخالفات من سبقوها ، اي التركة الثقيلة للنظام الدكتاتوري وقراراته المسخة القرقوشية التي شكلت خرقا لمواثيق منظمة العمل الدولية كقرارات (72) ، (91) لعام 1977... (190) ، (543) لعام 1984.... لتجريد العمال من التنظيم النقابي وقرارات  إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة (52،71،...،150) لعام 1987  ... ونظم فرض الغرامات المالية على الشغيلة العراقية بالاشتراكات القسرية والتبرعات الاجبارية ..... وأخيرا الاجراءات الحكومية الاخيرة المتمثلة بالقرار سئ الصيت رقم  8750  في 8/8/2005   الذي يعد تدخلا سافرا بشؤون الحركة النقابية العمالية وجميع منظمات المجتمع المدني ! .. والذي فسح المجال لأنتعاش انتهازية تشويه الواقع الديمقراطي لحركة الطبقة العاملة النقابية العراقية واحياء نفس الاساليب القديمة الجديدة للنظام الدكتاتوري كأسلوب تعيين المهرجين على رأس النقابات واللجان النقابية ...
    العمل النقابي ليس هواية . وتدرك الطبقة العاملة العراقية جيدا بشاعة الاستغلال الممارس عليها  في جميع الأوقات ، وهي المؤهلة تاريخيا لامتلاك الوعي النقابي الصحيح اي المبدئي بالضد من أشكال الوعي الزائف والممارسات الانتهازية لعلاقتها الموضوعية مع القوى المنتجة .... و من العوامل التي تساعد على عدم انسجام الطبقة العاملة مع نفسها والتي تجعل الوعي مقلوبا في أذهانها و سلوكها نجد :  الأصول الريفية ، وهي أصول استهلاكية لكافة أشكال الفكر الغيبي الذي يزخر به المجتمع و خاصة الفكر الظلامي ومخاضات الولاءات دون الوطنية ، الفكر البورجوازي الصغير الذي يقلب الوعي  و يجعله حاملا لأمراض البورجوازية الصغيرة اي التطلعات البورجوازية وممارسة التحريفية الرديفة للقيادات البيروقراطية ،  الخوف العاجز عن امتلاك الوعي النقابي الصحيح والوعي الطبقي الحقيقي بسبب القمع الذي يخلق شروط الاستلاب المادي و المعنوي للعمال ،  الفكر الأصولي -  الظلامي الذي يعمل على تجييش الطبقة العاملة  ضد نفسها و ضد كل أشكال التنوير ، البطالة والعطالة ..... بالإضافة إلى عوامل أخرى تؤثر في مسار الطبقة العاملة سلبيا ! .وتنسجم مصالح الطبقة العاملة العراقية مع دعم النقابات العمالية باعتبارها منظمات الشغيلة الاكثر جماهيرية ،هدفها حماية مصالحهم الاقتصادية والسياسية من اجل الحق في العمل والمعيشة الافضل وحرية تأسيس النقابات والتظاهر والاضراب وحق الانضمام الى عضوية  النقابات والتجمع والخطاب والحماية من التمييز لأسباب عرقية وقومية وطائفية ... الخ .... ودعم نضالات العاطلين من أجل الحق في العمل، والمطالبة بصندوق للتضامن الاجتماعي والتأمين ضد البطالة، مع الزام الحكومة المقبلة ببلورة مشروع ملموس لمكافحة البطالة باعتبارها مشكلة ذات ابعاد اقتصادية - اجتماعية - سياسية.... ودعم نضال العمال ضد التسريح وإغلاق المعامل وتقليص ساعات العمل، والمطالبة بتحسين أجورهم ورفع حدها الأدنى، ليتناسب ومستويات الاسعار المتنامية باستمرار.... والنضال ضد الاصلاحية والتعاون الطبقي – الانتهازية ... ويستلزم ذلك ارساء المؤسساتية المدنية واشاعة الحياة الديمقراطية والدستورية الحقة وخلق أجواء الثقة والاستقرار ، وجلاء القوات الأجنبية عن ارض العراق ، وتولي الأمم المتحدة دورها في توجيه الحاكمية الدولية لضمان استقلال العراق الناجز وسيادته الوطنية على كامل أراضيه وإضفاء الشرعية على عملية الانتقال الى الديمقراطية في بلادنا. والطبقة العاملة العراقية اذ تتفهم شروخ النسيج الاجتماعي العراقي فانها تدرك ان الطائفة - العشيرة هي نقيض الطبقة ولا تعيش في مجتمع صناعي رأسمالي . وعليه المصنع عدو الولاء دون الوطني ، ولا يعود العامل ذلك القروي الذي ينتظر بعض الفتات من شيخ العشيرة ومواعظ رجل الدين ! ...
     ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر في  8/8 / 2005 فهي جزء من السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة ، والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي القائم على أعتماد الديمقراطية في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية .... ان " معركة الحقوق النقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ونجاحنا في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع الديمقراطي في العراق  ،  والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابات والمنظمات غير الحكومية من قيودها .... ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابات من جديد نناشد الجميع  ، بصرف النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي بالانضمام إلى طابور المناضلين في سبيل فرض الأجواء الديمقراطية وكسب الحقوق المهنية والنقابية ، ودعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ .

   

الهوامش والمصادر

•   برنامج حركة العمال النقابية الديمقراطية في الجمهورية العراقية- 1989.
•   انظر للكاتب :
العراق : النقابات والقانون
عمال الطاقة الكهربائية في العراق وكردستان
في الروابط الالكترونية التالية لمواقع الحوار المتمدن ، الناس ، آفكا :

http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm

243

    التلوث البيئي هو الهوة السحيقة الحاصلة بين التكنوسفير "Technosphere "( طراز معيشة الإنسان وأنماط الحياة الحضرية ومستحدثاتها في العلم والتكنولوجيا )  وبين البيوسفير"Biosphere" (  أنظمة التوازن البيئي وعناصر مقومات المحيط الحيوي ) او كل تغيير كمي و نوعي في مكونات البيئة الحية وغير الحية لا تستطيع  الأنظمة البيئية استيعابه من دون أن يختل توازنها ..  وفي سبيل المحافظة على التوازن الطبيعي للبيئة لابد من  تكييف الجانب التكنيكي وفقاً للجانب الطبيعي للحياة. إن تأمين الأسس الطبيعية للحياة الانسانية عبر صيانة البيئة والوقاية ضد الأخطار البيئية في الميادين الايكولوجية والايكونومية والاجتماعية يعتبر اليوم أساس ضمان المستقبل الآمن السعيد . وفي الوقت الذي تسعى فيه السياسة البيئية الوطنية لحل المشاكل البيئية باستخدام الاجراءات التقنية والادارية تسعى الثقافة البيئية هي ايضا وباهتمام متزايد لإحداث التغيير اللازم في طرق التفكير و السلوك البيئي عند المواطن.. وتهدف الثقافة البيئية إلى تطوير الوعي البيئي وخلق المعرفة البيئية الأساسية بغية بلورة سلوك بيئي ايجابي بمثابة الشرط الأساسي كي يستطيع الفرد في المجتمع أن يؤدي دوره بشكل فعّال في حماية البيئة وبالتالي المساهمة في الحفاظ على الصحة العامة.  إن الثقافة البيئية مفهوم مرادف للتعلم الايكولوجي و التربية البيئية وعملية تطوير وجهات النظر والمواقف القيميّة وجملة المعارف و الكفاءات والقدرات و التوجهات السلوكية من أجل صيانة وحماية البيئة.
     التلوث البيئي طاعون العصر وصناعة الموت الهادئ ، والذي يتقدم بتفوق على  طاعون موت الحروب والارهاب ، ولينتصر على احصائيات ضحايا الطرق! فيدخل من كل اتجاه : مياه الشرب ، هواء بالكربون ، الأمطار الحامضية والسوداء والعواصف الترابية ،أتربة في الرئة ،سموم في عضلة القلب ،الضوضاء الحادة والضغط العالي جدا، الروائح الكريهة والضغط الفيزيقي، اليورانيوم المستنفذ (DU)... ، حقول الالغام واكداس الاسلحة المتروكة والسيارات المفخخة .. الامراض والاوبئة والفايروسات ... التلوث ماكنة جبارة تعمل بلا هوادة !.. واتسمت المدن العراقية بنسب التلوث الهوائي المرتفع بالرصاص والكاربون والغازات المتسربة إلى الجو الصادرة عن المواد الكيماوية وكميات من العناصر المشعة كالكادميوم واليورانيوم المنضب (DU) والزنك الصادر عن القنابل والصواريخ الموجهة وكذلك بسبب الأمطار الحامضية والسوداء والعواصف الترابية وكثافة الدقائق العالقة.. الامر الذي يتسبب في وفاة الآلاف سنويا لاسيما بين الشيوخ والاطفال ! والآلاف من ضحايا التسمم !والاصابة بالتضخم الكبدي عند مالايقل عن 30% من العاملين في بلادنا !والاصابة بحساسيات الجهاز التنفسي واحتقان الرئتين وضيق التنفس والتليف الرئوي والتهاب الشعب الهوائية والسرطان والفشل الكلوي والعجز الجنسي والاجهاض والتشوهات الجنينية وانخفاض نسب الذكاء .. الخ.وتسبب الغازات السامة عماء العيون واضطرابات التنفس . تتركز الملوثات في دخان المعامل وابخرتها وعوادم السيارات ! ودخان التفجيرات الارهابية والحربية ! وزيادة استهلاك المحروقات ! والتلوث بأتربة الشوارع ،و الاغذية الفاسدة التي تغزو العراق... واثبتت الفحوصات ضررها البالغ المسبب للسرطان والامراض الاخرى،والتلوث المنزلي من المواد الطيارة في الماكياج والغاز المنزلي NO2 والعطور والتدخين ودهان الاريكة ... الخ. توزع التلوث البيئي في عراقنا الى :
•   الكهرومغناطيسي  - وسببه افران المايكرويف وخطوط الضغط العالي والمحولات الكهربائية والقابلوات والمولدات الامر الذي ادى الى التعرض لمخاطر الاصابة بسرطان الدم ( اللوكيميا ) وسرطانات الاطفال بسبب الدقائق الكهرومغناطيسية !.
•   الكيميائي -  المركبات العضوية والاملاح – الايونات والمعادن السامة التي تسببت في تلوث السلاسل الغذائية والمياه والهواء ! .
•   الفيزيائي -  الضوضائية والروائح والتلوث البصري . المواد العضوية وغير العضوية ومياه الامطار الحامضية والمخلفات الصناعية المسببة للتغير في اللون والحرارة والعكورة والشد السطحي  والطعم .
•   الاشعاعي .   
      من جهتها ، تزداد الاختناقات المرورية في شوارع بغداد والمدن العراقية بسبب ازدياد عدد المركبات المرورية ، والتخلف في مواكبة شبكة الطرق للتطور الحاصل في  عدد المركبات ،وتدني الثقافة المرورية ! ينفث الاختناق المروري الكميات الهائلة من غازات عوادم السيارات السامة وهي ملوثات غازية تفوق خطورتها ما تنفثه الصناعات المدينية . وتسبب الاكاسيد الكبريتية و النيتروجينية الامطار الحامضية المضرة للبيئة الزراعية والثروة السمكية ، تلف جدران الابنية والارصفة والشوارع والسيارات ، تعتيم الوان النصب التذكارية والغطاء النباتي والطلاء ، وتساعد على التآكل المعدني . وتؤثر الاختناقات المرورية على كفاءة فاعلية اداء المركبات والاستهلاك الاقتصادي للوقود معا وعلى صحة الانسان ! 
      لقد تركت سياسة الدكتاتورية الصدامية  وحروبها العبثية والعدوانية ، الداخلية والخارجية ، الإرث البيئي الثقيل ، كجزء من الخراب والدمار الذي طال كافة مفاصل المجتمع العراقي ... وتجسدت هذه السياسة في سوء التخطيط المركزي وإقحام البلاد في المغامرات الاقتصادية التي عكست  منهج التجريبية والتطور الرأسمالي الكومبرادوري والطفيلي المنغلق وبيروقراطية رأسمالية الدولة التكريتية واجهزتها المهيمنة . ولم يسعف النظام تبريراته في ربط التلوث البيئي بالنمو السكاني والتقدم التقني محاولا إعفاء التطور الرأسمالي الجاري من المسؤولية ، كما كانت لحملات الحكومة المركزية في بغداد على مدن وقصبات كردستان طيلة العقود الماضية الآثار البيئية الكارثية . بلغ عدد القرى الكردستانية المدمرة في العقود المتأخرة حوالي (4500) قرية و( 35 ) بلدة بسبب شوفينية الدكتاتورية . وقامت الدكتاتورية بتصفية الشريط الحدودي الطويل على امتداد كردستان العراق من مندلي الى سنجار وبعرض تجاوز في بعض المناطق ال (30) كيلومتر داخل العمق في ظل اتفاقية الجزائر لسنة 1975 .. اعقبتها الحملات الانفالية الكيمياوية في الثمانينات !
 كان الحقد الصارخ على الشعب والوطن العراقي من قبل اعداءهما واضح وجلي من خلال الدمار والخراب الذي لحق ويلحق بهما ، فكان شاملا وواسعا لم يستثن لا الانسان ولا الارض والمياه والسماء والاشجار والحيوان .المؤسف ان حكام العراق الجدد واصلوا طيلة الاعوام الثلاث المنصرمة تجاهل الواقع البيئي الكسيح وتداعياته الصحية والإجتماعية، وحتى الجمعية الوطنية تقاعست في ذلك . ولم يتضمن الدستور الدائم  الا الجمل الفضفاضة التي لا تلزم أحدا ، بعد قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان . ولليوم لم ينضم العراق للإتفاقيات البيئية الدولية.. الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 تجاهلت الواقع البيئي الراهن ، مستثنية إياه في إهتماماتها الأساسية – بعكس ما يفترض، مع أن معالمه الكارثية تعشي العيون ... وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث .. حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث ! . والانكى من ذلك لا تزال الهوة سحيقة بين النخب الحاكمة وحقوق شغيلة صيانة البيئة العراقية .. وهي شغيلة توزعت في كل مكان وتجدها داخل كل المؤسسات .. في ادارة المحافظات والبلديات والقوات المسلحة ووزارة البيئة والتعليم العالي والصناعة .. المنظمات غير الحكومية والنقابات .. الخ.
•   الجفاف والعجز في حل القضية المائية والاروائية

   من المهم ملاحظة واقع التباين المناخي مع تباين تضاريس وادي الرافدين ، وتقل معدلات سقوط الامطار في وسط وجنوب العراق عن 200 ملم سنويا ! بينما ترتفع درجات الحرارة بمعدل 7 درجة مئوية / كيلومتر مع هبوط وانخفاض سطح الارض اي كلما اتجهنا جنوبا ومن اقصى نقطة في المناطق الجبلية ليميل الميزان الحراري الى اكتساب الحرارة لا فقدانها ! ويتمتع العراق بالمدى الحراري الواسع وظاهرة الفصول الاربعة والامطار الفصلية ! ويتسم بالتطرف الحراري والجفاف صيفا ! وتتأثر اتجاهات وسرعة الرياح بالأعاصير المتوسطية (Cyclones )والتباين في توزيع نطاقات الضغط الجوي والمنخفضات الجوية المتكررة .وفي الاعوام الاخيرة ازداد تأثير الرياح الجنوبية الغربية الجافة المحملة بالغبار والعواصف الترابية ! والرياح الشرقية  والامطار الاعصارية ! وتصل سرعة الرياح في العراق على ارتفاعات (70) متر الى حدود (6.5 – 7 ) متر/ ثانية حاملة معها دقائق التراب والغبار والغازات المضرة !.الجفاف سمة اساسية من سمات المناخ العراقي ،واخذ الابعاد المأساوية مع نزعة الهيمنة المائية التركية على أحواض مياه الرافدين  المشتركة  ونزعة الهيمنة المائية الايرانية على احواض روافد دجلة ! وتسيطر تركيا على تدفقِ نهري دجلة والفرات، مستغلة موقعها المؤاتي على مناسيب المياه من أعلى المصب بحق لا تماثلي كبير،  الامر الذي الحق لفدح الاضرار بحقوق الموارد المائية المشتركة. يذكر ان الاهوار العراقية قد تعرضت هي الاخرى لعمليات تعرية وتدهور خلال العقدين الاخيرين من القرن العشرين. ومثلت تلك المناطق اكبر نظام ايكولوجي شبه رطب في غرب اسيا والشرق الاوسط ، حيث تراجعت الى (   7 % )  من مساحتها الاصلية عام 2002... لقد انكمشت المسطحات المائية للاهوار في جنوب العراق من (20 ) الف كيلومتر مربع الى اقل من (1500) كيلومتر مربع. ولعبت مشاريع السدود لاعالي نهري دجلة والفرات دورا مباشرا بالتسبب في تقليص تغذية مجاري النهرين والاهوار، وتطورات الحرب العراقية- الايرانية، وخطوات التجفيف الصدامية الواسعة بعد انتهاء حرب الخليج الثانية،وعند سقوط النظام في  عام 2003 . وعلى نحو عاجل عادت الحياة من جديد للاهوار بعد اكثر من عقدين من الزمن.
 ادى الجفاف وتقلص فترات هطول الامطار الى تضاؤل كمية المياه الجارية في الانهر وجفاف الآبار والعيون ،وتحول كثير من المجاري المائية الى مواضع للنفايات ومراتع للحشرات والقوارض ومصدرا للروائح الكريهة !.. اي تحولت الى مجاري تعاني من الطفيليات والذباب والبعوض ومرتع لأوساخ الناس ومخلفات المطاعم القريبة ! وتعاني انهر العراق من الحمل العضوي الملوث والمواد الصلبة ومياه الصرف الصناعي التي تصب فيها . والعكس ايضا ، عند اول زخة مطر تفيض طرق وازقة الاحياء السكنية في انحاء المدن العراقية وتتحول الى مستنقعات مع سبق الاصرار ! وتعرضت شبكات الصرف الصحي لأصابات بالغة في حروب النظام الكارثية وتسربت المياه الثقيلة والفضلات الصناعية الى المسطحات المائية وارتفعت مناسيب الملوحة في التربة والكدارة في المياه .تقدر كمية مخلفات المياه الصناعية ب (320)الف متر مكعب /سنة ،ومخلفات مياه المجاري المنزلية  ب(759) مليون متر مكعب /سنة ،مياه المبازل الزراعية بحوالي (2.3) مليون متر مكعب /سنة، وترمى جميعا في دجلة والفرات وروافدهما والمسطحات المائية الاخرى . تلوثت مياه الانهار واصبحت تسمم ابناء الوطن لما سقط فيها من اسلحة سامة وجثث لمئات الجنود العراقيين اثناء حروب النظام الكارثية . وتحوي المواد الكيمياوية العضوية وغير العضوية التي تشكل الفضلات على عناصر سامة مثل الباريوم والزركونيوم وسامة جدا مثل الرصاص والفضة والنحاس والنيكل والكوبالت والذهب والزئبق .ويسبب النحاس التشمع الكبدي وضعف البصر وضعف القدرة على التفكير ، والرصاص تخلف القدرات الدماغية للاطفال ، والزئبق قرحة المعدة وتلف الاعصاب ، والخارصين السرطان .... وكل هذه الاملاح سامة ومؤذية .من مصادر التلوث العضوي : الصناعات الجلدية ،صناعة الورق والسيليلوز ،الزيوت النباتية ، صناعات التعليب ، الصناعات الاسبستية .. الخ.وتعد مياه المجازر وفضلات معامل الدباغة والجلود ومياه غسل الاصواف وفضلات المستشفيات من اهم مصادر التلوث المائي البكتريولوجي ! تزايدت برك المياه الآسنة، وأكوام النفايات والقاذورات، وطفح مياه الصرف الصحي في الأحياء الشعبية،وإغراقها للشوارع والمحال السكنية. مشكلة الصرف الصحي مشكلة بيئية وصحية خطيرة، حيث تطرح المياه الثقيلة في الانهار ومجاري المياه كما ان تدهور انابيب مجاري المياه الثقيلة يلوث شبكة انابيب مياه الشرب والمياه الجوفية. وتقدر نسبة المياه الثقيلة المطروحة للانهار في العراق بـ (50%). ويشكل تلوث مياه الشرب كارثة حقيقية، حيث أثبتت الدراسات والتحاليل المختبرية تلوثه بكتريولوجيا في كافة المدن العراقية.ويسبب نقصان عنصر اليود التضخم في الغدد الدرقية .. وهذا نتاج طبيعي لأختلال التوازن بين العناصر الطبيعية في البيئة  بفعل تعرية التربة وبعض انواع الصخور وبواسطة المياه الجارية والامطار ... مثل الخارصين والكلور والسلييليوم . .وتفتقد اسالات المياه اليوم الى النسب المعقولة من الكلور !   
    لقد كشفت عوامل الجفاف العجز الفاضح للحكام القدامى والجدد  في حل القضية المائية والاروائية ،والعجز المتزايد عن تأمين الكفاية من مياه الشرب للمواطنين .. وسلطت الاضواء على مجمل سياساتهم الفاشلة في الميدان الزراعي وعموم الاقتصاد الوطني ! وتقدر المساحات المتصحرة والمهددة بالتصحر حوالي (364)الف كيلومتر مكعب اي نسبة 83% من اجمالي مساحة العراق. ومع تردي الوقاية الزراعية والارشاد الزراعي تجتاح الآفات الزراعية حقول وبساتين الفلاحين ،منها آفات لم تكن معروفة قبل عام 1991 . وتسبب الآفات الزراعية خسارة 1/3 الانتاج الزراعي الوطني في  العراق ... بالرغم من تسجيل (200) مبيد زراعي والتعامل مع مئات المعاهد والباحثين المتخصصين . الطائرات الزراعية مفقودة ووزارة الصحة مهملة ! وتؤرق الادغال التقليدية والحديثة الفلاحين وتعطل اعمال السقي ،وهي تعمل على تناقص كميات المياه ... ومكافحتها يتطلب استخدام مبيدات آمنة ! ماتت الاشجار .. ومات النخيل وهو واقف عاري من يشاهده تنهمر دموعه حزنا عليه ... الاشجار والنخيل تقف شامخة ثابتة بالارض بالرغم مما الحقته حروب وشرور الحاكمين بها !. يعمل في قطاع الزراعة نسبة( 20% ) من الأيدي العاملة في العراق، لكن حصتها من الناتج الوطني حالياً ( 10% ) فقط ، وهي مصدر العيش الرئيسي لسكان الريف البالغ عددهم( 7 ملايين ) نسمة. لقد هبط الانتاج الزراعي في السنوات الخمسة عشر الاخيرة بمعدل( 1.1% ) سنوياً وكذلك هبط انتاج محاصيل الحبوب كالشعير والقمح والرز هبوطاً شديداً وتقلص انتاج الخشب بنسبة (20%) اضف الى ان الزراعة تعتمد اعتماداً كلياً على موارد المياه ذات المنابع الخارجية... وقد تسببت شحة تدفق المياه وتدهور نوعيتها في الحاق اضرار بليغة بالقطاع الزراعي.
  شهد القرن العشرين  التحولات الخطيرة للنظام البيئي العام في العراق، وانعكست بالتدهور المتسارع لجميع مكوناته: الموارد المائية ، والزراعية ، والتنوع الاحيائي ، والغطاء الشجري والنباتي ، وارتفاع مستويات التصحر، وانتشار السموم، وامراض نقص الغذاء، وتدهور الخدمات ... وغيرها... انتشرت المواد السامة والمبيدات الحشرية في العراق لتباع تحت مختلف التسميات في الدكاكين والمحلات وعند الباعة الجوالة ! الى جانب المواد الغذائية .ويجري حفظها في ظروف غير طبيعية او امنية كافية !.وانعكس التدهور البيئي  بسحب المياه من داخل الارض دون تنظيم ، حفر الاراضي وتركها ،البناء ومد الطرق وشبكات المجاري دون تخطيط ،تقلص الغطاء الاخضر والغابات وارتفاع نسب الملوثات في الهواء بسبب القطع العشوائي ، المطر الحامضي ... كما يتأثر العراق بالتشقق المتسارع لطبقة الاوزون وانتشار امراض سرطان الجلد والعمى وضعف المناعة حيث تتأثر الطبقة اصلا بغازات الكلوروفلوروكاربون والدخان وانحسار الغابات! يتلقى اليوم  85% من مجموع الشعب العراقي البالغ عدده 27 مليوناً الطاقة الكهربائية بشكل متقطع وان 83 % ليس لها مصدر موثوق للمياه النقية، 37 % فقط ترتبط بشبكة الصرف الصحي (المجاري) ....وتجسدت نتائج كل تلك الظواهر على المستوى الاجتماعي بصورة هجرات وبطالة وفقر وتشوهات في التركيب  الديموغرافي للسكان بين المدينة والريف وتدهور نوعية الحياة. ومثل اتساع دائرة العنف بانواعه المختلفة، على مدى 4 عقود، الظاهرة الاكثر تدميرا للبيئة العراقية،الطبيعية والاجتماعية. وانعكست جميع تلك المظاهر في تراجع مؤشرات التنمية المستدامة للبيئة والتي غدت مؤشراتها في العراق تمثل ادنى المستويات. وادى هذا التدهور البيئي وفوضى استثمار الموارد الطبيعية الى اهدار مئات الملايين من العملة الصعبة / سنة .. فالتلوث الهوائي والدخان الاسود ينتشران بسرعة وتفقد جدران المباني لونها وتصدأ بفعل طبقات الغبار المتراكمة والمطر الحامضي! ورافق ازدياد اعداد المركبات والنقليات وازدحام السير وبطء حركة المرور وتوسيع ورشات تصليح السيارات ومناطق الصناعة زيادة في نسب المعادن الثقيلة والرصاص في الجو ( الايروسويل )لتتجاوز تراكيز الملوثات حدود معايير الصحة العالمية المسموح بها ! بالأخص قرب معامل الاسمنت ومحطات الكهرباء والمولدات الاهلية ومعامل البلاستيك ! .. ويؤدي حرق المازوت الذي يحوي على نسب كبريت عالية الى انتشار الجزيئات واكاسيد الكبريت والكاربون والاضرار بالجهاز التنفسي ،ورفع درجة حرارة الغلاف الجوي ،والاضرار بالزراعة ! بينما يسبب البنزين المخلوط بالكيروسين والبنزين المرصص السمومية الحادة المؤثرة على الجهاز العصبي والقدرة على التفكير ! وتسبب تفجير أنابيب النفط  تلويثا  للبيئة  بسموم إضافية، وخرابا للإقتصاد الوطني وخسائر بمليارات الدولارات ... العراق بأمس الحاجة إليها.
•   الاسلحة واليورانيوم المستنفذ 
   
         يقدر عدد الالغام في بلادنا بعشرات الملايين .. وهي من الكثافات الاعلى في العالم ! وخلفت الحروب الكارثية مئات الآلاف من القنابل والقذائف غير المنفجرة .. والتلوث الإشعاعي الناجم عن ذخائر اليورانيوم المشعة، ونهب حاويات المواد المشعة وسكب موادها عشوائيا،ونهب الفضلات النووية والمواد الكيمياوية في جبال حمرين ،الذي أثبتته، وبمستويات عالية جداً، العديد من القياسات الإشعاعية الميدانية.... ووجود اَلاف المواقع الملوثة في العراق -  بتأكيد برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP . وتؤكد الوثائق الارشيفية ان الولايات المتحدة اطلقت حوالي  1.5 مليون  قذيفة من اسلحة اليورانيوم على العراق والكويت معا ! اي مئات اضعاف القذائف ضد يوغسلافيا وفي حرب البوسنة .. وقد اصيب اكثر من 60 الف جندي اميركي بالسرطان بعد مشاركتهم في تحرير الكويت فقط ! ويبلغ معدل الوفيات بسبب انفجار قنابل والغام مخلفات الحروب الكارثية في العراق حوالي 22 مواطن / شهر .. ويبقى الغبار السام والمشع لسنوات طويلة في الجسم البشري ! . تضاعفت الاصابات بامراض السرطان والامراض الجرثومية الاخرى نتيجة المواد المشعة المستخدة في الحروب الاخيرة  ، وهي امراض غريبة لم يشهدها العراق من قبل ولم يعرفها ابناءه الا مع مجئ نظام صدام والاحتلال ... ازدادت حالات الاصابة بالسرطان في جنوب العراق 100 ضعف  بين عامي 90 و2005 بسبب المواد المشعة المستخدمة في الحروب الاخيرة . استعملت في حروب تحرير الكويت والعراق اخطر الملوثات والمبيدات ،ويدوم النشاط الاشعاعي لليورانيوم المستنفذ ( 4.5 مليار) سنة اي الدوام الى الابد ! واحتراق اليورانيوم يطلق دقائق اوكسيد اليورانيوم السام والمشع ... وبفعل الاستنشاق والهضم تظهر الاعراض من آلام الرأس الى السرطان ! أما الاصابات  بالامراض الخبيثة الاخرى فحدث ولا حرج فهي تملأ المستشفيات التي تعاني نقصا شديدا بالادوية والعقاقير الطبية بسبب ما تعرضت اليه من نهب وفرهدة  كمثيلاتها من ممتلكات الشعب الاخرى .وسبب استخدام الدكتاتورية اطنان الصواريخ والقنابل والالغام والاسلحة الكيمياوية ،واستخدام التحالف اطنان أخرى ! وتسبب التفجيرات الارهابية ! والاهتزازات بفعل الانفجارات ! تزايد المخاطر الطبيعية الناتجة من النشاط الجيولوجي لاسيما الانهيار الكتلي للصخور وانهيار السدود والجسور والاكتاف الترابية للأنهر والحرائق المختلفة وانكسار الانابيب النفطية والغازية والمائية ،وسقوط ابراج الطاقة الكهربائية ،والتغيرات في مستوى سطح الارض ومستويات المياه الجوفية ... وكذلك الهبوط الارضي والتهدم الكتلي ، الفيضانات ، الزحف الكتكوني والزلازل والهزات الارضية ، التعرية والترسيب ومختلف الفعاليات الجيومورفولوجية ! .
      سببت الاسلحة الكيمياوية والنفايات الصناعية الخطرة تفاقم معدلات التدهور البيئي وانقراض الانواع في السلسلة الحيوية ... في العراق وكردستان انقرضت حيوانات ويهدد خطر الانقراض حيوانات أخرى .. انقرضت 10 انواع من اللبائن من اصل 88 نوع في العقود الاخيرة ، ويهدد التناقص مجموعة ال 385 نوع من الطيور . ومن الثدييات المهددة بالانقراض : ابن آوى ، الذئاب ،الدب الاسود ،الغزال ،الخنزير البري ، الارنب ،الوشق الصحراوي .. الخ .. ومن الطيور  المهددة بالانقراض : الزرزور ، القبج ،الحبارى ، الدراج .... لم تحظى الحيوانات المهددة بالانقراض بالمحميات ! .لقد تقلصت الثروة السمكية وارتفعت اثمانها الى درجة ان السمكة اليوم في عراق الخير تعد من الاغذية الكمالية ،كما تذبذبت اسعار السمك من النهر حتى دخولها بيت المستهلك بسبب عمليات نفخ الاسعار التي تبدأ من الصياد الى صاحب العلوة ثم الباعة الكبار ! .
•   الردة الحضارية وثقافة القطيع وانهيار الخدمات العامة
     
         شهد العقدين الاخيرين تدهوراً كبيرا في قطاع الخدمات الصحية وفي صحة المواطنين . ومنذ عام 1990 تضاعفت نسبة الوفيات بين حديثي الولادة والاطفال والامهات، وزادت نسبة وفيات الكبار ايضا... وتناقص المعدل التقريبي لمتوسط عمر الفرد الى اقل من ستين سنة بالنسبة الى النساء والرجال... تناقص معدل عمر الفرد بحدود 6 سنوات منذ حرب الخليج الثانية . وتشكل الالتهابات التنفسية والحادة وامراض الاسهال لدى الاطفال نسبة 70% من اسباب حالات الوفاة للفترة بين 1996- 2000 ازدادت معدلات الاصابة بمرض التيفوئيد ثلاث اضعاف وذلك بسبب سوء نظام الصرف الصحي وخدمات المياه.وتعتبر الامراض القلبية والاوعية الدموية السبب الرئيسي لحدوث الوفيات في العراق ..كما تشكل امراض السرطان والسكري معضلة صحية مخيفة، ولا توجد برامج للوقاية من امراض القلب والاوعية ..ومازالت معالجة وتشخيص الامراض والعناية الثانوية غير كافية. يتم تشخيص معظم السرطانات في المراحل المتقدمة فقط وهناك نقص حاد في العلاج والوقاية. بالنسبة لمرض السكري، لا يعرف عدد المصابين لكن هذا المرض يمثل مشكلة جسيمة و متعددة الابعاد، فاقل من ربع حالات المرض تعالج باستخدام الانسولين .الرقابة الدوائية غائبة ومغيبة منذ تجهيز الطبخات الدوائية في المعامل ومخابر تحليل الدواء حتى تسعيرها وبيعها في الصيدليات وتوزيعها عبر المستشفيات .وتتوفر في الاسواق الادوية المهربة مجهولة المنشأ وخاصة الامبولات التي تتميز بسعرها الرخيص وهامش الربح الكبير الذي يجنيه تجار الدواء من الدواء الاجنبي ! وتتسع ظاهرة المتاجرة بنفايات وفضلات المستشفيات ليعاد استخدامها في تصنيع الادوات البلاستيكية وادوات حفظ الاغذية ! وشهد العقدين الاخيرين اللجوء المتزايد للشبيبة الى المخدرات هروبا من الواقع الاجتماعي والاقتصادي السئ وحالات الاحباط واليأس وبسبب سهولة الحصول على المخدرات التي تاجرت  بها عصابات النظام البائد ومافياته والعصابات الايرانية ... وانتشرت العقاقير المهدئة وحبوب الهلوسة وحبوب ( اتيفان وفاليوم) وحقن البثدين واحراق القناني البلاستيكية والمواد اللاصقة كالسيكوتين التي تبعث الغازات المخدرة .. واستنشاق البنزين وشرب الكولونيا ! ... غسيل الاموال الناتجة عن المخدرات جريمة منظمة عابرة للحدود ومشكلة عالمية !
     تراجعت الثقافة الانسانية في العراق بفعل حروب النظام و عسكرة المجتمع ، وترك آلاف الطلبة والمدرسين الدراسة والبحث عن عمل يوفر العيش للعوائل التي فقدت معيلها الوحيد في حروب النظام المجنونة ... ومنها من تسربت الى الشارع حيث الامراض الاجتماعية الكثيرة التي انتجتها ثقافة النظام وتربيته ، كالسرقة والمخدرات والجريمة بانواعها المختلفة التي شجعها النظام وغذاها. وفي الوقت الذي  بلغ به معدل دخل الأسرة 144 دولاراً عام 2004 قياساً ب 255 دولار لعام 2003 ،فان 75%  من الدور يسكنها مالكوها لكن 25 % تعرضت للدمار  في العامين الاخيرين فقط ، لا سيما في المناطق الساخنة من البلاد . وانخفصت اجازات البناء من معدلات تجاوزت ال 100 الف عام 1987 الى آلاف قلائل اليوم ،حيث تظهر في شوارع المدن الاسر الكاملة المشردة بلا مأوى ... وساء الوضع  تأزما مع قوانين الايجار الصدامية الطفيلية والاثبات التي رفعت بدلات عقود الايجار الى مئات المرات وعمليات التهجير القسرية للدكتاتورية والحكم الجديد سواسية ! ،في الوقت الذي تزداد فيه نسب البناء غير الشرعي وما يرافقها من تجاوزات في توريد الخدمات. وساد المدينة العراقية الاغتراب المعماري وضياع الهوية المعمارية الوطنية والقومية ، وفوضى الفضاء الحضري الذي افرغه الحكام من القيم الجمالية وخصوصياتها المعمارية بسبب النمط الواحد في زرع الابنية وانعدام قيم التنوع !
     بالنسبة لمعدل الوفيات الطبيعية يذكر أن من مجموع 100 ألف مواطن يتوفى اليوم 193  في حين تبلغ النسبة 23 حالة وفاة طبيعية مقارنة مع السعودية... ويعاني نحو 25 % من أطفال العراق من حالة النقص الغذائي طويلة الأمد. ان ما يقارب( 600 ) الف طفل تتراوح اعمارهم بين( 6 ـ 11 ) عام لا ينتظمون في المدارس الابتدائية اطلاقا. كما ان معدلات تفشي الامية في ازدياد، حيث يبدو من الواضح ان عامل الفقر هو من الاسباب الرئيسية لهذه الظاهرة.. تبلغ نسبة الفقر اليوم في العراق 20% من اجمالي عدد السكان ،وان حوالي مليوني عائلة تعيش دون مستوى خط الفقر وفق الاسس التي تحددت بدولار للفرد الواحد ! . ان حوالي ( 10% ) من الاطفال الذين تترواح اعمارهم بين( 5 - 14 ) هم من الايدي العاملة ، ويجري تشغيلهم وفق شروط مجحفة للعمل وبأجور زهيدة جدا ، وازدادات بينهم حالات الجنوح وممارسة الجريمة والتسول بما يتنافى واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (38) لعام 1973 واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (182) لعام 1998 للقضاء على اسوء اشكال عمل الاطفال ! . فيالق التسول تزدحم بها ازقة المدن لأنها مهنة رابحة ! في العقد الاخير انتشر الخجل عند الاطفال مفرملا للنشاط الاجتماعي والجماعي ومؤديا الى الخوف والانطواء والجبن العام ونمو مشاعر النقص عندهم ! ليس الاطفال هم الذين يختارون ذلك بل آبائهم ! .. وينتشر اليوم في بلادنا التنجيم والغيب وقراءة الطالع ،ومهنة العرافون والعرافات ،وقراءة الفنجان والكف والاحجار والمرايا ، والسحر والشعوذة !
     تدهور مستوى التعليم في العقدين الماضيين.... لاسباب عديدة منها : سوء الابنية وازدحامها وفقرها، قلة الكتب المنهجية والوسائل التعليمية، قدم المناهج، وهبوط مستوى الدعم المادي لقطاع التربية والتعليم اضف الى ضعف مستوى تدريب المعلمين اذ ان ما نسبته 5% من معلمي المدارس الابتدائية فقط هم من خريجي الجامعات. ان 84 % من مؤسسات التعليم العالي في العراق تعرضت " للتدمير والتخريب والنهب " منذ بدء الاحتلال الاميركي عام 2003، إضافة إلى اغتيال حوالى 50 أستاذا جامعيا و"التهديدات الموجهة إلى الآخرين" في هذا القطاع. ان عملية إعادة الإعمار الجارية " تشمل 40 % " فقط من مؤسسات التعليم العالي. وتتواصل هجرة الأساتذة المتفوقين إلى المناطق الأخرى بحيث غادر حوالى 40 % منهم منذ عام 1990 ، والعزلة الطويلة التي يعاني منها الجسم التعليمي غير المؤهل أصلا.ولازالت  نسبة الدوام الدراسي للطلبة المسجلين يبلغ 55 % حيث كان النظام الدراسي  من أفضل الأنظمة التعليمية والأكاديمية في الشرق الأوسط في عقد الثمانينات ، وان 74 % فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 24 قادرون على القراءة والكتابة .
     قبل سقوط الدكتاتورية بلغ ما فقده العراق (4000) قطعة اثرية يعود تاريخها لفترات متباينة بدءا من الالف الثالث ق.م. حتى الادوار المتأخرة من الحضارة الاسلامية ... ونفائس من التراث بسبب سرقات عصابات بطانة النظام !  وبعد التاسع من نيسان تغلغل تجار الأزمات وأزمنة الحروب عبر منافذ عديدة إلى مختلف مواقع الدولة.. مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية..... وناهبة المليارات من أثمان الركائز الاقتصادية.... وتنوعت اصناف المرتشين ليصيب الغلاء الرشوة قبل ان يصيب الاسعار ،وانتشرت المفاتيح – المناصب السرية غير المدونة داخل المؤسساتية الحكومية والاهلية اي الوسطاء لكبار المرتشين الذين لا تسمح هيبتهم الوظيفية بالقبض مباشرة من الراشي ! وتنوعت اساليب غسيل الاموال " الايداع والتحويل ،الصفقات النقدية ،اعادة الاقراض ، الفواتير المزورة ، النقود البلاستيكية ، استبدال الاوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة او بصكوك مصرفية ،شراء الاصول الثابتة كالعقارات والاراضي الزراعية والذهب ،ايداع المبالغ في الحسابات السرية في البنوك عبر الوسطاء... التهرب الضريبي ... الفساد الاداري .. الفساد الانتخابي .. " .  وبدأت الجريمة الأساس في حرق المكتبة الوطنية الذاكرة العلمية للشعب ومصدره في البحث العلمي ومثلها كل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث... وتواصلت مع ثروة المتاحف التي ليس لها ثمن يقابلها مطلقا.. ثروة الإنسانية وتراثها الأول الحافل بقراءة تاريخنا ونور حضارته.. ليُباع العراق الإنسان والعراق الوطن في سوق النخاسة المحلي والأجنبي....وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية.
      تركت ثلاثة عقود من الاستبداد والحروب والحصار والذل والمهانة التشوهات في البيئة الاجتماعية والمجتمع المفكك ، الشعب المنقسم على ذاته، والتدهور الإقتصادي والثقافي والسياسي والنكوص الحضاري .ولم تكتمل فرحة العراقيين بسقوط النظام الشمولي بسبب التركة الثقيلة والخانقة التي خلفها ورائه، وتخبط قوات الاحتلال، وعدم وجود القيادات السياسية الكفوءة التي تتخطى حدود المصالح الضيقة و" الردة الحضارية "... التي تظهر في  الفوضى والعنف والارهاب... والتي جعلت العراقيين ينخرطون في صراعات أثنية، ودينية، وطائفية، وحزبية ضيقة، اثرت بعمق على بنية المجتمع، وعلى العائلة والمرأة والطفولة ...
     ان المنظومة الفكرية والثقافية للدكتاتورية لوثت الشارع العراقي وسممت اجواءه الثقافية معتمدة على ثقافة العنف والتصفية والتهميش والتجهيل والتنسيق مع حلفائه من الظلاميين والمجرمين الذين يعتبرون النور والثقافة المتنورة كفر وضلالة ويعملون على عودة الناس الى الكهوف والظلام .ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر البشري الذاتي ... وهذا ما  تقوم  به ثقافة القطيع الشيعية التي بقيت أسيرة ثقافة " نعم سيدي"  ... وابطالها من مرتزقة نوري الراوي وحبيب الصدر ...  ومظاهر انهيار السلطة البائدة ولم تنطلق لتتحمل مسؤولية العهد الجديد وكشف المظاهر الخطيرة السلبية المتغيرة السريعة . تقدر الاحصائيات عدد الوفيات الناتجة عن الارهاب والعمليات العسكرية خلال عام واحد فقط بحوالي 7000 حالة وفاة و30.000 حالة اصابة... وازدادت الاصابات التي هي بحاجة الى معالجة خارج العراق على نفقة الحكومة العراقية بسبب اعمال الارهاب لتصل الآلاف ! لأن استجابة المنظمات الانسانية بطيئة ومتعثرة ! هكذا تتوسع معاناة الشعب العراقي مع الاحتلال والافتقار الى الكهرباء والماء النقي والخدمات الاساسية وتفاقم مشاكل البطالة والنقل والامن وارتقاع نسب الوفيات من ضحايا الارهاب ، وبسبب الامراض وسوء التغذية وتمادي استخفاف الحكام بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ،واسترسال المؤسساتية الدينية العراقية في الموقف الذي يعتبر نفسه دائما على حق ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحل بالفتاوي البليدة والحلول الترقيعية واعادة انتاج العقلية التبريرية المريضة – عقلية ثقافة القطيع . سيمتد التلوث الى اعماق الارض والانسان ويصبح علاجه صعبا ونتائجه وخيمة ، وعلى من يتصدر المسؤولية الان في العراق ان يعي ذلك ويبادر الى تكوين الجبهة الثقافية السياسية المتنورة الاصيلة المعادية للفاشية والظلامية والتكفيرية والسلفية والدولة الدينية والارهاب لمجابهة  ثقافة  الاعداء المجتمعين وخاصة ايتام النظام المقبور وصعاليك الحكام الجدد ! ان الحروب ونوايا شن الحروب والارهاب هو امر في منتهى الانحطاط الاخلاقي !.     

ملاحظة : راجع –
•   صيانة البيئة مهمة وطنية ملحة
•   المدخل الى النقل والمرور في العراق
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

244
فاقمت الانقلابات العسكرية وعسكرة المجتمع وزج الجيش في معارك ضد الشعب ، والطبيعة الدكتاتورية والشمولية للانظمة الحاكمة ، والاحتلال الاجنبي وتاريخ الاستعمار الحديث والعقوبات الاقتصادية المدمرة وآثار الحروب الكارثية  ... فاقمت الانقسامات الاثنية والطائفية والعشائرية  في بلادنا بشكل واضح ليطمس اي دور حقيقي للوحدة الوطنية .اسهم في ذلك سيطرة حزب البعث على الحكم طيلة ربع قرن ، ومنعه النشاط السياسي داخل القوات المسلحة ، ونشره لأجهزة الامن في أركان الدولة والمجتمع ، وامساك صدام حسين بالسلطة كليا عام 1979 وتعشيره البلاد ، وقرارات الاحتلال بحل المؤسسة العسكرية بالجملة ، وانتعاش الارهاب الاصولي والفوضى وسيادة روح الانتقام . ويلوح في الافق محاذير انزلاق الولايات المتحدة وايران معا الى فخ الصراعات الداخلية للعراق ...
      المؤسسة العسكرية العراقية يزيد عمرها على الثمانين عاما ... كانت غالبية أفراد الجيش العراقي المتطوعين هم من أبناء الجنوب العراقي ولهم مواقف مشهودة في حماية الوطن .. لقد أثر الجيش العراقي في الحياة الاجتماعية العراقية بشكل ايجابي !.. وتعلم الكثير من أصحاب الحرف والمهن في مراكز التدريب المهنية العسكرية .. وكان للعسكريين من حملة الشهادات العليا شرف المساهمة في ديمومة التعليم العالي وكذلك الأطباء والمهندسين وباقي المهن... الجيش -  مؤسسة عسكرية مبنية على النظام وعريقة ، يفخر الكثير بالانتماء لها ، ويشيد القاصي والداني بسمعتها وعراقتها على الرغم مما فعلته السياسة بها. إن حل الجيش العراقي هو أحد الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأوضاع ووصولها إلى ما وصلت إليه ، وقد اعترفت قيادات الاحتلال بذلك.
     شهد تاريخ 6/1/1921 تشكيل نواة الجيش العراقي من 10 ضباط عراقيين كانوا في جيش الحجاز العربي وقاتلوا ضد الدولة العثمانية بعد اعلان الثورة العربية عام 1916 ... وبلغ عدد الضباط في  الجيش العراقي عام 1928 (582 ) ضابطا و (9864) ضابط صف وجندي !. اصطبغت الملكية البرلمانية منذ نشأتها في العراق باللون العسكري الحاد ، وكان السياسيون المتعاقبون على رئاسة الحكومة في أغلبيتهم الساحقة ضباطا !.. وضمت التشكيلات الاولى في الجيش العراقي ضباطا كردا وتركمانا ،الى جانب العرب ، لعبوا الادوار المهمة في السياسة العراقية وتطوير القيادات العسكرية . لقد بلغ كم الضباط المساهمين في الكابينات الملكية 28 ضابطا شغلوا 45 حقيبة وزارية . هكذا تفككت الشراكة بين الدستورية والعسكرية لصالح الثانية بسبب التحديات الاقليمية ، وتبعات النشاط السياسي المعارض ، ونفوذ العشائر الشيعية المسلحة ، ومخاطر اليقظة الكردية ! . واندفعت القيادات الحاكمة مبكرا الى الاحتماء بالمؤسسة العسكرية ولجأت اليها في صراعاتها  ، وليتغلب الجيش على سبعة انقلابات مر بها العراق بين 1920 و 1958 ، و 3 انتفاضات شعبية كبيرة و ما لايقل عن 10 انتفاضات للمجاميع الاثنية . سيطر التجار وكبار الملاكين والاقطاعيين على النظام البرلماني وعلى مراكز القوى الحقيقية في بلادنا ، وتفننوا في تشريع قوانين الانتخابات والاشراف على تطبيقها .. ساد التخلف ، وعكست الاحزاب السياسية المصالح الطبقية السائدة ، ولم يجد الجيل الجديد من ابناء الشعب سوى الاحتجاجات السلمية والتظاهرات لأظهار الغضب والطموح لأجراء الاصلاحات .. واعطى العراق الاشارة المبكرة للدور المتعاظم المقبل للمؤسسة العسكرية في الحياة السياسية لبلدان العالم الثالث والعربي عندما فاجأ الشرق العربي بأول انقلاب عسكري في تاريخ البلاد العربية الحديث وفي السنة الخصبة سياسيا 1936 .  كانت بريطانيا وراء تنمية العقلية الانقلابية في الجيش العراقي لأحتواءه وأخضاعه للاشراف البريطاني العام وربط العراق بعجلة الاستعمار !. وكان تدخل الجيش في السياسة وابلا على العراق وعلى الجيش نفسه ، فقد خرق ضباط الجيش الحياة البرلمانية بانقلاب الفريق بكر صدقي. لقد عكست الانقلابات في البلدان العربية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة الصاعدة التي قامت بالغاء الاحزاب وعطلت المشاركة السياسية وهمشت المؤسساتية المدنية باسم معاداة الاستعمار والاصلاحات الجزئية ولتحيل الشعوب العربية الى كائنات مغلوبة على أمرها تتحرك بدافع البقاء ليس الا ! اي المصالح اليومية الآنية  للناس حيث الفقر والانسحاق . وفي ربع قرن فقط (1949 – 1970 ) نجح اكثر من 35 انقلابا عسكريا في البلاد العربية ، واصبحت غالبية الشعوب العربية تحكم من قبل العسكر ! .

  ترسخت في العقلية السياسية العراقية مشروعية الاستعانة بالجيش ، ولم تعد مؤسسات النظام وبرلمانه موضع حرص من أحد !. حينها رأت المؤسسة العسكرية ان الوقت مؤاتي لدخول المعركة الى جانب الشعب وحسمها لصالحه في ثورة 14 تموز 1958!... قادت حركة الضباط الاحرار الوطنية الثورة الى بحر الامان ، وكانت مؤلفة من المراتب العسكرية ذات الميول الوطنية العامة ، وامتلكت تنظيماتها النشيطة .. وبعد الثورة ازدادت الشخصيات العسكرية المستوزرة لتستلم حقائب رئاسة الحكومة والدفاع والداخلية ، وعلى حساب الشخصيات العشائرية والدينية التي ثبتت خلفياتها غير الكفوءة والاحادية الجانب !.
  بعد فشل حركة الشواف في الموصل 1959  بلغ عدد الضباط  الشيوعيين وحدهم 235 ضابطا بينهم 3 عمداء و 18 عقيد و 37 مقدم ! .. وضمت القوة الجوية 70 طيارا شيوعيا من أصل 330 ! . لقد شكلت القوة المنظمة للحزب الشيوعي العراقي داخل الجيش 2.5% من تعداده البالغ 110 الف جندي وضابط صف عشية  8 شباط 1963  حيث تحمل الشيوعيون العسكريون القسط الاكبر من ضريبة الهزيمة امام الانقلابيين .   
كان تاريخ تدخل الجيش العراقي بالسياسة منذ انقلاب شباط الاسود 1963 هو تاريخ قام على الصدفة والاحتماليات والعنتريات اي المحاولة والخطأ .. الامر الذي أكد انه لا أختراق تاريخي ممكن بأتجاه الحداثة الا بارجاع العسكر الى ثكناتهم ! . ولم تبعد راديكالية العسكر وتقلباتهم السياسية المفاجئة آنذاك عن التجليات التقليدية للسلطة كالزعامة والوجاهة والاولوية ... ، وانجروا الى تكرار هذه التجليات المتعارضة عمليا وبالاساس مع مشروعهم التحديثي الذي يتطلب ارساء آليات الحكم الجديدة .. وعلى خلفية قوامها الوحدة العقائدية الآيديولوجية والمركزية المفرطة مما انتج السلطات الشمولية والاستبدادية . العقلية العسكرية – مجتمع مغلق من جهة الاستئثار بالسلطة وممارسة القمع ضمن الشرعية مما ألقى الشكوك حول مدى تناسب وجود المؤسسات الديمقراطية الحقيقية مع وجود المؤسسة العسكرية القوية المسيسة !... ( عهود العارفين والعهد التكريتي ).... الى ذلك استخدم صدام حسين الجيش العراقي اداتا قمعية في حربه القذرة ضد الشعب العراقي والتي لم تقل اجراما عن كل حروبه خارج الحدود وداخلها وبالاخص محاربة الكرد بالانفاليات الشهيرة عالميا ! والاجراءات الاقتصادية القمعية ....  وسعت الفئات الطفيلية المتنفذة اي تجار الحروب من بطانة الرئيس الضرورة دائما الى تكريس الانقسامات لجني المكاسب من الخلافات والاوضاع الطارئة والاستثنائية ، واثارة التوترات والشكوك كلما لاحت بوادر التقارب الوطني . كان صدام حسين وبطانته من المدنيين وليس فيهم عسكري مهني واحد ، مارسوا أبشع صور الدكتاتورية في سني حكمهم ، وكان الجيش العراقي من ضحاياهم . كان ارتداء صدام حسين للبدلة العسكرية، وحمل رتبة فريق أول ثم رتبة مهيب ركن، ذروة في إهانة الضباط المحترفين، والمؤسسة العسكرية عامة.....  قضت دولة البعث على رومانسية الضابط العراقي، وسطوة الرتبة العسكرية تماما  بمنح الرتب العليا الى من لا يستحقها، وبتخريج دورات من الفاشلين في المدارس الثانوية ضباطا ، وتسليط المراتب الدنيا على المراتب العليا..ان صدام حسين ليس دكتاتورا عسكريا بل مسخا دجن فيه  المؤسسة العسكرية وارتدى لبوسها !. أعدمت الدكتاتورية خلال الفترة من عام 1995 الى تموز 2001 (368 )ضابطا بمختلف الرتب ... 155 ضابطا منهم من الحرس الجمهوري ، والمتبقين من وحدات الجيش المختلفة . وجرى اتهام الضحايا القيام باعمال ضد النظام والتعاون مع المعارضة العراقية او الاشتباه بضلوعهم في محاولات انقلابية . .. ومن المراتب العسكرية من احتجز لفترات طويلة وتعرض بعضهم للتعذيب في سجون ومعتقلات النظام وخاصة ابو غريب والمكاسب . يكاد لن يمر شهر دون ان تكون فيه هناك كوكبة من العناصر الوطنية من ابناء القوات المسلحة تحال الى السجون ويختفي مصيرها في المعتقلات او تساق الى ساحات الاعدام ..شهريا ، وهو تعبير عن الرفض داخل المؤسسة العسكرية ابان العهد الدكتاتوري.
  بنى العراق قواته المسلحة وفقا لقواعد ونظم خاصة به ، فاعتمد نظام التجنيد الاجباري ، ولم يقبل أجانب في قواته . وبلغت فترة التجنيد الاجباري في بلادنا ال 24 شهرا ، وبقت القوات البحرية العراقية صغيرة نسبيا لمحدودية المنافذ البحرية ! ... وانتج العراق ذخيرة الاسلحة الصغيرة و ذخيرة الاسلحة الرشاشة المضادة للطائرات ، والقاذفات المضادة للدبابات ، وذخيرة المدفعية وقنابل الطائرات ، والقنابل العنقودية ، وغازات الحرب المحرمة ... ومعدات اللاسلكي وقطع غيار الدبابات .. الخ . وقام بتطوير الطائرات وأجهزة الكشف الراداري وصواريخ ارض – ارض .. واعتمد العراق على البلدان الاشتراكية سابقا لتوريد السلاح التقليدي وبالاخص الاتحاد السوفييتي وفق معاهدة الصداقة والتعاون المعقودة معه .. ومال العراق الى الغرب والسوق السوداء لتوريد السلاح عالي التقنية واسلحة الدمار الشامل .. وفعلا جهزته الشركات الاحتكارية العملاقة بما يحتاجه من الايرادات العسكرية  المتنوعة مزدوجة الاستخدام ! ... يقول جيمس بيكر في مذكراته عام 2001 : " اتفقنا على مواصلة السعي لتسهيل الفرص امام الشركات الاميركية للمشاركة في اعمار الاقتصاد العراقي بناء على توجيهات مجلس الامن القومي أواخر 1989 ".  واجهضت القدرات العسكرية العراقية بالحروب الخليجية والعقوبات الاقتصادية والاحتلال ... بعدها لم يعد ممكنا حساب تطور العراق العسكري اتصالا بالاعداء التقليديين كأسرائيل !. .. وهو يحتاج الى الزمن الطويل حتى يستعيد قدراته السابقة ! ولم يبق من البرامج العسكرية العراقية حتى الكوادر الفنية الماهرة التي جمد عملها الاحتلال مما اضطرها الى مزاولة الاعمال الحرة وغير الحرة في مجالات عمل غير اختصاصها " يعتبر نقص الكفاءة من عوامل فرملة ادخال  التكنولوجيات الحديثة في عصر اكتسبت فيه عملية تعاقب الاجيال التكنيكية طابعا شاملا ".
   كيف تحول أقوى جيش عربي ليصبح أرض تفريخ خصبة للفرار من الخدمة؟ بلغت نسبة التخلف والهروب والتسيب من القوات المسلحة العراقية حتى نهاية عام 2001 (40%) . ويرجع اسباب العزوف على اداء الخدمة العسكرية الى النقص الحاد في التموين والتغذية وتفشي الرشوة والاكراميات ، وتدني الرواتب ، وغياب عدد كبير من المراتب والجنود عن الدوام مقابل مبالغ مجزية يدفعها ذووهم ! وفقدان الملابس العسكرية . عانى ابناء القوات المسلحة من العوز والجوع وتعذر عليهم الحصول على اجور النقل من والى وحداتهم العسكرية ... وترتفع هذه النسبة الى 45% في القطعات العسكرية المتمركزة جنوب الوطن ( الفيلق الثالث والفرقتين الخامسة والحادية عشر في البصرة ، الفيلق الرابع وفرق المشاة 18 و14 في ميسان وذي قار والفرقة المدرعة العاشرة وكتائب الدفاع الجوي في الطيب ) رغم اعلان حالة التأهب القصوى فيها . وأدت عشر سنوات أو يزيد من العقوبات الدولية المفروضة على العراق إلى الحد من مقدرة الجيش على تعويض الخسائر المادية الجسيمة التي مني بها في حرب الخليج عام 1991 وتعرضت للمزيد من الدمار خلال عمليات القصف المتوالية التي قامت بها الطائرات الاميركية والبريطانية، كما ان مستويات التدريب لم تكن الأرقى في مسيرة الجيش العراقي. وتراجعت المعنويات بشدة لتصل إلى الحضيض مع الحملة الوحشية التي شنها النظام لتقليص الهروب من الخدمة والتي وصلت في أقصاها إلى فرض قطع الأذن عقوبة على من يفر من الخدمة.


أخلت الحروب قي بلادنا بالتوازن الاجتماعي والبيئي ، وكانت بحق سوقا خصبة لأسلحة الدول المتقدمة ومختبرا لتجريب آخر المبتكرات في مجال التسلح .. في حلبجة استخدم النظام العراقي الغازات السامة ليبيد 5000 مواطن برئ مسالم بينهم الاطفال والنساء ، وسبق له ان استخدم النابالم المحرم دوليا في قصف كردستان العراق ، كما استخدم الثاليوم لتسميم معارضيه دون ضجة وبهدوء ...واستعملت في حرب الخليج الثانية أخطر المبيدات والملوثات وبالاخص اليورانيوم المستنفذ (DU ) الذي يدوم نشاطه الاشعاعي 4.5 مليار سنة اي دوامه الى الابد ، ومع احتراقه ينبعث اوكسيد اليورانيوم السام المشع وينتقل في الهواء عدة كيلومترات لتستقر دقائقه في الاعضاء الحيوية بالاستنشاق والهضم ،  وليسبب آلام الرأس والامراض الخبيثة .   
   بداية القرن الواحد والعشرين شكل الجيش العراقي 40% من حجمه قبل حرب الخليج 1991 . وتحولت مهمته الى التصدي للتمردات المحتملة وضمان ابقاء صدام حسين في الحكم ... بينما كانت مهمته سابقا ان يجعل العراق قوة أقليمية ! واحتفظ الجيش العراقي بقدراته المتطورة على أخفاء ونشر المعدات الحربية خاصة معدات اسلحة الدمار الشامل ، في الوقت الذي سمح له بانتاج الصواريخ الباليستية ذات مدى 145 كيلومتر ، ودفاعات جوية حديثة ، وجيش تعداده 400 الف فرد  . امتلك الجيش العراقي ترسانة كبيرة  من الطائرات والدبابات والسمتيات والمدرعات .. ولم يتوقف التسلح حتى بعد الحرب العراقية – الايرانية عندما ذهبت المليارات من ثروات العراقيين هباء منثورا في مؤسسات مغلقة ، ولم يعرف الشعب  العراقي ما الذي كانت تصنعه مؤسسة التصنيع العسكري ! ..
بعد حرب الخليج الثانية وغزو الكويت برزت ثلاثة اتجاهات في المؤسسة العسكرية  من حيث الموقف من النظام : التمرد في قاطع مسرح عمليات الكويت ، التفكك السلبي في مسرح العمليات الشمالي ، التماسك المناصر للحكام في قواطع الوسط . ولعبت عوامل عديدة في تحديد هذا الموقف او ذاك منها : حجم دمار القطعات العسكرية وحجم المهانة العسكرية ، مدى قوة وضعف هياكل القيادة والسيطرة ، مدى قوة ونفوذ المجموعات القرابية في الوحدات ، مدى الشفافية والسيولة المعلوماتية والقناعات السياسية . وعموما تميزت  المؤسسة العسكرية العراقية في العقود المتأخرة بما يلي :
•   النمو المطرد المفرط قياسا الى السكان . لقد نمت حوالي 14 مرة بين 1950 و1980 فقط في الوقت الذي نمى فيه حجم السكان 3 مرات ! والجهاز الاداري للدولة 10 مرات فقط . في عهد البعث بلغ التناسب بين القوات المسلحة والسكان 32.5 لكل الف وحتى 60 لكل الف .. وهي اعلى نسب في العالم لأن المعدل العالمي 7 لكل الف نسمة زمن السلم !. وبلغ الانفاق العسكري ما يعادل ال 14.6 % من الناتج الاجمالي الوطني عام 1994 وهو أعلى من مستوياته في جميع البلدان العربية .
•   دمج التنظيمات الحزبية في المؤسسات العسكرية واخضاع العسكر للسلطات المدنية .
•   تغلغل المجموعات القرابية في المؤسسة العسكرية وفرض الهيمنة الفردية المتجاوزة للمؤسساتية ، وتأثر المؤسسة العسكرية بصراعات الاسرة الحاكمة.
•   تقسيم المؤسسة العسكرية الى قسمين ، طليعي خاضع لمؤسسة الرئاسة كفيالق الحرس الجمهوري وهيئات التصنيع العسكري ... وتقليدي مرتبط مباشرة بوزارة الدفاع ( الجيش النظامي ).
•   تصاعد حساسية التأثر بالمنعطفات الثورية مثل ترك الجنود والضباط معسكراتهم في سلبية تامة ، وانقلاب قوات الجاش على السلطات ، وتحلل وتمرد قطاعات حزب البعث على السلطات ...
•   تنامي واتساع قوة المعارضة الوطنية المسلحة ، كما ونوعا ، وبالاخص البيشمركة وحركة الانصار الشيوعية . لقد تحولت  حركة الانصار الشيوعية من منظمة حزبية عسكرية الى حركة جماهيرية في المدن الكردستانية ، ولولاها لما جرى استخدام الاذاعة لأيصال صوت الشعب العراقي يوميا الى الجماهير الواسعة في بلادنا  .
•   تناغم الدور الاميركي مع المهمات القمعية  للمؤسسة العسكرية العراقية والذي تجلى بأسطع صوره ابان انتفاضة عام 1991 بأستعادة الاسلحة من الثوار في الجنوب ونزع الاسلحة الثقيلة منهم وليسلموها لجيش صدام حسين وقمع الانتفاضة. وآنذاك سمحوا للسمتيات بقصف مواقع الثوار والقضاء عليهم بوحشية وبربرية ومن ثم اعتقال وابادة المئات منهم وأمامهم دون أن يتدخلوا رغم قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن .
   
       استهدفت الادارة الاميركية المؤسسة العسكرية العراقية بعد احتلال العراق وكان قرار حلها  أمرا متعمدا ومدروسا رغم كل تداعياته وآثاره ! . لكن الجيش الذي حله السيد بول بريمر بقي النواة الوحيدة الصالحة لإعادة تشكيل القوات المسلحة بما يضمن للأميركيين ولغير الأميركيين الأمن في المدى القصير والمتوسط وبما يضمن للمواطن العراقي الحياة الكريمة... لاشك أن البناء على نواة جيش عمره من عمر الدولة العراقية، بعد تثقيفه من متعلقات أسباب انحرافه، أكثر ضمانة من المليشيات العقائدية، التي قد تبيع الوطن والإنسان بأمر أو بفتوى. كان الأمر يتطلب دعوة منتسبي القوات المسلحة إلى الالتحاق بمعسكراتهم لإبعادهم عن المشاركة في النشاط الإرهابي ، وأجراء دراسة شاملة للعناصر التي كان لها دور إجرامي ، والمرتبطة بنظام صدام حسين  وأحالتهم على التقاعد ، وإحالة من يثبت قيامه بأعمال إجرامية إلى المحاكمة لينال العقاب الذي يستحقه ، والامتناع عن القيام بأي نشاط سياسي داخل الجيش ، والانصراف للتدريب، والاستعداد للدفاع عن الوطن ضد أي عدوان خارجي . لم يحسب الحالمون بدولة بلا جيش حسابهم، يوم نصحوا بحله، ورمي نصف مليون مسلح بالخبرة القتالية إلى قارعة الطريق، التي تعج بعروض أسواق الموت .... الجيش العراقي، سلاح وخبرة في أسواق الموت المغرية .. ياللهول !.... وجرت المباشرة باعادة إحياء مؤسسة الجيش العراقي بطريقة تأخذ في الاعتبار التوازنات القائمة في البلد، المحافظة على الأمن، أمن الجميع حتى أمن الجنود الأميركيين والبريطانيين أنفسهم.... فكلما زال الاحتلال باكرا في ظل عراق آمن، كلما كان ذلك في خدمة قيام عراق جديد لا ترتاح اليه الإدارة الأميركية وحدها، بل الدول الاقليمية ، وهذا أمر في غاية الأهمية إذا كانت أميركا تبحث فعلا عن الاستقرار في الشرق الأوسط . ان الاستقرار في العراق لا يمكن أن يأتي إلا من خلال قيام جيش قوي ذي عقيدة واضحة تتلخص بالدفاع عن البلد كله وعدم التدخل في الشؤون السياسية. ثم بدأ القادة العسكريون الامريكيون خططا لاعادة ترتيب القوات العراقية التي تم تدريبها تحت ادارتهم، في ضوء تزايد العنف الطـائفي في البلاد. والهدف هو اجتثاث الولاءات الطائفية والعرقية في الجيش مع التركيز على قوات الشرطة التي صارت تشرف عليها الاحزاب الشيعية حيث سجل ارتفاع في حوادث القتل والاختطاف التي تقوم بها جماعات ترتدي زي الشرطة العراقية.
        لا يزال العراقيون الذين يتحركون ببطء لإقامة قوات أمن قوية ويعانون الأمرين من الهجمات الانتحارية غير قادرين على التعامل مع التحديات الأمنية. ويعترف الامريكيون ان الجيش العراقي الذي يتحكمون به ويسيطرون عليه لا يشكل تهديدا كبيرا كالذي تشكله وحدات الشرطة التي تخضع لوزارة الداخلية التي تحولت الي اقطاعية طائفية تابعة لجماعة سياسية عراقية معينة. واعترف العسكريون الامريكيون انهم اكتشفوا في مرحلة متأخرة ان قوات الامن العام، التي تتبع لها وحدات مدرعة خفيفة هي شيعية بالكامل . وافاد تقرير أصدرته المجموعة الدولية لمعالجة الازمات  " في ظل غياب جهاز مركزي يمكنه الاعتماد على قوات أمن غير حزبية تابعة له في مواجهة أحزاب وميليشيات لها برامج طائفية او عرقية أو حتى انفصالية فان النتيجة الاكثر ترجيحا هي التآكل التدريجي للدولة أو تفككها." وتعتبر قوات الحرس الوطني العراقي  الأكثر ولاءا للقوات العسكرية الاميركية في العراق ! لانها قوات شكلت بأمر الحاكم الاميركي بول بريمر وتخضع لأوامر القيادة العسكرية الاميركية مباشرة " دور هذه القوات مجهول وهي اشبه بقوات شرطة وليست قوات جيش عراقي محترف مكلف بالدفاع عن البلاد من خطر خارجي ". وتألفت هذه القوات من ستة فرق ، وكل فرقة تتكون من 12 الف عسكري. وترافق هذه القوات القوات العسكرية الاميركية وسلطتها تابعة لقيادة اميركية لا عراقية المعلومات . وقد جرى جدلا واسعا  في وزارة الدفاع العراقية على خلفية عدم خضوع قوات الحرس الوطني العراقية لسلطة هذه الوزارة باعتبارها المسؤولة عن المؤسسات العسكرية في العراق ... كما ان رواتب هذه القوات تسلم من الاميركيين لا الحكومة العراقية ، وهي رواتب خيالية، ويستلمون تجهيزات من القوات الاميركية مباشرة ... وهو ما اعتبره عسكريون عراقيون محترفون بأنه محاولة من الاميركيين لتجنيد جيش عراقي مرتبط بهم لا جيش عراقي وطني. واثار دمج قوات الحرس الوطني بقوات الجيش العراقي الجديد ليبلغ تعداده تسع فرق عسكرية، ستا من الحرس الوطني وثلاثا من الجيش الجديد التابع لوزارة الدفاع، الكثير من الاستياء بسبب مخاوف جدية من ان تصبح قيادة الجيش العراقي الجديد تحت سلطة القوات العسكرية الاميركية ومن صنيعتها ومن تعميم النظرية الاميركية على عموم المؤسسة العسكرية في العراق القائلة: " تشكيل جيش عراقي أو حرس وطني عراقي- امريكي له دور أمني ومرتبط بحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة ". لدى الجيش العراقي اليوم نحو واحد وثلاثين لواء اي أكثر من مائة كتيبة في الميدان !.
      جاء في  نشرة مركز دراسات " السياسة الخارجية تحت المجهر" ان تكاليف العمليات العسكرية الأميركية في العراق تقدر شهريا بـ (6.5) مليار دولار عام 2005  وان استمرار الوجود في العراق بالمستويات العسكرية الحالية سوف يؤدي إلى مضاعفة العجز الموجود في الميزانية الفيدرالية الاميركية المقدرة للسنوات العشر المقبلة. لقد تحولت تكاليف الحرب إلى أغلى حرب أميركية في الستين عاما الماضية ، فالإعصار العراقي الدائم هو تصاعد قياسي في النفقات والضحايا وكابوس من نوع جديد...يجري شهريا مقتل (155) من قوات الأمن والشرطة العراقية تقريبا منذ كانون الثاني 2005 في حين كان هذا العدد لا يتجاوز (65) شهريا قبل تلك الفترة ، وبلغ معدل العمليات الانتحارية (50) عملية شهريا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2005 بعد ان كان المعدل في عام 2003 (20) عملية في الشهر و(48) في عام 2004. ...
         بلغ عدد القتلى في صفوف العراقيين المدنيين حتى تاريخ 22 آب 2005 ما بين (23589) و(26705) بسبب عمليات الجيش الأميركي أثناء الغزو والاحتلال .... وعندما بدأ الغزو الأميركي أصيبت شبكات المياه والمجاري بالدمار وألقيت آلاف القنابل والقذائف الأميركية التي خلفت وراءها بيئة ملوثة، ناهيك عما تسببت به الدبابات من أضرار للمنطقة الصحراوية العراقية. وما زالت ألغام يقدر عددها ب 12 مليونا موجودة في مناطق عدة إضافة لانتشار مواد سالت من 5000 برميل من المواد الكيماوية أو المحترقة.
    يؤكد المركز الدولي لدراسات أمريكا والغرب ان القرار الأميركي الأحادي بغزو العراق تسبب بخرق فاضح لميثاق الأمم المتحدة وخلق سابقة خطيرة أمام دول أخرى ووفر لها استغلال هذه السابقة للقيام برد عسكري على أي أخطار مزعومة. وتسببت جهود بوش التي أراد من خلالها دفع الأمم المتحدة إلى الاعتراف بحكومة بغداد بعد احتلال العراق بتقويض المفهوم الطبيعي للسيادة الوطنية والاستقلال اللتين يؤكد عليهما ميثاق الأمم المتحدة. ولجأت إدارة بوش إلى ممارسة الضغوط على الدول التي عارضتها في مجلس الأمن الدولي من أجل دفعها للانضمام إلى إرسال القوات تحت إطار "تحالف الإرادة" فتسببت هذه السياسة بتقويض الأسس الديموقراطية لتلك الدول. وتسببت الذخائر التي استخدمتها الولايات المتحدة وهي من نوع يحمل يورانيوم غير مخصب بأضرار بيئية إقليمية لأن الأنهار التي تضررت منها تمر في إيران والكويت وليس العراق وحده.
      مرت ثلاثة أعوام تقريبا على الاحتلال الأميركي للعراق ومازالت بلادنا  تتأرجح بين وعود التوصل إلى مجتمع أكثر أمنا وبين الصراع الطائفي الذي سيطرت عليه يد صدام المستبدة في يوم من الأيام. لقد تحقق الانتصار العسكري السريع لقوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ، لكنه ما لبث أن تحول إلى احتلال طويل مكلف ومستمر ومميت. وانتشرت حالة الشك والضبابية وعدم الاستقرار ، ووقعت الهجمات الإرهابية بشكل يومي في مختلف المدن العراقية  ، وتأججت مشاعر نيران التعصب الطائفي .كان من نتائج الاحتلال الاميركي ان تعرضت المدن والمنشآت الحكومية العراقية للنهب والسلب ، وكذلك السطو والاعتداء على محتويات مخازن الذخيرة والأسلحة ، إضافة إلى انفتاح الحدود على مصراعيها أمام المرتزقة والمتسللين.... وانفلات الأمن الذي دفع بالعراقيين للاحتماء بانتماءاتهم القبلية والعشائرية التقليدية ، بدلا من اعتمادهم على قوات الشرطة أو الحرس الوطني.... واحتمى الكثير من العراقيين بالميليشيات المسلحة. تؤكد النيويورك تايمز  :  " صحيح أننا قطعنا خطوات لا بأس بها في بناء جيش وطني عراقي ، إلى جانب نجاحنا في عقد الانتخابات العامة.... غير أن فشلنا في توفير الأمن عقب الاجتياح والاحتلال إنما يعني محاولتنا بناء هذه المؤسسات الوطنية  في تنافس ولهاث وسباق مع مقاتلي التمردات وإرهابيي تنظيم "القاعدة" وفرق الاغتيالات الشيعية وشتى الميليشيات الطائفية العراقية التي سرحت ومرحت وخلا لها الجو تماما بسبب الفجوة الأمنية التي أعقبت الغزو ". ما أن تجد الميليشيات الطائفية موطئ قدم لها في الأرض ، حتى تنغرس عميقا في باطنها ، وتطور استراتيجياتها وأهدافها ومصالحها الخاصة مما يجعل اقتلاعها  مهمة في غاية التعقيد والصعوبة. وكما قال السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد  لصحيفة "واشنطن بوست" إن الميليشيات الطائفية هي البنية التحتية للحرب الأهلية ولبنتها والتربة التي ينمو عليها جميع لوردات الحرب". تجار السلاح يتصارعون على الأسواق الآسيوية ومنها بالطبع السوق العراقية . سماسرة الأسلحة في انتظار الحرب الأهلية!.
      جسد العراق مأساة القدرات التقنية العربية في أجلى صورها ! بعد ان أخفق الحكام لا في حماية الانجازات التقنية بل في حماية البلاد وسيادتها الوطنية واستقلالها الناجز ! .. فدمرت اسرائيل المفاعل النووي العراقي بتواطؤ اميركي فرنسي عربي عام 1981 . ومكنت خطيئة غزو الكويت الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة من تحقيق حلم تدمير  القدرات التقنية والعسكرية للعراق . أما خطيئة التوغل في المراوغة والكذب في اجندة الاسلحة النووية والبايولوجية العراقية فمهدت للعجز الصدامي والاحتلال الكامل للعراق وضياع جهد قرن كامل من التطور العسكري والتقني ! . يقينا ان التطور التقني العراقي تركز على الجانب العسكري وعلى حساب الحياة المدنية ... لكن العقوبات الاقتصادية والاحتلال والجيوسياسية الراهنة اعادت الكرة الى نقطة الصفر لتتهرأ القدرات العسكرية التقنية بحكم العطالة والبطالة وقلة الممارسة او الهجرة وطلب اللجوء في الغرب !.
اثبت التاريخ تآلف العسكرياتية ( عسكرة المجتمع ) والميليشياتية ( اشاعة الميليشيات ) والشمولية ( التوتاليتارية) والولاءات دوت الوطنية ( الطائفية والعشائرية ...) والافكار التقليدية والارهاب لتدمير وتهميش المؤسساتية المدنية وهيئات حقوق الانسان وزعزعة الامن الوطني الحق . ومعروف ان قاعدة اي امن وطني تستند على القدرة على البقاء والاستمرار وكفالة الاستقلال السياسي وضمان وحدة الاراضي والدفاع عن الوطن والمواطنين من التهديدات الخارجية ، والقدرة على ادامة الطابع الوطني للدولة وتحقيق مستوى معين من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي ... لقد أخل صدام حسين بالامن الوطني العراقي والذي يسير اليوم على عكازات أجنبية بالشراكة الاميركية الكاملة ! ...   


•   المصادر في المواضيع العسكرية


1.   شالا بيردزه / العمليات النفسية الأميركية / مجلة شؤون عسكرية أجنبية السوفييتية /العدد 9 / 1989.
2.   كريستيان جيرار / مستقبل الحرب / مجلة الدفاع الوطني الفرنسية / العدد 9 / 1989.
3.   دومينيك دافيد / الحماية الشاملة من الضربات المحددة ( غبالس) والاستراتيجية الأميركية /مجلة الدفاع الوطني الفرنسية/العدد 1 /1993.
4.   بسام العسلي / المذاهب العسكرية والتقانة /الفكر العسكري / العدد 2 /1991.
5.   بسام العسلي / المؤسسة العسكرية : تقليدية أم تطويرية _  تحديثية /الفكر العسكري/العدد 2 /1993.
6.   لوسيان بوارييه / حرب الخليج و مكانتها في سلالة الاستراتيجية / الترجمة :عمر كربوج / مجلة الاستراتيجي الفرنسية /العدد المزدوج 3 _4 /1991 /الفكر العسكري/العدد 6 /1992 .
7.   نافع أيوب لبس /السمات العسكرية التقنية للحرب الأخيرة في منطقة الخليج / شؤون عسكرية أجنبية / العدد 7 /1991/الفكر العسكري/العدد 1 /1992.
8.   معن النقري / اقتصاد المعلومات والسياسة الاقتصادية المعلوماتية/ الشبكات/العدد 25 /1997.
9.   الكسندر كوكبرن ، اندرو كوهين / الحرب اللاضرورية / الثقافة الجديدة / العدد 243 /1992.
10.   اوغاركوف ن.اف./التاريخ يعلمنا اليقظة /دمشق/1989.
11.   اكرم ديري /آراء في الحرب الاستراتيجية وطريقة القيادة /بيروت /1984.
12.   باحث/استخبارات الأمن الداخلي في الدولة الأيوبية / هه زار ميرد/ العدد 1/1997.
13.   انظر : الدراسات العسكرية في مجلة الثقافة الجديدة وطريق الشعب…عامر الجبوري ، صالح ياسر ، لطفي حاتم ، غضبان السعد ، ب.السامر ، ثابت المشاهدي ، ف.ع.ك.، صلاح غالب ، احمد الجبوري ، حسان عاكف ، ثابت حبيب العاني …
14.   تجارة الموت / الثقافة الجديدة /العدد 266 /1995.
15.   القدرة المناهضة للحرب لدى قوى التحرر الوطني / الثقافة الجديدة / العدد 163 /1985.
16.   زهير الجزائري / أوراق جبلية/الثقافة الجديدة  / الاعداد 163 - 176 /1985.
17.   الارهاب في الجيش / الثقافة الجديدة / العدد 166 /1985.
18.   فالح عبد الجبار / الانتفاضة العراقية بعد تسع سنوات بين النسيان والذاكرة / الثقافة الجديدة/العدد 295 /2000.
19.   الحركة الأنصارية وضياع فرصة الانتفاضة الدائمة /التخطي /العدد 7 /2000.
20.   توماس ساعاتي /  النماذج الرياضياتية في السيطرة على التسلح والتحكم بنزع السلاح /الولايات المتحدة / 1968.
21.   ميشيل بريجير / الأزمات في السياسة الدولية -  النظرية والواقع/ بريطانيا /1993.
22.   لمحات من تجارب حرب الأنصار / الثقافة الجديدة / العدد 142 /1983.
23.   جاك وودس / الجيش والسياسة / الثقافة الجديدة / العدد 127 /1981.
24.   كفاح حسن / المطاردون _ من مآثر الأنصار ( البيشمركة ) الشيوعيين / اربيل / 2000.
25.   مشروع تقييم حركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي في الفترة ما بين 1979 - 1988 /شقلاوة/1995.
26.   دراسات من الانترنيت .


راجع للكاتب :

1.   المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
2.   اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي
3.   ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني والعقلية العسكرية
4.   الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي
5.   المعلوماتية المعاصرة والحرب


في الروابط الالكترونية التالية لمواقع الحوار المتمدن ، الناس ، آفكا :

http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm

245
" كلما اقف وجها لوجه امام الفساد ، تتقوى وتترسخ عزيمتي في النضال ضده اكثر فأكثر "
       
      غسيل الاموال فساد اقتصادي كبير ، لأنه مرتبط  بصفقات المقاولات والتجارة الخطيرة والتوكيلات التجارية للشركات العالمية الكبرى المتعددة الجنسية وتهريب العملة الصعبة وتزوير العملة الوطنية والسمسرة. والفساد عكس الاستقامة والايجابية والبناء .. غسيل الاموال الناتجة عن التهريب والسوق السوداء والمخدرات والبغاء وتجارة الاسلحة والاعضاء البشرية والرقيق والاطفال والقطع الاثرية ، والنقل غير القانوني للمواد النووية والكيمياوية و البايولوجية ، والتهرب الضريبي ، والتعدي على عقارات الدولة بالبيع الصوري والتزوير ! والقرصنة المعلوماتية  .... الخ...  جريمة منظمة عظمى عبر وطنية وعابرة للحدود ومشكلة عالمية امنية وارهاب دولي يستوجب التأسيس لأستراتيجية وطنية لمكافحته وعلاجه بالتي هي احسن ! .ويخلق خلل السياسات الضريبية المتبعة الهوة الهاوية بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين ليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار ولتنتعش عملية غسيل الاموال القذرة ! وليتحول الابتزاز الى طقس حياتي يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل الفوضى والعماء العارم واجواء العزلة والعتمة ، الابتزاز اليومي في المساومة على أمن وكرامة واعراض وأرواح  المواطنين من قبل المتنفذين والعصابات – الميليشيات وقوة السلاح ! ليتحول الفساد الى سمة ملازمة للطائفية المترهلة والبيروقراطية الى جانب الكسب غير المشروع ، والغش الصناعي والتجاري ، والتهريب العلني ! . وقد بلغت عملية غسيل الاموال القذرة المديات القصوى في مضمار تهريب النفط ومشتقاته والتلاعب بمواعيد توزيع الحصص التموينية واوزانها وحجمها والغش في نوعيتها .. لينتعش المهربون والوسطاء والسماسرة والتجار والمتعهدون بحكم تضخم هامشهم الربحي وبسبب تغييب الرقابة الحكومية على الاسعار !. ويسهم الاستثمار المحلي والاجنبي في التجارة لا الى دعم الاقتصاد الوطني وتوفير القيم المضافة بل الى احتكار السوق بهدف المضاربة وتهريب الاموال الى خارج الحدود والتهرب من الالتزامات واشاعة غسيل الاموال القذرة  !  .
•   غسيل الاموال والزيف الاقتصادي
     يعني غسيل الاموال اضاعة وتضييع مصدر المال المودع بعد سلسلة تحويلات بين المصارف والبنوك الوطنية والاقليمية والعالمية ليستقر في احداها مسجلا ولادة جديدة مخترقا معترك التجارة ليستمر بالنمو والتزايد محققا مكاسب ونجاحات في بناء صرح مالي يفوق الخيال مع بقاء الشكوك عالقة به رغم اتباع الطرق القانونية الرسمية ! لأن حقيقة الولادة جاءت بأساليب غير شرعية وبطرق ملتوية !...ترى كم من الارصدة لأحزاب ومنظمات وشركات وافراد بأسماء وعناوين وأرقام وهمية تصول وتجول في الاسواق الوطنية والدولية ؟... عملية غسيل الاموال مضمونة وحجمها كبير يتناسب مع حجم الاستثمارات الاجنبية واستقرار سعر صرف النقد الاجنبي ! ونمو معدلات السيولة النقدية والمالية في السوق الوطنية !  اي نمو التدفق من الخارج ومع تدفق رؤوس الاموال الوطنية بسبب أعمال الفساد !
     غسيل الاموال – تدوير الاموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة في استثمارات شرعية بهدف اخفاء مصدرها الحقيقي ... المقصد هو التوظيف في سبيل التدوير لا الجدوى الاقتصادية للاستثمار !.  تعتبر استثمارات غسيل الاموال مظهر نمو اقتصادي غير حقيقي أي مزيف بسبب الانتعاش الاقتصادي الظاهري السريع الزوال ... ويعاد استخدام الجزء الاكبر من الاموال في أعمال غير مشروعة ايضا مما يعرض الاقتصاديات الوطنية للمخاطر الجسيمة بحكم المنافسة غير المشروعة وغير الشريفة مع المال القذر !  وتقوم العصابات المنظمة التي تحصل على  الاموال بطرق غير مشروعة بارتداء اللبوس الاستثماري المقنع وتضخ الاموال عبر الحسابات المصرفية العالمية لأخفاءها عن الرصد والملاحقات القانونية ، ولتستثمرها في مشروعات سريعة الربح وفي سوق الاوراق المالية ،   ولتعيد ضخها الى الخارج من جديد ! . الملاحقة القانونية لغسيل الاموال ليست سهلة بسبب :
1.   اندماج الاقتصاديات الوطنية في الاقتصاد العالمي .
2.   حرية دخول وخروج الاموال .
3.   استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصالات المتطورة لدى المصارف العالمية وشبكة الانترنيت.
      يبلغ  متوسط حجم غسيل الاموال عالميا (10)% من قيمة التجارة العالمية !.... في الوقت الذي يتراوح فيه فيه حجم عمليات غسيل الاموال مابين (2- 5 )% من اجمالي الناتج الاجمالي المحلي في الاقتصاديات الوطنية الراسخة ! .. وفي بلادنا تبلغ اليوم ال 25 %.
     لقد تمكن اغنياء البلاد والدوائر المحيطة بالنخب الحاكمة ان يهربوا اموالهم الى خارج البلاد .. وازدادت جنايات تهريب النقد من العراق اضعافا مضاعفة عن اعوام العقود المنصرمة .. وارتفعت جنايات المخدرات حيث يشرف على التجارة بها متنفذون من الدوائر الحاكمة بالتنسيق مع ايران ! كما ازدادت  جنايات تهريب القطع الاثرية والدعارة رغم ادعاءات التبرقع بالدين !.

•   غسيل الاموال - الوليد المسخ للاختناقات في اسواق العمل
      الفساد ممارسة تغليب المصالح الشخصية الضيقة على المصلحة العامة ، او استغلال المصلحة العامة لتحقيق المآرب الخاصة ! وهو اساءة استخدام السلطة العامة لحساب المصالح الشخصية للولاءات دون الوطنية  . وتحدد الفساد السياسي " أهم انواع الفساد " طبيعة النظام السياسي القائم ما اذا كان ديمقراطيا وقائما على ثقافة السلام .. والفساد نسبي لأنه حتى في الانظمة الديمقراطية يظهر افراد في المسؤولية يحيدون عن القاعدة العامة ولديهم الامتيازات الواسعة ! ، والمصيبة ان المسؤول الفاسد يشعر في اعماقه انه لا يرتكب جريمة وانما يأخذ نصيبه من الصفقة او الثروة ، اما القوانين فلا تلمح الى ما توصلت اليه امكانيات الفساد من الانتشار في منأى عن طائلها ليرتع المفسدون على هواهم وسط  لا مبالاة المجتمع واستمرائه للفساد الذي يبدو اسلوبا اجتماعيا يحاصر كل من يرى في ظاهرته من خطر يؤدي الى انحلال المجتمع ! . استشراء الفساد هو تعبير حق عن انحلال الدولة ، وترتبط  الاموال غير المشروعة هنا بالتهريب وغسيلها وتوجهها لأنشطة غير مشروعة وغير مراقبة ! .
       من اسباب الفساد القدوة السيئة للحكام ، اهتزاز نظم القيم ، نقص مستويات الوعي والمعرفة ، الفقر والحاجة ، الجهل والجشع والمحسوبية وعدم الكفاءة ، الى جانب فساد الانظمة والقوانين وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها ! . ويعتبر الفساد الاداري والمالي احد اهم اسباب تقويض الحكومات والكيانات ايا كان نوعها وخاصة في الفترات الانتقالية من الشرعية الثورية الى الشرعية القانونية ! ... ويرتبط الفساد و غسيل الاموال بنوعية القيادات الادارية الحكومية وغير الحكومية وكيفية اختيارها ( آليات التعيين والانتخابية )والمواصفات السلوكية للادارات ، وبالمستويات المعاشية للعاملين .. وهي عرضة للتآكل المستمر بفعل التضخم وارتفاع الاسعار المصاحب وتدهور قيم الدخول الحقيقية بازدياد الفجوة المعيشية ( خط توزيع الدخل – خط الفقر) ، وتوسع رقعة التهميش بسبب عجز المجتمع المدني عن احتواء القطاعات الهامشية ، والتلاعب بالانظمة الضريبية والكمركية ، والمستوى المتدني لأجور العاملين ، وتدهور سياسات العدالة الاجتماعية ! وتسهم مظاهر الروتين وانعدام الرقابة وانحسار مفهوم المصلحة العامة في تفاقم الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال ... الى جانب استخدام الاساليب التقنية البدائية لأنجاز الاعمال واعتماد الولاءات دون الوطنية لا الكفاءات معيارا للرضى الوظيفي ، وشيوع البطالة !.
     الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال – الوليد المسخ للخلل في التوازنات المالية الحكومية بسبب الديون الخارجية وتراكمها مما يؤثر على المسارات السياسية .. والوقوع تحت وطأة الدين العام واجراءات ممالئة الثالوث العولمياتي الرأسمالي ( البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، منظمة التجارة العالمية ) الامر الذي يترك اثره على الفئات الفقيرة ويلقي عامة الشعب بين اشداق البؤس ولتزداد وتتضخم ملفات ما دون مستوى الفقر !، وهبوط معدلات النمو الاقتصادي والمعايير المالية اضافة الى اثر الاختناقات المالية والاعباء المالية على الاجيال مما يخالف مبدأ المساواة بين الاجيال وتماسك المجتمع ! اي توقف عجلة الدورة الاقتصادية السلمية وديمومة الركود الاقتصادي  . الفساد الاقتصادي وغسيل الاموال – الوليد المسخ للاختناقات والخلل في اسواق العمل واضطراب العلاقة بين الفائض والناقص في الاسواق ، وتأثير النفط ! ... والتلوث البيئي والاكلاف العالية لمعالجة الاضرار البيئية !... ونبذ التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة ... 
        الفساد الاقتصادي امتداد للفساد الاداري اي التسيب الوظيفي ، وتفشي الرشوة واستحصال الاكراميات والعمولات ( الكوميشن )، والتزوير ، والتلاعب في الوثائق وتفسيرات او تطبيقات النظم والقوانين ، والسرقة من مكان العمل ، واضاعة وقت العمل ، والمداهنة والتصنع والتملق والتزلف ، والانانية وحب الذات ، والمحسوبية والمنسوبية ، واستخدام مبدأ " فرق تسد " ، وانحلال القيم السلوكية في المنشآت الحكومية ، وعدم تطبيق مقولة " الرجل المناسب في المكان المناسب " ، وضعف المحاسبة والمراقبة والمسائلة ، ومحدودية التنافس السياسي ومجال الحريات المدنية وتعطل آلية التأسيس المدني ، ضياع معايير الكفاءة والاهلية في التوظيف والتراتب الوظيفي وفي مواقع اتخاذ القرار  ،واعتماد معايير الولاء دون الوطني وبالاخص الطائفي والعشائري والحزبي والشخصي أساسا في ذلك ، تفشي الروتين والبيروقراطية والتضخم الاداري ... ،عدم كفاءة القضاء والنظم القانونية والتشريعية ، تضييق هوة الديمقراطية وضعف الاعلام .ويضعف الفساد الاداري من هيبة وشرعية الدولة ،ويقوض من الثقة بالحكومة وبالسلطات السياسية ويشوه سمعة القطاع العام والمنصب الحكومي ليخلق الاغتراب الاجتماعي والحقد على السلطة ، ويشيع الفساد الاقتصادي اذ يشوه البرامج الانمائية ويؤدي الى حرمان خزينة الدولة من مواردها .... يؤثر ذلك على الكفاءة الانتاجية والتوزيعية والنمو الاقتصادي والمناخ الاستثماري ...   
•   ملازمة غسيل الاموال للفساد السياسي
     من المفارقات التاريخية ان يظهر الشكل البرلماني للحكم في حقب ماقبل الرأسمالية .. في العبودية وشبه الاقطاعية ... الا انه يقصى من المسرح في فترة رأسمالية الدولةَ! لتحل محله دكتاتورية الحزب الواحد الاستبدادية او دكتاتورية الولي الفقيه ! ... انظر مثلا : قيام دول – المدن في سبأ وقتبان وحمير ، وكذلك اليونان والهند ... ومن معالم المد المديني هنا – انشاء المدن ، نظام الادارة ، الضرائب ، سك العملة ، مجالس التجار !. 
عرف السومريون والكنعانيون تنظيمات ديمقراطية راقية وربما كانوا هم الذين صدروا بذور الديمقراطية الى الأغريق والرومان فيما بعد ! . وامتلكوا اول برلمان حر يعقد في التاريخ ، يسن ويشرع و يحكم !.منذ الالف الثالث قبل الميلاد تواجدت في سومر الحياة البرلمانية التي لم تكن اقل رقيا من المدن الكنعانية واليونانية في اوج ازدهارها ! . ونحو عام 3000  قبل الميلاد اجتمع اول برلمان عرفه العالم في دورة علنية ، وكان مؤلفا من مجلس شورى ومن جمعية الشعب !. امتلك الكنعانيون مجالس شيوخ تدير شؤون البلاد ودستور تعمل بموجبه الدولة .. وعند البابليين عمل قانون حمورابي على المساواة العادلة بين الناس ! .
نادى الرسول محمد (ص) بنظام الشورى بين الناس .. والاتكال على الجماهير المؤمنة " اتخذوا عند الفقراء ايادي فان لهم دولة يوم القيامة ".  والقياس والاجماع هو احد مصادر التشريع الاسلامي لما هو ليس مذكورا في القرآن والسنة المحمدية ! . واكد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) على المساواة والعدل بين الناس واحترام حرياتهم .. وقال كلمته الشهيرة لوالي مصر " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا " .. وحكم العديد من خلفاء الدولة الاسلامية بمفاهيم انسانية سامية !. لقد اتحدت السلطة السياسية والمؤسسة الدينية في شخص الخليفة ايام الراشدين وانفصلتا مع الخلافة الاموية ! وتراوحت علاقتهما بين التحالف والقطيعة على مستوى الفرد او التيار طوال عصور الخلافة التالية ! وتفاوتت ادوارهما في ميدان القمع من المضايقات والتشهير والحبس والنفي الى القتل والابادة واتلاف الكتب . وشمل القمع المتكلمون اي انصار علم الكلام والفلاسفة والمتصوفة والمانوية والعلماء . الحضارة العربية لا ديمقراطية لأنها لا تفصل بين الدين والدولة ! ......  الديمقراطية ، لا حرق البرلمانات بأسم الاسلام .. هو ما ينتظره الناس من الاصلاح الديني ... لكن الاسلام السياسي يخسر كثيرا من مصداقيته في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية.
اصطبغت البرلمانية الملكية في العراق منذ نشأتها باللون العسكري الحاد .. وتفككت الشراكة بين الدستورية والعسكرية لصالح الثانية والطائفية ليجئ مسلسل القمع والفساد والتزوير الانتخابي والاعيب النخب الحاكمة . وكانت الآلية القانونية للمجلس الوطني في الثمانينات تكريسا مفضوحا لدكتاتورية صدام حسين . اما عراق اليوم فهو قادر كما يبدو على إنتاج المواطن الطائفي أكثر من قدرته على إنتاج المواطن الديمقراطي ، ذلك لأن الذي يقود الحياة السياسية ، هو الأحزاب الطوائفية ، وهي التي تدفع إلى البرلمان بنواب الطوائف، فتعيد دورة الإنتاج الطائفي ، قانوناً وتشريعاً ونظام حياة . عبارة أخرى فإن العراق الجريح يستخدم الديمقراطية لإعادة إنتاج الطائفية، لا لمحوها وإزالتها.
     الديمقراطية المعاصرة لا تعني التلوث الطائفي واستنشاق البارود  بدل الورود ... بل هي في المقام الاول نظام حكم ومنهج سلمي لأدارة اوجه الاختلاف في الرأي والتعارض في المصالح ! يتم ذلك من خلال ممارسة حق المشاركة السياسية الفعالة في عملية اتخاذ القرارات الجماعية الملزمة للجماعة السياسية بما في ذلك تداول السلطة عن طريق الانتخاب . ولم تعد الديمقراطية مجرد ممارسات واجراءات سياسية فحسب بل منظومة من القيم وانماط التفكير والسلوكيات والاتجاهات والاحاسيس .. والتربية هي مفتاح اكتساب المواطن هذه المنظومة !.وتجتذب الانتخابات البرلمانية النسبة الاكبر من المواطنين للمشاركة فيها بالمقارنة مع اية انتخابات أخرى ..من هنا يبرز دافع المشروع الدستوري في قضية الاشراف القضائي على الانتخابات لضمان صدقيتها .. وهذا يشترط اخضاعها لأشراف قضاة يعرفون بالحياد وعدم الخضوع لغير ضمائرهم في تطبيق احكام القانون ! ويوفر ذلك النزاهة الانتخابية وضمان نجاح الحركة الانتخابية ! . لقد حلم شعبنا بالدستور الذي يكرس الديمقراطية لا بالدستور الذي يزوق الطائفية .  ترى أيّ ديمقراطية يمكن أن تنتجها أحزاب عائلية أو طائفية تورث قياداتها وتعيد إنتاج أفكارها القديمة، ولا تمارس هي نفسها الديمقراطية الحقيقية في داخلها ؟ قوى سياسية تفتقر اصلا الى  الآليات الديمقراطية والفكر الديمقراطي في داخلها. الأحزاب التقدمية وشبه التقدمية، الديمقراطية إلى حد ما وشبه الديمقراطية، يجري عزلها سياسياً ،عزلاً منظماً ، وليقضي المال السياسي القذر من كل حدب وصوب على ما تبقى منها ، وهي عمليا اليوم خارج اللعبة والمشهد السياسي العراقي ، ذلك لأن الاستقواء والاتكاء على الطائفة في العراق أقوى وأهم من الاستقواء بالديمقراطية و بالمواطن الديمقراطي ... لتنزوي القوى الشعبية غير الطائفية !. الأحزاب العائلية و الطائفية العراقية بيوت سياسية من زجاج ! ونظامها السياسي ينتج الفساد ويعممه ، فسادا سياسيا ، يستفيد من واقع حال فاسد ويعيد انتاجه ، لأنه يستشعر في عمليتي الانتاج والرعاية المصلحة الخاصة الاكيدة !. وبأي حال من الاحوال لا تنفعها الصعلكة السياسية بالمحافل والندوات والمناسف الدينية لأنها فقط ترويح عن النفس وتنفيس للاحتقان السياسي والتلذذ بلمس احلى الكلام ... ياسلام ! ... فيما تسيل دماء الوطن وتتضخم ملفات الارهاب والفساد ... ويتحول غسيل الاموال الى جريمة الفساد العظمى في العراق! لأنها تعبير عن قوة وسلطان وجبروت المال ! ويتمثل في شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير ! واطلاق الحرية لمافيات الفساد لتستغل مواقعها في السلطة لعقد الصفقات الكبرى والاشتراك في المقاولات والتعهدات والتهريب وتوكيلات الشركات الاجنبية وتعاطي العمولات والرشاوى لتضع يدها على المليارات كأرصدة شخصية في البنوك الاجنبية ..ولتسعى الى اغراق المجتمع في حمأة اخلاقياتها بعد بناء قصورها الباذخة والعيش حياة الترف في ذروة الركود الاقتصادي والفقر العام !.
   يسهم الفساد الانتخابي والبرلماني عبر الانفاق الباذخ على الحملات الانتخابية لا في الاخلال بمبدأ تكافؤ الفرص فحسب بل في اشاعة غسيل الاموال والفساد الاقتصادي والسعي الحثيث لفرسانه من المقاولين والمتعهدين والتجار ورجال الاعمال والدين الى شراء الحصانات البرلمانية والذمم لتأمين النقود والهيمنة واستعادة ما تم انفاقه خلال الحملات الانتخابية ! ... وينذر ذلك بتقدم العصبيات دون الوطنية لسد الفراغ الذي يتسببه وهن الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والطبقة الوسطى ! وغياب الديمقراطية يجعل من الاحزاب الديمقراطية سرية ومن نشر الثقافة مهمة سرية ومن التنظيمات غير الحكومية كيانات سرية ويضيق على كل مؤسسات المجتمع المدني ومن ضمنها الاقليات ...  ليشاع غسيل الاموال ايضا هذه المرة بأشكال جديدة بحثا عن وسائل التعبير المناسبة عن الآراء والمواقف والطروحات !  . ويذلل الارهاب شيوع الاموال القذرة ! إرهاب الدولة والإرهاب الدولي ، الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي .... سيان بينهما !. الولاءات اللاوطنية وبالاخص الطائفية والعشائرية اي الوشائج الاصطفائية العصبوية .. هي الوسيلة والاداة والاسلوب الاكثر شيوعا وامنا اليوم لنشر الاموال القذرة وغسيلها ، وبالاخص المال السياسي القذر ! .. انها تنشط كأخطبوط وسرطان قاتل تحت حماية الاحزاب – الميليشيات والسلطات الطائفية ولخدمة الانظمة الاقليمية في المنطقة وفي سبيل الكوسموسوقية السلعية (السوق الكونية) لأبتلاع الدولة والمجتمع المدني معا ! . 
يهدد الفساد وغسيل الاموال جبهة الشعب الداخلية لأنه يمس الامن العام والقدرة الدفاعية ازاء المؤامرات الخارجية وبالاخص التدخلات الايرانية في الشأن الداخلي ...ويعكس غسيل الاموال هشاشة التمشدق الديمقراطي وتخريب لحقوق المواطنة وتقويض لقوة المجتمع الروحية ، والتعمد في الابقاء على رموز واساطين الفساد في جهاز الدولة ، والدليل على الفقر الاعلامي لخلق السايكولوجيا الاجتماعية المقاومة للفساد ، مواصلة آلية انتاج الفساد  كانعكاس لسوء توزيع الثروة ، بقاء تطبيق القرارات أسير البرقرطة الطائفية قابعة في ادراج المكاتب " كلما زادت الدولة فسادا ازدادت قوانينها غير المطبقة ..!."  ... يؤدي ذلك الى التشويه الهائل في البنى الاجتمااقتصادية الطبقية ، وتصدع الفئات الوسطى والخريطة الاجتماعية لتصعد النخب الاقلية وليجر دفع الاكثرية الى القاع الاجتماعي ، وليتعمق التفاوت الصارخ بين البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية الصاعدة وبين غالبية الشعب ...     
يمشي الفقير في العراق الجديد اليوم وكل شئ ضده ....
حتى الكلاب اذا رأته عابرا      نبحت عليه وكشرت انيابها
وان رأت يوما غنيا ماشيا       هرعت اليه وحركت اذنابها
 
 بعد ثورة 14 تموز 1958 وتحديدا في 31/7/1958 صدر قانون رقم (1) الخاص بتطهير الجهاز القضائي  ... وفي 1/8/1958  صدر قانون رقم (2) الخاص بتطهير الجهاز الحكومي  وتشكيل لجان صيانة الجمهورية ... وفي 16/8 / 1958  صدر قانون رقم (15) الخاص بالكسب غير المشروع على حساب الشعب (من اين لك هذا ؟)! .. ذهبت هذه القوانين ادراج الرياح مع انقلاب شباط الاسود 1963 ... اذ تبوأت السلطة منذ ذلك التاريخ النخب السياسية الفاسدة ! وحتى يومنا هذا ينخر الفساد كل زوايا المجتمع العراقي والدولة العراقية !.
الاصلاحات الاقتصادية الموعودة للحكومة العراقية وفق الموازنة الفيدرالية لعراق 2006 تجاهلت الواقع الفاسد الراهن  بعكس ما يفترض، مع أن معالمه الكارثية تعشي العيون ... وبذلك يجري دفع العيوب الرأسمالية الى الاعماق ولا تجتث .. حالها حال الاحلام السياسية التي تعيد انتاج الطائفية السياسية وعقلية ثقافة القطيع البعثية بأثواب جديدة متجددة ولا تجتث ! . على الحكومة العراقية :
•   توسيع رقعة الديمقراطية وتأسيس حكومة الوحدة الوطنية ، واحترام حقوق الانسان .
•   تفعيل دور مفوضية النزاهة - وقسم "الاسترداد" فيها - في مكافحة غسيل الاموال القذرة وفحص الادلة والبيانات والوثائق المتعلقة به ! واحالة فرسانه الى الجهات القضائية وتحديدا محكمة التحقيق الجنائية المركزية ! ، والتنسيق مع الانتربول عبر وزارة الداخلية ، ومجلس القضاء الاعلى في العراق .
•   تحديث مؤسسات القطاع العام والمؤسساتية المدنية ، والاصلاح الاداري والمالي ، وتنشيط عمل أجهزة ديوان الرقابة المالية وتكوين لجان اختصاصية ذات كفاءة عالية من موظفي المالية والحسابات  ، والخلاص من مفهوم الدولة – المزرعة !.
•   معالجة نظم الاجور والحوافز ... وجعل الاجور في حالة توازن مع الاسعار وتكاليف المعيشة !... اصلاح هيكل الرواتب والاجور كي لا يمد الموظف يده لتلقي الرشوة .
•   الرقابة التجارية ومراقبة عمل أجهزة البيع والتسويق الحكومية دون قيد او شرط ، ومراقبة السوق .
•   تحديث اساليب ونظم عمل أجهزة التخطيط والمتابعة في رئاسة مجلس الوزراء والوزارات ... واعتماد النزاهة في اداراتها .
•   تفعيل دور الاعلام .
•   تطوير واصلاح النظام القانوني .
•   اعتماد معايير الكفاءة في التسلسل الوظيفي واصدار قانون " من اين لك هذا ؟" .
•   تقوية وسائل الاتصالات والهاتف وصيانتها لتنظيم الاتصال بين الدوائر الرسمية ذات العلاقة والاهالي .
•   تفعيل أساليب عمل الرقابة الشعبية وتشكيل اللجان المشتركة من النقابات والجمعيات والاجهزة الحكومية لمتابعة الفساد وغسيل الاموال .
•   اعتماد الشفافية فيما يتعلق بالعقود والمناقصات ومنح التوكيلات .




راجع للكاتب :

1.   الفساد والافساد في العراق : من يدفع الثمن ؟!
2.   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
3.   العقلية الصدامية في الابتزاز تنتعش من جديد
4.   حقوق الإنسان والفساد /حقوق الإنسان في العراق و كردستان
5.   الارهاب الفكري والفساد في الجمعية الوطنية
6.   حكم الجهالة المخيف خلا الأمل تخاريف
7.   دكاكين الفساد ، وفساد الدكاكين
8.   جرائم الفساد في العراق
9.   الفساد جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه


في الروابط الالكترونية التالية لمواقع الحوار المتمدن ، الناس ، آفكا :

http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm

246
"لم يكن سبيل الحرية يوما ما مفروشا بالرياحين والازهار "


      برزت الحزبية الحديثة مع انطلاق الرأسمالية وترسخ آليتها كظاهرة تقدمية ... فأحلت التحزب الحديث محل التحزب العائلي او الطائفي او العشائري او المناطقي واسهمت في نقل المجتمعات الى الاوضاع الاكثر رقيا اي من التجمعات الاهلية العفوية الى المؤسسات المدنية ! ... كل ذلك في تناغم منسجم مع حركة توحيد الاسواق والدوائر الاستهلاكية وبما يتناقض اساسا مع ارتسامات تأطير العائلة ، العشيرة ، الطائفة ، الاقليم ...وخدمت  الحزبية الحديثة مقاومة الاستغلال وويلاته على اسس جديدة تتجاوز الاطر الضيقة والانتماءات البدائية .. ولكن تتمترس وراءها الطبقات الاستغلالية ايضا التي تحاول عرقلة التخلص من قيود جعل الانتماء ولاءا ، والاختيار الحر تعصبا ...! في هذا الاطار ينبز الاسلام السياسي الذي يدعو لأقامة الدولة الاسلامية والشيعية كمؤسسة قمعية مقوضة التجمعات الاهلية والمدنية والحزبية ! اي اقامة الحكم الاسلامي او الشيعي المقيد بشريعة " مبدأ سيادة الشريعة " .. وبالرغم من اقرار الشريعة الاسلامية بمعايير حقوق الانسان قبل 14 قرنا وتثبتت في القرآن الكريم والشريعة ،  لكن التقاليد الديمقراطية والوطنية مناوئة للاستبداد ومحاولة شراء الولاءات ، ومحفزة للمعارضة خارج الاطر الدينية والطائفية والولاءات دون الوطنية ! ... في هذا البحر المتلاطم من التناقضات الاجتماعية تعلو قيمة حقوق الانسان لمواجهة مظاهر القمع والاستبداد !  .
يخسر الاسلام السياسي كثيرا من مصداقيته في اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة وما بعد الحداثة !ان العودة الى الماضي والبدائل الاسلامية هي ردود افعال على التخلف والامية ودليل عمق ازمة المجتمعات المتخلفة ! والسلطة العقائدية في الاسلام لا تمنع فوران الحرية وممارسة النقد الحر !.
ان دراسة النظام السياسي تقتضي النظر في ثلاث مسائل :
1.   اختيار الحكام
2.   توزيع المناصب الحكومية
3.   الصلاحيات وحدود السلطات
     أما دراسة النظام الانتخابي فتشترط التمعن في : المناطق الانتخابية ، الدعاية الانتخابية ، الفوز بالنيابة ، نواب التزكية ، التمثيل الاثني ،المنازعات الانتخابية ، طرق التصويت ، العلاقات بين النائب والناخب ، صيانة النيابة ( الحصانة ،المكافأة ، عدم المسؤولية ، عدم الجمع بين تمثيلين ، عدم الجمع بين النيابة ووظائف الدولة ) ،انتهاء التمثيل النيابي ، عزل النواب من جانب الناخبين ،الاختصاصات البرلمانية ( التشريعية ،الحكومية – المساءلة والاستجواب ورفض الثقة بالوزارة والتحقيق واجازة الايرادات والنفقات العامة والمصادقة على المعاهدات ، القضائية ، والانتخابية )،الانتخاب المباشر وغير المباشر .
بنيت اصول النظام السياسي في العراق على غرار الديمقراطيات الغربية حيث تمتلك النظم السياسية خصائص الديمقراطية والبرلمانية والانتخابية والنظام الحر ، الا ان جمع السلطات بيد الملك والانحرافات الدستورية والبرلمانية ، والقطبية السياسية والاقتصادية لصالح الاقلية من نخبة البلاط والانحياز للغرب في السياسة الخارجية قد قوض من التجربة الديمقراطية . ولم تجر ثورة تموز 1958 المجيدة التغير الجدي في البناء الفوقي وبالأخص المؤسساتي – التمثيلي ... ولم يطور قادة الثورة المؤسسات التي ورثوها من الحكم الملكي ... ولم يلزم العراق آنذاك سوى اصلاح البرلمان والدستور وارساء اسس المؤسساتية المدنية بما يخدم مصلحة الشعب والجماهير الواسعة ويحد من نفوذ تسلط القوى التي كانت تتلاعب بها فولدت الثورة العظيمة مجالا سياسيا ديمقراطيا متخلفا في الفهم السياسي لمستجدات الاحداث واسلوب ادارة المجتمع وغرقت الزعامات في بيروقراطيتها رغم نزاهتها، وتآكل المجتمع المدني وتحول الى ركام يتندر به الجميع.وفتح الانقلاب الاسود في 14 رمضان 1963 الابواب على مصراعيها للحقب الانقلابية والدكتاتورية الصدامية وارهاب الدولة المنظم ! ... وأخيرا الطائفية الدوغمائية القرقوشية  التي تتربع على مقاليد السلطة اليوم بتعسفها العقائدي واصطناعها المثل السياسية على قدر حجمها !  . 
      مفهوم " حقوق الانسان " في الفكر الانساني الحديث هو انتقال مهم في الموقف من العالم وزاوية النظر اليه ... انتقال بدأ مع النهضة الاوربية ! .. انتقال وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب والدين .. فانتقل مركز التفكير البشري من السماء الى الارض "ليست الحرية مائدة تهبط من السماء على طالبيها".وقررت الجمعية الوطنية الفرنسية " اعلان حقوق الانسان والمواطن " في آب سنة 1789 ، وتلخص الميثاق في حق الحرية وتفرعاتها مثل حرية المواطن والصحافة والانتخاب والتعبير عن الرأي ... الخ. في عام 1948 صدرت عن هيئة الامم المتحدة  ديباجة " الاعلان العالمي لحقوق الانسان " . تميز الاعلان العالمي لحقوق الانسان بالسمة التوفيقية واللجوء الى مختلف الاساليب بغية حل المشاكل المعقدة ارضاءا للجميع ! وضم  الاعلان العالمي حريات وحقوق الانسان في علاقته مع الدولة ، والحريات غير الاقتصادية والحقوق الاجتماعية ... مع واجبات الفرد تجاه المجتمع ! .. وتألف من (30) مادة .
كتب "اديب اسحق " عام 1871 مقالة في جريدة التقدم بعنوان " في الحقوق والواجبات الطبيعية "  جاء فيها :
"حقوق الانسان هي احكام الشرائع الطبيعية النافذة في النوع الانساني ، مستقلة ومنفصلة عن كل شريعة دينية وكل سياسة مدنية ".
وتطرق "أحمد لطفي السيد" عام 1913 في مقالة "حقوق الكافة وسلطة التشريع " في صحيفة الجريدة الى حرية التعليم ، حرية القضاء ، حرية الصحافة ، حرية الخطاب ، حرية الاجتماع ... بينما كتب عن حقوق الانسان وحريات الشعوب " فرانسيس مراش ، ولي الدين يكن ، أمين الريحاني ، عبد الرحمن الكواكبي ، سلامة موسى ، جرجي زيدان ، ناظم الداغستاني ، خليل سعادة ، فرح انطوان ...  وآخرين ."
تتلخص حقوق الشعب في المساواة والحرية الشخصية والمسكن والملكية وصيانة المراسلات والضمير او الاعتقاد والعبادات والرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات والتعليم وحق التظلم .... !." كانت الملكية ولازالت الباعث الاول على انتاج الثروات والحضارة ذاتها ،وما من شئ يمكن ان يقام مقامها !"..وجاء في اعلان حقوق الانسان والمواطن عام( 1789 ) " ان حق الملكية هو من جملة الحقوق التي تعد صيانتها غرضا  لكل مجتمع سياسي "... لقد رفع الاعلان الملكية الى منزلة المتراس للحرية فالذي يستمتع بحق الملكية لا يكون مفتقرا الى الآخرين ولا الى مساعدة الدولة ، ويصبح حرا " لا يكون الانسان حرا الا في دولة حرة " .
لا تعني حقوق الانسان تحريره من الاضطهاد السياسي والاجتماعي والديني والعرقي وغيره فقط  بل منحه الحق في حرية التعبير والانتماء السياسي والفكري والآيديولوجي والديني والمذهبي ، وتحريره من الفقر والفاقة والجهل والمرض ... فمصطلح " حقوق الانسان " واسع له مدلولاته السياسية والانسانية ، وهو ملازم للديمقراطية كوجهان لعملة واحدة ! . حقوق الانسان – حقوق يحددها النظام الاجتمااقتصادي والسياسي للمجتمع ، وتكفلها الضمانات السياسية والاقتصادية والحقوقية – القانونية ... ولا يتمتع بكامل الحقوق في الرأسمالية الا من يملك الرأسمال !.ان حقوق الانسان مبدأ عام هو ثمرة النضالات التاريخية للبشرية رغم تعدد الصياغات والمفاهيم عن مضمونها . وثقافة حقوق الانسان تعني بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية شرعية حقوق الانسان.وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الانسان من :
1.   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة ، وهو محك مقياس درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الانسان والتقيد بها .. لأنه تفاهم مشترك لجميع شعوب الارض.
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966. وفر العهد للبشرية حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية ، وحريات الفكر والرأي والتعبير والتنقل والاقامة وتحريم التعذيب والاعتقال التعسفي وتوفير الحماية !.
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة). وقد وفر هذا العهد الحق في العمل بشروط العمل العادلة ، والحق في تكوين المؤسساتية المدنية والجمعيات والحصول على الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية وضمان العيش الكريم !.
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة .
5.   اعلان استوكهولم عن مسؤولية وحقوق الانسان تجاه البيئة عام 1972 عن الامم المتحدة . ويتضمن الاعلان 26 بندا ... كما تضمنت خطة العمل الصادرة عن المؤتمر (109) توصية ... وعن المؤتمر تأسست اليونيب (UNEP - منظمة الامم المتحدة لبرنامج البيئة ) لحماية البيئة وحل مشاكلها . 
6.    الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
7.   اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
8.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
9.   اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
10.   القرار 688 الصادر في 5/4/1991 عن مجلس الامن الدولي  -  يكفل حقوق الانسان والحقوق السياسية لجميع العراقيين .
     
      جاء في الاعلان النهائي لمؤتمر فيينا لحقوق الانسان المنعقد في حزيران 1993 " جميع حقوق الانسان عالمية وغير قابلة للتجزئة . ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به ."
     تبقى العبرة ليس فيما تطرحه الدساتير واللوائح والوثائق الحقوقية والسياسية بل في التطبيق وخلق الانسجام المتكامل بين الحرية الفردية والامن العام . من جديد ليس الامن على نقيض حقوق الانسان لأنه بذاته حق انساني وحق في الحياة المعقولة . ويرتهن امن الفرد بأمن الجماعة ، ويعتمد التمتع الخاص بالحق على التمتع العام به . والحرية والامن ينتميان الى مصدر واحد ، والبلاد الحرة اكثر امنا من البلاد غير الحرة !. بانتهاك حقوق الانسان تتجه البشرية الى الهمجية وتصبح الحضارة اداة لهمجية حديثة ! .
ان سيادة الدولة حسب القانون العام والقواعد الدولية المعاصرة هي سيادة مقيدة وليست مطلقة لأن الاطلاق لا يتلائم مع فكرة التنظيم الدولي .. وعليه فان قواعد الاخلاق وما يقره الرأي العام هي التي تسمح بالتدخل الانساني لحماية الشعوب التي تتعرض الى القمع والابادة من قبل الدكتاتوريات والانظمة الشمولية وسلطات الولي الفقيه ! وفي موضوعة التدخل الانساني تبرز العلاقة الجدلية بين مبدأ سيادة الدولة وحقوق الانسان ، والقانون الدولي بين سيادة الدولة وسيادة تنظيم المجتمع الدولي !.ويبقى السلام العالمي مشكوك في أمره ما لم تعلو ارادة المجتمع الدولي على ارادة الدولة الامر الذي بات ملحا بنزع الصفة المطلقة لمبدأ سيادة الدولة وضرورة من ضرورات العصر اذا كان الامر يتعلق بحقوق الانسان وصيانة السلم في العالم !  . ونستطيع اليوم القول ان "احترام حقوق الانسان " لم تعد قضية داخلية تخص الامن الوطني للدولة والمجتمع العراقي فقط  بل أضحت قضية تهم الامن والسلم الدوليين ومصدر للنزاعات تحد من مبدأ السيادة الوطنية ! شئنا ام أبينا .... لكن من الضروري الكشف عن مظاهر التدخل المتنوعة المقنعة ذات الواجهات الانسانية لتغطية سياسات القوى الامبريالية ، ودوافع التدخلات المباشرة وغير المباشرة ... اي الاحتلال المباشر او اشتراطات الثالوث الرأسمالي الدولي " البنك الدولي WB ، صندوق النقد الدولي IMF  ، منظمة التجارة العالمية  WTO " باعتباره قاعدة العولمة الرأسمالية في تشويه الحياة الاقتصادية للشعوب ! .  هل للقوانين الاقتصادية – الاجتماعية الموضوعية الجارية في العالم بما فيها النهوض التحرري الوطني المعلوماتي لشغيلة اليد والفكر من كابح ؟! ومن يتجرأ على عرقلة اخضاع الشعوب وتحويلها الى تلاميذ مذنبة في مدرسة واشنطن التأديبية ؟! من يضبط قواعد لعبة  التدخلات الانسانية ... هل هي الامم المتحدة ؟!
     في عراق التاسع من نيسان شبه صحوة لدى المثقفين ورغبة في استعراض مفاهيم حقوق الانسان والمجتمع المدني ومؤسسات التمثيل الانتخابي والمنظمات غير الحكومية والصحافة المستقلة والسلطة الرابعة .... وتصطدم هذه التطلعات بالاحتلال الاجنبي والسلطات الكومبرادورية – الطفيلية – الطائفية وانتهاكاتهما لحقوق الانسان " فضائح ابو غريب والجادرية .. فرق الموت والميليشيات الطائفية " وبالارهاب الاصولي والبعثي .. وبالولاءات دون الوطنية ، وبالمفاهيم السلفية العدمية التي تعارض مفاهيم حقوق الفرد منطلقة من أوهام مفهوم الحاكمية الآلهية المطلقة !.. وبحذف المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان مما مهد الطريق لنسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين ، ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع ، وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والظلامي المتخلف ...  هكذا يقف العراقي وكأنه مجبر على الاختيار ما بين قبعة المارينز والعمامة الدينية والعقال العربي ... الخ . شدد النص المحذوف (المادة 44) على حق العراقيين في التمتع بالضمانات وأشكال الحماية المكرسة في المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صدّق (صادق) عليها العراق. واكدت منظمة العفو الدولية ( AMNESTY ) إنه " بينما يتضمن الدستور العراقي الجديد المقترح العديد من النصوص الإيجابية لحقوق الإنسان ، إلا أن حذف هذا النص يشكل خطوة خطيرة إلى الوراء." وأضافت " إن هذه الواجبات المترتبة بموجب المعاهدات لاحترام حقوق الإنسان الأساسية لم تحترم في عهد صدام حسين، لكن إدراج المادة 44 في الدستور الجديد شكلت فرصة حقيقية أمام العراق لفتح صفحة جديدة في مجال حماية حقوق الإنسان .... وهي فرصة لا يجوز تفويتها."
 لم ينل نشر ثقافة حقوق الانسان في العراق وكردستان الاهتمام اللازم رغم مرور اعوام ثلاثة كاملة على سقوط الدكتاتورية بسبب المخلفات الثقيلة للنظام البائد ، وطائفية العهد الجديد ، والارهاب ،  والتدخلات الاقليمية وبالاخص الايرانية  ، وزيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية و حقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية لتحقيق مصالحه ومطامعه في بلادنا !. لكن الدبلوماسية الكردية سجلت المشاركات الطيبة في محافل حركة حقوق الانسان الدولية منذ عام 1991 ، واهمها مشاركة وزير حقوق الانسان الكردستاني في مؤتمر مكافحة التمييز العنصري المنعقد في دوربان في دولة جنوب افريقيا برعاية الامم المتحدة عام 2001  وبحضور اكثر من (180) دولة وممثلي اكثر من (5000) منظمة غير حكومية . ان تشبث المؤسساتية المدنية بنشر مفاهيم حقوق الانسان والسعي الى الديمقراطية ليس احلاما وردية لأشاعة المفاهيم السياسية – الفكرية فحسب بل تعبيرا عن توازن القوى الاجتماعية والمصالح الانسانية والرغبة الجامحة لتجسيد هذه المفاهيم عمليا على أرض الواقع !  .ان الغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان هو في حقيقة الامر عودة الى مفاهيم مرحلة ما قبل حركة حقوق الانسان ودعوة مبطنة لفتح بوابة العنف والعنف المضاد في المجتمع ! وهو تأكيد صارخ على تعاون الاحتلال والميليشياتية والعسكريتارية والطائفية والعشائرية والولاءات دون الوطنية وحملة الافكار الظلامية والبعثية والعنصرية والارهابية على تدمير وتهميش مؤسسات المجتمع المدني وهيئات حقوق الانسان ، وترسيخ ميراث ثقافة الخوف والشك بالمواطن !. ان الغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي نصت علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان ، الغاءها على طريقة التمشدق الديمقراطي ... لا يعني سوى تغييب حاضر الوطن العراقي الحر والشعب السعيد بنبش الماضي راهنيا .. حلمنا العيش في عراق حر ديمقراطي يحترم أسس حقوق الانسان التي تدعم تعدد الثقافات والنظام السياسي الفيدرالي البرلماني الذي يقر بالشرعية الدولية لحقوق الانسان. ان المادة ( 140 )الجديدة من الدستور المعدل تنص على انشاء لجنة برلمانية لصياغة التعديلات النهائية على متن الدستور، وعرضها على العراقيين في استفتاء جديد.هل يجر الاقرار مجددا بالمادة 44 من مسودة الدستور الملغاة !؟.

راجع :
•   الدستور الجديد والمعركة في سبيل العقلانية
•   علوية الدستور الشهرستاني والغاء الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان
•   الدستور العراقي واعادة اعمار ثقافة وديمقراطية الطفل
•   حقوق الإنسان في العراق و كردستان


http://www.rezgar.com/m.asp?i=570
http://www.al-nnas.com/article/SKuba/index.htm
http://www.afka.org/Salam%20Kuba/SalamKuba.htm

247
 "الطيور على اشكالها تقع !"


         التيارات الاصولية اتجاهات فكرية وسياسية وآيديولوجية متزمتة ومتعصبة ومنغلقة على نفسها وتقاوم رياح الانفتاح والتغيير ومحاولات التكيف والاندماج مع متطلبات العصر ، وهي تيارات مراوغة وخبيثة تشدد على فرادتها وضرورة تسيدها انطلاقا من مقولات بالية واساطير التوقيع مع الأئمة الصالحين صكوك الخلاص والعهد الابدي في الحكم وفق التعاليم الطائفية بغية تخليص الشعب العراقي من الشرور ! يا للحماقة ... 
     الاحزاب المتأسلمة – الطائفية العراقية في اصوليتها تسعى للتعبئة الطائفية بحجة حماية الطائفة ومنع اندماجها في المجتمع العراقي ، وتتذرع بالحجج بغية حماية الهوية الطائفية تارة والاسلامية تارة والخصوصية الدينية والثقافية لجماعاتها تارة... واخطر مافي الامر هو التبعات السياسية المترتبة على مثل هذا الخطاب العقيم ! وهي احزاب تفسر النصوص الدينية على هواها وحسب مصالحها لتستخرج منها خطابها السياسي والتعبوي الذي يسعى السيطرة على المجتمع العراقي وتحويله بالعنف الى مجتمع يتماشى مع مخططاتها ورؤيتها التي لا تختلف عن التوجهات الفاشية والدكتاتورية ، ولكن بقناع طائفي هذه المرة ! . وتتخوف الاحزاب الطائفية من العلمنة وحقوق الانسان والمواثيق الدولية لأنها غير طائفية ! ، وبذلك تخسر هذه العصابات الطائفية مصداقيتها في  اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة ومابعد الحداثة . 
      تعرف الشعب العراقي على الماسونية والطائفية في آن واحد من خلال التاثير الاجنبي – الرجعي ...  في الاحتلال الاول أقام الإنكليز توازنهم للقوى السياسية الداخلية في سبيل أحكام السيطرة على العراق وتمرير المشاريع والخطط وقد ادخلوا المؤسستين العشائرية والطائفية  في اللعبة.  إن الطائفية التي يتم تمريرها اليوم مثلا هي من أخطر المشاكل التي يغذيها الأحتلال الثاني  ، و التي تهدد وطننا ومجتمعنا ، أضافة الى مشاكل الأرهاب الجماعي الشامل ، والإنفلات الأمني التام ، والفساد والأزمات الأقتصادية والخدماتية والمعيشية الطاحنة ، وضياع الأفق في وطن يتعرض للأحتلال والنهب والتصفية المتسارعة . تعرف الشعب العراقي على الماسونية عبر الحملات والجمعيات  التبشيرية ونوادي اخوان واخوات الحرية ، ومكاتب الارشاد والمعاهد الاهلية لتدريس اللغة الاتكليزية ، وجامعة الحكمة وكلية بغداد ...وتأسيس حزب البعث والاتحاد الوطني لطلبة العراق ،وتأسيس الاحزاب الدينية الطائفية ، وعبر خريجي واعضاء  المؤسسات التعليمية الملكية البريطانية والاميركية في ميادين الطب والهندسة والاقتصاد .... وقد أغوت الماسونية في العراق  النخب الطائفية السياسية وبالاخص الشيعية السياسية منذ النصف الاول للقرن العشرين التي رأت فيها الظهير القوي لأسناد ودعم نفوذها والحفاظ على سمعتها ولجم التأثيرات الديمقراطية المعادية للرأسمالية والقوة الروحية المعادية للاستعمار ... فتورطت هذه النخب فيتشيا في الطقوس الماسونية ولتعيش ازدواجيتها داخل وخارج العراق  خاصة ابان العهد الدكتاتوري البائد .... واسهمت الماسونية  بباطنيتها ونخبويتها في تأجيج الطائفية الدينية وطائفية الدولة العراقية معا وفي التغريب الثقافي والروحي للمواطن العراقي  وبذر روح العداء بين الأقليات الدينية والتعشير الجديد ... وفي تحقيق المشروع الصهيوني . وتسهم الماسونية اليوم بقسطها الاساسي داخل العراق  في تصعيد نجم  الادعاءات المجانية في الدفاع عن الحقوق المهضومة لهذه الطائفة أو تلك ليجري اختراق الميدان من بوابة الزعم بتمثيل طائفة بعينها من منطلق تقسيمي مرضي ينزع الهوية الوطنية ويرجع بالشعب العراقي إلى الوراء قرونا عديدة.. حيث نظام الطوائف ما قبل الدولة وقبل التنظيمات الحديثة التي تفرضها سنن التطور والاستجابة لحاجات الإنسان وحقوقه التي يتطلع إليها...
•   الصهيونية والماسونية والفاشية توائم لبغي واحد

  الماسونية –  جمعية سرية مشبوهة  مرتبطة بالصهيونية انشأت لرفعة التاج البريطاني والدعاية له الا انها قد غيرت ولاءها للولايات المتحدة مع استئثارها الهيمنة والنظام الاحادي القطب . ولا ينظم الى الماسونية الا افراد الطبقة العليا من رجال الحكم ورموز الثقافة والمتنفذين . وهدف الماسونية يبقى خدمة الاسياد ومصالح الدول الاستعمارية التي ترتبط بها ! .. من الجدير بالذكر تماثل اسس عمل الماسونية والصهيونية ! ... فقد سعت الصهيونية الى خلق السنهدرين .. وهو احد اشكال الحكومات السرية الخفية لأبناء التكتل اليهودي في العالم .. يعمل بفعالية ونشاط .. ويلقب رئيسه بالأمير .. وهناك السنهدرين الاعظم والسنهدرين الاصغر ! .
الصهيونية والماسونية والفاشية توائم لبغي واحد هي العنصرية ربيبة الاستعمار ، والجميع ينتهج الخطوط المنحرفة التي تلتقي اطرافها لتشترك مصالحها وتتشابه اهدافها حيث نصبت كل منها نفسها منقذة وحامية لعنصرها ! والماسونية والفاشية الجديدة قوى ارهابية بقيت جذورها مستقرة في رحم الامبريالية تنطلق عندما يحتاجها الرأسمال الكبير لكبح تنامي الحركة الثورية ! ... يذكر ان المواثيق الدولية تؤكد " الصهيونية شكل من اشكال العنصرية !" .. ومن هذه المواثيق :
•   الاعلان العالمي ضد العنصرية عام 1963 .
•   قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية عام 1975 والغاؤه عام 1991 .
   والتفت الصهيونية على هذه القرارات عبر الجماعة اليهودية الصهيونية ، ومنتدى المنظمات غير الحكومية الاوربية ، واعلان سانتياغو للجمعيات الاهلية في الامريكيتين ! الخ ... بمعنى اخرى ان الصهيونية هي حركة آيديولوجية سلبية تسعى لتجميع اليهود على اسس استثارة معاداة اليهود وبالتالي هي لا تمتلك برنامجها الايجابي ! كان صعود الموجة القومية في شخصية الصهيونية تاريخيا سوى الاستفزاز السياسي المعاصر للوجود القومي العربي في مراحل انبعاثه الجديد ! ..
   لم تتخل الامبريالية والصهيونية العالمية عن سعيها الى شل الحركة الثورية العالمية بل ازدادت خبثا ودهاءا في عملها هذا ! ومنها اشاعة الفساد وشراء الذمم والتمويل وتقديم المساعدات والمعونات بسخاء تحت شتى المسميات ! للجميع وللافراد ،لتحويل اتجاه الصراع من النضال ضد الامبريالية والصهيونية والاستغلال الرأسمالي الى نضال من اجل قضايا جوهرية واساسية وان كانت ناتجة عن جوهر هذا النظام ! اي من الثورية الى الاصلاحية والاشتراكية الديمقراطية ! ليجر تقزيم الحركة الاجتماعية الى المؤسساتية على هيئة شركات مساهمة من المساهمين الكبار واصحاب المصالح ورجال الاعمال !  وبالتالي لا ضرورة للعمال والفلاحين والجماهير الكادحة الشعبية الواسعة ! ويكفي التمويل الغامض المنشأ والكادر الضيق من الموظفين – الكادر الحزبي ! اي كلاب كانيش ( كلاب الصالونات ) التي تعوي ولا تعض ! ... ولما كانت العلاقات غير الانتاجية الطفيلية هي السائدة عند اليهود تاريخيا مثل الربا والسمسرة .. فقد اثر ذلك على تركيبهم الروحي والنفسي ودعاهم دوما الى الكتمان ! وهذا ما ربطهم بالماسونية والصهيونية .والماسونية ذات تكتمية شديدة عن اعمالها وآلية تنظيمها ! الا انها تقف على ارضية صلبة من الخبرة الدعائية والانفاق السخي !
       تعتبر الحركة الماسونية العالمية اضخم منظمة سرية عالمية تمتلك اليوم ميزانية وثروات تناهز مليارات الدولارات . وتشرف على رعايتها وتنظيمها وتمويلها كبار البنوك الغربية والمنظمات الصهيونية واليهودية العالمية ! وتعتبر الاخوية الماسونية اليهودية (بناي بريت – ابناء الحلف) تنظيما فوق ماسونيا .ومن المنظمات الماسونية التنسيقية نادي بيلدربيرغ واللجنة الثلاثية برئاسة روكفلر  ! والمخابرات المركزية الاميركية هي الاداة التنفيذية الرئيسية للحركة الماسونية العالمية  ! وتحاول الماسونية تأسيس النوادي الشرعية المتخصصة مثل نادي ( روتاري انترناشينال ).. الذي ينتسب الى الماسونية البيضاء اي غير النظامية !.
        الماسونية – حركة باطنية سرية تتسم بالسمات المميزة للحركات السرية وتفردها بخصوصية العلاقة المقدسة للسر والعلن عبر قلب موازينهما الظاهرة والباطنة ! وتظهر الجزء الايسر مما تخفيه وتخفي الجزء الاعظم مما تظهره وتسعى اليه ! واتخذ التعارض المميز للحركات الباطنية السرية في الماسونية صيغته المتطرفة في كل ما يمكن حدسه وراء مواقفهم من قسم الانتماء للماسونية ومعاقبة المخلين به او من يكشف عن اسرارها النهائية ! وراء هذه الاسرار يكمن العالم الحقيقي للماسونية واهدافها النهائية ! وكان ظهور الماسونية تاريخيا نهاية القرن السابع عشر في انكلترة نتاجا لتداخل العوامل الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية العديدة ! .. في الوقت الذي نشرت فيه بروتوكولات الحكماء الصهاينة باللغة الروسية عام 1901 تأكيدا على واقع وجود الماسونية اليهودية واهدافها البعيدة المدى ! في رسملة الماسونية وتهويدها السياسي ! . واتخذت الماسونية كحركة فكرية – سياسية وثقافية روحية باطنية بادئ الامر هيئة الدين الجديد للمثقفين المتنورين .وكان توجه الماسونية صوب العناصر النصرانية – اليهودية قد جعل منها المرتع الجذاب لليهود .
     لم يكن ذلك معزولا عن عالم الماسونية النصراني وسيادة تعاليم وتقاليد الرجعة والخلاص السائدة بما في ذلك تقاليد الحركات الاصلاحية الدينية ! فالصراع بين  البروتستانتية والكاثوليكية جرى عبر العودة لحقيقة يسوع المسيح – النصرانية الاولى ! ينطبق هذا على مهاجمة البيوريتانية لكل من  الكاثوليكية و البروتستانتية عبر الرجوع الى العهد القديم للنصرانية .... وهذا جعل من الماسونية الكنيسة الجديدة ل " اهل الكتاب " – اليهود - ،وقد اعطت لليهودي امكانية بقاءه يهوديا وان ينخرط في الوقت نفسه بالعالم النصراني في وقت انحلال التقليديات الاوربية وعالم الغيتو اليهودي المنعزل التقليدي معا ! . تجسدت العلاقة الحميمة مابين البروتستانتية واليهودية تماما اثناء فتح اميركا !وكان مستوطنو اميركا من  البروتستانت يستولون على اراصي الهنود الحمر ويطاردونهم وهم يتذرعون بيشوع وعمليات الابادة المقدسة للفلسطينيين والعمالقة ! . وفتحت الماسونية بباطنيتها ونخبويتها الاجتما- ثقافية المجال امام انتقال اليهود من عالم الغيتو الى الفئات الاوربية المتنورة اي الدخول المباشر في " الطبقات العليا " ! .
طوى القرن الثامن عشر شائعات الماسونية اليهودية ليكشف من خلال اليهودية عن الماسونية ! وفعلا جرى الاعلان عن تأسيس  ماسونية خالصة عام 1843 في نيويورك وهي جمعية " بناي بويد ". .. اي ان الماسونية اليهودية كانت عموما النواة الفعالة الرئيسية في الحركات السياسية المتطرفة من فوضوية وتروتسكية وحتى الاشتراكية الديمقراطية والاشتراكية ! وتعتبر "جمعية الشرق القديم" الماسونية الفرنسية من منابر الماسونية المعروفة ، وكان رئيسها الاعظم (لافير) يقول "ان غايته النهائية تحطيم الاديان ..." .
استجابت الماسونية في خلفيتها العامة من المقدمات الاجتمااقتصادية والسياسية – الفكرية والاخلاقية – النفسية لمتطلبات صيرورة " العالم اليهودي الجديد "- عالم العلاقات الرأسمالية الصرف وآلهتها الجديدة – المال ! وفي روسيا برزت خصوصية "الماسونية الراديكالية" بمشاركة اليهود في الثورة الراديكالية لبلورة ماسونيتها !...وكان اشتراك اليهود في الحركات السياسية المعارضة للنظام قويا وراقبتها بصرامة السلطات القيصرية !...رافق ذلك صعود اليهود الى المراكز القيادية في الحركات السياسية .وفرت الماسونية اليهودية من خلال رساميلها امكانيات توتير العلاقات الخارجية والداخلية لروسيا القيصرية ومدت الحركات السياسية المناهضة للنظام بالاموال ! وكان جميع قادة الحركات اليهودية السياسية من الماسونية !وتمتعوا بقوة كبيرة ليس بين اوساط الحركات اليهودية فحسب بل والحركات السياسية الاخرى .. كان اغلب اعضاء الحكومة المؤقتة عام 1917 من الماسونيين ! ... وعليه الماسونية – منظمة عالمية ذات نزعة اصولية يهودية متميزة ! حالها حال المنظمة الصهيونية العالمية – التجسيد السياسي المباشر و المعاصر والبراغماتي للاصولية اليهودية المقنعة ! ...
بادئ الامر جرت محاولات اتهام المثقفين والافندية وحاملي مشعل التنوير بالوهابية تارة وبالماسونية تارة اخرى لانهما كانتا ملاذ فكري للمثقفين البورجوازيين في القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ! بعد ذلك احيكت وشبكت الارتباطات الوثيقة الخفية بين التروتسكية والاممية الرابعة ويسار الحركة الصهيونية والماسونية والفوضوية والوجودية ومجاميع اليسار الجديد والليبرالية والليبرالية الجديدة والاشتراكية الديمقراطية ! ويسعى الجميع لأيجاد مواطئ قدم لهم في العراق والبلاد العربية وكردستان وبالاخص في الاوساط الطلابية والمثقفة !
  لم يطبق قانون الجمعيات غير الحكومية البريطاني الصادر عام 1799 على جمعية المحفل الماسوني التي تعتبر اعرق جمعية سرية عرفتها بريطانيا والعالم ! وكان اعضاء هذا المحفل من الحكام ورجال الشرطة المتنفذين والسكوتلانديارد وبلديات المدن ورجال السياسة واعضاء من العائلة الملكية حيث المحسوبية والفساد تحت ستار ( الاخوة ) وعبر رموز وكلمات السر والتغلغل داخل المجتمع البريطاني وتسلق سلم المسؤوليات بسرعة غريبة عجيبة وحماية السمعة.... والتطرف الماسوني يرتبط بالسرية التامة والتكتم النادر عبر قسم الانتماء ومعاقبة المخلين به او من يكشف عن اسراره واهدافه النهائية ، والخائن يعرف مصيره المحتوم على الطريقة الجاكية.... رغم انها تدعي بالنيات الحميدة والاخلاق الفاضلة ! . ارتبط عبد القادر الجزائري بالماسونية عام 1860 عبر محفل باريسي ضم الشخصيات القريبة من الحكومة الفرنسية وانتمى لها في مصر عام 1864 ليصار قائدا لأحد محافلها في دمشق .

•   التعشيق الماسوني الطائفي

       الأحزاب الطائفية العراقية حركات سياسية طائفية المظهر ماسونية الجوهر مليئة بالنفاق ، لصوصية وفاسدة ، كوسموبوليتية تتسم بالعدمية القومية وافتقاد روح العزة القومية والانتماء الوطني وتبني قيم الرأسمال المالي العالمي ... وفي الحالتين تسعيان الى سرقة ديمقراطية الشعب العراقي  ونشر الانحطاط المادي والمعنوي  . كما تتسم بدهاء الورع المزيف وانتقاء الكلمات التي لا معنى لها والتشدق بالعبارات المميزة لأنصاف المتعلمين وتغليب مصالحها الضيقة واللعب بعواطف الطائفة من اجل ترسيخ طائفيتها ،والجهل الفاضح بواقع العراق وآفاق حركته الاجتماعية والسياسية والقومية اللاحقة. وتمثل هذه الاحزاب اليوم مصالح الرأسمال المالي الاميركي والصهيوني وهي امتداد لجهل الطاغية وتوتاليتارية نظامه الارعن. 
     ثمة ديموقراطيون يعبرون عن وجهة نظر مفادها "صحيح أن الأحزاب الطائفية ليست ديمقراطية، ولكن يجب أن نتعامل معها بديمقراطية كتعبير عن ديمقراطيتنا، وإلاّ بم نختلف عن الدكتاتوريين؟!". الحماقة تبقى حماقة ولو على سطح القمر ورحم الله امرء عرف قدر نفسه وعرف قدر غيره !.... لأن قرارات  الأحزاب الدينية الطائفية نابعة من بنيتها وهي تريد العنب والسلة ومقاتلة الناطور. وهي الآن تشعر بقوتها جرّاء غضاضة عود الديمقراطية في المجتمع العراقي ككل ، والتعويل على بعثرة القوى الثورية الحقة عبر الطائفية والتقاليد الدينية وتاثيرها على الفكر السياسي . وعلى الشعب العراقي أن يدرك بأن الكارثة التي عاشها طوال العقود المنصرمة لن تنتهي أبداً حتى بعد سقوط نظام صدام حسين. إن الخلاص الحقيقي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي مبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي . إن هيمنة فكر التيارات الدينية المختلفة ومن مختلف أطيافه لم يأت عبثا أو عفويا ، بل بسبب الغياب الطويل للفكر الديمقراطي والتقدمي عن الساحة السياسية العراقية نتيجة إرهاب النظام الصدامي ، في حين استمرت المساجد والحسينيات بالعمل والتثقيف والاستفادة من الحملة الإيمانية البائسة لصدام حسين.

248
 جاء قرار مجلس الحكم المرقم (27   ) في 25/8/2003 الخاص بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... جاء في وقت استبشر فيه الشعب العراقي خيرا بنهاية الحكم الدكتاتوري ونظام صدام حسين وعكس مجرى الاحداث السياسية آنذاك الامر الذي أثار الحذر من الكارثة الوطنية المحدقة لسقوط الدولة بمؤسساتها وشيوع فوضى الاحتلال والسوق معا ... اعقب ذلك صدور قرار مجلس الحكم رقم (3) في 7/1/2004 الذي تقرر بموجبه حل كافة الإدارات والمجالس المؤقتة للنقابات والجمعيات ... و قرار اللجنة العليا المشرفة على تنفيذ قرار مجلس الحكم المرقم 3 لسنة 2004  ، القرار المرقم (110) الخاص بتجميد ارصدة المنظمات غير الحكومية ! الاخطر هو  قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 الذي يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة.. وقرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! .. لم يكشف هذا الموقف قصور فهم الائتلاف الموحد لماهية المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني فحسب بل قرع جرس الانذار مجددا عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسات تحويل أبناء الشعب إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة السلطات الحاكمة  الجديدة والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل لها  ....

•   الحركات الاجتماعية والمنظمات غير الحكومية

     المنظمات غير الحكومية سلطة مضادة تعبوية تضمن قنوات المشاركة والإدماج والتعبير المستقل عن الحكم.....ولكن إن شئنا أم أبينا ترتبط بوشائج وتشابكات مع الرساميل الاجنبية والغرب والقوى الخارجية لا يمكن تفسيرها على أي حال بحسن نية دائماً !. نبز مصطلح " المنظمات غير الحكومية " في سياق التطور الاجتماعي الجاري عالميا ! ومحاولات الاستقطاب تحت مظلة النظام الرأسمالي العالمي ليشير الى  الجماعات النوعية او الطوعية او التضامنية التي تعمل على تعبئة اوسع عضوية ممكنة حول هدف عام تتطلب القدرة لتحقيقه ،وتتخذ شكل جمعيات او مراكز او روابط  في ظل بعض القوانين المحددة او بالالتفاف حولها مع فروق واضحة على مفهوم الجمعيات الاهلية ( الخدمية او الخيرية )! .وقد اكتسح مفهوم المنظمات غير الحكومية المفهوم التأسيسي في هذا المجال " الحركات الاجتماعية " ، والتي تظهر تشكيلات القوى والقطاعات الاجتماعية التي تدفعها ازماتها في المجتمع لبلورة وعيها بالتعبير عنه على شكل انتفاضات احتجاجية او حركات مطلبية تشارك بها منظمة او منظمات ! ويكون هذا الوعي تاريخيا لتتخذ الحركات الاشكال الثابتة كالنقابات والاتحادات العامة والتنظيمات التعاونية .. الخ. وفرض وجود المنظمات غير الحكومية على بنية العلاقات داخل الدول بدعم ومباركة من النظام الدولي مباشرة وهو يعتمدها اصلا طرفا في التنظيمات المؤسساتية الدولية (المؤتمرات العالمية) بتأكيد مصداقيتها .. وبالتالي مصداقيته ! والنفي المتعمد لدور التنظيمات الجماهيرية او السياسية المنظمة  كالاحزاب .. الخ .. تحت شتى السبل والحجج الممجوجة !.ويصبح نمط  المنظمات غير الحكومية هو النموذج التحليلي الجدير بالاهتمام ، وبأسمه يجري قياس الموقف الشعبي وقيادة التحركات الشعبية لتؤكد مصداقيتها الدولية !  .
      وبلدان العالم الثالث وجدت نفسها فجأة وسط الدمقرطة والمقرطة والمؤسساتية المدنية في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والاكتساح المعلوماتي المعاصر وما رافقه من انتعاش استهلاكي طفيلي براغماتي جرف معه حتى النخب الاجتماعية وقيادات الاحزاب السياسية .. وتتطلع المنظمات غير الحكومية الى القيام بدور  الحركات الاجتماعية بين شعوبها ،لكن يفوتها انها تقلد نسق  المنظمات غير الحكومية في البلدان الرأسمالية والاميركية بشكل خاص اي المنظمات الوليدة نتاج الاحتكار الدولي والتطورات الداخلية البنيوية المتعددة المراحل ! .... اي ان المنظمات غير الحكومية تبقى منسجمة مع مرحلة من تطور النظام الرأسمالي الراهن وتنظيماته ..
القضية الاخطر هي ان الغرب يحاول نعت  الحركات الاجتماعية بالمنظمات غير الحكومية وبالتالي احتواء حركة الحقوق المدنية لصالح القطاعات الاجتماعية المضطهدة ، وحركة الشبيبة ضد الحروب ، وحركة السلم العالمية ، والحركات النسوية ، وحركات الرفض الاجتماعي الجارفة !...وصعود حركات الطلاب والشباب في اوربا بالاخص فرنسا !،وحركة المثقفين ضد مؤسسات الدولة في اوربا الشرقية ،وحركات التضامن العالمية ! والنقابات والمنظمات المهنية ! اي تقوية اسس الدولة الرأسمالية الاحتكارية بالتحرك وسط المجتمع المدني وكمنطقة صراع مع الحركات الاجتماعية المناضلة !. واكتسح التدفق المعلوماتي والاعلام المعاصر امكانيات الاختيار واخترقه ! لينفرد المركز الرأسمالي بمنطق وآليات العقلنة واعمال القانون الاجتماعي العالمي فأكسب المنظمات غير الحكومية قوة تصدير اللاعقلنة الينا والى مناطق الاطراف ! ... والجميع يدرك انها لا تمثل العمل الطلائعي لتنشيط المجتمع المدني والحركات الاجتماعية ازاء المحاذير المفروضة عليها من جهة القوانين . وهي بالنخبوية الصارخة تبدو مشروعة من وجهة نظر تمثيلها الديمقراطي للجماهير الشعبية .وتتعمد الحكومات خلق المنظمات غير الحكومية والجمعيات الاهلية كقنوات ثابتة لها لتدفق المساعدات الدولية . فقط الثقافة السياسية الديمقراطية الحقة بامكانها ان تلزم  المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية عموما بمواقعها في المؤسساتية المدنية وضبط دورهما بالاطوار التعبوية والتعبيرية والمطلبية والتنموية وحق المشاركة في القرارات العامة ! فالنموذج الاميركي يعزل معيار المساهمة الديمقراطية عن بنية المجتمع الاهلي والمنظمات غير الحكومية لتتكشف مصادر التمويل الضخمة في اطار اقتصاد السوق والخصخصة !
تشغل المنظمات غير الحكومية التي تعتمد معايير المواطنة والمشاركة الطوعية الدور المهم في تقليل معدلات الفقر وادماج المهمشين والفئات والشرائح الاكثر احتياجا وتوفير الخدمات الاجتماعية الاساسية ! لكنها منظمات لا تزال دون مستوى الطموح لأن العبئ الاكبر لضمان الامان الاجتماعي يقع على كاهل الدولة ! وتفتقر هذه المنظمات الى شبكة العلاقات الافقية والعمودية لأداء الادوار التنموية ودعم دور القطاع العام والقطاع الخاص والقدرات التنافسية  بدل التراجع والانكفاء .. والتعويل على الصدقات والقروض الاجنبية ! وعموما تنحسر المنظمات غير الحكومية في مجال تطبيق شبكات الامان الاجتماعي لقلة الخبرة وعدم القدرة على اعادة انتاج ذاتها اجتماعيا وانفصالها عن عملية الانتاج المحلية اقتصاديا وعدم تعبيرها عن حاجات حقيقية لشرائح وفئات تحف بها المخاطر من كل جانب !
تعاني المنظمات غير الحكومية من قيود ادارية تقيد عملها وتضيق عليها ! لأنها الحاضنة الكبرى لتفريخ القيادات والتربية الديمقراطية ... بينما تمارس السلطات هيمنتها على الاحزاب السياسية وحرية تشكيلها مباشرة وغير مباشرة عبر القيود المفروضة على نشاطاتها  وتجديد الحركة الحزبية .. وهذا ما يعرقل اساسا الديمقراطية السياسية والحركة الانتخابية لاسيما البرلمانية ! 
ان مجال عمل هذه المنظمات – الجمعيات يتوزع على نشر الوعي الحقوقي والقانوني والديمقراطي والعمل على مراقبة الحركة الانتخابية ! وحقوق الانسان والعدالة والمرأة والاعمال الخيرية والاغاثة الانسانية ! بعضها اسلامي يعمل بالزكاة ويربط شرعيته طائفيا وصوفيا .. والآخر مسيحيا ... والجميع قائم على اساس التمويل الذاتي عبر النشاطات الخاصة وتبرعات المساهمين في التأسيس والعضوية واكتتاب الاسهم .. لكن العديد منها اتكأ على التمويل الاجنبي والغربي ومنها مساعدات ومعونات الادارة الاميركية تحت شتى المسميات ! ولا تقدم هذه المنظمات وجوه انفاق مالها الا ما ندر !   .يذكر ان قانون رقم (15) لعام 2001 الصادر عن المجلس الوطني الكردستاني في أربيل قد أجاز التمويل الأجنبي وفق المادة(10) والمادة(12) معاً.
      ليست المنظمات غير الحكومية امتدادا  لبعض الأحزاب والتيارات الدينية أو الطائفية أو الإثنية او واجهة  للحركات والتيارات السياسية والدينية والعقائدية والولاءات اللاوطنية كما يريدها البعض، وهي تضع مسافة بينها وبين الحكومات من جهة وبينها وبين المعارضات السياسية من جهة أخرى. .. انها مؤسسات غير ربحية، وتمتلك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، وتسهم في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،وتعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات -  الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتوريات ، وتدعو للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة  والثورة المعلوماتية والثورة العلمية والتكنولوجية  والمجتمع المدني العالمي  والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي .
      وتسهم المنظمات غير الحكومية في تذليل السياسات التنموية والتشخيص المبكر للاختناقات ومواقع الخلل لدعم التخطيط المنهاجي والسياسات الاقتصادية الكلية المتماسكة وفي تعزيز المصلحة العامة والنفع العام !  وهي تعاني حالها حال بقية منظمات المجتمع المدني من أهلية القيادات التي شاخت وهرمت أعداد غير قليلة منها ... لكنها ظلت متشبثة بمواقعها وعملت على  تخليدها باعتبارها مكسبا أو ملكاً شخصيا ، اي تحويلها الى مؤسسات شخصية لتجميع الأتباع  والمشايعين وعدم إجراء الانتخابات، أو إجراء الانتخابات الشكلية لتجديد الثقة  وفي ظل الأوضاع الاستثنائية، وغياب الشفافية وضعفها. .. وبالتالي تبوء البيروقراطية الادارية- الحرس القديم مقاليد ادارتها الامر الذي يهدد جاهزيتها الفكرية بالمنافسات غير الشريفة بين الأفراد الذين يتربعون على قمتها ، والمنظمات والقيادات الأخرى التي  تنبت مثل الفطر الحساسيات والمشكلات التي غالبا ما يكون طابعها شخصياً.
ان الادعاء بالديمقراطية وتواجد المجتمع المدني او التغني بهما لن يقدم شيئا اذ لا يخرج ذلك عن ممارسة تكتيك سياسي او مناورة وهمية ! ولا يعني اضافة المؤسسات الجديدة الهامشية الى المؤسسات المتواجدة للايحاء بتنشيط  المجتمع المدني وتفعيل الديمقراطية سوى ان الديمقراطية مغيبة ، و المجتمع المدني هو شعار لاغراض التنفيس والاستهلاكية !

•   الجمعيات الاهلية - منظمات غير حكومية

توجهت النية بداية القرن العشرين لتأليف الجمعيات الاهلية العراقية وضمت في هيئاتها المؤسسة كبار رجال الحكم الملكي .. ومنها جمعيات "النادي العلمي" المتأسس عام 1913 و" بيوت الامة " المتأسسة عام 1935 و" مشروع الفلس " (1933) و " حماية الاطفال " و " الشباب المسلمين " و" الناشئة الاسلامية " في بغداد ، و جمعية الرابطة العلمية والادبية في النجف الاشرف !و " الوفاء للعهد" لعبد الوهاب محمود و زكي خيري و" الانتقال لفلسطين" لحسين الرحال وآخرين و"اصحاب الصنائع" و"تعاون الحلاقين"و"الشعبية " برئاسة جعفر ابو التمن و"السعي لمكافحة الامية "و"العاصفة الحمراء " في النجف! .
لقد تأسست جمعية حماية الاطفال عام 1928 .. واشترك في تأسيسها ابراهيم محمود الشابندر في الوقت الذي ترأسها الفريق طه الهاشمي ! . اما جمعية الهلال الاحمر العراقية فتأسست في 22 / 1/1932 بعد سعي دؤوب من ارشد العمري ، وصدرت لائحة قانون اعتراف الحكومة العراقية بالجمعية برقم (40) لسنة 1934 ، وانضمت الى اتحاد جمعيات الصليب الاحمر في باريس واللجنة الدولية للصليب الاحمر في جنيف !.وسنت الحكومة العراقية لائحة قانون نوط الهلال الاحمر وصادق عليه مجلس الامة كنوط يمنح الى الذين يخدمون او يساعدون الجمعية بصورة فوق العادة ! ترأس الجمعية عام 1935  ارشد العمري ،وكان جعفر الشبيبي نائبا .. و ابراهيم محمود الشابندر سكرتيرا !. يذكر ان ابراهيم محمود الشابندر هو ابن محمود جلبي الشابندر  الذي عقد الأتفاقات مع الأستانة وبذل الجهد لتنوير بغداد بالكهرباء وقد منحته الحكومة العثمانية امتياز تنوير بغداد سنة 1912. وفي أعوام 1938-1939 احتلت شركة ابراهيم محمود الشابندر المحدودة (هذه المرة ) موقعها ضمن قائمة الصف الأول لغرفة تجارة بغداد. واستوزر ابراهيم نائبا في البرلمان العراقي عام 1952 بينما استوزر أخوه موسى اكثر من مرة وكان سفيرا للعراق في واشنطن عام 1953 .
بلغ عدد الجمعيات والنوادي الملغاة عام 1954 ) 465 ( مؤسسة في بغداد وبقية المدن العراقية . وقد حل (نوري السعيد ) بجرة قلم البرلمان والأحزاب وألغى امتياز الصحف والمجلات وحل النقابات والتنظيمات الاجتماعية والمهنية . واصدر مراسيم تحرم العمل من اجل السلم "وما شاكل ذلك " .
لم يطور قادة  ثورة 14 تموز 1958 المجيدة الأجهزة والمؤسسات التي ورثوها من الحكم الملكي لتعميق محتواها الديمقراطي والدستوري المشوه ، وتوسيع  صلاحياتها ، والحد من تجاوزاتها المعروفة قبل الثورة ،ولم يستلزم العراق آنذاك سوى إصلاح البرلمان والدستور والمؤسسات بما يخدم مصلحة الشعب والجماهير الواسعة ويحد من نفوذ تسلط القوى التي كانت تتلاعب بها .هكذا ولدت ثورة 14 تموز مجالا سياسيا ديمقراطيا متخلفا في الفهم السياسي السليم لمجريات الأحداث وأسلوب إدارة المجتمع . في العهد الصدامي انحسر دور الجمعيات الاهلية بعد ان تمت المبالغة  في تدخل الدولة التعسفي بشوؤن  القطاعات الإنتاجية الأساسية للاقتصاد الوطني وعموم المجتمع لينتهي بالتنكر لإجراءات مسيرة ثورة 14 تموز المجيدة والعهد الجمهوري!
     انطلاقا من أن المنظمات الأهلية – التطوعية – غير الحكومية هى جزء من العلاقة الرابطة بين القطاع الأهلي على المستويين الاقليمي والدولي ، يمكن فهم المسعى الحكومي لتوفير الاجواء الأكثر ملاءمة لتنشيط آليات ومبادرات بعض التنظيمات الأهلية دون أخرى وفى بعض الأنشطة فقط . ان تغليب دور التنظيمات الأهلية وفلسفتها عند حدود التكافل الاجتماعي وتقديم الأعمال الخيرية ، يمكن إرجاعه الى مجموعة من العوامل، منها : غلبة المكون الديني على ما عداه من عوامل دافعة للعمل الأهلي وانتشاره، بالإضافة لضعف الدور التنموي وغياب  الدور الثقافي .. وعند التطرق الى هذه المنظمات لابد من تبيان ما يلي : يقاس مستوى التقدم فى العملية الديمقراطية عبر  تقييم أداء المؤسسات المدنية أو الأهلية وقدرتها على القيام بالمهام المنوطة القيام بها مثل التدريب على التنافس والمشاركة ، صعوبة قياس معدلات مساهمة المؤسسات المدنية فى الحد من النزاعات السلطوية فى الحكم أو حجم مساهمتها فى دمقرطة مؤسسات المجتمع وإشاعة القيم الديمقراطية ودعم عملية التطور الديمقراطي ،عدم قدرة التنظيمات الأهلية على التطور المستقل لأسباب تتعلق بالهيكل الاجتماعى والثقافة السياسية وطبيعة النظام السياسي ، تباين فاعلية المؤسسات المدنية بتباين نوع الجماعات التى تشارك فيها وكيفية تكوينها ونوعية قياداتها....

•   النقابات المهنية

     تمتلك النقابات المهنية الطبيعة المزدوجة : هي من ناحية جزء من الجهاز الإداري للدولة تتنازل له عن جزء من سلطاتها تحت إشرافها (تنظيم شؤون المهنة) وهي من ناحية أخرى تجمع لأصحاب المهنة الواحدة له دور نقابي في الدفاع عن حقوق أعضاءه فضلا عن دوره الخدمي والمهني والوطني. وبعد ثورة 14 تموز 1958 ازداد وزن الدور المهني والوطني للنقابات والمنظمات المهنية مع تنامي نفوذ الدولة والقطاع العام ... قبل ذلك اتسم تطور القطاع العام بالسلحفة والتشوه والمعاناة من عجز الموارد المالية والخطط الاستثمارية الخاطئة . .. الا ان دكتاتورية البعث  فريدة النمط  التي افرغت السياسة الأقتصادية للدولة والتخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي ... هذه الدكتاتورية استخفت بالنقابات المهنية وحولتها الى مؤسسات تابعة للنظام ليجر تحديد مسؤول وأعضاء الهيئات الإدارية فيها بالتعيين واشتراطات الطغمة الحاكمة ومصادقة المكتب المهني للبعث . بعد حرب الخليج الثانية والحصار الاقتصادي تهمش دور النقابات المهنية  إلى درجة كبيرة وبات نشاطها شبه مجمد .... الا إن طابعها كونها اوكار للتآمر والتجسس المخابراتي استمر ، إذ لم تتغير قياداتها المرتبطة أصلا بالأجهزة الحزبية والأمنية للنظام .
     العمل النقابي ليس مجرد حق ديمقراطي يتيح للمهنيين إدارة شؤونهم وأموالهم، لكنه أيضا ضمانة ضرورية لسير التنمية الاجتماعية في مسارها الصحيح المتوافق مع احتياجات الشعب . النقابات المستقلة الديمقراطية وحدها الأداة المهنية الحقة في لعب هذا الدور . وتبرز قضية تفعيل الدور المهني والوطني للنقابات المهنية بإسقاط كافة القيود التي تعوق ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي ، باعتبارها قضية وطنية فضلا عن كونها قضية ديمقراطية. و تؤكد التجربة ان الحكومات لن تتخلى طوعا عن سيطرتها على النقابات، والضغوط الخارجية وحدها لن تدفع الحكام إلا لتقديم تنازلات شكلية .
      تواجه النقابات المهنية فى بلادنا  وضعا استثنائيا فى مستويين، الأول داخلي يرتبط بدرجة الاهتمام الحكومي بمؤسسات المجتمع المدني... فالنقابات لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام النسبي الذى تحظى به الجمعيات الأهلية. المستوى الثاني -  دولي يتعلق بموقع مؤسسات المجتمع المدني من العملية الديمقراطية.


•   تدخلات الائتلاف الموحد

     تعاني جميع النقابات المهنية من التدخلات الحكومية بكافة أشكالها وعلى الأخص استخدام سلاح التشريع لفرض وصاية الحكومة على النقابات . وتعثر النقابات المهنية عموما ووقوعها تحت سيطرة الجهات الحكومية وشلل المحترفين والمنتفعين والحرامية ، أو حتى تحت سيطرة اتجاه سياسي او طائفي او مافيوي من الولاءات اللاوطنية  يخضعها لحساباته الخاصة، يرجع أساسا لابتعاد أعضاء هذه النقابات عن المشاركة في العمل النقابي وبسبب قمع وإرهاب وبطش الدكتاتورية . وتحولت بعد التاسع من نيسان الى نقابات  تحفل بالتكافلات العصبوية الطائفية والعشائرية السياسية لتحقيق السيطرة الاجتماعية وخلق اشكال الوعي الزائف بحكم قوة النزعة الطائفية داخل الأحزاب السياسية  والتي  تعني فيما تعني  تشويه التأسيس المدني الديمقراطي والاسهام بفاعلية في خلق بؤر التوتر والاحتقان الداخلي والعودة بالمجتمع القهقرى. ويبذل الائتلاف الموحد الجهد لاضفاء الإطار الوظيفي على مؤسسات المجتمع المدني والإشراف عليها ورقابتها والترحيب الحكومي بالدور الخدمي - التنموي لا السياسي لها سواء كان ذلك من خلال الجمعيات الدينية الإسلامية والخيرية  أو بعض المؤسسات المدنية الدفاعية العاملة فى مجال حقوق الإنسان. ويمكن فهم قرارات الائتلاف الموحد  في هذا الاطار ... الامر الذي خلق جملة القيود والمشكلات التى تحول دون تفعيل النقابات المهنية والجمعيات الاهلية العراقية ، واسس للأزمة التى تمر بها العديد من هذه المنظمات من ناحية القدرة على الدفاع عن مصالح أعضائها وحماية المهن وتطويرها  أو نتيجة ضعف الممارسة الديمقراطية داخلها وتحولها الى حلبة للصراعات السياسية والطائفية ... والقصور عن مواجهة تلك الأزمة من جانب الجهات الإدارية الحكومية والنخب النقابية والادارية للمنظمات  معا ،واستمرار ظاهرة التوقف الانتخابي رغم انتهاء الفترات القانونية لمجالسها منذ فترة .
     ان " معركة الحقوق المدنية والنقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ان تراجع الحكومة عن بعض من قراراتها لا يعني البتة انتهاء سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت ! ... لكنه اسهاما جادا في قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على مؤسسات المجتمع المدني والنقابات ... ولازالت مهمة دعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005  قائمة لمواجهة اي طارئ محتمل بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ ... وهي مدعوة لتوسيع طيفها ليشمل مؤسسات المجتمع المدني  والمنظمات غير الحكومية .

يمكن مراجعة دراساتنا التالية في موقع الحوار المتمدن :
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

•   آليات العقلنة واللاعقلنة في المنظمات غير الحكومية
•   الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
•   نقابة المهندسين و المجتمع المدني والحركات الاجتماعية في العراق

249
  في تاريخ البشرية محطات يتوقف عندها الزمن ليحييها بفخر واعتزاز وتقدير لأنها محطات غيرت فيها وجه الطبيعة على كوكب الأرض عموما . وكانت اختراعات وابتكارات القرن العشرين منجزات أسلحة ذات حدين ...  أسلحة للتدمير الشامل وأسلحة للبناء والتطوير الشاملين الرائعين . لكن العلوم والتكنولوجيا لها باب خاص ومدخل بحثي خاص بينما الجوانب الأخلاقية والنفسية والاجتماعية التي تقرر أحيانا مصير البشرية لها باب آخر ... .. واذا بقيت الابحاث العلمية في ايدي امينة ووضع لها الاطار القانوني والاخلاقي فان البشرية ستصل الى درجة تطور تتحكم فيها بالكثير من مشاكلها الصحية والغذائية ! بعد ان لاحت بالافق امكانية السيطرة على ظاهرتي الحياة والموت التي شغلت البشرية و ما تزال باسرارها عداك عن تحديد نوع جنس الجنين وانتاج الاولاد حسب الطلب ! .. وعموما اثبت التاريخ زوال أي عائق أمام التقدم العلمي التقني .
     الهندسة الوراثية هي إعادة برمجة المعلومات التي يحملها الكائن الحي سواء كان خلية واحدة ام كائن متكامل ،حتى لو كان خلية جرثومية -  ميكروبية لا ترى بالعين المجردة . فيتم إدخال صفة وراثية جديدة او تقويتها او إلغاء صفة وراثية معينة عن طريق إعادة هندسة المعلومات الوراثية عبر الهندسة الجينية في المورثات.  وتسهم تقنيات الهندسة الوراثية نظريا في القدرة على إنتاج أنواع بيولوجية تمتلك خليطا من أي صفات مرغوب فيها ، ويشمل ذلك النباتات الغذائية ... وتطوير السلالات المهندسة وراثيا لا يعتمد على العمليات الجنسية ولكن على غرس الجين او العامل الوراثي الخاص المشتق من المصادر الواهبة ، ومن ثم الإنماء والتطوير البايولوجي التالي من الخلايا المطورة الجديدة غير المتخصصة ! .وبالنسبة للنباتات الغذائية فالتوصل الى محصول جديد وفريد يشكل مذاقا شهيا لم يكن الفرد معتادا عليه ! هو هدف أساسي لعلماء التغذية وجوهر الصناعات البايوتكنولوجية الحديثة تسهم فيها بالدرجة الرئيسية تقنيات التهجين المعاصرة ! .
      الهندسة الوراثية ارادوية الطابع ،وهذا ما يميزها عن الوراثة التقليدية -  فهي تغيير مختبري او معملي غير عشوائي .. واختزال هائل للزمن واختراق لحاجز النوع ليجري نقل الصفات من أنواع معينة الى نفس الأنواع او أنواع أخرى في الطبيعة . وعليه تعتبر علوم الهندسة الوراثية أساس طب الألفية الثالثة لأنها تحمل في طياتها تذليل معضلات طبية ابتداءاً من الأمراض الوراثية " مثل : السكر وضغط الدم وتصلب الشرايين والسرطان" وامراض القلب وامراض المناعة الذاتية مثل : "الروماتويد والذئبة الحمراء " وغيرها والأمراض العصبية التي تصيب المخ والأعصاب … وتذلل هذه العلوم تصنيع الهرمونات والبروتينات التي لا يمكن الحصول عليها من الطبيعة " مثل : هرمون النمو والأنسولين الآدمي وعوامل تجلط الدم …" وغير ذلك من الأدوية والمواد اللازمة لعلاج الأمراض فتولد لنا الصيدليات البيولوجية المتنقلة . وتسهم العلوم الجينية والوراثية المعاصرة في إمكانية زرع الأعضاء البشرية ونقل الدم دون لفظها من قبل الأجهزة المناعية او طردها من الجسم … الا ان اكبر المنجزات هو في تصنيع الأعضاء البشرية خارج الجسم او استنساخها من خلايا سليمة لها .
   الهندسة الوراثية والاستنساخ موضوع إنسان القرن القادم . وقد يخضع للتأثيرات السياسية الدولية غير المعلنة والمؤثرات الغائية البحثية غير المتطورة . فالعلم يتقدم ويبتعد كثيراً عن خيالنا لانه مارد كبير . وقد فتح الاستنساخ الجيني البشري الباب على مصراعيه للجدل حول مصير البشرية . ومع الخيال الخصب للأدب العالمي في هذا المضمار .. الا ان تجارب الاستنساخ الجيني تحولت الى حقيقة تتطلب مناقشة ودراسة عقلانية وهادئة بعيدا عن التزمت والتعصب والتحجر رغم المشاكل الاجتماعية والأخلاقية العرضية . فما من منجز علمي إلا وقد أثار زوبعة من الغبار ليترسخ في الحياة وينفض غباره الى الوراء .
  يزعم البعض ان الاستنساخ البشري يؤدي الى تثبيت العبقريات الانسانية ، والواقع ان الاستنساخ يضمن فقط التمثيل المادي شكلا .. اما المواهب النفسية والمهارات الفنية والجوانب المعنوية بوجه عام التي تشكل مع السمات شخصية الانسان فاكثرها يرجع الى التربية والتنشئة الاجتماعية ! وفي العراق لقيت تجارب  الهندسة الوراثية و الاستنساخ البشري القصور في الفهم  ،والمعارضة .. ومركزها القوى المحافظة الدينية ! وبين بعض ممثلي الطب العراقي ابان العهد الصدامي الاغبر و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ... والجميع ركز على مخاطر الاستنساخ البشري وتسببه التشوهات السرطانية والشيخوخة المبكرة  " انظر لا على سبيل الحصر : سعدي أحمد زيدان ، عبد اللطيف العاني ، الشيخ ابو بكر البغدادي ... وآخرين ".  ..

  يشكل التطور البايوتكنولوجي في مضمار الهندسة الوراثية على المستوى الجزيئي لاسيما الانتاج البكتيري للبروتينات بلسما واعدا للمعالجة الفعالة الرخيصة للأمراض المستعصية  كالسرطان والبول السكري ! بالهندسة الوراثية يمكن التنبؤ واكتشاف الأمراض الخبيثة كالسرطان وكذلك التصرفات الذكية والسلوك العدواني ومعالجة الشيخوخة والهرم . وتبقى علوم الخلية والوراثة بمستواها الجزيئي محاطة بألغاز وغموض علميين يستلزم لحلها أعوام أخرى . واساس هذه الألغاز هو خصائص المكونات الخلوية الإنسانية . والصعوبات التقنية لا زالت قائمة لرسم الخريطة الجينية الكروموسومية لتبيان المواقع الجينية رغم التقدم الثوري الحاصل في تحسين صفات الكائنات الحية .
   توصل ( باتريك ديكسون ) العالم والباحث الى اول تحليل علمي مثبت لشيفرة الخريطة الجينية (الوراثية) والتي حسمت بالكامل الخلافات حول توقع عدد المورثات في جسم الانسان (26- 30)الف مورثة  حيث اعطت وصفا علميا اضافيا لجميع الجينات وسلالاتها... و في عام 1990 وضعت خريطة جينية في العالم احتوت على (4×10**9 ) من قواعد الأحماض الأمينية  D.N.A.   والتي تحتوي ما يقرب على (10**5 ) جين … ومن المعروف ان العدد المميز للكروموسومات في الخلية الواحدة خاصية نوعية ثابتة عند الأجيال وعبرها . وقد وضعت النظرية الكروموسومية حداً لتفسير الغموض الذي أحاط علوم الخلية والوراثة لتؤكد ان تعاقب الصفات عند الكائنات الحية من جيل لآخر تتم بتعاقب الكروموسومات ذاتها . وساهم المتتبع المجهري لعمليات الانقسام الخيطي والاختزالي في الدراسات الكروموسومية في اكتشاف الشفرات الوراثية والنماذج اللولبية الثنائية للحامض النووي (D.N.A.) .

كانت الهندسة الوراثية وعلم الجينات في روسيا الستالينية من المحرمات باعتبارها بدعة بورجوازية كما قيدت في عهود الركود اللاحقة !.. الامر الذي اسهم في محاولة احتواء الجوهر العلمي للوراثة والعلاقة بينها وبين الفلسفة ،وتشجيع المفاهيم الكاذبة في علم الجينات ،وستر العلاقة بين علم الجينات والجدل وتطوره مراحليا ونقد الانتقائية في تناول عقده ! . من المهم الاشارة الى وحدة المنظومات الجينية وتفاضل وتكامل تركيبها وسلبية الاتجاهات الميتافيزيقية المثالية – القدرية والارادوية البحتة ! من المهم التقييم الموضوعي للارهاصات الاجتماعية والالحادية لعلم الجينات الانساني والمواقف الجديدة حول علم الجينات بالمقارنة مع الدوغمائية القديمة !.نقد العالم الفرنسي ( جاك مونو ) المتخصص في البيولوجيا الجزيئية مثلا الجدل الديالكتيكي في علم الجينات معتبرا الليسنكوية وانصارها الواجهة  الديالكتيكية ... يذكر ان  الستالينية حولت فلسفة العلم الى ترجمة دوغمائية للظواهر الطبيعية اي الى منظومة كاثوليكية قروسطية بعد ان تدنت الابحاث السوفييتية في فلسفة العلم رغم النهوض اللينيني الملفت للانتباه ! هنا وجب الاشارة الى انتهاء عهد مدرسة ليسنكو ... وانبعاث الحياة الروحية بعد الستالينية وارتقاء دور الفسلجة والسايكولوجيا ..!
       (مشروع الجينوم البشري   Human Genome Project ) ثورة في عالم الوراثة الحديثة .. وتضمنت مرحلته الاولى اعداد خارطة للنيوكليونيدات التي الفت 23 زوجا من الكروموسومات في الانسان .. واستهدف البرنامج معرفة سياق تتابع 3 مليار قاعدة نيتروجينية و100 الف جين لرسم الخارطة الكروموسومية حتى عام 2003 ... وبالتالي تشخيص جينات الامراض وعزلها ! وذلك في  نطاق برنامج مسح وراثي واسع للتحري عن الامراض الوراثية ! .. يذكر ان عدد الجينات الوراثية للبشر قد يفوق رقم (30)الف مورثة فكت رموزها الفرق العلمية مطلع عام 2001 . ويتضمن المخزون الوراثي البشري كل المعلومات اللازمة للحياة والوظائف البايولوجية للجسم البشري !.
تتكون الشفرة الوراثية للانسان من (3000)مليون زوج من المكونات الرئيسية التي تكون الاجزاء الرئيسية منها في كل خلية بشرية !... في نواة الخلية عبر التشكيلات الملتفة المتداخلة المسماة الكروموسومات ! المجموعة الانسانية تتألف من (23) زوجا من الكروموسومات . وتكون الشفرة الوراثية الكروموسوم – 22 – المتألف من حوالي ال(1000)جين وراثي . تقدر اعداد الجينات في الخلايا الانسانية بنحو (100) الف جين . الشفرة الوراثية للانسان هي منجم هائل خيالي من المعلومات ، وتحتوي على حوالي نصف مليون وحدة من  المعلومات عن التكوين البشري !
    استخدم النظام العراقي البائد كردستان العراق ميدانا لتطبيق أسلحة دماره الشامل .. واستخدم الكرد مادة لتجارب غامضة ومشاريع أطلق عليها في حينه تعبير " المجازر البشرية"… ومادة لتجارب أسلحته المريرة .. تدل على ذلك مؤشرات الاختفاء الجماعي لاعداد ومجاميع غير قليلة من الأكراد نهاية الثمانينيات . ان سياسة التطهير العرقي التي اتبعها النظام العراقي ضد الكرد هي امتداد للشوفينية التي تميزت بها سياسات الحكومات المتعاقبة في بغداد منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة … وتتويجاً للأساليب الفاشية للدكتاتورية في إدارة شؤون الشعب العراقي وكسر شوكة الشعب الكردي وتطلعات الاقليات القومية في العراق .
يزدري شعبنا العراقي استخدام التقنيات العلمية لأغراض التسلح التدميري الشامل ، لكنه ينتقد بحزم أيضا الخطاب التحجري السلفي الذي يقلل من شأن العلوم الثورية . فتقنيات الهندسة الوراثية ثورية بحق لأنها أتاحت وضع الإبهام على بصمات الخلية وبصمة الحياة نحو فهم أوسع لمعضلات الحياة الصحية والصناعية والزراعية ، وبها جري تحديد الشفرة الوراثية من معرفة الأحماض الأمينية والبروتينات الناتجة ويجري تحسين السلالات الزراعية والنباتية الغذائية والحيوانية .
ليس مصادفة ان تطلق قوات الاحتلال الاميركي قبل ايام سراح زمرة من جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية الطابع والمضمون ممن ابتلى بجرائمهم المجتمع الاكاديمي والمهني العراقي واشاعت هرطقتهم عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطيل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فاعتبرتهم جهلة عقيمين ، والحقت افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  . انها مفارقة العم سام المستمرة في عهد العولمة الرأسمالية المتوحشة !
ان تقديم (صدام حسين) وأعوانه من مرتكبي المجازر البشرية والمقابر الجماعية والجرائم البشعة ضد الإنسانية في  العراق الى المحاكم الدولية عبر مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية في لاهاي ومنظمة (آندايت) البريطانية وبقية الهيئات الدولية ذات العلاقة … تبقى مهمة أساسية ومركزية في نضال الشعب العراقي والشعب الكردي .

ملاحظة : راجع –
•   صناعة الهندسة الوراثية وجرائم دكتاتورية صدام ضد الانسانية.
•   السايكولوجيا والتقنيات الحديثة والوعي السائد.
http://www.rezgar.com/m.asp?i=570

250
- عام كامل على الغياب/ التغييب -

     جرى استهداف وتغييب المناضل الشيوعي العراقي شاكر حسون الدجيلي داخل الاراضي السورية  في غفلة من الزمن وبتاريخ 31/3/2005 ، اي في ذكرى تأسيس حزب الكادحين..حزب فهد وصارم وحازم . كان أختطاف وتغييب شخصية وطنية عراقية تنتمي لحزب يعتبر صديقا مقربا للسلطة الحاكمة في دمشق أستهتارا بالقيم السياسية والأخلاقية ، وسياسة قصيرة النظر وبعيدة كل البعد عن الدعوات والنداءات التي تنطلق من الشارع السوري ومن طليعة مثقفيه حول مطالب التغيير في السياسات الداخلية ومن أجل النظرة الواقعية لمتغيرات العصر والمحيط الأقليمي والدولي.
      أين الحكومة العراقية والجمعية الوطنية العراقية ، من قضية الدكتور الدجيلي ، الناشط السياسي ذو الصفة الإستشارية في الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان)! يغيب ولم تسأل عنه الجهات المعنية بذلك ؟؟ .
       نجدد الدعوة إلى كل الناس الشرفاء في العراق وسوريا وفي العالم العربي وكل الاقتصاديين العرب ومنظمات حقوق الإنسان والجمعيات الإنسانية والخيرية لرفع صوت الاحتجاج على اختطافه وتغييبه هذه الفترة الطويلة .... ومطالبة الحكومة السورية بالكشف عن مصير الدكتور الدجيلي الذي ناضل بحيوية وحماس من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في العراق الجديد.
      ندعو جميع العراقيين أن لا ينسوا اسم شاكر الدجيلي المناضل الذي وضع نفسه في خدمة العراقيين وحريتهم وكرامتهم وخلاصهم من ليل الفاشية الأسود ... ندعوهم للمطالبة بمعرفة مصيره وإعادته إلى أهله.
     على القوى الديمقراطية العراقية  ان لا تضعف المطالبة وتحصرها وفق حسابات أمست بالية ، وربما نصائح لا تؤدي الغرض المطلوب ،وهي مطالبة بتنظيم حملة جماهيرية للدفاع عن حياة وحرية السيد شاكر الدجيلي ..
    نستصرخ الضمائر الحية كتابا وصحفيين ومواقع عراقية ومنظمات ديمقراطية وحقوقية لتبني قضية اختفاء المواطن العراقي السيد شاكر الدجيلي وتذكير الرأي العام العراقي والعربي وبالاخص السوري بضرورة الكشف عن مصيره والعمل على أطلاق سراحه.
لنرفع الأصوات من أجل أن لا يغيب البشر بهذه السهولة في عالمنا هذا دون أن نسأل عنهم ونتضامن معهم  لأن هذه القضية إنسانية قبل أن تكون وطنية .
يا أحرار العالم ومناضليه ، دافعوا عن السجناء والمعتقلين والمغيبين والمضطهدين ، وكلمة الحق من أجل عالم يتوفر فيه الخبز والحرية والسلام للجميع !.

251
ان ترويج الطائفية هي ذات السياسة التي اوجدها وعمل بها نظام الاستبداد في حكم البلاد ... وبدلا من احداث التغيير الاساسي على تلك السياسة واتباع السياسة الوطنية العقلانية الحضارية مورست نفس الاساليب والادوات الطائفية والاثنية ولم تتخذ الاجراءات الحازمة لملاحقة الصدامية في الاجهزة القمعية الامر الذي تسبب في خلق الاحتقان الكبير في الشارع وتفجر الارهاب ليلجأ الناس للاحتماء بالمكونات الاولية لهم وهي المرجعيات الطائفية والاثنية !.... وتقود ديمقراطية الطوائف والأعراق إلى انهيار العقيدة الوطنية الحافظة لمصالح البلاد السياسية- الاقتصادية اي تواصل تفكك التشكيلة الوطنية وإبقاءها في حدود العجز عن بناء دولة ديمقراطية مستقلة ، واعتماد ديمقراطية منبثقة من التوازن الأهلي المرتكز على الحماية الخارجية وإبقاء المشاركة الأجنبية في صياغة المستقبل السياسي - الاقتصادي للعراق ..هكذا يعيش الشعب العراقي في جحيم حرب طاحنة، بين تفخيخ السيارات وانفجار العبوات الناسفة، وقتل وخطف الأبرياء واغتيال المثقفين، في هجمة بربرية لم يشهدها العراق منذ عصر هولاكو، وبين الانقسامات التي استشرت في أعضاء الجسد العراقي المتعب الذي سرى في جميع مظاهر حياته. ارتدى عدد كبير جلباب الإسلام، وعلت الأصوات تزرع الشقاق بين مواطني البلد ، منادين ومتوعدين باسم الإسلام، محتضنين الموت بدل الحياة، محاولين إعادة عجلة التاريخ إلى العصر البدائي، والضائع هو المواطن العراقي الذي اختلطت عليه الأوراق والمسميات. ان الطائفية هي الد اعداء الديمقراطية فليس بالامكان بناء بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف على اساس طائفي دكتاتوري وليس من مصلحة الوحدة الوطنية للشعب العراقي انتهاج سياسة " الغاية تبرر الوسيلة" لأن هذا النهج هو الذي سيدمر البلاد ويمزق وحدة الشعب..
    تؤلف الدساتير العراقية ، نقلة جذرية ومهمة في تاريخ المجتمع العراقي . فقد نقلت جميع الخصومات السياسية والمصالح المتضاربة، واختلاف العقائد، ومن الحروب والغزو والثورات والانقلابات العسكرية، الى قاعة البرلمان، وذلك من خلال صناديق الاقتراع، حيث تتم هناك تسوية المصالح، من خلال الجدل والحوار الذي يتحقق في قاعة المجلس. مع شديد الاسف لم تتحقق هذه النقلة، وانما كبت رجال الحكومة الحوار بتعطيل الاحزاب والصحف وارهاب المعارضة. وتغيرت الامور فمن هدف الدولة البرلمانية نقيم الدولة الاستبدادية التي حكمت العراق قروناً في الماضي .في 8/8 / 2005 اصدر مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة ،... اعقب ذلك قرارات حل بعض من المنظمات غير الحكومية ومنها نقابة المحامين وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! ..  ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر مع القرار المرقم 8750  بل لاحت تباشيرها  في  قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) .. مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا  قانونهم وشريعة الغاب. هم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي ثقافة وديمقراطية "حاضر سيدي" اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا بها النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !
     كان برلمان الطاغية السابق يدعى بمجلس المصفقين واصبح برلماننا اليوم يدعى بمجلس المصفقين والمبسملين والمحولقين ! ازيح البعث بفكره الشمولي عن مقاليد السلطة في العراق وهو الذي كان يعيب الى جانب نظام الملالي في طهران على المعسكر الاشتراكي شموليته ... الذي نلمسه اليوم في عراقنا شمولية بعثية – ملالية فارسية .. هجينية ..  شمولية في الخوف ..  شمولية في الارهاب والإرهاب السياسي .. شمولية في القمع... شمولية في الارهاب الأنتخابي والترويع السياسي .. الارهاب الجمعي .. شمولية في ديمقراطية" البلطجة ".. أساليب الغضب  تحيل  العالم الإنساني إلى رماد ..ومع الاحتلال وحرية المحاصصات المقيتة يعيش شعبنا تحت خط الفقر !
لم يشهد تاريخ العراق الحديث مثيلا لما يشهده اليوم من تطرف وتشدد غلوائي وعصبية دينية اصولية على يد قوى الاسلام السياسي لمقاومة المشاريع الوطنية الديمقراطية التي ترفض الدولة الدينية والنظام الاسلامي للشورى وولاية الفقيه والتي تحترم الدين الاسلامي وبراءته من الممارسات الاسلاموية – المختزلة للاسلام في مجموعة من التيارات الاسلامية المذلة للكرامة الانسانية ! ان اضفاء الصفة الدينية على الدولة تمنح الحاكم واوامره القداسة الدينية التي تقود الى الاستبداد والطائفية والتطرف والدكتاتورية والعنف وتكفير الآخر وتسييس الدين وتدين السياسة !ويتمسك اصحاب المنهج التكفيري بحرفية النصوص اي التطبيق الاعمى للنصوص على الواقع الراهن برؤية توتاليتارية ، واخضاع الحاضر لمرجعية نصية الحق المطلق !... اي تحويل الدين الى دين الدولة والتمسك الشديد بالنصوص وانحسار العقلانية واغلاق باب الاجتهاد والركون الى الخطاب الاستسلامي الاهوج والفقر والجهل !
وتمارس التشكيلات السياسية الشيعية ذات الاخطاء التي مارستها الحكومات السابقة بحكم تمتعها بالامكانيات المالية الكبيرة والدعم اللوجستي الايراني واستغلال المرجعية الدينية لتحقيق الانتصارات الانتخابية والخروقات الحقوقية كفرض الحجاب والعدوان على النساء السافرات وعلي المسيحيين والصابئة المندائيين وحرق محلات بيع المشروبات الكحولية ومحلات الحلاقة وصالات العرض السينمائي ومدارس الموسيقى والباليه ومعارض الفن التشكيلي  ومنع الزفة في الاعراس ومنع الأطباء من علاج النساء وحملات الاغتيال في البصرة والجنوب!  ان مناظر الاطفال في المناسبات الشيعية وهم يجبرون على حمل الخناجر ويجرحون رؤوسهم بالامواس لتسيل منها الدماء وتلك المناظر السادية التي تفرض على طفولتهم المنتهكة وصفهم بطوابير طويلة وهم يؤدون  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها ارضاءا لآيات الله العظمى والصغرى  هي وصمة عار على جبين البشرية . لقد ظهرت  التشكيلات السياسية الشيعية على خلفية تنامي الشعور بالحيف جراء احتكار السلطات ، وتزايد الشعور بخطأ موقف المرجعية الشيعية التقليدية بالزهد عن السلطة والسياسة ، وكثافة تواجد مراقد الأئمة الشيعية في النجف وكربلاء ،والاحياء المبالغ لتقاليد عاشوراء السنوية ، وخصوصية مبدأ التقليد لدى الشيعة والتنفيذ الملزم لفتاوي المرجعية ،وتوفر الدعم المالي والمادي الهائل ... الى جانب الظهور المبكر لتنظيمات الاخوان المسلمين وحزب الدعوة الشيعي ، واتساع طائفية السلطات السنية ابان حكم العارفين ، والقمع الوحشي الذي تعرض له الشيعة في العراق وحملات التصفية التي طالت حزب الدعوة الشيعي ابان الدكتاتورية الصدامية ،ونجاح الثورة الاسلامية في ايران ، واشتداد المقاومة الاسلامية في افغانستان ، والحرب العراقية – الايرانية ، وحملة صدام حسين الايمانية في العقد الثامن ، وتدني مستوى الوعي بشكل عام لدى العمال والفلاحين بسبب الحصار والامية والتجهيل ، ...وتشجيع الادارة الاميركية على تقسيم العراق وفق التوصيف الاثني الشيعي بالأخص بعد غزو صدام للكويت وتنامي دور ونفوذ الامبراطورية المكارثية اثر التغيرات الدراماتيكية في الاتحاد السوفييتي السابق !
     ادى ذلك الى اضعاف الشعور بالمواطنة وتعدد الولاءات الرجعية ، وتفضيل المصالح الاقليمية والاجنبية على المصلحة العراقية ، والتخندق الطائفي والعنف الطائفي والمهاترات الطائفية !ووضع الديمقراطية الحقة على الرف .. رغم ان الديمقراطية ليست برلمانا فحسب ، والحديث عن ديمقراطية تنسجم مع خصوصيتنا يعني ارجاءها الى اجل غير معروف ! فدروس الواقع ابلغ من اوهام الاستئثار لأنه ليس بوسع حكام التنعم بارتداء الحرير تحسس معاناة المحرومين ... ولمصلحة من تهاجم وتحرق مقرات الحزب الشيوعي العراقي مثلا ولمصلحة من قيام مجموعات من " الاشباح " بشن حملات سيارة ومداهمات طالت بغداد وبقية المحافظات ، تطالب الناس بضرورة انتخاب قائمة بعينها، وبعكسه سيكون عقاب اهالي تلك المناطق عسيرا على حد تعبير هؤلاء !؟. وقد بلغ السيل زباه عندما ارتقى " نضال " هؤلاء الاشباح الى حد التهديد بالاغتيال أو حتى اغتيال مرشحي بعض القوائم المنافسة وانصارهم بدم بارد ومن دون ان يرف لهم جفن... كما حصل لرفاقنا الذين اغتيلوا بخسة في مدينة الثورة – الصدر  !؟.. بالطبع انها لمصلحة المخصيين من الحثالات السياسية المعادية للعراق والثقافة والفكر الحر والاخلاق الرفيعة والنزاهة والتحرر الوطني والديمقراطية ولمصلحة عصابات السياسة القذرة في طهران . من هم البرابرة المجرمون الذين احتلوا وأحرقوا مقر الحزب الشيوعي العراقي في الناصرية؟ وإذ شجبت الكثير من القوى السياسية العراقية هذه الأفعال الإجرامية الخسيسة، سكتت قوى أخرى عن ذلك، وأيدته جماعات أخرى بحجة أن ما جرى يعبر عن كون الشعب لا يريد هؤلاء الناس في هذه المدينة، كما ورد في جريدة الحوزة التي تصدرها جماعة مقتدى الصدر.نعرف أن هناك مذكرة اعتقال قضائية ضد الصدر منذ أكثر من عامين ونصف ولكن بلا أية متابعة بل على العكس كافأته بوزارات و30 مقعدا في الجمعية الوطنية!
    لقد أثار قرار وزارة الجعفري بفصل الجنسين في كافة المعاهد والجامعات العراقية وفرض الحجاب على جميع الطالبات عاصفة عنيفة من الأحتجاج والشجب من قبل القوى الديمقراطية والوطنية والعلمانية التي رأت فيه الى جانب الغاء كافة النقابات العمالية والفلاحية ومصادرة أموالها المنقولة وغير المنقولة ومنع توظيف أي أمرأة غير محجبة في دوائر مجلس الوزراء والوزارات الطائفية الشيعية ، جزءا من هجمة ظلامية ودينية رجعية وهمجية تعبد الطريق للفرض الشامل لدكتاتورية الملالي المستندة على الشريعة الأسلامية وأنتهاك وقح وفظ لأبسط حقوق النساء العراقيات عامة والمسيحيات على وجه التحديد والذي يبرهن على النفاق والتمييز والسعي لخلق الفتن بأجلى صوره وكأن البطش والأرهاب والأكراه صار تقليداً ثابتاً لا يتراجع مهما تغيرت الأنظمة في العراق ، انه بمثابة أشارة خضراء للقوى الغارقة بالظلام والعاشقة لمنظر الدماء لأختلاق المزيد من الأعداء ولضرب القوميات الصغرى ذات الجذر العراقي الأصيل والتي ستدافع عن نفسها ووجودها بكافة الطرق والوسائل الممكنة.الى ذلك لازالت  جميع الملفات الاجتمااقتصادية مغلقة، ولا يسمح بفتحها للشعب ليستطيع قراءتها وتحديد مواقع الخلل الحقيقي، ويستمر الائتلاف الموحد بالتكتم على صلب الموضوع، وهو حل جميع المليشيات والقضاء على المقاومة اللقيطة وإعادة جميع الأموال المنهوبة من المتنفذين في السلطة حاليا والذين هم خارجها، والقضاء على رؤوس الفساد والتهريب في العراق، وحل مشكلة تهريب النفط والمشتقات . إن الذريعة التي تتذرع بها الحكومة بأن شروط البنك الدولي لشطب الديون هو رفع الدعم عن المشتقات، ما هو الا قراءة منقوصة للآية الكريمة أن "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"، لذا كان على الحكومة أن تصارح الشعب بالحقيقة كاملة وليس بعض الحقيقة متسترة بذلك على المليشيات والعصابات المسلحة ومن يدعمهم في المنطقة الخضراء. 
مع انتصار الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، قدمت إيران ذات التاريخ الفارسي والإسلامي، نموذجها الإسلامي الجديد والشيعي حصرا (ولاية الفقيه)، فعملت من خلاله على إرساء أنماط سلوكية جديدة(رفض ربطة العنق، الزي الموحد للنساء) واستبدلت المصطلحات السياسية السائدة(إمبريالية، استعمار) بمصطلحات أخرى دينية بالتأكيد (الشيطان الأكبر) و( لا شرقية ... لا غربية )، وفرضت الكثير من الممنوعات الاجتماعية (موسيقى ، رياضة...)وجهدت لتصدير الثورة الإسلامية التي فتحت شهية البعض من كل المذاهب(الدولة الإسلامية، الخلافة الإسلامية، الكونفدرالية الخ)، معتبرة نفسها المدافع الفعلي عن الإسلام والمسلمين، الأمر الذي أصاب البلدان ذات الغالبية الإسلامية السنية بالذهول، فأثار بذلك ريبتهم و"غيرتهم" على السواء.  ولم يقتصر تأثير النموذج الشيعي على الداخل في إيران بل تعداه إلى التشكيلات السياسية الشيعية العراقية والجماعات الشيعية في البلدان الإسلامية الاخرى، فعملت تلك الجماعات على تكريس هذا النموذج سلوكيا واجتماعيا وسياسيا واستفاضت في نبش الماضي وأعادت إحياءه، بعد أن تبنت في مواقفها السياسية مفاهيم الثورة الدائمة ضد "الاستكبار العالمي"، معتبرة أن المغالاة في التدين والتركيز الهوسي على الخصوصيات الجماعية والتهويل بالآخرة هي شروط أساسية للنجاح والنصر. وأثار نجاح النموذج الشيعي "غيرة" وحماسة بقية المذاهب والفرق الإسلامية الاخرى؛ اذ لا شيء يمنعها من تقديم نموذجها الديني والسياسي أيضا، بعد أن راوح النموذج الوهابي في مكانه وغرق في تقاليده الصارمة طوال عشرات السنين. ففي الأطراف البعيدة، وعلى سبيل المثال، قدمت حركة طالبان نموذجها الخاص بها، ووصلت في دفاعها عن الإسلام والمسلمين إلى ممارسات أثارت النقد والسخط والخجل حتى في أوساط المسلمين أنفسهم . في هذه الأجواء المشحونة بالتفاخر الذاتي والانفعال الوجداني واللاعقلانية الإيمانية، نشط رجال الدين من كل المذاهب وتضاعفت أعدادهم أضعافا مضاعفة وكثرت مناسباتهم التي تدعو إلى ترك الدنيا والتحضر للآخرة، يحدوهم الشعار الشهير "العلماء ورثة الأنبياء" فألحقوا الخطاب الديني بالموقف السياسي لمذهبهم وجعلوه أسيرا له. واستبدلوا سلطة القانون بسلطة الالتزام الشرعي، وحولوا دور العبادة إلى منتديات سياسية فأكثروا من انغلاقهم وزادوا من أزمة انتمائهم، بعد أن رُسمت الحدود بين المسلمين، حتى بين أبناء الطائفة الواحدة في البلد ذاته، ولونت بدقة فكرية وأمنية مخابراتية بالغة.
     هكذا تعرضت وتتعرض الماركسية الى التشويه في الموقف من الظواهر الاجتماعية وبالاخص الظاهرة الدينية نتيجة النظرة السطحية التبسيطية في التعامل مع المقولات من جهة وحملات التشويه المقصودة من قبل القوى المعادية للماركسية من جهة أخرى .. الامر الذي يؤدي الى تشويه الطابع المعرفي لمقولات ماركس وتحليلاته للظواهر الاجتماعية ... ويخلق الهوة بين جمهرة التدين وحملة الفكر الاشتراكي العلمي في مسعى مفضوح لتجنب مخاطر الفهم الديالكتيكي المتجدد لمقولات ماركس بشكل عام على المصالح الطبقية والسياسية !... وتتحرك قوى الاسلام السياسي في بلادنا على جمهرة التدين فتعتبرهم ملكا خاصا بها بل وتجعل معيار التدين في مدى دعم مشاريعها السياسية والطائفية المقيتة !.. الامر الذي ادى الى تكريس حالة الاغتراب السياسي والاجتماعي واعاقة عمل قوى التغيير الجذري لمنع قيام البدائل الديمقراطية ، واختزال حقوق الانسان الى حقوق للتجمعات الاثنية – الطائفية ، وتحويل التناقضات الطبقية الى صراعات طائفية ، وتنامي ميول العنف والحروب الاهلية ، وشرذمة الوعي الوطني عبر تحويله الى الولاءات دون الوطنية . تبقى الحكمة بديلا عن لغة التهديد والدم! الحزم والحكمة والتعقل سلاحنا لمواجهة  تخرصات الفكر الرجعي والارهاب في العراق ... ولأن إنتظرالشعب طويلا بعناد منقطع النظير في سبيل إنشاء مجتمع متآخ قوميا ً و ٍمتسامح ٍدينيا ً فلسوف لا يسمح باستنساخ نماذج لا تجلب إلا الويل والثبور  ومنها تحديدا ً الديمقراطية الطائفية .... او عفوا الدكتاتورية الطائفية ... تبا لها وتبا لطباليها وتبا للفكر الرجعي المتجدد دوما في العراق ! وتبا لصعاليكه ! هذه أخلاقنا ... فهل من منازل؟ ان المكر السيء سيحيق بأهله...
      لقد عمم الحكم المنهار ثقافة العنف والاستبداد والتمييز المذهبي والعرقي والتجهيل السياسي والثقافي اللاعقلاني ، واسس لتشويهات خطيرة في الهوية الوطنية وقيمة المواطنة العراقية ولم يؤد الى خلط الاوراق وتشويه مدمر في الوعي السياسي والاجتماعي للمواطن العراقي فحسب، بل وحتى طال التشويه النخب السياسية ووسط من المثقفين العراقيين الذين راحوا يتسابقون بشكل محموم للتشبث بهذه المعايير المشوهة والمتاجرة بها او التعكز عليها لكي يتم اسقاط حوادث تاريخية لقرون مضت على الوضع العراقي بتعقيداته الخطيرة الراهنة.  ونتيجة لذلك تفشت في بلادنا اليوم ظاهرة الميليشيات المسلحة المذهبية التي تتجاذب زمام الصراع لحرف النشاط السياسي عن لغة الحوار العقلاني والبرامج الاجتماعية الاقتصادية. وتحولت الميليشيات الى مؤسسات ذات مصالح مافيوية لا تمت بصلة الى مصلحة المواطن لانها تمول بالاساس من قبل قوى لا تريد الاستقرار لهذا البلد. يقوم ذوي " القمصان السود " بإبتكار اساليب فاقت اساليب البعث فاشية وتعسفا ، فلقد اصبح قتل صاحب الرأي المخالف لهم علنا ، ويمر دون أي حساب ودون الخضوع لأي قانون ، فالشوارع اصبح من  يتحكم فيها  الميليشيات ، كما يقول المفكر الأسلامي أياد جمال الدين ، وهو شخصيا  تعرض الى محاولتي إغتيال لأنتقاده الممارسات البعثية الفاشية الجديدة . ان " حراس الفكر الواحد المقبور ودعاة الفكر الواحد الجدد ، كلاهما ارهابيان وكلاهما يقتلان النفس البشرية البريئة الآمنة بدون حق وكلاهما يدخلان مزبلة التاريخ ان عاجلاُ أم آجلاُ " . 
تسعى القوى الدينية بشقيها الشيعي والسني إلى تأطير المجتمع العراقي دينياً عن طريق فرض منطقها الشكلي على الناس بإتباع شتى الطرق:تأليب المشاعر الطائفية والتركيز على القطاع الواسع من الشباب غير المتعلم الذي نشأ زمن حروب صدام والحصار من خلال تحويل المساجد من دور عبادة إلى دور تحريض سياسي مخطط له يصب في مصالح هذا التيار الديني أو ذاك بالمزايدة في إظهار الحرص والغيرة على الدين.السيطرة على وسائل الأعلام من فضائيات وصحافة لبث مثل هذه الثقافة لكن بلهجة مختلفة عما يجري في الشارع. فعند الحديث عن القوات الأجنبية تكون اللهجة هنا في الأعلام مخففة، لكن في الجامع والشارع يجري اتهام كل من له توجه ديمقراطي يتعارض ويقف بوجه تأطير المجتمع دينيا كونه عميل للأمريكان ( يتناسى هؤلاء أن ظهورهم لم يكن بمجهودهم الذاتي بل بفضل القوات الأمريكية التي يرفض قادتهم خروجها المبكر)، ولما تعجز هذه الوسيلة في إسقاط ذلك الصوت يجري استخدام القوة عن طريق الميلشيات المسلحة السائبة  مثل ـ منظمة بدر ـ التي تتحرك عند الضرورة، أو الميلشيات المتحركة كـ ـ جيش المهدي ـ ! ليجري تكميم أفواه كل من عارض أو يعارض مشروع دولتهم الدينية من خلال تشويه سمعة المثقف باتهامه بشتى التهم من السقوط الأخلاقي إلى الكفر إلى العمالة للأمريكان... وإذا لم تنجح هذه الوسائل، فالتهديد أو الضرب بالشارع أو محاولة إلصاق التهم بالرشوة والفساد لمن لا يستطيعون تكميم فمه يساعدهم في ذلك سيطرتهم على أجهزة القضاء والشرطة والأمن.
   التيار الصدري (جيش المهدي) والمجلس الاسلامي الاعلى ( قوات بدر)  ظلت تماطل في تنفيذ قرار حل المليشيات ودمجها بالمجتمع المدني الذي أمتثلت له قوى عديدة ( المؤتمر ، الحزب الشيوعي العراقي ، الحزب الاسلامي ، حزب الدعوة ، الوفاق )  وألتفت عليه ولازالت تحتفظ بأسلحتها لتستخدم ضد الخصوم السياسين في وضح النهار أو تحت جنح الظلام . وما ظاهرة العناصر المسلحة التي تتوشح في السواد من أخمص القدمين حتى الرأس الا جزء من هذه الظاهرة ولن تكون بعيدة عنها حتى لو تخفت تحت ستار معين أو عناوين أخرى . وقد أقدمت هذه العناصر على أغتيال حراس مقر محلية الثورة للحزب الشيوعي العراقي مع بدأ العملية الانتخابية ،وقامت بأغتيال أحد ناشطي القائمة العراقية في مدينة البصرة ،وأحرقت مقر الوفاق في مدينة السماوة بمحتوياته من الملصقات الانتخابية وأعتدت على حراسه ، وقامت في تنفيذ عملية الاعتداء على السيد علاوي في مرقد الامام علي (عليه السلام) ومحاولة أغتياله في النجف الاشرف ، وكذلك ماجرى في مدينة الحرية من محاولة تشويه سمعة القوائم الانتخابية بواسطة أستخدام قوة مكونة من 25 سيارة من هذه المليشيات المسلحة والتي قامت بتمزيق اعلانات القوى الاخرى الانتخابية ... والباب مفتوح على مصراعيه للمزيد من الممارسات والاغتيالات التى تشكل المحك الحقيقي لهذه القوى ومدى صدقيتها وأيمانها في التنافس الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وحقيقة أيمانها في حقوق الانسان والمواثيق الدولية الخاصة بذلك وأحترامها صناديق الانتخابات والعملية السلمية الديمقراطية بمجملها .كان الاعتداء على الدكتور علاوى وعدم احترام عتباتنا المقدسة هو ذروة اليأس والافلاس السياسى لبعض الاحزاب الطائفية. انتهاكات في الانتخابات بلغت حد القتل. إن البداية الحقيقية لإنهاء الارهاب في العراق تتمثل في حل ميليشيات بدر ـ صدر الخارجة على القانون وبسط سيادة القانون في مدن (الجعفري الآمنة !!).. فميليشيا بدر ــ صدر لا تقلّ خطراً عن عصابات البعث والزرقاوي.
واللوحة الآن كما يلي:
ـ سجون سرية تمارس فيها التعذيب. والحكيم يعارض نشر التقرير الخاص بقبو الجادرية
خوفا من الفضيحة.
ـ قمع كل صوت ديمقراطي معارض من خلال التسقيط الأدبي أو إلصاق التهم .
ـ حملة اغتيالات كما جرى لمقر الحزب الشيوعي في مدينة الثورة يقوم بها ملثمون مجهولون عادة.
ـ محاولة تأطير المجتمع دينيا هذه طبقت بشكل يكاد يكون تاما في مدن الجنوب والوسط العراقي، وفي بعض مناطق بغداد، ومحاولتهم في الموصل حيث جرى فصل الرجال عن النساء في الجهاز التعليمي، ومحاولتهم الفصل بين طلبة الجامعة التي لاقت مقاومة من قبل المنظمات الطلابية الديمقراطية. أما غرب العراق (الرمادي) فهي مؤطرة أصلا من زمن صدام.
ـ فرض الحجاب على النساء.
ـ إشاعة ثقافة القطيع وروح التعصب الطائفي والمذهبي.
ـ هجوم مكثف في وسائل الإعلام على كل توجه ديمقراطي، أو علماني. حتى كتب أحدهم ساخرا من شهداء الحزب الشيوعي كونهم كفرة.... ولا يدري أن الحزب الشيوعي رغم كونه حزبا آيديولوجيا فضله الكبير في تاريخ العراق هو عدم تسلمه السلطة وبالتالي عدم ممارسته قمع الخصوم وممارسة التعذيب كما تفعل القوى الدينية السنية والشيعية. أما مسألة الشهادة فذلك المعنى معنوي وأكثر سمواَ فالشيوعي لما يستشهد تحت التعذيب يكون قد وقف وحده كإنسان دون قوى علوية تسنده من السماء ودون طمعٍ في جنة. وفي الظرف الحالي يكاد يكون الحزب الشيوعي هو الحزب العراقي الجامع للبيت العراقي في ظل أحزاب الطوائف والملل وأكثر الأحزاب عراقةُ.
   يجري بمدينة الثورة إرهاب حقيقي، يأخذ بالرقاب، وإذلال بهيمنة الغوغاء، يتزامن مع دوي التفجيرات، والأجساد المفخخة ببغداد والحلة وكركوك. جماعات تختطف وتحرر ضحاياها لتسجل بطولة كاذبة لها، وتشترك تارة مع الشرطة في عمليات المداهمات، وتارة ضدها، ليس لها من صفة رسمية غير أنها من أتباع الصدر.استقبلت مدينة الثورة الدعاية الانتخابية باقتحام ذوي الثياب السُود الملثمين مقر الحزب الشيوعي العراقي، فقتلت عبد العزيز جاسم وياسين خضير، وهما يجلسان الى طاولة الاستعلامات، وحصل الحادث أمام أنظار المارة.لكن مَنْ يجرأ على الاعتراض أو المدافعة، فهناك كتائب من الملثمين، بعد أن سحبت الدولة يدها عن مدينة كاملة وسلمتها لهم اسماً وإدارة. وبطبيعة الحال يتوهم المنتظرون من تلك الجماعات خيراً، فهؤلاء يعيشون عقدة الجريمة، كلما تورطوا بدماء حاولوا التطهر منها بدماء أُخر، هذا والحكومة لا كلمة لها ولا موقف؟ عاد أصحاب الثياب السُود تسليحهم، بعد أن سلموا أسلحتهم بتصميم من الحكومة السابقة أمام أنظار العالم. عموماً، هناك منافسة ليست بالخفية لكسب جماعات إرهاب ذوي الثياب السُود وكتائب عزرائيل ، والغرض استخدامهم في التهديد والإقلاق، فهم جماعات متهورة تعرض قوة عملها عبر الإرهاب المبرر بالمقاومة.
على الاحزاب المذهبية الطائفية بكل الوانها التخلي عن هذا النهج الخطير في تأطير المجتمع دينياً لأنه يعادل ويطابق تبعيث المجتمع زمن الدكتاتورية ،والكف عن ادلجة السياسة ، ومخاطبة المواطن العراقي بمحتويات برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس عبر واجهاتها المذهبية... وعلى رجال الدين التخلي عن تحويل الجوامع والمساجد الى مراكز للتجنيد وتشكيل السرايا والجيوش والفيالق والاثارة وخزن المفرقعات في دور العبادة. وان يعود هؤلاء الى اداء مهامهم الروحية في بيوت الله في التخفيف عن المأزق الوجداني والروحي للمواطن العراقي الذي يمر في مرحلة النقاهة بعد الطاعون الذي طغا عليه في العهد السابق، وان يخففوا من غلوائه ودعوته الى الحكمة والتبصر وبناء البلد والكف عن اثارة الكراهية والعداوة بين ابناء الشعب الواحد، والا فسيفلت الزمام من الجميع ويتم الاطاحة برؤوس الجميع ويستتب الامر لرموز التطرف والغلو والقهر. ان الشعب العراقي لا يتحمل احداث الصراع الدامي المذهبي الماضي ومحنه وآلامه ويكفيه ما شهد من قبور جماعية وحرق بالسلاح الكيمياوي وتصفيات بالجملة على يد النظام المنهار.  ان التحريض على العدوان اوالمشاركة فيه ليس الا احد اشكال الارهاب والعنف المرفوضة من قبل سائر ابناء الشعب ويتعارض مع مباديء جميع القوى والفصائل السياسية المعلنة، ان صحت النوايا، كما ولا يستقيم مع مباديء الشريعة الاسلامية السمحاء، ويستدعي الادانة والشجب من الجميع..! . 
إن المعركة التي يريد أن تفرضها التشكيلات السياسية الشيعية والأحزاب السياسية الإسلامية حالياً على القوى الديمقراطية والليبرالية والعلمانية تلزم جميع قوى المجتمع المدني العراقي أن تنتبه إلى ثلاثة مظاهر لهذه المعركة التي ستواجهها القوى المدنية، وهي غير متكافئة ، وأعني بها:
1. استخدام الدين على أوسع نطاق ممكن للتأليب على قوى المجتمع المدني والإساءة لهم ونشر الأكاذيب عنهم، واستخدام منابر الجوامع والمساجد والمدارس الدينية والحوزة العلمية الشيعية لهذا الغرض والتأليب ضد قوائم المجتمع المدني والشخصيات الوطنية العلمانية العراقية.
2. التحري عن لغة المساومة المؤقتة مع قوى الإسلام السياسي السنية التي بدأت في القاهرة عبر الاجتماعات الخاصة بين بعض الحاضرتين من ممثلي الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية.
3. ممارسة التهديد والوعيد والقتل الفعلي لمن تصل له أيديهم للتخلص منهم باعتبار ذلك ضمن فتوى السيد محسن الحكيم القديمة ضد الشيوعيين والعلمانيين، وضد من يتصدى لهم باعتبارها يقيمون حكم الله على الأرض وإمام العصر وممثله على الأرض.
     ننتقل اليوم من دكتاتورية صدام حسين الى دكتاتورية جديدة لكنها دينية مريرة أجهضت أحلامنا ، وفاقت رداءتها كل تصوراتنا !! ينبغي الانتباه إلى عواقبها منذ الآن ... وسيبدأ الناس يترحمون على الدكتاتور الصلف صدام حسين، كما ترحموا على روح المجرم نوري السعيد في فترة صدام حسين.
     تعني حكومة الوحدة الوطنية اشراك قوى التغيير في تحمّل المسؤولية وعدم التفريط بها .  .  ان زجّ الطاقات الوطنية المخلصة للتغيير ولتجذيره، يضيف طاقات خلاّقة لمسيرة الحكم، بدل اهمالها او الضغط عليها وتهديدها، الأمر الذي لن يؤدي الاّ الى تتالي الأزمات السياسية الدستورية، والى ضعف وشلل الحكومة الجديدة او لجوئها الى اساليب قد تؤدي الى انهيارها بتأثير عجزها وفضائح اساليبها. ان حصول الحكومة الجديدة على الأجماع الوطني وفق ميثاق وبرنامج عمل وطني ، يؤدي الى تغطية حاجاتها الماسة الى الخبرات الفنية المتنوعة والى زيادة فرص الأستثمار والدعم.  هذه المهمات تتطلب تعاون كل القوى السياسية بإخلاص ونزاهة، بعيداً عن المحاصصة البغيضة والاستقطاب القومي والطائفي، الذي ما زال يعم ساحة العمل السياسي العراقي، مع الأسف الشديد... الاستقطاب الذي تسعى القوى الديمقراطية والليبرالية والقومية العربية والكردستانية العلمانية الى تخفيفه في الدورة الانتخابية الحالية تمهيداً لوضع حد نهائي له في دورات قادمة، ضماناً لتحقيق الهدف الذي نص عليه الدستور، وهو بناء عراق ديموقراطي إتحادي موحد. هذه المهمات تتطلب مساندة القوى الديمقراطية التي تعمل بكل إخلاص في تكوين نواة ديمقراطية في العراق معرضين حياتهم للخطر اليومي المحدق بهم، حيث يواجهون يومياً من قبل الفئات التي تطمح إلى حكم ثيوقراطي استبدادي، محاولين العمل من خلال الكلمة والحوار للتصدي لهذا التيار الجارف و الموجة الأصولية المدعومة من قبل أعوان النظام السابق!
ان مبدأ الديمقراطية هو تخويل السلطة القيام بادارة المجتمع نيابة عن الشعب الذي خولها، واذا افسدت يتم ازالتها بالرضا او بالقوة... اي ان المبادئ الديمقراطية لا تلغي الثورة.. وكما يؤكد كامل الجادرجي احد اعمدة الديمقراطية في العراق " الديمقراطية ترى من حقها بل من واجبها عدم التقيد باساليبها المعتادة حينما ترى في البلاد حكما مطبقاً غاشماً ولا يسمح بحرية الرأي، ولا بحرية النشر ولا بحرية الاجتماع، لا بتأليف الاحزاب. وحينما تستولي على البلاد دكتاتورية غاشمة تخنق انفاس الديمقراطية، ولا تدع لها مجالاً لاي عمل حر. وحينئذ تسلك الديمقراطية طريق الثورة، ولو كانت بقوة السلاح. وهذا حق من حقوق الديمقراطية لا يختلف فيه اثنان ." اما حكومة الوحدة الوطنية  فهي تجسيد لأهمية وضرورة دحر قوى الإرهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار وانجاز أهداف العملية السياسية وإنهاء الوجود الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور والمضي في طريق إعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية والموقف الشفاف الشجاع الموحد إزاء الإرهاب ايا كان مصدره .. الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي ... ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية  لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية ، ولطوطمها القابع في قم معا ...بما في ذلك ارهاب خفافيش الظلام التي خرجت من الاكواخ  وبنت العمارات ولا تتعامل الا بالذهب والدولارات.... ارهاب اولاد صبحة الذين ينهبون العراق واولاد فضيلة الذين ينهبون البصرة ! وارهاب شرور حكام التطرف الديني في ايران ! ... ارهاب الصناعات السياسية الإيرانية لتدمير العراق ... ارهاب مشروعية الاستباحة الايرانية المكثفة والرمزية والسرية للهوية العراقية إلى درجة التدخل في تعيين الموظفين ومراقبة الخصوم السياسيين، والصرف على الأحزاب والجماعات الطائفية... ارهاب السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة ...فإما الطائفية ومعها الدمار الشامل أو الوطنية لتحقيق النجاح الكامل .
    الموضوعية تترنح تحت السياط وتئن من ضربات اللاموضوعية .إن التطرف الديني الذي يفرض قوة إلغائية ترهب الآخر هو خطر داهم يهدد سلامة المجتمعات ولا يمكن معالجته بالقوة العمياء وحدها لانه فكر ولا يقارعه إلا فكر وحجة قوية. لا يحق لأي بشر أن يحتكر الحقيقة ويدعيها، ويعتبر نفسه بسبب موقع ديني أو سياسي وصل إليه إنه يقرر عن الآخرين أسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم. الاستبداد في أبسط تعريفاته هو تفرد بالرأي في شؤون تخص الجماعة وبالتالي فهو احتكار أو اغتصاب لحق الجماعة في إبداء رأيها، وفي النهاية فهو طغيان واعتداء على الآخر. الأمن، الخبز، السلم، الحريات وحقوق الإنسان... أفكار في استحقاقات لا يأتي بها إلا "الديموقراطيون".  ان تحذيرنا من عواقب الاستقطاب والتعصب الطائفي المتزايد واستغلاله لاغراض سياسية وحزبية ضيقة، لا يعني  تجاهلنا لممارسات النظام الدكتاتوري المقبور من حيث  الاضطهاد  الشوفيني والتمييز الطائفي  بهدف تكريس سلطته  باقذر الوسائل وتعمده اثارة الغرائز والمشاعر البدائية.   فالتصدي الى الطائفية وأستقطاباتها ينطلق من القناعة باهمية اعلاء شان المواطنة بإعتبارها من أهم ضمانات  وحدة وطنية قائمة على اسس العدالة والديمقراطية الحقة.  فبدون ذلك لا يمكن السير  نحوالبناء واعادة اعمار الوطن واستكمال السيادة  بانهاء الوجود العسكري الاجنبي. كل ذلك يتطلب أشاعة روح التسامح والحوار والإصرار على سيادة القانون بعيدا عن نزعات الثأر والإنتقام. فالمطلوب أن يتولى القضاء العادل معاقبة من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين على اختلاف إنتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والقومية والدينية  والمذهبية.  ومن الضروري اعتماد الكفاءة  والنزاهة اساسا في اسناد المسؤوليات واشغال الوظائف العامة.  فأي تمييز بين  المواطنين على اسس طائفية او سياسية يراكم الحساسيات  ويمهد للخصام والعنف، كما تدل تجارب شعوب اخرى. 

اعتمد الكاتب في دراسته على الانترنيت

252
  في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين العراقية أصدر مجلس الحكم قراره المبجل المرقم (27 ) بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... الامر الذي انذر الحركة الاجتماعية والمهنية النقابية وعموم المنظمات غير الحكومية بالعواقب الوخيمة لهذا الاجراء التعسفي الذي لم يلق الاهتمام الكافي من لدن اصحاب الشأن بل قابله البعض باللاابالية لأعتقاده انه شأن يخص المهندسين وحدهم ! ... في حين كان القرار واضح المعالم والمقاصد ودق جرس الانذار المبكر لحرمان الشعب من حرية تأسيس مؤسساته النقابية وفق ارادته الحرة ودون التدخل في شؤونهم الداخلية عن طريق السلطات او الاحزاب او المرجعيات الطائفية والولاءات اللاوطنية ... وبالتالي تعرضه المجدد  للارهاب والاضطهاد والملاحقات !. ولم يواجه القرار المرقم (27 ) المعارضة القوية داخل مجلس الحكم وخارجه .. المعارضة التي افلحت في  الغاء القرار المرقم (137) بعد تصويت الأكثرية في مجلس الحكم ضده والذي  استهدف إلغاء قانون الأحوال الشخصية (188) لعام 1959 على خلفية الخلاف بين الدولة والمرجعية الدينية، بشخص آية الله محسن الحكيم، وبسعى نجله السيد عبد العزيز الحكيم، إثناء رئاسته لمجلس الحكم لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2003 . بعدها أتت المناسبة مجددا ليزال القانون 188 لسنة 1959 بالمادة (39) من مسودة الدستور الدائم، وهي عودة إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية، وتعدد الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية.
لم يرم المهندسون السلاح جانبا وشمروا عن سواعدهم، وقاموا بتشكيل لجنة تحضيرية للنقابة (ائتلاف المهندسين العراقيين ) ، بهدف التحضير لعقد المؤتمر العام، الذي كان يفترض ان يعقد في وقت لاحق، لتضم ممثلين عن الاحزاب والحركات السياسية والمستقلين. كما وجه ائتلاف المهندسين العراقيين كتابا الى السيد وزير الاعمار والاسكان، طالب فيه بالغاء الكتاب الذي اصدره السيد الوزير في وقت لاحق كونه لا يستند الى الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون النقابة المرقم (51) لسنة 1979 وذلك لعدم الاعتراف بدور ائتلاف المهندسين الذي يعد الان القوة الرئيسية التي تمثل جموع المهندسين في العراق، الامر الذي يعني عدم خوض انتخابات نقابة المهندسين. وطالبوا ايضا بالالتزام بأمر مجلس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة برئاسة الاستاذ نصير الجادرجي لغرض تنفيذ قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 ومراعاة المقترحات الواردة في مطالعة الدائرة القانونية لمجلس الوزراء. وعقدت قائمة ائتلاف المهندسين العراقيين التي تمثل اكثر من 30 حزبا وتجمعا هندسيا، وعددا كبيرا من المستقلين، عدة اجتماعات على قاعة جمعية المهندسين العراقية في بغداد لمناقشة السبل الكفيلة باستعادة نقابتهم الشرعية بعد ان استولت على ادارتها مجموعة من المهندسين في  "انتخابات ايار 2003 الصورية " ومحاولاتها اقتناص الفرص واستغفال الجموع الهندسية ... واكد المجتمعون على مواصلة الجهود من اجل استعادة نقابة المهندسين لتنهض بعملها الطبيعي في خدمة اعضائها والمساهمة في بناء عراق ديمقراطي تعددي موحد... وجرى اقرار برامج ولوائح عمل الائتلاف.
   في 8/8 / 2005 اصدر مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 يحرم به الاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية من فرصة الحصول على الدعم المادي لانشطتها المشروعة ، ويعتبر توجهاً يضر بمسار الديمقراطية ويعرقل خطوتها... وبين قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) و قرار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد المرقم 8750 عامان اتسما بضعف وهشاشة مؤسسات الدولة الوطنية ، وتفشي الفساد الاداري والاقتصادي والاجتماعي ، وتقليعة كسب المال بيسر ، وبيزنس الرشوة  ... وتردد مجلس الحكم والحكومة التالية .. وجاهلية تشيع وطائفية الحكومة المنتخبة ... وتزمت وضيق افق النخب السياسية الفاعلة ... وبقاء الاحتلال الاميركي وتخبطه جاثما على صدور ابناء شعبنا الابي الى جانب  نشاط  الزمر التدميرية العدمية وعصابات محاكم التفتيش وجهابذة الذهنية العنصرية الصدّامية والانتهازية والوصولية المعادية للمسيرة التحررية الوطنية للشعب العراقي ... مما اسهم في تعثر النهوض السليم المعافى للبناء المؤسساتي المدني .  وتعد تجربة المؤسسات النقابية والعلمية الهندسية وبالاخص  نقابة المهندسين العراقية ونظيرتها الكردستانية أسطع برهان على الواقع المأزوم هذا .
ثقافة القطيع الاقصائية لم تظهر في  8/8 / 2005 مع اصدار مجلس وزراء الائتلاف العراقي الموحد القرار المرقم 8750 بل لاحت تباشيرها  في  قرار مجلس الحكم المرقم (27 ) .. وقرارات وزارة المجتمع المدني بغلق 12 منظمة غير حكومية ! مرورا بكامل السياسة الاجتماعية والموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية المبتسرة وهذا هو جوهر ما عانى منه العراق زمن الطاغية ، من سياسات الاضطهاد الشوفيني للأقليات القومية والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! والسلوكيات الحكومية في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.. السياسة الاجتماعية والنقابية تتناقض مع الاحزاب الدينية وانصارها ممن يضعون انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم .
ثقافة وديمقراطية القطيع اي ثقافة وديمقراطية الولاءات اللاوطنية اي الثقافة التوتاليتارية الشمولية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم بأئتلافها الموحد ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع ... هذه الثقافة الضحلة هي امتداد ووليد مسخ غير شرعي لنكاح ثقافات نوري السعيد الاستعمارية والحزب الواحد الاوحد القائد والولي الفقيه ... اي الثقافة الهجينية الانتقائية النفعية.. والممهدة للثقافة الفاشية !
   بلغ عدد الجمعيات والنوادي الملغاة عام 1954 ) 465 ( مؤسسة في بغداد وبقية المدن العراقية . وقد حل (نوري السعيد ) بجرة قلم البرلمان والأحزاب وألغى امتياز الصحف والمجلات وحل النقابات والتنظيمات الاجتماعية والمهنية . واصدر مراسيم تحرم العمل من اجل السلم "وما شاكل ذلك " . وأسس تراجع حركات المد الوطني التحرري غداة نكسة 1967 مع بداية الفورة النفطية وتغيب الحراك السياسي الديمقراطي لارتدادات قبلية طائفية في قاع المجتمعات المعنية ومنها مجتمعنا العراقي.وتتحمل البنى الاجتماعية المتخلفة مسؤولية التداعيات اللاحقة كالحروب الكارثية التي افتعلها النظام العراقي وكلانيته . ولم تسمح شمولية النظام العراقي لأي تنظيم اجتماعي لا ينسجم مع توجهات الحزب الحاكم ويأتمر بأوامره التمتع بحرية البقاء والمواصلة العلنية. وعلى التنظيمات غير الحكومية على الإطلاق أن تتحول إلى حكومية تحت ذرائعية مكشوفة وبراغماتية وفي مسعى لضرب الوعي الديمقراطي الناهض ! وبالقمع الفاضح .
    كانت مرحلة حكم حزب البعث الارهابية من اشد المراحل قسوة وهمجية ضد جميع الفئات الاجتماعية التي كانت الدكتاتورية تشك بولائها وضد تجمعاتها المهنية والاجتماعية والثقافية ... وقد بدأت هذه المرحلة بالسمات الاكثر عدائية ضد العمال ونقاباتهم ، واتسمت بالهيمنة على عموم الحركة النقابية وتجييرها ، والغاء استقلاليتها الحرة ، محرفة توجهاتها الديمقراطية وابدالها بتوجهات حزبية ضيقة لعبادة الفكرة الشمولية في الفرد القائد والحزب القائد والعشيرة القائدة والعرق القائد في الدولة الكومبرادورية مستهدفة افراغ مضامينها التقدمية بالقمع والارهاب . وفي هذا الاطار توالت القرارات القرقوشية (72) ، (91) لعام 1977... (190) ، (543) لعام 1984.... لتجريد العمال من التنظيم النقابي وتعطيل بنود و مواد قانون العمل رقم (150) وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي ، وقرارات أرباب العمل - إلغاء الحقوق النقابية في قطاع الدولة(52،71،...،150) لعام 1987 ، وأفراغ قوانين الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 ورقم 117 لسنة 1970 من محتواها لصالح بقايا الإقطاع وكبار الملاكين. وحولت  الدكتاتورية عموم النقابات الى ثكنات عسكرية تجبر الجميع للأنتماء اليها.. وخشيت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العهد الملكي من انبثاق مؤسسات نقابية ذات طابع جماهيري ضاغط تضم كوادر من انحدارات عمالية وفلاحية .
    لقد اغفل ائتلاف المهندسين العراقيين في مواثيقه ضرورة أن ترى النور تشريعات جديدة للأنظمة الداخلية للنقابات المتواجدة في الساحة الهندسية بما يخدم جمهرة المهندسين كمجموعة إنتاجية وفئة اجتماعية تربط نضالها بالنضال العام للشعب العراقي وإلغاء الأنظمة الداخلية السابقة وخاصة رقم 1 لسنة 1980 المتعلق بنقابة المهندسين العراقية .... واعادة النظر بتشريعات المجمع العلمي وبيت الحكمة وجمعية المهندسين العراقيين وجمعية المعماريين العراقيين واتحاد الصناعات العراقي ومؤسسات البيزنيس ( رجال الاعمال ) والغرف التجارية العراقية والجمعية العراقية للحاسبات والمركز القومي للحاسبات وبقانون الجمعيات العلمية رقم 55 لسنة 1981 وقانون تشكيل لجنة وطنية لنقل التكنولوجيا رقم 218 لسنة 1990 وقانون الجمعيات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 باتجاه تحقيق شعار (كل التعليم للشعب ) ، ودعم التعليم التقني العالي (البوليتكنيكي) ... كما اغفل ائتلاف المهندسين العراقيين في مواثيقه دون قصد موضوعة دمقرطة الحياة الهندسية وهي موضوعة عقلانية عصرية لها آلياتها ومستلزماتها مثلما اغفل تضمين مواثيقه الربط الخلاق الواعي بين نضال المهندسين ونضال الحركة الوطنية العراقية. وغصت أهداف وبرنامج وميثاق عمل  ائتلاف المهندسين العراقيين بنواقص و التزامات تنافی مواصفات تأسيس الجمعیات المهنیة التي تعنی بشریحة اکادیمیة مثقفة بل تنافي حتى مواصفات المنظمات غير الحكومية (NGOs)... وكانت متهيبة من تضمينها عبارات دمقرطة المؤسسة الهندسية ،وحقوق الانسان،والعقلانية ،والشفافية المعلوماتية، ومكافحة وملاحقة الفساد الهندسي . ... والادهى من ذلك كله خلت المواثيق الائتلافية من عبارة ( الاحتلال الاميركي ) . ولم تتطرق مواثيق ائتلاف المهندسين العراقيين الى ضمانات عدم تحويل النقابات الهندسية إلى منتديات سياسية ومنابر لقوى سياسية أو دينية او قومية وحتى طائفية او عشائرية  والى مساجد وحسينيات وكنائس وحتى مطاعم وبارات شرب ومقاهي وجلسات سمر . لقد غطى الصراع السياسي الحاد على الأهداف المهنية والاكاديمية منذ تأسيس النقابات والجمعيات الهندسية وسخفها فتضررت مصالح المهندسين وذوي المهن الفنية الهندسية ، وتحاول اليوم القوى الطائفية أسلمتها وتشييعها وتبذل البيروقراطية الادارية جهدها لأبقاءها اسيرة السفسطة الاجتماعية .
الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع التمردات المسلحة والارهاب ، ومع العصابات ، ومع جهلة البعث  . الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع اعتداءات عصابات مقتدى الصدر الاجرامية  بالضرب على طلبة وطالبات كلية الهندسة في البصرة والكلية التقنية في الزعفرانية باغلظ العصي والكيبلات واللكمات واطلاق النار وتمزيق الملابس .. وبتحويل بعض الكليات الهندسية الى بوق طائفي تفترشه الكراريس والكتب الطائفية، وتحميل لوحات الاعلانات فيها والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية اكاديمية ومهنية ... وتحوي أسماء الاساتذة والتبليغات الجامعية .... تحميلها  بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب .. وهذا شمل المعاهد التقنية واعداديات الصناعة ... وكافة الدوائر الحكومية .  الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان لا تعني التساهل مع ثقافة وديمقراطية قطيع الائتلاف العراقي الموحد ورفع شعار ( امة شيعية واحدة ... ذات رسالة خالدة )!
الديمقراطية والعمل النقابي وحقوق الانسان تعني التأسيس الاجتماعي المدني غير الربحي ، وامتلاك الدور التنويري من خلال التطور التدريجي الطويل الأمد والبعيد المدى عبر الحوار والشفافية ونشر ثقافة السلام والتسامح والديمقراطية وقبول الرأي الآخر والتمسك بمبادئ المساواة والتداول ونبذ ثقافة العنف والإقصاء والإلغاء والعزل، والاسهام في تعزيز الثقافة الديمقراطية والوعي الحقوقي وعموم الوعي الاجتماعي ،والعمل على كشف وفضح  العقل الكابح المفرمل للثقافة العقلانية والولاء للوطن ! أي الهويات تحت الوطنية والعصبيات -  الولاءات المسبقة في التشرذم والتزمت والانتهازية والفساد ... إفرازات قمع السلطات وكلانية الدكتاتورية ، والدعوة  للمبادرة على المستوى الفكري والعملي والتوجه إلى دراسة الظواهر الجديدة كالعولمة ، والثورة المعلوماتية ،والثورة العلمية والتكنولوجية ، والمجتمع المدني العالمي ، والتصدي للارهاب ..، وتوظيف مبدأ حقوق الانسان بشكل صحيح وليس تسييسه واستخدامه من جانب القوى المتنفذة والمتسيّدة عبر الانتقائية في المعايير ، والنظر الى الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواسية دون تمييز وارجحية ،والربط العقلاني الفعال بين الثقافة الاحتجاجية والانتقادية والمطلبية وآخر مستجدات الفقه الدولي .
 يسهم التمسك بالاستقلالية والمهنية والمعايير الحقوقية في إيجاد الطريق إلى الأجواء السليمة الصحية الواعدة. الوطنية وحدها دون ديمقراطية  تؤدي إلى الديكتاتورية والاستبداد، أما الديمقراطية دون الوطنية فتقود إلى التبعية .
    ان " معركة الحقوق النقابية والمهنية والاجتماعية " هي في الواقع معركة الديمقراطية في بلادنا ككل . ونجاحنا في كسب هذه المعركة هو مؤشر لانتصار النزوع الديمقراطي في العراق " والعكس صحيح أيضا ! " ،  والقدرة على تجاوز كل الحسابات وبناء آلية للنضال الديمقراطي في سبيل تخليص النقابات والمنظمات غير الحكومية من قيودها . ولغرض قطع الطريق على وصول من لا يمثلنا ويمثل حقوقنا ومصالحنا في السيطرة على النقابات من جديد نناشد الجميع  ، بصرف النظر عن دينهم أو انتمائهم السياسي بالانضمام إلى طابور المناضلين في سبيل فرض الأجواء الديمقراطية وكسب الحقوق المهنية والنقابية ، ودعم " لجنة التنسيق الدائمة للاتحادات والنقابات والجمعيات المهنية "المشكلة في 12/9/2005 والمساهمة الفاعلة في نشاطاتها بالندوات والاعتصامات والاحتجاجات .. الخ .
    هل تتراجع الحكومة عن قراراتها القرقوشية وبالاخص القرار المرقم 8750 وقرارات وزير المجتمع المدني ؟... أم ان حكومة الائتلاف العراقي الموحد  قد قررت الانتقال النهائي الى صف اعداء الشعب والمضي قدما في سياسة التدخلات الحكومية سيئة الصيت ! .


   





253
عصابات السياسة القذرة والاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة


     المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي ينعى شهيدين جديدين سقطا ضحية القوى الارهابية الظلامية في مدينة الثورة البطلة ... وهي ليست قوى الارهاب السلفي المعروفة والناشطة ارهابيا على الساحة العراقية والتي لا تستطيع حتى المرور داخل المدينة للطبيعة الفلاحية العشائرية لسكان المدينة عموما والتي تكشف بسرعة اية وجوه غريبة ممكن ان تتواجد او تمر فيها ... انها المليشيات السياسية الشيعية التي سبق واعتدت على مقر الحزب الشيوعي هذا نفسه في شهر اذار من العام الحالي ... سبق هذا الاعتداء تعرض الكثير من اعضاء الحزب الشيوعي الى المضايقات والتهديدات في مدن كالناصرية والبصرة وتعرض يافطات الحملة الانتخابية للقائمة العراقية الوطنية والتي يشكل الحزب الشيوعي احد اهم اركانها الى التمزيق والحرق في بعض المناطق مثل مدينة الثورة نفسها والقناة وشارع فلسطين.... وتعيد هذه الاعتداءات حسابات الشيوعيين الذين اول من قتلوا في الانتخابات السابقة، وهم اول من يقتلون في الانتخابات الجديدة ! تعيد حساباتهم ليستذكروا احداث العامين المنصرمين ،فهل ترتبط المليشيات السياسية الشيعية اي عصابات السياسة القذرة بعلاقة من قريب او بعيد بالاحداث التالية :

1 - الاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة بغداد الجديدة بنسفه وقتل رفيقين العام المنصرم .
2 – اغتيال الرفيق البطل سعدون - رفيقنا وضاح حسن عبد الامير ورفيقيه الشهيد البطل نوزاد توفيق والشهيد البطل حسيب حسن ...  في 15 / 11 / 2004.
3 – اغتيال  الرفيق البطل هادي الزبيدي / مسؤول العلاقات في  اتحاد نقابات عمال العراق IFTU اوائل العام الحالي .
4 - الاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة في شهر اذار من العام الحالي .
5 - اغتيال  الرفيق البطل فاضل الصراف مسؤول هيئة المهندسين في الحزب الشيوعي العراقي 31 / 10/ 2005 .
6 - الاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة مساء 22 تشرين الثاني 2005 .

هل تتحرك  الحكومة للكشف عن الجناة وتقديمهم لمحاكمة عادلة لينالوا جزاءهم على ما اقترفوه من جريمة نكراء ؟... أم ان حكومة الائتلاف العراقي الموحد " متعودة ديما "على حد قول الممثل العربي عادل امام . من المعروف انه تم التزواج بين الفكر الشيعي المتطرف الذي يقوده رجال الدين في إيران وبين الفكر السلفي التكفيري رغم مابين الاثنين من خلاف وتناحر يصل لحد التكفير، لكن مصلحة الطرفين اقتضت هذا التزاوج الغريب في هذه الفترة بالذات. وما يقوم به رجال الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المليشيات السياسية الشيعية اي عصابات السياسة القذرة من ايتام ناظم گزار الذين يتلثمون من جديد هو ميراث مكثف لما قام به رجال دولة طالبان الساقطة ، وجماعة التكفير والهجرة والجهاد المصريتين ، والتي ورثهما أبي مصعب الزرقاوي الآن في العراق. هل يستطيع مجرمو عرس الواوية الاستمرار في الوجود على غرار رجال الحسبة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسط الرياح الديمقراطية التي هبت على أرض الرافدين واقتلعت أشرس سلطة دكتاتورية عرفتها البشرية في العصر الحديث؟؟. بالتاكيد ،لا .. لأنهم صناعة إيرانية لتدمير العراق ... ومن السخف والهراء وضع هذه العصابات وقوات الأمن الحكومية في كفة واحدة والهاء الناس في جدل عقيم حول إبرام المصالحة بين الطرفين المتخاصمين ومعاملتهما كما لو كان الصراع بين دولتين!!. فإما الطائفية ومعها الدمار الشامل أو الوطنية لتحقيق النجاح الكامل .
وانا لقوم مستقلون فطرة           اذا انكر استقلالنا منكر ثرنا
       مذابح من طراز الإعدامات الجماعية أصبحت روتينية الآن. ففي الأسابيعِ الأحد عشر الماضية منذ أن اكتشفت ضحايا الدولعي والأحياء المجاوِرة لها من منطقة الحرية في الصحراءِ، اكتشفت على الأقل 17 مجموعة من جثث سكّانِ بغداد ومجموعها 158 رجل، ثم التَخلّصَ منها في الحقولِ الفارغة ،أو في الشوارع الخلفية أَو في نباتات مجاري مياه بغداد، أكثرهم قَتل رمياً بالرصاص وأيديهم مقيدة . الكثير من الضحايا خصوصا في غرب بغداد، وطبقاً لوكالة الأنباء والحسابات الصحفية العراقية، أعداد كبيرة منهم كانت قد شوهدوا احياء في أيدي الرجالِ في أزياء الشرطة الرسمية !
     ان تصفية اثار جرائم حزب البعث الفاشي لا تتم  باتباع اساليب البعث نفسه بالارهاب والاغتيالات والتصفية الجسدية ، وانما عبر المحاكم العراقية العادلة ، اما محاولة الاتكاء على  شماعة البعث كمبرر لوجود الانتهاكات والتجاوزات ، فليس الا جانب يعبر عن فشل الخطاب الطائفي والتبريري ، وسياسة تشكيل الميليشيات ، وفشل الحكومة الحالية في تحمل المسؤولية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي ، يضمن حقوق الانسان ، وإستخدام الوسائل الديمقراطية والإنسانية بالتعامل مع المواطنين .. كيف اتفق أن ّ من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين .. يمارس الان سفالتهم ؟
      ان القتلة المجرمين، ممن غذى فيهم النظام الدكتاتوري المقبور نزعة العنف والتدمير و"ديمقراطية" الدم، هؤلاء وغيرهم، لن ينالوا من تصميمنا على مواصلة النضال من اجل عراقنا الذي نتطلع ان يكون آمناً، ديمقراطياً يتمتع فيه المواطن بالامان وحرية الرأي والفكر والعقيدة، بعيداً عن الاقصاء وتغييب الآخر، عراق خال من الظلاميين والقتلة ومصادري حق جماهير الشعب في ان تختار طريقها وفقاً لارادتها.
سينكس المتذبذبون رؤوسهم        حتى كأن رقابهم اقدام
سيحاسبون فان عرتهم رعشة         من خيفة فستنطق الآثام
    الاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة مساء 22 تشرين الثاني 2005 لا يتفق مع حلم الدولة التي يسود فيها الولاء للوطن وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس للمليشيات وللتخندقات والتعصبات، دولة نعمل فيها جميعا من اجل اعادة بناء الوطن بعيدا عن روح الانتقام والثأر، بعيدا عن الارهاب والعنف، في اجواء تسودها روح التسامح والاخوة والبناء. وهذا بالطبع لن يتحقق بدون محاسبة المجرمين الذين اضطهدوا الشعب وتلطخت ايديهم بدماء العراقيين، او بدون  محاكمة رموز ذلك النظام والاقتصاص منهم باسرع وقت ممكن. ان عهد التحايل والخزعبلات قد ولى فالشعب العراقي الذي لم يستطع نظام صدام الدكتاتوري الدموي بكل ما اوتي من امكانيات عسكرية ومادية وكل الوسائل الدنيئة الذي لجأ اليه ان يثنيه عن عزمه للحصول على مطالبه المشروعة في الديمقراطية والتقدم الاجتماعي سوف يهزم جميع القوى الظلامية المعادية للحرية والديمقراطية والفيدرالية .
      ازحفي ياجموع شعبي وشدي         بيد عزمها جميع قوانا
          بالسلام   الذي  نريد   كتاب            قد ملأنا سطوره من دمانا
            وعلى زحفك العظيم سمعنا             اغنيات السلام تحدو خطانا
 

254
 تجسد القائمة العراقية الوطنية – 731 – بمكوناتها السياسية الراهنة صمام امان الشعب العراقي للخروج من المأزق السياسي الاجتمااقتصادي الذي يعصف بالبلاد ومن الإعصار الدائم والتصاعد القياسي في النفقات والضحايا ... وهدفها تحقيق الاجماع الوطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع ، وتقويض كل محاولة لتشكيل كتلة تاريخية حول المشروع البديل !. ويشهد التاريخ على المصداقية السياسية الوطنية لرموز القائمة العراقية الوطنية فالدكتور علاوي طور مفهومه للقومية منذ نبذه الفكر البعثي الصدامي وتأسيس حركة الوفاق الوطني فلا  قومية دون جوهر انساني واممي ، وان ازدهارها مشروط بازدهار القوميات الاخرى وبتحرر الانسانية جمعاء ! .. وعرف الدكتور الباججي بعقلانيته الاقتصادية واخلاصه للجوهر التقدمي لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة .. والحزب الشيوعي العراقي كان ولايزال يناضل في سبيل الوطن الحر والشعب السعيد ! هكذا دواليك بقية رموز القائمة العراقية الوطنية ومن بينها الرموز الدينية التي آمنت بخطورة استغلال الشرعية الدينية في السياسة  وانحيازها لتيار سياسي بعينه . 
   تعبر القائمة العراقية الوطنية عن الايمان بالديمقراطية السياسية واقامة دولة العدالة، والمواطنة، والضمانات، والتعددية، وحقوق الانسان وفقا لمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وتأكيد استقلال القضاء وادانة المحاكم القروسطية للجاهلية المتأسلمة والمتشيعة  وفتاوي التكفير والحسبة و هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..التداول السلمي للسلطة.. الدستور الحضاري الديمقراطي الذي يضع حدودا واضحة لعمل السلطات وواجباتها ويلزم الحكومات بحماية الاديان والطوائف وعدم التدخل في شؤونها أو التحزب لدين او طائفة منها.. ويعني تحريم وتجريم العنف واساليب الارهاب ونزعات القوة والاكراه والابتزاز ....
    والقائمة العراقية الوطنية خطوة جادة على رص صف التيار الديمقراطي في العراق والارتقاء بالجهود الى مستوى المرحلة السياسية و تحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات وفي سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه، والحذر من راهنية الخطاب السياسي السائد الذي يعيد انتاج السياسات العاجزة بعد ان باتت الادارة الاميركية قاب قوسين او ادنى من نقل الصراع الذي من المفروض ان يكون ضدها الى داخل المجتمع العراقي ونخبه السياسية لتنتعش الولاءات العصبوية اللاوطنية .
   القائمة العراقية الوطنية ادانة صريحة للاستعلاء ولاستمراء  نصر"الفوز الساحق" والاستمرار في تجاوز القوى الأخرى ومحاولة فرض الحزب الإسلامي السياسي الشيعي الواحد ( البعث الشيعي – امة شيعية واحدة ذات رسالة خالدة ، صار الشعب شدة ورد والريحة شيعية ) كي يهيمن على العراق "العربي" مجازا، ومن ثم البدء بضرب فيدرالية كردستان العراق أيضا هو ذات المشروع الايراني والتركي في احتواء القضية الكردية وكامل القضية الوطنية والديمقراطية العراقية . الأرث الحضاري والثقافي الذي يخص العراق لا يسمح له بالصمت الطويل حيال التشويه الذي يتعرض له وجهه الجميل على يد أناس لهم من الادعاءات العريضة والطويلة ما يجعل بلاد الرافدين  مدهوشة ازاء التناقض المر الذي ستقول كلمتها فيه في زمن ليس بعيدا لأنها قصيدة خضراء ترفض القراصنة . القائمة العراقية الوطنية ادانة صريحة لتكريس نهج المحاصصة الطائفية ، الوباء الخطير الذي يسمم الحياة السياسية  ويتناقض مع الديمقراطية  ويقزم معنى الانتخابات ومدلولاتها  ويحجم مبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين  ويضر ببناء الوحدة الوطنية... ، والذي يمهد للدكتاتورية الشيعية او الديمقراطية الشيعية ( نفس الطاس والسفرطاس ) وجوهر ثقافة اليانكي في تأجيج الفتنة الطائفية بالبلاد. وهو سلوك مستهجن - مرفوض تنافى مع حقوق الإنسان، ومع السعي لبناء دولة القانون والمؤسسات.
   القائمة العراقية الوطنية تعبير عن أهمية وضرورة دحر قوى الإرهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار وانجاز أهداف العملية السياسية وإنهاء الوجود الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور والمضي في طريق إعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية والموقف الشفاف الشجاع الموحد إزاء الإرهاب ايا كان مصدره .. الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي ... ارهاب العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي الظلامية التكفيرية والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية  لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية ، ولطوطمها القابع في قم معا ...بما في ذلك ارهاب خفافيش الظلام التي خرجت من الاكواخ  وبنت العمارات ولا تتعامل الا بالذهب والدولارات.... ارهاب اولاد صبحة الذين ينهبون العراق واولاد فضيلة الذين ينهبون البصرة ! وارهاب شرور حكام التطرف الديني في ايران ! ... ارهاب الصناعات السياسية الإيرانية لتدمير العراق ... ارهاب مشروعية الاستباحة الايرانية المكثفة والرمزية والسرية للهوية العراقية إلى درجة التدخل في تعيين الموظفين ومراقبة الخصوم السياسيين، والصرف على الأحزاب والجماعات الطائفية... ارهاب السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة ...فإما الطائفية ومعها الدمار الشامل أو الوطنية لتحقيق النجاح الكامل .
   القائمة العراقية الوطنية هي الشفافية المعلوماتية اي وضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب .. منه واليه .. لا في خدمة التراتبية الطائفية ودون الوطنية ، وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية، وهي المعرفة التامة بالعمليات الجارية في الاقتصاد والمجالات الاجتماعية والحراك الطبقي وشرط اعداد النماذج البديلة لا تحويلها الى ديكورا مقنعا يزين التحولات الرجعية ويشرعن الفساد والرشوة والارهاب الفكري وخيانة الشعب بالعهر مع الجيران واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية ! القائمة العراقية الوطنية تسحب البساط من تحت البعثيين الذين ساهموا في التجسس علينا داخل عوائلنا وفي محلاتنا وفي غربتنا وفي اقصى منافينا بالتقارير وبالملاحقة وبالمعلومات ، والذين لم يزلوا يكتبون المقالات بصلافة ضدنا ويرتكبون المجازر بحق ابناء شعبنا ومحرضين مرة اخرى على قتلنا ومحاربتنا! يريدوننا الوقود لنارهم والزيت الذي يحترق به مرجلهم. انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ، ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين . انهم يعودون بصلافة ويخربون بيوتنا ويفجرون انابيب النفط ، ويضعون المتفجرات والسيارات المفخخة بيننا ووسط اسواقنا الشعبية ، وامام مراكز تطوع اولادنا للجيش والشرطة ، وامام مدارس اطفالنا !!!
   القائمة العراقية الوطنية تعني محاصرة الفساد عبر توسيع رقعة الديمقراطية واطلاق حرية وسائل الاعلام كسلطة رابعة في كشف الفساد الذي لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عنه بعد ان رسخته الصدامية في بنيانها المسخ والطائفية الدينية والسياسية في جسدها الوسخ ... واتخاذ الاجراءات الادارية والمالية والخلاص من مفهوم السلطات – الدولة – المزرعة ، واصلاح هيكل الرواتب والاجور ، ومعالجة البطالة المستفحلة . الفساد هو تخريب لحقوق المواطنة وتقويض لقوة المجتمع الروحية وارباك خطير للسلطات وتهشيم لهيبة الدولة ... ويعم في غياب المحاسبة وفي ظل سوء توزيع الدخل القومي .. وهو تشويه هائل في البنى الاجتمااقتصادية – الطبقية . وهو عدو الاصلاح والتنمية والاعمار الاول بامتياز  وتعبير عن قوة وسلطان وجبروت الراسمال والولاءات اللاوطنية ، ويتمثل في شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير داخل العصابة – العشيرة – الطائفة – الشركة – المنظمة – النقابة - الحكومة .   
   القائمة العراقية الوطنية هي الخلاص الحقيقي الذي يكمن في تنبي المجتمع المدني الديمقراطي ومبدأ فصل الدين عن الدولة ورفض الفكر الشمولي ، سواء أكان دينيا أم علمانيا ، ورفض التمييز العنصري والديني والطائفي والفكري وإزاء المرأة بمختلف أشكاله ومظاهره ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا باختيار مرشحيه من أوساط الأحزاب المدنية الديمقراطية ذات الوجهة العلمانية التي تحترم كل الأديان والمذاهب وتسمح لها بممارسة طقوسها وتقاليدها بحرية وتمنع عنها الإساءة والتمييز. ان مجرد وجود هذا العدد الكبير من الاحزاب التي تنشط تحت يافطات اسلامية تعكس عدم الحاجة اليها بل ان الخلاف يعكس التباين على البرامج الاجتماعية الاقتصادية فحسب وليس على المعتقدات الدينية. ان شعبنا والعراق المكبل بآثام النظام السابق وشروره لحد الآن يحتاج الى من يحل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية المستعصية ضمن برامج عقلانية ولا يحتاج الى من يدعوه الى الدين وهو الشعب المؤمن بالله والرسل من شتى المذاهب والاديان.
   القائمة العراقية الوطنية تدعو الى العلمانية ، العقلانية ، الليبرالية ... وهي مفاهيم متقدمة حضاريا وحركات  سياسية فكرية قائمة على عدة آيدويولجيات تاريخية وحاضرة، وتدور حول محور الفرد الحر والدفاع عنه دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، والأفراد جميعهم أحرار متساوين في الكرامة والحقوق الانسانية. وتكفل هذه المفاهيم للفرد حرية التفكير والتعبير وابداء الرأي، وتؤيد حق الفرد في الاختلاف مع الفكر المقابل له أو السلطات في المواضيع التي ترسم حياته الخاصة عن أن لا تتعدى حرية الآخرين. ولتحقيقها أتت ضرورة فصل الدين عن السياسة والدولة، احتراما لحرية الفرد الشخصية، واحتراما لسائر الأديان والعقائد، وللتخلص من سلطة رجال الدين على المجتمع لبناء المجتمع المدني الحر، ولاعادة توزيع المهام والأعمال. ويؤمن فصل الدين عن الدولة والسياسة بناء مجتمع عصري قائم على احترام حقوق الانسان والمساواة والتسامح بين البشر مهما اختلفت أجناسهم، فلا رجال دين يفرضون آرائهم مستغلين سلطاتهم السياسية ولا دولة تضطهد الأقليات الدينية فيها لأنها لا تتبع دين الدولة، فالدين لله والوطن للجميع.
   تعني القائمة العراقية الوطنية بالعمل الدؤوب من جانب جميع قوى المجتمع المدني الديمقراطي العلماني ، والقوى السياسية غير الطائفية التي تسعى إلى إقامة عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي وحضاري قادر على الاستفادة مما توصل إليه العالم من تقدم في جميع المجالات لتحقيق التقدم الاجتمااقتصادي المنشود للعراق والتحسن في مستوى حياة وظروف عمل ونشاط جميع فئات المجتمع. ولا يمكن أن تتم هذه العملية دون إشراك واسع للمثقفين العراقيين في العملية الجارية حاليا ودون مساهمة واسعة من جانب الأوساط الشعبية العراقية التي هي أداة وهدف التغيير في المجتمع.  القائمة العراقية الوطنية ادانة للهرطقة الطائفية اللاعلمية التي تشيع عبادة الطغاة وتمجدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين ، وتلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  .
القائمة العراقية الوطنية حلم الشباب والغد الوضاء لأنها انتصار للشبيبة العراقية ولجيل التاسع من نيسان للنهوض على أسس معافاة  سليمة مغتسلة في مياه الرافدين متخلصة من ادران وقاذورات البعثنة والطائفية السياسية ، وللاسهام بفعالية في الاعمار والتنمية والتأكيد على ضرورة اليقظة ازاء متاهات الارادوية المنفلتة وعسفها وفخ التدخل في الحياة الشخصية للمواطنين والاصلاحية وكل اشكال النفاق السياسي .. وانتصار للابداع -  الشىء الوحيد الذي يمكن ان يمارسه الشاب الديمقراطي ليؤسس وجوده في افق البحث ، ولا يعيد تاريخ الابداع نفسه بينما يعيد التقليد نفسه وينتج ما كان قد انتجه . وديمقراطية الابداع والثقافة هي حرية وتنوع وتحديث وشرط استقبال المجهول غير المتوقع واسلوب تحسين نوع وشكل الحياة . ولا زال الترابط بين النضال في سبيل السلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي في الظروف المعاصرة يشكل وحدة عضوية لا تنفصم عراها. 

255
  صباح الاثنين 15 / 11 / 2004  صعقنا  بنبأ استشهاد الرفيق البطل وضاح عبد الامير . .. وياللهول ان يكون استشهاده عصر اليوم الاخير من رمضان  . .. و صباح الاثنين 31 / 10/ 2005 وفي اواخر رمضان ايضا ،اي في نفس الشهر الهجري الذي شهد انقلاب 1963 ، صعقنا  بنبأ استشهاد الرفيق البطل فاضل الصراف مسؤول هيئة المهندسين في الحزب الشيوعي العراقي . سيكف الناس في العراق عن القول رمضان كريم، ففي رمضان تنزل مليشيات الله افواجا ليعيثوا بالارض رعبا وارهابا وفسادا، ولا تزال الأيام السود لأنقلاب شباط راسخة في ذاكرة الناس ، وبيانهم المشؤوم رقم (13) !.
    يحكم مخطط  قوى الارهاب في العراق الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس ، واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل ،والوهم والوحشية وعقدة عنف كل خاسر حرب غير شريف. وتستمد قوى الارهاب مصادر سطوتها من الصدامية والطائفية السياسية والاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم ! لقد ارتفع الخط البياني للجريمة ( زمر الخطف والتخريب والنهب والسلب واللف والدوران والتهريج والاغتيال والغدر والتآمر )  في العراق ، وما تزال قوى تسميه بالمقاومة البطلة!
    يلتحق الشهيد المهندس فاضل الصراف بقافلة الشهداء عطوان حسين عطية / أبو علي ، جبار شهد / ملازم حسان ،صامد أحمد الزنبوري / أبو خلود ، رعد يوسف عبد المجيد / أبو بسيم ، حسين محسن سعيد العباس / أبو خليل ، د . سلمان جبو ، سمير يوسف كامل / عمار ، سلام شهاب أحمد /أبو عادل ، ماجد عبد الجبار ( نيوتن ) ، انعتاق الهيتي ، محمد عزيز ، رافد اسحق ، سمير الحلفي / عمار ، د. نزار ناجي يوسف / أبو ليلى ... والشهداء المهندسين الآخرين ... كنتم غيض من فيض الصور  الصادقة للمهندسين المناضلين البواسل  الذين انجبهم العراق. وقفتم شامخين كجبال كردستان ونخيل البصرة لم تنحنوا  يوما . عرفتكم مدن العراق وازقتها الشعبية ومدارسها وساحاتها النضالية ، عرفتكم قمم الجبال والوديان والعيون الروبارات ، مناضلون اشداء جسورين  مؤمنين  بعدالة القضية التي نذرتم  أرواحكم  من اجلها. لم تعرفوا الخوف طريقا  لقلوبكم. في فقدانكم خسر الشعب العراقي كوادر هندسية وطنية ديمقراطية تميزت بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي .لذلك جرى استهدافكم  بالطرق الجبانة الغادرة . ستبقى ذكرى الشهداء المهندسين ملهما لمواصلة النضال من اجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وضد الارهاب وثقافته السادية .
    الشهيد المهندس فاضل الصراف ابن الطبقة العاملة العراقية والمناضل الجسور قبل ان يتولى مسؤولية هيئة المهندسين في الحزب الشيوعي العراقي   . الرفيق الذي لم تهزه الشدائد ، الواحدة تلو الاخرى .... . الرفيق الخجول والمسامح والذي  كان همه الاول  الصيانة الحزبية وارساء المركزية الديمقراطية على اسس سليمة بحكم استقواء اعداء الشعب وبالاخص الرجعية وطليعتها جرذان البعث القذر وفلول الاستخبارات البائدة وقرود العمائم المسيسة والخبيثة.
    الشهيد المهندس فاضل الصراف مهندس محترف وسياسي ومواطن شارك في الشأن العام العراقي بفعالية ،واجه أعباء العيش اليومي الثقيلة متحديا الإرهاب والحرمان والابتزاز ، وواصل العمل والإنتاج في ظروف قل نظيرها في القسوة .. كما ساهم فاضل الصراف في كشف عورات اللعبة – المهزلة  التي تستهدف تغييب جموع المهندسين الذين يبلغون قرابة خمس المليون ، وهو عدد ضخم يضم صفوة الصفوة من العقول العراقية ...، وصد  رياح السموم التي تعصف بنقابة المهندسين ، بعد ان بات المهندسون على الهامش لا بيت لهم يحميهم ويحمى مهنتهم ويسعى لتطويرها وتقديم الخدمات للمنتسبين لها ، ويعبر عن مواقفهم في الشأن العام ، وبالذات في القضايا ذات الطابع الهندسي وما أكثرها وأفدح الأخطاء المرتكبة في غيبة رأى نقابة المهندسين الواجب الاحترام .
   دعى الشهيد المهندس فاضل الصراف الى تشذيب  ائتلاف المهندسين العراقيين وصقل وحبك مواثيقه وتفعيله ،وكشف خبايا قرار مجلس الحكم المبجل المرقم (27 ) في 25 / 8/2003 عشية انتخابات نقابة المهندسين بايقاف الحركة الانتخابية النقابية في العراق الى اجل غير مسمى بحجة اعداد دساتير و لوائح داخلية وبرامج عمل تنسجم مع مرحلة ما بعد الدكتاتورية ... ، والتصدي لكافة القيود على العمل النقابي ، والمطالبة بايقاف الاجراءات التعسفية ضد العمل النقابي في العراق ، ودفع نقابة المهندسين باتجاه :
أولا: ديمقراطية ووحدة العمل النقابي
ثانيا: الالتزام بالمصالح  النقابية والمهنية والاقتصادية للمهندسين
ثالثا:  اعتبار هموم المهندس جزء من هموم الوطن
   توفير مستلزمات نجاح أي اعمار  مستقل او اعادة اعمار لا يمكن أن يتم إلا على أساس طوعي وديمقراطي .... وتتطلب الاحترام الكامل لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية واحترام التعددية السياسية والابتعاد عن القهرية الحزبية والطائفية والميكافيلية والتدخل في الحياة الشخصية للناس وتوفير آليات التداول السياسية بالطرق السلمية وتعضيد فعالية المؤسسات الأهلية والمدنية والديمقراطية والنقابية والسير قدما باتجاه العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي العلماني الموحد . هذا ما كان يردده الشهيد المهندس فاضل تقي الصراف !
   نم رفيقنا البطل فاضل الصراف.. نم مطمأن ومرتاح البال ... الشيوعية اقوى من الأرهاب والتكفير والموت واعلى من اعواد المشانق .

256
ادت الثورة المعلوماتية  الى انكماش الزمان والمكان وهمشت الحدود الجغرافية لتعيش شعوب العالم الجديد على كوكبنا أشبه بالقرية الكونية الصغيرة لكنها قرية قبلية طائفية اقطاعية جديدة تتحكم بها النخبة الاقطاعية الجديدة التي تتمتع باسباب القوة والحيلة والمكر والخديعة لتنعم بخيراتها وسياساتها العامة .... اقطاعيات لا تقوم على ملكية الارض بل على احتكار القوة الحديثة – المال والتقنيات والعسكر ... الخ . وبات العراق في ظل العولمة الرأسمالية والكوننة والاحتلال والاحتراف لعبة بين الاقدام التي تفرض كلمتها على الجميع لتتحول الثقافة فيه الى مسرح للألعاب بمرور الزمن وتتحول القيم الاخلاقية والجمالية مثل الخير والعدالة ، الحقيقة والجمال ، السعادة ، الضمير الى ادوات لهذا اللعب ! في تعمد مع سبق الاصرار ! بغية تهديد الشعب العراقي بمخاطر الفقدان التام للاحساس بالواقع الموضوعي وتوسع محو الحدود بين اللعب والحياة وسبر اغوار الآمال ! ثقافة الاقدام الجذابة الاستهلاكية الطابع – قانونها واحد حيث الكلمة الاخيرة لصافرة الحكم مع احتفاظ الكابتن الاميركي بكل مقدرات اللعبة دون سواه ! وتتجلى  ثقافة الاقدام عندما يشب احد العوامل وسط المجموعة متفردا ! ... عندها تركن اللعبة الى الصراع والتنافس والانسجام بين مؤسسات الهيكلية الاجتماعية والدولة ، حينها يتسارع التكامل والتفاعل والتجاذب والتنافر  في اطار الآليات الأجتماأقتصادية ضمن عملية الاحتراف الكبرى التي تحكم مسار الكرة بين الارتفاع والهبوط !
•   اللعب وديناميكا الفوضى والتعاضدية
    بينما يخلق العمل الطموح والارادة والروح الجماعية والقدرة على الابداع ينمي اللعب الخيال والفانتازيا ويعلم الانسان التمني ويساعده على تبني وجهة نظر انسان آخر وثقافة أخرى ، ويتيح الفن للمرء ان يغوص الى العهود الماضية ويتغلغل في عالم المستقبل دون ان ينتهك عالمه الروحي بل على العكس انماءه وتطويره ، ويربي الفن آلية خاصة للتعاطف الوجداني ويساعد على التفكير المستقل !  اما التعليم فيوفر الساحة اللازمة لتبيان قدرات الانسان في اللعب . العمل نشاط هادف ونافع اجتماعيا يمتلك قواعده وقوالبه ونماذجه ... اما اللعب فهو وليد العمل واداة لزعزعة القوالب قد لا تكون له فوائد مرئية الا انه يفتح مجالا رحبا للخيال الخصب ليبدو مفتوح لعدد لانهائي من الامكانيات والاحتمالات في فوضى الموضوع ولتبرز قدرة اللاعب على تقمص عشرات الحيوات المختلفة ! ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر الانساني والبشري الذاتي .
     في عالمنا المعاصر اللعب يدخل في اساسيات السياسة والعلوم الحديثة الى جانب التنميط ( MODELLING ) وهو نظرية تخطيط السلوك الهادف للحصول على النتائج المحددة والطرق الانسب في مختلف الاحوال !  اي تعميم الافكار المتنوعة على جوانب معينة من السياسة والاقتصاد الوطني والميادين الحربية والعلمية .. انه نظرية التهذيب المنطقي لتخصيص الموارد واتخاذ القرارات واستعمال المناهج التجريبية لأختبار السوق والأختبار العقلاني ! ونظرية اعادة تركيب مفهوم العملية التنافسية وآلياتها في ديناميكا الفوضى ( CHAOS ) على اسس العاب الاستراتيجيا ! وتسمح نظرية اللعب بدراسة بناء اسس المؤسساتية الاجتماعية والاقتصادية والمدنية وخصائصها النسبية !. يذكر ان  لمفهوم ديناميكا الفوضى رديف هو التعاضدية او السينرجية ( SYNERGOS ) او ادارة المعرفة... وتنظم ديناميكا الفوضى سايكولوجية ادارة معرفة مختلف المنظومات وبالأخص الشك ، الوعود ، الآمال ، الفضول ، الصدفة ، الأحتمالات ، الاحصاء ، الضبط ، التنافس ، التعاون ، الحيود ، التوافق ، الاستقرارية ، التنظيم الذاتي ، الصعود الطوري والحرج ... وتدخل في ثناياها النظريات العشوائية والكارثية ، والشراكة ، والتعاونية ، والتحالفات الاستراتيجية ونظم الدعم للبحوث والانترنيت . السينرجية تعني قدرة الوحدات والمؤسسات على العمل كفريق متكامل لتحقيق قيمة اكبر مما لو قامت كل مؤسسة او وحدة بتنفيذ العمل على حدة .. المسار السينرجي هو اكثر السبل ملاءمة للارتقاء  والانبعاث والتحقق تختاره مكونات اية منظومة لتحقيق اكبر مستوى من المشاركة بالموارد والقدرات للتفاعل الايجابي .
      توجد نظرية اللعب ومبادئ وقواعد التعاضدية الحلول المناسبة لتناقضات المؤسساتية الاجتماعية والمدنية ومنها التناقض بين مطالبة الاحزاب بالديمقراطية وعدم التزامها داخليا باحترام قواعد الممارسة الديمقراطية ، وتناقضات الحركة الانتخابية ومبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والتي يفترض ان تكبح فرسان المقاولات والتجارة ورجال الاعمال لسعيهم الحثيث شراء الحصانات البرلمانية والذمم لتأمين النفوذ والهيمنة ! و تكبح الثقافة التوتاليتارية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم ...
ان اللعب بقيم الثقافة هو لعب على شفير السيف ولعب بالجوهر الانساني والبشري الذاتي كما ذكرنا . الاسلام مثلا من المكونات الثقافية التاريخية للعراق ، وقد لا ننتهي من إحصاء المكونات الثقافية التاريخية الأخرى، ولكن لماذا لم يذكر الدستور العراقي الجديد البائس سوى الإسلام ؟ ان المشكلة الحقيقية، ليست في الماضي، بل في الراهن والحاضر،والحديث عن إحصاء سكاني حسب زعم البيان بأن غالبية الشعب من المسلمين، كبير الشبه بحديث السلطة عن وجود مليون أو أكثر من البعثيين،بل إن كثيراً أو قليلاً من البعثيين، عن قناعة أو وضاعة أو إرغام اختار انتماءه، بينما ليس هناك من مسلم اختار أن يكون مسلماً،والمرتد يقتل في الدنيا وفي الآخرة يُصلى ناراً وقودها الناس والحجارة. إن غالبية الشعب من المسحوقين مادياً، والمطحونين معنوياً، والمكمومي الأفواه،وهم من المسلمين وغير المسلمين، كما أن الأقلية القامعة والناهبة والقاهرة هي أيضاً من المسلمين وغير المسلمين، وتلك الغالبية بحاجة فعلاً إلى تغيير ديمقراطي،أي إلى دولة حديثة، يحكمها القانون المدني وليس الديني (كان ما كان)، وهذه الدولة الشرط الأول والأساسي لوجودها هو فصل الأديان قاطبة عن السياسة فصلاً تاماً وحاسماً، ووضع الأديان جميعاً ومعاً، في الإطار الفردي والشخصي،ورفعها كلياً عن الأرض وحصرها كلياً بالسماء ،أي جعلها بين الإنسان وربه، لتحل محلها ثقافة المواطنة، ولا يضحكنّ أحدُ علينا،فلا يمكن أن تقوم توليفة بين دين ودولة،إلا لصالح القمع والاغتراب وبعيداً جداً من الديمقراطية. لسنا  ضد أي دين في العالم،مادام في إطار الحرية الشخصية، وضد جميع الأديان في العالم حين يتم إقحامها في السياسة والمدرسة... كي لا نعيد انتاج ثقافة القطيع  اي الثقافة التوتاليتارية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم ... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع .
 الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.على الصعيد السياسي يؤدي ذلك الى استحالة تحقيق اجماع وطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع ، وتقوض كل محاولة لتشكيل كتلة تاريخية حول المشروع البديل.
•   روبتة المجتمع في العراق
     من الذي تراقبه العين الالكترونية ؟! المراقبة السيبرية قاعدة انطلاق ثقافة الاقدام لأنها تتحكم بوعي الناس عبر الرصد والمتابعة والبنوك المعلوماتية . وتفتح العولمة امام الرأسمالية امكانية الافراط باستعمال السلطة والقوة والقمع والتحول الى الاقطاع العصري.وتستخدم الدوائر الفيدرالية الاميركية الملفات المؤتمتة ومليارات الاضبارات الشخصية والمعلومات عن مواطنيها ومواطني البلدان الاخرى ومنها العراق بالطبع .
    الدستور العراقي الجديد البائس كتب بايادي عراقية وفق مخططات الدوائر الفيدرالية الاميركية لروبتتة المجتمع العراقي على غرار ما حصل في اليابان بعد الحرب ! بقصد السيطرة على المزاج الشعبي وبحجج واهية اي تحويل ابناء الشعب العراقي عن جهد واع وتصميم مسبق إلى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة ، روبوتات يسهل تسخيرهم لخدمتها والى بوق في الفيلق الميكافيلي الإعلامي المهلل ... مثلما  درجت عليه الطغمة الحاكمة المنهارة وجرذان البعث في بلادنا ! وعبر توظيف وكلاء الامن القدامى والجدد !
    كان أول من استخدم كلمة الروبوت الأديب التشيكي الساخر ( كارل تشابك ) في مسرحية ( روبوتات روسيوم الكونية) عام 1920 حيث اشتقت الكلمة من روبوتا (Robota) وتعني العمل باللغات السلافية .اما كلمة (Robotit) فتعني "يعمل" ويعتبر (فرانكشتاين)اشهر روبوت في العالم وابتدعته الأديبة الإنكليزية (ماري شيلر) زوجة الشاعر (شيلر). كما تكهن كاتب الخيال العلمي (اسحق ازيموف) مؤلف رواية (أنا روبوت) عام 1942 بالمعضلات الفلسفية التي يثيرها الإنسان الآلي فوضع القواعد الأخلاقية الثلاث المعروفة والتي تنص على : " أنا الروبوت التزم بثلاث قواعد:
1.   ان لا اجرح أنسانا بشرياً ولا اسبب له الضرر .
2.   ان أطيع الأوامر البشرية باستثناء تلك التي تتناقض مع القاعدة الأولى .
3.   ان احمي وجودي وادافع عن حياتي بشرط ان لا يتناقض ذلك مع القاعدتين الأولى والثانية .!"
  ان تدخل المرجعيات الدينية في القرارات السياسية يجعل الافراد يفقدون ثقتهم باحزابهم وبمرجعياتهم حين تتقاطع الرؤى السياسية ، ليكون الحصاد للجميع سيئا وعقيما ، وتفقد الدولة موقفها الحيادي من كل الأديان والمذاهب وتتحول إلى دولة دينية ومذهبية سياسية ، دولة ضعيفة ... وهذا ما تبتغيه الولايات المتحدة !  يؤسس الدستور العراقي الجديد البائس لنظام ديني يقوده المعممون ممن تربوا في  أوكار الحوزات الدينية في ايران وتشربوا بالافكار الطائفية والتعصب الاعمى لولاية الفقيه في ايران ، المعممون الذين يعرفون مدى الهيمنة الإيرانية على جنوب العراق، برغم تكذيب التنظيمات الشيعية الحاكمة، وحتى لو رددت التكذيب ألف مرة في اليوم الواحد! ... سيبقى التحالف الاميركي - الإيراني - السوري - الإرهابي البلية الاكبر في تولي عتاة اللصوص مسؤولية مواقع اتخاذ القرار في العراق !

257
تلعب الدساتير الدور الحاسم في تأسيس وتوحيد الدولة الجديدة أَو تجديد الدولة؛ و العراق ليس إستثناء، من ذلك. وتلعب صياغة الدستور الدور الرئيسي في إعادة توحيد وتقوِية الوعي الوطني للبلاد.الدستور هو محصلة وتوافق المصالح ويمثل شئنا ام ابينا رأي الاغلبية الفائزة . في الواقع، إن الدستور العراقي الجديد توافقي بين مكونات تتباين فيما بينها في الرؤى والمذاهب والأهداف والوسائل التي يتبعوها لتحقيق رغباتهم كما نعرف، لذا فإنه دستورا لا يحقق كامل الرغبات لأي طرف من الأطراف، ولكن على الأقل يقر بأن هناك ثوابت لا ينبغي لأي طرف من الأطراف أن يعترض عليها .... ، الثوابت ... ! وهذا بالطبع رأس البلاء الذي يعيد انتاج ثقافة القطيع  اي الثقافة التوتاليتارية الذي تبشرنا به النخبة الطائفية الحاكمة في عراق اليوم... الدين للجميع والوطن لزعران المرجعيات الطائفية ! بدل الدين لله والوطن للجميع .
     كان مشروع "حل الجمعية الوطنية وانتخاب حكومة جديدة " احسن بكثير من مشروع فرض مسودة دستور طائفي يؤسس لنظام مذهبي يتنكر لحقوق نصف المجتمع ويرسم آفاقا مبهمة لمستقبل العراق اللاحق ، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن !. الدستور الطائفي سيؤدي الى تعثر انجاز العملية السياسية التي لم تنته رغم مرور ما يقرب من ثلاث سنوات في العراق تحت ظل الاحتلال ولم يحصل العراق الا على الاف القتلى بمختلف الاساليب الوحشية ، والمختطفين وحكومات انتقالية طائفية هدفها الوحيد تحقيق تقسيم العراق ونهب ثرواته، عن طريق وضع كل طاقاتها في خدمة قوات الاحتلال واهدافها ومنها مكافحة الشيوعية ونشر السلفية والتخلف الاجتماعي. الدستور الطائفي يشرعن كل تلك الاهداف التي لا تخدم سوى استمرار الاحتلال واستعباد شعبنا.ان مواد الدستور مصاغة عن عمد بلغة ملتبسة تعبر عن الاستقطابات الطائفية والقومية والمناطقية اكثر مما تعبر عن الارادة الحرة للعراقيين ،وقد كتبت بآيديولوجية الفقه الطائفي التي تمجد المراجع الدينية واعلاء شأنها وتلزم المشرعين بعدم جواز سن القوانين التي تستجيب لحركة تطور المجتمع وحقوق المواطنة باعتبارها تعارض ثوابت الاسلام .... وبذلك تصادر مواد الدستور الحقوق الاساسية للشعب العراقي وتصهرها في بوتقة التشريع الاسلامي باعتبار الاسلام وحده اساس التشريع. يؤسس الدستور لنظام ديني يقوده المعممون ممن تربوا في  أوكار الحوزات الدينية في ايران وتشربوا بالافكار الطائفية والتعصب الاعمى لولاية الفقيه في ايران ، المعممون الذين يعرفون مدى الهيمنة الإيرانية على جنوب العراق، وذلك برغم تكذيب التنظيمات الشيعية الحاكمة، وحتى لو رددت التكذيب ألف مرة في اليوم الواحد! ... وهو ما يقود عمليا الى فصل جنوب العراق ووسطه من خلال الدعوات المشبوهة لما يسمى بالفيدراليات العشائرية- الطائفية وبفيدرالية الجنوب التي تعني في مضامينها النهائية اقامة كيانات طائفية هزيلة تكون معبرا للتوسع الايراني وتسويق سياساته المعادية للشعب العراقي . النفس الطائفي الذي طغى على المسودة والافراط في الخصوصية الدينية سيكونا مدخلا لنشوء النزاعات الطائفية والمذهبية والقومية ... وبات في حكم المؤكد إذا عاد الإسلاميون الشيعة (إن كل محاولة لادعاء احتكار تمثيل الطوائف من سنية وشيعية في العراق لا تقوم على أي أساس؛ فلا هيئة علماء المسلمين أو مجموعة المطلق، ولا الأحزاب الشيعية، أو رجال الدين، ولا هذا الفريق أو ذاك من المثقفين، يحق لهم ادعاء هذا الاحتكار)إلى الحكم بعد الانتخابات المقبلة فإن الصراع الطائفي سيزداد عمقا في البلاد ، وان ذلك سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها...
       لا بأس فالاندفاع نحو الرموز الدينية ماهو الا ردة فعل طبيعية لسنين من الكبت الديني  والاضطهاد العقائدي ... ومتى ما سمحنا لممثلي هؤلاء المكبوتين من الوصول الى سدة الحكم حتى اذا بحالة الكبت تنتهي ويكتشف الجمهور بعد ذلك ضحالة الطروحات العمائمية . فحكومة الجعفري خسرت الكثير من المريدين والاتباع منذ توليها الحكم ولغاية الان وهذا ما يراه كل عراقي بجلاء ووضوح .... بينما بقيت التيارات الاسلامية الشيعية الاخرى تحظى بالاعجاب والتهليل والتصفيق من قبل الكثير من جموع الشباب في العراق لانها مازالت الى الان تردد الشعارات دون ان يراها المواطن في سدة الحكم ليختبرها هناك !. ان السماح لباقي التيارات الاسلامية بالولوج الى الساحة الديمقراطية يعود بالنفع من ناحية سحبها الى ساحة المواجهة السياسية بدلا من تركها مسلحة في الشارع تذبح وتقتل كيفما تشاء فولوج زعماء هذه التيارات الى العمل السياسي الديموقراطي ومشاركتهم في الحكم ستحتم عليهم ان يمنعوا انصارهم من ممارسة اعمال العنف والقاء السلاح ، وسيكشف ذلك  افلاس هذه التيارات للناخبين وضعفها حيث لا تستطيع رؤاها الضيقة واهدافها ذات الاتجاه الواحد من ان تلبي مطاليب انصارها فضلا عن مطاليب باقي التيارات الاخرى ... ان إعطاء المرجعيات الدينية دور الحكم الفصل في تحديد معنى الإسلام يمكن أن يفتح الباب لإخضاع مؤسسة التشريع (البرلمان) لهيمنة رجال الدين- الطائفة إذا ما نجحت الجهود الجارية لتسريب أصحاب العمائم إلى المحكمة الدستورية، أعلى هيئة للبت في دستورية القوانين، وبناء نظام سياسي للملالي أقرب إلى النظام الإيراني وأكثر التصاقا به. ويزيد من هذا الاحتمال أن الدستور ينص على أن تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون... ان ما يمكن ملاحظته بشكل جلي عِبر مواد الدستور هو زج الدين بالسياسة باتجاه تغليف السياسة بغطاء الدين، أي تبعية السياسة للدين- الطائفة، وحشر أمور السياسة الدنيوية بكل عناصرها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية- ذات الطبيعة المتغيرة والمتطورة- في زاوية مضغوطة لصالح العناصر الدينية ذات الطبيعة الثابتة/ الجامدة... أي أن الوعاء الحضاري سيكون هو الدين- الطائفة حيث ستخضع كافة عناصر الحياة الدنيوية لهذا الوعاء الذي سيحد من نموها وتطورها كما حصلت في الحضارات العراقية القديمة التي انتهت في كل مرة إلى التراجع والزوال وانتظار قرون طويلة للبدء بالنهوض والحركة ومن ثم السقوط في ظروف جمود القيم الدينية التي تمنع عادة تطور عناصر الحياة الدنيوية المادية المتطورة. ان تدخل المرجعيات الدينية في القرارات السياسية يجعل الافراد يفقدون ثقتهم باحزابهم وبمرجعياتهم حين تتقاطع الرؤى السياسية ، ويسمح تدخل المرجعية الدينية الشيعية في الشؤون السياسية ، شاء البعض أم أبى ، امتلاك رجال الدين الآخرين من أتباع الأديان والمذاهب الأخرى ومن مختلف الجماعات حق التدخل في الشؤون السياسية وبالتالي يكون الحصاد للجميع سيئا وعقيما ، وتفقد الدولة موقفها الحيادي من كل الأديان والمذاهب وتتحول إلى دولة دينية ومذهبية سياسية غير مناسبة للعراق. وتصف المجموعة الدولية لمواجهة الأزمات وهي مركز بارز للأبحاث الدستور بأنه وثيقة ضعيفة لا تحظى بالإجماع ، وستؤدي إلى تعميق الخلافات العرقية والطائفية ويرجح ان تزيد حدة العنف وتعجل بتفكيك البلاد.. وتقول المجموعة ان الدستور العراقي مبهم وفضفاض فيما يتعلق بعدم المركزية وسلطة فرض الضرائب ويترك مسائل عديدة لتشريعات تسن في المستقبل في برلمانات يرجح ان تكون للشيعة فيها اليد العليا.
   لا تعني الاستفتاءات والانتخابات في ظل الاحتلال الاميركي سوى المجيء بحكومات  منفذة لأِهداف المحتل والاقرار بدساتير وقوانين لا تعبر عن إرادة الشعب العراقي ناهيك عن ضرورات الأمن وضمان حياة المواطنين. أدى الاحتلال إلى تمزيق الوحدة الوطنية نتيجة ممارسة المحاصصة الطائفية في المؤسسات التي أقامها، وهو ما يتنافي والحقوق المتساوية في مجال الترشيح والاقتراع ، بمعنى أن هذه الاستفتاءات والانتخابات لن تكون قادرة على أداء وظيفتها في الانفتاح على جميع المواطنين وحق المواطن المتساوي في الترشيح والاقتراع في ظل الاحتلال...لهذا ينبغي ان تتواصل الجهود لمواجهة الاقرار " الاعمى  " للدستور بالرفض والادانة لوضع حد نهائي للمرض السياسي والخلل الفكري الذي تعانيه الجماعات الطائفية والذي سيؤدي الى تحطيم كل ماهو تقدمي ووطني حققه العراقيون بدمائهم الزكية. ان استشراء الفساد الاداري والمالي والرشوة والمحسوبية والتمييز على الاسس المذهبية والعقيدة والاعتداء على المواطنين من قبل ميليشيات الحكومة صفة مميزة لحكومة الجعفري التي فشلت في توفير ابسط اوليات المستلزمات المعيشية للمواطن العراقي . سيخلق الحكم الديني في العراق للبلاد مشاكل لا نهاية لها، وأن تلك المشاكل لن تقف عند حدود العراق بل ستنتشر وتعم المعارك والحركات السرية والفوضى المنطقة كلها. واذا لم تتحرك الحكومة والحركات السياسية العراقية وكل الحريصين على العراق بإتجاه ردم هذا المطب فإن البلاد ستواجه نكبة أشد وطأة من نكبة انقلاب شباط الاسود في عام 1963 وسيمتد مسلسل الدمار الى كل شعوب المنطقة.
     تتجلى سلوكيات حكومة الجعفري في عقدة الأنا الكبيرة الفاضحة وشيوع ثقافة الموروث الالغائي التخويني التكفيري المستمدة من نظام يعود بجذوره الى قرون طويلة من القمع والإجرام وتدمير المجتمعات التي أظلها بظله الكالح السواد ، فدخلت ثقافته الى النخاع وامتزجت بالمقدس لتصبح كل موبقاته مقدسات بمرور الأيام ...انها ثقافة عقدة الفرقة الناجية وتقسيم الجنة والنار والكفر والإيمان.. ثقافة عناكب الشك والحذر وقيم النفاق والغدر والأنانية ولوائح تطول وتطول من الحلال والحرام.. ثقافة الانتقام و القمع ! . الحكم الاسلامي الشيعي القائم يرفض الديمقراطية أو يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية، فالاشكالية التي تطرحها حركات الاسلام السياسي عموما هو التمسك بشعار الاسلام كحل في مقابل الحلول الاخرى التي تصبح بالنسبة لها معادية للاسلام بمجرد امتناعها عن أخذ البعد الاسلامي أساسا لها.على الصعيد السياسي يؤدي ذلك الى استحالة تحقيق اجماع وطني حول التغيير الضروري للدولة وتحديد طبيعتها ودورها في المجتمع ، وتقوض كل محاولة لتشكيل كتلة تاريخية حول المشروع البديل. لم يصب اداء حكومة الجعفري في تعزيز الحوار بين العراقيين وشد لحمتهم وتكريس الهوية العراقية وكبح جماح الارهاب والتطرف والعنف، بل خدم اهدافا حزبية ضيقة واستجاب عمليا لرغبات من يريد الشر للعراقيين، بل وصب الماء في طاحونة فلول صدام واجهزته القائمة لحد الآن ومهد الطريق لتسلطهم من جديد على رقاب العراقيين مع حلفائهم الجدد من التكفيريين الذين اقاموا لهم "امارات" دموية في بعض اراضي بلادنا والرامية الى  هدم البلاد وتدمير كل امكانياتها وثروتها واثارة حرب طائفية. ان اهم سبب في الاخفاق والذي كان باديا حتى قبل الانتخابات وتشكيل الحكومة هو ان غالبية اقطاب التيار الديني السياسي الشيعي، شاؤا ام ابوا، والذين خاضوا صراعا مريرا ضد المنحى الطائفي المتطرف العنفي المشين للعهد السابق، سرعان ما رضخوا لمنحى طائفي متطرف مقابل يتعارض بل و يضر بالمسعى النبيل لتكريس الهوية العراقية وطرد ثقافة التطرف والعنف والغلو والتعطش للدم من حياة المجتمع، وهو مأزق سياسي وقعت فيه كل الاحزاب الطائفية من كل لون. هذا المنحى هو الذي سعى ويسعى الآن الى نقل الصراع السياسي الاجتماعي والاقتصادي والحزبي من اطاره المعروف الى صراع طائفي يغطي على الاسباب الحقيقة للصراع السياسي. اضافة الى انه يكرس  عقلية وثقافة الطائفة والعشيرة في بناء الدولة والحركات السياسية في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة هذه الثقافة التي اعتمدتها الحكومات السابقة وبعض الحركات السياسية الموالية لها في عهود الظلم والى بناء دولة عراقية وليس دولة طوائف تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون. ان سلوك هذه التيارات سارت على نهج تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والعنف وممارسة المراسيم الدينية بشكل عنفي ونزف الدماء في الشوارع وشحن مشاعر العنف والانتقام بحيث تحولت حتى مناسبة الاحتفال بميلاد الامام المهدي الى مناسبة لطم وتطبير. ان عددا من الاحزاب الدينية وانصارها وضعوا انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة و المطاوعة الى الحرس الثوري وجيش المهدي الى شرطة الاداب .ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد ،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم . سيكف الناس في العراق عن القول رمضان كريم، ففي رمضان تنزل مليشيات الله افواجا ليعيثوا بالارض رعبا وارهابا وفسادا. لم تفارق الشعب العراقي الحزن والالم والمرض لانه ُصدم بسياسة المحاصصة الطائفية التي انتجتها الانتخابات السابقة والتي جاءت كرد فعل طائفي وقومي على سياسة النظام الدكتاتوري المقبور ، وليس على اساس برامج سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية طرحتها  قوائم الاحزاب الفائزة .لذلك لم تكن الحكومة الجديدة المنتخبة حكومة اجماع وطني تمثل مصدر قوة ومنعة يعتمد عليها في انجاز متطلبات المرحلة من القضايا الوطنية وايقاف الارهاب وشل حركته ودمويته ، بل تشكلت على اساس القوائم الفائزة ( حكومة فائزين) وعلينا احترام المبدأ الديمقراطي وصناديق الاقتراع – ولكن يبقى تشكيل الحكومة الجديدة على اساس المحاصصة الطائفية احد اسباب ضعفها .
     إن الثقافة الإنسانية تتعرض اليوم في العراق إلى الكثير من التغييب والتشويه وإلى انتشار ثقافة صفراء جامدة ومتخلفة ومرضية في أغلبها ، تدفع بالشعب إلى مهاوي التخلف والفاقة الفكرية والجدب الفكري الإنساني. إن السياسات الطائفية السياسية والتمييز الديني والطائفي إزاء أتباع الأديان والمذاهب غير الشيعية هي المهيمنة وهي القاتلة لكل سلوك وسياسة ديمقراطية في البلاد ، وهي التي تعيق بدورها كسب أناس جدد للعمل السياسي الديمقراطي. يدفع الفكر الغيبي الذي تنشره القوى الدينية بالشباب من النساء والرجال بعيدا عن إدراك حاجاته الأساسية الفكرية والسياسية الفعلية ، إذ أن نشاط الجماعات الإسلامية موجه ضد الفكر الديمقراطي وضد العلمانية ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
    الديموقراطية لا تمنح من قبل محتل أو حاكم ، مهما كانت مسوغات ادعاءاته  ، كما لا يمكن أن تفرضها ، أو تحققها ، قوى خارجية مهما كانت قدرتها وقوة باسها ، إنما ، الحرية ، والمساواة ، بين المواطنين ، ومساواة المرأة بالرجل ، وعموم الحقوق الديموقراطية ، يتم انتزاعها عبر النضال السياسي والمطلبي الدؤوب . ليست الحرية هبة وهدية تهبط من الاعلى بضربة ساحر او مائدة تهبط من السماء على طالبيها . انها فعل انساني تتأسس فيه شرائع العدالة والحقوق . والحرية تحاصر فساد القدوة السيئة التي يضربها الحكام ، واهتزاز نظم القيم ، ونقص مستويات الوعي والمعرفة ، والفقر والحاجة ، والجشع والجهل الى جانب فساد الانظمة وقصورها وتخلفها وعدم وضوحها …! فعلى الرغم من أن قانون إدارة الدولة ، كان قد شرع لفرقة طائفية وعنصرية ، ينتهي  مفعولها بانتهاء مفعوله في إقرار دستور جديد بعد حكم انتقالي قصير ومؤقت ، فإن الدستور الجديد ، المصاغ وفق المخطط والفهم الأمريكي لمصالحه ، قد كرس الطائفية والعنصرية بشكل دائم وهذا بعيد كل البعد عن الديموقراطية ومفاهيمها ، وشرع الأساس لاضطهاد طائفي مقبل في الكثير من أبوابه ومواده ، ويحقق الديكتاتورية للولي الفقيه ، ويرسم المستقبل لقيام دويلات هزيلة عنصرية وطائفية متناحرة ، تسهل المهمة على المحتل ، الأمريكي ، لأن ينفرد بفرض تواجده في مناطق وأزمان هو يختارها ولعشرات من السنين القادمة ، ستؤثر على عموم منطقة الشرق الأوسط ، تحقق له الهدف والغاية التي جاء من أجلها .!
      تشترط العملية الديمقراطية التزام الجميع بقبول النتائج التي تفرزها صناديق الاقتراع ، لكن هذا لا يعني تجميد الصراع السياسي الاجتماعي بين القوى السياسية المتنافسة بل يعني تحريم أساليب الاقصاء والاحتكار والتهميش لتحل بدلا عنها قواعد التنافس السلمي لكسب الشرعية. ان وصول أحزاب الاسلام السياسي الى السلطة عبر الاقتراع ليس نهاية التاريخ  لانه يحصل في ظرف غير مناسب واستثنائي وغير طبيعي ، فالناخبين في العراق لا يصوتوا على أساس مصالحهم الاجتماعية وعلى أساس الموقف من البرنامج السياسي ،انما يصوتوا كرد فعل على الاوضاع غير الطبيعية التي تسود العراق من تمييز طائفي واضطهاد قومي وقمع سياسي مرافق لها ، والتي عملت بشكل منظم على تزييف الوعي الانساني العراقي واعاقة قدرته على الاختيار الحر الواعي. ان شعار( الحل الاسلامي ) الذي ترفعه أحزاب الاسلام السياسي لا يمكن أن يلبي مصالح وتطلعات وطموحات الجماهير.... لانه ينبثق عن مصدر واحد الا وهو المشروع الكومبرادوري في المناطق المهمشة للمنظومة العالمية الراهنة... وبالتالي فأن الصراع بين أصحاب الحل الاسلامي وبين غيرهم من ممثلي الطبقات الكومبرادورية الحاكمة لا يخرج عن اطار الصراع داخل نفس هذه الطبقة الكومبرادورية من أجل احتكار السلطة ، وليس ناتج انقسام آيديولوجي بين أنصار الحكم الديني وانصار العلمانية كما تزعم الحركات الاسلامية . فأنقسام الطبقة الكومبرادورية على بعضها هو ناتج عجز الخيارات الكومبرادورية عن تقديم حلول مقبولة للمشاكل الاجتماعية.
     شكل النفط في العراق المعاصر رمزا أصيلا من رموز نضال شعبه ومعلما ساطعا من معالم وحدته الوطنية.. وبعد أن أخذ المحتل بتمزيق الوحدة الوطنية العراقي من خلال المحاصصة الطائفية وبناء الكانتونات تحت مزاعم الفيدرالية والديمقراطية بغية تسهيل السيطرة على العراق ونهب ثراوته، لجأ إلى نفس الأسلوب بتقطيع قطاع النفط وضرب رمز آخر من رموز الوحدة العراقية.. بما في ذلك أيضا فتح الباب أمام توجيه الإيرادات النفطية نحو الاستهلاك على حساب إعادة البناء ومسيرة التنمية في العراق.
     لن يمثل الدستور العراقي سوى مصالح النخبة الحاكمة في عراق اليوم... فالنخبة الحاكمة في البلاد عملت كل ما بوسعها من اجل التصويت الإيجابي على المسودة التي قدموها للشعب، ومن الواضح ان خطواتهم في اغلبها كانت قانونية واعتمدت في جانب كبير منها على الحوار السياسي بما في ذلك صفقات توزيع المناصب المستقبلية. ويستهدف المحتل وفي مجالات متعددة من هذا الدستور الذي يحتوى على القنابل الموقوتة والمفخخات تدمير العراق ووحدته الوطنية، تثبيت أسلوبه في تحويل الصراع بين قوى الاحتلال وبين القوى الوطنية المطالبة بالاستقلال بخلق صراعات بين القوى العراقية ذاتها، وضرب عناصر الوحدة الوطنية وإنهاء دور القوى الوطنية الرافضة للاحتلال. قبل يوم من بدء عملية الاستفتاء على الدستور العراقي تعهد الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن تبقى القوات الأمريكية في العراق إلى أن يتم إحراز النصر الكامل هناك. وبرغم نتائج استطلاعات الرأي الداعية لسحب القوات الأمريكية والانتقادات الموجهة لسياسات إدارته في العراق فان الرئيس الأمريكي رفض مجددا وضع جدول زمني لانسحاب القوات.  الحقيقةَ الأكثر أهميةً أن المسودة لم تذكر الإحتلال الأمريكي حتى، ولا التصديق ولا الرفض منه سيؤديان إلى الإنتقال نحو نهاية الإحتلالِ. ولا حقوقِ الإنسان الواسعة في المسودة تتضمن أي نداء لإلغاء القوانينِ الحالية التي فَرضت أولا من قبل بول بريمر. من ناحية الأفضلية فان إدارة بوشِ، فضلت التصويت ب"نعم" مهما كانت بسيطة وهزيلة وناقضة للشرعية، لتصديق ودعم الإدعاء بأن الإحتلال يؤسس لمرحلةَ "دمقرطة " في العراق؛ هذاُ يتبين من خلال الإستثمار الضخم للمالِ، و النفوذ السياسي، والتدخل الشخصي / تدخل السفيرِ زلماي خليل زادة في عملية الصياغة.
    سيدفع الدستور العراقي مزيد من الناس للتذمر من الواقع الجديد وسيسهم في دفعهم للوقوف إلى جانب فلول صدام حسين والقوى الأخرى التي تزيد في الطين بلة أو تأييدهم أو حتى المشاركة معهم في أعمالهم الإجرامية، وهو ما لا يساعد على إيقاف الإرهاب الدموي ودفع العملية السياسية نحو الأمام. لا ينبغي لاحد ان يستكثر على العراقيين إبداء رأيهم بحرية سواء بالرفض او بالقبول، كما لا يحق لاحد التأثير فيهم عاطفيا او دينيا او بالتهويل وبالمبالغة الإعلامية في امور ليس من اختصاصهم كالكثير من بنود الدستور. فالاستفتاء وقبله الانتخابات وما تلا وسيتلو ذلك من ممارسات، ليست سوى تجربة على الجميع التعلم والخروج منها ايضا باقل الخسائر واعظم الفوائد. العراقيون تنوء بهم الايام من شكليات السياسة، ومصابون بالكدر ويعانون من سقم اليأس في حلهم وترحالهم، لكنهم كباقي خلق الكون، ملمون بواقعهم وكما في الريف والمدن، يتداولون السياسة مع الشاي والخبز، لذلك فان مسألة مهمة كالدستور لابد ان تهمهم، وكذلك الممارسة الدستورية كالاستفتاء وإبداء الرأي، الذي يعد الآن واحدا من اهم سمات الحالة السياسية في العراق، لان الذين يهددون ويتوعدون الآن، ما كانوا يفعلون واحدا من المليون مما يفعلونه الآن، عندما كان يجرهم «الرئيس القائد» لشوارع المبايعة من آذانهم ليبصموا على اوراق مبايعاته المطبوعة بـالـ «نعم» الوحيدة!  (لا) كبيرة لزج المرجعيات الدينية في القضايا السياسية.و(نعم) لارادة الشعب حتى ولو صوت بـ (لا). و(نعم) لارادة الشعب في مواجهة الاقرار " الاعمى  " للدستور بالرفض والادانة !
     ما العمل من اجل انجاز المهمات الامنية واعادة الطمأنينة للشعب العراقي ؟ أبرز الإجراءات هي أن تقرر الجمعية الوطنية والحكومة ومن ورائها كل القوى السياسية العراقية مسائل جوهرية في مقدمتها العمل من أجل أن تلعب الأمم المتحدة دوراً قياديا ومركزيا في دعم جهود الشعب العراقي لإعادة الأمن والاستقرار بدلا من القوات الأمريكية والبريطانية التي كانت وستبقى تعتبر قوات احتلال من قبل الغالبية العظمى من الشعب العراقي إن لم نقل كل الشعب... والحاجة إلى الموقف الموحد إزاء الإرهاب الذي سوف لن ينقطع لا بسبب الوضع الداخلي أو بسبب وجود قوات أمريكية وبريطانية أو أجنبية عموما في العراق فحسب ، بل بسبب الجيران  والقوى الخارجية التي ترى فيه إرهاقا للولايات المتحدة والتدليل على فشل سياستها في العراق وفي المنطقة ، وهي بمثابة دفاع ذاتي عن النفس في مواجهة احتمال حرب إستباقية تعتمدها الولايات المتحدة في سياساتها الخارجية. الاخطر في الموضوع أن إيران هي التي تقف وراء تمويل وتوجيه التنظيمات والميليشيات والمجموعات التي تبيح لنفسها الخطف، والقتل، والهجوم على الجامعة، وكل الجرائم الأخرى.وهذه الميليشيات والتنظيمات تتدخل بشكل سافر في الانتخابات والاستفتاءات ، سواء بالتخويف أو الإغراء، أو بفتاوى وخطب رجال الدين في الجوامع والحسينيات التي تحرم التصويت لغير قائمة الإئتلاف. وسيبقى التحالف الإيراني – السوري الإرهابي البلية الاكبر في تولي عتاة اللصوص مسؤولية مواقع اتخاذ القرار في العراق !
    العراق في وضعه الحالي يحتاج الى التنسيق والى التعاون والتناغم الفعلي بين الشعب والحكام اولا وبين كل مكونات السلطة ثانيا والا كل سيغني على ليلاه !

258
هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذان البعث المنهار وتنقذهم من مصيرهم المحتوم ؟


     
     هذه الدراسة لا تتناول الطاغية ومجموعة ال 55 ... قائمة كبار البعثيين المطلوبة للعدالة ... انما تتطرق الى الاختراق البعثي الصدامي لمؤسسات الدولة العراقية الجديدة والهيكلية الاجتماعية في بلادنا لأنه يخطيء من يظن ان البعثيين قد انتهوا كحزب او تجمعات او مؤسسات او فكر ، فلا الأحتلال الأمريكي ولاهيئة اجتثاث البعث استطاعتا القضاء على وجودهم وقوتهم في العراق .! وليس من حق أحد أن يخفف من جرائم البعثيين ووطأتها على الشعب العراقي لأسباب سياسية أو بسبب صراعات دولية.
    البعثيون الذين ساهموا في التجسس علينا داخل عوائلنا وفي محلاتنا وفي غربتنا وفي اقصى منافينا بالتقارير وبالملاحقة وبالمعلومات ، لم يزلوا يكتبون المقالات بصلافة ضدنا ويرتكبون المجازر بحق ابناء شعبنا ومحرضين مرة اخرى على قتلنا ومحاربتنا! وتحاول قوات الأحتلال اشاعة أنه لا حياة مستقرة لنا بدون البعثيين ، وأن لا دولة ولا سلطة تضمن بقاء وجودها في العراق دونهم فهم ملح العراق ، وهم أيضاً صمام الأمان الذي يردع الأنفلات ويحول دون انتشار شرار النار والحريق الكبير . أنهم يعودون تحت شتى المزاعم ... انهم يملكون الخسة وأنعدام الضمير والتلون كالحرباء وصمت الجبناء فيندسون بيننا بعمائم وبمسابح ودشاديش قصيرة ولحى مصبوغة وضحكات صفراء ، انهم يندسون بيننا بشتى الصور والأشكال يريدون بنا السوء ويزينون وجودهم ويندسون بيننا يريدون خراب بيوتنا وحياتنا ، ويجدون من يناصرهم ويتستر عليهم . يريدوننا الوقود لنارهم والزيت الذي يحترق به مرجلهم. انهم ينافسون الشهداء في راحتهم فيقلقونهم ، ويدنسون قبورهم وبصلافة العاهرة التي تعير الناس بالشرف يتحدون العراقيين . انهم يعودون بصلافة ويخربون بيوتنا ويفجرون انابيب النفط ، ويضعون المتفجرات والسيارات المفخخة بيننا ووسط اسواقنا الشعبية ، وامام مراكز تطوع اولادنا للجيش والشرطة ، وامام مدارس اطفالنا !!!
    ان مؤشرات استمرارية  الاختراق البعثي الصدامي لمؤسسات الدولة العراقية الجديدة والهيكلية الاجتماعية في بلادنا تتجسد في دخول مسلسل الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة في سياق نوعي جديد.. ضد الكيان العراقي باكمله ومظاهر وجود الدولة الاساسية ، وبالذات المؤسسات الفتية لدولة القانون السياسية والامنية، وصولا الى تحطيم ارادة الشعب وحركته الاجتماعية والديمقراطية ،وفي عمليات التخريب والتفخيخ الاجرامي والقتل الجماعي الوحشي والقمع الفكري التي تتسم بالعبثية والعدمية والساعية الى تدمير الحرث والنسل  والتي تدل على الافلاس السياسي والاخلاقي التام، وفي اتساع عمليات التخريب التي تستهدف المنشآت والمؤسسات الخدمية والاقتصادية، ولاسيما تلك التي تطال منشآت النفط والكهرباء وما تسببه من خسائر كبيرة وحرمان شعبنا من موارد هو بأمس الحاجة لها لإنعاش الاقتصاد العراقي وإعادة إعمار البلاد، وفي بطء وتيرة بناء مؤسسات الدولة وأجهزتها وضعف أدائها وتفشي مظاهر الرشوة والفساد.
     مجاميع لا تزال مخلصة لصدام حسين ونظامه وتعمل من أجل عودة الوضع السابق جهارا وتساهم بصورة مسلحة وسرية في العمليات الإرهابية الجارية في البلاد ، وهي تتعاون وتنسق مع الاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم والطائفية السياسية. والمجاميع الصامتة تماماً والتي تحن للفترة المنصرمة الا أنها غير مستعدة للعمل المباشر ضد الوضع القائم لكنها مستعدة لتقديم الدعم للزمر الارهابية تطوعاً أو تحت التهديد والابتزاز. والمجاميع التي انخرطت في حزب البعث و ارتبطت بمنظماته المختلفة وعملت في مراكز وظيفية مختلفة لكنها تمنت الخلاص من صدام حسين ونظامه وعاشت العقد الأخير تحت كابوس خيم عليها وأرهق أعصابها ونغص حياتها. وتحصل فلول النظام البائد وقوى الإسلام السياسي المتطرفة المتعاونة معها على المعلومات القيمة عن أجهزة الدولة ونشاطها وأوقات عملها وفترات وجود المسؤولين وكل ما يفيدهم في تنفيذ عمليات الاختطاف والقتل أو التخريب أو العمليات الانتحارية.
     لقد تحول أعضاء ومؤيدي حزب البعث ومنظماته الشعبية وأجهزته المختصة بالأمن الداخلي والقومي والقوات الخاصة الى العمل في الأحزاب الأخرى أو بصورة مستقلة بعد أن توفرت لهم الفرصة للخلاص من كابوس النظام الثقيل. ولا يتورع هؤلاء في حالة الخضوع للضغط والابتزاز والتهديد عن التعامل مع قوى البعث الارهابية القديمة فهم يشكلون بعض اعمدة الطبقة الوسطى وينحدرون من فئات اجتماعية مختلفة وبشكل خاص من موظفي الدولة والبورجوازية الصغيرة. كما أن الكثير من أئمة المساجد والحسينيات وبعض الجماعات الدينية وبعض القوى القومية تعمل مع هؤلاء رغم أنهم ليسوا بالضرورة كانوا منتسبين إلى حزب البعث...لكنهم كانوا متعاونين  معهم وحصلوا على الكثير من المكاسب أثناء وجود النظام.   
     الشعب يعرف المجاميع البعثية التي تكون قاعدة الجماعات "النائمة" ويستطيع تشخيصهم بسهولة إن قرر التعاون الجاد والفعلي مع مؤسسات الدولة العراقية الجديدة. الجماعات "النائمة" تكون القاعدة العريضة للاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم والطائفية السياسية وبالاخص الطائفية السياسية الشيعية ! فلول البعث العراقي المنهار اخترقت مؤسسات الدولة العراقية الجديدة عبر القوى السياسية الطائفية ومنها التيار الصدري وليس غريبا ان يجد الاطباء و الممرضون الذين يعالجون بعض ابناء هذا التيار وشم فدائيي صدام على ابدانهم ! فلول البعث العراقي المنهار اخترقت مؤسسات الدولة العراقية الجديدة والقوات المسلحة العراقية بالمال والسلاح والسطوة التي امتدت عشرات السنين على المواطن العراقي ، وبالرهبة الممتدة على العقل العراقي المبتلي بالخوف منهم وخشيتهم ، وبالخسة والدناءة التي اتصفوا بها وبجبنهم المعهود في التلون كالحرباء وبفسادهم. ان 60% من عناصر ما يدعى بجيش المهدي هم من "شيعة" اجهزة المخابرات والامن الصدامي وهم معروفون لاهالي النجف المقدسة والثورة . وليس من قبيل الصدفة ان تخرج المظاهرات في بعقوبة وهي ترفع صور صدام حسين الى جانب صور مقتدى الصدر الذي يساهم ممثليه في الوزارة الانتقالية الحالية. ومن المفارقة ان الميليشيات المسلحة لمقتدى الصدر هي التي اوكل اليها مهمة حراسة الطريق الواصل ين بغداد وكربلاء اثناء مراسم الزيارة الاخيرة!!،ولا ندري لماذا هذا الصرف على شرطة الداخلية والجيش. ولا تخرج منظمة بدر المسلحة غريمة جيش المهدي عن هذا السياق المحير حيث انها تشكلت بالاساس من "التوابين" من اسرى الحرب العراقيين في ايران من "صناديد صدام" و "جيشه الشعبي" وبمباركة وتمويل وتدريب من قبل المخابرات الايرانية. فأي بناء عسكري هذا الذي تشكل من عناصر تربت في احضان صدام واكملت تربيتها في ظل دولة الاستبداد الدينية الايرانية. يصعب على المرء التفريق بين من هم الأكثر شرعية في القتل : عصابات الحكيم والصدر أم التحالف البعثسلفي ؟ تكفيريون ، صدريون ، حكيميون يسفكون الدم لأجل السلطة وإرضاءا  لتنفيذ التعاليم حرفيا حتى يلجهم الفردوس ! المهزلة – المأساة – الملهاة !
     وتعود اليوم الجزم العسكرية ( المعتقة ) بمراتبها وأوسمتها ونياشينها العسكرية ( البطولية ما شاء الله! ) وما أغدق عليها الطاغية من إمتيازات خيالية في حروبه  المجنونة ، تعود لتستعيد بريقها من جديد !عبر الفوضى السياسية والتزكيات المشبوهة التي أوصلتها الى مناصبها الجديدة ، كي تقول كلمتها و سطوتها على أرض الواقع من جديد وبزي مدني تفوح منه رائحة نفس الثقافة التي إبتلى بها الوطن في سنوات الدكتاتورية المنهارة ! المهانة والإذلال ومظاهر الإستغلال والإستعباد والتصفيات الجسدية للجنود العراقيين الأبرياء الذين سيقوا عنوة لحروب الطاغية ، وعذابات الأمهات والزوجات والآيتام والآرامل .. يراد لها الآن تطمس وتنسى شيئاً فشيئاً عبر تهيئة الساحة والأجواء من جديد في ظل سياسة ما يجري الآن ، وتجاوز كل المصائب والآلام عبر غسل الأيــــــادي الملطخة بالدماء وإلباس أصحابها ثيابــــاً جديدة أكثر عصرية ، غير تلك التي خدشت أنظار الإنسان العراقي على مرّ عقود طويلة !
   ان التصعيد الطائفي لم يكن مصدره التصعيد الطائفي الاصولي الاسلامي السياسي فقط ، وعملياته الإرهابية المدانة ، إنما هناك تصعيد آخر خططت  له التنظيمات الطائفية الشيعية البعثية وتنفذه بتسارع واستفزاز عبر تنسيق وزارتي الدفاع والداخلية مع قيادات الكتل الشيعية لإضفاء الطابع الرسمي على التنظيمات السكانية الطائفية المسلحة ، بتعليمات من رئيس الوزراء ، وعبر ممارسة النشاط غير المعلن لميليشيات " جيش المهدي وقوات بدر " في مناطق مختلفة من العراق بعلم وتجاهل الحكومة بالرغم من أن الحكومة وقيادات المليشيات قد أعلنوا، في وقت سابق ، نزع الأسلحة والدخول في العمل السياسي ، كما أن الكثير من منتسبي هاتين المنظمتين قد تم استيعابهم في قوات الأمن ، من شرطة وجيش .
   ان استدعاء الكثير من القوى السياسية العراقية وبالاخص الطائفية السياسية الشيعية ! للعشائرية وتركيب قوائم مهجنة بين العشائري و الطائفي والحزبي يكشف لنا عن هشاشة الحركة السياسية وعن اختلال الانتماء او عن براغماتية من المستوى الأدنى. وهذا يكشف ان الطائفية السياسية تقوم عن قصد بإنعاش العشائرية بإخراجها من كمونها للاستفادة منها لتلبية مصلحة طائفية ضيقة . بسلوك كهذا يتم في الحقيقة او في النهاية توظيف السياسي لخدمة العشائري و الطائفي وليس العكس... في هذا المستنقع تلوذ المجاميع البعثية  وخفافيش الظلام من اولاد صبحة الذين ينهبون العراق واولاد فضيلة الذين ينهبون البصرة! ويبقى السؤال هل تشفع العلاقات الطائفية والعشائرية والمناطقية الشللية لجرذان البعث المنهار وتنقذهم من مصيرهم المحتوم ؟

259
ارهاب ... ارهابان ...  ام كل يغني على ليلاه!
الإرهاب الحكومي والإرهاب غيرالحكومي


   لم ير مصطلح الأرهاب ولاحقته (ism…) أي ( Terrorism ) النور إلا في أعقاب الثورة الفرنسية عام 1789 ، وتحديداً في عهد روبسبير أعوام (93-1794).. ودل في حينها على سياسة العنف التي تمارسها الدولة تجاه بعض طبقات المجتمع والفئات الاجتماعية بأسم الشرعية القانونية القائمة او الجديدة ! وتغيرت الدلالة اللغوية للمصطلح - المفهوم - الظاهرة  لتصير تدل مع بداية القرن التاسع عشر على استراتيجية العنف السياسي الموجه ضد الدولة نفسها من قبل الجماعات والفئات الخارجة عنها من مواقع  يمينية ويسارية متطرفة ! وتطور المفهوم وتطورت الظاهرة مع التطور الآيديولوجي الحديث . واليوم يعني الإرهاب " كل فعل عنف سياسي موجه حصراً ضد السكان المدنيين والمدنية والمجتمع المدني وإرهاصاته مهما كانت الشرعية السياسية والقانونية والتاريخية معاً !"، وتناصر الامم المتحدة هذا التحديد القانوني حيث لا يشمل الأرهاب جميع أشكال العنف السياسي .
      الإرهاب ليس قرصنة بالطبع مثلما هو ليس عملا ثوريا . فالقرصنة ممارسة إرهابية عادية في الخطف والسلب والنهب والابتزاز وحتى القتل ... وهي مصدر ارتزاق ونمط وجود وانتاج بالنسبة لجماعات اثنية هامشية مهشمة ! والقرصنة حرفة . اما المقاومة والمعارضة الوطنية والشعبية فهي ليست إرهابا أيضا لأنها أعمال ثورية ظهيرها الشرعية التاريخية وتجارب التاريخ والكفاح الوطني - التحرري للشعوب والجماهير صانعة التاريخ . ولربما إنها إرهاب من وجهة نظر الشرعية السياسية والقانونية القائمة . فقد اثبت التاريخ وتجارب نضالات الشعوب شرعيتها التي لا تتطابق بالضرورة مع الشرعيات السياسية والقانونية القائمة … الإعلام الأحادي الجانب يتواطأ مع الإرهاب لحاجتهما معا الى الإثارة والصخب والضجيج فالعنف الإرهابي يحمل شحنة عالية من الرمزية وهو بحاجة دائمة الى الظهور … اما الأعمال الثورية فهي اختيار عقلاني للأفعال لحل المعضلات القائمة تكتسب شرعيتها من موضوعيتها وتتداخل مع الإعلام  لتكريس آيديولوجيتها لأنها عنف سياسي تاريخي ومؤدلج … 
     حقائق الواقع اليوم تدلل على دخول مسلسل الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة في سياق نوعي جديد... هو يشبه مخططا دقيقا وموجها بوعي ليس فقط ضد قوات الاحتلال ، كما اراد شاعلوه ان يوهموا العالم سابقا، بل ضد الكيان العراقي باكمله ومظاهر وجود الدولة الاساسية ، وبالذات المؤسسات الفتية لدولة القانون السياسية والامنية، وصولا الى تحطيم ارادة الشعب وحركته الاجتماعية والديمقراطية والجمعيات الخيرية والطوعية. ويحكم مخطط  قوى الارهاب في العراق الثقافة السياسية المتهافتة واليقينيات المطلقة بامتلاك الحق المقدس ، واساسها الجهل والفقر والتهميش وعدم الثقة بالمستقبل ،والوهم والوحشية وعقدة عنف كل خاسر حرب غير شريف. وتخشى القوى البائدة وعتاة الاجرام ومافيا التطرف الديني وبعض الدول المحيطة ان يشق العراق طريقه نحو الديمقراطية ودولة القانون. كما تشعر هذه القوى التي اندحرت بعد التاسع من نيسان اليوم اكثر من اي وقت مضى ان لا عودة لتسلطها وممارساتها وأن الابواب تغلق الواحدة تلو الاخرى بوجهها... والدليل على ذلك هو شكل عمليات التخريب والتفخيخ الاجرامي والقتل الجماعي الوحشي والقمع الفكري التي تتسم بالعبثية والعدمية والساعية الى تدمير الحرث والنسل ، والتي تدل على افلاس سياسي واخلاقي تام. وتشعر القوى الارهابية بأن معالم ما يجري في العراق اخذت تتضح لدى القاصي والداني، وانكشفت لعبتها وغدت تتعرى تدريجيا وتلقى الادانة سواء من الرأي العام العراقي او اوساط واسعة من الرأي العام العربي والعالمي بإعتبارها زمر تمتهن القتل والنهب والخاوات فحسب. إن الامثلة الاخيرة في الخطف والذبح والتدمير والتفخيخ لهي خير دليل على المعدن الشيطاني لهذه الزمر وعلى الشر الذي تربوا عليه وعلى تخبط افرادها.
     تستمد قوى الارهاب مصادر سطوتها من الصدامية والطائفية السياسية والاسلام الاصولي الجديد وعصابات الاجرام المنظم ! الصدامية كتجسيد لآيديولوجية قومية يمينية وسلفية متطرفة وذهنية عنصرية استبدادية ونهج إرهابي قمعي وتوسعي عدواني وروح رجعية انتقامية، والاسلام الاصولي الجديد كتجسيد لفورة الفقهاء وحنينهم الى ماضي اغبر في السيطرة من جديد واحتلال كرسي الحكم تحت ذريعة عودة الخلافة والايمان الاجرامي بضروة تطبيق الافكار وفرضها عن طريق القوة تحت مقولة الجهاد والاستشهاد والايمان الاجرامي في كل ما يقوله الفقيه وما يكتبه التاريخ دون تحليل او تدبير ايمان بالماضي ومحاولة اعادته بالقوة وليس بالحجة والبرهان ومحاولة اعادة كل افكار الفقهاء المقبورين والجلادين الاسلاميين السفاحين الى الحياة..، وعصابات الاجرام المنظم كتجسيد للحاضنة التي خلفها لنا النظام السابق والمتمثلة في الفساد الاداري وفساد الضمير وكسب المال بيسر، والطائفية السياسية كولاء عصبوي دون وطني وتجسيد للعقول المتحجرة والفاسدة والعصابات التي تفرض سلطة الرقيب واشاعة اللغة الرمزية للتعبير عما يعتمل في العقول والارتداد والنكوص الى الذات والنزوع نحو الباطنية والتخلف الثقافي والحضاري ورفع شعار اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت! والمرادفة للجهل والامية والاقتتال الدموي المستمر وامتلاك امكانية الانفلات من العقال وخوض الحرب الاهلية واقتراف الاعمال الارهابية الجبانة والتحول الى عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة .
     من المهم التعبير عن القلق من اتساع عمليات التخريب التي تستهدف المنشآت والمؤسسات الخدمية والاقتصادية، ولاسيما تلك التي تطال منشآت النفط والكهرباء وما تسببه من خسائر كبيرة وحرمان شعبنا من موارد هو بأمس الحاجة لها لإنعاش الاقتصاد العراقي وإعادة إعمار البلاد، الذي يسير ببطء وضعف لا يرتقي الى مستوى ما يتطلع له المواطنون. ومما يثقل هذه العملية أيضا بطء وتيرة بناء مؤسسات الدولة وأجهزتها وضعف أدائها وتفشي مظاهر الرشوة والفساد، فضلا عن التركة الثقيلة للنظام البائد وقلة الموارد والتخريب الاقتصادي.
   إننا في العراق أمام عمليات إرهابية منظمة ومبرمجة تقف على رأسها اضافة الى العصابات المافيوية البعثية ،  جماعات إسلامية تمتلك موارد مالية كبيرة ونفوذ واسع على الصعيد العالمي ولها مواقع في البلدان العربية والإسلامية ، اللوبي الذي يعمل داخل الحكومات بصورة سرية أو شبه علنية وخارجها. إنه الإرهاب غير الحكومي والإرهاب الحكومي معا . واذ يلقى الإرهاب الدموي غير الحكومي الذي يمارسه أيتام النظام السابق وأجهزته القمعية وقوى الإسلام السياسي المتطرفة والتكفيرية من أتباع بن لادن والزرقاوي وأنصار الإسلام وغيرهم، وكذلك من القوى العربية الشوفينية التي تدعي وجود مقاومة حقيقية لقوى الاحتلال في العراق في حين يهرس القتل المزيد من العراقيات والعراقيين قبل غيرهم ، إضافة إلى قوى الجريمة المنظمة وعصابات السرقة والنهب والاختطاف لأغراض الحصول على الأموال القذرة... يلقى اجماع الادانة الواسعة من القوى السياسية العراقية فان الارهاب الطائفي السياسي الحكومي يستهدف تدمير العراق ووحدته الوطنية، تثبيت أسلوبه في تحويل الصراع بين قوى الاحتلال وبين القوى الوطنية المطالبة بالاستقلال عبر خلق صراعات بين القوى العراقية ذاتها، وضرب عناصر الوحدة الوطنية وإنهاء دور القوى الوطنية الرافضة للاحتلال الامر الذي يجهض الموقف الموحد إزاء الإرهاب.وتقف إيران وراء تمويل وتوجيه التنظيمات والميليشيات والمجموعات التي تبيح لنفسها الخطف، والقتل، والهجوم على الجامعة، وكل الجرائم الأخرى.وهذه الميليشيات والتنظيمات تتدخل بشكل سافر في الانتخابات والاستفتاءات ، سواء بالتخويف أو الإغراء، أو بفتاوى وخطب رجال الدين في الجوامع والحسينيات التي تحرم التصويت لغير زعرانها.
   الإرهاب الفكري في الجمعية الوطنية العراقية مثلا هو امتداد للارهاب الاجتماعي الطائفي والذي تمارسه الولاءات دون الوطنية والعصابات المناطقية . وهو امتداد للإرهاب الاقتصادي للتجار والمرابين والمضاربين عبر مزاولة الضغط والتهديد والمضاربة على ابناء الشعب والقطاع العام وفرض القيود الاقتصادية التي تحد من فاعلية النشاط الاستثماري للدولة والدخول في مضاربات اقتصادية للربح السريع واغتصاب فائض القيمة واشاعة انعدام تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع الواحد وحرمان بعضهم من الحصول على لقمة العيش والتهديد بفقدان العمل، وسن تشريعات اقتصادية تحد من حرية الاستثمار المحلي. الإرهاب الفكري في الجمعية الوطنية العراقية هو امتداد للارهاب السياسي لعصابات الصدر الصغير والحكيم الكبير والاسلام السياسي المنظم والصدامي في اشاعة مشاهد القتل والاغتيال والابادة والتفجير والتخريب والتدمير والاعتقال والإذلال والظلم والخوف والهلع والشعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار في النفس.
   ان شعار( الحل الاسلامي و الحل الشيعي) الذي ترفعه أحزاب الاسلام والتشيع السياسي لا يمكن أن يلبي مصالح وتطلعات وطموحات الشعب العراقي .... لانه ينبثق عن مصدر واحد الا وهو المشروع الكومبرادوري. وبالتالي فأن الصراع بين أصحاب الحل الاسلامي و الحل الشيعي وبين غيرهم من ممثلي الطبقات الكومبرادورية الحاكمة لا يخرج عن اطار الصراع داخل نفس هذه الطبقة الكومبرادورية من أجل احتكار السلطة ، وليس ناتج انقسام آيديولوجي بين أنصار الحكم الديني وانصار العلمانية كما تزعم الحركات الاسلامية . فأنقسام الطبقة الكومبرادورية على بعضها هو ناتج عجز الخيارات الكومبرادورية عن تقديم حلول مقبولة للمشاكل الاجتماعية.
      يسعى ارهاب الحل الشيعي الى تجميع الشيعة على اساس استثارة معاداة الشيعة وهو الوليد المسخ لاصولية فكرية سلبية لا تمتلك برنامجها الايجابي ... وتاريخيا يعبر عن الاستفزاز السياسي الراهن للوجود الوطني في العراق الجديد !  "خفافيش الظلام التي  تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ، و تضرب الشباب، وتنهر النساء، وتحاسب الاطفال، تعنف الشيوخ، وتعاقب الشابات ، تغلق المحلات، وتحارب بقية الديانات ، تمارس السطو والاغتيالات ، تطلق يد الحراميه والحراميات والملتحين زورا وكذبا محجبات، وتغتصب المال العام والخاص باسم الدين واصحاب العمامات ، تمنع الموسيقى والاغنيات ، تغلق محلات الزينه والحمامات ، تمنع اختلاط الطلبة بالطالبات ، تهاجم محلات الحلاقين والحلاقات ،تهرب النفط بالسفن والناقلات ، تحمل الثروات بالدوب والماطورات ،تمنع النفانيف والتنورات ، وتلزم لبس الجبب والعبايات ،تمنع الافندية والسافرات ، تفرض الاسود والعصابات ، تمنع الموطه وانواع المشروبات ، تهدم الجسور والطرقات، فهي من عمل الشيطان والمحرمات .  خفافيش الظلام التي خرجت من الاكواخ  وبنت العمارات ولا تتعامل الا بالذهب والدولارات.... " خفافيش الظلام هذه تجسيد للارهاب الطائفي السياسي الحكومي و "حكم الشيوخ والايات وحكم ائتلاف الفاضلين والفاضلات الذين اكلوا كل شئ ولم يبقوا غير الفضلات  والذين يوجهون النصائح والارشادات ،ويغرقون الناس بالحكم والعظات ، ويسهرون مع كل الموبقات، ويطلبون العفة من الصبية والبنات، ويعاقرون الولدان المخلدون والحوريات ،و ينعمون انفسهم ليلا ويتمتعوا باللذات، هناك كل الفضله والفضلات والساقطات. ليس مهما ان تكون شريفا او حريصا او تزيد من عدد الركعات، المهم ان تدفع الخاوه والرشوات. لتطرفهم تركوا الدين والديانات، واهتموا بالدهس والاغتيالات ، وامتهنوا الفرهود والغزوات، واياكم... اياكم ان تعترضوا فهذا امرمن السموات. والا تفرض عليكم الغرامه وانواع العقوبات، وتصبح بيوتكم واموالكم عرضة للمصادرات ، ويزداد عدد المرجومين والمرجومات." فهذا حزب الفضيلة وحلفائهم المصممين على الحاقنا بايران لنعود الى السجع لانه عصر الملالي والملايات، الذين يتلقون اوامرهم من العصابة الايرانية اطلاعات( انظر : اولاد صبحة نهبوا العراق واولاد فضيلة ينهبون البصرة / انترنيت ) .علام هذا التستر على شرور حكام التطرف الديني في ايران؟!! ان المجموعة المتطرفة الحاكمة في ايران، والتي تمارس اشد انواع العسف ضد الايرانيين، تطبق الاساليب نفسها في العراق عبر وكلائها او من ضل الطريق من العراقيين. ينطلق سلوك حكام ايران من منطلق سياسي امني يستهدف الحفاظ على كرسي حكمهم. وعلى هذا الاساس جرى تشكيل منظمة "هيئة اركان شهداء النهضة الاسلامية العالمية" في طهران بعيد احداث الفلوجة في العام الماضي والتي ضمت اكثر من 25 الف انتحاري تعهدوا بالقيام باعمالهم الارهابية في بقاع مختلفة ومن ضمنها العراق. ولا تأتمر هذه المنظمة الا بأوامر من السيد علي خامنئي الحاكم الفعلي لايران. ان هؤلاء الحكام يقومون بحرب سرية خطيرة في العراق وبدعم من ضعاف النفوس من العراقيين. التستر على شرور حكام التطرف الديني في ايران يجهض الموقف السياسي العراقي الموحد إزاء الإرهاب ويعرقل العملية السياسية التي لم تنته رغم مرور ما يقرب من ثلاث سنوات في العراق تحت ظل الاحتلال .
من شذرات الارهاب الطائفي السياسي الحكومي ... مسلحون بملابس رسمية يقتحمون المذاخر في بغداد ويهددون أصحابها والشرطة والحرس اللاوطني يعتدون على اطباء وطبيبات مستشفيات اليرموك والكاظمية ومدينة الطب في بغداد ! مسلحون بملابس رسمية يقتحمون ويداهمون الدور السكنية في أحياء بغداد ويقتادون ابناءها ليعثر عليهم بعد حين قتلى غدرا وبوحشية ! تحرك ما يقرب من 40 سيارة تابعة للشرطة العامة وشرطة النجدة عند الفجر لاختطاف 22 مواطنا عثر عليهم قتلى قرب الحدود العراقية ـ الايرانية ! ميليشيات ومعتقلات تابعة لها يجري فيها تعذيب وقتل المواطنين ! مجموعة كبيرة من التنظيمات الفرعية التي تعمل تحت تسميات كثيرة لتمارس نشاطات عديدة كلها تصب في المجرى الذي يريده المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ولها أقوى الروابط السياسية والأمنية والمصلحية مع إيران( فيلق بدر وهو المنظمة العسكرية التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية  ، منظمة سيد الشهداء، القواعد الإسلامية، منظمة 15 شعبان، حركة حزب الله التي يترأسها كريم المحمداوي ، منظمة ثار الله، النخب الإسلامية ، بقيت الله ( وهي منظمة مخابراتية تابعة لإيران ومرتبطة بالمجلس الأعلى))! حزب كريم العنزي الذي يمارس الكثير من العنف والإرهاب ومتورط بالكثير من الأعمال الأخرى ! الميليشيات تقيم «جمهورية رعب» في البصرة تخاف منها الشرطة العراقية والقوة الأكثر ترويعا في ثالث أكبر مدينة عراقية هي قوة مبهمة تضم ما يتراوح بين 200 الى 300 من أفراد الشرطة المعروفين باسم «الجامعة»و يهيمنون على الشرطة المحلية والذين يقال انهم يقتلون ويعذبون دون حسيب أو رقيب والذين يأتمرون بأوامر زعماء الميليشيات الطائفية في البصرة! مجموعة مقتدى الصدر وجيش المهدي والعنف والشقاوة والاعتداء على الناس ومحاكم التفتيش الفاشية! حزب الفضيلة و الشيخ اليعقوبي والنشاط العنفي ! اعتداءات بالضرب على طلبة وطالبات كلية الهندسة في البصرة وطب الاسنان في بغداد باغلظ العصي والكيبلات واللكمات واطلاق النار وتمزيق الملابس! تحميل لوحات  الاعلانات في الدوائر الحكومية والمستشفيات والتي من المفترض ان تكون وسائل اعلامية للدولة العراقية والنقابات والمنظمات المهنية وتحوي أسماء الاطباء ومواقع الردهات والتبليغات الصحية.. تحميلها  بدلا من ذلك الفتاوي ومنها مشروعية الحجاب! الاعتداء الصارخ على مقرات الاحزاب الوطنية والديمقراطية وآخرها جريمة حرق مقر الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الثورة البطلة! مهاجمة المدارسِ وتخريب الأثاثِ والمحتويات وحرقَ الكتبِ والسِّجلاتِ وفي الإطارِ ذاته تهديدُ هيئات التدريسِ والطلبة لفرضِ إرادةِ الجهلِ والتخلفِ ومنعِ الطلبة من مواصلة دراستِهم مثلما حصلَ في مدرسةِ الموسيقى والباليه! قيام قوات الحرس الوطني  وقوات الامن في مدينة بابل باتهام نشطاء من حقوق الانسان بالارهاب دون اي دليل ، وعمل تلك القوات  لغلق مكاتب الجمعية في بعض النواحي! مناظر الاطفال وهم يجبرون على حمل الخناجر ويجرحون رؤوسهم بالامواس لتسيل منها الدماء وتلك المناظر السادية التي تفرض على طفولتهم المنتهكة وصفهم بطوابير طويلة وهم يؤدون  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها!.
 ان الارهاب الذي يرتكب الفظائع في المدن العراقية  مدفوع بآيديولوجية شريرة لا علاقة لها بالظلم او القضايا المسببة لسخط المسلمين، وانما استندت الى اعتقاد متعصب غير قابل للاعتدال او العلاج ويجب مقاومته. ومقاومة الارهاب الشيعي والفساد واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل لا يقل اهمية عن مواجهة الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي.
   ان أهمية وضرورة دحر قوى الإرهاب والجريمة واستعادة الأمن والاستقرار يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإنجاز أهداف العملية السياسية وإنهاء الوجود الأجنبي وتصفية تركة النظام المقبور والمضي في طريق إعادة الأعمار والبناء وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية والموقف الشفاف الشجاع الموحد إزاء الإرهاب ايا كان مصدره .. ومعالجة هذا الملف الساخن تحتاج الى المزيد من الإجراءات والخطوات في المجالات كافة، الاقتصادية، السياسية، الإعلامية والجماهيرية فضلاً عن الإجراءات الأمنية الوقائية. ما تـمّ انجازه من محطات أساسية في المسيرة السياسية، مترافقاً مع الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة من تشكيل وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة السيادية: الحرس الوطني، الجيش، الأمن وغيرها، فإنها لازالت تمثل إمكانيات لإحداث انعطاف نوعي مطلوب في الوضع الأمني. ان التقدم على هذا الصعيد يتطلب مواصلة تعزيز أجهزة الدولة ومؤسساتها وبناءها على أسس جديدة، وضم العناصر الوطنية الكفوءة الى صفوفها وتخليصها من العناصر الفاسدة والمتقاعسة والطائفية وجماعة شيلني واشيلك ! ، وتزويدها بالمستلزمات الضرورية لأداء واجبها الوطني في حفظ الأمن والاستقرار وترسيخه.
   
 

260
العراق لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي

   لقد طفح الكيل ونضح الاناء بما فيه ! وباتت تصريحات قادة الائتلاف العراقي الموحد الدفاعية عن ايران فاضحة وذات ابعاد تآمرية على الامن العراقي الوطني والسيادة الوطنية . ابراهيم الجعفري الذي يتلعثم بين كل جملة وأخرى بالعبارة المحبذة له ( او ما شاكل ) وذو الخطاب الضبابي والنفعي والمتخبط واللاهوتي المتسم بطغيان الخجل البورجوازي الامر الذي يؤكد تمثيله المصالح الطبقية لتجار العراق بتفاني ... هذا الجعفري القزم يقلد آية الله الصغرى بيان صولاغ في الاستغباء وارتكاب الحماقات وينفي التدخل الايراني في الشؤون الداخلية للشعب العراقي ! ويصر على خطاياه الشيطانية في الدفاع عن الطائفية والمحاصصات الطائفية والعصابات الطائقية كأي طبل فارغ يتعامل مع جسد ميت ! وهو بذلك يثبت كونه الخادم الامين لحرامية اموال الشعب وبيع النفط المهرب وللتآمر مع ايران وغيرها على قتل الشعب العراقي كي يجبر الجميع ان يكونوا في العصابات .. الأحزاب.. الميليشيات.. والأجهزة الأمنية التي لا أمان لها والمراصد المتقدمة للاستخبارات الإيرانية. الجعفري الصبي اي الخادم يسوق بضاعة الاستخبارات الايرانية ( اطلاعات ) داخل العراق مثلما قام بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهو يجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة !
    ابراهيم الجعفري مصمم على تحويل العراق الى حسينية كبيرة من الدرجة الثانية ( بعد ايران العظمى ) توزع الهبات التموينية المفخخة سياسيا  لأغراض الدعاية الرخيصة  لبعض المرجعيات الدينية كما كان يفعل ويفعل اليوم أيات الله العظمى والصغرى والأئمة باعتبارهم اوصياء الله على الارض في اطار الوقاحة الشيعية الأنتخابية واشاعة اسلحة الكذب والخداع الشامل ! وليكون مصدرا للارهاب الشيعي والفساد اللذين لا يقلا اهمية عن مواجهة الارهاب الاصولي الاسلامي والبعثي. هكذا بعد ان كشرت الحكومة الاشيقرية عن انيابها الصدئة وكشفت عن معدنها الردئ المزركش بنهج الخيانة الوطنية  ، بالأتفاقيات الأمنية والأستراتيجية مع حكم الملالي في طهران ، والغوص عميقا في المستنقع الطائفي ... تسخر اليوم زعرانها من العصابات المناطقية – الطائفية وجحوش الاسلام السياسي والادوات القمعية المستحدثة للدولة الفتية  لتحقيق الهيمنة وتضليل العقل العراقي وتدجينه امتثالا للعقلية الصدامية ، ولطوطمها القابع في قم معا ... وهي تجبر الشعب العراقي بالقوة والتهديد والابتزاز والترغيب وشراء الذمم على تبني ولاءات عرس الواوية . .. لندشن عهدا جديدا هو عهد البعث الشيعي بحق ، والمطلوب من الجميع الركوع للطغاة الجدد . عن اية ديمقراطية يتحدثون هؤلاء الجهلة؟
    تتجسد أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية بالاصرار على فكرة الحكومة الاسلامية وربط العراق بالتبعية الى ايران ، ومنح المشرع الايراني حق التشريع ، وسن القوانين . تلك الفكرة التي وان لم تعلنها هذه الاصوليات المحكومة بقيادات عائلة  آل الحكيم والصدر الصغير والجعفرية الخجولة والشهرستانية الكسيحة ، الا ان  مفهوم التقليد الشيعي يلزم الجميع باتباع كل ما يشرعه المجتهد الاعلى او الفقيه الايراني وحتى العراقي ، سواء اكان الخميني او خامئني او السيستاني او الحكيم  او اي قرقوش آخر ، وهو ملزم بحكم نظام المرجعية والتقليد باستشارة الفقيه – الولي بكل ما يتخذه من احكام.
   ذنب الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية على جنبها كما يقول المثل ! تريد دولة فقيه .. ياأهلا بالمعارك ! تسييس الدين يعني الغاء دوره الارشادي والتثقيفي وقدسيته. وهذه الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية القرقوشية تدرك ذلك مثلما تدرك رفض الشعب العراقي لذلك ! لتسخر ميليشياتها المسلحة كي تضعف دور الدولة وتنهي وجود القوانين. ويبقى دور الدين رغم انف الاشيقر وبطانته وزعرانه من امثال بهاء الاعريجي او ما شاكل هو إرشادي وتثقيفي وتقديم النصيحة، ولا يجب ادخاله في اللعبة السياسية لأن ذلك يقلل من قدسيته، ويجب عدم تسييس الدين .نعم ، للمراجع الدينية والعلماء أثر كبير في المجتمع العراقي لأن الدين مسألة متأصلة في المجتمع ولا بد للمرجع ورجل الدين مهما كان دينه او مذهبه ان يكون له الاثر الكبير في البناء الثقافي السليم، وان يقف في وجه كل التيارات المنحرفة التي تريد ان تشوه الاسلام والرسالات السماوية ... ويجب على رجل الدين ان يوجه لاحترام الانسان لانسانيته قبل كل شيء.. بمعنى آخر الدين لله والوطن للجميع !
   الملاحظ ان هناك واجهات عديدة داخل العراق ضخت اليها ايران اموالا ضخمة لتؤسس لها وجودا داخل العراق. نعم هناك نفوذ ايراني وهو نفوذ كبير ومؤثر وواضح للعيان... وحتى الشخص الذي يجلس في الشارع في كربلاء بين الحرمين ليؤجر جهاز الموبايل للزوار انما هو مرسل من ايران. لماذا تنكر الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية وجود النفوذ الايراني ؟. الانكار مسألة سهلة بالنسبة لهم، ولكن ما من عاقل يستطيع انكار النفوذ الايراني، خاصة في البصرة !. من المضحك المبكي ان ان يتولى عتاة اللصوص من كلاب اطلاعات النتنة رئاسة لجنة النزاهة في البرلمان حيث انها كانت تمارس السرقة باسم الدين واصبحت الان تمارس النهب باسم الدين وباسم الدولة واصبحت كالجراد الاصفر لاتبقي ولاتذر ! وتذكرنا المرجعيات الدينية والفقهية في العراق التي تصدر فتاوي القتل وفتاوي دعم قوائم انتخابية دون اخرى، والفتاوي التي تصدر بطلب حكومي ، وفتاوي مشروعية الاستباحة الايرانية المكثفة والرمزية والسرية للهوية العراقية إلى درجة التدخل في تعيين الموظفين ومراقبة الخصوم السياسيين، والصرف على الأحزاب والجماعات الطائفية... تذكرنا  بكهنة القرون الوسطى واجراءات محاكم التفتيش ، وفتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين .. وتذكرنا بصدام حسين  الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة ! الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية تعتبر إيران بعداً وعمقاً استراتيجياً لها ولنشاطها وتأخذ منها العون والنصيحة والدعم المتنوع. الشعب العراقي يعتبر ايران بعداً وعمقاً استراتيجياً للارهاب الاصولي الشيعي والارهاب الاصولي الاسلامي السياسي والارهاب التكفيري والارهاب الصدامي  والفساد معا ! الشعب العراقي لا يقبل ان يعلمه روزخون حرامي او ما شاكل يلطم بالساطور الديمقراطي.

261
اداء القوات المسلحة العراقية لا ينال رضا شعبنا العراقي
 

 مرت عدة اشهر على اعادة تأسيس القوات المسلحة العراقية ، وأشارت البرامج السياسية لحكومات العهد الجديد - "حكومات ما بعد التحرير" - حكومات ما بعد التاسع من نيسان عام 2003 ، إلى طائفة من الأهداف والالتزامات التي تعهدت بتنفيذها خلال الفترة الممتدة لغاية موعد الانتخابات القادمة... واثبتت الوقائع العملية الملموسة الفشل الذريع والمريع للقوات المسلحة العراقية  في مجال تحقيق الامن ومكافحة الارهاب وحماية الحدود الخارجية ،  مكافحة الفساد  ، الاسهام في الاعمار واعادة الاعمار وحل مشكلة الخدمات الاساسية كالكهرباء ، حل مشكلة البطالة ، الثبات الاستراتيجي على الجدول الزمني لانسحاب القوات المتعددة الجنسية .
     قوى أساسية مارست سيادتها ودورها في تأسيس القوات المسلحة العراقية وهي: القوى الطائفية الشيعية ... المخابرات والعصابات الدينية الإيرانية... المخابرات والعصابات البعثية السورية.... بقايا البعث العراقي المنهار ... العشائر العراقية التي تقترب إلى الجماعات الإسلامية بسبب قربها من المرجعيات الدينية ولكنها تحاول الدفاع عن أبناء عشائرها عندما يتعرضون للاضطهاد من جانب القوى السياسية والمخابراتية...القوات المتعددة الجنسية التي كانت وما تزال تنسق مع الجميع وعلى الجميع .
•   الطائفية الشيعية تنخر الجيش والداخلية العراقية
   القوى السياسية الشيعية من حيث المبدأ هي دينية طائفية بالضرورة لأنها لا تقوم اليوم إلا على أساس طائفي ، وإلا لما كان لها أن تؤسس أحزاباً سياسية ... ومستوى ألاداء الإداري في وزارات هذه الأحزاب ، ومنها الوزارات ذات العلاقة بالقوات المسلحة العراقية ينحدر إلى مستوى الفوضى الممزوجة بالسرقات والرشوة حيث كل مدير هو عبارة عن اقطاعي صغير في مكانه والدائرة الحكومية هي اقطاعيته وإقطاعية حزبه الخاصة ،يوظف فقط الأقرباء وأصدقاءه( ومعظمهم من منتسبي حزبه )...إما إذا دخلت إلى مقرات الوزارات ستجدها مليئة بشعارات حزب الوزير(كأنها جامع أو حسينية ) وكأن هذه الوزارة ملك خاص لحزب الوزير.انتشار الصور الشخصية لعائلتي الحكيم والصدر والتي تحتل نفس أماكن صور صدام حسين يمثل نوع جديد من بناء عبودية الفرد التي عانى منها العراق الويلات ، بل تعدت إلى القيام بتسمية المعسكرات والفرق والالوية والافواج والسرايا والدوائر الامنية ومراكز الشرطة ، والأحياء السكنية والأماكن والشوارع والساحات العامة والمستشفيات القريبة منها ، والجسور بأسماء هاتين  العائلتين( بالضبط كما فعل صدام سابقا الذي اختصر تضحيات العراقيين على مدى أجيال بشخصه وأطلق أسمه على كل شئ في العراق ). الحكومة التي يدين وزراؤها بالولاء للطائفة أكثر من ولاءهم  للقسَم الذي أقسمه كل منهم  بالعمل للوطن والشعب لم تعد لديها القدرة في السيطرة على وزراءها حينما " يزعلون " على الحكومة ويعلقون عضويتهم فيها إلى أجل ما ، لا لخلافهم مع حكومتهم هذه على إجراء أو قرار يتعلق بمصير الوطن والشعب ، بل لأن إحدى ميليشيات بعض القادة الحكوميين تحرشت بميليشيات أخرى من قادة حكوميين آخرين  ، والكل يردد مع نفسه مقولة الدكتاتور الساقط  " أنا القانون " .  لا يزال معظم قادة هذه التنظيمات يبرأ نفسه من الممارسة الطائفية في سبيل الضحك على الذقون، لأن هذا الادعاء لا يبرهنه الواقع بل يفنده و لا يؤكده، وها هو الشعب العراقي المدمى يختنق بالنفس الطائفي الأسود، بعد أن تحول على أيدي بعض العراقيين والعرب من تجار الدين والمذهب والشعارات القومية بدعوى مقارعة المحتل، وبدعم هائل من بعض الدول العربية والاسلامية والإقليمية كل حسب أجندتها، تحول إلى مرتع سهل للحرامية و السفاحين. والملفت أن كل ذلك وغيره يتم في خضم أساليب التجهيل الحكومي للمواطن عما يجري في البلد بأساليب إعلامية بالية واللجوء إلى التبريرات الجاهزة للتنصل عن المسؤولية. ان التصعيد الطائفي لم يكن مصدره التصعيد الطائفي الاصولي الاسلامي السياسي فقط ، وعملياته الإرهابية المدانة ، إنما هناك تصعيد آخر خططت  له التنظيمات الطائفية الشيعية وتنفذه بتسارع واستفزاز عبر تنسيق وزارتي الدفاع والداخلية مع قيادات الكتل الشيعية لإضفاء الطابع الرسمي على التنظيمات السكانية الطائفية المسلحة ، بتعليمات من رئيس الوزراء ، وعبر ممارسة النشاط غير المعلن لميليشيات " جيش المهدي وقوات بدر " في مناطق مختلفة من العراق بعلم وتجاهل الحكومة بالرغم من أن الحكومة وقيادات المليشيات قد أعلنوا، في وقت سابق ، نزع الأسلحة والدخول في العمل السياسي ، كما أن الكثير من منتسبي هاتين المنظمتين قد تم استيعابهم في قوات الأمن ، من شرطة وجيش .
   ان عدداً من الاحزاب الشيعية وانصارها وضعوا انفسهم بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضعون لقانون الا قانونهم وشريعة الغاب. وبهذا فهم ينافسون القاعدة والتكفيرين و "امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة" في سلوكهم. وقام هؤلاء بمد بساط "المحاكم الشرعية" امام مرأى من المؤسسات القضائية الرسمية، ويتم فرض حظر على دخول وخروج المواطنين في اماكن مثل مدينة الثورة في بغداد تماماُ مثلما يفرض الطرف الطائفي المتطرف التكفيري الآخر "حظر التجول" في مدن عراقية اخرى.ان اهم سبب في اخفاق القوات المسلحة العراقية هو ان غالبية اقطاب التيار الديني السياسي الشيعي سرعان ما رضخوا لمنحى طائفي متطرف يتعارض و يضر بالهوية العراقية والولاء الوطني وطرد ثقافة التطرف والعنف والغلو والتعطش للدم من حياة المجتمع، وهو مأزق سياسي وقعت فيه كل الاحزاب الطائفية من كل لون. ذلك كرس من عقلية وثقافة الطائفة والعشيرة في بناء الدولة والحركات السياسية والقوات المسلحة العراقية في الوقت الذي يحتاج العراقيون فيه الى ازالة هذه الثقافة التي اعتمدتها الحكومات السابقة وبعض الحركات السياسية الموالية لها في عهود الظلم والى بناء دولة عراقية وليس دولة طوائف تتناقض مع بناء الدولة الحديثة التي ينشدها العراقيون. 
   لا يعني الغاء الظلم ضد طائفة معينة بأي حال من الاحوال استحواذ اقطاب هذه الطائفة المظلومة على عباد الله وفرض ممارساتهم غير المقبولة على الآخرين وهيمنتهم على مفاصل الدولة والقوات المسلحة والاعلام الرسمي ورفع صور رجال الدين من طائفتهم واحتكار الفداء في العهد السابق والغاء تضحية وحق الآخرين.  فالسيد رئيس الوزراء الاشيقر يتجاهل الالاف من شهداء العراق من كل الحركات السياسية ليشير تزلفاً فقط الى المرحومة حفصة العمري التي فارقت الحياة اثناء محاولة عبد الوهاب الشواف العصيان على الحكومة الشرعية في العراق، في حين لا يهتز بدن رئيس الوزراء المحترم لمقتل اكثر من 500 مواطن عراقي في الموصل وحدها اثناء العصيان وهجرة الالاف من اهالي الموصل الى المدن العراقية او الى ديترويت.
   الحكومة المُنتَخَبة محكومة بمحاصصات إلتَّفت عليها كشرنقة خانقة شلت حركتها نحو فضاء العمل الرحب الذي يجعلها على تماس مع الجماهير التي إنتخبتها ، تشعر بما يشعرون وتسعى الى ما يريدون ، فظلت تدور وتدور داخل شرنقتها الخضراء لا تسمع نداءً لمنادي ولا إستغاثة لمستغيث . ان اطراف متنفذة في التيار الطائفي الشيعي على عجلة من امرها في فرض حالة من احتكارها  للحقيقة وللحل للوصول الى حالة من الاستبداد الديني على غرار ما قامت به احزاب حاكمة انهارت او قد ينتهي امرها قريباً .ولو تابعنا فترة قيادة البلاد منذ ان جاء السيد الجعفري لوجدنا ان التل الهائل من التجاوزات والاخطاء والغاء الآخر وبقاء القضايا الملحة قد تراكمت اكثر من السابق واصبحت بدون حلول وهي فرجة للعالمين، وهنا يجب عدم السكوت عليها وفضح ما هو مؤذي ومضر بدافع الاصلاح وتجاوز الاخطاء وليس الانهيار والفشل الذي قد يؤخر انجاز العملية السياسية وقضية خروج القوات الاجنبية من البلاد.. واذا لم تتحرك الحكومة والحركات السياسية العراقية وكل الحريصين على العراق بإتجاه ردم هذا المطب فإن البلاد ستواجه نكبة أشد وطأة من نكبة انقلاب شباط الاسود في عام 1963 وسيمتد مسلسل الدمار الى كل شعوب المنطقة. ان اساس تركيبة القوات المسلحة العراقية حمل في ذاته ومنذ الولادة خطأ سياسيا بنيويا يعتمد المحاصصة الطائفية - القومية و يبتعد عن نهج البناء المؤسساتي على اساس الوحدة الوطنية. ان الاجراءات التي تلت تشكيل حكومة الجعفري اعتمدت التطهير الطائفي في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية ذات العلاقة بالقوات المسلحة العراقية فاضعفت قدرتها وخلقت ردود فعل سلبية .ان حكومة الجعفري لم تحدد او تشخص في برنامجها الاولويات الصحيحة وتصنع التدابير الملموسة السليمة فغرقت في العمومية المفرطة الفضفاضة التي يمكن القول بها في كل زمان ومكان. الحكومة الطائفية الشيعية فشلت في معالجة الملفات الأمنية والمعيشية والاقتصادية للشعب العراقي مما عزز اخفاقاتها بانتشار وتفاقم الفساد الاداري ، الذي يعد الوجه الاخر للارهاب ، " الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة" ، اضافة الى انعدام الخدمات الضرورية بشكل لم يسبق له مثيل ..
    ان التخلص من ديكتاتورية صدام ينبغي ان لا يفتح بابا لإقامة ديكتاتوريات جديدة، بمسميات متنوعة، تتكلم بإسم هذه الطائفة وتثأر لها او تلك التي تدعي الدفاع والحماية لطائفة اخرى، بل يجب التأكيد على اقامة  النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي، الذي يبنى على فكرة المواطنة المتساوية واحترامها.
•   التدخلات الإيرانية والسورية باتت فاضحة
    التدخلات الإيرانية فاضحة في الشأن العسكري العراقي  عبر الاستخبارات والمخابرات والعصابات الدينية الإيرانية والأموال، وبالتنسيق مع القوى السياسية الشيعية المرتبطة بإيران، إلى درجة التدخل في تعيين الموظفين ومراقبة الخصوم السياسيين، والصرف على الأحزاب والجماعات الطائفية. وتبتغي  ايران ان تواصل مهمة دور اللاعب الرئيسي في العراق عبر انتشار عملاء الاستخبارات الايرانية وعناصر الحرس بشكل مكثف ورمزي وسري . هذا هو حال المخابرات والعصابات البعثية السورية... أجل إن إيران تشن مع سوريا حربا متعددة الوجوه والميادين على العراق في حين نجد حكومة هزيلة وفاشلة، وإدارة أمريكية مضطرة على مضض شديد لمباركة دستور إسلامي هجين يفتح الطريق لقيام نظام ولاية الفقيه. ولكن هل يمكن لواشنطن القبول بقيام نظام موال لإيران في العراق ومفرخ للإرهاب بينما يزداد الخطر الإيراني على الأمن الدولي؟؟ وهل يمكن لواشنطن القبول بقيام نظام موال لسوريا في العراق ومفرخ للإرهاب بينما تزداد انتهاكات حقوق الانسان للحكومة السورية على الأمن الدولي؟؟ لقـد  جلب  "  الذين  يـتدخلون  في  كل شـئ  ،  وبـما في ذلك  مـالا يعـنيهم  "  لنـا  الهزائـم  تلو  الهزائم . وما زالت المخابرات السورية وشبكاتها قادرة على تجنيد (المراهقين من المسؤولين) وكسب ولائهم ... في هذا الاطار كان عقد مؤتمر حمص السورية في 19/4/2005 والذي ضم العديد من المطلوبين للعدالة من ضباط المخابرات العفالقة اللذين تؤويهم المخابرات السورية  وترعى تحركاتهم  وتمدهم بكل وسائل الدعم للقيام بعملياتهم الإرهابية في المدن العراقية  . كانت المخابرات السورية هي الراعي الأول لذلك المؤتمر الإرهابي الذي حضرته إضافة للقيادات البعثية التي اقترفت العديد من الجرائم بحق الشعب العراقي  ، شخصيات بعثية كانت تعمل في الخارج بإيحاء من مخابرات النظام كشخصيات معارضة في لندن وبقية أنحاء العالم. في هذا الاطار ايضا كان تسيير مظاهرة مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق لتأييد نظام صدام حسين المقبور ، والتي نظمها مهدي العبيدي عضو القطرية البعثية التابعة الى سورية والمدعو وائل الهلالي العضو الآخر في هذا الحزب المشؤوم ، والقطرية البعثية طرف قيادي فيما يسمى بلجنة التنسيق القومية المسيرة من مايسمى القيادة القومية للاسد الابن ومكاتب امنه القومي.في الطرف الآخر تقود إيران حرب سرية تجري في العراق وتجند عملاءها وتمدهم بالأموال من أجل كسب النفوذ المتزايد. وكثفت الحكومة الإيرانية تأثيراتها على النسيج السياسي والاجتماعي العراقي ومحاولاتها لمزيد من التأثير في الحكومة العراقية والقوات المسلحة العراقية ، وهي تدير شبكات لجمع المعلومات الاستخبارية وترسل الأموال والأسلحةِ إلى المجموعات الشيعية المقاتلة المتطرفة بهدف إقامة حكومة شيعيّة متحالفة مع إيران. يبدو ان ايران سيكون لها الدور المشهود في تمزيق وحدة العراق مستقبلاً إذا استمرت في العبث داخل الاراضي العراقية.
أرسلت ايران ما بين ثلاثة الى اربعة آلاف من رجال الحرس وفيلق القدس ووزارة الاستخبارات الى العراق منذ سقوط صدام حسين ضمن حوالي 14 الفا من رجال فيلق بدر والمتطوعين العراقيين في البسيج وابناء الاسر الايرانية المبعدة من العراق ممن تلقوا تدريبات ليست عسكرية فحسب بل في مختلف مجالات الحياة من قراءة الموشحات الدينية الى تقديم برامج اذاعية وتلفزيونية واصدار الصحف وادارة الحسينيات والمكتبات والمطاعم وشبكات توزيع النفط واللحم والمخدرات... واشترت الاستخبارات الايرانية وأجرت ما يزيد عن خمسة آلاف بيت وشقة ودكان ومستودع ومكتبة ومسجد ومطعم ومحطة بنزين و... في البصرة والديوانية والعمارة والكوفة والنجف وكربلاء والكاظمية وبغداد ، ليقيم ويعمل فيها ومنها عناصر استخباراتها ورفاقهم البدريين وفصائل شيعية أخرى... وتوجه بتشجيع ودعم مكتب المرشد ومنظمة الدعاية ـ تبليغات ـ الاسلامية اكثر من الفي طالب ورجل دين ايراني وافغاني وباكستاني (من الدارسين في حوزة قم بمنحات من مكتب المرشد) الى النجف وكربلاء خلال العامين الماضيين، ثلثهم من الطلبة ورجال الدين المرتبطين بأجهزة الاستخبارات الايرانية. كما عيّن آية الله خامنئي ممثلين ووكلاء في المدن الشيعية المقدسة، حيث يتولى هؤلاء دفع الشهرية ـ الراتب الشهري ـ الى ما يزيد عن سبعة آلاف طالب ومدرس لجلبهم وأخذ المبايعة منهم لخامنئي باعتباره قائد الامة ونائب إمام الزمان ـ المهدي ـ . ان ما بين 30 و40 مليون دولار يجري تحويلها الى ممثلي ووكلاء خامنئي في العراق شهريا ، وجزء من هذا المبلغ مخصص للدفع لغير الطلبة والمدرسين، من رجال الدين الشيعة المنخرطين في الحكم. الأخطر هو ارسال جمع من مريدي المرشد وعناصر سبق ان عاشت في ايران على نفقة الحرس واستخباراته او الولي الفقيه ومكتبه لمحاولة تولي المناصب الحساسة في الحكومة العراقية والقوات المسلحة العراقية ، وتنظر اليهم القيادة الايرانية كحصان طروادة لامبراطورية الولي الفقيه الشيعية. وتضم معتقلات العصابات الطائفية الشيعية المئات من العراقيين والشباب الذين يجلبون معصوبي الاعين وموثقي الايدي ، ويتولى بعض ضباط الاستخبارات الايرانية التحقيق مع المعتقلين ، حيث يتم الافراج عنهم مقابل الفديات المالية الخيالية اي بالابتزاز اللصوصي الذي عرفت به اطلاعات النتنة .
 زعماء الاحزاب الشيعية يسرقون اموال الشعب ويبيعون النفط المهرب ويتآمرون مع ايران وغيرها على قتل الشعب العراقي ويجبرون الجميع ان يكونوا معهم في عصاباتهم ! أحزاب.. ميليشيات.. عصابات وأجهزة أمنية لا أمان لها ومراصد متقدمة للاستخبارات الإيرانية. الاستخبارات الإيرانية تقف خلف تدمير آبار النفط العراقية وأنابيب الغاز وأسلاك نقل الطاقة الكهربائية وسدود المياه وإفراغ الجامعات العراقية من الأساتذة وتدمير عقول وأجسام الشباب العراقي بالمخدرات والمسكرات؟!وساهم اغفال القوات المتعددة الجنسية او تقديرها الخاطئ في زج افراد الميليشيات – العصابات وبنسبة تجاوزت ال 90% في الاجهزة الامنية التي تشكلت بعد سقوط النظام في منحها القاعدة اللوجستية والقانونية لممارسة اعمالها غير القانونية والتحكم الكامل في مفاصل القوات المسلحة الوليدة !. تلعب إيران اليوم على حبلين خطرين في العراق... على حبل الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية ...وعلى حبل الإرهاب الجاري في العراق المتعكز على دعم القوى الإيرانية المحافظة والمتشددة... والساعية إلى استمرار عدم الاستقرار في العراق لإبعاد شبح الحرب ضد إيران. وهناك تعامل شديد بين قوى الجريمة المنظمة وقوى إيرانية أخرى تعمل في العراق لأفساد شباب العراق ودفعهم إلى تعاطي المخدرات في وسط وجنوب العراق على نحو خاص.
     فلول البعث العراقي المنهار اخترقت القوات المسلحة العراقية عبر القوى السياسية الطائفية ومنها التيار الصدري وليس غريبا ان يجد الاطباء و الممرضون الذين يعالجون بعض ابناء هذا التيار وشم فدائيي صدام على ابدانهم ! فلول البعث العراقي المنهار اخترقت القوات المسلحة العراقية بالمال والسلاح والسطوة التي امتدت عشرات السنين على المواطن العراقي ، وبالرهبة الممتدة على العقل العراقي المبتلي بالخوف منهم وخشيتهم ، وبالخسة والدناءة التي اتصفوا بها وبجبنهم المعهود في التلون كالحرباء وبفسادهم. ان 60% من عناصر ما يدعى بجيش المهدي هم من "شيعة" اجهزة المخابرات والامن الصدامي وهم معروفون لاهالي النجف المقدسة والثورة . وليس من قبيل الصدفة ان تخرج المظاهرات في بعقوبة وهي ترفع صور صدام حسين الى جانب صور مقتدى الصدر الذي يساهم ممثليه في الوزارة الانتقالية الحالية. ومن المفارقة ان الميليشيات المسلحة لمقتدى الصدر هي التي اوكل اليها مهمة حراسة الطريق الواصل ين بغداد وكربلاء اثناء مراسم الزيارة الاخيرة!!،ولا ندري لماذا هذا الصرف على شرطة الداخلية والجيش. ولا تخرج منظمة بدر المسلحة غريمة جيش المهدي عن هذا السياق المحير حيث انها تشكلت بالاساس من "التوابين" من اسرى الحرب العراقيين في ايران من "صناديد صدام" و "جيشه الشعبي" وبمباركة وتمويل وتدريب من قبل المخابرات الايرانية. فأي بناء عسكري هذا الذي تشكل من عناصر تربت في احضان صدام واكملت تربيتها في ظل دولة الاستبداد الدينية الايرانية. يصعب على المرء التفريق بين من هم الأكثر شرعية في القتل : عصابات الحكيم والصدر أم التحالف البعثسلفي ؟ تكفيريون ، صدريون ، حكيميون يسفكون الدم لأجل السلطة وإرضاءا  لتنفيذ التعاليم حرفيا حتى يلجهم الفردوس ! المهزلة – المأساة – الملهاة !
     حقيقة الدور الذي لازال نافذاً وفاعلاً حتى يومنا هذا والذي تلعبه بقايــــا أجهزة النظام السابق ورموزه  العسكرية والحزبية  من محاولات تمتد لا الى عمليات القتل الإرهابية بحق أبناء شعبنا الأبرياء فحسب بل الى محاولة ترهيب الشعب العراقي وحملة الأقلام الحرة الواعية من الوطنيين الرافضين لما يجري حالياً على ساحة الوطن السياسية ومحاولاتهم الجريئة والصادقة لكشف المتلاعبين بقوت الشعب العراقي من أجل مصالحهم المنهارة مع إنهيار النظام الذي تسيدوا وحكموا فيه طوال سنوات طوال . وتعود اليوم الجزم العسكرية ( المعتقة ) بمراتبها وأوسمتها ونياشينها العسكرية ( البطولية ما شاء الله! ) وما أغدق عليها الطاغية من إمتيازات خيالية في حروبه  المجنونة ، تعود لتستعيد بريقها من جديد !عبر الفوضى السياسية والتزكيات المشبوهة التي أوصلتها الى مناصبها الجديدة ، كي تقول كلمتها و سطوتها على أرض الواقع من جديد وبزي مدني تفوح منه رائحة نفس الثقافة التي إبتلى بها الوطن في سنوات الدكتاتورية المنهارة ! المهانة والإذلال ومظاهر الإستغلال والإستعباد والتصفيات الجسدية للجنود العراقيين الأبرياء الذين سيقوا عنوة لحروب الطاغية ، وعذابات الأمهات والزوجات والآيتام والآرامل .. يراد لها الآن تطمس وتنسى شيئاً فشيئاً عبر تهيئة الساحة والأجواء من جديد في ظل سياسة ما يجري الآن ، وتجاوز كل المصائب والآلام عبر غسل الأيــــــادي الملطخة بالدماء وإلباس أصحابها ثيابــــاً جديدة أكثر عصرية ، غير تلك التي خدشت أنظار الإنسان العراقي على مرّ عقود طويلة !
     ومثلما وقف صرح الأمة العربية وباني مجدها صدام حسين وراء الهزيمة المنكرة للجيش العراقي ابان كارثياته ، تتحمل اليوم حكومة الجعفري المسؤولية الكاملة عن الفشل الذريع للقوات المسلحة العراقية  في تأدية مهامها لأنها حكومة تتسم بالضعف والخذلان وعدم إمكانية المواجهة الحقيقية والتخفي خلف الشعارات والإستعارات والعواطف الإعلامية الفارغة، دون مقدرة حقيقية على حماية أرواح الناس ومممتلكاتهم ولا القدرة الفاعلة على مواجهة الأطراف المجرمة التي هي وحدها باتت تختار الطريقة والكيفية والأسلوب المتخذ في تنفيذ المجازر الجماعية. والاخطر ان يجر تحول الجيش في عراقنا كمعظم الدول العربية الى العنصر الحاسم في ضمان استمرار الحكم ولتضحي مهمته الرئيسية أمنية داخلية كرديف قوي للأجهزة الأمنية الداخلية الأخرى ولتتزايد الحالات التي يتم فيها الاعتماد على الجيش في مهمات الأمن الداخلي لدرجة ان طبيعة تدريبه واختيار ثكناته وتمركز تشكيلاته مرهون بالهواجس الأمنية الداخلية والطائفية وليس لهواجس المخاطر الخارجية .
•   النزاهة والقوات المسلحة الوليدة
   تأسس الجيش العراقي في 26 /1/1921 مع تشكيل اول نواة من 10 ضباط كانوا في جيش الحجاز العربي وقاتلوا ضد الدولة العثمانية بعد اعلان الثورة العربية عام 1916 .وترأس الفريق جعفر العسكري المتسرح من الجيش السوري اللجنة العسكرية العراقية الخاصة ... وتأسس اول فوج باسم موسى الكاظم في 28/7/1921 . وتوالت تشكيل الافواج ووحدات الطبابة والخيالة والمدفعية والمخابرة والتموين والنقل والهندسة والالتحاق بالمدرسة العسكرية الملكية وتأسيس الكلية العسكرية وكلية الاركان ، ثم صدر قانون الدفاع الوطني اي التجنيد الالزامي وتأسست القوة الجوية ! جرى استلام معسكر الرشيد ( الهنيدي سابقا ) من الانكليز في 1/10/1938 وقاعدة الشعيبة في 2/5/1955 ... وخاضت القطعات العسكرية العراقية عام 1948 في حرب فلسطين معارك جنين وكوكب الهوا وكفر قاسم ...!
     كان الجيش العراقي اداة في التغلب على سبعة انقلابات مر بها العراق 1920 – 1958 و 3 انتفاضات شعبية كبيرة وما لا يقل عن 10 انتفاضات للمجاميع الاثنية والقومية ! وبلغ كم الضباط المساهمين في الكابينات الملكية 28 ضابط شغلوا 45 حقيبة وزارية . وازدادت الشخصيات العسكرية المستوزرة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة لتستلم الحقائب الاساسية كمناصب رئاسة الوزراء ووزارات الدفاع و الداخلية في الوقت الذي تناقصت فيه الشخصيات العشائرية والدينية  المستوزرة بسبب انعدام الكفاءة والجهل !. وأشر انقلاب 14 رمضان الاسود استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى العشائرية والطائفية الشيعية والسنية رجعية ..... وفتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية . وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن ليتكرس النفوذ البيجاتي ( الاصل العرقي للطاغية ) والهيمنة الشمولية . واقترن هذا التوجه بصعود العقلية الأنقلابية المغامرة في البلاد العربية الى المسرح السياسي . ففي ربع قرن 1949- 1970 نجح اكثر من 35 انقلابا عسكريا في البلدان العربية واصبحت غالبيتها تحكم من قبل العسكر . العقلية العسكرية الانقلابية - عقلية نجحت لا في تثبيت حكم العسكر في العراق وحده بل في البلدان العربية . وكان العراق قد اعطى الاشارة المبكرة للدور المتعاظم المقبل الذي ستقوم به المؤسسة العسكرية الناشئة في حياة المجتمعات العربية عندما فاجأ الشرق العربي كله بـأول انقلاب عسكري في تاريخ العرب الحديث وفي سنة 1936 . وعكست الانقلابات والردات والمؤامرات العسكرية النفس الثوري القصير للبورجوازية الصغيرة الصاعدة فقامت بالغاء الاحزاب وتعطيل المشاركة السياسية وتهشيم المؤسساتية المدنية بأسم الاصلاحات الجزئية ومعاداة الاستعمار ! وتحولت الشعوب العربية الى كائنات مغلوبة على امرها تتحرك بدافع الحياة والاستمرار ليس الا !
صدام حسين وبطانته هم من المدنيين وليس فيهم عسكري مهني واحد لكنهم مارسوا أبشع صور الدكتاتورية في سني حكمهم وكان الجيش العراقي من ضحاياهم ! لقد دجن  صدام  المؤسسة العسكرية العراقية وارتدى لبوسها ! واعدم في الفترة 1995 – 2001  فقط حوالي 370 ضابطا بمختلف الرتب ، 155 ضابطا منهم من الحرس الجمهوري بتهمة مناهضة النظام !. وتعرض كبار الضباط  والمراتب والجنود الى الاحتجاز والتعذيب والسجن والاعتقال ، خاصة في ابو غريب والمكاسب .
تميزت المؤسسة العسكرية العراقية في العقود المتأخرة ، اي قبل حل وزارة الدفاع ، بالنمو المطرد المفرط قياسا الى السكان . ونمت حوالي 14 مرة بين 1950 – 1980 فقط في الوقت الذي نمى فيه حجم السكان 3 مرات ! والجهاز الاداري للدولة 10 مرات فقط . في عهد البعث بلغ التناسب بين القوات المسلحة والسكان نسبة 32.5 لكل الف وحتى 60 لكل الف .. وهي اعلى نسب في العالم لأن المعدل العالمي 7 لكل الف نسمة زمن السلم ! وبلغ الانفاق العسكري العراقي عام 1994 ما يعادل 14.6% من الناتج الاجمالي الوطني  اي الانفاق الاعلى بمستوياته في جميع البلدان العربية . ويبلغ هذا المعدل 3.2% عالميا و 3.6% في البلدان النامية .ومع افول العهد الصدامي هبطت القدرات العسكرية العراقية الا ان الماكنة العسكرية احتفظت بقدرتها على توجيه اللكمات لضمان بقاء صدام حسين في السلطة ! وامتلك العراق قبيل سقوط الطاغوت : 2000 دبابة ، و 200 – 300 طائرة اعتراضية وهجومية ، 1000 عربة مصفحة مدرعة ، 2000 ناقلة جنود ، 800 دبابة خفيفة للمشاة ،200 مدفع ذاتي الاطلاق و 1500 مدفع آخر متطور ! ، 100 طائرة هليكوبتر ، 6000 مدفع مضاد للطائرات ، 1000 صاروخ ارض – جو ! وصواريخ سكود ... كان الجيش العراقي كبيرا وفاعلا ، 350 – 400 الف جندي وترسانة فتاكة من الاسلحة !   
   وفقا لارقام البنتاغون، توجد اليوم في العراق 78000 من قوات الجيش، و 94100 من قوات الشرطة وحرس البرلمان، اضافة الى 100000 اخرين يؤمل تدريبهم قريبا ... وتم توزيع 1500 من القوات الامريكية داخل الوحدات العراقية للعيش والعمل مع الضباط العراقيين. ان نصف كتائب الشرطة الجديدة تقريبا في العراق ما تزال قيد الانشاء ، وليست في وضع تستطيع فيه القيام بعمليات عسكرية.... اما النصف الثاني من هذه الكتائب ، وثلثا كتائب الجيش، فهي قادرة جزئيا فقط على القيام بمهمات مطاردة الارهاب وطالبت بمساعدة امريكية. ان عددا صغيرا فقط من قوات الامن العراقية يقوم بمحاربة الارهابيين. يذكر ان 140000 من القوات الامريكية موجودة الان في العراق مقارنة مع اعلى عدد وصلته وقت اجراء الانتخابات في كانون الثاني الماضي وهو 160000 . كما يعمل في العراق حوالي 200 شركة من الشركات الأمنية متعددة الاغراض بموافقة وأشراف قوات التحالف والحكومة الامريكية، يقدرعدد افرادها ب 20 - 30 ألف مرتزق أي 1 مرتزق لكل 5-7 جندي نظامي .ان قوات الحكومة العراقية ما تزال بعيدة اليوم عن الجاهزية لخوض معركة ! ، وان اعدادا قليلة منها فقط قادرة على مقاتلة الارهاب منفردة.
إن غاية وزارة الدفاع الأمريكية والبريطانية من أستعمال هذا العدد الكبير من المرتزقة وفق المرسوم الذي أصدره بريمر رقم ((17)) والخاص بالعاملين الأجانب في العراق متنوعة ، كحماية المقاولين والخبراء ووكالات الأنباء والصحفيين الأجانب ، حماية الشخصيات المهمة كالحاكم المدني السابق بول بريمر والسفير الأمريكي و الشخصيات العراقية ، حماية المؤسسات والشركات الأجنبية ومكاتب الحكومة العراقية ، حماية مقرات الأستخبارات الأمريكية والأنجليزية و حماية المنطقة الخضراء ، تقوم بأمداد القوات الأمريكية والبريطانية وبقية القوات بالمواد الغذائية و الوقود و المعدات و حراسة قوافل الأمدادات العسكرية ، تقوم بصيانة و أدامة الطائرات والأسلحة المتقدمة تكنولوجيا ، تدريب الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية العراقية والدفاع المدني، حماية المنشأت النفطية وأنابيب نقل النفط والغاز، حماية محطات الكهرباء والماء، القيام بأعمال مخابراتية وقتالية محدودة، والقيام بالأغتيالات والمداهمات لخلط الأوراق وأستمرار حالة الفوضى بهدف تجديد عقود عملها في العراق.الهدف واضح ، فسياسيا خداع الشعب الأمريكي والبريطاني بأن عدد القوات الموجودة في العراق قليل وليس هناك حاجة لزيادة العدد والتظاهر بأن حجم الخسائر قليل ، وخصخصة القطعات الخدمية في الجيش الأمريكي ، والقيام بأعمال منافية لحقوق الأنسان والقوانين الدولية وحتى الأمريكية بأسم الشركلت الأمنية الخاصة (( التهرب من الأدانة )).
       حال النزاهة في القوات المسلحة العراقية حالها في بقية مؤسسات الدولة والمجتمع بضياع ملايين الدولارات العراقية في عقود وزارتي الدفاع والداخلية وفضائح الاسلحة الفاسدة ! وبسيادة الولاءات العصبوية دون الوطنية و(فايروس) العصابات الطائفية والمفاهيم الميكافيلية وبالاصابة بداء " الغيبة " الذي تفشى مؤخرا في كل وزارات حكومة الائتلاف الموحد ... وبحصر التعيينات لأغراض توسيع الحاشية ! وبالعشعشة واستخدام السيارات الحكومية للاغراض الشخصية والعائلية.. وباستغلال المسؤولين لمناصبهم وعلاقاتهم وصلاحياتهم المالية والإدارية وما موجود تحت تصرفهم من اموال الدولة لتحقيق المنافع الشخصية بحيث يتحول الضابط من شخص متواضع الامكانيات الى صاحب ثروة ومالك للعقارات والمكائن والسيارات بفضل ما يحصل عليه من اتباع طرق ملتوية وحيل قانونية.... وبالمكافآت الى  المنتسبين او غير المنتسبين بحجة الجهود المبذولة لانجاز عمل ما والتي تحولت الى وسائل لاستعباد الحرس والمرؤوسين ولشراء ذمم المسؤولين في الدولة .
     ان الارهاب ليس فقط عبارة عن سيارة مفخخة او شخص يطلق النار على البشر لكن الارهاب ايضا" هو كل ما يتعارض مع مصلحة المجتمع وامنه وازدهاره"  والأضرار بالمصلحة العامة . الشرطة تبتز الاموال، والحرس الوطني يستعرض عضلاته على ابناء المدن وهو يضع نقاط  تفتيش ليس فيها غير الحجارة وعرقلة الطريق. ليس من واجبات  هؤلاء ان تكون هناك حالات مواجهة بينهم وبين العصابات العشائرية وعصابات الاجرام التي اطلقها  القائد البعرورة من السجون التي كانوا يقبعون فيها بسبب جرائمهم كعمليات السلب والسرقات والتهريب كالشقاوات .... المدن العراقية حزينة وشوارعها مظلمة .. جسورها مقفلة .. شوارعها مقفلة ..الخراب عارم في كل العراق .. أين النظافة وأين الاعمار؟ الشوارع حبلى بالقوات و الحمايات التي لا تعرف سوى أزعاج الناس و التزمير على الصفارات!! و رمي الطلقات لترهيب المواطنين!
•   الجيش العراقي لن يكون محايدا
  كان تاريخ الاستعمار الحديث في العراق والانقلابات العسكرية وطبيعة النظم القمعية والعقوبات الاقتصادية المدمرة وآثار الحروب الكارثية قد فاقمت الانقسامات العرقية والطائفية والعشائرية في البلاد والتي طمست اي دور حقيقي للوحدة الوطنية .. الى ان جاء الاحتلال الاميركي . لا يمكن اعتبار إحتلال العراق  تدخلاً إنسانيا،ً إذ أن النظام العراقي السابق كان يتمتع بدعم مادي ومعنوي، خلال حملاته على دول الجوار والشعب العراقي واستعماله لأسلحة الدمار الشامل المستحصلة من أمريكا و بريطانيا نفسهما. ولا يمكن اعتباره تحريراً لأن التحرير هو نقيض الاحتلال، ومن المعلوم بأن بريطانيا و أمريكا اعترفتا رسمياً حسب قرار مجلس الأمن 1483 بوضعهما القانوني فى العراق كمحتلين. واحتلال العراق لا يمكن أن يكون حملة لنشر الحرية والديمقراطية فى الشرق الأوسط ، لأن الحرية والديمقراطية لا تنشر عن طريق الاحتلال والتعذيب والقتل و الاغتصاب. إذاً فإن الاحتلال الأنجلو- أمريكي للعراق كان عملاً استعمارياً مباشراً، مخططاً له منذ زمن بعيد للاستيلاء على ثروات العراق وفرض الهيمنة الأجنبية على شعبه لأسباب عنصرية. من البديهى أن أمريكا تبذل الآن قصارى جهدها للوصول إلى اتفاقية دولية مع الحكومة العراقية المنتخبة، تمنح بموجبها القوات الأمريكية قواعد لها فى العراق ،أى بمعنى آخر إدامة الاحتلال تحت تسميات أخرى كالتعاون العسكرى بين البلدين أو قوات حفظ السلام مثلا.الشروط التى يجب توفرها فى الاتفاقية العسكرية العراقية- الأمريكية المقبلة بسبب حساسية هذا النوع من الاتفاقيات والأخطار التى يمكن أن تنجم عنها على سيادة العراق وكرامة شعبه يجب أن تطرح مسودتها على الشعب للاستفتاء عليها وبهدف تحديد جدول زمني محدد لخروج القوات الأجنبية من العراق، وليس بقاء هذه القوات حيث أنها تواجه كراهية واسعة من قبل الأكثرية الساحقة للشعب العراقي !. لكن القوى الشريرة ذات المنابع والاصول المختلفة لا تتردد عن ممارسة ابشع النشاطات التخريبية والارهابية، والتي اثبتت بوضوح من خلال عملياتها انها ليست المقاومة التي لها شرف حمل السلاح ضد محتل. ومن المؤكد ان هدفها ليس تحرير البلاد بل على العكس من ذلك، فاعمالها أعطت وتعطى الذريعة للمحتل كي يبقى لفترة أطول، فهؤلاء بأعمالهم يطيلون أمد الاحتلال. ومن يعرف الحقائق عن كثب، يجد إن النظام المقبور كان يتهالك لاسترضاء الأمريكان ويستجديهم بدون ضوابط ولا حدود، فاين وطنية هؤلاء؟. المقاومة الوطنية ليست ذبح مصلين وقتل عمال واغتصاب نساء فهذه العمليات تدخل ضمن المحاولات المحمومة لإعادة النظام المقبور، ولو بصيغة اخرى، وإن لم يتم لهم ذلك، فاستمرار العمليات من اجل إشاعة الفوضى وإرباك الوضع وانعدام الاستقرار، ومن ثم إدامة الاحتلال. وبكلمة اخرى انهم يسعون – عبر  هذه العمليات – للضغط على الولايات المتحدة لإعطائهم دورا ، يفوق حجمهم ، ويتخطى ادوارهم الطبيعية . بقدر تعلق الأمر بالعراق الراهن ، إرهاباً ومقاومةً واحتلالاً – أو سيادة منقوصة – فإن تدليساً متعمداً عن وعي ، أو تشويهاً عن قصور وعي ، بحسن نيّة أو بسوئها – قد أفسد المعنى الإنساني للمقاومة ، فتساوى القاتل والمقتول ، والضحية والجلاد ، والنضال والإرهاب ، والجهاد والخطيئة ، وذلك من خلال إطلاق صفة المقاومة على الأعمال والجرائم الوحشية التي أخلت بالكرامة المتأصلة للإنسان ، وبحقه في الطمأنينة والاستقرار والأمان.
الفواصل كبيرة بين مقاومة الاحتلال بالموقف الموحد المعبر عن الأمل الوطني المأخوذة شرعيته من الشعب نفسه وصولا الى التحرر والسيادة والاستقلال ، ولو بقوة السلاح ، و بين ارتكاب المجازر ضد المؤسسات الدولية و ارتكاب عمليات القتل ضد جموع المواطنين البسطاء من العراقيين المعوزين وفاقدي الأمان. إن ما يقع على الأرض العراقية كل يوم من قتل وبالرصاص وذبح بالسكاكين والسواطير ومن تفخيخ للسيارات مما يؤدي الى قتل العشرات وجرح المئات لهو جريمة كبرى بكل المعايير بل هو أفظع من جريمة . ان عشرات آلاف الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ . . من عمال فقراء وشرطة طيبين ، وموظفين ومصلين – فإن قاتليهم هم ذلك الجمع المسخ من تكفيريين وظلاميين ، ومن خريجي دورات جمهورية الأمن والمخابرات الصدامية.. من يريد رؤية عراق حر كامل الاستقلال ، عليه دعم القوات العراقية المسلحة وشد أزرها ، وليس اغتيال أفرادها والتمثيل بأجسادهم ، مثلما عليه إتاحة الفرصة للسلطة ومساعدتها في إنجاز مشروعها المؤسساتي وجهدها السلمي واختبار المحتل في بقائه أو عدمه . . إذ لا يعقل أن تغادر القوات الأجنبية العراق ، دون وجود قوات وطنية عراقية ، تأخذ على عاتقها مهمة تأمين الاستقرار في وطن مخلع الأبواب . كما ان عمليات القتل التي تمارسها العصابات الاجرامية ضد مراتب القوات المسلحة وخاصة الطيارين والخبراء ، فاقت الحدود واخذت بعدا عشوائياً خطيراً يهدد بزعزعة الاستقرار العام وعدم انتظام العمل، لعدم وجود أي حق يجيز لاي شخص انهاء حياة انسان دون محاكمة عادلة. هؤلاء القتلة يمقتون الحرية ويصادرون حق الانسان في اتخاذ أي موقف او رأي او فكر يلتزم به ويتحدث عنه ويحاولون جر البلد الى حرب اهلية لا تبقي ولا تذر. إن الفوضى والإستهتار قد أضحت من سمات الحياة السياسية، وإذا لم تتحرك الدولة وتقوم بإغلاق مراكز تلك العصابات الطائفية الاجرامية وطردها من مقرات ومراكز الدولة ومؤسسات القوات المسلحة التي تحتلها وتنزع أسلحتها بالكامل وتفرض هيبتها، فقولوا على العراق السلام !... إنها الحقيقة دون رتوش تجميلية أو مجاملات خيالية. إن تلك الجماعات الطائفية المريضة تستهدف علنا البنية العامة للدولة العراقية ومؤسساتها وتعمل بحرية و تمارس ابتزازها وإرهابها بصورة علنية مرعبة ...
    لقد  اختارت الامبريالية الامريكية الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم على قدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي قاوم خططها لنحو نصف قرن منذ ثورة   14 تموز 1958 وقاوم افظع دكتاتورية عرفها التاريخ وما اقترفته من جرائم وحروب وما نجم عنها من حصار اقتصادي وقصف باليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة، فضلا عن ان هيمنتها على ثرواته النفطية تمكنها من فرض هيمنتها على العالم عن طريق الهيمنة على مصادر الطاقة . فالعراق يمتلك ثاني احتياطي العالم من النفط .
    حولت الولاءات دون الوطنية تقاليد القوات المسلحة العراقية التي انبثقت هي من اجلها في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الشعب ، وهي تقاليد الضبط والدقة والانضباط والصرامة واللغة العسكرية والادارة العسكرية، حولتها الى مهازل يجري التندر بها ! .  تقاليد القوات المسلحة العراقية تتقاطع  عكسيا مع الدكتاتورية والشوفينية والعشائرية والطائفية وتعزز من صراع القوات المسلحة العراقية مع الزمن لاكتساب التحديث. وترسخ الولاءات دون الوطنية اليوم من العقلية العسكرية العراقية التي كانت سائدة في عهد صدام والتي اتسمت بالحماقات والجهل المطبق والاستعراض البهلواني العدواني لأنها نزعة نخب عصبوية رجعية . يتعين على العراقيين ، التصدي للإرهابيين ، وفي نفس الوقت ، دعم القوات المسلحة العراقية ومكافحة استحواذ الهويات الفرعية عليها ،  وصولاً إلى الهدف المنشود في ولادة العراق الجديد ، عراق التكافل الاجتماعي والوئام – وإلاّ - ، فإن المقابر ستبقى تتسع ، ولم يعد ثمة في الجسد العراقي ، من موضع لجراح جديدة. . ان المعلوماتية الحديثة تشكل خطرا هائلا اذا لم تكن تحت اشراف اناس يمتلكون الضمير والثقافة والمسؤولية . ويبدو ان  العقلية العسكرية العراقية تحمل اليوم مثلما حملتها بالامس بذرة فناءها بحكم جهل اركانها التي تدير ظهرها لمستلزمات الأمن والأمن الاستراتيجي وتحديثهما بما يتلائم مع التطورات العاصفة في العالم وبحكم الحنين والميل الى التجليات التقليدية للسلطة كالزعامة والوجاهة والاولوية وترك هامش امكانية ظهور السلطات الاستبدادية لممارسة القمع ضمن الشرعية ... والبديل هو ارجاع العسكر الى الثكنات ، والتصفية الفورية للميليشيات – العصابات ، واحياء التقاليد الثورية  والارتباط المصيري  بحركة الشعب الوطنية التحررية فالجيش لا يمكن ولم يكن في يوم من الايام ولن يكون محايدا .

 
اعتمد الكاتب في دراسته على دراسات الانترنيت . وللاستفادة الاكبر يمكن مراجعة دراساتنا التالية في موقع الحوار المتمدن والمواقع الالكترونية الاخرى:
•   المعلوماتية والحرب والجيش في العراق
•   ملحمة 14 تموز بين التأسيس المدني والعقلية العسكرية
•   إرهاب الدولة والإرهاب الدولي
•   عشائرية ، طائفية ، فساد ، ارهاب في حقبة العولمة!
•   المعلوماتية المعاصرة والحرب
•   الحرب سلام السادة ورغيف من طين

 

262
 منذ 31 اذار والشخصية الديمقراطية العراقية ، السيد شاكر الدجيلي مجهول المصير. لنقف جميعا بالضد من هذه الجرائم والأفعال البوليسية المشينة التي ترتكبها الحكومة السورية بشكل مستمر بحق مواطنيها ومواطني بلدان أخرى مثل العراق ولبنان دون شعور بالمسؤولية القانونية والأخلاقية، وباعتداء وخرق فاضح وعلني لجميع المواثيق والمعاهدات الدولية.ولندين جرائم البعث الفاشي بفرعيه السوري والعراقي واللذين خرجا من صلب ذات المستنقع النتن ومارسا نفس السياسات المجرمة وبذات الأفكار السادية الوحشية المليئة بالحقد والكره للطبائع البشرية السوية ولكل ما هو حضاري وإنساني. فمثلما اختفت آثار جريمة اغتيال القائد الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو في سوريا عام 1959، اختفت اثار القائد الشيوعي العراقي شاكر الدجيلي في سوريا في 31/3/2005. في زمن فرج الله الحلو كان ضابط مخابرات سوري اسمه عبدالحميد السراج، يحكم سوريا باسم الوحدة العربية، وبروح تلك الوحدة اخضع فرج الله الحلو للتعذيب بعد اختطافه وقتله بعد ساعات، ولكي يخفي آثار الجريمة قام بإذابة جثته بالآسيد. لكن سقوط وحدة المخابرات فيما بعد اماط اللثام عن جريمة اغتيال فرج الله الحلو وجرائم اغتيال مئات المناضلين العرب والكرد المدافعين عن حقوق الانسان على ايدي المخابرات آنذاك في عهد السراج. اما في الزمن الحالي، فإن الدكتور شاكر الدجيلي لم يكن يدرك ان الكثير من الامور ما زالت على حالها.  في قصيدته " فرج الله الحلو والجستابو " كتب نجيب سرور عام 1962  :

نحن نعلم
نحن ياهتلر ... يافرعون ... نعلم
ان اطلال القبور ...
ستغطى  ذات يوم  بالسنابل
وسينسى الناس احزان القرون
وسينسون السلاسل
والمقاصل
والمنافي والسجون
وستكسى الارض يوما بالزهور
وستأسو الفرحه الكبرى
جروحا في الصدور
فرحة النصر ... اذا جاء الربيع
نحن اذ نحيا ... فمن اجل الربيع
واذا متنا ... فمن اجل الربيع
نحن حبات البذار
حكمة التاريخ ان يغتال هتلر
الف حبة
قبل ان يسقط هتلر
قبل ان نضحك ... والتاريخ يضحك
 
    يكرر بشار الاسد وعود الإصلاح على مسمع الشعب السوري .. وهي وعود لا تتضمن بالطبع غلق الواجهات التي تسئ لسمعة سوريا وللعلاقات مع العراق ، ولا تتضمن طرد مرتزقة صدام حسين من الاراضي السورية ،  ولا تتضمن الكف عن لعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته ... وتنطلق وعود إصلاح الاسد الابن من شراء ذمم الجميع لطمس معالم ملف حقوق الانسان  الذي يعتبره النظام السوري من الملفات القاتلة في مصيره!  .. وبالطبع  ملف الدكتور الشجاع  شاكر الدجيلي الذي يؤرق ويقلق زبانية ومخانيث عصابات البعث السوري والعراقي ويتلاعب باعصابهم المتعبة اساسا ليذوقهم  الامرين .  اننا نستصرخ الضمائر الحية من العراقيين كتابا وصحفيين ومواقع عراقية ومنظمات ديمقراطية وحقوقية لتبني قضية اختفاء المواطن العراقي السيد شاكر الدجيلي وتذكير الرأي العام العراقي والعربي وبالاخص السوري بضرورة الكشف عن مصيره والعمل على أطلاق سراحه.

263
اكتوبر والحروب العادلة والشيوعية!


سلام أبراهيم كبة


 لا تشكل الحروب نقيضا لأسس الملكية الخاصة بل هي النتيجة المباشرة الحتمية لتطور تلك الاسس . وتمد الحروب جذورها في الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ، وهي ظاهرة طبيعية وحتمية في جميع المجتمعات المنطوية على التناقضات والقائمة على نظام الملكية الخاصة ! ... انها ظاهرة طبيعية وحتمية لجميع الاشكال الاجتماعية للمجتمع الطبقي !..هي استمرار للسياسة بوسائل عنفية . الحرب العادلة تفرضها الطبقات الرجعية على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي وتخاض في سبيل تحرير الشعوب من الاستبداد الداخلي او الاحتلال والاضطهاد الاجنبي لتوكيد الحرية السياسية التي تنتزع ولا  تهبط من السماء على طالبيها ! .. الحرب غير العادلة تتجسد في الارتدادات المتوقعة والنشاطات الرجعية والارهابية التي تعرقل تقدم المجتمع او البشرية والدفاع عن القديم البالي ضد الجديد الناشئ الثوري ليدفع الشعب او الشعوب ثمنها من دماءها الغالية وتتحمل اعباءها المادية الغالية ! 
الحروب الامبريالية – حروب غير عادلة .. 
الحربان العالميتان البربريتان.. الهلوسة النازية... سباق التسلح النووي ... الدكتاتوريات الفاشية والشمولية... جنون حربي الخليج ... هيروشيما والرعب النووي ... الخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم ... الانفاليات الصدامية ... الحروب الأهلية في أوربا ... حروب الابادة الاميركية ضد شعوب فييتنام وكمبوديا ولاوس ... الاحتلال الاميركي للعراق ... الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة كالحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة في المحطات النووية وآثار استخدامات اليورانيوم المنضب DU ... الخ... جميعها - حروب غير عادلة ..  !
التحريم والتكفير والاتهام بالهرطقة والقمع السياسي وازدياد الاعمال الارهابية والاغتيالات ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشاريع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول ! الالحاح على الولاء لولاية الفقيه واشاعة المحافظة في الحياة السياسية ورفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت ! نشاط الاصوليات الرجعية المتطرفة التي تؤمن بالقتل والتدمير تحت حجة الجهاد في سبيل الله ، ولا تتورع في قتل الادباء والاطباء والمهندسين والمفكرين والضباط والصحفيين .... الاطفال والشيوخ والنساء ورجال الدين والابرياء ، وتستخدم الانترنيت والتكنولوجيا المتقدمة والسلاح وتمتلك المصادر التمويلية الغنية والانفاق السخي والخبرة الاعلانية ، وتهيمن عرفيا في مناطقها الجغرافية.. كل ذلك يصب في نطاق الحروب غير العادلة ..  !
تبرر السفسطة ( سوفستيك ) الحروب غير العادلة وتزوير الحروب الى حروب عادلة !وانكار الطابع الامبريالي الكوسموبوليتي والرجعي اللاهوتي لها .. وهي سلاح الارتداد الماركسي على الاسلوب المادي الجدلي بتحويله الى مجرد نسبية وسفسطائية ! هكذا تبرر السفسطة زج الشعب في الحروب والحراكات المسلحة بالعبارات الرخيصة الجوفاء المستعلية ! وتحول الاسود الى ابيض والعدوان الى دفاع ، وتحاول انكار الحقائق الموضوعية بتشبثها بنسبية معارفنا كنسبية ذاتية تموه فيها عن الحقائق التاريخية ! . وتستند السفسطة على المبالغة والاطلاق والنظرة الميتافيزيقية المقلوبة اي تقديس الحركة والتغير الدائمين واختلاقهما ! بدل السكون المطلق للتمويه والتضليل ولمسخ الجدل المادي والغاء جميع الحدود في الظواهر الموضوعية وبين المفاهيم ، وافساح المجال لكل انواع البهلوانية في تحديد المفاهيم ولتخلط بلامعقولية العلائق الجوهرية بغير الجوهرية وليجر الخلط الذاتي اللامنطقي لجميع  المفاهيم. تختار السفسطة اللحظات والجوانب والمراحل المنعزلة من الحرب لفصلها عن السياق التاريخي الحسي  ، وتأتي بالبراهين التي اساسها الفصل الكيفي للجوانب المنعزلة من الحرب عن السياق المركب ، ثم تتحفنا بالمقارنات الشكلية بين النماذج باسلوب تعسفي ! وتقوم بالخلط بين المفاهيم ومسخها الى اضدادها او مجرد اللعب الكيفي بالمفاهيم الفارغة وتطبيق القياسات الشكلية على قضايا غير قابلة للمقايسة ! وتبرر السفسطة المفاهيمية الحروب الامبريالية وجدوى الدكتاتوريات الفاشية والشمولية والارهاب بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب والدعوة للتحضير للحروب الجديدة ولأعمال شق الصف الوطني !
يقترن شهر اكتوبر بالحدث التاريخي الكبير.. حرب اكتوبر الوطنية التحررية . ففي 6/10/1973 عبرت القوات المصرية خط بارليف الى شبه جزيرة سيناء لتحطم بذلك الاسطورة الصهيونية في شعب الله المختار والتفوق الاسرائيلي وخلود الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية . وجاءت حرب اكتوبر العادلة ردا على العدوان الاسرائيلي في حزيران 1967 الذي ابتلع الاراضي المصرية والسورية والفلسطينية والاردنية معا في غفلة من الزمن الردئ. يقول دافيد بن غوريون " ان الصهيونية والشيوعية كالماء والنار ... احدهما ينفي الآخر !".
   يقترن شهر اكتوبر بالحدث التاريخي الكبير ايضا .. على النطاق العالمي هذه المرة  ... ثورة اكتوبر الاشتراكية ! .. اكتوبر 1917 ثورة شعبية اشترطت المسار الموضوعي الكامل للتطور الاجتماعي لأنها مهدت لبناء اكبر دولة اشتراكية في التاريخ. ولا يتجرأ حتى ألد أعداء الاشتراكية على نكران تأثير ثورة اكتوبر الاشتراكية الكبير على مصير الانسانية بعد ان أيقظت الملايين من الناس والشعوب في العالم لخوض النضال النشيط في سبيل التقدم والعدالة الاجتماعية!. قضت ثورة فبراير (شباط) على القيصرية ومهدت السبيل للتطور الديمقراطي والاجتماعي في روسيا... الا انها أججت التناقضات الاجتماعية والقومية الحادة. وظل الكادحون يقدمون قرابين على جبهات الحرب العالمية الاولى في سبيل المصالح الخاصة والرأسمال الكبير ، وسادت الفوضى وتفشت البطالة . وحتى حزيران عام 1917 اغلقت (568) مؤسسة ابوابها في روسيا وتدهور المستوى المعيشي للمواطنين وانخفض عموم مستوى الحياة الاجتمااقتصادية . ولم تحل مسالة الارض والاقطاعيات الكبيرة! ودخلت روسيا في ازمة متجددة على قاعدة من التناقضات الاجتماعية والقومية.
ثورة اكتوبر حرب فجرها عمال المراكز الصناعية ضد الرأسمال الروسي الكبير، والارهاب هو شرك وفخ الرأسمال الكبير والاجنبي للتحولات الديمقراطية!...ثورة اكتوبر حرب عادلة فرضتها الطبقات الرجعية في روسيا على الطبقات ذات المصلحة في التقدم الاجتماعي بعدما قررت الثورة المضادة خنق التطلعات الاجتماعية والسياسية للكادحين والعمال والفلاحين والبحارة والجنود واصحاب المهن البسيطة وصغار الموظفين بالقوة العسكرية فلم يكن امامها من سبيل سوى الانتفاضة المسلحة ! لم تكن ثورة اكتوبر الغلطة التاريخية بل الضرورة الموضوعية ، ولم يلعب لينين بحنكة في العقول المتخلفة للناس او يوظف الدعاية البلشفية للتحكم بجهل الكادحين لأنه ادرك موضوعية الاحداث بعقلانيــة وبصيرة ثاقبة وعلمانية غير مهادنة واهمية الزمن لانه سيف ذو حدين !... الشيوعيون اعداء الارهاب ... الشيوعيون بارعون زمن السلم والحرب... الشيوعيون قادة وتلامذة فن الانتفاضة المسلحة !.
  الشيوعيون اعداء الارهاب والحرب الامبريالية  ... لا يعرفون التردد وانصار ثابتون للمجتمعات المدنية دعموا استيلاء السوفييتات على السلطة بالطريق السلمي المدني في ثورة اكتوبر المجيدة 1917. وعندما قررت الثورة المضادة خنقهم بالقوة العسكرية لم يكن امامهم من سبيل سوى الانتفاضة المسلحة ! وتركز عمل الشيوعيين آنذاك على اعتقال المناوئين لوقف اعمالهم الضارة وعزلهم عن المجتمع في محاكمات عادلة علنية . ومع ذلك تصاعد الارهاب بالاعدامات الجماعية لخيرة المناضلين وبوحشية من قبل الحرس الابيض والاغتيالات ضد قادة البلاشفة ..... ولم يسلم منها حتى (لينين) نفسه . ولم يخلو النشاط الشيوعي في حينه من شحنات سلبية ايضا أساءت إلى سمعة البلاشفة وابعدت قسم من الناس عن الثورة.
   جاء تفكك الاتحاد السوفيتي ونهوض المشاعر القومية العدائية نتيجة حتمية للثورة الديمقراطية البرجوازية المضادة بقواها من بيروقراطية حزبية ، وبورجوازية ظل، ورأسمال كبير اجنبي ... الا إن راية التجديد الاصيل لا زال شعار الشيوعيون الروس وكل القوى والحركات والاحزاب الماركسية واللينينية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق! ... عاملت البيروقراطية في الاتحاد السوفيتي السابق منذ عشرات السنين القطاع العام و معامل الدولة كمزرعة خاصة واستغلت الشغيلة لتنفيذ مصالحها ! وكانت خصخصة غورباتشوف قوننة للاوضاع الفعلية المستمرة منذ سنوات طويلة للدفاع عن البرقرطة في الظروف التاريخية الجديدة ! لقد تقاسمت البيروقراطية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق مع خصومها الرئيسيين من بورجوازية ظل، ورأسمال كبير اجنبي كعكة الامتيازات والنفوذ ولجم سخط جماهير الشغيلة . وساعدت الخصخصة  على تمزق النقابات وترسيخ تكتيكاتها الانتهازية في سبيل الحفاظ على الامتيازات القديمة واستحصال امتيازات جديدة ! وفسر الشيوعيون الخصخصة على انها تثبيت لموقع الكنيسة الكاثوليكية المهيمن في مجالات الحياة الاجتماعية ! ويلاحظ  وجود العلائق الوشيجة بين الشركات الاستشارية والجهات الحكومية ذات العلاقة والادارات المؤسسة للمخاضات الخصخصية .
   من دروب معاداة الماركسية والشيوعية اشاعة انتفاء الحاجة للنضال الطبقي ومحاولة تزييف الجوهر الطبقي للعمليات التي تأخذ مجراها في العالم ! وبذر مشاعر اليأس والعبثية ازاء الجهد الاجتماعي النشيط في النضال ضد الاحتكار والعولمة الرأسمالية ! ان هدف السياسة الاجتماعية لرأسمالية الدولة الاحتكارية هو تهدئة المستائين وحدة التناقضات الاجتماعية والتستر على المغزى الطبقي الحقيقي لها الا وهو المحافظة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وعلاقات استغلال الانسان للانسان !وتكريس الفقر والعوز وتوسيع جيل المنسيين المنبوذين بينما تعيش نخب الله المختارة ورجال الاعمال على حساب صحة وحياة المواطنين . لقد عملت المخابرات الاميركية والغربية على تصوير السوفييت بشكل كاريكاتيري مزر تهليلا للكوسموبوليتية التي تتصف بها الجماعات المعادية للتطور الاجتماعي – الاقتصادي المستقل !.. علينا تجاوز السخف الذي يشوه التاريخ الوطني البطولي لشعوب الاتحاد السوفيتي السابق .
 مجدا لأكتوبر والحروب العادلة التي تخللته !
[/b]

264
 
  قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان نسف حلم قيام نظام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي الذي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين ، ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع ، وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والظلامي المتخلف ... يعكس هذا القرار جوهر أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية الذي يعارض المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم ويلح على الولاء لولاية الفقيه وجهابذة المرجعيات الشيعية وحوزاتها ويشيع المحافظة في الحياة السياسية ويرفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت ... الطائفية الشيعية تتخوف من العلمنة وحقوق الانسان والمواثيق الدولية لأنها غير شيعية ، وبذلك تخسر هذه العصابات الطائفية مصداقيتها في  اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة ومابعد الحداثة ... وهي تبرر فعلتها بحجج رددتها الدكتاتورية الصدامية في ان نصوص الشرعية الدولية لحقوق الانسان لا تتفق مع الظروف الوطنية والشريعة الاسلامية و"علوية" الدستور العراقي الوطني  على الاتفاقيات الدولية ... وهي المسوغات نفسها التي ساقها الرجعيون في مؤتمر فيينا عام 1993 لحقوق الانسان وحاولوا عبثا وقف المسيرة الانسانية الا انهم اصطدموا بارادة بشرية موحدة من كل الاديان والاتجاهات ومن الاسـلاميين المتنورين الحقيقيين حيث كانت الاغلبية الساحقة مع قرار الشرعية الدولية الملزم وطنيا كما هو دوليا وانه لا يتعارض مع المصالح الوطنية ولا مع غيرها. جاء في الاعلان النهائي لمؤتمر فيينا لحقوق الانسان عام 1993 : " جميع حقوق الانسان عالمية غير قابلة للتجزئة ويتوقف كل منها على الآخر ويرتبط به ".
   الشهرستاني يتنكر لدرجته ومكانته العلمية وتاريخه السياسي والمهني ب"علوية" الدستور العراقي الوطني  على الاتفاقيات الدولية ، وشتان بينه وبين عالم الذرة الشهير البروفيسور جوليو كوري الذي ساهم بفعالية في تأسيس  حركة السلم العالمية ، بينه وبين العالم البروفيسور عبد الجبار عبد الله اول رئيس لجامعة بغداد بعد ثورة تموز المجيدة 1958 .. ، بينه وبين العالم البروفيسور محمد عبد اللطيف المطلب .. الشهرستاني يتنكر لوحدانية العلم وانسانيته باصراره العيش في عقلية القرون الوسطى وما يسمى بالقانون الاسلامي ، شريعة وفقه واجتهاد وخزعبلات ، ومحاولة ارجاع العراق القهقرى بدستور على مقاساتها لتتحول الجمعية الوطنية الى الجمعية اللاوطنية ولتتحقق ما لم يتمكن منه صدام حسين وجرذانه بالقوة .. بل هذه المرة على يد ممثليه الجدد والمتجددين مادام الشعب العراقي يصر على الوطن الحر واللقمة الشريفة والحياة الهانئة السعيدة !
الشرعية الدولية لحقوق الانسان – مرجعية المرجعيات لا تحتاج الى الاموال ولا الميليشيات – العصابات المسلحة القروسطية او الادعاءات بالوكالة من السماء او بالمهدي المنتظر والاطلاقات الدينية والمكابرة بغباء ... بل الى الثقافة السياسية الجديدة والوعي الجديد بدولة القانون ونموذج الدولة الحديثة. وليس للمجتمع او للدولة او للسلطات الدينية او لأي قوة ذات تأثير ونفوذ الادعاء انها صاحبة الحق او الفضل بمنح حقوق الانسان للافراد لأنها حقوق لا تعطى ولا تمنح ولا توهب من احد بل يكشف عنها في الدساتير والعهود والمواثيق والاعلانات . ولا تعني حقوق الانسان تحريره من الاضطهاد السياسي والاجتماعي والديني والعرقي ... فقط بل منحه الحق في حرية التعبير والانتماء السياسي والفكري والآيديولوجي والديني والمذهبي وتحريره من الفقر والفاقة والجهل والمرض .. حقوق الانسان والديمقراطية وجهان لعملة واحدة ! وتعني ثقافة حقوق الانسان بالوعي العام المقاوم للظلم وحماية شرعية حقوق الانسان .وتصطدم هذه الثقافة بزيف ادعاءات الرأسمال الكبير كونه حامي حمى الديمقراطية وحقوق الانسان بتحويله لهما الى حفلات تنكرية في سبيل تحقيق مصالحه ومطامعه !     
 حقوق الانسان في الفكر الانساني الحديث هو انتقال مهم في الموقف من العالم وزاوية النظر اليه .. انتقال وضع مفهوم الانسان في مركز الصدارة والاهتمام بدل مفهوم الرب لينتقل مركز التفكير البشري من السماء الى الارض . واقرت الجمعية الوطنية الفرنسية " اعلان حقوق الانسان والمواطن " في آب سنة 1789 وتلخصت في حق الحرية وتفرعاتها مثل حرية المواطن والصحافة والانتخاب والتعبير عن الرأي ... الخ.ورفع هذا الاعلان حق الملكية الى منزلة المتراس للحرية ، والمستمتع بهذا الحق لا يكون مفتقرا الى الآخرين ولا الى مساعدة الدولة ويصبح حرا . وكتب اديب اسحق عام 1871 مقالة في جريدة التقدم بعنوان " في الحقوق والواجبات الطبيعية "جاء فيها : " حقوق الانسان هي احكام الشرائع الطبيعية النافذة في النوع الانساني المستقلة والمنفصلة عن كل شريعة دينية وكل سياسة مدنية ". وتطرق احمد لطفي السيد عام 1913 في مقالة " حقوق الكافة وسلطة التشريع "في صحيفة الجريدة الى حرية التعليم ، حرية القضاء ، حرية الصحافة ، حرية الخطاب ، حرية الاجتماع ...وكتب عن حقوق الانسان والشعوب وحرياتها  فرانسيس مراش ، ولي الدين يكن ، امين الريحاني ، عبد الرحمن الكواكبي ، سلامة موسى ،جرجي زيدان ، ناظم الداغستاني ، خليل سعادة ،فرح انطوان .. وآخرون. 
    وتتكون الشرعية الدولية لحقوق الإنسان من:
1.   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الامم المتحدة في 10/12/1948 ويضم (30) مادة.
2.   العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبرتوكول الاختياري الملحق به الذي بدأ نفاذه بتاريخ 16/12/1966.
3.   العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حسبما ورد في قرار (2200) عام 1966 (الامم المتحدة).
4.   الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري قرار (2106) عام 1965 عن الامم المتحدة .
5.    الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها قرار (3068) عام 1973 عن الامم المتحدة.
6.   اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة قرار (24/180)عام 1979.
7.   اتفاقية مناهضة التعذيب وضروب المعاملة القاسية عام 1984.
8.   اتفاقية حقوق الطفل عام 1989.
   من دون احترام حقوق الإنسان وإقرار مشروعيتها التي حددتها المواثيق واللوائح الدولية فان النظام السياسي القائم يفقد أسباب تواجده. وهي كالمجتمع المدني ليست أفكار دخيلة على العراقيين عربا وكردا وأقليات ، ولا هي بقصائد شعر موسمية.. وهي كالحرية ليست بمائدة تهبط من السماء على طالبيها .. بل تتطلب النيات الحسنة والتواضع والمصداقية والعمل الجدي وتضامن جميع القطاعات التي تنشد السلام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمدنية... وتبقى القيم البالية لاسيما العشائرية او القبلية والطائفية منها معرقلة لتأسيس أرضية صالحة لقيام المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان.
    حقوق الإنسان مبدأ إنساني عام وثمرة نضالات تاريخية للبشرية . والعبرة ليس فيما تطرحه الدساتير واللوائح والوثائق الحقوقية والسياسية بل في التطبيق وخلق الانسجام المتكامل بين الحرية الفردية والأمن العام . وحياة الأمن والطمأنينة هي ضمانة الحقوق الإنسانية فالأمن حق في الحياة المعقولة حيث يرتهن أمن الفرد بأمن الجماعة ، ويعتمد التمتع الخاص بالحق على التمتع العام به والعكس صحيح أيضا . فالحرية والأمان ينتميان الى مصدر واحد... والبلد والسلطات الحرة أكثر أمنا من البلاد والسلطات غير الحرة. وبانتهاك حقوق الإنسان تتجه البشرية الى الهمجية وتصبح الحضارة أداة لهمجية معصرنة!.
   قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان تعني الضوء الاخضر للتساهل مع التمردات المسلحة ، ومع العصابات ، ومع جهلة البعث . وتعني الضوء الاخضر لمسلسل الجرائم الدموية والمهازل الظلامية ومحاكم التفتيش القاعدية والصدرية والغدرية والعبث بمقدرات أبناء شعبنا. لا مجال لمقايضة الجهود الفعالة لمكافحة الإرهاب وحماية حقوق الإنسان. ان حقوق الإنسان تشكل، مع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، أحد أفضل السبل التي تضمن الحماية من الإرهاب.
قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور التي تنص علي الاعتراف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان تعبير عن الهوس الدائم بخنق حرية المرأة ووضعها خلف الحجاب وتسليط الهيمنة عليها في البيت والعمل والجامعة والشارع وفي كل مكان... والهوس الشاذ بالتلذذ في رؤية الاطفال في المناسبات الاسلامية والشيعية وهم يجبرون على حمل الخناجر ويجرحون رؤوسهم بالامواس لتسيل منها الدماء وتلك المناظر السادية التي تفرض على طفولتهم المنتهكة وصفهم بطوابير طويلة وهم يؤدون  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها ارضاءا لآيات الله العظمى والصغرى  . قرار الجمعية الوطنية بالغاء المادة 44 من مسودة الدستور دعوة صارخة لأشاعة الولاءات اللاوطنية والارتزاق الماورائي والتشدد الغلوائي والاصولية الرجعية والجاهلية والفساد .
    "علوية" الدستور العراقي الوطني  على الاتفاقيات الدولية ابتكار ادلجة اكاديمي عنصري الطابع والمضمون للشهرستاني البروفيسور . وتتيح المدرسة الشهرستانية كمنهج وقالب واحكام مذهبية وفق النموذج الشمولي الجديد محاصرة الفكر وتقييد حريته وتضيق الخناق على الابداع والعقيدة لتتسمم الحياة الروحية للشعب وتتشوه نفسية المواطن وليشاع الاغتراب في المجتمع . وتشيع الهرطقة الشهرستانية عبادة الطغاة وتمجيدهم بالصور والاناشيد والاعلام ، وتعطل اجتهاد وعلم اجيال كاملة من المفكرين والعلماء فتعتبرهم جهلة عقيمين ، وتلحق افدح الاضرار بالسياسة والعلم والعقل  .

265

  أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة  في 7 أيلول 2001 القرار المرقم 282/ 55  ،واعتبار 21 ايلول من كل عام ، يوما عالميا للسلام او يوم السلام العالمي ... لم يكن ذلك بمعزل عن ضغط الرأي العام الدولي وشعوب المعمورة التي اختبرت الحربين العالميتين البربريتين.. الهلوسة النازية... سباق التسلح النووي ... الدكتاتوريات الفاشية والشمولية... جنون حربي الخليج ... هيروشيما والرعب النووي ... الخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم ... الانفاليات الصدامية ... الحروب الأهلية في أوربا ... حروب الابادة الاميركية ضد شعوب فييتنام وكمبوديا ولاوس ... الاحتلال الاميركي للعراق ... الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة كالحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة في المحطات النووية وآثار استخدامات اليورانيوم المنضب DU ... الخ. ولم يكن ذلك ايضا بمعزل عن ضغط الحركات  الأجتماعية  المعادية للتكنوقراطية وقاعدتها الاجتماعية: الحركات المعادية لنشر السلاح النووي، الحركات المناضلة من أجل البيئة والمدافعة عن سلامة الطبيعة والتوازن البيئي، الحركات الأجتماعية النسائية التقدمية.. كما لم يكن ذلك بمعزل عن كفاح مجلس السلم العالمي الذي صادف يوم 2/9 من هذه السنة الذكرى الخامسة والخمسون لتأسيسه والكفاح البطولي لعموم المنظمات الديمقراطية العالمية وبالاخص اتحاد الشبيبة الديمقراطية العالمي واتحاد الطلبة العالمي واتحاد النساء الديمقراطي العالمي واتحاد نقابات العمال العالمي  ...
•   حركة السلم على حقيقتها
   انطلقت صيحة السلام في المؤتمر الذي دعا له اتحاد النساء الديمقراطي العالمي في مدينة فراكلو في بولونيا ، وهي مدينة مسحتها الغارات الجوية مسحا في الحرب العالمية الثانية ..، وتألفت لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر للسلم برئاسة عالم الذرة الشهير البروفيسور جوليو كوري دعت الى مؤتمر يعقد في باريس عام 1949 . تغير مكان الاجتماع لينعقد في براغ من قبل وفود الشرق ! هكذا انعقد المؤتمر في مدينتين في آن واحد ! ودعت اللجنة الى عقد مؤتمر ثان في شفيلد بانكلترة .. وقد عرقلت ذلك الحكومة البريطانية مما حمل الوفود على ان تجتمع في وارشو عام 1950 .. في هذا المؤتمر انبثق مجلس السلم العالمي . 
   حركة السلم هي حركة جميع الناس الذين يريدون السلام وصفوف الشعب المتراصة التي يجمعها هدف واحد مشترك هو العمل من اجل السلام ... وهي الجهد الجماعي المشترك الموحد والحد الأدنى من الانسجام بالعمل والشعور بالمسوؤلية التي يمليها شرف المساهمة في هذه الحركة النبيلة ! وتستند حركة السلم على الفعاليات الديمقراطية الطوعية الاختيارية والمبادرات المفيدة الأيجابية ، حيث ليس للعضو فيها فضيلة على نصير آخر الا بالجهود التي يبذلها في خدمة السلم ، وتمثل مواثيق حقوق الانسان وعهودها جوهر عمل الحركة التي تهتم بحقوق الناس بقدر ما يتصل بعملها من اجل السلم ! . 
حركة السلم في العراق او مجلس السلم والتضامن مؤسسة جماهيرية مستقلة غير حكومية N.G.O. تسترشد في عملها وفق توجيهات  مجلس السلم العالمي بضرورات النضال الوطني التحرري الديمقراطي الذي يخدم السلم ، وامكانية تعايش الانظمة الاجتماعية المختلفة في علائق التعاون السلمي لأمد طويل ! ، وتأييد الحكومات في سياساتها التي تخدم السلام واجراءاتها في حل النزاعات بالطرق السلمية !، ودرء خطر الحروب . تأسست حركة انصارالسلم في العراق مطلع خمسينيات القرن العشرين وكانت باكورتها اللجنة التحضيرية لأنصار السلام تموز 1950 ، وقامت وزارة الداخلية عام 1951 بحظر نشاط جمعية انصار السلام واعتقلت محمد صالح بحر العلوم بحجة عدم اجازتها ، وتشكلت لجنة السلم الوطنية عام 1953 .عقدت حركة السلم مؤتمرها الوطني الاول في 22،23 /7/ 1954 في بغداد في دار احمد جعفر الجلبي ولتتعرض لملاحقة السلطات الملكية . وعقد انصار السلام المؤتمر الثاني في بغداد يومي 16 ، 17 /4/1959 برعاية الزعيم عبد الكريم قاسم ..  واصبحت حركة السلم العراقية غير شرعية منذ انقلاب رمضان الاسود 1963 ،ليجري بعثها مجددا اواخر الستينيات ليتغير الاسم من مجلس السلم الوطني الى المجلس الوطني للسلم والتضامن .. ولتجري بعثنته واستحواذ رموز الاجرام البعثي على قيادته في الربع الاخير من القرن المنصرم... واعاد المجلس الوطني للسلم والتضامن تنظيم صفوفه بعد التاسع من نيسان وليحيي الكفاح الدوؤب سبيل الوطن المعافى الحر والشعب الآمن السعيد !
لعب اليسار العراقي الدور المتميز في تأسيس  حركة السلم العالمية ( اجتماعات وارشو ) . وقد وقع على نداء استوكهولم الجواهري ، الماشطة ، كوران ، بحر العلوم .. يوسف اسماعيل ، عزيز شريف ، توفيق منير .. ويعتبر هذا النداء البيان الاول للتأسيس ! وشمل الحكم الملكي  حركة السلم  في العراق بالمادة 89آ التي تحكم بالاعدام على اعضاءها .. وساهمت الحركة بفعالية في نشاطات مجلس السلم العالمي ومنظمة التضامن الآفروآسيوي.
تعمل حركة السلم في العراق لأنقاذ الشعب العراقي من الدعايات المعادية المضللة وانارة طريق العمل وتعبئة القوى الاجتماعية في كل مكان عبر خطوات مدروسة عملية ! وهي تعمل على الغاء المعاهدات الاسترقاقية الاستعمارية واجلاء القوات الاجنبية عن العراق ، والتخلص من القواعد العسكرية الاجنبية ورفض المشاركة في الاحلاف العسكرية العدوانية ، ورفض التدخل الاجنبي في الشأن الداخلي العراقي وتعطيل نشاط اجهزة المخابرات الاجنبية على الاراضي العراقية ، وقطع الموارد النفطية عن جهاز الحرب الاستعماري ، وتحرير الاقتصاد الوطني والسياسة الوطنية من النفوذ والهيمنة الاجنبية ، ومقاومة سياسة ارهاب الدولة والارهاب الدولي ، والمطالبة بالحريات الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وتعزيز التضامن بين الشعوب ،والتحقيق في جرائم الاستعمار والامبريالية وتقديم مجرمي الحروب الى المحاكم ، التضامن مع الشعوب العربية في النضال ضد الاستعمار والصهيونية ، والمطالبة بحكومة وطنية تخدم النظام الفيدرالي التعددي البرلماني والمؤسساتية المدنية والسلم والاستقلال الوطني الناجز  .
•   ثقافة السلام في العراق   
     ثقافة السلام او قيم السلام فعل تراكمي من البناء المادي والمعنوي وخلاصة الوعي بالحقوق والحريات وتطور الإنسانية. وشرط بناء ثقافة السلم وجوب التعاون بين الشعوب والمصالحة الوطنية في البلد المعني ، وهذا يتطلب إرساء المؤسساتية المدنية والاعتراف بالآخر هوية وطنية مستقلة وكيانا ثقافيا متميزا ووجودا كاملا. بالطبع ليس هناك ثقافة بالمعنى اللغوي للكلمة تسمي (ثقافة السلام) بل هناك ثقافات مسالمة وأخرى معادية. ثقافات تحمل قيم التسامح والعدل والسلام وأخرى تحمل العنصرية والعداء. أما ثقافة السلام فهي دعوة إنسانية تعبر عن توجهات سياسية واستراتيجية املتها المصالح في إطار ما نطلق عليه العولمة (Globalization ) والكوننة (Modialization ) أكثر من كونها صحوة ضمير ودعوة حقة للسلام الحقيقي العادل. وعليه يبقى بناء ثقافة السلام في ظل غياب الإرادة الخيرة اليوم يثير الشك والتساؤلات!.
   لا يتحقق السلام مع تهميش التعددية السياسية والاجتما - اقتصادية والثقافية ومع إلغاء الأخر الخالق للإبداع ومع المحاصصة الطائفية والقومية. لا يتحقق السلام مع المحاكم القروسطية للجاهلية المتأسلمة والمتشيعة  وفتاوي التكفير والحسبة و هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . لا يتحقق السلام مع انتعاش الولاءات العصبوية اللاوطنية كالعشائرية والطائفية والعصابات الارهابية والشلل الفاسدة الغوغائية والمناطقية . لا يتحقق السلام مع سوء الادارة الحكومية وتهاوي الخدمات العامة .لا يتحقق السلام في ظل اتساع ساحات الفقر والعوز والمرض والأمية والتشرد وتزايد الثراء.. وتسرع العولمة الرأسمالية هذه الاستقطابات لانفجارات لا محالة عبر حروب المستقبل لأنها تعرقل التطور الاقتصادي المستقل والتنمية المستديمة وتعمق التبعية. لا سلام للبشرية في مستقبل تتحكم به شركات الرأسمالية الكبرى. لا يتحقق السلام مع ارهاب الدولة والارهاب الدولي والارهاب الطائفي الاصولي ولا مع قاعدتي "اخبطها واشرب صافيها" "اقتل وسر في جنازة القتيل في المقدمة". بين مطرقة الاحتلال وسندان جماعات الإرهاب، يبقى العراق بعيداً عن الاستقرار، وتستمر حمامات الدم فيه .
    تحاول الادارة الاميركية تخدير اليقظة السياسية عند الشعب . ان النضال ضد الإمبرياليـة عبارة زائفـة جوفاء إذا لم ترتبط مع النضال ضد الانتهازيـة والتحريفيـة ( من يمتلك القدرة على رفع شأنك يقدر على الهبوط به) ، والنظم الشمولية والفكر اللاهوتي.... وسياسات الهراوة الكبيرة ، والشانتاج النووي ، والإرهاب الوقائي ، ودبلوماسية العنف ، والشراكة الإرهابية الرسمية ، ومبدأ الأخذ بالثأر مهما كلف الثمن ، وإشاعة قوانين الغاب ، وخلق الأممية الإرهابية ، والتدخل في الشؤون الداخلية .
   ثقافة السلام في العراق تعني النموذج الوطني للديمقراطية وتعني التعددية وتداول السلطات بالطرق السلمية ! تعني المؤسساتية المدنية والحذر من السقوط في شرك الكلانية. وهي نقيض ثقافة الخوف والشك بالمواطن! .. وتعني أن يتاح للجميع التعبير عن رأيه في أمور السياسة والمجتمع واتساع الصدور لسماع آراء الآخرين واحترامها! فالحوار الموضوعي اصل الحياة وليس برنامجا قدريا يهبط من السماء وهو نقيض حلقات دبكة وتراقص الألسن والتراشق بالكلمات...! 
    ثقافة السلام في العراق تعني فصل الدين عن الدولة ، والحل الديمقراطي للقضايا العقدية الوطنية ، وتحديث الوعي الاجتماعي بالوعي العقلاني العلمي القادر على مجابهة التحديات ، ومضاعفة الوسائل العصرية التي تسهم في تحريك القناعات والقيم والمثل والمشاعر لدى المواطنين في اتجاهات التطور الديمقراطي ، والربط السليم بين الديمقراطية السياسية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

266
  بالمغريات المادية والوعود الطنانة الكاذبة استغلت  القوى الاستعمارية والامبريالية الوضع الخاص المتميز القومي والاثني في العراق ومظاهر التخلف وشيوع الولاءات العصبوية دون الوطنية كالعشائرية والطائفية لتحفيزها للتمرد والعصيان في المنعطفات الثورية والسياسية الانتقالية في تاريخ العراق السياسي الحديث ! ان الطائفية مرادفة دائما للدولة التسلطية . وقد اسس البريطانيون النظام الطائفي في العراق بحكم سياستهم في انشاء نظام الاقليات في المستعمرات. واثبت التاريخ انه في زمن الزعامات التقليدية التي جمعت الامور الدينية والدنيوية معا في ارض الرافدين توسعت مجالات التحريم والتكفير والاتهام بالهرطقة والقمع السياسي وازدادت الاعمال الارهابية والاغتيالات وبالتالي شق الصفوف  ومحاربة مشاريع العقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشاريع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول ! في  زمن الزعامات التقليدية التي تجمع الامور الدينية والدنيوية معا يجري الاطباق على حياة الناس ومشاعرهم الايمانية من خلال  توظيف العقول الاكاديمية والقانونية والاعلامية والصحفية للدفاع عن معتقداتها .. والتزود بالسلاح وامتلاكه في المقار والمباني التابعة  .. وامتلاك الاجهزة الامنية الاستخباراتية والقضائية ومحاكمها التفتيشية الخاصة بها  في أجواء يسودها التوتر والعنف... وخطر استخدام العنف قابل للانفجار في اية لحظة .. كما يجري اضفاء الحماية السياسية على الحركات الدينية الخارجة على الشرعية .
العقل الديني واحد ، والعقول الايمانية متعددة بتعدد الطوائف والمذاهب وحتى الاشخاص . والعقل الطائفي ايماني متمترس برؤياه وبفهمه المغرض للنص الامر الذي يضعنا امام اللاوحدة ، امام التفرقة الطائفية التي تصوغها العقول المتزمتة ! والعقل الايماني الغيبي يشيع الخرافة والحيلة والخديعة ويوظف المعجزات للتأثير على العقول المؤمنة ! لقد افرزت الدولة والنظام السياسي الحديث في العراق الظاهرة الطائفية لتتحول الدولة الى ولاء عصبوي دون وطني بدل ان تكون وسيلة بلورة الارادة والاجماع الوطني ... هكذا حول صدام حسين الدولة العراقية الى قبيلة جديدة هي قبيلة اصحاب الحكم واتباعه ، وتحولت دولة ما بعد التاسع من نيسان الى طائفة جديدة هي طائفة اصحاب الحكم واتباعه .. ويبدو ان بزوغ الذات الجمعية اليوم في العراق الجديد ليس الا استعادة بشكل عصري لبعض مفاهيم العصر الكلاسيكي . لكن العقل الطائفي لازال يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ ويستحضر مأزقه وفق اسس وتصورات ومقاصد اضيق مما كان في الماضي . وتختلف الوظيفة الراهنة للآيديولوجية الطائفية البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية  والكولونيالية اجتماعيا عن وظائفها المذهبية الطائفية الدينية الاقطاعية ما قبل الرأسمالية ، فالبورجوازية العراقية اليوم تعيد صياغة الفكر الديني والطائفي وتقدم برامجها في لبوسات دينية طائفية معصرنة .     
•   التشيع في منطلقاته الاولية   
ارتبطت تسمية الفرقة اصطلاحيا بالعمل السياسي او الثقافي والطائفة بجماعات النشاط الديني الخالص ... وعنت الطائفية بالانحياز للطائفة والتعصب ضد الطوائف الاخرى . بالانكليزية تدعى السكتريازم نسبة الى سكت ، وهي الطائفة او الفئة او القطاع . بالفرنسية ايضا سكتاريزم ... اما الطوائفية فهي نسبة الى الطوائف وتعددها والوضع الذي تسوده النزعة الطائفية . وحسب بعض المصادر التاريخية وفق المعنى القاموسي تطلق تسمية الطائفة ايضا توأما للقب الفرقة ، المذهب ، الملة ،النحلة ، ... او لتسمية فرع من كل منها ! والطائفة ولاء عصبوي في المجتمع الأهلي اليوم الى جانب علاقات القرابة والاهل والمحلة والقبيلة والقرية ... الخ... وهي علاقات طبيعية قسرية جمعية تراتبية هرمية .. اما الاساس في المجتمع المدني فهو المواطنة . ويتداخل المجتمعان في العراق ، المدني والاهلي ، بالارهاصات والتعقيدات والمؤثرات والصيرورات التاريخية الانتقالية . في المجتمع المدني لا يفرض اي ولاء دون وطني نفسه على المجموعات والعقائد والشخصيات الاجتماعية الموروثة الاخرى حتى وان تمأسست في مؤسسات كالدين والطائفة والعشيرة والحزب السياسي بل وتقاوم محاولات السيطرة باسم الصحة المطلقة للعقيدة ! وقد ترسخت التقاليد الدينية والطائفية مع السياسة الاستعمارية وبطء وتيرة تشكل المجتمع المدني ، وظلت الاشكال القروسطية من الاحتجاجات راسخة في الوعي الاجتماعي ... وتؤكد العلمانية مشروعية التفكير من خارج الدين وحماية حق التفكير دستوريا وتأسيس المرجعية العالمية لحقوق الانسان والمواطنة . وستبقى العناصر العلمانية والدينية في حركة الاحتجاج الاجتماعي والسياسي وفي الآيديولوجية متعايشة الى فترة طويلة قادمة .
لم يحكم تاريخ الاسلام والدولة الاسلامية الصراع الطائفي ، سنة وشيعة ، بل الصراع بين السلطات وعامة الشعب .. السلطات والمعارضة ... الدين والثقافة .. السلفية الخالصة والفكر الاسلامي في مدارسه واجتهاداته المتنوعة . وكانت الكوفة مركز المعارضة الرئيسية للامويين والعباسيين الاوائل ، وشهدت ثورات شيعية منها ثورة محمد بن طباطبا . وايد الامام ابو حنيفة النعمان صاحب المذهب السني ثورة زيد بن علي زين العابدين وبايعه ! ويبدأ التأسيس الشيعي الأثناعشري من الامام محمد الباقر أخو زيد . وسار ابنه جعفر الصادق على نهج ابيه مؤسسا المذهب الجعفري في الفقه ! ولم يظهر التشيع في الحجاز حيث عاش الباقر واحفاده بل في العراق ! واكتسبت الطائفة الجديدة الشعبوية من اهل العراق.
في القرن الثالث الهجري ظهر التسنن وفي العراق ايضا بدعم من الخليفة العباسي المتوكل .. وكان الشاعر علي بن الجهم اول من استعمل مصطلح سني في شعره ! وصعد السنة من نشاطهم لا ضد الشيعة فحسب بل ضد جميع الفرق الاسلامية والمدارس الفكرية من الخوارج والباطنية والقرامطة والمعتزلة والفلاسفة والمتصوفة ، وليتوجه اللاهوت السني ضد المخالفة والمعارضة أجمع ! وليسوء وضع الشيعة اثر زوال الدولة البويهية .. وتغلبت السلفية الدينية بعد ظهور السلاجقة الذين تبنوا العقيدة السنية في مساقاتها الاكثر جمودا وفق مبدأ " من طلب الدين بالكلام الحد ". ومنذ سنة 941 هجرية ساء وضع الشيعة الأثني عشرية تحت الحكم العثماني للعراق ، وجعل الصفويون من هذا الوضع ذريعة للتصادم مع العثمانيين والنزاع على العراق ! ثم تكرست رموز الاستفزاز السني – الشيعي المتبادل ! ... لكن التشيع في منطلقاته الاولية وحوافز الوعي الاخلاقي – السلوكي تشبث بقيم اسلام الدعوة والرسالة ومبادئ الامام علي بن ابي طالب "ع" والامام  الحسين "ع" ... اي بالرصيد الذي لم تشوهه بعد مهارة الجدل ومكر السياسة ومصالح السلطة ومظاهر الارتزاق والارهاب والقمع الفكري ... بالرصيد الذي جله تجديد الحقيقة والتسامي الاخلاقي وشهداء الفكر !.
•   الاقتصاد الشيعي والرأسمالية والطفيلية
افتقرت الانظمة الاقتصادية الشيعية الحاكمة ، حالها حال الاسلامية الحاكمة ، الى المبادئ الفقهية المناصرة للطبقات المسحوقة كما فشلت في تمثيل مصالح البازار بسبب المحظورات والتحريمات ومثبطات الوازع الديني ، فالفعاليات الاقتصادية الفردية تفقد حريتها واطمئنانها مع حق سيادة الدولة الشيعية او الاسلامية ! وفي الاقتصاد الشيعي تتحكم العقيدة في المصلحة الاقتصادية لتتفاوت المبادئ الاقتصادية تبعا للدين والتمذهب ! وتلقى التجارة التي تقف في طليعة التراتبية المهنية تشجيع الفقه الشيعي والشريعة الاسلامية في عدم التسعير وترك الاسعار خاضعة لأوضاع السوق وتشجيع الاحتكار مما يسهم شئنا ام ابينا في تعميق التفاوت الاجتماعي وتوسيع نسب التضخم والتمركز المالي ! وتتضمن الاحكام الفقهية المختصة بأصول الاتجار والكسب قيودا لا تتلائم مع مطلب النشاط التجاري الحر والمتساوق مع نزعة الربح المتأصلة في التجار . وتسهم المضاربات التجارية الدولية في نمو الروح الرأسمالية لدى الانظمة الاقتصادية الشيعية الحاكمة ونخبها الأرستقراطية والاستحواذ على تراخيص التجارة مع الجميع ! وتواجه النخب البورجوازية الشيعية قضية صياغة المؤسسة الدينية الشيعية بالشكل الذي يتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية ! لكن الاصولية الشيعية لازالت تغذي العناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية وحتى معارضة التحولات الأجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية، وتغذي المحافظة ومقاومة التجديد،وتعتقد هذه الاصولية انها وحدها تمتلك الحقيقة فترى العالم بمنظوري الملائكة والشيطان او الابيض والاسود  .
     تخدم البنوك الاسلامية والشيعية التطور الطفيلي (ماهية الفرق بين سعر الفائدة (Rate of interest) والربا (usury) ) لأنها مؤسسات مالية تعمل من اجل الربح، فهي تجمع الاموال غير المستثمرة وتحولها الى اموال يمكن ان تستثمر، ليحصل صاحب المال غير المستثمر على فائدة، ويحصل صاحب المال المستثمر على فائدة، ومن خلال تنسيق العمليتين يحصل البنك ايضا على فائدة. والمرابحة والمشاركة والمضاربة، في النهاية ، هي ارباح يتم الحصول عليها من تداول المال في السوق وليس في محراب التشيع .
يعتبر انبعاث الطائفية والولاءات الاخرى دون الوطنية كالعشائرية تراجعا حضاريا سعت إليه السلطات الحاكمة وتجاوبت معه الحركات السياسية بدرجات متباينة. وتكمن الخطورة في تسيس الشكل الطائفي الجديد واستخدامه وسيلة لتحقيق السيطرة الاجتماعية.وتشوه الطائفية انتشار الرأسمالية الفتية والملكيات الصغيرة في الريف والمدينة والمؤسساتية المدنية والحركات الاجتماعية والافكار الديمقراطية والتي تسهم في تضييق مجالات الانتعاش الطائفي المقيت ... ومعروف ان المراتب الطائفية تستمد قوتها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية . وهي تكدس الثروات عبر تنمية ملكياتها الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة أخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة . ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي ! وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير .
تسعى المراتب الطائفية الطفيلية الى الربح السريع باية وسيلة، فتعمل في المضاربة بالعملة وافتعال الندرة لرفع الأسعار ، وتعمل بهمة في شراء وبيع الأراضي بطرق مشروعة وغير مشروعة ، وتستغل المصارف للحصول على تسهيلات ولو بأساليب ملتوية. (.....)و تخلق الرأسمالية الطائفية الطفيلية مناخا من الأحلام والأوهام التي تدغدغ خيال مختلف الفئات الاجتماعية، حتى الطبقات الدنيا التي تعيش على فتاتها، لينتشر التهريب والسوق السوداء والتهرب من الضرائب والرشوة. ومجتمع الطائفية الطفيلية مجتمع زائف بلا عمق اجتماعي  ويؤثر على الفئات الاخرى التي لا تمتلك القوة المعنوية الكافية لمقاومته. ولا تطيق الطائفية الطفيلية العمل التنموي الصبور البناء، فهي تدرك أن دورة حياتها محدودة، لذلك تعمل في مجالات النهب السريع الذي لا يحتاج لجهد وصبر. ولا يمكنها ان تمارس اسلوبها في النهب العجول في ظل الأوضاع الديمقراطية المنفتحة، فهي تحتاج دوماً الى أداة تقمع بها الناس كلما حاولوا نقدها او خرجوا ساخطين تحت وطأة الظروف المعيشية الضاغطة. السلطات الطائفية الشيعية ، حكومة وبرلمانا وعصابات -  ميليشيات ، في خدمة الطائفية الشيعية الطفيلية .
      في عراق اليوم تلحق نيران وتفجيرات الإرهاب بالاقتصاد الوطني الخسائر المالية والحضارية الجمة لتتعطل عملية إعادة إعمار العراق ويعوق البدء بعملية التنمية الاقتصادية والبشرية.ولتواجه الشعب العراقي محنة وضع دستور جديد يراد له أن يكون تشريعا دينيا خاضعا للذهنية الطائفية السائدة حاليا في الشارع العراقي نتيجة التراكمات السابقة والسلوكيات غير العقلانية للأحزاب السياسية الإسلامية الراهنة ، إضافة إلى بلادة الوشائج الاصطفائية في الجمعية الوطنية المؤقتة وهزال حكومة الجعفري.... دستورا لا يحوي إلا فقرات محدودة جداً ومبهمة حول المسائل الاقتصادية، وواجبات الحكومة في مجال الإدارة الاقتصادية وتجاه حقوق المواطنين الاقتصادية ورعاية مصالحهم.... بدل شرعنة منح الدولة الوطنية القدرة على تنظيم الاقتصاد وتوجيه الموارد الوطنية لمصلحة الشعب، ووضع شروط التعامل الدولي المناسبة للبلاد.... دستورا ينتقص من مسؤولية الحكومة في وضع السياسات التجارية وسياسات العمل وانتقال الرأسمال وسياسات تنظيم البيئة الاقتصادية ، وينتقص من مسؤولية الدولة تجاه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومنها الفقر والبطالة والضمان الاجتماعي والتنمية البشرية والخدمات العامة، وينتقص من ضوابط ضمان المساءلة المالية والإدارة السليمة لثروة العراق النفطية.
    من جهته يقوم نظام الملالي في ايران بتسويق مشاريع تتضمن الأعمال التجارية وشركات تعمل كغطاء ومجموعات دينية ومنظمات غير حكومية ومساعدة للمدارس والجامعات لمؤازرة الهوية الطائفية  ، بينما تقوم جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، التي هي بمثابة الصليب الأحمرِ، بتنسيق نشاطاتها من خلال قوات الحرسِ الثوري الإيراني. وتوصي هذه الجمعية بأن الحاجات الفورية للشعب العراقي يجِب ان يتم حسمها من قبل فايروس العصابات الطائفية الشيعية .. وتقوم المخابرات الإيرانية بفتح مكاتب مساعدة  فقراء العراق الشيعة في مدن المحافظات الجنوبية لتجنيد المرتزقة وانضمامهم إلى هذه العصابات .هكذا يسهم تنامي النفوذ الإيراني بالتمويل والتسليح في إثارة التوترات الطائفية بين السنة والشيعة وجر العراق إلى الحرب الأهلية الشاملة.
وبشكل عام تؤيد الحوزات العلمية السلطات الشيعية الحاكمة في حدود حقوق الطبقات المسيطرة والمعايير الأجتماعية السائدة ، وتفرض واجب الطاعة للقوانين والمعايير الاخلاقية المقبولة بالجزاءات الدينية ،وتقوم بترجمة الفروض الاجتماعية الخاصة بالمراتب الطبقية الى الاخلاقيات الدينية لتعتبر المهنة واجب مقدس ولتشيع الانضباط الذاتي والنظام والرقابة الاجتماعية والتقتير والترشيد ، وتؤيد التراكم الرأسمالي ، وفي بعض الاحيان تناصر افكار التوزيع العادل للثروة والروح الجماعية والفعاليات اللاعنفية !.
لم تشهد المؤسسة الدينية في صدر الاسلام تمايز الوظيفة الاجتماعية انسجاما مع البنية الطبقية للمجتمع الا ان التمايز بدأ في الفترة الاموية ، وحصل التدهور في مرحلة الغزو التتري ! ولم تظهر المؤسسة الدينية المركزية المرتبطة بالسلطات السياسية دفعة واحدة في العهد العثماني بعد ان اعتمدوا في بداياته على التكايا الصوفية . 
      يلعب الطابع الطبقي لسلطة الدولة وسياستها في الميادين الاجتمااقتصادية الدور الاساس في تحديد العلائق مع المؤسسات الدينية لكن العبئ السايكولوجي لازال مميز في العجز عن التوفيق بين نمط الحياة المتحضرة والتطور الراسمالي وبين التقاليد والبدع والشيع الاسلامية التقليدية التي تدعو للعودة الى العصر الذهبي في عهد النبي محمد(ص)! من هنا تظهر المحدودية الآيديولوجية والموقف الجامد العقائدي والنتائج السلبية العملية في تطبيق البرامج ! في الجانب الآخر لم يعد المهم ان تكون النظرية او تلك موافقة للحقيقة بل ان تكون نافعة او ضارة بالرأسمال ، مناسبة او غير مناسبة ، ترضى عنها الشرطة ام لا ترضى . وبدلا عن البحوث المجردة عن الهوى تظهر المماحكات المأجورة ، وبدلا عن التحقيقات العلمية النزيهة ينبز الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن الانظمة القائمة وتغطية الجوهر اللصوصي للعولمة الرأسمالية والتستر على عسكرة الاقتصاد وتعبئة الموارد للتسلح والاعداد للحروب الجديدة ! وبذلك تتحول الغزوات والاعتداءات الاحتكارية الدولية في العرف العولمياتي الرأسمالي الى تمهيد لتنظيم السوق العالمية والرأسمالية المخططة !  وعموما تميل الرأسمالية الى المؤسسة الدينية الغير سياسية ! بينما تغيب السياسات الليبرالية الاقتصادية بشكل مرسوم ومتعمد، كل مصطلحات "التنمية" و"التحرر الاقتصادي" و"التقدم الاجتماعي" و"العدالة الاجتماعية" ، لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى إعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل أصولها الإنتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته.
    يفتقد المجتمع المدني في العراق اليوم للمؤسسات والروابط الحديثة ، للثقافة العلمية، منغمسا في شبكة الروابط الدينية الأصولية والولاءات العصبوية دون الوطنية مشبعا بقيم العنف، بعد ثلاث حروب عاتية. الطائفية والمؤسسات التقليدية الاخرى تقوم مقام مجتمع مدني مغيب، وإن بقاءها أو تراجعها رهن بمدى النجاح في إرساء هياكل سلطة وطنية، وإعادة تأهيل مؤسسات المجتمع المدني ، وتحويل الريعية النفطية إلى ثروة بناء اجتماعي لا قوة قمع سلطوية .  من الضروري التخلي عن الأوهام النابعة من إمكانية الاسـتـفـادة من بـعـض أشكال الوعي الاجتماعي التي فات أوانها كالطائفية التي تجاوزها تطور البنية الاجتماعية والتقدم الحضاري . فالطائفية الشيعية اليوم لا يمكن أن تحل أزمة المجتمع العراقي الراهنة، وإنها وأن ساهمت في النضال المعادي للدكتاتورية، فإنها تحول الصراع في المجتمع إلى صراع طائفي ، الأمر الذي يسبب مزيدا من التفتت والويلات ليرتاح الأمريكيون والإسرائيليون والايرانيون والسوريون معا وليتشرذم أهل العراق ..!..

267
تسويق بضاعة الطائفية في العراق
سلام ابراهيم كبة

 الطائفية السياسية والدينية ولاء عصبوي دون وطني ... بالتالي هي كالعشائرية مرادفة للجهل والامية والاقتتال الدموي المستمر ، وتمتلك امكانية الانفلات من العقال وخوض الحرب الاهلية واقتراف الاعمال الارهابية  او التحول  الى عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة مالم يجر اخضاعها من الحكومة المركزية .... والدفاع عن الطائفية والمحاصصات الطائفية هو طبل فارغ يتعامل مع جسد ميت .
ولا غرابة ان تعمل السلطات الطائفية على التمسك بطائفيتها وتعزيزها وتوسيع الهوة التراتبية ، آيات الله .. امراء .. مقلدون .. سادة وسادة اشراف .. شيوخ .. ملالي .. الخ ... وهي مراتب اجتماعية طبقية بالطبع ! والاتباع .. وليجر  توزيع المراتب الطائفية على مرتزقتها من حثالات المجتمع العراقي لتوسيع القاعدة الاجتماعية الطائفية للسلطات نفسها واضعاف الحركة الوطنية والديمقراطية . وتقوم السلطات الطائفية بتسويق بضاعة الطائفية ومراتبها والارستقراطية الطائفية والعصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية لأدارة المجتمع بقيم المؤسسة الطائفية والروابط الطائفية وبالروح الطائفية المنغلقة ، وهي تجد في تسعير الخلاف الطائفي ولو على جثث آلاف الضحايا وسيلة اساسية لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة . والطائفية تشوه انتشار الرأسمالية الفتية والملكيات الصغيرة في الريف والمدينة والمؤسساتية المدنية والحركات الاجتماعية والافكار الديمقراطية والتي تسهم في تضييق مجالات الانتعاش الطائفي المقيت ...
هكذا تنتعش الطائفية عند المكونات الاثنية الدينية شبه المستقلة قوالبا جاهزة لتقوقع الانقسام الطائفي ومؤسساتا شبه معبأة لخدمة المصالح الفئوية الضيقة ولتهديد وحدة الشعب الوطنية ! والطائفية ركيزة اساسية في رحم المجتمع القديم تعرقل المفاهيم الديمقراطية والاستقرار الامني والاجتماعي والشرعية المشتركة والمشروع الوطني المشترك والتداول السلمي للسلطات ... وهي تعرقل الديمقراطية كمشروع للعقل الاجتماعي والسياسي في المجتمع اي مشروع المعقول الاجتماعي والتشارك السياسي والترابط بين العاقل والمعقول ! 
     خلقت الثقافة الطائفية والحكم الطائفي التوترات في المجتمع العراقي ، وبينه وبين الدولة العراقية .. وتجد الجماهير اللاطائفية نفسها امام الطائفية المسلحة حقوقيا والمنافسة لأجهزة الدولة العراقية في العراق الجديد . وتبدو العصابات الاصولية الطائفية السياسية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية العراقية مثل المومياءات القادمة من عصور ما قبل التاريخ مالئة الحواضر بالعفن الذي ينز من كل مسامها ! ولا تستمد المراتب الطائفية وجودها وقوتها من العرف والتقاليد الطائفية وحدها بل تستمدها مما يكون لها من وضع اقتصادي تستطيع به الغلبة على المنافسين والسيطرة على افراد الطائفة بتقديم المنافع المادية والخدمات المتعلقة باوضاعهم المعيشية .
وهم يكدسون الثروات عبر تنمية ملكياتهم الخاصة لوسائل الانتاج تارة وباللصوصية تارة أخرى وعبر المبادلات التجارية وجباية الضرائب على العامة .
والمستفيد الاول من الظروف الامنية الغاية في الخطورة ،وهزال اداء حكومة الجعفري وتخبطها السياسي ، وشيوع مظاهر قسوة الحياة والخوف من الغد والمستقبل والبطالة الواسعة وانتهاكات حقوق الانسان والفساد هي ذات المؤسسة الطائفية بانتماءها الضيق والذي يزداد ضيقا وعصاباتها الاصولية المسلحة . وهذه الطائفية لا تطلب شيئا اليوم سوى الالتزام النفسي بها والاحتماء في ظلها وتحت خيمتها ، الايمان بها اعتبارها شعب الله المختار ! ... ويلعب الفساد والرشوة وسلطان وجبروت المال الدور الكبير في تكريس الانتماء الضيق في بغداد وبقية المدن العراقية وبالاخص مدن المحافظات الجنوبية ومدن الاطراف والريف العراقي ! وفي توسيع شبكة العلاقات المتداخلة التي يتحكم فيها اللص الكبير بالسارق الصغير .
    يحاول الفكر الطائفي العراقي ملء الفراغ الذي خلفه انهيار الفكر الشمولي الصدامي وتقدم هوياته العون والعلاج والتعليم او المواساة في اسوء الاحوال .. وهي هويات تقدم نفسها كظاهرة جديدة ذات وظائف اجتماعية مختلفة وليست مجرد استمرار للهويات السابقة . وتتجسد ازمة الفكر الطائفي العراقي في اللغة الطائفية المطلقة والمقنعة ، والمتعالية في عصر العولمة الذي يرفض اعتبارها المرجعية السائدة والوحيدة بل ينفيها وينفي دور الدين في التشريع  المدني ، وتحديده بالبعد الشخصاني للانسان فقط ...
 
سلام ابراهيم كبة[/size]

268
تتداخل في الطائفية الشيعية في العراق ، اضافة الى المذهبية، العصبية القبلية والجهوية ... لتتحول اليوم هذه الطائفية الى عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة . وظهرت الاصولية الإسلامية الطائفية السياسية الشيعية التي تريد فرض نفسها اليوم بقوة المليشيات على الساحة السياسية العراقية ... ظهرت  اصلا وفق شعار الاحساس بالظلم والمظلومية والتأثر بنظام ولاية الفقيه في طهران فعبأ ذلك التطرف الممجوج والممزوج بالتعاطف الشعبي احيانا بحكم الدكتاتورية الصدامية التي وجهت سيف ارهابها ضد الشعب العراقي ربع قرن من الزمان الاغبر!وقد شبع ذلك الاصولية الطائفية الدينية والسياسية عند قسم من ابناء الشيعة في العراق الذين لا يجدون الوقت الكافي للتأمل ولا يميزون بين الحكام ومناضلي القوى الديمقراطية وحقوق الانسان والمؤسساتية المدنية وفي سبيل الوطن الحر والشعب السعيد !  ومن اجل الحرية والتقدم الاجتماعي ... لتتسم ردود افعالهم بالتوتر والدمار وليغوصوا في اوحال العنف والارهاب وليتحولوا  الى  مغامرين على مبدأ " علي وعلى اعدائي "... هكذا نفهم سلوك العصابات الطائفية الشيعية المتناغمة مع القوى الظلامية والصدامية باستخدامها المذهبية الدينية التكفيرية  والشرائع السماوية وفق تفسيراتها الذاتية كسلاح سياسي الامر الذي فاقم من تدهور الاوضاع المعيشية للشعب وانحسرت الخدمات العامة لتعيث هذه المخلوقات في الارض العراقية فسادا وارهابا وتخريبا ! 
    وادت المصالح الضيقة والفردية والطبقية للعصابات الطائفية الشيعية والظلامية والصدامية في عراق اليوم الى الاستخفاف بهيبة القوانين الوضعية وحقوق الانسان والظروف الامنية الغاية في الخطورة ،واسهم هزال اداء حكومة الجعفري وتخبطها السياسي في تعميم الفساد والانتهاكات الخطيرة الصريحة المتعمدة الجبانة واستعراض القوة غير المبرر وتقديم آلاف الضحايا الابرياء قرابينا ارضاءا لملوك الطوائف في طهران ودمشق وفي سبيل امرار دستورا رجعيا يشرعن  الطائفية ويبقي العراق مجزءا حتى تسهل السيطرة عليه وتنهب ثرواته ويترك شعبه يستجدي لقمة عيشه من الأخرين وهو الذي يتربع على اكبر احتياطي للنفط في العالم... وبات في خبر كان ، بفضل رعاية الاشيقر الابوية للعصابات الطائفية الكسيحة وتستره عليها ، وهو اول العارفين بهويتها ومصادر دعمها وتمويلها .. باتت في خبر كان حرمة الجامعات وحرية الفكر والبحث العلمي والتخطيط المبرمج عبر الوسائل العلمية والتعبير الحر عن الآراء والمساهمة البناءة في دعم العلوم والثقافة الانسانية ... ولتضيع الشبيبة العراقية في متاهات الشعوذة والبدع اللااسلامية واللاحضارية والطقوس ذات الطبيعة السادية وليفتضح زيف الادعاءات الصدرية الصغيرة والحكيمية وحيودها عن جوهر ولب مبادئ الامام علي بن ابي طالب حين قال " لا تقسروا اولادكم على آدابكم فانهم مخلوقون لزمان غير زمانكم " ...
    توظف العصابات الشيعية الطائفية بطبيعتها الطبقية وثرواتها اللصوصية والدعم اللوجستي المخابراتي القذر لسلاطين الطوائف في طهران ودمشق ... توظف العقول الاكاديمية والقانونية والاعلامية والصحفية للدفاع عن معتقداتها .. وتتزود بالسلاح وتمتلكه في مقارها ومبانيها وحسينياتها .. وتمتلك اجهزتها الامنية الاستخباراتية والقضائية الخاصة بها  بدعم من داخلية صولاغ وفي جو يسوده التوتر والعنف ... وخطر استخدام العنف قابل للانفجار في اية لحظة ..
    المطلوب هو الارتقاء بجهود التيار الديمقراطي في العراق الى مستوى المرحلة السياسية و تحدياتها وما تحمله من مخاطر وصعوبات، فهل ستكون قواه  بمستوى التحديات؟ لنعمل معا في سبيل بلورة برنامج للعمل المشترك وصياغة الاليات وتحشيد القوى الكفيلة بتحقيقه. وجب على قوى التيار الديمقراطي في العراق اولا التخلص من الاحلام الطوباوية والمتاهات  الرجعية قبل الشروع بالعمل. 

269
   تستمد  الاصولية الإسلامية الطائفية السياسية الشيعية التي تريد فرض نفسها بقوة المليشيات على الساحة السياسية العراقية عزيمتها من هزال اداء حكومة الجعفري وتخبطها السياسي ، وهي حكومة تمثل مصالح البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية والتجارية المرتبطة بالرساميل الاجنبية الاحتكارية ، وفساد الجمعية الوطنية الطائفية والمتخمة بالوشائج الاصطفائية البليدة ، والولاءات الاجتماعية دون الوطنية القروسطية ، والجهل والامية وانتشار مظاهر الشعوذة والبدع اللااسلامية واللاحضارية والطقوس ذات الطبيعة السادية  ، وارهاب وتخريب القوى الظلامية والبعثية الذي  ولد ويولد اللااستقرارية والتطرف في المجتمع العراقي ، وفتح الفخذين للدعم المخابراتي اللوجستي الايراني – السوري والمتخذ الابعاد الكارثية والقذرة ، والاحتلال الاميركي وسلبية الموقف الدولي وبالاخص الامم المتحدة !
     ان قاموس الجماعات الإسلامية المتطرفة والمعتدلة معا لا يعرف كلمة الديمقراطية ويسعى إلى تغييبها من المجتمع والحياة السياسية لأنها تتنفس اصلا في الوسائط التراتبية ، آيات الله .. امراء .. مقلدون .. سادة وسادة اشراف .. شيوخ .. ملالي .. الخ ... وهي مراتب اجتماعية طبقية بالطبع ! يقول ارسطو : الانسان حيوان بالطبع ! ونحن نضيف : المراتب اعلاه حيوانات مقدسة بالطبع ! متى سنحت لها الفرصة في التحكم والسطوة يجري تقديس ديمقراطية النهب واللصوصية ولنستعيض عن الشمولية العلمانية بالشمولية الثيوقراطية .. وهاهي لغة مشروع الدستور المقترح -  اللغة الدينية المذهبية الطائفية المتخلفة والمضرة بالمجتمع كله.
     العميل الإيراني الشيعي مصطفى الشيباني يترأس عصابات شكلتها قوات الحرس الثوري الإيراني بالتنسيق مع عصابات الصدر الصغير والحكيم الكبير وتنظيم "ثأر الله" والفضيلة ... نظمت تحت قيادة العميد قاسم سليماني، مستشار خامنئي في شؤون أفغانستان والعراق وهو ضابط كبير في قوات الحرسِ الثوري الإيراني .... مسميات شتى ... فيلق "بدر 9".. قوات الإمام علي ... فيلق القدس ... فرق الموت التي تتولى مسؤولية تصفية المعارضة ....  وتقف هذه العصابات بالتنسيق مع القوى التكفيرية والصدامية خلف تدمير آبار النفط العراقية وأنابيب الغاز وخطوط نقل الطاقة الكهربائية وسدود المياه وإفراغ الجامعات العراقية من الأساتذة وتدمير العقل العراقي .
     إيران تزرع عملائها في استخبارات ومخابرات وشرطة داخلية صولاغ وبالاخص في المحافظات الجنوبية ، وهؤلاء العاملون كضباط استخبارات الشرطة هم الذين في الغالب يرتكبون القتل لصالح إيران بالطبع ! واليوم ايضا  تصدر ايران التي يوجد فيها مليونا مدمن على المخدرات هذه الآفة الى الأراضي العراقية وتحاول الترويج لها. في سوق مريدي يزدهر اليوم  - في عز حكومة الجعفري البطل - قسم المواد الاستهلاكية ، الرمز السري لتجارة المخدرات بانواعها واخطرها الحبوب او الكبسولات، ويطلق على من يتعاطاها بـ «المكبسل» الذي يقوم باي عمل من غير ان يدرك بما قام به... لا عجب في ذلك اذا كان السيستاني نفسه  وبقرار من الحوزة العلمية في النجف  أمر باخلاء سبيل "صهر زرندي" أحد أكبر مهربي المخدرات في إيران في تموز 2003 !
العصابات الصدرية والحكيمية تتبادل قصف المقرات السياسية بالهاونات والراجمات لتنزع ورقة التوت التي حاولت ان تغطي بها عوراتها الفاسدة قبل ان يحين موعد المتاجرة بفجيعة الكاظمية والائمة ! جسر الائمة عروس شيعتكم .. اولاد ال.... ! تفجير صالونات الحلاقة النسائية بمدينة النجف  قائم على قدم وساق في ظل ديمقراطية احفاد علي والحسين ، وهما منها ومن الجرابيع الخمينية براء ! 
فوق هذا وذاك يطل علينا لأكثر من مرة السيد الهمام والقائد الضرغام والضرورة المتجددة رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري متحدثا عن احداث سياسية تاريخية ، نابشا الماضي،  مطلقا  تصريحات لا تسر كل من احب العراق وضحى من أجله... متقصدا الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة ... تارة عن احداث الموصل عام 1959 وتارة عن ... ارضاءا لأسياده من ضباط المخابرات السورية وزعماء عصابات مافيا النهب وتبييض الأموال التي تشكل العصابة القذرة التي يستند عليها الاسد الابن والذي يلعب دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته وانقيادا لأرشادات العصابات الطائفية الشيعية الفارسية. الاشيقر يمتثل بالاسد الابن وخامنئي ونجادي ليلعب وهو التاجر المحنك دور الصبي المسكين الذي آخر من يعلم بمخططات مخابراته  !  تتبعه في ذلك جوقة من اتباع حسنة ملص وعرس الواوية وثقافة المناسف وجريدة الراصد 1979  للتشكيك بسياسة  القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة وخاصة الحزب الشيوعي العراقي  واعلامه المركزي.
الشفافية المعلوماتية تعني وضع المعلومات البيانية في خدمة الشعب .. منه واليه .. لا في خدمة التراتبية الشيعية الطائفية ، وهي شرط الدمقرطة الاجتماعية لا الدمقرطة اللصوصية واعادة انتاج الطائفية، وهي المعرفة التامة بالعمليات الجارية في الاقتصاد والمجالات الاجتماعية والحراك الطبقي وشرط اعداد النماذج البديلة لا تحويلها الى ديكورا مقنعا يزين التحولات الرجعية ويشرعن الفساد والرشوة والارهاب الفكري وخيانة الشعب بالعهر مع الجيران واحياء الصدامية بالعباءة والعمامة الدينية !         

270
  قطع العراقيون المسافات الطويلة  بحثا عن مراكز الاقتراع ومرغوا سباباتهم  في الحبر الازرق ولم يعرفوا انهم يزرعون العقول المتحجرة والفاسدة والعصابات المتشيعة في الجمعية الوطنية ولجنة كتابة الدستور همها كبح الديمقراطية السياسية ونسف ميدان الحرية التي باتت تضيق يوما بعد آخر . لقد تحولت الجمعية الوطنية العراقية إلى جعجعة يومية على شاشات التلفزة وفي الصحف، وفي المجالس واللقاءات ، ومنبر ميكافيلي يستوعب آخر الممثلين من الوجوه القديمة الجديدة من التجار وفرسان الفساد والولاءات اللاوطنية يتنافسون على هذا الوطن، لا  في خدمة الوطن ... وليجري الاحياء المركب لعصارة جوهر المجالس النيابية في العهدين البائدين ، الملكي والمجلس الوطني في العهد الصدامي .
•   الفساد في الجمعية الوطنية
    تتجلى خيانة الشعب العراقي باسطع صورها في اساءة استخدام نواب الشعب حصاناتهم البرلمانية وسلطاتهم العامة لحساب المصالح الشخصية للافراد والجماعات المختلفة اي بالفساد البرلماني ... نشاط  تتقنه المخلوقات الطفيلية من خارج الجمعية الوطنية والذي يعود بالفائدة على اعضاء الجمعية لأغوائهم والسماح لهذه المخلوقات بالتهرب من تطبيق القوانين والسياسات العامة واجراء التعديلات فيها لمصلحتهم الخاصة .... وفساد يمارسه اعضاء الجمعية للحصول على مكاسب باستخدام مواقعهم عبر الطلب او القبول بالمنافع مقابل تقديم الخدمات المباشرة واستحداث والغاء القوانين وتطبيق سياسات تحقق المكاسب السريعة والمباشرة لهم ! ... ونشاط  يحول المفوضية العامة البرلمانية الى هيئة صورية واضحوكة بدل ان تكون مطلقة الصلاحية ومستقلة بالنسبة لسوء الادارة والاداء والفساد. وقد تنوعت اصناف المرتشين من اعضاء  الجمعية الوطنية العراقية ليصيب الغلاء الرشوة قبل ان يصيب الاسعار ، وتعددت المفاتيح – المناصب السرية عير المدونة داخل الجمعية او الوسطاء لكبار المرتشين الذين لا تسمح هيبتهم النيابية بالقبض مباشرة من الراشي ... مرتشون صغار وكبار كآيات الله ... صغار يقلصون بالرشاوي الفارق بين رواتبهم ومتطلبات معيشتهم المتنامية الجشعة ، وكبار من اصحاب المصالح يقلصون بها الفارق بينهم وبين من سبقوهم على طريق الرشوة اي الفارق في النمط الاستهلاكي الترفي عبر الاتاوات الحرام على عباد الله وحبك العلاقات مع اصحاب الجاه وصناع القرار .     
 المسؤولون في  الجمعية الوطنية يسرقون الأموال ويسلبون بطرق شتى: الرشوة وسرقة الموارد مثل النفط وتهريبه وعقد الصفقات الغريبة بمبالغ خيالية لمواد مستهلكة، السوق السوداء ، الأعلان عن أنجاز مشاريع كبيرة لأبناء العراق لنكتشف بعدها أنها كانت وهمية ذهبت أموالها أدراج الرياح!!... الوزراء العراقيون يتبادلون الاتهامات بالأختلاسات ويسبحون بحمده تعالى  ويدعون الجميع للاقتداء بهم باعتبارهم الصفوة وثمرة الاستحقاقات الانتخابية ، ويطالبون المرجعيات الدينية بالفتوى لفرض آيديولوجياتهم الدينية والقومية ومباركتهم  اي المزيد من تعميم الفساد .! ... المزيد من الارهاب .. فالفساد هو الوجه الآخر للإرهاب من تفجير وقتل وخطف ، لأنه ينهش إقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الإنسان ويخرب حياته . فساد وافساد على مقاييس دولة الفقيه الاستبدادية في ايران !
•   الارهاب الفكري في الجمعية الوطنية
    يسود الإرهاب الفكري في الجمعية الوطنية العراقية المنغلقة ذات الثقافة الاحادية ، الاستبدادية الطائفية الشيعية ، والذي تقوم بإنتاجه وبممارسته أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية للحد من فاعلية الفكر المبدع، وفرض سلطة الرقيب، واشاعة اللغة الرمزية للتعبير عما يعتمل في العقول خشية وقوع العقوبات المحتملة بحق أصحابها، والارتداد والنكوص الى الذات، والنزوع نحو الباطنية، والتخلف الثقافي والحضاري ، ورفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت.انه نشاط عدواني جرمي يستهدف إلحاق الأذى المادي والمعنوي بالشعب العراقي وقواه الديمقراطية والدولة العراقية وبالعراق الحر الابي بغية  تحقيق أغراض سياسية وغير سياسية، تلبية لنزعات عدوانية راسخة في فكر ومعتقدات هذه الاصولية المحتضرة. والإرهاب الفكري في الجمعية الوطنية العراقية امتداد للارهاب الاجتماعي الطائفي والذي تمارسه الولاءات دون الوطنية والعصابات المناطقية . وهو امتداد للإرهاب الاقتصادي للتجار والمرابين والمضاربين عبر مزاولة الضغط والتهديد والمضاربة على ابناء الشعب والقطاع العام وفرض القيود الاقتصادية التي تحد من فاعلية النشاط الاستثماري للدولة والدخول في مضاربات اقتصادية للربح السريع واغتصاب فائض القيمة واشاعة انعدام تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع الواحد وحرمان بعضهم من الحصول على لقمة العيش والتهديد بفقدان العمل، وسن تشريعات اقتصادية تحد من حرية الاستثمار المحلي. الإرهاب الفكري في الجمعية الوطنية العراقية هو امتداد للارهاب السياسي لعصابات الصدر الصغير والحكيم الكبير والاسلام السياسي المنظم والصدامي في اشاعة مشاهد القتل والاغتيال والابادة والتفجير والتخريب والتدمير والاعتقال والإذلال والظلم والخوف والهلع والشعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار في النفس.
    تسعى أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية الى تجميع الشيعة على اساس استثارة معاداة الشيعة اي انها اصولية فكرية سلبية لا تمتلك برنامجها الايجابي ... وهي تاريخيا تعبر عن الاستفزاز السياسي الراهن للوجود الوطني في العراق الجديد !  وعليه  لا تمثل الجمعية الوطنية الوحدة الوطنية العراقية الحقة ولا يمكنها ان تساعد على ترسيخ التقاليد الديمقراطية الحقة ... وكان تشكيلها يتعارض  مع مبدأ الانتخاب .... ولم تتخلص التركيبة التي استقر عليها المسخ الوليد والولادة العسيرة من مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية، واهملت بشكل متعمد التيارات المؤثرة في المجتمع العراقي وبالاخص التيار الديمقراطي. والسبيل الوحيد للخروج من هذه الحال هو قيام نظام حكم علماني ديمقراطي حقيقي يضمن تثبيت وصيانة الحقوق والحريات العامة للمواطنين ، ويمنع بموجب القانون أي تجاوز على هذه الحقوق والحريات بأي شكل كان ومن أي جهة كانت من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية في كيان المجتمع ، وترسيخ مبادئ السلام في العلاقة بين الشعوب واحترام إرادتها ورفض أفكار الحرب والعدوان والفكر الفاشي والظلامي المتخلف ...

271
  البيت الشيعي العراقي والائتلاف العراقي الموحد والمرجعيات الدينية الشيعية في ازمة لأنها استرسلت في التحجر والانزواء او استنفذت وفقدت رونقها ! اما محاولات الاصلاح الشيعي فهي تستهدف  ان تلعب الشيعية دورا ثوريا لا عنفيا في سبيل التغيير الذي لا تدوي فيه العيارات النارية والذي تضئ فيه الشموع !وهو اصلاح يصطدم بالطائفية الشيعية والمحافظة الشيعية الاصولية الاكليروسية الرجعية ذات المشاريع الوهمية المتطرفة الساعية لأقامة دولة الفقيه الاستبدادية والكانتونات الشيعية والعهر المقدس مع قم وطهران ! والتشبث بالنظرات الفوقية والنزعات الفوقانية والموقف اللاهوتي الذي يعتبر نفسه دائما على حق ، ويرفض الاستفادة من الآخر ليخلق المشاكل اكثر مما يحلها .... والطائفية الشيعية تتخوف من العلمنة وحقوق الانسان والمواثيق الدولية لأنها غير شيعية ، وبذلك تخسر هذه العصابات الطائفية مصداقيتها في  اطار نموذج العصر الحديث والثورة المعلوماتية وعصر الحداثة ومابعد الحداثة . 
       ولازالت الحكيمية والجعفرية والشهرستانية والصدرية الصغيرة والسيستانية تعيش في عقلية القرون الوسطى وما يسمى بالقانون الاسلامي ، شريعة وفقه واجتهاد وخزعبلات ، وتحاول ارجاع العراق القهقرى بدستور على مقاساتها لتتحول الجمعية الوطنية الى الجمعية اللاوطنية ولتتحقق ما لم يتمكن منه صدام حسين وجرذانه بالقوة .. بل هذه المرة على يد ممثليه الجدد والمتجددين مادام الشعب العراقي يصر على الوطن الحر واللقمة الشريفة والحياة الهانئة السعيدة !
     التيار الاصولي الشيعي اتجاه فكري وسياسي وآيديولوجي متزمت ومتعصب ومنغلق على نفسه ويقاوم رياح الانفتاح والتغيير ومحاولات التكيف والاندماج مع متطلبات العصر ، وهو تيار مراوغ وخبيث يشدد على فرادته وضرورة تسيده انطلاقا من مقولات بالية واساطير التوقيع مع الأئمة الصالحين صكوك الخلاص والعهد الابدي في الحكم وفق التعاليم الشيعية بغية تخليص الشعب العراقي من الشرور ! يا للحماقة ... 
      الاحزاب المتأسلمة – الشيعية العراقية في اصوليتها تسعى للتعبئة الشيعية بحجة حماية الشيعة ومنع اندماجهم في المجتمع العراقي ، وتتذرع بالحجج بغية حماية الهوية الشيعية تارة والاسلامية تارة والخصوصية الدينية والثقافية لجماعاتها تارة... واخطر مافي الامر هو التبعات السياسية المترتبة على مثل هذا الخطاب العقيم ! وهي احزاب طائفية تفسر النصوص الدينية على هواها وحسب مصالحها لتستخرج منها خطابها السياسي والتعبوي الذي يسعى السيطرة على المجتمع العراقي وتحويله بالعنف الى مجتمع يتماشى مع مخططاتها ورؤيتها التي لا تختلف عن التوجهات الفاشية والدكتاتورية ، ولكن بقناع شيعي هذه المرة !                           

272
اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين )!
أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية هي موقف سياسي واجتماعي وفكري وديني وثقافي متخلف وطوباوي وعاجز يدعو الى التمسك بالاصول رغبة في الخلاص ! ، وتعبير عن الممجوجية الفكرية في وضع الحلول المقنعة  للمعضلات القائمة بالبحث عنها في الماضي وصيغه التقليدية وشعاراته البراقة . وتجليات أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية  متنوعة لكن منفصمة عن الواقع وقاصرة عن اصلاحه وتطويره ! لأتها ذات الموقف الآيديولوجي الجامد والرجعي المنسلخ عن الواقع الحي المتبدل والذي لا يستنبط الاصلاح من قلب المشكلات الواقعية ! والذي ينحسر مع اطلاق عنان الفكر وتحريره من اسر الآيديولوجية وانغماسه في الواقع دون التقيد بتصورات مسبقة .....  وتعارض أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية المسيرة المنتصرة للديمقراطية السياسية في العالم وتلح على الولاء لولاية الفقيه وجهابذة المرجعيات الشيعية وحوزاتها وتشيع المحافظة في الحياة السياسية وترفع شعار  اصمت وكن مع مشروعي والا ( فستكون من الكافرين ) سيئة الصيت ، لا بل تتعداه لأنها لا تطيق اي رأي مخالف ولا تتقبل الرأي المعارض ، وانها مستعدة لأستخدام أقذر الوسائل واخسها ضد خصومها السياسيين بما في ذلك التكفير والتحريض على القتل والأرهاب ضد العراقيين والمواطنين الابرياء وفق منهجية مبرمجة جبانة وخبيثة مصاغة في اروقة قم وطهران .
لم تجد نفعا محاولات ملائمة التوجه الرأسمالي مع  الأصولية الشيعية المعاصرة التي لا تزال تغذي الطائفية وكامل الولاءات دون الوطنية والعناصر الضيقة المناهضة للرأسمالية وحتى معارضة التحولات الاجتماعية التي تتجاوز الرأسمالية ... وتواجه النخب البورجوازية العراقية اليوم موضوعة صياغة البيت الشيعي ليتلائم في الاخلاق والنظرة الاجتماعية مع حاجاتها المجتمعية ، وتعيق عقلانية هذه النخب السلطات الدينية الشيعية وتحاول تكريس ماهو قائم بما في ذلك المضاربات التجارية والنشاط الطفيلي والكومبرادوري والفساد واستحالة تطبيق القواعد القديمة ، بينما يضعف انتشار الافكار والقيم العلمانية بالطبع سطوة المعتقدات الشيعية القديمة ويضعف تمسك الشيعة بالمعايير والممارسات البالية والتقليدية ! وتطالب اصولية  الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية  المتجسدة في البيت الشيعي اليوم بالسيطرة على الدولة كي تستطيع حل القضية الاجتماعية وفق مقاساتها اللاهوتية ، والبعض منها متذبذب بين بناء دولة ولاية الفقيه وبين النشاط الاجتماعي اللاهوتي بجانب نشاط الدولة ! بينما تعتبر الدول العصرية والديمقراطية البيوتات والمرجعيات الدينية مؤسسات حرة غير حكومية وجزء من المجتمع المدني . وتتجسد أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية بالاصرار على فكرة الحكومة الاسلامية وربط العراق بالتبعية الى ايران ، ومنح المشرع الايراني حق التشريع ، وسن القوانين . تلك الفكرة التي وان لم تعلنها هذه الاصوليات المحكومة بقيادات عائلة  آل الحكيم والصدر الصغير والجعفرية الخجولة والشهرستانية الكسيحة ، الا ان  مفهوم التقليد الشيعي يلزم الجميع باتباع كل ما يشرعه المجتهد الاعلى او الفقيه الايراني وحتى العراقي ، سواء اكان الخميني او خامئني او السيستاني او الحكيم  او اي قرقوش آخر ، وهو ملزم بحكم نظام المرجعية والتقليد باستشارة الفقيه – الولي بكل ما يتخذه من احكام.
  أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية  تسير عكس مجرى التطور الاجتمااقتصادي في العراق الجديد ، وهي اذ تحاول احتكار نظرة اتباعها للعالم وتستمد قوتها من ادعاء امتلاك الحقيقة الكونية القابلة للتطبيق نظريا تدرك انها وسيلتها الوحيدة بالسيطرة على الاوقاف الثرية وتصعيد مساهمات الزكاة والخمس ورد المظالم واداء الفرائض ... لا ضير في ذلك ، لكن الأحتكار السالف الذكر هو الآخر يتحطم موضوعيا على صخرة التحضر والتعليم الحديث والتأثير العلماني ، وهو احتكار محتضر قائم على قصاصات من نصوص وحكايات جدتي في القراءة للمبتدئين وتراثات غير واضحة في معظم الأحيان  . ان اصل المشكلة اليوم في العراق هي محاولة  أصولية الاحزاب المتاسلمة – الشيعية العراقية  المتجسدة في مايسمى بالأئتلاف العراقي الموحد والذي اطلقت عليه بحق في دراسات سابقة بائتلاف عرس الواوية ... تحويل الدولة العراقية الى مركز عصبوي جديد استبدادي طائفي بدل ان تكون وسيلة استخراج وبلورة الارادة والاجماع الوطني .... وهذا بحد ذاته احتضار سياسي  ومسخرة كاريكاتيرية تعري محاولات تكوين طائفة جديدة او قبيلة جديدة هي عصابة اصحاب الحكم واتباعهم !
    لا يحافظ  شعار المظلومية على حقوق الشيعة ، وتمثل مراسيم العزاء والاحتفالات الدينية في الحقيقة احد المصادر المالية لبناء امبراطورية راسمالية على حساب دماء الامام الحسين،و مهما طال الزمن بجبروتية هذه الاسطبلات الطائفية في استثمار الشعارات الطائفية ، الا انها بسقوطها  في حدود المصالح الضيقة لبعض رموزها ، فانها تؤسس لانتصار العلمانية ، بمعنى فصل الدين عن السياسة ... وسينفض عنها مؤيديها ، اللذين بدأت تتكشف للكثير منهم حقيقة ما يجري من الان. العصابات المناطقية – الطائفية وجرذان البعث في المدن العراقية وجهان لعملة واحدة جوهرها خدمة سدنة روضات عرس الواوية .وعليه يرفض الشعب العراقي الأبي الدستور الرجعي بصياغاته الراهنة التي تعبر عن الجهل المطبق بموضوعات الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الانسان وحقوق المرأة مثلما يرفض الدولة الدينية والكانتونات الحكيمية وعهر النخب الطائفية الشيعية العراقية في اسرة قم وطهران ! وإذا كان الخيار بين دستور رجعي أو حل المجلس الوطني فلا بد من إختيار الاخير، ولنبق مؤقتا على قانون إدارة الدولة  ...   

273
ستجر ايران اذيال الخيبة والحماقة عاجلا ام آجلا بعد  أن تترك العراق للعراقيات والعراقيين و تسحب "وكلاء" ها من العراق
الجمعية الوطنية  مطالبة باتخاذ مواقف الحزم والتضامن والادانة
•   استعرض أمين عام (المسلم الحر) الشيخ محمد تقي باقر بحضور جمع من المؤمنين في ولاية فيرجينيا الامريكية بمناسبة ليلة الرغائب (5 رجب) ... استعرض اوضاع ايران والعراق وما يجري فيهما من مأساة وظلم واعتداء وهتك للحرمات والمقدسات وكل ذلك باسم الدين، وقال: " موضوع الاعتداء الغاشم على العلويات المقدسات وهتك حرمة مقام السيدة المعصومة (رض) والمؤمنات، نساء واطفال، من جهة، وموضوع كنجي المعارض الايراني من جهة اخرى، والاغتيالات العشوائية وقتل الابرياء في العراق، وما يجري هنا وهناك في مختلف البلدان الاسلامية و نحن بامس الحاجة الى التكاتف والتآلف، في سبيل تطبيق الشريعة الاسلامية وماجاء به الاسلام، وكل ذلك يحز بالنفس. العين بصيرة واليد قصيرة . المرجعية تأمرنا بالتمسك باللاعنف والتي هي أحسن، والطغاة لا يفهمون لغة الرحمة والمحبة، واي تصرف يحسب له الكثير، وليس لنا الا الشكوى الى الله سبحانه وتعالى." يذكر ان السلطات الامنية الايرانية قامت ليلة 9/8/2005 باعتقال نجل الإمام السيد صادق الشيرازي سماحة آية الله السيد حسين الشيرازي وكذلك صهر الإمام الشيرازي الراحل سماحة السيد كاظم الفالي بعد الاعتداء عليهما بالضرب في حرم السيدة المعصومة سلام الله عليهما بعد أن جاء السيدان للتدخل لإطلاق سراح حوالي ثلاثين امرأة قامت المخابرات الايرانية باعتقالهن صباحا عند مرقد الإمام الشيرازي ، ومازال الجميع معتقلون حتى هذه اللحظة.
•   يبدو ان العصابات المسلحة التابعة لمقتدى الصدر وعبد العزيز الحكيم " ضالعة في اختطاف وتصفية الصحفي والكاتب الأميركي ستيفن فنسنت " . وقالت مصادر صحفية عراقية في البصرة " إن سيارة البيك ـ آب البيضاء التي كانت تقل الخاطفين هي نفسها سيارة الموت الجوالة التي تستخدمها العصابات الإجرامية المسلحة التابعة لمقتدى الصدر وعبد العزيز الحكيم رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية لتصفية المعارضين لممارساتهم الإرهابية التي تشبه إلى حد كبير ممارسات حركة طالبان الأفغانية " . وأشار المصدر إلى أن سيارة الموت الجوالة هذه " تابعة للشرطة الجنائية العراقية في البصرة التي ينتمي معظم ضباطها وأفرادها إلى جماعات الصدر والحكيم التي أسست دولة طالبانية حقيقية في جنوب العراق تحت إشراف المخابرات والحرس الثوري الإيراني ولم يعد ينقصها إلا علم رسمي وإعلان استقلال " !!
•   تستمد مكاتب تأجير الأستشهاديين في ايران قدسية أهدافها من الجهاد الأسلامي أيضا....ماشاء الله ! وتعقيبا على خبر أعلان "دعوة  جماهير َ الرعاع للتقديم لوظيفة ِ - استشهاديين – " في الصحف الايرانية " تطلب مجموعة تطلق علي نفسها اسم (القيادة المركزية لمحبي الشهادة) في اعلانات بصحف طهران تجنيد انتحاريين للقيام بعمليات للدفاع عن الاسلام " والمستند على تصريح الملهم الروحي للرئيس الايراني المنتخب مؤخرا ، فقد علق ابراهيم الجعفري بان مثل هذه المكاتب سيتم فتحها في كل محافظة من محافظات العراق لتشجيع الشباب من محبي الاستشهاد على الانضمام الى مكاتب المنظمة في مدن العراق!!!.هل يمكن تصور انحطاطٍ  فكري أدنى من هذا؟
•   توج رئيس الجمهورية الجديد والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد نشاطه بتوجيه نيران أجهزته القمعية إلى صدور أبناء الشعب الكردي في كردستان إيران وسقوط 19 شهيداً كردياً بينهم بعض الأطفال الكرد. وجاء استشهادالشاب الكردي شفان قادري من كردستان إيران، كي يعيد الانتباه إلى الحالة المزرية التي يعانيها الشعب الكردي في إيران ،لا سيما إن هذا الشهيد قضى نحبه تحت التعذيب الوحشيّ ، وتمّ التمثيل بجثته ، و سحلها في شوارع محافظة مهاباد ، كتحدّ سافر للكرد ،والقيم الأخلاقية ، والإنسانية ، وهو ذروة إرهاب الدولة !.
•   ابلغ السيد محمد رضا، نجل المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني، شخصيات دينية، وسياسية شيعية عدم رضا والده عن حكومة ابراهيم الجعفري، واشار الى قول السيستاني الاب بان ممارسات الائتلاف الذي افرز حكومة الجعفري «مرغت وجوهنا بالتراب».وبعد ايام معدودة  توجه الدكتور إبراهيم الجعفري، رئيس الوزراء، لزيارة السيد علي السيستاني.بعد أن خرج من عنده صرح بأن السيد السيستاني يبارك الانتخابات على أساس الدوائر الانتخابية وليس الانتخابات النسبية على مستوى العراق كله.  كما توجه السيد عبد العزيز الحكيم لزيارة السيد السيستاني، وبعد أن خرج من عنده بفترة صرح بأنه يسعى إلى إقامة فيدرالية شيعية من تسع محافظات. وكان يريد أن يوحي بأن السيد يؤيد هذه الفكرة الحزينة.! السياسة علم وفن وليست طرطرة وضحك على الذقون ياسادة ! .
•   قال  عضو الجمعية الوطنية عن لائحة " العراقية" حسين الصدر :  "نحن نجل المراجع الدينية كافة ولكننا نعتقد ان زجها بالعملية السياسية اليومية ،يعني شغلها بأمور تبعدها عن خدمة الصالح العام." وكان أياد جمال الدين الناشط السياسي العراقي والباحث في الشؤون الاسلامية قد حمل على تدخل المرجعية الشيعية في السياسة وانحيازها لتيار سياسي بعينه، مؤكدا انه "من الخطر استغلال الشرعية الدينية في السياسة، هناك كارثة تحيط بالشيعة والتشيع اذا استغل اسم المرجعية في الشأن السياسي. المرجعية التي عمرها 1300 عام لها مواقف مشرفة تجاه العراق ككل وليس تجاه الشيعة او جزءا من الشيعة فحسب". واضاف انه في خلاف ذلك اي عندما تتبنى المرجعية قائمة واحدة لا تمثل كل الشيعة سيكون هناك خطر على المرجعية نفسها لأن مكانة المرجعية وكرامتها رهنت بيد هذه الفئة من السياسيين الذين يحكمون الان فإن نجحوا فالحمد لله نقول تجاوزوا الازمة ولكن اذا فشلت فسينسحب فشلهم على مكانة المرجعية ونحن نخشى على مكانة المرجعية ان يصيبها بعض الغبار السياسي وكنا نتمنى ان تكون راعية لكل العراقيين.
•   عادت عمليات تهريب الوقود الى خارج الحدود للظهور مجددا وعلى نطاق واسع في البصرة. ويشاهد يوميا ابحار نحو(70) زورقا مختلفة الاحجام في مياه شط العرب قادمة من مناطق التهريب في مركز محافظة البصرة وابي الخصيب وسيحان التي عاد اصحابها يتعاملون من جديد مع مشتري الوقود العراقي المهرب شمال الخليج العربي .ويؤكد وزير النفط محمد بحر العلوم  ان سرقة النفط وتهريبه كانت موجودة ايام النظام البائد فلماذا نستغربها الان ونسال عنها ؟لا عجب في ذلك ، وهو بطل الحواسم الجديدة في الاتفاقات الخيانية مع الجارة – العاهرة .   
•   كشف شهود عيان عن حدوث عمليات تهريب منظمة تبدأ من شمال العراق الى مواقع المهربين في خور الزبير وصفوان للاغنام والجمال النادرة وقطع غيار لمعامل عراقية تمت سرقتها بعد انتهاء العمليات العسكرية في العراق 2003 وتمارس في وضح النهار وحسب المصادر فان معدل التهريب لا يقل عن 1000 رأس غنم يوميا ومئات الجمال .
•   اشارت مصادر صحفية الى ان القنابل المتطورة الجديدة التي يستخدمها الارهابيون في العراق يتم تصميمها في ايران . وافادت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر يوم 6/8/2005 نقلا عن مسؤولين في الجيش الامريكي ان الاسلحة الجديدة مصممة خصيصا لاستهداف العربات المدرعة مضيفة ان استعمالها بدأ منذ نحو شهرين . واكد ضابط بالجيش الامريكي ان هذه القنابل اسفرت عن مقتل واصابة العديد من الجنود الامريكيين في الاسابيع الاخيرة.
•   وقف التنفيذ مع سبق الاصرار للمذكرة القانونية بجلب واحضار والقاء القبض على مقتدى الصدر لدوره في قتل المرحوم السيد عبد المجيد الخوئي في الثامن من نيسان 2003 بل والتغاضي الحكومي الكامل عن محاسبة الصدر على  جريمته الكبرى في تدمير النجف ومدن الجنوب في هوجته عام 2004 ومسؤوليته عن مصرع الاف الشباب البريء من المغرر بهم!! ليكافا بدلا من ذلك ويتم توزير جماعته وانصاره ليمارسوا التخريب الممنهج والمؤطر بافعال الخرافة والدجل! فهل مقتدى الصدر ( ولي صالح ) ومن سلالة المعصومين وهو فوق القانون؟.. فوق هذا وذاك يتشدق السيد الجعفري بسيادة القانون و بدولة القانون بينما يجالس ويغازل" لأي سبب كان" رجلاً متهماً بجريمة قتل وقد صدرت بحقه مذكرة أعتقال مازالت سارية المفعول !!! .
•   في تقريرها الاخير اكدت اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ان إيران هي مصدر التصدير الرئيسي للسموم البيضاء الى العراق.
•   علاء التميمي وهو سياسي علماني مستقل ومهندس ازيح بقوة السلاح عن منصبه كرئيس لمجلس أمانة بغداد من قبل قوة عسكرية قوامها 130 مسلحاً من منظمة بدر ألتابعة للمجلس ألأعلى للثورة ألأسلامية يوم 10/8/2005 ، وتم تعيين عضو ألمجلس ألأعلى حسين ألطحان وهو قيادي عسكري في منظمة بدر رئيساً بدلا عنه ! ويقول التميمي  "كان أنقلاباً عسكرياً أستخدمت فيه ألقوة ألمسلحة وأني أضطررت على ألأختفاء حفاظاً على حياتي".!

274
   دخل الاحتلال الاميركي في العراق عامه الثالث وتشكلت تحت وصايته حكومتان بعد حاكم مطلق الصلاحية أمريكي الجنسية يعاونه مجلس حكم. لم تلتزم قوات الاحتلال اعادة اعمار سريعة للاقتصاد العراقي ولا اعادة بناء سياسية. ولم تستنفر الحركات الوطنية العريضة التي تعبّر عن التوجه العميق في الرأي العام الذي ساد بعد ثورة تموز المجيدة عام 1958 وحتى قيام الدكتاتورية البعثية ، ولم يصر الى التعاون مع النقابات الاصيلة وكوادر الجيش الذين عانوا القمع الصدامي والذين يجسدون الشعور الوطني العراقي، ولم يستنهض التوجه الاجتماعي العام المعاصر في  تعميم التعليم والعلمانية النسبية في التشريع او حقوق المرأة. ان الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنمو التذمر الشعبي وسخطه على الحكام الجدد كانت متوفرة منذ المرحلة الاولى للاحتلال فلم يبق سوى الشروط العسكرية التي كانت جاهزة هي ايضا فبرزت التمردات المسلحة  وتصاعدت وتيرة الارهاب .
     الكهرباء وبعد سنتين على الاحتلال ورغم وجود سلطات وهيئات حكومية مازالت رمزية في بلد يعيش شعبه في مجسم جهنمي يتساوي فيه الحر والقر وتتعدي درجة الحرارة فيه صيفا الخمسين درجة ... ووصلت ساعات القطع المبرمج الى عشرين ساعة يوميا في العديد من احياء العاصمة بغداد بمعدل ساعة كهرباء مقابل ست ساعات قطع وهو ادنى مستوى للطاقة منذ سنوات طويلة . تعاني ثلاثة ارباع المنازل العراقية من عدم انتظام توزيع التيار الكهربائي ولا سيما في بغداد حيث تبلغ النسبة 92% من مليون ومائة الف منزل. وفي مواجهة هذا العجز الهائل في الطاقة تملك 29% من هذه المنازل او تتقاسم مولدا كهربائيا مع زيادة النسبة في المدن (32%) عنها في المناطق الريفية (19)%.
    كان وضع الكهرباء قبل عام 2003 كارثة على صعيد البلاد ككل. ففترات انقطاع التيار الكهربائي في وسط العراق وجنوبه امتدت الى ما معدله 10 - 12 ساعة. كان الوضع في أنحاء كردستان العراق الأسوأ. ولتقنين التيار، أصدرت السلطات الاقليمية فيها توجيهاً بأن في إمكان كل بيت استخدام أمبيرين من التيار، أي ما كان يكفي لإضاءة ثلاثة مصابيح وجهاز تلفاز واحد. وارتفع المعدل الى 4 أمبيرات ليصبح في الإمكان تشغيل براد. والى جانب ضخامة عدد المواد التي أعاقها مجلس الأمن، كانت هناك مشكلة بيروقراطية العقوبات التي تمثلت في تأخير طويل لوصول الامدادات الكهربائية ، قطع الغيار المفقودة ، وقلة الطاقة البشرية وظروف القحط ، وبرامج التأهيل المحدودة التمويل بشكل خطر. وكان لهذا كله تأثيره السلبي على جميع أوجه البقاء، من الحياة البيئية الى العمل في المستشفيات والمدارس والمكاتب، ومضخات البنزين ومطاحن الدقيق والري وشبكات مصاريف المياه، والصناعات القليلة التي كانت لا تزال تعمل في العراق. ان تزويد بغداد بالطاقة كهربائية بشكل متواصل قبل الحرب في 2003 غطى الاهمال الشديد في الشبكة الكهربائية في انحاء العراق. ففي الواقع اهمل نظام صدام حسين الصيانة الروتينية للمحطات الكهربائية و استبدال قطع الغيار و عمل على تحويل الطاقة الكهربائية الى بغداد من باقي المناطق و ذلك لسد احتياجات الطاقة في بغداد. اما بعد الحرب فقد وجد المهندسون ان انظمة محطات الطاقة كانت قديمة بعمر 15- 30 سنة مع انعدام قطع الغيار و في بعض الحالات اضطرت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية الى طلب قطع غيار حسب الطلب مما يؤخر مشاريع الاصلاح القياسية لعدة اشهر.ومع رفع الحظر التجاري و زيادة السيولة الاقتصادية الداخلة الى العراق فقد تم شراء اجهزة حاسوب واجهزة تكييف و برادات ، وهذا ادى الى زيادة الطلب و الحاجة الى الطاقة الكهربائية . ارتفعت ذروة الطلب خلال فصل الصيف لعام 2005 الى 800 ميغاواط اكثر من صيف 2004  . وتواجه الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID و وزارة الكهرباء MOE صعوبات في اصلاح الانظمة المتضررة في بيئة صعبة ومع الطلب المتزايد على الطاقة.
    يلجأ العراقيون الميسورون اليوم مجبرين الى استخدام المولدات الكهربائية الصغيرة التي تحتاج بدورها الى وقود ان وجد فهو باسعار عالية جدا. ويباع لتر البنزين في محطات الوقود بعشرين دينارا لكن العراقيين يجبرون على شرائه ب 500  دينار  من السوق السوداء لكي يتجنبوا الوقوف ساعات طويلة في طوابير امام محطات الوقود . المدن العراقية تعاني الازمة الحادة في الكهرباء والوقود، ومن يشاهد الطوابير امام محطات الوقود يقول ان العراق ليس فيه قطرة نفط.   تشهد المدن العراقية الازمة الوقودية الخانقة التي ادت الى امتداد الطوابير امام محطات التوزيع بضعة كيلومترات.  لا وقود، لا كهرباء، لا عمل، هذا هو مثلث المصاعب الذي لا يرحم في غالبية ارجاء العراق بالرغم من بعض التحسن الطفيف هنا او هناك. هكذا صار العراق بدون كهرباء وثلاجات ومياه باردة ولتنعدم الخدمات في دمار البني التحتية المتعمد وتتوقف الكهرباء والمياه والصرف الصحي وتتراكم النفايات... بسبب غياب الكهرباء احيلت الثلاجات المنزلية الى الراحة الاجبارية وغدا اللجوء الى شراء الثلج حاجة لا بديل عنها.ويبدو ان معامل الثلج في بغداد غير قادرة على سد الحاجة الاستهلاكية المتزايدة...  الحياة اليومية للمواطن العراقي بائسة، لا ماء، لا كهرباء، لا نفط ، لا أمن ، ولا مواد غذائية في متناول الطبقات الشعبية والعادية ...  غلاء تجاوز التصورات حاولت السلطة مقاومته بزيادة رواتب تكاد تعجز عن مجابهة الارتفاع المتزايد لجميع السلع. عمليات قطع التيار الكهربائي التي تقوم بها وزارة الكهرباء لتوزيع إمدادات الكهرباء غير الكافية تؤثر على العراقيين في بيوتهم وفي أعمالهم أكثر من أي شيء آخر. التيار الكهربائي الذي يغذي المرافق الحيوية العامة كالمستشفيات لا يتأثر ولا يتم تخفيضه خلال فترات القطع المبرمج ، إلا أن نظام توزيع الكهرباء العراقي عرضة أيضا لأعطال كبيرة تضطر أثناءها المرافق الأساسية إلى اللجوء إلى الاستعانة بمولدات الكهرباء لكي تستمر بعملها ، وهي مولدات تتميز بالضوضاء والتلوث البيئي . يالها من مأساة !. في دوائر الكهرباء الشكوى تذهب ادراج الرياح  ، ووزارة الكهرباء عاجزة عن اداء عملها الا بوجود الطفيليين على دماء البسطاء من ابناء الشعب . من يتحمل تكاليف انقطاع الكهرباء ومن يتحمل كلفة المصاريف التي صرفتها العوائل العراقية على الكهرباء؟. الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي في وزارة الكهرباء وحكومة عرس الواوية يدخل  سجل "غينيس" للأرقام القياسية....! ومثلما كان وضع الأمم المتحدة المتمتع بالامتيازات مفضوحاً بصورة صارخة خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي في المساء، حيث كانت الأحياء المجاورة لمكاتب الأمم المتحدة في فندق القناة تغرق  فجأة في ظلام دامس، فيما تبقى مكاتب الأمم المتحدة ساطعة بالأنوار، كما مكاتب الأمن العام المجاورة لها وقصور صدام حسين ومنازل القادة والسفارات ، تعيد منتجعات المنطقة الخضراء ومقرات القوى السياسية المتنفذة ومكاتب ودور قطط العراق الجديد السمان والحسينيات – دور العبادة الشيعية الكرة من جديد ... لتبقى التحالفات المزعجة بين أصحاب الامتيازات وعلى نقيض حاد من أحوال الأغلبية الساحقة من العراقيين الذين  لهم كل الحق في الضوء لكنهم يحصلون عليه بشكل متقطع. الى ذلك كثرت سرقات النفط  سرا وعلانية ليغرق العالم بنفط العراق ، والعراقيون يبحثون عن زجاجة نفط لسيارة ، ولاتزال فضائح بملايين الدولارات حديث الناس والصحف والإذاعات العالمية. وأصبح العراق مسرحا للمواد والبضائع الفاسدة لانعدام الفحوص والمراقبة على الواردات ، وبدأت المصانع العالمية تصدر كل فاسد لديها عبر تجار العراق المحترفين. لقد حدثت أشياء سيئة كثيرة، أعمال النهب ، الكهرباء غير موفرة، والحالة الأمنية مترديّة. لقد قدم الأميركيون  إلى العراق وقالوا "جئنا لحمايتكم" لكن المكان الوحيد الذي حموه من الناهبين كان مبنى وزارة النفط الذي تعرض هو الآخر لقصف المخربين .  بإمكان اي محتل نقل الدبابات عبر العالم لكن ليس بإمكانه جلب مولدات كهرباء صغيرة إلى المدن! . هل يجوز أن يعيش أهل العراق بدون كهرباء ولا حتى توفير الماء لهم، وهم  يعيشون في بلاد الرافدين؟
     تم تصميم محطات توليد الكهرباء وشبكة توزيع الكهرباء في العراق لسكان بلغ تعدادهم 16 مليون نسمة ، وبالكاد جرى تطويرها أو تحديثها منذ ذلك الحين، بينما نما تعداد السكان اليوم ليصبح 27 مليون نسمة. ومع ازدياد الطلب على التيار الكهربائي، تم دفع نظام توليد وتوزيع الكهرباء إلى أقصى حدوده مما أدى إلى تدهوره بشكل متزايد. البنية التحتية في حالة هشّة بالتأكيد لأنعدام وتواضع الميزانيات والصيانة وبسبب الفقر التكنولوجي وسيادة العلائق البيروقراطية والانتعاش الطفيلي وشيوع الفساد وعشعشة جرذان البعث ودبكات الرقص على وحدة ونصف . الهياكل الإدارية عفا عليها الزمن والمدراء يغوصون في وحل الحلول المؤقتة الطوباوية والشعوذة والسحر  بدل اتخاذ قرارات استراتيجية للتخطيط المستقبلي.
   أنابيب الوقود في العراق ونقل الوقود بواسطة ناقلات الوقود برا عرضة بشكل كبير للعراقيل التي تسببها أعمال التخريب وتخويف سائقي ناقلات الوقود التي تفننت بها العصابات المناطقية – الطائفية والعشائرية التي تعمل كلجان شعبية تارة ووكلاء امن لداخلية ائتلاف عرس الواوية تارة ، وهي عصابات ممولة اقليميا وبالأخص من  ايران وسورية . ويطال التخريب مرتكزات الشبكة الكهربائية العامة ايضا. ان بعض ابنية المحطات الكهربائية تتخذها القوات المتعددة الجنسيات معسكرات لها وبذلك تستهدف بين فترة واخرى من قبل العناصر الارهابية، ويقوم افراد الجيش العراقي واخرون من وزارة الداخلية بالتجاوز من خلال اجبار مسؤولي المحطات الكهربائية على تجهيزهم بالتيار الكهربائي خارج فترات القطع المبرمج. الأمن والـخدمات علاقة لا يمكن فصلها ، هذا تقصير في النظرة الحكومية للامن في العراق الذي بات جزءا كبيرا منه يرتبط بتوفير الخدمات وليس بتوفير اكبر كمية من التجاوزات واللقاءات والاجتماعات والكلام الكثير الجميل الأنشائي الذي عرف به ائتلاف عرس الواوية .
     ليس هناك حافز لأن يعمل المواطنون على الحد من استهلاك الكهرباء. وفتح استيراد البضائع في العراق قائم على قدم وساق ليصبح لدى الفئات الميسورة من العراقيين الدخل الكافي لشراء الأجهزة الكهربائية. الطلب على الكهرباء مرتفع بشكل خاص خلال شهور فصل الصيف حين يتم اللجوء لتشغيل مكيفات الهواء والمراوح الكهربائية على نطاق واسع جدا. وتم تقدير ارتفاع الطلب على الكهرباء بمعدل 30% خلال عام 2004. ان استهلاك الكهرباء في المنزل هو جزء من الاستهلاك العام للكهرباء في البلاد، فما هي الطرق الكفيلة بترشيد استهلاك الكهرباء في المنزل، دون الحاجة الى فتاوي مرجعيات التساقط الدينية يا ترى ؟ التعامل مع المصادر المستهلكة للكهرباء، بأقل استهلاك ممكن، التوزيع الدقيق والمنظم لمصابيح الإنارة، وعدم الأكثار منها، وتحاشي الفوضى في توزيع النقاط الكهربائية . أن كثرة الطلب على الكهرباء من قبل المواطنين، ليس السبب في الانقطاعات المستمرة التي يشهدها العراق في الوقت الحاضر لأن مصانع التصنيع العسكري في الزمن الأغبر كانت تستهلك 80% من كهرباء العراق، وها هي المصانع أصبحت أثر بعد عين وأمست أرضا جرداء بسبب ابطال (الحواسم).
     ورغم الجهود المنظمة والمنسقة لإعادة تأهيل نظام توزيع الكهرباء فإن نقاط الضعف والهشاشة  إلى جانب التأثير المستمر لانعدام الأمن والحاجة الماسة لإيقاف محطات التوليد عن الخدمة لأغراض الصيانة الأساسية ، جعل معدلات توليد الكهرباء حاليا تقريبا في نفس مستوى توليد الكهرباء مباشرة قبل الحرب عام 2003 .  وبسبب عمليات التخريب والاهمال الطويل وتجاوزات المحافظات الجنوبية من خلال الاستحواذ على اكبر كمية من دون وجه حق والفساد وذبح النحائر، فإن شبكة الكهرباء العراقية لا تنتج اليوم الا نصف الكهرباء التي يحتاجها العراق رغم الجهود الدولية لإعادة بناء القطاع. تقوم عدة اطراف في وزارتي الداخلية والدفاع باجبار مسؤولي المحطات الكهربائية في مدينة بغداد وعدد من المحافظات باستثناء مناطقهم او المناطق التي فيها معسكراتهم من القطع المبرمج ، وادى ذلك الى عدم العدالة في التوزيع وانهيار الشبكة الكهربائية في بعض الاحيان منها نقص كميات الوقود المجهزة للمحطات الكهربائية الى جانب التجاوز من قبل المواطنين . وستتحقق الزيادة المتوقعة الى مستوى ستة آلاف ميجاوات في آب 2005 بحسب الوزير شلش ، من مضاعفة الواردات من ايران الى 200 ميجاوات وزيادة مماثلة في الواردات التركية الى نحو 300 ميجاوات. ويذكر شلش ان "صفقات جديدة وقعت في طهران ستجعل ايران المصدر الرئيسي للكهرباء الى العراق بحلول صيف 2006  ، وان محادثات على مستوى عال تجري مع الكويت لتزويد العراق بالكهرباء بما يصل الى 500 ميجاوات". الوعود الشلشية تتناغم مع وعود ايهم السامرائي الأستعلائية لأن (جيوب) الناس ستكون خلال فترة الثلاث سنوات القادمة على الاقل مخصصة للمولدات و(اللالات) وبهذا تكون الحكومة قد رفعت الراية البيضاء في معركتها ضد الكهرباء. والتعويل على الدول الأقليمية في مضمار الكهرباء حديث فارغ  يؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من استقلالية السياسة الطاقوية العراقية لأن من غير المعروف كيف ستتطور العلاقات العراقية مع دول الجوار مستقبلاً مع بقاء الأضطراب السياسي في بلادنا  ، واتفاقيات من هذا النوع تضع القيود على حرية واستقلالية السياسة الوطتية العراقية ، والأتفاق مع ايران اليوم في ظل بقاء القضايا السياسية العالقة بين البلدين يصب في خانة الخيانة العظمى يقدم مرتكبيها الى المحاكم لنيل جزاءهم العادل بعد الأنتهاء من محاكمة سيدهم الطاغية صدام حسين  . هكذا ستبيع  إيران الكهرباء الى محافظتي واسط وميسان الواقعتين جنوب شرق العراق من مدينتي مهران وديهلوران في محافظة إيلام غرب إيران. العراق  يستخرج  الآن نحو 2,1 مليون برميل نفط يومياً قياساً بـ 2,8 قبل الاحتلال ..وأن تهريب النفط  يوميا هو سرقة مضاعفة في ظل تدهور الإنتاج ، وفي ظل الحاجة الماسة للمشتقات النفطية في تشغيل مولدات الطاقة لعدم وجود خدمة الكهرباء معظم اليوم ، وان التبرع المجاني بتزويد الجيران بالنفط هو أيضا الفساد بعينه لأن "ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع ".
    ان 70% من مشاريع اعادة الاعمار التي تنفذها بعض المنظمات الامريكية اما من خلال هيئة الاغاثة الامريكية او الجيش الامريكى تذهب الى محافظات ومناطق هي اصلا لا حاجة لها فيها وانما بحجة ارضاء المتمردين وغالبا ما تذهب الى المتنفذين وبعض رجال العشائر الفاسدين والقسم الاخر الى جيوب بعض القائمين على تنفيذ هذه المشاريع ومن خلال شركات ووكلاء وباسعار خيالية. هنا يكمن بعض من اسرار اختفاء اموال اعادة الاعمار.
    احتياجات قطاع الطاقة الكهربائية على المدى الطويل كبيرة للغاية. ومعالجة هذه الاحتياجات تتطلب وضع استراتيجية وطنية شاملة للمدى الطويل تتضمن برنامجا للإدارة المثلى والإصلاح في مجال التسعير لضمان الجدوى الاقتصادية لهذا القطاع ، وبرنامج استثمار يمتد من 10 إلى 15 عاما . ويجب أن تربط هذه الاستراتيجية ما بين توليد الكهرباء وإنتاج وتوفير الوقود لضمان أن تتمكن صناعة النفط العراقية من توفير الوقود الكافي، من النوع الملائم، لمحطات توليد الكهرباء. وعليه يكون قطع التيار الكهربائي لإدارة الطلب على الكهرباء ضروريا على الأقل حتى عام 2007. كل ذلك يستلزم القيادة القوية من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، والرؤية العقلانية  لتحويل قطاع الطاقة إلى صناعة حديثة في القرن الحادي والعشرين تخدم احتياجات جميع العراقيين.
   السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ فوضى الكهرباء البناءة  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية ، كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات اللاوطنية والطائفية والعشائرية ، وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي... فهذه السلطات غير بعيدة  عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي يهدد بحرب اهلية.ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة، يرتبط بشكل كبير، بالتصدي الجدي، غير الانتقائي وغير المسيس، لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.
    السؤال المخيف الذي يطرحه الناس تري هل تنجح محاولات إشعال حرب أهلية طائفية في العراق فيرتاح الأمريكيون والايرانيون والإسرائيليون والسوريون ... وبذا لا يعد من مبرر لانسحاب القوات الأمريكية التي سوف تقف تتفرج على اللهيب المخيف ، كما لا يعد مبرر لتخوف الانظمة الأقليمية من النموذج العراقي في الديمقراطية  . على الحكومة العراقية ومؤسساتها، تقع كل المسؤولية لتحقيق ما يحتاجه أبناء العراق اليوم، لأن البدء في البناء والعمران وتشغيل العاطلين عن العمل وتوفير الخدمات سيوجه أكبر ضربة للإرهاب والإرهابيين، وليس العكس كما يطرح البعض، بأن الحكومة العراقية غير قادرة على تنفيذ برامجها ومشاريعها في الإعمار والبناء وتقديم كل الخدمات للشعب بسبب الوضع الأمني القاهر الذي يمر به البلد .
    ان محاربة الإرهاب والقضاء عليه، لا يمكن أن يتم من خلال العمل العسكري والأمني فقط ، بل يتطلب النهوض بالعامل الأقتصادي وتحسين الظروف المعاشية والقضاء على البطالة بكل أشكالها وتوفير كل الخدمات الأساسية... كل هذه العوامل وغيرها تساعد في إضعاف النشاطات الإرهابية والإجرامية المختلفة. لذلك ينبغي على الحكومة العراقية والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التنسيق والتعاون والعمل من أجل الوصول بالعراق الى شاطئ الأمان والعيش الكريم للمواطنين وعودة الإبتسامة على شفاه الأطفال والأمهات والآباء في ظل عراق الحرية والديمقراطية والمحبة والتآخي والسلام والدستور العلماني .

275
تعاني بلادنا الغنية بالنفط  والتي تحتل المركز الأكبر الثاني في العالم من حيث الاحتياطي النفطي ( ويضعها بعض الخبراء في المركز الأول إذا أخذت بنظر الاعتبار الاكتشافات النفطية الجديدة ) .. تعاني اليوم من الارتفاع  اللامعقول في معدلات البطالة ، سوء التغذية ، الفقر ، الاستعصاء في توفير الخدمات الاساسية  كالكهرباء والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وبقية الخدمات الصحية والاجتماعية ، الفساد.. تجاوزت هذه المستويات معدلاتها الكارثية ابان العهد الاغبر رغم مضي عامان على اندحار الصدامية والفكر القومي البائس ... 
•   الفساد والاستثمارات والبطالة
يتلقى اليوم  85% من مجموع الشعب العراقي البالغ عدده 27 مليوناً الطاقة الكهربائية بشكل متقطع وان 83 % ليس لها مصدر موثوق للمياه النقية، 37 % فقط ترتبط بشبكة الصرف الصحي (المجاري) .... في الوقت الذي  بلغ به معدل دخل الأسرة 144 دولاراً عام 2004 قياساً ب 255 دولار لعام 2003 . ان 75%  من الدور يسكنها مالكوها لكن 25 % تعرضت للدمار  في العامين الاخيرين فقط ، لا سيما في المناطق الساخنة من البلاد . وبالنسبة لمعدل الوفيات الطبيعية يذكر أن من مجموع 100 ألف مواطن يتوفى اليوم 193  في حين تبلغ النسبة 23 حالة وفاة طبيعية مقارنة مع السعودية... ويعاني نحو 25 % من أطفال العراق من حالة النقص الغذائي طويلة الأمد. أن 84 % من مؤسسات التعليم العالي في العراق تعرضت «للتدمير والتخريب والنهب» منذ بدء الاحتلال الاميركي عام 2003، إضافة إلى اغتيال حوالى 50 أستاذا جامعيا و«التهديدات الموجهة إلى الآخرين» في هذا القطاع. أن عملية إعادة الإعمار الجارية «تشمل 40 %» فقط من مؤسسات التعليم العالي. وتتواصل هجرة الأساتذة المتفوقين إلى المناطق الأخرى بحيث غادر حوالى 40 % منهم منذ عام 1990 ، والعزلة الطويلة التي يعاني منها الجسم التعليمي غير المؤهل أصلا.ولازالت  نسبة الدوام الدراسي للطلبة المسجلين يبلغ 55 % حيث كان النظام الدراسي  من أفضل الأنظمة التعليمية والأكاديمية في الشرق الأوسط في عقد الثمانينات ، وان 74 % فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 24 قادرون على القراءة والكتابة . 
يؤكد الدكتور إبراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية أن إجمالي حجم الأموال المتداولة في عمليات الفساد في العالم العربي تتراوح بين 300 إلى 400 مليار دولار سنوياً طبقاً لتقديرات البنك الدولي الذي صنف العالم العربي وحالات الاستثمار والتجارة فيه بأنه من أكثر مناطق الفساد المالي والإداري في العالم الأمر الذي يفسر عدم عودة الأموال العربية المهاجرة بل وزيادة حجم هجرتها للخارج وإصرارها على عدم العودة رغم المخاطر الكبيرة التي تتعرض لها في الخارج خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وأعتمد الدكتور قويدر في معلوماته على  تقارير البنك الدولي التي تؤكد أن حجم الفساد المالي الذي يؤثر في الاقتصاد في العالم يصل إلى تريليون دولار سنوياً منها حوالي 30 % إلى 40% بالعالم العربي فقط وهو ما يعني أن حجم أموال الفساد التي تنخر الاقتصاد في البلدان العربية استناداً إلى هذا التقرير تتراوح من 300 إلى 400 مليار دولار سنوياً . وهذا المبلغ الضخم بغض النظر عن الآثار السلبية الذي يسببها للاستثمارات وما ينعكس على الصحة العامة إلا أنه يكفي لتوفير أكثر من 20 مليون فرصة عمل في العام الواحد . وهو ما يعني أيضاً أن تخصيص هذا المبلغ لمدة عام واحد فقط كفيل بالقضاء نهائياً على ظاهرة البطالة علما ان الدول العربية بحاجة إلى توفير 4.3 مليون فرصة عمل جديدة سنوياً للحفاظ على معدلات البطالة الحالية حيث يساوي هذا العدد حجم الداخلين إلى سوق العمل سنوياً في الدول العربية. مما يزيد الأمر صعوبة أن نسبة العجز في توفير هذه الفرص تصل إلى 50% أي أن هناك عجزا سنوياً يبلغ مليونأً و 700 ألف فرصة عمل في عدد الوظائف المطلوب توفيرها وأن الفساد سبب رئيسي لهذا العجز.
•   الرشوة والشطارة والفهلوة
     الفساد جريمة لا يستطيع احد ضبطها بسهولة لأنها جريمة ضمير قد لا تمس القانون ولا تتجاوزه بالأخص عندما تكون الانظمة والقوانين القائمة غير منسجمة مع روح العصر . وتبدو الالاعيب الادارية ، واختلاق المبررات ، والاختلاسات والرشاوي ، والابتزازات ، وممارسة التجارة غير المشروعة ، وغسيل الاموال .... تبدو جميعها احيانا لا تمس الانظمة المعمول بها لأنها تخفي جوهر الجرائم . وتشمل التجارة غير المشروعة التهريب المنظم للبشر والسلع والاموال ،  وتجارة المخدرات والدعارة والقطع الاثرية والاعضاء البشرية!...الخ . وعندما تنتشر الرشوة والفساد في بلد ما فهذا لا يدل على فساد الضمائر فحسب وانما يدل على سوء توزيع الثروة . ويؤدي انخفاض القدرات الشرائية وحجم الطلب على السلع بسبب تدني الاجور والرواتب الى الركود والكساد الاقتصادي ، وانحسار العرض ، ونقص الانتاج ... بينما يخلق خلل السياسة الضريبية المتبعة الهوة بين النفع العام والمنفعة الخاصة لصالح حفنة من الاغنياء والطفيليين وليستفيد قطاع التهريب من فوضى الاسعار وفقدان السيولة النقدية . ويتحول الفساد الى اخطبوط يلتف حول المجتمع .. وليتحول الابتزاز الى طقس حياتي  يومي يمارسه اصحاب الضمائر المتعفنة في ظل العماء العارم ليرتع المفسدون على هواهم وسط لا مبالاة واتكالية المجتمع واستمرائه للفساد وكأنه اصبح حقيقة من حقائق الحياة لا يمكن العيش بدونها ! ويصبح الفساد اسلوبا ونمط حياة في المجتمع ويحاصر من يقف بوجهه ..
    نظام الواسطة هو جسر العلاقة الفاسدة التي تربط السلطة بالشعب . وتحتاج الواسطة الصغيرة في العادة الى واسطة اكبر منها في سلم النظام  الهرمي في مؤسسات الدولة والمجتمع ..... ويسود نظام الواسطة ( فيتامين واو ) وعموم الفساد  في فترات التراجع السياسي والثوري والانفصام الديني والوطني ، ونهوض الولاءات العصبوية ما دون الوطنية .... بديلا عن القانون والآلهة معا لتتقاطع مصالح الشرائح الطبقية الفاسدة في المنعطفات التاريخية مع هذه الولاءات الرجعية .
الرشوة والتهريب والغش وبيع الوظائف والاختلاس والبيروقراطية والروتين والابتزاز والعمولات والواسطة  .. من مظاهر جرائم الفساد في العراق . تعددت أشكال الفساد فمن الروتين القاتل الذي لا يتحرك إلا بالرشوة، إلى الغش وتزوير العلامات التجارية الوطنية و العالمية على الأغذية والصناعات التجميلية والأدوية مروراً باستخدام الأساليب العصرية  في عمليات الاحتيال والنصب الإلكتروني المنظم التي لا تترك أثراً أو دليل إدانة للجاني. الرشوة لها 4 أركان في معادلة ثابتة على الدوام وهي الموظف والمواطن الذي يتلقى الخدمة ثم إجراءات العمل وقواعده ثم المجتمع . يعاني الموظف من انخفاض الراتب وانخفاض الروح المعنوية وشعور بالاحباط ، والمواطن لا يعرف حقوقه، وإجراءات وقواعد العمل تحتاج إلى التحديث .المجتمع-  التربة التي تساعد على نمو وانتشار الرشوة أو الحد منها  وهو ما ينقص العراق في ظل اهتزاز القيم العليا حتى أصبحت الرشوة ومظاهر الفساد وكأنها أقرب إلى العادة مما جعلها قيدا أمام التطور الاقتصادي. هكذا أصبح الفساد الاقتصادي يعرف بمسميات جديدة منها الشطارة والفهلوة .ويعتبر الموظف العمولة غير الشرعية أو الرشوة مجرد تحسين للدخل ، بل اكتسب الفساد موجة من المشروعية في الجهاز الإداري بحصول بعض القيادات على ما لا يستحقون فأصبح الموظفون الصغار يقتدون بالكبار في السلوك غير السليم وخلق نوع من الفساد الشامل . انتشار الرشوة التي هي نوع من الفساد الإداري يتمثل في سوء استغلال الموظف للسلطة الممنوحة له لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة هي في الحقيقة ممارسات غير أخلاقية في الإدارة العامة وتؤدي إلى تعطيل المشروعات وهروب الاستثمار وإهدار المال العام والخاص .الفساد يزداد في ظل ظرفين هما احتكار السلطة والمشروعات والخدمات وانعدام الرقابة الصارمة التي تحاسب كل منحرف حتى لو كان من الكبار!.
•   الغش الصناعي والتجاري
   الغش الصناعي  - فساد اقتصادي كقيام الفرد  بإنشاء مصنع غير قانوني او سري والعمل على تقليد الماركات العالمية والوطنية أو باستيراد قطع الغيار الرديئة لتجمع من جديد وتصبح أجهزة تباع داخل الدولة تنافس الصناعة المحلية لتصاب المصانع الحقيقية بخسائر فادحة ، او انتاج السلع الصناعية المبتكرة التي يحتاجها المستهلك مثل "الصوبات الكهربائية "  مثلاً ولكن بشكل بدائي . تعد هذه الأنواع من الانحرافات الصناعية في غاية الخطورة إذا ما دخلت في المحركات مثلاً أو الكيبلات الكهربائية وغير ذلك من الأنواع التي تهدد حياة الأفراد مباشرة . بالتالي لابد من حصر القائمين على مظاهر الفساد الصناعي بالغش والتقليد وضرورة العمل على رعايتهم وتوفير الإمكانات لتطويرهم ووضعهم تحت الرقابة الصناعية ومساعدتهم في الحصول على قروض بشروط وفوائد ميسرة وإمدادهم بالتكنولوجيا الحديثة وتسويق إنتاجهم وإشراكهم في المعارض مما يسهم في خلق صناعة صغيرة حقيقية وقوية بمواصفات عالمية  ، والإغلاق التام لها يخلق البطالة ! .
   يصل الفساد في مجال صناعة العطور الى نسب مرتفعة حيث الغش والتقليد والتهريب في السوق العراقية ليجري تقليد الخامات العالمية بأخرى رخيصة، واكثرها غير صالحة للاستخدام الآدمي ، واستخدام العبوات الفارغة التي تجمع عادة من القمامة ، وتقليد شعارات الشركات الكبرى الشهيرة في هذا المجال.ان الفساد في مجال صناعة مستحضرات التجميل يرجع أساساً إلى أن هذه الصناعة من الصناعات الخفيفة التي تحتاج إلى خامات ومعدات بسيطة ومساحات محدودة وهذا الأمر يستلزم تكثيف الحملات على المحال والأسواق وتطبيق القوانين بطريقة صارمة تمنع كل أشكال الفساد الصناعي في هذا المجال. و ترجع أسباب نجاح صور الفساد والغش التجاري في مجال مستحضرات التجميل أكثر من أي صناعة أخرى إلى ارتفاع أسعار الماركات العالمية وانخفاض مستوى الدخل وقيام بعض التجار بتشجيع صور الفساد الصناعي ببيع وتسويق المنتجات العشوائية بأسعار منخفضة لما تحققه من أرباح أضعاف ما يحققه بيع المنتجات الجيدة ،كما أنها تباع من دون رقابة ولا توجد أي مواد قانونية تؤدي إلى تجريم مثل هذه الصور من الفساد والغش التجاري. الغش التجاري  يعد أهم مظاهر الفساد الاقتصادي.
     أن أكثر قضايا الغش تتعلق بالأطفال سواء كانت سلعاً غذائية كالألبان أو "البسكويت" و"الشيكولاتة" وحتى لعب الأطفال لأنها تمثل خطورة على هذه الفئة من الأطفال . يرتبط غش المواد الغذائية بعدم مطابقتها للمواصفات أو انتهاء صلاحيتها أو عدم وضع البيانات السليمة عليها أو الإخلال الجوهري في العوامل المكونة لتلك المادة وهنا يخضع كل من المنتج والعارض للعقاب لأن القانون يفترض فيه العلم.
   ان عمليات الفساد والغش التجاري والاقتصادي أصبحت ظاهرة ومشكلة يعاني منها الاقتصاد والمجتمع في العراق وأصبح الأمر يتطلب مواجهة حازمة لتلك المشكلة قبل أن تصبح من أهم العوائق التي تواجه الاستثمار.. خاصة ان هذه الظاهرة تتفشى في مناطق أخرى من العالم. ان دول العالم بدأت بالفعل الإعداد لتطبيق نظام دولي جديد تم إقراره في منظمة "الايزو" العالمية تحت اسم كود الممارسات الأخلاقية الذي يمكن أن يسهم بدور كبير في حل هذه المشكلة بحيث تقوم الهيئة المختصة بالمواصفات والجودة في كل دولة بوضع قواعد وآليات تطبيق هذا النظام طبقا لظروف واحتياجات الاستثمار والصناعة في كل دولة بما يحقق في النهاية النتائج التي يستهدفها. أن الكود الأخلاقي الذي يمنع الفساد الاقتصادي يجب ألا يقتصر على الأفراد بل يشمل الجهات والهيئات بالدول المختلفة ويلزمها بضرورة اتباع النظم الدولية في إصدار المواصفات ومنح الشهادات،  وأن يتم مراعاة الشفافية ومشاركة كل المعنيين بما فيهم المستهلكون في هذه الأنشطة من دون القيام بأعمال متعارضة.
   من أمثلة الفساد  قيام التجار بإضافة مميزات لسلع يبيعونها وهي غير موجودة أو دفع الأموال لاستخراج الشهادات القياسية أو التأكيد على خلو السلع من بقايا المبيدات أو مراعاتها لمتطلبات البيئة ثم يثبت عدم صحة ذلك. كل ذلك -  فساد تجاري واقتصادي يخلق أجواء عدم الثقة في الاقتصاد العراقي  وهو مخالفة للكود الأخلاقي الذي وضع دوليا لمكافحة الغش والفساد التجاري والذي يمكنه معالجة ممارسات غير جيدة في كثير من الأنشطة. ومن الاسباب الرئيسية لهذا الفساد ، تدفق الأموال القادمة من الشمال أو الدول المانحة إلى دول الجنوب والتحول الى اقتصاد السوق من الاقتصاد الشمولي ، التحديد المسبق لبيع الشركات بسعر لا يتناسب مع سعر أصولها الحقيقية لصالح جهات أو أفراد من رجال الأعمال أو الشركات الكبرى التي تدفع في سبيل ذلك بسخاء وعدم الإفصاح عن أسباب البيع أو هوية المشتري .
   يعاني العراق من أنظمة رقابية لا تلتزم القيام بعملية المراقبة الشهرية أو الدورية بالشكل المطلوب الأمر الذي يحتم ضرورة البحث عن بدائل حديثة وجديدة للحد من ظاهرة الفساد والغش الاقتصادي وأهمها دراسة أحوال السوق وأسباب عجز التجار عن الالتزام بالمواصفات القياسية وإعداد بحوث تفصيلية عن أسباب الغش والفساد وأنواعه وتحديد صفة الشخص الذي يقوم بهذا العمل سواء كان تاجرا أو صانعا أو موزعا أو شخصا يمتلك نشاطا خاصا .وكذلك تعديل العقوبات الموجودة في القوانين الحالية ليصبح القانون مؤثرا وبأسلوب تنفيذ أقوى وتفعيل دور جمعيات حماية المستهلك لتكون بمثابة رقابة أهلية على الأسواق والمنتجات.
لا بد من دعم جمعيات حماية المستهلك ومنحها صلاحيات إقامة الدعاوى الجنائية ضد أي منحرف أو غشاش، وأن يتم نشر أسماء الفاسدين والمنحرفين بشكل واضح وصريح . ان الفساد الذي يؤدي الى الخلل الاقتصادي لا يمكن علاجه بالقوانين والتشريعات فقط بل بتعديل السلوك والتوعية حيث أن الخلل الذي تعانيه البيئة الاقتصادية يرجع الأصل فيه الى تزايد معدلات الفساد وحالات الغش واختلاف أنواعها وأشكالها وتطورها المستمر بدءاً من المواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات والسلع الفاسدة التي يتم تداولها بشكل علني بعد تغيير تاريخ الصلاحية مروراً بحملات الدعاية والإعلان لمنتجات غير معروفة مصادرها.
•   تعمق الاستقطاب الاجتماعي
     تتوزع جرائم الفساد اليوم  في ميادين اساسية منها شراء الذمم ، وانتشار الرشاوي بنطاق واسع لتمشية معاملات المواطنين في دوائر الدولة ، أعتماد المحسوبية والقرابة والعضوية السياسية الطائفية مقياسا للتوظيف ولتولي المناصب في اجهزة الدولة ، توظيف وتأجير العملاء والجحوش لملاحقة المعارضة السياسية ،  غسيل الاموال ،تقاضي العمولات لقاء الأستثمارات الداخلية والخارجية من الشركات المنفذة للمشاريع الحكومية او الخاصة في العراق ، تهريب موارد وثروات البلاد من دون حسيب او رقيب ، انتعاش تجارة السوق السوداء المهيمنة على التجارة الداخلية والخارجية ، عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية بعيدا عن كل الاجراءات القانونية والرقابة المالية، غسيل الاموال القذرة والانتعاش الاقتصادي المزيف، ارصدة الشركات والافراد بالأسماء والعناوين والارقام الوهمية التي تصول وتجول في الاسواق العراقية ونظيرتها العراقية التي تصول وتجول في الاسواق العالمية ، تهريب السلع والمحاصيل الزراعية والعملة من والى العراق ، أحالة المشاريع الأستثمارية الحكومية والخاصة الى تجار السوق السوداء ونفر مدعوم من سلطات الاحتلال والنخب الحاكمة مقابل تقاضى الرشاوي منهم ، محاولات اغراء المواطنين بالمسائل المادية والمالية كاحالة المقاولات اليهم مباشرة من دون الدخول في العطاءات والمنافسة لكسب تاييدهم وولاءهم ، سرقة ونهب ممتلكات الدولة ، تدفق مبيعات النفط العراقي دون رقيب او حسيب او حتى دون وجود اي عداد لأحتساب كمياتها ، انقطاع الكهرباء اليومي ولساعات طويلة وبشكل مستمر ، تردي خدمات الاتصالات وتدني الخدمات الصحية والتعليمية ، تلوث المياه ، شحة المواد الغدائية  والأدوية، الغش الصناعي وتزايد عدد الورش والمصانع غير المجازة وبالاخص داخل البيوت السكنية دون توفر الحد الادنى من الشروط الصحية .
   التباينات الاجتماعية في ازدياد متسارع ليتعمق الاستقطاب ويصل مدياته القصوى مع استمرار الاحتلال  ، والنهج الحكومي في   السياسات الانتقائية العشوائية التي لا تنسجم مع حاجات ومتطلبات المجتمع والمواطنين ، وسياسة خصخصة القطاع العام وتخريب الدورة الاقتصادية السلمية ، وضعف وانعدام الرقابة الحكومية واللامبالاة من قبل الموظفين الحكوميين في تلمس المصاعب الحقيقية التي يعاني منها الشعب، وانتشار مظاهر الفساد وسرقة المال العام والرشوة والولاءات اللاوطنية ، وفوضى السوق(Chaotic Market) وتأثيراتها السلبية على عموم المواطنين . ولم تشهد أعوام (2003- 2005) أية خطوة تغيير ملموسة في السياسة، كما لم تتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الفقر والسير على مسار محدد للتنمية الاجتماعية يقلل من مآسي الشعب بل انشغلت الحكومات بالمغانم السياسية ... وبعد عمليات النهب التي قام بها المسؤولون السابقون في عهد صدام حسين، بدأ في نيسان(ابريل) 2003 "عهد جديد شهد تكثيفا في سرقة الاموال العامة والفساد والصراع على المصالح". ومنذ التاسع من نيسان انتعشت تجارة الجملة والمفرد في العراق واتسع التهريب وساد الفساد...  والأعمال التي تنتقل الى العراق اليوم  غير نزيهة، ويتطلع أصحابها الى السلب والنهب. في هذه الأثناء تظل صادرات البلاد من النفط متقطعة ولا يمكن التنبؤ بها نظراً الى سوء الإدارة وعمليات التخريب المتواصلة.  الأوضاع الاقتصادية تعيسة، والأرقام التي تبين النمو في اجمالي الناتج المحلي مضللة، وتستند الى مساعدات إعادة البناء التي تستقر في جيوب المقاولين الأميركيين. النظام القضائي عشوائي ومتقلب ... و البيئة العراقية الراهنة لا تجتذب أي استثمار رأسمالي منتج. ازمة الكهرباء هي ازمة المياه الصالحة للشرب والمجاري والاتصالات وبقية الخدمات الاساسية ، وهذه الازمات تعبير صارخ عن جرائم الفساد في العراق وعشعشة البرقرطة الادارية وشلل الابتزاز وعصابات الولاءات اللاوطنية والشلل الفاسدة الغوغائية والعصابات المناطقية-  الطائفية . تخرج الولاءات دون الوطنية اليوم من كمونها لتصبح المؤسسات التي تزعم توفير الأمان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي لأفرادها. اليوم يعاد انتاج العقل الطائفي وتتفتح حدود العقل الايماني الغيبي واشاعة الخرافة والسحر والخديعة والدجل وتوظيف الخوارق والمعجزات . وتنتعش الاصوليات المتطرفة التي تستمد قوتها من عدم شعبوية الاجراءات والتغيرات الاجتمااقتصادية السياسية الحديثة والسريعة ومن دعم مرتزقة البعث وفلول مخابراته والمخابرات الاجنبية في فترات بطء وتيرة تشكل المجتمع المدني .... وينفلت الرأسمال التجاري من عقاله وتستعيد العقلية الصدامية حيويتها في مجال الابتزاز المعيشي للمواطنين  ويزدهر الفساد .
    في العراق يسيطر تجار الأزمات والحروب على المفاصل الاساسية في الدولة ،  وهي قوى تربّت ونشأت في كنف الاقتصاد الطفيلي وليد الأنظمة الاستغلالية، واتسمت بانتهازها الفرص والوثوب إلى المواقع التي تمثل آلهتها التي تعبدها أي منافذ سرقة الأموال ، مرتكبة مختلف الجرائم الاقتصادية منها والجنائية ، وناهبة المليارات من أثمان الركائز الاقتصادية ومختلف أسلحة الجيش العراقي وترسانته المهولة التي في أصلها أُخِذت من دماء شعبنا وقوْتِهِ ،وهي تمتلك الأيدي الطولى داخل أعلى المناصب العراقية عبر عمليات الاختراق المنظمة.وتمتلك كل دول الجوار والقوى الإقليمية الجواسيس والوكلاء الذين ينفـّذون لها أكبر جرائم الفساد..هكذا  يُباع العراق الإنسان والعراق الوطن اليوم في سوق النخاسة المحلي والأجنبي....وليختلط غسيل الاموال بغسيل ذاكرة الشعب العراقي الوطنية مع بدء الجريمة الاساس في حرق المكتبة الوطنية وكل مكتبات العراق ومراكزه البحثية المعرفية من مختبرات ومصانع بحوث وثروة المتاحف.
    يتفشى الفساد في كل مناحي الحياة ، على صعيد المدرسة والجامعة والجامع والمعبد والحسينية و الجمعيات الإنسانية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني و دوائر الدولة الحكومية حتى أعلى منصب سيادي ! الفساد  يشكل الوجه الآخر للإرهاب من تفجير وقتل وخطف ، لأنه ينهش إقتصاد البلد ويدمر البنية التحتية ويفسد الحياة الإجتماعية ويستغل الإنسان ويخرب حياته ، و تعمل المافيات والعصابات الشللية على عرقلة وتعطيل العملية السياسية أو أي مشروع وطني يخدم الوطن والناس . وبذلك  تراجعت مؤشرات المحاسبة،الإستقرار السياسي ، فعالية الحكومة ، الجودة النظامية ، سيادة القانون والسيطرة على الفساد لتصل الى المعدلات الدنيا في السلم العالمي  . و بات الفساد وباءً مستشرياً ينخر في جوانب المجتمع كافة وبشكل خاص في مؤسسات الدولة ودوائرها كما تؤكد مفوضية النزاهة في العراق ان نسبته  في الحكومة العراقية بلغت  70% وفق تقارير وتصنيفات هيئة الشفافية الدولية.. وساعدت  اجراءات سلطة الاحتلال وسياساتها واجراءات الحكومة الانتقالية في ان يتخذ الفساد هذه المديّات الخطيرة بحكم تدفق الأموال من دون إجراءات صرف وفق الأصول، وعدم وجود نظام بسيط لحصر ما يتم العثور عليه في الوزارات والمصالح الحكومية . وعجل من الفساد ضغوطات نادي باريس والثالوث الرأسمالي العولمياتي (منظمة التجارة الدولية (WTO) وصندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي(WB)) ، من ضرورة تخصيص الشركات الحكومية العراقية بسرعة كبيرة؛ كشرط لإعادة جدولة ديون العراق..اي  دفع العراق سريعا على طريق اقتصاد السوق المنفلت عبر إزالة الضوابط وحجب الصلاحيات عن مؤسسات الدولة وفتح الاقتصاد العراقي على مصراعيه وتهيئة الأجواء للخصخصة الواسعة بدون اية ضوابط مما يفتح المجال ويخلق الشروط لاتساع ظاهرة الفساد.
 تزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الأنشـــطة المالية والتجارية والركود في مجال الأنشـــطة الإنتاجية والتصديرية مما اثر على مستوى توزيع الدخول والثروات، ليزداد الفقراء فقراً،  وليزداد ثراء ورفاهية  الطبقة المرتبطة بأنشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية  والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والأنشطة الفندقية واقتصاد الصفقات - السمسرة في الصفقات وعقود التوريد - ( الكومبرادور ) والتهريب  والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي والتي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا.
•   الفساد السياسي ومجتمع الرشاوي والارتزاق
تتعامل  الراسمالية الجديدة  مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات ، وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد، وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة، تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات، وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق، وتدمر منظومة القيم الاجتماعية. ولثقافة الفساد ابعد الاثر على عملية الاعمار ، وذلك عبر الاستيلاء غير المشروع على اموال كان الواجب تخصيصها لاعمار البلاد ، وبالتالي تكون الموارد البشرية في بلادنا هي الخاسر الاكبر في هذه العملية. والفساد في الادارات الرسمية والمؤسسات الخاصة يلغي المنافسة المشروعة، ويزيد من  اسعار كلف المـــشاريع والتجهيزات، ويبعد الكفاءات المــــهنية من سوق العمل والتنافس.. ويعرقل خلق المجتمع المتكامل، الذي لمواطنيه حقوق في العمل وفرص متكافئة للابداع في مناخ ديموقراطي وحر، وعليهم واجبات يمليها عليهم شرف الانتماء والمواطنة.
    الفساد السياسي هو الحصول على الغنيمة بأقل جهد واكبر فائدة ، وبالتالي عشعشة البيروقراطية والطفيلية في قيادات الاحزاب السياسية والسلطات الحاكمة لتعيش في بحبوحة بحكم الامتيازات غير المشروعة واستغلال المراكز الحزبية والحكومية ... وحين يعقد الفساد السياسي قرانه الكاثوليكي على الفساد الاداري تدق اجراس العزلة على الشعب ، وتفكك الولاءات الوطنية والمدنية. يشوه الفساد البنى الاجتماطبقية والنسيج الاجتماعي لتصعد النخب الاقلية ويجري دفع الاكثرية الى القاع الاجتماعي . اما مواصلة آلية انتاج الفساد فهو انعكاس لسوء توزيع الثروة توزيعا عادلا وبقاء تطبيق القرارات اسير البرقرطة وقابع في ادراج المكاتب . ان ما يميز الموظفين الفاسدين ، العجرفة وضيق التفكير ، والحقد على ابناء الشعب ، والتفسخ في حمأة الرشوة ، والتزلف للمتنفذين ، وهم ينفذون سياسة انقاذ اعداء الشعب وحماية مصالحهم ! والاخذ بقاعدة ( عفا الله عما سلف ) سيئة الصيت لدفع التاريخ اعادة انتاج نفسه بقميص جديد ! واللهاث وراء الدوغمائية ... دوغمائية الاحزاب السياسية لأن مصالحهم تنسجم مع تغيير سلوكيات الكادر الحزبي عند استلام السلطة باتجاه الفساد والافساد .... المتنفذون السياسيون هم أكثر فساداً من كبار الموظفين، وموظفو الدواوين الأعلى مركز وظيفي أكثر فساداً من الآخرين. يتوقف الاستقرار السياسي على حجم الفساد وحركته باتجاهين من الأعلى نحو الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى.ويتجلى الفساد السياسي اليوم في محاولة تحويل العراق الى حسينية كبيرة لا تتقبل الاخر  إن لم يكُ لاطماً أو نائحاً أو مطبراً !،و نظم المحاصصات الطائفية والمساعدة على قيام المافيات وجماعات المصالح ضمن بيئات  أساسها أن "الفائز يحصل على كل شيء"، وفي نهج خيانة الشعب وتعضيد الأجهزة الأمنية والمخابراتية الأيرانية في المدن العراقية ومحاولات فرض قيادات تطبق النموذج الأيراني المسخ في الحياة اليومية والعادية على الشعب العراقي بالقوة وعجمنة المدن المقدسة و المنطقة الجنوبية المحاذية لشط العرب.

276
  يفتقر العراق اليوم الى برنامج حفظ للطاقة وترشيد استهلاكها اي الاستراتيجية الأساس لدعم اقتصاده الوطني عبر السعي لاستحصال معامل استهلاك طاقي مناسب ومرن ( وهو حصيلة تناسب معدل النمو في استهلاك الطاقة ومعدل عموم النمو الاقتصادي في فترة زمنية قصيرة ). ويعكس هذا المعامل ( Factor) تناسب وانسجام الطلب الاستهلاكي للطاقة مع نمو الدخل القومي ! وهو معامل اقترب كمعدل عالمي في الربع الأخير من القرن المنصرم مستوى ال ( 85 ,0). ويتجه المسار العام في تطور هذه المعامل نحو الانخفاض والتناقص في مجموعة البلدان المتقدمة رأسماليا وصناعيا ونحو الارتفاع والتصاعد في مجموعة البلدان النامية دون ان يتجاوز ال (1) .  ومعامل استهلاك الطاقة في العراق أعلى من (1) وأحيانا (2) بسبب العجز الاقتصادي والاحتلال مما ترك ويترك الآثار الضارة على التنمية الاقتصادية وعملية الاعمار في الوقت الذي تتجه فيه مؤشرات التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثورة المعلوماتية في العالم نحو تحسين معدلات الاكتفاء الطاقي وتطوير أعمال استخراج النفط والغاز الطبيعي والتصفية الوقودية ومعالجة تحويل المصادر الوطنية للطاقة الى أشكال وقودية جديدة مفيدة وتطوير مصادر الوقود غير الناضب وتحسين ميزان المدفوعات والتبادل التجاري الخارجي للبلدان الوطنية. وارتفاع معامل الاستهلاك الطاقي في العراق جاء بحكم ازدياد الشدة الطاقية باضطراد ، بسبب تذبذب التغذية الكهرومائية ، وعطل وتدني مستويات الصيانة في كهرباء الشبكة العامة ، وتوسع انتشار التوليد الحراري الصغير والأهلي والتجاري بالكازاويل والديزل والبنزين ، والارتفاع في عدد المركبات ،  وتذبذب مستوى وحجم الغابات الاصطناعية والطبيعية وحقول الطاقة وصناعة الأخشاب ، والجفاف وتدني مستوى المسطحات المائية ، الأزمات الوقودية جراء أعمال التخريب والتهريب ، تزويد سلطات الاحتلال بالنفط العراقي بسعر تفضيلي ضمن الاتفاقيات السرية التي فرضت على الحكومة العراقية لضمان الامدادات النفطية العراقية للولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة ، تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات ، الشركات النفطية العراقية الوهمية خارج العراق التي تذلل  حصول الشركات الأحتكارية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات.. ، الفساد الاداري وغياب الرقابة الشعبية على الاعمال الحكومية و النشاط غير الحكومي !
    تتأرجح الشدة الطاقية في العراق صعودا ونزولا بنسب ملحوظة مع وفرة النفط  في الأسواق والريع النفطي واسعار وأزمات النفط ... وهي تعبر عادة عن كميتها من الإنتاج الوطني اللازمة لانتاج ما قيمته دولار واحد في الوقت الذي  يتناسب فيه الطلب على الطاقة مع صافي الدخل القومي ، الا ان التغييرات الحادة في الشدة الطاقية والكثافة الطاقية ( ميكاجول/ دولار) تؤثر بحدية على هذه المعادلة . والكثافة الطاقية في العراق اليوم مرتفعة بسبب النمو السكاني والنشاط الاقتصادي والتجاري  .
    تسهم الدراسة الأكاديمية للاقتصادين الكلي والجزئي (Macro & Micro) في تحسين كفاءة الطاقة والكهرباء .ومعروف تقنيا وعلميا انه يمكن خفض الشدة الطاقية وتعزيز الميل في هبوط الطلب على الطاقة والتوجه الى انتاج السلع بدل إنتاج الخدمات  ! عبر العوامل التالية :-
•   أولا/   رفع كفاءة إنتاج المواد الحاملة والناقلة للطاقة (Energy Carriers) ، وتقاس عادة بوحدة ( كيلوواط ساعة/طن من الوقود المحترق ) .
•   ثانيا/   رفع كفاءة تقنية استهلاك الطاقة والكهرباء -  انخفاض كمية الطاقة اللازمة لإنجاز خدمات الكهرباء في فترة زمنية محددة .
•   ثالثا/   التغيير الهيكلي في استخدام المواد كثيفة الطاقة(Intensive )  ، والطلب الأقل عليها في المستويات العليا للنشاط الاقتصادي .
   الى جانب ذلك توفر التقنيات المتقدمة لاستخلاص المقدار الأكبر من العمل / وحدة وقودية فرص تلبية حاجات بلادنا من الطاقة الضرورية والحد من الأضرار البيئية . وتشمل برامج حفظ الطاقة الوطنية تنفيذ الاختبارات الدورية ، وبرامج الصيانة الوثائقية ، والتقييس والسيطرة النوعية ، وتحديد معايير الكفاءة في المكائن والاجهزة المستخدمة ، والحساب الاقتصادي للطاقة باستخدام الكمبيوتر ، وحوسبة وتأليل المنظومات ، ورفع كفاءة القابلوات والأسلاك الكهربائية وانابيب نقل النفط ، وتحقيق البرامج التدريسية ، وتطبيق التقنيات والتكنولوجيات المتقدمة والبرامج الاقتصادية ، وتحديد المواصفات الاقتصادية العامة للأبنية ودور السكن ، وتعزيز الكفاءة الإدارية وتقليص الهدر البيروقراطي ومعالجة الفساد ، مكافحة التهريب ، وتنظيم حقوق الملكية ، وإيجاد هيكليات مناسبة للأسعار والرسوم والضرائب والأجور ، تنظيم منح التراخيص والإجازات لاستخدام مكائن الكهرباء ، تنظيم براءات الاختراع، والتخطيط الأقل كلفة للوحدات الطاقية . وتنضوي تحت لواء هذه البرامج حسابات الأرباح والخسائر من إيرادات وتكاليف الإنتاج واجمالي المصروفات والنشاطات التجارية ، ونظم الحوافز ، والأبحاث العلمية الاستشاريـة التقنية ، وصرفيات الوقود واستهلاكه ، وتطور التوليد والنقل والتوزيع وتوسع المحطات والمنظومات ، وانتاج وموازنة الطاقة وتطورها ، وتطوير الحمل وعامل الحمل السنوي ، وتطور هيكلية القوى العاملة حسب المهارة والجنس مع الأجور وساعات العمل في منشآت الطاقة ، وتحسين الكفاءة الاستثمارية أي نسبة ( الرأسمال /العمل) ومعدلات النمو الإنتاجية ، وتحقيق معدلات معقولة لنسبة مساهمة قطاع الطاقة في الدخل القومي ، وموازنة نسبة الصرف والتنفيذ الى التخصيصات .
   وتشمل برامج حفظ الطاقة الوطنية  دراسات وإحصائيات عن تطور الكهرباء المنتج والمستهلك ،ونسب التوليد والنقل والتوزيع حسب ملكية قطاعات الكهرباء ، ونسب الضياعات داخل المحطات وشبكات النقل ، والمعدلات الحرارية ( كيلوسعرة / كيلو واط ساعة ) والكفاءة الحرارية ، ورفع متوسط نصيب الفرد من الطاقة المتولدة ،وتحسين استهلاك الوقود في المحطات لصالح الغاز الطبيعي ، ورفع معامل التجهيز التقني في منشآت الكهرباء والطاقة وميادين استهلاك المفرد والجملة ، ومعدلات استهلاك الكهرباء والمعاملات التالية :- الاستطاعة (Capacity) ،الإتاحة (Availability) ، التباين (Diversity) ، التشغيل المحطاتي (Plant) . ويشمل أيضا التحقيق المتقدم باستمرار للقدرات الدوارة ( Running ) والاحتياطيات الدوارة والساكنة (Running – Spinning)، والتخطيط الاستراتيجي والآني لحفظ الكهرباء وتقليص أضراره البيئية والصحية ، ورعاية شؤون أمن الطاقة،وعوامل التنافس الاقتصادي لقطاعاتها . وتعتبر التقنيات الحديثة و برامج حفظ الطاقة الوطنية وكفاءة استهلاك الطاقة والكهرباء شركاء طبيعيين ... ان برامج حفظ الطاقة الوطنية وترشيد استهلاكها مفهوم علمي و اجتمااقتصادي غير قابل للتأويل !...
     تتجسد أزمة الطاقة والخدمات الاساسية كالكهرباء في معاناة المواطنين من سوء توزيع المحروقات وبالاخص البنزين ، والانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي ..هذا يرتبط بأزمة الطاقة والكهرباء كمفهوم علمي واجتما - اقتصادي . وهذه الأزمة في عراق اليوم جزء من أزمة عامة اجتما - اقتصادية  تعصف بعموم البلاد بفعل نهج الصدامية الارعن والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في فترة ما بعد التاسع من نيسان ، وشيوع الفساد والارهاب  ،  ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع ، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization) ونبذ التخطيط المركزي ، وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين …واستيلاء الولاءات دون الوطنية على مؤسسات الدولة . ومثلما  علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة، تعلق الحكومة العراقية اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب .
•   نفعية وتجريبية البعث وتخبط الاحتلال وحكومات ما بعد التاسع من نيسان
    عجلت العائدات النفطية أواسط السبعينات من تنفيذ مشاريع الطاقة و الكهرباء وتبخترت الحكومة بعقودها السخية مع الاحتكارات الغربية لنصب وحدات الكهرباء الجديدة وتوسيع الشبكة الوطنية التي كلفت المليارات من العملة الصعبة . وفرغت السياسة الأقتصادية النفعية للدولة التخطيط المركزي والتنمية من المضامين التحررية وادمجت مصالح الطغمة الحاكمة بالمصالح الرأسمالية وأحكمت من طوق التبعية للسوق الرأسمالية لتتفشى النزعة الاستهلاكية ويسود التبذير والنشاط الطفيلي . وتوزعت التوجهات الحكومية على عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973 ، التنمية الأنفجارية ، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح وتحجيم العمل التعاوني.... الخ. وقد ضربت التنمية الانفجارية  عرض الحائط بسياسة البرمجة وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية للمشاريع وتخلت عن التخطيط الإقليمي في توزيع المشاريع الاقتصادية، و أثارت الفوضى في نشاط الشركات الأجنبية وخلقت فجوة كبيرة بين القدرة على التنفيذ وبين المشاريع الكثيرة المتعاقد على تنفيذها مما أدى إلى رفع تكاليف تلك المشاريع أضعاف ما كان مقررا لها، إضافة إلى سياسة البذخ المفرط في إقامة تلك المشاريع.
    مع الحصار الدولي والعقوبات الأقتصادية تدنت مستويات الصيانة وفقدت السوق المحلية قطع الغيار الضرورية المطلوبة وتدنت كفاءة حقول وانابيب نقل النفط وشبكة الكهرباء الوطنية الى مستويات غير معهودة لتتسع أكثر ظاهرة الأنقطاعات في التيار الكهربائي وتهريب النفط عبر السوق السوداء  . وتسبب ذلك في كبح عجلة الحياة اليومية ، كما تسبب عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل المولدات الأحتياط (Stand-By ) وأسلوب التشغيل المتناوب للمولدات هذه ، إلى اضعاف عملية تعقيم مياه الشرب الصحية مثلا  .  . وهبطت مستويات المعيشة الى حدود لا تطاق  وارتفعت رسوم الكهرباء وأسعار البنزين أضعافا. وتعود النظام العراقي تعليق أزماته الاجتما – اقتصادية على شماعة الحصار في الوقت الذي اخذ العراقيون فيه يستخدمون الفانوس النفطي بدل الكهرباء بالأخص في ضواحي المدن والارياف ، وانتشر التوليد الأهلي والتجاري وتفاقم التمايز القومي والأجتماعي. لقد ترسخت العقوبات الأقتصادية في برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء حسبما ورد في قرار الأمم المتحدة المرقم 986 ( SCR-986 ) الذي يعتبر حجر الأساس في الوصاية المالية الدولية على العراق .  ولم يأت القرار المذكور لحل الأزمات الأقتصادية المستفحلة بل لتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة ودرء الكارثة .
    وشهدت حقبة 1991 - 2003 انخفاض حاد في القيمة الصناعية المضافة بسبب العقوبات الدولية مع عرقلة مكشوفة من لجنة العقوبات لتخصيص المبالغ اللازمة لاستيراد قطع الغيار الضرورية لتشغيل وصيانة شبكة حقول النفط وشبكة الكهرباء الوطنية وباقي المرتكزات الأقتصادية .  ولم ترجع المساعدات الإنسانية الحرارة الى الدورة الأقتصادية السلمية حيث عانت جميع المشاريع التي في عهدة الأمم المتحدة من بطء الأداء والعمل كما لم تخضع وكالات الأمم المتحدة نفسها وعموم التمويل الخارجي والأجنبي للرقابة.وقد توسعت الميول التضخمية وتعمق التفاوت في الدخل . استمر الحال هكذا حتى سقوط النظام والاحتلال الأميركي . وهنا لابد من الاشارة الى التحول الى نظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على أسس تجارية وفق  قانون رقم 22 لسنة 1997 وهو نظام شمل منشآت النفط والكهرباء في مسعى طوباوي لتجسيد لامركزية هذه القطاعات ومنحها القدر الأكبر من الأستقلالية المالية والإدارية وسط الفوضى العارمة وتفاقم أزمات النفط و التيار الكهربائي الا ان هذه النظم تحولت الى آلية للتهريب المنظم القانوني نحو الخارج ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق ، ولأن النظم الوليدة احتاجت أصلا الى التكامل المرن والتنظيم والدقة دليلها القطاع العام نفسه لمحاصرة وتحجيم ميلها الطبيعي نحو الكسب الضيق… وقد شجعت أجواء الخصخصة القائمين على إدارات النفط والكهرباء في السير قدما نحو تلبية توجهات دكتاتورية صدام حسين لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.
واصلت السلطات العراقية وشرائحها الطفيلية والبيروقراطية سياسة ابتزاز الشعب بالأعباء المالية كالرسوم والأتاوات وتحميل الأمم المتحدة والعقوبات مسوؤلية الأزمات ، وتحميل كادر القطاع العام مسوؤلية الفساد باشاعة المحسوبية والمنسوبية والولاء الجهوي وتلقي الرشاوي والاختلاس والغش والتهرب الوظيفي والاستغلال السيء للمنصب الرسمي والوظيفة العامة . كما واصل الأعلام تضليل الرأي العام بالأسباب الفعلية لأزمات الطاقة والوقود والكهرباء بينما انفلتت هذه السلطات من عقالها في اعتقال من تشاء لتحقق معه وتحاسبه دون محاكمة وتتخلص منه بأخس السبل . وعكس عمق التناقضات الأجتماعية وتوسع الأحياء المدينية الراقية دور كبار التجار والسماسرة والمنتفعين الذين باتوا يشكلون قوى ضغط طفيلية شبه مستقلة تتعاظم أرباحها مع إفقار الشعب ونبذ غير القادرين على الصمود وزجهم في سوق العمل الرسمي .
 لقد استحصلت غالبية الشركات الأجنبية العقود العراقية لاعتبارات سياسية ومصالح اقتصادية تقديرا لزعماء أحزاب وأعضاء برلمانات في اوربا وآسيا وأميركا.. وقدم النظام العراقي العمولات المالية والنفطية الضخمة لصالح السمسرة السياسية عبر ابرام العقود وترتيب الصفقات مع الشركات بغض النظر عن كفاءتها !
    تستهدف الترومانية المعاصرة او الليبرالية الجديدة تحويل الدول الوطنية الى وكالات حارسة سياسية مسلحة للمصالح الأميركية وتأكيد نظام ازدواجية الهيمنة الكولونيالي في الطور الجديد من الرأسمالية المعاصرة . وابتغت الولايات المتحدة في احتلالها العراق ضمان الهيمنة على النفط العراقي وفرض نظامها الأمني في منطقة الخليج وابقاء المنطقة سوق للسلاح الاميركي والهيمنة الأقتصادية الأميركية ،  وفي سبيل أن ينخرط العراق في عملية التسوية العربية -  الإسرائيلية وان تفتح أبوابه على مصراعيها أمام الرساميل الأميركية والأسرائيلية، والسيطرة على الأسواق العراقية وتأمين أن تمتلك الأستثمارات الأميركية حصة الأسد في عملية إعادة بناء اقتصاد العراق . وحددت البريمرية  ثلاث شروط لتحقيق النمو الأقتصادي في عراقنا :
   إعادة توزيع إجمالية للموارد والأفراد بابعادهم عن سيطرة الدولة الى المؤسسات الخاصة
    تعزيز التجارة الخارجية
    تحشيد الرأسمال الوطني والأجنبي
   بجلاء البريمرية تعني  تحويل العراق الى سوق حرة مفتوحة للبيزنس و بيعه بالخصخصة أي ليس اعمارا ( إعادة البناء ) بل نقض بناء . فالبريمرية باختصار رهن و بيع لممتلكات الشعب العراقي و مستقبل العراق للشركات الأمريكية أو لعراقيين يعملون كواجهة لشركات أمريكية.وحقول ومصافي النفط ومحطات توليد الكهرباء وشبكات توزيع الكهرباء هي من الممتلكات و الموارد العامة المخطط بيعها بالتدريج و المرغوبة من قبل الشركات الأمريكية و الغربية .وتسمح البريمرية بامتلاك الشركات الأمريكية ل 100% من قيمة المشروع وحق الشركات الأمريكية في تحويل 100% من أرباح المشروع خارج العراق . و تستخدم البنوك الأمريكية ودائع العراقيين لتسليف الحكومة العراقية و جني الأرباح و الفوائد.تبعا لذلك منحت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية احتكارات مثل  هالبيرتون و( بيجتيل - Bechtel ) الأميركية معظم عقود اعادة تأهيل صناعة النفط والكهرباء العراقية . وهذه الوكالة هي المسوؤلة الأولى عن توزيع عقود اعادة الأعمار في العراق ويمثلها مستشار اعادة الأعمار لآسيا والشرق الأدنى .
   لا يخفى على احد ان مسيرة العراق للسيطرة على موارده النفطية تقدمت في سياق سلسلة طويلة من الجهود الوطنية: القانون رقم 80/1961، إنشاء شركة النفط الوطنية العراقية (1964) ، و تأميم شركة نفط العراق (1972) وتصفية الامتيازات النفطية الأجنبية..ان النجاح الذي حققته شركة النفط الوطنية العراقية I.N.O.C.  في إدارة قطاع النفط العراقي، قدمت مثالاً رائداً على قدرة الشعوب في السيطرة على موارداها الوطنية واستغلالها بنجاح وإنهاء دور الشركات الاحتكارية. وهذا يمكن أن يفسر لماذا أقدمت سلطة الاحتلال كخطوة أولى في توجهها نحو إعادة السيطرة على الموارد النفطية العراقية إلغاء شركة النفط الوطنية العراقية- رمز الاستقلال الوطني العراقي..
      عندما غادر الرئيس السابق لسلطة الإئتلاف المؤقتة بغداد بعد مراسيم "نقل السيادة"، في حزيران 2004، خلف ورائه 100 قرار كان قد صادق عليها بصفته رئيس سلطة الاحتلال في العراق ، ولم تكن جزء من مباحثات بين حكومات ذات سيادة . والجهة التي اصدرت القوانين لم تعبر عن ارادة الشعب العراقي. هذه القرارات – القوانين في الحقيقة هي جزء من عملية التحويل الشامل لاقتصاد العراق المُحتل لترسيخ الاحتلال على طريق الليبرالية الجديدة. أن عملية التحول هذه لا تستتبعها فقط كنتيجة حتمية، تبني تلك القوانيين النفعية فقط وانما كذلك ايجاد المؤسسات التي سترسم الطريق الى نظام السوق الحر. احد هذه القوانين المتميزة هو القانون المثير للجدل رقم 39 الذي اسس لهيكلية الاقتصاد العراقي من خلال اعطاء المستثمرين الاجانب حقوق مساوية للعراقيين فيما يخص استخدام الاسواق العراقية المحلية. ان كل هذه القوانين معا، والتي تغطي تقريبا كل مجالات الاقتصاد، ومن ضمنها نظام التجارة العراقي و التشريع الخاص بالبنك المركزي والقواعد الخاصة بانشطة النقابات ..الخ- تضع الاسس اللازمة لهدف الولايات المتحدة الكبير لبناء نظام في العراق على نمط الليبرالية الجديدة ، و " تحول العراق من الاقتصاد المركزي المخطط والغير شفاف الى اقتصاد السوق الحرة المتميز بالنمو الاقتصادي القوي من خلال تاسيس قطاع خاص ديناميكي، والحاجة الى اصلاحات تشريعية وقانونية لتثبيتها كواقع" .وتقوم الوكالة الامريكية للتنمية الدولية بالدفع باتجاه هذه الاصلاحات. ان عمليات اعادة الهيكلة لا تهدف بالضرورة الى اعادة بناء الامكانيات والاقتصاديات المحلية ولكنها بصدد مساعدة الشركات المعتمدة من قبل قوى الاحتلال لزيادة فرصها في اسواق العراق .فالاطار القانوني الذي وضعه بريمر يضمن بقاء الهيمنة الاقتصادية الامريكية على الاقتصاد العراقي حتى بعد مغادرة القوات الامريكية في يوم من الايام.
     ورث مجلس الحكم الانتقالي  والحكومات المتعاقبة التالية  التركة الثقيلة للنظام المقبور، ومعمعان الخراب الكارثي للبنى الارتكازية وانهيار الدولة العراقية . وتفاقم ديناميكية الاستثمار الاقتصادي في عملية إعمار العراق  من انتهاكات حقوق الإنسان بينما يساهم استخراج الموارد النفطية في بيئة غير آمنة،  في تأجيج النـزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان، ويؤدي انعدام الشفافية في إرساء مشاريع الإعمار الكبرى ومنها الطاقة الكهربائية وعمليات العطاءات أو المناقصات المغلقة أو السرية المتعلقة بها إلى الفساد والإفساد مما يضعف من جهود توطيد سيادة القانون في العراق ، فضلاً عن تبديد الموارد التي يمكن أن تستخدم لمصلحة الشعب العراقي . كما إن الممارسات التي  تعتمدها الشركات الأميركية والبريطانية وشركات عقود الباطن – في التوظيف ، مثلاً ، أو لجهة الحفاظ على أمن عملياتها – أدت وتؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. وثمة حاجة ملحة لضمان عدم تحول الرساميل الأجنبية  إلى قوة تزيد من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في بلادنا. يبدو جليا دور الدولة والمؤسساتية المدنية في تحديد المفاهيم والقيم وتأطيرها قبل الشروع بالبحث واتخاذ القرارات والتوصيات.
     تكشف اعمال الارهاب والتخريب التي تطال شبكة الكهرباء الوطنية ومحطات الطاقة وانابيب النفط عن جهاز استخباراتي متطور.ان عمليات تخريب أنابيب ومصافي النفط ومحطات وشبكات الكهرباء موجهة بدقة ضد الأماكن الحساسة أي أن مرتكبيها لم يطلعوا على طريقة تركيب شبكات الطاقة فحسب بل على مواطن الضعف فيها أيضا ، الامر الذي يؤكد ان الارهاب مصدره من  داخل السلطات الجديدة ( حاميها حراميها ). ... جرذان بعث الحكومة العراقية الانتقالية وعصابات الاجرام المنظم لهم اليد الطولى في اعمال التخريب ، وتأخذ ايران قسطها من الارهاب عبر تمويل هذه العمليات وتوفير الاجواء الجيوسياسية والبيئات الاجتماعية لها ... كل ذلك يجري تحت اشراف وعلم الاستخبارات الاميركية ! 
     شجع نظام صدام حسين عمليات تهريب الغازولين الى خارج العراق كوسيلة للالتفاف على العقوبات الدولية وكان يقدم علاوات جيدة للصيادين من اجل تشجيعهم على التحول لهذا النوع من النشاط حيث كانت تحمل مراكبهم بالمنتجات النفطية وتبحر عبر شط العرب ومنها الى المياه الدولية لتتوجه بعدها الى موانئ الامارات العربية المتحدة أو ما بعدها . وادى استيراد السيارات الجديدة واستخدام الغازولين لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية الى حدوث ارتفاع حاد في الطلب على هذه المادة في الوقت الذي تتراجع فيه قدرات المصافي على توفيرها بسبب الهجمات التخريبية ، وبسبب انقطاع التيار الكهربائي عنها ، مما يتسبب بتوقفها عن العمل لساعات طويلة.هناك كميات كبيرة من الوقود «تختفي» من محطات الوقود أو من الخزانات التابعة للدولة، يسهم بذلك سائقو السيارات ( مهربجية السوق السوداء). وتخسر المدن العراقية مخصصاتها من النفط  على يد مسؤولي الحكومة واعضاء مجالس المحافظات والبلديات الذين يعملون مع وحدات قوات الاحتلال . يستخرج العراق  نحو 2,1 مليون برميل نفط يومياً قياساً ب 2,8 عما كان عليه قبل الاحتلال  ...وتدفع وزارة النفط  العراقية ما يقارب 200 مليون دولار شهريا لاستيراد المنتجات النفطية  التي سرعان ما يتم تهريبها الى خارج البلاد.وبالرغم من ملاحقة السلطات لقوارب الصيد والصهاريج النفطية وتقليل المعونات التي تدفع لها، الا انها تبدي ترددا في معالجة موضوع دعم المنتجات النفطية التي تباع بأسعار زهيدة للغاية . ومنذ الاحتلال وحتى الوقت الحاضر قام عدد من المسؤولين بتشكيل الشركات النفطية الوهمية خارج العراق لتسهيل حصول الشركات الأجنبية على العقود النفطية العراقية لقاء العمولات ، ويجري تصدير النفط العراقي في غياب استخدام العدادات اي سهولة إمكانية التلاعب بالكميات المصدرة وعوائدها ، وتقوم سلطات  الاحتلال برهن كميات من النفط الاحتياطي لسنوات قادمة بما يعنيه من نهب ثروات البلاد ، ويجري تجهيز سلطة المحتل بالنفط العراقي بسعر منخفض لا يتجاوز عشرة دولارات للبرميل الواحد اي عملية نهب وقرصنة تاريخية لا مثيل لها .
    كتب مايكل أوهانلون - العضو البارز بمعهد بروكينغز للدراسات و الأبحاث قبل ايام " يمثل نقص الطاقة الكهربائية أكبر مشكلة في عراق ما بعد الحرب. ولا يتوفر التيار الكهربائي إلا لنصف المدة المقررة له على مدار اليوم في معظم المدن العراقية. وقد وصل معدل إنتاج الطاقة الكهربائية إلى أدنى مستوى له خلال فصلي الشتاء والربيع الماضيين. و تراجعت تلك المعدلات عن المعدلات التى كانت مسجلة إبان فترة حكم النظام العراقى السابق ، و هو ما يعني حرمان نحو 90 % من المواطنين العراقيين من التمتع بالمستوى القياسي لخدمات الكهرباء. ومن الطبيعي أن تلقى اللائمة في ذلك على القوات الأميركية ، التي لم تحسن هذه الخدمات في عراق ما بعد الحرب. و قد استقرت معدلات البطالة بين صفوف المواطنين العراقيين عند مستوى 30 :40 % ، وفقاً للإحصاءات والدراسات التي أجراها الجيش الأميركي ، مع الأخذ في الاعتبار أن حوالي 80% من العراقيين ، لا يبدون حماساً للالتحاق بالوظائف ، نتيجة لما يشعرون به من غياب ما يشجع ويحفز على الالتحاق بسوق العمل والوظائف أصلاً " .
•   الدين لله والوطن للجميع
دخلت المرجعيات الدينية بقوة على الخط بعد التاسع من نيسان ليحتمي بها اقسام غير قليلة من ابناء الشعب قبيل انهيار الدكتاتورية وبعده ، وليتخذ هذا الاحتماء البعد الطائفي اي الولاء اللاوطني الى جانب العشائرية والمناطقية والشللية ...الخ. وتتدخل هذه  المرجعيات الدينية في الحياة الشخصية للناس لا بالخطب الجنجلوتية عبر ضوضاء مكبرات الجوامع وبالمسيرات البهلوانية عند تأدية  الشعائر الدموية في عاشوراء وغيرها فحسب بل عبر فرض الآراء بالقوة على الشارع العراقي واستخدام العنف مع الاخرين... وهي بذلك ، في جميع الاحوال ، تعمل على هدم النظام الديمقراطي لانها مرجعيات تخلف وجاهلية وخدمة ولاية الفقيه والصدامية والامبريالية والصهيونية معا... واستحالة تنافسها فيما بينها ومع التيارات السياسية الاخرى بالوسائل السلمية. وتذكرنا المرجعيات الدينية والفقهية في العراق التي تصدر فتاوي القتل وفتاوي دعم قوائم انتخابية دون اخرى، والفتاوي التي تصدر بطلب حكومي ... تذكرنا  بكهنة القرون الوسطى واجراءات محاكم التفتيش ، وفتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين .. وتذكرنا بصدام حسين  الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة !
   فتاوي ترشيد الكهرباء والحفاظ على شبكات الطاقة ومصادر التوليد ليست فتاوي حسن نية لأنها جاءت انصياعا لطلب حكومي وتسترا على رعونة اقزام البعث في الحكومة العراقية ..وهذه الفتاوي مقدمة لفتاوي لاحقة كترشيد المحروقات والمياه الصالحة للشرب والاخطر ترشيد الاستهلاك المعلوماتي ... اي اقحام المرجعيات الدينية والفقهية في معالجة القضايا العقدية الوطنية الامر الذي  لا يناقض الديمقراطية فحسب بل يهدد العملية الديمقراطية برمتها لانها تسيء استخدام الحريات التي تمنحها الديمقراطية للناس، كما تستغل الدين لتحقيق اغراض ذاتية.الدين هو الضحية هنا وللنخب الحاكمة الفاسدة ، وهذا اخطر ما في العملية السياسية نظرا لحساسية الدين وقداسة الرموز الدينية في اذهان الناس.
   ان إعادة تأهيل قطاعات الطاقة والنفط والكهرباء العراقية  وإعادة بناء الدولة العراقية قضية سياسية واجتمااقتصادية تتجسد في الاحتلال ومحاولة إعادة بناء الدولة العراقية وفق منظوره ومصالحه الامر الذي اوصلنا الى المحاصصات القومية و الطائفية  تمهيدا لإصدار دستور يوفر بناء الكانتونات الطائفية التي تسهل استمرار سيطرة المحتل على العراق. وتأبى المرجعيات الدينية الفتوى  بالمواجهة الحازمة لمظاهر الفساد الاداري التي تنعم بها الحكومة العراقية والمواجهة الحازمة للرأسمال المحلي والكومبرادوري العراقي  ونصرة الفقراء . ان اللجوء الى المرجعيات الدينية وفتاويها البليدة  يعبر عن الافلاس السياسي ومواصلة الإدارات الحكومية أسلوب إطفاء الحرائق سيء الصيت الذي ورثوه من النظام السابق والذي أذاق الناس الأمرين في كل المواسم والفصول فالعقلية التبريرية ماسوشية ، سادية ، متعصبة ، منغلقة الطابع واتسمت بها الصدامية بجدارة... واللجوء الى المرجعيات الدينية يعني فيما يعني احياء الصدامية بتحويل هذه المرجعيات الى بوق تضليلي للسلطات الحاكمة نفسها الامر الذي يعني الإخلال المباشر بمهماتهم كعلماء دين من الناحية الاجتماعية والدينية عبر اقحامهم عنوة بالعمل السياسي اي تسفيههم .. والوقوع بالتالي في فخ الجهل والتخريب متعدد الجوانب .
   ومع الاسف  تتحول المؤسسة الدينية العراقية اليوم الى مجموعة ضغط او لوبي مستقل في البنية السياسية تعين قواعد السلوك في المجتمع والدولة وفي اتخاذ القرارات عبر الشعارات الدينية السياسية لتغطية المصالح الشخصية للزعماء السياسيين والدينيين الذين يعتمدون على تقاليد الدعم العشائري او الديني ولتغدو الركيزة الآيديولوجية للرأسمال التجاري ... وتساعد العلاقات العشائرية على استمرار النزوع الغيبي والوعي الديني بشكله السلفي والمتخلف وتكريس رموز الاستفزاز الشيعي - السني المتبادل  بينما يتخذ الموروث الشيعي العراقي المنحى الوطني خلاف الزعامة التقليدية الايرانية التي تجمع الامور الدينية والدنيوية معا الامر الذي اوصل الامور الى التحريم والاتهام بالهرطقة وبالتالي شق الصفوف . ومعروف ان الاسلام لم يعط لا للخليفة ولا للقاضي ولا للمفتي ولا لشيخ الاسلام ولا لآيات الله العظمى والصغرى اية سلطات في مجال العقيدة او سن التشريعات ومهما كانت الصلاحيات التي يمتلكونها تبقى سلطاتهم مدنية يحددها الشرع الاسلامي ! ... ولا يحق لأحد منهم القيام بالرقابة على العقيدة  او على ايمان الفرد او ان يطلب اليه ان يدافع عن شكل تفكيره .
   إن ابتعاد المرجعية عن التدخل في الشؤون السياسية والقضايا العقدية الوطنية واوضاع الدولة العراقية يساعد المجتمع العراقي على إيجاد صيغ سياسية للتعاون والتنسيق والتكامل بدلاً من الخلاف والصراع والنزاع الديني والمذهبي.وعلى المرجعيات الدينية الابتعاد عن إسناد هذا الطرف أو ذاك ، والطلب من رجال الدين عدم التدخل في الشؤون السياسية ما داموا يمارسون شؤون الدين وما داموا يقدمون الاستشارة الدينية والاجتماعية للناس ، وتقديم النصح كي لا تنشأ الأحزاب السياسية على أسس دينية بل على أسس مدنية بحتة بعيداً عن زج الأديان بمشكلات لا أول لها ولا آخر.... من الضروري اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الدين من التدخل السياسي في شؤونه وحماية الدولة من رجال الدين وأحزابه السياسية. الدين لله وحده والوطن للجميع، فلا منافسة على هذا الوطن، بل يفترض أن تكون المنافسة في خدمة الوطن. المسؤولون في الدولة العراقية ووجهاء المجتمع ونخبه السياسية  يسرقون الأموال ويسلبون بطرق شتى: الرشوة وسرقة الموارد مثل النفط وتهريبه وعقد الصفقات الغريبة العجيبة المريبة بمبالغ خيالية لمواد مستهلكة، فضلا عن الأعلان عن أنجاز مشاريع كبيرة لأبناء العراق لنكتشف بعدها أنها كانت وهمية ذهبت أموالها أدراج الرياح!!... الجمعية اللاوطنية ( عفوا – الوطنية ) المنتخبة، تخصص راتباً للعضو فيها  يساوي عشرة اضعاف راتب الأستاذ في الجامعة من حملة درجة الاستاذية وبخدمة لا تقل عن 25 سنة، الى جانب مخصصات حماية وتنقل وشراء أسلحة الحماية وغيرها والحقوق التقاعدية .... ماشاء الله ! ، وزراء عراقيون يتبادلون الاتهامات بالأختلاسات ، والامر من ذلك انهم يسبحون بحمده تعالى ، ويدعون الجميع للاقتداء بهم باعتبارهم الصفوة وثمرة الاستحقاقات الانتخابية ، ويطالبون المرجعيات الدينية بالفتوى لفرض آيديولوجياتهم الدينية والقومية ومباركتهم  اي المزيد من تعميم الفساد .! ... المزيد من الارهاب .. فالفساد الإداري والفساد عموما يشكل الوجه الآخر للإرهاب. الهدف واضح ، هو تحويل هذه المرجعيات الجليلة الى الإقطاع الديني وهو ربيب الدول والحكومات ، وصوت الكرنفال السياسي للحكام، هذا الذي يفصل الأحكام لبدلات الحكام، فإذا كانت ضيقة ضيقها، وإذا كانت واسعة وسعها، وأجره في آخر الشهر . ... كلما سكتَ عن الظلم اتسع رزقه، وحصل على الأراضي، وكثرت أموالهُ في البنوك ... وكلما نبه إلى ظروف (الرعية) السيئة، واظهر العين الحمراء بلع ألفاظه ولغته وضميره الديني . وكل الخطر أن يزف أمثال هؤلاء أنفسهم في الركب الماضي النير، بلا تضحية قدموها ولا جليل أعمال خلقوه، وإنما دجلٌ وكذب على الذقون ! 
      جاء انتعاش الولاءات دون الوطنية كالعشائرية والطائفية  في سنوات الصدامية بسبب  تراجع الأمان الاقتصادي والامان الاجتماعي ، وضعف المستوى الفكري والسياسي لمعظم التنظيمات ،  وتراجع الأمان السياسي أيضا للمواطن .... مما اخرج العشيرة والطائفة من كمونها لتصبحا مؤسستين تزعم توفير الأمان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي لأفرادها. لكن ان تقوم القوى السياسية والنخب الثقافية في العراق الجديد عن قصد بإنعاش هذه الولاءات وإخراجها من كمونها للاستفادة منها لتلبية مصلحة ضيقة ومحصورة في مرحلة معينة فهذا ليس سلوكا ثوريا . بسلوك كهذا يتم في الحقيقة او في النهاية توظيف السياسي لخدمة الطائفي والعشائري وليس العكس لان ارتكاز السياسي على الطائفي مثلا هو ردة إلى الوراء في مجتمع تقليدي يستلطف ويستعذب الارتداد مما يجعل إعادة إنهاضه عالي الكلفة. حين تتزاوج العشائرية بفتاوي مرجعيات اقتصاد التساقط (TRICKLE – DOWN ECONOMY    ) يعاد انتاج العقل الطائفي وتتفتح حدود العقل الايماني الغيبي واشاعة الخرافة والسحر والخديعة والدجل وتوظيف الخوارق والمعجزات ، وتنتعش الاصوليات المتطرفة التي تستمد قوتها من عدم شعبوية الاجراءات والتغيرات الاجتمااقتصادية السياسية الحديثة والسريعة ومن دعم مرتزقة البعث وفلول مخابراته والمخابرات الاجنبية في فترات بطء وتيرة تشكل المجتمع المدني .... وينفلت الرأسمال التجاري من عقاله وتستعيد العقلية الصدامية حيويتها في مجال الابتزاز المعيشي للمواطنين  ويزدهر الفساد . وادى الاضطراب وتراجع الامان السياسي باعداد واسعة من اعضاء حزب البعث المنحل اللجوء للاحتماء بالولاءات دون الوطنية وبالاخص الطائفية الشيعية الامر الذي اضفى على مظلومية الشيعة في عهد صدام حسين اللون الرمادي.
    تقوم كل من العشائرية والطائفية السياسية والدينية في العراق بتفتيت النضال الطبقي والسياسي وتوظفهما النخب السياسية  لخدمتها لتتقمص شخصية المختار المهووس بتخاريف ( خراريف ) العشائر والطوائف ومديح زجالي القرى والريف والأئمة وثقافة المناسف ، في حين هي توظف التنظيم السياسي في خدمتها..... وسيبقى الوضع على حاله طالما النظام الأبوي اقتصاديا ، والذي يخدم اهداف الاحتلال الاميركي ، قائم بالقوة والفعل. وهذا ما يقوم بتخليده النظام السياسي طبعا حيث يمارس الفساد ويباعد ما بينه وبين التنمية ويهرب من التصنيع ويبارك الخصخصة ويقيم نظاما سياسيا يقوم على الملكية الخاصة ولا يقيم نظاما رأسماليا تصنيعيا وإنتاجيا. وتتكشف الادلة  على الارباح الطائلة التي جمعها المقاولون الاميركيون والشركات المحلية من الاستثمار الأجنبي والمحلي الذي لا يحتاجه العراق في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخه الاقتصادي  . ومعروف  انه بعد عمليات النهب المعممة التي قام بها المسؤولون السابقون في عهد صدام حسين، بدأ في نيسان(ابريل) 2003 عهدا  جديدا  شهد تكثيفا في سرقة الاموال العامة والفساد والصراع على المصالح ، وانتعشت تجارة الجملة والمفرد وتجارة السيارات وتجارة العقارات . وحمل هذا الامر مسؤولي الشفيطة واللهيطة في الحكومة العراقية الى الدعوة الى ان يتولى رجال الدين منح العقود معتبرينهم "اكثر نزاهة بطبيعتهم"!... ياللوقاحة.
   النفط عامل مهم في الحد من التبعية لكنه وشم بالإهدار وسوء إدارة العوائد وتبديد الموارد على السلع الاستهلاكية في التنمية الانفجارية الصدامية ومشاريع التنمية الكبرى ومشاريع الأبهة والتسلح والكوارث ، وضعت بلادنا في صدارة البلدان النامية مديونية واشد تبعية للنظام العالمي الجديد بالوصاية المالية الدولية والاحتلال ، ووجهت اقتصادياتها وتجارة العراق الدولية وطابع العلاقات بين الأسعار والأجور والرواتب لاعادة إنتاج أوضاع التخلف والتبعية من خلال عمليات السوق الاعتيادية وخلقت عماء السوق ... وفرط النظام العراقي في مقومات السيادة الوطنية وأصر على تجويع الشعب والمتاجرة بمحنته ريثما تقتضي المصالح الأمريكية رفع العقوبات الدولية ، ليستمر إنزال العقاب بالشعب العراقي ... هل تجاوزت الحكومة الانتقالية هذه الاوضاع المأساوية !؟  النفط العراقي اليوم من الناحية الفعلية هو تحت سيطرة المحتل... الطاقة الكهربائية العراقية ، التي ارتبطت منذ ولادتها بالشعب، وعلى أكتافه جرى نقل الماكنات ومد الخطوط وتعليق المصابيح ، وهو الذي حرص على ديمومة إيصال الكهرباء الى الناس وصيانة شبكات الكهرباء... الطاقة الكهربائية العراقية اليوم عمليا هي تحت سيطرة المحتل وشركاته العملاقة !
يساهم مستوى الرسملة المتدني الذي لا يدخل في نطاق القوانين المولدة للمجتمع المدني الحديث ويدور حول وسائل الإنتاج والسلع الاستهلاكية والخدماتية الدور المميز في هيمنة الشرائح المتذبذبة طبقيا داخل المجتمع العراقي والكردستاني. وهذه الشرائح الرثة هي  الظهير القوي للزعامات الطفيلية البيروقراطية الطائفية  لإبقاء الدورات الاقتصادية ذات طابع إنفاقي استهلاكي يصون التفتت الاجتماعي ويكرس التشوه الطبقي. هذا ليس بمعزل عن عناصر ضغط وأجهزة صناع القرار الغربيين وسياستهم في اقتصاد السوق ونهب مؤسسات القطاع العام . وتلعب العلاقات الاستهلاكية دور تغليف البنى الممتدة من الأصول العشائرية والطائفية الضيقة بالواجهات الاستهلاكية ولا تحمل في داخلها آلية إطلاق القيم التقدمية الجديدة. هذا ليس بمعزل أيضا عن تواطؤ ودعم بعض الزعامات والنخب المتنفذة الامية والغبية الحمقاء حيث كل الجهود تصب في اقتصاد السوق وتخريب القطاع العام وتشويه سمعته. والطبقة العاملة العراقية  تتفهم شروخ النسيج الاجتماعي العراقي وتدرك ان الطائفة كالعشيرة هي نقيض الطبقة ولا تعيش في مجتمع صناعي رأسمالي ، فما بالك باشتراكي .وعليه فالمصنع عدو الطائفة  لانه يصبح " طائفة" العامل المأجور ومصدر دخله . ولا يعود العامل ذلك القروي الذي ينتظر بعض الفتات من مولانا  ! وتغيب العدالة ويخبو القضاء في فساد المحاكم والعشائر والطائفية ...ولا يستطيع الحاكم ان يتعرض لمراكز القوى التقليدية من قبلية وجهوية وحزبية ودينية مهما استعان بالشريعة والتسامح والقوانين الوضعية... الامر الذي يتطلب اكثر من اي وقت مضى اعادة نشر وتكريس الوعي النقابي العمالي الذي جمده وحرفه عن مساره الطاغية وحوله الى مركبة  يركبها من دون وازع كل من هب ودب... وتحاول المرجعيات والنخب الطائفية ومرجعيات اقتصاد التساقط اليوم اعادة الصولة مجددا ... ياللسخف ! . لقد حاولت الحكومات العربية والاسلامية ومن ورائها الإمبريالية الغربية ومن ثم الجماعات الطائفية أن تلغي جميعها فكرة الصراع الطبقي، وكل هذه الوحدة الفكرية بين هذه الأطياف المختلفة ترينا المدى الاجتماعي الواسع لضرب فكرة معينة، حيث تشعر هذه القوى كلها بأن هذه الفكرة تشكلُ لها هاجساً كبيراً لا تستطيع ان تتحمل تداعياته الحضارية والأخلاقية !
•   ما نوع الفايروس الذي يشل عقول العراقيين اليوم ؟
   يتطرق الاستاذ ليث كبة مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي الحالي  في  محاضرة القيت في النادي الثقافي الخليجي ــ الاثنين 15/ نيسان / 2002 الى مصطلح ما يسميه رجال الاعمال بمبدأ سوق الجملة اي السوق المؤلفة  من 22 مليون نسمة ... كلهم مصابون ومشلولون بفايروس معدي جداً شبيه بالذي يتم اطلاقه في شبكات الانترنيت ، نشره صدام حسين ، مثل بعوضة الحب وما شابه ذلك التي تضرب جميع الكمبيوترات ويشلها  ،وهذا ما فعله صدام حسين خلال السنوات الماضية ليتأكد من أطفاء أو تعطيل جميع العقول... المهم هو تطوير برنامجاً مضاداً لهذا الفايروس لأن  ذلك يعتبر بمثابة رسالة أمل لانقاذ العراق والشعب العراقي. السؤال يعاد انتاجه اليوم ليرتد على كبة " ما نوع الفايروس الذي يشل عقول العراقيين اليوم ؟ " كفى تسطيحا وتسفيها للأمور ! هل مستقبل العراق وادامته ضمن مصطلح الأستقرار  يجري تكريسه وصونه بالمحاصصة القومية والطائفية / ضمان نهج الدكتاتورية الشيعية / فتح الفخذين لدولة ولاية الفقيه المستقبلية / اتقان فن تزوير ارادة خلق الله بإسم الله/ تعميم ثقافة الجهل وصناعة الخصومات / خدمة السنهدرين الاصغر القابع في طهران ، والاعظم في واشنطن وبروكسل؟ ....  هاهي بيروقراطية الترهل في وزارة كهرباء الاشيقر تناور وتدبج وتبرر الانقطاعات في التيار الكهربائي ، وكذلك تفعل وزارة نفطه عندما تتكدس طوابير السيارات على محطات بيع البنزين ، وكأنهما توجها الخطاب الى رعاع ورعية وجهلة لا حول لهم ولا قوة سوى التسبيح بقدرات حكومتهم الموقرة الكارتونية .
الثروات والموارد العراقية الاساسية كالنفط والطاقة الكهربائية ابتلت منذ ولادة صناعتها  في بلادنا بالأنظمة الاستبدادية واعتلاء الدكتاتورية الصدامية والنظام الاكليروسي الحالي عرش البلاد وتحكم البيروقراطية والشلل الطفيلية والتجارية بها لتستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج فقط  بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي اي شل العقول بفايروس عرس الواوية – النسخة المطورة لفايروس الصدامية ... والعهدة على المستشار الذي شرب الطلا!
     يجب إعطاء حقوق الإنسان موقع الصدارة في عمليات الإعمار، وإشراك العراقيين في عمليات صنع القرار، وحماية حقوق المرأة، وإرساء العقود بطريقة شفافة من خلال العطاءات العلنية،وادارة العائدات النفطية بطريقة تتسم بالشفافية والمساءلة .ويجب أن يحتوي الدستور العراقي الجديد على مواد تمنع امتلاك الموارد العراقية الأساسية من قبل القطاع الخاص و الشركات الأجنبية كالنفط من الإنتاج الى التكرير و أنابيب النقل، ومحطات توليد الكهرباء، شبكات التوزيع والصيانة،.. الخ. ... بمعنى أخرى ، الاصلاح في العراق لابد من ان يستند  على فلسفة البدائل العقلانية القادرة على صنع منظومة المرجعيات القادرة على رفع إدراك القوى السياسية والاجتماعية إلى مصاف الرؤية الثقافية الوطنية والقومية في سبيل بناء الدولة الشرعية والمجتمع المدني والنظام الديمقراطي الاجتماعي... العقلانية -  برامج سياسية معقولة لأجل إصلاح القطاع العام وعدم الانتقال إلى الخصخصة الفوضوية و البرامج غير العادلة التي  تحمل الفقراء مسؤولية الفساد السياسي والمالي. وينبغي إن يركز العقل السياسي السليم  بمختلف تجلياته الحديثة والدينية جهوده على الثروة العامة والسبل العادلة لتوزيعها ولدورها الوطني العام، كأهم قضية محورية وهو الأمر الذي يجنبنا الجنون بكل أنواعه ، وخاصة الجنون الديني والطائفي  !
   على الحكومة العراقية والجمعية الوطنية  عدم التحول الى حملة لاختام الولايات المتحدة والشركات الاحتكارية والمنتديات العولمياتية الرأسمالية ...  وبالتالي لا اعتراض على قرارات التخصيص و خصوصا أن للكثير من أفراد النخب الحاكمة الجديدة مصالح كبيرة في عملية الخصخصة ( في خطط الحكومة العراقية الراهنة  لا تقل حصة القطاع الخاص عن ثلاثين بالمئة من اجمالي المبالغ المخصصة لاعمار قطاع الكهرباء مثلا ، وهي تعتمد على القطاع الخاص بالفعل لأعتقادها الراسخ المبني أصلا على البريمرية انه السبيل الوحيد و السريع الذي يمكن أن يساعد في حل مشكلة الطاقة الكهربائية في الوقت الحاضر  )..ووجب المتابعة الدقيقة للعقود التي أبرمتها الحكومة العراقية والإدارة المدنية الأميركية مع المنظمات والشركات العالمية ، وعقود من الباطن التي أبرمها سلاح المهندسين الأميركي مع مختلف الشركات وفق برنامج النفط مقابل الغذاء .  والمطالبة بتسديد كلفة العقود غير المتحققة ، وحض الشركات الأجنبية على اكمال تنفيذ مشاريعها في العراق وعدم التعكز على أعذار وحجج واهية.  ولم تخلو عملية منح الشركات الأميركية عقودا لاعادة الأعمار في العراق من تجاوزات فاضحة أساسها التواطؤ بالعلاقات المباشرة مع رجال البيت الأبيض وصقور وزارة الدفاع الاميركية -  البنتاغون ، وأن معظم الشركات التي فازت بعقود لإعادة إعمار العراق معروفة بعدائها الشديد تجاه النقابات العمالية وحصلت على معظم العقود دون طرحها في عطاءات تنافسية بسبب علاقاتها الوثيقة بإلادارة الاميركية ، واستطاعت هذه الشركات الاستفادة من العلاقات السياسية والترشيحات والتعيينات في المناصب الحكومية والحصول على امتيازات ضخمة. وهي شركات ذات تاريخ حافل بالفساد والفضائح وتسعى إلى تحقيق معدلات أرباح ضخمة تقدر بمليارات الدولارات من الخراب الذي حل بالعراق من خلال وضع أكبر قدر من صناعاته وخدماته وثرواته تحت السيطرة الأجنبية. يجب على الشركات أن تلتزم بمراعاة مسودة معايير الأمم المتحد

277
التقاليد والمداجاة في الناس عدو لكل حر فطين


    الكهرباء لعبة الدكتاتورية والانظمة الشمولية لتسيير الناس وتدجين وتضليل عقولهم طبقا لقواعدها وهواها غير آبهة بمواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، هذا هو حال الكهرباء والخدمات الاساسية الاخرى كالماء وشبكات تصريف المياه والاتصالات . والطاقة الكهربائية بجوهرها السلمي التقدمي ابتلت منذ ولادتها في بلادنا بالأنظمة الاستبدادية واعتلاء الدكتاتورية الصدامية والنظام الاكليروسي الحالي عرش البلاد وتحكم البيروقراطية والشلل الطفيلية والتجارية بها لتستخدمها للابتزاز والضغط على الشعب وامتصاص قوته لا بالقطع المبرمج مثلما تقطع الحصص التموينية عن العوائل التي رفضت أن يلتحق أطفالها بمعسكرات أشبال صدام وترفض اليوم القرقوشية الطائفية الشيعية فحسب بل وتستخدمها للضغط السايكولوجي على المواطنين لتجذير العبث واللامعقولية وتمزيق النسيج المنطقي للأحداث لتضيع في غموض الصدفة واللاوعي . وهاهي بيروقراطية الترهل في وزارة كهرباء الاشيقر تناور وتدبج وتبرر الانقطاعات في التيار الكهربائي وكأنها توجه خطابها الى رعاع ورعية وجهلة لا حول لهم ولا قوة سوى التسبيح بقدرات حكومتهم الموقرة الكارتونية .ومثلما  علقت دكتاتورية البعث المعضلات على شماعة الحصار الدولي والعقوبات الاقتصادية وافتقار السوق لقطع الغيار اللازمة، تعلق شعوذة اليوم المشاكل على اعمال التخريب والارهاب وتدني الوعي الاقتصادي لدى ابناء الشعب . ياللوقاحة ! التشوه الطبقي جار اليوم على قدم وساق امتدادا للمسوخات الطبقية التي خلفتها لنا القادسيات المهازل... في المقدمة يجب ان نعي :
•   مضى على تأسيس منظومة الطاقة الكهربائية الوطنية في العراق اكثر من قرن ... ووصلت سعتها القصوى التوليدية  مستوى 9496 ميكاواط  ، اي ضعف السعة التوليدية اليوم ،  قبيل غزو الكويت . وجاء التطور في المنظومة انسجاما مع تطور قوى الانتاج الوطنية في قرن من الزمان ... كان هذا التطور منسجما مع التطور الطبيعي لأقتصاديات بلادنا عجله  أرتفاع حصة الحكومة العراقية من عائدات النفط في خمسينيات و أواسط  سبعينيات  القرن العشرين ، وهمشته المتاهات الدكتاتورية والسياسات الأقتصادية النفعية التي أرجعت العراق الى عهود الفانوس - المنوار الامر الذي جعل العراق عام 2005 يشغل ادنى المراتب في التسلسل العالمي لا في انتاج الكهرباء بل في معدلات استهلاك الفرد منه !
•   تجسدت السياسات الأقتصادية النفعية في بلادنا  في عناوين أساسية منها : قانون مشاريع التنمية الكبرى رقم 157 لسنة 1973 ، التنمية الأنفجارية ، مشاريع البناء الجاهز وتسليم المفتاح، الخصخصة، اجازة اتحادات المقاولين وأرباب العمل والمصالح ، تحجيم العمل التعاوني ، ابرام العقود الاستراتيجية تحت إشراف مباشر من النخب الحاكمة والحكومة العراقية وبدعم البورجوازية الطفيلية والكومبرادورية وبتشجيع جماعات المصالح والضغط في اوربا والولايات المتحدة وآسيا ، نظم ادارة الشركات او التمويل الذاتي على أسس تجارية وفق  قانون رقم 22 لسنة 1997.، التوليد التجاري .... الخ. وهذه السياسات لم تضر قطاع الكهرباء الوطني وحده بل المصالح الوطنية العليا للبلاد ليتعمق الشرخ بين السياسات المعلنة للدولة وبين الخراب الفعلي والتشوه وفوضى السوق  . وشجعت وتشجع هذه الأجواء القائمين على إدارات الكهرباء اليوم  في السير قدما نحو تلبية التوجهات العامة لتقديم الدولة العراقية على طبق ثمين الى أعداء المسيرة التحررية الوطنية للشعب واستنهال المعرفة من متاهات التجريب العفلقي استكمالا لنهج الثمانينات.
•   اي حكم سياسي يمثل مصالح طبقية محددة قد يضمرها برنامجه السياسي المعلن .. ومنذ التاسع من نيسان انتعشت تجارة الجملة والمفرد في العراق واتسع التهريب وساد الفساد...  والأعمال التي تنتقل الى العراق اليوم  غير نزيهة، ويتطلع أصحابها الى السلب والنهب. وفي هذه الأثناء تظل صادرات البلاد من النفط متقطعة ولا يمكن التنبؤ بها نظراً الى سوء الإدارة وعمليات التخريب المتواصلة.  الأوضاع الاقتصادية تعيسة، والأرقام التي تبين النمو في اجمالي الناتج المحلي مضللة، وتستند الى مساعدات إعادة البناء التي تستقر في جيوب المقاولين الأميركيين. ومادام النظام القضائي عشوائي ومتقلب ... تبقى البيئة العراقية الراهنة لا تجتذب أي استثمار رأسمالي منتج.  واتسم البرنامج السياسي للحكومة الاكليروسية الموقرة للمرحلة المقبلة الذي عرض امام الجمعية الوطنية بالضبابية والنفعية والتخبط واللاهوتية  وطغيان الخجل البورجوازي الامر الذي يؤكد تمثيله المصالح الطبقية لتجار العراق بتفاني... الطبقات الشعبية ترى في الحكم الحالي امتداد لطاغوتية البعث واستمرارا لنهجه الارعن المعادي للشعب .
•   تذكرنا المرجعيات الدينية والفقهية في العراق التي تصدر فتاوي القتل وفتاوي دعم قوائم انتخابية دون اخرى، والفتاوي التي تصدر بطلب حكومي ... تذكرنا  بكهنة القرون الوسطى واجراءات محاكم التفتيش ، وفتاوي السلاطين والخلفاء المستبدين .. وتذكرنا بصدام حسين  الذي اغدق على هذه المرجعيات الكثير من مال خزينة الدولة ! جاءت الفتوى بترشيد الكهرباء والحفاظ على شبكات الطاقة ومصادر التوليد الى ابناء الشعب انصياعا لطلب حكومي وتسترا على رعونة اقزام البعث في وزارة كهرباء عرس واوية صولاغ الاشيقر الصدر الصغير  ..وهذه الفتوى مقدمة لفتاوي لاحقة كترشيد المحروقات والمياه الصالحة للشرب والاخطر ترشيد الاستهلاك المعلوماتي ...  وهي حالة خطيرة تجسد فساد المرجعيات الدينية التي تأبى الفتوى  بالمواجهة الحازمة لمظاهر الفساد الاداري التي تنعم بها حكومة الاشيقر والمواجهة الحازمة للرأسمال المحلي والكومبرادوري العراقي  ونصرة الفقراء . ان اللجوء الى المرجعيات الدينية وفتاويها البليدة  لا يناقض الديمقراطية فحسب بل يهدد العملية الديمقراطية برمتها لانها تسيء استخدام الحريات التي تمنحها الديمقراطية للناس، كما تستغل الدين لتحقيق اغراض ذاتية.الدين هو الضحية لها وللنخب الحاكمة الفاسدة ، وهذا اخطر ما في العملية السياسية نظرا لحساسية الدين وقداسة الرموز الدينية في اذهان الناس.
      تكشف اعمال الارهاب والتخريب التي تطال الشبكة الوطنية ومحطات الطاقة وانابيب النفط عن جهاز استخباراتي متطور. وتستهدف السيارات المفخخة القوافل الأمريكية بانتظام مما يعني ان الارهابيين يعرفون أي طرقات ستسلك القافلة وتوقيت مرورها عليها.وقد برهنت العمليات العسكرية الأمريكية والمشتركة عن عدم فعاليتها فيما تتمكن فرق الارهاب من الإفلات والهرب بعد أن تزرع العبوات البدائية الصنع في مخابئها.ويبدو أن عمليات تخريب أنابيب النفط ومعامل الكهرباء موجهة بدقة ضد الأماكن الحساسة أي أن مرتكبيها لم يطلعوا على طريقة تركيب شبكة الطاقة فحسب بل على مواطن الضعف فيها أيضا ، الامر الذي يؤكد ان الارهاب مصدره من  داخل السلطات الجديدة ( حاميها حراميها ) وليس كما تحاول هذه السلطات اشاعته وفق التسجيلات المتلفزة ... جرذان بعث وزارة الكهرباء العراقية لهم اليد الطولى في اعمال التخريب كما يبدو ان ايران قد اخذت قسطها عبر تمويل هذه العمليات وتوفير الاجواء الجيوسياسية والبيئات الاجتماعية لها . محسن شلش ، رعد الحارس ، ايهم السامرائي ، كريم وحيد ، صلاح كزير ، سلام رزق الله ، عماد العاني ، ليث الشيخلي ، مؤيد معيوف ، ممتاز رضا، صبيح خماس، عبد الرحمن قاسم …جميعا وجوه لعملة واحدة صدءة والبعض  كان ولايزال من أقطاب المافيا العفلقية وأعضاء في شركات عديدة حقيقية ووهمية في خارج العراق وبالذات في الأردن ، استطاعت أن تجمع الأموال الطائلة لحسابها الشخصي من خلال الحصول على قومسيونات ومضاربات بين الشركات المنفذة للمشاريع في العراق وأيضا بيع المواد والآليات العائدة للدولة بأثمان بخسة لمقاولين وتجار من أقاربهم وأقارب الدكتاتور صدام. 
     تتجسد أزمة الكهرباء عادة في معاناة المواطنين من الانقطاعات المستمرة في التيار الكهربائي أو ارتفاع رسومه ، وحتى من سوء التمديدات والتسليك ..هذا يرتبط بأزمة الكهرباء كمفهوم علمي واجتما - اقتصادي . وهذه الأزمة في عراق اليوم جزء من أزمة عامة اجتما - اقتصادية  تعصف بعموم البلاد بفعل نهج الصدامية الارعن والسياسات الاقتصادية الخاطئة التي ارتكبتها الحكومات العراقية في فترة ما بعد التاسع من نيسان ، وشيوع الفساد والارهاب  ،  ومحاولات تصفية القطاع الحكومي بمختلف الذرائع ، وبرامج الانفتاح الاقتصادي والخصخصة (Privatization) ونبذ التخطيط المركزي ، وفتح الابواب مشرعة على مصراعيها للتجارة الحرة والمضاربات وجشع المرابين …واستيلاء الولاءات دون الوطنية على مؤسسات الدولة .
    ازمة الكهرباء هي ازمة المياه الصالحة للشرب والمجاري والاتصالات وبقية الخدمات الاساسية. في وزارة الاتصالات ***مثلا يعشعش اليوم موظفو البرقرطة الادارية وشلل الابتزاز وعصابات الولاءات اللاوطنية (الطائفية وبالاخص الشيعية ،العشائرية ،الصدامية والبعثية ) والتي سبق وزرعها الوزراء السابقون حيدر العبادي ومحمد علي الحكيم  داخل الوزارة بالتواطؤ مع البعثيين والشلل الفاسدة الغوغائية ..لتقطع الاتصالات الهاتفية والانترنيت مراراً عن الشخصيات الديمقراطية مثلما تقطع ايضا خدمة الهاتف النقال بين الحين والاخرى ..... لا   لسبب سوى مواجهة هذه الشخصيات الحازمة للولاءات الفاسدة عبر الاعلام من صحف ومجلات وانترنيت . ان هذه الولاءات اللا مسؤولة تتخذ من العلاقات الشخصية منفذاً للضغط على القوى الديمقراطية بتشكيلها جماعات الضغط  الطائفية و المناطقية .  وزارة كهرباء صدءة ، وزارة اتصالات عفنة ... دكاكين فساد ... مافي حد احسن من حد ! لنصل في النهاية الى نتيجة مفادها ان اعتقال العقل واغتياله وممارسة الارهاب ضده عمل خطير ينذر بالكارثة المحدقة لصالح الغيبية والشعوذة والسحر والبلادة . لم يكن سبيل الحرية يوما ما مفروشا بالرياحين والازهار !  على القوى الديمقراطية العمل  معا  لسحب البساط من تحت موظفي البرقرطة الادارية وشلل الابتزاز وعصابات الولاءات اللاوطنية (الطائفية وبالاخص الشيعية ،العشائرية ،الصدامية والبعثية )  ..
   
*** - قدم كاتب الدراسة عشرات الشكاوي الى هذه الوزارة آخرها يوم 11/6/2005 الى جوان فؤاد معصوم .. والنتيجة دائما سلبية ،وتصرف موظفي الوزارة  ارعن يعكس ضحالة وسطحية وجبن اسيادهم ابناء عرس الواوية. 

** كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1-   نقابة المهندسين في كردستان العراق
2-    جمعية المهندسين العراقية
3-   نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4-   جمعية اصدقاء المجتمع المدني
5-   جمعية البيشمركة القدامى

وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه .

278
التعاونيات اداة دفاعية لاصحاب الملكية الصغيرة امام هجمات الملكية الكبيرة في السوق المفتوحة ، واداة دفاعية عن المستهلكين ضد استغلال التجار والوسطاء، واداة دفاعية للمحتاجين للمال ضد جشع المرابين ... ويسهم المدخل التعاوني في ترسيخ القواعد الديمقراطية في التسيير الذاتي للمؤسسات ويعلم اعضاء التعاونيات مناقشة امورهم وانتخاب ممثليهم في ادارة شؤونهم والنشر العلني للبيانات والمعلومات التي تمكنهم من تقييم الاداء ومكافأة المجدين ومحاسبة المقصرين... التعاونيات شكل لتنظيم العمل اقتصاديا واجتماعيا مقترن بمبادرة الناس المعنيين بالذات، وبدعم وتوجيه ومراقبة من اجهزة الدولة المختصة والسلطات الممثلة لمصالحهم ! ويزيد التجميع التعاوني غير المشوه من انتاجية العمل الاجتماعي ويسمح بعدالة توزيع اعبائه وثمراته بين اعضائه اعتمادا على تقدم العلم والتكنيك والادارة . وعليه تعتبر التعاونيات الاطار المناسب للمشاركة الشعبية الواسعة في تحديد الاتجاهات التنموية واولوياتها المعبرة عن مصالحها بالتوازن مع مصلحة تقدم المجتمع .. القطاع التعاوني تنظيم ( اجتمااقتصادي ) يمتلك خاصيته التي تتميز عن التشكيلات المساهمة والمختلطة والمشتركة لأغراض اقتصادية بينما كان تطوير الجمعيات التعاونية استجابة لحاجات وضرورات اقتصادية اجتماعية .. القطاع التعاوني هو الركن الرابع في التعددية الاقتصادية والاكبر ضعفا وتغيبا والاقل اهتماما ورعاية . والتعاونية منشأة جماعية تشجع الديمقراطية وتقيم اسواقا مفتوحة وترفع من الكرامة البشرية . لكن التعاون ليس شكلا للنشاط الحرفي الصغير فقط او شكل خاص لتجارة المفرق بل شكل يمكن ان يتجسد في المنشآت الصغيرة والكبيرة معا في الانتاج السلعي والخدمات بانواعها . والتعاونية ليست جمعية خيرية بل مؤسسة اقتصادية تعمل وفق مبادئ الربح والخسارة ضمن اقتصاد السوق وتجمع المزايا الايجابية للملكية الخاصة وملكية الدولة ومؤهلة للعمل بكفاءة وجدارة . وترفض التعاونية القسرية الاجتما – اقتصادية والالزام الحكومي بينما تتوافق الملكية التعاونية مع الطابع الاجتماعي للانتاج وتزيل التناقض بينه وبين الطابع الفردي للتملك .
    التعاون وسيلة لحماية مداخيل العامة من النهب ولتحسين احوالهم الاقتصادية ويهدف الحد من الاستغلال وحماية الاعضاء من سطوة الاحتكار الكبير وزيادة الرفاهية . وتنظم المؤسساتية التعاونية وهي جزء من المؤسساتية المدنية النشاط التمويني والتسويقي للفلاحين وتستخدم الارباح المتحققة من نشاطاتها الخاصة لتأسيس النوادي والمطاعم ورياض الاطفال في مناطق العمل ولمصلحة سكان الريف واعضاء التعاونية ذات العلاقة . تخضع المؤسساتية التعاونية باعتبارها جزءا من المؤسساتية المدنية لآليات عمل هذه المؤسساتية في خلق قنوات المشاركة الاجتماعية وضبط السلطات وتطوير القدرات المعيشية وتنمية الموارد البشرية .... كل ذلك اساس العلاقات والقواعد الاجتماعية والرأسمال الاجتماعي للامم واقامة مجتمعات التكافل والتعاضدية – السينرجية .
   ابتلى التعاون الزراعي في العراق بالتسلط والنفعية وانعدام النزاهة من جانب القيادات التي اختارها حزب السلطة . واسهم الجوهر الطبقي لسلطة البعث واتباع السياسات الخاطئة في التعاون عموما لاسيما فيما يخص الجانب الديمقراطي في العمل التعاوني واتباع مبدأ الالزام في الانضمام الى الجمعيات التعاونية بدلا من الطوعية والاقتناع وقوة المثل ... اسهم في تدني قيمتها الاجتما – اقتصادية .. ترافق ذلك مع التركيز على التوسع الافقي للتعاون دون التخصصي واستغلال قروض المصرف الزراعي لتنمية الرأسمال الخاص في الزراعة ، ثم تربع اغنياء الريف قمة القيادات التعاونية ( ابو نيران / التعاونيات الزراعية وسلطة البعث / الثقافة الجديدة/ عدد 133 ).
    توجت سياسات النظام العراقي بحل التعاونيات الزراعية عام 1981 ، ارضاء للقطاع الخاص والخصخصة ! وكانت الصحف اليومية في الثمانينات تطالعنا باعلاناتها في بيع وتأجير الاراضي الزراعية والحقول والدواجن واسواق الخضر وعلاوي الاسماك والخضراوات وغيرها من موجودات القطاعين العام والتعاوني ( حسين واثق / الثقافة الجديدة / اعداد 189-191 ) . وبعد انتفاضة آذار المجيدة كانت السلطات الاقليمية رغم المصاعب والعراقيل تدير شؤون منطقة الملاذ الآمن وتجهد في حماية الشعب الكردي من تخرصات الدكتاتورية والمصالح الاجنبية واطماعهما .... لكنها فاجأتنا بقراراتها الارتجالية في الغاء التعاون الزراعي في الاقليم في توجه خالف مسيرتها الوطنية والديمقراطية ، وعكس مدى اضطراب ولا استقرارية العلاقات الزراعية في الاقليم سابقا وحاليا لتشابك القوانين والمراسيم والتعليمات ... فخلق فوضى العلاقات والسوق الزراعية ( chaotic  ) وبروز الاثرياء الجدد عبر التطبيق غير الجاد لقانون رقم ( 90 ) عام 1975 وقرار الجبهة الكردستانية رقم (2) لسنة 1992 .... وصولا الى الغاء التعاون الزراعي بحجة فشله وايقاف العمل بقانون الجمعيات التعاونية رقم (43) لعام 1977 في اقليم كردستان العراق وتحويل كل ممتلكاتها المنقولة وغير المنقولة الى وزارة الزراعة والري ولتسجل بأسمها . وكانت الجمعيات الفلاحية التعاونية قد جمدت نشاطها منذ عام 1992 رغم رصيدها في المصارف الزراعية التعاونية الا ان قانون اتحاد فلاحي كوردستان الصادر في 22/11/2001 من برلمان كردستان العراق في اربيل الغى هذه الجمعيات . ولم تبادر السلطات الاقليمية الى وضع اليد على الاسباب الحقيقية لاخفاقات السياسات السعرية والتسويقية وتفتت الملكيات الزراعية وعلى عشوائية تأسيس المزارع والمجمعات التعاونية اصلا واخفاقاتها في التنمية الزراعية . ( ملا خوشناو / ريكاي كوردستان / عدد 214 ) .
المدخل التاريخي النظري
     ظهر الفكر التعاوني على يد الاشتراكية الطوباوية ... ويعتبر ( روبرت اوين ) الأب الحقيقي للتعاون لكن تجاربه انتهت الى الافلاس في انكلتره . اول  نموذج تعاوني ناجح كان استهلاكي النمط عام 1844 في روتشديل – انكلتره وبمبادرة عمالية صرفة اعقبها التعاون الانتاجي الحرفي في حينها . لا يمكن اطلاق النعوت الاعتباطية على التعاونيات كقوة تقدم اجتماعي اطلاقا او تكتسي الطابع المحافظ .... كما وجب التمييز بين نظريات الاشتراكية التعاونية الاصلاحية ابتداء بالطوباوية الاوينية(1771- 1858) وكتائب شارل فورييه(1772- 1835) والشركات التعاونية للكنجية ( وليم كنج 1786- 1865) والحركات البلانية – اللاسالية ( لويس بلان 1811- 1882 ، فردنياند لاسال 1825 - 1864) وبرامج التعاون البوخزية ( 1796 – 1865 ) وخلايا النحل الخلبورادية (1839 – 1911) والمدرسة الالمانية الجيدية ( 1847 – 1932 ) والبارانوفسكية ( توكان بارانوفسكي (1865- 1919 )  ونظريات الربح التعاوني في القرن العشرين واهمها البرونينية ، ونظريات الرأسمالية التعاونية المرتبطة بمروجها ( ميلر ) والتعاون الصهيوني الكيبوتسي .
    كان البعث العراقي اسير ( النظريات اللاتعاونية ) التي دعت الى الحرية الاقتصادية والملاكين الاحرار والى ان التقدم في التعاون لا يتحقق الا بمبادرة اصحاب الملكيات الفردية الخاصة انفسهم . وقد لقت هذه الشعارات الرواج في امريكا اللاتينية بدعم من الرأسمالية المحلية . كما استمد البعث العراقي من التعاون الصهيوني سياسة العسكرة الاجتماعية والاستيطان البشري... وعليه كان التعاون العفلقي انتقائي من النظريات اللاتعاونية والتعاون الاشتراكي الصهيوني .ويلاحظ ان غالبية النظريات التعاونية تقف معارضة لنمط التعاون الزراعي الانتاجي والملكية المشتركة الجماعية لوسائل الانتاج والاستخدام الزراعي الجماعي للارض  .
    كان النقل التعسفي للاسر الفلاحية من منطقة الى اخرى لاسباب امنية واقتصادية وسياسية مزعومة كالتهجير القسري للعشائر والعوائل ذات الاصول القومية – الاثنية غير المرغوب فيها من العوامل المعيقة لتطبيق الاشكال التعاونية للاستثمار لاسيما التعاون الزراعي وتطوير تربية الماشية والابقار . وعليه ترتبط السياسة التعاونية بالموقف الاجتما- الاقتصادي للسلطات الحاكمة وتوجهاتها الديمقراطية وتطور المؤسساتية المدنية وهذا ما افتقر له العراق الذي عانى من سياسة الاضطهاد الشوفيني للكرد والتركمان والاشوريين والتغيرات الجيوسياسية القسرية بسبب كلانية القيادات الحاكمة ! .
     تأسست اول جمعية تعاونية استهلاكية في العراق عام 1937 في مزرعة الزعفرانية بمبادرة من بعض الموظفين .وفي عام 1944 اصدرت السلطات قانون حركة التعاون والجمعيات التعاونية رقم (27 ) ... وتأسست اول جمعية تعاونية زراعية بموجب القانون في منطقة الدورة قرب بغداد عام 1946 ... وفي عام 1956 تأسس البنك التسليفي التعاوني . وقد بلغ عدد الجمعيات التعاونية (132) جمعية حتى عام 1958 ضمت (70) جمعية سكنية و( 21) جمعية تسليفية و(31) جمعية استهلاكية و(10) جمعيات زراعية ... بينما يؤكد ( نصير الكاظمي ) انه حتى ثورة تموز 1958 بلغ عدد التعاونيات الزراعية (16) جمعية تعاونية ارتفع الى (436) جمعية حتى تموز 1968... ( الكاظمي /الثقافة الجديدة / عدد 138 )، كما تنامى في هذه الفترة عدد التعاونيات الاستهلاكية. وعموما ساد التعاون فيها – اي فترة حتى تموز – 1968 ضعف اداء الاتحادات المركزية  والترابط بين الاصناف التعاونية  وعمليات التسويق التعاوني ، وضعف دور الدولة ومديرية التعاون العامة . وفي هذه الحقبة اي منذ بدايات التأسيس التعاوني العراقي وحتى تموز 1968 ، ورغم صدور قانون جديد للتعاون رقم (73) عام 1959 يلاحظ ان الحركة التعاونية في العراق استندت على (3) خلفيات :
التراث الاسلامي – سجلت الدولة العباسية انتماء جيل البداوة وانطلقت القوى الاجتماعية الجديدة بوتيرة اسرع من السابق على قاعدة اقتصاد مديني تغلب عليه التجارة وتحتل فيه الحرف مكانة كبيرة نسبيا . وكان الدخول في جماعات اصحاب الحرف المسلمين في الشرق يقوم على شعائر رمزية بينما رسم نظام الفتوة قواعده في صيغ شيعية عربية وفارسية وتركية . وكان ( سلمان الفارسي ) الشيخ الاكبر للنقابات الاسلامية . كانت النقابات الاسلامية وتسلسلها ، والمراقبة من قبل الدولة ، تحت اشراف الامناء وهي تحافظ على حرية وحماية المهن وتسهر على اقرار السعر العادل والاجر العادل وعلى تشجيع المساعدة والتعاون وكان الامناء يتصرفون بنوع من الجماعية والتضامنية بأسم الاخلاقيات الاقتصادية ورفض الامتيازات الوراثية .وفي الحضارة العباسية ظهر المزارعون والرعاة والبساتنة. وكانت اسلمت الارياف ابطأ من اسلمة المدن . لكن عصور الانحطاط عملت على تحجير وتمجيد تنظيم المهن وعرقلت خلق وابداع تقنيات جديدة .
التراث التعاوني الاصلاحي والطوباوي والرأسمالي .
التراث التعاوني في الاشتراكية القائمة سابقا – في الاتحاد السوفيتي السابق وفي بلغاريا : اعتبرت الملكية التعاونية والتعاونيات الزراعية ملكية ثانوية وتحتل المركز الثاني على الصعيد النظري والوعي العام بعد الملكية العامة ، وجرى التضييق على الديمقراطية التعاونية الزراعية وتصفية الجمعيات التعاونية للحرفيين وقيدت اقتصاديا واداريا الاستثمارات المساعدة لسكان الريف !. وجرت تصفية هذه الاستثمارات والحيازات الزراعية الى جانب تصفية التعاونيات الاستهلاكية وتدويل التعاونيات الخدمية في اطار سياسات زراعية خاطئة .
التعاون الزراعي في كردستان
    ترجع فكرة التعاون الزراعي في العراق الى عهد حمورابي وتشريعاته واخذ شكله الحديث اوائل العشرينات مرورا بتجربة النقابات الاسلامية والتجارب الاوربية الغربية بمبادرات فشلت حتى صدور التشريعات الحكومية لتنظيم التعاون .. وبعد تموز 1968 صدرت تعليمات مكثفة من المجلس الزراعي الاعلى لمعالجة المزارع الجماعية والتعاونيات الزراعية واتبعت سياسات خاطئة لتنظيم الريف والمجتمع الريفي ... وظهرت عمليا مفاهيم تعاونية مثل : الجمعية التعاونية ، صندوق التعاون، اللجنة التعاونية في المحافظة ، معهد الاعداد والتدريب التعاوني ، الاتحاد العام للتعاون ، الاتحاد التعاوني الخدمي .. الانتاجي .. الاسكاني .. النوعي الخدمي من موقع ادنى .. وصدرت قوانين تعاون برقم (58 ) لسنة 1982 ، ورقم (15) لسنة 1992.
    انحسر الطابع الشعبي الذي ميز الحركة التعاونية في العراق في بداياتها ومساهمة الحزب الشيوعي في دعمها بعد ان صارت تحت المظلة الحكومية . في عام 1935 سنت الحكومة قانون تشييد القرى الحديثة وبقى التنفيذ معطلا ، وفي عام 1958 صدر قانون رقم (30) الا ان الفلاح رزح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الارض والهجرة الى المدن .. وحل محله قانون رقم (117) لسنة 1970 . ولم تحد هذه القوانين مع قانون رقم (90) لعام 1975 من النفوذ العشائري رغم انها وجهت ضربات قاسية للمنتفعين من قوانين تسوية الارض رقم (50) لسنة 1932 وحقوق وواجبات الزراع رقم (38) لسنة 1933 .. ( محمد حسين ابو العيس / الفكر الجديد /عدد (5) ) .
    انخفض عدد التعاونيات من (1635) تعاونية اعضاؤها (23109) عام 1975 الى (713) نهاية عام 1988 .. وهبط عدد المزارع الجماعية من (79) الى (7) والتعاونيات المتخصصة من (173) الى (52) وتهاوي الاقراض للتعاونيات التي يقدمها المصرف الزراعي من (21.5) مليون دينار عام 1985 الى (91) الف دينار عام 1988 . الغت اصلاحات عام 1983 الربط بين منح الاراضي والانضمام للتعاونيات ... وتوجهت السلطات الى تشجيع الرأسمال الخاص ورؤوس الاموال العربية لاستثمارها في العراق عبر سن قوانين ارتدادية بارقام (35) لسنة 1983 و( 32) لسنة 1986 . واستهدفت السياسة العشائرياتية او احياء القيم العشائرية في الريف والمدينة الانكفاء والاحتماء بها في الحالات الاستثنائية ، ثم الغيت التعاونيات الزراعية ... وقد ولد الركود الاقتصادي العام التذمر في الاوساط التعاونية الحرفية والزراعية .. وهو تذمر محافظ ولم يولد ردود فعل تقدمية بسبب غياب النشاط السياسي المكثف . هكذا عجزت التعاونيات عن تقديم الخدمات وتسببت فعلا في التأخر الزراعي . ولم تسعف تعليمات المجلس الزراعي الاعلى عام 1972 وقانون الجمعيات الفلاحية التعاونية الصادر في 17/2/1977 طريق دعم تأسيس التعاونيات المتخصصة والجمعيات الفلاحية التعاونية المشتركة بسبب الركود الاقتصادي وانعدام الديمقراطية السياسية والاقتصادية وغياب التأسيس المدني . وجاء قانون 1977 بعد (20) عاما من خبرة العمل التعاوني والزراعي وانعقاد مؤتمرين تعاونيين زراعيين ...
      من المعروف ان اتحاد فلاحي كردستان قد تأسس في الستينيات من القرن العشرين ولم يكن يوما تابعا للحكومة المركزية . وجرت اعادة تأسيس له عام 1991 وتوزع الى اتحادين عام 1997 .وارتبط عمل الاتحاد بوزارات الزراعة والري ومنظمة الفاو (  FAO) التي تطبق بنود القرار (986) في الجانب الزراعي والاروائي، ولا زالت مشكلة الارض من المشاكل الرئيسية التي يعاني منها الفلاحون رغم توالي صدور القوانين والتشريعات .
      لقد خلفت الحرب الاهلية آثارا ضارة على وحدة السياسة الزراعية المتبعة في اقليم كردستان . وقبل ذلك الغت الجبهة الكردستانية تبعيات القوانين الحكومية المركزية رقم (35) لسنة 1983 واعترفت فقط بأوضاع الملكية الزراعية والحيازة ( حسب تعليمات رقم (3234) لعام 1991) ولغاية عام 1987 .ولكن السلطات الإقليمية الكردستانية لم تدرس أوضاع الملكية الزراعية وأتبعت سياسات زراعية أنتقائية بسبب ضعف المرجعية القانونية، والنفوذ الحزبي والعشائري والميليشياتي! وسادت الأستثمارة الفلاحية الصغيرة حسب تعليمات رقم (2) لسنة 1992 الصادرة من الجبهة الكردستانية ووزير الزراعة والري.
     عموماً يعتبر الطابع الزراعي في أراضي كردستان العراق أعقد شكل للملكية الزراعية بعد مشكلة البستنة في العراق. وترجع جذور هذا التعقيد إلى عام 1858 الذي أسس نظام الطابو العثماني حسب قانون الأراضي مستهدفاً إلغاء الإقطاع العسكري... ثم جاءت القوانين في ظل سلطات الأحتلال البريطاني لصالح إرساء الاقطاع وتمجيد العشائرية . ولم تعالج مجمل القوانين السابقة للأصلاح الزراعي قضية الأرض بل تعقدت مع دكتاتورية صدام حسين وحروبه الكارثية ضد الكرد وأنفالياته الكيمياوية. كما ساعدت خصوصية منطقة إقليم الجبال وتنوع الأنتاج وتبعثر القرى والتباين الحاد في مساحة الملكية وتداخل الطابع القومي مع الطابع الطبقي والديمقراطي في النضال.. ساعدت على إبقاء المشاكل وتأخر حلها . والفئات الفلاحية كانت ولا تزال تتوزع إلى: الملاكين العقاريين وموقفهم مع الحكام دائماً علناً أو سراً وضد الفلاحين ... وتحول منهم إلى رؤوساء جحوش (فرسان)، أغنياء الفلاحين وطبيعتهم المتذبذبة، الفلاحون المتوسطون والفقراء، البروليتاريا الريفية في المنطقة ..
كانت تصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام والسلطات الحاكمة من أخطر حلقات سياسة النظام الدكتاتوري في هدم الريف وتخريب العلاقات الأجتماعية الأقتصادية فيه ،وجرت تصفية التعاونيات وتحويل الجمعيات التعاونية إلى واجهات ميكافيلية فقط، وأوقف سبل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور وتطهير مشاريع الري وألغيت المستوصفات البيطرية وفرق المكافحة البيطرية السيارة، وتمت تصفية العديد من المضخات وتحويلها إلى من يستطيع أستئجارها وتدهور الأنتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية إلى جبهات الحرب.. وظلت مشكلة التسويق خاضعة إلى عملية العرض والطلب في السوق وتقلص حجم العلاوى الشعبية ويجري قدماً العودة إلى قيم المؤسسة العشائرية لكبح تطلعات جماهير الريف. أما ألغاء الجمعيات الفلاحية التعاونية في أقليم كردستان العراق، فجاء في سياق مختلف وتتويج للأضطراب والفوضى التي عمت كامل السياسة الزراعية وقصور السلطات الأقليمية في أيلاء قضية الملكية الزراعية الأهتمام المطلوب ... فمن جهة جرى التخلص من تبعات القانون الحكومي المركزي الصادر عام 1977 برقم (43) ، ومن جهة أخرى تم ربط ألغاء الجمعيات التعاونية حسب قانون رقم (18) لسنة 2001 الصادر من برلمان كردستان بتشريع قانون أتحاد الفلاحين .
بعد التقديم التأريخي النظري للتعاون والتعاون الزراعي وأستعراض التعاون الزراعي في كردستان تبدو جلية الخطوة الخاطئة غير المدروسة ذات الآثار والأبعاد الخطيرة التي توافقت أصلاً مع سيادة الأستثمارة  الفلاحية الصغيرة ... والتقت في النهاية بالسياق الحكومي المركزي وان أختلفت الواجهات ، باتجاه حماية مصالح أغنياء الريف الجدد ...  كما يبدو جلياً أن التراجع عن هذه الخطوة ومعالجتها بالتي هي أحسن لا مناص منه فالأقتصاد الزراعي التعاوني يسعى لتحويل الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة إلى الأستثمار الكبير القادر على المنافسة وزيادة الأنتاجية.
* يشجع أعمار الريف الكردستاني الفلاحين على العودة إلى قراهم وزراعة أراضيهم من جديد . ويشجع التعاون الزراعي الفلاحين على الصمود في فوضى السوق متى وفر لهم ضمان سلامة الممتلكات التعاونية والتطبيق السديد للقواعد الأساسية للتعاون وتذليل نشر العمل والنشاط التعاوني الأنتاجي وأعتماد مبدأ الأستقلالية الأقتصادية والتنسيق الجيد مع المؤسسات التسويقية والتوافق مع حاجة الأسواق وتأمين التمويل اللازم بأفضل واكفأ معايير العدالة ورفع الأنتاجية كماً نوعاً.
* التأسيس المدني والديمقراطي هو شرط العمل التعاوني السليم وتجنب فرض القيادات الحزبية والطائفية والعشائرية على الجمعيات التعاونية وبالتالي الأبتعاد عن البرقرطة وتدني مستويات الأستثمار والمردودية الأقتصادية ..
* بيروقراطية الأجهزة الحكومية ودورها في التلاعب والغش وضعف المراقبة والأشراف ينسجم مع مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية ويتناقض مع التعاون الزراعي.
* يتناسب النشاط التعاوني مع عموم الوعي القانوني وبالتالي يتأثر سلباً بالثغرات القانونية في الأصلاح الزراعي والعلاقات الزراعية.
* لم يرتق التعاون الزراعي في السلم التطوري في العراق وبقى يراوح في موقعه حتى افتقد المرونة والشفافية والتخصصية والتعاون الإنتاجي والتنسيق مع محطات الآلات والجرارات الحكومية والأساليب المتقدمة في التسويق والأقراض والتسعير وحتى أفتقد أعتماد التقنيات الحديثة في آليات عمله.
* لا تشجع المنظمات الأجنبية غير الحكومية (NGOs) ووكالات الأمم المتحدة التعاون الزراعي وتدعم الأستثمارة الفلاحية الصغيرة .وتسود البرقرطة والفوضى آلية عمل منظمة (الفاو) في الأقليم وخدماتها حيث لا تمنح الفلاحين الآلات والمستلزمات الزراعية في الوقت المناسب مما يؤدي إلى تلف ودمار نسبة كبيرة من المزروعات والبذور الزراعية. وتقوم منظمة (الفاو) ببيع الآلات والمكائن للفلاحين بأسعار السوق.... أي أن الفلاح يدفع أجور الأرض أيضاً في هذه الحالة، وعليه يكون الحمل على الفلاح الفقير مزدوجاً – أستغلال مضاعف - .وتدفع (الفاو) مبالغ خيالية لسحب الموظفين الأكفاء الأختصاصيين من دوائرهم ليتحولوا إلى مرتزقة لأن نسبة الفرق في الراتب كبير جداً ... وتقوم (الفاو) بتنفيذ مشاريع مؤقتة وآنية مثل توزيع المياه بسيارات خاصة على القرى بدل توفير معدات حفر الآبار، وجلب كميات كبيرة من العلف ليؤثر على أسعار الشعير، وتوريد معدات زراعية لا تصلح والطبيعة الكردستانية وقديمة مستهلكة! .ويظهر بوضوح أن الفاو طليقة اليد غير خاضعة للمراقبة الحكومية وقد أستفادت كثيراً من إلغاء التعاون الزراعي.


   
** كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1-   نقابة المهندسين في كردستان العراق
2-    جمعية المهندسين العراقية
3-   نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4-   جمعية اصدقاء المجتمع المدني
5-   جمعية البيشمركة القدامى
6-   التجمع الهندسي لدعم الاعمار

وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه .

         

279
 ان ما حل بالمهندسين العراقيين في العقود الثلاث الاخيرة هو عن جهد واع وتصميم مسبق لسياسة الطغم الحاكمة لتحويل أبناء الشعب الى قطيع من الأرقاء مغسولي الأدمغة يسهل تسخيرهم لخدمة النظم الشمولية .... وقد قدم المهندسون التضحيات الجسام في طريق الحرية والانعتاق والخلاص من الانظمة الدكتاتورية والفاسدة على مدى تاريخ عراقنا الحديث وفي سبيل الوطن الحر والشعب السعيد وبناء عالم الغد ، عالم الحرية والاشتراكية والسلام   . وساهموا  بشكل كبير وفعال في دعم الحركة الوطنية العراقية واعمار البلاد وارساء اسس العمل المهني والمؤسساتي  المدني ... وانغمروا في التظاهرات التي ما انفكت تنادي بعراق حر مستقل يعيش ابنائه بأمان ورخاء ، وزج بهم في السجون والمعتقلات ، كما قدموا في سبيل ذلك الشهداء قرابين لهذا الوطن... وكان الشهداء عطوان حسين عطية / أبو علي ، جبار شهد / ملازم حسان ،صامد أحمد الزنبوري / أبو خلود ، رعد يوسف عبد المجيد / أبو بسيم ، حسين محسن سعيد العباس / أبو خليل ، د . سلمان جبو ، سمير يوسف كامل / عمار ، سلام شهاب أحمد /أبو عادل ، ماجد عبد الجبار ( نيوتن ) ، انعتاق الهيتي ، محمد عزيز ، د. نزار ناجي يوسف / أبو ليلى ... كانوا غيض من فيض الصور  الصادقة للمهندسين المناضلين البواسل  الذين انجبهم العراق حيث الحضن الدافىءالاصيل ، والحليب النقي ، والمروءة الطافحة ، والنخوة والشيمة والكرامة والوفاء . هذه المبادىء العراقية الاصيلة التي تربوا عليها . وقفوا شامخين كجبال كردستان ونخيل البصرة لم ينحنوا  يوما . عرفتهم مدن العراق وازقتها الشعبية ومدارسها وساحاتها النضالية ، عرفتهم قمم الجبال والوديان والعيون والروبارات ، مناضلون اشداء جسورين  مؤمنين  بعدالة القضية التي نذروا  روحهم  من اجلها. لم يعرفوا الخوف طريقا  لقلوبهم.
    في فقدانهم خسر الشعب العراقي كوادر هندسية وطنية ديمقراطية تميزت بالشجاعة ونكران الذات والتجربة والثقافة والخبرة في العمل السياسي والمهني والديمقراطي .لذلك جرى استهدافهم  بالطرق الجبانة الغادرة . ستبقى ذكرى الشهداء المهندسين ملهما لمواصلة النضال من اجل الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان وضد الارهاب وثقافته السادية .   ان العمل الجاد لإعادة المهندسين المفصولين السياسيين ومن اضطروا لترك الوظائف في أيام النظام الدكتاتوري وتعويضهم عن حقوقهم المهدورة ،وهو عمل تجاهلته الحكومات الجديدة لأنغماسها بالطائفية عَارَضاً مرضياً لا علاقة لها بمبادئ الأديان أو الأخلاق... بل باقتسام الحصص والمغانم، لا يستعيض عن التاكيد على منح المهندسين الذين خدموا في حركة الأنصار والبيشمركة ضد الدكتاتورية البائدة  أعلى درجات الثقة والتقدير ونشر تجاربهم وخبراتهم الحياتية والهندسية ، واعادة الاعتبار إلى الشهداء المهندسين الذين سقطوا في معارك الشرف ضد الصدامية او اثناء اقتتال القوى الوطنية فيما بينها ( دعوة رئيس الجمهورية العراقية الاستاذ جلال الطالباني لأعتبار شهداء الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان وبينهم  عشرات المهندسين شهداء الشعب العراقي والوطن ... مثلا )  وتعويض عوائلهم ماديا ومعنويا ووضعهم في لوحات الشرف في المقرات والفروع النقابية.

**
كبة مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية وباحث علمي وكاتب وصحفي .
وهو عضو في
1-   نقابة المهندسين في كردستان العراق
2-    جمعية المهندسين العراقية
3-   نقابة الصحفيين في كردستان العراق
4-   جمعية اصدقاء المجتمع المدني
5-   جمعية البيشمركة القدامى
وقد نشر العشرات من دراساته في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية داخل العراق وخارجه

صفحات: [1]